|
Re: "أنحن عرب العرب؟" - لماذا يجب علينا تبرير عروبتنا تجاه الفضلاء من بني الجامعة الع (Re: محمد بدوي مصطفى)
|
أود أن أقرر إختلافي مع مساعي تكريس أولوية الثقافي في قضاياالسودان الراهنة وإختلافي مع أفكار عديدة تري في أن مشكلة الهوية هي مشكلة المشاكل في السودان سواء أن صُوّرت مشكلة البلد هي مشكلة رجوع للدين والأصول العقدية كما روجت لذلك الجماعة الإسلامية الحاكمة في السودان إسوة بكل أيديولوجيات الإسلام السياسي الحديثة أو مشكلة إغتراب عن أصول عرقية كما ينظر لها الباقر عفيف وشريف حرير ومن قبلهم أحمد الطيب زين العابدين أو جغرافوثقافية كما ينظر لها بعضر منظري فكر الهامش الجديد. لأن مشاكل الحرية والعدالة الإجتماعية والإغتراب الوجودي والفقر في نظري تحتل أولوية القائمة في إستعصاءات الحياة اليومية وأولوية الضرورة للعمل الجاد وبدون كلل لتسويتها نعم أري الأولوية هي للتحرر التام من كل قهر وإستغلال وإستعلاء تحت أي زريعة ولو كانت زريعة الشرع وتأسيس دولة المواطنة الحقة المواطنة التي تزيح كل دكتاتور وترمي بكل أشكال القهر في جب العطل المسائلة الدعوة لتحرير المواطن إلي وطن واسع عوضاً عن حبسه في مغالق الهويات الضيقة. إن المقدمات الفكرية في أي طرح هي المنطلق الذي يكشف قواعده الأيدلوجية و جوهر توجهاته الفكرية إن إدعاء جماعة ما بحقيقة إنتماءاتها وإصولها أو هويتها يجب أن لا ينسي بادئ ذي بدء مدي تأثير هذا الإنتساب أو الإختيار علي الجماعات الأخري المشاركة في الوطن لا سيما إن كان هذا الإدعاء يحمل شبهة الإمتياز والتفوق المكرس للإستعلاء أو يرتبط بمظالم تاريخية وذكريات سيئة لدي الجماعات الأخري ذكريات حروب دموية إستمرت لعشرات السنين وراحت جرائها آلاف الأرواح ضريبة لرفض إستعلاء عرقي أو آيدلوجي تصرح الجماعات الرافعة لشعارته إلي قسر كل الجماعات الأخري إلي كنف ما قررته لها من هويات أويصرح دونه شخص مثل حسن بشير بالدعوة لحرق الجنوبيين في الغابات والطيب مصطفي وحلفه الشمالي بدعوات منكرة بغيضة إلي فصل الجنوب لأنه غير عربي وغير مسلم أوتتأجج نزاعات المراعي والمراحيل بإضافة عناصر جديدة إليها فتتحول أيضاً إلي نزاعات عرب وزرقة متأججة علي صفيح الأصول الإثنية الساخن فلم تزل من فوارقها أصولهاالجغرافية بل الإثنية الإمتيازية تلك التي يِؤثر أمر إقرارها عبر البندقية علي شكل القضايا وتراتبياتها في المجتمع ككل وليس في مواقع النزاع وحدها من هنا تتأتي خطورة إدعاء هوية معينة هذا إذا كان الإنتساب إليها نسباً حقيقياً ومعترف به من قبل هذه الجماعات المفارقة فما بالك لو كانت تصفه بالنسب المزور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: "أنحن عرب العرب؟" - لماذا يجب علينا تبرير عروبتنا تجاه الفضلاء من بني الجامعة الع (Re: محمد بدوي مصطفى)
|
شايفك فطيت مداخلتي في مسألة المراجع والأسانيد العلمية في مداخلتي السابقة ..أنا زول لغوي وقانوني ..أضفني إلى قائمة المتابعين ..ولي رأي في كل ما كتب في مسألة العروبة في السودان ..وأرجو ان يطلع الإخوة على بعض المراجع : THE HISTORY OF ARAB IN SUDAN لماكمايكل مقدمة ابن خلدون البيان والإعراب فيمن نزل أرض مصر من الأعراب " للمقريزي مشيخة العبدلاب - الدكتور محمد صالح محي الدين السودان عبر القرون - الدكتور مكي شبيكة كتب الرحالة الذين زاروا السودان منذ القرن السابع الميلادي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: "أنحن عرب العرب؟" - لماذا يجب علينا تبرير عروبتنا تجاه الفضلاء من بني الجامعة الع (Re: محمد بدوي مصطفى)
|
بقلم: أمير النور صحيفة السودانى يقول أستاذ الجغرافيا K.M.Barber بجامعة لندن والخرطوم سابقاً (لا يمت أكثر سكان السودان بصلة الى العرب رغم الاسم الذي يطلق عليهم عربي). وردت كلمة (الفنج) في مصادر ومخطوطات كثيرة ومختلفة نذكر منها كتاب (ملوك السودان) تحقيق مكي شبيكة و(مكمايل) في تاريخ العرب في السودان كما أيدها كتاب الطبقات لابن ضيف الله تحقيق يوسف فضل والذي يقول فيه (والملاحظ انها تكتب في وقتنا هذا.. فونجاوي وليس فنجاوي أما أصل الفنج كما أورده المؤرخون على مختلف أشكالهم لا يزال موضع خلاف). ويقول المصدر نفسه فالفنج شعب أسود قدم من أعالي النيل الأزرق وسيطر على الجزء الجنوبي من الجزيرة ثم امتدت نفوذه على العرب الذين سبق لهم السيطرة على مملكتي علوة والمقرة في أعقاب هجرتهم في القرن الرابع عشر (1504م) أما معظمهم يسكنون الجزء الجنوبي الشرقي لمحافظة النيل الأزرق (التقسيم ما قبل 1974م). ** يذكر يوسف فضل في مقالته (لمحات من تاريخ مديرية النيل الازرق) عن الحفريات التي تمت بمنطقة سنجة والتي اكدت وجود بعض المجموعات البدائية التي استوطنت المنطقة في العصور السحيقة من التاريخ ويقول: قد تمكن الأثريون من اكتشاف جمجمة انسان سنجة وتفيد الحفريات ان هذا الانسان عاش في الفترة المطيرة Pluvial التي تعاصر نفس الفترة التي شهدت هطول امطار غزيرة شملت شرق أفريقيا حيث كانت الحياة تعتمد أساساً على الصيد في مجموعات, وكان عنصر البوشمان اكثر انتشاراً مما هو عليه الآن. ** وقد أثبتت الحفريات أيضا ظهور بعض الدلائل التي تدل على ان هذه المنطقة كانت إمتداداً لمملكة مروي القديمة وربما كانت المنطقة التي تمثل المركز الجنوبي لامبراطورية كوش وورثها المرويون حيث أضافوا لها مراكز إدارية وحضارية أخرى: اختلف الباحثون كثيراً في تحديد أصل الفونج وقد أدرج بعض علماء اللغات والمقارنة والآثار نظرية أصل الفونج التي ترجع الى منطقة الشلك على النيل الأبيض وهم من المجموعة النيلية بالسودان وتحديداً الأصول القديمة للشلك واحتمال آخر انهم من بلاد برنو في غرب أفريقيا وآخرون ترجع نظرياتهم الى الأصل الحبشي. اما عن الروايات السودانية وبعض المؤرخين والأهالي انفسهم يجمعون على ان الفونج من سلالة بني أمية الذين هربوا من قيد الدولة العباسية بعد سقوط دولتهم, وترجح هذه الرواية انهم دخلوا السودان عن طريق الحبشة. ** وفي عام 1772م زار الرحالة جيمس بروسي عاصمة الفونج سنار وقد أخذ وجمع ما كان متداولاً من روايات من رواة مختلفين على رأسهم احمد سيد القوم الذي كان مدير شئون القصر الملكي او ريس الخدم, وقد ربط بين الفونج والشلك أما آركل الذي عدل في نظريته عن تأييده المطلق الى نظرية الأصل الشلكاوي الى الأصل البرناوي بعد اخذه من رواة مملكة دارفور التي كانت ذات صلة قوية بمملكة كاتم او برنو يقول وتقول الروايات بعد سقوط سلطان برنو عثمان كادي (قاضي) بني مادي داؤود اثر نزاع حول العرش (1486م) شق طريقه الى حوض حول وادي النيل وتمكن من سيطرته على الشلك اولاً ثم على مملكة سوبا ثانياً، يظهر مما سبق ذكره وخلال طوافي بتلك المنطقة اقول انهم عدا النظرية التي ترجعهم الى الاصل الحبشي، وصارت تلك الأجناس عدداً قد لا يذكر من العرب. ويمكن القول ان سلطنة الفونج كانت اسلامية وهي اول تجربة رائدة في خلق دولة موحدة ومن ملوك سنار نذكر عمارة دنقس مؤسس سلطنة الفونج (1504م) وقد كان دنقس مسلماً الا ان كثيراً من اتباعه ظلوا على الوثنية paganism خلفه نايل وعدلان 1611 – بادي سيد القوم – بادي ابودقن 1645م – بادي الاحمر 1692م ابنه الثالث 1716م بادي ابوشلوخ 1724م الى نهاية السلطنة 1821م على يد الجيش التركي المصري 1821م. ان الفونج لم يستكينوا للغزاة مطلقاً حتى قيام الثورة المهدية بعدها – ومنذ 1840م جعل محمد علي باشا عن طريق ارسال اسماعيل باشا 1821م جعل فامكة التي تبعد من الخرطوم 435 ميلاً عاصمة لمنطقة فازوغلي الجبلية وبنى فيها قصراً جميلاً ومعملاً لاستخراج الذهب مما جعل هناك صراع حول الذهب والرقيق والسلاح، فمن الانتفاضات نذكر ثورة الشريف احمد ود طه بين رفاعة وابوحراز وقد اعد ذلك العطاء الحربي الى عطاء اقتصادي اسهم في دعم دولة المهدية وهذا يقودني الى ما ورد عن منطقة بني شنقول – فبعد هزيمة المهدي لملك الحبشة (مليك) وفرض شروط الصلح جاء عهد الخليفة عبد الله التعايشي، اسهمت دبلوماسيته في خلق علاقة حميمة مع ملك الحبشة منليك ويقول الاهالي ان تلك المنطقة الواقعة بين الكرمك وقيسان الى داخل الحبشة وحتى مدينة (اصوصا) الحبشية الى منطقة بني شنقول كانت اراضي سودانية ومما يجعلني ادعم ذلك بعض الاسباب الاول هو انه ما فتح محمد علي باشا السودان الا من اجل الذهب بمنطقة بني شنقول والثاني هو عدم الفواصل الطبيعية والبيئية التي تفصل تلك المنطقة السودانية الحالية, اما الثالث هو وجود السودانيين بها حتى اليوم والذين يتبعون سياسياً فقط للحبشة دون الانتماء من ناحية الأصل والتقاليد والطباع او حتى الشبه البيئي من شكل ولغة او خلافه. ويطابق ما ذكره الأهالي ما سرده الرحالة الايطالي بلزم Beltrum قول أحد محدثيه في بني شنقول يقول بلترم (حدثني فكي السيد) فقال (نحن سيدي نقيم في هذه الديار منذ امد قصير نحن من أهل شندي والمتمة وحلفا الذين هربوا من مناطقهم عندما أرسل محمد علي جنوده المصريين لينتقموا لمقتل ابنه اسماعيل باشا الذي احرق حيا في شندي فعدد كبير منا في ذلك الوقت لجأ لبني شنقول والتي كانت في ذلك الوقت المدينة الرئيسية من أرض الشناقلة والبعض ذهب الى بلد فداسي بينما الباقي على الجبال المجاورة.
