د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النوبي)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 06:15 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-27-2011, 08:44 PM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39979

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو (Re: Kostawi)


    دعوة للخروج من القطرميز... مقاربة لشخصية سودانية(8)

    د.ناهد محمد الحسن




    لا شك إن الأجيال القادمة هى الرهان الوحيد المتبقى لمجتمع سليم ومعافى، وإلى أن يأتى هذا الوقت علينا أن نعالج أنظمتنا التربوية ومن قبلها علاقاتنا الزواجية والوالدية. وقد انتهينا فى المقال السابق الى اسس اختيار الشريك باعتبارها الخطوة الأولى نحو زواج مستقر وسعيد, ونحن اليوم بصدد مراجعة علاقاتنا الزواجية بغرض دفعها نحو مفهوم الشراكة الحقيقية لتحقيق بيئة تربوية آمنة للطفل ما استطعنا الى ذلك سبيلا.



    يحفظ الزوجان أدوارهما فى سيناريو الزواج حتى ينصرف الضيوف فيبدآن بالارتجال غير الخلاق، باعتبار أن الجميع يركزون على ليلة العرس متجاهلين ما بعدها، حيث يبدء الرهق الحقيقى فى مواجهة التغيرات الجديدة والواقع الصعب. فالزواج السعيد ليس هبة بقدر ما أنه شئ نتعب فيه لإنجاحه والمحافظة عليه. والوقت الذى نهدره زمن الخطبة فى الثرثرة التى تجمل الشريكين فى أعين بعضهما البعض، وإلهاب المشاعر وشحن الغرائز، كان يمكن ادخاره للحديث الواعى حول الزواج وتنبيه الشريك الى العيوب التى لا يراها ليتعامل معها... الأشياء التى يحبها كل منهما ويكرهها... فقد يحتاج احد الشريكين الى رؤية طبيب نفسى إذا وجد نفسه مثلا عاجزا عن التواصل السوى نتيجة لتراكم خبرات الطفولة السابقة وغيره من الأسباب. الوضوح والصدق والواقعية، هي أولى خطوات الزواج السعيد, حتى لا نفاجأ بأننا تزوجنا من شخص لا نعرفه وكثيرا ما تسمع عبارة "تغيّر بعد الزواج"، وهو بالطبع لم يتغير بل هدأت الرغبة، فألقى اليها قميص يوسف فارتدّت بصيرة.



    علينا قبل الزواج من التأكد بأننا فى طريقنا للزواج من بشر قضى زمنا لا يستهان به رهينا لأنظمة تربوية تفعل فعلها فى الشخصية، ولم يسلم منها الا القلّة المحظوظة، لذلك نحن بحاجة الى مواجهة الذات قبل الدخول فى تجربة قد تؤلم شخصا كل ذنبه فى الحياة أنّه أحبّنا. وقد تتحول عملية التغيير هذه بمساعدة الشريك الى تجربة عاطفية مثيرة. ربما أول سؤال يخطر ببالى كلما تأملت دراما الزواج فى بلادنا: لم لا يلبث الشريك أن يرحل الى الصالون تاركا الزوجة فى دوار الأعمال المنزلية، الأطفال، وطلبات الزوج التى لا تنتهى، والضيوف والمجاملات الاجتماعية؟. وللحاق بهذا الماراثون تبدأ الزوجة فى الاغتراب عن ذاتها شيئا فشيئا، فلا أنت تعرفها ولا هى تعرف نفسها!. وحتّى لا يبتسر أحدهم حديثى بدعوى أنّه إلزام لمشاركة الرجل فى الأعمال المنزلية، أؤكد قناعتى بأن العمل المنزلى وتربية الأطفال الدؤوبة، تجارب روحيّة مثمرة، تعوّد على الصبر وتحمل المسؤولية وضبط النفس وتنير الدروب المعطبة بالذات فى مجال ترقيها نحو الإنسانية. وغياب الأب السودانى عن عالم أطفاله بسبب العمل والرزق او عمدا لخلل مفاهيمى متعلق بالأدوار الجندرية التى تكل للمرأة مسؤولية البيت والتربية, قد يكون وراء غياب أخلاقيات العمل والالتزام المهنى والنهوض بالمسؤولية وعدم الصبر على العمل الشاق, لذلك نجد كثيرا من الآباء يهربون تاركين النساء بمفردهم فى مواجهة الحياة. وتعيش المرأة السودانية أصعب تجارب الزواج النفسية على الإطلاق بمفردها، دون دعم الزوج ومساندته فى لحظات الإنجاب.



