الابنة العزيزة ميادة!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 11:26 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-25-2011, 01:16 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الابنة العزيزة ميادة! (Re: هشام هباني)

    ارسل الموضوع لصديق
    نسخة سهلة الطبع

    محجوب التجاني



    آخر تقارير ديوان المراجع العام



    أهملت الحقوق الإقتصادية وهي الجيل الأول لحقوق الإنسان التي أعلت شأنها البلدان الإشتراكية في أروقة الأمم المتحدة منذ الستينيات الباكرة من القرن العشرين، حرصا علي مطالب العمل ومصالح النقابات إثر تشدد نظائرهم في البلدان الصناعية الديمقراطية علي الحقوق المدنية والسياسيةً. وفي بلادنا، لا تزال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية "قمينة بالمراعاة المتساوية من كل جماعات الحكومة والمعارضة، ومنظمات المجتمع المدني، استجابة ً لأثرها الأصيل في حياة الناس". ولأن الدولة في السودان تشكل أكبر مستحصل للمال العام يكلف قانونا بالإنفاق العام، أضحي لزاما تسليط أسطع الأضوء علي قضايا الإنفاق العام لما لها من أثرٍ مباشر في حياة الشعب وحقوقه الإقتصادية.

    ومن أهم ما تُوصل إليه في هذا الصدد العلاقة العضوية ما بين الحقوق الإقتصادية والحقوق المدنية والسياسية. فالعامل والمزارع والمعلمة والممرضة والجندي والشرطي والموظفين من ذوي الدخل المحدود الذين تعجزالحكومة أو تتبآطأ عمداً في صرف مرتباتهم او تسوية إحالاتهم التعسفية للمعاش الإجباري، نحو ما ألحقته الحكومة القائمة في بلادنا بمئات الألوف من العاملين، سوف لا يكون في وسعهم عمليا ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية ومن أهمها الحقوق الإنتخابية بالمستوي المطلوب.

    ومما يجدر ذكره أن البنك الدولي الذي يمثل أكبر هيئة مالية تُعني بإعانة الدول علي إصلاح الأحوال المالية وضبط الأداء المالي عكف في الحقبة الأولي من القرن الحادي والعشرين علي ابتعاث الخبراء واللجان المختصة للكشف عما يعتري الخزانة العامة في البلدان النامية من عجزٍ وإفلاس علي الرغم من تدفق الإيرادات العالية بمصادرها القومية (الضرائب بانواعها) والخارجية (المنح والقروض).

    وبما أن الفساد المالي وإحجام السلطات السياسية والمالية (في غياب الرقابة البرلمانية والشعبية) أصبح المهدد الأكبر للإنفاق العام وضمان وصوله للقطاعات السكانية المستهدفة والخدمات المستحقة لها للتنمية ومحاربة الفقر، يطالع الدارس شيئا من النجاح في جمهورية تنزانيا علي سبيل المثال. فهنا يورد البنك الدولي إحصائية تؤشر علي إلتزام الدولة بتحسين تخطيط الموازنة وإدارة الشؤؤن المالية العامة؛ وتدعيم إصلاح الإدارة العامة للدولة وإدارة الحكومات المحلية؛ وزيادة الشفافية والمساءلة في مجال إدارة الأموال العامة.

    ولقد أصاب النجاح تنزانيا في تنفيذ إجراءات إصلاح أجهزة الخدمة الإدارية والمدنية بنسبة 50%، ولكنها لم تنجز أكثر من 25% من الخطة الموضوعة لإنهاء الفساد المالي. وما يُستنتج أن تصعيد الرقابة البرلمانية وإحكام قبضة المراجعة مع تمكين الحركة الجماهيرية من المشاركة وسائل فعالة للإصلاح الذي لن تفلح سلطةٌ أياً كانت في تحقيقه بمفردها.

    في هذا الإتجاه، أصدرت مجموعة تعاش التابعة للمنظمة السودانية لحقوق الإنسان-القاهرة، تقريرا بشئ من التفصيل عن آخر ما عثر عليه ديوان المراجع العام من حقائقٍ حول الأداء المالي لحكومة السودان. نعرض في إيجاز بالتعليق والمقارنة لما ورد في التقرير المنشور بكافة تفاصيله في العدد 29 من دورية حقوق الإنسان السوداني (أبريل 2009) shro-cairoupdated.org .

