|
Re: رد (Re: osama elkhawad)
|
ترك لنا حديثاً لا ينقضي! صالح زيّاد الحياة - 10/03/09//
أحرزت روايات الطيب صالح - رحمه الله - مدى عالياً من المقروئية، وحققت - لا سيما رائعته الأشهر «موسم الهجرة إلى الشمال»- مساحة واسعة من الذيوع والانتشار عربياً وأجنبياً. وطبعاتها المتوالية في كثرتها وفي تعدد دور نشرها قبل وبعد انتشار تحميلها الالكتروني، هي قرين توافرها في المكتبات، وترجمتها إلى أكثر من 30 لغة، واختيارها ضمن أفضل مئة رواية في العالم. وكانت لافتة لي منذ سنوات في بريطانيا، إذ لا تكاد تدخل وتخرج من مكتبة متوسطة الشهرة من دون أن تجدها ومعها في أحيان كثيرة «عرس الزين»، وأحياناً معظم رواياته. وهذا وذاك لا ينفصلان عن كثرة الدراسات والمقالات والرسائل الجامعية التي كُتِبت عنه، وكثرة الإحالة عليه والاستشهاد به في دراسات أو مقالات في السرد، والأدب، والثقافة، والنسويات، وخطاب ما بعد الاستعمار. وهو في هذه الصفة واحد من عدد قليل من الكتاب العرب، خصوصاً في العبور من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وفي مجاوزة النطاق المحدود من القراء إلى مختلف شرائح القراء: الصغار والكبار، المثقفين وغير المثقفين. وهي صفة عزيزة المنال، لكنها مناط ما تبعثه الكتابة من طموح وما تسببه من عناء وما تتطلبه من جهد وتحد، فالأفق الذي يترامى إليه أي كاتب - لو كشف عن حقيقة نفسه - ليس شيئاً قبل النجومية التي تصنعها جماهيريته وكثرة قرائه ومتلقي إبداعه والمنفعلين به. ومؤكد أن روايات الطيب صالح وقصصه رائعة ومدهشة، لكن هذا الوصف الانطباعي الذي نقوله عندما يعجبنا شيء أو يلذنا، لا يفسر هذا التوارد والتشاكل الذي يجمع قدراً كبيراً ومختلفاً من القراء تجاهه، فهناك أسباب تتركب في بنية النص المكتوب لتجمع له صفات الروعة والدهشة. وهي أسباب لا دليل على ما تنشئه من لذة القراءة واتساع مداها ومساحتها، سوى الاتساع بدائرة الملاحظة إلى مدار يشمل غيره من الكتاب والأدباء الذين اجتمعت لهم الصفة، أو أحرزوا قدراً منها، بحيث نكتشف أفق التوقع الذي تتحرك القراءة لإشباعه وفضوله فتتكاثر وتتوالد داعية مزيداً من القراء والقراءة! ولا بد أن المحلية في سرد الطيب صالح سبب قوي لكثرة قرائه ولشيوع رواياته، فالقارئ له يتعرف على القرية السودانية، بأشيائها وحيوانها وناسها وعاداتها وسلوكها وديانتها وتصوراتها وعلاقاتها وخرافاتها. وسرد الطيب صالح يجعله ينظر من خارج الناس والمكان ومن الداخل وبقدر عال من الألفة والقرب من روح الوطن ومن نبضه الحي، فتسمع تصايح الناس في الحقول وأنين السواقي على النهر وخوار ثور أو نهيق حمار، وترقص في عرس، أو تنظر إلى ماء النيل المربد بالطمي، وتضحك وتبكي وتخاف وتطمئن، وتتلون بك المشاعر، في فضاء له نكهة الحياة المختلفة بمحليتها والمتحدة من حيث جوهرها الإنساني. ولقد كانت المحلية سبب الثراء الإبداعي وإدهاشه وعالميته عند غير كاتب عربي وأجنبي، لكن الطيب صالح في إبرازه لمحلية رواياته كان من الطراز الأميز من جهة التوظيف للغة المحكية وثرائها بالواقع الحي، ومن جهة تعدد منظور السرد تجاه الأحداث والمواقف والشخصيات، ومن جهة بناء الفضاء المحلي للرواية في مقابل الفضاء الآخر الأوروبي الكوزموبوليتي، بما يطرح أسئلة الهوية التي تصبح المحلية تمثيلها وتركيبها الرمزي. ولهذا يشد الطيب صالح القارئ باللعب على وتر المألوف والشعبي والبسيط والتنويع عليه بما يفارق به البساطة والإلف، ليغدو الواقع البسيط مركباً وغريباً ومعقداً وعنيفاً، ولتتصاعد حدة الأسئلة تجاه الذات وتجاه الآخر والعلاقة بالعالم. ويبدو التعجيب في سرد الطيب صالح قرين المحلية وموصولها الذي يكتسب مبرره وأجواءه من فضائها، ويحيل في الوقت نفسه على مهارة السارد في رسم استراتيجيات سرده بما يُحْكِم جاذبيتها للقارئ. ويعتمد التعجيب عند الطيب صالح على الغموض والسرية واللغز، ومثاله شخصية مصطفى سعيد التي أثار السارد بغموضها فضول القارئ إلى التعرف عليها، وظل هذا الغموض يتوالد ويتمدد من أول الرواية إلى آخرها. ولا يخلو سرده من نَفَس عجائبي سواء في عرضه لبعض الأحداث الخارقة وغير الطبيعية أم في رسمه لبعض الشخوص الصوفية وشبه الأسطورية ومن ذلك شخصيتا «الحنين» و«الزين» في «عرس الزين». وهي دلالات لا تنفصل عن لعب الطيب صالح على وتر المفارقة واستثمار النقائض والأضداد على مستوى المكان (الشرق والغرب) واللون (الأسود والأبيض) والقوة (الاستعمار والخضوع) والجنس (الرجل والمرأة)... إلخ. وأتصور أن موقع المرأة في سرد الطيب صالح، كان عاملاً أساسياً في إضفاء أعماق ساحرة وغامضة تقود إلى مزيد من الدهشة على مستوى الوعي بالجسد الإيروسي وعلى مستوى التدليل به الذي يستمد قوة تمثيل من المخيال الثقافي العربي-الأفريقي للفحولة والأبوية والغيرة. وصورة (عطيل) في رائعة شكسبير، وهي عميقة الحضور في الوعي الإنساني، مغزى لن تخون الذاكرة في الاستدلال عليه عند الطيب صالح من خلال علاقة مصطفى سعيد بجين