ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...توثيق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 08:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-25-2011, 07:08 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت (Re: الكيك)

    قال للثوار "أنتم صغار" وأكد أن إصاباته "أوسمة"المعتصم القذافي في ساعاته الأخيرة..
    الثوار وعدوه بالعلاج ثم قتلوه

    الإثنين 26 ذو القعدة 1432هـ - 24 أكتوبر 2011م

    دبي - غادة شكري


    أظهر تسجيل فيديو للمعتصم بالله القذافي تفاصيل الساعات الأخيرة من حياته بعد وقوعه في أيدي الثوار، حيث وعدوه بعلاج جروحه النازفة ثم قتلوه، وقال أحد الثوار للمعتصم بنبرة ساخرة: "أنت مصاب.. تو نعالجوك يابابا.. توا نعالجوك"، فرد المعتصم وهو يتفحص إصابات كتفه وذراعه: "كلها أوسمة".

    ووجّه أحد الثوار للمعتصم حديثاً قائلاً: "اشرب يا معتصم معمر القذافي اشرب.. راحت عليك أيام النعم.. الله الله يا دنيا.. الله أكبر ولله الحمد، هذا المعتصم القذافي موجود في المنطقة الصناعية الثانية على طريق سرت".

    وتوعّد أحد الثوار المعتصم بنشر هذا التسجيل عبر الإنترنت قائلاً: "في النت توا الدنيا بتتفرج عليك".

    ثم اقترب رجل يحمل هاتفاً محمولاً في يده خلال مقطع الفيديو محاولاً أن يصور المعتصم وهو يتحدث قائلاً: "اتكلم في رسالة مهمة.. اتكلم فلم يجبه المعتصم"، ثم احتد عليه الرجل مهدداً إياه لكنه رفض الحديث قائلاً: "أنتم صغار.. شو اسمك أنت؟"، فانهال عليه الرجال الأربعة بالإهانات والتهديدات.

    ثم استسمحهم المعتصم أن يغير ملابسه الملطخة بالدماء، حيث كان يرتدي فانلة داخلية بيضاء تغطيها الدماء وسروالاً عسكرياً به بعض بقع الدم.

    وبعد أن خلع المعتصم سترته العسكرية فور دخوله إلى الغرفة التي كانت خالية إلا من بعض الوسائد بدا المعتصم جالساً وتبدو عليه مظاهر الإعياء الشديد وكان حافي القدمين.

    وفي نهاية التسجيل قام المعتصم برفع سرواله إلى ما فوق ركبته كى يتفقد بعض آثار الجروح.



    --------------

    االمجلس الانتقالي الليبي يؤكد دفن جثة القذافي وابنه المعتصم في مكان سري بالصحراء

    الثلاثاء 27 ذو القعدة 1432هـ - 25 أكتوبر 2011م

    • - العربية.نت
    قال مسؤول بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي إن جثمان الزعيم الليبي السابق معمر القذافي سيدفن اليوم الثلاثاء في مراسم بسيطة، يحضرها رجال دين، في مكان سري بالصحراء الليبية.

    وقال المسؤول لرويترز هاتفياً، "سيدفن الجثمان في مراسم دفن بسيطة، وأن مشايخ سيحضرون عملية الدفن. سيكون مكاناً مجهولاً في الصحراء المفتوحة"، مضيفاً أن تحلل الجثمان وصل إلى نقطة أصبح معها من غير الممكن أن يبقى أكثر من ذلك.

    ومضى يقول: "لم يتم التوصل إلى اتفاق مع قبيلته لتسلم جثمانه". ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان ابنه المعتصم سيدفن في نفس المراسم، أجاب المسؤول: "نعم".

    وفي سياق متصل، قال مسؤول آخر في المجلس الوطني إن سيف الإسلام القذافي موجود في الصحراء قرب الحدود مع النيجر والجزائر، ويخطط للهرب من البلاد باستخدام جواز سفر مزور.

    وقال المسؤول لرويترز: "هو في مثلث النيجر والجزائر. هو جنوبي غات.. منطقة غات. وقد زود بجواز سفر ليبي مزور من منطقة مرزوق".

    وأردف: "إن رئيس جهاز المخابرات السابق عبدالله السنوسي ضالع في مؤامرة الهرب". وأضاف: "في الجنوب تنصتوا على اتصالات عن طريق الثريا، اتصالات عن طريق الاقمار الصناعية. عبدالله السنوسي على الحدود في تلك المنطقة لتنظيم خروجه، وأبلغنا بذلك أيضا مصدر في جهاز مخابرات دولة مجاورة".



    -------------------

    د. أحمد يوسف أحمد

    رحلة الاثنين وأربعين عاماً
    تاريخ النشر: الثلاثاء 25 أكتوبر 2011
    هاتفني ابني على غير توقع قائلاً: هل علمت؟ فأجبت: بماذا؟ فذكر واقعة القبض على القذافي. سألته عما إذا كان الخبر مؤكداً فقال: أغلب الظن أنه كذلك. عاود الاتصال بعد دقائق قليلة ليخبرني بمقتل القذافي، وكان من السهولة بمكان أن يستنتج المرء حقيقة ما وقع. شاهدت صور النهاية على شاشات التلفزيون لاحقاً فتأكد استنتاجي. خرج الرجل من مخبئه غير مصدق، وكان عنف من يمسكون به واضحاً، ثم حُمل إلى سيارة قيل إنها سيارة إسعاف حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بفعل إصابته وفقاً للرواية الرسمية. ليس بمقدورنا التأكد من صحة هذه الرواية، ولكن حتى لو لم يكن قد قُتل أثناء "رحلة إسعافه" أو قبلها فقد أكد تتابع الأحداث الطريقة التي تعامل بها الثوار مع خصمهم اللدود، فقد نقل جثمانه إلى مصراتة حيث الثأر شديد بين أهلها وبينه لفرط ما تعرضوا له من أذى على أيدي "كتائبه"، وقيل إنه سُحل في شوارعها، ولكن المؤكد أن جثمانه نصف العاري قد عُرض للراغبين في رؤيته شماتة وتشفيّاً.