    وجدت المجموعة إنه إضافةً إلي الإبتزاز السنوى لملايين الدولارات بواسطة موظفى الحكومة أو أنصارها (طبقاً لتقارير المراجع العام)، هنالك الكثير مما ستجد الحكومات المقبلة نفسها فى رغبة شديدة لفض اللثام عنه : 1) لتجمع بتفصيل ٍالأموال المنهوبة. 2) لتحدد المسئولية الفردية لقيادات الجبهة وحزبها؛ و3) لتضع أمام المحاكمة المتهمين لينظر القضاء العادل المستقل فى أمر إتهامهم بالاستيلاد على المال العام، ومن ثم استعادة هيبة الحكم وثقة الشعب بالدولة.

    إن الإفادة الدولية ربما تعد أشد شفافية من كثير من التقارير المحلية أو الإقليمية. وعلاوة على وكالات دولية معنية بدراسة الأوضاع المال ية والاقتصادية للدول، فإن صندوق النقد الدولى والبنك الدولى بما امتازا به من أسلوب دبلوماسى فى إبداء النقد لأداء الحكومات لم يتمكنا من إخفاء الفشل الوخيم الذى مُنىِّ به اقتصاد السودان، والثقوب الخطيرة التى تعترى سيره فيما يختص بالمال العام وإدارة إنفاقه، على الرغم من الطفرة الكبيرة التى جاءت بها إيرادات النفط للخزينة العامة فى السنوات الأخيرة.

    اسباب العجز في المالية مع توفر المليارات

    قُدرالإنفاق العام لعام 2003 بحوالى 696 مليار دينار، بنسبة زيادة قدرها 16% عن اعتمادات عام 2002 البالغة 598 مليار دينار، والاداء الفعلى التقديري حوالى 38% من أداء عام 2002.

    وعلي الفور يُطرح السؤال عن النسبة الضعيفة للأداء الفعلي والأوجه الحقيقية للصرف الفعلي (وهو تساؤل مشروع يتكرر مع كل موازنة سنويا بلا إجابة مقبولة). وبالتالي نجد إدعاءات الحكومة الروتينية محلا للشك المقيم ومدعاة للحاجة الشديدة للتحقيق النزيه (الذي حاول البنك الدولي والصناديق الدولية والمانحين معرفته بلا جدوي) ليساعد الشعب علي بداية جادة للتعرف علي تسيب الحكومة السادر في تبديد المال العام بالمليارات بلا ضابط أو رابط.

    التسيب والفوضي المالية هي أكبر أسباب الغلاء الفاحش والعجز المؤلم في دفع المرتبات، والفشل في توفير الاعتمادات اللازمة لتحقيق السلام والحفاظ علي استقرار البلاد، والكلام "ساكت" عن "إعادة تأهيل البنيات الاساسية في مجالات الطاقة ومرافق الرى والطرق القومية مع زيادة استغلال البترول السوداني والاهتمام ببرامج التنمية الاجتماعية ومناهضة الفقر، والعناية ببرامج تنمية الموارد البشرية وبناء القدرات لمواكبة المتغيرات العالمية والاستعداد لمتطلبات العولمة،" كما تبدع الحكومة في تلفيق أهداف الموازنة في مطبوعاتها الرسمية.

    في عام 2003، كمثال، بلغ عجز الموازنة بما قدره 21 مليار دينار بنسبة 3% من اعتمادات الانفاق العام، بنقصان قدره 4 مليار دينار عن العجز المقدر عام 2002 . فمن تحمل هذا العجز (21 مليار) ؟

    الشعب الكادح تحمل بالشقاء وذلة العيش وبدون أي ذنبٍ جناه لجوء الحكومة للإستدانة بالعجز من بنك السودان (وبالتالي تراكم العجز)، وفرض الضرائب الظالمة وزيادة البطالة، وتوقف الخدمات التعليمية والصحية والإسكانية و مشروعات التنمية المؤثرة بالعائد السريع الملموس.

    كل العجز ناتج من تبديد الحكومة للمال العام. وتلاشت بكل تأكيد وعود حكام الأخوان المسلمين الزائفة بإسعاد الشعب "بالدولة الصالحة" حسب قوانين فكرهم الإنقلابي المعادي للحريات، ولوكهم "الإهتمام ببرامج التنمية الاجتماعية ومناهضة الفقر، والعناية ببرامج تنمية الموارد البشرية، وبناء القدرات لمواكبة المتغيرات العالمية، والاستعداد لمتطلبات العولمة."

