أنانيا صفر في الثقافة السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-18-2024, 03:11 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-06-2007, 02:21 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أنانيا صفر في الثقافة السودانية


    جحيم الإكسسوار
    أنانيا صفر في الثقافة السودانية (2)

    Quote:
    ("الليل يسوقني نحو أبديته
    ولكني ألمح النجوم
    تمد ألقها الخالد
    وترقّش انحناءات الموج
    وأطراف الجزر
    كالأشجار أُبَدِّل أنفاسي
    ضد الليل، ولا أنكسر
    وكمياه الوادي
    أعوي على الصخور الداكنة
    وفي المنحدر
    ويجوع قلبي كغابة في الظلام
    الليل يطلق اشتهاءها للحياة"
    رواية إحداثيات الإنسان 2000م، محسن خالد)



    المُفَكِّر يجازف، يستشهد بداخل نصوصه ولا يتحنّن. لأنه يعرف أنّ واجبه الرئيس هنا أن يطغى على الضعف والظلام، يستكبر على السقوط، يراوغ الجرح وينتزع الشفاء. فالأفكار مميتة كعهد مسيرة الإنسان بها. والنصوص الفكرية هي جبّانة المسيحية بوجه من أهم وجوهها. أمَّا الفكر الإنساني وفكرة العدالة نفساهما، فيبدوان وحشيين على نحو ضروري. فلسقوط تفاهة التفكير، وتهافت العاطفة، لا بُدَّ من سقوط المغفرة عن أدمغتنا، فالمغفرة حين البحث عن الحق "عمى". علماً بأنّ المغفرة التي هي التسامح في رصد الأشياء وتعريفها، ما هي بالحب، الحب لا يجامل. وإيجازه أنّه الدور المنوط بنا القيام به للعثور على الحقيقة.
    نعم، الأفكار مميتة سواءٌ باختبار الأسطورة لها، وسقوط إيكاروس، حين خذله ما غَزَل به أجنحة طيرانه من شمع. أو سواءٌ باختبار الواقع لها، وسقوط ابن فرناس، لأنَّ نسيج أفكاره هنا خذلته مظلَّة بدائية.
    فالأفكار مميتة مدى الأزمان كُلِّها، وفي كل الأحوال. إن على صعيد المعرفة البحتة والتجريب، وإن في اصطراعها المُلْهَم مع الفضاء. والفضاء رحمُ أفكارنا، وهو أنثى مميتة بدورها كأنثى النحل. لا تسمح باغتصابها وذوق عسيلتها دون رَقَبَة مُسَلَّمة إليها. ولا طريق آخر معنا... ولا للفعل منّا نحو الأمام سوى الغرز الاستشهادي. الطعن الأخير من سيف أخير. لضمان أن تَقِرَّ نطفةُ فعلٍ ينالنا بعده الموت، برحم المستقبل. معبّئةً له، بالسلالات المُحَرَّرة عن أمراض ذواتنا البدائية، وعلل العقل والقدرات، وأقنعة التخبئ في الظلال عن الضوء.
    الاغتصاب الاغتصاب.. اعتلاء الفكرة للفراغ. وما يمكن الاستدلال عليه بالمُحَدِّد الإقليدي، ننسبه من عندنا لإقليدس، فبمجرد قولنا إنَّ للمثلث ثلاثة أضلاع، أو هذا مربع، وهذه دائرة، وتسميات كهذه... فقد شرعنا في اغتصاب الفراغ، ودق أوتاد خيامنا ليعسكر فكرنا فيه.
    والأفكار مميتة على صعيد الذات، بوصفها وحشة الساري وحده، في قطعة خلاء. وكذلك مميتة على صعيد المجتمع. فالمجتمع يقف كحليف أبدي للفراغ ضد الإلهام، وللأكاديميا ضد القفز والاستبصار والرؤيا، وضد كلّ ما هو نبي.