    ما كان المرء يتمنى أن تكون هذه هي الطريقة التي يضع بها الثوار اللمسات الأخيرة في انتصار ثورتهم. يستطيع الثوار بحق أن يقولوا: لقد فعل بنا أكثر مما فعلنا به، ولكن الثورة حالة نبيلة فيما أن الطغيان انحطاط إنساني، ولا أعتقد أن ديننا السمح يقر أيّاً من هذه الأفعال (اتقوا المثلة ولو بال###### العقور)، ولا أذكر في تاريخ الرسول عليه الصلاة والسلام سلوكاً عنيفاً اتخذه أو أقره تجاه خصومه الذين فعلوا به ما نعلمه جميعاً (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، وأتحدث عن الرسول الكريم تحديداً لأن نفراً من حكام المسلمين لاحقاً بعد عصر الخلافة الراشدة كانوا يعلقون رؤوس خصومهم عند أبواب المدن أو في ساحاتها الرئيسية حتى تنهشها الجوارح.

    أخطأ الثوار في تقديري لأن انتقامهم كان لحظيّاً، أما اعتقال الطاغية ومحاكمته فكان من شأنهما أن يحققا للثورة ما هو أكثر بكثير من تلويث أيديهم بدماء طاغية. وكذلك فقد أخطأوا لأن للقذافي قاعدته القبلية التي لا يمكن إسقاطها من حسابات السياسة الليبية، وكان من شأن محاكمته إثبات الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الليبي، بما يجعل الموقف تجاهه وطنيّاً شاملاً لا تستبعد منه هذه القبيلة أو تلك، ويجنب الثورة قلاقل يمكن أن تحدث في مناطق نفوذه القبلي.

    لا يذكر المرء حالة مماثلة لمصير القذافي في التاريخ العربي المعاصر إلا ما وقع في أحداث الثورة العراقية ضد النظام الملكي في 1958، حيث سُحل أفراد الأسرة المالكة وأعوانهم الرئيسيون في شوارع بغداد، ثم وقع الانقلاب على الثورة في 1963، وقُبض على عبدالكريم قاسم رجلها الأول ورئيس وزرائها ونُفذ فيه حكم فوري بالإعدام رمياً بالرصاص، وكان القائمون بهذا العمل سعداء به إلى درجة أنهم أرسلوا فيلماً يصور وقائعه إلى عبدالناصر الذي كانت خصومته شديدة مع قاسم، فهالته بشاعة ما وقع، ومنع إذاعة الفيلم في التلفزيون المصري.

    حكم القذافي ليبيا اثنين وأربعين عاماً بالتمام والكمال. بدأ حكمه بانقلاب عسكري على النظام الملكي في 1969 مع صحبه، كان شاباً وسيماً تتدفق منه المشاعر الوطنية والقومية، ونجح في تخليص ليبيا من القواعد العسكرية الأجنبية، ولأن انقلابه وقع بعد عامين من هزيمة 1967 فقد كانت له دلالات استراتيجية واضحة، ولكن المؤكد أنه لم يكن يملك مشروعاً محدداً لوطنه وأمته، فانشغل بوضع أسس لنظام حكم غريب خلع عليه وصف "الجماهيرية"! ولكنه أحدث فوضى عارمة يطول شرح أبعادها في المستويات القاعدية بينما ظلت السلطة ممركزة في يديه، وكان من شأن هذا أن يكون للرجل خصومه الذين عاملهم بأقصى درجات العنف في غياب كامل للقانون، وسمعت من زملاء لي كانوا يعملون في ليبيا عن فظائع مشينة ارتكبها بحق معارضيه، وكذلك عن غرائب لا تصدق في الممارسة السياسية اليومية، ولقد بلغ عصفه بمعارضيه حد تعقبهم بالاغتيال في الخارج، ووصفهم بـ"الكلاب الضالة" (تدنى وضعهم إبان الثورة إلى جرذان). ولا أنسى في ذروة القطيعة المصرية- العربية بسبب السلام المصري- الإسرائيلي أنني كنت أسير يوماً في أحد شوارع روما وقت الظهيرة، وكانت الطريق شبه خالية من المارة، لأنه كان يوم عطلة، ورأيت عن بعد أحد تلامذتي الليبيين المحببين إلى قلبي، الذي تبوأ في بلده منصباً أكاديميّاً مرموقاً بعد ذلك. كنا نسير في اتجاهين متقابلين، وتهيأت للقاء حار فإذا به يتجاوزني كأنه لا يراني. أدركت على الفور خوفه من أن يكون ملاحقاً، وأن يُتهم بلقاء من أتى من بلد "الخيانة". أصابني همٌّ ثقيل، وبحركة لا إرادية توقفت بعد أن تجاوز كلانا الآخر بحوالي عشرة أمتار، ونظرت خلفي فإذا بتلميذي العزيز قد فعل الأمر نفسه، ثم هرول نحوي مُسلماً بحرارة ومعتذراً بصدق قائلاً إنني لابد أقدر الظروف، ولكنه كان حريصاً على إنهاء اللقاء في ثوان معدودة. قدرت هواجسه وتساءلت بيني وبين نفسي: أإلى هذا الحد يبلغ الطغيان؟

