فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة:

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 01:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-14-2011, 07:17 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة:

    فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة
    ضرورة الفهـم المتكـامل لعمليـة الثـورة ضد كافـة أسـس التـمركـز لا ضـد بعـض محـاوره
    نـقـد بـعـض طـروح كريـوس (1)



    ماهو منطق رفض التمركز والتهميش في نواحي الإجتماع والثقافة والسياسةً وقبول أليته الإقتصادية في آن واحد؟
    لماذا يتهم كريوس حركات التحرير بالتفريط في السيادة الوطنية ثم يسعى للتحالف معها؟

    طالعتنا بعض صفحات الأسفير ذات الشأن السوداني النوبي الواسع وقضاياه بكتابات جاهزة ومداخلات تلقاء، وردود عفوية موصولة بحزب مؤتمر الوطن السوداني الأم، وقرينه المسمى "المؤتمر النوبي" (نوبين كريوس) وصاحبهما. وقد تناولت هذه الكتابات التي بلغ طولها في نهاية مارس الماضي حوالى الأربعون صفحة، بعض النقاط المهمة للنقاش في قضايا الهامش والمركز. وقد جاءت هذه الكتابات في سياق شرح دعوة حزب كريوس وتاريخه وخلافاته وأرآه. وهو عمل قويم في عمومه. ولكن بفحص هذه الأراء وتمحيصها، يجد المرء إن ثمة إنبهام، وإعتوار، وخلط، ولبس، وإبلاس، في تحديد وعرض بعض النقاط أو في تناول بنياتها أو في تأطيرها أو في علاقاتها الداخلية أو حركتها أو في تواصلها وتواشجها مع غيرها بصورة موجبة.

    ويوضح وجود هذه النقاط بهذا الحال الجزئي الضعيف في طروح كريوس، ان ثمة حاجة إلى بناء فهم شمولي يختلف عن جزئية فهم كريوس، متميزاً عنه بشمول حركي للنقاط النظرية والعيانية للواقع السياسي في تراكيبها الإنسانية العامة والدولية والإقليمية والوطنية والمحلية، وبتركيب منسق متكامل لقواعد هذا الفهم ومحركاته وأساليب عمله يوافق في شموله تنوع عناصر وأبعاد الثورة السودانية وإنسجامها ضد كافة أسس وأشكال التمركز والتهميش، لا ضد بعض محاورها.

    أ - جانبين مهمين لتناسق عناصر وأبعاد فهم عملية الثورة السودانية:
     جانب خاص:
    يتمثل في تجنب التناقض الماثل في طروح كريوس وغيره من الطروح الشبيهة به، بين موقف رفض التمركز والتهميش في نواحي الإجتماع والثقافة والسياسةً، وموقف قبول الألية الإقتصادية للتمركز والتهميش في المستويات المحليةً والدولية، في آن واحد.

     جانب عام:
    * تجنب التناقض والتعارض والتضاد والإلتباس بين موقف رفض التقييمات الأحدية جهة الحكم كسبب لحالة التمركز والتهميش في جهة وإتخاذ مواقف متصلة بها في جهة علاج أزماته في جهة ضد من النظر والرأي، يخالف منطق الشمول ورفض الأحدية .

    * إحقاق بعض التسميات والإصطلاحات والمفاهيم، وتوضيحها، لتجنب لبس الفهوم بين عناصرها وبنياتها، وتفادي الإبلاس في إستعمالها السياسي خارج سياقاتها التاريخية والموضوعية مما قد يخلط المعان والأذهان والمواقف السياسية.


    ب- بعض دواع القول بضرورة الفهم المتناسق لعملية الثورة السودانية:
    إشتياب بعض طروح كريوس بلبس واضح في التسميات والإصطلاحات والمفاهيم بدءاً من إسم حزبه "مؤتمر الوطن السوداني" الذي يختصر حين التداول إلى "المؤتمر الوطني" !! على مافي ذلك من لبس سياسي خصوصاً جهة التقارب البنيوي بين المفاهيم الجزئية للحزبين السمييين الحاكم منهما والمعارض، وإتخاذ الحزبين من الأساليب الجزئية سبيلاً لعلاج مشكلات تفاقمت أصلاً من الأسلوب الجزئي لحل الإشكالات العامة. كذلك اللبس والبلس السياسي في إستخدام كريوس لإصطلاحات ومفهومات "السياسة" و"الثقافة" و"الحضارة" و"المجتمع" و"الهامش" و"المركز" و"الآيديولوجيا" وهي إصطلاحات مركزية بأي طرح سياسي. وهو الإلباس والإبلاس الذي يجعل كينونة طرح كريوس مثالاً سلب ودافعاً يوكد ضرورة التناسق المنطقي بين الإصطلاحات والمفاهيم الواردة في سياق كتابي واحد، وأهمية تأثيلها لتجنب تناقض أحادها وتفادي التعارض بين كليات الإصطلاحات والمفاهيم في جهة وجزئياتها التاريخية الإجتماعية الشاملة في جهة توجب الإلتقاء والإنسجام بينهما لا التنافر.

    فسياق التأسيس النظري المكتوب لأي حركة سياسية أو غيرها من أمور عامة- خاصة، يوجب ضرورات عدداً مثل:
     الحدة في النظر إلى العناصر والتفاعلات والوقائع والآثار وتاريخها
     لزوم المرء أوجه التحديد والضبط عند تناوله الأمور العامة
     التنسيق الموضوعي لهذه الأمور حين صوغها ووضعها منظومة في سياق نص مؤسس لحركة سياسية
     الوشج المعرفي للمفاهيم المجردة وتشكيلها بصورة موضوعية تتصل وقائعها الخاصة بالواقع العام المراد تغييره
     الإفهام المدقق للإصطلاحات بما يجاوز المنظِر والمتلقي بعض الإشكالات التاريخية المتعلقة بها
     التأثيل العام لهذه الإجراءات بتوخي البسط والقبض العادل الرؤوف الرحيم بسياقات الطرح السياسي: الكتابية، والتاريخية الإجتماعية بحيث لا يأتي النص المكتوب لأجل التقدم الإجتماعي والثورة، خائفاً ومتخلفاً ومحافظاً ورجعياً في أفكاره وطروحه، ولكي لا تكون الأفكار والطروح المعني بها إطلاق الثورة مأسورة مكلومة أو ذات كينونة قابضة تضاد الإنفتاح المطلوب في السياق الذي تم تخديمها فيه.