    ومن ملاحظات ديوان المراجعة عن الحسابات الختامية للحكومة الاتحادية لعام 2002:

    "1- عدم وجود ربط لعدد من الشركات والمؤسسات والهيئات مثل الهيئة القومية للغابات وهيئة سكك حديد السودان والهيئة العامة للارصاد الجوية.

    2- دفع مبالغ مباشرة من الهيئات الي جهات، دون توسيط حساب الحكومة الرئيس، وبدون استخراج تصديقات لها، ومنها 100 مليون دينار لرئاسة الجمهورية. "

    أين ذهبت هذه الأموال وليس لها أي حساب أو مستندات ليراجعها ديوان المراجع العام؟ أبعد ذلكم حديث عن فساد الحكومة ورئاستها وتسترها علي هذا النهب بإسكات وزارة المالية، ومنع الاشارة من قريب أو بعيد الي مناقشة هذا النهب الجاري، ورفض أي مناقشة عن كيفية استعادة المال العام المنهوب، وتحريم الحوار في المجلس الوطني ولو مساً عن الاستشعار من البُعد؟

    الحق يقال، طالب ديوان المراجع العام "بعدم التوجيه بدفع مبالغ من الشركات والمؤسسات والهيئات مباشرة الي الجهة المستفيدة، علي ان يتم ذلك بعد تحصيل المبالغ، ثم الصرف وفقاً للاجراءات المتبعة بوزارة المالية." ولكن، واصلت رئاسة الجمهورية ومحاسيبها قبضهم للمال العام تحت حماية الطغيان بالسلطة ، والاستكبار على مؤسسات الرقابة، وفي مقدمتها ديوان المراجع العام الدستوري.

    معلومات متخبطة عن ايرادات النفط

    تقرير المراجع العام عام 2006 يقرر أن "إجمالى عائدات البترول (صادر ومحلى) بلغ 741 مليار دينار، ويشكل هذا الرقم نسبة 82% (4 و7 مليار دولار) من إجمالى الايرادات القومية، ونسبة 48% من إجمالى الايرادات [القومية والخارجية] الكلية لعام 2006."

    ما يهم المواطن هنا كيف تم توزيع هذه المليارات علي الانفاق العام؟

    أولاً، مستحقات حكومة الجنوب التي حُولت لها في العام، بما فيها نصيب الولايات الجنوبية المنتجة للبترول، يشكل نسبة 36.5% من العائدات النفطية لعام 2006 . وهذا حسن. فماذا حدث للنسبة الأكبر من العائدات 63.5%؟

    لاحظ ديوان المراجع العام "أن مؤسسة البترول قامت بخصم مبلغ 85 مليار دينار من إجمالى المبيعات المحلية، وتشمل مبلغ 43 مليار دينار عمولة المؤسسة العامة للنفط، ومديونيات عمولة بنسبة 5%، ودعم ومتبقى مديونيات الوحدات الاستراتيجية، ومديونية الشركة الصينية، وقيمة وقود لجهات مختلفة."

    واضح أن المراجع العام لم توفر له وزارة المالية ما يجب عليها توفيره من معلومات وارقام دقيقة عن انفاق وحدات حكومية عديدة للمال المخصص لها، مما اضطر معه الديوان لتقدير نسب ومبالغ لأقرب إحتمال. ولا يزال الديوان جادا حسب مسئولياته الدستورية ليعرف وبكل الدقة ما هي عمولة المؤسسة العامة للنفط؟ من أخذها وممن، ومقابل أى أعمال قانونية؟ ولمن ذهبت مديونية 5% من مليارات العوائد المحلية؟ وما هى الوحدات الاستراتيجية التي تدعم من المبيعات المحلية؟ وفيم تنفق المليارات المتدفقة عليها من المال العام؟

    أسئلة لا ترد عليها وزارة النفط ولا وزارة المالية إلي اللحظة، مع أنها تتناول مبالغ بمئات الملايين من الدولارات والعملات الصعبة الأخري.

    حقائق تدمى القلب عن مص دماء الشعب

    يثبت ديوان المراجع العام أن الشعب السودانى الكادح المناضل يدفع كل عام لحكومة الجبهة ومؤتمرها الوطنى الحاكم مالا يقل عن 55% مما يدخل الخزانة العامة من ايرادات قومية سنوية.