    فلو قال الوجوديون: "الآخرون هم الجحيم". فلا بُدَّ للملهم والمُفَكِّر أن يخرجا على تلك الدُّجْنَة المتخازلة والباحثة عن العزاء والشفقة، ليقولا: الآخرون هم العدم، إن لم يكونوا الحق، والإلهام، والنبي. فالجاهل متسلطٌ بطبعه، ومستبدٌ بقصوره، وليس بوسعك العيش معه بميزاتك كلّها في كومونة واحدة.
    والسبق، والريادة، والفتح، أفعالٌ لا بُدّ لها من بريّة وخلاء تقع عليها. فلا مناص من "جاهزية" الغزاة إن شئتَ، ولا مناص من احتياطات الظَّفَر، لأجل استيلاد هذا الجديد نفسه. قبل مقاتلة النمطي والشائخ الهَرِم. المحفوظ تاريخياً. والمشرعن بفعل التخزين فقط وليس الاختبار. والمصطرع مع الجديد حِمْيَةً وذوداً عن تلك المخازن.
    إلهامُنا هو قَدَرُنا، وقطعاً لن يمضي بنا في حيواتٍ ما أُنزل لبني إسرائيل مثلها من مائدة. بل هو على الدوام يسير بصاحبه نحو "سمو" الصليب وترقياته، نحو "حركة" دواليب المحرقة، ونحو "انفكاك" من أوتاد القطيع وثباً فوق أوتاد الخوازيق.
    فالإلهام بأوجز حكمة له، أن لا تتفق مع أحد على تعريفٍ للجنون. وبذلك تستبدل عقلك وكل شيء بالإلهام. إن اتفقوا جميعاً.. على نظرياتهم الجماعية فالزم إلهامك. الذي هو عقلك، كما انكتب قَدَرُك. ولا تهتم، أبداً لا تهتم إن وقعت في دائرة توصيفهم للجنون، ما دمتَ تُريدُ إلهامك. فما ابنُ فرناس سوى إلهامه؟ وما قيمتُه لدى ذويه ومعاصريه غير مجنون؟ يا زول تطير فوووق في السماء مع الباز والشاهين، أأنت مجنون؟ "لا حول ولا قوة إلا بالله"، شِدُّوا الحبال فوق النار، خلوهوا يفطر قيود. فالمجموع لن يسكت على الإلهام، ويدِّخر الطبز لكل بصيرة نبي. إلا أنّ طبيعة الإلهام هي "المروق" القسري نحو الأمام، بالطاقة الدافعة للتجاوز. الجسم إن لم يحتوِ على طاقة دافعة أكثر من الأجسام التي تقف معه في الحِذْية، لن يتجاوز. والمجموع دائماً يُريد حذيته غير ناقصة ولا طايوق أو كراع، لذلك سيشرع في طبخ المكائد فوراً.
    فالمفكّر والملهم هو من لا يطلبه الوجود أية حذية مع أحد أو شيء، ما دام حَيَّاً.
    والحِذْية مصطلح عسكري، يعني عدم خروج أي جندي، من جيشنا هذا، عن محاذاته لباقي الجند. أوّل شيء عليه أن يحاذي "ذهنياً". وذلك بموافقته على المفاهيم العسكرية دون اختبارٍ لها. والتي تتشّعب كلها وترتبط بمفهوم الحذية الملموس هذا نفسه. وبإقراره على أنّه يُكافئ ويُطابق "الآخر" جاره. الذي ربما يكون غبياً، أو مُنْبَت الموهبة، أو به أي نوع آخر من العِلَل القدراتية. ثم يحاذي الآخر "بدنياً" وذلك بصلب الجسد كي لا يُنْتِئ عيناً أو ضلعاً من أمامٍ أو وراء خارجه؛ يجفِّف بدنه لدى أي تعريجة أو التفافة منه. أي يرمي نفسه في قالب جاره، وجاره ينضرب طوبةً تطابقه.
    وهذا بإيجاز تعريف (العقل والجسد) عند العسكر. وباستدخال مفاهيم النُّفرة القطيعية والروح المعنوية الواحدة على هذا التعريف، يتّسع ليكون (العقل والجسد والروح). ومع صدى جلالات المارش الواحدة يتم التلاشي المحكم، وتنبهم تلك الجماعة بتمامها في بهيمة متوحّدة وعمياء.