    ج- المهمة والضرورة والهدف من نقد طروح كريوس الجزئية المفككة وإبدالها بفهم شمولي متناسق:
    تبدو أهمية التناسق في النصوص السياسية والطروح المرتبطة بها في السودان والعالم ضرورة لتكتيل الجزئيات وقائعاً وأسباباً وعلاجات ولرص هذه الجزئيات وفرزها ووصلها في الطروح والنقاشات بصورة تفيد التقدم السلس للأفكار والدعوات من حالة المفردات المفككة والتناقض الجزئي بين أفذاذها وأحوالها إلى حال الوحدة الجدلية الأعظم والصراع الشامل ضد نقائضها، ومن حالة الإنتباه إلى بعض نواحي المجد القديم والغفلة عن نقده إلى حال الإنتباه إلى نقده وطرح الجديد، وإقامة هذا الجديد المتقدم نوعاً من خلايا الواقع، بكل مافيه من موات وتناقضات صغرى، ولحم هذه الخلايا بالفكر المتقدم نوعاً، مثلما تلحم ذرات الأسمنت الدقيقة الضعيفة بالمياه، ونفخ الروح الثورية فيها بالعرض المتناسق للوقائع والحلول المطلوبة لها والوسائل الضرورة، لإنجاز هذه الحلول مما ينمي الوعي بها، ويفتح أفاقاً جديدة لحركة الإنسان.

    ودون التناسق والإحسان في تقديم الطروح، بتقديمها مختلة تختلط فيها الأسباب والنتائج جئيةً وذهابا في الموقع التاريخي الواحد دون معيار موضوعي، فإن ذلك مما يضيق النقاش إلى حد الصمت والسكوت أو يشعبه إلى الإنبهام، أو يحوله خلافاً وخصومة لدود بين فردين تتأجج في لجاجتها الهنات والرزايا وتعج منها الأعطاب، مما لا يفيد أجيجه وعجيجه الشخصاني في تنقيح فكرة أو رأي أو ينفع في تطوير عمل عمومي، أو يفيد في تقدم جماعة أو شعب، فالخلاف المشخوص نهجه محو فضل الآخر، أما تمحيص الأفكار والأرآء فسياقه إبتغاء النفع العام بنهج تقوية الفكرة أو الموقف المستدعي لطرح الأفكار، وذلك منه بكشف موجباتها ومألاتها والعلل والأخطاء التي تشيب حركتها من الموئل إلى المئآل، وإبانة بعض السبل والعلاجات الفائدة لها.

    ونقد العلل المعينة التي إشتملت بعض طروح كريوس، هي محاولة لتعزيز تطور الثورة السودانية ضد كافة أشكال المركزية غير الديمقراطية، وبيان شمولية أسسها وأليآتها وكشف جانب من زوف الليبرالية وتمركزها الرأسمالي وتسبيبها الحالة الأليمة للسودان، بمركزة الليبرالية لموارد البلاد وتهميشها جهود الناس ووضعها والبلاد بأسرها مهمشةً في النظام الرأسمالي العالمي لصالح إنماء المراكز المالية والبنوك الدولية. كذلك يروم نقد طروح كريوس كشف ما يتصل من الليبرالية وسوقيتها بزيادة التهميش داخل السودان في جانب تمركز سوقية هذا الوضع وزيفه وظلمه في طروح السياسية المدنية وفي الطروح الإنقلابية العسكرية، السائدة وفي الطروح الشعبوية والإشتراكوية العامة، وفي الطروح الإقليموية التي تميز بعض نواحي الخطاب الكريوسي، فحيثما وجدت الحرية للحياة التجارية، وإمتلاكها الموارد وتحديدها قيمة العملات والنقود والاجور والأسعار وجدت إنتقاصات بنيوية لحقوق الإنسان، وبناء هرمي متماسك لأقوى عوامل التمركز والتهميش.

    وبالطبع فإن هذا التمركز يأخذ في الكتابات السياسية شكالاً مختلفة تواشج الطروح السياسية ولكن بعضها يظهر في نسب التفارق والتعارض والتناقض والحرب بين الإصطلاحات والمفهومات والسياقات الجزئية والكلية لها، مثل:

     تحدث كريوس عن التأمين والعمل السري في جهة ثم إعلان أسماء عدد من المتعاملين بطروح النضال المسلح، خاصة من مواشجي الحزب الشيوعي السوداني، في جهة ضد لسياق حديثه! مخفياً أسماء غيرهم من شيعته.

     الكلام عن رفض تنزيل الديمقراطية في جهة ثم الإشتطاط على تجمع وطني ديمقراطي بكامل هيئته العلنية وتنظيماته الجوانية ، مثل التجمع النوبي لسبب من رفض هذا التجمع تنزيل ديمقراطية معينة عليه، ومن فرد معين، في جهة ضد!

