الله أكبر.. صالح الورداني؛ أبرز متشيع مصري يعلن "كفره" بالمذهب الشيعي

Quote: عماد كل سنة وانت طيب مع المصريين مش حتعرف الحق من الباطل كلهم ملة واحدة كان شيعي ولا سني ولا قبطي يجمعهم الطبل ويفرقهم السوط اللقاء ده ليهو 5 سنوات يعني ايام حسني مبارك ايه راي محسن الورداني اليوم ده احتفاء متاخر جدا بعدين المصريين ديل مكارين اعمل حسابك

Quote: السلفية ضد الإسلام والمسلمين حوار مع المفكر صالح الو رداني المصدر:http://hajr101.dyndns.org/hajrvb/showthread.p...=403011108&highlight السلفية مصطلح حادث كما مصطلح العقيدة.. السلفيون فرق تكفيرية متناحرة لا صلة لها بالسلف ولا بأهل السنة .. وهم ورقة الحكومات الدائمة .. - السلفيون امتداد للخوارج والحنابلة - مصر في منظور السلفيين هى بلاد الشرك والمشركين.. - السلفية دخيلة على مصر والمصريين .. تسود واقع المسلمين اليوم حالة من التيه والفوضى بسبب كثرة اللافتات المرفوعة باسم الإسلام .. وبسبب صور التطرف والممارسات الإرهابية في مواجهة المخالفين من المسلمين وغير المسلمين .. التقينا بالمفكر صالح الورداني ليشخص لنا هذه الحالة ويجيبنا على السؤال التالي : • ما هى أسباب هذه الحالة ومن المسئول عنها ..؟ وكان جوابه هو :أسباب هذه الحالة تكمن في التيار الوهابي الذي نبع منه التيار السلفي،وهو المسئول المباشر عنها .. • كيف ..؟ هذا يتطلب منا العودة للوراء قليلاً إلى بداية ظهور الحركة الوهابية في جزيرة العرب حيث كانت اللافتات التي تسود واقع المسلمين لافتات مذهبية إلا أنها كانت تتحلى بقدر من التسامح والتعايش مع الآخر المخالف .. وهكذا كان الحال في بقاع المسلمين الأخرى .. لكن الوهابية عندما برزت تحالفت مع آل سعود وسادت جزيرة العرب بسيوفهم أي بالقوة والإكراه .. وكان نص المعاهدة أو الميثاق بين ابن سعود ومحمد بن عبد الوهاب هو ما يلي : الدم الدم والهدم والهدم .. وبالطبع الدم هنا هو دم المسلمين والهدم هو هدم مجتمعهم .. وتجب الإشارة هنا إلى أن هذا النص هو نفس النص الذي نطق به الرسول (ص) وهو يعاهد الأنصار .. و كأن ابن عبد الوهاب هنا قد منح نفسه سلطات الرسول .. إلا أن ما يجب ذكره هو أن المعاهدة بين ابن عبد الوهاب وابن سعود نصت على تقسيم السلطة ليصبح الدين في يد ابن عبد الوهاب والسلطة السياسية والتنفيذية في يد ابن سعود وهو ما يعني فصل الدين عن الدولة .. وقد رفع الوهابيون راية التوحيد في مواجهة المخالفين وهو ما يعني الحكم عليهم بالشرك .. وتم إراقة دماء المسلمين من الفقهاء والأشراف وشيوخ القبائل والعامة على هذا الأساس .. بل تم استحلال أموالهم وتقسيمها كغنائم .. هذا ما كان يحدث في جزيرة العرب على يد الوهابيين أو بمعنى أدق على يد السعوديين الطامعين في السيطرة على جزيرة العرب باسم التوحيد .. وما نقوله ليس مجرد إدعاء بل هو ما تقوله وتؤكده المصادر التأريخية المعتمدة عند الوهابيين وعلى رأسها كتاب : عيون المجد في أخبار نجد .. وهذا يعني أنه لم يكن هناك قبول لهذه الدعوة من قبل المسلمين .. ويعني أيضاً أن الدعوة التي تسود بهذه الطريقة لا تسمح بقبول الآخر بل تسعى للقضاء عليه .. ومن هنا برز الصدام والخلاف بين المسلمين .. الوهابيون و آل سعود والقوى الداعمة لهم أصبحوا جبهة .. والمذاهب والتيارات المخالفة أصبحوا جبهة أخرى .. إلا أن كل ذلك كان من الممكن أن لا يحدث أثراً كبيراً في واقع المسلمين لو كانت الوهابية قد انحصرت في محيط جزيرة العرب ، لكن خروجها من هذا المحيط ونقل أفكارها في كل مكان أدى إلى حدوث الفرقة والبلبة وبروز الفرق الجهادية والتكفيرية التي تسببت في تشويه الإسلام وإراقة دماء المخالفين من المسلمين وغير المسلمين وإشاعة الإرهاب في كل مكان .. • ماذا تقصد بالقوى الداعمة ، هل كانت قوى أجنبية أم إسلامية ..؟ يجب أن نقرر بداية أن الوهابية عندما برزت في مرحلتها الأولى كانت ضد دولة الخلافة القائمة وهى الدولة العثمانية وتعد حسب المنظور السلفي والروايات التي يدين بها المسلمون خارجة عن الجماعة وترفع راية الجاهلية .. ( من خرج عليكم وأنتم جميع فاضربوه ضربة رجل واحد كائناً من كان ) (من خرج عن الجماعة قيد شبر فمات مات ميتة جاهلية) ولا يجوز الخروج على الحاكم وإن كان فاجراً أو فاسقاً أو جلد ظهرك وأخذ مالك وهى عقيدة السلف والخلف من أهل السنة.. وعقيدة الوهابيين السلفيين أيضاً .. وهذا ما أدى بدولة الخلافة إلى توجيه حاكم مصر محمد علي باشا للتدخل لتأديب ما كان يطلق عليهم آنذاك البدو الوهابيين .. وكان أن نزلت الجيوش المصرية المدعومة بقوات تركية جزيرة العرب ودخلت في معارك طويلة مع الوهابيين انتهت بهزيمتهم وسقوط عاصمتهم الدرعية .. وأخذ محمد علي أبناء سعود ورؤوس الوهابيين أسرى إلى مصر حيث وضعهم هناك تحت الإقامة الجبرية .. إلا أن الوهابية عادت للبروز من جديد مع أبناء سعود بعد ظهور الإنجليز في منطقة الخليج وضعف الدولة العثمانية .. وعمل الإنجليز على استغلال الوهابيين وآل سعود في ضرب العثمانيين ودعموهم بالمال والسلاح حتى تمكنوا من إقامة دولتهم وهى دولة الملك العضوض أي الحكم المستبد المخالف لروح الإسلام .. وهذا ما تؤكده أيضاً المصادر الوهابية مثل تاريخ الجزيرة العربية لخزعل والسعوديون والحل الإسلامي لجلال كشك والمصادر التي تستعرض لتأريخ الدولة السعودية .. • وكيف استطاعت الوهابية الخروج من محيط الجزيرة والانتشار في كل مكان ، أليس ذلك يشير إلى امتلاكها مقومات الدعوة الناجعة .؟ دعنا نتحدث أولاً عن العوامل التي أدت لانتشار الوهابية .. كما ذكرنا أن الوهابية نهضت بسيوف آل سعود والدعوة التي تنهض بالسيف تسقط بالسيف أيضاً .. وهى تظل في حاجة لدعم أصحاب السيوف أو الحكام وهذا يعني أنها تظل في كنف الحكام على الدوام .. وقد ظلت المصالح متلاصقة بين الوهابيين والسعوديين حتى فترة قريبة حيث أخذت تبرز في الصورة ملامح الصدام بين المؤسسة الدينية الوهابية وبين آل سعود .. وهو ما أدى بعبد العزيز آل سعود إلى التضحية بالوهابيين المتشددين بقيادة فيصل الدويش في أواخر العشرينيات من القرن الماضي .. كان عبد العزيز يريد تحديث الدولة .. وكان هؤلاء يرفضون التحديث واستخدام أدوات العصر مثل الهاتف واللاسلكي والسيارة ويعتبرونها بدعة ومن عمل الشيطان .. والغريب أن هؤلاء كانوا يستخدمون البنادق في حروبهم وهى تعد حسب هذا المفهوم بدعة أيضاً .. ويبدو أن هذا الموقف من قبلهم كان يقوم على أساس أن هذه المنتجات من صناعة الكفار وهم هنا الانجليز .. إلا أن إرسال عبد العزيز ولده سعود ليدرس في بلاد الشرك كان الطامة الكبرى التي عجلت بالثورة عليه .. وما يجب ذكره هنا هو أن بلاد الشرك في منظور الوهابيين هى مصر .. وقد وصفوها بهذا الوصف لكثرة الأضرحة والمقامات فيها والتي تعد بمثابة أصنام تعبد من دون الله في معتقدهم .. ولم ينقذ عبد العزيز من هؤلاء إلا الانجليز الذين ساعدوه في القضاء عليهم ليعلن دولته التي ضمت جزيرة العرب ويجعلها مملكة لأول مرة وباسم أسرته وذلك في عام 1932م .. وقام الراحل فيصل بعد ذلك بضرب آل الشيخ وهم سلالة ابن عبد الوهاب الذين كانوا يسيطرون على الشئون الدينية واستبدالهم بعناصر أخرى من خارج دائرة هذه العائلة .. وكان أن أبرز هيئة كبار العلماء وعلى رأسها ابن باز .. ويمكن القول أن ظهور النفط في جزيرة العرب هو الداعم الأكبر للوهابية الذي أتاح لها الوصول لكل مكان واختراق المؤسسات وشراء الأقلام والرموز وتكميم الأفواه بالريالات .. كذلك هناك عامل آخر استغلته الوهابية في كسب تعاطف المسلمين وهو عامل عاطفي يرتبط بظهورها في أرض الحرمين الشريفين .. وفي نظري لو قدر للوهابية أن تبرز في محيط آخر بعيد عن الحرمين لكان مصيرها الزوال بسرعة من أذهان المسلمين وواقعهم .. العامل الثالث في تصوري هو تقاعس أهل السنة أو التيارات والمذاهب الأخرى وإفساحها الطريق للوهابية لتغزو عقر دارهم .. وكل هذا يؤكد افتقاد الوهابية لمقومات الدعوة الناجعة .. • ولكن لماذا أفسح أهل السنة الطريق للوهابية ..؟ هذا يعود في تصوري لأسباب سياسية ومذهبية .. الأسباب السياسية تتركز في الحكومات العلمانية التي تضغط على مؤسساتها الدينية لتفسح الطريق للوهابية تماشياً مع مصالح هؤلاء الحكام وعلى رأس هذه المصالح كسب الدعم المادي من آل سعود وجذب الاستثمارات السعودية . وتتركز أيضاً في الدور الأمريكي الضاغط على هذه الدول والذي برز مع احتلال السوفيت لأفغانستان ولازال مستمراً .. وأمريكا ودول الغرب ترى أن هناك مصلحة دائمة في انتشار الوهابية بين المسلمين .. والأسباب المذهبية تكمن في بروز إيران وتنامي المد الشيعي الذي أخاف أهل السنة وجعلهم يفسحون الطريق أمام الوهابية كداعم في مواجهة هذا المد .. • إذن هناك روابط وثيقة بين السلفيين والوهابين ..؟ بالطبع كارتباط الإنسان بالماء والهواء .. وهما وجهان لعملة واحدة .. وهو ما يتضح لنا من خلال أئمتهم .. السلفيون أئمتهم ومراجعهم من الوهابيين السعوديين وليس من أي مكان آخر،وهم يعملون على إيهام المسلمين أن هؤلاء هم أهل العلم والتقوى الذين ينطقون بلسان السلف الصالح .. وهذه تعد من أكاذيبهم الفاضحة التي تكشف عن عمالتهم لآل سعود .. ومن أخطر صور العمالة العمالة باسم الدين .. ولو كان هؤلاء يحترمون أوطانهم لقدروا علماء هذه الأوطان واقتدوا بهم لكنهم حاربوهم وضللوهم وشوهوا صورتهم وكل ذلك ليدفعوا المسلمين نحو فقهاء الوهابية أو فقهاء آل سعود .. حتى أنهم يشككون في جامعات أوطانهم ولا يعترفون بخريجيها فيدفعون بعناصرهم نحو جامعات الوهابيين في جزيرة العرب ليستمدوا من هناك المشروعية ويصبحوا ناطقين باسم السلف وهم في الحقيقة ينطقون باسم آل سعود .. وفوق هذا هم لا يعترفون بأي علم أو مصدر إلا ما يأتيهم من دولة الوهابيين ومن هنا انتشرت بينهم كتب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكتب ابن عبد الوهاب وأولاده بالإضافة إلى كتب رموز الوهابية المعاصرين مثل ابن باز وابن عثيمين وابن فوزان وابن جبرين وابن بابطين وغيرهم .. وهذا يعني تسطيح الأمة واتهامها بالغفلة والجهل على مستوى الماضي والحاضر وكأن هذه القرون الطويلة لم تثمر شيئاً من العلم يستحق أن ينتبه له ويستفاد منه .. ويعني أيضاً حصر العلم والدين في محيط الوهابيين .. وهو ما يعني إشارة ضمنية لتجهيل الآخر والحكم بمروقه من الدين .. • هذا يدفعنا إلى التساؤل : هل السلفية دين أم مذهب..؟ السلفية لا تخرج عن كونها مذهب من المذاهب لكونها تقوم على أفكار تمثل طائفة من الفقهاء والمحدثين،وهم من يمثلون الخط الحنبلي المتطرف الذي يميل للرواية على حساب القرآن والعقل،ذلك الخط الذي تبناه ابن تيمية في القرن الثامن الهجري واصطدم به مع فقهاء عصره مما أدى إلى نبذه وحبسه ليموت في الحبس عام 726ه بدمشق .. و صدرت بعد موته المراسيم والفتاوى التي تحظر على تلاميذه المناداة بأفكاره أو ترويجها بين المسلمين،ومن كانت تضبط معه ورقة منسوبة لابن تيمية كان يتم مصادرتها وإحراقها وتعزير صاحبها،كما عزر تلميذيه ابن القيم الجوزية وابن كثير،وطيف بهما معكوسين على حمار في طرقات دمشق،بسبب فتوى ابن القيم حول تحريم شد الرحال لزيارة مسجد إبراهيم (ع) .. وهو ما رصدته لنا العديد من المصادر التاريخية مثل كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني الذي ترجم لابن تيمية وتلاميذه .. ومثل كتاب دفع شبه من شبه وتمرد على الإمام أحمد للحصني .. وكذلك تبيين كذب المفتري على الإمام الأشعري لابن عساكر .. وهذا يدعونا للقول أن مصطلح السلفية هو مصطلح حادث أبتدعه الوهابيون وحاله كحال مصطلح العقيدة الحادث أيضاً.. • ولكن السلفيين يدعون أنهم يمثلون السلف وينطقون بلسانهم لا بلسان الحنابلة أو ابن تيمية ..؟ هذه أكذوبة من أكاذيبهم أيضاً والكذب هو السلاح الدائم للسلفيين .. السلفية المعاصرة كما ذكرنا هى وليدة الوهابية .. والوهابية قامت ببعث أفكار ابن تيمية وفرضها على المسلمين في جزيرة العرب .. وكما ذكرنا أفكار ابن تيمية لا تعبر عن السلف ولا عن أهل السنة ولو كانت كذلك ما اصطدم به فقهاء عصره ونبذوه وحاربوه بل إن البعض منهم كفره وطالب بقتله .. وكذلك أفكار محمد بن عبد الوهاب لا تعبر عن السلف أو عن أهل السنة .. غير أن ابن عبد الوهاب كان حظه أفضل من حظ ابن تيمية إذ وجد من ينصره من آل سعود .. ويمكنك أن تتسائل : هل كان ابن عبد الوهاب يملك القدرة على نشر دعوته دون معونة آل سعود ..؟ والجواب بالطبع لا ، بل كان من الممكن أن يكون مصيره كمصير ابن تيمية.. والدعوات الشرعية أي المنضبطة بالشرع المستقيمة مع العقل لا تحتاج لدعم من أحد . • ما هو المقصود بالدعوة المنضبطة مع الشرع ، هل هى دعوة محددة ، وما هى ملامحها ..؟ الدعوة المنضبطة هى التي تعبر عن روح الإسلام وتكون صورة حية لتعاليمه .. ويمكن تحديد ملامحها من خلال ما يلي : الالتزام بالعدل في القول .. الالتزام بالعدل في التطبيق .. احترام العقل .. قبول الآخر .. التسامح .. إنصاف الخصم .. وكل هذه مبادئ حض عليها القرآن .. وهى مبادئ لم يلتزم بها لا ابن تيمية ولا ابن عبد الوهاب .. وكذلك السلفيين .. والدعوة الوحيدة التي انضبطت بالشرع وكانت صورة حية وصادقة للإسلام هى دعوة أهل البيت .. من هنا أوصى رسول الله (ص) بالكتاب والعترة أهل البيت في الكثير من الأحاديث المشهورة في كتب السنن والتي أغفلها السلفيون .. وأهل البيت هم الشريحة البارزة في محيط السلف،بل هم قدوة السلف وأئمتهم وهؤلاء الذين يدعون تمثيل السلف والنطق بلسانهم لايعرفونهم ولا يوجد أثر لعلومهم في طرحهم .. وهذا يؤكد ما ذكرنا من أنهم يكذبون على السلف .. • بمناسبة ذكر أهل البيت وكونهم شريحة من السلف بل هم الشريحة الرئيسية في وسطهم كما أشرت ، هل يمكن أن تعرف لنا من هم السلف ..؟ السلف كما يقولون هم أهل القرون الثلاثة الأولى أي الصحابة والتابعين وتابعي التابعين .. والتابعي هو من لقى الصحابي .. وهذا التعريف يقوم على أساس رواية نبوية تقول:خير القرون قرني ثم الذي يليه ثم الذي يليه .. وفترة القرون الثلاثة الأولى لم تكن فترة ذهبية أو ملائكية كما يحاول تصوير ذلك أنصار السلفية،بل كانت فترة كسائر فترات تاريخ المسلمين فيها الخير وفيها الشر .. في النصف الأول من القرن الأول قتل عمر بن الخطاب .. ثم قتل عثمان .. ودخلت عائشة في صدام مسلح مع الإمام علي قتل فيه الآلاف من الصحابة والتابعين وشق معاوية عصا الطاعة على الإمام علي ووقعت معركة صفين التي قتل فيها العديد من الصحابة على يد جند معاوية .. ثم برزت فيما بعد فرقة الخوارج التي قتل الإمام علي على يد أحد عناصرها .. ثم وقعت في النصف الثاني منه مذبحة كربلاء التي راح ضحيتها الحسين والعديد من أبناء الرسول (ص) .. وبرز الملك الأموي العضوض في واقع المسلمين .. ومنه برزت صور الاستبداد والبطش والتنكيل بالمخالفين .. والأهم من ذلك كله تم التأسيس لفكرة فصل الدين عن الدولة التي تعدها الفرق السلفية المعاصرة اليوم المبرر الشرعي لتكفير حكومات المسلمين .. وأول من أسس لهذه الفكرة هو معاوية بن أبي سفيان حين وضع أساس أول نظام ملكي وراثي في تاريخ المسلمين بعيداً عن الدين الذي تم حصره في محيط الفقهاء من التابعين لتتكون بذلك أول مؤسسة دينية رسمية في واقع المسلمين .. ولم يكن لهذه المؤسسة أي دور فاعل أو مؤثر في الحياة السياسية فقط كان دورها هو إضفاء المشروعية على الحكومات الملكية التي لقبت بحكومات الخلافة .. وإضفاء المشروعية على غزوات هذه الحكومات التي تم تسميتها بالفتوحات .. وهو نفس الدور الذي تلعبه المؤسسات الدينية المحاربة من السلفيين اليوم .. ونفس الدور الذي تلعبه المؤسسة الدينية الوهابية في ظل ملوك آل سعود .. إلا أن السلفيين لم يعلنوا الحرب على آل سعود أو مؤسسة الوهابيين بالطبع لأنها تمثل المرجعية الشرعية لهم .. وهو ما يكشف لنا الوجه الحقيقي للسلفية كونها صناعة سعودية .. • هل هذا يعني أنه لا توجد في واقع السلف شرائح يمكن الاقتداء بها ..؟ بالطبع توجد وإلا يعد هذا طعناً في الإسلام .. كان من بينهم الصحابة إلا أن الصحابة لم يكونوا على مستوى واحد من العلم والتلقي من الرسول (ص) .. ولم يكونوا جميعهم ملتصقين برسول الله على الدوام .. ولم يكونوا على درجة واحدة من الجهاد والتضحية من أجل الدين .. وهذه نقطة هامة تساعد على فهم واقع الصحابة ودورهم ومكانتهم .. أما السلفيون فيحاولون التعتيم على هذه النقطة فيرفعون شعار عدالة جميع الصحابة ويرون النقل منهم بصورة عشوائية دون تحديد ودون تمييز .. وكان من بين التابعين الكثير مثل علي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا ومالك وأبو حنيفة والشافعي وابن حنبل والليث بن سعد والحسن البصري وسفيان الثوري وغيرهم . والكثير من التابعين تتلمذ على يد جعفر الصادق الإمام السادس عند الشيعة .. والأهم من ذلك هو أن السلف يطلقون صفة الصادق عليه وهم مجمعون على منحه هذه الصفة،ويمكن تبين ذلك من خلال كتب التراجم.. وهذا الموقف يحمل الكثير من الدلالات .. إلا أن السلفيين يقتدون بالسلف بطريقة انتقائية وهذا ما يجعلنا نشكك في التزامهم بنهج السلف .. على مستوى الصحابة هم تحت تأثير الخط القبلي الذي ساد واقع المسلمين بعد وفاة رسول الله (ص) ساروا مع نهج الحكومات التي قدمت الصحابة الذين ساروا في ركاب معاوية والخلفاء على الصحابة الآخرين الذين ساروا مع علي ولم يعترفوا بحكم معاوية .. وعلى مستوى التابعين أيضاً تم التعتيم على محمد الباقر وعلى ولده جعفر الصادق وعلى أهل البيت عموماً .. والسلفيون وقعوا في فخ الحكومات وورثوا نهج المؤسسات الدينية لا نهج السلف فرفضوا مذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي و وجعفر الصادق واتبعوا مذهب الحنابلة لكونه المذهب الذي يعظم الرواية أو يعبر عن مدرسة الحديث التي صور لهم أنها المدرسة الوحيدة المعبرة عن السلف .. من هنا يمكن القول أن السلفيين انتقوا من بين مدارس واتجاهات السلف المذهب الحنبلي،وهم في الحقيقة لم ينتقوه بل هو نتيجة طبيعة لولادتهم من رحم الوهابية التي قامت ببعث أفكار ابن تيمية والتي نتج عنها بعث أفكار الحنابلة المتطرفين من جديد .. والعجيب أن السلفيين يرفعون شعار رفض المذهبية والتعصب للمذاهب .. وهم يهدفون من وراء هذا الشعار لنقل المسلمين من تقليد المذاهب الأخرى إلى تقليد مذهبهم الذي توهموا أنه مذهب السلف .. والحديث عن السلف يوجب علينا الحديث عن الخلف وهم أهل القرون اللاحقة أي بعد القرن الثالث .. وقد ضم الخلف العديد من الرموز الفقهية الكبيرة التي برزت باجتهادات جديدة في محيط الفقه والعقائد .. وعلى رأس هذه الرموز أبو الحسن الأشعري والماتريدي والجويني والغزالي والأوزاعي وغيرهم .. وهؤلاء تبنوا العديد من الاجتهادات المخالفة للسلف .. ولو كان نهج السلف هو نهج مقدس وملزم للأمة كما يحاول تصوير ذلك السلفيون ما كان قد خرج عليه الخلف وتجاوزوه .. والسلفيون سيراً مع نهج ابن تيمية والحنابلة رفضوا قطاع الخلف واعتبروهم من المارقين المنحرفين .. ولو اعترفوا بهم لناقضوا أنفسهم بالطبع .. • ما هى أوجه الخلاف بين الخلف والسلف ، وهل هو خلاف يتناقض مع أصول الدين ..؟ من أهم نقاط الخلاف بينهما ما يتعلق بمسألة صفات الله الواردة في القرآن والروايات مثل صفة اليد والعين والضحك والغيرة ونزول الله كما تقول الروايات وغيرها .. وصفات الله من القضايا التي تم تضخيمها من قبل الحنابلة وابن تيمية على مستوى الماضي .. وتم تضخيمها من قبل السلفيين على مستوى الحاضر بل اعتبروها من أركان التوحيد السلف قالوا فيها بالتفويض أي تفويض معناها إلى الله سبحانه .. والخلف قالوا فيها بالمجاز ورفض أخذ هذه الصفات على وجه الحقيقة .. أي تفسير اليد بالقدرة والعين بالإحاطة والنزول بالرحمة وهكذا .. فهم تبنوا الموقف الوسط الذي لا يرفض الروايات المتعلقة بالصفات كما رفضتها التيارات المخالفة مثل الشيعة والمعتزلة،ومن جانب آخر لا يأخذها على وجه الحقيقة .. أما الحنابلة فتحت وطأة تقديس الروايات أخذوا هذه الصفات على وجه الحقيقة وتعصبوا لها واصطدموا مع الآخرين من المذاهب بسببها وبذلك وقعوا في متاهة التجسيم.. وجاء ابن تيمية من بعدهم فرفض المجاز وكذلك تلميذه ابن القيم وبذلك وقعا في التجسيم أيضاً .. وجاء الوهابيون فتبنوا مقولات ابن تيمية فوقعوا في التجسيم ووقعت معهم الفرق السلفية المعاصرة التي استمدت نهجها من خلالهم .. وميل الخلف إلى التأويل وإفساح المجال للعقل والاجتهاد يعود إلى اختلاف واقعهم عن واقع السلف .. ومثل هذه الأمور لا تصطدم بجوهر الدين بل تدور في محيطه .. • إذن ما هى الأفكار والعقائد التي يتبناها ويدعوا إليها السلفيون اليوم ..؟ مادامت السلفية هى امتداد للوهابية فلابد لها أن تتبنى مقولاتها .. والوهابية قامت على أساس الدعوة لنبذ الاحتفالات وإحياء المناسبات وشد الرحال لزيارة المراقد والتوسل بالأنبياء والصالحين .. وتبنت السلفية نفس المقولات .. واعتبرت الوهابية أن التوسل والاستغاثة بالأنبياء والأولياء هو شرك بالله سبحانه .. وتبنت السلفية نفس المقولة .. ورفعت الوهابية شعار التوحيد في وجه المسلمين .. وكذلك السلفية .. وجاءت الوهابية بفكرة تقسيم التوحيد إلى ثلاث أقسام هى : توحيد الألوهية .. توحيد الربوبية .. توحيد الأسماء والصفات .. وتبنت السلفية هذه الفكرة .. واعتبرت الوهابية كل ما يخالفها هو بدعة يجب مقاومتها .. وكذلك السلفية .. والتزمت الوهابية بموالاة الحكام وعدم الخروج عليهم .. وكذلك السلفية .. وقامت الوهابية ببعث أفكار ابن تيمية وتلاميذه .. وكذلك السلفية .. • هل يمكن القول على هذا الأساس أن السلفية نسخة من الوهابية ..؟ بلى،ولكنها نسخة ألحق بها دعاة السلفية بعض التطوير حتى يمكنوها من مواكبة العصر .. وحتى يضللوا المسلمين حددوا أهدافهم فيما يلي : الالتزام بنهج السلف عقيدة وفقهاً وسلوكاً .. الاهتمام بالعلم الشرعي .. مقاومة البدع .. إلا أن المتأمل في طرحهم يجد أنهم ينبذون العقل ويلتزمون بحرفية النص .. ويركزون على الشكليات والأمور الهامشية مثل اللحية والجلباب والنقاب وتحريم الصور والتماثيل.. ويخلطون بين الفروع والأصول .. ويحولون الأمور الفقهية إلى قضايا عقدية .. ويستخدمون الرواية في إرهاب الآخر .. وهذا كله ناتج من تغليبهم الروايات والآثار على القرآن والعقل .. والمتأمل في السلفيين المعاصرين يجدهم صورة طبق الأصل من حنابلة الماضي .. صورة من طريقة تفكيرهم الآحادي المتعصب .. وصورة من سلوكهم المخاصم للآخر الرافض له .. بل إن صداماتهم مع المخالفين لهم من داخل دائرتهم أو من خارجها هى صورة طبق الأصل من صدامات الحنابلة في بغداد مع الشيعة والمذاهب الأخرى .. من هنا فأنا أطلق على السلفيين دائماً اسم : حنابلة العصر .. وكان الشيخ الراحل محمد الغزالي يسميهم : الفقهاء الصغار .. وعلى كل حال هم ليسوا أكثر من حملة أسفار .. • ذكرت أن السلفيين خلطوا بين الأصول والفروع والفقة والعقائد ، ما هى صور هذا الخلط ..؟ عندما يتم الحكم بالكفر أو الشرك على أساس نص من النصوص فإن هذا النص سرعان ما يتحول إلى أصل من أصول الدين ، مادام مخالفه يخرج من دائرة الدين وهذه هى أزمة السلفيين .. هم تبنوا حكم ابن حنبل الذي يقول بكفر القائل بخلق القرآن .. وتبنوا قوله بكفر تارك الصلاة .. وتبنوا قوله بكفر ساب الصحابي .. وتبنوا قول الحنابلة بتكفير منكر الصفات .. وكذلك أقوال ابن تيمية التي تدور في نفس الدائرة .. وكذلك قول ابن عبد الوهاب وأولاده بكفر المتوسل والمستغيث ونقضه للتوحيد.. وكل ذلك من الفروع بل منها من لا صلة له بجوهر الدين من الأصل مثل مسألة خلق القرآن التي تعد من المسائل الكلامية الترفية .. وكذلك مسألة ترك الصلاة وسب الصحابي التي تم تضخيمها من قبل الحنابلة وابن تيمية وبعض المتعصبين من أهل المذاهب .. وأيضاً مسألة الصفات والتوسل .. ولو كانت هذه الأمور من العقائد أو من الأصول لنص عليها السلف لكنك لا تجد لها ذكراً عندهم وهم الذين اختلفوا في ساب الرسول هل يكفر أم لا ..؟ فكيف بساب الصحابي ..؟ • ما هو الدليل القاطع في تصورك على أن السلفيين لا يمثلون السلف أو أهل السنة ..؟ هناك العديد من الأدلة وليس دليلاً واحداً .. الأول : تقسيمهم التوحيد إلى ثلاث أقسام هو من ابتداع ابن تيمية ولا صلة له بالسلف .. ثانياً : مسألة الأسماء والصفات التي جعلوها من أركان التوحيد هى من بدعهم فقد تبنوا فيها رؤية الحنابلة وابن تيمية لا رؤية السلف .. ثالثاً : المجاز قال به الخلف من أهل السنة ورفضه ابن تيمية والسلفيين .. رابعاً : عقيدة السلف أن من نطق بالشهادتين فهو مسلم لايجوز إخراجه من الإسلام بينما هم حكموا على المسلمين بالشرك أو الكفر .. خامساً : مسألة حرمة التوسل والاستغاثة لم يقل بها السلف بل لم يشيروا إليها في عقائدهم بينما هم قد جعلوها أساس التوحيد .. سادساً : لم تنص كتب العقائد عند أهل السنة حتى العقيدة الواسطية لابن تيمية على شئ يتعلق بحرمة التوسل أو شد الرحال وزيارة المقابر وإحياء المناسبات .. سابعاً : الكم الكبير من الردود من قبل أهل السنة على ابن تيمية والوهابيين ذلك الكم الذي يدل على رفضهم واستنكارهم لهذه الأفكار .. وبالإضافة إلى هذا فإن أخلاق هؤلاء لا تمثل أخلاق السلف خاصة في مواجهة المخالف بل أخلاقهم هى أخلاق بدوية جافة تعكس غلظة القلوب وضيق الأفق وضعف العقل .. وهى الأخلاق التي تتلائم مع الوهابيين والخوارج .. • ألا تعتقد أن ربط السلفيين بالخوارج فيه مبالغة ..؟ كلا،على مر التاريخ أصبحت الخوارج النموذج لكل الفرق المنحرفة عن الصراط المستقيم .. والخوارج تسموا بهذا الاسم لكونهم خرجوا على الإمام الشرعي وهو الإمام علي وهم أول من رفع شعار التكفير في تاريخ المسلمين .. ومن صفاتهم غلظة القلوب وضيق الأفق وضعف العقل .. كذلك من صفاتهم التحليق أي حلق الرؤوس .. وأنهم يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان .. وأنهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم .. وهو ما أشارت إليه الأحاديث النبوية .. وهذه الصفات تنطبق على الوهابيين .. وبالتبعية هى تنطبق على السلفيين .. والخوارج انشقوا على بعضهم وكفر بعضهم بعضاً .. وهذا هو حال الفرق السلفية المتناحرة اليوم .. وأذكر عندما برزت فرقة جهيمان العتيبي عام 1400ه منشقة عن السلفيين ورافضة لرموز الوهابية وآل سعود،وأعلنت ظهور المهدي وقامت باحتلال الحرم المكي،ودخلت في مواجهة مع القوات السعودية والقوات الأجنبية التي استعانت بها،وقتل من قتل وعلى رأسهم المهدي المزعوم ، أصدر الوهابيون بياناً في هذه الفرقة تحت عنوان : خوارج وليسوا سلفيين .. • نريد أن نتعرف على هذه الفرق ..؟ واقع السلفيين اليوم يكتظ بالعديد من الفرق التي ترفع شعار السلف والفرقة الناجية من النار وتكفر بعضها خاصة في دولة الوهابيين .. ولم تستطع المؤسسة الوهابية برموزها أن توقف هذه الظاهرة أو تحد من انتشارها .. ونرى هذا الأمر بوضوح من خلال كم المنشورات الوهابية التي تصدر ما بين الحين والآخر لمقاومة ظاهرة التكفير التي طالت رموز الوهابية .. من هذه المنشورات منشور تحت عنوان : التبصير بقواعد التكفير .. والتحذير من فتنة التكفير .. وضوابط التكفير .. والحد الفاصل بين الكفر والإيمان .. والعذر بالجهل والرد على بدعة التكفير .. وسلسلة الأسئلة الشامية والقطرية واليمنية والنجدية في مسائل الإيمان والتكفير وقد عقد الوهابيون مؤتمراً مؤخراً من أجل مناقشة هذه الظاهرة ومحاولة الحد منها .. كذلك ابتلى السلفيون بالفرق الجهادية التي شقت عصا الطاعة وخرجت عن الجماعة واتهمت آل سعود بالخيانة ورموز الوهابية بالعمالة .. وقامت بالعديد من العمليات الإرهابية في جزيرة العرب وغيرها راح ضحيتها الآلاف من المسلمين وغيرهم .. وصدرت العديد من المنشورات في مواجهة هذه الفرق .. منها منشور تحت عنوان : إعلام أهل الإسلام بأن الخروج على الحكام مناف لشرع الإسلام .. وشر قتلى تحت أديم السماء ، كلاب أهل النار .. وهناك الفرق الحديثية التي نتجت من الغلو في الروايات .. مثل فرقة الألباني الشامي صاحب الفتاوى الغريبة والعجيبة .. وفرقة الوادعي اليمني المتعصب لعقل الماضي .. وما نتج عنهما من فرق .. وفي دائرة السلفيين من الممكن لرواية أن تقوم على أساسها فرقة .. ونظراً لكون السلفيين لايرون جواز التقليد فقد فتح هذا الأمر الباب على مصارعه لكل من هب ودب منهم أن يجتهد ثم يصطدم مع المخالفين لاجتهاده وينشق مكوناً فرقة خاصة به .. وهناك ربيع بن هادي المدخلي المدرس السابق في جامعة الوهابيين بالمدينة الذي انشق عن الوهابيين وهاجمهم واعتبرهم من المنحرفين عن نهج السلف وأطلقوا على أتباعه فرقة (المداخله) والمدخلي له كتاب يعكس تطرفه الشديد في مواجهة الآخر وهو كتاب : (منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف) وهو بالطبع ليس منهج أهل السنة أو السلف بل هو منهج الحنابلة وابن تيمية كذلك هناك فرقة عبد الرحمن عبد الخالق السلفي المصري خصم المدخلي والمقيم في الخليج منذ عقود طويلة وأصبح من أئمة السلفيين .. وقد طعن عبد الرحمن في مخالفيه من السلفيين حتى الذين درسوه ودافع عن جماعة الإخوان وجماعة التبليغ .. ومما دفع بالمدخلي إلى مهاجمته بكتابه : جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات .. ويمكن لأي مطالع لفتاوى رموز الوهابية أن يرى كم الفتاوى الموجهة لهم بخصوص هذه الفرق من الشباب التائه المضلل بسبب أفكارهم المتخلفة .. وقد ألقينا الضوء على هذه الظاهرة في كتابنا : العقل والنقل أزمة السنة والشيعة • نريد أن نتعرف أكثر على السلفيين .. ؟ السلفيون فرق معادية للآخر خاصة أصحاب العقل والرأي .. وهى تتبنى عقل الماضي ولا صلة لها بعقل الحاضر .. من هنا فهى لا صلة لها بما يجري في واقع المسلمين والعالم من حوادث ومتغيرات .. وإنما هى ترصد فقط ما يصطدم بأفكارها ومعتقداتها أو ما يشكل خطراً على مذهبها وتقوم بالتصدي له باعتباره بدعة وضلالة .. وعلى هذا الأساس دخلت في حرب مع المتصوفة ثم مع الشيعة ثم مع المخالفين لها من الفرق والمذاهب الأخرى التي تشاركها في نفس المعتقد .. ولا دور للسلفية والسلفيين في محيط السياسة أو خدمة الجماهير أو مقاومة الظلم والفساد .. ولا دور لهم في مواجهة أعداء الإسلام .. وهم بفرقهم المختلفة ضد الإسلام والمسلمين .. وهذه هى السنة والروح العدوانية التي ورثوها عن الحنابلة القدامى وعن ابن تيمية وابن عبد الوهاب،فقد كانت حروب هؤلاء ومواجهاتهم مع المسلمين لا مع أعداء الإسلام .. الشغل الشاغل للسلفيين توافه الأمور .. تأمل مثلاً جعلهم اللحية وتقصير الجلباب ونقاب المرأة وإحياء المناسبات وزيارة القبور من عظائم الأمور .. وكأن هذا هو الدين .. وهو نهج السلف .. ولست أدري لماذا الإصرار من قبل هؤلاء على أن فهمهم للنصوص هو فهم السلف ..؟ وفهم الخلف أين نذهب به ..؟ إن هؤلاء يريدون إفراغ الدين من مضمونه وهو ما يظهر بوضوح من خلال فتاويهم .. • هل يمكن أن تعطينا صورة من هذه الفتاوى ..؟ فتاوى هؤلاء منها ما يثير الضحك ومنها ما يثير الكآبة في النفس .. انظر مثلاً فتوى أحدهم بحرمة حمل الزهور للمرضى أثناء زيارتهم لكونها عادة أجنبية وفيها تشبه بالكفار .. وفتوى حرمة دخول المجلات المصورة للبيوت .. وفتوى عدم جواز قيادة المرأة للسيارة .. وفتوى عدم دوران الأرض .. وفتوى حرمة حلق اللحية .. وفتوى حرمة التظاهر ضد الحكام .. وفتوى حرمة التعامل مع البنوك .. وفتوى حرمة كشف وجه المرأة .. وفتوى حرمة زيارة القبور وإحياء المناسبات .. وفتوى حرمة الخروج على الحكام .. وفتوى الحكم بالشرك على من استغاث بالنبي (ص) أو الأولياء .. وفتوى كفر من حلف بغير الله .. وفتوى كفر الذين يتعاملون مع أبراج الحظ والطالع .. وفتوى وجوب إزالة الكنائس من دول الخليج العربي وغيرها من بلاد المسلمين .. وفتوى تحريم دراسة القوانين الوضعية أو تدريسها .. وفتوى حرمة الاحتفالات الدينية كالموالد والمناسبات الأخرى .. وفتوى حرمة الإسورة النحاسية التي يعالج بها مرض الروماتيزم .. وفتوى كفر من أنكر سنة الرسول (ص) .. وفتوى حرمة الاختلاط بأهل الكتاب أو التشبه بهم .. وفتوى كفر من دعا أو طالب بتحكيم المبادئ الاشتراكية والشيوعية .. وفتوى حرمة عمل المرأة .. وفتوى حرمة تعظيم الآثار (تدمير بيت الرسول (ص) والسيدة خديجة بمكة وسد ( غار حراء) .. وفتوى حرمة الحداد على الملوك والزعماء .. وفتوى حرمة التمثيل .. وفتوى حرمة الصور والمجلات المصورة .. وفتوى حرمة ارتداء المرأة للساعة في فترة العدة للمتوفى عنها زوجها .. وفتوى حرمة بناء المساجد على القبور أو زيارتها والصلاة فيها .. وفتوى عدم جواز الصلاة وراء المدخن أو مرتدي الملابس العصرية .. وفتوى جواز الصلح مع إسرائيل .. وفتوى جواز الاستعانة بالمشركين (الأمريكان) .. وفتوى ثبوت الأرض وعدم دورانها وبطلان الادعاء بصعود القمر والكواكب وفتوى حرمة ذهاب المرأة إلى الكوافير.. ويعود أكثر هذه الفتاوى لكبير الوهابية وإمام السلفية ابن باز .. ويلاحظ أنها منصبة على الجماهير وهى داعمة للحكام خاصة آل سعود أولياء أمورهم .. • يظهر لنا من خلال ما سبق ومن هذه الفتاوى عداوة شديدة للواقع ، بل فيها ما يشير إلى رفض الانفتاح على العصر ، هل هذا هو المبرر لتطرف السلفيين ..؟ السلفيون يريدون احتكار الدين ويعتقدون أنهم الفرقة الناجية من النار والطائفة المنصورة حسبما أشارت الروايات التي يؤمنون بها أو التي طبقوها على أنفسهم . والمعارض أو المخالف هو شيطان رجيم في نظرهم .. وهذا يبرر لهم التطرف في مواجهته .. وفي مواجهة الواقع الذي يشعرون بعدم قبوله لهم .. والسلفية لكونها تتسلح بعقل الماضي وتريد أن تنقل صورة الماضي للحاضر لابد لها من أن تصطدم بالواقع المناقض للماضي .. وهذا ما يبرر مواقفهم العدوانية تجاهه وتجاه شرائحه المختلفة من المسلمين وغير المسلمين .. وهى مواقف تقوم على أساس أفكار ونصوص لا تعبر عن منهج السلف أو أخلاقهم .. • نريد إذن أن نتعرف على مواقف السلفيين من خصومهم ..؟ السلفيون أعلنوا الحرب على الجميع وبالتالي وقعوا في عزلة شديدة .. أعلنوا الحرب على الصوفية والمذاهب الأخرى من أهل السنة الذين يتبنون رؤية الخلف والذين عدوهم من الجهمية أي المؤولة .. وأعلنوا الحرب على الشيعة .. وأعلنوا الحرب على العلمانيين .. وأعلنوا الحرب على المثقفين والكتاب .. وأعلنوا الحرب على المسيحيين .. وهؤلاء جميعاً هم شركاؤهم في الوطن .. ولم يعلنوا الحرب على اليهود .. وهذه المواقف اتخذها السلفيون وهم في وضع الأقلية .. ولو كان هؤلاء يمثلون الأكثرية لجعلوا عاليها سافلها .. لكنهم فشلوا في الارتقاء بدعوتهم إلى مركز الصدارة في واقع المسلمين .. بل فشلوا في جعل دعوتهم تسود عقر دارهم في دولة الوهابيين .. وواقع جزيرة العرب يشهد بالفجوة الكبيرة بين المسلمين والوهابية .. * ما هى المبررات الشرعية أو النصوص التي يعتمد عليها السلفيون في معاداتهم لهذه الشرائح ..؟ من أهم النصوص التي يتعبد بها السلفيون ويدينون بها نصوص ابن حنبل وابن تيمية : قال ابن حنبل في شرح السنة : وقد مضى سلف هذه الأمة وعلماء السنة على أن القرآن كلام الله ووحيه ليس بخالق ولا مخلوق،والقول بخلق القرآن ضلالة وبدعة لم يتكلم بها أحد في عهد الصحابة والتابعين،وخالف الجماعة الجعد بن درهم فقتله خالد بن سعيد القسري بذلك،فخطب بواسط يوم أضحى وقال:ارجعوا أيها الناس فضحوا تقبل الله منكم،فإني مضح بالجعد بن درهم فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً،سبحانه وتعالى عما يقول الجعد،ثم نزل فذبحه،وكان الجهم بن صفوان صاحب الجهمية أخذ هذا الكلام من الجعد بن درهم .. وتأمل أن دليل ابن حنبل في هذا الموقف المتطرف هو أنه لم يجد من تكلم بهذا القول فيمن سبقه .. وهل يصح أن يبنى على هذا الدليل الواه حكم بالضلال ثم بإراقة الدماء .. وابن تيمية أراح السلفيين بتحدثه باسم السلف فنقلوا عنه ما ينسبه للسلف من نصوص عدوانية باطمئنان كامل .. من هذه النصوص : - من قامت عليه الحجة من أهل البدع استحق العقوبة. - إن الكتب المشتملة على الكذب والبدعة يجب إتلافها وإعدامها وهي أولى بذلك من آلات اللهو والمعازف وإتلاف آنية الخمر، فإن ضررها أعظم من ضرر هذه .. - جواز قتل معطلي الشرائع من المسلمين وقتالهم .. - وحول ابن الفارض وابن سبعين وابن حمويه الذين اتهمهم بالقول بوحدة الوجود والحلول أفتى بقوله:من يعاونهم وينصرهم على أهل الإيمان - ابن تيمية وأتباعه - فهو شر ممن ينصر النصارى على المسلمين، فإن هؤلاء شر من قول النصارى، بل هم شر ممن ينصر المشركين على المسلمين. وقال : الراد على أهل البدع مجاهد.. وقال :جوز طائفة من أصحاب الشافعي واحمد وغيرهما قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة،وكذلك كثير من أصحاب مالك وقالوا:إنما جوز مالك وغيره قتل القدرية لأجل الإفساد في الأرض لا لأجل الردة .. وقال :والرجل البالغ إذا امتنع عن صلاة واحدة من الصلوات الخمس،أو ترك بعض فرائضها المتفق عليها فإنه يستتاب،فإن تاب وإلا قتل،فمن العلماء من يقول يكون مرتداً كافراً لا يصلى عليه ولا يدفن بين المسلمين،ومنهم من يقول يكون كقطاع الطرق وقاتل النفس والزاني المحصن .. وقال : وهذه حقيقة قول من قال عن السلف والأئمة:إن الدعاة إلى البدع لا تقبل شهادتهم ولا يصلى خلفهم ولا يؤخذ عنهم العلم ولا يناكحون.. وقال:ولا استثني أحداً من أهل البدع لا من المشهورين بالبدع الكبار من معتزلي ورافضي ونحو ذلك،ولا من المنتسبين إلى السنة والجماعة من كرامي وأشعري وسالمي ونحو ذلك،وكذلك من صنف على طرقهم من أهل المذاهب الأربعة .. وجاء ابن القيم تلميذ ابن تيمية بما هو أشد وأنكى من خلال كتابيه: الطرق الحكمية وأحكام أهل الذمة .. الأول مسلط على المسلمين المخالفين .. (أهل البدع) والثاني مسلط على أهل الكتاب .. وابن عبد الوهاب له كتاب بعنوان:مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد .. أي التوحيد على الطريقة الوهابية .. ولأبناءه الكثير من الكتابات التي تدور في نفس الدائرة منها:ههه الكلمات النافعة في المكفرات الواقعة لعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب .. وخمس رسائل في التوحيد وأنواع الشرك وطروءه على المسلمين لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب .. وثلاث رسائل في حكم السفر إلى بلاد الشرك.. والجواب المفيد في كفر جاهل التوحيد .. وأوثق عرى الإيمان وحكم موالاة أهل الإشراك لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب .. وفي رسالة حكم موالاة أهل الإشراك فتوى تنص على أن الذين يخطئون أهل التوحيد ويتبعون المشركين من (أهل القباب) ويشهدون أنهم على حق وينصرونهم هم كفار من أشد الناس عداوة لله ورسوله (ص) .. ويمكن ببساطة الاطلاع على كتاب المدخلي الذي ذكرناه سابقاً وهو كتاب ذاخر بالنصوص المتطرفة في مواجهة الآخر المنسوبة للسلف .. ومع أن ابن تيمية والسلفيين لا يعترفون بالمذاهب إلا أنه لا بأس بالاستدلال بأقوالهم هنا مادامت في صالحهم .. وهم من الممكن أن يستعينوا ببعض الخلف أيضاً إذا كانوا من الحنابلةكما استعانوا بكتاب الإبانة لابن بطة العكبري (ت387ه) وكتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ت418ه) وكتاب الأسماء والصفات للبيهقي (ت458ه) بالإضافة إلى كتاب لمعة الاعتقاد لابن قدامة المقدسي الذي قم بشرحه ابن عثيمين .. وقد ألقينا الضوء على هذه النصوص وغيرها بالتفصيل في كتابنا:ثقافة الإرهاب في كتب الوهابية .. والمتأمل في عناوين هذه الكتب يتبين له مدى حديتها وتعصب أصحابها .. ومثل هذه النصوص هى التي صنعت الفرق السلفية الجهادية اليوم .. • ولكن لماذا يميل هؤلاء إلى هذا الفكر المتطرف ويتركون جانب الرحمة والعدل والتسامح والإحسان الذي يركز عليه القرآن ..؟ هذا يقودنا إلى إلقاء الضوء على قضية هامة في عالم الدعوات وهى أن الدعوات التي تتجنب العقل وتعلي النقل دائماً ما ينجذب نحوها ضعاف العقول والعوام .. وهو ما حدث عندما برز ابن حنبل بدعوته في بغداد التي قامت على النقل وتعظيم الأثر ورفض الاجتهاد والرأي .. فقد انجذب نحوه العوام والسوقة الذين يميلون للتعصب بطبعهم .. وكان منهم ما كان من الفتن التي أحدثوها في بغداد مع المخالفين من الفقهاء والشيعة والتي دونتها كتب التأريخ .. ومذهب ابن حنبل هو أقل المذاهب وزناً وشأناً كما هو معروف .. وكذلك انجذب هذا الصنف من الناس لابن تيمية في القرن الثامن أيام المماليك .. ومن الملاحظ أن ابن تيمية لم ينجح في تكوين مذهب أو مدرسة بل ترك بضعة من التلاميذ الذين يعدون على الأصابع .. وعندما برز ابن عبد الوهاب انحاز له العوام من البدو الذين بطشوا بالمخالفين بصفتهم مشركين ولم ينحاز له أحد من أهل العلم .. وكل من مال إلى السلفية اليوم هم من هؤلاء الذين لا يميلون للاجتهاد وإعمال العقل ويريدون الدين في قالب جاهز لا يحتاج إلى جهد للتناول منه . ومثل هؤلاء يميلون للتطرف والعدوان على الآخر ولا يميلون للتسامح والعدل والرحمة والإحسان لكون ذلك لا يتوافق مع طبائعهم .. وجميع الفرق السلفية على شاكلة واحدة وإن كان الأغلب منها يميل للعزلة والانكباب على العلم الشرعي كما يسمونه وهم الفرق التقليدية .. والإرهاب عمومًا هو عمل غير الأسوياء .. * إذن هناك سلفية معتدلة وسلفية متطرفة ..؟ ليس بهذه الصورة،التطرف هو السمة البارزة للسلفيين بمختلف فرقهم .. غير أن بعضهم أعلن الجهاد المسلح في مواجهة الواقع والحكام .. والبعض الآخر أعلن التكفير والتبديع مثل هؤلاء الذين يحاربون الشيعة .. • هذا يقودنا إلى السؤال : هل الحرب التي يشنها السلفيون على الشيعة اليوم هى حرب بريئة ..؟ الحرب على الشيعة لم تكن بريئة على مستوى الماضي أو على مستوى الحاضر .. كانت حرباً لصالح الحكام والمذاهب .. وهى اليوم تصب في صالح أعداء الإسلام سواء كانوا من الداخل أو من الخارج .. وكانت المخابرات السعودية والعراقية الصدامية هى التي تمول هذه الحرب أثناء الصراع العراقي الإيراني في فترة الثمانينيات.. ولا زالت هناك جهات تمول هذه الحرب .. وهى أيضاً حرب لحساب الوهابية وآل سعود .. آل سعود يخشون من النفوذ الإيراني .. وقد تم توجيه السلفيين ليقودوا الحرب ضد الشيعة بدافع الحفاظ على وجودهم ومستقبلهم الذي أصبح مهدداً من خصم ليس بالهين فهو يملك خبرات التأريخ،ويرفع شعار أهل البيت ذلك الشعار الجاذب لجميع المسلمين،ويتبنى أفكاراً مناقضة لأفكارهم خاصة فيما يتعلق بالتوسل والصفات وشد الرحال،تلك الأفكار التي تمكنت الوهابية من التعتيم عليها في محيط أهل السنة وتحييد المنادين بها .. من هنا اضطر السلفيون إلى استخدام الأكاذيب من أجل النيل من الشيعة .. • أذكر لنا نماذج من هذه الأكاذيب ..؟ على رأس هذه الأكاذيب ما يبثونه من خلال منشوراتهم حول يهودية التشيع ، أي محاولة إثبات أن اليهود هم الذين أسسوا التشيع.. وقد رأيت أحد هؤلاء في قناة فضائية يقسم بالله أن التشيع من صناعة اليهود .. ومنبع هذه الفكرة هو عبد الله ابن سبأ الذي يركزون عليه في منشوراتهم الموجهة للشيعة .. وقد نسبت المصادر لابن سبأ العديد من المقولات منها : القول بألوهية الإمام علي ، والقول بإمامته ، والقول بالغيبة والرجعة والبداء والوصية .. والشيعة يقولون بكل هذا عدا القول بألوهية علي .. إلا أن محاولة ربط هذا الكلام بابن سبأ واه ومغرض لوجوه : منها أن ابن سبأ أسلم ويعد من التابعين .. ومنها أن فكرة السبأية تقوم على روايات تأريخية ولا تقوم على روايات نبوية .. وهذا يضعف الفكرة من أساسها .. ومنها أن الشيعة يبرهنون على صحة عقائدهم بالكتاب والسنة لا بنصوص التوراة .. ومنها أن فكرة الإمامة والغيبة والرجعة والبداء والوصية لا تصطدم بثوابت الدين ولا بأصوله بل هى تصطدم بعقائد وأفكار أهل السنة .. والفرق كبير بين ثوابت الدين وثوابت المذهب .. وليس هنا مجال استعراض وجهة نظر الشيعة وأدلتهم حول هذه الأمور فهناك العديد من المصادر الشيعية العقدية المنتشرة في الأسواق وعلى الملأ التي تتحدث عن هذه العقائد وتبرهن على صحتها ، فهى ليست خافية على أحد أو أن الشيعة يبطنونها كما يشاع.. والأهم من ذلك كله في نظري أن مجرد العلاقة أو التوافق الفكري بين آراء وأفكار بعض المذاهب واليهود ليس دليلاً على انتماء هذا المذهب أو ذاك لليهود .. أصحاب هذه الدعوى غفلوا عن أن الأديان لها مشتركات عقدية وفقهية .. الأديان جاءت لتدعوا إلى الوحدانية لله تعالى والإيمان باليوم الآخر والحساب والعقاب .. وجاءت لتحريم القتل والزنى والسرقة والربا والخمر .. الخ والقرآن جاء بهذا كله بل إن الكثير من الأحكام الشرعية التي جاءت بها التوراة هى موجودة في القرآن .. وأنا هنا سوف أحاسب السلفيين بمنطقهم منطق النقل وإلغاء العقل .. أقول لهم ذكرت مصادركم الصحيحة أن هناك علاقة وثيقة كانت بين عمر بن الخطاب وكعب الأحبار اليهودي .. وبين أبي هريرة وكعب .. وبين عثمان وحمران اليهودي حاجبه الذي روى حديث الوضوء .. وهناك العديد من الصحابة الذين رووا عن كعب مثل عبد الله بن عمر وابن الزبير وعبد بن عمرو بن العاص وغيرهم .. ألا يشير هذا إلى وجود أصابع يهودية وراء مذهب هؤلاء ..؟ ومن أراد التوثق من هذا فليراجع ترجمة عمر وأبي هريرة وكعب الأحبار وحمران وعبد الله بن سلام وغيرهم في كتب التراجم المعتمدة .. ولينظر في كتاب موطأ مالك كتاب النداء للصلاة، وسنن النسائي كتاب الجمعة ،وسنن الدارمي كتاب الصلاة ومسند أحمد مسند الأنصار، وغيرها من المصادر .. وقد أكد هذا كله ابن كثير في مقدمة تفسيره .. تأمل قوله : ولقد نزل القرآن بموضوعات وردت في التوراة والإنجيل كقصة آدم ونزوله وكقصة موسى مع قومه اليهود وقصة عيسى وأمه مريم، كل ذلك ورد في القرآن موجزاً يقتصر على ذكر العظة والعبرة من قصصهم دون التعرض لتفاصيل قصصهم ، وقد وجد المسلمون تفصيل هذا الإيجاز عند أهل الديانات السابقة بما لا يتعارض مع شريعتهم 0فلجأؤا إليهم واقتبسوا منهم دون تحر منهم لصحة هذه الأخبار00 وحدد ابن كثير أن مصدر هذه الإسرائيليات تدور حول أربعة أشخاص هم : عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريح00 وقال : كان عبد الله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب،فكان يحدث منهما .. وفوق هذا كله هناك العديد من الروايات التي حوتها كتب الصحاح هى نسخة طبق الأصل من نصوص التوراة .. ومن ذلك حديث خلق آدم يوم الجمعة .. وحديث خلق الله آدم على صورته .. وحديث خلقت المرأة من ضلع أعوج .. وحديث اختتان إبراهيم .. وأنه كذب ثلاث كذبات .. وحديث دخول سليمان على نسائه التسع والتسعين .. وحديث رجم الزاني المحصن .. وهذه الأحاديث وغيرها كثير رواها البخاري ومسلم وغيرهما وهى موجودة بالتوراة في سفر التكوين والتثنية والملوك .. بل إن أحد السلفيين المعاصرين وهو التويجري كتب كتاباً تحت عنوان : عقيدة أهل الإيمان في خلق آم على صورة الرحمن قدم له ابن باز .. قال فيه مؤكداً أن حديث خلق آدم له نظيره في التوراة .. وأكد أيضاً أن ما في نسخ التوراة الموجودة بين أيدينا اليوم مما يتعلق بالصفات هو صحيح،وقد كانت هذه النسخ موجودة على عهد النبي (ص) ، ولو كان ما فيها من الصفات كذباً وافتراء لأنكر عليهم النبي (ص) أو الصحابة أو التابعين كما أنكر عليهم ما دون ذلك .. وهذا الكلام هو تكرار لكلام ابن تيمية حول التوراة .. والقوم هنا يقلدون بلا عقل ويعرون أنفسهم بل يعرون أهل السنة معهم .. وهم في الحقيقة يقلدون الخلف لا السلف.. وهل يعد ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب من السلف..؟ * وماذا عن تهمة تحريف القرآن أو القرآن السري ..؟ هذه مثل سابقتها أكذوبة من أكاذيبهم .. وهم ولا غيرهم من السابقين استطاع التدليل على صحة هذا الادعاء، أو إثبات وجود هذا القرآن المزعوم .. غير أن المسألة تحتاج إلى قدر من البيان من أجل إزالة الشبهة .. الذين يثيرون هذه الشبهة يعتمدون على ما يلي : أولاً : كتب الفرق مثل الملل والنحل للشهرستاني وما شابهه .. ثانياً : الاعتماد على كتاب صدر من جهة الشيعة وهو كتاب : فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب للنوري .. ثالثاً : ما يسمى بمصحف فاطمة .. رابعاً : الروايات الشيعية .. خامساً : الزعم بوجود سورتين زائدتين على القرآن في مصحف الشيعة .. وفيما يتعلق بكتب الفرق فلا يصح اتخاذها كمصدر في مثل هذا الأمر الحساس .. وذلك لكونها ليست مصادر تشريعية أو عقدية .. ولكونها كتبت بأقلام خصوم الشيعة من أهل السنة وهى في الوقت نفسه لم تنصف أحداً من الشيعة أو غيرهم من التيارات الأخرى .. أما كتاب النوري فالظاهر أن السلفيين لم يقرؤه وإنما نقلوا عنه وعن طريق ناقل آخر،وهذا هو شأن من لا يملك أدوات البحث والأمانة في النقل .. كتاب النوري حوى العديد من الروايات التي تقول بزيادة القرآن ونقصانه عند الشيعة،وحوى أيضاً العديد من الروايات التي تقول بالزيادة والنقصان عند أهل السنة .. ومن هنا هو يحمل وجهة نظر نقدية للطرفين فيما يتعلق بالقرآن .. وما نسبه للقرآن مثل سورة الولاية والنورين لا وجود له في مصادر الشيعة وإنما نقلهما من كتاب صدر بالهند أيام الانجليز باسم (دبستان مذاهب) ودعوى وجود مصحف خاص بفاطمة دعوى تم تضخيمها من قبل خصوم الشيعة.. كلمة مصحف لم تطلق على القرآن من الأصل وليست من أسمائه .. وهى كلمة تشمل كل ما صحف أي كل ما جمع من ورق بين دفتين .. ولا ينكر الشيعة وجود مصحف خاص بفاطمة .. لكنهم لا يقولون أن هذا المصحف هو القرآن ، بل كان مجموعة من النصوص والوصايا التي نقلتها عن الرسول (ص) .. وهو عبارة عن نصوص متناثرة في مصادر الشيعة ولا وجود له .. ولماذا يستكثر هؤلاء على ابنة النبي أن تكون قد ورثت عن أبيها (ص) شيئاً من العلم دونته في مصحف خاص بها،والروايات عندهم تقول بوجود مصحف لعائشة ..؟ وكانت هناك العديد من المصاحف الخاصة بالصحابة وكتبة الوحى .. ويمكن مراجعة كتاب المصاحف للسجستاني الذي عرض للعديد من صور المصاحف التي كانت متداولة بين الصحابة والتابعين ومختلفة عن بعضها في جمل وكلمات .. ومسألة الروايات التي تقول بزيادة القرآن ونقصانه يعترف بها الشيعة غير أنهم لا يقرون بصحتها وإن كان الاتجاه الإخباري عندهم وهو يمثل الأقلية يقول بصحتها .. لكن ما يجب الإشارة إليه هنا هو أن مصادر أهل السنة تكتظ بعشرات الروايات الصحيحة المماثلة .. وعلى رأس هذه الروايات قصة جمع القرآن بعد وفاة الرسول (ص) من قبل أبي بكر وعمر .. هذه القصة مرفوضة من قبل الشيعة الذين لا يقبلون هذه الفكرة من الأساس ، ويعتقدون أن الرسول ترك القرآن مجموعاً ومبيناً قبل وفاته ولا يعقل أو يقبل أن يهمله وهو النبي الخاتم .. وهذا التصور هو مايستقيم مع قوله تعالى في سورة القيامة : ( إنا علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه ) والغريب عند من يعتقدون في صحة هذه القصة أنهم يتداولون العديد من الروايات التي تتناقض معها وتثبت وجود القرآن مجموعاً بين أيدي الصحابة بعد رحيل النبي (ص) .. من هذه الرويات : خيركم من تعلم القرآن وعلمه .. تعاهدوا القرآن .. إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين .. من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال ( وهذه إشارة إلى أن أسماء السور كانت معروفة لدى الصحابة ) .. وما أجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم .. كذلك الحديث المشهور الذي ينص على وصية الرسول بكتاب الله في حجة الوداع .. والأغرب من ذلك هو وجود كم من الروايات التي تناقض الروايات السابقة وتثبت تحريف القرآن .. منها رواية عمر عن آية الرجم ( والشيخ والشيخة .. ) التي لا وجود لها في القرآن . وروايته أيضاً: إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن لا ترغبوا آبائكم فأنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم .. ورواية ولده عبد الله : لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله, وما يدريه ما كله ؟ قد ذهب منه قرآن كثير, ولكن ليقل: قد أخذت ما ظهر .. وروي أبو يونس مولى عائشة: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفين, وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني (وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطي) فلما بلغتها آذنتها فأملت علي(حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) قالت: سمعتها عن رسول الله .. وروي عنها أيضاً: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات, فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن .. وروي عروة بن الزبير عنها: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي مئتي آية , فلما كتب عثمان المصحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن .. وروي أن عمر قال لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا,أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة,فأنا لا أجدها ..؟ قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن ..؟ وروى أبو الأسود قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن,فقال أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم ؟ فأتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم,و إنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها,غير أني حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي وادياً ثالثاً,ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب,وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بالمسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون, فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة .. وغير هذه الروايات كثير مما تكتظ به كتب أهل السنة وقد جمع السيوطي كل هذه الروايات وغيرها في كتابه : الإتقان في علوم القرآن وهو كتاب يشابه كتاب النوري .. والطريف أن رواة أهل السنة نقلوا العديد من الروايات التي تثبت وجود سور لم ينص عليها القرآن مثل السورة السابقة التي ذكرها الأشعري .. ومثل سورتي :الخلع والحفد .. وقد نقلهما الطبراني صاحب السنن في الدعاء .. و للسيوطي مخطوط تحت عنوان : إتحاف الوفد بنبأ سورتي الخلع والحفد .. وفوق ذلك هناك الاعتقاد السائد عند أهل السنة والذي يتفاخرون به وهو ما يسمونه بموافقات عمر للسماء .. أي أن القرآن كان يتنزل على رأي عمر في حضرة رسول الله (ص) .. قال ابن عمر: و ما نزل بالناس أمر قط فقالوا وقال ، إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر .. و أخرج ابن مردويه ، عن مجاهد، قال: كان عمر يرى الرأي، فينزل به القرآن. وألف السيوطي منظومة في موافقات عمر .. وهذا الأمر في الحقيقة يؤدي إلى الطعن في شخص النبي (ص) ويشكك في قدراته واختياره بل يشكك في القران أيضاً وقد ناقشنا هذه المسألة بالتفصيل في كتابنا: دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين .. والقرآن هو المصدر الوحيد المعصوم لهذا الدين وسواء جاءت الروايات التي تشكك فيه من جهة الشيعة أو من جهة السنة فهى مرفوضة .. * وما هى حقيقة موقف الشيعة من الصحابة ..؟ يعتقد الشيعة أن أهل البيت هم الامتداد للرسول (ص) .. وهم المصدر الشرعي الوحيد الذي حدده لتلقي الدين من بعده .. أما أهل السنة فيعتقدون أن الصحابة هم أصحاب هذا الدور باعتبار أنهم نقلة القرآن والسنة .. والصحابة عند أهل السنة يشملون أهل البيت فهم جزء منهم .. وأهل البيت عند الشيعة هم فوق الصحابة .. وهم مقياس الحق والباطل .. فمن والاهم كان على حق .. ومن خالفهم كان على باطل .. ومن هنا نشأ الخلاف وبرز أكثر بعد رحيل الرسول (ص) .. الصحابة الذين والوا علياً وناصروه اعترف بهم الشيعة وقدروهم .. والصحابة الذين خالفوه وحاربوه رفضوهم .. والاتجاه الذي ساد واقع المسلمين بعد الرسول (ص) ارتكز على الصحابة .. ولم يتسامح مع الشيعة بل أعلن الحرب عليهم وبطش بهم .. وأصبح الأمر بلغة العصر أشبه بالصدام بين الحكومة والمعارضة .. غير أن الحكومة هنا ترتدي ثوب الدين .. والمعارض لها اعتبر معارض للدين .. وعلى هذا الأساس أخذت فكرة الصدام بين الشيعة والصحابة الطابع الشرعي .. وهو في الحقيقة ليس صداماً بين الشيعة والصحابة بمجملهم،إنما هو صدام مع قطاع منهم وهو الذي خالف نهج أهل البيت .. وليس في هذا الموقف تناقض مع الدين فلم يكن الصحابة يوماً ركناً من أركانه .. والمشكلة عندي تكمن في الطرف الحكومي صاحب السلطة والنفوذ .. هو الذي لم يتقبل الآخر ورفض التعايش معه بل بطش به .. وهو بهذا الموقف دفعه دفعاً نحو التطرف .. وهو ما أدى إلى بروز مواقف متطرفة من قبل بعض الشيعة تجاه بعض الصحابة خاصة الشيخين أو الخليفة الأول والثاني .. وأرى ونحن في هذا العصر أن ننظر لهذه المسألة باعتبارها حالة سياسية اتسعت فيها الحرية لكل طرف لكي يبرز موقفه من الآخر بوضوح وشفافيه .. على أهل السنة والسلفيين خاصة أن يتقبلوا الشيعة الذين انتخبوا علياً وفضلوه على أبي بكر .. وعلى الشيعة أن يتقبلوا الذين انتخبوا أبو بكر وفضلوه على علي .. وليتعايش الجميع في سلام .. * لكن السلفيين اعتبروا المسألة شرعية وتمس جوهر الدين ..؟ ذلك تصورهم الذي ورثوه عن الحنابلة وهو نابع من حالة التضخيم للصحابة التي نتجت من الروايات والتي نتج عنها القول بعدالة جميع الصحابة .. أبرز الحنابلة الرؤية المغالية فيهم والتي اعتبرت المساس بهم هو مساس بالدين .. وان ساب الصحابي هو كافر حلال الدم .. وقد تم قتل العديد من الشيعة بسبب هذه التهمة على مر التاريخ .. ورؤية الحنابلة هى التي ورثها فقهاء المذاهب عنهم تحت تأثير الروايات التي تتحدث عن مناقبهم .. وورثها الحكام أيضاً بدافع الحفاظ على مصالحهم وصد الشيعة والمعارضين المتربصين بهم .. ثم ورثها السلفيون عنهم .. والأديان لا تقوم على الرجال بل تقوم على النصوص .. والرجال يعرفون بالحق لا يعرف الحق بالرجال .. والتعصب للصحابة ليس محبة فيهم بل لكونهم المصدر والعماد الذي يقوم عليه مذهبهم .. وإذا سقط هذا العماد سقط المذهب شأن أي معتقد يقوم على الرجال ولا يقوم على النصوص .. وهذا هو مبرر إضفاء القداسة على الصحابة وتحريم المساس بهم .. والفيصل في هذه المسألة هو التأريخ تأريخ هؤلاء الصحابة والحكام .. عن طريق التأريخ سوف نعرف من هو الصحابي الحقيقي من الزائف .. • بمناسبة ذكر التأريخ هناك بعض الشبهات التي يثيرها السلفيون حول علاقة الشيعة بالتتار والصليبيين في الماضي ، أين الحقيقة في هذا الأمر ..؟ مثل هذه الشبهات تكشف لنا مدى غفلة هؤلاء وعدم فهمهم لحركة التاريخ .. هؤلاء لا يقرأون التاريخ بل ينقلونه .. والفرق كبير بين القراءة والنقل .. القراءة تحتاج إلى أدوات لا يملكها هؤلاء .. أما النقل فهو ما يتلائم مع قدراتهم .. وقد سقط في يدي واحد من منشوراتهم التي تتعرض لهذه المسألة وهو بعنوان : خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية .. و هذا المنشور النقلي هو من تقديم واحد من رجال الأزهر المتطرفين الذي عده إضافة للمكتبة الإسلامية مع الأسف .. ويتحدث فيه صاحبه عن خيانة الوزير ابن يقطين الشيعي وزير هارون الرشيد . وخيانة الخليفة الناصر العباسي باعتباره شيعي .. وخيانات الفاطميين في مصر .. وخيانات القرامطة .. وخيانة البويهيين في بغداد .. وخيانة ابن العلقمي وزير المستعصم آخر خلفاء العباسيين .. ثم تحدث بعد ذلك عن خيانات الدروز والنصيرية والشيعة في لبنان والعراق والهند وغيرها من البلدان .. وهكذا تحول الشيعة على مستوى الماضي والحاضر إلى خونة للإسلام والمسلمين .. ومثل هذه اللغة تحمل الكثير من صور الغلو والحقد غير المبرر .. وهى لغة تخلط الحابل بالنابل ولا تستقيم مع خلق القرآن .. والأهم أنها لغة انتقائية تنتقي من حوادث التاريخ ما يخدم مذهبها دون تبين ودون قراءة واعية لهذا الحدث .. وهو ما أطلق عليه دائماً منهج التصيد وهو المنهج الذي يتبناه السلفيون في مواجهة خصومهم عموماً والشيعة خاصة .. وعلى فرض التسليم بصحة هذه الادعاءات فإن ابن يقطين وابن العلقمي مجرد مسئولين حكوميين لا يجوز أن يبنى على مواقفهم أو سلوكياتهم أي حكم يتعلق بالدين لأنهم ببساطة لا يمثلونه وهم ليسوا فقهاء حتى نحاكمهم باسم الدين .. هذا مع الإشارة إلى أن هذين الوزيرين قد تم تعيينهما من قبل خليفتين سنيين هما هارون والمستعصم .. أما الخليفة الناصر فلا يصح نسبته للشيعة بل هو خليفة سني ومتعصب كما ذكر ابن كثير في تاريخه .. والخليفة الناصر هو الذي أطمع التتر في البلاد وراسلهم في ذلك فهى الطامة الكبرى التي يصغر عندها كل ذنب حسب تعبير ابن الأثير صاحب التاريخ .. وأما الفاطميين فهم حكام وليسوا فقهاء وهم على المذهب الإسماعيلي المخالف للشيعة الإمامية .. والقرامطة فرقة من الزنادقة لا صلة لهم بالشيعة .. والبويهيون مجرد ساسة من الشيعة الفرس قفزوا إلى الحكم في فترة ضعف الخلافة وأعلنوا التشيع في بغداد لفترة من الزمن وهذه هى خيانتهم في منظور السلفيين .. والسؤال هنا ما صلة الشيعة بالدروز والنصيريين والقرامطة والإسماعيليين ..؟ هؤلاء السلفيون يريدون تحميل الشيعة كل المصائب التي تجري في واقع المسلمين وكلما وقعت حادثة في مكان به شيعة ألصقوها بهم .. وهم يهاجمون حزب الله في لبنان ليس لشئ سوى أنه شيعي .. وجهاده باطل في منظورهم لكونه لا يعتقد عقائدهم .. وأي حزب أو تيار لا يعتقد عقائدهم هو باطل وعمله فاسد حتى ولو كان من أهل السنة .. • ولكن يبدو أن هناك سر وراء هذه الحرب التي يشنها السلفيون على خصومهم من الشيعة وغيرهم ، وليست المسألة كما تبدو من الظاهر، أو كما يحولون تصويرها أنها حرب مقدسة ..؟ هذا صحيح هم يحاولون أن يضفوا القداسة على حروبهم .. والحقيقة أن حرب السلفيين على خصومهم هدفها في المقام الأول الحفاظ على أنفسهم .. هم يشعرون أنهم ضعفاء،وأن الزمان ليس زمانهم .. من هنا فهم يحاولون شغل المسلمين قدر الإمكان ببعضهم وتوجيه أبصارهم نحو الآخر لا إليهم .. أبصار المسلمين لو اتجهت نحوهم وتركزت عليهم لتكشفت عوراتهم وتعرى مذهبهم وبانت أكاذيبهم .. ولا ننس الإشارة هنا إلى أن هؤلاء هم ساتر للحكومات وآل سعود خاصة .. وهم الورقة الدائمة التي يستخدمونها ضد خصومهم ومعارضيهم .. وتعرية السلفيين يعني تعرية الحكومات والعكس صحيح .. هل حدث يوماً أن هاجم هؤلاء آل سعود أو حكومات الخليج .. مع أن آل سعود وحكومات الخليج من صناعة المشركين البريطان والأمريكان وهم لازالوا على أراضيهم يحمونهم ويستنزفونهم أيضاً .. فقط هؤلاء يحاربون إيران وحزب الله والعراق لكونهم شيعة .. وأئمتهم هم الذين أفتوا بعدم جواز الاستعانة بالمشركين ثم عادوا وأفتوا بجواز الاستعانة بهم لما شعر آل سعود وحكام الخليج بالخطر .. والقوات التي غزت العراق وقضت على صدام انطلقت من أراضيهم .. ومع ذلك هم يبكون على بغداد اليوم وعلى صدام وينزلون لعناتهم على الشيعة الخونة.. وصدام البعثي هو المكفر من قبلهم .. هل كان صدام خليفة وبغداد في ظله كانت عاصمة الخلافة الإسلامية..؟ والأمر الذي غفل عنه هؤلاء أو تغافلوا عنه هو أن التشيع متداخل في التسنن والمتعمق في الطرح السني يجد فيه كل مبررات التشيع لأهل البيت لا لغيرهم من الصحابة أو السلف .. • هل يمكن أن تشرح لنا ذلك ..؟ يبدو ذلك بوضوح من خلال ذلك الكم الكبير والملفت من الروايات التي تزدحم بها كتب السنن والمتعلقة بأهل البيت .. والكثير من مصادر أهل السنة عندما يذكر الإمام علي أو الحسن أو الحسين تذكر كلمة عليه السلام .. وعندما تذكر السيدة فاطمة تذكر كلمة عليها السلام .. بينما تذكر كلمة رضى الله عنه عندما يأتي ذكر أبو بكر أو عمر أو عثمان أو عائشة أو غيرهم من الصحابة .. إلى أي شئ يشير هذا ..؟ إنه يشير إلى قيمة أهل البيت ومكانتهم العالية في نفوس السلف .. أهل البيت كانوا محل تركيز الرسول (ص) وليس السلف .. وهؤلاء يريدون ضرب أهل البيت بالسلف .. أنظر مثلاً إلى الرواية الشهيرة في شأن علي : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق .. وروايات الصحابة فيه : كنا نعرف المنافقين على عهد رسول ببغض علياً .. والأغرب من ذلك أن فقهاء السنة يلصقون صفة الإمامة بعلي وحده من دون الصحابة .. وحتى خطباء المنابر لا زالوا يرددون حتى اليوم كلمة الإمام علي .. ولم نسمع منهم من يقول:الإمام أبو بكر أو الإمام عمر أو الإمام عثمان .. بل إن السلف يجيزون الصلاة على الإمام علي وهذا ما نقله ابن تيمية في الفتاوى الكبرى الجزء الأول فتوى رقم خمسه ونقل هذا عن مالك والشافعي وأحمد .. * نعود إلى التتار والصليبيين .؟ فيما يتعلق بالتتار وسقوط بغداد فإن ما يجب الإشارة إليه أن الدولة العباسية كانت مرشحة للسقوط بطبيعة الحال سواء على يد التتار أو غيرهم .. بل الحقيقة أنه لم تكن هناك دولة خلافة من الأصل .. ولم تكن للخليفة سلطة على المسلمين .. وأن الخليفة الأخير المستعصم كان غارقاً في اللهو واللعب مع الجواري غير مبال بالخطر القادم .. وما هو أدهى من ذلك أنه قطع أرزاق الجند حماة دولته مما أدى إلى فرارهم في الأمصار بحثاً عن عمل .. وحتى تتضح لنا الصورة لابد من استعراض واقع المسلمين قبل دخول التتار: في عام 651 ه نزح الكثير من الجند من بغداد إلى الشام بسبب قطع أرزاقهم .. وفي عام 654 ه أي قبل دخول التتار بعامين كان حال المسلمين كما يلي : كان التتار في خراسان وبلاد ما وراء النهر .. وكان الخوارزم في بلاد المشرق بالقرب من العراق .. والشام مقسمة بين أبناء صلاح الدين .. ودولة المماليك قد بدأت في الظهور بمصر .. وبغداد وبعض مناطق العراق للمستعصم .. وكانت هناك صدامات بين الخوارزم والأيوبيين .. وبين المماليك في مصر والأيوبيين في الشام .. والتتار كانوا يراقبون كل ما يجري .. والخليفة في بغداد لا حول له ولا قوة .. وكان التتار يرسلون رسلهم وجواسيسهم إلى بغداد من غير تحاشي ولا خيفة والخليفة والناس في غفلة عما يراد بهم وذلك قبل دخولهم بغداد بعام كما ذكر الذهبي .. ووصف الذهبي حال الشام في ذلك العام بقوله:ارتفعت منها البركات وأحيط بها الظلم والظلمات،والأسواق كاسدة والرعايا فاسدة،وظهرت الخيانات،وعلت المنكرات .. وفي العام السابق لغزو التتار بغداد غزو بلاد خوارزم واستولوا عليها وهرب من أمامهم شاه خوارزم (السني) ثم أغاروا بعد ذلك على الموصل .. وقال ابن كثير عن المستعصم : كان رحمه الله سنياً على طريقة السلف واعتقاد الجماعة كما كان جده وأبوه ، ولكن كان فيه لين وعدم تيقظ ومحبة للمال وجمعه ومن جملة ذلك أنه استحل الوديعة التي استودعها إياه الناصر داود وكانت قيمتها نحو مائة ألف دينار،فاستقبح هذا من مثل الخليفة وهو مستقبح ممن هو دونه بكثير،بل من أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك .. ثم قال : ولم تكن أيدي بني العباس حاكمة على جميع البلاد كما كانت بنو أمية قاهرة لجميع البلاد والأقطار والأمصار،حتى لم يبق للخليفة منهم إلا بغداد وبعض بلاد العراق،وذلك لضعف خلافتهم واشتغالهم بالشهوات وجمع المال في أكثر الأوقات .. ويروي في حوادث عام 656 ه:استهلت هذه السنة وجنود التتار قد نزلت بغداد وجاءت إليهم إمدادات صاحب الموصل يساعدونهم على البغاددة خوفاً من التتار ومصانعة لهم قبحهم الله،وأحاطت التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب حتى أصيبت جارية كانت تلعب بين يدي الخليفة وتضحكه،وكانت من جملة حظاياه،وكانت مولدة تسمى عرفة جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهى ترقص بين يدي الخليفة قال ابن تيمية : وكان من أسباب دخول هؤلاء – التتار – ديار المسلمين ظهور الإلحاد والنفاق والبدع .. فهل المسئول عن هذه الحالة الشيعة ..؟ وما هو ميزانهم وحجمهم في تلك الفترة ..؟ وهل يعقل أن نتغاضى عن كل هذا ونلقي يالمسئولية على ابن العلقمي ..؟ لقد كان من الطبيعي لدولة هذا حالها أن تسقط .. وخليفة هذا حاله لا يجوز البكاء عليه أو على دولته .. أما الطوسي فقد أثني عليه المؤرخون عدا ابن تيمية الذي يعادي الفلاسفة والمناطقة ولم يشيروا إلى شئ يتعلق بخيانته فكل تركيز المؤرخين كان على ابن العلقمي .. إذن المسألة هنا مسألة صراع ونفوذ ومذاهب .. ولا صلة لها بالسنة أو الشيعة ولا يالإسلام جملة .. وبنفس هذه الرؤية يمكن أن نقرأ ما جرى في أيام الصليبيين .. أن ما حدث من خيانات إن سلمنا بحدوثه،لا صلة له بالدين أو السنة أو الشيعة .. بل إن المصادر التاريخية تؤكد لنا وجود العديد من الخيانات في محيط ساسة السنة .. هذا إذا أردنا أن ننتقي ونتصيد ونخضع حوادث التاريخ للعقل المذهبي كما يفعل السلفيون .. قال الذهبي عن الصالح إسماعيل أحد أبناء صلاح الدين الذي كان في صراع مع إخوته من أجل السيطرة على الشام:واعتضد الصالح إسماعيل بالفرنج وسلم إليهم القدس وطبرية وعسقلان وجناياته على المسلمين ضخمة .. وكان وزيره أبو الحسن السامري ما كان مسلماً ولا سامرياً ، حسب تعبير الذهبي في تاريخه ، بل كان يستتر بالإسلام ويبالغ في هدمه .. وقد نال منه- أي من الصالح - سلطان العلماء العز بن عبد السلام على المنبر فعزله وحبسه .. وذكر ابن الأثير : أن مستحفظ أبراج مدينة أنطاكيه السلجوقي ( السني) بذل له الصليبيون المال ففتح لهم البرج فدخلوها واستولوا عليها .. وذكر أيضاً : واختلف السلاطين - يقصد أمراء الشام من أبناء صلاح الدين وغيرهم - فتمكن الفرنج من البلاد .. ومن هذا كثير .. وما يمكن قوله في هذا المجال أن معتمد السلفيين في مثل هذه الاتهامات هو كلام ابن تيمية الذي أنزلوه منزلة النصوص القطعية وألبسوه ثوب شيخ الإسلام وهذه من أكاذيبهم الفاضحة .. ابن تيمية حورب من فقهاء عصره ونبذ فكيف يكون شيخ الإسلام ..؟ ومن الطريف أن السلفيين ألبثوا ثوب شيخ الإسلام لابن القيم وابن كثير وابن عبد الوهاب أيضاً،ويبدو أنهم نسوا أو أصابتهم غفلة .. وقد ناقشنا مثل هذه الشبهات بالتفصيل في كتابنا : العقل والنقل .. هل هذا يشير إلى تناقض السلفيين في معتقداتهم * ومواقفهم ..؟ ليس تناقضهم فقط بل تخبطهم أيضاً .. وهذا له العديد من الشواهد .. مثلا ًمن الروايات المشهورة في كتب السنن وهى قول الرسول (ص) : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .. والرواية الأخرى التي تقول : من استقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم .. ورغم ذلك ترى مواقفهم وممارساتهم تتناقض مع هذه الروايات .. وعلى الرغم من موقفهم المعادي للخلف هم يضطرون للاستشهاد بآرائهم في مواجهة خصومهم .. وهم يعلنون نبذهم لفكرة التكفير والمكفرين،وفي الوقت نفسه يعتبرون جميع المسلمين المخالفين لهم من المشركين وهم يحاربون من الخلف الأشاعرة التزاماً بموقف ابن تيمية المخاصم لهم ويحاربون المذاهب،وفي الوقت نفسه يباركون صلاح الدين ويدافعون عنه مع كونه أشعرياً شافعياً متعصباً،وهو الذي فرض الأشعرية كمعتقد والشافعية كمذهب على الشام ومصر بالقوة بعد القضاء على الفاطميين .. وهم كانوا يدعمون صدام حسين في حربه ضد إيران ويعتبرونه فارس العرب وعندما قام بغزو الكويت أنزلوا عليه لعناتهم واعتبروا قتاله جهاد في سبيل الله .. وهم يرفضون العمل السياسي ويحرمون المظاهرات وهى من البدع عندهم،وأعلن أئمتهم الحرب على الثائرين والمنتفضين على الحكومات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين .. ثم يباركون ما جرى في مصر ويحاولون استثماره لصالحهم،وهم قد قاموا بمظاهرة مؤخراً ضد الكنيسة المصرية.. ومظاهرة ضد السفارة الأمريكية للمطالبة بالإفراج عن عمر عبد الرحمن.. ومظاهرة أخرى للإحتجاج على مقتل ابن لادن.. وقامت مجموعة من نسائهم المنتقبات بمظاهرة ضد الأزهر والمفتي بسبب النقاب وهذا كله يؤكد لنا تبنيهم للإرهاب وعدم تنازلهم عنه.. هذا في الوقت الذي يباركون فيه الانتفاضة السورية ويدعمونها لكون النظام السوري ينتمي للعلويين.. انظر إلى الفتوى أو النداء الذي وجهه مؤخراً واحد من كبار رموز الوهابية في دولة آل سعود وهو عضو فيما يسمونها بهيئة كبار العلماء حين دعا إلى الجهاد من أجل إسقاط النظام السوري .. والسؤل الذي يفرض نفسه هنا هو : لماذا لم يعلن هذا وأمثاله الجهاد ضد النظام التونسي والمصري واليمني والليبي والبحريني ..؟ والجواب هو أن هذا وأمثاله لا ينطقون باسم الإسلام،وإنما ينطقون باسم الحكام وعلى رأسهم آل سعود .. لا النظام التونسي أو المصري أو اليمني أو الليبي أو البحريني كان سنياً أو له صلة بالدين من الأصل .. عندما يكون الحاكم في خدمة مصالحهم ومذهبهم يكون باراً وتقياً .. وعندما يصطدم بمذهبهم يكون شيطاناً رجيماً .. ومن هنا تتكشف لنا حقيقة هؤلاء .. ومن تناقضاتهم أيضاً أنهم يقلدون فقهاء آل سعود الوهابيين مع ادعائهم عدم جواز التقليد .. وفي الوقت الذي يحرم فيه هؤلاء الصور والتصوير ويتمسكون بالحديث الذي يقول : أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون .. نرى صورهم على صفحات الصحف وشاشات (الأنترنت) والقنوات الفضائية .. * بمناسبة ذكر مصر صرح أحد دعاة السلفية فيها مؤخراً بعد حادثة إحراق بعض الأضرحة : أن السلفيين والصوفية معاً منذ قرون ، ما مدى صحة هذا الكلام ..؟ هذا الكلام لا أساس له من الصحة .. السلفية دخيلة على مصر والمصريين .. ولا يوجد للسلفيين أي عمق تاريخي في مصر أو حتى في البقاع الأخرى .. والصوفية هى صاحبة العمق التاريخي في مصر وغيرها لا السلفية .. السلفية فكرة حادثة برزت في واقع المسلمين مع الحركة الوهابية .. ومنذ بروزها وهى في صدام دائم مع الصوفية والشيعة .. والسلفيون يريدون أن يعطوا لأنفسهم العمق التاريخي عن طريق ربط أنفسهم بالسلف،وهذا من أوهامهم .. ولا يصح مثل هذا التصور إلا إذا احتكروا السلف .. جميع المسلمين يقتدون بالسلف وعلى رأسهم الشيعة والمتصوفة .. * هذا يدعونا للسؤال عن تاريخ السلفية في مصر ، ومتى وجدت فيها ..؟ منذ أن دخلت مصر في الإسلام وهى تقدس أهل البيت .. وأبناء أهل البيت .. وأنصار أهل البيت .. كانت مصر مع الإسلام علوية رغم الحكومات الأموية والعباسية .. لم تستطع هذه الحكومات أن تقضي على محبة أهل البيت وولايتهم في نفوس المصريين .. وعندما جاء الفاطميون إلى مصر استثمروا هذه الحالة ودعموها وهو ما أبقاهم على حكم مصر أكثر من مائتي عام .. من هنا كثرت المراقد التي تضم أبناء أهل البيت وأنصارهم ومحبيهم بها حتى أصبحت من العلامات البارزة فيها .. ولم يستطع الحكم الأيوبي المخاصم لأهل البيت أن يقضي على هذه الظاهرة .. وعلى الرغم من أن الأيوبيين هدموا قصور الفاطميين بالقاهرة إلا أنهم أبقوا على مرقد رأس الحسين الذي كان داخل قصر الخليفة، وكذلك مرقد السيدة زينب والسيدة نفيسة وغيرها من المراقد.. بل إنهم لم يمسوا قبور الفاطميين التي كان موقعها في سوق خان الخليلي .. واستمر المصريون يحتفون بهذه المراقد وبأصحابها على مر التاريخ حتى أنك لا تجد يوماً من أيام السنة إلا وبه مناسبة واحتفال .. ومع الأيوبيين والمماليك والعثمانيين توافدت الصوفية إلى مصر وشكلت دعماً لهذه الحالة .. ولم تبرز على ساحة الواقع المصري طوال هذه القرون أي نبرة معادية لأهل البيت والمراقد .. حتى وقعت الحرب العالمية الأولى وفر الكثير من الشوام نحو مصر هرباً من الأتراك الذين كانوا يجبرونهم على المشاركة معهم في الحرب ضد الانجليز والفرنسيين .. ومن بين هؤلاء الشوام كان رشيد رضا ومحب الدين الخطيب الذي كان على صلة بابن باز .. إلا أن رشيد رضا لم يستمر معهم طويلاً لكونه من تلاميذ محمد عبده وكان يميل إلى العقل،وبدأ يوجه النقد للوهابية والروايات وعلى رأسها الرواية التي تقول : سحر رسول الله حتى إنه ليخيل إليه أن يفعل الشئ وما فعله.. وكان أن ركز الوهابيون جهودهم على الخطيب والذي قام بتأسيس المطبعة السلفية ومكتبتها وربما بمساعدتهم .. وهو أول من نشر كتب ابن تيمية وتلاميذه والوهابيين في مصر .. وتمكن الوهابيون من استقطاب واحد من رجال الأزهر المتطرفين وهو الشيخ محمد حامد الفقي وكان على مذهب الحنابلة .. وتم تأسيس أول نواة سلفية وهابية في مصر باسم : جماعة أنصار السنة المحمدية في عام 1926م .. ومعها صدرت مجلتهم التوحيد الناطقة بلسانها .. ومنذ ظهور هذه الجماعة في مصر وهى في حرب دائمة مع الصوفية بطرقها المختلفة وتشكك في المراقد وتطعن في أصحابها .. وتهاجم الاحتفالات والمناسبات .. وعندما جاء عبد الناصر إلى الحكم أوقف نشاط هذه الجماعة ومجلتها لارتباطها بآل سعود الذين كان في صدام معهم .. ولم تعود للساحة إلا في عصر السادات الذي فتح مصر على مصارعها أمام المد الوهابي لتكتظ الساحة الإسلامية بالجماعات السلفية المختلفة والمتناحرة التي استخدمها كورقة لتهديد خصومه ثم سقط ضحيتها في النهاية .. ومنذ ذلك الحين والجماعات السلفية في انتعاش دائم ومؤسساتهم تتكاثر بسبب ما تتلقاه من دعم خارجي .. وقد لعب السلفيون ولازالوا يلعبون دوراً بارزاً في خدمة النظام المصري وآل سعود وقد برز هذا الدور بقوة بعد قيام الثورة الإيرانية وظهور الشيعة في مصر من جديد حين حملوا راية التصدي والمواجهة مع إيران والشيعة في مصر وغيرها .. ولا زالوا يقومون بهذا الدور حتى اليوم .. والسلفيون بحكمهم على المتوسل بالأولياء والصالحين بالشرك إنما يحكمون بكفر غالبية المصريين .. كل المصريين يتوافدون للزيارة والتوسل بالسيدة زينب والحسين والسيدة نفيسة في القاهرة والسيد البدوي في طنطا والدسوقي في كفر الشيخ والمرسي في الإسكندرية والشاذلي في جنوب مصر وغيرها من المراقد .. وهم بهذا الموقف خسروا الشارع المصري وفشلوا في كسب المصريين رغم مؤسساتهم ورغم المليارات التي أنفقوها .. * لكننا نراهم يكثفون وجودهم في القنوات الفضائية ونرى لهم جمهور ..؟ هذه القنوات التي يرتع فيها هؤلاء هى قنوات وهابية وجدت للترويج لمذهبهم ووجدت لتلميع دعاتهم وتضخيمهم وتسليط الأضواء عليهم لتصنع من هذا داعية ومن هذا شيخ ومن هذا فقيه ليلعبوا من خلال هذه المسميات بعقول البسطاء من الناس ويوهموهم بكثرتهم .. وهى قنوات لا ترتفع فيها إلا أصوات السلفيين فقط حتى يوهموا العامة بكثرتهم وكونهم الصوت الوحيد الناطق باسم الإسلام .. والسؤل :ما هو وزن الفرق السلفية اليوم،وما هو حجمها،هل تشكل أغلبية المسلمين ..؟ هل تزيد على الطرق الصوفية التي تضم الملايين في مصر مثلاً ..؟ يجب أن نعلم أن حجم السلفيين بفرقهم المختلفة وسط المسلمين اليوم هو كحجم الحنابلة وسط المذاهب في الماضي .. أولئك كانوا أقلية،وهؤلاء أقلية أيضاً .. لكنها أقلية عالية الصوت بفعل الدعم والإمكانيات .. *الإرهاب السائد اليوم عن طريق الفرق السلفية الجهادية ليس له وطن ، كيف تعلل هذا ..؟ مسألة الوطن والمواطنة ليس لها حساب في منهج السلفيين هم ضد فكرة الانتماء وإن كانوا لا يظهرون ذلك .. الانتماء الوحيد للسلفيين هو لعقيدتهم .. وعقيدتهم على المستوى العام تنص على اعتبار أنفسهم الفرقة الناجية من النار والطائفة المنصورة المصطفاة وطاعة الحكام وعدم الخروج عليهم والاهتمام بالعلم الشرعي أي علم الحديث النبوي والأثر أي ما نسب للسلف من أقوال ونصوص ونشر العقيدة الصحيحة حسب منظورهم في أي مكان.. والمكان الذي يدين بمعتقداتهم هو وطنهم .. والفرق السلفية التقليدية تدين بالطاعة والولاء لفقهاء الوهابية ورموزها في دولة آل سعود وهم الذين يجوز تقليدهم كما أشرنا .. من هنا فهم لا يعترفون بفقهاء أوطانهم ويشكون في معتقداتهم .. حتى أنهم قلدوهم في أزيائهم فانتشر في وسطهم الجلباب وغطاء الرأس على الطريقة الخليجية .. أما عقيدة الفرق الجهادية فتختلف عن الفرق التقليدية في مسألة طاعة الحكام والتقليد حيث أعلنت هذه الفرق كفرها بآل سعود باعتبارهم خونة وخارجين عن خط السلف وغيرهم من الحكام الكفار الذين لا يحتكمون لشرع الله في منظورهم .. و أعلنت كفرها أيضاً برموز الوهابية الذين اعتبروهم ذيول لحكام آل سعود واتجهوا لتقليد فقهاء الماضي من الحنابلة وابن تيمية وتلاميذه ومن سار في ركابهم .. ومن هؤلاء استمدوا فقه الجهاد والتبريرات التي تبيح لهم استحلال دماء وأموال المخالفين أو الذين يعترضون طريقهم .. ومثل هذه الفرق المتطرفة ترجمت كفرها بأوطانها ترجمة عملية بأن هجرت هذه الأوطان وساحت في الأرض تقاتل في كل مكان ترى فيه الموائمة مع أفكاره ومعتقداتها هى إذن لا تقاتل تحت أي راية إسلامية بل تتثبت من هذه الراية .. هل هى راية سلفهم الصالح أم راية الجاهلية حسب منظورهم ..؟ ولولا أنها وجدت في الأفغان والباكستان المشاركة العقدية والأنصار ما قاتلت هناك ولا بقيت ساعة واحدة،وكذلك الأمر بالنسبة للجزائر والعراق والشيشان وغيرها من البلدان التي يتواجد فيها هؤلاء .. * نسمع عن توبة بعض عناصر السلفية ، ماهى حقيقة هده التوبة ..؟ فكرة التوبة هى من ابتداع الأمن المصري اخترعها من باب الدعاية للدولة .. ليست هناك توبة ولكن هناك مراجعات .. بعض العناصر السلفية تراجعت عن فكرة الجهاد والعنف في مواجهة الواقع .. لكنها لم تتراجع عن الفكر السلفي وتتنازل عن عقل الماضي .. مثال ذلك الجماعة الإسلامية في مصر .. الفرق السلفية المعاصرة تعتقد أنها تمثل الفرقة الناجية والطائفة المنصورة كما ذكرنا.. وهذا يؤدى بها إلى الإستعلاء على الآخر .. ويؤدي بها إلى التعصب .. وهو ما يدفعها إلى عدم التنازل عن معتقداتها .. والسؤال هنا : هل يمكن لهذه الفرق أن تتخلى عن فكرة التوحيد التي ورثتها عن الوهابية والتي تحكم على أساسها بالشرك على غالبية المسلمين في مصر وغيرها..؟ أو تتخلى عن فكر ابن تيمية .. أو فكرة أهل الذمة .. والجواب بالطبع : لا .. وهذا كله يحول بينها وبين ممارسة العمل السياسي .. وإذا أرادت أن تمارسه فسوف تمارسه على طر يقتها .. * السؤال الأخير ونشكرك على صبرك الطويل علينا ، كيف يمكن مواجهة هذا الإرهاب ..؟ لا يمكن مواجهة هذا الإرهاب إلا بسد المنابع .. يجب أن تتبنى الحكومات والمؤسسات والفقهاء السياسة التي تبنتها الحكومات المملوكية والفقهاء في زمانهم من ابن تيمية وكتبه،سياسة الاستئصال .. ابن تيمية هو الأساس الذي قامت عليه الوهابية .. ومن الوهابية نبعت السلفية.. ومن السلفية نبع الإرهاب والتطرف وصور التخلف السائدة باسم الإسلام .. ابن تيمية وأفكاره سبب مصائب المسلمين .. وطالما ظلت هذه الأفكار منتشرة وسائدة بين المسلمين فسوف تظل حالة الإرهاب قائمة .. وسوف تظل حالة تفريخ الفرق الإرهابية مستمرة .. * هل يمكن أن توجة كلمة أخيرة الشباب المسلم خاصة ..؟ أقول إن السلفية فتنة ابتلى بها الإسلام والمسلمين ويجب أن نحذر منهم .. والتصدي لها فريضة شرعية واجبة على كل مسلم قادر وواع .. السلفية لا تعيش إلا في الظلام ومن ثم يجب مواجهتها بالنور .. السلفية لا تستطيع أن تنهض بالمسلمين .. السلفية تريد أن تعود بالإسلام إلى الوراء .. السلفية خطر على كل بلاد المسلمين خاصة على مصر .. أجرى الحوار : موقع وجهة ..