    يعتبر رحيل الزوج الى الصالون علامة على فشل الحوار الزواجى أو على أحسن الفروض تدليلاً على مسيرة زواجية تقليدية. الطفل الذى ينشأ وهو يراك لصيقا بزوجتك ولديكما غرفتكما الخاصة، لن يندهش كالطفل الذى يضبطك فى فراش أمه ليلا! للسرير المشترك قدرة مدهشة على إبقاء التواصل وتحسس الحواجز التى فى طريقها الى الارتفاع. وهو من أهم دعائم الذات لدى المرأة وأحد أهم الأشياء التى تبقيها دافئة وعلى عناية دائمة بشكلها. كما أنه فاتحة للحديث فى أحد التابوهات المحرمة، التى تتسلل باختلالها وتشوهها لتعكر صفو حياتنا وتجلب السخط اليها، باعتبار أن العلاقة الجنسية بين الزوجين أمر لا بد من التطرق اليه ما دمنا بصدد دفع الحياة الزوجية نحو الشراكة الفعلية.



    تتعلق المرأة بالتفاصيل الحميمة التى تسبق المباشرة الجنسية أكثر من العملية الجنسية نفسها، وهى دراسة إحصائية تطرق لها السيد الصادق المهدى فى كتابه (المرأة وحقوقها فى الإسلام)، وإن كنّا فى مقال سابق ناقشنا الانجذاب الجسدى القائم على مؤشرات الخصب، فنحن بصدد إيجاد أجابة لانجذاب المرأة للرجل العريض المنكبين كتفصيل جمالى أساسى، ربما هى الرغبة فى الحماية بالاختباء فى كوخها الصغير بين ساعدى الرجل الذى تحب. لكن دون شك الطريقة التى بوسع ساعدين بهذا الاتساع أن تعانقاها بها، هى تجربة يود الجميع لو يختبرها. والوقوف عند الساعدين للتدليل على أهمية التفاصيل الحميمة فى علاقة يعانى أحد أطرافها من تأخر الاستثارة والوصول الى الذروة.



    لو سألنا: لم تحب المرأة شخصية الدون جوان فى مختلف الثقافات؟ لباتت الإجابة واضحة: من تعاطيه المدرك والحساس لحاجات النساء العاطفية. هنالك أشياء بسيطة بمقدورها أن تشعل جذوة حبنا للشريك الذى لا ينى يلتفت الى اجسادنا الجميلة وحضورنا الأنيق.. ولا يزال يؤكد معنى وجودنا فى حياته. والكلام الجميل هو ما نفتقر اليه رجالا ونساء... فإذا كنت مثلا متضايقا من غياب زوجتك لظروف عائلية ملحة خارج المنزل جعلتك تشعر بأنك تفتقدها وبدلا أن تسمعها هذه العبارات الرقيقة، تنفجر فى وجهها عند حضورها مؤنبا لها على تأخرها ومبالغا فى إشعارها بالتقصير والإهمال. بعض الرجال يحتكمون الى حكمة قديمة مفادها لا تظهر عواطفك لامرأتك فتسئ استخدامها، وهى الحكمة التى أحمّلها مسؤولية الشتاء الذى يسكن فى كل البيوت السودانية جاعلا القلب متطلعا الى شمس جديدة، يصبح حضورها ضرورة بقاء لا مجرد نزهة عابرة. يقول أندريه موروا فى (فن الحب): "ولعل شخصا كريم النفس ان يقول: اننى اعلم باعترافى لك بحبى أضع نفسى تحت تصرفك، ولكن يسرنى ان افعل ذلك. فإذا كان الشخص الآخر اهلا لهذه الثقة، امكن للحب ان يعيش الحب بأسمى معانيه حبا متبادلا قوامه الثقة المشتركة.. اما اذا لم يكن ذلك الشخص كذلك فإن من الضرورى إعطاءه جرعات مقوية من الدلال".



