بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 02:20 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-16-2011, 02:29 PM

على عجب

تاريخ التسجيل: 06-23-2005
مجموع المشاركات: 3881

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) (Re: على عجب)

    تري ماذا سيكون رأي المحكمة الدستورية؟

    Quote:

    لدي المحكمة الدستورية
    طعن دستوري

    فيما بين

    لبنى أحمد حسين الطاعن
    ضد
    حكومة السودان المطعون ضده
    بواسطة النائب العام

    م د - ط د / /2010 م

    الموضوع:طعن فى دستورية المادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991 والمواد 175و176و 177من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 ودعوى لحماية حقوق دستورية

    السادة / رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية
    الموقرين،،،
    بعد تقديم كل موجبات الاحترام والتقدير لسيادتكم ونيابة عن الطاعنة نلتمس قيد دعوى دستورية بغرض إلغاء المادة 152 من قانون الجنائي لعام 1991م والمواد 175 – 177 شاملة من قانون الإجراءات اجنائية وحماية حقوق الطاعنة الدستورية الموضحة فى أسباب الطعن أدناه:-

    أولاً :- الوقائع :

    1. فى يوم 3/7/2009 ذهبت الطاعنة إلى مقهى أم كلثوم بحى الرياض بالخرطوم .
    2. تصادف أثناء وجود الطاعنة بالمطعم الذى درج على إرتياده الصحفيون أنه كان هنالك حفل غنائي يضم حوالى ثلاثمائة شخص.
    3. إقتحم أفراد من قوة شرطة أمن المجتمع مقر المقهى مروعين الحضور والذين كانوا فى ذلك الحين يزاولون نشاط مشروع لا شبهة فيه.
    4. ألقى أفراد القوة المذكورة القبض على عدد من النساء من ضمنهم المتهمة بدعوى مخالفتهم للمادة 152 من القانون الجنائي حيث تم إقتياد المقبوض عليهن إلى الحراسة ليقضين الليلة هناك.
    5. فى اليوم الثالث تم تقديم الطاعنة للمحاكمة لمحكمة النظام العام محلية الخرطوم وسط السجانة، استدعت الطاعنة محامى بعثة الامم المتحدة بالسودان حيث كانت تعمل فتأجلت الدعوى ضدها بدون تاريخ.
    6. وفي تاريخ لاحق تم تحويل البلاغ ضد الطاعنة إلى محكمة جنايات الخرطوم شمال بالرقم 2602/2009 حيث سمعت المحكمة قضية الإتهام وتم استجواب الطاعنة، ولم يسمح للدفاع بتقديم قضيته. ومن ثم قامت المحكمة بقفل قضية الإتهام وإصدار حكمها مباشرة بعد ذلك.
    7. اصدرت محكمة الموضوع حكماً بالادانة ضد الطاعنة وامرت بدفع غرامة وقدرها 500 جنيه، وفى حالة عدم الدفع السجن لمدة شهر واحد.
    8. قامت الطاعنة بتقديم إستئناف لدى محكمة الإستئناف ملتمسة فحص اجراءات المحاكمة المذكورة.
    9. وفي تاريخ 22/10/2009 وتحت الرقم م أ/ أ س ج/1921/2009، اصدرت محكمة الاستئناف قرارها بتأييد حكم محكمة الموضوع وشطب الطلب. تقدمت الطاعنة بطعن إلى المحكمة القومية العليا وذلك لإلغاء قرار محكمة الإستئناف.
    10. وفي تاريخ 16/12/2009 أصدرت المحكمة العليا قرارها بالرقم م ع/ط ج/797/2009 والقاضى برفض الطعن وتأييد حكم محكمة الإستئناف المطعون فيه والمؤيد للحكم الابتدائي.
    11. شرعت المطعون ضدها المواد المذكورة المطعون فيهم وأبقتهم ضمن قوانينها السارية رغم صدور الدستور الإنتقالي للعام 2005 ورغم معارضتهم للأحكام الواردة في وثيقة الحقوق في الدستور وللعهود والمواثيق الإقليمية والدولية على النحو الذي سنعرض له في أسباب الطعن أدناه.
    12. إنفاذ المواد المطعون فيهم أعلاه من قبل المطعون ضدها أوقع إنتهاكٌ جسيمٌ لجملة من حقوق الطاعنة المكفولة في دستور البلاد والعهود الإقليمية والدولية التي أضحت جزءاً من قانون الدولة الداخلي بمقتضى ذات الدستور.

    لما سيق أعلاه نلتمس من سيادتكم النظر في الطعن الدستوري المقدم بين أيديكم والمستند على ما يلي من أسباب:

    ثانياً: أسباب الطعن

    أولاً: عدم دستورية المادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991

    وهي المادة التي تمت إدانة الطاعنة بمقتضاه، وتنص على الآتي:
    "1. من ياتي فى مكان عام فعلا او سلوكا فاضحا او مخلا بالآداب العامة او يتزيا بزي فاضح او مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام يعاقب بالجلد بما لا يجاوز اربعين جلدة او بالغرامة او بالعقوبتين معاً.
    2. يعد الفعل مخلا بالآداب العامة اذا كان ذلك فى معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل او عرف البلد الذي يقع فيه الفعل."

    يقوم الطعن في دستورية هذه المادة المذكورة على عدة اسباب نوجزها على النحو الآتي:

    1. التعريف الفضفاض للجريمة

    1.1. الزي الفاضح والمخل بالآداب

    أ‌. تأتي فضفاضية التعريف للفعل المجرم من حيث اللغة التى إستخدمت لوصف الفعل فقد جاء النص حمال أوجه فهو يحمل أكثر من معنى ويحتمل أكثر من تفسير لما هو "فاضح" و "مخل بالآداب" "يسبب مضايقة للشعور العام"، على وجه يصعب معه تبيّن المقصود تجريمه من زي وتحديد معناً واحداً يمكن للجميع تبينه ومن ثم تجنبه. "الزي" لغةً حسبما ورد في معجم محيط المحيط لصاحبه الإمام المعلم بطرس البستاني هو "اللبس" و"الفاضح" تعني "الكاشف" و"المبدي"، كالصبح يكشف الظلمة ويبدي، أي يزيحها ويبدي ما أخفته، ولم يورد المعجم تفسيراً أكثر تفصيلاً. إذاً الزي الفاضح هو الزي الكاشف أو المبدي للجسم، كان ذلك بنطالاً أو فستاناً أو عباءةً أو جلباباً أو قميصاً أو ثوباً أو رداءاً، قصيراً كان أم طويلاً، ضيقاً كان أم فضفاضاً، متعدد الألوان أو واحدها، مرتديه رجلاً كان أم إمرأةً أم فتاةً أم صبياً، فقط الا يكون شفافاً يبدي ويظهر. مما ذكر لا يقتصر الزي الكاشف والمبدي على نوع معين من اللباس كالبنطال دون غيره، أو على شكل اللباس أو مقدار طوله أو قصره، أو نوع من يرتديه من ذكر أو أنثى، أو مبلغ سنه من الصغر أو الكبر. كما وأن النص لا يحدد جزء معين من الجسم يجرم إبداءه . وفي ظل نص فضفاض واسع يقبل التأويل والتفسير وحمال معانٍ على النحو الذي أوردنا يكون من العسير على الشخص العادي معرفة أو تقدير ما هو المقصود تحريمه من الزي وماهية الفعل الذي يرقى إلى مرتبة التجريم.

