اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 01:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-01-2011, 08:08 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية

    مقدمة:اقيمت سلسلة من اوراق العمل في زاويةالختمية في صنعاء في شهر ديسمبر 2010 اعدها ونظمها الاستاذ محمد عوض وبحضور لفيف من السودانيين المهتمين بالشان السوداني ..قدم الاوراق
    1- الاستاذ الحسن محمد سعيد: حول الابعاد القانونية والدستورية للاتفاقيات السودانية 1956-2005
    2- الاستاذ عثمان تراث :مراحل تكوين الدولة السودانية الحديثة 1820-1956
    3- الوحدة باسس جديدة كخيار جاذب :عادل الامين
    4- الاستاذ احمد هاشم الكمالي:حق تقرير المصير(ورقة اولى)السودان الموحد حال خيار الانفصال(ورقة ثانية

    ونسبة لاهمية الجهد الاكاديمي الذى بذل فيها...نعرضها هنا في فضاء حر
    ونبدا بورقة الاستاذ احمد الكمالي هاشم

    sudansudansudansudan8.png Hosting at Sudaneseonline.com
                  

01-01-2011, 08:10 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    حق تقرير جنوب السودان واستفتاء 2011م

    توطئة:
    أن الاستفتاء المزمع انعقاده في 9 يناير 2011م، سيقرر مصير الجنوب بين الوحدة والانفصال.. إلخ، بينما الاستفتاء سيجري لتقرير مصير السودان كله بأيدي بعض المواطنين السودانيين في الجنوب، دون غيرهم من مواطني الجنوب ومن باقي مواطني السودان؛ إذ السودان سينقسم دولة وجغرافيا ومجتمعاً، ولأن هذا الفصل للجنوب سيكون بمثابة المفجر البادىء لحالة انفجار شاملة للمجتمع والدولة السودانية، وسيكون بداية لأعمال تفجير مشابهة في إفريقيا وفي الدول الإسلامية الأخرى.
    يتقرر مصير جنوب السودان، وكأنه محتل ومستعمَر من بلد آخر، تنطبق عليه قواعد حق تقرير المصير التي استقرت خلال المرحلة التالية للحرب العالمية الثانية بشأن الدول المستعمَرة، بينما الجنوب ليس إلا جزءاً من «دولة» مرَّ على استقلالها موحَّدة ومنضـوية تحت راية الأمم المتحـدة ما يزيد على نصف قرن.
    هكذا يظهر تقرير المصير هذا وكأنه يجري في فراغ، وليس فعلاً انفصالياً وتقسيماً لدولة ومجتمع متكامل، لن تتأثر جراءه أوضاع الجنوب فحَسب؛ بل ستتغير من خلاله أحوال السودان في الأعم الأغلب؛ ذلك أن انفصال الجنوب ليس فعلاً ينتج عنه تأسيس دولة جديدة، بل هو طلقة البداية، لإطلاق عملية تفكيك للسودان كله، وقد ظهرت أُولَى المؤشرات بالفعل من خلال المطالبة بجعله حقاً ينطبق على بقية أقاليم السودان؛ إذ أعلنت حركة العدل والمساواة الانفصالية في دارفور، عن بدء سعيها لنيل حق تقرير المصير لكلٍّ من إقليمي (دارفور وكردفان)، وهو ما يعني نهاية السودان الحالي فعلياً.
    و كلمات الرئيس التشادي (إدريس دبي) بأن انفصال جنوب السودان سيكون بمثابة كارثة لكل إفريقيا، مجرد كلمات مجاملة للرافضين للانفصال، بل هي وصفٌ لمخاطر هذا التقسيم للسودان على قارة تعيش حالة واسعة من التفكك في مجتمعاتها وتعاني دولها من ضعف المشروعية وضعف القدرات على الحفاظ على تماسك المجتمعات واستقرارها.
    وعلى الجانب العربي والإسلامي يبدو واضحاً أن فعل تقسيم السودان سيكون السابقة التي ينتظرها كثير من الانفصاليين في الدول العربية والإسلامية؛ إذ قطع مخطط تقسيم وتفكيك كثير من الدول والمجتمعات شوطاً كبيراً بالفعل.
    والسؤال المطروح : هل الحكومة السودانية والشعب السوداني، سيقبلان إتمام المخطط المرسوم للسودان بالتقسيم والتبدد أم أن اتضاح المخاطر على نحو لا يقبل الجدل، صار دافعاً للأخذ بخطط أخرى لمواجهة هذا الخطر؟ وكيف سيتحرك السودان في مواجهة تركيز الضغوط المكثفة عليه في الفترة الراهنة لإنجاز هدف تفتيته؟ وما هي الخيارات المتاحة للخروج من المأزق؟
    أولاً: إن المرحلة التي يمر بها السودان مرحلة خيار مصيري. والخيار المصيري هو ذاك الوضع الذي تواجه فيه دولة أو مجتمع تحدياً أو تحديات يترتب على طريقة التعامل معها حدوث تغييرات في هوية المجتمع والدولة والحدود الجغرافية ومناطق السيادة الأساسية... إلخ. وفي مثل تلك الحال تتعلق النتائج بطبيعة الاستجابة لهذا التحدي؛ فهناك دول ومجتمعات قررت الرفض والمواجهة وانتصرت على التحدي، وهناك دول ومجتمعات أخرى قابلته بالضعف والتردد، فتحولت من حال موحدة إلى حالٍ أخرى.
    فمثلاً لقد واجهت الولايات المتحدة تحدي انقسامها بين شمالٍ وجنوبٍ في بداية تشكُّلها، ونجحت عبر الحرب الأهلية في توحيد ولاياتها والقضاء على المحاولة الانفصالية. والشعب الفلسطيني كذلك واجه تحدي تغيير الهوية والاستيلاء على أرضه وطرد السكان واختار المقاومة، وهو لا يزال على مدار قرن من الزمان يرفض الاستسلام للتحدي المفروض عليه؛ وذلك على الرغم من نجاح القوى الغربية في إجلاء بعضٍ من السكان وتغيير هوية مساحة كبيرة من فلسطين وإعلان دولة الصهاينة.
    وهكذا الحال في أفغانستان والعراق؛ إذ يواصل الشعبان (الأفغاني والعراقي) تحديَ الاحتلال الذي فُرِض على بلديهما عبر الغزو الأمريكي المباشر.
    وفي مقابل ذلك فإن ثمة مجتمعات أخرى واجهت تحديات مشابهة بالاستكانة والخنوع وعدم مواجهة الخطر فانتهت وتغيرت أوضاعها، كما هو حال حضارة الهنود الحمر، وكذلك عملية تقسيم إندونيسيا بظهور دولة (تيمور الشرقية) النصرانية داخل جغرافيتها ومجتمعها، وإثيوبيا التي تحقَّق تقسيمُها بظهور دولة إريتريا... إلخ.
    والآن يدخل السودان حالة من حالات الخيارات المصيرية؛ فإذا قَبِل التحدي المفروض عليه انتهى إلى وضع آخر، وإذا واجه التحدي يكون قد حسم خياره، وعاد إلى حالة المواجهة. ففي مواجهة التحدي المصيري يكون عامل الإرادة هو العامل المحدِّد لتطورات الأحداث؛ فماذا لو رفض السودان هذا التحدي؟
    ثانياً: في الوضع الراهن يبدو المجتمع والدولة السودانية في وضع حرج؛ إذ يبدو أن السودان مقيَّد بضرورة إنفاذ اتفاق نيفاشا الذي تعهد نظام الحكم بمقتضاه بإعطاء الجنوبيين حق تقرير المصير، وهو يدرك أن عدم إنفاذ الاتفاق سيجلب عليه ضغوطاً أشد مما يعانيه، وقد يصل الأمر حدّاً أكثر من اشتعال الحرب الأهلية؛ إذ ثمة سيناريوهات تتحدث عن احتمال إعلان الجنوب انفصالَه من طرف واحد بالاستفتاء أو غيره، وطَلَبِ دعم عسكري من عدة دول وهو ما قد ينجم عنه تعرُّض السودان إلى هجوم عسكري أمريكي بريطاني صهيوني، بشكل غير مباشر على رأي بعض المحللين ومباشر عند بعضهم الآخر.
    وفي الجانب الآخر، فإن مخاطر انفصال الجنوب وإنفاذ الاتفاقية باتت تظهر على نحو مجسَّد، وهو ما ذهب بكل الحجج والمبررات التي جرى تداولها كثيراً خلال مرحلة إقرار اتفاق نيفاشا كأساس لقبول تقسيم السودان. وكان ثمة تصـور أن توقيع الاتفاق سيوقف الضغوط الغربية على السودان، لكن ما حصل أنها تكثفت؛ إذ لم تكتفِ الولايات المتحدة باستمرار حصارها السياسي والاقتصادي للسودان، ولا باستمرار إدراجه على قائمة الدول الراعية للإرهاب، بل دفعت المحكمةَ الجنائية الدولية عبر مجلس الأمن الدولي، لتشويه سمعة الرئيس السوداني عمر البشير ومطاردته باتهامات الإبادة والتطهير العرقي. وكان متصوراً أنَّ توقيع هذا الاتفاق سيمنح السودان (مجتمعاً ودولة) مدة خمس سنوات من الهدوء والاستقرار، لكن تحركت الشياطين الأمريكية والصهيونية والغربية وحركة الجنوب الانفصالية لتفتح معركة في إقليم دارفور بهدف إنهاك المجتمع والدولة وإدارتهما بأزمة أشد خطراً حتى يأتي موعد انفصال الجنوب، فتكون في حالة من الضعف والاستسلام. وكان متصوراً أن طمأنة الجنوبيين إلى مستقبلهم وإدماجهم في الحكم وإعطائهم نصيباً من الثروة النفطية أكبر من وزن الجنوب السكاني، قد يوقف دورهم التخريبي في الحياة السياسية، فحدث العكس وصاروا ناصرين في كل مواقفهم وتحركاتهم للغرب وضغوطه ومؤامراته على السودان من جهة، وداعمين لكل الحركات الانفصالية والتفتيتية في عموم السودان. وكان ثمة تقدير بأن مدة السنوات الخمس كافية لتغيير التوجهات الانفصالية بين النخب الجنوبية فظهر العكس؛ إذ صار الشغل الشاغل لتلك النخب هو تعميق حالة الانفصال على الصعيدين (الرسمي والشعبي) وكسب أنصار جدد لها في الإقليم وعلى الصعيد الدولي. وكان ثمة رؤية أن الأمور إذا وصلت حدَّ الاستفتاء والانفصال، فإن الشمال سيكسب الراحة والبناء المستقر، في ما بقي من جغرافيةِ السودان ومجتمعِه، فتأكد الآن أن الانفصال سيأتي بدولة معادية على الحدود، تماثل الكيان الصهيوني في دوره وأهدافه؛ سواء في المذابح التي ستجري للمسلمين في الجنوب أو في الدور التفكيكي للسودان الباقي.
    وفي الوضع الإقليمي لم يكن التأثير الأمريكي قوياً فقط في ضغطه على قرارات دول الإقليم، بل كان الوضع الإقليمي نفسه في حالة تعبئة ضد الحكم في السودان؛ إذ كانت العلاقات السودانية مع مختلف الدول في وضع كان الأسوأ فعلياً.
    أما الأوضاع الداخلية السودانية، فكانت في وضع الخطر، بسبب انتقالية الحكم في السودان بعد انشقاق الحركة الإسلامية الحاكمة وخروج الترابي من الحكم وتشكيله حزب المؤتمر الشعبي المعارض لحزب المؤتمر الوطني الذي مثَّل الحكم في الحركة السياسية. وكذا لأن أطراف المعادلة السياسية في مركز الحكم (أو الأحزاب الشمالية حسب وصف كثير من المحللين) كانت في بداية العودة لمباشرة حقوقها السياسية بعد مرحلة كانت قد تحالفت فيها مع حركة التمرد الانفصالية في الجنوب. وعلى الصعيد الاقتصادي والتنموي كان السودان في بداية الخروج من حالة الارتباك الاقتصادي التي كان يعيشها بفعل الحصار الدولي عليه، إلى حالة التنمية، استناداً إلى عائدات البترول.
    في ظل تلك المعطيات، قَبِل الحكم في السودان التوقيع على اتفاقية نيفاشا، وَفْقَ آمالٍ تبددت جميعها بفعل استمرار الضغط الأمريكي والغربي، وعمق الفكرة الانفصالية داخل النخب الجنوبية، وحالة الاضطراب في داخل مركز الدولة.
    لقد تغير الوضع الآن لمصلحة السودان، إذا قارناه بما كان عليه وقت توقيع اتفاقية نيفاشا؛ فالولايات المتحدة والغرب لم تعد لهم درجة الهيمنة ذاتها علــى القــرار الــدولي - على الأقل - بسبب الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربت الاقتصاد الغربي، كما أن الولايات المتحدة قد تعمقت حالة تدهورِ أوضاعها السياسية والعسكرية بسبب تورطها في حربَي أفغانستان والعراق، وفي عشرات الأزمات المتفاعلة في المنطقة والعالم، ومعظمها صراعات تهدد باندلاع حروب. كما أن دولاً أخرى ظهرت بتأثيرها على ساحة القرار الدولي، وهو ما يضعف القدرة الأمريكية والغربية والصهيونية عن حالة التصرف الانفرادي السابقة.
    أما في الوضع الإقليمي، فقد تغيرت أوضاع الحكم في السودان ولم يعد على حالة الحصار السابقة؛ فإريتريا تغيرت مواقفها من السودان وانقلبت من عداءٍ للحكم في السودان إلى موقف الداعم، وإثيوبيا في حالة اشتباك في الصومال وفي الداخل ومع إريتريا، وكذا أوغندا باتت تشعر بتهديد بعد التفجيرات في داخلها، وتشاد صارت حليفاً للسودان بفعل تبادل طرد الحركات المتمردة من كِلا البلدين وكان كلاهما مصدر تعزيز لحركات التمرد ضد الآخر. والعلاقات المصرية مختلفة عن أوضاع ما بعد محاولة اغتيال الرئيس مبارك في العاصمة الإثيوبية (أديس أبابا).
    وأما على الصعيد الداخلي في السودان فقد تغيرت الأوضاع الاقتصادية خلال السنوات الخمس وتحسنت أوضاع تسليح الجيش السوداني بعد دخول السودان مجال إنتاج الأسلحه. والأوضاع في دارفور تغيرت على الأرض فعلياً لمصلحة الحكم في السودان، بسبب قطع الدعم التشادي عن المتمردين وطردهم من الأراضي التشادية، ولإجراء انتخابات تشريعية عينت ممثلين لأهالي دارفور في مؤسسات الحكومة، وهو ما نزع الشرعية عن حركات التمرد، وبسبب توقيع بعض الاتفاقيات مع بعض الحركات أيضاً، وهو ما أدى إلى عزل الأخريات وأضعف نفوذها ودورها. والأهم من ذلك أن الوضع الشعبي صار رافضاً بشكل كبير لقضية التقسيم، وتفكيك السودان، ويشعر بالخطر الجدي على مستقبل السودان.
    لقد تغير كثير من المعطيات التي فرضت التوقيع على اتفاقية نيفاشا، وإن كان طرف الحركة الشعبية الانفصالية قد حصل بالمقابل على دعم تسليحي بفعل موارد النفط، كما حققت الانتخابات لها شرعية في الحكم وتمثيلَ مواطني الجنوب، إلا أن الأوضاع في الجنوب شهدت تنامياً في حالات الصراع القبلي والسياسي ضد هذه الحركة، وصلت حدَّ الأعمال العسكرية على نحو مؤثر.
    والقصد أن ثمة ضرورة لخطة تحرُّك عاجلٍ، ينتقل بالسودان من الموقف الدفاعي الذي ساد لمرحلة طويلة مضت إلى الموقف الهجومي؛ فلم يعد هناك وقت.
    شتان ما بين الاهتمام الأميركي غير المسبوق بالقاطرة السودانية المسرعة نحو الانفصال والتقسيم، وبين الغياب العربي شبه الكامل عن أزمة ستكون لها تداعياتها الكبيرة على هذا البلد العربي الأفريقي وعلى المنطقة. فلا يكاد يمر يوم في الآونة الأخيرة من دون زيارة مسؤول أميركي إلى الخرطوم أو جوبا، أو صدور تصريح من واشنطن عن تطورات الأزمة السودانية. في مقابل ذلك، لا ترى سوى تحركات عربية محدودة، ومتأخرة بالطبع، تتمثل في تصريحات متفرقة، أو زيارات متباعدة، أو في بيانات إنشائية على غرار بيان القمة العربية الأخيرة. حتى مصر المعنية أكثر من غيرها بقضية الوحدة والانفصال في جنوب السودان، على الأقل بسبب قضية مياه النيل المرشحة لكثير من التعقيدات، لم تنشط بشكل كاف إلا في الوقت الضائع، ولم تستثمر بشكل قوي حقيقة كونها استضافت أعدادا هائلة من اللاجئين من جنوب السودان.
    ولم تتحرك واشنطن نحو تأييد الانفصال إلا بعد أن قطع السودانيون أنفسهم شوطا بعيدا في هذا الاتجاه. فمنذ تسعينات القرن الماضي وقعت حكومة البشير اتفاقا مع قادة جنوبيين لتشجيع انشقاقهم عن قرنق، أعطت فيه أول موافقة على حق تقرير المصير للجنوب. بعدها تعاقبت الأحزاب المعارضة في توقيع اتفاقات مع «الحركة الشعبية» وافقت فيها أيضا على حق تقرير المصير الذي أصبح لاحقا نقطة الارتكاز لدعاة الانفصال، الذين رأوا أيضا في رفع الحكومة لشعار «الجهاد» في حربها بالجنوب عاملا آخر لتشجيع ميلهم للابتعاد عن الشمال. من هنا، لا بد من الإقرار بأن توجه الجنوب نحو الانفصال في استفتاء يناير (كانون الثاني) المقبل، هو ترجمة لعجز النخب السياسية السودانية عن تحقيق مفهوم المواطنة وبناء هوية الدولة الحديثة، وحل أزمة لازمت البلد منذ استقلاله. فغالبية الجنوبيين ما زالوا يشعرون أنهم عاشوا مواطنين من الدرجة الثانية، وأن الشمال تعامل معهم دائما بفوقية، إن لم يكن بطريقة عنصرية. وهذه مسألة لا بد فيها من مواجهة ومحاسبة الذات، بدلا من الهروب من الواقع بحثا عن شماعة أميركية أو بريطانية.
    لقد أضاعت الحكومة السودانية الحالية فرصة أخيرة لإنقاذ الوحدة، لأنها لم تستثمر السنوات الخمس الماضية منذ توقيع اتفاقية السلام لجعل الوحدة خيارا جاذبا، بل إنها من خلال المماحكات جعلت الأمور تأخذ المنحى الذي سيجعل نتيجة الاستفتاء المقبل هي الانفصال. صحيح أن هناك ضغوطا خارجية الآن على الحكومة لكي يجري استفتاء تقرير المصير في موعده المقرر في التاسع من يناير المقبل، لكن هذه الضغوط هي محاولة لمنع الأمور من الانزلاق نحو الحرب التي يلوح بها الجنوبيون إذا منعوا من الاستفتاء، وتلمح إليها الحكومة إن لم يتم حسم القضايا الخلافية خصوصا في ما يتعلق بمنطقة أبيي، وترسيم الحدود، والنفط، والمياه. المشكلة أن إجراء الاستفتاء من دون حل القضايا الخلافية سيكون أسوأ السيناريوهات، لأنه سيترك بؤرا قابلة للاشتعال في أية لحظة، بين طرفين تسلحا جيدا لمثل هذا الاحتمال، وقد تجر حرب جديدة بينهما أطرافا إقليمية أخرى. وربما يفسر هذا الأمر كلام المسؤولين الأميركيين أن أوباما يتلقى الآن تقريرا يوميا عن تطورات الوضع السوداني.
    إن الفرصة الوحيدة لإبعاد شبح الحرب ليست في إجراء استفتاء يبقي المشكلات معلقة، بل في تركيز الجهود الداخلية والخارجية على إيجاد حلول للمشكلات المتبقية قبل حلول لحظة الطلاق. فهل نرى تحركا عربيا، أم نترك الملف كله للتحركات الغربية والوساطات الأفريقية؟
    العرب دائما يبكون على غياب دورهم في ملفات إقليمية حساسة وخطيرة على الأمن العربي، من العراق إلى الصومال مرورا بمحطات أخرى عديدة، فهل يتحركون بجدية قبل فوات الأوان في السودان، على أساس أن لهم مصلحة استراتيجية في منع حرب أهلية جديدة بين الشمال والجنوب، أم يبقون متفرجين في انتظار أن تنتقل النيران إلى مناطق أخرى؟

    أولا : حق تقرير المصير قبل عهد الإنقاذ:
    بدأ السودان مسيرته بعد حصوله على الاستقلال فى الأول من يناير 1956، كدولة موحدة سمحت بتوزيع محدود للسلطة التى تم نقلها بموجب قانون الحكم المحلى الى وحدات إدارية ( مجالس محلية) لتمارسها فى ظل حكومة مركزية لها السيادة المطلقة على الأرض والمواطنين. وبالنظر إلى خصوصية وضع الجنوب، وما تعرض له من عزله إبان الحكم البريطانى، طالب الجنوبيون قبل إعلان الاستقلال بالحكم الفيدرالى، والذى وعدوا بأن يتم النظر فيه عند وضع الدستور الدائم للسودان، الا أن اللجنة القومية للدستور التى مارست عملها فى الفترة 1956- 1958، رفضت مطلب " الحكم الفيدرالى" ، وتعللت بتخوفها من أن يشكل ذلك المطلب خطوة نحو انفصال الجنوب عن الشمال.
    وفى مؤتمر المائدة المستديرة الذى عقد فى 16مايو1965، فى أعقاب ثورة أكتوبر 1964، لمناقشة قضية توزيع السلطة فى السودان، وشاركت فيه كل الأحزاب السودانية، لم يتمكن المجتمعون من الوصول الى صيغة محدده يتم بناء عليها صياغة العلاقة الدستورية بين المركز والولايات، لذلك تم تكوين اللجنة التى عرفت بلجنة الأثنى عشر، ومراعاة لأهمية وخصوصية قضية الجنوب، تم تشكيل تلك اللجنة من عدد متساو من الشماليين والجنوبيين (6 أعضاء لكل طرف) .
    استبعد تقرير اللجنة الذى أعلن فى مارس 1966، خيارى الانفصال والكونفدرالية، وأوصى بالأخذ بمبدأ الحكم الأقليمى،وفى الحقيقة فإن توصيات هذه اللجنة شكلت الأسس الرئيسية التى بنيت عليها اتفاقية أديس أبابا عام 1972، التى وضعت حدا للحرب الأهلية التى كانت قد اندلعت منذ عام 1955، ومنحت الاتفاقية الإقليم الجنوبى حكما ذاتيا واسع الصلاحيات، الأمر الذى خلق استقرار نسبيا فى الجنوب وساهم فى إعادة بناء جسور الثقة بين أبناء الوطن الواحد، الا أن الحرب الأهلية اندلعت من جديد فى مايو 1983، بعد قرار الرئيس نميرى بتقسيم الإقليم الجنوبى إلى ثلاثة أقاليم، ثم بدأت الحرب تكتسب أبعاداً إضافية تعمقت مع مرور الوقت بعد إعلان نميرى تطبيق الشريعة الإسلامية فى السودان فى سبتمبر 1983، وهو ما عرف " بقوانين سبتمبر " وهكذا فإن التمرد أو بدء الحرب الأهلية مرة ثانية، كان سابقا على " قوانين سبتمبر" ، إلا أن هذه الأخيرة ألقت وقودا إضافياً على الحرب، حيث أصبحت هذه القوانين التى تطورت فى عهد نظام الإنقاذ الى ما عرف باسم " المشروع الحضارى" تلعب دورا محورياً وجوهرياً فى تشكيل تفاعلات مشكلة الجنوب ومساراتها، ومواقف القوى السياسية منها، كما أدت الى فشل كل المحاولات والاتفاقات المختلفة للوصول إلى حلول بشأنها فى عهد الديمقراطية الثانية 1985-1989، وكانت أيضا المحرك الأساسى لوقوع انقلاب 30 يونيو 1989 والذى وصل بمقتضاه نظام الإنقاذ الحالى الى الحكم، لاستباق الموافقة على اتفاقية الميرغنى – قرنق، التى وقعت فى نوفمبر 1988، والتى كان مفترضا أن يتم إقرارها فى 4 يوليو 1989، وكانت هذه الاتفاقية قد نصت فى أهم بنودها على تجميد قوانين سبتمبر، وعقد مؤتمر دستورى شامل فى 18 سبتمبر 1989، لوضع صيغة سياسية ودستورية جديدة لحكم السودان.
    وتجدر الإشارة هنا إلى أن حق تقرير المصير لم يكن جزءا من اتفاق كوكا دام بين الحركة الشعبية والتجمع الحزبى النقابى كما أنه لم يطرح فى اتفاق الميرغنى / قرنق ، وكانت الفكرة الأساسية فى ذلك الوقت هى محاولة الاصطلاح والتوافق على نموذج جديد لحكم السودان من خلال مؤتمر قومى دستورى يتم عقده بعد استيفاء مجموعة من الشروط تتلخص فى تجميد قوانين سبتمبر، وإلغاء كل الاتفاقيات العسكرية بين السودان والأقطار الأخرى، بالإضافة الى رفع حالة الطوارئ والاتفاق على وقف إطلاق النار.
                  