    حفلت سياسته العربية دوماً بالغرائب، وحتى عندما كانت له أفكاره المعقولة كتبنيه حل "الدولة الواحدة" في فلسطين كان حريصاً على أن يطعمها بما هو غريب، فأسماها دولة "إسراطين"، وعندما اهتم بالفضاء الأفريقي استبشرنا خيراً بمن سيحيي دور مصر الضائع في أفريقيا، ولكن هذا التوجه كان مدخله إلى التمرد على العروبة. آمن بمبدأ يشبه "الثورة العالمية الدائمة"، ولكن فهمه لهذا كان تعيساً، فقد بدد ثروة الشعب الليبي ما بين عمليات إرهابية دفع ثمنها غاليّاً فيما بعد كحادثة لوكيربي وبين دعم ما تصور أنه حركات تحرير ضد الإمبريالية في مشارق الأرض ومغاربها، فضلاً عن تدخله الفج في عدد من الدول العربية على رأسها السودان. ولولا هذا الإنفاق العبثي لتحولت ليبيا إلى جنة على الأرض: شعب قليل العدد وثروة كبيرة لا ينقصها إلا المشروع الوطني الجامع. حرص بعد غارات أميركية استهدفت ليبيا واستهدفته شخصيّاً على أن يسمي ليبيا "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى"، وكان ممثلوه في كل مكان ينتابهم غضب عارم إذا لم يُعمل بهذا الاسم، وكنت أشعر دوماً أن الأمة في حالة كرب عظيم طالما بقي هذا الاسم.

    لم يكن مسؤولاً وحده عما وقع، وإنما يُسأل عنه كذلك من سكتوا عليه اتقاء غضبه، ولا أنسى حين أعلن تخليه عن العروبة ميمماً وجهه شطر أفريقيا تلك الوفود التي تقاطرت عليه في خيمته تناشده أن يبقى "أميناً" للأمة، وكانت مفاجأتي صاعقة عندما رأيت بين هذه الوفود على شاشة التلفزيون الليبي وفداً مصريّاً رفيع المستوى يضم علماءً وكُتاباً وسياسيين أخذ أعضاؤه يتوسلون إليه في كلماتهم ألا يتخلى عن الأمة.

    لقد انتهى حكم القذافي أيّاً كانت الملاحظات على الطريقة التي أنهيت بها حياته، وآن لروح منصور الكيخيا وأرواح رفاقه الذين ساروا على الدرب ذاته أن تستريح، وأصبح الشعب الليبي يواجه عملية بناء مستقبله بنفسه، ومن حق هذا الشعب أن يتفاءل بمستقبله، لكن الحذر واجب من الاستحقاقات الداخلية والخارجية التي يتعين على الثوار تسويتها حتى لا تكون حجر عثرة في بناء المستقبل. صحيح أن إرادة الشعوب تصنع المستحيل، ولكن للسطو على الثورات رجاله المتمرسين، ومن هنا وجب الحذر واستحقت اليقظة.



    إ جريدة الاتحاد


    حلمي شعراوي

    أفريقيا...بعد القذافي
    تاريخ النشر: الثلاثاء 25 أكتوبر 2011
    كاد الضجيج حول أسلوب مقتل القذافي أن يغطي على دلالته بالنسبة للقوى المختلفة دولياً وأفريقياً. ولاشك أن ما أثاره من "شفقة " أحياناً سيكون له تأثيرات أخرى وخاصة على المستويات الشعبية. والملفت أن هذا الأثر في أفريقيا تحديداً يرتبط بمشاعر التحفظ الشعبية – المبكرة أصلًا- على التدخل الأوروبي والتذكير بالاستعمار من جهة، وبروح الوحدة الأفريقية من جهة أخرى. ومن يلقي نظرة بسيطة على منهج تصريحات كل من الرئيسين الفرنسي والبريطاني ناهيك عن الأميركي مؤخراً، يدهش كثيراً لمشاعر "الانتصار" الاستفزازية، وكأنهم كانوا بالفعل بعيدين عن الساحة الليبية في عهد القذافي.

    ولا يتردد عاقل في إرجاع طريقة مقتل القذافي إلى رغبة الجميع في دفن أسرارهم عنده أو معه! وأظن أن أفارقة وعرباً كثيرين ليسوا بعيدين عن هذا الأحساس، خاصة وأن أبعاده تكاد تنحصر حول المصالح المادية غربياً، وإلى التأثير المعنوي عربياً، وإلى التأثير الأمني أفريقياً، وسنتوقف عند هذا الأخير، وإنْ كان يصعب الفصل في عالم اليوم.

    يتجه المعلقون على الجانب الأفريقي في معظم الأحيان إلى التركيز على أثر أحداث ليبيا على الدول المجاورة مثل النيجر ومالي وتشاد، سواء لوجود المهاجرين منها أو لتطلع القذافي إلى قيادة الرأي العام فيها ونشر نفوذه إلى حد إمامة المسلمين هناك، وتكوين إمبراطورية "الساحل والصحراء"، وساعد على ذلك تطلع الغرب إلى دور للقذافي نفسه في مواجهة الإرهاب بالصحراء الكبرى في غرب أفريقيا، لضعف دور تونس أو موريتانيا، وعقبه الصراع الجزائري- المغربي في هذا المجال.

    لكن قراءة المزيد من المصادر تكشف عن عمق قلق نيجيريا ذات النفوذ الكبير في غرب أفريقيا، من تطور آثار أحداث ليبيا وتعبيرها عن ذلك مؤخراً بشكل متصل أحدثها دعوتها لرؤساء أركان جيوش غرب أفريقيا للاجتماع في "أبوجا" – عاصمة نيجيريا- أوائل أكتوبر 2011 في شكل اجتماع طارئ لمناقشة مذكرة رئيس الأركان النيجيري إلى دوائر الدفاع والأمن في المنطقة حول مخاطر أحداث ليبيا وتداعياتها المتوقعة.