    ب‌. كذلك نجد تعريف الزي من حيث "الإخلال بالآداب العامة" لا يستدل منه على نوع الثوب الذي يمنع القانون التزيّ به من قبل منفذي القانون فما بالك بالشخص العادي. فما هو الزي الذي يخل بالآداب العامة؟ وهل بالإمكان تحديد ذلك في ضوء الثقافات المتباينة للمجموعات المختلفة التي تقطن العاصمة القومية؟ السودان؟ فحسب نص الدستور الذي إرتضاه الكافة وأًعتبر السودان بموجبه بلداً متعدد الأعراق والثقافات والأديان (مادة 82)، وهو محمدة وتفرد ونعمة ينبغي الإستفادة منها على نحو متكامل يفيد الجميع، يجمع ولا ينفّر، يدفع للأمام ولا يؤخر، يعدل ولا يفرّق ومن ثم يظلم، وهو أمر لا يتأتي إلاّ بمحاولة الإلمام الكامل بجوانب هذا التنوع والضبط التام والمحكم لمنظم حركة عجلته وهو القانون. فالآداب العامة مصطلح فضفاض وواسع تتسع دائرته وتضيق من فرد لآخر ومن مجموعة بشرية وإثنية ودينية لأخرى، قد تتطابق أو تتداخل أو تختلف دائرتها مع دائرة القانون كما هومعلوم لدى الفقهاء في الفرق بين القانون والأخلاق (the difference between Law and Morality). لذا يكون الدور العظيم للمشرع في توخيه الحذر وتحوطه في وضع القانون بحيث يأتي منضبطاً ليحكم الناس على إختلاف ثقافتهم ودياناتهم وأعرافهم على نحو يسدّ كل باب للتأويل أو الخلط أو اللبس، وعلى نحو يمكّن الشخص العادي من معرفة محتواه وفهمه وإحترامه. في ضوء ذلك يكون من عدم التوفيق النص على تجريم الإتيان بفعل يقوم ويتأثر تعريفه بمعايير قبلية ومجتمعية ودينية وثقافية وشخصية تختلف بخلفية المتزيّ المعين. فما يراه شخص زياً فاضحاً قد يراه من يقف إلى جانبه غاية في الإحتشام، أو حتى لا يستدعي أو يلفت الإنتباه، وذلك إعتماداً على معيار الناظر من عامة الناس وخلافاً لمعيار مرتدي الزي، مما يقود بالضرورى إلى اللبس الممنوع في فهم القانون.

    2.1. الزي الذي يسبب مضايقة للشعور العام
    أ‌. ما هو الزي الذي يمكن أن يضايق الشعور العام؟ وهل من الممكن للشخص العادي أو حتى غير العادي معرفة أو تحديد ما من شأنه أن يسبب مضايقة لشعور الآخرين؟ إيراد نص مبهم على النحو المذكور يجعل من العسير على الشخص العادي تبين الفعل الممنوع أو المجرّم. وفي هذا الإطار يمكن الإستدلال بما أرسته المحاكم الأمريكية في عدد من السوابق القضائية التي قصدت من ورائها توفير الحماية اللازمة لحقوق الناس الدستورية، فقامت بالتشديد على طلب الوضوح، خاصة إذا ما كان الأمر يتعلق بعقوبة جنائية أو بتدخل في ممارسة الناس لحرياتهم الأساسية، ففي سابقة:
    Humanitarian Law Project v. Ashcroft (Case No.: CV 03-6107 ABC (2004).

    وهى دعوى أقامتها جمعية ضد قانون الوطنية الأمريكي (USA Patriotic ACT) الذي يمنع تقديم مساعدة او نصيحة خبير (expert advice or assistance) للمنظمات التى يعلن وزير العدل أنها منظمات إرهابية، رأت المحكمة أن التعبيرالذي إستخدم في القانون تعبيرٌ غامضٌ بدرجة لا تسمح للشخص العادى أن يتبين الأنشطة الممنوعة على وجه التحديد بحيث يجعل المادة المعنية غير دستورية.
    وفي دعوى:
    Coates v. City of Cincinnati, 402 U.S. 611 (1971)
    أدين المتهمون بمخالفة قانون فى مدينة سينسناتى ينص على تجريم تجمع ثلاثة أشخاص فأكثر في أى طريق جانبي عندما يشكل ذلك سلوكاً يضايق أو يزعج (annoy) المارة، قررت محكمة الموضوع فى الرد على إعتراض الدفاع أن كلمة annoy هى كلمة مستخدمة بكثرة وتعني أن تزعج أو تعرقل أو تستفز المارة وهي لذلك ليست كلمة غير واضحة المعنى، لأن معنى الكلمة لا يتصل بمدى حساسية كل شاكي على حدة. إلاّ أن المحكمة العليا رفضت ذلك التفسير وتساءلت إن لم يكن تفسير الكلمة يتصل بحساسية الشاكى فعلى حساسية من يعتمد؟ على حساسية الشرطي؟ ام القاضي؟ وأضافت أن السلوك الذي يزعج بعض الناس لا يزعج الآخرين، لذا فإن القانون غامض ليس لأنه لا يحدد طائفة من الناس يزعجهم ذلك السلوك، بل لأنه لا يحدد السلوك المجرم على الإطلاق وبالتالي فإن الأشخاص ذوي الذكاء العادي يتوجب عليهم أن يخمنوا المعنى المراد من ذلك وهذا مخالف للدستور. فللقانون ان يجرم أفعال محددة ولكن ليس له ان يضع معيار للتجريم يعتمد على ما إذا كان رجل الشرطة قد إنزعج من الفعل أم لم ينزعج لما في ذلك من منع للناس من ممارسة نشاطات تدخل ضمن حرياتهم الأساسية مخافة التعرض للمساءلة القانونية .

    وفى دعوى باباخريستو ضد مدينة جاكسونفيل:
    Papachristou v. City of Jacksonville (U.S. Supreme Court, (1972)
    والتى تتلخص وقائعها فى أن شابين من السود كانا يجوسان بعربة دون أن يقصدا مكاناً بعينه وفى صحبتهما فتاتين من البيض حين تم القبض عليهم بتهمة التجول بعربة بدون غرض مشروع، وهى جريمة وفقاً لقانون التشرد في مدينة جاكسونفيل. قررت المحكمة العليا أن القانون بأسره غير دستورى، ورأت أن اللغة الفضفاضة تؤدى لمنح سلطة التشريع للقاضى أو الشرطة وذلك يتنافى مع مبدأ حكم القانون، وذكرت أن هذا القانون مأخوذ من القانون الإنجليزى القديم وقت تحول الإقطاع للرأسمالية في القرون الوسطى، حيث أن الحاجة لدفع القوى العاملة الفقيرة للإستقرار في مكان واحد قد أدت لتجريم أشياء لم تعد المجتمعات الحديثة ترى فيها ما يدعو للتجريم، فالقانون قد يعاقب على إرتياد السير ليلاً وذلك في نظر المحكمة عملاً مشروعاً يقوم به من يعانون من الأرق ليتمكنوا من النوم، كما قد يجرم القانون العيش على نفقة الزوجة أو الأطفال لمن هو قادر على العمل، مما يؤدي إلى معاقبة العاطلين بسبب أزمة إقتصادية. هذا وقد لاحظت المحكمة أن القانون يعطي الشرطة سلطة للقبض على كل الذين يسلكون سلوكاً مريباً، أى أن القانون يتطلب من الناس أن يسلكوا في حياتهم المسلك المقبول للشرطة والمحاكم، وهو أمر غير دستوري إذ ينتج عنه إدانة أشخاص بناءً على تعابير غامضة وغير منضبطة تفسرها المحاكم بالطريقة التي تروق لها، وذكرت المحكمة أن إفتراض أن محاكمة من تبدو طريقة ممارستهم لحياتهم مدعاة للتهمة في عين الشرطة أو المحاكم لا يتفق مع الدستور الذي يتطلب أن تكون الأفعال المجرمة واضحة.

    فى محاولة لتوضيح ما عناه المشرع بالزي الفاضح أو المخل بالآداب العامة جاءت الفقرة الثانية لتنص على معيارين الأول ان يكون مخلا بالآداب العامة في معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل والثاني أن يكون كذلك في عرف البلد الذي يقع فيه الفعل، ومن شأن أياً من هذين المعيارين فى الواقع أن يضيف لغموض المادة بدلاً عن يوضح أن مقاصدها.

