|
.... وسرقت (السيرباك ) بقلم / هاشم كرار (كتابة معتقة منذ العام 1983)
|
.... وسرقت (السيرباك ) 1- 2
،،، ودخلت على رئيس التحرير ، الأستاذ حسن ساتي ، قدمت إليه حوارا طازجا ، وطاعماً ، ومطولا ، و... وثبت عيني هاتين ، في وجهه ، أقرأ في تفاصيله ، ردة الفعل ! كان ذلك ، يوم 18 اكتوبر 1983 م . راح الاستاذ حسن ساتي ، يمرر عينيه (اللتين أكلهما نمتي العفاض ) ، سريعاً جدا في الصفحة الاولى ، ابتسم ، راح يمررهما وهو يبتسم ، أكثر ، في الصفحة الثانية .. الثالثة .. زادت ابتسامته ، بمقدار سنتيمتر واحد ، او سنتيمترين ، في الصفحات التالية ، قبل ،أن يجيئني صوته : - هذا الحوار ، جميل جدا ، لكن ليس مكانه جريدة الأيام ! لم ينتظرني ، لأسأله (ليه) ؟ وما كنتأ صلا ، سأسأله . لم ينتظرني ريثما أسأله عن مكانه – مكان الحوار – ولم يرفع هو عينيه لينظر في عيني ، ليجيب . فتح سريعا درجه الأيمن ، وهو يقول لي : (مكانه هنا ) ، وهم أن (يدس) الحوار في الدرج ، و(يسدو) !
- لا لا يااستاذ .. أديني ليهو .. أديني ليهو !
مرة أخرى ، لم يرفع الاستاذ حسن عينيه ، لينظر في عيني ( المشاغبتين) ، فقط ناولني الحوار ، وهو يتشاغل بادارة قرص التليفون ! ... وظل الحوار في درج مكتبي ، أخرجه كل أسبوع أو أسبوعين .. كل شهر أو شهرين .. أنفض عنه الغبار ،أربت على كتفه ، وأقول له – بيني وبين نفسي – وأنا أدسه مرة أخرى في الدرج : ( انتظر ياابو الصحب ، ليك يوم ، ماتفتكر إنك حتموت ، إو إنك تكون اوت اوف ديت .. صدقني أي زمان ياهو زمانك ) !
كان ذلك الحوار المطول ، مع الاستاذ سر الختم الخليفة ، رئيس وزراء حكومة اكتوبر 1964 م ، والذي كان يشغل ( وقت الحوار) مستشار الرئيس نميري للتعليم العالي . الحوار الذي امتد لأكثر من ساعتين ، مع سر الختم ، كان عن ثورة اكتوبر : اندلاعها ، بيان الفريق عبود ، قصة تشكيل حكومتها الاولى والثانية ، ولماذا اختير هو – سر الختم – في المرتين رئيسا للوزراء . الحوار امتد الى ( ليلة المتاريس) ، وبيان فاروق ابو عيسى ، الذي كان وراء تلك الليلة الشهيرة جدا ، في تاريخ الثورة ، وفي تاريخ ( صناع المجد ). الحوارأيضا ، تضمن قراءة مني ( من قريب جدا ) للاستاذ سر الختم ، إذ هو يتحدث بيديه الاثنتين معاً ، وإذ هو يشبك يديه ، وإذ هو يقسم ، وإذ هو في كل مرة يقسم فيها ، يسبق القسم مستدركا ب( لكن ) !
الذين عاصروا عهد النميري ، يتذكرون جيدا ،أن 21 اكتوبر ، الذي كان يحتفي به (أولاد خور عمر) ، في سنين مايو الاولى ، لم يعد يحتفي به (من تبقى من أولاد خور عمر) في سنين مايو الأخيرة . كان يجيئ ويفوت ، منذ نهاية السبعينيات ، مثل أي يوم من أيام السنة ، ماعدا (أول يناير) ، و( 25 مايو ) ، واليوم العالمي للجوع !
كانت التعليمات واضحة ، لوزير التربية ، ورؤساء تحرير الصحف الثلاثة ، ومديري الإذاعة والتليفزيون : لا ذكرى إطلاقا لأكتوبر . لا كتابة في الصحف ولا (ملحمة) ، ولا غنوة بإسمه الأخضر ، الأرض تغني ، في الإذاعة والتليفزيون ، ولا طوابير صباحية في المدارس ، ولا مسيرات ل( أصبح الصبح ، ولا السجن ولا السجان باقي ) !
كانت تلك هي التعليمات .. التعليمات ، التي كنت أعرفها ( من جاي ل جاي ) ، التعليمات التي تأكدت منها – ضمنيا- من الاستاذ حسن ساتي ، إذ هو يدس عينيه ، في الحوار ، يبتسم ، ويبتسم أكثر قبل أن يقول لي : ( هذا الحوار..... ) ويختم جملته ب( لكن ليس مكانه جريدة الأيام ) وهو يهم – في ذات الوقت –أن ( يتربسه ) في الدرج !
ظللت أفتح الدرج – درجي - لأخرج – كما قلت لكم – الحوار، أنفض عنه الغبار ، والعته ، ابتسم في وجهه ، قبل أن أقول له - وأنا أعيده ÷لى الدرج – ( انتظر يـاأبو الصحب ... ) وظل أبو الصحب ، منتظرا عاما كاملا : لا فقد طعما ، ولا حرارة ، ولا صلاحية ، حتى جاءت اللحظة التاريخية ، التي كنت أترجاها ، وأتحينها بشق الأنفس ، ل(أفكه ) يمشي في( الأيام ) في صباح اليوم التالي ، ليكسر واحدا من المحرمات الكثيرة : ممنوع النشر ! كانت تلك اللحظة التاريخية ، في ليل 17 اكتوبر 1984 م ، وفي مكتب حسن ساتي نفسه ، فيما كان هو – حسن ساتي – يوشك أن ينهي حديثا لنائبه الأستاذ محيي الدين تيتاوي !
|
|
|
|
|
|
|
|
|