--------------------------------------------------------------------------------
khalil eisa01-12-2008, 01:16 AM من الزنوج تراهم كان سيدي مكان فيهم من سكن بني شنقول قبل وصولنا والآخرين هم البرتا السود الذين جاءوا ووضعوا انفسهم تحت سلطتنا لعدم تمكنهم من ايجاد ما يمكن ان يعيشوا عليه فوق جبالهم الجدباء, والرئيس الكبير لكل هؤلاء الزنوج هو (هنكتوق) وللمزيد يمكن بحث ذلك فيما كتبه J.Spandling وما يضيفه الأهالي من قصص حول منطقة بني شنقول... يقول الأهالي ان تلك المنطقة كانت منطقة سودانية وصارت الآن مقسمة بين السودان وأثيوبيا ويلاحظ ذلك في تقسيم الجبال الى قسمين مثل جبل (دول) بمنطقة الكرمك وجبل كشنكرو بمنطقة قيسان وما فيه من سكان سودانيين الأصل بالاضافة الى ما سبق ذكره يستمر الأهالي في سرد قصتهم (فكان يحكم تلك المنطقة حاكم سوداني) شمالي (جعلي) يطلق عليه اسم (تور الجودي). وفي عهد الخليفة عبد الله التعايشي وعند اضمحلال حكمه وإبان المجاعة والمطامع الخارجية حاول تور الجودي الانفصال بتلك المنطقة وذلك بعصيانه للخليفة عبد الله التعايشي وعدم دفع الضرائب والرسوم الحكومية التي كانت مقررة من قبل – ولضعف نفوذ سلطات الخليفة قام بإهداء نصف المنطقة وما فيها من تور الجودي لصديقه الملك الحبشي منليك ادباً لتور الجودي ورداً لجميل سبق ان قدمه له وكان عبارة عن هدايا اقتصادية وعتاد حربي يتمثل في عدد كبير من الحصين لمواجهة ذلك الخطر الخارجي. وفيما بعد أصبحت المنطقة التي اهديت لا حبشية ولا سودانية اذا اعطى فيها منليك صلاحية الحكم بعد تور الجودي وفي شكل نظام شبيه بنظام النظار والعمد للملكة آمنة وأخيها وأصبحت من الجانب الحبشي اما عن الجانب السوداني كان يحكم الملك ود الجاز (خوجلي ود الحسن شقيق الملكة آمنة). وحتى عهد قريب كان في آواخر الستينيات يتمتعون بكامل الحرية وجيش خاص وحراس..وخدم وعن ذلك كتب حسن عبد الرحيم الطيب في دراسة مقارنة بين منطقة النوبة وجبال الانقسنا يقول: أما الاخبار الأشبه بالاساطير هي وجود ذهب مخبأ في جبال النونة وحوله اللعنة بمن يحاول اخذه وأساطير متشابهة عن ذهب المك خوجلي ود الحسن ملك بني شنقول في فترة المهدية والملكة آمنة زوجته المخبأ في جبل (كرت) في اثيوبيا وحوله سكن الجن لهذا الذهب وكذلك حول وجود الذهب او شجرة الاكسير في جبل (دول) بالكرمك وشجرة اخرى في طريق الابيض. الرصد الانتربولجي القبائل ويظهر ما ذكره (ك. م. باربر) استاذ الجغرافيا بجامعة لندن وجامعة الخرطوم سابقاً (فليس ثمة سبب معقول للاعتقاد انهم احفاد الامويين الذين هربوا من الحجاز بعد انهيار الدولة الاموية اذ نجد مواطني تلك المنطقة يمثلون خليطاً غريباً من السكان اذ يوجد الفونج بجوار العرب والقبائل الزنجية ومهاجري غرب افريقيا وهم قبائل الفولاني (فلاتا وهوسا والبرنو والامبررو) وباستثناء بعض المجموعات العربية المختلفة وبدون تطرف للفروع هي: 1- الكماتير (جزء من قبيلة القواسمة) 2- الهمج 3- الاشراف 4- الفونج 5- الجبلاويين 6- همج تورناسي (منطقة الكيلي) 7- الانقسنا 8- الكدالو 9- القمز 10- البرون 11- الأدك 12- الكوما 13- الوطاويط (وهم المولدون "عربا – برتا) 14- الراقريف 15- المشنة وهم من أصل اثيوبي يسكنون مع الكماير في منطقة الجرف شمال الروصيرص 16- الشنانة – او الشناني – وهم مولدون (حبش – قالا) اذ نجدهم من الأصل الاثيوبي كما يطلق اسم شناشو عليهم والتشابه وأصبح بين شناشة وشناجو او سناشو. 17- مجموعة عمودية قلي وهم ينتمون لاصول مختلفة ويكون بعضهم جماعات لها مميزاتها الاجتماعية الفريدة المميزة. 18- المجموعات الغربية (كنانة – رفاعة – البطاحين) ** اللغة 1- العربية نجد إن العربية هي اللغة التي يستعملها الكماتير والاشراف والفونج. 2- البرتا كلمة تطابق اللغة اكثر من انطباعها على قبيلة معينة بل كلمة برتا تعني عبد فهو معنى قديم كان يستعمله المولدون (الوطاويط) وهو الاسم الذي قد يطلقه البرتا رداً على ذلك وكلمة برتابلا Bertabala تعني ولد او انسان صغير مجازاً ونجد ان لغة البرتا هي اكثر اللغات شيوعاً في المنطقة ومنها اشنقن او تولدن لغة الجبلاويين وبرتا اثيوبيا (منطقة بني شنقول) ومنطقة الكرمك والهمج تورناسي (الكيلاوبين) سكان جبل الكيلي كما يجيدها كلغة ثانية افراد قبيلة الراقديق. اما الوطاويط والمشنة نجدهم يتكلمون العربية والبرتاوية في آن واحد نجد ان لغة البرتا اخف اللهجات تليها الجبلاوية شم لغة الهمج ولغة الهمج في طريقها الى الانقراض لأن في العام 1976م لغة الهمج في قلي كان يتكلمها فقط 4 أشخاص. ثم نجد الانقسنا بلهجاتها المختلفة الشديدة التشابه اذ نجد بعض الكلمات الانقسناوية التي تشابه لغة البرتا مثل كلمة جمل نجدها بالبرتاوية والانقسناوية على السواء هي كمبل Cambal والنوباوية وهي Comblang وهي قريبة من الكلمة الانجليزية Camel وغيرها من الكلمات المتشابهة وتليها لغة القمز بلهجاتها المختلفة بما فيها لغة الكدالو بانواعها ولغة البرون تشمل لهجات الشركم والجمجم اما لغة الرقاريق فنحن في الأصل برتاوية. ويقول الاستاذ عبد الله الياس من قبيلة الرقاريق انها قد تكون عصارة لغات البرتا والهمج والانقسنا وهي شبيهة بلغة البرون. كما نجد الأدُك والكومسا وهم سكان جبل واحد يقع غرب الكيلي وهم يعتبرون من اقدم سكان جنوب الفونج الأصليين اما سكان الجبال التابعة لعمودية قلي مثل طولق سدا (Silak) السيلك الو Alu ومقجة وهي خليط من جهات متشعبة وتحتوي لغاتها كلمات عربية ونيلية نجدها اشتقاقية بالاضافة لاستعمالها اللهجة العامة ونجد أيضاً لهجات برتاوية وانقسناوية ولغة الفنج القديمة وبحكم الجوار منذ القدم وهم جنوب الفونج القديمة. وكذلك تمر لغة المشنة والشناشة بنفس هذه الرحلة. نجد أن القبائل التي يصل عددها الى ثماني عشرة قبيلة رئيسة تتكلم تسع لغات وعدد كبير من اللهجات الاشتقائية هذا ويندر بل ينعدم وجود من لا يعرف اللغة العربية في منطقة جنوب النيل الازرق (جنوب الفونج). وتقل معرفة اللغة العربية كلما أوغل الفرد في الجنوب. ** قبائل الأدُك والكوما والبرون وقد تم انتشار اللغة العربية بتأثير العرب الرحل. كنانة رفاعة الهوى وجماعات الطرق الصوفية والتجار ودعمها اخيراً الموظفون من مختلفة القطاعات الحكومية. اما عن اللغة عموماً فنجد صعوبة في معرفتها معرفة تامة وقلة المعلومات عن هذه القبائل ولغاتها في الكتب والمراجع اذا ما قورنت بكتابات Setiy man. Sf nodal عن النوبة نجد من الظواهر وجود اسماء جبال وقرى البرتا تبدأ بالفاء مثل فامكا – فازغلي- فالبد- فابيقو- فارنجا – فافشن – فأغرو- فادميه – فادقا. كما نجد هذه التسمية في المنطقة المشابهة وهي منقطة جبال النوبة مثل طابولي Tabuli طارتانج Tartang طازيا. يقول الفونج انها اسامي سريانه وهي تلك الاماكن التي زارها الشيخ فرح ودتكتوك حلال المشبوك. **الزينة و التشابه البشري الحضاري نجد الاشتراك في القامة المتوسطة والبشرة السوداء والشعر القصير (القرقدي) يقولون عن العادات ان العرب عندما دخلوا السودان رأوا ان يميزوا فاختاروا لانفسهم علامات او شلوخ مميزة لها عن سواهم ولا سيما في وقت الحروب والغارات التي كانت تشنها على بعضها وكذلك كان الحال اذ نجد الشلوخ (الوشم القبلي) هنا على هيئة ثلاثة خطوط رأسية مطارق على الخدين يستعملها البرتا والجبلاويين وبعض الهمج وكما نجدها عند (نوبا كادوقلي –كذلك نجد الوطاويط يحملون سمات نفس الشلوخ التي تحملها القبائل العربية التي ينتمون اليها). اذ نجد الشلوخ (الوشم القبلي) هنا على هيئة ثلاثة خطوط رأسية مطارق على الخدين111 يستعملها البرتا والجبلاويون وبعض الهمج وكما نجدها عند نوبا كادوقلي. كذلك نجد الوطاويط يحملون سمات نفس الشلوخ التي تحملها القبائل العربية التي ينتمون اليها. الا اننا نجد ما يميز الجبلاويين عن البرتا وذلك في الشلوخ البارزة غالباً عند الجبلاويين, اما شلوخ قبيلة البرون نجدها