    واحدة الفكرة الحذية، واحدة الروح المستلبة، واحدة اللغة الجلالة، واحدة الحركة الصفا انتباه.
    والمُلْهَم والمُفَكِّر هما الحاضران أبداً، مُفْرَدَيْن، ضَارِييْن، وحَيدَيْن، كئيبَيْن تحت حصار هذه العزلات كلّها كآبة الله الحزين. كي يتسليا بالخلق والابتداع والتجريب. إلهامك أن لا ترى الأرض كلّها جماعتك أو منزلك، ولا السماء قُبَّعتك. والملهم أبداً وتدٌ منتصبٌ في الفراغ، لينغرز فيه، يغزوه، يغتصبه، يروضه، فهو سَارٍ لمهتدين به.
    ومسيرة الفكر الإنساني خَلَقَها "الإلهام" وحده. وليس الأكاديميا ببحوثها ومطاولاتها البيروقراطية التي لا تُحد. فهي من عمل المثابرين المحدودين، ذوي القدرات المتواضعة. وما هي بعَمَلٍ للأنبياء. والإلهام أندرُ وغالٍ، به تنامت هذه المسيرة وتَحَرَّكت بفوضى. لأنّ الإلهام فوضوي، يطالُ مداه بقفزة واحدة وليس شمشمةً للدرب ككلاب البوليس. فالتدقيق والاستتباع والمحاصصة والملاججة تصبح بذلك من أنشطة العقل الدنيا، المحلحلة والمُفَكِّكة لما هو كائن وموجود لا أكثر. أمَّا حركة الفكرة نفسها واستيلادها، ووجودها الذي لن ينقطع تناميه في مستقبل الإنسان، فهو حدوسٌ بحتة ورؤى ونبوءات. فما الذي يجعل رجلاً مثل نيوتن يصحو باكراً وبدلاً عن شراب قهوته يقول بدون مناسبة "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه"؟ يُلقيها إلقاءً كما يفعل أبو تمّام بكلماته. وليس كما يعافر الباحث أو الأكاديمي بأدواتهما. فهما يترصدان ويدققان ويلاححان ليتم لهما إما الاستنباط أو الاستقراء بأحسن الجوائز. أمّا الخلق فشرارة في الدماغ. تطير بصاحبها وبالبشرية جمعاء إلى الأمام كما حدث مع جابر بن حيّان ونيوتن ولويز باسكال وإنشتاين. وهي أُعطية. مِمَّن؟ وكيف؟ لا علم لنا إن لم نؤمن بالبارا أكوان، ومن "الله" إن كنّا مؤمنين ونعتبر الميتافيزيكس.
    فلنعتبر الإلهام إذن، ولنحبّه. ولنحبّ أفكارنا لتحبّنا. فهي حين تحبّنا تدانينا، وبذا كيفما نشتهيها؛ تسبقنا لتكون لنا أشْيَكَ من أُمنياتنا.
    ولا تهتم بهم، أبداً لا تهتم، أنت كثيرٌ بحريتك، ومتنوعٌ بوحدتك. تدّفئ قدميك الخائضتين في وحل الثلج، أو تُرطّبهما في رمضاء الرمل.. لا مبالاتُك الشخصية، ثقتك في إلهامك. بالتمام والصلابة يتعهّدك اعتدادك النبي. فالاعتداد بالنفس قميص الأنبياء الزائف، ما يخلعونه لمناظريهم الأكملين حين يلتقونهم. وما يرتدونه كي ينجزوا رؤاهم وحسب. فما أوعر الدرب وما آذى الجهلاء الذين يملؤونه. وهل هناك غرورٌ أكثر من شُرب سُقراط للسُمِّ بنفسه؟ كلا، وما رأيتُ في الوجود مغروراً كسقراط قط. ولكن ماذا عن نَقَلَة الأحرزة اللفظية، الحَفَظَة، التابعين، البررة لريح فساء القطيع.