    وما يخترعه موروا هنا من فنون الحب يلائم طبيعتنا تماما، فالرجل ليس مخطئا تماما فى إخفاء مشاعره ولكن هذا الإخفاء عطل عملية تداول الحب حتى سئم الشريك. فأنظمتنا التربوية التى تنتهى بنا الى عوز الحب المكتسب تجعلنا ساديين جدا امام الحبيب الذى يرمى رايته عند اقدامنا ويركع.. فجرعات الدلال التى اقترحها موروا من شأنها أن ترده الى صوابه وأنك فى طريقك للإفلات من قبضته فيكف عن ألاعيبه الصبيانية. فبالاضافة الى عبارة موروا يمكنك ان تفهم الشريك انك وإن كنت تتألم لفقده الا انه بمقدورك الرحيل ما دام هو غير راغب فى بقائك. انها توليفة بمقدور اى شخص ان يفتلها وفق هواه، وكما تشتهى الحيل.. اذ اننا لا نزال نقدر الأكاذيب والالتواءات أكثر، اذ علينا ان نتفادى مكانيزمات الدفاع النفسى التى يشهرها فى وجهنا الشريك كلما حاولنا الاقتراب منه.



    هل حاولت مرة بعد حياة زوجية طويلة ان تتودد الى زوجتك فى أثناء قيامها بالأعمال المنزلية بالجلباب القديم والشعر المهووش؟ وهل حدث وأخرجت حياتك الزوجية من صقيع الاعتياد والصرامة العلائقية والطريق المختصرة للتخلص من إلحاح الرغبة؟. كلما نظرت الى رقصة الفالس الوافدة الى بلادنا فى طقس الزيجات الحديثة، اتساءل: لم لا نستخدمه كحيلة راقصة للبقاء فى احضان احدهم بالمنازل الزوجية؟! فالتفاصيل الصغيرة فقط هى التى تخلق قصة حب ورثاء كهذى:



    "بلقيس هذا موعد الشاى العراقى



    المعطّر والمعتّق كالسلافة



    فمن الذى سيوزع الأقداح ايتها الزرافة؟



    ومن الذى جلب الفرات لبيتنا



    وورود دجلة والرصافة؟".



    قصيدة (بلقيس) لنزار قبانى هى قصة الرثاء لأعظم لزيجة ازدهت بالتفاصيل الحميمة من امشاط شعرها الى امشاط قدميها، والحيلة الوحيدة الناجعة لإبقاء احدهم بقربنا هى المزيد من الحب والعطاء، اذ يتسلل الكسل والرماد الى اسرّة المحبين بعد الزواج، ويتبخر الشغف فيثور الخوف والتوتر ويظهر الشجار.. وكل ما علينا لإبقاء هذه الجذوة الإصرار على العبارات العاطفية الجميلة مع إجازات خاطفة تذكى نار الشوق والوجد. علينا ان نسد كل الفجوات فى قلوب الذين نحبهم فلا يتسلل منها المتسللون، وعلى المرأة ان تخرج من انقياديتها البلهاء والطوعية الى حد ما، فالذى يهرب من الندية شخص متهالك او لا يدرى ماذا يريد. يتعلق الرجل بالمرأة ذات الشخصية القوية ويبدأ فى ابتزازها عاطفيا لترويضها الى ان لا تجد فى نفسها حرجا مما قضى وتسلم تسليما ليكتشف انه كان عاكفا طوال الوقت على نزع الأوراق التى يحبها من زهرته دون ان يدرى!.



    والحقيقة ان المرأة ليست بريئة تماما من المسؤولية، يقول الدكتور مصطفى حجازى: "فالمرأة التى تنادى بالشراكة والتكافؤ فى المسؤوليات والحقوق لا تزال مدفوعة بدرجات مختلفة من التمسك بالأدوار القديمة بما فيها من تبعية واتكالية، وفوائد مختلفة. كذلك هو حال الرجل الذى لا يزال يخفى فى أعماقه نفس النزوع التسلطى الفوقى الموروث ثقافيا، ونفس النظرة الى المرأة كأداة لتحقيق مختلف رغباته وغاياته, وراء شعارات المساواة والانفتاح والتطور التى يرفعها عاليا". وقد عنيت بخطابى الرجال أكثر لأنهم لا يزالون فى مواقع القيادة والريادة فى المجتمع يحرسون أبواب التغيير بصرامة وهواجس يفضلون فيها الإيحاءات غير المباشرة بالرغبة من دخان وعطر وخلافه وينفرون من التودد المباشر الذى يلمس خلايا الشكوك ويجعلها تتكاثر بشراهة.