ثلاثة شلوخ صغيرة ويكسرون السنتين الأماميتين من الفك الأسفل بينما لا نجد الشلوخ عن الرجال بقبيلة الراقريق اما النساء فيتشلخن على بطونهن على شكل (فصود) رأسية ويكون الوشم بالحجارة الحادة فوق منطقة السرة وتحتها اعتقاداً منهم بسهولة الولادة وعدم تعسرها فهي شبيهة بشلوخ الجبلاويين والبرتا عند النساء فنجدها هنا على الذراع واليدين والصدر وفوق النهدين وكذلك الخدين اما قبائل الأدُك على ضفاف خور يابوس نجدهم يحملون علامة صليب داخل دائرة (×) ومنم الفنذة وهم تميزهم علامة بشكل الماعز وهو وشم يوضع في منطقة الكلية اليمنى او اليسرى اما الكوما فتميزهم علامة دائرية بداخلها شرطة.. وفي قبيلة الانقسنا نجد وشماً عند النساء شبيه بوشم البرتا.. اما عند الرجال وشم على الخدين او الصدر على عدة اشكال فنجد شكل العقرب وارجل الدجاج وشكل الثعبان والصليب. والشلوخ الأفقية المترادفة – الا انني لم اجد من يصفها من الرواة- بطريقة مكتملة وقد يعزي الامر في اتخاذها كموضة للجيل الجديد غير الملتزم بما كان سائداً قديماً اما عن ادوات التجميل فاغلبية الاهالي في المنطقة يتزينون بالسكسك والحجول المصنوعة من الفضة وتكثر الزينة عند الانقسنا وعند الأمبررو تكثر الزينة عند الرجال. المصدر : http://www.nubian-forum.com/vb/archive/index.php/t-4419.html
| |
|
|
|
|
|
|
Re: "أنحن عرب العرب؟" - لماذا يجب علينا تبرير عروبتنا تجاه الفضلاء من بني الجامعة الع (Re: عبدالرحمن الحلاوي)
|
رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان (1-2) Travels in Nubia John Lewis Burkhardt أ.د. حسن مكي محمد أحمد
ترجمة: فؤاد اندراوس اصدار سلسلة ميراث الترجمة ، المشروع القومي للترجمة العدد (1044) - عام2007م.. هذا كتاب معروف وسط المهتمين بالتاريخ ، ولا زالت نادما على أنني فرطت في شرائه، ايام كنت في بريطانيا عام 1986م حيث (استغليت) ثمنه ، وطبع هذا الكتاب لأول مرة عام 1819م أي بعد حوالي عامين من موت مؤلفه ، الذي مات بالقاهرة في عام 1817م، وعمره (33) عاما إذ ان بوركهارت مولود في عام 1784م . تحصلت على هذه النسخة ، حينما دعاني صديقي الاستاذ سيد فليفل لحضور ندوة الرئيس المرحوم جمال عبدالناصر بمناسبة مرور مائة على ميلاده « مولود في الاسكندرية في 15 يناير 1908 « وعقدت الندوة في احدى قاعات المجلس الاعلى للثقافة، وفي بهو قاعة الندوة تمت إقامة معرض لإصدارات المجلس الأعلى للثقافة، الذي يكفي أن اصداراته المترجمة بلغت (1044) وتباع هذه النسخة، جيدة الطباعة والمحققة التي بها (392) صفحة. بمبلغ يعادل (8) جنيهات سودانية . ومع ذلك ، لم أكن مبسوطا من ندوة عبدالناصر، إذ طغت فيها العواطف، وفي تقديري أن عبد الناصر ابن اللحظة المتوترة في الحياة المصرية والعربية والعالمية، لحظة ما بعد الحرب العالمية وقيام اسرائيل، وأن امتدت فترة حكم الرئيس عبدالناصر إلى (18) عاما، إلا أنها بحساب الاعصاب والإثارة والمفاجآت يمكن اختزالها في (18) شهرا - حيث وقعت الثورة المصرية قبل أن يفرغ الجيش المصري والعقل العربي من استيعاب مغزي هزيمة (48) وهزيمة اسرائيل وقبل أن يوطد الضباط الاحرار نظام الحكم ويبسطون مشروعهم الاجتماعي / والسياسي كانت المجابهة الداخلية مع الرئيس المرحوم محمد نجيب ثم مع اليسار ثم مع الإخوان المسلمين.. ومع ذلك صدر ميثاق الثورة الذي كان ميثاقا متقدما في ذلك الوقت المبكر الذي تكلم عن شخصية مصر بدوائرها الثلاث ، العربية والإفريقية والإسلامية . وقبل ان تخرج مصر من حوارها الداخلي ، كان استقلال السودان وتأميم القناة والعدوان الثلاثي - ثم الوحدة والانفصال مع سوريا والصراع مع اسرائيل ، فهزيمة (76) والصراع مع أعوام حرب الاستنزاف ثم حرب الاردن التي اعقبها مؤتمر قمة القاهرة في سبتمبر 1970 التي من اجهادها فاضت روح الزعيم ، وما بين ذلك كان الإصلاح الزراعي والسد العالي وحرب اليمن ، ضحت الثورة المصرية بالحريات والديمقراطية لتحقيق مشروعها مما أدى إلى بروز مراكز القوة واستنفاد طاقاتها في صراعات الداخل والخارج « الاخوان واليمن .» بعد هذا الاستطراد ، اعود لكتاب بوركهارت، الذي ينتمي لعائلة سويسرية غنية ، مما جعل مصالحها تتناقض مع مصالح قادة الثورة الفرنسية باطروحاتهم للمساواة والعدالة، مما أضطره لمغادرة بريطانيا وهو في سن الرابعة والعشرين بحثا عن دور ووظيفة ، وهناك التحق بجامعة كمبيردج لدراسة اللغة العربية بدعم من الجمعية الإفريقية البريطانية ، التي رأته مؤهلا جسمانيا وذهنيا للقيام بدور في إفريقيا . ومن كمبيردج وهو في ريعان الصبا ، إلى سوريا والحجاز ثم نزل إلى السودان في رحلتين عام 1873 إحداهما من النوبة إلى منطقة حلفا والمحس اي ما قبل دنقلة ، والأخرى من صعيد مصر عبر صحراء النوبة إلى بربر وشندي ثم العودة بالطريق الخلوي من شندي إلى التاكا ومن ثم إلى سواكن - ولا شك أن كتابه مثلَّ دليلا استخباراتيا استعانت به قوات الخديوي محمد علي التي بدأت فتح السودان بعد ثلاث سنوات من كتابة كتابه ، كما مثَّل هاديا لكل من جاء بعده من المستكشفين والغزاة والطامعين ، علما بأنه في هذه الفترة ذاتها ، كانت هناك بعثة من الخديوي محمد علي الى ملك سنار، تحمل له الهدايا لتتعرف على طبيعة المنطقة . قضى هذا الشباب قرابة ثلث عمره في دراسة النوبة ومناطق السودان - أي ثماني سنوات من اصل عمره القصير في هذه الدنيا، ولكن عمله هذا أدخله في سجل التاريخ وأصبح كتابه ركيزة لكل مهتم بالدراسات السودانية . جاءت رحلة بوركهارت في ظرف صعب ، حيث كانت سلطنة الفونج قد ضعفت وما عادت تبسط يدها على مناطق شمال السودان واصبحت القبضة الامنية ضعيفة ، فساد قطاع الطرق وكثرت الحروب ، كما أن منطقة السكوت والمحس حتى دنقلة ، تعرضت لوافد جديد مسلح ، ممثل في المماليك الذين هربوا لدنقلة ، بعد مذبحة القلعة وأسسوا لوجودهم في المنطقة بقوة الحديد والنار ونهبوا وقتلوا إلى أن استأصل شوكتهم إبراهيم باشا في ظروف الفتح ما بعد 1820م. ومع كل هذه المخاطر استطاع هذا الخواجة ، أن يركب الخطر ثلاث مرات وذلك بعبوره من أسوان عبر النوبة إلى اراضي المحس والسكوت والعودة ، ثم العبور من صعيد مصر عبر الصحراء إلى بربر وشندي ، ثم إلى البحر الأحمر في أهوال ومصاعب تشيب ولنرى ماذا يقول . يثني بوركهارت على النوبة قائلا : « لست أذكر في كل ما طفت به من بلاد الشرق ، بلدا كابريم ، يطمئن فيه الناس على مالهم ويأمنون عليه من السرقة والتي لايعرفها اقليمهم - ويتكلم عن قبورهم التي يغرسون فيها سعفتين كبيرتين من سعف النخل، رمزا لقوة الحياة والإنتصار على الموت ومايزال اهلي يفعلون ذلك ، بل حتى ابنائي فعلوا ذلك على قبور أهلنا وهي عادة تنتقل من اللا شعور جيلا عن جيل . وعلى امتداد رحلته ، كان يذكر الكنائس الإغريقية التي صورت على جدرانها رسوم القديسين وطليت بألوان زاهية وربما كانت الكنيسة في الاصل معبدا ثم تحولت إلى كنيسة وربما احيانا إلى مسجد وهي تؤكد حضور الغيب والتوحيد وفكرة الله في ذهن النوبي منذ فجر التاريخ.. ويشير إلى استيطان القبائل العربية وسط النوبة وأن سراة دنقلة اصلهم من الجوابرة، كما يشير إلى الجعافرة والاشراف والكنوز في بطن الحجر ويشير الى أن حكام النوبة يتحررون من صلف العثمانيين الذين احتلوا النوبة بعد دخول السلطان سليم الاول مصر في عام 1517م ومايزالون يتسمون بالكشافة. كما يصف طعام النوبة من شربوت والبوظة» المريسة « وعرقي البلح المقطر، علما بأن البغاء غير مباح في النوبة.. وحسب تقديره فإن سكان النوبة من اسوان إلى حدود المحس الجنوبية يبلغ عدد سكانه مائة الف نسمة ، كما يصف بعض قبائل السودان كالبشاريين والعبابدة والشايقية.. وحرص بوركهارت أن يحمل معه مصحفاً صغيراً وأوراقاً يسجل عليها كل شيء، ويتكلم عن وادي الطواشي مذكرا بأنه خصي من سدنة الكعبة الشريفة كان ذاهبا إلى دارفور فقتله البشاريون وسلبوه ثم نصبوه وليا وسمو الوادي باسمه .