    فالإلهام وإن كان أُعطية، إلا أنَّ طريقه الحق يقع في باب الاختيار ولا يقع للناس في اليانصيب. إذن فالمتأخّر كلّه ستصيح أعماقه: أين يكون غدي، إني أعرف هذه اللحظة وقوانينها! وأين بالغد يكون "مقامي"، وكيف هو قانون الغد؟ ليُجاب: لا مقام لك غداً، إن لم تكن من أهل المقام. وقانون المستقبل متروكٌ لما يُفصح عنه فلا تخف. وما مَثَلُ ما يُطلقون عليه الغرور، إلا كمثل أن تسير القافلة في الصحراء، فيسأل أحدهم الركب: بلغ منا العطش الهَلَكة، أتدرون موضعاً لبئرٍ هنا؟ فيجيب رجلٌ: "أنا لا أعرف شيئاً من هذه الطريق". ويُجيب آخر: "أنا أعرف مكان البئر، اتبعوني". فما الغرور هنا؟ وما التواضع؟ إنها المعرفة والجهل، أن تعرف فتكون الساري، وأن تجهل فتتّبع في سُكات. أو لم يقل سليمان النبي: "يا أيها الناس عُلِّمنا منطق الطير، وأُوتينا من كل شيء"؟
    فما الغرور إلا كلمة في وجه المعرفة والحوار المُخْتَبِر للأشياء. والغرور كلمة "دينية" فقط، وراجت بنصوص الدين لا بغيرها. وما من تعريف "علمي" لها بتاتاً. هي كلمة يستخدمها الجهلاء المعتدون بتسلُّط جهلهم، من يودّون أن يقطعوا درب النبي والساري. أو كما قال العبّادي في مسرحيته على لسان شيخ العرب، الذي يُريد قطع طريق طه المتّجه نحو شندي، كي يأخذ منه حبيبته غصباً، يقول شيخ العرب مهدِّداً لطه: "من هادا الغرور يا ولدي أولى رجوعك". يُريد أن يأخذ ابنة عمه ريّا بالقوة، ومع ذلك يصف خطيبها بالمغرور، كمن يُريد أن يئد فكرتك أو يأخذها. ليأتيه الرد من فتى نبي، ولن يمنح حبيبته وفكرته: "شيخ العرب.. جََرَّبتَ لَحْسَة كوعك؟". والأفكار حبيباتنا المذخورات للوحشة كلّها، ولليتم كلّه، ودَمُنا منذور للخلاء. لأن نلج الفراغ مستبسلين نحو الأمام، صرعى أفكارنا، فالأفكار مميتة على نحو مأزولٍ ومأبود.
    وكلّ ما يهم الملهم والمفكّر أن يفتحا مزاليج الرؤية من الداخل. أن يصعدا بالفكرة فوق دَرَج المغفرة، وبالعدالة فوق نياصة الحنان. وباللغة فوق بواكير التعبير والمصطلح، نحو استبطان العقل والحدوس والحوادث. فهما يُريدان اللغة عندما تعلو فوق مستوياتها المفهومة بالاتفاق والمصطلح، نحو مستوياتها المدركة بالمشاركة الجُوَّانية فحسب، من قِبَل المتلقي. أي حين تنتقل اللغة من الدلالة والقواميس إلى تجربة إلهام مشترك بين خيالٍ صانعٍ، وآخر متلقٍ. وهذه باختصار وظيفة الشاعر والشعر الحقَّان. وطريقتهما المُثلى والوحيدة نحو رصد الذات وشريكتها الأخرى. ليصبح الشعر الحقيقي بذلك لا يتلقّاه سوى شاعر، والتصوير الحقيقي لا يتلقاه سوى مصوِّر، وكذلك الموسيقى وحتى منتهى الأشياء. فما أشدُّ القسوة والغرور في التصريح بذلك! ولكن هو التفكير بلا مواربة ودون مغفرة. لأجل الحقيقة الخالية من الدعاية الإنسانية. فالسُّم مادة كيميائية لا تَفْرُق من ناحية تعريفها المعملي والجزييء عن الحلو مر مثلاً، وخصائصهما معاً مخبرية وتكوينية بحتة. وهذا هو التعريف الفكري الصحيح والضابط للأشياء. أمَّا أن يُعَرَّف السم بكونه المادة القاتلة للإنسان، والحلومر مادة منعشة لخياشيم نَفْس الإنسان. فهذا محض دعاية إنسانية منتفعة وقائمة ضد حقيقة المعرفة. والدعاية المنتفعة أيضاً مقجوجٌ شَرَكُها على صعيد اللغة:
    فالوردة لها شذى
    وأب عفنة له فساء
    إنهم يخونون هنا الطبيعة والكيمياء واللغة معاً. فالروائح علمٌ وضربٌ من الكيمياء، ولها وظائف غاية في الدقة والكمال، ولم تُخلق ليرضى عنها الإنسان أو يحتقرها.