01-01-2011, 08:11 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    ثانيا : الإنقاذ وحق تقرير المصير
    جاءت مسألة جنوب السودان على رأس برنامج سلطة " الإنقاذ" التى أعلنت فى بيانها الأول أن القوات المسلحة السودانية قد قامت بالثورة، لإنقاذ الوطن من التردى والانهيار الذى أدت إليه سياسات الحكومة المنتخبة، خاصة استمرار الحرب الى ورثتها عن النظام المايوى.
    والتقت الحكومة بالحركة الشعبية لتحرير السودان، لأول مرة فى أديس أبابا فى أغسطس 1989، وكان واضحا منذ البداية أن اللقاء لن يسفر عن نتائج تذكر، فقد كان معلوماً أن الانقلاب الذى وقع فى 30 يونيو 1989، كان إجهاضاً لاتفاق الميرغنى / قرنق، وأن وفد الإنقاذ جاء إلى أديس أبابا وهو يحمل مشروعاً جاهزاً لحل مشكلة الجنوب، هو عبارة عن المشروع الذى طرحته الجبهة الإسلامية القومية فى مؤتمرها الأول الذى عقدته خلال الفترة الديمقراطية عام 1987، ورغم فشل الاجتماع الأول، إلا أنه تم عقد اجتماع ثان بين الطرفين فى نيروبى فى ديسمبر 1989، بوساطة من الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، والذى كان قد بدأ آنذاك فى الاهتمام بالمسألة السودانية من خلال " مركز كارتر لحل النزاعات سلميا"، وقد لحق الفشل بهذا الاجتماع أيضا، الا أن الرئيس كارتر أعلن فى مؤتمر صحفى أن الاجتماع لم يحقق النجاح المطلوب، لأن الوفد الحكومى لم يكن مفوضا من قبل الخرطوم لاتخاذ موقف حول المبادرة التى طرحها كارتر على الجانبين، وأن وفد الحركة الشعبية جاء مزوداً بهذا التفويض، الأمر الذى أثار حفيظة الخرطوم التى اتهمت كارتر صراحة بالانحياز للحركة الشعبية مما أدى الى توقف المفاوضات بين الجانبين، وقد كانت حكومة الخرطوم تهدف فى الحقيقة الى تعديل الموقف العسكرى فى الجنوب، الذى كان يميل بقوة لصالح الحركة الشعبية فى نهاية فترة الديمقراطية الثانية، حيث كانت الحركة قد استولت على مساحات هائلة فى الجنوب، بل أصبحت قواتها على وشك أن تدق أبواب المدن الشمالية، وهو الوضع الذى أثار الكثير من القلق والاضطراب فى ذلك الوقت، ودفع الجيش الى تقديم مذكرته الشهيرة إلى حكومة الصادق المهدى فى فبراير 1989، والتى احتج فيها على الأوضاع المتردية للقوات المسلحة آنذاك، وعلى عدم توافر الدعم الكافى لها.
    ومن خلال الاستراتيجية الجديدة لنظام الإنقاذ والتى هدفت أساساً إلى تعديل الميزان العسكرى لصالحها، نجحت الحكومة السودانية فى تحقيق مكاسب ميدانية هامة من خلال تركيزها على تحسين أوضاع الجيش، وأيضا من خلال رفدها للقوات المسلحة بأعداد ضخمة من قوات الدفاع الشعبى، بعد أن أعلنت الجهاد وأطلقت على مقاتلى الجنوب أسم " الخوارج"، وخلقت أجواء تعبوية شاملة، تعلى من قيمة التضحية والفداء والقتال فى الجنوب، باعتباره جهاداً إسلامياً للدفاع عن الثغور ضد حركة التمرد التى تستند إلى القوى المعادية "للمشروع الحضارى" لنظام الإنقاذ، وقد بالغ نظام الإنقاذ فى سياسته التعبوية هذه على المستوى الاجتماعى حتى أدخل تقليداً جديداً على الحياة الاجتماعية بإقامة أعراس صاخبة لقتلى العمليات العسكرية فى الجنوب، فيما عرف باسم "عرس الشهيد"، تطلق فيه الزغاريد ويترنم الحاضرون خلاله بالأهازيج والأناشيد الدينية، ويرتدى ذوو الشهيد الملابس البيضاء باعتبار أن هذا عرساً له يزف من خلاله إلى "الحور العين" فى الجنة.
    وعلى الصعيد الإقليمي كانت الأحداث تسير فى غير صالح الحركة الشعبية بعد انهيار نظام منجتسو هايلى مريام فى أثيوبيا، و سقوطه فى مايو 1991، والذى كان الداعم الرئيسى لجون قرنق، الأمر الذى ساهم فى إضعاف الحركة بعد فقدانها لحليفها الرئيسى، والذى كان يسعى من وراء هذا الدعم الى استخدام قرنق كورقة ضغط ضد الخرطوم، حتى يجبر الأخيرة على إيقاف دعمها للحركات المناوئه لنظام منجستو داخل أثيوبيا، وأيضاً لحركات التحرير الإريترية وعلى رأسها الحركة الشعبية لتحرير إريتريا بقيادة اسياس أفورقى.



    ثالثا : إعلان توريت ووثيقة فرانكفورت:
    ونتيجة لزيادة حده الاستقطاب بعد نجاح نظام الإنقاذ فى تعبئة أعداد ضخمة من ميليشيات الدفاع الشعبى خلف خطابه الجهادى، وبعد الهزائم المتكررة التى تعرضت لها الحركة الشعبية وفقدانها للعديد من مواقعها فى الجنوب، وازدياد الضغوط العسكرية عليها، بدأت تظهر بوادر الانقسام فى الحركة، احتجاجا على خطابها السياسى، الذى كان يدعو الى تحرير كل السودان –شماله وجنوبه- من أجل إعادة صياغته فى إطار مختلف، أطلق عليه جون قرنق مسمى دولة " السودان الجديد " ويقوم هذا الخطاب على أسس ديمقراطية وعلمانية واشتراكية، تهدف الى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، وإلى نزع هيمنة الأقلية الشمالية العربية على الحكم، وتتيح للتعدد العرقى والثقافى والدينى فى السودان التعبير عن نفسه فى إطار هوية سودانية " متمايزة" تختلف عن تلك التى يتبناها شمال السودان فى ارتباطاته العربية والإسلامية
    فى أغسطس 1991، وقع الانقسام فى صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الدكتور لام أكول، والدكتور رياك مشار، وكلاهما كان يعمل أستاذا جامعيا، وقد شكلا معا ما عرف وقتها " بمجموعة الناصر" استنادا الى المنطقة التى نشأت فيها حركتهما، وجوهر الخطاب السياسى لهذه المجموعة يتركز فى أنه ليس من المقبول الاستمرار فى القتال والتضحية بدماء الجنوبيين، نيابة عن الشمال، من أجل هدف لن يتحقق، وهو بناء " السودان الجديد"، طالما أن القوى الشمالية لا ترغب أو لا تستطيع حمل السلاح لإحداث التغيير المطلوب، وأنه من الأجدى التركيز على حق تقرير المصير، والعمل من أجل انفصال الجنوب واستقلاله، بسبب البون الشاسع بين المكونات الثقافية والاجتماعية والتنموية لكل من الجنوب والشمال، فضلا عن انعدام الثقة بينهما، إلى درجة اعتبار أن السعى إلى " الوحدة العادلة مع العرب"، ليس الا نوعا من السراب.
    وفى الحقيقة فإن انشقاق مجموعة الناصر وغيره من الانشقاقات الجنوبية الأخرى التى توالت بعد ذلك، لم تنبع فقط من وجود مثل هذا الخلاف الفكرى أو السياسى حول الرغبة فى حق تقرير المصير أو الانفصال، بل غذتها أيضاً عوامل أخرى ذات جذور عميقة فى التركيبة الجنوبية، فرياك مشار ينتمى الى قبائل "النوير" التى تعارض هيمنة قبائل "الدينكا" وهى أكبر قبائل الجنوب والتى ينتمى إليها جون قرنق، كما أن لام أكول ينتمى الى قبائل "الشلك" وهى ثالث أكبر القبائل فى الجنوب بعد كل من الدينكا والنوير، مع ما بين هذه القبائل وغيرها من حروب داخلية على الأرض والمرعى واختلافات ثقافية ولغوية ودينية، وهذه الاختلافات والصراعات لا يتم التعبير عنها مباشرة أو بشكل صريح، بل يعبر عنها فى بيانات كل انشقاق تحت لافتات مثل ديكتاتورية القيادة، والفساد المالى والإداري، وانتهاك حقوق الإنسان، والمؤامرات الداخلية واغتيال المنافسين.
    وتجدر الإشارة فى هذا السياق أيضاً إلى أن هناك العديد من وجهات النظر التى ترى أن الطرح الوحدوى للحركة الشعبية بقيادة جون قرنق ليس أصيلاً، وأن استمساك قرنق بشعار الوحدة، إنما يعود منذ البداية لأسباب تكتيكية تتعلق بوعيه بأن الدعوة الصريحة إلى الانفصال، ستضّيق من مجالات المناورة والحصول على الدعم أمامه، وذلك فى الإطارين الأقليمى والدولى. فالدول الأفريقية لن ترحب يمثل هذه الدعوة طبقاً لمبدأ الحفاظ على الحدود السياسية الموروثة من الاستعمار الذى أقرته منظمة الوحدة الأفريقية، كما أن دول الجوار السودانى لن تكون سعيدة بالمطالبات الانفصالية التى قد تنتقل عدواها إليها بسبب التداخلات الاثنية والقبلية العابرة للحدود السياسية، وربما رأى جون قرنق أيضاً أن المطالبة بالانفصال ستؤدى بلا شك إلى استنفار القوى المؤيدة لمناؤيه، بالإضافة إلى أن نظام " منجستو " وهو الداعم الأساسى له آنذاك، لم يكن ليقبل منه المناداة بالانفصال أو بحق تقرير المصير، بسبب تعدد القوميات فى الدولة الاثيوبية والتى ستنتقل اليها عدوى هذا الطرح، ومن ثم فإن وجهات النظر هذه ترى أن الطرح الوحدوى لقرنق يرتكز على تفضيله الحصول على الدعم السياسى والمادى والعسكرى اللازم لاستمرار حركته، والعمل على تحقيق مكتسبات متزايدة على الأرض، الأمر الذى سيؤدى به فى نهاية المطاف الى تحقيق أهدافه فى السيطرة على كل السودان، إعادة صياغة هوية الدولة فيه، أو التراجع عن هذا الهدف الكبير إذا اقتضت الضرورة ذلك، والاقتصار على السيطرة على الجنوب فى كيان مستقل أو ذا صلاحيات واسعة النطاق مع المشاركة فى حكم الشمال، مع ما بين هذين الاحتمالين من سيناريوهات وتصورات متعددة .
    وما يهمنا هنا هو أن انشقاق مجموعة "الناصر"(1)، قد ترتب عليه تطوران مهمان، التطور الأول يتعلق بالحركة الشعبية نفسها ، حيث بادرت الحركة لمواجهة هذه الأحداث، إلى عقد مؤتمر عام لها فى سبتمبر 1991، فى مدينة "توريت" التى كانت تسيطر عليها آنذاك، وذلك لمراجعة برنامجها الداعى إلى السودان الجديد، وتبنى شعار"تقرير المصير"، وقامت الحركة الشعبية فى هذا المؤتمر بإجراء تغييرات جوهرية فى الأولويات الواردة فى "المانيفستو" الذى أصدرته عام 1983، حيث أكدت الحركة أن الاستقلال وحق تقرير المصير، نتيجتان محتملتان إذا تعذر الوصول لاتفاق حول سودان علمانى ديمقراطى موحد، وذكر المتحدثون باسم الحركة الشعبية، بأنها تبحث فى حق سكان الجنوب فى تقرير المصير إذا اختارت غالبية السودانيين قيام دولة دينية فى الشمال، وأصبح ذلك المؤتمر علامة بارزة فى تاريخ الحركة الشعبية بعد أن صدر عنه ما عرف "بإعلان توريت"، والذى ورد فيه حق تقرير المصير لأول مرة، كخيار ضمن خيارات الحركة التى ظلت قبل ذلك تعلن إنها تحارب من أجل الوحدة وترفض الانفصال.
    التطور الثانى تمثل فى سعى حكومة الخرطوم الى تعميق الانقسام والانشقاقات فى صفوف الحركة الشعبية، وبدأت الاتصالات مع لام أكول الذى كان قد أعلن انشقاقه تحت اسم "الحركة الشعبية المتحدة" وقد تمخضت هذه الاتصالات التى تمت برعاية الكنيسة الألمانية عن التوصل إلى " وثيقة فرانكفورت" فى يناير 1992، بين نظام الإنقاذ الذى كان يمثله فى هذه المفاوضات على الحاج، وبين لام أكول ، وهى الوثيقة التى اعترفت فيها – ولأول مرة – حكومة سودانية بحق تقرير المصير. وقد كانت " وثيقة فرانكفورت" وستظل علامة فارقة فى تاريخ مشكلة جنوب السودان، فرغم إنكار الخرطوم لهذه الوثيقة وقتها، إلا أن هذا الاتفاق ظل يلقى بظلاله على مسار النزاع حيث حدد له مساره الجديد وترك من وراءه كل الاطروحات السياسية والفكرية السابقة التى بدأت بمؤتمر جوباً عام 1947، مروراً باتفاقية أديس أبابا عام 1972، والتى كانت تتحدث على استحياء عن حكم ذاتى وعن ادارة الجنوبيين لشئونهم المحلية.
    وفى تلك الأثناء أخذت الدعوات الجنوبية الى حق تقرير المصير تتزايد، حيث اجتمعت مجموعة من المثقفين الجنوبيين على رأسهم بونا ملوال وفرانسيس دينق وجوردون مورتات، وبيتر نيوت كوك، فى مدينة "ادير" بايرلندا، وذلك لمناقشة الوضع فى السودان واصدر المجتمعون بيانا أطلق عليه " إعلان أدير" وحدودا فيه ثلاثة خيارات وهى الفيدرالية والكونفدرالية والانفصال، على أن يتم الحسم بين هذه الاختيارات عن طريق استفتاء الجنوبيين.
    وعاد شعار تقرير المصير للظهور بصورة أكثر وضوحاً لدى الحركة الشعبية، فى ندوة واشنطن التى عقدت فى أكتوبر 1993، وذلك فى محاولة لاحتواء الآثار الناجمة عن انشقاق رياك مشار ولام أكول ، ولتفادى انقسام القائد "كاربينو كوانين " نائب جون قرنق فى قيادة الحركة الشعبية حيث كانت ملامح هذا الانقسام قد أخذت فى التبلور آنذاك، وقد أكدت الحركة الشعبية فى هذه الندوة معارضة حكومة الجبهة الإسلامية فى الخرطوم، وأية حكومة قادمة، لا تحترم حق شعب الجنوب وجبال النوبة والمناطق المهمشه فى تقرير المصير.
    كما ظهر بعد ذلك المنبر الانفصالى الذى يقوده الوزير السابق بونا ملوال، الذى يتخذ من لندن مقراً له ، ويقوم بونا ملوال بنشر مقالاته التى تنادى بحق تقرير المصير باعتبار هذا الحق تعبيرا عن طموحات غالبية شعب جنوب السودان، وتنبع أهمية هذا المنبر فى أن بونا ملوال هو أحد أهم الشخصيات التى لعبت دوراً بارزاً فى اتفاقية أديس أبابا كما كان وزيراً للإعلام فى عهد الرئيس نميرى لعدة سنوات، مما يكسبه وضعا مميزا فى الأروقة الدولية .
    وهكذا بدأ حق تقرير المصير يأخذ طريقه كأحد الحلول الرئيسية المقترحة لحل مشكلة الجنوب، نتيجة للمناورات والانقسامات الحزبية فالفصائل المنشقة فى الجنوب وجدت فيه تعبيراً سياسيا مناسبا لتغطية انشقاقاتها التى تعود فى جزء مهم منها، الى الصراعات القبلية والصراعات على السلطة والنفوذ فى الحركة ، كما أن نظام الإنقاذ سعى إلى إضعاف الجنوبيين وتعميق الانشقاقات والحروب الضارية بين الفصائل الجنوبية لمساعدة قواته العسكرية فى الميدان وتسهيل القضاء على هذه الفصائل واحتوائها من خلال مبدأ "فرق تسد"، وذلك حتى يتسنى له الوقت اللازم لإحداث التغيير الاجتماعى والسياسى واسع النطاق الذى انهمك فيه فى الشمال للقضاء على القوى السياسية التقليدية بعد خلخلة قواعدها.
                  

01-01-2011, 08:12 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    رابعا: مبادرة الإيجاد :
    واستمراراً فى نفس هذه الاستراتيجية من جانب نظام الإنقاذ، وبالنظر إلى أن حكومة الخرطوم كانت ما تزال فى حاجة إلى مزيد من الوقت لإكمال استعداداتها العسكرية فى الجنوب، وإضعاف معارضتها فى الشمال، فقد طلب الفريق البشير من قمة "الإيجاد" المنعقدة فى أكتوبر 1993، أن تتدخل لحل المشكلة السودانية، الأمر الذى رحبت به المنظمة، خاصة بعد فشل محاولة منظمة الوحدة الأفريقية للوصول إلى حل، و التى جرت برعاية الرئيس بابا نجيدا فى أبوجا الأولى، وأبوجا الثانية وفى مايو 1992 وأبريل 1993 على الترتيب.
    رحبت "الإيجاد" بالمطلب السودانى وشكلت على أثره لجنة دائمة للسلام فى السودان فى سبتمبر 1993، تكونت من رؤساء أربعة من الدول الأعضاء، هى كينيا وأوغندا، و إريتريا، وأثيوبيا. وبادرت هذه اللجنة إلى دعوة الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان إلى أول لقاء بينهما تحت مظلة الإيجاد فى مارس 1994، ثم عقدت الجولة الثانية بعد ذلك بشهرين فى مايو 1994 فى نيروبى، وهى الجولة التى شهدت إعلان منظمة الإيجاد عن تصورها فى شأن حل النزاع السودانى، والذى عرف فيما بعد باسم "إعلان المبادئ".
    كان من أهم مبادئ هذا الإعلان النص على أن تقوم بالسودان دولة ديمقراطية علمانية، تكفل حرية الاعتقاد والعبادة لكل المواطنين السودانيين، وأنه يجب فصل الدين عن الدولة، وكذلك الاعتراف بالتعدد العرقى والاثنى والثقافى والدينى، وضرورة استيعاب كل أنواع التعدد هذه والاعتراف بها، كما أكد إعلان المبادئ على أن كل الأطراف يجب أن تعطى الأولوية للمحافظة على وحدة السودان، وأنه يجب التأكيد على حق تقرير المصير على أساس الفيدرالية أو الحكم الذاتى لكل أهل المناطق المختلفة، فإذا تعذر الاتفاق على هذه المبادئ يكون للطرف المعنى الخيار فى تقرير المصير بما فى ذلك الاستقلال عن طريق الاستفتاء.
    وهكذا انتقل مبدأ تقرير المصير من مجال الصراع السياسى بين الفصائل الجنوبية، ومن محاولات الغزل أو الاستقطاب بين الحكومة وبعض هذه الفصائل، لكى يصبح مبدأ رئيسياً فى مبادرة إقليمية، كانت حكومة الخرطوم هى التى سعت إليها بنفسها، وبالرغم من ذلك فقد بدا أن نظام الإنقاذ قد فوجئ بالبنود الواردة فى إعلان المبادئ، ونتيجة لذلك أعلنت الحكومة السودانية رفضها القاطع على لسان غازى صلاح الدين، رئيس وفدها إلى المفاوضات، وأكدت على رفضها فصل الدين عن الدولة، وأن المشروع الحضارى لنظام الإنقاذ يتعدى حدود السودان، وأنه قادر على مواجهة الاستكبار والصهيونية والصليبية الدولية.
    كانت الخرطوم قد أكملت استعداداتها للحرب، ومن ثم لم تعبأ بفشل العملية التفاوضية، وعادت إلى الخيار العسكرى الذى حشدت له بقوه واستطاعت من خلاله أن تحقق العديد من المكاسب الميدانية عام 1995، حدت بها إلى الإعلان أن هذه المعارك هى آخر معارك الجنوب، وأطلقت على صيف ذلك العام اسم "صيف العبور"، وأن الحركة الشعبية لن يكون لها أى وجود مؤثر بعد ذلك، ومن هذا المنطلق بدأت بالتركيز على مشروعها المسمى "السلام من الداخل"، وسارت فيه شوطاً طويلاً، أدى فى النهاية إلى توقيع اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997، وإلى تضمين مبدأ تقرير المصير فى دستور 1998.

