الفنـــان زكــي عبــد الكــريــم.. مــن يـنـقــذه?

Quote: لم أكن أتصور أن يصل بنا أمر إهمال المبدعين كلٌّ في مجاله إلا عندما اطلعت على ما جاء في بعض الصحف فيما يختص بموضوع علاج الأخ زكي عبد الكريم ذلك المبدع الذي صال وجال في هذا المجال لأكثر من خمسين عاماً منذ ظهوره ضمن مطربي الطمبور إلى أن صار من كبار المبدعين الوتريين الذين أثروا حياتنا الفنية بالعديد من الأناشيد الوطنية والتراثية والحديثة وخلافها، كما شاهدناه أخيراً وهو طريح الفراش بمستشفى الشرطة عندما استضافه هناك تلفزيون جمهورية السودان فقد أنشد من المدائح والمواعظ الدينية بشكل أذهل الجميع، وللذين لا يعرفون الأستاذ زكي فإنه قارئ للقرآن بصوت جميل ومنشد للمدائح والقصائد الأدبية الأخرى بلغة سليمة لا يجاريه فيها أحد، وقد كان بهذه الصفة وقبل هجرته لخارج البلاد من أوائل الذين يُدعون للمشاركة في كل المهرجانات والمنتديات الأدبية سواء كان ذلك ممثلاً للولاية الشمالية أو للسودان بأكمله في حالة الخروج للدول الأخرى، ومنذ أكثر من عام فقد أصيب الأستاذ زكي شفاه الله بمرض عضال منعه من ممارسة فنه وقد حاول العلاج داخلياً وصرف كل ما يملك دون جدوى، وبما أن الأطباء قد أشاروا له بالسفر خارج البلاد ولضيق ذات اليد فقد شبّ العديد من أصدقائه المطربين بقيادة الأستاذة سمية حسن واتفقوا على إقامة حفل ساهر بحدائق دريم لاند بشرق النيل ولكن لم يحظَ ذلك الحفل بنجاح بل كانت الخسارة أكثر من ثلاثة آلاف جنيه «بالجديد». أنا هنا أسأل سؤالاً واضحاً: ما هو مصير هؤلاء المبدعين الذين تعرضوا وما زالوا يتعرضون لمثل ما تعرض له الأستاذ زكي عبد الكريم؟ وأين موقع وزارة الثقافة وفروعها المختلفة لمجابهة مثل تلك الظروف في الوقت الذي يصول ويجول فيه صغار المطربين داخل وخارج البلاد يقيمون الحفلات جامعين الأموال الطائلة بالعملة الحرة والمحلية لا بجديد ابتكروه بل بأداء ما أنتجه أولئك الذين بذلوا فيه ما بذلوا وهم الآن يصارعون الأمراض والحاجة دون دعم من أحد، فإذا كان لا بد من السماح لأولئك بالاستمرار في هذه الحال فلماذا لا تُفرض عليهم رسوم عالية بالعملة الحرة في حالة السفر للخارج أو بالمحلية في حالة النشاط الداخلي ويُفتح بها حساب في أحد البنوك يسمى صندوق علاج المبدعين يضاف إليه ما تجود به أريحية السيد وزير الثقافة وديوان الزكاة وشركات الاتصالات وكبار رجال الأعمال يُصرف للمستحق وفق ضوابط معينة تضعها لجنة عليا يمثل بها مكتب السيد وزير الثقافة واتحاد المهن الموسيقية وخلافهم. بهذه المناسبة خطرت لي كلمة قالها المغفور له الأستاذ محمد بشير عتيق رحمه الله إنه كان يوماً ينام بمنزله وصحا فجأة على صوت مغنٍ في حفل بجوار منزله فقال إن ذلك المغني أدى أكثر من خمس قصائد من نظم الأستاذ عتيق، وعلم أن ذلك المغني قد تقاضى ثلاثة آلاف مقابل إقامة الحفل في حين إن الأستاذ عتيق في تلك اللحظة كان لا يملك ولا مليماً واحداً حتى أصبح الصبح واستدان من دكان جاره مبلغ «شلن» أي خمسة قروش ليتوصل بها إلى مكان عمله. كما أنه وبما أن الأستاذ زكي عبد الكريم كان من أولئك الذين نشروا الفن والإبداع بالولاية الشمالية بحكم النشأة فهلا تكرم السيد والي الشمالية بدعم كبير مساهمة منه في تكلفة العلاج. الحاج المشرف نادي بري الرياضي