الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 12:47 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل المقيم الطيب صالح
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-09-2009, 07:38 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرحيل المُر (Re: الكيك)

    الطيب صالح بين الشيوعيين والاسلاميين ... بقلم: طلحة جبريل
    الأحد, 08 مارس 2009 13:39

    [email protected]
    كنت أظن انني احتاج الى الكثير من الوقت، حتى تتوارى صورة بقيت في ذاكرتي منذ ذلك الصباح. صورة رجل ملفوف بعلم وطنه يصلي عليه الناس في الصباح الباكر في "مقابر البكري" في امدرمان.
    كانت رحلة ثرة تلك التي بدأت في نهار قائظ من صيف بعيد في قرية "كورمكول" وانتهت ذات صباح في "مقابر البكري".
    كنت اريد مسافة زمنية لأحدد ماذا أكتب وكيف ساكتب ومن أين أبدأ، وايضاً حتى لا تختلط المشاعر الشخصية مع الوقائع. الناس تعتقد دائماً ان الصحافي يجب ان يكون راوياً لا يعتمد على الذاكرة بل على الوقائع موثقة ومسجلة ومكتوبة. بل ينتظرون منه أن يكون في بعض الأحيان شاهداً وليس راوياً فقط. وهم محقون في كل ذلك. ثم انني وجدت ان ما كتبته في لحظات صعبة ومريرة ومحزنة، يكفي ويفي بالغرض ، خاصة ان الأمر لا يجوز له ان ينزلق من "رثاء " الى " سجال".
    كما اعتقدت انه من الافضل الابتعاد لبعض الوقت عما يجري لنا ويجري حولنا، وليس فقط الحديث عن الرجل الذي تمت مواراته الثرى في "مقابر البكري"، بل لعلني وجدت انه من الافضل البقاء خلف حواجز وتفادي القفز عليها اعتباراً لكبرياء وطن وولاء مواطن. وفي ظني ان البقاء خلف هذه الحواجز يجد تبريره في ان المزاج العام حالياً ساخن حتى لا أقول منفلت.
    لقد اعتقدت دائماً ان الصحافي لابد ان يقف دون تردد أو تلعثم بين فترة واخرى ليجعل صوته مسموعاً ومفهوماً ثم ليكن بعدها ما يكون، لكن بشرط ان يصل هذا الصوت.
    أعود الآن لما اريد الحديث عنه، اي علاقة الطيب صالح مع الشيوعيين والاسلاميين، ويجب علي القول إن صديقاً عزيزاً تحدث معي حول الموضوع ، وكان من رأيه ان اكتب عن ما أعرف، ووجدت ان حديثه لا يعوزه المنطق. لذلك ودون أدعاء سألت نفسي إذا لم اكتب انا فمن ؟ وإذا لم أتكلم الآن فمتى؟
    قرأت كتابات تقول إن الطيب صالح ينتمي للاسلاميين منذ أن كان طالباً في كلية الخرطوم الجامعية، وقرأت إنه كان أحد مؤسسي هذا التنظيم، كما قرأت من يقول عكس ذلك، بل هناك من قال إنه حدث له تحول فكري وأصبح اقرب الى الشيوعيين عندما سافر الى لندن. وقرأت اجتهادات بلا حصر. و بدا لي الكثير مما يلقى على الناس هذه الايام مجافياً لما سمعته من الرجل ونشرته والطيب، رحمه الله، يمشي بيننا، وقبل ان يوارى الثرى في " مقابر البكري". كما بدا لي إن كثيرين مما كتبوا استندوا الى اقوال سماعية من احاديث الناس التي تقال في المجالس. وهكذا يبدو انه لم يكن هناك من قرأ وإنما كان هناك من سمع.
    الآن أقول جازماً إن الطيب صالح لم يكن شيوعياً كما لم يكن إسلامياً، بل لم ينتم الى أي حزب على الاطلاق. أقول ذلك لانني سمعت منه ذلك في أكثر من مناسبة وأكثر من مكان. وأقول ذلك ، وهذا هو الأهم، استناداً الى ثلاث وثائق مكتوبة منشورة وموجودة.
    الوثيقة الاولى هي الكتاب الذي كتبته حول سيرته الذاتية بعنوان " على الدرب مع الطيب صالح" ، وصدر هذا الكتاب عن شركة توب للاستثمار والخدمات في الرباط ولندن ، كما صدرت منه، نسخة مشوهة للأسف عن " مركز الدراسات السودانية" عندما كان المركز في القاهرة.
    هذ الكتاب أطلع عليه الطيب صالح وقرأه كلمة كلمة وسطراً سطراً وفصلاً وفصلاً، وحذف منه بعض المقاطع وكان في رأيه ان تنشر بعد رحيله، وما زلت احتفظ بالنسخة الاصلية للكتاب حيث كتب الطيب وامام المقاطع التي لم يكن يريدها وبخط يده " ارجو حذفها" وهي نسخة تسلمتها منه في فبراير 1995 بعد ان بقيت معه طويلاً ، وفي آخر المخطوط كتب بخط يده ايضاً " يا ... اتمنى عليك ان تحذف المقاطع التي أشرت لها ، أما إذا اردت نشرها ليكن، لكن بعد ان اتوكل على الله ". ونشر الكتاب عام 1997 ، وبعد نشره أشار الطيب صالح على كثيرين من الباحثين وفيهم أجانب بقراءته إذا ارادوا أن يلموا ببعض سيرته الذاتية.