    خامسا: القضايا المصيرية ومقررات أسمرا 1995:
    على الجانب الآخر للمعادلة، حيث تقف المعارضة الشمالية فى مواجهة نظام الإنقاذ، وجدت القوى الشمالية نفسها فى موقف صعب حيث أنها غير قادرة على التعاطى مع النظام الذى أعلن فى أكثر من مناسبة أنه لن يتفاوض إلا مع من يحمل السلاح، وأن حكومة الإنقاذ جاءت بالقوة، وأن من يريد منازعتها أو مشاركتها السلطة ليس أمامه سوى هذا السبيل، لذا قامت فصائل المعارضة بتكوين "التجمع الوطنى الديمقراطى" من أجل تكتيل جهودها، والتنسيق فيما بينها. وقد سعت القوى السياسية المكونة للتجمع المعارض إلى جذب الحركة الشعبية إلى عضويته، إذ أن هذا الانضمام كان يمثل ولاشك إضافة هائلة إلى التجمع باعتبار أن الحركة الشعبية هى القوة الوحيدة القادرة على مواجهة نظام الإنقاذ وإزعاجه عسكرياً، فالأحزاب والقوى السياسية الشمالية مثل الحزب الاتحادى وحزب الأمة والحزب الشيوعى وغيرها، لا تمتلك قدرة عسكرية تذكر، بل أن بعضها مثل الحزب الاتحادى لا تاريخ له على الإطلاق فى هذا المجال.
    وفى مواجهة سياسات الإقصاء التى اتبعتها حكومة الخرطوم، أعلن التجمع الديمقراطى المعارض فى يونيو 1995 ما عرف فيما بعد باسم "مقررات القضايا المصيرية" فى أسمرا، والتى جرى الاتفاق من خلالها على المبادئ المتعلقة بإنهاء الحرب الأهلية، وقد أقرت هذه المبادئ حق تقرير المصير كمدخل أساسى لإنهاء الحرب كما يلى (2):-
    1. خيار التجمع الوطنى المفضل هو وحدة الوطن المؤسسة على التنوع والاعتراف بأن السودان بلد متعدد الأعراق والديانات والثقافات واللغات، وأن تلك الوحدة ستقوم على حق المواطنة وعلى المساواة فى الحقوق والواجبات وفق المعايير المضمنة فى المواثيق العالمية حول حقوق الإنسان.
    2. الاعتراف بأن حق تقرير المصير يوفر حلاً لقضية إنهاء الحرب الأهلية لتسهيل استعادة الديمقراطية فى السودان وتعزيزها وإتاحة فرص تاريخية فريدة لبناء سودان جديد قائم على العدالة والديمقراطية.
    3. أن المناطق المتأثرة بالحرب هى جنوب السودان ومنطقة إبيى وجبال النوبة والانقسنا.
    4. أن أهل جنوب السودان بحدوده القائمة فى أول يناير 1956 سيمارسون حقهم فى تقرير المصير قبل انتهاء الفترة الانتقالية.
    5. يستفتى أهل إبيى خلال الفترة الانتقالية حول بقائهم ضمن إقليم كردفان أو الانضمام إلى إقليم بحر الغزال.
    6. تسعى الحكومة الانتقالية للتوصل إلى حل سياسى ورفع المظالم التى عانى منها أهل منطقة جبال النوبة والانقسنا.
    7. الخيارات التى تطرح فى الاستفتاء بالجنوب هى:
    8. أ- الوحدة ب – الاستقلال
    وهكذا وافقت القوى السياسية الشمالية، على حق تقرير المصير واعتبرته بنداً أساسياً فى مواثيقها، ورأى بعض المراقبين أن تقرير المصير قد فرض فرضاً على أحزاب الشمال عبر "البندقية الجنوبية"، لأن تحالف القوى الشمالية غير المسلحة تاريخياً، وضع هذه القوى فى موقف الشريك الأضعف رغم ثقلها الجماهيرى فى الشمال، وأن البندقية الأكثر فعالية فى الصراع مع نظام الإنقاذ كانت هى البندقية الجنوبية، وبذلك أدى فقدان الأمل فى الوصول إلى حل وطنى للأزمة السودانية إلى القبول بهذا الحل، الذى يعرف الجميع أنه قد يؤدى إلى الانفصال، إلا أن الإفرازات المزمنة الناتجة عن طول أمد الصراع و التحولات المتسارعة فى الواقع السياسى، جعلت القوى السياسية الشمالية تلهث وراء مناورات نظام الإنقاذ وتقلباته السياسية، وتسعى ما وسعها الجهد إلى مواجهته ومحاولة إسقاطه بأى وسيلة.
    سادسا : اتفاقية الخرطوم للسلام:
    على الجانب الحكومى، وبعد فترة وجيزة من إعلان مقررات القضايا المصيرية فى أسمرا وقعت الحكومة السودانية على اتفاقية الخرطوم للسلام فى إبريل 1997، غير أن هذه الاتفاقية لم تكن فى إطار رد الفعل على مقررات أسمرا 1995، بل تعد فى الحقيقة تتويجاً للمسار الذى كان قد بدأه نظام الإنقاذ فى محادثات فرانكفورت فى يناير 1992، وقد مرت هذه الاتفاقية من الناحية الإجرائية بعدة خطوات، بدأت بالتوقيع على ميثاق للسلام فى إبريل 1996، الذى كان بمثابة إعلان للمبادئ وقعت عليه كل من الحكومة، وحركة استقلال جنوب السودان بقيادة الدكتور رياك مشار، والحركة الشعبية لتحرير السودان (مجموعة بحر الغزال) بقيادة كاربينو كوانين، وبعد أن استمرت التعبئة السياسية حول هذا الميثاق عاماً كاملاً تم توقيع اتفاقية الخرطوم بين الحكومة والأطراف الجنوبية التالية:-
    حركة استقلال جنوب السودان بقيادة رياك مشار.
    -الحركة الشعبية لتحرير السودان (مجموعة بحر الغزال) بقيادة كاربينو كوانين.
    -تجمع أبناء بور بقيادة القائد أروك طون أروك.
    -الحركة المستقلة لجنوب السودان بقيادة كواج مكواى.
    -قوة دفاع الاستوائية بقيادة توبولوس أوشانج
    وبعد التوقيع على الاتفاقية، كونت هذه الفصائل فيما بينها جبهة موحدة هى الجبهة الديموقراطية للإنقاذ، وتم دمج قواتها فى حركة عسكرية موحدة أطلق عليها أسم "قوة دفاع جنوب السودان" أسندت قيادتها السياسية والعسكرية للدكتور رياك مشار.
    وعقب توقيع اتفاقية الخرطوم بأشهر قليلة، أدت بعض المساعى إلى توقيع الدكتور لام أكول لاتفاقية "فاشودة" مع الحكومة السودانية فى 20 سبتمبر 1997، وذلك بعد الاستجابة لبعض التحفظات التى أبداها وقد تم توقيع الاتفاق بحضور رث "ملك" الشلك، وهو الزعيم الروحى للقبيلة التى ينتمى إليها لام أكول، وقد أجاز البرلمان السودانى اتفاقية الخرطوم التى تم تحويلها إلى مرسوم دستورى هو المرسوم الرابع عشر عام 1997.
    وتنص اتفاقية الخرطوم التى تقع فى ديباجة وثمانية فصول، على قضايا الدين والدولة والضمانات الدستورية وتوزيع السلطة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات، وكذلك توزيع الثروة ومشاركة الجنوبيين فى مؤسسات الحكم الاتحادى، إلا أن أهم فصولها هو ذلك المتعلق بحق تقرير المصير لمواطنى جنوب السودان، بعد فترة انتقالية تمتد لأربعة أعوام من تاريخ إنشاء المجلس التنسيقى للولايات الجنوبية التى تم تحديدها بعشرة ولايات، ويجرى فى نهاية الفترة الانتقالية استفتاء على خيارى الوحدة أو الانفصال، على أن يجرى هذا الاستفتاء تحت رقابة المنظمات الإقليمية والطوعية الوطنية والأجنبية.
    أما فيما يتعلق بقضايا الدين والدولة فقد نصت الاتفاقية على أن المواطنة هى أساس الحقوق والواجبات ويشارك جميع السودانيين بحكم المواطنة، على وجه المساواة فى المسئولية السياسية.
    ومن ناحيتها اعتبرت الحكومة السودانية أن هذه الاتفاقية تمثل خطوة كبيرة فى الاتجاه نحو إنهاء الحرب الأهلية وأنها ستكون نموذجاً لحل المشاكل المماثلة فى القارة الإفريقية، وإنها سبقت بمراحل اتفاقية أديس أبابا 1972، بينما قللت المعارضة من أهمية الاتفاقية، وأن الهدف الحقيقى منها هو تحويل الحرب إلى حرب جنوبية / جنوبية، على نطاق واسع، وأعلن جون قرنق أن المنشقين على حركته وكذلك الحكومة السودانية، كاذبون فى المناداة بحق تقرير المصير. وطبقاً لقرنق فإنه كان ينبغى على المنشقين الذين تحالفوا مع نظام الإنقاذ، أن يكونوا حرباً على النظام بدلاً من الانخراط فى جيشه الذى يحارب أهلهم فى الجنوب، إذا كانوا جادين فى دعواهم التى برروا بها انشقاقهم، وأن الذى يحول دون الانفصال أو الاستقلال ليس الحركة الشعبية لتحرير السودان، أو التجمع الوطنى المعارض، بل نظام الإنقاذ.
    ومن ناحيته أصدر التجمع الوطنى الديمقراطى بياناً أوضح فيه رفض التجمع اتفاقية الخرطوم باعتبارها إطاراً لتكريس انفصال جنوب السودان، وأنها لا تحقق السلام فى الجنوب لأنه تم بين أقلية فى الشمال وأقلية فى الجنوب وفى غياب الشرعية والضمانات الدولية.
    وعلى المستوى الإقليمى والدولى جاءت ردود الأفعال على اتفاقية الخرطوم فاترة، حيث أعلنت إدارة الرئيس كلينتون أنها تتضمن بعض الإيجابيات، إلا أنه لا يمكن اعتبارها حدثاً كبيراً، إذ لم يشارك فيها لاعب رئيسى مثل قرنق، أما الخارجية المصرية فقد أعلنت أن هذا الاتفاق سيكون له تأثير سلبى على عملية الاستقرار وجددت موقفها الرافض لانفصال جنوب السودان لتنافيه مع مبادئ ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية.
    وحين دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ، برزت الكثير من الخلافات وسط القوى الجنوبية الموقعة على الاتفاق حول المواقع السياسية والمناصب الدستورية، ووصلت هذه الخلافات إلى حد الاقتتال الضارى وتبادل اختطاف بعض القادة والمسئولين فى العديد من المواقع بالإضافة إلى الفساد المالى و الإدارى، وكثرت الاحتجاجات وكذلك التذبذب فى المواقف وهو أمر بدا أن حكومة الخرطوم كانت تتوقعه، بل ربما هدفت إليه من البداية، وساعدت حسبما رأى الكثير من المراقبين على تفاقم الخلافات الجنوبية واشتعالها، وقد انتهى الأمر فى نهاية المطاف، وبعد الكثير من التفاصيل إلى إعلان رياك مشار عن انسحابه من الاتفاقية وعودته إلى الحركة الشعبية بقيادة قرنق وذلك بعد أن اهتز موقف مشار تجاه أحد منافسيه "فاولينوماتيب" والذى كان يحظى بدعم غير مباشر من الحكومة، وقد استمر سريان الاتفاقية مع باقى الأطراف، كما تم تمديد الفترة الانتقالية المحددة لإجراء الاستفتاء حول تقرير المصير والتى كان مقرراً انتهاؤها فى مارس 2002، لمدة سنتين آخريتين حتى عام 2004، وذلك بموافقة الطرفين طبقاً لأحد بنود الاتفاقية. وعند نهاية هذا التجديد تم مد العمل بالاتفاقية لعام آخر بطلب من مجلس تنسيق الولايات الجنوبية الذى يرأسه الآن الدكتور "رياك قاى" الذى ينتمى إلى قبائل النوير.
    لقد مثلت اتفاقية الخرطوم بالنسبة للحكومة لبنة أساسية فى استراتيجية "السلام من الداخل"، التى سعت إلى خلق تحالف عريض من القوى السياسية الجنوبية والفصائل المناهضة للقرنق، بهدف تقويض وضع قرنق وتهميشه عملياً، فالشروط السخية التى قبلت بها الحكومة فى الاتفاقية، عبرت عن محاولة جادة لسحب البساط من تحت أقدام قرنق، فقد منحت الاتفاقية لمجموعة الفصائل المكونة للجهة الديمقراطية للإنقاذ، حق تقرير المصير، والانفصال إذا شاء أهل الجنوب، وحكما فيدرالياً واسعاً ذا سلطات واسعة، يكون الجنوب بموجبة موحدا وشبه مستقل حتى قبل الاستفتاء، ولكن الكثير من المشاكل ظهرت فى تطبيق الاتفاقية، حيث بدأت تظهر الانشقاقات والصراعات فى جبهة الجبهة الديمقراطية للإنقاذ، وكان من أبرزها انشقاق القائد "كاربينو كوانين بول"، الذى ينتمى إلى الدينكا وعودته للانضمام إلى جون قرنق، قبل أن ينشق عليه مرة أخرى ويعود إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الحكومية، حيث قتل فى المعارك مع الفصائل الجنوبية الأخرى، كما أن التطبيق أظهر ضعف فاعلية السلطات والصلاحيات التى منحتها الخرطوم للجبهة الديمقراطية للإنقاذ من الناحية العملية، ومن الناحية الأخرى كان نظام الإنقاذ يراوح فى موقفه السياسى من هذه الفصائل ويوظفها كأداة فى إطار الاستراتيجية الخاصة بإضعاف قوات قرنق، حيث كان معلوماً للجميع، أن الوصول إلى اتفاق مع هذه الفصائل وحدها لن يكون كافياً لجلب السلام أو إنهاء الحرب الأهلية. وقد تطورت الأوضاع بعد ذلك بعد البطء الذى صاحب المبادرة المشتركة التى قدمتها كل من مصر وليبيا فى 1999، وعدم قدرتها على تحقيق تقدم يذكر، إلى أن تبدلت السياسة الأمريكية تجاه السودان مع تعيين السيناتور جون دانفورث كمبعوث رئاسى لواشنطن فى السودان، الأمر الذى تمخض عن توقيع اتفاقية "جبال النوبا" فى يناير 2002، لتنطلق بعدها عملية التسوية فى كينيا والتى أحدثت اختراقاً هائلاً بتوقيع اتفاق مشاكوس الإطارى.
                  

01-01-2011, 08:13 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    سابعا: حق تقرير المصير فى إطار ماشاكوس:
    نص الاتفاق الإطارى الذى جرى توقيعه فى ماشاكوس فى 20 يوليو 2002، على منح حق تقرير المصير لجنوب السودان بعد مرحلة انتقالية قدرها 6 سنوات، وذلك من خلال استفتاء تحت رقابة دولية.
    وقد نص الاتفاق الإطارى أيضاً على اتفاق الطرفين على العمل سوياً على إعطاء الأولوية للوحدة وجعلها جاذبة لأهل جنوب السودان، ولضمان التنفيذ أشار الاتفاق إلى آلية محددة (3) تتمثل فى تأسيس مجلس مستقل وهيئة تقييم خلال الفترة الانتقالية، على أن تقوم هذه الهيئة بإجراء تقييم فى منتصف المدة لترتيبات الوحدة، وتتشكل هيئة التقييم من ممثلين متساوين من حكومة السودان والجيش الشعبى لتحرر السودان، ومما لا يزيد عن ممثلين اثنين من الدول والمنظمات الآتية:-
    أ-الدول الأعضاء فى اللجنة الفرعية حول السودان التابعة لمنظمة الإيجاد وهى جيبوتى وإريتريا وأثيوبيا وكينيا وأوغندا.
    ب-دول مراقبة دولية وهم إيطاليا والنرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
    ج-أى دول أو هيئات دولية أخرى يتم الاتفاق عليها من قبل الأطراف.
    وناط الاتفاق بالأطراف والهيئة العمل خلال الفترة الانتقالية على تحسين المؤسسات والترتيبات المؤسسية طبقاً للاتفاقية والتى تهدف إلى جعل وحدة السودان جاذبة لأهل الجنوب.
    فى هذا السياق يمكننا أن نشير إلى ملاحظتين أساسيتين، الملاحظة الأولى تتعلق بوجود نوع من التعارض فى بنية الاتفاق الإطارى نفسه فيما يتعلق بمسألة الوحدة أو الانفصال، إذ أنه يمنح الجنوبيين الحق فى إدارة شئون إقليمهم، الأمر الذى يقتضى إنشاء هياكل ومؤسسات وأجهزة إدارية خاصة بالإقليم الجنوبى لتمكين حكومة هذا الإقليم من إدارة شئونه، وهذه خطوة قد تشجع على الانفصال فى وقت لاحق. وفى الوقت نفسه ينص الاتفاق على تشجيع الوحدة وجعلها جاذبة بمعنى أنه يدعو إلى التركيز على الآليات المفضية إليها، والتى تقتضى إنشاء ودعم الهياكل والمؤسسات والأجهزة ذات البعد القومى والتى تشجع الطرفين على التفاعل والعمل سوياً بشكل منفتح من أجل مستقبل مشترك، مع محاولة التقارب وتخطى المشاكل الناتجة عن الحرب طويلة الأمد، والتى أفرزت مناخاً عاماً من التوجس وعدم الثقة. وعلى ذلك فإن المحصلة النهائية للفترة الانتقالية ستكون رهناً لعوامل غير منظورة وقد لا يمكن السيطرة عليها، إذ أنها تعتمد على ظروف وأسلوب تطبيق الاتفاق التى تعتمد بدورها على فهم الطرفين لنصوصه والمناخ الذى سيجرى التطبيق من خلاله وكيفية تجاوز المشاكل المعقدة التى ستنشأ خلال التطبيق.
    ولمحاولة فهم هذا التعارض الخفى فإننا نشير إلى النص الوارد فى تقرير دانفورث فيما يتعلق بحق تقرير المصير(4)، الصادر فى أبريل 2002 حيث عرض التقرير حق تقرير المصير للجنوبيين باعتباره وسيلة لحماية أنفسهم من الاضطهاد، وأشار إلى رأى الشمال الرافض لتقرير المصير المؤدى للانفصال، ثم ذهب دانفورث إلى "أن وجهة النظر الممكن تحقيقها أكثر والتى يعتقد أنها الأفضل لتحقيق حق تقرير المصير هى التى تضمن حق الشعب فى جنوب البلاد بالعيش تحت حكم يحترم دينه وثقافته، وذلك فى إطار إعطاء ضمانات جدية داخلية وخارجية بحيث لا يمكن للحكومة أن تتجاهل فى الممارسة أى وعود تقدمها أثناء مفاوضات السلام".
    وهكذا فإنه من الواضح أن الفهم الأمريكى الوارد فى تقرير دانفورث، والذى يحاول جعل تقرير المصير وسيلة وليس غاية مقصودة فى ذاتها، ويستخدمه أداة للضغط والتلويح بإمكانية إنقاذه للحصول على الحقوق، قد يتحول كما هو واضح من التفاعلات الجارية حتى الآن إلى نقطة بدء لمسار جديد فى العمليات السياسية السودانية برمتها، فبمجرد التوقيع على هذا الحق بدأت التفاعلات تأخذ شكلاً جديداً، ومنحى آخر فاحتلت قضية المناطق المهمشة حيزاً كبيراً وبخاصة قضية منطقة "ابيى" التى من المرجح أنها ستتحول إلى "كشمير" جديدة فى السودان، بالإضافة إلى أزمة دارفور الذى اشتعلت إلى حد غير مسبوق وتحولت الآن من قضية داخلية إلى قضية ذات بعد دولى، بمعنى أنها خرجت من حيز التفاعلات الداخلية فى السودان إلى التدويل مع رفع سقف المطالب والمطالبة بحصة من البترول وقوات عسكرية مستقلة وحكم ذاتى واسع النطاق، وكل ذلك على خلفية صراع أثنى وعرقى وجهوى موجه ضد المركز أو الشمال النيلى بالتحديد.
    أما الملاحظة الثانية فتقودنا إلى المشاكل التطبيقية لحق تقرير المصير، لجنوب السودان (5) والتى يمكن إيجازها فيما يلى:
    أ-قضية حدود الجنوب: نص الاتفاق الإطارى على أن حدود الجنوب هى الحدود المعروفة عند استقلال السودان فى يناير 1956، إلا أن الحركة الشعبية ومنذ الشوط الأول فى الجولة الثانية للمفاوضات طرحت تصوراً مختلفاً لحدود الجنوب، وذلك بأن ضمت إلى الولايات الثلاث المتعارف عليها، مناطق كل من إبيى وجبال النوبا (كلاهما تقع فى ولاية جنوب كردفان الحالية)، وجبال الانقسنا جنوب (ولاية النيل الأزرق).
    وقد رفضت الخرطوم النظر فى هذا الطرح باعتبار أن حدود جنوب السودان معروفة بالضرورة وأن هذه مسألة محسومة فى الاتفاق الإطارى، إلا أن الحكومة السودانية وللعديد من الاعتبارات رضخت جزئياً لمطلب الحركة الشعبية وأجرت مفاوضات حول هذه المناطق فى مسار منفصل وموازى لمسار مبادرة الإيجاد فى محاولة لتحاشى الاعتراف بحق تقرير المصير لهذه المناطق، وذلك طبقاً للتصور السائد آنذاك بأن الحركة الشعبية تتشبث بمطلب التفاوض حول قضايا المناطق كمطلب تكتيكى بالنظر إلى انتماء جزء من قواتها العسكرية إلى هذه المناطق. إلا أن التجربة العملية ومسار المفاوضات أثبتا خطأ هذا الاعتقاد، فرغم الوصول إلى تفاهم عام حول حكم ذاتى بصلاحيات معينة لجبال النوبا وجبال الانقسنا، إلا أن الموقف أصبح معقداً للغاية بخصوص "إبيى" وتحول إلى أزمة كبيرة فى المفاوضات بسبب إصرار الحركة الشعبية على موقفها بضم أبيى إلى بحر الغزال، ورغم محاولة الولايات المتحدة الأولية لاتخاذ موقف ضاغط على الطرفين لدفعهما إلى التوصل إلى اتفاق، إلا أنها انحازت فى النهاية إلى موقف الحركة الشعبية من خلال اقتراحها جعل المنطقة تابعة إدارياً لكل من حكومتى ولاية كردفان وولاية بحر الغزال فى الوقت نفسه إلى أن يجرى تحديد وضعها النهائى بعد 6 سنوات عبر الاستفتاء. وهذا أمر ستقابله مشكلة أخرى فى حينها وهى من هم الذين يحق لهم التصويت على مستقبل منطقة أبيى؟ فالحركة الشعبية تصر على أن حدود أبيى تقف عند خط العرض 10 شمالاً وهذا يعنى أن "الدينكا نقوك" هم المعنيون وحدهم بالتصويت، فى حين أن الحكومة ترى أن حدود المنطقة هى خط العرض 11.5 شمالاً وهذا يعنى أن قبائل المسيرية التى تتمركز فى بابنوسة والمجلد وترتحل إلى الجنوب صيفاً يحق لها التصويت. وبالنظر إلى الأغلبية العددية للمسيرية فإن النتيجة ستكون فى هذه الحالة لصالح الشمال وهو الأمر الذى ترفضه الحركة الشعبية بالطبع.
    ب-حق التصويت: السؤال الأساسى المطروح قبل الدخول فى عملية الاستفتاء والمطلوب الإجابة عليه هو: من هو الجنوبى؟ أو بمعنى آخر من يحق له التصويت فى الاستفتاء؟ قد تكون الإجابة على هذا السؤال غاية فى البساطة فى الأحوال العادية، ولكنها فى الوضع السودانى تثير العديد من القضايا الإشكالية، بالنظر إلى المتغيرات التى حدثت فى السودان فى السنوات العشرين الماضية، حيث نزح مئات الآلاف من الجنوبيين إلى وسط وشمال السودان، هرباً من الحرب أو المجاعة. فهل من يحق له التصويت هو الشخص القاطن فى الجنوب؟ وما هى وضعية الجنوبيين النازحين؟ وما هو الوضع بالنسبة للشماليين الذين استقروا فى مدن الجنوب، هل يحق لهم التصويت أم لا؟ وهل إذا صوت الجنوب لصالح الانفصال سيبقى الجنوبيون القاطنون فى الشمال فى أماكنهم؟ أم سيتم ترحيلهم؟ وتجدر الإشارة فى هذا السياق إلى أن مسمى "جنوبى" ليس ذا دلالة قانونية، وإنما هو إشارة إلى انتماء جغرافى إلى جهة من جهات السودان. ويزداد الأمر تعقيداً بالنظر إلى التركيب المعقد للجنوب الذى يتكون من فسيفساء عرقى وثقافى ودينى شديد التنوع، مع عدم وجود سجلات رسمية منتظمة لإثبات الهوية، وبذلك تكون عملية تسجيل وتحديد من يحق لهم التصويت مسألة بالغة الصعوبة.
    وطبقاً لآخر إحصاء تم إجرائه فى عام 1983، يبلغ عدد سكان الجنوب حوالى 5.4 مليون نسمة، أى ربع عدد سكان السودان البالغ آنذاك 22.5 مليون نسمة (عدد السكان الحالى حوالى 38 مليون نسمة)، كما أنه من الصعب العثور الآن على إحصاءات دقيقة للجنوبيين، بسبب الظروف الأمنية الصعبة، إلا أن تقديرات الحكومة السودانية وعدد من منظمات الإغاثة العاملة فى جنوب السودان تشير إلى أن عدد الجنوبيين النازحين إلى الشمال بلغ حوالى 2 مليون جنوبى، فى مقابل حوالى 1.5 مليون مازالو فى الجنوب، وأن اللاجئين إلى دول الجوار فى اثيوبيا وأوغندا وكينيا وأفريقيا الوسطى بلغوا نحو نصف مليون جنوبى، وأن هناك أكثر من 50 ألف جنوبى فى دول العالم الأخرى. وهذه التقديرات قد تزيد أو تنقص بنسبة ما، إلا أنها توضح بكل تأكيد أن نصف الجنوبيين على الأقل يعيشون الآن فى الشمال.
    وقد حددت الحركة الشعبية لتحرير السودان موقفها من هذه النقطة فى الورقة التى قدمتها إلى مؤتمر "قضايا الانتقال إلى الديمقراطية والسلام" الذى عقد فى كمبالا عام 1999، وذلك على النحو التالى:-
    - السودانيون الجنوبيون هم المواطنون الأصليون من أهل المنطقة والذين يقيمون فى أحد الأقاليم الجنوبية الثلاثة (بحر الغزال والاستوائية وأعالى النيل)، وينتمون إلى إحدى المجموعات العرقية أو القبلية من السكان الأصليين من خلال أحد الأبوين أو كليهما.
    - السودانيون الجنوبيون الذين يقيمون فى مدن السودان الشمالية يجب أن يعودوا إلى مناطقهم لكى يستطيعوا الاقتراع فى الوقت المحدد للاستفتاء، ولا يسمح لهم بالاقتراع من مناطقهم فى شمال السودان (بحجة أنهم قد يكونون تحت تأثير حكومة الخرطوم).
    - اللاجئون الجنوبيون فى الخارج، يسمح لهم بالاقتراع خارج السودان فى بلدان اللجوء أو فى مقار البعثات الدبلوماسية السودانية.
    ويلاحظ على هذه الرؤية أنها تهدف إلى إغلاق الطريق أمام حكومة الخرطوم فيما يتعلق بالجنوبيين المقيمين فى الشمال، حيث أن هؤلاء قد يكونوا من مؤيدى الوحدة، بسبب عدم رغبتهم فى التخلى عن حقهم فى العودة إلى مواطنهم الأصلية، فى الوقت الذى قد لا يستطيعون فيه العودة إلى الجنوب لأسباب تتعلق بأوضاعهم المعيشية أو بسبب مخاوف أمنية أو قبلية. كما أن الحركة لا توضح الطريقة التى سوف يتم بها ترحيل هؤلاء إلى الجنوب مرة أخرى، وهل سيتم ذلك طوعاً أو عن طريق الإكراه؟
    قد يكون هذا الموقف من جانب الحركة الشعبية تفاوضياً، بحيث يجرى التنازل عنه فيما بعد، إلا أنه فى هذه الحالة سيحتاج أيضاً إلى الكثير من الترتيبات الخاصة بإثبات الهوية وتسجيل من يحق لهم التصويت بحكم وجود أعداد هائلة أخرى من النازحين من الغرب ومن المناطق الملاصقة للجنوب، وهذا قد يقود إلى إحداث خلافات ومشاكل هائلة فيما يتعلق بالتفاصيل التى تحكم هذه العملية.
    ج-كيفية التصويت: المؤسسة السياسية والإدارية والقانونية الموجودة حالياً فى الجنوب هى "الولاية" مع وجود "القبيلة" كوحدة اجتماعية مهمة داخل الولاية. وحسب التوزيع الحالى فإن الجنوب مقسم إلى 10 ولايات، وكل ولاية منها تمثل تقريباً قبيلة واحدة، أو قبائل مترابطة الأواصر على نحو ما، ولكل ولاية دوائرها الانتخابية الخاصة بالتصويت للمجلس الوطنى (البرلمان)، وبداخل كل ولاية توجد المجالس المحلية كوحدات إدارية وقانونية على مستوى أدنى.
    وبالنظر إلى هيمنة القبيلة على الحياة فى الجنوب، فإن المتوقع هو أن يصوت أبناء كل قبيلة فى اتجاه موحد، غايته نصرة القبيلة أو الولاية فى الاتجاه الذى تريد، فإذا كان سؤال الاستفتاء الموجه لكل جنوبى له حق التصويت كالتالى:- "هل ترغب فى بقاء الجنوب فى الوحدة الحالية أم تريد الانفصال" فإن مثل هذا السؤال قد يقود إلى نتيجة غير عادلة لبعض القبائل، التى قد تجد نفسها فى مواجهة نتيجة (لم تصوت لها)، ولا ترضى عنها أو لا تحقق مصالحها. ويمكن توضيح ذلك كما يلى:-
    - قبيلة الدنيكا هى أكبر قبائل الجنوب من حيث العدد، ولها أربع ولايات من الولايات العشر، تقع ثلاث منها فى إطار بحر الغزال الكبرى، وفى المقابل فإن قبيلة النوير هى القبيلة الأولى فى أعالى النيل الكبرى، وتليها من الناحية العددية قبيلة الدنيكا.
    - أما قبيلة الشلك وهى ثالث أكبر القبائل الجنوبية فهى موزعة بين أعالى النيل والمديرية الاستوائية.
    - هناك مجموعة كبيرة من القبائل المتصارعة فى المديرية الاستوائية وهى قبائل تحمل مشاعر عدائية تجاه القبائل الثلاث الكبرى خوفاً من الوقوع تحت سيطرتها.
    وعلى ذلك فإن قبيلة الدنيكا والنوير لو تحالفتا معاً فإنهما ستحسمان اتجاه التصويت سواء للوحدة أو للانفصال، ومن ثم فإن باقى القبائل ستجد نفسها مضطرة للرضوخ لنتائج هذا الاتجاه التصويتى أو ذاك، وكأن تصويتها لا قيمة له، أو هو من باب تحصيل الحاصل، وهذه مسألة بالغة الحساسية فى الوضع الجنوبى فمن المعروف أن خسائر الجنوبيين نتيجة للقتال الضارى بين بعضهم البعض هى أكثر من خسائرهم فى القتال ضد الشمال، كما أن هناك العديد من القبائل الجنوبية التى ما زالت تقاتل مع حكومة الخرطوم ضد قوات قرنق، حيث قاتلت قوات "فاولينوماتيب" – على سبيل المثال - بضراوة إلى جانب القوات الحكومية من أجل تحرير مدينة "توريت" واستعادتها من قوات الحركة الشعبية، وكانت على رأس أحد المحاور الثلاثة الرئيسية التى قامت القوات الحكومية من خلالها باقتحام المدينة.
    أما إذا كان السؤال المطروح للاستفتاء "هل ترغب فى أن تبقى ولايتك فى إطار النظام القائم أم تكون فى إطار جنوب منفصل" فمن المؤكد أن نتائج الاستفتاء سوف تختلف، ففى هذه الحالة من الممكن أن تصوت بعض الولايات للانفصال عن الشمال فى حين أن بعضها الآخر قد يفضل البقاء فى إطار السودان الموحد، الأمر الذى يعنى أن الكيان الجنوبى المنفصل فى دولة جديدة قد يشتمل على أربع أو خمس ولايات فقط -على سبيل المثال- فى الوقت الذى قد تختار الولايات الأخرى صيغة مختلفة مثل الكونفدرالية مع الشمال، وإن كان من غير المتصور أن يلقى مثل هذا الاقتراح موافقة الحركة الشعبية، لأنه سوف يقود إلى تفتيت الجنوب المعروف بحدوده الحالية، وسيؤدى أيضا إلى فقدان الحركة الشعبية لموقعها كممثل للجنوبيين.
    ومن ثم فإن القضايا الفنية المتعلقة بالاستفتاء والتى ينتظر حسمها فى الاتفاق النهائى ستكون ذات أثر بالغ الأهمية فيما يتعلق بنتائج الاستفتاء ومن ثم وحدة التراب السودانى، أو حدوث الانفصال، وهى فى كل الأحوال تشير إلى أن عملية تطبيق اتفاق ماشاكوس برمتها، ستواجه تعقيدات صعبة.
                  