    3.1. دين الفاعل أو عرف البلد
    أ. من المعلوم أن كل الأديان تدعو للإحتشام وتنبذ اللبس المتبرج والخليع، ولكن مفهوم الإحتشام مفهوم متغير من حيث الزمان والمكان ومختلف حوله من دين لآخر وفى ذات الدين من بلد لاخر ، حيث لا يوجد في أي دين زى موحد (يونيفورم) يرتديه معتنقو ذلك الدين بإختلاف نوعهم ومللهم، والدين الإسلامي ليس بإستثناء لذلك. فالباحث في الفقه الإسلامي لا يجد تفصيلاً لما يعد فاضحاً من الثياب عدا الدعوة الصريحة بعدم التبرج للنساء بإدناء الجلابيب والضرب بالخمور على الجيوب وللرجال التقيد بمحتشم اللباس الذي لا يكشف ولا يبدي على نحو معين، دون النص الصريح على بعضها أو التحديد الضروري لمعالمها. لذا وبغض النظر عن أى جدل فقهي فالواضح أن الأزياء التي ترتديها النساء المسلمات تختلف بإختلاف فهمهن لتعاليم دينهن وبإختلاف أذواقهن وما تعارف عليه في البلاد التي نشأنا فيها، والمتأمل لأنواع وصور اللباس الذي ترتديه النساء المسلمات على نطاق الدول الإسلامية يرى البون الشاسع بين كل بلد وآخر، إلاّ أن هذا الإختلاف لم يكن حتى اللحظة سبباً للطعن في دينهن أو مدعاة لمحاكمتهن، وما قيل عن زي نساء المسلمين ينسحب على رجال المسلمين. لذا فإخضاع تعريف الزي الفاضح إلى معيار الدين لا يساعد الفرد البتة على معرفة ما يعتبر فاضحاً من الثياب.
    ب‌. بإفتراض أن نية المشرع قد إنصرفت إلى تجريم زي بعينه، وهو غير جائز، بالرجوع إلى ما ورد في بعض الفتاوى الفقهية في لبس "البنطال" على وجه الخصوص إستناداً على ما فيه من تشبه بالرجال أو اليهود والنصارى أو لأنه لباس الكفرة، بحسب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إن جاز الإستدلال إيجازاً، فإن ما ورد قد جاء على سبيل المنع عند الفقيه الأول والنصح بالترك عند الثاني، ولم يرد على سبيل التجريم الذي يستوجب العقاب الدنيوي. فالحرمان من "شم ريح الجنة فى الحياة الاخرة" كان لمن وصفت بـ "الكاسية العارية" في رواية الإمام مسلم (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط ‏كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن ‏كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة ‏كذا وكذا). وإن تم الإستدلال بهذا الحديث لتفسير الزي "الفاضح" أو "المخل بالآداب العامة" على أنه الزي "الكاسي العاري"، ونحن نرى بغير ذلك، تظل العقوبة عليه حسب الحديث أخروية وليست دنيوية بحسب الثابت فقهاً.
    ج‌. هذا كما لم يستدل من القرآن الكريم أو السنة المطهرة أو المذاهب السنية الأربع ما يثبت أن الشريعة قد أمرت بإنزال عقوبة دنيوية على النساء أو الرجال على ارتداء نوع معين من الملابس، حُدد ذاك اللباس من قبل المشرع أم لم يحدد، كما لم يثبت في التاريخ الاسلامى وتجارب الدول الإسلامية منذ نزول الرسالة وحتى يومنا هذا من قام بمعاقبة النساء أو الرجال بسبب الملابس بالقانون والمحاكم، بإستثناء الجمهورية الإسلامية في إيران في سنة 1979 وكانت العقوبة الموقعة 74 جلدة لمن لم تلتزم بإرتداء "الشادور"، أما في مهبط الرسالة في المملكة العربية السعودية فقد جرى العمل على التنبيه إن كان في الزي ما يلفت الإنتباه على سبيل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ودونما جرجرة في النيابات أو دعاوى في محاكم الدولة.
    د‌. وإن سلمنا جدلاً بصحة تحديد ماهية الزي الفاضح إستناداً على الحديث بتحريم التشبه باليهود والنصارى أو الكفرة في اللباس بحسب الإمامين الجليلين، يكون من العدل جواز التساؤل عن مدى إنطباق النص بالتحريم، في ظل عدم التخصيص، على رجال المسلمين على حد سواء بنسائهم، فـ "بنطال اليوم" ليس هو "سروال البارحة" ، بل هو، أي بنطال اليوم، رداءٌ من صنعة غير المسلمين سموا يهوداً أم نصارةً أم كفرة، يوقع التزيُ به فعل التشبه بغير المسلمين من كل الجنسين ولا يقتصر على النساء دون الرجال. كما أن التسأول يجوز أيضاً في حق الجلباب والعباءة التين أصبحتا حديثاً من زي النساء في بلادنا تزامناً مع التوجه الجديد في الدولة والداعي لأسلمة مظاهر الحياة، والتين لا تختلفا في ملامحهما وتفاصيلهما عن نظيرتيهما عند الرجال مما يستوجب الوقوف وطرح سؤال مشروع عن ورود التشبه بالرجال عند إرتداء أيِّ منهما من قبل النساء في بلادنا وسواها من بلاد المسلمين. لكل ذلك فإن الغوص فى الدين أيضاً لن يقودنا إلى تحديد قاطع للبس الفاضح إذاً فمسألة الزى هذه بالنسبة للدين هى مسألة خلافية لا يجوز أن يُترك الفصل فيها للشرطة أو للقاضي، فكليهما غير مختص بتحديد أحكام الأديان المختلفة الموجودة فى هذا البلد، وإن مسألة التحديد هذه مسالة تخص الشخص المتدين الذي يحدد لنفسه مايفهمه من أوامر دينه في المسائل المختلف عليها، ولا يجوز للقاضي بأي حال من الأحوال تنصيب نفسه ممثلاً لله في الأرض يقرر ان كان هذا الزي مخالف للدين او متوافق معه .أضف إلى ذلك أن القاضي الذي يحكم في المسألة قد يكون مختلف فى الدين عن المتهم فمن أين له ان يقرر للمتهم أن دينه يعتبر هذا الزى أو ذاك زياً فاضحاً أو مناسباً؟!. ولو سلمنا بأن علي القاضي أن يقرر فى المسألة بعد سماع رأي المختصين من فقهاء الدين المعني، فمن أين له ان يغلب رأياً على رأي في مسالة تتعلق بدين قد لا يكون هو نفسه مؤمن به؟ وهل يعتبر قرار القاضى فى هذه المسألة ملزماً لمعتنقي الدين الذى حدد لهم الزى المناسب على ذلك النحو؟ وإن كان ذلك كذلك ألن نكون قد حولنا القضاء إلى بيت للأزياء يحدد للأمة زياً موحداً لترتديه؟!.
    ذ‌. ومن كل ما قيل يتضح أمرين أنه ليس هناك حكم قطعى فى الشريعة الإسلامية يحدد بشكل غير مختلف عليه الزى الذى يلتزم بإرتدائه رجال المسلمين ونسائهم وإنما هناك نظريات فقهية مختلف عليها حول ما يجوز إبدائه وما يتوجب إخفائه من أجساد الرجال والنساء و لا على كيفية إخفائه وبالتالى فإن الإشارة لدين الفاعل لا تعطى تحديداً قاطعاً للفعل المُجَرّم. الأمر الثانى هو أن النظر لتحريم البنطال بإعتباره تشبه بغير المسلمين وهو أيضاً لا يعدو أن يكون نظرية فقهية غير مجمع على صحتها لا يقتصر على النساء دون الرجال لما بينا من قبل وحتى لو كان هذا هو سبب عقاب الطاعنة فما بال من تم إقتيادهن ومحاكمتهن وجلدهن من غير المسلمات من حضور ذلك الحفل.

