(*)
كنت أظن ومبلغ علمي عن حياتي ,
أن مأساتي هي , (أم مريضة) و(شاب) كاد أن يفوته قطار الزواج ,
ثم كانت قصة حبي القصيرة ,
أيضاً حينها , ظننت أن معضلتي هي ,
كيف سأوفق بينها وبين (أمي),
وظيفتي جيدة ,
بيتي لا بأس به ,
لا أخلو من وسامة ,
(أمي) فقط هي التي ربماقد تكون سبباً في فشل , زيجتي,
لم أكن أدري أن للقدر تصاريفه ,
وأن ما أظنه , وأراه ,
ليس كل ما هو حقيقي
ليس هو الحقيقة
بل حتى أنه ليس (بعض الحقيقة) ..!! (*)
كنت ليلتها قد سهرت حتى الحادية عشر ,
تعودت أن أنام باكراً ,
فأمي , تحتاجني صباحاً ,
حمامها ,
فنجان قهوتها ,
صلاتها ,
تلك الليلة خرجت والليل يكاد ينتصف ,
وجدت حفلاً بطرف الحي ,
أظنه زفافاً ,
(أطفال الشوارع) , (الشماشة) , سمهم ما شئت ,
ينتظرون بقايا (عشاء) الحفل ,
رأيتهم من منظار جديد ,
غير الذي كنت أراهم به قبلها ,
لم أدخل إلى (سرادق) الحفل ,
توجهت نحوهم ,
نحو (الأطفال) , وجلست بينهم ..!!
(*)
جالستهم زهاء الساعة ,
(الشماشة) ,
الليلة كنت أرى نفسي أحدهم ,
حاولت أن أشاركهم (عشاءهم) , تلك الفضلات التي يقبلون عليها بنهم شديد ,
لفظتها ,
وأفرغت مافي جوفي ,
صاروا يحلقون حولي ويضحكون ,
أضحكتهم عدم مقدرتي على إبتلاع (العشاء) الذي يتصارعون حوله ,
قال أحدهم :
(السحسوح ده جنا ولا شنو) ..
مايدخل هناك يتعشى ويشوف الجكس ويمشي ينوم , مالو معانا الليلة , عاوز يقاسمنا عضتنا ,
رد أحدهم :
والله من جا ما أتكلم قاعد يتفرج فينا كده , ده قايلنا (قرود ) ولا شنو ؟
وأنا بينهم , وجدت نفسي ,
وجدت (أنا) الذي ضل طريقه إلى بيت ظننته بيتي ..
أن إبن هذا الشارع ,
إبن قارعة الطريق ,
إبن تلك (القفة) وتلك اللفافة ,
إبن تلك الليلة الماطرة ...!!
(*)
سألت عن مأوى اللقطاء , في السودان ,
وصفوا لي ,
أن إذهب للمايقوما ,
إكتشفت كم كنت أناني ,
كم كنا جميعنا أنانيين ,
فأنا لم أتساءل عن مأوى هؤلاء ,
إلا حين علمت أنني منهم ,
وأنه كان يجب أن يكون بيتي ,
لولا , ..
ويقيني أنكم جميعاً لن ولم تسألوا عنا ,
نحن معشر اللقطاء ,
إلا حين تكتشفون أنكم جميعكم ,
مثلي ,
لقطاء..!!
|
|