01-01-2011, 08:17 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    ونواصل الورقة الثانية:السودان الموحد وخيار الانفصال..لاحقا
    لا تذهبو بعيدا وابقو معنا


    IF YOU ARE NOT STAND FOR SOMETHING
    YOU WILL FALL FOR NOTHING
    MALCOM X
                  

01-04-2011, 10:52 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    الورقة الثانية

    السودان الموحد وخيار الانفصال
    توطئة:
    إن أساس مشكلة جنوب السودان يعود – علاوة على الاعتبارات التاريخية وسياسة بريطانيا الاستعمارية - إلى انعدام عوامل التوحد بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب سواء من حيث اختلاف الدين أو اللغة أو العرق أو العادات والتقاليد والوجدان والمشاعر المشتركة.
    إن مشكلة جنوب السودان أخذت أبعاد الصراع الاجتماعي الممتد الذي ليس من السهولة حله من خلال الاتفاقيات والتسويات القانونية. وهي مشكلة أصبحت تتمدد وتتعقد بمرور الوقت ، لذلك من الأفضل أن تحسم بصورة نهائية . ويرى أصحاب هذا الرأي أن الاستفتاء يجب أن يشمل الشعبين الشمالي والجنوبي.
    منذ فترة مابعد الاستقلال كانت دعوات الانفصال تأتي من جانب أبناء الجنوب دون أبناء الشمال . وقد التزم أبناء الشمال طوال الفترة السابقة بالدعوة لوحدة البلاد وعدم التفريط في أي شبر من الأراضي السودانية . وقد اتبعت حكومات السودان المتعاقبة القول بالفعل فقاتلت الحركات المتمردة في جنوب السودان من أجل فرض الوحدة ، كما فاوضت تلك الحركات في أحيان أخرى من أجل الوحدة . وكان الانفصال خط أحمر في كل تلك المفاوضات لايمكن الاقتراب منه على المستوى الشعبي رغم تذمر البعض من أبناء الشمال من الحرب طويلة الأمد في جنوب البلاد . ولكن الدعوات لفصل جنوب السودان ظلت على مستويات فردية تعتمل في نفوس البعض دون الإفصاح علانية في أجهزة الإعلام.
                  

01-04-2011, 10:54 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    أولاً : التيارات الانفصالية :
    أ‌- التيار الانفصالي الشمالي:
    وفي عهد حكومة الإنقاذ الوطني بدأت تلك الدعوات تظهر على السطح ، وازدادت حدة بعد توقيع اتفاق نيفاشا والنص صراحة على "حق تقرير المصير لجنوب السودان" ، فتكون بذلك التيار الشمالي الانفصالي الذي تبنى دعوات السلام العادل . وأصبح – وبناء على اتفاق نيفاشا –ظلم الشمال على حساب الجنوب واقعاً معاشاً. والغريب أن التيار الشمالي الانفصالي هو تيار من داخل الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني دون الأحزاب الأخرى ، مما دفع البعض للقول أن هذا التيار يمثل الرأي الحقيقي لحزب المؤتمر الوطني الذي أتاح لقياداته فرصة التحرك وحرية الإعلام للتبشير بدعوات الانفصال وتهيئة الشعب السوداني في الشمال نفسياً لتقبل تلك الدعوات ، وتهيئة الشعب السوداني للتصويت للانفصال وجعل الوحدة خياراً غير جاذب في أذهان الناس.
    والسؤال الذي أعيا الكثير من الباحثين . لماذا نشأ تياراً شمالياً يدعو للانفصال ؟ ويمكن تلخيص الإجابة حول هذا الموضوع في النقاط الآتية:
    1- يرى البعض أن هناك قناعة تشكلت لدى تيار عريض من عشاق المؤتمر الوطني أنه لاطائل ولاجدوى من وحدة الشمال والجنوب وذلك للفروقات الكثيرة والتي ذكرناها آنفاً.
    2- ويرى البعض الآخر أن هذا التيار قد نشأ نتيجة لاستياء أبناء الشمال من استمرار الحرب خمسين عاماً دون تحقق أشياء تذكر . وأن هذه الحرب قد أقعدت السودان اقتصادياً ، وتسببت في انهيار معظم الحكومات في الشمال ، وبدأت تزرع الفتن في الغرب والشرق . كما أنه لا أمل في تسوية مرضية للطرفين إلا عن طريق منح "حق تقرير المصير" .
    3- ويرى طرف ثالث أن هذا التيار الانفصالي لم يكن وليد فترة الإنقاذ ، بل كان هناك شعور لدى عدد من الإسلاميين وبعض الأحزاب الدينية ، بأن الجنوب وقف – منذ فترة مابعد الاستقلال – حائلاً دون وضع الدستور الإسلامي وإقامة الدولة الإسلامية في السودان.
    4- ويرى آخرون أن شهوة السلطة والتشبث بها هو الذي دفع بعض عناصر المؤتمر الوطني للدعوة لفصل جنوب السودان عن شماله . ويرى هؤلاء أن المؤتمر الوطني يجب أن يستمر في حكم السودان ، وأن الجنوب سيكون السبب في تقلص نفوذ ه ، وربما يكون السبب في إزاحته من الحكم.
    5- وهناك تيار يرى أن التيار الانفصالي الشمالي قد نشأ لأسباب ومرارات شخصية بحتة ولأسباب متباينة ، مثل موقف الطيب مصطفى مؤسس التيار الانفصالي الشمالي والذي كان دافعه الرئيسي لفصل جنوب السودان هو الشعور بالمرارة والكراهية تجاه أبناء الجنوب بعد موت ابنه في العمليات هناك.

    وقد نجح التيار الشمالي الانفصالي في تحقيق ما هدف إليه بغض النظر إلى الأسباب الكامنة وراء تلك الدعوة كما بينا. وقد تغلب هذا التيار على العامل النفسي والقدسية التي أحاطت بفكرة الدعوة لفصل الجنوب ، واعتبار أن تلك الدعوة من الخطوط الحمراء المسكوت عنها . وهذا التيار – ومن خلال صحيفة الانتباهة الواسعة الانتشار ومن خلال الندوات واللقاءات التي نظمتها – قد نجح إلى حد ما في إقناع أبناء الشمال من تقبل فكرة الانفصال إذا اقتضت الضرورة لذلك باعتبار آخر الدواء "الكي" .
                  

01-04-2011, 10:59 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    ثالثاً : الانفصال يفقد الشمال والجنوب ميزة الكيان الواحد وفرص الاستثمار الكبير:
    يكاد يجمع المراقبون على أن إجازة قانون الاستفتاء لممارسة حق تقرير المصير لجنوب السودان كأحد استحقاقات اتفاقية نيفاشا، قد دشن وبصفة رسمية انفصال الجنوب، بالأخذ في الاعتبار إستمرارية دولة المؤتمر الوطني الشمولية الدينية، ودعوة الحركة الشعبية لتحرير السودان مواطني الجنوب للتصويت للانفصال لاستحالة تحويل الوحدة لوحدة جاذبة في ظل دولة دينية تجعل من غير المسلمين مواطنين من الدرجة الثانية. ودون الخوض عميقاً في الجدل حول حتمية وقوع الانفصال من عدمه، نود أن نناقش مآلات الواقع السوداني في حال وقوع هذا الانفصال، لتبديد أوهام من يظنون أن في الانفصال خيراً للجنوب والشمال معاً. إذ أننا نزعم بأن الانفصال تحيط به مخاطر جمة سوف يعاني منها الكيانان المفترض ظهورهما بعد الانفصال،
    ويؤدي الانفصال حتماً إلى فقدان ميزة الكيان الواحد الذي هو بلاجدال الأقوى والأغنى بموارده وممكناته الاقتصادية والبشرية والثقافية، ويحرم الطرفين من فرصة التماسك بوزن إقليمي ودولي أكبر، ويعتبر بالتالي تراجعاً خطيراً في زمن التكتلات والبحث عن كيانات أكبر تكون أكثر قابلية لمواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية الدولية المعقدة. ويلاحظ أن الانفصال الذي سوف يتم على أساس افتراض تباين وتناقض مستعصٍ على الحل، سوف يمنع من وجود أي شكل من أشكال التكتل الإيجابي أو التكامل في أي صورة من صوره.
    كما يقضي الانفصال على فرص استثمار الموارد الاقتصادية بكامل التراب السوداني الحالي لمصلحة جميع السودانيين ويضيع إمكانية توظيف موارد الطاقة مع المساحات الزراعية الشاسعة والاستفادة من الأيدي العاملة المدربة ومن الخبرات الفنية التي كان حظ الشمال منها أكبر نسبياً، ويخلق بالجنوب دولة ذات طبيعة مناخية وجغرافية واحدة ، كما يحرم الشمال من غنى التنوع المناخي والجغرافي بالجنوب وبالتالي يقضي على إمكانيات استثمارية متنوعة وواسعة تقوم على هذا التنوع.
    وسوف تخصم من نصيب الشمال لصالح دولة الجنوب الموارد الآتية:
    1- من 21% إلى 32% من الموارد البشرية.
    2- 25% من الأراضي الصالحة للزراعة لوجود الأمطار طيلة العام.
    3- الجنوب عمق استراتيجي للشمال(26% من الكتلة الحيوية).
    4- 60% من الثروة الغابية.
    5- 70% من الحياة البرية.
    6- مياه النيل الأبيض وروافده.
    7- 55% من الثروة الحيوانية.
    8- 60% من الثروة السمكية.
    9- 80% من النفط.
    وسوف تخصم من نصيب الشمال لصالح دولة الجنوب الموارد الآتية:
    1- البنيات الأساسية القائمة في الشمال لدولة السودان الموحد القائمة منذ إعلان السودان دولة حديثة.
    2- الامتداد الإقليمي لسواحل البحر الأحمر ووجود الموانئ الحيوية فيه يحسب لصالح دولة الشمال.
    3- الخدمة المدنية العريقة بكل تراكماتها وتطورها منذ العهد البريطاني.
    4- فقد السوق المحلي في الشمال للمنتجات الجنوبية.كما يفقد الشمال السوق الجنوبية لمنتجاته.
    5- يحجب انفصال الجنوب دولة الشمال من الاتصال المباشر بشرق أفريقيا.
    6- انفصال الجنوب يعوق التنمية الصحيحة لحزام السافنا المشترك بين الشمال والجنوب.
    7- يفقد السودان دوره الرائد في تطوير مشاريع أعالي النيل المائية التي يتوقع أن تزيد من تدفق مياه النيل الأبيض (مشروع جونقلي مثلاً).
                  

01-04-2011, 11:05 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    رابعاً : الانفصال يتوج بقيام دولة مغلقة هشة بالجنوب:
    يجعل الانفصال من دولة الجنوب دولة مغلقة لا منفذ لديها إلى البحر، وهذا بالقطع يحتم مرور بترولها عبر دولة الشمال إلى ميناء بورتسودان. فالخيار الآخر هو إنشاء خط أنابيب لميناء ممباسا الكيني، وهو خيار غير عملي بالأخذ في الاعتبار التكلفة ومايدور حول نضوب البترول خلال ستة أعوام قادمة فقط. وبما أن ميزانية حكومة الجنوب تعتمد بنسبة 95% على عائدات البترول، فإن دولة الجنوب سوف تخضع لإبتزاز دولة المؤتمر الوطني في الشمال لتسويق بترولها مما يجعل استقلالها شكلياً، ويمكن دولة الشمال من إضعافها اقتصاديا.
    ويؤدي الانفصال إلى قيام دولة في جنوب السودان تتميز بالضعف في هيكل الدولة وضعف المؤسسات المدنية مع الحضور القوى للعامل القبلي وانتشار أوضاع التخلف المزمنة الناتجة عن أسباب تاريخية والمعززة بماخلفته الحرب الطويلة، مع الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي ستواجه حكومة دولة الجنوب، يرشح دولة الجنوب لمشروع صوملة أخرى أو على الأقل عدم استقرار مزمن.
    الانفصال سوف يفضح هشاشة البنية السياسية في دولة الجنوب ويؤكد تغييب مؤسسات المجتمع المدني وإضعاف العمل الحزبي والمؤسسات الحديثة، ويعلي من شأن النفوذ القبلي ومؤسسات المجتمع الأهلي الأخرى في النشاط السياسي، وهذا يرجح تعدد الانقسامات واستمرار الفلتات الأمنية وقد يدفع بالحركة الشعبية مرغمة لبناء نظام ديكتاتوري بالجنوب حتى تفرض النظام وتوفر الحد الأدنى من الأمن. وبالتأكيد لن تكون أيادي المؤتمر الوطني بعيدة عن أي تمرد أو تفلتات أمنية تحدث في الجنوب.
    مشكلات بناء دولة في الجنوب بالبدء من مواقع متخلفة، تستدعي بالحتم الاستعانة بالخارج، وليس هنالك خارج مستعد للدعم بلاشروط ودون أن يحقق له هذا الدعم مصالح اقتصادية وسياسية. فالدول المستعدة للدعم دائماً لها أهداف استعمارية وشروط مجحفة لاسبيل لتفاديها في حال البناء من الصفر او البدء من مواقع متخلفة، ووجود مثل هذه الدول الحتمي بدولة الجنوب لن يشكل خطراً على استقلالها وسيادتها هي فقط، بل سيشكل خطراً دائماً وداهماً على دولة الشمال الغارقة في أوهامها أيضاً.
    وستواجه دولة الجنوب أزمة بناء خدمة مدنية فاعلة ومؤسسات تعليمية قادرة وقضاء مؤهل، وبالمجمل مؤسسات دولة حديثة، في ظل نقص الكادر وضعف التمويل واستمرار نشاط عسكرة الحياة لفترات طويلة يصعب معها إعادة تأهيلهم للعودة للحياة المدنية. وتواجه دولة الشمال خدمة مدنية مختطفة من قبل المؤتمر الوطني وقضاء غير مستقل ومؤسسات تعليم تم تخريبها عمداً، مما يحتم تعميق الأزمة بدلاً من استشراف حلول لها.
    وبالرغم من ذلك فإن الحركة الشعبية يبدو أنها سوف تقبل التحدي لبناء دولة في بقعة الجنوب الجغرافية ، دولة لها مقومات الدولة الحديثة ، وتوجه رسالة لكل من يشك في قدرات شعب جنوب السودان وقياداته السياسية والعسكرية في بناء هذه الدولة. وأن الحركة الشعبية – في ظل الفترة الانتقالية – قد قطعت شوطاً كبيراً في تأسيس مستويات الحكم في الإقليم الجنوبي لتثبيت أركان دولة جنوبية إذا اختار الشعب السوداني في جنوب البلاد . إضافة إلى الوعي الذي يتمتع به القادة السياسيين من أبناء الجنوب سوف يتمص ويتحكم في الانفلاتات الأمنية والصراعات القبلية.
                  

01-04-2011, 11:07 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    خامساً : الانفصال يؤدي إلى انهيار أحد الجسور العربية-الأفريقية :

    من المعلوم أن الانفصال يحرم دولة الشمال من عمقها الأفريقي، ويقطع الصلة المباشرة بينها وبين دول حوض النيل في معظمها وينهي التماس والتثاقف بين العالم العربي في طبعته السودانية الأفريقية وبين أفريقيا الأواسط وأبعدها ويغلق الطريق أمام أي تواصل حضاري يسمح للطرفين ببناء تواصل إنساني مفيد ومؤثر على المستوى الإنساني، يؤسس لعلاقة أفضل في سبيل تعميق الصلات من أجل النضال لخلق مجتمع إنساني يحترم الإنسان بماهو إنسان بعيداً عن كافة أشكال التمييز.
    وكذلك فإن الإنفصال سوف يقوم بقطع التواصل المباشر بين دولة الجنوب والعالم العربي ويجعل محيطها أفريقياً صرفاً، وبالتالي يمنعها من التثاقف الشعبي الهادئ مع الثقافة العربية والإسلامية والمواطن العربي غير السوداني بعيداً عن مؤثرات السلطة الدينية في شمال السودان، ومن ثم يحرمه من مقاربة تلك الثقافة من مواقع الندية ويكرس العداء المضمر الذي اورثه له ميراث التعالي الأخرق الذي تكرس في أبشع صوره لدى دولة الإسلام السياسي في الشمال.
                  

01-04-2011, 11:10 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    سادساً : الانفصال يؤدي إلى انحسار الديمقراطية في الدولتين :
    يؤدي الإنفصال إلى تكريس الدولة الدينية في الشمال وتمكين رأس المال الطفيلي من تشديد قبضته على السلطة، متوهماً أن فشله في فرض سطوته على الجنوب أسبابها دينية وعرقية، وأن نقاء دولة الشمال الديني باغلبيتها المسلمة سوف يمكنه من فرض دولته الدينية الإسلامية بسهولة ويسر. وبالطبع سوف يتناسى أن المشكلات بالأصل هي اقتصادية واجتماعية وسياسية، نفخت في جسد التمايز العرقي والديني دفعاً سالباً عمقته الدولة الدينية، والدلالة على ذلك مشكلة دارفور وانتفاضات أبناء الشمال ضد السدود واحتجاجات أبناء الشرق ضد المظالم المرشحة للتصاعد مثلها مثل احتجاجات أبناء كردفان. عدم إدراك رأس المال الطفيلي ومؤتمره الوطني لهذه الحقائق سوف يدفعه لمحاولة قهر وقمع المعارضة وتكريس الشمولية في دولة الشمال تحت شعارات دينية أفرغت من محتواها مسبقاً، ويرشح دولة الشمال لمزيد من الصراعات المسلحة نتيجة لإنسداد سبل الحل السياسي.
    كما يؤدي الانفصال سوف يجعل الحركة الشعبية مضطرة لبناء دولة قابضة وغير ديمقراطية في الجنوب مع حتمية وجود دولة شمولية للمؤتمر الوطني في الشمال، يعني تغييب كامل للمواطن السوداني جنوباً وشمالا، ويحتم وجود علاقة عدائية بين الدولتين. ولهذا يرجح أن تكون الحدود بين الدولتين حدود ملتهبة دائماً منذ لحظة ترسيمها مروراً بحراستها ووصولاً للتفاهم حول ضبطها.
    إن إستمرار دولة المؤتمر الوطني الطفيلية في الشمال ونشوء دولة الحركة الشعبية في الجنوب في غياب المؤسسية والشفافية وضعف إن لم يكن غياب المشاركة الشعبية، يحتم إنتشار الفساد في الدولتين في إطار غياب مبدأ المحاسبة والإنفراد بالسلطة بشكل أو بآخر. وهذا يهدد بتعميق الأزمة ونشوء دولتين فاشلتين بدل دولة فاشلة واحدة.
                  

01-04-2011, 11:13 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    سابعاً : الانفصال ومشاكل "نيفاشا" العالقة :
    الإنفصال يعمق مشكلة المناطق الثلاث (أبيي وجبال النوبة والنيل الأزرق)، ففي حال دعم الحركة الشعبية لإنفصالها هي الأخرى سوف يتطور صراع دموي وطويل بدأت نذره منذ الآن برفض أبناء المسيرية لقانون استفتاء أبيي ولقرار التحكيم بلاهاي وهو غير ملزم من ناحية قانونية سوى لأطرافه (الحكومة والحركة الشعبية). فلا دينكا نقوك ولا المسيرية كانوا طرفاً في النزاع، وبالتالي لم يصدر حكم التحكيم في مواجهتهم. أما منطقة النيل الأزرق وجبال النوبة، فتوهم المؤتمر الوطني مقدرته على فرض دولته عليهما عبر الرشا أو بالقوة، فسوف يقود حتماً إلى حروب أخرى، خصوصاً إذا أحست المنطقتين بتخلي الحركة الشعبية عنهما عند أو بعد الانفصال.
    كما أن إنفصال الجنوب سوف يشجع جميع المجموعات المهمشة بالبلاد على المطالبة بحقها في تقرير مصيرها، وذلك لأن استمرار رأس المال الطفيلي ومؤتمره الوطني في السلطة ، لن يسمح بمعالجة مشكلات المناطق المهمشة بإشراكها إشراكاً حقيقياً وفاعلاً في السلطة، أو القيام بتنمية حقيقية تنتشل إنسان الهامش من الوهدة التي هو فيها. وهذا يعني أن دولة الشمال الرسالية مهددة بالصوملة نتيجة لتكريس الشمولية والنهب المنظم.
                  

01-04-2011, 11:15 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    ثامناً : الانفصال ومشاكل المواطنة والجنسية :

    الانفصال يثير مشكلة العدد الكبير من الجنوبيين المقيمين بالشمال وبعضهم لم ير الجنوب ولايعرف عنه شيئاً. ومن الطبيعي أن يثور السؤال عن مصير هؤلاء وهل سوف يستمرون في البقاء بدولة الشمال كمواطنين من الدرجة الثانية أو قل رعايا أم أنهم سيطردون إلى دولة الجنوب؟ ونفس الأمر ينسحب على الشماليين المقيمين بالجنوب وإن كانت أعدادهم أقل. هل سنشهد هجرة مهولة كالتي حدثت بين الهند وباكستان حين تم التقسيم على أساس ديني كرس العداء بين الدولتين ونفخ الروح فيه؟
    وما مصير ممتلكات المواطنين الجنوبيين في الشمال ومصير ممتلكات المواطنين الشماليين في الجنوب؟ هل سيسمح لمواطني الدولتين بالتملك والعمل وممارسة النشاطات الاقتصادية أسوة بمواطني كل دولة من الدولتين أم سيعاملون كأجانب بوصف كلاً منهم من رعايا دولة أخرى؟
    أما بخصوص الجنسية ، فهناك ثلاث احتمالات للتعامل مع إشكالية الجنسية تتعلق بسؤال : ماهية الجنسية التي يحملها الإنسان من أبناء الجنوب في حالة اختياره الانفصال، وخاصة لأولئك الجنوبيين الذي يقطنون في الشمال ، ولايملكون مقومات الحياة في الجنوب بعد ما أسسوا أوضاعهم في الشمال على مدى عشرات السنيين.
    الخيار الأول: في أن توافق الدولتان على ازدواجية الجنسية لمن يرغب من أبناء الجنوب، فيصبح لهم كامل حقوق المواطنة في الشمال كما هي في الجنوب.
    الخيار الثاني: هو منح أبناء الجنوب الموجودين في الشمال الخيار بين جنسيتي البلدين ، فيصبح أحدهم مواطناً في الدولة التي يختار ، وهذا يعني فقدان المواطنة في البلد الآخر.
    الخيار الثالث: هو اعتبار كل الجنوبيين مواطنين في الدولة الجديدة في حالة الانفصال بشكل تلقائي دون النظر أية خيارات أخرى .
    ولكل خيار ميزاته وتبعاته.
                  

01-04-2011, 11:16 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    تاسعاً : الانفصال والاستخلاف العالمي والإقليمي لتمثيل السودان :

    والسؤال الذب بتبادر للذهن بعد الانفصال هو : من سيخلف دولة السودان الحالية في المؤسسات الدولية كالامم المتحدة والإتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية؟ هل سيسمح لدولة الشمال بالإحتفاظ بإسم السودان أم أن دولة الجنوب ستطالب بالاسم؟ قد تعطي نيفاشا مؤشراً أولياً على أن الاستخلاف سوف يكون لدولة الشمال بإعتبار أنها عرفت بالحكومة في مقابل الحركة الشعبية، ولكن نيفاشا لم تنظم علاقات مابعد الانفصال.
                  

01-04-2011, 11:18 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    عاشراً : الانفصال ومياه النيل :
    ستواجه الدولتين بالسؤال الصعب حول اقتسام حصة السودان من مياه النيل وكيفية توظيف الحصص بإعتبار إحتياجات النهضة الزراعية ومشكلات الري والتنافس الدولي على موارد المياه بالأخذ في الاعتبار مشكلة ندرة المياه عالمياً وخلافات دول حوض النيل الأخيرة. حساسية هذه المسألة أكبر لدولة الجنوب لأن موارد دولة الشمال من النيل الأزرق أكبر من مواردها من النيل الأبيض، واحتياجات الجنوب في إزدياد في حال وجود تنمية زراعية لاتعتمد الري المطري وتأخذ في إعتبارها عامل التغير المناخي.
                  

01-04-2011, 11:20 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    حادي عشر : ديون السودان الخارجية :

    من سيتكفل بديون السودان الخارجية المقدرة ب 34 مليار دولار وهل سيتم إقتسامها بين الدولتين وعلى أي أساس؟ هل ستوزع المديونية على عدد سكان السودان الحالي، أم أن دولة الجنوب سوف ترفض تحمل أي نصيب من المديونية ؟
                  

01-04-2011, 11:23 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    ثاني عشر : مصير القوى السودانية الممتدة بعد الانفصال :

    لا أحد يدري ما مصير القوى السياسية ذات الامتدادات في الجنوب والشمال. فالحركة الشعبية مثلاً لها قطاع الشمال الذي زعمت في فترة ما أن عضويته وصلت لخمسمائة ألف، وللمؤتمر الوطني عضوية في الجنوب وكذلك المؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي وقوى أخرى. كيف ستستمر هذه القوى في العمل السياسي بعد انفصال الدولتين؟ هل سيتخلى المؤتمر الوطني عن عضويته في الجنوب وتتخلى الحركة الشعبية عن عضويتها في الشمال أم ماذا؟
                  

01-04-2011, 11:24 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    ثالث عشر : الانفصال ومشاكل توزيع "الأصول العامة" :

    كيف سيتم التعامل مع المؤسسات العاملة بكامل تراب الوطن كالنقل النهري وإلى من ستؤول من الدولتين؟ وهل سيستمر نشاطها بين الدولتين أم سيتوقف؟.
                  

01-04-2011, 11:26 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    رابع عشر : الانفصال والعملة" :
    بالنسبة للعملة التي يتم تداولها في دولة جنوب السودان في حالة أن أفضى الاستفتاء إلى ميلادها ، سوف يكون بين خيارين.
    الخيار الأول: الاستمرار في التعامل بالجنيه السوداني.
    الخيار الثاني: تؤسس دولة جنوب السودان نظام نقدي ومصرفي يواجه الاحتياجات الضرورية لتنظيم اقتصاد الدولة الجديدة.
                  