    هـ. وما قيل عن معيار الدين ينسحب على عرف البلد من حيث الغموض وعدم الضبط، حيث أن أعراف البلاد تختلف حسب طبيعة كل منها الجعرافية وتركيبتها العرقية والدينية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية، وهي ليست بالأمر الثابت (static) بل تتغير وتتبدل وتتشكل حسب التغيير في مكوناتها المختلفة. فمن يملك سلطة تحديد ما يقبله عرف البلد وما يرفضه خاصةً وأن العرف فيما يتعلق بالملابس يتغير من حين إلى آخر بتغير الأفهام والثقافة السائدة. ففي السودان مثلاً كان " الرحط " الذى يغطى فقط ما بين السرة والركبة للفتيات حتى زواجهن هو عرف البلد السائد وفى بعض الناطق لا تستر ملابس الفتيات صدورهن وفى بعضها لا تستر الملابس إلا النزر اليسير فمن يملك سلطة تحديد عرف العاصمة التي تتكون من مجموعات متباينة تضم كل أهل السودان بأعراقهم وثقافاتهم المتعددة؟ لذا جاء تعريف الدستور للسودان على أنه وطن متعدد الأعراف والأديان ونص على أن إنشاء حكم ديمقراطي يأخذ في الإعتبار التنوع الثقافي والإثني والعرقي والديني واللغوي والمساواة بين الرجل والمرأة (مادة 82). كما جاء تعريف العاصمة القومية فى المادة 152 على النحو التالي: "تكون الخرطوم العاصمة القومية لجمهورية السودان، وتكون رمزاً للوحدة الوطنية وتعكس التنوع في البلاد." كما نص على كفالة حقوق الإنسان والحريات الأساسية المكفولة بموجبه بما في ذلك إحترام جميع الأديان والعقائد والأعراف وتكون واجبة النفاذ في العاصمة القومية بإعتبارها رمزاً للوحدة الوطنية (مادة 154). تاميناً لذلك نص الدستور على أن تُشكل أجهزة تنفيذ القانون في العاصمة القومية على أساس تمثيلي لكل سكان السودان وتكون مدربة تدريباً كافياً بحيث تستشعر التنوع الثقافي والديني والإجتماعي في السودان (مادة 155).

    2. التعريف الغامض للجريمة
    1.2. القانون الغامض يناقض الدستور:
    أ‌. ما لا يختلف عليه إثنان أن الغموض في القانون يؤدي إلى صعوبة معرفة الفعل المجّرم من قبل الشخص العادي (The Ordinary Person)، ويتطلب بذل الجهد الكبير الذي قد يكون موفقاً أو غير موفق من القانونين لفهمه، لذا فهو يناقض المبادئ الأساسية في الدستور. ويكون القانون غامضاً عندما يجعل الأشخاص ذوى الذكاء العادى يخمنون المعنى المقصود ويختلفون حوله (أنظر سابقة الولايات المتحدة ضد ونش). والقانون الغامص يخالف الدستور من أوجه ثلاث: الأول أنه يؤدى إلى معاقبة الناس على أفعال لم يكن في وسعهم معرفة عدم مشروعيتها وقت إرتكابها، والثاني أنه يؤدى إلى تسلل المعايير غير الموضوعية لتطبيق القانون وهذه المعايير من شأنها أن تقود إلى تطبيق تحكمي وتمييزي بواسطة منفذي القانون، والثالث أنه يؤدى إلى أن يمنع المواطن نفسه من ممارسة حرياته الأساسية بسبب الأثر الذي يحدثه غموض القانون لدى المواطن والمعروف فى فقه القانون الأمريكى بال Chilling Effect والذي يؤدي لإمتناع الشخص عن ممارسة حرياته الأساسية خوفاً من أن يكون في ذلك خرقاً لقانون لا يعرف المواطن النشاط الذى يمنعه ذلك القانون على وجه التحديد.

    2.2. القانون الغامض يخل بالحق في المحاكمة العادلة:
    أ‌. اللغة التي تحمل أكثر من معنى لا تصلح لتعريف الجرائم لما في ذلك من إخلال بالحق في المحاكمة العادلة وفقاً للدستورفالمادة (34) فقرة (4) تنص على أنه ( لا يجوز توجيه الاتهام ضد أي شخص بسبب فعل أو امتناع عن فعل ما لم يشكل ذلك الفعل أو الامتناع جريمة عند وقوعه.) وهذا الحكم لا يتطلب وجود قانون يُجرِّم الفعل فحسب، بل يتطلب بالضرورة علم المتهم بأن ما يقوم به هو فعل مُجرَّم، ولا يتحقق ذلك بمجرد وجود قانون إذا كان ذلك القانون حمال أوجه لا يعلم المتهم مسبقاً أى وجه منهم سيأخذ به القاضى. بل لابد من ان تكون المعاني التي تفهم من لغة القانون واضحة للمتهم وقت إتيانه الفعل المعاقب عليه لذلك ففي دعوى بالمر ضد مدينة يوكليد (Palmer v. City of Euclid, 402 U.S. 544 (1971، والتي أدين فيها بالمر بموجب قانون الشخص المشبوه ـ وهو قانون خاص بالمدينة المدعى عليهاـ يدين الشخص الذي يتواجد فى ساعات غير معهودة أو متأخرة فى الطريق العام دون أن يكون ذلك بسبب قيامه بعمل مشروع ويعجز في أن يعطى سببا لتواجده في ذلك الوقت في الطريق العام. قُبِض على بالمر بعد أن قام بإنزال فتاة من عربته في وقت متأخر من الليل قبل ان يبدأ في الحديث في جهاز إرسال لاسلكي، ولم يستطع بالمر ـ عند القبض عليه ـ أن يعطي إسم الفتاة ولا إلى أين كانت ذاهبة، كما وأنه أعطى ثلاث عناوين مختلفة لنفسه فتمت إدانته بناءً على ذاك بموجب ذلك القانون .عندما وصل الأمر للمحكمة العليا قضت بأن القانون غامض بدرجة تجعله مخالفاً للدستور، لأنه يفشل في أن يعطي شخص ذو ذكاء عادي اخطاراً مناسباً بان ما يرغب في ارتكابه يخرق القانون. فالمعيار الذي وضعته المحكمة الأمريكية في العديد من الدعاوى هو أنه إذا كان الشخص ذو ذكاء معتاد ولا يستطيع أن يتبين على وجه الدقة ماهية النشاط الذي يجرمه القانون او العقوبة التي يمكن توقيعها عليه وفقاً للقانون المعني فإن القانون يجب إعتباره غير دستوري بسبب غموضه، وبالتالي يحرم من الحق في المحاكمة العادلة.

    3.2. القانون الغامض يؤدي إلى التمييز عند التفسير والتطبيق:
    فالتفسير والتطبيق التمييزي والإنتقائي للقانون ينتهك الحق الثابت في المساواة أمام القانون المنصوص عليه الدستور (مادة 31) والميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية (مادة 2) والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (مادة 3)، والمادة المطعون فيها من شأنها أن تقود ـ وقد قادت بالفعل ـ للتمييز ضد الأقسام الأضعف فى المجتمع لما يلى:
    أ‌. ضرورة تحديد الفعل المُجرَّم لا تقتصرعلى عدم قدرة الخاضعين للقانون على معرفة ما يفترض أن لا يقوموا به بل أيضاً معرفة سلطات تنفيذ القانون ما يتوجب عليها ضبطه من أفعال دون أن تتدخل بتحديد معانى القانون، وذلك لأن الغموض في القانون يمنح قوات الضبط سلطة تحكمية تتيح لهم أن يحددوا لأنفسهم ما يستوجب تدخلهم. هذا وقد دللت التجارب على أن السلطة التحكمية غالباً ما يتم إستخدامها ضد الفئات الضعيفة من السكان، إستناداً على القانون الغامض الذي غالباً مايتم إستخدامه أيضاً بشكل تمييزي، فالقوانين التمييزية لا تخلق التمييز فقط ولكنها تستجيب له. فالتمييز والذى يقوم على تحيز غير مبرر ضد طائفة من السكان هو فى واقع الأمر نتاج ظروف إقتصادية إجتماعية وبالتالى فهو موجود لدى قوات الضبط ولدى القضاة، فهؤلاء وأولئك غالباً ما يتم إختيارهم من القسم الأكثر حظاً من السكان وحتى من يتم إختيارهم من خارج ذلك القسم يضمن نظام الترقية وما يتيسر للمعينين منهم من التعليم والتأهيل بقاءهم فى الدرجات الدنيا من السلم الوظيفى. أضف لذلك أن التمييز فى واقع الأمر يقوم على ثقافة سائدة فى المجتمع تتأثر بها أيضا الأقسام التى يتم التمييز فى مواجهتهم، ولا يعصم وجود عناصر من الأقسام المُميَّز ضدها فى تلك الأجهزة من التمييز، ليس فقط لتأثرهم بالثقافة السائدة فى المجتمع ككل بل أيضاً لتأثرهم بما هو سائد فى الأجهزة التى يعملون بها ،ولتمسكهم بالمناصب التى يشغلونها مما يجعلهم أكثر ملكية من الملك أو حنبلية أكثر من الحنابلة كما يقال.
    ب. أكثر ما يدلل على صحة ما سيق من أسباب في بيان غلبة الرأي القائل بأن القوانين الغامضة تُفسر بشكل تمييزى بواسطة الشرطة والقضاء، تكشف عنه التجربة العملية بالنسبة للمادة 152 فهي في مطلق عباراتها لاتفرق بين رجل وإمرأة، ومع ذلك فإننا نعلم ان هذه المادة لا يتم إستخدامها في العادة إلا ضد النساء وكأن الرجال لا يمكن لهم ان يرتدوا زياً فاضحاً مع أننا نعلم جميعاً كيف يمكن أن تكون ملابس الرجال مبرزة لما يتعين إخفاءه من أجسادهم. والكم الهائل القضايا والبلاغات التي حررت تحت المادة 152 في مواجهة النساء والفتيات في ولاية الخرطوم فقط، على الرغم مما ميزها به الدستور دون سائر المدن، لا يجد له مقابل من قضايا مماثلة ضد الرجال والفتيان، فرغم أن ما أوردنا سابقاً عن البنطال، الذي يختلف بلا شك عن السروال، بإعتباره زياً مكوهاً يشير إلى التشبه بغير المسلمين يسري على الجميع رجالاً ونساءً على حد سواء إلا أن شرطة النظام العام والمحاكم لا تلاحق سوى مرتدين البنطال من النساء حتى ولو كن من غير المسلمين.