    والإشارات من نيجيريا تصدر تباعاً إلى تصريحات القذافي السابقة عن تقسيم نيجيريا إلى شمال وجنوب، وإلى سلاح ليبي مع المتمردين في شمال نيجيريا منذ عام 2003-2004، وإلى تصريحات قيادات تنظيمات شبابية نيجيرية في الشمال عن "المجاهد معمر القذافي" أو تصريحات أحد قيادات منطقة "دلتا النيجر" البترولية المثيرة في الجنوب – دوكوبو أساري – عن علاقته بين عام 2007-2010 بالقيادة الليبية لتحرير منطقته بقيادة الحركة الشعبية هناك (وهي منطقة الرئيس النيجيري الحالي في نفس الوقت!).

    وقد كان أمام رؤساء الأركان الأفارقة مشكلات السلاح الليبي الذي كان يصل وقد يصل الآن إلى مناطق أخرى ممتدة من خليج غينيا (مناطق البترول) إلى جمهوريات غينيا وغينيا بيساو. وإن كان العسكريون الأفارقة قلقون على أوضاع بلادهم الداخلية، فإن الاجتماع الآخر بالجزائر أوائل الشهر نفسه (أكتوبر 2011) بين قائد عام القيادة الأميركية لأفريقيا (الأفريكوم) ومسؤولي بلدان شمال وغرب أفريقيا بل وعدد من دول الأطلنطي والمتوسط يعتبر أكثر إثارة لأنه كان مخصصاً لبحث تداعيات "الحدث الليبي" إن ما يقلق الجميع، غرباً وشرقاً كما ننبه دائماً هو انتشار ترسانة السلاح الليبي الذي أصبح مباحاً في أكثر من اتجاه على مستوى القارة والمتوسط، بل وها هو يصل إلى المناطق "المشرقية " أيضاً .

    الملفت للنظر أن الجامعة العربية التي تتحرك دوائرها دائماً بالخطاب السياسي لم تسمعنا شيئاً عن مشكلة الخطاب الأمني سلباً أو إيجاباً، مع أن دوائر الجامعة كانت نشطة دائماً من قبل بمجلس وزراء الداخلية العرب بحثاً عن أمن النظم التي لم يتوفر لخمسة منها الآن أي قدر من الأمن لحمايتها، من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق على نحو ما نرى!

    في المقابل نرى التحركات متنوعة على مستوى الاتحاد الأفريقي، حتى وإن انتهت بالتسليم لخطط العولمة الأطلنطية في ليبيا وغيرها خاصة مع محاولة الرئيس الأميركي "استقطاب الانتصار" بما سيعرضه قطعا لعتاب زملائه على الشاطئ الآخر للأطلنطي.

    أما العتاب المتكرر الآن، فهو من قبل الاتحاد الأفريقي الذي يشعر بإهمال مبادراته عن الحل التفاوضي في ليبيا أو محاصرة قرار مجلس الأمن بالتدخل العسكري الكامل وليس فقط الإنساني. وما بقي هو محاولة جنوب أفريقيا –الغنية القوية – أن تحضر بعضاً من توزيع "الكعكة " في غياب دول عربية مثل مصر، بل ونتوقع أن يعود الالتقاء بين جنوب أفريقيا ونيجيريا – بعد تنافسهما الطويل – للوصول إلى تلك" الكعكة" الليبية.

    والحديث عن" الكعك" في هذه المأساة ، يتجاهل الكثير من الأبعاد العربية الأفريقية الأخرى، ليس أقلها حجم "الرأي "العام العربي والأفريقي دفاعاً عن ثورة الشعب الليبي نفسه والقيم المرتبطة بإمكانيات الثورة عند هذا الشعب أوذاك بل وقيمة التحرر الأفريقي " ورموز الوحدة الأفريقية المتصاعدة بشكل ملفت في الكتابات الأفريقية الاستقلالية في هذه الفترة، فإذا تجاهل السياسيون والدبلوماسيون العرب كل ذلك ، فإن أمامنا حالتين جديرتين بكل الاهتمام: حالة التطورات المتوقعة في منطقة دارفور السودانية بل ومصير النظام السوداني نفسه. وكلاهما يراهن على طبيعة التطورات داخل المجلس الانتقالي الليبي أوتطورات "الثورة السلفية " في طرابلس وبنغازي أو النفوذ الغربي الذي يريد توجيه الحركة في دارفور ، وحالة النفوذ الإثيوبي في القرن الأفريقي، والذي يمكن أن يستثمر انشغال العالم بالشمال الأفريقي وغرب أفريقيا ليزداد نفوذاً على شاطئ المحيط الهندي وفي قلب حوض النيل، خاصة ازدياد الدور الكيني كفاعل جديد في نفس المنطقة. فمن يا تُرى يعاون في رسم خريطة مناسبة للعمل العربي الأفريقي في هذه الفترة؟!



    إغ جريدة الاتحاد
    الثلاثاء 27 ذي القعدة 1432هـ - 25 أكتوبر 2011م
    www.alittihad.ae


    أحمد المنصوري

    نهاية طاغية... والعهد الجديد
    تاريخ النشر: الثلاثاء 25 أكتوبر 2011
    لم يدر بخلد القذافي ولو للحظة واحدة وهو يخطب في جماهير الليبيين من باب العزيزية قبل ستة أشهر أنه سيلاحق الثوار الذين وصفهم بالجرذان "بيت بيت.. دار دار.. زنقة زنقة.. " بما سيؤول إليه الحال، وكيف ستنقلب عليه تدابير الزمن، لينتهي به الأمر مطارداً مسفوكاً دمه بخاتمة أشبه بالتي أرادها لأعدائه الذين لم يثوروا عليه إلا بعد أن أذاقهم مر العيش وهوانه طوال 42 عاماً من حكمه البائس.