    هذا الإنسان لا يستطيع أن يكون الشاعر ولا المُفَكِّر، وكل ما بوسعه أن يخونهما معاً. لماذا لا يستقيل وينتسب إلى الدغل إذن إن رغب في التحلل من جحيم الإكسسوار الذي يحول بينه وبين تحقيق ذلك؟
    لماذا لا يستقيل عن الأنثروبولجي لصالح تَفَرُّده؟ وعن حِكْرة الصحفاء والسخفاء والوعاظ لرؤياه وما يجب أن يكون عليه دربه وطريقته في الوجود!؟ لماذا لا يتمثّل إلهامه هاهنا والآن؟
    فكل تلك الفنون التي بوسعها خدمة الأنثروبولجي من غير باب "الصدفة"، هي فنون فاشلة مهما خدمت الأنثروبولجيا. ومهما فَرِح الأنثروبولجيون بتقاطعاتها المشجِّعة لهم على التعميم. ودغم الروح في أختها دون احتراز. أمَّا الأخلاق بقلب الفنون، من جهة العمل الفني نفسه. فهي لن تزيد على دعامة فنيّة إنْ من باب التكنيك المستخدم، أو في حيّز الإطار العام الذي يصادق عليه الفنّان. بوعي مِلْكِه أو فوق وعي مِلْكِه. وبدخولنا مرة ثانية لنفس حَيِّز الفكرة لاستقطاع قليلٍ من الاعتبار لما هو متفرِّج بالخارج. أي ليس من جهة العمل الفني، بل من جهة "النقد". وهو الشريك "العاقل" و"الموازي" والمقسوم بين الفنّان نفسه، وبين الآخر الواقف معه على "رؤى مشتركة". فبداخل كل فنّان "ناقد" يساعده في ترقية أعماله ونقدها، قبل أن تقع عليها عين الآخر. أي الآلية "الواعية" والمنفصلة عن لحظة الإلهام والحدوس بداخله. كي تسمح باستيلاد هذا "الناقد" الجُوَّاني بمسافة كافية من الانفصال. فلا يقع في عمى يعيقه عن رؤية معايب فنّه، أو عن التطور مستقبلاً. ربما يتوهّم الناس، أنّ أول وعي منفصل بالأعمال تقوم به ذائقة الغرباء. وهذا خطأ. فالفنّان وهو يصنع.. غَيْرُهُ وهو يراجع صناعته بعد انتهائه تواً، أو بعد "زيارته" لعمله بعد عام مثلاً. فـ"المبتدع" بذلك عليه أن لا يساوم سوى نقطته الأبعد، التي تساجل الفراغ لا المجتمع، وتغزو الرائد لا النمطي، المتمثّلة إلهامها لا التعارفات. والعاقلة بذاتها دون شهادات أي قومسيارية ما. والمستدركة على نفسها بآليتها وحدها أو بآلية من يشاركها الرؤى بالضرورة، وفقط.