    نعم، إن نسبة لا يستهان بها تدخل الخزانة من عائدات البترول التي تمثل في المتوسط حوالى 45% من إجمالى الايرادات. ولكن عائدات النفط نسبة مضطربة بمنظور إقتصادي بعيد النظر، وتخضع لتقلبات السوق العالمي والجودة وشروط المستثمرين.

    وقد أضعفت حكومة الأخوان المسلمين بجشعها ولهثها وراء السمسرة والنهب فرصة الوطن في افضل صفقات ٍممكنة، وأصّمت أذنيها عن نصائح الخبراء الوطنيين الحادبين علي حقوق الوطن، وتهالكت جريا وراء مصالحها الحزبية الضيقة تحت أقدام الشركات الصينية والعربية والأسيوية المستغلة لثروة السودان بأجحف شروط.

    يُظهر الجدول الاتي تبيان المحصل الفعلي لبنود ايرادات المالية حسب الربط المقررعلى الضرائب والجمارك ورسوم الخدمات، مما يدفعه الشعب السوداني للحكومة:

    العام المتحصل الفعلى بملايين الدينارات

    2003 709765

    2004 932332

    2005 1118900

    2006 1546800

    2007 1825000

    (المرجع : تقارير ديوان المراجع العام)

    واضح من الأرقام تحميل الايرادات العامة كاهل المواطن السودانى المثقل بالضرائب والجمارك والرسوم الخدمية، وعدم تأثير نعمة العوائد النفطية بتخفيف رهق الشعب المتمثل في الدفع المالي المتصاعد لإمتاع الصفوة الأخوانية الحاكمة -صرفا مبددا للمال العام علي رئاستها ودفاعها وأمنها علي حساب حاجات الشعب للتعليم والصحة والتعويضات الزراعية وغيرها من الحاجات الأساسية للحياة، ودون صرفٍ حقيقي علي مشاريع التنمية؛ بل تمزيقها وإهدارها كما يحدث لمشروع الجزيرة العملاق القومي الرائد بأيدي حكام الجبهة وتجارها خائني أمانات الوطن.

    ومن المؤلم حقاً، أن الحكومة تتحايل علي تسديد ما عليها من مرتبات للعمال والمزارعين والمعلمين واساتذة الجامعات والمهندسين الذين تواصل الحكومة تشريدها لهم ولمئات الألوف من المفصولين من عام 1989 الي هذا اليوم. والخلاصة، إنه لا توجد اي نسبة بين ما ينفقه الشعب علي الحكومة من جهة، وما تنفقه الدولة علي الشعب من جهة أخرى.

    ولنستعد نسب الإنفاق مرة أخرى. فما يُرصد في الموازنة العامة للتنمية الزراعية والاجتماعية والطرق والمبانى والمستشفيات لا يزيد عن 27% من اجمالي الدخل القومي علي أحسن تقدير ممكن؛ منها 2% فقط تعويضات الضرائب الزراعية، و2% التزامات الموسم الزراعى (!) في وطن قوامه الاقتصاد الزراعي!

    أما رئاسة الجمهورية التي لا تفصح عن نفقاتها العامة وكأنها ملكية خاصة، والحكومة الاتحادية بوزارات السيادة الدفاع والداخلية والأمن ومؤسساتها الاستراتيجية (التي تعني بلا مواربة مليشيات الدفاع الوطني باهظة التكلفة لحراسة منهوبات الجبهة بالعنف، ولإرعاب المواطنين الأبرياء الشرفاء في دارفور والأقاليم الأخري)، فهي تستأثر بأكثر من 60% من الدخل القومي.

    وتتفنن الحكومة في ايجاد قنوات التهرب من تسديد ما تنزعه من الخزانة العامة بلا محاسبة تذكر، مع إطباق الصمت علي وزارة المالية كي يتواصل نهب المال العام بالشيكات المرتدة بملايين الدولارات حسب تقارير ديوان المراجعة، "وتجاهل متأخرات تقدير الضريبة علي الشركات العامة، وعدم الأخذ بالميزانيات المُراجعة، والتي تحسّم بالاستئناف أو الاجراءات القانونية" بكلمات الديوان الرسمية.