    هكذا هم الطغاة والجبابرة منذ الأزل.. لا يرتدعون ولا يعتبرون ولا يتعلمون من أخطاء بعضهم.. ويُغشى على أبصارهم سبيل الحق فيتبعون طريق الغي، وينسون أن مالك المُلك الذي آتاهم الملك قادرٌ على أن ينتزعه منهم متى شاء وكيفما شاء.. ولو دَروا ذلك لما طغوا وما تجبروا، وما عاثوا في الأرض فساداً يهلكون الحرث والنسل!

    على رغم أن مشهد نهاية القذافي كان مروِّعاً إلا أنه لم يكن غير متوقع.. وإن كان من الأجدر على الثوار أن يكبحوا جماح غيظهم عند الظفر بطاغيتهم ويمنعوا المساس بسلامته الجسمية حتى يقدموه للمحاكمة، إلا أن من بينهم من لم يصدق حقيقة الظفر به، ولم يسهل عليه التعامل معه بتجرد كأسير، فوضع نهاية لحكمه برصاصة ذكرت بعض التقارير الإعلامية أنها من مسدس ذهبي كان بحوزته عندما تم إخراجه من جحر المجاري.

    على الليبيين الذين أعلنوا نهاية الحرب وتحرير البلاد من القذافي وزمرته ومرتزقته أن يؤسسوا لنظام حكم رشيد قائم على العدل والمساواة والديمقراطية، والاستفادة المثلى من الثروات في بناء بلد جديد.

    في وطننا العربي، لا تزال جراح أخرى تنزف بشدة خاصة في سوريا ثم في اليمن بدرجة أقل.. ولا يبدو أن المتشبثين بالحكم في البلدين يرغبان في تدارك ما بقي أمامهما من وقت للتراجع والتوقف عن تسخير آلة القتل والظلم بحق شعبيهما.. ولا يبدو أنهما ممن يحسنون قراءة الأحداث وأخذ العبر بخواتيم الأمور والاتعاظ بما آل إليه مصير من مشى في نفس الدرب الذي يمضيان فيه.. فالوضع في اليمن لا يتجه نحو الصلاح أو التهدئة. وصالح الذي قال "سنحلق لأنفسنا قبل أن يحلقوا لنا رؤوسنا" يراوغ ويماطل بالالتفاف على مبادرات الأشقاء. وعندما نجا من محاولة الاغتيال استقبله الأشقاء وأكرموه، لكنه تخلى عن حصافة المؤمن فعاد لنفس الجحر الذي لدغ منه المرة الأولى وكأنه مُصرٌّ يريدها لدغة ثانية.

    والحال في سوريا أيضاً لا يبشر بخير.. فضحايا طغيان وجبروت نظام الحكم يكاد يبلغ 3 آلاف شخص حتى الآن، لا ذنب لهم سوى أنهم ثاروا على واقع حالهم المزري، ويطالبون بالعيش بكرامة. بدأوا ثورتهم بمطالبات إصلاحية، ولكن شهوة القتل لدى النظام ضد شعب أعزل رفعت سقف مطالب الجماهير.

    عام 2011 عام ثوري بامتياز.. شهد حتى الآن سقوط ثلاثة أنظمة حكم في الوطن العربي نتيجة تراكمات عقود من القهر والظلم والإجحاف مارستها تلك الأنظمة في حق الشعوب. نأمل أن تتحقق مطالب الشعبين اليمني والسوري دون إراقة مزيد من الدماء.



    جريدة الاتحاد
    الثلاثاء 27 ذي القعدة 1432هـ - 25 أكتوبر 2011م

    د. طيب تيزيني

    القذافي و"المأساة الملهاة"
    تاريخ النشر: الثلاثاء 25 أكتوبر 2011
    مع مقتل القذافي تتحقق خطوة جديدة على طريق تأسيس عالم عربي جديد، وكان المشهد مذهلاً، حين عُرض القذافي مقتولاً على قنوات تلفزيونية، وصح القول بأن الطغيان يلتهم صاحبه. بل إن ما أعلنّاه في كتابات سابقة تحت مصطلح "الاستبداد الرباعي"، يجد في هذا الحدث انعكاساً مفرطاً في مأساته الهزلية. فلقد حرص الرجل طوال حكمه المديد (اثنين وأربعين عاماً) على التأكيد على أنه الأول والأخير في ليبيا والعالم العربي (لنتذكّر ما خاطب به الزعماء العرب في سياق حديثه عن قتل صدام حسين. قال: (سيمرُّ الدور عليكم جميعاً)! أعلن ذلك بلغة ساخرة منهم جميعاً، وواثقة منه نفسه بإطلاق. القذافي، جسد السلطة الليبية في ذاته المتعالية. وقد أفصح عن ذلك في النظر إلى ذاته عبر "الكتاب الأخضر" على أنها اكتشفت قوانين المجتمعات عامة وطبقتها على ليبيا بعبقرية واقتدار.