    أنا إلهامي، ولا مساومات معي. وبذا فاعتبروني مستقيلاً عن إقطاعيتكم وتعارفات ضيعتكم البرجوازية هذه، إني منتسبٌ إلى الدغل. عشيرتي الدغل.. ريحه تملأ أنفي وحفيف أشجاره ينوِّم أذني في فراديس مبتدعاته، فراديس أن أكون إلهامي:
    الليل جاك ومن دُهَم الحَجَر لا تزاول
    يا أب دوماً علي وترك مسيرو جداول
    تلت الليل علي الببره ما بتقاول
    بوطّيك حيّة الشق والأنيس العاول



    (عدل بواسطة محسن خالد on 06-06-2007, 02:31 PM)
    (عدل بواسطة محسن خالد on 04-28-2011, 05:01 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
أنانيا صفر في الثقافة السودانية محسن خالد06-06-07, 02:21 PM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Kostawi06-06-07, 02:47 PM
    Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية اساسي06-06-07, 04:32 PM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية مجاهد عبدالله06-06-07, 02:59 PM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Eng. Mohammed al sayed06-06-07, 03:51 PM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Kabar06-06-07, 05:13 PM
    Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Kabar06-06-07, 05:19 PM
      Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية اساسي06-06-07, 05:31 PM
        Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية اساسي06-06-07, 05:34 PM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Kabar06-06-07, 05:49 PM
    Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية عبد المنعم ابراهيم الحاج06-06-07, 06:58 PM
      Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية محسن خالد06-06-07, 08:32 PM
        Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية محسن خالد06-06-07, 09:38 PM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية منى أحمد06-07-07, 00:57 AM
    Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Ahmed Yousif Abu Harira06-07-07, 06:20 AM
      Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية doma06-07-07, 07:05 AM
      Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية abuguta06-07-07, 08:08 AM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Ashraf el-Halabi06-07-07, 08:04 AM
    Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية doma06-07-07, 08:31 AM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Adil Osman06-07-07, 09:57 AM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية esam gabralla06-07-07, 09:58 AM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية ahmed haneen06-07-07, 10:41 AM
    Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية humida06-07-07, 10:57 AM
      Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية اساسي06-07-07, 11:25 AM
        Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية humida06-07-07, 12:17 PM
          Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Mohamed E. Seliaman06-07-07, 01:05 PM
          Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية اساسي06-08-07, 00:23 AM
            Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية عبد المنعم ابراهيم الحاج06-08-07, 00:36 AM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية هشام المجمر06-08-07, 11:04 AM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية haider osman06-08-07, 12:19 PM
    Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Mohamed E. Seliaman06-08-07, 01:16 PM
      Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية محسن خالد06-08-07, 02:05 PM
      Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Mohamed E. Seliaman06-08-07, 02:18 PM
        Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية doma06-08-07, 02:53 PM
          Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية humida06-09-07, 10:02 AM
            Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Mohamed E. Seliaman06-09-07, 11:05 AM
              Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية اساسي06-10-07, 10:12 AM
              Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Ashraf el-Halabi06-10-07, 10:51 AM
          Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية humida06-10-07, 11:52 AM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Ashraf el-Halabi06-10-07, 11:15 AM
    Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية محسن خالد06-10-07, 02:39 PM
      Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية محسن خالد06-10-07, 03:46 PM
        Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية محسن خالد06-10-07, 04:21 PM
  Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية أبوذر بابكر06-10-07, 03:59 PM
    Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية محسن خالد06-10-07, 04:54 PM
      Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية محسن خالد06-10-07, 09:06 PM
        Re: أنانيا صفر في الثقافة السودانية Kostawi06-15-07, 05:28 PM
  شيطان المعرفة محمد حسبو06-24-07, 09:15 AM
    Re: شيطان المعرفة بله محمد الفاضل04-28-11, 09:11 AM
      Re: شيطان المعرفة Shihab Karrar04-28-11, 12:38 PM
        Re: شيطان المعرفة حيدر حسن ميرغني04-28-11, 03:33 PM
          Re: شيطان المعرفة محسن خالد04-28-11, 06:00 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de