    الوثيقة الثانية حوار طويل نشر على ثلاث حلقات في صحيفة " الشرق الاوسط " بعنوان " الطيب صالح كما لم يتحدث من قبل" ونشرت الحلقة الاولى منه في 13 اكتوبر عام 1983.
    الوثيقة الثالثة حوار أجريته معه في صيف عام 2004 ، ونشرت اجزاء منه ، يتناول انطباعاته حول أول زيارة يقوم بها للسودان بعد سنوات طويلة، الحديث مسجل بصوته وتوجد منه عدة نسخ.
    من هذه الوثائق الثلاث أنقل كلام الطيب صالح عن الشيوعيين والاسلاميين ، حرفاً حرفاً وكلمة كلمة وجملة جملة، قال الطيب صالح رحمه الله:
    *منذ المرحلة الثانوية ابتعدت عن التحزب رغم ان ذلك لم يكن في تلك الفترة امراً سهلاً.
    * عندما كنا ندرس في مدرسة وادي سيدنا الثانوية كان الصراع على اشده بين الشيوعيين والاسلاميين، كنت آنذاك أقوم بأداء الفرائض واحافظ على الدين لكنني لست متديناً بالمعني السياسي والايديلوجي للكلمة.
    * كان صديقي محمود احمد محمود وهو من كورتي ينضم مرة للشيوعيين وتارة للاسلاميين في إطار حب الاستطلاع فقط...وكان كثيراً ما يحدثني عن افكار المجموعتين ورغم ذلك لم أنضم الى اية جهة خلال دراستي الثانوية، فقد وقفت على الحياد.
    *حين انتقلنا الى الجامعة دأبت على التسامر مع مجموعة كانت تضم محمود احمد محمود ومحمد خير عبدالقادر ويوسف حسن سعيد وفتح الرحمن البشير والرشيد الطاهر بكر ومحمد يوسف محمد والذي كان في تفكيره اقرب الى الاسلاميين وانضم اليهم بالفعل في وقت لاحق ، لانه في تلك الفترة لم يكن لهم تنظيم في الجامعة، كانت هذه المجموعة تلتقي بعد المحاضرات خاصة في الامسيات، وكنا نفترش الارض في ميادين الجامعة نتفاكر حول اشياء عديدة نتبادل الرؤى والافكار ، وبعد فترة لم أعد اجالسهم فقد تركتهم ومضيت الى حال سبيلي.
    * الدكتور حسن الترابي أصلحه الله جاء ليقول نريد أعادة صياغة الانسان السوداني . السودان فيه حضارة عمرها على الاقل خمسة الاف سنة ، كيف تريد صياغة هؤلاء الناس الذين هم نتاج لهذه الحضارة.
    * السودان بلد غير عادي لكن جماعة مثل الدكتور حسن الترابي جاءوا وقالوا نجعل السودان منطلقاً لخلافة اسلامية. الخلافة الاسلامية، لم يستطع الامويون والعباسيون اقامتها هل يعقل ان نقوم نحن بذلك.
    *بالنسبة لعلاقتي مع الشيوعيين، اتذكر واقعة حدثت لي ابان دراستي في المدرسة الثانوية، فقد كان المرحوم ابراهيم عبدالله زكريا ابن خالي وهو شيوعي، بل سيصبح لاحقاً من قادة الحزب الشيوعي السوداني ومن اقطاب الحركة الشيوعية العالمية ، كنت ازور ابراهيم زكريا بحكم صلة القرابة ويبدو ان المخابرات الانجليزية كانت تراقب نشاطه، في تلك الفترة جاءنا مدرس رياضيات يدعى مستر سميث وكان شيوعياً، وفي أحد الايام كان مطلوباً مني تقديمه لالقاء محاضرة في الداخلية (داخلية المدرسة) ويبدو أنني اطنبت في مدحه، فاستدعاني مستر لانغ ناظر المدرسة وكان معجباً بي ، وسالني بأدب شديد حول ما إذا كنت مقتنعاً بالكلام الذي وصفت به مستر مستر سميث ، واستغربت في الواقع السؤال، وابلغني ان مستر سميث شيوعي وقال لي إن المخابرات طلبت منه استفساري حول ما إذا كنت شيوعياً ؟ تعجبت جداً لهذه الحكاية، و بالطبع نفيت أن أكون شيوعياً .
    *كنت معجباً جداً بعبد الخالق محجوب كسوداني نابغة، وبفاطمة احمد ابراهيم كانسانة لكنني لم اكن شيوعياً في يوم من الايام.
    *نميري أعدم اربعة من أهم الشخصيات السودانية، اعدم عبدالخالق وكان من أذكى السودانيين، واعدم محمود محمد طه وهو من أكثر السودانيين ورعاً، وأعدم فاروق عثمان حمدالله وهو من أشجع السودانيين، وأعدم بابكر النور أكثر السودانيين تسامحاً.
    *بعد الاطلاع على ...الحياة السياسية في انجلترا وجدت نفسي اميل للاشتراكية العمالية وقرأت الكثير عن الفابيين.
    *لعلني فعلت خيراً في عدم الانضمام الى أي حزب من ، إذ انني اؤمن ان دوري ليس دور من ينضم الى تنظميات سياسية ويعمل من خلالها.
    *أنا أحب السودان حباً شديداً وولائي كما اقول دائماً للامة في صيرورتها.
    هذه هي حقيقة "شيوعية واسلامية" الطيب صالح كما تحدث عنها بنفسه.
    ولا أزيد .
