لماذا لم تنشر هذه الدراسة عن بعانخي في ناشونال جغرافيك (النسخة العربية

Quote: (تأملات ارتجاعية لوقائع تأريخية) هل فعلا المنتصرون وحدهم يكتبون التأريخ ؟.. لقد مرت سنابك خيولهم من هنا .. ودلّ اثر دوابهم عن قوافلهم التي سرت من هنا .. ولكن لا أظنهم وحدهم من كتبوا التأريخ .. انها ( حجوة ) من بهرهم النصر فقط.. أما الحقائق.. فقد ظلت مجسماتها اطودا فوق الأرض .. ومعالمها مخبوءة تدثرها الأنقاض.. حتى لا تسحقها الأيدي الفضولية.. حملنا اوساماها فصداً على الخدود.. ونقشا فوق الجباه والشفاه.. نعم.. لقد جهدوا وبذلوا ما في وسعهم لكي تطمس الحقائق عنا .. وحاولوا دقّ عنق المنصوب عنوة .. ولما اعجزهم محوها.. قطعوا حبلنا السري حتى تختل ذاكرتنا المرجعية.. من منكم رأى رسما لوجه تمثال الملك المروي اوركوماني.. لقد رايت فصدا ظاهرا فوق خديه على هذا الشكل 〜.. وكمان لاورا يا استاذ هاشم سعيد؟ لقد كتب المؤرخون أن مملكة مروي اسقطها الغزو الاكسومي .. هذا كل ما وجدوه مسطورا على مسلة المنتصر.. ثم قالوا أن مملكة سوبا خرّبت .. سوبا التي جاء في وصف عمارها على لسان الأسواني : ( أنها مدينة فسيحة تحتوي على مبان حسان ومنازل واسعة وكنائس كثيرة الذهب وبساتين، وتتكون من عدة احياء) (1) وقال عنها ابن حوقل: ( ان بلاد علوة من أعمر بلاد النوبة قراها متصلة ، بها عمارات متشابكة حتى ان السائر ليجتاز فى المرحلة الواحدة عدد من القري غير منقطعة الحدود ، ذوات مياه متصلة بسواقى على النـيل) (2).. هذان المؤرخان لم يأتيا للبلاد من ادغال افريقيا.. ولا من ام صفقا عراض.. ولم يصحبا غازيا.. جاءا من اعمر البلاد زمنئذ .. وعبّرا عما رأياه بصدق وتجرد. كل ذاك العمران الموصوف في كتب التاريخ.. حاكوا لنهايته كلمات مؤجزة لا تشفي غليل سائل .. ورواية تهكمية لا يستسيغها عقل طفل.. كيف يغوص هذا العمران تحت سنابك الخيل بين ليلة وضحاها؟.. وماذا عن الأرض التي احتفظت بمسمى قراها.. وانسانها الذي قاوم بسحنته محاولات الطمس وتيار التجهيل.. ولكن .. - أين هي اللغة التي كتبوا وغنوا وحكموا بها ؟ - لا يعرف احد.. ولم يسأل أحد.. - لماذا؟ - لأن بطاقة هويّتنا الثقافية حرّفت.. - ومن حرّفها ؟ - نحن.. - كيف يحرّف المرء تراثة ؟ - (ويحرقه كمان) عندما تسلب ثقافته وينحرّف لسانه الناطق.. ويُبذر في وجدانه أنه انسان ثقافة أخرى.. انساق معارف يجدها في ثقافته المقرروءة والمكتوبة .. ولا يجدها في ثقافته الشفهية ومحيطه الأثري.. ولكن.. حين ينتبه البعض لسحناتهم .. تقاطيعهم .. تقاليدهم .. لكنتهم ومزاجهم.. يعتريهم يقين دامغ أنهم لم يغادروا يوما هذه الأرض.. فهي تشبههم.. ينفذ من بين مسامات جلدودهم رائحة ترابها.. يبدون كما كان يبدو عليه أسلافهم.. - اذا .. لماذا قيل لهم ذهبت مروي؟ وهل فعلا خرّبت سوبا وسحق أهلها ؟ - رحلت ثقافتهم .. نعم .. انحرفت ألسنتهم .. نعم .. اختلطت دماؤهم مع الاغيار .. نعم .. ( أعلم أن الفنج ملكت أرض النوبة ) (3).. تأمل هذه العبارة الآمرة!! كأنما الفونج جنس آخر لا علاقة له بالأرض!! ثم أنظر كيف وصفهم المؤرخون.. ( الفونج شعب اسود قدم من أعالي النيل الأزرق) (4).. - وماذا عن قائدهم عميره دونقس مؤسس دولة الفونج ؟.. - مسلم ولكن أتباعه من الوثنيين!! (5).. - ولكنه يحمل اسما عربيا .. - أباه ودولته ( مملكة الفونج) حملا اسما سودانيا .. والأتباع ثقافتهم سودانية .. - بس كمان برضو كان اسمها السلطنة الزرقاء ودا اسم عربي .. - ابدا دا ما اسم عربي .. دي ترجمة عربية للاسم القديم كوش والوسيط اتيوبيا .. - مع ذلك ظلت نسبة القائد لأصله السوداني بفضل الأم .. - ايضا لم يقل أحد ان كانت جدته لابيه ( دونقس) سودانية أم عربية هي الأخرى .. ثم من ؟ الشيخ عجيب المانجلك .. - وماذا عنه ؟ - ابن خالة الشيخ ادريس ود الارباب النوبي المحسي.. - يا الهي .. دا برضوا نسبو للسودان بامه ؟ .. تتناسل الأسئلة وتتشعب .. فيهرب التأريخ لتبرير ساذج .. لقد قدم العرب لهذه البلاد دون زوجاتهم .. - كلهم؟ - ( محدش عارف ) - هل قالت المصادر بعودة احد من هؤلاء؟.. - أبدا.. - جنس حسادة .. طيب خلوهن لى منو؟ وليه ما جابوهن بعد القعدة احلوت على قول اخواتنا المصريين.. - ابدا بكونن طلبن الطلاق خوف الفتنه.. ها ها .. على العموم ان (كان ذلك كذلك) يعنى القالوا الكلام الفوق دا كانوا صادقين؟ الفرية لم تبدأ من تأريخنا الحديث بل الأقدم.. الزخم الروحي المتأصل بين شعوب السودان.. بطواطمه الغابرة ورموز (كجوره ) وكرامات الأولياء.. مستوطنة بطن هذا الوادي من زمان الفراعين.. اسلافنا اول من نظروا الى السماء بعقولهم.. واجترحوا في غمرة بحثهم عن المعبود عقيدة حياة الانسان بعد موته.. ثم اتخذوا وسائطا من البشر ومن غيرهم في مسالك الربوبية.. الى أن بلغ تطورهم عقيدة التوحيد في عهد مليكهم اخناتون.. نعم .. آثارهم كشفت أنهم كانوا يعملون لآخرتهم أكثر من دنياهم.. وليس هنالك دليل أمضى على رسوخ اسلافنا في علوم الباطن.. من قصة كليم الله موسى عليه السلام.. مع العبد الصالح كما جاءت في الذكر الحكيم.. من هنا انطلقت المدرسة الروحية .. فمن يظنها قدمت الينا من مكان آخر.. عليه أن يعيد ترتيب ذهنه.. ولكن.. هذا الزجر الثقافي لم يكن من نصيبنا وحدنا.. بل سبقتنا اليه ( مصر ).. ثم تبعتها بلاد المغرب اوطان البربر التاريخية ..

(عدل بواسطة محمد على طه الملك on 07-26-2011, 10:23 AM)