01-04-2011, 11:28 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    خامس عشر : العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الدولتين بعد الانفصال (الهوية السودانية):
    ماهو أثر هذه القطيعة السياسية والفصل على هوية السوداني بعامة والشمالي بخاصة بفصله عن عمقه الأفريقي وقطع صلته به، وما أثر تغييب هذا التنوع على التطور الثقافي والهوية السودانية
                  

01-04-2011, 11:30 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    سادس عشر : الانفصال وتفتيت السودان الشمالي:

    قد يؤدي انفصال جنوب السودان إلى تفتيت السودان إلى عدة دويلات . ففي السودان الكثير من النزاعات المسلحة القائمة (دارفور وأبيي والنيل الأزرق) والمحتمل أن تقوم (شرق السودان وجبال النوبة) . كما توجد مطالبات عديدة في مناطق أخرى (منطقة المناصير ) . لقد بات الوضع في السودان أكثر هشاشة وقد يتشظى السودان إلى دويلات في أي لحظة خاصة مع انفصال جنوب السودان الذي يؤدي إلى تشجيع الآخرين في وجود التربص العالمي خاصة من جانب الولايات المتحدة واسرائيل التي تضع في أجندتها مسألة تقسيم السودان إلى عدد من الديلات الضعيفة باعتبار السودان الموحد يمثل محوراً فعالاً في المثلث الحيوي والذي يضم منطقة الشرق الأوسط (باعتباره قطراً عربياً مهماً) ومنطقة القرن الأفريقي ( باعهتبارها مطلاً على البحر الأحمر وصاحب علاقة مؤثرة على دول القرن الأفريقي ومنطقة البحيرات وحوض النيل (باعتباره السند الحقيقي لمصر وهما يهيمنان على الحصة الكبرى في مياه النيل.
                  

01-04-2011, 11:32 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    سابع عشر : الانفصال وصوملة السودان الجنوبي:

    قد يؤدي انفصال جنوب السودان إلى أن إندلاع حروب أهلية بين مكونات الجنوب المختلفة . ويذهب الكثير من المراقبين إلى أن الجنوب سيكون ساحة للمعارك بين أبنائه وبين قبائله المختلفة . والصراع القبلي متأجج عبر العصور بين القبائل الجنوبية الكبيرة (الدينكا والنوير والشلك ) من جهة وبين قبائل الأقليات من جهة أخرى. وبإمكان اتفاق القبائل الثلاث الكبيرة فيما بينهم حول كيفية حكم الجنوب ولكن كيف يمكن التوصل إلى الاتفاق مع القبائل الصغيرة العديدة التي سوف تقاتل من أجل البقاء إذا ما وجهت بالتصفية العرقية وهذا متوقع الحدوث بأخذ الأمثلة من منطقة البحيرات (بورندي مثلاً).
    كما قد يكون سبب عدم الاستقرار وقيام الحروب في دولة الجنوب عقب الانفصال في حالة تعنت الحركة الشعبية وفرضها لنوع من الحكم الشمولي والإصرار على غياب الديمقراطية والانفراد بالسلطة والعمل على تصفية الحسابات مع الآخر.
                  

01-04-2011, 11:34 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    ثامن عشر : الانفصال والحدود:

    تعتبر مسألة الحدود بين الدولتين من أكبر وأعقد المشاكل القائمة الآن والتي سوف تظل قائمة بين الدولتين إلى زمن طويل بعد الانفصال . ومايشاهد الآن من تعثر مسألة ترسيم الحدود والتعنت القائم بين الطرفين ، يظهر سوء النية المبيتة من الطرفين لجعل هذه المسألة بورة تأجج لصراع في مستقبل الأيام عقب الانفصال. وتعتبر مسألة الحدود من المشاكل التي قد يزيد من عمقها انفصال جنوب السودان في دولة جديدة ، عندها تكون مسألة الحدود مشكلة بين دولتين مستقلتين وليس بين شريكين في الحكم. مما يدفع الدولتين أو أحدهما الدخول في حرب إقليمية مع الأخرى بسبب مسألة الحدود.
    وتنبع أهمية الحدود لما تتمتع به مناطق التماس بين الشمال والجنوب من ثروات طبيعية (بترولية ومعدنية ومائية ) وحيوية ( لتحكمها في مصادر المياه واعتبارها منفذا لداخل القارة الأفريقية. وبذلك فإن مسألة الحدود إذا لم تحسم قبل الاستفتاء سوف تكون قنبلة موقوتة ساكنة سوف تنفجر حتما بعيد الانفصال مباشرة ، لأنها من المسائل التي لايمكن تأجيلها باعتبارها عنصراً هاماً في توصيف كيان كل من الدولتين الجديدين.
    وتفرز مسألة الحدود إن لم تحسم مسألة النزاعات القبلية في مناطق التماس خاصة مناطق الرعي والزراعة المشتركة بين الجانبين . كل هذا يدفع القبائل في المناطق المشتركة إلى التمرد على كل من الدولتين إذا كانت الحلول ليست في موافقة مصالحها ، مما يجعل الدولة في مواجهة مع مواطنيها في تلك المناطق.
                  

01-04-2011, 11:37 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    تاسع عشر : حسن الجوار بين الدولتين في حال الانفصال:

    إذا اختار مواطني الإقليم الجنوبي لخيار الانفصال ، لابد أن تتم فوراً عدد من الإجراءات الضرورية والسريعة . ومن أهم هذه الإجراءات:
    1- الاعتراف المتبادل للدولتين من قيادات الدولتين.
    2- الشروع في تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
    3- إعلان كل من الدولتين عن قيام علاقات حسن جوار بين الدولتين وأن يكون حل جميع القضايا المعلقة والتي تنسأ بطرق سلمية ، وأن يثبت كل من الطرفين مبدأ حسن النية.
    4- شروع الطرفين في إنشاء الاتفاقيات الثنائية لتكملة إجراءات النقص فيما يستجد من نواقص دولة الجنوب الوليدة.
    5- قيام دولة الشمال في المبادة في تقديم المساعات اللوجستية في مجالات الأمن والاقتصاد وغيرها من المجالات المختلفة .
    6- عمل الطرفين امتصاص التفلتات على مناطق التماس.
    7- توجيه الإعلام في كل من الدولتين للعمل على تثبيت علاقات حسن الجوار .
    8- عمل الدولتين كل ما في وسعهما لتوطيد علاقات حسن الجوار.
                  

01-04-2011, 11:43 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    خاتمة:

    كثير من الأسئلة الصعبة والمشكلات التي يثيرها موضوع انفصال السودان لدولتين شمالية وجنوبية وهو أمر راجح الحدوث الآن. ولعل في إثارة بعضها أعلاه توضيح لموقف دعاة الوحدة الذين لم يكونوا يوماً دعاةً لها من مواقع عاطفية، بل من مواقع معرفة جدية بمخاطر الانفصال وفصم عري التواصل بين الجنوب والشمال، وتغييب فرصة بناء كيان موحد وقوي يدرك تناغم جدل الوحدة والتنوع، في دولة مدنية ديمقراطية تقوم على حقوق المواطنة وسيادة حكم القانون، وتهتم بتوزيع عادل للسلطة والثروة. ولسنا بالطبع في حاجة للقول بأن ماورد أعلاه لا يغطي جميع مخاطر الانفصال، بل يقدم مؤشرات أولية تحتاج لدراسة وتحقيق أعمق.
    ولمناقشة هذا الأمر بروية وتأني لابد من الإجابة على االعديد من التسأولات من خلال المحاور الآتية:
    المحور الأول: دور الاستعمار البريطاني في انفصال جنوب السودان:

    من المعلوم تاريخياً أن الاستعمار البريطاني قد أصل لفصل جنوب السودان، وسعى لذلك بشتى السبل ، بل وقام ببعض الخطوات العملية لضم الجنوب إلى بعض دول شرق أفريقيا ولكنه فشل لقوة إرادة السودانيين خاصة من أبناء الجنوب الذين أيدوا البقاء ضم السودان الموحد.
    وبريطانيا بإعلانها وتنفيذها لسياسة المناطق المقفولة ، سعت لتعطيل التنمية وبذر بذرة الخلاف بين أبناء الشمال والجنوب داخل الوطن الواحد حتى تزداد الهوة اتساعاً بمرور الزمن وتكون قضية جنوب السودان "خميرة عكننة " لجميع الحكومات المتعاقبة على حكم السودان بعد الاستقلال.
    المحور الثاني: دورالحكومات المتعاقبة بعد الاستقلال في انفصال جنوب السودان:
    جميع الحكومات الوطنية بعد الاستقلال مدنية كانت أم عسكرية لم تولي قضية جنوب السودان الأهمية اللازمة ، بل كل جل همها أن يكون السودان موحداً وألا تقبل بتقسيمه ، واتبعت سبيل الحل العسكري في كثير من الأحايين خاصة الحكومات العسكرية.
    والحكومات المتعاقبة لم تسعى لدراسة جوهر قضية جنوب السودان كما لم تسعى لتنمية الجنوب منذ الاستقلال حتى تجعل المواطن فيه آمناً مطمئناً لمستقبله أكثر مما تجعله يحمل السلاح في مواجهة حكومة الشمال والتي اعتبرها في بعض الفترات حكومة مستعمرة تجثم على صدره لذلك لابد من التخلص منها.
    المحور الثالث: دور الأحزاب والكيانات السياسية السودانية في تعميق فكرة الانفصال: للأحزاب دور سالب في تدعيم وحدة السودان وبالتالي فمواقف أغلبية الأحزاب قد أيد الانفصال ولو بطريق غير مباشر. فالإسلاميون وافقوا على "حق تقرير المصير" لجنوب السودان (اتفاقية فرانكفورت) والأحزاب التقليدية ممثلة في تجمع أسمرا وافقوا على "حق تقرير المصير" وأخيراً المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قاما بتثبيت حق تقرير المصير في (اتفاقية نيفاشا). وكل هذه الأحزاب تعلم علم اليقين أن حق تقرير المصير في عالم اليوم نتيجته معلومة وهي الانفصال. لم تنج دولة واحدة قام فيها استفتاء لحق تقرير المصير وكانت نتيجته تأييد الوحدة. لذلك أقول وبكل أسف أن الأحزاب السودانية جميعها بشرت بالانفصال قبل وقوعه.
    المحور الرابع: البعد الدولي ودوره في تفتيت الدول عن طريق "حق تقرير المصير":
    الأصابع الأجنبية لعبت ومازالت تلعب الدور الرئيس في تفتيت الدول في عالم اليوم الذي يقوم على هيمنة الدول الغربية. والسودان يقع ضمن الدول المستهدفة بغض النظر عمن يدير دفة الحكم فيه. وبالرجوع إلى فترة الثمانينات نجد أن معهد كسنجر قد أعد دراسة لإعادة الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط ومنطقة البحيرات ومنطقة القرن الأفريقي. وبالنظر لهذه المناطق الثلاثة نجد أن السودان هو الدولة الوحيدة التي تمثل القاسم المشترك فيها. ونسبة لكبر مساحته واتساع موارده يمكن أن يلعب دوراًً مفصلياً في هذه المناطق الثلاثة وبالتالي يكون حجرة عثرة لعودة الاستعمار الغربي للقارة الأفريقية كما يخطط لذلك.
    أرادت الدول الغربية العودة لأفريقيا ولكن بطريقة جديدة مبتكرة ، وهي إعادة تقسيم الخارطة السياسية كما فعلت بعد نهاية الحروب العالمية الأولى والثانية. وبالنظر للمناطق الثلاثة والتي يعتبر السودان العنصر المشترك فيها ، نجد أن منطقة الشرق الأوسط تمتاز بالثروات النفطية والبعد الاستراتيجي، كذلك منطقة القرن الأفريقي التي تربط بين القارات الثلاث أوروبا – أفريقيا - آسيا . أما منطقة البحيرات فإن مسألة مياه النيل تمثل العمود الفقري للصراع في عالم اليوم والذي سوف يسمى "عصر المياه" وتقوم بهذا الدور إسرائيل على وجه التحديد وقد بدأت فعلاً بمياه الفرات والآن هي تتوجه إلى مياه النيل ( بغرض بناء إمبراطورية النيل-الفرات).
    والدور الأجنبي موجود – بطريقة مباشرة وبطريقة غير مباشرة - في جميع الاتفاقيات التي أبرمت مع أبناء الجنوب على مر الزمن. حركة الأنانيا وجد الدعم الخارجي. اتفاقية 1972م في عهد مايو كانت برعاية هيلاسلاسي ولكن الأيدي الأجنبية فيها واضحة. أما عن أصدقاء الإيقاد فحدث ولاحرج . أصحاب الإيقاد هم دول فرضت نفسها على اتفاقية ماشاكوس بدون دعوة وبدون سابق إنذار. تولى أصدقاء الإيقاد كل شيء يخص اتفاق ماشاكوس باعتبارهم طرفاً أصيلاً في الاتفاق الإطاري.
    أما الدور الأجنبي في اتفاقية نيفاشا خاصة دور الولايات المتحدة الأمريكية ، فهو دور مباشر مفروض على الطرفين أحياناً بالاتفاق وأحياناً بالتهديد لطرفي الاتفاق. أو قد يكون متفق عليه بالتراضي والله أعلم.
    خلاصة القول أن للغرب استراتيجياته المعلنة وغير المعلنة في تفتيت الشعوب والدول لإضعافها ونهب ثرواتها . والسودان يقع في قائمة هذه الدول منذ استقلاله . وزاد الاستهداف بعد قيام انقلاب الإنقاذ في 1989م وإعلانه المشروع الحضاري الإسلامي في المنطقة العربية الأفريقية الحساسة ، الأمر الذي ألهب ألسنة النيران ضده وضد السودان بأكمله.
    المحور الخامس: دور المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في جعل الانفصال جاذباً:
    من المفروض أن يسعى الشريكان – وبمقتضى اتفاقية نيفاشا – إلى جعل الواحدة جاذبة ، ولكن أفعالهما وتصرفاتهما وتصريحاتهما طيلة الفترة تدل على أنهما سعيا لأن تكون الوحدة نافرة. والدلائل على ذلك كثيرة أهمها:
    • المماطلة والتسويف في حسم الكثير من القضايا العالقة والأساسية وعلى رأسها القوانين المصاحبة للاتفاقية مثل : قانون الانتخابات وقانون الاستفتاء والقانون المشورة الشعبية. إضافة إلى المشاكل المزمنة مثل : مشكلة ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب ومشكلة أبيي ومشكلة دارفور وغيرها من المشاكل.
    • التصريحات غير المسؤؤلة من الجانبين التي أججت وتؤجج الكراهية وتصلب المواقف أدى إلى تعطيل الكثير من الحلول.
    • قياديو المؤتمر الوطني يلمحون إلى توقع حدوث الانفصال وأن الشمال قوي في اقتصاده وموارده ولايحتاج إلى الجنوب ، بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك بأن قال بأن خيار الانفصال – إن حدث – سوف يسعد قادعة المؤتمر الوطني.
    • الحركة الشعبية كحزب مشارك في الاتفاقية والحكم ومناط به جعل الوحدة جاذبة أعلن رسمياً الانحياز لخيار الانفصال. ويقوم حالياً حكام الولايات الجنوبية تباعاً بإعلان موقف الحركة الشعبية الرسمي على الجماهير التي تتقدم بالتوقيع على مراسم الانفصال في التاسع من يناير 2011م.

    هكذا انهارت أحلام السودانيين في تحقيق وحدة طوعية لسودان جديد بيد أبانئه الذين قصروا في حقه واللعب بمقدراته. فالتاريخ لن يرحم. لن يرحم الذين وقفوا على الرصيف ، كما لن يرحم الذين تواطؤا وباعوا السودان. وأطالب – إن وقع الانفصال – باستقالة الحكومة السودانية في الشمال وقيام حكومة قومية على أسس قوية وواضحة تجنب السودان المزيد من التفكك والتشرذم.
    ضعف الأمل ، ولكن لابد من التشبث به لآخر لحظة .
    اللهم جنب السودان المحن ،
    اللهم أجمع كلمتنا ، وسدد خطانا للحفاظ على ماتبفى من سوداننا.
    اللهم ، ألهمنا الصبر ، واجعلنا ممن يتعلمون من أخطائهم،
    أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم.
    أحمد الكمالي هاشم
    صنعاء [email protected]

    24/12/2010م
                  

01-05-2011, 11:19 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    الورقة الثالثة:الوحدة كخيار جاذب

    الطريق الثالث الوحدة باسس جديدة

    حل مشكلة السودان في حل مشكلة المركز ..
    عادل الأمين
    2010-12-14


    حل مشكلة السودان في حل مشكلة المركز


    ظلت أزمة الدولة السودانية ممتدة من قبل الاستقلال، عندما بدأت تتبلور إرهاصات بروز دولة السودان الحديثة إلى حيز الوجود بعد أن هبت رياح التغيير في العالم وانتهاء حقبة الاستعمار المباشر (الكولونيالية) ودخول العالم مرحلة وسيطة وهي الاستعمار غير المباشر (الامبريالية).. كانت هناك اختلالات بالغة في الرؤى والتصورات عما يجب أن تكون عليه الدولة السودانية، هل تكون دولة مدنية وفيدرالية وديمقراطية، كما هي رؤية أبناء الجنوب منذ 1947، أم تكون دولة مركزية اسلاموية وعروبية، كما هي رؤية نخب الشمال الايديولوجي والطائفي التي جاءت بالاستقلال في كانون الثاني/يناير 1956، حيث تم فرض الهوية قبل تشكيل الإطار للدولة، وبذلك بذرت بذور الشقاق لتقود أطول وأبشع حرب أهلية في افريقيا امتدت من 1955 وحتى 2005.. كانت رؤية أبناء الجنوب واضحة للدولة السودانية ولم تتغير عبر المراحل الثلاث، الاستعمار المباشر1947،'الاستعمار غير المباشر (اتفاقية أديس أبابا 1972) حتى الان أيضا في النظام العالمي الجديد ومرحلة (الشراكة - الديمقراطية) (اتفاقية نيفاشا 2005-2011) المدعومة دوليا، وللأسف تم توقيع أفضل اتفاقية مع أسوأ نخبة حاكمة وهي حزب المؤتمر الوطني ومشروع الأخوان المسلمين الوافد من خارج الحدود، الذي أثبتت التجارب المريرة فشله في السودان (تجربة الرئيس الراحل نميري 1978- 1985) ... فقط تمت إعادة إنتاجه مرة أخرى ونفس الرموز في حزيران/يونيو 1989، بما يعرف بثورة الإنقاذ ليستمر التمادي في نقض المواثيق والعهود حتى بعد فشل تجربة الإسلاميين الثانية وفجرهم الكاذب الجديد وبشهادة الكبار منهم... وأضحينا الان على مفترق طرق... شريعة الأخوان المسلمين المزعومة أم الجنوبيين؟ ولكن في حقيقة الأمر لا يعدو مشروع التوجه الحضاري أو ثورة الإنقاذ سوى نظام رأسمالي طفيلي يهيمن على السلطة والثروة ولا يختلف كثيرا عن الأنظمة العربية المركزية التي أضحت خارج التاريخ وتتداعى الان.. وليس أزمة دين أو عرق.. بل منظومة رأسمالية تعزل الآخرين من غير الجنوبيين أيضا، حيث ظهر الان انه صراع بين المركز والهوامش الأربعة وليس بين الجنوب والشمال كما شخصته بصائر أبناء جنوب السودان منذ أمد بعيد، وما يؤكد ذلك فصيل الأسود الحرة الذي انضم للتجمع الوطني وهو يمثل قبيلة الرشايدة العربية الأصلية وتمرد أبناء دارفور المسلمين ضد السلطة المركزية وأبناء كجبار والمناصير..الخ... وهذا ينفي تماما عملية تحوير الصراع بأنه عرقي أو ديني كما يروج له بعض الأخوان المسلمين في الاعلام العربي... الصراع بين رؤيتين فقط، الدولة المدنية الفيدرالية الديمقراطية، وهذه تمثلها القوى الديمقراطية السودانية الحقيقية، وبين الدولة المركزية الفاسدة والفاشلة والفاشية ويمثلها حزب المؤتمر الوطني وبعض قوى السودان القديم.
    عندما تم توقيع اتفاقية نيفاشا في 2005 كانت هذه الاتفاقية خارطة طريق واضحة المعالم نحو الدولة المدنية الفيدرالية الديمقراطية التي تشكل نهاية التاريخ في السودان وبداية الجغرافيا والتنمية، وحتى يتأكد ذلك وضعت انتخابات في منتصف الفترة من اجل التغيير في الأشخاص الذي يقود إلى التغيير في الأوضاع وكانت هناك فرصة كبيرة لقطاع الشمال لنقل مشروع السودان الجديد شمالا.. وإذا كانت هذه الانتخابات حرة ونزيهة وهذا التغيير كان كافيا للقضاء على الدولة المركزية القابضة في الشمال، ليس من بداية ثورة الإنقاذ، بل من الاستقلال، ولكن دائما في السودان بلد العجائب تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن... أصر أهل المؤتمر الوطني الذين حتى هذه اللحظة لا ندري هل هم حزب أم تنظيم، وشتان ما بين الحزب الطبيعي الذي ينشأ من تراب البلد والتنظيم الوافد من خارج الحدود... أصروا على أن يفسدوا آخر جزرة تقدم بها المجتمع الدولي وهي الانتخابات الحرة.. وبما أن التغيير أضحى صيرورة تاريخية سواء بالعصا أو الجزرة... فشلت الجزرة وعادت العصا الدولية تهدد السودان وأدت إلى مزيد من الضغوط، بإضافة تهمة الإبادة الجماعية التي جعلتنا قاب قوسين أو ادنى من الفصل السابع الذي هدم دولة العراق القديم، واليوم نحن في مرحلة آخر استحقاقات اتفاقية نيفاشا المهمة، وهو استفتاء أهل الجنوب ودخلنا مرة أخرى في مرحلة المزايدات الرخيصة وغير المسؤولة.. ومن الواضح الآن ان كل المؤشرات تدل على أن أبناء الجنوب اختاروا بذرة خلاصهم على مبدأ آخر العلاج الكي.. ودقت طبول الانفصال المدعوم دوليا.. وانتهت مشكلة الجنوب وستبدأ مشكلة الشمال التي تتجلى في أزمة دارفور والمحكمة الجنائية الدولية ومنطقة ابيي والمشورة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
    هل يا ترى توجد شمعة في نهاية النفق؟
    اعتقد إذا تواضع أهل المؤتمر الوطني ومن خلال برلمان المركز الحالي وبقدر من المسؤولية وسعوا بأنفسهم الى التصالح مع الذات أولا ثم مع الآخرين وتمتعوا بأخلاق الفرسان التي تناسب المرحلة عبر العالم وقاموا بتفكيك دولتهم المركزية الشمولية إلى دولة وطن يسع الجميع... وبآلية اتفاقية نيفاشا نفسها بإعادة هيكلة الشمال بإعادة الأقاليم الخمسة 'دارفور وكردفان والشمالي والشرقي والأوسط) في حدود 1956 وإجراء انتخابات تكميلية للبطاقات رقم 9،10،11،12 وهي تمثل حكومة الإقليم ونائب الرئيس.. حرة ونزيهة تشارك فيها الأحزاب المسجلة وحركات دارفور، بالتأكيد سيزول الاحتقان الداخلي إلذى بدوره سيقود لزوال الضغوط الخارجية، وإذا حدث تغيير فعلي كهذا حتما ستتغير خيارات أبناء الجنوب، فهم لم يحاربوا الشمال الجغرافي، بل الدول المركزية. وعندما تتشكل الأقاليم الخمسة في الشمال وتتماهي مع الإقليم الجنوبي بنفس الصلاحيات الدستورية سيكتمل عمليا بناء الدولة السودانية الحديثة المكونة من ستة أقاليم من دون خسائر في الأرواح أو الممتلكات.. لذلك لن يجدي الحديث عن الوحدة الجاذبة 'والمناظر هي ذاتها والصور نفس المشاهد'.
    لا بد أن يحدث تغيير جذري في الشمال من دون أن يتضرر احد، وذلك حتما لن يكون بالفصل السابع الذي يهدد مستقبل السودان.. بل عبر الدستور والبرلمان المركزي والنوايا الطيبة والاعتراف بالأخطاء والاعتذار والمصالحة الوطنية الحقيقة ويقدم السودان درسا جديدا للعالم... مثل دروسه الماضية في التحول الديمقراطي النظيف.

                  

01-05-2011, 11:24 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    sudansudansudansudan87sudan1sudansudan1sudan4sudan1sudansudan1sudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

01-06-2011, 03:47 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    الديموقراطية والتنمية في السودان



    عادل الامين
    الحوار المتمدن - العدد: 1815 - 2007 / 2 / 3
    المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

    اهم ما يميز الجهد الفكرى المجسد لتقارير التنمية البشرية الصادرة حتى الان هو المنهجية المتبعة والمرشدة لصياغة الاستنتاجات والتوصيات العلمية الهادفة لتطوير وتوسيع البرنامج القطرية والاقليمية والعالمية فىهذا المضمار
    وتتمثل هذه المنهجيةبطابع متجدد ومستند الى معطيات وتناقضات الواقع الحافل بالمتغيرات وهى ترتكز على دعامتين اساسيتين هما صياغة مفهوم للتنمية البشرية من ناحية والعامل الاخر هو مؤشر قياسها من ناحية اخرى(الاحصاء)
    ************
    ولاول مرة فى الادب التنموى العالمى تعرف التنمية البشرية على نحو محدد واضح بانها:عملية توسيع خيارات الناس والمقصود بخيارات الناس هو الفرص المبتغاة فى الميادين الاساسية فى الحياة الانسانية بصورةشاملة وتتلخص فى الغايات التالية:
    1- تامين حاجات الاجيال الراهنة دون الاضرار بامكانات الاجيال القادمة علي تامين احتياجاتها
    2- المحافظةعلى التوازن البيئى بمكافحة التلوث البيئى وتخريبها والسعىلاستخدام رشيد للموارد وتطويرها بصورة بناءة
    3-العنايةبالغايات الاجتماعية واهمها اجتثاث الفقر والعنصرية والقضاء على البطالةوتوفير فرص عمل متكافئة للمواطنين وتحسين توزيع الدخل الوطنى على الجميع ولا فرق بين المركز والهامش بهدف تحسين مستوى معيشتهم وتطوير نوعية حياتهم
    4-تاكيد قيم الحرية وحقوق الانسان والديموقراطية بهدف احترام كرامة الناس وكفالة امنهم وتمكينهم من المشاركة فى رسم مستقبلهم وفى عملية صنع القرار فى بلادهم وكذلك توفير الوسائل والآليات الضامنة لادارة ديموقراطية وشرعية للحكم وارساءه على سلطة القانون والمؤسسات المنتخبة والدستورية على المدى البعيد ...
    ***********
    هكذا ياتى التقرير الآخير عن التنمية البشرية ليسجل اضافة نوعية فى بلورة الفكر التنموى المعاصر وتاصيله ويؤشر الى ميادين عمل اساسية ومهمات جوهرية لتحسين نوعية حياة الناس ولازالة الفقر ومظاهر التفاوت الاقتصادى والاجتماعى على صعيدين القطرى والعالمى..وبهذا المفهوم السليم للعلاقة بين حقوق الانسان والتنمية البشرية تتساقط المزاعم القائلة ان الحقوق الاساسية هى نوع من الترف والكماليات..بل يتعين علىالتشديد على التنمية الشاملة والمجدية لاى مجتمع لا يمكن بلوغها دون الاستجابة الحقة والكاملة للحقوق والحريات التىتمثلها الديموقراطية والمنابر الحرة ..وهذا ما يجب ان يتنبه له الموقعين اليوم الاحد9/1/2005 فى كينيا..من اجل مرحلة جديدة فى السودان..كما يجب ان تعى رموز واحزاب السودان القديم دون استثناء ان المرحلة القادمة مرحلةتنميةبشرية واعادة اعمار وان يجب عليهم ان يتخلصو من خطابهم القديم المترف ويتحدثو عن المشاريع التنموية واعادة اعمار الارض والانسان...
                  