    وتمنح الحكومة بعض شركات الحزب ووكلائه في الخارج (خاصة الصين وماليزيا والخليج) إعفاءات ضريبية موسعة استناداً علي قانون تشجيع الاستثمار لعام 1999، الذي تم تعديله ولائحته التنفيذية عام 2000 بعد تدفق عائدات البترول، لتغطية انتهاب اموال الشعب.

    ومن السمات المزمنة موازنة حكم الجبهة بالعجز الدائم بالرغم من الطفرة المؤثرة في عائدات النفط، مع ملاحظة الثمن الرخيص للمبيعات البترولية السودانية مما أثار تساؤل البنك الدولى في تقريره عام 2007 عن مناهج إنفاق المال العام في السودان.

    ومن أكبر عيوب الموازنة العامة التي استمرت بلا إصلاح ٍ يُشار اليه لمدة عشرين عاماً منذ إنقلاب الجبهة القومية الإسلامية في يونيو 1989، تقليل الصرف علي التنمية القومية، واهمال الحاجات الاساسية والتنموية العاملة لدارفور مثلاً وأنصبة الولايات الاخرى (خلاف الخرطوم والحكومة الاتحادية وحكومة الجنوب)، وتعجيز القطاعات الحيوية في التنمية الاجتماعية (الصحة، التعليم، الحياة الثقافية التي تشمل الآداب والفنون الجميلة، ومشاريع الاسكان، وحاجات المدن والقرى لمياه الشرب، والمراعى، والحدائق العامة، والمكتبات العامة إلخ).

    حان الوقت لعمل موازنة سليم ة

    تضع مثل هذه الموازنة في المقدمة تحقيق أهدافها القومية بحق ٍ لا بالنهب والنصب أوالاحتيال والتفنن في الاستيلاء علي المال العام.

    هذه الخطوة الناجزة يتفق فيها ديوان المراجع العام، وهو المُصّحح والمُقوم الدستورى للانفاق علي الخزينة العامة بنص الدستور، مع أدق التوصيات الفنية الوطنية من الأكاديميين والخبراء الوطنيين والمؤسسات العالمية المختصة. فلقد إنكشف الغطاء تماما عن عبث الحكومة المالي. فلاخير في ادارة المال العام من الأخوان المسلمين، أوالجبهة القومية أو حزبها المدعو بالمؤتمر الوطنى. ولا رجاء في وصاياتهم الكهنوتية.

    الخطوات المطلوبة للإصلاح الإقتصادي والمالي للبلاد من أى حكومة قادمة لا بد أن تشمل:

    (1) الإنصياع التام من رئاسة الجمهورية والحكومة، وزارات أو مصالح أو مصارف أو مؤسسات ، لتعليمات ديوان المراجع العام الدستورى الخاصة بفتح الحسابات ومسكها وتنظيمها ومراجعتها حسب القوانين المرعية.

    (2) محاسبة المتلاعبين بأموال الشعب حساباً دقيقاً عسيرا، وعلي رأسهم عمر البشير بحساب "رئاسة جمهوريته" غير الخاضع لوزارة المالية بمئات الملايين من الدولارات المتراكمة، مع ما يتمتع به نائبه علي عثمان محمد طه ومحاسيبهم في وزارة الدفاع والأمن والنفط وحكومة العاصمة القومية والولايات ومحلياتها من اموال ٍ لم تخضع الي اليوم لمراجعة ديوان المراجع العام.

    (3) الالتزام التام بالنصائح والتوجيهات التي تقدمت بها في حيدة ٍالخبرة الوطنية السودانية ممثلة في دراسات المؤتمرات الاقتصادية والمذكرات الحزبية من المعارضة لوزارة المالية وغيرها من جهات الاختصاص المالي والاقتصادي بالبرلمان، عبرالاعلام والصحافة.

    (4) تطبيق ما ينفع الوطن وإنفاقه العام وإدارته من توصيات التقارير الاقليمية والدولية. البنك الدولي، علي سبيل المثال، راجع الانفاق المالي العام مع لجان مشتركة مع الحكومة عام 2007 وتوصل بعد فحص دقيق لأعمال الحكومة الي ضرورة الاجراء الفورى لتحقيق موازنة معقولة لمليارات السودان (مع عدم حصوله ، كما ديوان المراجع العام، علي كثير من أسرارها المخبوءة وسمسرتها بالمال العام مع شركات في الداخل والخارج).