    أما من طرف الثروة فقد وظّف عائدات النفط في بلاده في خدمته وخدمة عائلته ومقرّبيه. والملفت أن بعض وسائل الإعلام أعلنت نقلاً عن مراجع مالية معينة أن القذافي امتلك ثروة يصل حجمها إلى خمسة وستين ملياراً من الدولارات، ناهيك عن الكتل الذهبية الهائلة، التي امتلكها. أما الإعلام الليبي فتمثل في ما كان يفكر به قائد الثورة وما كان طرحه أمام الرأي العام، الذي كان عليه أن يتمثله ويعمل بمقتضاه.

    ذلك هو ما ضبطه المفكر السياسي عبدالرحمن الكواكبي، الذي رأى في كتابه (طبائع الاستبداد)، أن الاستبداد إنما هو الرذيلة بعينها، التي تدمر العباد وتلتهم صاحبها، حيث يرتفع الأمر إلى مستوى كارثة وطنية، أما المستوى الأخلاقي الوطني لـ"ملك الملوك" فقد اتضح من خلال حربه الشعواء، التي قادها ضد شعبه، حين حدّد هذا الشعب بكونه "جرذاناً". وبهذا الاعتبار، يمكن القول بأن ما حدث في ليبيا إنما هو حالة نموذجية لما حدث وما يحدث وسيحدث في العالم العربي، وإنْ كان أكثر هزلاً ومأساوية و"مسخرة". ولعلنا نضيف إلى ذلك عنصراً آخر تمثل في أن القذافي، في مسلكه الجنوني، فتح الأبواب أمام مطالبةِ مجموعات قد يشكَّك في وفائها الوطني تجاه ليبيا، بالاستقواء بالخارج، ممثلاً بحلف "الناتو"، وهذا ما كان، وسنلاحظ أن هذا الموقف القذافي يكاد أن يكون قاسماً مشتركاً بين حكام البلدان المشتعلة راهناً بثورات الشباب: إنهم لا يستجيبون لمطالب شعوبهم المشروعة، فهم يواجهونهم بالعنف، ويصمونهم بالحقارة وبكونهم حشرات، ويلعبون على حركاتهم الشبابية، التي جاءت رداً على أربعة عقود ونيّف من الاستبداد والفساد والإفساد. وفي هذا وذاك، يندهش أولئك الحكام، حين يقوم أولئك الشباب بثوراتهم، التي يعلنون أنها "مؤامرات أميركية".

    وإذ يتحول التحرك الشبابي إلى "عمل أميركي إجرامي"، فإن الحكام العرب المعنيين يعتقدون أنهم أصبحوا يملكون الحق في مواجهة ذلك التحرك. والأمر يزداد اضطراباً، حين يلجأ بعض الحكام المذكورين إلى استخدام الرصاص. وهكذا تكتمل عناصر المأساة - الجريمة. وحين تنتهي أسطورة الحاكم العربي الأبدي في سلطته حيث يسقط تحت قبضة ضحاياه من الشباب وعموم الداعين إلى الإصلاح الوطني الديمقراطي.



    جريدة الاتحاد
    الثلاثاء 27 ذي القعدة 1432هـ - 25 أكتوبر 2011م


    نيكولاس بيرنز

    مقتل القذافي وصواب موقف أوباما
    تاريخ النشر: الثلاثاء 25 أكتوبر 2011
    موت القذافي هو الحدث الحاسم في الحرب الأهلية التي اشتعلت شرارتها لأول مرة قبل نحو تسعة أشهر في ليبيا، وذلك على اعتبار أن الحرب، في أذهان معظم الليبيين، ما كان يمكن أن تضع أوزارها من دون رحيله من البلاد أو موته.

    ومثلما ذكَّرنا بذلك كل من رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الأميركي يوم الجمعة، فمن المهم جداً أن نتذكر ونستحضر هنا العدد الكبير من الأشخاص الذي راحوا ضحية أعمال القذافي وسياساته، ومن ذلك مئات الأميركيين ومواطني بلدان أخرى الذين لقوا حتفهم في التفجير الإرهابي لطائرة بوينج 747 التابعة لشركة "بان-أميركان" أثناء تحليقها فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية في الحادي والعشرين من ديسمبر 1988 (ما أسفر عن مقتل كل ركابها الـ259 إضافة إلى 11 شخصاً من سكان البلدة). فقد كان القذافي طاغية حكم ليبيا بقوة الحديد والنار على مدى أكثر من 40 عاماً وتسبب في إفقار معظم سكان بلده الغني بالثروات النفطية. وعلاوة على ذلك، فإن حكم القذافي السلطوي قضى على كل الحركات المستقلة، وحال مع مرور الوقت دون تكون منظمات المجتمع المدني التي تعتبر أساس معظم البلدان وكل الديمقراطيات.

    وهذه حقيقة مهمة وأساسية في تقييم مصير تقدم الثورة الليبية، ذلك أنه إذا كان موته سينهي فعلياً الثورة المضادة العنيفة التي قادها أنصاره خلال الأشهر القليلة الماضية على الأرجح، فإنه لن يسكت كل الأشخاص الذين مازالوا يطعنون في الثورة ويرغبون في توقفها.

    والواقع أن لدى الحكومة الليبية الجديدة اليوم فرصة لإنهاء أعمال العنف والشروع في إعادة إعمار مدن وبلدات ليبيا التي تعرضت للنسف والتدمير؛ غير أن التحديات التي تنتظرها كثيرة وصعبة للغاية؛ ذلك أن مشكلة الانقسامات القبلية، التي كان حكم القذافي الخبيث يعمل على تشجيعها وتأجيجها، لن تُحل بسهولة. وعلاوة على ذلك، فإن استئناف إنتاج النفط، وفتح الموانئ على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وإرسال المساعدات الإنسانية إلى من نزحوا عن مناطقهم إلى مناطق أخرى أكثر أماناً... ستشكل جميعها أولويات ملحة وعاجلة.