01-06-2011, 03:51 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    3 -المحور الثالث:السكة حديد والتنمية في السودان


    مشروع الوادي الأخضر (وادي المقدم)مشاريع التكامل الاقتصادي



    عادل الامين
    الحوار المتمدن - العدد: 1797 - 2007 / 1 / 16
    المحور: الادارة و الاقتصاد
    راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

    إن المشاكل الأساسية في السودان هي قضية التنمية الشاملة وترتكز التنمية على ثلاثة محاور أساسية ، المياه ، الطاقة الكهربائية ، السكة الحديدية .
    أ) المياه : مشروع الوادي الأخضر [ وادي المقدم ] :-
    هذا مشروع تنموي وبيئي في المقام الأول يهدف للنهوض بالولاية الشمالية في إطار التكامل الاقتصادي بين مصر والسودان ، يهدف المشروع لحفر قناة تمتد الى وادي المقدم من منطقة خزان جبل أولياء على النيل الأبيض جنوب الخرطوم وتمتد غرباً الى منطقة وادي المقدم لنقل كمية كبيرة من مياه النيل الأبيض المحتجزة ومهدرة وذلك لإن النيل الأزرق يحجز النيل الأبيض جنوب الخرطوم بمياهه السريعة.
    وادي المقدم منخفض طبيعي يمتد من شمال كردفان ويصب في النيل وفي شمال السودان وبوجود مياه دائمة فية ، ترتفع الرطوبة النسبية في المنطقة مما يساعد على تساقط الأمطار في شمال كردفان وادار فور ودرء خطر الجفاف (وجود مسطح مائي وسط حزام الجفاف ) ، كما أن هذا المشروع يوفر جزيرة جديدة (صحراء بيوضة) يمكن أن تستغل كمزارع ألبان ولحوم وثروة سمكية ومحاصيل قمح وفول مصري في هذه المنطقة الخصبة الخالية من العوائق .
    ب) الطاقة الكهربائية : (القوة المحركة للتنمية) :-
    مد خطوط الكهرباء من السد العالي في مصر عبر الشمال السوداني مروراً بوادي المقدم حتى مدينة أم درمان لتزويد هذه المنطقة الجديدة بالطاقة اللازمة لتنفيذ المشاريع الآنفة الذكر في البند (أ) .
    ج) السكة الحديدية (الناقل الوطني الأساسي) :-
    إعادة تأهيل السكة الحديدية على المواصفات الفنية لسكة حديد مصر حتى يتم دمج السكة الحديدية السودانية مع الشقيقة مصر لاحقاً ونحن نقترح هذا الخط الجديد الممتد عبر السودان [ حلفا ـ دنقلا ـ وادي المقدم ـ أم درمان ـ الدويم ـ كوستي ـ ملكال ـ جوبا ـ نمولي ] .
    خاتمة : بتنفيذ هذه المحاور الثلاثة يمكننا النهوض بالاقتصاد السوداني ويبقى
    لنا ملاحظات :-
    1) الاستعانة بالخبرات الصينية وهم الأقدر على تنفيذ هذه المشاريع الجبارة وهي الدولة الصديقة للسودان والمشهود لها بدعم التنمية في السودان في العهود السابقة .
    2) إنشاء بنك مشترك بين مصر والسودان تحت السقف المباشر لبنك السودان للاستثمار في هذا المشروع [بنك التكامل] .
    3) يمكن أن تمول الكويت هذا المشروع وهي لها باع طويل في التنمية في السودان.

    ملحوظة : تم التفكير في هذا المشروع كدراسة ماجستير في علم البيئة إبان عملي كمعلم في مدرسة كريمة الصناعية 1988
                  

01-06-2011, 03:58 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    4- السكة حديد
    عندما كان يقول الراحل قرنق الاسكندرية نمولي...كان يعي ما يقول في عالم التكتلات الاقتصادية وعندما نردد نحن من حلفالي نمولي...نفرغ الشعار من محتواه لان من حلفا لي دنقلا الزول ياخذ سبعة يوم وانظرو معاناة عودة اهلنا الجنوبيين الى الجنوب وما ابعد المسافة بين كوستي وملكال

    يجب بناء سكة حديد من اسوان الي ممبسا عبر السودان لربط البحر الابيض المتوسط(الاسكندرية)بالمحيط الهندي(ممباسا) وعبر ثلاث دول(مصر- السودان-كينيا)


    adel2sudan1sudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

01-06-2011, 04:06 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    ختامتحول السودان الي دولة اتحادية ،بحل مشكلة الهامش مع المركز جذريا،يتطلب تغيير علم نميري والسلام الجمهوري ايضا
    واقترح علم جمهورية السودان الاتحادية



    adel3sudan1sudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    ستجدو الوان الاستقلال القديمة(ازرق /السماء اصفر /الصحراء واخضر/ الغابة)
    والقلوب رمز المحبة
    والاقاليم الستة

    وهذا رائي ولا الزم به احدا وكل زول بحمل رسالة امينة صادقة بعيد مداها التاريخ بيحسب كل خطواته المشاها
                  

01-12-2011, 12:29 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    salam.JPG Hosting at Sudaneseonline.com







    يوجد الان بين خطي 10 و22 اسوا مشروع لدولة مركزية سودانية فاقدة الهوية منذ 1956 تتارجح بين ولاية الفقيه والاخوان المسلمين والفكرالعروب اسلامي المختل الوافد من خارج الحدود
    ان الاستفتاء سيحرر الجنوبيين من التبعية للنظام العربي القديم الذى اضحت اعراض مواته تعج بها الفضائيات من تونس للجزائر...يبدو ان هناك 22 حفرة تنتظرهم
    سيظل علم جمهورية السودان الاتحادية باق حتى عودة زهرة الجنوب...عندما تموت الايدولجية في الشمال كما حدث لالمانيا الشرقية...على المدى البعيد
                  

01-18-2011, 01:42 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    Quote: ثامناً : الانفصال ومشاكل المواطنة والجنسية :

    الانفصال يثير مشكلة العدد الكبير من الجنوبيين المقيمين بالشمال وبعضهم لم ير الجنوب ولايعرف عنه شيئاً. ومن الطبيعي أن يثور السؤال عن مصير هؤلاء وهل سوف يستمرون في البقاء بدولة الشمال كمواطنين من الدرجة الثانية أو قل رعايا أم أنهم سيطردون إلى دولة الجنوب؟ ونفس الأمر ينسحب على الشماليين المقيمين بالجنوب وإن كانت أعدادهم أقل. هل سنشهد هجرة مهولة كالتي حدثت بين الهند وباكستان حين تم التقسيم على أساس ديني كرس العداء بين الدولتين ونفخ الروح فيه؟
    وما مصير ممتلكات المواطنين الجنوبيين في الشمال ومصير ممتلكات المواطنين الشماليين في الجنوب؟ هل سيسمح لمواطني الدولتين بالتملك والعمل وممارسة النشاطات الاقتصادية أسوة بمواطني كل دولة من الدولتين أم سيعاملون كأجانب بوصف كلاً منهم من رعايا دولة أخرى؟
    أما بخصوص الجنسية ، فهناك ثلاث احتمالات للتعامل مع إشكالية الجنسية تتعلق بسؤال : ماهية الجنسية التي يحملها الإنسان من أبناء الجنوب في حالة اختياره الانفصال، وخاصة لأولئك الجنوبيين الذي يقطنون في الشمال ، ولايملكون مقومات الحياة في الجنوب بعد ما أسسوا أوضاعهم في الشمال على مدى عشرات السنيين.
    الخيار الأول: في أن توافق الدولتان على ازدواجية الجنسية لمن يرغب من أبناء الجنوب، فيصبح لهم كامل حقوق المواطنة في الشمال كما هي في الجنوب.
    الخيار الثاني: هو منح أبناء الجنوب الموجودين في الشمال الخيار بين جنسيتي البلدين ، فيصبح أحدهم مواطناً في الدولة التي يختار ، وهذا يعني فقدان المواطنة في البلد الآخر.
    الخيار الثالث: هو اعتبار كل الجنوبيين مواطنين في الدولة الجديدة في حالة الانفصال بشكل تلقائي دون النظر أية خيارات أخرى .
    ولكل خيار ميزاته وتبعاته

    نحن الان في مرحلة ما بعد الاستفتاء واعلان النتيجة

    ولان الاخوان المسلمين يفوقون سوء الظن العريض..ولاعهد لهم ولا ذمة ولااحترام للمواثيق...قد يتضرر ابناء الجنوب في الشمال ما لم يحميهم الدستور وليس وعود البشير المعروفة


    لابد من تاسيس منظمات مجتمع مدني في الشمال ترعى حق الجنوبيين في الجنسية المزدوجة و الحريات الاربعة...ومتابعتهم باستمرار من تغول السلطة المجرمة في الشمال...وهذا واجب القوى الديموقراطية المباشر
                  

02-01-2011, 08:28 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    انفصال الجنوب ومؤسسات التعليم العالي

    شاهدت وبكل اسف ابناؤنا طلاب الجامعات الجنوبية في الخرطوم وازمتم مع الانفصال والتفاف المسؤلين حولها


    المشكلة غاية في البساطة
    مش كان عندنا زمان جامعة القاهرة فرع الخرطوم وخرجت اجيال بشاهدة الجامعة الام(جامعة القاهرة)

    كمان عايزين في الخرطوم
    جامعة جوبا فرع الخرطوم والابقاء عليها معنا ومبنا لابناء الشمال
    ويجو يدرسو فيها الدكاترة الاكثر من المزارعين ديل ويخلو السياسة لي ناس صفوت فانوس
                  

02-15-2011, 09:49 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    الايام دي شايف ابراهيم احمد عمر يتحرك لاعادة انتاج السودان القديم ايضا مع (اهل القبلة) الاحزاب الطائفية للابقاء على الدولة المازومة في الشمال وينسى او يتناسي
    ان هناك جنوب جديد قادم
    يعبر عنه قطاع الشمال في الجنوب الجغرافي(الحلو وياسر وعقار) والسياسي المهمشين في كل السودان وحركات دارفور

    هذه هي القوى التي ستحدد مستقبل السودان...وليس عواجيز المركز واحزابهم المترهلة

    واذا كانو يستبينو النصح فعلا
    عليهم المذاكرة الجيدة في هذا البوست
    لان الحلول التي فيه سينتهي مفعولها بنهاية نيفاشا في يوليوا

    ونحن حنجيب ليهم فيه راي الناصحين للانقاذ عبر العصور بالوثائق
                  

02-15-2011, 09:52 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    دي نصيحة الدكتور التجاني عبدالقادر
    وقول(1)

    خطوات على طريق الإصلاح
    د. التيجاني عبد القادر [email protected]