    3. تخلى السلطة التشريعية عن سلطتها فى التشريع لغيرها:
    أ‌. القانون الغامض ينطوى على نكول السلطة التشريعية عن ممارسة سلطتها فى التشريع حين توكل تعريف الجريمة لغيرها مما يخرق المبدأ الدستورى الهام القاضى بالفصل بين السلطات منعاً للإستبداد الذى يورثه تركيز السلطات لدى جهة واحدة والذى يقوم عليه دستورنا. القانون الغامض يفعل ذلك خين يجيز للسلطة التنفيذية أو القضائية أن تقوم بالتشريع نيابة عن السطة التشريعية بأن تحدد هى فى تطبيقها للقانون ما هو الفعل المجرم وفق مطلق تقديرها. يوجب الدستور أن يصدرالقانون شكلاً وموضوعاً عن السلطة التشريعية وهذا يعنى أن تستقل السلطة التشريعية بإصدار الأحكام الموضوعية القانونية مما يستلزم أحكاماً قانونية محددة المعانى. في دعوى كونالي مفوض العمل لولاية أوكلاهوما ضد شركة جنرال كونستركشن، حيث ينص القانون في ولاية أوكلاهوما، على أن العمال الذين يعملون مع الحكومة،أو مع المقاولين الذين ينفذون أعمالاً للحكومة، يجب أن يتقاضوا أجوراً لا تقل عن معدل الأجر اليومي السائد في المنطقة التي يقوم فيها العامل بعمله، قضت المحكمة العليا في أمريكا، أن القانون الذي يفرض عقوبة يجب أن يكون بدرجة من الوضوح بحيث يعلم الخاضعون أى نوع من السلوك سيعاقبون على إرتكابه، وأن القانون الذي يمنع فعل شئ أو يلزم بالقيام به لا يجوز أن يكون من الغموض بحيث لا يستطيع الشخص ذو الذكاء العادي إلا أن يخمن المعنى المقصود، لأن القانون الذي يختلف الناس حول تطبيقاته يجعل القاضى وليس المشرع هو الذى يحدد الفعل المعاقب عليه، مما يخرق مبدأ عدم رجعية القانون. وقد رأت المحكمة أنه يستحيل التوصل بدرجة معقولة من التأكيد للأجر السائد في أي منطقة، وأن كلمة منطقة Locality نفسها على درجة من الغموض تكفي لإلغاء القانون .
    Connally v. General Const. CO., 269 U.S. 385 (1926)


    4. الإعتراف بغموض المادة ومحاولة علاج ذلك بطريقة غير دستورية:

    أ‌. وعلى الرغم من المحاولة اليائسة التي حاول المشرع إتباعها لتعريف اللبس الفاضح والمخل بالآداب في صلب القانون إلا أن محاولته قد باءت بالفشل الزريع كما أسلفنا مما دعا الدولة فى أعلى مستوياتها القانونية وبعد طول إنتظار النظر في فضفاضية المادة المذكورة والسعي لمحاولة ضبطها، فقد جاء في جاء فى عدد الأربعاء 14 ربيع الثانى الموافق 31 مارس 2010 في العدد رقم 9670 من صحيفة الأيام (وتزامن نشر ذات الخبر في العدد 101 من صحيفة الأهرام) ما يلي:

    "كشف وكيل وزارة العدل مولانا عبد الدائم زمراوى أن نيابة أمن المجتمع شكلت لجنة تتكون عضويتها من العنصر النسائي لتحديد ما هو الزي الفاضح الذي يمكن أن يشكل جريمة مع الوضع في إعتبارهم مختلف الثقافات. وأضاف خلال لقائه وفدا من مفوضية مراعاة حقوق غير المسلمين أن المدعي العام وجه وكلاء النيابات بعدم التشدد أو الإسراع في توجيه الإتهام وعليهم معالجة المشاكل التى تعرض بروية مع استصحاب ثقافات الناس إضافة لوجود إدارة للعون القانوني بالوزارة معنية بالدفاع عن حقوق أيا منهم ويمكن للمفوضية توعية المواطنين غير المسلمين باللجوء اليها . وأكد زمراوي للوفد تواجد وكيل نيابة مناوب في كل نيابة بالعاصمة القومية طوال الـ24 ساعة تحسبا لأي طارئ ومناط به المرور علي الحراسات لرصد اي فعل قد يشكل مخالفة للقانون."

    ب‌. ألا يؤكد هذا الخبر أن المدعى عليها ( حكومة السودان ) فى أعلى مستوياتها القانونية تعلم أن المادة 152 من القانون الجنائي تنطوى على غموض أدى وسيؤدي الى إختلاف فى التطبيق إعتماداً على فهم رجال الشرطة أو وكيل النيابة أو القاضي المعنى مما يؤكد أمرين:

    1. أن المدعى عليها تعلم أن الشخص الخاضع للقانون لا يمكنه أن يعلم بدرجة كافية أو حتى معقولة من الوضوح ما إذا كان ما يرتديه من ملابس من شأنه أن يخرق القانون.
    2. أنها تعلم أن من أناط بهم القانون سلطة ضبط الجريمة وتوجيه الإتهام من شرطة ووكلاء نيابة أيضا لا يعرفون فيما بينهم بدرجة كافية من الوضوح ماهى حدود التجريم التى تقول بها المادة أو يختلفون حول ذلك.
    ج. الخبر أعلاه بمثابة إقرارٍ من المدعى عليها بأنها تخرق حق المواطنين بتلك المادة ليس فقط فى أن لا يفرض عليهم أن يخمنوا الأحكام القانونية التى يخضعون لها بل أيضا أن يخمنوا ما يفهمه وكلاء النيابة وضباط الشرطة منها لان المسألة التى تهمهم لا تتصل فقط بحكم القاضى الذى يحدد ما اذا كان هذا الزي أو ذاك يخرق القانون بل يهمهم أيضاً فهم الشرطة ووكلاء النيابة للمادة لما قد يسببه ذلك الفهم للشخص من تعريض لإنتهاك حريتهم وإساءة لسمعتهم حين يتم القبض عليهم/ن وإقتيادهم/ن من مكان عام وحجزهم/ن فى حراسة الشرطة حتى اليوم التالى لمجرد إرتدائهم/ن ملابساً يعتقد وكيل النيابة أو ضباط الشرطة فى مطلق تقديره مخالفتها للقانون.

    د‌. أن معالجة المدعى عليها لما تقر به من غموض فى حكم القانون، حسبما يكشف عنه الخبر، معالجةً معيبة تكشف عن إستهانة بحقوق الناس الدستورية لأن سلطة التشريع هى سلطة تستقل بها الهيئة التشريعية إبتداءً ومن أخص خصوصيات تلك السلطة تحديد الأفعال المجرمة، أما أن يترك الأمر لهيئة تكونها وزارة العدل وتضفى عليها صلاحيات تشريعية (دون التمتع بهذه السلطة بتفويض صريح من السلطة التشريعية تم النص عليه في ذات القانون أو بخلافه بموجب المادة 115 من الدستور) فهذا يشكل خرقاً بيّناً للدستور.