    على أن الأهم من ذلك كله هو حقيقة أن خلق وظائف للشباب العاطلين عن العمل الذين شكلوا صلب ائتلاف الثوار تمثل أولوية عاجلة، وكذلك الحال بالنسبة إلى مسألة تجريد التحالف الواسع من المليشيات التي هزمت القذافي من السلاح.

    وعليه، يتعين على المجتمع الدولي اليوم أن يتحرك بسرعة من أجل توفير الدعم الخارجي المهم الذي سيساعد على إطلاق الحكومة الجديدة. وفي هذا الإطار، يمكن القول إن ليبيا ستكون في حاجة إلى إمدادات من المساعدات الإنسانية، والقروض التجارية الموسعة، ومساعدة اقتصادية طويلة المدى. وفي غضون ذلك، ستستفيد ليبيا من الدعم السياسي في وقت تنكب فيه الحكومة الجديدة على الإعداد لدستور وانتخابات مقبلة وتحقيق المصالحة الداخلية.

    ومما لاشك فيه أن على الولايات المتحدة وأوروبا وبلدان آسيوية كبرى أن تساهم بدورها في هذا الجهد وتقدم المساعدة على نحو سخي؛ غير أنه يتعين على جامعة الدول العربية أن تكون في مقدمة البلدان التي تقدم الدعم الذي تحتاجه الحكومة الليبية بشدة من أجل توحيد البلاد وإبعادها عن العنف والتركيز على إعادة الإعمار.

    والواقع أن الأحداث الدراماتيكية التي تشهدها ليبيا اليوم، ومعها العالم، تؤكد حكمة وحصافة القرار الذي اتخذه"الناتو"، بمباركة من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، والقاضي بضرورة التدخل خلال المرحلة المبكرة من الحرب الأهلية نيابة عن جيش الشعب الليبي. فقد أحدث "الناتو" فرقاً مهماً في منع قوات القذافي من استعمال القوة الجوية وفي منع وتجنب حصار لمدينة بنغازي كان يمكن أن يفضي إلى كوارث إنسانية. وهنا لا بد من قول كلمة حق والاعتراف بأن الزعيمين البريطاني والفرنسي يستحقان إشادة كبيرة للدور الذي اضطلعا به في قيادة جهود "الناتو".

    وبناء على ما تقدم، فإنه مما لا شك فيه أن أوباما كان على صواب حيث قرر انخراط الولايات المتحدة، وإنْ على مضض، في الحملة العسكرية التي شنها "الناتو"، ذلك أن العملية الليبية، وعلى غرار التدخلات التي قام بها كلينتون في البوسنة وكوسوفو في عقد التسعينيات، تُظهر أنه عندما يتم استعمال قوات الناتو من أجل مهمة محددة ودقيقة، وبمهمة ونتيجة واضحتين، فإنها يمكن أن تساعد على تحرير آخرين بدون اللجوء إلى عمليات الاحتلال المنهكة وطويلة المدى التي ميزت المغامرات المريرة التي أقدمت عليها الولايات المتحدة في كل من العراق وأفغانستان. وبهذا المعنى، يمكن القول إن تحرير الشعب الليبي من حكم القذافي الفظيع والدموي، إنما يمثل انتصاراً للناتو أيضاً.

    الآن، انتهت المرحلة الأولى وبالغة الأهمية من الحرب الأهلية الليبية؛ غير أن المرحلة التالية المتمثلة في بناء دولة جديدة وهوية جديدة ستكون على القدر نفسه من الأهمية، وربما أكثر صعوبة من تنحية الدكتاتور عن السلطة.

    -------

    ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"


    جريدة الاتحاد
    الثلاثاء 27 ذي القعدة 1432هـ - 25 أكتوبر 2011م

    عبد الوهاب بدرخان

    مصائر المستبدين
    تاريخ النشر: الثلاثاء 25 أكتوبر 2011
    كثيرون تذكروا المشهد قبل أن تستعيده الشاشات: معمر القذافي يقول للقادة العرب الحاضرين قمة دمشق عام 2008: "يمكن الدور جاي عليكم كلكم". كان يتحدث عن المصير الذي آل إليه صدام حسين. وكان بين الذين تضاحكوا على ملاحظته زين العابدين بن علي وعلي عبدالله صالح فضلاً عن مضيفهم بشار الأسد.

    لم يشعر أي منهم، بمن فيهم القذافي نفسه، أنه معني بهذا التحذير. ربما لأن صدام سقط بفعل الغزو الأميركي، كونه عاند الولايات المتحدة وتحداها، أو لأنه خاض مغامرة إقليمية وخسرها.

    في ذلك الوقت كانت سوريا وإيران منتشيتين بنجاح مناورتهما الكبرى لتحويل غزو العراق والتهديد الأميركي المباشر لهما كابوساً لجورج دبليو بوش. وكان اليمن استهل استضافة بعض فلول "القاعدة" استدراجاً لاهتمام الولايات المتحدة بتطوير علاقتها مع نظام صنعاء. أما تونس فلم يكن نظامها يعاني أي نوع من المشاكل. وأما النظام الليبي فسارع إلى رمي "برنامجه النووي" واستكمال إقفال "ملف لوكيربي".

    وعندما تفجّرت الأوضاع الداخلية، بدءاً من تونس، حاول هؤلاء وغيرهم توسل مؤامرات خارجية لاستقطاب شعوبهم وراءهم، ولم يوفقوا. قابلوا الانتفاضات بالتجاهل والاحتقار، ثم بإنكار حق الشعب في المطالبة بتنحي الحاكم أو رحيله، ودائماً باستخدام القوة لاستعادة الثائرين إلى جدران الصمت والخوف، ولم يوفقوا.