    عن "الاحداث


    في ربوع الطيب صالح : عبقرية المكان .. بقلم: د. عبد الرحيم عبد الحليم محمد
    السبت, 07 مارس 2009 12:07

    1
    بالنسبة الى تلاميذ السنة الرابعة بمدرسة كورتي الأولية في ذلك اليوم من أيام الستينات ، كان ذلك اليوم من أيام الجمعة يوما خاصا بالنسبة اليهم . لقد بدا عليهم فرح طاغ فوعد أستاذ عبد الله القادم من بلدة قنتي سيتحول بعد سويعات الى حلم بأخذهم في رحلة مدرسية طويلة الى "الدبة". انهم طلاب العام الرابع ومن حقهم على المدرسة التي تعود الناس منها انجاح جميع الطلبة في رحلتهم الى المرحلة الوسطى ، أن تتيح لهم من الرفاء ولو كان عنتا على ظهر لوري "الهوستن" الذي سيقوده سائق قدير من قرية الغريبة القريبة من كورتي اسمه "علي أحمودي". ثم أن يوم الجمعة ليس عاديا في أدبياتهم فهو يوم الراحة من عنت الحساب الأملائي وسياط الناظر عثمان أبو شوك المحرقة وتلك سياط كانت أشجار النيم الضخمة بالمدرسة وفية في انتاجها مثلما كان النسيم القادم من صحراء بيوضة وفيا في حمل شذاها المعطر بالخوف والرهبة في نفوس التلاميذ الى الأثير. ويوم الجمعة بالنسبة الى التلاميذ يوم يشوبه حنين غامض وآسر الى أزمنة السفر الى المدن البعيدة فالباخرتين الجلاء وكربكان تمخران عباب النهر ما بين كريمة ودنقلا وتمخران بذلك عباب الطنابير الحنونة للعاشقين اذ هي تتخطف رموش الحبيبة بعيدا الى البناد ر:
    يوم الجمعة ودع وقام
    وخلا أضاى تزيد آلام
    هذا مثلما للجمعة حضور آسر بالنسبة الى المصلين في جامع كورتي العتيق القديم اذ بنهاية الصلاة ومبتدأها يخضب الشيخ ود النقيب المكان بنذر من "النور البراق":
    فياربنا بارك وصل وسلما
    على المصطفى والآل والصحب دائما
    صلاة تفوق المسك عطرا مفخما
    ان الأذن العاشقة التي يطربها النور البراق والأنف العاشقة التي يأتيها عبير النيم والسدر والسيسبان والطلح الصباحي القادم من نسائم بيوضة ووادي المقدم هي أذن خبيرة بأسرار أصوات اللواري وتنغيمها الحزين وهي تجاهد لتفك عجلاتها الضخمة من اسار تلال الرمل العاتية على الضفة الأخرى للنهر ، اما قادمة من كريمة لتفرغ حمولتها من القادمين بعد غيبة أو متجهة اليها لتفرغ جوفها في عربات قطار البخار العتيق في رحلاته الطويلة عبر الصحراء تارة مفارقا لننيل وتارة مقتربا منه محييا ومغازلا ومرافقا قبل أن يتوقف ليملأ الكماسرة أزيار الماء الضخمة لدى سندة أو محطة كبيرة. قطار تفوح من عرباته رائحة اللحم المحمر والقراصة المتمرة زادا للمسافرين وشنط الصفيح الملأى بطحين القمح وقوارير السمن وأكياس الفول المصري للأحباء هنالك في العواصم . تلاميذ مدرسة كورتي الأولية في اتجاههم الى الدبة انما يعبرون القرى كغيرهم من الذين كتب عليهم السفر كماكتب على الذين من قبلهم فالترحال الى جوف المدن البعيدة أصبح قدرا في مكان كان مصدر استقرار وخير للناس في أزمنة سحيقة . ان عبور القرى شيء يستوي فيه التلميذ وسائق اللوري في تلك المنطقة والعاشق كحسن الدابي القائل:
    أتكرن وأبقى فلاتي
    وراك يازهرة الشاطي
    وتلاميذ مدرسة كورتي الابتدائية أنفسهم هم احدى نتاجات ذلك السفر اذ تجمعهم على اختلاف قراهم على ضفتى النهر داخلية المدرسة مثلما تجمع زملاء لهم يأتون من المدارس الصغرى المجاورة للدخول الى السنة الرابعة في فصل رابع مواز لصف المدرسة الرابع الأصلي واسمه "رابعة راس" . الضوضاء تسود المكان والطلاب يتحلقون بنفاذ صبر حول لوري الهوستن . البعض عهد ليه بتجميع الحطب مما يؤمنه الى ضباط الداخلية اعراب مجاورون مثل جقود العربي وآدم البوم وغيرهم . المساعد "جنقة " صورة ملازمة للوري قرية الغريبة كزملاء له على لواري الضفة الغربية للنهر وسائقيها عطاية وعبيد الله وجابر السواق وهنا على ضفة كورتي الى جانب علي أحمودي هناك أحمدي من منصوركتي وصابر جرا الذي خلده شاعر المنطقة الراحل عبد اله محمد خير . من زملاء المساعد جنقة على الضفة الأخرى عبد الغفار حاج خميس ورحمن ود حميد وطلب ود حوة وابراهيم قمرن وبشير اب اضنين وغيرهم وقليل منهم وجدوا فرصة الترقي الى سائقين. وبينما يعود لطلاب الذين قاموا بتحضير الحطب ووضعه على تندة اللوري ، يكون آخرون قد تأكدوا من سلامة قرب الماء على حين يلوح من بعيد العم "مطر " الفراش قادما بكبش ومستعينا بحلل نحاسية ضخمة قامت الطاهية مكة وعواسات الداخلية اليمن وفردوس وسلامة سيدو بتنظيفها . الأستاذ عبد الله يشرف الآن على صعود التلاميذ الى ظهر اللوري . معظمهم بعمائم بيضاء قصيرة وجلاليب دمورية يظهر عليها بوضوح انتمائها الى القطن السوداني عبر بقايا البذرة اللاصقة فيها والمعبرة عن نفسها في شكل ذرات دقيقة تذكرك بقصيدة الشاعر التيجاني :
    هذه الذرة كم تحمل في العالم سرا
    ومع اكتمال صعود التلاميذ واغلاق المساعد جنقة لباب اللوري ، يكون السائق علي احمودي قد أكمل وضع ملفحته وتحسس حقة الصعوط المستديرة في جيبه وله سكين مجلدة لا تفارق ذراعه وهنا يستدير اللوري حول الداخلية في دائرة يردد خلالها لطلاب حول حرم المدرسة وداخليتها نشيدا منغما بصوت عذب جميل :
    بلادي بلدي فداك دمي
    وهبت حياتي فدى اسلمي
    هذا قبل أن يعطي الأستاذ عبد الله محمد عبد الله الاشارة الى التلاميذ بتغيير النشيد الى مدرستي:
    صباح الخير مدرستي
    صباح الخير والنور
    اليك اشتقت في أمسي
    فزاد اليوم تفكيري
    تحين انطلاقة اللوري للدخول الى مجراه قبيل قرية مقنارتي مارا بشجيرات العشر والسلم والطلح وصخور الجرانيت والحجر الرملي التي تحيط بالمكان. مرورا بلافتة تقول "مدرسة كورتي الأولية :تأسست عام 1938م " بمبانيها البيض على غير مبعدة من مباني المدرسة الوسطى وذاك حرم مبيض اللون يرقد ما بين صحراء بيوضة ويعانق خد النيل على شط رملي كظبي ناعس. ان اللوري الهوستن ليسجل في ذاكرته كلما مر بالنيل مثلما يمر القطار البخاري منظر مراكب شراعية تفرد أجنحة داكنة من حين الى آخر وربما كان من بينها مركب ود كرنقيل السفرية التي غابت عن المشهد منذ أن بدأ النهر في معاقرة مواسم الجفاف وتعفر خده بجزر رملية جعلت أشجار الطرفة والسنط تهب لتتسيد الموقف على حساب العمق والعذوبة هنا وهناك في مجرى النهر . ومع امتقاع وجه النهر بالجزر الرملية يهاجر الناس صوب المدن البعيدة حيث ينفض السامر و يرتحل العاشقون مدركين لآخر رحلات الجلاء وكربكان وعطارد والزهرة . ومع ايناع زهور الفول والقمح يكون موسم آخر قد بدأ في اعلان قدومه والناس هنا وهناك يقومون على التذرية ومن بعيد يسمع الطلاب المتجهين الى الدبة صوت ضراية بعيدة تهب من حصادها" للغاشي والماشي" تماما كما كان الجدود في مروي والبركل يقدمون موائد الشمس للعجزة والفقراء والمحتاجين في مملكة وقفت شاهدة على حضارة أمة أنتجت أحلى أساور ذهب في التاريح .... مملكة مروي.
    2
    يكون للوري الغريبة بقيادة علي أحمودي أزيز يشوبه حنين خاص ويقولون هناك أن، ذلك الصوت مبعثه ادخال علبة "كوز" صغير الى جزء بالماكينة فتحدث ذلك الأزيز المنغوم وما التنغيم الا جزءا من حناجر المغنين والمداح .قبل شهر وقف صوت منغوم على مسرح مدرسة كورتي الأولية وكان ذاك صوت نبع من بين تلك الجزر والتلال ..اسحق كرم الله :
    النار أم لهيب جذابة
    يازهرة جناين الغابة.