    (1) أين نحن الآن؟
    يتساءل رجال الأعمال والإداريون أحيانا: أليست هناك حالات يكون من الأفضل فيها "اغلاق" المصنع المتهالك بدلا من محاولة اصلاحه؟ أليست "البداية الصحيحة" أسهل وأفضل من محاولة اصلاح ما هو قائم على اعوجاج؟ سؤالان يجوزان فى مجال المؤسسات التجارية والصناعية، كما يجوزان فى مجال التنظيمات السياسية والاجتماعية.فالمجموعات السياسية التى "تنشق" من أحزابها التاريخية لتكون لها أحزابا جديدة هى مثال للنفسية الثائرة ذات النزعة الراديكالية التى ترى أن "إغلاق المصنع المتهالك" والبداية من درجة الصفر خير من الترقيع والترميم. وهذا سعى قد ينجح فى بعض الحالات، إلا أننا نشك فى امكانية تكرر نجاحه، كما نشك فى وجود حالة "صفرية" فى الحياة الاجتماعية والسياسية، اذا يتعذر لمن ترعرع فى كنف "المصنع القديم"، وتعود على نظمه، وتشرب ثقافته، أن يخرج منه "سالما" كما تخرج الشعرة من العجين ليؤسس مصنعا جديدا مغايرا. قد يستطيع بالطبع أن يغير اسم المصنع، وأن يطيح ببعض القائمين على ادارة التسويق والمشتريات، وأن يستجلب ادارة جديدة للعلاقات العامة، ولكن "الرؤية" الأساسية لملكية المصنع، وللإدارة ذاتها، وللعاملين والمستهلكين، ستظل كما كانت. مما يعنى أن اشكالات المؤسسات والتنظيمات ليست اشكالات هيكلية خالصة، تنحل لمجرد إسقاط القديم أو الخروج منه وإنشاء شىء جديد بدلا منه، اذ أن "المرض القديم" سينتقل أيضا وسيقود الى النتيجة ذاتها.
    فإنشاء مؤسسات جديدة، أو تنظيمات بديلة لن يكون ذا جدوى ما لم تسبقه عمليات نقدية صادقة للممارسات السابقة، تحدد العوامل "الذاتية" التى تنبثق منها الرؤى، وتتعزز بها أنماط السلوك، كما تحدد العوامل الموضوعية، الداخلية والخارجية، التى أدت و تؤدى الى الإنهيار والفشل. والعملية النقدية، مثلها مثل العمليات الجراحية، قد تكون مؤلمة وباهظة التكلفة لمن يجريها ولمن تجرى عليه، ولكنها قد تبين فى المحصلة النهائية أن المرض/الخلل يمكن استئصاله أو السيطرة عليه، وأن المصنع يستطيع أن يؤدى وظائفه الأساسية بعد إزالة الأورام وإجراء الترميمات اللازمة، أو قد تبين أن المصنع قد فقد بالفعل كل مقومات البقاء والمنافسة، وأن تكلفة المعالجات والتجهيزات والتعويضات تتجاوز تكلفة المصنع الجديد. فى مثل هذه الحالة يكون الخروج واجبا، ليس فقط من هيكل المصنع وفضائه، ولكن من أساليبه ونظمه وثقافته ورؤيته التى قادت الى الخسران المبين. فاذا تغيرت الرؤية، واذا توفرت معها قدرة على التعلم، ورغبة فى تغيير السلوك، فان دورة جديدة من دورات الانتاج والعطاء ستبدأ، سواء تم التحول الى مصنع/منظمة جديدة، أو لم يتم. وهذا قريب مما ما حاولنا أن نقول فى المقالات السابقة؛ حاولنا أن نقول أن المشكلة (بل الأزمة)) التى واجهت الاسلاميين فى السودان لم تبرح مكانها بعد، وأن "المفاصلة" التى وقعت بينهما مفاصلة فى الشكل والاطار وليست فى الرؤى والممارسة؛ اذ أن من خرج خرج وهو يتمسك بماضيه ويدافع عنه، متجنبا نقد نفسه ومعرفة أخطائه، فلم يتعلم شيئا؛أما من بقى فقد طفق يواصل المشوار كأن شيئا لم يكن، يدافع عن "انجازاته"، ويوارى أخطاءه، ويرفض أن يتعلم. ولذلك فقد أطلنا الحديث (فى مقالاتنا السابقة) عن البدايات التاريخية للازمة، وعن بعض التصورات والممارسات الخاطئة فى المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية، فانتهينا للقول إن هناك حاجة قوية للتغيير، ليس فقط فى الهياكل كما قد فهم البعض ولكن فى الرؤى والسلوك.
    ولكن تغيير الرؤى والسلوك، أو تركيب رؤية جديدة، تتبعه وتثور حوله أسئلة كثيرة مثل: من نحن؟ وأين نحن الآن؟ وما هى صورة المجتمع الذى نريد؟ وكيف نصل الى هناك؟ أما "من نحن" فقد تقدمت باجابة عليه فى مقال سابق نشر فى هذه الصحيفة(17/7/2005)، فلنتحول الى السؤال الثانى: أين نحن الآن؟ وهذا سؤال مهم لأن من لا يعرف أين هو الآن لا يستطيع أن يعرف الى أين يسير.
    (2)
    "أين نحن الآن" ليس سؤال عن المكان فقط، وانما هو سؤال عن المكان والزمان؛ أى ما هي طبيعة المرحلة التاريخية الراهنة، على مستوى مجتمعنا المحلى، وعلى مستوى محيطنا الإفريقي والعربي، وعلى المستوى العالمي ؟
    إن محيطنا الأفريقي العربي كان لعهد قريب هو محيط التحرر من الاستعمار والتحول إلى البناء والتنمية. وكانت مفردات الحرية والوحدة والتنمية هي المفردات المهيمنة في خطابنا السياسي. وكنا في كل قطر نرى المثقفين في حركات التحرر يقودون مشاريع ضخمة للنهضة. ولكن مشاريع النهضة تلك بلغت مداها بعد عقد واحد من استيلاء أولئك القادة على الدولة القطرية، حيث استفرغت كل الطاقات الوطنية في الصراع، ليس الصراع حول البناء والتنمية ولكن الصراع حول (جهاز الدولة) الذي تم الاستيلاء عليه عنوة أو وراثة من قوى الاستعمار الغربي. وما من حركة تحرر أفريقية أو عربية معاصرة، من جزائر بن بيلا وغانا نكروما وكينيا جومو كنياتا إلى مصر عبد الناصر وسوريا الأسد وعراق صدام، إلا انتهت إلى النظام الاوتوقراطي الاقصائي الذي يمهد الطريق إلى الحرب الأهلية أو التخلف الاقتصادي أو إليهما معاً، عائدة بنا إلى التدخل الغربي في صورة من صوره. وقد بلغ الأمر من السوء مبلغاً جعل بعض المتشائمين يدعون صراحة إلى عودة الاستعمار وجعل بعضهم يتمنون عودة النظم الملكية السابقة لعهد الثورات الإفريقية والعربية. فيمكن أن يقال إذن أن أهم ملامح المرحلة التاريخية الراهنة على مستوى محيطنا الإفريقي والعربي:
    1- تفسخ النظم الرسمية على مستوى الدولة والحزب، وعجزها التام عن التعبير عن إرادة الجمهور أو تفجير طاقته، مما أدى إلى اتساع الفجوة بين الدولة والمجتمع بصورة مفزعة.
    2- انهيار مفهوم الأمن العربي المشترك وبروز مفهوم الأمن العالمى(أى الأمريكى) حيث تكون النظم الأمنية العربية ملحقيات تابعة بصورة كبيرة للاجهزة الإستخباراتية الغربية.
    3- انهيار القواعد الإنتاجية في الريف الإفريقي والعربي وتحول المزارعين والرعاة إلى كم بشرى فائض عن حاجة المجتمع، يحيط بالمدن البرجوازية إحاطة السوار بالمعصم، مما ينذر بثورة اجتماعية وشيكة.
    4- بروز تنظيمات ما قبل الحداثة (قبائلَ وعشائرَ) إلى مراكز القيادة في المجتمع، مع ما يحمله ذلك من رؤى عرقية ضيقة تشكل خمائر للحروب الأهلية المدمرة.
    أما على الصعيد الإسلامي فقد كانت الآمال معقودة، بعد خيبة الثوار القوميين واليساريين، على حركة البعث الإسلامي، حيث تتوفر أطر قيادية جديدة منعتقة من العصبيات العرقية والقطرية، تجمع بين الالتزام الديني المستنير والتقنية الغربية الحديثة، وتتعلم من التجارب الفاشلة التي لا تحصى، لتدفع بالمجتمع الإسلامي خطوة في اتجاه النهضة، وتقدم نموذجاً يقتدي به الآخرون. ولكننا بدلاً من ذلك صرنا نرى بعضاً من هذه الحركات الإسلامية قد حوّل جهاده المشروع ضد الظلم والعدوان إلى حروب داخلية يقتل فيها الأخ أخاه، ويدمر فيها كل فريق ما بناه الآخر، في سلسلة من المذابحات البشعة التي لا يقرها شرع ولا عقل(كما نرى فى الحالة الجزائرية والأفغانية والعراقية)، أما بعضها الآخر فقد تورط في لعبة الانقلابات والانقلابات المضادة (كما هو عندنا فى السودان)، وصار الاستيلاء على السلطة هدفاً قائماً بذاته يضحى من أجله بالقيم ويسفك في سبيله الدم. ثم انخرط صنف ثالث من هذه الحركات في مناوشات طائشة ضد القوى الدولية الكبرى، مناوشات لم يحسن فيها تقدير لمصلحة أو تخطيط لمستقبل أو قراءة لأخلاق الإسلام في القتال. فترتب على ذلك أن جرّ المسلمون في كل مكان إلى معارك لا يعرفون غاياتها، واستثيرت ضدهم قوى الاستكبار العالمي في الشرق والغرب معاً وصار الكل، تحت شعار محاربة الإرهاب، يجلب على المسلمين بآلياته ومؤسساته، فضيقت ساحات النشاط الإسلامي السلمي المستنير على ضيقها، وأغلقت منافذ الحوار مع الآخر على وعورتها، وانقطعت سبل الاتصال مع قوى الحرية والسلام المناهضة للإمبريالية والتي كانت تمثل حليفاً قريباً من المسلمين، وجملة القول، فإن هذه الحركات الإسلامية لم تستطع أن تنجز مشروعاً وطنيا جامعا، أو تكمل مشروعاً ثقافيا/فكرياً راشداً، أو تعد الأجيال القادمة إعداداً أخلاقيا وعلميا متيناً، أو تبقي حتى على الحلم الإسلامي نقيا ناصعا. فاذا وصلنا القول الى الأوضاع الراهنة فى الحركة الاسلامية فى السودان فماذا نرى؟
    إن أول ما سنرى هو أن الفصيلين الإسلاميين المتناحرين يسيران فى الإتجاه ذاته، اتجاه التدمير المتبادل، أى سنلاحظ أن العلاقة بينهما قد تحولت من المربع الرابع، حيث كان تناقضهما ثانويا غير عدائي، الى المربع الأول حيث صار تناقضا عدائيا رئيسيا، يسعى فيه كل فصيل الى تصفية الفصيل الآخر، مع تضاؤل مستمر فى امكانية بروز أى صيغة للتراضى. فهل يؤشر هذا الى احتمال أن يتعمق الصراع الراهن ويتفاقم بين الأطراف المتورطة فيه، ثم يظل ينتقل من صعيد الى آخر، حتى يتمكن أحد أطراف النزاع أن يطغى على الآخر، ويقصيه تماما من الساحة السياسية، أم أن من المحتمل أن يفقد كل من الفريقين (أثناء عمليات التدمير المتبادل)) السيطرة على مجريات الأمور السياسية، فى الوقت الذى تتبلور فيه قوى اجتماعية وسياسية جديدة مناهضة للتيار الإسلامى فى مجمله فتحتل مكانه؟
    ثم يبقى سؤال أخير عن طبيعة المرحلة التاريخية الراهنة في مستواها العالمي، وانعكاساتها وتفاعلاتها مع المستويات المشار إليها آنفاً، هل هي مثلاً مرحلة متطورة من مراحل الاختراق الرأسمالي/الإمبريالي، حيث تبلغ ثورة المعلومات والاتصال مداها، وحيث يحقق النظام الرأسمالى/الليبرالي انتصاره النهائي ؟ أم هي مرحلة المزاوجة " والتخليط " بين الليبرالية والاشتراكية ؟ أم هي مرحلة تراجع الآيديولوجيات الكبرى والفلسفات الكلية أياً ما كانت وتقدم العشائر والقبائل وتكوينات ما قبل الحداثة؟
    كيفما تكون الإجابة على هذه الأسئلة، فنحن نشهد من بين أيدينا ومن حولنا تحولات كبيرة، فنرى دولاً تهوي ونرى مجتمعات تمزق وتخلع من جذورها، ونرى أعداء يتحولون إلى أصدقاء، ومعارضين يتحولون إلى حكام، ومنتجين يتحولون الى متسولين. وبديهي أن تفسير مثل هذه التحولات الكبيرة لا يتأتى من خلال البصر وحده، وانما يحتاج المرؤ الى رؤية مكينة نافذة موصولة "بالشجرة المباركة"، وما لم تتوفر لنا تلك الرؤية العميقة فلن نستطيع فى هذا الكم الهائل من الضباب أن نعرف أنفسنا، أو نرى العالم من حولنا، ولن نستطيع أن نحدد "مواقعنا" في خريطته، ولن نستطيع أن نميز في القوى الإجتماعية المتصارعة المتناقضات الأساسية والثانوية، مما يتعذر معه معرفة العدو الاستراتيجى وميادين المعارك معه. أما اذا توفرت لدينا "الرؤية/النموذج" فقد يتيسر لنا أن نصمم خرائط للحركة والدولة، وأن نضع خططا كبرى وصغرى للتنمية، وأن نتعرف على القوى الإجتماعية التى يعبر النموذج عن طموحاتها ومصالحها فنجعلها قاعدة اجتماعية نتناصر معها فى عملية البناء الوطنى. أما القول بإعادة بناء الحركة الإسلامية فى غيبة "الرؤية/النموذج" فسوف لن تتجاوز آثاره استعادة الشركات والسيارات، أو مراجعة قوائم العضوية، وفرز الموالين والخصوم (كما يجرى الآن في عصبية عمياء).
    وبالطبع فقد يرى البعض في قولنا هذا شطحاً نظرياً بعيداً، وسيضعه فى خانة "الكلام النظري الفارغ"، وهى شنشنة قديمة، تتزعمها وتروج لها مجموعات أشرنا لها سابقا بعبارة "أمسك لي وأقطع ليك"، وهي من ذوات النزعة الفورية التي لا ترى من الأشياء إلا ظواهرها، ولا تهتم من الأمور إلا بأعجلها، وهي بالطبع تجسيد لذهنية العوام التي تهيمن على حياتنا الاجتماعية والسياسية في السودان وفي غيره من البلدان الإسلامية والإفريقية. وما يقلق أنه قد صار لهذه المجموعات وجود قيادي متقدم في داخل الحركة الإسلامية، فهى التي دعمت من قبل نموذج "المشيخة" ورسخته، لأنها بطبيعة الحال لا تستطيع لوحدها أن تكون مذهباً في الرأي، أو رؤية للحركة أو الدولة أو المجتمع. فإذا كان هناك أمل في الإصلاح فأول خطواته تكون بمواجهة مثل هذه الذهنية، حتى ينفتح مجال لتقبل الأفكار التى تسير فى اتجاه إعادة بناء رؤية إسلامية إصلاحية، وفى جذب ولم القوى الإسلامية المتناثرة واعادة تفعيلها، فاذا وقع ذلك فستكون الأزمة قد نجحت من حيث لم يحتسب أحد فى فرز نوعية جديدة من المثقفين المصلحين، اذ أن الأزمات على مسار التأريخ تفرز مثقفيها، منذ سقراط الى الغزالى وابن خلدون ومحمد أحمد المهدى وغرامشى وسيد قطب ومالكوم أكس. فإذا برز مثقفون جدد من الاسلاميين ذوو الأهلية الفكرية والأخلاقية، وممن استطاعوا أن يتحرروا من التبعية الفكرية والعصبية التنظيمية، ممن لم يتوغلوا فى النزاع الرهن، و تمكنوا من صياغة رؤية اصلاحية جديدة فذلك يعني (ضمن أمور أخرى) أن تيارا اسلاميا ثالثا سيولد، وستتولد فيه قيادات، وتتكتل حوله قوى اجتماعية جديدة، لتبدأ دورة جديدة من دورات العمل الاسلامى الرشيد.إن هذا أفضل بكثير من أن ننتظر نهاية الحرب الباردة بين الفصيلين المتناحرين، أو أن نترك المشاكل لحالها، اذ لو كانت المشاكل تبقى فى مكانها كما يبقى الحصى والرمل، لما كتبنا عنها سطرا، ولكن المشاكل حينما تترك لحالها فانها ستتحول الى "مخاطر"، وتحول معها الرمال الساكنة إلى عواصف عاتية تقتلع الجذور، ولا غالب إلا الله.
    (2) من نحن؟
    يسألني كثيرممن يلقاني من اخواني واصدقائي القدامى - الذين تفرقت بهم سبل السياسة - وأين أنت؟ يقصدون بذلك أين موقفي من الصراع الذي نشب وتطاول بين الإسلاميين في السودان. فكنت اجيب احيانا واسكت عن الاجابة في اكثر الاحيان، ليس تخوفا من فوات حظ او تطلعا لاقتناص فرصة (مع ان النفس الانسانية لا تنفك عن حظوظها الخاصة - كما يقول الامام الغزالي) ولكن لاني كنت ولم ازل ابحث عن ارض صلبة اقف عليها، وعن حجة بينة القى الله بها، اذ لا يمكن من بعد العواصف المزلزلة ان يكتفي الانسان بالبحث فقط عن (خيامه) القديمة، ولكن ينبغي قبل ذلك ان يفحص (الاوتاد) التي كانت تشدها الى التربة، فلربما اصابها عطب، او لربما يتوجب عليه ان يفحص (التربة) نفسها، فقد تكون هي التي تصدعت ومهدت الطريق الى العاصفة. على انه وقبل فحص الخيام والأوتاد والتربة يحتاج المرء أن ينظر في نفسه، فقد يكون هو مصدر العطب والخراب، وما العواصف السياسية والخلافات التنظيمية الا مظاهر سطحية لداء دفين في نفوس الافراد.
    فالسؤال اذن لاينبغي ان يقف عند (اين انا) وماهو ما سأجيب عليه لاحقا ولكن ينبغي ان يتجاوز ذلك الى (من أنا) وهذا ما لا تحسن الاجابة عليه دون رجوع الى شئ من التاريخ الاجتماعي، فهناك توجد الخلية الاولى التي نشأت فيها واعطتني اسما وشكلا ولغة ودينا؛ وهي المعطيات التي صارت عناصر أساسية من بين العناصر المكونه لهويتي. فانا من حيث الشكل واللون سوداني - أفريقي، ومن حيث اللغة عربي، ومن حيث العقيدة مسلم، وتشدني الأسرة من حيث الانتماء الصوفي الى الطريقة التيجانية، وتصلني السياسة بالحركة الاسلامية، وتصلني المهنة بالفلسفة والفكر السياسي وهلمجرا.
    ولكن هذه العناصر فوق انها ليست متساوية القيم والأهمية فهي ايضا لا تمثل كل العناصر المكونة لهويتي، اذ كنت كلما بلغت مقاما من مقامات الرشد احذف واضيف، واخفض واعلي بعضا من هذه العناصر، فكم من إنسان غير اعتقاده وبدل اسمه واعرض عن عرقه وطريقته، مما يؤكد ان الانسان لايصير انسانا بالموروثات الاجتماعية وحدها، ولكنه يصير انسانا عن طريق الوعي والارادة، فالانسان هو من يستطيع ان يميز العناصر "القلب" المكونة لجوهره، فيرفعها الى قمة هرمه التقديري، ويدرك العناصر الاخرى الثانوية فيضعها في منازلها، وانه وبمثل هذا الوعي بالذات وبقيمتها وبمكانها بالنسبة للآخرين يصير الانسان قادرا على فحص الذات ونقدها، وقادرا على فحص انتماءاته الموروثه، وقادرا وهذا هو الأهم على خرق التصورات النمطية عن الآخرين (Stereotypes) وتجاوزها عبر حوار يساعد على إنشاء انتماءات جديدة من خلال الصورة التي يرسمها لنفسه والصور التي يرسمها للآخرين من حوله. فمثل هذه الانتماءات الجديدة - التي تتجاوز المكان الجغرافي والنسب العرقي هي التي تفتح افقا ارحب للتطور الاجتماعي السلمي وتلك هي صناعة النفر من الناس الذين يقال عنهم "مثقفون"، واذا سئلت من انا فسأقول انني انتمي الى هذا الصنف من الناس الذين لا يقطع احدهم انتماءاته الموروثه ولكنه مع ذلك يحتفظ ببعد نقدي يمكنه من مراجعتها ونقدها، وبشجاعة تمكنه من النظر في موروثات الآخرين والتحرك في الفضاء الانساني بقلب مفتوح يبحث عن الخير المشترك بين الناس والحق الموزع على المصادر. ولكن من من الناس يسعى لاعادة تحديد هويته ورسم صورته، ورفض الصور الجاهزة التي يصنعها له المجتمع، والأدوار المعدة التي يحشره فيها السياسيون اوتطوقه بها الوظيفة؟
    إني لأظن ان الفشل الذي اصاب التنظيمات السياسية في بلادنا (ومن بينها التنظيمات الاسلامية) يرجع الى عجزنا نحن المثقفين في هذه الناحية، ولا يوجد من يماري الآن ان اوضح ماكشفته الازمة الاخيرة التي شهدتها الحركة الاسلامية السودانية هي عجز مثقفيها على قلتهم عن تحديد هوياتهم وقبولهم بالادوار الجاهزة التي يرسمها لهم السياسيون والتجار ورجال الامن. قد يرجع ذلك لاسباب تتعلق بالنشأة والتنشئة السودانية القروية الكافة عن السمعه والاعلان، فلا يستطيع احد تأدب في تلك البيئة ان يدخل في عمليات التسويق والترويج التي تتطلبها الحياة المدنية المعاصره، او قد يرجع للطرد المركزي الذي تحدثه بؤر السياسة والاقتصاد. وكيفما كان الامر فقد اختفى المثقف الاسلامي خلف الوظيفة او خلف التنظيم فانقطع عن الناس فصاروا لا يرونه الا من خلال الصورة التي صنعها له التنظيم وألبسه لها السياسيون. ولما لم يقم المثقفون الاسلاميون بتعريف انفسهم، ولم يرسموا صورهم ويثبتونها على جدران العمل الاسلامي الوطني، فقد صاروا غير موجودين في بيروقراطية التنظيم، وغير موجودين في بيروقراطية الدولة الا كما يوجد مترجم الملك يستدعي للخدمة في حضرة الاجانب ويستغنى عنه بانتهاء مراسيم الزيارة.
    فبيروقراطية الحزب وتجاره سواء في ذلك الاسلاميون وغيرهم - لا يريدون المثقفين الا أدوات فنية تستخدم في تحقيق مشاريع لم يشاركوا في صناعتها ولا يعرفون غاياتها، اما اذا استعصى احدهم اواستعصم فسيكون مصيره التغييب، كأن يغيب عن الحزب وعن الدولة او عن الوطن ذاته، فلا يسمع له صوت ولا ترى له صورة.
    ولعلك تدرك من هو المستفيد من تغييب (أوإفقارأو تهجير) هؤلاء، فغيابهم يجعل التنظيم/الحزب في حالة من غياب الذاكرة، وهي الحالة المثلى التي يستطيع فيها السياسي المحترف، والكادر الأمني، والبيروقراطي الفارغ، والتاجر الكذوب أن يتقلبوا بين الافكار والمواقف دون مواربة او حرج، في انتهازية لا يحدها حد، لان الجماعة السياسية التي يغيب مفكروها و مثقفوها، ستغيب عنها الذاكرة وتكون كمن ولدت البارحة، لا تثبت اقدامها الا اذا اتكأت على أب - شيخ.
    ان بداية الاصلاح تكون بالخروج على هذا المألوف، وبظهور صريح للمثقفين المصلحين على ساحات العمل الوطني الاسلامي حتى يتمكنوا من اعادة تعريف انفسهم بانفسهم وازاحة الصور القديمة عنهم، اذ انه بدون تعريف للذات لن يكون هناك شعور بها، والشعور بالذات هو بداية للوعي المفضي للحركة، كما انه من حق المثقف ان يكون حرا في رسم صورته وفي رسم صورة المجتمع الذي يريد، اما اذا حرم من ذلك الحق، او ا ختار ان يدخل في صورة رسمها له الآخرون فقد فقد حقه في الحياة.
    فمن هم المثقفون؟ وماهي الصورة التي يودون ان يعرفوا من خلالها؟ وما هي صورة المجتمع الذي يريدون؟
    نقصد بالمثقفين/ المفكرين اولئك الذين يهتمون اهتماما خاصا بتحصيل المعرفة وانتاجها والتعبيرعنها، ويجتهدون في سبيل ذلك للاتصال بمصادر تتجاوز تجاربهم الشخصية المباشرة، وذلك بقطع النظر عن المهن التي يشغلونها. فاذا صار احدهم موظفا في مكتب او مهندسا في مصنع فذلك لا يعني انه لم يعد مثقفا مفكرا اصيلا، فالمثقف يعرف بالدور المعرفي الاجتماعي الذي يضطلع به وليس بالمهنة او النشاط المحدود الذي يتحصل عن طريقه على معاشه.
    ولا يكون الانسان مثقفا مفكراً لتعاظم ألقابه العلمية، ولكن يصير كذلك حينما يتجاوز مرحلة التستر بالشهادات والتكاثر في المعلومات ويدخل مرحلة توليد الافكار ونقدها وصياغتها وتنميتها والتعبير عنها. فالمثقف ليس هو فقط من يلاحظ ويشاهد الازمات والتفاعلات الاجتماعية من حوله، ولكن المثقف من يحاول ان يصنع مفهوما او نسقا من المفاهيم يحاول من خلالها تعقل الظواهر وقراءتها، اي فك هذه الظواهر عن تجسدها الاجتماعي - التاريخي ورفعها الى أطر الانشاءات الذهنية ليتمكن بذلك من وصلها بما تراكم لديه ولدى غيره من خبرات ومعارف، فيصير بذلك اقدر على فهم خصائصها وتوقع تفاعلاتها ومآلاتها، فيتمكن من الاشارة الى طرائق التحكم فيها - تحكما يتضمن الخروج من الازمة علاجا واصلاحا.
    ولكن من اين يستمد المثقف مفاهيمه التحليلية والتركيبية؟ هل هناك ترسانه ابستمولوجية يمكن للمثقف ان يستورد منها ما يحتاجه من مفاهيم؟ ام انه يتوجب عليه ان يستولدها استيلادا؟ ان قليلا من المثقفين السودانيين من يأبه لتوليد مفهوم يتمكن من خلاله ان يصف الواقع الاجتماعي السوداني، وانما يعتمد اكثرهم على استجلاب المفاهيم الجاهزة التي انتجت من واقع آخر بعيد كاستجلابه البضائع والصناعات والتحف. فاذا لم تتأتى للمثقف خصوبة فكرية ومعرفية مستقلة تمكنه من تجريد الواقع ولإنشاء صور ذهنية بديله له فلن يعدو ان يكون مستهلكا مثل سائر المستهلكين، وهذا يعني ان المثقف ذاته - وليس السياسي وحده - ينطوي على ازمة عميقة تظهر في خطابه الفكري حيث يكون فاقدا للوضوح النظري وعاجزا من ثم عن القراءة الصحيحة للاحداث من حوله او اتخاذ موقف منها. وسينعكس كل ذلك على سائر ممارساته السياسية والاجتماعية.
    على ان الاتصال بعالم الافكار وحده لا يكفي. فالمثقف لا يتصل بعالم الافكار لينحبس فيها وانما يجتهد في ان يصل الفكرة بالعمل - عملا في النفس من الداخل - وعملا في المجتمع من الخارج - عملا في سياسة النفس لالزامها بالفكرة.عملا في سياسة المجتمع لدفعه نحوالمثل العليا. وتلك حالة تورث قدرا من التوتر ولكنه (توتر مبدع) لا بد للمثقف ان يعيشه، شأنه في ذلك شأن الصوفي في خلوته وجلوته.
    وهذا يعني ان الفعل الثقافي له اطاران: نفسي/ باطني، ومجتمعي/ خارجي. اذ يتوجب على المثقف المفكر بعد قيامه باقتناص الفكرة او توليدها ان يقوم ايضا باستبطانها وذلك يعني ان تتجاوز الفكرة السطح المعرفي لتدخل في محاورة باطنيه صامته مع المعطيات النفسية للمثقف لا يراها ولا يسمعها الآخرون، ولكنها محاورة تتوقف عليها حياة المثقف وفاعليته، فالمثقف الذي لا تلامس افكاره شغاف قلبه، ولا تصل الى اعماق وجدانه، مثقف هامشي لن يتجاوز السطح المعرفي والاجتماعي إلا كما تتجاوز القصبة الخاوية السطح المائي، وهذا الاطار/ الباطني هو المجال (اليمين) الذي تتصل فيه المعرفة بالروح، والفلسفة بالتصوف، فيصيرالمثقف روحانيا صوفيا بما يتسنى له من تملك لزمام نفسه يرفعه الى مقام الشهادة على النفس والولد والاستعداد لمفارقتهما والعيش منفردا، ولا يشهد على نفسه وولده أو يبدي استعدادا لمفارقتهما الا شخص عرف الحق وتذوقه وصابر على ذلك، وهي التجربة الروحية المستمرة التي يعرفها كل مثقف حق مهما كان اعتقاده، وهي التجربة ذاتها التي يتضمنها مفهوم التزكية القرآني، فهذاالاتصال بين الفكر والروح هو الذي يوفر المشروعية الاخلاقية والمصداقية العملية التي لا بد منها لاي مشروع من مشاريع الاصلاح والتنمية.


    (3) ومـــــن نـحـــــن؟
    وكما أوجبنا على المثقف استبطان افكاره، فانا سنوجب عليه من ناحية اخرى ان يستظهرها اي يصلها بالواقع الاجتماعي من حوله، فذلك هو الموقع (اليسار) الذي تتصل فيه المعرفة بالقوة، والفكر بالسلطة، والمثقف بالسياسي، اذ يترتب على المثقف الذاكر الا ينحبس في دهاليز نفسه، ولكن عليه ان يسعى بصورة مستمرة للاشتباك مع الواقع الموضوع، والى الالتحام مع الآخرين، مناهضا الحدود العرقية والجغرافية والآيديولوجية، باحثا عن القدر المشترك من الحق والخير ليكون مع اولئك الآخرين الصالحين طليعة اصلاح تتفشى في البيئة المحيطة بها فتوفر ديناميكية للتغيير الاجتماعي السياسي.
    وهنا ينقسم المثقفون الى فئات كثيره، فمنهم المثقفون "الخفاف" الذين تتحول المعرفة عندهم الى صناعة لفظية وشهادات ورقية يتحصلون من خلالها على معاشهم الدنيوي، وينالون بها حظا في البريق الاعلامي، ومنهم المثقفون "النافرون" المهاجرون، يفر احدهم من المستنقع السياسي بحثا عن الكرامه والحرية والاستقلال المادي - وهو بحث مشروع - ولكنه قد ينتهي به في أودية الغربة وضنك الحياة، فلا وطنا ابقى ولا استقلالا ماديا انجز؛ ومنهم المثقفون "الفنيون" يوظف احدهم تدريبه العلمي وخبرته الفنية لخدمة السياسي، خدمة ينفصل فيها النشاط الاداري عن غاياته البعيدة واهدافه القصوى، فالمثقف الفني يتصل بجهاز الدولة اتصالا عضويا لا ينفك عنه بتغيير السياسات الجزئية او الرؤى الكلية. بل انه يتلون لكل سياسة بما يناسبها ويقدم لها ما تحتاجه من وسائل التنفيذ والتمكين، هؤلاء ليسوا هم المثقفون الحقيقيون الذين نقصدهم ونسألهم صياغة (رؤية) جديدة أوالتعبير عنها. فهؤلاء قد تراجعوا من افق الالتزام الاجتماعي الوطني الى الاطار الذاتي، ومن المسؤولية الاخلاقية العامة الى الخصوصيات المهنية والفئوية، ومن الاستقلال الفكري الى تبعية القوى المتنفذه سياسيا واقتصاديا، وعندما (يتراجع) المثقفون الى محاضنهم العرقية وخصوصياتهم المهنية ومصالحهم الذاتية تخلو مواقع الإمامة الفكرية والسياسية ويكون ذلك ايذانا بالانهيار الاجتماعي.
    على انه لاينبغي ان يفهم من هذا ان المثقف يمثل قوة مستقلة عن القوى الاجتماعية الاخرى او متعالية عليها. ولكن فحوى القول هو ان المثقف لا ينبغي ان يستمد قوته من المؤسسة السياسية، ولا من تبعيته لاحد الشرائح الاجتماعية التي تمسك بتلك المؤسسة وتوزع من خلالها الامتيازات، وانما ينبغي ان يستمد قوته من قدرته واستقلاله الفكري، ومن موقفه الاخلاقي، ومن فاعليته الاجتماعية، فالفهم والمواقف والفاعلية هي منابع قوته الذاتية، والفرق بين انــواع المثقفين لا يرجع الى القدرة او ا لعجز في تحليل الظواهر والافكار، فما من مثقف الا وهو اخذ بنصيب من ذلك - قل اوكثر- ولكن الفرق يرجع الى دائرة الصدقية الاخلاقية او الى دائرة الفاعلية الاجتماعية. ثم ان هاتين الاخيرتين - الصدقية والفاعلية - هما اللذان يؤهلان المثقف ليكون عنصر تأليف وتكتيل وتنظيم لسائر القوي الاجتماعية،ولكن لن تكتمل للمثقفين هذه الاهلية الا بأمور، منها:
    1/ ان يحسوا بذواتهم المستقلة فيفكوا الارتباطات العضوية بالمجموعات الاخرى، اذ لن يكون المثقف مثقفا حقا ان لم يحتفظ ببعد نقدي بينه وبين عشيرته القريبة وقبيلته المحيطة وتنظيمه المغلق، وقياداته السياسية التاريخية، ذلك لانه بدون هذا البعد النقدي فلن يكون في مقدور المثقف ان يسهم في عمليات الاصلاح والاحياء التراثي او في عمليات التجديد والتحديث، لأنه سيكون عندئذ فاقدا لشجاعة النظر في معطياته الثقافية وقناعاته الآيديولوجية، وسيعجز عن نقدها وفحصها، والاعتراف بما فيها من ضعف وقصور، كما سيكون فاقدا لشجاعة النظر في المعطيات الثقافية "للآخرين" والاقرار بالقدر المشترك فيها من الحق والخير والجمال، فيفوت بذلك كل فرصة لايجاد اطر مفتوحة للحوار والتعايش الانساني السلمي.
    2 - أن ينشئوا قنوات حقيقية للتواصل والحوار بينهم، فلقد اضر بالمثقفين انهم لايعرفون بعضهم البعض - لا اقصد معرفة الاسماء والالقاب ولكن معرفة الافكار والرؤى، فاذا تم اتصال فكري حقيقي بينهم فقد يكتشفوا ان المشكل الوطني (الاجتماعي والسياسي) الذي يهمهم جميعا لا يمكن ان يحل بان ينحبس كل فريق منهم في (صندوقه) الخاص، ان الخروج من الصناديق بكافة اشكالها العرقية والآيديولوجية هي بداية الطريق نحو الاصلاح والنهضة الشاملة.
    3- أن ينشئوا قنوات جديدة حقيقية للتواصل مع الجمهور العريض الذي ظل يتململ تحت قياداته التاريخية العاجزة الفاشلة وقياداته الجديدة الانتهازية الفارغة، فلايكفي ان يتناجى المثقفون مع المثقفين بينما تنحدر قطاعات المجتمع الى مستنقع الحروب العرقية فلا تجد هاديا ولا ناصحا الا السياسيين الانتهازيين وتجارالاسلحة والدمار.
    فاذا توفرت هذه الامور المفضية الى الاهلية الفكرية والأخلاقية فسيكون في مقدورنا أن نجيب على سؤال (من نحن؟) فنحن لا تعني فردا فقيها يطل على الناس من حين لآخر بفتوى، لان مثل هذه الامور لا تعالج كما هو معلوم بفتوى متعجلة يصدرها فقيه واحد، او برأي فطير يقول به مفكر منعزل، وانما تحتاج الى جماعة من المثقفين ممن يتوفر فيهم التحرر من التبعية الفكرية والعصبية التنظيمية يعملون في صمت وصبر في إطار مشروع اصلاحى من اجل مراجعة الأوضاع الراهنة للحركة الاسلامية وتركيب رؤية جديدة للمستقبل الاسلامى فى السودان، يمكن أن تنبثق منها خطط طويلة المدى وسياسات محدودة وأطر للاتصال والتنفيذ.
    ثم إن هذه الجماعة الاصلاحية لا تعني طبقة من رجال الدين - كما يظن من يخالفنا الرأى ولا هي فئة من اصحاب الشهادات العليا الباحثين عن رواتب او مناصب، ولكنها مجموعة من المثقفين المسلمين الذين رسخ احدهم بحكم تخصص دقيق اوخبرة او تدريب مهني في مجال من مجالات المعرفة والحياة، او مجالات الفنون، وصارت له قدرة على الانتاج المعرفي وتوفر لديه مع ذلك التزام بقيم الدين ورغبة في تنمية وتطوير الوطن، فهؤلاء بقطع النظر عن مواطنهم الجغرافية ومواقعهم الوظيفية يمكن ان يتداعوا لتشكيل فرق علمية قادرة على بناء رؤية اسلامية بديلة، قادرة، وهذا هو الاهم - على تفكيك وتعرية المسلمات الهشه والمزاعم السائدة، فينفتح الافق لطرح خيارات في الرؤى، وخيارات في الخطط وخيارات في القيادة تدور حولها عملية الشورى، مما قد يؤدى بصورة طبيعية الى تفعيل الحركات الاسلامية والى تفعيل المجتمع المدني الاسلامي، لينهض بمسؤولياته ويحقق ارادته من خلال التنظيمات والمؤسسات والعلاقات التي يريد. هذا، ولا نعرف في التاريخ مجتمعا تطور دون أن يتقدمه نفر من المثقفين الذين يقومون بمثل هذه العمليات الحفرية العميقة.
    وهذه الجماعة لا يراد لها فى الحال أن تزاحم التنظيمات القائمة، أو أن تسارع الخطو نحو مواقع السلطة،بقدر ما يراد لها أن تعيد الحركة الى النهر بأن تزيل السدود والأعشاب الضارة فيتبلور تيار اسلامى وطنى رشيد يؤلف بينه ايمان بعقيدة الدين، والتزام بالمنهج العلمي، فاذا تكاملت ونضجت تلك الرؤية الاصلاحية الجديدة، فقد تجتذب اليها قطاعا من الأغلبية الصامته، وفئات من أطراف النزاع الراهن، وهذا يعني (ضمن أمور أخرى كثيرة) أن تنداح من بين الفرث والدم مساحة عامة ثالثة يمكن ان تتولد فيها قيادات جديدة تكون أبصر بالمخاطر وأقدر على العطاء.
    ومانقول به هنا ليس بدعا، ففي الدول الغربية الحديثة التي تقدمت علينا في مجالات التخطيط والإدارة توجد "مصانع" خاصة لتوليد الأفكارثم نوجد "نحن" من بعد ذلك لنشكل حقولا حية تجرب فيها تلك الأفكار والنظريات. وما لم نشرع بدورنا في القيام بعمليات مماثلة، ليس على سبيل المحاكاة والتقليد فقط، ولكن على أساس من قناعة ذاتية وايمان عميق بأهمية الأفكار وبأنها تسهم في تغيير الواقع وصناعة المستقبل، فان كثيرا من المشاريع الأخرى التى تصب فيها الموارد المالية وتبذل فيها الجهود الحربية ستكون عديمة الجدوى على المدى البعيد، وسنكون معرضين بصورة مستمرة لأن نصبح "فضاء خاليا" تجرب فيه نظريات الآخرين، وسيكون "الآخر/الخارج" عاملا حاسما فى حياتنا السياسية: يطلق المبادرات، ويحرك الساكنات، ويصنع تاريخنا.
                  

07-02-2011, 08:34 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى (Re: adil amin)

    اولا اشكر المشرفين على موقع الختمية لنقلهم هذه الدراسات الى موقعهم..

    وهذه طبيعة الاحزاب الديموقراطية الحقيقية المنفتحة على جماهيرها


    ونواصل سباق المسافات الطويلة

    في السودان..ذهبت السكرة ولم تاتي الفكرة!!