    دخلوا مساومات من أجل البقاء في مناصبهم، ناوروا وراوغوا، اعتقلوا وضربوا، نكّلوا وقتلوا وقتلوا وقتلوا. وصار القتل عنوان النهاية رغم أنه بدا لزمن طويل جداً عنواناً للاستمرار والتجبّر. ارتسمت المصائر: التنحي، السجن، الرحيل، الفرار والتواري، والموت.

    حتى الآن، كان القذافي أول من اختار، من بينهم جميعاً، سبيل الموت. بل اقتاد مدينته وقبيلته وعائلته إلى معركة قسرية ومعروفة النتائج. لم يتنحَّ عندما كان ذلك ممكناً، ولم يغادر بضمانات عندما كان ذلك ممكناً، وفوّت الفرصة الأخيرة التي أتيحت له لإعلان نهاية القتال إثر دخول الثوار طرابلس، بل لجأ إلى رهان أخير على إحداث شرخ أهلي من خلال التمترس في سرت وبني وليد. لم يرد أن يفهم مغزى الحدثين التونسي والمصري، ولا مغزى ثورة شعبه عليه، فسقط في سياق القصف والقتال كما لو كان يشخّص دور رجل آخر غير معني بالبلد الذي يفترض أنه بلده.

    قتل القذافي منتصف نهار جمعت فيه جريدة "الاتحاد" كتابها للبحث في مستقبل التغيير الذي طرحته الثورات والانتفاضات على العالم العربي. وكان طبيعياً أن يتأثر النقاش بالحدث المستجد، فالأنظمة المأزومة كانت تتشابه شكلاً وتختلف في كثير من التفاصيل، وكذلك الانتفاضات لإطاحتها تتقارب وتتباعد، ومثلها استطراداً المراحل الانتقالية هنا وهناك.

    لكن ما اتفقنا عليه أن الأنظمة الجديدة التي لا تزال في إرهاصاتها ومقدماتها لابد أن تحظى بقبول الجميع على اختلاف تياراتهم لصيغة الديمقراطية المدنية، فالعسكر أعطوا ما عندهم طوال العقود الماضية وأصبح لزاماً عليهم أن يعودوا إلى الدور الأكثر أهمية المتوقع منهم، وهو صون السيادة وحماية النظام والسهر على السلام الأهلي.

    كما أن استحقاقات ما بعد التغيير ألقت على التيارات الإسلامية مهمة ومسؤولية جسيمتين، فهي قويت وانتظمت بفعل قسوة الأنظمة السابقة وهناك خشية كبيرة من أن يكون الإسلاميون الوجه الآخر لتلك الأنظمة نفسها، وبالتالي فإن مجيئهم بديلاً منه حتى ولو بات بالانتخاب يكثّف المخاوف من "سرقة الثورات" أو مصادرتها.

    فلا أحد سمع خلال تلك الثورات من يطالب بـ"إمارة" أو "دولة" إسلامية، بل سُمع بوضوح من يُطالب بـ"دولة للجميع" و"دولة القانون" التي تساوي بين جميع المواطنين.

    ولعل هذا هو الرهان الأكبر لنجاح التغيير.

    لا شك أن سقوط أي نظام مستبد شق الطريق لسقوط متوقع للآخرين مهما حاولوا تأخير هذا المصير أو تأجيله. لكن سيبقى مقلقاً ومؤرقاً البحث في جذور هذه الثقافة التي زينت لهذا الحاكم أو ذاك أن يقتل بلا رحمة، أن يتمسك بالحكم رغم تأكده بأنه بات مرفوضاً، وأن يفضل التخريب أو الحرب الأهلية أو زرع بذور الشقاق كأنه يريد الانتقام من مستقبل الوطن والشعب.

    لا يمكن ضمان عدم تكرار هذه المخاطر المفزعة إلا بتعاقدات اجتماعية نابعة من الحوار، ودساتير تُحترم وتُلتزم وتطبق، وقوانين يخضع لها الكبير قبل الصغير. فهذه أدوات الثقافة النافية للدكتاتورية.

    مع الإيذان بنهاية مقررة لعمليات حلف الأطلسي في ليبيا، كترجمة للنهاية الفعلية للقذافي ونظامه، تتجه الأنظار إلى سلوك الليبيين لجعل خاتمة الثورة بداية قصة نجاح أخرى عناوينها: الوحدة الوطنية، إعادة الإعمار، ضمان المستقبل. انتهى الكابوس فلتضمّد الجراح وليبدأ العمل.



    جريدة الاتحاد
    الثلاثاء 27 ذي القعدة 1432هـ - 25 أكتوبر 2011م





                  

العنوان الكاتب Date
ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...توثيق الكيك10-21-11, 09:56 AM
  Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-21-11, 10:10 AM
    Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-21-11, 10:27 AM
      Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-21-11, 11:16 AM
        Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-21-11, 11:51 AM
          Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-21-11, 08:59 PM
            Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-22-11, 07:21 AM
              Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-22-11, 07:59 PM
                Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-23-11, 05:05 AM
                  Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-24-11, 04:34 AM
                    Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-24-11, 09:02 AM
                      Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-25-11, 05:13 AM
                      Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-25-11, 07:08 AM
                        Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-26-11, 05:35 AM
                          Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-27-11, 04:57 AM
                            Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-27-11, 06:52 AM
                              Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-28-11, 10:04 PM
                                Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-29-11, 08:27 AM
                                  Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك10-31-11, 06:50 AM
                                    Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك11-01-11, 07:27 AM
                                      Re: ردود الافعال ..الحكومية والشعبية العالمية ..على مقتل القذافى ...ت الكيك11-02-11, 05:26 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de