السكة حديد (صور الجريمة)

Quote: علي التور بقلم \ علي عسيلات ناظر محطة السكة الحديد الخرطوم أواخر السبعينات وحتى أول الثمانينات تذكرته عندما ألتقطت يدي ورقة قديمة بها تعليمات ( المناورة) وعدد القطارات التي ستغادر الخرطوم خلال الوردية للجهتين (القبلي) و(البحري) كان عدد القطارات التي ستغادر خلال الوردية إحدى عشر قطاراً، وكان جدول القيام مكتوب بالدقيقة نظرت لورقة التعليمات أعدت قراءاتها مرات، سدَّ أمام ناظري (علي التور) رحمه الله وصارت الأرقام المكتوبة ألوانا ناطقة وصورة حية لذلك الرجل العملاق، ٢٠ في - كان يحفظ الخطوط من ١ المحطة الجديدة ومثلها في المحطة القديمة(الركاب) إحدى عشر قطاراً تحمل المحروقات (المستوردة) والتي وصلت من بورتسودان تحملها(فناطيز)ضخمة تحتوي البنزين (عربات وطائرات) والزيوت ومئات العربات الصلب تحمل المواد الأخرى الذرة –السكر- الشاي السجاير- وعربات تحمل عربات ودبابات وعربات مخصصة للمواشي، عربات تحمل المواد القابلة للاشتعال وعربات تحمل البشر، وكلها لها احكام وقوانين وطريقة توضيب محفوظة عن ظهر قلب ، والعربات من قلب السودان الخرطوم إلى كل انحاء السودان (قبلي)المحطات حتى جنوب السودان و(بحري )للشمال حتى بورتسودان كان الناظر (علي التور) يملأ (بدلته) تماماً ويعرف كيف يدير محطته، وكيف يعامل مرؤوسيه ورؤسائه ، وكيف يحكم المحطة، وفي ورديته الصباحية تغادر الخرطوم أكثر من إحدى عشر قطاراً في الوردية الواحدة، أكرر في الوردية اليوم وللعار !! هذا العدد أكثر من الأسبوع ..ولهذا كان عدد الوابورات (مناورة) علي حسب الحروف الأبجدية وأبور حرف(ألف) للمحطة القديمة (ركاب) ومعه وأبور احتياطي (واو) ثم حرف ب-ج-د-ه-ح-و-ط -ذ ..الخ وكل حرف مخصص لعملية محددة بحري – الشجرة- الشركات - المطار- الكدرو(بالكرنتينة) عمليات كثيرة تحتاج للقوة والذكاء واليقظة، وعمنا علي التور كل يوم نتعلم منه الجديد – وكان حازما مع رؤسائه ومرؤوسيه بغير (جلافة) كنا نقول له مثلاً يا عم علي فكنا بدري الليلة الكورة! يقول لك : ياولدي الخشبة قالت للمسمار شيشك !! قال ليها ما شايفة الشاكوش؟! ومعناه أن الخشبة تطلب من المسمار أن يكون رفيقاً بها عند الإختراق، ولكنها تقول له انظر ماذا يفعل الشاكوش ! وكان الشاكوش الذي يعنيه عم علي يبدأ بشكل متتابع المفتش ومكتب الكنترول يتابع القيام والوصول، وباشمفتش الحركة يتابعهم، والمأمور يتابع الباشمفتش، ومكتب القطارات عطبرة يلاحق المأمور ونائب مدير الحركة معهم بالتلفون، ومدير الحركة والبضائع يتابع، والمدير العام يقف فوق رأسه وزير النقل، المسئول عن أي تأخير أمام رئيس مجلس الوزراء المسئول أمام مجلسه، وهكذا الحلقة كل واحد فيهم شاكوش يقرع على رأسه الخشبة، ولا مجال للتهرب وإذا تأخر أي قطار لازم يكون تأخيره بسبب مكتوب في جدول الكمساري، والذي يراجع من قبل مكتب القطارات ولهذا عمنا علي التور هو حلقة الوصل الهامة يربطها بإحكام ويقبل بما يفعله الشاكوش ولا رحمة للخشبة التي تحته عندما يتحول هو نفسه شاكوش يفعل بالمسمار ما يتطلبه العمل. ذهبتم يا عم علي وتركتم سكة حديد( عالمية) كم ضخت الدم لشرايين الوطن، ولكنهم خربوها يا عم علي مع سبق الإصرار والترصد.