    شهادة من البنك الدولي

    "بعد غياب عن السودان دام أكثر من عشر سنوات" يناقش تقرير البنك الدولي بالرقم 414840- SD فى "مؤلف تجميعى" مراجعة الإنفاق العام فى السودان (ديسمبر 2007). وقد عاين البنك الاقتصاد السياسى للقطر "فى سياق وضع سياسي وأمني مازال هشاً ومعقداً وتشكيل رؤية ٍلا مركزية للمالية العامة كأحد جوانب الأوجه الأساسية لإقامة سودان موحد ينعم بالسلام ، بما تحمله فى ثناياها من معالجة لأوجه التفاوت والتباين والأسباب الجذرية للصراع".

    تناولت روشتة البنك الدولى لإصلاح الإنفاق العام وتحسين الشفافية والمساءلة، النتائج المترتبة على استغلال النفط الذى يّسرت زيادة ً فى الثروة القومية، ولكنها "انطوت علي طائفة لا تحصى من المشاكل، ضغوطاً إضافية للإنفاق، والى مد ٍ من الضغوط الداعية لإجراء إصلاحات أساسية على صعيد المالية العامة لضمان الاستقرار، علاوة على محدودية المعلومات وتدابير رصدها." وانتقد البنك " "سلوكيات التربح والنزاعات النفعية الذاتية."

    بَيّن البنك أن السودان لم يستفد على الوجه الأكمل من الزيادة التى طرأت على أسعار النفط العالمية فى الآونة الأخيرة. "ويرجع ذلك إلى أن جزءاً كبيراً من الانتاج الخام الحالى هو ذو نوعية منخفضة، كما ان اسعارها زهيدة على نحو غير متوقع."

    نصيب الحكومة الإتحادية والولايات

    جانب آخر هام للغاية فى تقرير البنك الدولى يتحدث عن إنفاق الحكومة الاتحادية لما يزيد عن 60% من إجمالى المال العام (بعد خصم حوالى 30% من المال لحكومة الجنوب بموجب إتفاقية السلام الشامل). ما يتبقى موارد لا تفئ بحاجة الولايات سوى قدر ضئيل للطرق، والتعليم، والصحة مقارنةً باعتمادات ضخمة للدفاع والأمن.

    يقول تقرير البنك بالحرف الواحد: "على الصعيد القومي ، تواجه مصداقية الموازنة معوقات من جراء محدودية تقدير التكاليف وتحديد أولويات السياسات القطاعية أثناء عملية إعداد الموازنة، بالاضافة الي التقلبات التي تشهدها عملية تنفيذها."

    يلاحظ تقرير البنك الدولي: "شهد مجمل الانحرافات السنوية في الانفاق عن الموازنة المعتمدة تحسناً منذ عام 2000، برغم أن موازنة عام 2006 شهدت معدل تنفيذ منخفض نسبته 87 في المائة نتيجة لقصور العائدات النفطية. التمويل الإنمائى مكون أساسي في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل والحد من الفقر، إلا أنه اتصف بالتقلب وشدة التركز في عددٍ قليلٍ للغاية من الأنشطة كبيرة الحجم." ويخلص تقرير البنك الي انه بالرغم من الجهود الجارية التي تبذلها السلطات المختصة، "فإن أنظمة ادارة الشئون المالية العامة في السودان تتصف عموماً بالضعف."

    هذا التقييم الذى يخيب الآمال من أكبر مؤسسة للتنمية الدولية للإنفاق العام في السودان يجب ألا يمر دون وقفة جادة من الدارس . فلقد أثارت حيطان النار المضروبة من الحكومة حول صفقات النفط مساءلات متواصلة في المجلس الوطنى (برلمان حكومة الوحدة الوطنية) ولا مجيب.

    وما رأته هيئة الدورية أن مساهمة عائدات النفط التى تتأرجح في المتوسط 45% منذ عام 2000 من أموال الخزانة يجب ألا تحجب الحقيقة القائلة بأن العائد المالي الذى يضخه دافع الضرائب فى أيدى الحكومة سنوياً، سواء أكان من المواطنين أو من وحدات القطاع الخاص، عن طريق الضرائب العالية، والعوائد الجمركية، والمرتبات المنخفضة (إذا دُفعت أصلاً) للقوى العاملة يُعّد مكوناً رئيساً من الموازنة العامة، بالرغم من الإنفاق المتدنى على التعليم، والصحة، والتعويضات الزراعية، أو مشاريع الدخل السريع لإزالة الفقر فى المناطق المهمشة خاصة.