     إدعاء متحدث كريوس رفض العصبية في العمل السياسي والتمسك بضرورة ديمقراطيته وعلنيته رغم إقراره بتكوينه تنظيم كريوس من بعض أقاربه وصحابه، بإبعاد عمد وإقصاء مقصود لأصحاب الرأي الأخر!،

     التحدث بأهمية الإنفتاح، وإكمال الطوق الجغرافي للثورة على المركز- غير الجغرافي- وتوحيد قوى الهامش ضده ثم كيل الضربات (هنا وهناك) للحزب الشيوعي السوداني، ولغيره من تنظيمات الهامش واصفاً الحزب الشيوعي بالإنتماء للآيديولوجيا العروبية الإسلاموية، وهي "آيديولوجيا" نصبها كريوس وحملها مسؤولية الظلم والتهميش في السودان، ولم يحسبها كغيرها من الأداليج ناتجة النظام الطبقي العام وتابعة له [ النظام الذي يجدده كريوس بقصد أو بدونه]، ظالماً نفسه، والحزب، وشيعته الأقربين

     إيماء كريوس إلى إنتهازية وخيانة تنظيمات الهامش في الجنوب( الحركة الشعبية) ودارفور (حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة) وبيعها بالسكوت أجزاء الوطن المنهوبة والمحتلة لقاء المساعدات التي تتلقاها من الدول المحتلة لأجزاء من السودان، ثم الكب للتحالف مع هذه التنظيمات – غير المؤتمنة- بمواثيق وعهود، تمتد من التحالف الفيدرالي إلى جبهة الشرق في لندن، ثم ممارسة نفس المتحدث الوطني –التاهم حركات التحرر بالخيانة- سكوتاً معيناً جهة شروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي يفرضها على السودان وعلى معظم دول العالم الثالث، وهو يتجول في لندن وأنحاء الخرطوم والقاهرة وفي الدوائر الدولية، متكلماً –بمنطق ضعيف- عن الإقتصاد والثقافة، داعياً لتعامل سوقي مع مقتضيات التحرير!!

    فضمن كل إشارة من هذه الإشارات نجد تباعداً وتنافراً بين لغة خطاب الكاتب وأحوال تلك اللغة في الواقع ، بما يهرئي أحوال التقدم الإجتماعي، ويفتت عناصر الثورة. مما نقدم بعض تفاصيله بالصفحات التالية:

    1- الإلتباس الوطني -الإثني في طرح كريوس:
    يطرح كريوس حديثاً زوجياً عن كوش نوبية مفتوحة الثقافة تعادل السودان ثم عن كوش نوبية محددة إثنياً ولغوياً تعادل الوجود (الإثني) الحال للنوبة من حلفا إلى دنقلا بترواح بين الموقفين وتأرجح حسب الموقف الشخصي|السياسي للطرح. راجع القول:
    (( إن المؤتمر النوبي (نوبين كريووس) يتجاوز في نظرته إلى النوبيين التعريفات الإقليمية الضيّقة والتي ارتبطت بالنيل ما بين أسوان إلى دنقلا ثم من تحدّروا في ماضيهم البعيد من المجموعات النوبية القديمة كمجموعة الجعليين الكبرى (من شمال الخرطوم نزولاً إلى الدبّة بأقصى الشمال) فضلاً عن المجموعات النوبيية التي استقرّت منذ أزمانٍ بعيدة بأواسط السودان. إذ تنهض رؤيتُه على نظرة شاملة للنوبيين بمختلف مرجعياتهم الجغرافية والإثنية شمالاً ووسطاً، غرباً وشرقاً، ثمّ مادّاً يدَه بعد ذلك إلى المجموعات القرابية النيلية بالجنوب، مغطّياً بذلك جميع السودان)) ثم قس مباشرة قوله السابق إلى القول التالي: ((فللانضمام إلى ذلك التحالف العريض كان ينبغي أن يكون لنا تنظيم سياسي يمثّلُنا كنوبيين)) ثم قارنه بالقول البديل: ((وقد كان المؤتمر النوبي (نوبين كريووس) رائداً في هذا المجال فقد عمل مع باقي مجموعات الهامش على صياغة مانيفستو مؤتمر الوطن السوداني المتحد the Congress of United Sudan Homeland (CUSH) الذي تم طرحه أخريات تسعينات القرن الماضي)) والمؤتمر المذكور محاولة موقرة لتطوير وتنويب مؤتمر المستقلين (المؤتمر الوطني. الأصل) بالقول السديد ((بهذا لا تقف دعوة المؤتمر النوبي (نوبين كريووس) في الانضمام إليه على النوبيين بشمال السودان فقط إلى، بل تتوسّع لتشمل جميع السودانيين بصرف النظر عن خلفياتهم الإثنية. إذ إن الانخراط في ركب القوى المهمّشة التي رفعت راية النضال هو واجب على كلّ سوداني. إن انبثاق ثورات الهامش وهي في حال حدودها الثقافية والإثنية لا ينبغي أن يُعزى إليها بل إلى طبيعة الاستهداف الموجّه ضدّها من المركز والذي يقوم على التفرقة ما بين العروبة والأفريقية ومن ثمّ إعلاء الأولى وإزراء الثانية كمقدّمة نحو الاستهداف الجسدي والتصفية وذلك بعد اكتمال دائرة التهميش الثقافي والتنموي. لهذا يصبح الانتماء إلى المجموعات المهمّشة واجباً وطنيّاً شفيفاً لا يتصدّى له إلاّ الوطنيون الأذكياء. هنا لا يهمّ من أي مجموعة إثنية أنت، ولا إلى أي مجموعة إثنية مهمّشة قد انضممت، طالما أن الأهداف قومية، فكلّ الطرق صارت تؤدّي إلى روما.)) وقارن ذلك بالقول:(( واجهتنا نحن النوبيين، الذين شاركنا في صياغة ذلك المنافيستو))
    فإن كان طرح ذاك الإئتمار المذكور طرحاً وطنياً، لاجهوياً ولاقبلياً، فما هو تأثيله للكينونات الإثنية، وما حاجته العامة إليها؟
    وما هو وجه تحديده هذه الإثنيات؟ وماهو عيار تركيبها الجغرافي السياسي؟ ولماذا سبقت صياغة منفستو المؤتمر الفرز الإثني؟