    لم تكن أغاني اسحق كرم الله ببعيدة عن اللوري المتجه الى الدبة . على "تندة " اللوري أمسك المساعد بشير اب اضنين طنبوره ليكسر رتابة الأناشيد المدرسية التي جفت من كثرة ترديدها حلوق التلاميذ:
    شفتلي زهرة واقفة فريدة
    العشاق قالولي عنيدة
    برضك يا قليبي تريدا
    ربنا في جمالا يزيدا
    في تلك اللحظة يكون اللوري قد مر على كوخ اعرابي ملتح صامت منعزل يعرف عنه اصطياد الثعالب وذبحها ولربما عاجله بعض أشقياء الطلبة من بعيد ... آدم صبرة ...آدم صبرة وربما تكون المشاغلة صادرة عن أعرابي قصير يدعى عبد الله ود أبخشيم فيبادر هو الى اشباعهم شتما ولعنا من بعيد قبل أن ترتاح عجلات اللوري الهوستن في مجراها أسفل قرية مقنارتي ، جواري وأم بكول . هذه محطات يتحد فيها الصخر والنخل والنيل والصحراء ليكون الناتج انسان هذه المنطقة في هذا الشمال الغامض الساحر الحزين الذي اختزل كل المواسم في موسم واحد هو موسم الدميرة ، حيث يحمر خد الضفاف وتكتنز نخلة في عيد لقاحها الأول بسبائط البركاوي وبت تمود وينقل النسيم العابر أصوات الطنابير ,والآذان وأعياد الحصاد وصيحا ت و أهازيج المحتفين به . وقد ينقل الى الناس من بعيد ذات ليل من حسن الدابي طنبورا بعيدا:
    التمودة الوسط الشتل
    ياخي لا راسا بتتوكل
    3
    يتيح لوري الغريبة في عبوره للمنحنيات الضيقة الرملية منها والصخرية للتلاميذ المرتحلين الى الدبة ، رؤية النهر حاسر الرأس عند كل جمال منحسرا عن الضفاف في وقفة حساب بين الصادر والوارد بين النهر والطبيعة منذ بداية تعاقده على مد الطبيعة بالخصوبة والعذوبة يخلف بعدها على الجروف حناء سميكة من الطمى. وقد يئن اللوري الضخم أنينا محزونا حين تنغرس عجلاته الضخمة في شرك من كثيب رمل مخادع فيهب المساعدية جنقة وبشير اب اضنين الى رمي "صاجاتهم " الثقيلة ببراعة وسرعة لاقالة اللوري الأسير من عثرته وتخليصه من الرمل بعد جهد جهيد. على الضفاف صبية يغيرون مواقع "الجبابيد" للحاق بالماء وزهور الفول واللوبيا والترمس تغازل الحفر باطلالات خجولة ملؤها الحمد والرضاء لموسم فيضاني مبارك . أصوات ماكينات الرى تهتف مرسلة الى أعماق الحيضان ماء أٍرجوانيا داكنا الى حيث يريد الله تعالى للزروع والضروع أن تدر ونمو . ان بشير أب اضنين عادة كلف مدنف بأغاني وردي واضحاك التلاميذ في سوق كورتي بطريقته المضحكة محاولا تقليد الفنان الكبير ولكنه واللوري يجتاز منحنى ضيقا بعد أم بكول ليدخل قرية كرمكول ليعبر طولها الموازي للنهر بنحو ثلاثى كيلومترات من الشمال الى الجنوب يغير لحنه فجأة الى مديح. قبل برهة كان أب اضنين يجري على طنبوره نغما قديما من أغاني المنطقة :
    يا قصيبة حمد الملك
    يا الأبوك رباك بالضحك
    عمرو ما نهرك وزعلك
    يا الله هوى
    ليلي انا
    لكنا نراه الآن يمارس عادته في الانتقال المفاجيء من موضوع الى آخر في منتقلا الى المديح دون تنبيه والأستاذ عبد الله مرافق الرحلة يتغاضي عن سلوكه مادام في ذلك تخفيفا من مشقة أن تسافر من كورتي الى الدبة عل متن ذلك اللوري :
    صلاة في سلام
    على قوس الأنام
    مجير الكرب طه
    اذا ماج الزحام
    محمد من تحلى
    بأوصاف الكرام
    ربما كا الذي أهاج خواطر المساعد بشير وحرك حنينا عارما داخله هو رؤيته لتلك القباب البعيدة التي تطرز ثنيات تلك القرية "كرمكول". ان مايدهش في هذه القرية ليس وداعتها ولا قدرتها على امساك الصحراء من رسن وامساك النيل من عنان آخر وكأنها تدرك رسالتها منذ الأزل في خلق ذلك التوازن الأخاذ بين الحياة والفناء ، ولا قدرتها السحرية على البقاء وقد تمايل نخلها العجوز هرما وتهاوت سقوف البيوت واستكانت أشجار الدوم الطويلة لهجعة أبدية فصارت منقعرة ترقد في أسى لتسد ممرات القرية. ان المدهش في القرية هو أن تتخذ من التوازن طابعا لها فهنا تتمازج أصوات المادحين والمغنيين وبركات التلاوة ومقامات الانشاد وعبوس المواسم وابتسامات الغيوم . وبين هذا وذاك يحوى المكان صدى عطرا عماده مجموعة آثار قديمة من بينها قصر "المانجولك" ذلك الاسم النوبي الذي اقترن بالمملك القديمة في الشمال اضافة الىتركة العمد الذين شغلوا جزءا من روايات الطيب صالح . ولئن قال التيجاني في هذه الأمة :
    هذه أمة يفيض بها القيثار فاسمع شجونه وانكساره
    فهذا اقليم يفيض بالعمد والمشايخ ... فهناك آل وقيع الله في جلاس وآل كمبال في كورتي وآل أبو شوك حيث توجد رئاسة فرع البديرية في قنتي وفي كوري ومورة والتكر هناك العمدة أب كروق وفي الأراك العمدة حسن طه سورج. وأؤلئك هم من يولمون لحاج الماحي وود حليب والمادحين العابرين مثل حاج حمد الذي ولد مع ميلاد حرازة حمد في جلاس مع انطلاقة الدعوة المهدية وتلك حرازة يكاد حجمها أن يصل الى حجم تبلدية هائلة تقف شاهدة على أن الرجال في هذه المنطقة كالأشجار تؤرخ للتأريخ وللوطن ولدورة الحياة وتاريخ الابداع البشري فيها .أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون؟؟. ان الرمز الكبير الطيب صالح مدرك لعبقرية هذا المكان فوجود أهله هنا كما يقول له تراكماته الانسانية ووشائجه ذات التأثير العميق على العالم قاطبة . في زيارته الى سد مروي في عودته التاريخية الى الوطن ، وقف مع الصفاقين مشدودا" بحمحمة الصفاقين" على حد تعبيره. انه هنا يرى الموج العاتي يخرج من بين ثنيات السد العظيم ليفيض الى حيث ينتظر نخل عجوز في كرمكول لم يتمايل يوما سفاهة وان عم الخراب وانفض السامر وارتحل العشاق وخلت الديار.