    ان لم نكن طبيعيين وتلقائيين فى حياتنا الزوجية فسيحل التوتر محل السلام، ولو كانت الحياة الزوجية رحلة مؤقتة لأمكننا التظاهر، لكنها شبه حكم بالمؤبد علينا فيه ان نحسن اختيار رفيق سجننا فنسجن انفسنا فى روعته حتى يتلاشى وعينا بالأسر وإلا تنامى احساسنا بالقضبان الى حد تحطيمنا او تحطيمها والخروج.


    دعوة للخروج من القطرميز... مقاربة لشخصية سودانية (9)

    ( تم حذف البريد ل...نتدى )



    في عتمة القطرميز، غيابة الجبّ وزمهرير الأزمات.. يبقى الحديث عن الأطفال الزاد الوحيد المدّخر لرهق الدروب القادمة، نشحذ له ما تبقى من أنفاس ونرقبه بعشم النبي يوسف لدلو أحد السيارة؛ رحلة الانعتاق الطويلة من كيد الإخوة والنسوة وظلمات السجن عبر الطريق المفضية إلى قلب امرأة العزيز.. إلى الزمن الذي نصير فيه الآمرين والقادرين على أن ندسّ المكاييل في رحل من نحب أحراراً وبغاة قادرين على الظلم وأن نؤذّن للعير متى شئنا انّّكم لسارقون!!.



    متى ما فرغنا من دهشتنا القريبة، وتعمّدنا أن نكون آباءً وأمهات حقيقيين، مستعدين لمعترك التربية الواعية والمدركة حتى لا يرشقنا المعرّي الذي ننجبه بحصباء "هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد"..! إذ يأتي الأطفال في السودان لازم رغبة، تماماً كنداء البيولوجيا الليلية التي توقظك بنفس الطريقة لتفرغ مثانتك.. عندما نأتي استجابة لدعوات قضاء الحاجة نأتي عجولين وكيفما اتفق.. لا متراخين وعلى كيفنا..!! فمن الذي يتخير لنطفه الوعاء المعافى من دسائس العرق ومكائد الوراثة..؟ ومن الذي يعد نفسه نفسياً واقتصادياً وصحيّاً واجتماعياً لمسؤولية الأبوة أو الأمومة..؟ وحتى متى نحمل أطفالنا كرها لا شوقا.. لأجلنا لا لأجلهم؟!



    يولد الأطفال في السودان والدول النامية كالعبء الذي ينقض الظهر، وتحمله أمّه وهناً على هم.. نضيفهم إلى الأفواه المفتوحة والبطون التي تحتاج إلى مدّخراتنا وما نشتهي من أمان. ننجبهم لنتخلص بهم من مطاردات الأهل وملاحقاتهم بحثاً عن مزاعم لثرثراتهم الليلية عن عقم العروس أو عجز العريس الجنسي، يفعلونها وهم يترقبون بطن العروس التي إن لم تكبر فويل لها من لسان لا يعرف الحدود واقتراحات لشجارات ليلية قادمة وزوابع رعدية أعنف من أمشير وزعابيبه لتنتهي القصّة بالحمل الذي لا تعرف الأسر ما تفعل به فتعلقه كالذهب في رقاب الأغنام مهدرة بذلك أغلى الحجارة الكريمة في العالم.. أطفالنا.. يقول بولبي واينزورث في نظرية الارتباط أن:



    عملية ونوعية الارتباط بين الطفل ورعاته تؤثر تأثيراً كبيراً على صورة الأطفال عن ذواتهم، وصورتهم عن العالم المحيط بهم، احساسهم بالحب والقبول او الكراهية والرفض. إذ تتكون بين الطفل والأم منذ الأشهر الأولى خصائص جوهرية لنظام الارتباط الذي يجمعهما والقائم على الرعاية والحماية وتوفير الاحتياجات الأساسية للطفل، كما يلعب التقارب الجسدي مع الأم دوراً مهماً في إشعار الطفل بالأمن والرعاية وبالتالي وعي الذات وتقديرها. وهذه القدرة على وعي الذات وفهمها والإحساس بقيمتها والسيطرة عليها، والقدرة على التعاطف مع الآخرين تؤدي الى تكوين ذكاء عاطفي يكون من أهم عوامل نجاح البالغ.



    يقول أرسطو طاليس "كلنا نغضب، لكن أن تغضب في الوقت المناسب بالقدر المناسب مع الشخص المناسب هذا هو المهم".. يقول بعض الدارسين الأردنيين (كتاب الإساءة والجندر): "عندما نعبّر عن العواطف، تتوحّد كل الأنظمة الدموية وتصبح متكاملة، وعندما تكبت المشاعر أو تنكر أو لا يسمح لها بالخروج تغلق شبكة الطرق الدماغية، وبذلك تتوقف شحنة الشعور بالعنفوان التي توحد الكيمياء والبيولوجيا والسلوك الإنساني.