    كذلك يمكن مقارنة حال (المواجهة) السابقة في قول كريوس ((واجهتنا نحن النوبيين)) ودغمها كحال إيجاب للإصرار والتحدي بأوصاف سلب للمهمومين بقضايا الهامش والمناضلين لها، أوصافاً تتراوح معانيها بين الإنتهازية والخيانة. بينما هم في الواقع قادة مناضلين في الحركة الشعبية لتحرير السودان، وفي حركة تحرير السودان، وفي مؤتمر البجا، وفي الحزب الشيوعي وفي حركة تحرير كوش أزراً لحقوق الإنسان في السودان وحرياته. وفي هذا النضال الذي يغمضه طرح كريوس هناك من غيبته السجون والمعتقلات ومنهم من ذهب شهيداً. بينما يتراوح وصف كريوس لهم ولمن شايعهم مرة بوطنية الذكاء أو بالذكاء الوطني ومرة أخرى بمعان مضمرة بين الإنتهازية والخيانة! وخير دالة على هذا الإتهام الأنوي الغرور وغير المنصف تظهر في قوله:
    ((وقد سكتت العديد من قوى المعارضة عن هذه الانتهاكات لحدودنا السيادية نسبةً لرهنها لإرادتها لحكومات البلاد التي تحتلّ هذه الأراضي جرّاء المساعدات التي ظلّت تتلقّاها منها. إننا في المؤتمر النوبي (نوبيين كريووس) نعتبر موقف القوى السياسية والرسمية من هذه المسألة حاسماً في التعامل معها. فمن يفرّط في شبرٍ من الأرض المقدّسة لا يجوز للشعب أن يأتمنه على البلاد))
    وهو تعبير تقييم منولوجي لا يهتم بموضوعية وقوف أفراد هذه الحركات وقواهم في هذا الموضع من مواضع الصراع الطبقي أو ذاك، ولا بطبيعة أسس هذا الصراع أو أشكاله، لأسباب قد تكون أشد موضوعية من هذا الصراع نفسه بين الطبقات المتملكة موارد الإنتاج وأدواته والمتحكمة في السلطة، والطبقات المحرومة منها والمهمشة في السودان بهذا التملك، على ما بين هذه الطبقات من شبه أو إختلاف في أشكالها وسحناتها ولغاتها وفولكلورها.

    2- المقرطة القومية ، والديمقراطية الإثنية :
    يتحدث كريوس عن العلمية والعلنية في تأسيس التنظيمات وعملها والصبر على إنماءها، بينما أتى حديثه مع التجمع النوبي عفوياً ومخالفاً للأطر المؤسسية، فقيراً في تعريف التجمع بصورة منظمة ديمقراطية بالمواثيق التي أزمع دعوته إليها. وقد سبب هذا الموقف العفوي والإرتجالي جهة دعوة التجمع النوبي، وبرره بظروف أمنية، وهذه ظروف يفهم منها تعذر العلنية، ولكنه زاد عليها حجة الظروف السياسية، وهذه حجة نقيض حجته في توخي العلنية نفسها والحرص عليها، فكيف يطلب كريوس من الناس الخروج بنداء لم يشاركوا في صياغته؟ على تجاهل فعله العفوي والإرتجالي فضل التعريف المسبق والمؤتمرات التأسيسية في تكوين الرأي والموقف السياسي وصقله. وهو حال إن عذرته ظروف الأمن فقد كان يمكن تعويضه بالإعلانات العامة المبدئية للإتفاقات الأولى ومعرفة فضلها في إعلان وتوثيق القول والفعل السياسيين وحفظ الحقوق والمواقف التاريخية، بدلاً من التغالي بالأولية السياسية في أواخر التسعينيات، والغرور بالخطى الأولى كما بقوله: (( واجهتنا نحن النوبيين، الذين شاركنا في صياغة ذلك المنافيستو)) بدلاً عن قوله بتحديد أصدق: نحن فلان وفلان شاركنا كأشخاص في كذا أو كذا. ففي عملية تأسيس تنظيم عام، عد صاحب الحديث نفسه ممثلاً لقوم أجمعين بالمعني العرقي أو بالمعنى السياسي، ولكن دون تفويض منهم في الحالين. حيث أقر صاحب الحديث نفسه ليكون عضواً في تلك المؤسسة التي شارك في تأسيسها إلى موافقة جماعية ممن قام - بشكل ما- بإدعاء تمثيلهم في صياغة منفستو تأسيسها! وإثباتنا لتلك الحاجة بقوله:(( فللانضمام إلى ذلك التحالف العريض كان ينبغي أن يكون لنا تنظيم سياسي يمثّلُنا كنوبيين))


    3- الإقصاء :
    تضارب حديث كريوس عن الديمقراطية والعلنية والتواضع في العمل والطرح السياسي وحديثه عن إجتراحات العمل السري. كذلك تعارض إدعاءاته الديمقراطية والعلنية وقيامه بالإتفاقات الإنتقائية والإقصائية لتكوين التنظيم، وذلك بقيامه بالإتفاق مع مجموعة خليط من علاقات أسرية أو رافضي التجمع النوبي كتجمع وطني ديمقراطي. فما كان أمر تلك الإتفاقات الإنتقائية والإقصائية إلا مخارجة من مأزق إدعاء تمثيل النوبيين في تنظيم جديد، دشن بمصادرة للرأي الأخر وحق الإختلاف، ونبذ فائدته في تمحيص الطروح والأراء، وإخراج ما هو أجمل وأنفع لواقع المعنيين بالأمر. راجع قوله: (( ولي أن أعترف بأن اختيار الحضور في مجملهم كان قد تمّ بانتقائية تامّة؛ أي أننا دعونا من كنّا نرى أنه لا يعترض على العمل السياسي النوبي. ما دفعنا إلى ذلك ليس الأسباب الأمنية فحسب بل الحرص على عدم تشتيت الجهود بدعوة أناس نعلم مسبقا أنهم سيعترضون))