    5 . العقاب على الجريمة مخالف للدستور
    تنتهك المادة 152 من القانون الجنائي الحقوق الدستورية المتصلة بالكرامة الإنسانية حين أجازت العقاب على مخالفتها بالجلد وهى عقوبة مهينة تخالف نص المادة 33 من الدستور والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (مادة 7) ونصها " لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. وعلى وجه الخصوص، لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر." والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (مادة 5) ,ونصها "لكل فرد الحق فى احترام كرامته والاعتراف بشخصيته القانونية وحظر كافة أشكال استغلاله وامتهانه واستعباده خاصة الاسترقاق والتعذيب بكافة أنواعه والعقوبات والمعاملة الوحشية أو اللاإنسانية أو المذلة." والتي تصون حق الفرد في الحماية من التعذيب والمعاملة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة والحاطة من الكرامة الإنسان،
    ولا يجوز التذرع بأحكام الشريعة الإسلامية فى هذا الصدد فالشريعة لم تجز للحاكم أن يعاقب بعقوبة مهينة بل رفعت من شأن الإنسان فهو خليفة الله فى الأرض {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبِّح بحمدك ونقدِّس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون * وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون * وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا}[البقرة/30-34]. " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " سورة الإسراء : 70
    لقد ورد الجلد كعقوبة حدية في القرآن في موضعين من سورة النور فجاء في الآية (2) (الزانية والزاني فاجلدو كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) الآية (4)(والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادةً ابداً وأولئك هم الفاسقون) صدق الله العظيم . الواضح أن الله قصد أن يهين الزناة والقاذفين بجلدهم جزاء ماإقترفوا وليس في هذا ما يبرر للحاكم أن يفعل ذلك بالنسبة لغيرهم . صحيح أن المواثيق الدولية لا تعلو على الأوامر الإلهية. ولكن ذلك يتصل فقط بالحدود وليس بالجلد عموماً فكون أن الله تعالى امر بالعقاب بالجلد في جرائم معينة لا يعنى منح رخصة للبشر فى أن يعاقبوا بالجلد في غيرها من الجرائم .
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال إن وجدتم فلانا وفلانا لرجلين من قريش سماهما فأحرقوهما بالنار ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما رواه البخاري وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة تعرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال من حرق هذه قلنا نحن قال إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار رواه أبو داود بإسناد صحيح .

    ثانياً: عدم دستورية المواد 175 و176 و177 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991

    وهي المواد التي تمنح القاضي سلطة النظر في القضايا إيجازياً ونصها " ."
    - تتم المحاكمة الإيجازية وفقاً للمادة المذكورة على النحو المنصوص عليه في المادتين 176 و177 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991، : لا تتطلب تدوين البينات- توجيه التهمة ...

    المحاكمة الإيجازية
    نظم قانون الإجراءات الجنائية المحاكمة الإيجازية فى المواد 175 وحتى 178 وقد حدد فى المادة 177 إجراءات تلك المحاكمة فقرر أنها لا تتطلب تحرير تهمة ولا تدوين البينات وإتباع هذه الإجراءات يحرم المتهم من الحق فى المحاكمة العادلة من حيث حرمانه من معرفة الإتهام الذى يواجهه والإخلال بحق المتهم فى الاستئناف وهو ما تعرضت له الطاعنة فى محاكمتها موضوع الطعن مما يجعل لها مصلحة فى إلغاء المادة 177 وذلك على التفصيل التالي :

    1. عدم توجيه تهمة والحق فى المحاكمة العادلة

    1.1 النصوص الدستورية:
    أ‌. تنص المادة 34(3) ) من الدستور على أنه يكون لأي شخص, تُتخذ ضده إجراءات مدنية أو جنائية, الحق في سماع عادل وعلني أمام محكمة عادية مختصة وفقاً للإجراءات التي يحددها القانون.
    ب‌. تنص المادة 27(3) ) من الدستور على أنه تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءً لا يتجزأ من هذه الوثيقة.
    ج. وتنص المادة 14(3) أ من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية على ما يلي "لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية (أ) أن يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل، وفى لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها" وهو نفس الحكم الوارد فى العهد الدولي لحقوق الانسان الاوربي مادة 6 (3):
    " Everyone charged with a criminal offence has the following minimum rights: (a) to be informed promptly, in a language which he understands and in detail, of the nature and cause of the accusation against him;"
    د. والعهد الدولي لحقوق الانسان الأمريكي وأساس هذا الحكم هو التعديل السادس للدستور الأمريكي والذى ينص على ( فى كل الإجراءات الجنائية سيكون للمتهم الحق فى محاكمة سريعة وعلنية بواسطة هيئة محلفين محايدين من الولاية والمقاطعة التى إرتكبت فيها الجريمة والتى يتوجب أن يكون قد تم تحديدها بواسطة القانون وان يتم إخطارهم بطبيعة وسبب التهمة والتى يتوجب إثباتها بواسطة شهود ويكون له حق إجبار شهود لصالحه على أداء الشهادة وحق فى الاستعانة بمحام للدفاع عنه) ولذلك فإننا سنلجأ للمحكمة العليا الأمريكية فى تفسيرها لهذا الحق والذى تتكون عناصره من
    أ/ ضرورة أن يكون هناك إتهام واضح فى المحاكمة نفسها يفتح المتهم دفاعه بالرد عليه وهو مستقل عن التهمة التى يتم توجيهها بواسطة النيابة والذى ضمنه العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية المادة 9 (2) وهى تتعلق بالمراحل السابقة للمحكامة والقصد منها أن يعد المتهم دفاعه لمواجهة الإجراءات السابقة للمحاكمة وقد عالجها قانون الإجراءات الجنائية فى المادة 65.
    ب/ الإتهام المقصود فى المادة 14 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية هو الإتهام الذى يوجه فى المحاكمة عند إتضاح البينة الواردة ضد المتهم ويتم فى أمريكا فى ما يسمى بال Grand jury - وهو إجراء يشابه التحقيق القضائي الذى كان متبعا عندنا قبل التحويل للمحكمة الكبرى أو الصغرى وهو إتهام يتم تعديله عند سماع قضية الإتهام بحيث يسمح للمتهم أن يتبين بالتحديد طبيعة الإتهام الموجه له قبل الدخول فى قضية الدفاع وهو يشكل ضمانة اساسية للمحاكمة العادلة لأنه بدون هذا الإتهام يستحيل على المتهم أن يقدم دفاعاً متكامل ضد ما يواجهه من إتهام .
    2.1 النصوص القانونية والسوابق القضائية:
    وقد أشار قانون الاجراءات الجنائية الى الإتهام مرتين الاولي فى المادة 65 والتى تلزم وكيل النيابة بتوجيه التهمة فور توفر البينات الاولية الكافية لتاسيس الإدعاء حسب الظاهر واشار الى التهمة فى المادة 139 (و) والتى تلزم المحكمة بتحرير التهمة وسماع رد المتهم عليها وهذه المرحلة التى تحسم تماماً الإتهام الموجه للمتهم والذى سيبنى دفاعه عليه فإن دفاع المتهم يقوم فى نهاية الأمر على مناهضة ورقة الإتهام التى تصيغها المحكمة بعد سماع قضية الإتهام كاملة وأقوال المتهم وهى المرحلة التى تكون قضية الإتهام ضد المتهم قد تشكلت فى شكلها النهائى تمكن المحكمة من تحرير ورقة إتهام تتضمن بشكل واضح الفعل أو الإمتناع المنسوب للمتهم والذى يخالف أحكام مادة عقابية محددة ولا يعود بعد ذلك جائزاً للاتهام تقديم أى بينة إضافية كما ولا يعود جائزاً للدفاع أن يقدم من البينات إلا ما يدحض ما جاء فى ورقة الإتهام وبالتالي فإن سماع قضية الدفاع دون أن تكون هنالك ورقة إتهام يخرق حق المتهم فى المحاكمة العادلة لانه يقدم دعوى دفاع فقط على ما فهمه هو من بينات الاتهام وهو أمر مربك للدفاع فى حين أن ورقة الإتهام تتيح للمتهم أن يعرف على سبيل الدقة طبيعة الإتهام الموجه ضده بشكل يسمح له بتقديم دفاعه على ذلك الإتهام . لذلك فقد قالت المحكمة العليا الأمريكية فى الولايات المتحدة ضد كارل (United States V. Carll, 105 U. S. 611 (1881)) أن مجرد ترديد الجمله التى إستخدمتها المادة فى الإتهام لا يكفى لتوضيح التهمة للمتهم بل عليها أن تحدد الوقائع التى قام الإدعاء على أن المتهم قام بها والحالة الذهنية التى صاحبت ذلك عند قيامه بها والتى لو صح ما جاء فى الورقة من إدعاءات تشكل اساساً لإدانة المتهم بإرتكاب المادة موضوع الإتهام. قد قيل فى برادلو ضد الملكة فى إنجلترا فى أى دعوى متعلقة بألفاظ قيلت أو كتبت يجب أن تتضمن ورقة الإتهام الألفاظ موضوع الإتهام وإلا فإنها تكون معيبه بشكل يلزم معه إلغاء الإدانة.
    وفى دعوى ديوير ضد بلجيكا والتى تتلخص وقائعها فى أن المدعى العام أمر بغلق محل المدعى عقب تلقى تقارير بأنه خالف أمر بتحديد الاسعار وتوصل معه لتسوية رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان أن الإتهام لم يكن واضحا بالنسبة له عندما قام بالرد على التهمة وبالتالى فإن حقه فى المحاكمة العادلة قد إنتهك Deweere v. Belgium case No.2004- 10-01 . وفى دعوى CHICHILIAN and Ekindjian v. France عندما تمت تبرئة المتهم عن تهمة متصلة بالعمله فى المحاكمة ولكن تمت إدانته فى الإستئناف بمادة أخرى فى نفس القانون رأت اللجنة أن عدم إخطاره بتعديل التهمة قبل سماع الإستئناف يخرق حقه فى ضرورة توجيه إتهام واضح للمتهم يمكنه من الدفاع ( 16 مارس 1986 إستئناف رقم 10959/84) .
    وفى دعوى PELISSIER and SASSI V. France عندما إتهم المتهم بإرتكاب إفلاس جنائي وأدين بتهمة التآمر الجنائي لإرتكاب الإفلاس الجنائي رأت المحكمة الاوربية لحقوق الانسان أن فى ذلك خرق للعهد الاوربي وقد قررت المحكمة الاوربية فى عدد من الدعاوى أنه إذا كان المتهم لا يتحدث اللغة التى تتم بها المحاكمة فإنه يتوجب أن تتم ترجمة ورقة الاتهام له .
    وفى دعوى إيمانويل بيجاميكى أمام المحكمة الجنائية الدولية لرواندا قررت المحكمة أنه فى إتهام متعلق بالتآمر لإرتكاب جرائم إبادة جماعية لا يكفى أن يذكر الإتهام فقط أن المتهمين قد عقدوا عدداً من الاجتماعات مع بعضهم البعض ومع آخرين دون ذكر للتواريخ ولو بالتقريب والأماكن والتى عقدت فيها والغرض منها لأن كل ذبك ضرورى لتمكين المتهمون من إعداد دفاعهم.
    The Prosecutor v. Emannuel Agambiki (Case No. ICTR-97-36-0)