--------------------------------------------------------------------------------
khalil eisa02-18-2008, 03:07 AM رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان (2-2) Travels in Nubia John Lewis Burkhardt
أ.د. حسن مكي محمد أحمد
يتكلم الكتاب عن أهل بربر ويصفهم بأنهم سلالة جميلة وليست لهم قسمات الزنوج اطلاقا ولكن لهم ولعاً بالشراب ذكورا واناثا.. ويأكلون الملاح بخبز الذرة ويشربون البن ، ويحيون اعضاء الاسرة المالكة بلقب ( يا ارباب ) وتنتشر فيها مدارس القرآن في الدامر ومقرات والقوز . ويصف الدامر بأنها بلدة كبيرة قوامها خمسمائة بيت وهي نظيفة وتفضل بربر لخلوها من الخرائب ولهم جامع كبير حسن البناء ولكنه بلا مئذنة ، وهي بمثابة دولة دينية يصرف شئونها بمنتهى الحكمة والتعقل ، ومن عاداتهم قراءة القرآن على الحصى ونثره على القبور وكتابة الحجبات والتعاويذ . أما اكبر البلاد فهي شندي ويرأسها المك نمر ومك شندي خاضع اسميا لملك سنار ، وحكومة شندي أقوى من حكومة بربر لأنها مسنودة بالتميراب والنافعاب والجعليين . ولا يحب الجعليون الدناقلة لولههم بالمال، فالدنقلاوي عندهم كاليهودي في اوربا.. والخيل في شندي موفورة ويقتني المك نمر زهاء الـ(اثنتي عشرة) بندقية - إذن المك نمر قاوم الفتح التركي بزهاء الاثنتي عشرة بندقية فيما بعد.. وربما كانت الضرائب والأتاوات التي فرضها اسماعيل باشا على المك نمر وأدت للحرب جزئيا نتيجة لتقديرات بوركهارت لثراء شندي وقوة حكومتها . تم تدمير شندي على يد الدفتردار وأصبح المك نمر أول ثائر سوداني والاب الروحي للمقاومة السودانية التي بلغت أوجها في الثورة المهدية، ولكن لا يزال قبر المك نمر مهملا في المتمة الإثيوبية مثله مثل قبر رابح فضل الله في كسري في الكمرون على بضعة كيلومترات من أم جمينا . ومما يفيد أن بوركهارت ومن سبقوه ، كشفوا عورات السودان امام الآخر ، ما ورد في تقرير مبعوث باشا مصر إلى سنار ، ان السلطان أي حاكم سلطنة الفونج ، عرض فرقة من الفرسان أمامه ، وانتهز المبعوث التركي المناسبة ، باطلاق النار من مدفعية الصغيرين ، المحمولين على جملين وسقط الجميع على الارض مستغيثين ، وعلق بوركهارت على ذلك ( واحسب أن ثلاثمائة رجل مثلا ، ممن مرنوا على احتمال المناخ المداري ، يستطيعون أن يتوغلوا في شرق افريقيا حتى سنار.. فخليق بقوة من الأوربيين الا تخشى بأس هؤلاء الإفريقيين وما هم فيه من تشتت وانقسام - ولا ينقص بريطانيا في سبيل المجد إلا حملة موفقة إلى مجاهل إفريقية ليصبح تفوقها في هذا المضمار تاما ص ( 222 -322) ( بتصرف). ودرس التاريخ أن الآخر ، يريد كشف العورة سواء جاء في ثياب مثيرة أو اتحاد افريقي أو امم متحدة ، وسيذهل الكثيرون وسط هذه (اللعلعة) الفارغة حول دارفور ، مدى التغلغل الذي حدث في السودان عامة ودارفور خاصة وقد رأيت طرفا من الخرط عن دارفور التى لاتكاد تخطيء فيها شيئاً، من مواقع القوات المسلحة ، إلى الآبار والطرق والمجمعات ونقاط الحركات المسلحة - ولعل ما يحدث في دارفور من أكبر الكوارث الوطنية ولا يزال ملف دارفور في أيادٍ لا تقدر خطورة ما يحدث من تغلغل باسم السلام والأمن . ويعدد. بوركهارت قوة سوق شندي ، وما فيه من منتجات الدنيا ، شرقا وغربا من القرنفل والفلفل والحبهان وخشب الصندل والحلبة واللبان والصمغ العربي والقرفة والكحل والمسابح والعقود والورق والقصدير والنحاس والسلع الحديدية والمبارد والحلي والمرجان والكبريت ويقول: ( ما من سلعة مصنوعة في مصر أو أوربا الا وتباع في شندي ) والسودان مستهلك للفضة الاوربية كذلك وعملاتها وسيوفها واسلحتها ، ويكفي لتقدير قوة سوق شندي أن المعروض فيه للبيع من الأبل خمسمائة ومثلها من البقر والغنم.. كما وصف محلات صناعة الأحذية ودباغة الجلود والصابون لماذا ذيلت صناعة الأحذية في شندي علما بأن أحذية شندي كما وصفها بوركهارت اعظم صناعة في الشرق حينها ؟ بالإضافة إلى متاجر البن والمسك والكرابيج والابنوس والعاج وقرن الخرتيت والشهد والزمزميات والتبغ وريش النعام ويقول إن فرسان الشريف حمود امير اليمن كلها مجلوبة من دنقلة . ويشير إلى أن كل قوافل السودان تلتقي في شندي - لماذا لا نفكر في تجديد هذا الأمر، حيث يخرج الطريق من الفاشر إلى شندي - وبفضل الله الطرق مفتوحة من شندي إلى دنقلة فمصر وإلى بورتسودان والبحر الاحمر والحجاز . ويقول بوركهارت ان عرب السودان أفصح لسانا من اخوتهم بمصر واشد تمكنا من عربيتهم ونطقهم بها شبيه بنطق أهل الصعيد ، وانه في دارفور وكردفان قبائل عربية محتفظة بلغة اجدادها ولا يحيد شعرها قيد شعرة عن اوزان الشعر العربي وأن الحداء الذي سمعه على ضفاف الفرات يماثل ما سمعه على ضفاف العطبراوي . وفي رحلته للتاكا يقول إنه مر بمعبد من الصخر بالقرب من قرية قوز رجب.. ولم يستطع ان يزوره لأن بعض القبائل كانت تتحفز للاغارة عليهم واهل منطقة القوز خليط من العرب والبشاريين والهدندوة والجعليين والشكرية ومن التاكا إلى سواكن ، حيث يصفها وفيها ستمائة بيت ومساجد ثلاثة ( هل ياترى هي ذات المساجد التي صورها فاسكو دي جاما في رحلته الشهيرة قبل بوركهارت بثلاثمائة عام؟ ) وفيها من الآبار اثنتي عشرة بئرا ، وزمام سواكن في يد امير الحوارية ويمثل الحكومة التركية فيها جابٍ تركي يحمل لقب أغا، وتصدر سواكن للحجاز الجلود والسمن والسجاجيد وقل من الحجاج من يبرح مكة بغير حصيرة سواكنية ، بالإضافة إلى ذلك تزود السفن السواكنية جدة بالماء والذرة والماشية ، وفي اثناء وجوده ابحرت من سواكن سفينتان الى اليمن و إلى جدة - بينما وصلت اليها خمس سفن من بلاد الدنيا . وليت اهل السياسة يقرأون هذا الكتاب ، حتى يعلموا طرفا من خبر السودان وأكرر أن نائب مدير معهد دراسات استراتيجية أمريكي زارني في المنزل واهداني بعض الكتب ، فكرت في رد هديته ، فلم أجد إلاّ أن اصور له جزءا من تاريخ هيرودتس وهو كتاب مكتوب قبل ميلاد المسيح بقرون ويتكلم فيه عن مناطق النوبة في السودان ولايكاد يختلف شيئا كثيرا عما ورد في كتاب بوركهارت، ولكني فقط اردت ان اقول له حضارة السودان قديمة ليس فقط قبل اكتشاف امريكا ولكن حتى قبل دخول بريطانيا في نادي الحضارة ولذلك أعجب من الذين يتكلمون عن الشمال واهله باعتبارهم السياسي او الثقافي ولا يدرون أن حضارة الخرطوم التي هي روح مقتبسة تحكي استمرار الحضارة السودانية منذ آلاف السنين وليس فقط طارئاً ايقظه مبشر أو مكتشف.. والله أعلم المصدر:http://www.nubian-forum.com/vb/archive/index.php/t-4659.html
| |
|
|
|
|
|
|
Re: "أنحن عرب العرب؟" - لماذا يجب علينا تبرير عروبتنا تجاه الفضلاء من بني الجامعة الع (Re: عبدالرحمن الحلاوي)
|
الذات القبلية وضرورة القراءة الموضوعية للتاريخ تطور الذات القبلية في اتجاه علاقات الهيمنة والخضوع في إطار التنوع وتعدد القوميات ، يشكل أزمة حقيقية في استقرار معظم الدول ووحدتها الوطنية وتكاملها القومي. ومن هنا تأتي أهمية القراءة الموضوعية لهذه المسالة ووضعها في سياقها التاريخي كجزء من أزمة التطور القومي في السودان بشكل عام. وقد بدا لبعض الباحثين السودانيين في الآونة الأخيرة ، أهمية العودة إلى التاريخ السوداني لاستبطان جذور الذات القبلية . وفي هذا الإطار، يؤكد مختار عجوبة، عند قراءته لمذكرات يوسف ميخائيل، على ضرورة العودة إلى قراءة التاريخ السوداني. ويقول في هذا الصدد: "إن تاريخ السودان كتبه الأجانب والشماليون وقراؤه بطرق مختلفة، وغداً يكتبه الجنوبيون بطرق مختلفة . وواجب الكتاب أن يعيدوا قراءة التاريخ..