    4- الدور المجيد الذي نسبه كريوس إلى الحضارة العربية الإسلامية والدور الحقير الذي نسبه إلى العروبية الإسلاموية:
    إلتباس الحديث عن تأسيس الدولة بالإيديولوجيا العروبية الإسلاموية بالحديث عن نشوء المركز جراء الإنغلاق الذي أصاب الحياة النوبية وجعلها في حاجة للدور الحضاري للثقافة العربية الإسلامية!! مما تجد دالته بقول كريوس:(( مؤسسة الدولة في السودان تشكلت وفقاً لأيديولوجيا ثقافية ودينية أحادية)) وتوكيده ذات القول: ((الطبيعة الأيديولوجية للدولة السودانية الحديثة حيث قامت على الأسلمة والاستعراب بوصفها وعياً اجتماعياً ـ ثقافياً ( أي أيديولوجياً)، إذا قسناه بمقياس الإسلام، لن يكون إسلامياً، وإذا قسناه بمقياس العروبة، فلن يكون عربيأً. إننا ضد هذا الوعي الأيديولوجي الذي يتخذ من العروبة والإسلام قناعاً لتسويغ القهر والاضطهاد الثقافي والعرقي)) ثم أنظر ما يخالف بعض القولين السابقين في هذا "التحليل" غير الرصين : (( لعبت الثقافة العربية ـ الإسلامية دوراً مجيداً في السودان، إذ دخلت معترك الصراع الحضاري فيه في فترة كانت المجتمعات السودانية تعاني من الانغلاق، فكسرت طوق الانعزال. في ظل كل هذه المعطيات نشأت مؤسسة الدولة وفق حرائك الأيديولوجيا العروبية وما تبع ذلك من تمركز وتهميش، وما ذلك إلاّ لأن الأحادية الثقافية كانت هي عملة الوقت آنذاك)) وللفائدة من هذا الرأي والتحليل نعرضه على أسئلة قد تساعد الذهن على تغزير فوائد هذا الطرح وذر مغارمه، فحصاً لمنطق مكوناته، وتمحيصاً لطبيعة إتصال مقدماته بنتائجه، ولمعرفة إتفاق طبيعة هذا الإتصال مع خصائص وجود وحركة الإشياء في الطبيعة مثل:

     هل مجرد (دخول) ما سماه كريوس بإسم (الثقافة العربية ـ الإسلامية) إلى أي مكان "مغلق" هو "مجد" ؟
    فإن كان ذلك كذلك فإن كريوس يبلس معيار القول بالعزلة والمجد لثقافة دون غيرها؟ فما هو مجد قيام الثقافة العربية بـ(إخراج) النوبيين من العزلة؟ وإلى أي جهة أو حال كان إخراجهم بالحروب والبقط؟

     لماذا يغمض حديث كريوس تنوع وتفرق هذه (الثقافة) العربية والإسلامية؟ رغم إختلاف أحوالها منذ سنواتها الأول عن نصوصها القرآنية في التوحيد والمساواة ضد الطاغوت وتراتبيته الربوبية: رب لأرض الكلأ، ورب لبئر الماء، ورب لنار الطاقة، وإنمساخها المتدرج عن ذاك الحال الراقي للتوحيد والإسلام الملغي للتراتب والملكوت إلى ممالك عربوية وإسلاموية عضوض؟. وهل كانت تلك الممالك العضوض التي أنتجت بتمركزاتها الإقطاعية -ذات الشكل الديني القبيلي- حالة متفاقمة من التهميش نالت العرب والمسلمين من الناس آنذاك وحتى الآن هي نفسها مصدر الدور المجيد للحضارة العربية الإسلامية، في النوبة بكل ما في ذلك المجد من حروب وبقط وإستعباد؟.

     هل الثقافة سواء أكانت "عربية إسلامية" أو "نوبية" هي كتلة واحدة؟ وما هي عوامل التقدم الإجتماعي فيها والإنفتاح؟
    وما هي عوامل التخلف فيها والعزلة؟ ألهذه العوامل صلة بأحوال المال عصب الحياة والإقتصاد وحاكميته وسلطانه وحكومته؟

    إن جواب هذه الأسئلة يكشف ضعف وإرتباك طروح كريوس -بإرتباك تعبيره- عن الدولة والثقافة والحضارة مما يزيد الحيرة جهة طبيعة فهمه للدولة التي شكلتها حضارياً هذه الثقافة، أو للثقافة التي شكلتها حضارة هذه الدولة -بإرتباك تعبيره- التي رأى إنها أخرجت النوبة من الإنعزال وتعارض ذلك مع نص حكمه التاريخي عليها : (( نحمّل مؤسسة الدولة مسئولية التمركز والتهميش وما نتج عن كل ذلك من ظلم وحيف)). الذي يكشف عن إعتقاده بان التمركز والتهميش ثاني لنشوء الدولة وتابع لها.
    ولكن لإختبار موضوعية هذا الحكم نفسه نعرضه أيضاً على مجموعة من الأسئلة إن تماسك منطق إجاباتها عددناه مفيداًَ وإن تباعد منطق كل إجابة عن غيره صار الحكم صحيحاً من حيث شكل إصداره وغرضه السياسوي وفاسداً من حيث تحييثه وموضوعيته، والأسئلة هي:

     ما هو الخير في نظام الدولة أصلاً ؟

     وهل كانت الدول النوبية الإستعبادية القديمة بكل فراعينها خلوة من التمركز والتهميش؟

