رحيل نغم .. إبراهيم عوض صور وإفادات وتذكار عزيز

Quote: الفنان الذري الذي اطرب كل الاجيال رحل ابراهيم عوض شابا في السبعينات رحم الله الفنان ابراهيم عوض الذي كان لظهوره في الساحة الفنية قبل 50 عاما اشبه بقنبلة موقوتة ·· تفجرت في بيت ام درماني عادي بحي العرب ·· لتهدم حائط تقاليد موروثه من عهد كرومة وسرور اقامه مجتمع متزمت يغني باستحياء لمحبوبة غائبة خلف الجدران ·· ولوطن يشهد حراكا عنيفا مناديا يسقط الاستعمار ، ويقترب خطوات جادة نحو نيل الحرية والاستقلال · مجتمع في ذلك الزمان البعيد مازال عالقا بالاذهان ·· حال دون انتشار الأغنية الشابة واستمسك بالقديم فاذا بمجيئه يحدث اكبر نقلة فنية للغناء السوداني ، في عقد الخمسينات من القرن الماضي ·· من الحقيبة الي الحداثة ·· فكان كمن يقفز بالزانة ·· او يعدو بسرعة عداء سريع لقطع مسافة مائة متر في ثوان ليصبر ويكافح سنوات بعد ذلك ليصبح فنان الشباب وسط جيل الرواد من العمالقة الذين سبقوه ولم يستطيعوا الفكاك من النمط والتقليد السائدين في ذلك الوقت · يوم ان وقف ابراهيم عوض بكامل اناقته ·· وهندامه ووسامته علي خشبة مسرح مدرسة الانجيلية الأمريكية بالخرطوم بحري بحي الاملاك في امسية احتشد فيها المئات ليستمعوا الي الفنان الذري ويشاهدوه علي الطبيعة وهو يأت بما لم يأت به الاوائل اعتدل بعد فاصل ·· ليفاجئ الجميع باغنيته الخاصة الجديدة ·· وما ان اعطى لصوته العنان مرددا >حبيبي جنني< ·· وشاغل بال ·· حتي مال المئات من رواد ذلك المكان في ذلك المساء الجميل ذات اليمين وذات الشمال واخذوا يرددون وراءه المطلع الاول ·· والثاني والثالث ولم يسمحوا له بالنزول من فوق خشبة المسرح الا ليكرر علي مسامعهم تلك الكلمات الخفيفة الرقيقة التي فتحت له ابواب الشهرة وتنهال عليه العروض والدعوات لاقامة الحفلات في العاصمة المثلثة حتي صار رقم واحد ليقتفي اثره بعد ذلك اجيال وراء اجيال ·· وظل هو ابراهيم بتسريحته الموضة وبابتسامته بسنه المكسوه والمشحوة رقه ذهبية ·· وباناقته يعطر ليالي ام درمان بالغناء الجميل من كلمات صديقه الشاعر المبدع عبد الرحمن الريح · وظل ابراهيم هو ابو خليل ·· صامدا في مكانه بالمقدمة رغم عوامل التعرية التي اصابت الساحة الفنية ورياح التغييرات التي صاحبت سنوات العقد السبعيني والتي ظهر خلالها فنانون جدد تنافسوا بشرف لاخذ اماكنهم في طابور المبدعين ·· وكل ما قدم ابوعركي وعبد العزيز المبارك ومحمد ميرغني وزيدان والبلابل وخوجلي عثمان وعبد العظيم حركه ومن قبلهم حمد الريح وخليل اسماعيل ورمضان زايد ورمضان حسن جاراهم في الجديد وقدم اروع الألحان من كلمات ابراهيم الرشيد والحان عبد اللطيف خضر · لقد سبق ابراهيم عوض ظهور وردي وعبد الكريم الكابلي اللذين تغنيا باغنياته واقتفيا اثره الي ان صارا منافسين قويين له ·· بجانب منافسته اصلا لجيل الأغنية الحديثة من الرواد احمد المصطفى وعثمان حسين وعبد العزيز محمد داؤود · لقد ظل فنان الشباب في كل عقد من العقود الخمسة للقرن العشرين الماضي واستمر كذلك في زمن ازدحم فيه المطربون من الشباب يقلدون اغانيه وأغاني غيره من الفنانين المراحيم دون ان يكون لهم لونية خاصة تميزهم · من استمع الي احدي اغنياته الحديثة ان لم تكن الأخيرة وهي اغنية >سلوي< التي صارت علي كل لسان هذه الايام لظن انه ابراهيم عوض الخمسينات رحمه الله · لقد كان صديقا عزيزا لي واستحضر له موقفا في منتصف السبعينات عندما التقينا بفندق النيل بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا ·· جئت يوما مرافقا للمنتخب القومي وجاء هو بدعوة من اشهر فناني البلد الجار العزيز في ذلك الوقت >المايو< الذي يلتقي معه في الوسامة والاناقة والالحان الجميلة ·· وحضرت لهما سهرة غنائية ما زالت في الذاكرة لم تمحها السنوات · وحتى الان اذكر عندما ذهبنا الي >ماركاتو< للتسوق ·· فاختار لي جاكت بني ، ولنفسه ايضا واصر علي دفع ثمنها لتظل التي اهداها لي ذكرى · وطوال اغترابي بالأمارات لم يأت ابراهيم في زيارة خاصة كانت ام بدعوة رسمية لاحياء حفل الا نادرا · ظل ملتزما بفنه ·· بتقاليد فننا السوداني ، احترامه لنفسه ·· لم يرتزق بفنه يوما ·· ولم يسع لتكريم او احياء قعدات خاصة ليتكسب منها كما يفعل كثيرون غيره · ظل شريفا ·· عفيف النفس ، خفيف الدم ·· حسن المظهر ·· حلو الحديث ·· بارا بأهله واسرته ومحبا لاقربائه واصدقائه وجيرانه مولعا بفنه الجميل الطروب ·· حتي وافته المنية ·· رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته >انا لله وانا اليه راجعون< صدق الله العظيم