    2. الحق فى الإستئناف
    تنص المادة 14 (5) من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية على ما يلي ( لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقا للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفى العقاب الذي حكم به عليه. ) وهذا الحكم يقرر وجوب أن تؤيد الإدانة الجنائية بواسطة مستوى قضائي أعلى من المحكمة التى أصدرت الحكم الأول .وهذا الحق ليس حقاً شكليا يتوفر بجرد إتاحة الحق فى الطعن لمحكمة أعلى بل يتوجب إحاطته بالضمانات التى تعنى أن المتهم سيتمكن من عرض قضيته أمام جهة قضائية أعلى من الجهة التى أصدرت الحكم .
    المحاكمة الإجازية كما حددت إجراءاتها المادة موضوع الطعن تخرق هذا الحق حين تجيز للمحكمة عدم تدوين البينة و تلزمها فقط بتدوين خلاصة أقوال المدعى والشاكى، وملخص أقوال شهود الإتهام والدفاع ،وملخص أقوال المتهم . هذا لا يجعل المحكمة الأعلى المنوط بها مراجعة الحكم فى موقف يمكنها من ذلك، لأن معلوماتها عن البينة يحددها درجة التلخيص الذى يقوم به القاضى الذى باشر الإجراءات الايجازية معلوم أن المحضر يوفر للمحكمة الإستئنافية ما يمكنها من إصدار حكم عادل فى الدعوى يجب أن يكون محضراً وافيا يتضمن أقوال الشهود إضافة لتعليق القاضى على الطريقة التى يدلون بها بشهادتهم إذا رأى سببا لذلك ولكن إجابة الشاهد كما خرجت من فمه على أسئلة الطرف الذى دعاه وعلى مناقشة الخصم وإعادة الإستجواب وأسئلة المحكمة يجب أن يتضمن المحضر كل ذلك حتى يمكن المحكمة الإستئنافية من التعدى لما يثيره الإستئنا فقد يكون أساس الإستئناف سماح المحكمة لطرف بتوجيه أسئلة لا يجوز توجيهها للشهود أو أن المحكمة وجهت للمتهم أسئلة تجريمية وكل هذه من المسائل التى يجب أن تخضع لمراجعة السلطة الإستئنافية .
    إن نظام المحاكمة الإيجازية والذى يجيز المحاكمة الإيجازية في أي جريمة معاقب على ارتكابها بالسجن أو بالجلد أو بالغرامة ما عدا الجرائم المعاقب علي ارتكابها بالإعدام كما تنص المادة 175 هو نظام يجب قصره فقط على المخالفات البسيطة التى لا تهدد كيان الاسر السودانية و التى لا تصل العقوبة فيها إلى عقوبات القطع و العقوبات السالبة للحرية والعقوبات المهينة كالجلد وبشرط موافقة المتهم أما فرضه على متهمين مواجهين بمثل هذه العقوبات فإنه يحرمهم من حقهم فى المحاكمة العادلة على الوجه الذى نرجو أن نكون قد أوضحناه .