     وهل إذا ما قامت دولة نوبية ديمقراطية ليبرالية (صرف) سيختفي التمركز والتهميش داخلها؟

    وهل الدول غير العربية وغير الإسلامية خالية من التمركز والتهميش والاضطهاد الثقافي والعرقي؟

    إن الإجابات التي قدمها التاريخ على هذه الأسئلة، تجعل الحكم الذي أصدره كريوس حكماً معاباً بالبطلان، فإن تمتع ذاك الحكم سياسةً بالصحة من حيث شكل وجهة صدوره، كرأي سياسي، فإن نسبية الإجابة على الأسئلة أعلاه تكشف فقدان حكم كريوس للحجية بغياب التحييث الموضوعي لمقتضياته: وهوفقدان يظهر بملاحظة ضعف هذا الحكم في تحديد عناصر الوضع وطبيعة وجودها وعلاقاتها و نقاط تنازعها، إضافة لضعف إيضاحه لعناصر النزاع أو الجريمة والعلاقة السبيبة بين كل من الجريمة، والفعل الجرمي الذي سببها، وبينهما معاً ووجود المتهم بها، وظروف إتهامه، فهو حكم مشوب بالبطلان وبإفتقاد المشروعية التي قد يتوخى تحقيقها في مجالات السياسة والثورة فهو بطبيعته السطحية والجزئية لا يؤسس موقفاً ثورياً جذرياً ولا يصل إليه.

    5- بعض العوامل التي قد تكون واشجت طرح كريوس عن (مجد الثقافة العربية في معترك الصراع الحضاري في السودان) :
    أ- إستخدامات ملتبسة لمفهومات إصطلاحي "الثقافة" و"الحضارة"، ولبسهما بمفهوم "الفولكلور" ثم لبس مفهوم "الفولكلور" نفسه بـ"اللغة" [كمؤشر على فولكلور مختلف وعلى ثقافة مختلفة]. بشكل يضيق ما وسع من رؤى عن الثقافة حاصراً هذه "الثقافة" في عناصر معينة، تختلف نقاطها الحدية عما يتطلبه التحرر الوطني من نظر شمولي لعناصر ومجريات الحياة الإقتصادية والإجتماعية-السياسية وإرتباط تكاملها وتنافرها ثقافةً بأسلوب عيش الناس وكسبهم قوتهم. وهو ما يشكل بعناصره وتفاصيله وجدلها حالتهم الثقافية. فأدبيات التحرر الوطني تقدم الثقافة مظهراً لحياة الناس، تأخذ هيئتها من طبيعة عيشهم، بمواشجة تحددها لإنتاج المجتمع والطبيعة الموضوعية لحياة الناس وكسبهم عيشهم، وإن تميزت بعض عناصر الثقافة مثل اللغة والدين والعصبية بالبطء عن مواكبة التغير السريع في الحياة، وبقدم بعض العناصر فيها، فإن الثقافة ككل بمنظور التحرر الوطني لا تنحصر بكونها خصيصة عنصرية لمجتمع ما أو لغوية، بل تشمل الثقافة كافة مظاهر ومضامين الحياة الإجتماعية وأسسها، لذا تجد إختلاف الثقافات بنطاق المجتمع الواحد وفي داخل الشعب الواحد وفي نطاق اللغة الواحدة وفي النوع الواحد وفي المهنة الواحدة بمقادير متنوعة، يمكن للناس كافة تقدير تفاوت تأثيرها في تشكيل الحال أو الحالة الثقافية في كل مجموعة وإقليم أو دولة .

    وتوكيداً لمعنى الفقرة أعلاه يمكن ملاحظة الفروق بين ثقافة سيد الأرض المقيم فيها وثقافة الفلاح الاجيرعليها والمقيم فيها أيضا.ً كذلك إختلاف ثقافة الرأسمالي النوبي عن ثقافة العامل النوبي، وإختلاف ثقافة نوبيي بنوك فيصل والشمال والحكومة-على كثرتهم- عن ثقافة نوبيي حركة كوش القلائل، وإختلاف ثقافة الصادق المهدي عن ثقافة نُقد، وثقافة جوزيف لاقو عن ثقافة الشهيد جون قرنق، كذلك إختلاف ثقافة كارل ماركس عن ثقافة باور، وثقافة ماو عن ثقافة كونفوشيوس، كذلك ثقافة الجلابي صاحب التجارة في السوق عن ثقافة العربي البدوي في الخلاء، وثقافة بدوي الخلا هذا عن ثقافة زعيم العشيرة. كذلك إختلاف ثقافة البدوي والتاجر والزعيم عن ثقافة أبناءهم الشيوعيين عمالاً كانوا أو المهنيين. كذلك كان إختلاف ثقافة الفرد النوبي عن ثقافة الفرعون النوبي في عيشه ومماته. وإحتلاف ثقافة نوبيي الكلاكلة المهنيين عن ثقافة المزارع النوبي في الشمال، وكذا إختلاف ثقافة بعض المسلمين الأول -بطبيعة كسبهم من عمل يدهم وبرهم وإنفاقهم العفو- إختلافاً بيناً عن أحوال (ثقافة) البداوة الرعوية، وعن الثقافة الحضرية الربوية اللتين سادتا على جزيرة العرب ولم تزلا .

    كذلك يختلف مفهوم "الثقافة" في كينونته كأسلوب عيش إقتصادي بتمثلاته الإجتماعية السياسية عن مفهوم "الفولكلور"، حيث المفهوم المألوف عن "الفولكلور" يرتبط بالحال الموروث لأشكال السكن والكلام والطعام واللبس وتقاليد الفرح والترح وحل المشاكل والدعوة للحرب. وبهذا الطرح المعتاد لكينونة الفولكلور نجده تابعاً للثقافة، التي هي كينونة العيش في تمثلاتها يجيئ ترتيبه منها تالياً لها ولاحقاً، وثانياً، وبعداً.