    5
    تبدو هذه القرى الواقعة على ضفتي النهر وكأنها اتحدت فيما بينها على الصبر الجميل والزهد و الحزن و مثلما اتحدت على انبات الصالحين والأولياء والشعراء والكتاب. تستطيع من على تل صغير في كورتي أن ترى في خاصرة جبل الصلاح "كلنكانكول" قبة السيد محمد على العجيمي حيث يبدو لك جسمها المخروطي الفضي الصقيل كصاروخ معد للانطلاق نحو السماء . ان الصورة لتكون أكثر اكتمالا حين يأتي داخل اطارها جبل كلنكانكول فيبدو وكأنه اتفق مع النهر على الاشتراك في ضم القرى على الضفتين ضمة حنونة فتصنع القرى بين النهر والجبل اطارا دراميا يرمز للانسان الآتي من هذه المكان فهو في رحابة النهر وصلابة الجبل. ان الطلاب المتجهين على متن لوري الغريبة من كورتي الى الدبة يعرفون على صغر سنهم اتساع هذا الاقليم الشمالي الآسر. ربما كان مبتدا أقليم الطيب صالح من مروي ، البركل ، الكرو، الدهسيرة الأراك ، الحجير ، المقل ، الكرفاب ، البرصو وأم درق والبار وجلاس وهنا على ضفة كورتي مساوي وأوسلي والباسا والغريبة والحلة البيضاء وكورتي وهنا تور الأراك وخلاوي الغريبة والبرصة وهنا الشيخ الفقير ود محمود في الأركي والحسن ود حمد خير وخدر حجروهنا حاج عيسي اب قرن والشيخ حسن ود بيل جد الأستاذ محمود محمد طه. هنا ضريح الشيخ ود الكندري الذي أرادت المشيئة أن يأتي عابدا زاهدا ليكون ضريحه البسيط قرية الأركي لدى درب الترك . هنا النعام آدم واسماعين حسن وهنا بلاص وبندة ومحمد كرم الله . من صحراء الهواوير جاء الفنان النعام آدم الى هذه المنطقة قبل مايربو عن ستين عاما لينتقل بها من حداء الصحراء مشعلا فيها حنين النوق عبر الربابة مغنيا عبره للحبيبة والوطن ومشاعل الشوق الجارف الى خدود الحبيبة التي لمعت كبارق ثغر متبسم . ولئن كان غناؤهم في كورتي تقبيلا للرماح في أول انكسار لجيش الترك الغازي فهذه أيضا من بركات الأولياء الصالحين في هذه المنطقة ... حاج الماحي وطبول الأحمدية وراياتهم من خلال خلوة الشيخ أحمد صالح فضل في مورة . هنا حيث يمدح الصبية منشدين :
    وقال آنست نارا
    ليلا فبشرت أهلي
    قلت أمكثوا فلعلي
    أجد هداى لعلي
    ولكنهم أيضا يمسكون برباباتهم " سمح الزى الباري أمو دابو جدي" و "المنقا منقولا " و "أسفاى " . في فضاءت هذا الاقليم الساحر الغامض ، لقد صنع الطيب صالح ابداعه بعد ان تهجى حجارة الأسوار في البركل ويقف متأملا لجماليات الخط المروي في الكرو واختزنت روحه سر هذا النقش البديع وأسراره الغامضة الموحية . انه يتأمل قسمات الأجداد على تلك الصخور شاربا من محاية الابداع لدى أبي دماك وعاشقا حاضرا عبر المكان لمناسبات القرابين في دير الغزالة ثم أنه يختزن عند رجوعه من لقاء التاريخ في معبد الكرو محطاته ونقوشه الأثرية الموحية أنفاس طار بعيد ربما كان قادما من الضفة الأخرى عابرا الى أذن الطيب العاشقة مع أصوات القمري وحنين الأسلاك وخرير الجداول . هنا حيث خلد الوتر الطار وحيث صار الوتر وسيطا بين عيون المحبوبة وعالم السياسة ، حيث كانت مباريات العشق والعاشقين بين حسن الدابي وخدر محمود وعبد الله محمد خير وهناك كان للنعام آدم على أضواء القمر والرتائن حديثا الى الحبيبة:
    من نيرانا محروق
    قلبي شاتلنو على الشروق
    نظرة من عينيكي الزروق
    ترهب المحجوب وزروق
    ومن المكان هذا كانت ضربات قلب العاشق تعبر حجب الزمن والمسافة لتعبر عبر الريح المرسلة مع جن سليمان من النيل الى التايمز حيث يحملها الشاعر حسن الدابي أثقال نقل أحمال الشوق وربما أوزاره الى حبيبة نائية :
    قلبي بالدقات والأنين
    تعترف وتشهدلو بيج بين
    ولم يكن شاعرهم القديم في أغنية "ليلي أنا " التراثية الا عليما بمواصفات الحرير الراقي حتي لا يغالطه مغالط يأتي بنوع أجمل لا يتوفر لدى المعشوقة فحريرها أنعم من ذلك الحرير القادم من هضبة التبت:
    يا حرير الصح مو "تبيت"
    سيدو قال بالأمتار أبيت
    هنا حيث ترتاح اللغة الفصحي في مجاريها البيانية طيعة سلسة في حديث الناس في اقليم عرف الناس فيه بالتصغير حبا أو تعظيما :
    ابقى زرزورن "غتيت"
    وانقد أم راس في" السبيط "
    هذه أرض جاء عنها في عرس الزين " رائحة الأرض تملأ أنفك فتذكرك برائحة النخل حين يتهيأ للقاح . الأرض ساكنة مبتلة ولكنك تحس أن بطنها ينطوي على سر عظيم كأنه امرأة عارمة الشهوة تستعد لملاقاة بعلها"