    ثالثاً: إنتهاك حقوق دستورية للطاعنة

    1. قام رجال الشرطة بإلقاء القبض على الطاعنة ضمن أخريات أثناء تواجدها المشروع في المقهى المذكور بدعوى مخالفتها للمادة 152 من القانون الجنائي وتم إقتيادها إلى الحراسة لتقيم الليلة بأكملها هناك دون السماح لها بالإتصال بأحد من أهلها أو بمحامٍ أو بأيّ شخص آخر، ودون إتخاذ الإجراءات القانونية المطلوب إتباعها من تحري وتوجيه تهمة بعينها من قبل وكيل النيابة. ما قام به رجال الشرطة يعد إنتهاكاً لحقوق الطاعنة المكفولة بموجب المادة 29 من الدستور والتي تنص على "حق كل شخص في الحرية والأمان، وعدم جواز إخضاع أحد للقبض أو الحبس، وعدم جواز حرمانه من حريته أو تقييدها إلا لأسباب ووفقاً لإجراءاتٍ يحددها القانون"، حيث أدي ذلك إلى حرمان الطاعنة من حقها في تلقي العون الأسري أولاً والعون القانوني اللأزم ثانياً والمتمثل في الإستعانة بمحام، مما تترتب عليه حرمانها من فرصة إطلاق سراحها بالضمان من ناحية وتفادي الحبس غير الضروري نظراً لكون ما إتهمت بإرتكابه الطاعنة لا يندرج تحت الجرائم الكبيرة التي تتطلب الحبس السابق للمحاكمة إحترازاً أو مخافة الأذي من ناحية أخرى.
    2. ما تعرضت له الطاعنة من حبس غير ضروري كما أسلفنا يشكل إنتهاكاً لحقوقها الثابتة بنص المادة (9) من العهد الدولي للحقوق المدنية السياسية والمادة 6 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، واللتان تعدان جزءً لا يتجزأ من وثيقة الحقوق بمقتضى نص المادة 27 (3) من الدستور، من حقٍ في الحرية والأمان وعدم التوقيف أو الاعتقال تعسفاً، وعلى أن يتم تقديمها كايّ موقوف أو معتقل بناءً على تهمة جنائية وبالسرعة القصوى، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، وأن يكون لها الحق أن تحاكم خلال مدة معقولة أو أن يفرج عنها، وأن يكون لها ككل شخص حُرم من حريته بتوقيف أو اعتقال حق الرجوع إلى المحكمة لكي تفصل دون إبطاء في قانونية اعتقاله وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني.
    3. وبحسب ما جاء في المادة 27 (3) و(4) من الدستور، يجب أن يراعي عند تحديد أسباب القبض المواثيق والعهود والإتفاقيات الدولية التي صادق عليها السودان، كما يجب على المشرع عند تنظيم سلطة القبض عدم المس بالحق في المحاكمة العادلة، او الإنتقاص من الحق في الحرية الشخصية، وإن الجائز فقط أن يخضع الفرد إستثناءاً لقيود مؤقتة وشريطة أن تكون تلك القيود ضرورية لتطبيق العدالة. وفي حالة الحبس السابق للمحاكمة، فإن الأسباب التى تدعو لإحتجاز المشبوه فيه أو المتهم المقبولة دستورياً ودولياً تنحصر فى سببين، الأول أن يكون الإحتجاز بغرض المنع من إخفاء الأدلة أو التأثير على البينة ،والثانى أن يكون بغرض التيقن من حضور المتهم إلى المحكمة حين يطلب منه ذلك.
    4. وضعت المدعى عليها سلطة تحديد وقوع الجريمة بنص المادة في يد عدد من الأشخاص بدءاً بالمواطن العادي والإداري الشعبي وأفراد وضباط شرطة النظام العام، مما يجعلها سيفاً مسلطاً علي الرقاب في ظل فضفاضية التعريف كما أسلفنا. كذلك عدم تحديد درجة معينة للشرطي الذي يحق له إلقاء القبض على الأشخاص بدون أمر لا يتفق مع المستوى الدولي الذي قصد منه إلزام الدول بتحديد المسئولية عن القبض، بأن يكون ذلك في يد سلطة قضائية أو في الحالات الإستثنائية في يد مسئولين على درجة عالية في السلم الوظيفي، تبرر منحهم هذه السلطة. ويلاحظ هنا أمرين الأول أن القانون لم يشترط درجة معينة من الخطورة في الجريمة كما لم يقم بوضع أسباباً غامضة وفضفاضة للقبض على الناس. صحيح أن فتح الدعوى الجنائية يستلزم التحري مع المتهم وأخذ أقواله ، ولكن ذلك لا يستلزم بالضرورة القبض عليه، وإنما يمكن إستدعاءه لمقابلة المتحري. المادة "6" (أ) من القواعد المعروفة بقواعد طوكيو التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر 1990 تنص على أن الحبس السابق للمحاكمة يجب أن يتم اللجوء إليه فقط كملجأ أخير"بما يعني أنه لا يلجأ إليه طالما أن هنالك إجراءاً آخر يؤدي الغرض المطلوب.

    5. إنتهك رجال الشرطة حق الطاعنة بموجب الدستور (مادة 33),ونصها " لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو معاملته على نحوٍ قاسٍ أو لا إنساني أو مُهين." والتي تصون حق الفرد في الحماية من التعذيب والمعاملة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة والحاطة من الكرامة الإنسان، والتي تشمل فيما تشمل من أفعال ما تعرضت له الطاعنة في طابور العرض من مهانة ومذلة ومعاملة غير إنسانية وحاطة بالكرامة من قبل رجال الشرطة داخل المطعم بأمرها بالسير أمامهم وامام جمهور المتواجدين وهم كثر بغرض النظر إلى ما ترتديه من ثياب ومن ثم تحديد ما إذا كان ذلك اللباس فاضح أو مخل بالآداب العامة، وما تلاه من معاملة مهينة ومذلة وقاسية وغير إنسانية في الحبس غير المبرر كما ذكرنا من قبل والمفتقر لأبسط قواعد العدالة والإنصاف دون تحرٍ أو توجيه تهمة لليلة بأكملها دون معين من ذوي قربى أو حماة حقوق. فما تعرضت له الطاعنة من أذى نفسي و بدني يصعب مداواته أو التعويض عنه إلاّ بإزالة مسببه الأ وهو النص الفضفاض والغامض والواسع وحمال المعان والتمييزي والمنتهك لعدد لا حصر له من الحقوق الثابتة والمعترف بها قومياً ودولياً.

    السادة رئيس وإعضاء المحكمة الدستورية الموقرين،،،
    إن موقعكم الذي أنتم فيه يمنحكم السلطة والحق ويلقي عليكم تبعة صيانة وحماية دستور هذه الأمة، وذلك بحماية الحقوق الدستورية لكل من يلجأ لكم لرد الإنتهاك من أي مصدر أتى، سواءً أكان مصدر ذلك الإعتداء سلطة عامة إختارت أن تخالف واجباتها الدستورية أخطأت فى فهم الحدود التى يلزمها الدستوربالوقوف عندها أو اغفلت ما يلزمحا الدستور بالقيام به.

    لكل هذه الأسباب مجتمعة نلتمس من عدالتكم الحكم للطاعنة بما يلي:-
    1. إعلان المادة 152 من القانون الجنائى والمواد 175ـ 177 شاملة من قانون الإجراءات الجنائية مواداً تتعارض مع الدستور.
    2. إلغاء المواد المذكورة .
    3. تحمل تكاليف واتعاب الدعوى.
    4. رد الغرامة 500 جنية لاتحاد الصحافيين الذى دفعها عن الطاعنة .
    5. أى أوامر أخرى عادلة .
    وتفضلوا بقبول فائق الشكر.

    نبيل أديب عبد الله
    ………………….
    المحامون
                  

العنوان الكاتب Date
بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 02:06 PM
  Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) عاطف مكاوى11-16-11, 02:11 PM
    Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 02:12 PM
      Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 02:16 PM
        Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 02:19 PM
          Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 02:29 PM
          Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) Haju Muktar11-16-11, 02:30 PM
            Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 02:33 PM
              Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 02:38 PM
                Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 02:41 PM
                  Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) Elawad11-16-11, 03:51 PM
                  Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) Elbagir Osman11-16-11, 04:14 PM
                    Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) EBTIHAL OSMAN11-16-11, 04:25 PM
                      Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) Abdalla aidros11-16-11, 05:22 PM
                        Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) محمد إبراهيم علي11-16-11, 05:42 PM
                          Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) Abdalla aidros11-16-11, 06:21 PM
                            Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 06:50 PM
                          Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 06:23 PM
                            Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 06:30 PM
                              Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 06:39 PM
                              Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) ABDALLAH ABDALLAH11-16-11, 06:55 PM
                                Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) محمد عبدالرحمن محمد11-16-11, 07:04 PM
                                  Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 07:28 PM
                                    Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 07:39 PM
                                      Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-16-11, 07:53 PM
                                        Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-17-11, 10:48 AM
                                          Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-18-11, 01:05 PM
                                            Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) سفيان بشير نابرى11-18-11, 01:20 PM
                                              Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-19-11, 10:17 AM
                                                Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) سفيان بشير نابرى11-19-11, 02:59 PM
                                                  Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-20-11, 01:54 PM
                                                    Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-21-11, 04:15 PM
                                                      Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) Alshafea Ibrahim11-21-11, 04:55 PM
                                                        Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) Amani Al Ajab11-22-11, 02:40 AM
                                                          Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-22-11, 10:57 AM
                                                            Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-22-11, 11:03 AM
                                                            Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) مهيرة11-22-11, 11:17 AM
                                                              Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-22-11, 11:52 AM
                                                                Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-22-11, 09:23 PM
                                                                  Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-23-11, 06:53 PM
                                                                    Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-23-11, 06:58 PM
                                                                      Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-23-11, 07:01 PM
                                                                        Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-23-11, 07:14 PM
                                                                          Re: بينة مبدئية تكفي لقيد دعوي جنائية ضد عمر البشير (نظام عام) على عجب11-26-11, 00:07 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de