    وبهذا التصور الذي يوضح المضمون المحرك من الشكل التاريخي للأشياء المتحركة يمكن تفسير دقة الفولكلور وتواضعه وإندثاره في الغالب في العدد من الأحوال أمام غلبة المنطق (الوافد) الجديد للعيش، وثقافة كياناته المصنوعة تفاصيلها في بيئة مختلفة وفق أساليب إنتاج وثقافة مختلفة. فمظاهر الإنتاج والإستهلاك الجديد تؤسس جميعها ثقافة جديدة في قلب ثقافة المجتمع التقليدي المأزوم طبقياً وإنتاجياً. مما يتضح جهة إندثار كثير من المجتمعات البدوية ثم الزراعية شبه الإقطاعية ما قبل الرأسمالية بأحوال رسملة الأرض والإنتاج، والتمويل الراتب للتسوق، والملابس المصنعة، وأنواع واساليب الطعام الشرقية والغربية، والتنقل بالسيارات، وهيئات التواصل بين الأفراد، والوسائط الرقمية للإعلام، وغيرها من منتجات الحضارة الرأسمالية التي تزيح الأشكال المألوفة للبس والطعام والسكن والكلام والمظاهر المألوفة الفرح والعزاء. مما يرى حالاً في مظاهر الإندثار الذي تواجهه المظاهر التقليدية للحياة النوبية بفعل الحياة الحديثة الرأسمالية المتمركزة خارج النوبة والسودان، والمسلعة لأسس الحياة وتفاصيلها.

    بيد إنه يمكن فهم موقف كريوس الجامع أحياناً بين الثقافة والفولكلور واللغة وادابها وفنونها كما في قوله:(( وكذلك سياسة الأحاديّة الثقافيّة القائمة على تمكين الثقافة العربية مقابل إضعاف الثّقافات السّودانيّة الأخرى، هي مجرّد سياسات خاطئة تبنّتها الدّولة. لكنّها ليست خطأ اللغة العربيّة والثّقافة العربيّة بأيّ حال من الأحوال. إن ما نحن بصدده هو التعددية اللغويّة وليس الأحاديّة اللغويّة. هذه العملية النهضوية تستدعي تحريك مجمل أجناس الفولكلور النوبي ذلك لأن اللغة تُدرّس عبر أدبها من حكاية، أساطير، تاريخ، غناء، أحاجي، ألغاز ... إلخ. إن التاريخ النوبي في العصر الوسيط بعيد سقوط الممالك النوبية المسيحية وقيام العديد من الممالك الإسلامية المشيخية عرضة للضياع نهائيّاً)) ففي هذه الفقرة من طروح كريوس نجد إن تصوره للثقافة والفولكلور ملتبس بالوضعية التاريخية الإجتماعية السياسية للغة سواء أكانت عربية أو نوبية، وهي وضعية ربطها بظروف موات أو حياة الفولكلور ناسياً إن اللغة الإنكليزية تجتاح العالم بكل لغاته رغم مظاهر الإستقلال البادية على كثير من دوله، رغم تواضع وجود الفولكلور الإنكليزي (إن وجد بالمعنى المتعارف عليه) وسطحية أبعاده حيث لا يتجاوز طول جذوره ألفية واحدة، ولا تتجاوز مواقفه الفلسفية في أعظم أحوالها سياسة (فرق تسد) وبعض هذه المفارقات قد يبين إن كريوس في تعلقه باللغة قد فارق المنطق التاريخي لوجودها، ووجود الفلكلور وهو منطق الإنتاج الإجتماعي ونشوءه وتطوره وإرتقاءه وتدهوره جراء التماثل أو التنافر بين القوى المنتجة التي تكسب المجتمع وموارده الحيوية والنشاط، وعلاقات الإنتاج التي تقوي هذه القوى المنتجة أو تضعفها بالإبخاس والإستغلال والتهميش.

    فمن طبيعة الإنتاج والحياة في مجتمع معين وإمكان تقدمها أو إندثارها، تنشط في المجتمع أو تضمحل أحوال اللغة و آدابها وفنونها، ولكن طرح كريوس الدارس للفولكلور يشيء بفهم بسيط للفولكلور يعزله عن طبيعة الحياة البشرية في مجتمع متفاعل كما يختزل كريوس الفولكلور حالة لغوية –سياسية تنهض بإستدعاء مجهول الأبعاد، وإن تميز مسوغاته بعدين دينيين سياسيين هما: (( سقوط الممالك النوبية المسيحية وقيام العديد من الممالك الإسلامية المشيخية)) على حد قوله: ((تستدعي تحريك مجمل أجناس الفولكلور النوبي ذلك لأن اللغة تُدرّس عبر أدبها من حكاية، أساطير، تاريخ، غناء، أحاجي، ألغاز ... إلخ. إن التاريخ النوبي في العصر الوسيط بعيد سقوط الممالك سقوط الممالك النوبية المسيحية وقيام العديد من الممالك الإسلامية المشيخية عرضة للضياع نهائيّاً )) وهنا تلبس هذه المفاهيم وتبلس بمفهوم "التاريخ النوبي الوسيط".

    وكان بالإمكان إعذار طرح كريوس، وفهمه، إذا ما أخذ مفهومه للفولكلور بشكل ثوري واسع كذلك الذي يتميز به طرح البروفسور حامد حريز (السودان) والأستاذ سيد عويس (مصر) احيث ترتبط سياقات دراساتهم بفهم تاريخي وطني عميق للفولكلور يشمل كشف الجوانب الإقتصادية السياسية لحياة الناس القديمة، ومحاولتهم العناية بمكنوناتها الجماعية والإشتراكية وبعثها في مواجهة إجتياح الحضارة الرأسمالية الوافدة وفرديتها الطاغية، والنقد اللطيف لما سبقها من حضارة الإقطاع العربية والعثمانية التي فشلت في التصدي لغزو الحضارة الرأسمالية وفي تجنب أليآت تغلغلها. وكان ذلك برفع هذين العلمين بعض عمد التكوين الإنساني القديمة في مجتمعات السودان ومصر ليشكلوا بمنها صورة غائية وبقصد وطني، تركيبة جمالية من التاريخ القديم تلهم الناس النضال ضد الأحدية والإستبداد والإنمساخ.