    عادل الامين
    الحوار المتمدن - العدد: 3389 - 2011 / 6 / 7
    المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع


    هذه الثورات العربية أضحت إعادة تدوير للإخوان المسلمين الذين لم يجربهم العرب حتى ألان ويعتقدون أنهم(الحبة السوداء) يحملون الدواء السحري لكل داء...وبدا ظهور الخيبات هنا وهناك بعيدا عن الصورة الرومانسية التي ترسمها فضائية الجزيرة لهذه الثورات بالفبركة أحيانا وبالكذب الضار حين آخر وهي عبارة عن بوق التغييب بوسائل مبهرة...
    ونحن في السودان تخطينا مرحلة إعادة التدوير المملة من 1964 و1985 قبل العرب بعقود
    والثورة الحقيقية في السودان القادمة يجب ان تكون مشروع حقيقي أفضل من ما هو موجود ألان وممتد من 1956.. ثورة تستهدف الوعي والسلوك .

    ومن مرجعية التصويت في منبر سودانيز اون لاين الذي يعبر عن تيار عريض من النخب السودانية الانترنتية عن أفضلية فترة الانجليز وفشل الحكومات المتعاقبة في بناء الدولة السودانية الحقيقية والسبب هو إصر النظام العربي القديم الذي اختاره الساسة الأوائل وجعلوه على أعناقنا ونحن على خطاهم سائرون ..ربط السودان بالشرق الأوسط المأزوم وغير الديمقراطي من اجل بقاء دولة اسرائيل في الحقبة الامبريالية الصهيونية أو ما يسمي بالأمريكي القبيح عبر الايدولجيات العروبية /الاسلاموية التي قوضت الدولة المدنية وثقافة المجتمع المدني الذي يشكل الركيزة الأساسية للديمقراطية الحقيقية و التي تتيح التوزيع العادل للسلطة والثروة في الدولة القطرية ...وألان بعد رضاعة السودان عقود من هذا الثدي الميت ودار الكون دورته وابتلع إيقاع الزمن الدوار الزامر والمزمار كما يقول الراحل صلاح عبدا لصبور ، وجاءت حقبة العلم والمعلومات والشراكة /الديمقراطية والشعوب تقرر عبر العصا والجزرة الأمريكية ....دخل الشباب السوداني وثورة الإنقاذ المزعومة والمعارضة والسودانيين في متاهة بائسة في إعادة إحياء مشروع الإخوان المسلمين والدولة الثيوقراطية وحتى لو بالتحالف الفوقي والمركزي مع الأحزاب التقليدية تحت مسمي (أهل القبلة).. وعلى ما يبدو ذهبت السكرة عن أهل حزب المؤتمر الوطني ولم تأتهم الفكرة بعد لا ينتبهوا لنذر الفصل السابع التي بدت تلوح في الافق...والحديث في هذا الأمر ذو شجون....
    ....
    كما ذكرت في أول المقال
    سيكون خياري ولا ألزم به أحدا هو أن اتجه جنوبا بحثا عن مسارات جديدة للسودان من دول أفريقيا جنوب الصحراء التي لا تأبه لها النخب العربية وتدفع بالشعوب إلى محرقة التغيير باسوا الطرق الممكنة ،حتى تأتي الديمقراطية مع الأعمال الشاقة وصفراء فاقع لونها لا تسر الناظرين،بينما قدمت إفريقيا عبر العصور نموذج(تنزانيا،السنغال،جنوب إفريقيا،واخيراكينيا) في التحول الديمقراطي النظيف وغير باهظ التكاليف تحت شعار (الشعب يريد تفكيك النظام)..
    والتفكيك عبر خارطة طريق واضحة تكون جزء من وعي 18 مليون ناخب سوداني مسجل من 2010 وبإشراكهم أيضا في عملية التغيير وعبر صناديق الاقتراع لاختيار حكومات لأقاليم السودان الخمس القديمة (دارفور،كردفان،الشمالي،الشرقي، الاوسط) عبر البطاقات الانتخابية 9و10 و11و12 ليكتمل مشروع بناء الدولة السودانية الحقيقي بالحصول على دولة من خمس أقاليم وبأسس جديدة ترتب علاقة المركز بالهامش وفقا لاتفاقية نيفاشا التي ينتهي العمل بها في 9/7/2011...وعندها سيبدأ يوم الفصل الذي كان ميقاتا...


    يتكلم البشير واهل الانقاذ عن اعادة هيكلة الشمال؟؟
    وهذه خطوة جيدة واعتراف بالخلل الاداري
    ولكن كيف؟
                  

07-02-2011, 08:48 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى (Re: adil amin)

    الحوار بين الحزب الاتحادي الديموقراطي وحزب المؤتمر الحاكم



    securedownload1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    الذى يريد ان يكون جزء من سمتقبل السودان ...عليه ان يقيم الحوار على اساس مشروعي ومشروعك دون مجاملة...واخطا تاريخية...لابد من حساب الربح والخسارة في التعامل مع الحزب الحاكم...
    فما هو مشروع الحزب الاتحادي الديموقراطي الذى يريد ان يقدمه في هذه المرحلة ويكون مشروع دينامكي وعملي...ينافس مشروع حزب المؤتمر الوطني الحاكم
    كما ان المشاريع يجب ان تكون جزء من وعي الجماهير والجماهير تشارك في التغيير

    يوجد في هذا البوست مشروع اعادة هيكلة ونهديه للاتحاديين احتراما للسيد محمد عثمان الميرغني ولي اهلنا الختمية

    الحزب الاتحادي الديموقراطي
    ماضي مشرق
    وحاضر محترم
    ومستقبل واعد
                  

07-03-2011, 08:26 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى (Re: adil amin)

    البورد ده برضه مافيه اتحاديين..ام على القلوب اقفالها

    التعامل مع حزب المؤتمر الوطني(الاناكوندا) هو ابتلاع الخصوم وتفريغهم من مبادئهم

    وحديث حكومة وطنية او حكومة ذات قاعدة عريضة في المركز لن يجدي...ده خلو للامام بتاع الانصار...

    مافي زول بقدر ينجز اي حاجة اذا استوزر مع كيزان المؤتمر الوطني وارباب الثراء الحرام ديل واسالوا ناس الحركة الشعبية وناس تابيتا بطرس وجلاب واهانة الاطباء واحراج ناس الحركة...

    لابد ان يكون للاتحاد الديموقراطي مشروعه المتكامل لاعادة هيكلة السودان باسس جديدة واشراك ال18 مليون ناخب ورد اعتبارهم في انتخابات تكميلية باشراف دولي

    اى تحالف مع المؤتمر الوطني عبارة عن خسارة فادحة وخاصة الشعارات الدينية الزائفة لم تعد تجدي ومخازي المؤتمر لا تنتهي واخرها موت المتشردين الغامض...

    اذا كان الحزب الاتحادي...حزب الايدي النظيفة...
    ليس له الماضي المشين
    ولا الحاضر المضطرب
    ولا المستقبل المجهول
    لماذا يركب تاتينيك الانقاذ الغارقة؟؟
                  

07-03-2011, 08:42 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى (Re: adil amin)

    عندما نتحدث عن الماضي المشين نستخدم المراجع والماضي المشين هو قتل الناس غير المبرر في الهامش
    واليكم هذه التقرير من كتاب افريكا راتس النوبة وحروب الابادسنة 1992 زمن حقبة الترابي العامل فيها مؤتمر شعبي الان



    Quote: لقد عاملت المعارضة السودانية النوبة معاملة أفضل بقليل مقارنة بحكومة الرئيس عمر البشير الحالية .
    و عندما كان حزب الأمة في الحكومة ، كان هو القوة الرئيسية خلف سياسة المليشايات والحملة ضد النوبة . ويتحمل الصادق المهدي ، رئيس الوزراء آنذاك ، الجزء الأكبر من مسئولية ما يجري حالياً من مأساة حقوق الإنسان في جبال النوبة ، وكذلك مبارك الفاضل ، وزير الداخلية، و عبدالرسول النور حاكم كردفان ، و بعض الشخصيات القيادية في حزب الأمة كفضل الله برمة ناصر. كما أنضم بعض سياسي حزب الأمة ، كرئيس اللجنة البرلمانية السابق حريكة عز الدين ، إلى الحكومة العسكرية الحالية ، و هو يواصل المشاركة في الحملات العسكرية.أما الآن وهم في المعارضة ، فإنهم يتشدقون بكلمات "الديمقراطية" و "حقوق الإنسان".ولكن ليس هناك من مؤشر بأن حزب الأمة قد غير موقفه تجاه النوبة . فالحزب ما يزال يرى أن البقارة هم إحدى دوائره السياسية الرئيسية ، وعتقد أن مساندته للنظرية التوسعية للبقارة هو أفضل طريق لكسب قياداتهم الذين هم مع الحكومة الآن . و لم يعبر حزب الأمة حتى عن ندمه ، ناهيك عن تقديم الإعتذار عن جرائمه في جبال النوبة . و لا يزال النوبة يتشككون في نوايا حزب الأمة ، كما يعارض الحزب بشدة السماح للنوبة بتقرير مصيرهم .
    لقد طال إنتظار بيان واضح من حزب الأمة يقر فيه بجرائمه الماضية في جبال النوبة و يعلن إقراره بمبدأ إحترام كل حقوق شعب النوبة . وحتى يتم تأكيد مثل هذا الإلتزام ، فإن شكوك النوبة الخاصة بأن حزب الأمة لديه نفس سياسة الحكومة الحالية سيكون لها ما يبررها.
    إن الحزب الإتحادي الديمقراطي ليس له مثل هذا السجل السيء في جبال النوبة ، و لكنه ما زال حزباً يمثل مصلحة محلية ضيقة ، بدلاً من أن يكون حزبا قوميا حقيقاً . و كان بإمكان الحزب ، و برؤية أوسع للسودان ، أن يستغل بكل سهولة عدم التوافق بين النوبة و حزب الأمة لمصلحته ، و أن يسعى إلى عمل تحالف إستراتيجي مع الحزب القومي السوداني أو مجموعات النوبة الأخرى في عقد الثمانينات . و لكنه فشل في ذلك


    اها شفتو الفرق بين الحزب الاتحادي الديموقراطي والتانين
                  

07-04-2011, 08:55 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى (Re: adil amin)

    الحزب الاتحادي الديموقراطي..حزب وسط ليبرالي وحليف للقوى الديموقراطية الحقيقية من الاستقلال ومؤتمر الخريجين الى التجمع الوطني الديموقراطي اعلى قمة سياسية وصلها السودان بعد مقررات اسمرا..لذلك الحزب الاتحادي الديموقراطي لا يعوق مستقبل السودان الحقيقي والدولة المدنية الفدرالية الديموقراطية..بل حليف استراتيجي وداعم لها...
    فقط عليهم ان يسمعو نصحيةالتقرير في الكتاب اعلاه(افركيا رايتس) وبنزلو الى الاقاليم الخمس القديمة ويحشد قواه لمنازلة الحزب الحاكم في انتخابات تكميلية للبطاقات 9و10و11و12 تحت اشراف دولي

    ان18 مليون الذين سجلو في الانتخابات المضروبة هم الشعب السوداني الحر الذى يريد الانعتاق من كابوس الانقاذ وتجازوهم بصناديق الاقتراع
    وانا متاكد جماهير الحزب والحليف الاستراتيجي قطاع الشمال قادرة على هزيمة كافة اعداء السودان الجديد
                  

07-09-2011, 09:59 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى (Re: adil amin)

    الاحزاب السياسية في الدولة الفدرالية (2-2)ا


    عادل الامين
    الحوار المتمدن - العدد: 1793 - 2007 / 1 / 12
    المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع


    والحديث عن الدولة المدنية الفدرالية الديموقراطية دون التمعن في تركيبة المجتمع نفسه والاحزاب السائدة..لن يتحقق بين ويوم وليلة وقد عجزت كل احزاب السودان القديم في تطوير نفسها فكريا او سياسيا او اخلاقيا لتواكب المتغيرات العالمية

    لان النظام الفدرالي الرشيد يحتاج لاحزاب سياسية حقيقية ومتوازنة يري كل شخص نفسه في مرايتها
    لذلك لا وجود لحزب ديني طائفي او عقائدي او عرقي او جهوي في النظام الفدرالي
    لذلك تؤسس الاحزاب كالاتي على ضوء فدرالية الخمس ولايات اعلاه(المقال السابق/الارشيف)ا
    من اعلى الى اسفل
    1- رئيس الحزب ونائبه
    2- المكتب السياسي(21 عضو)- يقابل كل عضو وزارة من الوزارات في الدولة ليكون مسؤل من اداءاها في حالة تواجد الحزب في الحكومة اوالمعارضة بمساعدةلجنة مصغرة من اعضاء اللجنة الدائمة في المركز واللجنة الفرعية في الولاية..
    3- اعضاء اللجنة الدائمة (60=50+10 عضو) 10 من كل ولاية و10 من المركز (العاصمة)
    4- اعضاء اللجان الفرعية في الريف والحضر(100)
    ان يكون 30% من كل مذا ذكر اعلاه من النساء
    يتم الانتخاب من اسفل الي اعلى بقاعدة التمثيل النسبي
    تنتخب القواعد في الولايات اعضاء اللجان الفرعية في كل ولاية ...ينتخب اعضاء اللجان الفرعية اعضاء اللجنةالدائمة منهم في اقتراع سري..ينتخب اعضاء اللجنة الدائمة اعضاء المكتب السياسي...ينتخب اعضاء المكتب السياسي الرئيس ونائبه وتذكروا غياب الديموقراطية في احزاب السودان القديم ادي الى زوالها من السودان
    كما انه ليس هناك ثوابت وطنية حقيقية يختلف حولها الناس او يتفقو وواكبنا عبر خمس عقود اناس يحكمون بلا اخلاق واناس يعارضون بلا اخلاق والشعب يؤدي دور الكومبارس بجدارة والحديث ذو شجون
    ..
                  

07-24-2011, 10:29 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى (Re: adil amin)

    لا زال الوقت ينفذ
    والخطاب الاايدولجي الغوغائي المازوم باسط زراعيه بالوصيد


    انتهت ازمة الهامش الاصغر (جنوب السودان)

    وجاءت ازمة الهامش الاكبر(الاقاليم الخمسة)

    طبعا انتهت اخر ذرة من ماثر الانجليز والخدمات المباشرة من مياه وكهرباء الان ودخل ازمة الهامش المركز الان
    وكان مجزرة الفصل للصالح العام الرهيبة التي تمت في التسعينات الدور الاكبر في تدهور كافة المرافق بعد فصل الكفاءات السودانية الحقيقية و نشر كوادر الاخوان المسلمين الضعيفة اخلاقيا وغير مؤهلة فنيا في الخدمة المدنية
    ما يعاني منه الناس اليوم هو نتائج ما مارسته الانقاذ في عهود التمكين

    ولن يصلح العطار ابدا ما افسده الدهر
                  

07-31-2011, 10:55 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى (Re: adil amin)

    Quote: الميرغني لـ «الشرق الأوسط»: سأزور جوبا لإيجاد صيغة لوحدة جديدة

    الزعيم المعارض قال إنه لم يشارك في احتفالات الجنوب لاتفاقه مع قرنق على الحفاظ على وحدة السودان


    محمد عثمان الميرغني («الشرق الاوسط»)

    محمد سعيد محمد الحسن
    في أول حوار مع رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة السودانية، بعد انفصال جنوب السودان، أكد محمد عثمان الميرغني، في حوار مع «الشرق الأوسط»، تمسكه بوحدة السودان، حتى بعد انفصال الجنوب، وقيام دولته، وكشف عن زيارة مرتقبة إلى جوبا في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل من أجل إيجاد صيغة للوحدة أو للاتحاد بين الشمال والجنوب مرة أخرى.
    وقال الميرغني الذي لم يحضر احتفالات دولة السودان الجنوبي بالاستقلال، إن حزبه لديه مسؤوليات وطنية وتاريخية ثابتة تجاه الحفاظ على وحدة السودان، وقال إنه وقع اتفاقية سلام مع زعيم الحركة الشعبية ومؤسسها الراحل الدكتور جون قرنق في أديس أبابا، في نوفمبر 1988، للحفاظ على وحدة السودان شماله وجنوبه، أرضا وشعبا.

    وقال الميرغني، الذي من النادر جدا أن يتحدث إلى الصحافة أو وسائل الإعلام المختلفة، إنه أبلغ الرئيس عمر البشير بضرورة «حلحلة» مشكلات البلاد ومنع أي تداعيات سالبة، وإعمال الحوار الوطني الواسع بين كافة القوى السياسية، لمواجهة الأوضاع المترتبة على انفصال الجنوب وغيرها من القضايا المهمة. وكشف الميرغني عن مبادرة متطورة مصحوبة بآليات نافذة لتحقيق الوفاق الوطني الشامل.

    وكشف الميرغني أيضا عن القضايا التي تناولها مع رئيس وزراء مصر عصام شرف، ومنها إطلاق الحريات الأربع من نمولي (أقصى جنوب السودان) إلى الإسكندرية شمال مصر، وحثه على ضرورة اضطلاع مصر بدورها المهم في المحيط الإقليمي، والتصدي للمعالجات الضرورية، خاصة في ليبيا، باعتبارها الجار اللصيق بالسودان ومصر.

    * ماذا دار في لقائكم الأخير مع الرئيس عمر البشير؟

    - الواقع، التقيت بالرئيس عمر البشير قبل سفري للقاهرة، وأبلغته بضرورة «حلحلة» مشكلات البلد، ومنع أي تداعيات سالبة، وضرورة أعمال الحوار الوطني الواسع بين كافة القوى السياسية السودانية لوضع خارطة طريق جديدة للحفاظ على سلامة الوطن، وللحيلولة دون انشطارات أو انشقاقات في السودان، وأن تعلو المصالح العليا على كل اعتبارات أخرى، والتأكيد على أن مسؤوليتنا الوطنية والقومية تستوجب التضافر والاتفاق على المبادئ والأهداف والسياسات لمواجهة التداعيات المترتبة على انفصال الجنوب وغيرها من القضايا المهمة.

    * لماذا لم تشاركوا بالحضور في احتفالات قيام دولة السودان الجنوبي؟

    - نحن لدينا مسؤوليات وطنية وتاريخية ثابتة تجاه الحفاظ على وحدة السودان، وقد وقعت اتفاقية في نوفمبر 1988م مع زعيم الحركة الشعبية الراحل، الدكتور جون قرنق في أديس أبابا للحفاظ على وحدة السودان شماله وجنوبه، وقد أبلغت الدكتور جون قرنق آنذاك بأن الحزب الاتحادي كان بمقدوره بعد فوزه بالأغلبية البرلمانية في مجلس البرلمان والشيوخ في أول انتخابات عامة عام 1953م تحقيق الوحدة أو الاتحاد مع مصر، وهو الشعار الذي خاض به الانتخابات، ولكن الحكومة الوطنية برئاسة إسماعيل الأزهري رأت عندما فرغت من إجلاء القوات البريطانية وإحلال السودانيين مكان البريطانيين في الجيش والبوليس والخدمة المدنية، وجاءت لحظة تقرير المصير في عام 1955م، رأت أن أوضاع السودان آنذاك لا تسمح بالوحدة مع مصر، وأنه لا بد من توطيد القوميات في أمة سودانية واحدة ومعالجة الأوضاع في الجنوب، أي التركيز أولا على وحدة السودان ثم يأتي الترتيب لاحقا للوحدة أو الاتحاد مع مصر.

    * هل تعتزمون القيام بزيارة للجنوب بعد أن تحول إلى دولة جارة؟

    - في إطار ذات الأهداف والمبادئ التي التزمنا بها قبلنا الدعوة من الرئيس سلفا كير لزيارة جوبا وربما تتم في نوفمبر المقبل، وعبر مفهوم ورؤية واستراتيجية ثابتة، وتتمثل في ضرورة السعي في إيجاد صيغة للتلاقي في الوحدة مرة أخرى أو الاتحاد أو في أي شكل من أشكال الصيغ أو الاتفاقيات التي تحفظ وتؤمن الحفاظ على الوشائج والعلاقات والمصالح بين الشمال والجنوب، ولن نألوا في بذل الجهد نحو هذا الهدف الاستراتيجي، ولن تسقط راية الحفاظ على وحدة وسيادة السودان أبدا.

    * كيف تنظر إلى القضايا الملحة في أبيي والنيل الأزرق وجنوب كردفان؟

    - هذه القضايا تعنينا تماما، ونوليها الاهتمام البالغ عبر المتابعة والاتصالات المباشرة مع كل الأطراف، وكذلك بإرسال الوفود للمساهمة في المعالجات الممكنة.

    * وكيف تنظرون إلى اتفاق الدوحة الخاص بدارفور؟

    - نحن نرحب بأي جهد مخلص وجاد في اتجاه تحقيق السلام، ونعتبر ما تم في الدوحة خطوة مهمة نحو الحل الشامل، وندعو كل الأطراف الدارفورية والفصائل المسلحة للالتحاق بعملية السلام من أجل توفير الاستقرار والأمان والخدمات لأهل دارفور.

    * كيف يتحقق التوافق المطلوب لمواجهة التطورات الماثلة في السودان؟

    - نعتزم طرح مبادرة لتحقيق الوفاق الوطني الشامل لمواجهة التحديات الجسيمة التي تهدد أمن السودان واستقراره وسيادته، بل وحدته وبقاؤه، ومنها تداعيات التدخل الأجنبي والانفلات الأمني والاستقطاب الحاد بين القوى السياسية والصراعات القبلية، إلى جانب قضايا المواطنين الملحة.

    * هل تتضمن المبادرة أجندة محددة؟

    - نعم، منها ضرورة الاتفاق على الدستور الجديد للبلاد، واستكمال تنفيذ اتفاقيات السلام، (اتفاق جدة الإطاري والقاهرة وأسمرة»، والإسراع بالحلول العاجلة لدارفور وأبيي والنيل الأزرق وجنوب كردفان، ومراجعة القوانين المرتبطة بالحريات العامة وحقوق الإنسان والتحول الديمقراطي، إلى جانب خطة للتنمية الاقتصادية، وتحقيق الحياة الكريمة لكل المواطنين في السودان.

    * هل تقدمتم بالفعل بهذه المبادرة للقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني؟

    - طرحناها أولا على الرئيس عمر البشير والمؤتمر الوطني، وكلفنا شخصيات بارزة لتسليمها للقوى السياسية الرئيسية في البلاد.. وكذلك كونا لجنتين للمتابعة وللتشاور حول الزمان والمكان المناسبين للقاء الجامع، وآمل أن يتم ذلك في وقت قريب، لأن الأوضاع الماثلة لا تحتمل الإبطاء أو الإغفال أو التأجيل.

    * ماذا تناولتم في لقائكم مع رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف في القاهرة؟

    - أولا: أقدر لرئيس وزراء ثورة مصر، الدكتور عصام شرف، مبادرته بلقائي على الرغم من المشاغل والقضايا المهمة التي يضطلع بها، ولقد نقلت إليه التمنيات الصادقة لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، والإشادة بالثورة الشعبية التي أعادت مصر العروبة إلى صدارتها، وأعادت أيضا الأمل والألق للوحدة بين شطري وادي النيل، فالحزب الاتحادي الديمقراطي أول من أطلق النداء الأول في مطلع الخمسينات لتحقيق وحدة الشعوب العربية.

    * هل تعرضتم للتطورات الأخيرة في المنطقة العربية؟

    - نعم، وشجعت على ضرورة اضطلاع مصر بدورها المهم في المحيط الإقليمي، ووجوب التصدي للمعالجات الضرورية، خاصة في ليبيا، لأن ما يجري فيها يعني بشكل خاص السودان ومصر باعتبارهما الجارين اللصيقين، والاستقرار فيها ضروري وحيوي للسودان ولمصر.

    * هل تناولتم العلاقة مع الدولة الجديدة في الجنوب؟

    - تلاقينا في التفاهم والرؤية بضرورة قيام علاقات أخوية وطيدة مع الجنوب الذي كان جزءا من السودان، وناديت أيضا بضرورة كفالة وإنفاذ الحريات الأربع بين مصر والسودان ودولة السودان الجنوبي لتحقيق التواصل والمنافع من الإسكندرية إلى نمولي، وهذا التواصل الإيجابي سيدعم الاستقرار والسلم على امتداد وادي النيل من الجنوب إلى الشمال.

    * هل يعتزم الحزب الاتحادي الديمقراطي المشاركة في الحكومة المقبلة؟

    - أولوياتنا الآن مواجهة ومعالجة المشكلات الماثلة في السودان، والتركيز على مبادرة تحقيق الوفاق الوطني الشامل للوصول إلى الحد الأدنى من الوفاق الوطني حول القضايا الراهنة، والاتفاق على أن مصالح الوطن تعلو فوق كل مصالح أخرى، «ولسنا مشغولين ولا مهمومين، لا بالسلطة ولا بالحكم ولا بالمشاركة وغيرها». فالقضية الأولى الوطن أولا، وربما لاحقا يأتي ما بعده.

    * ما مغزى لقائكم مع زعيم حزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي بالقاهرة؟

    - لقد زارني مشكورا في مقري بالقاهرة، وفي إطار التشاور مع القوى السياسية حول هموم وقضايا الوطن، وأبلغته بضرورة التصدي بحزم وحكمة بما يحفظ وحدة واستقرار الوطن وأطلعته على مشروع مبادرة الوفاق الوطني الشامل، ووعد بالاطلاع عليه، وإبداء موقف حزبه بعد العودة للخرطوم من القاهرة.


    في هذا لبوست المشروع الذى يعيد توحيد السودان باسس جديدة...فقط على الاتحاديين ان يتواضعوا له
                  

08-10-2011, 12:51 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى (Re: adil amin)

    عندما اراد الراحل قرنق اخذ صورة للسودان الجديد..جلس جوار مولانا محمد عثمان الميرغني في اسمرا
    وحسنا فعل


    (الاهتمام بالمواطن الوطن) هي اولويات الميرغني مقولة حكيمة
    وليس التهافت على السلطة
    او تكون الانقاذ بمقايسس رفيعة المستوى
    1- المواطنة وثقافة المجتمع المدني
    2- الانتخابات الحرة وتحت اشراف دولي مباشر
    3-القضاء العادل والمستقل
    4- الاعلام الحر والمتعدد الوسائط
    5- منظمات المجتمع المدني لمن استطاع ايها سبيلا

    وفي ذلك موت الانقاذ السريري
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de