بتجرد تام عن الهوى. وفي ذات الاتجاه يقول زكي البحيري " أن كتابة تاريخ السودان في القرون الوسطى كانت وكأنها دراسة لمجموعة من القبائل ، تمثل كل قبيلة فيه شعباً قائماً بذاته. لقد ظهرت على الساحة السودانية دعوات تنادي بالقومية السودانية التي لا تستند على أي نوع من التحيز العرقي أو الثقافي بقدر ما تستند على مجمل الروافد التاريخية التي تشكل الهوية السودانية . وعلى عكس الكتابات التي تنادي في نعرة عنصرية بالسودان العربي المسلم ، كما هي الحال في كتابات عبد الرحمن الضرير في كتابه" العربية في السودان"، ومحمد عبد الرحيم في كتابه " نفثات اليراع في الأدب والتاريخ والثقافة " ، جاء طرح المنظور الفكري للسودانوية الذي تولى نشره أحمد الطيب زين العابدين وفي تحليلات نورالدين ساتي حول العناصر التاريخية للأمة السودانية. كما جاءت مساهمات مدرسة الغابة والصحراء وكتابات محمد عبد الحي ومحمد المكي إبراهيم والنور عثمان، لتفعيل التاريخ السوداني لخدمة القومية السودانية في إطارها الأفروعربية. وبدأ الاهتمام بالحقوق التاريخية لكل الأقوام السودانية على حد سواء ، يتخذ منحى تصاعدياًً مع إعلان قوانين سبتمبر1983 ، وبعد إعلان قيام الدولة الواحدية في يوليو 1986 وما تبعها من زخم وتعبئة جهادية في اتجاه المشروع الحضاري الإسلامي . وقد يأتي الإصرار على ضرورة العودة لقراءة تاريخ السودان وأجناسها ، لما فيه من حقائق تؤكد قدرة البيئات السودانية على صهر مختلف التعدديات الاثنية والعرقية في بوتقة واحدة . فالإنسان السوداني الراهن ، يتميز بشخصيته المستقلة بملامحه وبنمط ثقافته وسلوكه وعاداته لدرجة أن المستعربين منهم اقرب وجدانياَ في كل ذلك إلى المستفرقين منهم من أية أجناس أخرى. إن عاملي التاريخ والجغرافيا قد ساهما ومازال يساهمان على تشكيل هذه الشخصية المستقلة التي تمنح السودان كيانه وشخصيته القومية المستقلة. الدولة السودانية المعروفة بحدودها وبمكوناتها البشرية ، ظهرت ككيان جامع للعديد من الوحدات السياسية العشائرية المتفرقة . وقد تم توحيد بعض هذه الكيانات عن طريق غزو خارجي منظم يرجع تاريخه إلى دخول إسماعيل باشا السودان عام 1821م . ولا يعني ظهور هذه الدولة ككيان يتمتع بوضع سياسي وقانوني في وقت معين ، عدم وجود تاريخ وشعب له خصوصيته في العهود القديمة السابقة لهذا التاريخ . فقد شهدت الأقاليم التي تحدد واقع السودان الجغرافي تاريخاً زاخراً بالأحداث التي لا يمكن الإغفال عنها عند الحديث عن قضية هامة كقضية الهوية والتكامل القومي والوحدة الوطنية . وقد بدا للمؤرخين المحدثين أن يطلقوا اسم " السودان " على مجمل الكيانات والأحداث التي تعبر عن التموضع الإقليمي لحدود السودان الحالية أو بعض من هذه الحدود . ولعل التجاوز المقصود في إطلاق هذا الاسم ، لا يخرج عن أغراض التبسيط الذي لا يعني بالضرورة الوجود التاريخي للكيان السوداني بمظاهره الراهنة في تلك الأزمان . ذلك لأننا إذا اعتبرنا الإقليم أو الأرض معياراً ثابتاً لتحديد الواقع الجغرافي للدولة ،فإن الأقاليم التي تقوم عليها الدولة السودانية الحالية تتوقف عن أن تكون معياراً تاريخياً لتحديد الهوية الجغرافية لسودان ما قبل الدولة . ذلك لأن أكبر كيان سياسي من الكيانات السابقة لم تتعد حدودها إلا جزءً يسيراً من أقاليم السودان الحالية . كما وأن العناصر البشرية الحالية ليسوا جمعياً منحدرين من الأصول التاريخية التي عمرت بعض من هذه البلاد . يبقى هناك معيار لا يمكن تجاهله في تشكيل الهوية السودانية . ذلك هو عنصر الإرث الحضاري الذي خلفه التاريخ على هذه الأرض ليشكل الوجدان السوداني ويظل مرجعية مشتركة لكل الأقوام التي تشاطر الحياة فوقها ، وشاء لها القدر أن تكون داخل هذه الرقعة السياسية التي حملت اسم " السودان " إن قراءة موضوعية لتاريخ السودان مع مراجعة صادقة لأصول الأجناس التي صنعته، ستكشف حتماً أن أولتك الأسلاف ما كانوا أسرة واحدة ، تمددت مع الحقب وتفرعت مع الزمن ليتمسك الأحفاد بشجرة النسب التي تصلهم بهم ، ليتحدثوا عن نقائهم السلالي ويحتكروا التركة التاريخية من الإرث الحضاري . لقد حدثت عبر التاريخ هجرات كثيرة إلى المنطقة . وقد يكون من ضمن الوافدين إليها أسلاف العرب الذين قدموا إلى السودان فيما بعد. وقد يكون منهم أسلاف القادمين حديثاً من الغرب الأفريقي . كما حدثت عبر التعايش بين المحليين والوافدين عمليات تمازج وانصهار بين المكونات العرقية المختلفة . فلم يعد هناك وجود لأرومة عرقية مميزة تبرهن حق الإدعاء التاريخي للموروث الحضاري . إلا أنه رغم هذه الحقيقة ،فإننا لا نستطيع أن ننفي وجود نزعات مكتومة أو معلنة تحاول توجيه التاريخ وتطويعه على هوى واقع يوجه فيه الحاضر إرث الماضي ، وفيما تهيمن القراءة الذاتية للتاريخ على قراءته الموضوعية . هوية الأعراق في الممالك السودانية القديمة : بالرجوع إلى تاريخ الأجناس التي استوطنت المناطق المعروفة حالياً بالسودان ، يمكن القول أن العناصر الأولى كانت تنتمي إلى عناصر زنجية تختلف عن العناصر الزنجية الحالية وأقرب إلى إنسان قديم من نوع ما قبل البوشمن (Proto-bushmen). هذا الإنسان الذي لم يكن مجهول الهوية السلالية ، لم يتواجد في منطقة واحدة من السودان . بل وجدت له آثار في مناطق مختلفة امتدت من الوسط السوداني إلى مناطق عطبرة ونوري والقعب وواوا وصاي وعبري وحلفا. في ذلك إشارة واضحة إلى أن العناصر الزنجية هي التي سادت معظم المناطق الوسطى والشمالية من مناطق السودان الحالية . كما أنه ليس هناك ما يدل على وفود عناصر غير زنجية إلى هذه المناطق في تلك الفترة المبكرة من تاريخ السودان . في عصور المجموعات الحضارية ، هناك جملة من الاجتهادات الأثرية التي لا ترقى إلى مستوى اليقين العلمي. من هذه الاجتهادات ما يعتقد بأن عناصرها البشرية كانت أشبه بالعناصر البشرية التي سادت مصر في عصر ما قبل الأسر . وهذا أمر يشير إلى ظهور عناصر جديدة لا تنتمي إلى العناصر الزنجية التي سادت المنطقة من قبل . كما يعني وفود هذه العناصر الجديدة من مناطق طرد مناخي أو بيئي من الشمال عند حوض البحر المتوسط . ففي الفترة المعروفة بالعصر الوسيط الأول ( 2250-2040ق.م ) ، ظهرت ملامح شعب جديد بين كوم أمبو وعكاشة عرف بأصحاب حضارة المجموعة الثالثة . يرجح كل من ريزنر واركل على أن هذه العناصر لها صلة بشعب بدوي يمت بالانتماء إلى الطمياح الذين يردون إلى أصول ليبية جنوبية . من جانبه ، يرى اشتندروف أن هذه العناصر جاءت من أثيوبيا أو من مناطق غرب أفريقيا. ولعل مما يرجح الاجتهاد الأول ، وجود صلة بين المفردات اللغوية ما بين النوبة في شمال السودان والبربر في شمال غرب أفريقيا. ويتأكد ذلك متى ما تم إثبات ما يدل على علاقة لسانية بين النوبيين الحاليين وبين سكان مناطق النوبة القدماء من جهة ، وبين اللغات البربرية ولغة الطمياح من جهة أخرى . بجانب احتمال وفود عناصر ليبية للمنطقة لأول مرة وإضفائها عنصراً سلالياً جديداً على العناصر السودانية القديمة ، فإن المجموعة الحضارية الثالثة تميزت عن سابقاتها بميزة روحية جديدة لم تكن معروفة من قبل . فقد دخلت المنطقة معتقدات روحية تمثلت في ظهور علاقات تقديسية لبعض الحيوانات. ولا يستبعد أن تكون تلك العلاقات ذات صلة بالطقوس الطوطمية مما يرجح احتمالاً آخر بوفود جماعات من مناطق رعوية كانت تمارس فيها مثل هذه الطقوس . يبدأ التاريخ السوداني بشيء من الوضوح وتتضح الهوية السياسية لأول سلطة سياسية حاكمة مع بداية الممالك التي تعرف بالممالك الكوشية. يقول في ذلك عالم الآثار ب.ج هيكوك في تقديمه لإحدى البحوث الأثرية ،"مازال يرجى الكثير من المعرفة بين كرمة وكريمة عن هوية أولئك السودانيين الذين كانوا أول مجموعة اتخذت لنفسها ملوكاً لهذا البلد. تقسم هذه الممالك عادة إلى ثلاث ممالك حسب الترتيب الزمني وحسب مراكزها الإقليمية (عواصمها) هي ، كرمة ونبتة ومروي . وقد يخطر لبعض الباحثين أن يجمع بين المملكتين الأخيرتين تحت أسم مروي ويفصل بينهما زمنياً حسب الموضع بحيث يكون الأسبق منهما مروي البركل والتالية مروي البجراوية. يختلف الباحثون في أصول تلك المجموعات اختلافهم في أصول المجموعات التي شكلت المجموعات الحضارية السابقة . يذهب ريزنر إلى انهم ينتمون إلى المجموعات التي استوطنت المنطقة منذ أيام الدولة المصرية القديمة . وفيما يؤكد فركوتي أنها عناصر محلية ، يذهب اشتندروف إلى أن الشعوب التي كونت حضارة كرمة طائفة من شمال أفريقيا. ومع اختلاف آراء الباحثين ، يبقى الاعتماد على رأي واحد مجازفة وضرباً من التحيز غير العلمي. وعليه فإن الصيغة التوفيقية في هذا الشأن ، هي أن العناصر البشرية التي عرفت أول نظام سياسي وإداري في السودان ، كانوا خليطاًً من الأجناس المحلية والوافدة والتي تأثرت بحكم الموقع بالحضارات المجاورة . وربما كانت سحناتهم أقرب إلى سحنات السودانيين الحاليين . وكانوا بذلك اقرب في تعددياتهم العرقية التي جمعتها كرمة ومزجتها البيئة إلى التعدديات التي تعجز الدولة السودانية الحديثة من حزمها في إطارها الوطني . ظهرت المملكة النبتية بعد حوالي ألف عام بعد انهيار حضارة كرمة . ظهرت مملكة نبتة واستمرت ما بين عاميّ 751 و295 ق.