    وفيما أكدت "من المعروف أن صفقات النفط هى كبد نفاذ الأنظمة الشمولية التى لا يسهل إنتزاعها. وكأرجح إحتمال، لسوف يغادر نظام الجبهة وحزبها الساحة وأسرار النفط بأجمعها في قبضته. إن الصين والطرفاء الآسيويين، بما فيهم قطر والباكستان وماليزيا والهند، مع ذلك، يُعّدون موضعاً للمساءلة أمام السودانيين لما جرى من معاملات وسمسرة فى نفط السودان مع حكام الجبهة القومية الاسلامية، وما تغترفه رئاسة الجمهورية من مال لا يُصّرح به ولا يُراجع".

    في رأي المجموعة تعقيبا علي تقرير البنك الدولي، أن الحكومة المنتخبة (1986-1989) كان قدرها أن تواجه كثيراً من المشاكل الموروثة من نظام نميري (1969-1985) . ولا عجب أن النظام الرئاسي وحكم الفرد الذي واصلت به الجهة القومية وحزبها نظام الديكتاتورية الشمولية للأخوان المسلمين في السودان أعاد انتاج نفس النظام وآثاره السالبة في الإنفاق العام:

    فالاعتمادات المالية المتدنية تفقر الشعب بالفاقة والإذلال، سيّما الغالبية العظمى من فقراء المزارعين، والعمال، وموظفي الدولة، في حين تمارس قيادات الدولة من خلال الحزب الحاكم إنفاقاً متسيباً بلا قيد،ٍ مما انتفخت به شركاتها في القطاع الخاص، وأثري أنصارها بلا حق أو استحقاق. وفي رأي المجموعة أن ما يذكره البنك من "سلوكيات التربح والنزاعات النفعية الذاتية" نموذجها الأجلى هو ما كشفت النقاب عنه تقارير ديوان المراجع العام من عشرات الملايين من الدولارات المبسوطة فى يد رئيس الجمهورية البشير دون مرجع ٍ لها فى وزارة المالية.

    تمتلك الحكومة الاتحادية المركزية أكبر نصيب من المال العام السنوى، بصرف النظر عن التحسينات النسبية التى تمت للجنوب والولايات الشمالية. ولكن نفور حكومة الخرطوم من إمداد الولايات بدفقات كافية من المال تشرحه في وضوح سياسة الجبهة وحزبها للإحتفاظ بأكبر قدر ٍ من الأموال العامة في يد الرئيس ونائبه علي عثمان طه، والوزراء الاتحاديين لوزارات النفط والمعادن، والدفاع، والأمن من فوق كل الاحتياجات المشروعة للولايات كي تنجز أنشطتها ومنتوجاتها الزراعية، وتوّسع التعليم وتوفر الرعاية الصحية، وتهيئ حياة معيشية أفضل حالاً لأرياف السودان.

    نظرة واحدة الي أحدث مباع لمشروع الجزيرة القومي، مصانع وسكك حديدية، الي جانب الاضراب المفتوح لكل جامعات القطر ومؤسسات تعليمه العالي في مواجهة عجز الحكومة عن دفع المرتبات وغيرها من مستحقات العاملين المالية، تكفي لتقييم الازمة المستفحلة من جراء سياسات الحكومة الحزبية التي عادت بأوخم النتائج علي اقتصاد القطر لعشرين عاماً متصلة من حكم الجبهة وأخوانها.

    نواصل في مقالٍ آتٍ مقارنة حالة الأداء المالي لحكومة السودان بحالاتٍ أخري، وفقا لتقارير البنك الدولي .
                  

العنوان الكاتب Date
الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-24-11, 10:47 PM
  Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-24-11, 11:00 PM
    Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-24-11, 11:26 PM
      Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 01:11 AM
        Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 01:16 AM
          Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 01:21 AM
            Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 01:27 AM
              Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 01:32 AM
                Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 01:48 AM
                  Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 01:51 AM
                    Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 01:55 AM
                      Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 01:57 AM
                        Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 01:59 AM
                          Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 02:03 AM
                            Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 02:05 AM
            Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-28-11, 10:57 PM
  Re: الابنة العزيزة ميادة! هشام هباني11-25-11, 06:41 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de