|
تساؤلات حول أطفال المايقوما/محمود الزين
|
http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/ar3/exec/view.cgi/2/19
محمود الزين تساؤلات حول أطفال المايقوما نحن مجتمع أصبح أكثر تعقيداً من أي وقت مضى ويزداد تعقيداً يوماً بعد يوم بسبب الإستقطاب الآيديولوجى الحاد (دينى وإثنى وجهوى وطبقى، إلخ) وبسبب التغيرات البيئية والحضرية والإقتصادية داخلياً وبسبب التغيرات العالمية من حولنا بخطاباتها الإنسانية وغيرها خارجياً. ولهذا يتوجب علينا إثارة كل الأسئلة الممكنة والمحتملة حول إدارة وزارة الشئون الإجتماعية بولاية الخرطوم لشأن الأطفال فى دار المايقوما وألّا نركن بالكامل لطيبة الإنسان السودانى ذو القلب الكبير كمعيار للأداء السليم فى أمر يتطلب غاية الحذر. ما هى المعايير التى إستخدمتها الوزارة فى وضع نفوس آدمية تحت رعاية بعض أفراد المجتمع؟ هل تم ذلك بإتباع منهج "حسن النية" أم أن هنالك ضوابط إتبعتها الوزارة وأوضحتها للأسر الكريمة التى أوت هؤلاء الأطفال؟ هل أتبعت الوزارة محاذير معقولة وأستقصت حول من هم الذين سوف يؤوون الأطفال وكيف يجب أن يعاملونهم وما إذا كانوا سوف يتعرضون للمساءلة حول تعاملهم مع هؤلاء الأطفال إذا ما رأت الوزارة أنهم تسببوا فى إيذائهم أو إهمالهم وبالتالى ربما تسبيب الموت لهم؟ وإي طرائق للمتابعة والمراقبة والتقييم إتبعتها الوزارة؟ وهل تدرك الوزارة أنه ربما يدخل قائمة الأسر الكريمة بعض من الناس ممن لهم غرض فى أخذ الأطفال بهدف رعايتهم؟ هل الحافز المالى الذى تقدمه الوزارة هو الذى يدفع بالبعض لأن يأوى طفلاً فى بلاد يعيش جل سكانها تحت خط الفقر؟ وما هى درجة إستعداد المحفز مالياً فى أن يوفر رعاية كريمة للطفل وما هى المعايير التربوية التى سوف يتبعها؟ هل هنالك منهج تربوى سليم تلزم الوزارة الأُسر بإتباعه أو تتوقع الوزارة أن تتبعه الأسر المتبنية للأطفال أم أن هنالك من يعامل هؤلاء الأطفال كأبدان فقط لا يهم تماسكها النفسى ولا يهم حفزها لإكتشاف مقدراتها وطاقاتها، أم أن هنالك من يعامل هؤلاء الأطفال كإنكشارية محتملين؟ أي أسر تقوم بإيواء هؤلاء الأطفال؟ هل هى الأُسر السودانية العادية التى ما يزال بها الأم الرءوم والأب الشفوق أم أنها أسر أو أفراد تم إختيارهم لتحقيق فائدة أو تنفيذ خط آيديولوجى يستخدم فيه هؤلاء الأطفال كأدوات لمشاريع سياسية؟ ام هل هى أسر بعض أفرادها أو كلهم لهم مواقف عنصرية مشهودة وربما يأخذون الأطفال بهدف إهمالهم وتركهم يموتون ببطء أو قتلهم لتقليل الحضور الديموقرافى لإثنية معينة فى المجتمع السودانى أو بيعهم بمبررات أخلاقية عنصرية لا يحتاج البعض فى الآونة الأخيرة لتسويغها وتسويقها. يجب أن نضع فى الإعتبار أن هنالك على الأقل أفراد وليس بالضرورة أحزاب أو جماعات هدفت وتهدف بكافة الوسائل إلى تغيير التركيبة الديوموقرافية والإثنية للشعب السودانى وأن الحديث عن أطفال المايقوما من هذه الزاوية هو حديث سياسى بالدرجة الأولى ولا يجب أن يكون عاطفياً يقطر له دماً قلب الأنسان السودانى الما-قبل ثمانيناتى. الإنسان السودانى ذو القلب الكبير لم يمت ولكنه تشوه فى العقود الأخيرة بدرجة لا يكمن أن يتصورها العقل؛ تشوه بالدرجة الأولى بسبب قوة آلة القهر الآيديولوجى الذى تبنته جماعة كانت وما تزال حريصة على تغيير الكيمياء النفسية للإنسان السودانى وتشوه بفعل الضغوط النفسية والإقتصادية اليومية والضغوط البيئية والحضرية والسياسية. الخطاب العنصرى المتصاعد فى السنوات الخمس الأخيرة يختلف نوعياً عن العنصرية السائدة وبتأمله قليلاً ربما يصل المرء إلى محصلة سريعة وهى أن كل مستفظع أصبح الأن ممكناً فى السودان. مثل هذا الخطاب، وهو ليس بالضرورة مقتصراً على السودان وحده، يبرر كل شئ ضد المختلف عرقياً، أو إثنياً، أو ثقافياً أو سياسياً بما فى ذلك قتله أو بيعه كاملاً أو بيع بعض أعضائه أو تركه يموت ببطء. موضوع أطفال المايقوما أكبر بكثير من محاسبة القائمين على الأمر؛ إنه يضع فى المحك الأسس الأخلاقية التى تقوم عليها مثل هذه المحاسبة بالأساس. أطفال المايقوما جزء من كل. إنهم يوجهون للضمير السودانى أسئلة حائرة كثيرة وصعبة جداً. وموضوع أطفال المايقوما يتطلب غوصاً أعمق فى دواخلنا وفى مواقفنا ولغتنا اليومية ومكونات مجتمعنا ومؤسساتنا وما نسميه أخلاقنا السودانية إذا أردنا أن نسبر أغواره بصدق وأن نحصل على مردود إنسانى لائق.
|
|
|
|
|
|
|
|
|