    أنظر الى هذا التصوير السينمائي الناصع في بندر شاه" حيث أورده الدكتور حسن أبشر الطيب في "الطيب صالح : دراسات نقدية:
    كان القمر يبتسم بطريقة ما وكان الضوء كأنه نبع لن يجف أبدا وكانت أصوات الحياة في ود حامد متناسقة متماسكة تجعلك تحس بأن للموت معنى آخر من معاني الحياة لا أكثر. كل شيء موجود وسيظل موجودا . لن تنشب حرب ولن تسفك دماء وسوف تلد النساء بلا ألم والموتى سوف يدفنون بلا بكاء"
    6
    مساعد لوري الغريبة الذي يحمل تلاميذ مدرسة كورتي الى الدبة وان سمى بشير أب اضين الى أن بصره الثاقب حمل اليه من بعيد قباب الدواليب في كرمكول واستلهام الآثار الصوفية في هذا الاقليم العبقري يكان أن يستوي فيه الناس لكنه عند أديبنا العالمي يبدو أكثر نصاعة على حد قول الدكتور محمد ابراهيم الشوش. يستلهم رمزنا العالمي ذلك الأثر الصوفي فيسلط اشعاعا قويا على طاقة الحب الذي لا يعرف قيدا أو حدا عبر العديد من شخوص رواياته وكرامات النخلة وأضرحة الأولياء والأسرار الصوفية الغامضة المبهمة في شخصيات مثل الحنين وأضرحة الأولياء ونبوءات الشيخ دوليب وما الى ذلك من ايحاءات صوفية عميقة . وكما يرى الدكتور طارق الطيب فذاك رجل يستمد عالمه الفني من الشفاهي في الحوار والشعبي في الوصف بلغة أصيلة وأسلوب حديث في التركيب من خلال معايشات دنيوية و تأملات وتوكلات قدرية. ونرى الطيب صالح وهو سقف الرواية في العالم يترنم بمديح حاج الماحي ويستشهد به ويبز به أقرانه واني لأذكر تلك المقابلة مع احدى القنوات الفضائية حينما أبدت له المذيعة استغرابها من تملك السوداننين من ناصية اللغة العربية ليكون جوابه شافيا "بل الغريب ألا يكونون كذلك ". ان رمزنا العالمي يترنم بمديح حاج الماحي متسائلا " من كان يظن أن صوت الماحي سيصل بعد أكثر من مئة عام الى ضفاف السين؟" حين وقف أحفاده في فرقة من المنشدين في معهد العالم العربي في باريس "في جلاليبهم البيضاء وعمائمهم وعباءاتهم يضربون على دفوفهم وينشدون من شعر حاج الماحي بتلك الأصوات الرنانة المقنعة المملوءة بالشجن والحبور والحزن كأنها أنهار تتدفق من منابع سحيقة من أعماق التاريخ:
    عيب شبابي الماسرح والله لابشوقن جرح
    قام العبيد من نومو صح لقى جنبو لبنا في قدح
    سمى وشرب زين اتنتح حمد الاله حالو انصلح
    جد في السؤال لى ربو لح قال يا كريم بابو انفتح
    7
    عدما بلغت رحلة تلاميذ مدرسة كورتي الأولية تمامها على شاطيء النيل في الدبة ، تجمع التلاميذ في ظلال تلك أشجار الجميز الضخمة حول حلة كبيرة أحكم فيها الفراش أحمد مطر وضع لحم الخروف وعلى الشط حمل التلميذ فيصل خدر طنبوره :
    يا راحل جفيت مالك
    نسيت والله انشغل بالك
    كأوزة عملاقة أقبلت الباخرة كردفان تشق عباب الماء الأرجواني في رحلتها نحو الشمال وعلى الشط صبي مشاكس يلقي بسنارة طويلة الى عمق النهر ممنيا نفسه بصيد ثمين وهاتفا :
    يا عشا البيت يا قطع الخيت
    يسعجل أستاذ عبد الله التلاميذ وقد انتصف النهار للاستعداد لزيارة مدارس ومعالم مدينة الدبة . سيكون رجوعهم الى كورتي عصرا وعندما يكبرون سيذكرون أنهم مروا عبر مولد الرمز العالمي في كرمكول . تمنوا لو عاد بهم الزمن لكى يروا مرة أخرى دومة ود حامد عد مدخل القرية قبل أن يجتازها اللوري عابرا تلك الانحناءة الضيقة بين النيل والجبل الى مدينة الدبة. لربما يقرأون له مستقبلا "المضيئون كالنجوم " ويسافرون معه عبر حواضر العالم . ولربما ا ستمعوا اليه في ساحات منتديات الثقافة في المربد وأصيلة والجنادرية، فرمزنا هناك هو حديقة الورد العربي المزهر حيث يكون القوم صرعى بقوارير سياحته الساحرة المدهشة في فراديس المتنبي والبحتري والمعري من دون أن ينسى عبقرية أهله في ساحات الغناء العاشق:
    الزول السكونو قشابي
    طول الليل عليهو أشابي
    8
    يرحل الرمز الى عالم الخلد ليكون القدوم النهائي موحيا مثلما كان المولد في حياته المبدعة المثيرة المليئة بالجلال والجمال وفي عودة هذا البطريق المسافر عبر أزمنة الابداع والتميز يأتي الى الوطن ليقول له : يا سيدي الوطن اليك يكون المنتهى وهأنذا في سدرة منتهى حبك أرخي عنان فرس حبك الجامح ومثلما حضنتك بين ثنايا روحي فاحضن جسدي أيها الوطن الدافيء أما روحي فستظل هائمة طائفة حول ذرات مائك وثراك . ان روحي مكانها أنت أيها الوطن وستظل صادحة بحبك الى يوم النشور.