م . أما مروي والتي يراها بعض المؤرخين إمتداداً تاريخياً للمالك الكوشية ، فقد استمرت إلى حوالي عام 350 م كمركز للملكة الكوشية بعد انتقال العاصمة من منطقة البركل في العصر النبتي إلى منطقة البجراوية. تمثل هذه الحقبة مرحلة هامة من مراحل التاريخ السوداني المؤثر في تطورات الهوية السودانية والإرث الحضاري للسودانيين . وانطلاقا من الدور البارز للملكتين على صعيدي السياسة والاقتصاد على المستويين المحلى والإقليمي ، فقد انصبت اهتمامات الدارسين على البحث في أصول الأسر الحاكمة وهوياتها دون التركيز على هوية الشعب الذي تشكلت منه هذه الممالك. تذهب معظم الاجتهادات إلى أن أصول هذه الأسر محلية ولا تمت بعلاقة عرقية بسلالات الملوك المصريين أو الليبيين . إلا أن بعض الباحثين ، يردونها إلى أصول مصرية استناداً على منهج المقارنة بين الحضارة المصرية والكوشية وما بهما من تشابه في كثير من جوانب الحياة الاجتماعية والدينية والسياسية . فريق آخر من الباحثين يرجح انتماء هذه الأسر إلى أصول ليبية باعتبار أن فرعاً من الطمياح الليبيين اتجه خلال الهجرة الكبرى للقبائل الليبية إلى دنقلا عبر درب الأربعين وذلك في زمـن حكم الملك الليبي شيشنقه الأول في شمـال الوادي (920-860 ق.م ). وقد أعتمد أصحاب هذا الرأي - ومنهم رايزنر - في تأكيد افتراضاتهم على بعض نتائج الحفريات التي أسفرت عن وجود بعض الأثريات ذات الطابع الليبي وعلى لوحة تحمل لقب "سيدة الطمياح" للملكة تابيري زوجة الملك بعانخي . كذلك اعتمد هذا الفريق على بناءات بعض أسماء الملوك الكوشيين التي تنتهي بالمقطع "قه" والمشترك مع أسماء الملوك الليبيين كما نجده في اسمي " تهراقه " و"شيشنقه". إلا أن الباحث محمد إبراهيم بكر يذهب إلى أن هذا المقطع الذي يترجمه البعض على أنه يقابل كلمة "المبجل " لم يكن وقفاً على ملوك نبته وإنما استمر ظهوره كذلك في نهاية أسماء الملوك المرويين. كما نجد اليوم مقابلاً لهذا المقطع في اللغة النوبية الحالية بمعنى " الذات " مما يعني أن هذا المقطع محلي صرف متي ما ثبت أن اللغة النوبية الحالية هي نفس لغة المحليين في تلك المراحل التاريخية . الهوية الكوشية ودلالات الأسماء : للنظر في أصول الأعراق للشعب الكوشي والتي لم نجد لها دراسة دقيقة ، فقد رأينا الاعتماد على دلالات الأسماء على هوية المسميات . فنجد هناك عدة أسماء ارتبطت بالحضارات السودانية القديمة ؛ منها "كوش" و"نبته" و "مروي" ، بجانب اسم عام يطلق عليها دون تحديد لحضارة معينة من هذه الحضارات عندما يقال "الحضارات النوبية ". فهل لهذه الأسماء دلالات معينة على الهوية العرقية للعناصر البشرية التي بدأ بها التاريخ السوداني ؟ أم أن لهذه الأسماء دلالات أخرى ترمز إلى هويات غير الهوية العرقية ؟ إذاً ينبغي النظر إلى مدلولات التسميات ، إذا جاز اتخاذ الأسماء مدخلاً منهجياً لاستنباط هوية الأشياء . من الأسماء الهامة التي لها دلالة من ظاهر المعنى اللفظي على الهوية العرقية ، اسم "كوش" الذي ورد في نص قديم يرجع إلى العام الثامن عشر من حكم سنوستر الأول بالنطق "كاس"على رأس قائمة من البلاد الواقعة في مناطق النوبة الحالية منها واوات وشعات (صاي) وشميك(سمت). كما يرد ذكره في بعض النصوص بالنطق "كاش" و"كوش". كذلك عرفت مناطق الشمال السوداني لدى العبرانيين والآشوريين والفرس وفي التوراة بأرض كوش. وقد اختلف الباحثون في تحديد أرض كوش . فذهب شامبليون إلى أنها تعني أرض أثيوبيا . بينما يرى بروقش أنها هي أرض النحسو التي ينتمي أصحابها إلى أصل زنجي . أما يونكر فيشير إلى أنها أرض المجموعة الثالثة الواقعة بين الشلال الأول والثاني. وأما اركل فيرجح أن تكون أرض كوش هي الأرض المطابقة للمناطق التي قامت عليها حضارة كرمة. نلاحظ أن لفظ " كوش" ومشتقاته "كاس" و"كاش" و "كاسو" كان يطلق على أرض معينة اختلف الباحثون في تحديدها . إلا أن اللفظ "كوش" دائما ما كان مرتبطاً ومقروناً بلفظ الأرض . وارتباط الاسم بالأرض لا يعني بالضرورة دلالة على طبيعة السكان ولونيتهم العرقية . ومن هذه الزاوية ، لا تختلف "كوش" عن المفردات الأخرى التي ارتبطت بالأرض مثل أرض الأقواس وارض تاتسي وأرض يام التي وردت جميعها في النصوص المصرية القديمة . كما لا تختلف عن مدلول ارض أثيوبيا التي حدد بها مانتيون هوية الأسرة الخامسة والعشرين التي حكمت مصر والسودان ، والتي تعني الأرض المبهمة التي أشار إليها أيضاً هيرودت في كتابه " التاريخ" عند حديثه عن الملك النبتي كاشتا. وقد يذهب البعض إلى أن الكوشية لها دلالة عرقية ، تطلق على عناصر بشرية ترد إلى أصول تنتمي سلالياً إلى كوش بن كنعان ، وذلك استناداً على آراء مؤرخين من أمثال ابن الأثير والمسعودي . وفي ذلك يقول ابن الأثير أنه لما تفرق ولد حام في الأرض ، استقرت بقية منهم بالسواحل من النوبة والحبشة والزنج. أما المسعودي فيقول أن "أبناء كوش بن كنعان ساروا نحو المغرب حتى قطعوا نيل مصر ، ثم افترقوا فسارت طائفة ميمنة بين المشرق والمغرب وهم النوبة والبجة والزنج ، وسار فريق منهم نحو المغرب وهم أنواع كثيرة نحو الزغاوة والكانم وفركه وغانه وغير ذلك من أنواع السودان. وربما اتخذ ابن الأثير والمسعودي لون البشرة معياراً سلاليًا ًلتحديد هوية الأجناس البشرية . هذا المعيار الذي ليس في محله حسب التفسير العلمي لتباين الألوان. ولا يتفق معه ابن خلدون الذي يرى أن "تعميم القول في أهل جهة معينة بأنهم من ولد فلان لما شملهم من نحلة أو لون إنما من الأغاليط التي أوقع فيها الغفلة عن طبائع الأكوان والجهات. وحتى في حالة الاتفاق مع ما ذهب إليه ابن الأثير والمسعودي من أن النوبة ينتمون إلى السلالة الكوشية ، وبافتراض أن أولئك الذين شكلوا الحضارات السودانية الأولى ، هم النوبيون الكوشيون ، فإن هذا يعني أن كثيراً من العناصر البشرية السودانية الحالية من زنج وزغاوة ، هم بنو عمومتهم بحكم الانتماء إلى الأصل الكوشي. ولا مجال في حالة كهذه للتوجهات العرقية ذات الصبغة الاستعلائية بين بعض العناصر البشرية السودانية في الوقت الراهن . بجانب الدلالة الاسمية لكوش ، هناك اسم آخر لا يقل في أهميته عن اسم كوش من حيث عموميته في التعبير عن الحضارات القديمة ، ومن حيث استمراريته كاسم مازال يطلق على مجموعة سكانية كبيرة في الوقت الراهن . هذا الاسم هو "النوبة" المشتق من الأصل "نب" في لهجة المحس ، أو من الأصل "نبر" في لهجة الدنقلاويين . وكلتا المفردتين تعني "الذهب" ومن هذا الأصل جاءت "النوبية " و"نبته" لتستعمل في التعبير المصري القديم . وفي ذلك يقول أحد الباحثين أن المنطقة التي كانت معروفة لدى الساميين القدماء وفي التوراة بأرض كوش والتي عرفها الاغريقيون والرومان بأثيوبيا بدأت تعرف منذ القرن الثالث الميلادي بالتعبير المصري القديم "نوبيا" الذي حل محل أرض كوش وأثيوبيا. فهل يصدر هذا الاسم تعبيراً عن أي مدلول يمت إلى هوية عرقية ؟ هل له علاقة بالانتماء إلى مجموعة سلالية معينة يميزها هذا الاسم عن المجموعات الأخرى من جهة الانحدار من أصل واحد ؟ ليس من شك في أن أصل المفردة وجذرها له مفهوم واضح في اللغة النوبية بمعنى الذهب كما أسلفنا . ومن هذا الأصل جاءت مشتقات كثيرة ، منها تسمية نبته التي تعني أرض الذهب . لذلك يمكن القول أنه من البديهي عدم وجود رابط بين الذهب والعرق ، بين المعدن والدم ، ولا علاقة للذهب بجنس السلالة أو العرق إلا أن يكون صفة للمشابهة بقرينة النقاء في كل منهما . فهل أضفت تلك المجموعات التي تواجدت في الممالك القديمة هذه الصفة على نفسها تعبيراً عن نقائهم العرقي ؟ ولكن من هم أولئك المجموعات المتشبهون بالذهب والمنتمين إلى أصول نقية بحكم السلالة ؟ إنه بتأكيد الباحثين ، سادت المناطق التي عرفت بأرض النوبة العديد من العناصر البشرية ، المحلية منها والوافدة ، الحامية منها والسامية . وهذا أمر يجعل من الصعوبة تحديد فئة بشرية معينة منها لتنفرد بالتسمية . فالنوبية ليست لها بالتأكيد أي دلالة عرقية بقدر ما هي تعبير عن هوية الأرض التي تحمل في جوفها معدنا مقدساً ونفيساً . وما النوبيون إلا كل المجموعات التي انتمت لتلك الأرض دون تحديد لهوياتها العرقية أو انتماءاتها السلالية . ولعل في اقتران الأسماء السودانية بهوية الأرض ، دلالات بانتماء حضاراتها لا إلى هويات عنصرية أو دينية ، بقدر ما فيها من دلالات بانتماء هذه الحضارات إلى هوية الأرض التي هي أرض الأقواس وأرض كوش و الأرض المبهمة وأرض الذهب " أرض النب" . إضافة إلى ذلك وبقليل من الاجتهاد غير المؤكد من لغة أهل الشمال من النوبيين الحاليين – والتي وجدنا كثيراً من المفردات القديمة وأسماء الملوك تمت أليها بصلة قريبة - يمكن رد اسم مروي إلى هوية الأرض , فالمفردة فيما تبدو تتكون من مقطعين هما "مري + اوي " . المقطع الأول بمعني "الذرة " والثاني بمعني " "يزرع أو ينبت" ليكون معنى الاسم حسب هذا الاجتهاد " الأرض التي تنبت الذرة ." ولعل هذا الاجتهاد قد يجانبه التأكيد متى ما عرف أن الذرة كانت معروفة في الحضارة المروية ولاسيما وأن هناك ما يدل على ذلك في نقش صخري على جبل قيلي " الجبل الأحمر" باللغة النوبية . يعبر النقش عن انتصار الملك المروي شركارير على أعدائه من الأكسوميين حيث يمثل أحد عناصر هذا النقش صورة لإحدى الآلهات تحمل في يدها اليمنى حزمة من الذرة التي تقدمها للملك المروي. فهل نجد في هذا التعبير ما يدل على معرفة المرويين بالذرة واعتبارها محصولاً مقدساً كهبة من الآلهة لنجد أثراً لصدى هذا التقديس في كثير من الطقوس السودانية حتى اليوم هوية السلطة والمقدس في الحضارات الكوشية : عرف السودانيون ولأول مرة فنون الحكم والسياسة والإدارة مع بداية حضارة كرمة . إذ أن كرمة كانت تتمتع بحكم مستقل وبنظام اجتماعي وسياسي مركزي لا يقل في قوته عن الدولتين المتجاورتين إلى الشمال ، دولة الهكسوس في الشمال على الدلتا ودولة المصريين إلى الجنوب في طيبة** (http://www.nubian-forum.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn22. حيث كانت الدولتان المتجاورتان تحاولان كسب ودها وإقامة علاقات معها للاستفادة من قوتها البشرية والاقتصادية . ولاشك أن هذا البعد العلائقي مع الشمال قد أضفى طابع الحضارة الشرقية الذي استمر حتى نهاية المملكة النبتية ، ليتراجع هذا الطابع الشرقي مع توجهات مروي الأفريقية ويعود بقوة مع دخول العرب المسلمين السودان , والمتوقع أن يتراجع مرة أخرى مع تركز الثروة في عمق الجنوب السوداني ومع نجاح الدعوة الملحة إلى السودانوية المستقلة . إن كانت حضارة كرمة تمكنت من إيجاد حكم على غرار الحكم الذي كان يسود في مصر، فلا بد وأن شرعية سلطة الأمراء والحكام كانت على غرار الشرعية التي يستمد منها الفراعنة شرعيتهم . وفي وقت لا نستطيع فيه الحديث عن أي صورة من صور القبلية التي يستند على نعرتها بعض الحكام في تركيز سلطاتهم ، يمكن حصر الحديث في طبيعة العلاقة بين الحكام ومجموع المحكومين، ومصادر الشرعية التي تمنح الحاكمين حقوق السلطة والحكم ، وتفرض على المحكومين واجبات الولاء والطاعة . إن طابع العلاقة بين الحكام والمحكومين في كرمة كان يحكمه نوع من القداسة كما كان الحال مع الملوك المؤلهين . ولا أدل على هذه العلاقة التقديسية من عادة دفن الضحايا الحيوانية والبشرية مع رب العائلة في نفس الوقت الذي يدفن فيه رب العائلة . ذلك اعتقاداً منهم بقدرة رب العائلة على حماية عائلته في عالم ما بعد الموت . إذ أن الضحايا كانوا ، كما لاحظ ريزنر، زوجات وأطفال وخدم رب العائلة . فإن كانت مثل هذه القدسية تضفى على رب العائلة لدرجة تضحية أفراد الأسرة بحياتهم في سبيل كسب حمايته في عالم ما بعد الموت ، فإنه بالضروري أن تضفى قدسية أكبر على راعي المجتمع في حياته وبعد مماته .هذه العقيدة الراسخة والتي انتقلت إلى الحضارة الكوشية أساساً من الحضارة المصرية لها علاقة بسلطة المقدس الذي يتحدث عنها الأنثربولوجيون السياسيون في المجتمعات البدائية . السلطة التي تستمد شرعيتها بتطابقها مع المقدس في نظر الرعية ، وتكون عادلة ومقبولة منهم متى ما سيطرت روح المقدس على الحكام والمحكومين للامتثال لإرادتها. إنها السلطة اللاقسرية التي يفتقدها الحكام في المجتمعات الحديثة ، والتي نادى بها أفلاطون في مثال "الناموس" والفارابي في مثال الشريعة لتجسيد العدل المثالي في الأرض . ولا شك في أن روح المقدس هذه كانت تسيطر في حضارة كرمة على الحكام والمحكومين . ولعلنا نجد مثل هذه السيطرة في عادة دفن التمائم والجعل والضحايا البشرية ما يدل علي الالتزام بالأوامر الروحية لسلطة المقدس . فقد ذكر أحد الباحثين أن الغرض من ذلك هو أن يعمل الضحايا في حقول أوزاريس حسب أوامره الإلهية . كما كان دور الجعل يرتبط بعقيدة لها علاقة بإله الشمس وأوامره بدفع الشمس إلى كبد السماء عند كل صباح . ومن الطريف أن هذه العقيدة التي تتحدث عن المهام التي تقوم بها الجعل ما زالت موجودة إلى يومنا هذا في أوساط بعض من أهل النوبة في شمال السودان. أما المملكتان اللتان ظهرتا بعد مملكة كرمة وعرفتا بنبتة ومروي ، فقد عبرتا عن ملامح حكم مركزي قوي وإدارة منظمة وجيش متماسك . هذه الملامح التي تعكس القوة الحقيقية للدولة النبتية ، جعلتها تتجاوز محليتها إلى آفاق العالمية بمفهومها الضيق في ذلك الوقت . لقد كانت نبته تمثل واقع الحضارة الشرقية المتوسطية التي تأثرت بها من حضارات مصر واستوعبتها وأصبحت المسئولة عن حمايتها . وهي التي "نفخت الحياة فيها من جديد حين أصابها شيء من الأفول، وشاركت في إنقاذها وحمايتها ، مما جعل من الإمبراطورية الكوشية قوة عالمية. عالمية نبته تجسدت في قدرتها للوصول إلى احتلال الدولة المصرية وضمها إلى التاج النبتي وتشكيلها للأسرة الخامسة والعشرين التي حكمت الدولتين معاً . كما تجسدت سمعتها العالمية خارج نطاق الدولتين في فرض حمايتها على الأمم الصغرى من السوريين والفينيقيين وأمراء فلسطين ودعمهم لصد الآشوريين الذين كانوا يسعون لتهديد أمن وسلامة المنطقة بأسرها. ولعل في ورود اسم تهراقه ، أحد ملوكها الأقوياء في التوراة ، دليل كاف على عظمة ملوك نبته وصيتهم التي وصلت إلى أقاصي الشرق المتوسطي وحضاراتها السائدة آنذاك . أما مملكة مروي التي كانت امتداداً سياسياً لمملكة نبته ، فقد مثلت امتداداً للحضارة المتوسطية إلى العمق الأفريقي لتعبر عن رمز الارتباط مع المحيط الأفريقي بفضل موقعها التجاري وقدرتها الصناعية التي تمثلت في صهر الحديد . هذا البعد الأفريقي الجديد هو الذي " أعطاها خصائص اختلفت من حيث التوجهات الثقافية والروحية والنظام الاجتماعي عن تلك التوجهات المصرية الصرف. وفي هذا الاتجاه ، يذهب المؤرخ دينز بولم عند حديثه عن أثر الحضارة المروية في الغرب الأفريقي إلى القول بأن "من مدهشات البرونز الذي اكتشف حديثاً في بلاد يوربا من نيجيريا ، بعض أشكال الزينة المرتبطة بتيجان ملوك النوبة. وفي ذات الاتجاه الذي يؤكد عالمية الحضارة النبتية وأفريقية الحضارة المروية ، يشير بازل ديفتسون إلي أهمية الدولتين ودورهما في بث الإشعاع الحضاري في الحقبة المبكرة لعصر المعادن . ويري أن الحضارة الكوشية التي تمثلها نبته ومروي تأتي على رأس قائمة الحضارات المعاصرة لها. هذه الممالك التي وصلت إلى ما وصلت إليه من العظمة لا بد وأنها كانت تتمتع بنوع من الاستقرار السياسي ولا بد وأن ملوكها كانوا يتمتعون بنوع من الولاء من جانب الشعب . وللنظر في مصادر شريعة السلطات الحاكمة ، نستعرض هنا أيضاً نظرية المقدس والتوجهات الروحية في هذه الممالك . التوجهات الروحية وعلاقات السلطة بهذه التوجهات واستمداد شرعية الحكم من هذه العلاقة ، سمة أساسية لتحديد الحقل السياسي في المجتمعات القديمة على النحو الذي يؤكده الباحثون في الانثربولوجيا السياسية من أمثال بالانديه وكلاستر. ويبدو أن مثل هذه التوجهات في نبته ومروي لم تكن غريبة عن توجهات الثقافة الدينية التي سادت تلك العصور والعصور السابقة لها . فقد كانت التوجهات الروحية سائدة ومحركة للحكام والمحكومين، كما ذكرنا ،في علاقات القيادة والانقياد والطاعة والالتزام في حضارة كرمة . لذا لا نعتقد أن ملوك نبته قد أحدثوا لهم هوية