    أثبت علماء الدماغ والأعصاب أن العاطفة والمشاعر تلعبان دوراً فعالاً في كيفية الشعور والتصرف والتفكير أثناء عملية التعلم. ذلك أن العواطف والمشاعر تحركان الانتباه وتخلقان المعنى ولديهما طرق ذاكرة خاصة، كما أن المشاعر المناسبة تسرع في اتخاذ القرارات، المشاعر تساعد في تكوين حلول وقرارات تعتمد على توضيح القيم المهمة بالنسبة لنا. القيم هي حالات شعورية إذا كان الصدق قيمتي فأنا اشعر أنني تعيس عندما أكذب. فقدان المشاعر هو بنفس خطورة فقدان السيطرة علي المشاعر".



    هنالك نظريات شهيرة تحدّثت عن نمو وتطور الطفل من نواح عدّة كنظرية النضج الأخلاقي لكولبيرج، والتطور المعرفي لجان بياجيه، والنظرية النفسية الاجتماعية لأريكسون، ونظرية التطوّر النفسي والجنسي الشهيرة لفرويد... وتأتي أهمية النظرية النفس اجتماعية لأريكسون من أنها تعرفنا بالحاجات والأزمات النفسية الاجتماعية التي يمر بها الطفل في المراحل العمرية المختلفة، وبالتالي، تساعد في توجيه التعامل مع الحاجات العاطفية/النفسية/ الاجتماعية خصوصاً مرحلة الطفولة المبكرة، إذ يعتبر اريكسون أن هنالك مهاماً تطورية محددة لكل مرحلة عمرية، كما هنالك أزمات اجتماعية نفسية تنشأ عن فشل هذه المهام وسلوك تواؤمي يبتدعه الفرد في مواجهة التحديات وبناء العلاقات الإنسانية. فعلى سبيل المثال تعتبر المهمّة التطورية للعامين الأولين من عمر الطفل، هي خلق ثقة في الذات والآخرين، يكتسبها الطفل عبر علاقته مع والديه واهتمامهم به بتوفير الحماية والرعاية اللازمة، وفشل هذه المرحلة يتمثل في أزمة الثقة والشك في الذات والآخرين.



    ويعتبر اركسون أن فشل أي مرحلة بالضرورة ينعكس سلباً على المراحل التي تليها. فالطفل الذي لا يتعلم الاستقلال والاعتماد على النفس في عمر الرابعة مثلاً ليس بمقدوره أن يتعلم المبادرة في عمر الخامسة، ولا الإنتاج الإبداعي في عمر السادسة، وهكذا. والمعرفة بالمراحل العمرية المختلفة، ومهامها التطورية ودلالات نجاحها وفشلها يساعد الوالدين في التدخل السريع والسليم لمساعدة طفلهم في تخطي الأزمة ودفعه إلى برّ السواء النفسي. وهي عملية شاقّة تتطلب ادراكاً اسرياً واعياً وحرصاً مسؤولاً، فالعملية التربوية ليست نزهة مأمونة وخالية من المخاطر، فما تزرعه تحصده.. واليكم بعض من الحوار الذي دار بين حنظلة النميري وابنه مرّة إذ قال أحدهم ذات خيبة ما:



    - يا مرّة إنّك لمر..



    = أعجبتني حلاوتك يا حنظلة..



    - انت شؤم على اخوتك، قتلتهم جميعاً وبقيت..



    = أعجبتني كثرة عمومتي!



    - عقمت بطن أنجبتك..



    = إن ولدت من مثلك..



    - أنت بغيض كاسمك..



    = أبغض مني من سمّاني به..



    - ما أمرّك؟...