                  

العنوان الكاتب Date
الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق الكيك02-19-09, 04:46 AM
  Re: الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق الكيك02-19-09, 04:49 AM
    Re: الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق الكيك02-21-09, 12:37 PM
  Re: الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق الكيك02-19-09, 04:52 AM
    Re: الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق الكيك02-19-09, 04:59 AM
    Re: الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق الكيك02-19-09, 05:05 AM
  الرحيل المُر عبدالله الشقليني02-19-09, 05:02 AM
    Re: الرحيل المُر الكيك02-19-09, 05:32 AM
      Re: الرحيل المُر الكيك02-19-09, 05:36 AM
      Re: الرحيل المُر الكيك02-19-09, 05:39 AM
    Re: الرحيل المُر محمد فضل الله المكى02-19-09, 05:39 AM
      Re: الرحيل المُر الكيك02-19-09, 06:19 AM
        Re: الرحيل المُر اسعد الريفى02-19-09, 06:44 AM
          Re: الرحيل المُر الكيك02-19-09, 07:45 AM
            Re: الرحيل المُر الكيك02-19-09, 10:31 AM
              Re: الرحيل المُر الكيك02-19-09, 10:38 AM
              Re: الرحيل المُر الكيك02-19-09, 10:41 AM
                Re: الرحيل المُر الكيك02-19-09, 10:50 AM
                  Re: الرحيل المُر الكيك02-19-09, 11:22 AM
                    Re: الرحيل المُر نصر الدين عثمان02-19-09, 12:00 PM
                      Re: الرحيل المُر Alfarwq02-19-09, 12:55 PM
                        Re: الرحيل المُر الكيك02-20-09, 11:19 AM
                          Re: الرحيل المُر الكيك02-20-09, 03:12 PM
                            Re: الرحيل المُر الكيك02-20-09, 04:24 PM
                              Re: الرحيل المُر عبدالباقى الظافر02-21-09, 05:26 PM
                                Re: الرحيل المُر الكيك02-22-09, 05:41 AM
                    Re: الرحيل المُر الكيك02-22-09, 11:31 AM
                Re: الرحيل المُر الكيك02-22-09, 06:10 AM
                  Re: الرحيل المُر waleed nayel02-22-09, 06:13 AM
                    Re: الرحيل المُر الكيك02-22-09, 06:19 AM
                      Re: الرحيل المُر الكيك02-22-09, 06:50 AM
                        Re: الرحيل المُر الكيك02-24-09, 06:13 AM
                          Re: الرحيل المُر الكيك02-24-09, 06:33 AM
                            Re: الرحيل المُر الكيك02-24-09, 08:13 AM
                              Re: الرحيل المُر الكيك02-24-09, 08:32 AM
                                Re: الرحيل المُر جعفر محي الدين02-24-09, 09:24 AM
                                  Re: الرحيل المُر الكيك02-24-09, 11:15 AM
                                    Re: الرحيل المُر munswor almophtah02-25-09, 00:07 AM
                                      Re: الرحيل المُر الكيك02-25-09, 04:59 AM
                                        Re: الرحيل المُر ضياء الدين ميرغني02-25-09, 05:46 AM
                                          Re: الرحيل المُر الكيك02-25-09, 08:59 AM
                                            Re: الرحيل المُر الكيك02-25-09, 10:58 AM
                                              Re: الرحيل المُر الكيك02-26-09, 05:16 AM
                                              Re: الرحيل المُر الكيك02-26-09, 05:20 AM
                                                Re: الرحيل المُر الكيك03-02-09, 05:19 AM
                                                  Re: الرحيل المُر الكيك03-02-09, 07:44 AM
                                                    Re: الرحيل المُر الكيك03-02-09, 07:49 AM
                                                      Re: الرحيل المُر الكيك03-02-09, 08:03 AM
                                                        Re: الرحيل المُر الكيك03-03-09, 05:19 AM
                                                          Re: الرحيل المُر الكيك03-03-09, 05:54 AM
                                                            Re: الرحيل المُر الكيك03-09-09, 07:38 AM
                                            Re: الرحيل المُر الكيك02-25-09, 10:58 AM
                                              Re: الرحيل المُر Hadeer Alzain03-14-09, 08:28 PM
                                                Re: الرحيل المُر الكيك03-15-09, 05:44 AM
                                                  Re: الرحيل المُر Hadeer Alzain03-15-09, 10:05 AM
                                                    Re: الرحيل المُر الكيك03-17-09, 05:19 AM
                                                      Re: الرحيل المُر الكيك03-19-09, 04:30 AM
                                                        Re: الرحيل المُر الكيك03-19-09, 05:00 AM
                                                          Re: الرحيل المُر الكيك03-31-09, 06:52 AM
                                                          Re: الرحيل المُر الكيك03-31-09, 06:55 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de