دينية جديدة باعتبارها أيديولوجيا سياسية تمكنهم من السيطرة على شعوبهم وفرض واجب الولاء والطاعة عليهم كما كان الحال مع الملوك الذين ينزعون من هذا المنطلق ، إلى الحق الإلهي لفرض سلطاتهم على شعوبهم. فقد كانت مثل هذه المعتقدات التزاماً أخلاقياً يتقيد به الحكام والمحكومون دون وصاية وعلى حد سواء . لهذا التزم أولئك الملوك بهذه المعتقدات وكانوا متدينين بطبيعتهم الفطرية ، ويؤمنون بقدسية المعبودات وعدليتها . وكانوا يرون أن سلطتهم لن تكون عادلة ولا مقدسة إلا بتطابقها مع تلك العدلية المقدسة ، ولا تكون شرعية إلا بالتزامهم بالأوامر الكهنوتية النابعة من سلطان المعبود المقدس . لذا فإن ملوك نبته ومروي كانوا يدينون بالولاء والطاعة لهذه المقدسات . ومثلما سادت عادة دفن الأحياء مع الموتى خدمة لأوامر اوزاريس ، فإن ملوك نبته كانوا يقدمون بناتهم لخدمة آمون من مناصبهن الإلهية كزوجات للإله المقدس سيد الوجهين القائم على جبل نبتة المقدس . إن إيمان الملوك بقدرة معبوداتهم واعتقادهم الجازم في عدالة إرادتهم هو الذي جعل أولئك الحكام ورعين وأتقياء يقدمون القرابين لكهنة الرب مثلما فعل الملك النبتي بعانخي وهو في قمة انتصاراته على تفتخت، ويقبل الأرض على أعتاب المعابد في طيبة ومنف. ولعل في مثل هذه الطقوس إشارات واضحة إلى الاعتراف الفطري بقوة الآلهة التي يعتبرها المثال الذي يجسد العدل والشرعية والنصر . ولعل في هذه السطور التي ننقلها من "لوحة الانتصار" دليل كاف على استراتيجية المقدس في تشكيل "السياسي"في توجهات أولئك الملوك. يوجه بعانخي جيشه المتقدم لفتح طيبه بكلمات التبجيل للمقدس دون أن يضفي هذا التبجيل على نفسه. ورغم قوة إيمان الملوك وخلوصهم لمعتقداتهم ، فليس هناك ما يجزم على إجبارهم لشعوبهم ليتخذوا من معبوداتهم الخاصة معبودات لهم . ولا نعتقد أن عبادة مقدس معين كانت فرضاً على الشعب كدين رسمي . فقد كانت حرية العقيدة مكفولة للجميع ، وإلاّ ما تعددت المقدسات ولا تنوعت المعبودات ما بين المعبودات المحلية والمصرية من حورس وآمون إلى مندليس وحتحور وابادماك . فكلها آلهات مقدسة في عرف الحكام والشعب على حد سواء . وما دام الشعب والحكام ملتزمين بعدلية المقدسات هذه ، سيظل الحاكمون في مثل تلك المجتمعات ، ممنوحين بالقبول العام دون حاجة لاستخدام القوة القهرية لانتزاع الطاعة والخضوع . مما تقدم، نستطيع أن نتبين ملامح هوية الأعراق في الحضارات السودانية القديمة على الوجه التالي: - - لا نستطيع الحديث عن وجود أعراق وقبائل متمايزة في تاريخ الحضارات السودانية القديمة. - العناصر السلالية الأولى التي سادت السودان في العصور الحجرية كانت عناصر زنجية . -هناك تأكيدات على وفود أجناس من خارج المنطقة واختلاطهم بالمحليين في المراحل التالية. وهم في جملتهم إما عناصر زنجية أو حامية أو سامية قدمت من المناطق المجاورة وامتزجت في بعضها مع حركة التاريخ. - طبيعة المنطقة الجغرافية وما تتمتع بها من مصادر مائية ، معيار حقيقي على إمكانية وفود عناصر جديدة إلى المنطقة مع التطور التاريخي للحاجات البشرية لمثل تلك المصادر. يعزى أسباب الهجرة إلى المنطقة إلى عوامل أساسية هي : - عوامل الجذب التي تتمتع بها المنطقة من توفر المقومات الاقتصادية بمعيار تلك العصور، وسهولة الوصول إليها عبر المنافذ السالكة مع إمكانية تكيف الوافدين مع البيئة الطبيعية والبشرية ودون إثارة عداء بينهم وبين الوطنيين من ذلك النوع الذي تثيره قلة الموارد الطبيعية - عوامل الطرد التي يردها بعض الباحثين إلى طبيعة المناطق المجاورة التي تتميز من جهة الشرق بطبيعة صحراوية تشح فيها الموارد المائية ، بجانب عدم الاستقرار السكاني الناجم عن الحروبات القبلية. كما تتميز الجهة الغربية ببيئة الصحراء الكبرى التي لا تحتمل الحياة إلا في قليل من أوديتها. ركز بعض الباحثين على هذين العاملين قي تأكيداتهم على وفود سلالات عرقية غير محلية إلي المنطقة واختلاطها بالعناصر المحلية .إلا أن التعويل على عوامل الطرد فيه شئ من عدم الدقة ، ويبدو أضعف من الاعتماد عليه بطريقة قطعية . إذ أن هذه العوامل منظور إليها من وجهة نظر معاصرة لطبيعة المناطق المجاورة مع تجاهل لحركة التاريخ الطبيعي. فليس من المؤكد أن تكون تلك المناطق المجاورة مناطق صحراوية بالفعل في تلك الأزمان السحيقة . لأن البديهي هو عدم احتمال تحول الصحراء إلى ماء بقدر ما يحتمل أن يتحول الماء إلى صحراء . إن وجود النيل اليوم دليل على أزليته كقوة طبيعية جاذبة . أما وجود الصحراء الكبرى فليس دليلاً قاطعاً على أزلية وجودها ولاسيما وأن هناك بعض الآراء التاريخية التي تقول بوجود انهار وبحيرات في الصحراء الكبرى ، وبدليل وجود بحيرة شاد ، آخر تلك البحيرات المستمرة في تراجعها نحو الجفاف مع اتساع رقعة الصحراء . لهذا فإن عوامل الجذب تبدو أكثر اتساقاً مع فكرة وفود أجناس من خارج المنطقة لتختلط مع عناصرها المحلية لتشكيل أقدم هوية بشرية لسكان السودان . - لم يكن هناك نوع من القبلية التي لها دور ما في تدعيم السلطات الحاكمة في الممالك الكوشية ولم تكن السلطات الحاكمة تستند على ولاء قبلي في بسط سلطاتها. - الالتزام بسلطان المقدس شرط أساسي في المجتمعات البدائية يكتسب من خلاله الحاكم طاعة المحكومين وولائهم . أن الحضارات السودانية القديمة تمثلت في الانتماء للأرض والثقافة بكل ما يجسدان من قدرات على التواصل بين الشمال والعمق الأفريقي . ودون أن تعيق هذا التواصل انكفاءات عرقية أو دينية . حيث كانت هوية الموقع والأرض تتحمل كل الهويات العرقية المحلية والوافدة وتصهرهم في بيئتها . وحيث كانت حرية الاعتقاد مكفولة للجميع ، والمقدس من حيث ما هو مقدس كان محله الاحترام والتجلة من الحكام والمحكومين . إن في مراجعة التاريخ وتجاربه الثرة وقراءته قراءة موضوعية ، دروسً خصبة لصور التعايش بين الأجناس المختلفة التي تجمعهما الأرض وتعقلها الحضارة وتمزجها البيئة ويصهرها التاريخ . فهل يعقل الإرث الحضاري السوداني كلاً من العروبيين والمتأفرقين من لوثة التعنصر ، ويوجههم نحو الحوار الهادئ والتكامل والاندماج من اجل هوية وطنية أساسها الانتماء للأرض ومظلتها القومية السودانية .
نفس المصدر السابق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: "أنحن عرب العرب؟" - لماذا يجب علينا تبرير عروبتنا تجاه الفضلاء من بني الجامعة الع (Re: عبدالرحمن الحلاوي)
|
الاخ محمد بدوي
تحياتي
في البداية لكم الشكر على الموضوع الهام واعتقد حسب وجهة نظري ان جدل الهوية في السودان لا يحتاج الى هذا الكم الهائل من السجالات واعتقد ان الجدل في هذا المجال حدث بسبب محاولة البعض وصف السودان بانه افريقي خالص في الوقت الذي يعتقد فيه آخرون بانه عربي قح.
وفي نظري ان السودان عموما وبحكم تركيبته السكانية الحالية لا ينتمي الى هؤلاء ولا الى هؤلاء بل بين ذلك مقاما . وللاشخاص والمجموعات العرقية المختلفة التخندق في اي خندق تراه .والنظر الى السودان نظرة شاملة تستوعب كل السحنات واللغات واللهجات كحالة تتجلي فيها قدرة الله الخالق الباري ..
وفي حقيقة الامر ان السودان حالة خاصة ومتفردة .
طرفة
كتب صفي الدين الحلي الى بعض الفضلاء و قد بلغه أنه اطلع على ديوانه و قال: لا عيب فيه سوى انه خال من الالفاظ الغريبة. فرد عليه الحلي بقصيدة هذه بعض ابياتها:
انما الحيزبون و الدردبيس *** و الطخا و النفاخ و العلطبيس
و الفطاريس و الشقحطب و الصقب *** و الحربصيص و العيطموس
و الحراجيج و العنفقس و العقلق *** و الطرفان و العسطوس أتراني ان قلت للمحب يا علو *** درى أنه العزيز النفيس
أو تراه يدري اذا قلت خب *** العير ان قولي سار العيس
والى الان تقف (حبوباتنا) في السودان عند بزوغ الهلال ليقلن (ياشهر التخا والرخا)و كلمة (الطخا) معناها السحاب الخفيف .. ومن المعلوم ان اهل السودان ينطقون الطاء في كثير من المواضع تاءا.
اما كلمة خب بمعني سار فهي شائعة عند جمهور السودانيين وفي ذلك قال شاعرنافي وصف جمل:
افج راسو مو اب قران مشيهو خبيب وسالك طاعة مو حران على ما الصفرولها وبارت الخيران مرة يهش ومرة ينش ومرة يهوقي للطيران
وهذا قيض من فيض نامل ان يتسع المجال للمزيد من البحث.
| |
|
|
|
|
|
|
|