    = لا يجنى من الشوك العنب



    وحقيقة لا يجنى من الشوك العنب، إذ يتعلم الأطفال بالنموذج أكثر من الأقوال، وقد قال أحدهم:



    مشى الطاؤوس يوماً باختيال فقلد شكل مشيته بنوه



    قال علام تختالون قالوا بدأت به ونحن مقلدوه



    وينشأ ناشئ الفتيان منّا على ما كان عوّده أبوه



    وقد حذّرنا الرسول (صلى الله عليه وسلم) من ان نستعق أبناءنا، فحثّنا على تسميتهم بالجميل من الاسماء بعيداً عن الزمن الذي كنّا نسمي فيه ابناءنا لأعدائنا وموالينا لنا، وقد ابتدر (صلى الله عليه وسلم) هذه الرحلة التربوية الفكرية الرائدة بتسمية الحسن والحسين بدلاً عن اسم حرب الذي أراده علي بن ابي طالب على دارج العرف والعادة. وقد حدث ولام معاوية بن ابي سفيان اعرابيا على ان اسمه مرّة فقال له الاعرابي: "إنّك لمعاوية، وما معاوية إلا ######ة عوت فاستعوت الكلاب، وإنك ابن صخر والسهل خير من الصخر، وإنك بن حرب والسلم خير من الحرب".. فحقق بقوله النقلة الفكرية التي رمى اليها الرسول (صلى الله عليه وسلم). وقد درجنا في مجتمعنا على اطلاق اسم الجد والجدة وفاءً لمؤسسة الوالدية وعرفاناً بها، وهو موقف لا غبار عليه ما دام الاسم لا يحزن صاحبه أو يسوءه.



    تكاد الأسر السودانية تنمو في غياب الأب الذي يغيبه الاغتراب والهجرة وعالم الزوجات الأخريات وأحيانا الهروب او الموت. وقد لا يعدو دور الأب الموجود بنك الضمان والاستلاف والائتمان. ورغم أن العملية التربوية السوية تتوكأ بالضرورة على الوالدين، الا أن التجربة التربوية من شأنها أن ترفد الأب نفسه بتمارين على الصبر وضبط الذات أثمن وأنفع من أي يوغا تقصدها لتدعمك.



    هنالك سؤال أتمنى أن اوفق في الإجابة عليه في حلقتنا القادمة، وهو إلى أي مدى يمكن أن نعتبر أنظمتنا التربوية ومناهجنا التعليمية كافية لخلق جيل متوازن؟!
                  

العنوان الكاتب Date
د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النوبي) Kostawi07-25-11, 08:13 PM
  Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو فقيرى جاويش طه07-25-11, 09:38 PM
    Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو فقيرى جاويش طه07-25-11, 09:48 PM
      Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Rawia07-25-11, 10:48 PM
        Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو محمد جمال الدين07-26-11, 02:54 AM
          Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو محمد جمال الدين07-26-11, 03:17 AM
            Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو ايمان بدر الدين07-26-11, 04:17 AM
            Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 04:31 AM
              Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 04:33 AM
                Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 04:42 AM
                  Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 04:44 AM
                    Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 04:48 AM
                      Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 04:51 AM
                        Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 04:53 AM
                          Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 04:59 AM
                            Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 05:01 AM
                              Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 05:05 AM
                                Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 05:11 AM
                          Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو malik_aljack07-26-11, 05:11 AM
                            Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 05:28 AM
                              Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو malik_aljack07-26-11, 07:36 AM
                                Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-26-11, 08:35 AM
                                  Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو عبدالفتاح علي خلف الله07-26-11, 09:59 AM
                                    Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو محمد جمال الدين07-26-11, 02:52 PM
                                      Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو محمد جمال الدين07-26-11, 03:03 PM
                                        Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Mannan07-26-11, 04:28 PM
                                          Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Mannan07-26-11, 04:31 PM
                                            Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Mannan07-26-11, 04:33 PM
                                              Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Mannan07-26-11, 04:43 PM
                                        Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو الغالى شقيفات07-26-11, 04:29 PM
                                          Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-27-11, 05:22 PM
                                            Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو فقيرى جاويش طه07-27-11, 05:47 PM
                                              Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو malik_aljack07-27-11, 07:30 PM
                                                Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-27-11, 08:36 PM
                                                  Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-27-11, 08:37 PM
                                                    Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-27-11, 08:40 PM
                                                      Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-27-11, 08:41 PM
                                                        Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-27-11, 08:44 PM
                                                          Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-27-11, 08:46 PM
                                                            Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-28-11, 09:44 AM
                                                              Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-28-11, 10:42 AM
                                                                Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-28-11, 10:56 AM
                                                                  Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-29-11, 11:04 AM
                                                                    Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi07-29-11, 06:37 PM
                                                                      Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi08-08-11, 11:45 AM
                                                                        Re: د. ناهد في ندوة عن سايكولوجية الشخصية السودانية (منبر المشروع النو Kostawi08-11-11, 08:43 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de