مورس وقتله إياها. لكن المرأة والعلاقة الفحولية بالجسد الأنثوي تأخذ - لدى الطيب صالح- مداراً أوسع وأعمق للدلالة، بحيث تتفلت من قبضة المعنى الواحد أو التفسيرات الجاهزة، ولهذا فإن الجسد لديه يمكن أن يقرأ في حين بوصفه تمثيلاً أسطورياً يضفي الغموض على المرأة، وهو في حين آخر كتابة تمارس الإخضاع الرمزي للآخر، أو دلالة على الطبيعي الذي يحيل على النيئ والشرقي والأصل في مقابل دلالة الثقافي على الثانوي والتالي والمطبوخ والمصنوع (أي الحديث والغربي)، إذا استوحينا شتراوس. وبالطبع فإن لسرد الطيب صالح ميزات أخرى لا يكاد الحديث عنها ينقضي، فهو بسيط وعميق، وهو واضح وغامض، ولذيذ وعنيف، وفَكِه ومأساوي، وموجز وكثيف. وهو لا يشف عن شعارية إيديولجية ترتهن الإبداع في قبضتها، ولا يتكلف المغامرة في تجريب طرق سردية غير محسوبة. وإلى ذلك كله فإن روح السالفة وروح الحكي الشفهي و«المجالسية» العميقة الجذور في وعينا العربي والإنساني واضحة لديه.
* أكاديمي وناقد.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:08 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:12 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | احمد الامين احمد | 02-18-09, 06:14 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | osama elkhawad | 02-18-09, 06:22 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:14 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | احمد الامين احمد | 02-18-09, 06:21 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:16 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:17 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:22 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:26 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | Elmuez | 02-18-09, 06:40 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:33 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:34 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:35 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:38 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:39 PM |
التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | زهير الزناتي | 02-18-09, 06:44 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | هشام حسن | 02-18-09, 07:31 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | osama elkhawad | 02-19-09, 00:36 AM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | osama elkhawad | 02-19-09, 03:05 AM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | osama elkhawad | 02-19-09, 03:32 AM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | osama elkhawad | 02-19-09, 06:18 AM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | osama elkhawad | 02-19-09, 07:54 PM |
Re: التغطية الأخبارية لوفاة الأديب الطيب صالح | osama elkhawad | 02-20-09, 05:43 AM |
رد | معاوية عوض الكريم | 02-20-09, 05:55 AM |
Re: رد | osama elkhawad | 02-21-09, 01:06 AM |
Re: رد | osama elkhawad | 02-21-09, 04:21 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 05:42 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 05:53 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 06:00 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 06:05 AM |
Re: رد | osama elkhawad | 02-21-09, 06:16 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 06:22 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 06:26 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 06:28 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 06:30 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 06:32 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 06:37 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 06:38 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 07:22 AM |
Re: رد | حليمة محمد عبد الرحمن | 02-21-09, 07:28 AM |
Re: رد | osama elkhawad | 02-21-09, 09:46 PM |
Re: رد | osama elkhawad | 02-25-09, 05:09 PM |
Re: رد | osama elkhawad | 02-26-09, 01:18 AM |
Re: رد | osama elkhawad | 02-26-09, 10:13 PM |
Re: رد | osama elkhawad | 02-27-09, 01:03 AM |
Re: رد | osama elkhawad | 02-27-09, 07:11 PM |
Re: رد | osama elkhawad | 02-28-09, 00:40 AM |
Re: رد | osama elkhawad | 03-03-09, 00:36 AM |
Re: رد | osama elkhawad | 03-05-09, 05:33 PM |
Re: رد | osama elkhawad | 03-13-09, 06:21 PM |
Re: رد | osama elkhawad | 03-13-09, 07:03 PM |
Re: رد | osama elkhawad | 03-16-09, 04:21 AM |
|
|
|