Quote: أبرز متشيع مصري يعلن "كفره" بالمذهب الشيعي

Quote: يكفي أن صالح الورداني تزعزع

على مر تاريخ المسلمين، نشأت خلافات ونزاعات وتطاحنات أدت إلى نشوء فرق واتجاهات متعددة بداية من وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)وحتى اليوم .

والذين رصدوا هذه الحالة في الماضي من الفقهاء والمؤرخين خضعوا لعوامل سياسية ومذهبية حالت بينهم وبين التشخيص الموضوعي لها .

رصدوا هذه الحالة من منظور أهل السنة ولم يرصدوها من منظور النصوص .

رصدوها من منظور الحكام لا من منظور الواقع .

أهل السنة الذين يعتقدون أنهم الطائفة الحقة المنصورة في الدنيا والآخرة.

والحكام الذين اعتبروا أنفسهم أئمة المسلمين وحصلوا على مباركة الفقهاء.

من هنا برزت النظرة الأحادية المخاصمة للفرق المخالفة لأهل السنة والخط السائد.

ومن هنا أيضاً تم تجنّب المساس بأهل السنة وفرقهم.

وجاءت كتب الفرق التي كتبت بأقلام أهل السنة لتعلن الحرب على الفرق المخالفة وتتهمها بالزيغ والضلال .

إلا أنه لم يتجه أحد إلى إدخال أهل السنة في دائرة المحاكمة كما أدخلوا هم الفرق الأخرى.

ولم يتجه أحد إلى الشك في معتقداتهم وأفكارهم بفرقهم المختلفة التي

تتساوى في معتقداتها وأفكارها مع الفرق الأخرى بل أن هذه الفرق تمتاز عليها.

وسوف يرى القارئ من خلال عرض فرق أهل السنة على مستوى الماضي والحاضر أنهم لا يتميزون على الآخرين بشيء بل أن عوراتهم تفوق عورات الآخرين.

لقد دارت صراعات ونزاعات وتطاحنات بين فرق أهل السنة وصلت إلى حد التكفير وإراقة الدماء، وسوف نرصدها من خلال هذا الكتاب.

وسوف نرصد أيضاً الحالة العقائدية والفكرية لهذه الفرق، تلك الحالة التي تجاوزت حدود النص والعقل، بالإضافة إلى رصد دور الحكام في واقع هذه الفرق وفي مواجهة الفرق المخالفة.

وما نهدف إليه من خلال هذا الرصد هو كشف الدور الذي لعبته السياسة والمذهبية في التعتيم على حقيقة الدين وبث الفرقة بين المسلمين وفرض الروايات الزائفة التي وطنت العقائد والمفاهيم الفاسدة، وأضفت عليها القداسة بحيث طغت على العقائد الصحيحة والمفاهيم الفاعلة التي تسهم في نهوض الأمة ودفعها إلى الأمام ، كما وطنت الخلافات والصراعات وبررتها وأعطت السلاح لأهل الفرق ليستبيحوا به بعضهم البعض.

ان هذا الكتاب هو خطوة على طريق تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة الموروثة.

وتصحيح المفاهيم هو مقدمة أساسية نحو وحدة المسلمين.

Quote: الله أكبر.. صالح الورداني؛ أبرز متشيع مصري يعلن "كفره" بالمذهب الشيعي الخبر نقلته مصادر متعددة ونسأل الله تعالى أن يكون كما قيل