    وهو أمر يختلف فيه موقف البروفسورين حريز وعويس عن موقف البروفسور يوسف الخليفة أبوبكر رجل الشؤون الإسلامية والأوقاف الذي يميل لإعلاء الجماليات الإجتماعية التي يعتقد إن الإسلام قد أدخلها حياة العرب القديمة تهذيباً لوحشية بواديهم وجباً لقسوة ربويات حضرهم، معتقداً بالجمال المطلق لدخول لإسلام وتبلور الحكم الإقطاعي في حياة السودان التي ترواحت في تقديره بين الفرعنة الإستعبادية والغابية بتجاهل لسمات التغير والتطور الحتمي في جميع إنماط العيش والإنتاج والحكم بما في ذلك من مساو ومحاسن تتبدل عناصرها وبنياتها بتبدل أوضاع المجتمع.


    وتصور الخليفة تصور علوي سام، يأنف بطبيعة شخصيته المتدينة الوقور، عن تناول العامل الإقتصادي السياسي المتقدم الذي جسدته ثوره تحالف الهاشميين والموالي والعبيد وكبار مهمشي البطحاء في مكة وجزيرة العرب ضد حالة التراتب الإقتصادي-العنصري للإيلاف التجاري لزعماء قريش وبعض قبائل العرب واليهود الذي مثلته شبه الدولة القبيلية في مكة كأضعف حلقات النظام الإستعبادي في العالم القديم بما فيه من دول روما وفارس. وإتقاد ثورة المهمشين في ذاك الإيلاف ضده وضد السيطرة الإمبراطورية لتلك الدول الطاغية.

    فإتقاد تلك الثورة التي نعتقد إن جمالها أسر بعض أراء بروفسور الخليفة كان أمراً طيباً وحقاً عادلاً وفعلاً جميلاً ولكنه إنتهى بإستعادة الحلف التجاري الأموي-اليهودي بعد سنوات قلائل لمقاليد الأمور مستثمراً إياها ضد جميع المهمشين الذين قموا بثورة الإسلام وأسسوا عصبته، مما بدد تقوى الإسلام بالملك العضوض .

    وقد تأسس ذلك الملك العضوض على وصف النبي (ص) أو المجيد على حد وصف كريوس، مع (فتح) العراق وشمال الجزيرة ومصر بدعم من جماعات اليهود والقبط والنوبة المهمشة بالفرس والروم، ثم تدعم بقيام حلف أمية واليهود والموور بـ(تحرير) أسبانيا من إحتلال الرومان وجندهم من الجرمان المرومنين، حتى تمايزت مصالح أطراف ذاك الحلف، وأنتهى بدعم يهود خراسان ثورة العباسيين الذين كانوا وقتها كتلة قيادية من كتل المهمشين المغلوبين لساناً ومالاً وسلاحاً على أمرهم، وإستمر الحال حتى طغيان العباسيين حيث دعم المهمشين من اليهود والسودان والقبط والبربر في المغرب ومصر والعراق الثورة الفاطمية من بعد، التي بإنفراطها ونصر يهود الاناضول العثمانيين على السلاجقة ودعمهم دولة الخلافة إنتهى كل هذا (المجد) المسمى إجمالاً بـ(العربي) وإندثرت كل هذه الدول المسماة إجمالاً بـ(الحضارة العربية الإسلامية) بالتناقض الداخلي للإقطاع، وتعارض حاجته المتواصلة للغزو والقهر، وتناقضها وحاجة حكمه لإستقرار مجتمعات الناس وبذلهم وكدهم في الإنتاج.

    فالسياق الثوري لفهم الفولكلور- الذي يتبنى حريز وعويس جانباً منه- يمكن من فهم جزء من حالة موضوعية للتراوح بين مفهوم "الفولكلور" ومفهوم "الثقافة"، ولكن هذا الطرح الرحب غير ما قدمه كريوس من تراوح سياسوي ضعيف بين المفهومين، يتمثل مركز ضعفه في عقده صلاح الثقافة والفولكلور بمشروع إنمائي منعقد بالعلاقة الإقتصادية الدولية التي دهورت بطبيعتها أحوال السودان والنوبة (تصدير المزروعات وإستيراد المصنوعات) وبددت فولكلورهما وتطورهما الثقافي مما يوضح أزمة في رؤية كريوس للتحرير والتنمية، ورؤية وسائلهما، وتناقضاً في الحديث عن إزالة الظلم والسير في ركابه.

    كذلك من المفهوم إختلاف رؤى كريوس الملتبسة فولكلوراً وثقافةً وسياسةً عن رؤية بروفسور الخليفة ذات الشؤون الحكومية الدينية التي لا ترى كثيراً مكارم الأخلاق في مجتمعات ما قبل الإسلام، وتتجاهل في نظرتها ضد الإقتصادية إن المال كان ولم يزل هو عصب حياة الناس، مبعدة عنهم حق الثورة على الحكم الظالم، بحكم "طاعة أولي الأمر". وهي وجوه قد يخالفها كريوس شكلاً بينما يطرح جهتها موقفاً قياسياً بـ"المقاييس الأصيلة للعروبة والإسلام" التي تحدث عنها كريوس الممجد للثقافة العربية الإسلامية بتمكن مدهش: ((إذا قسناه بمقياس الإسلام، لن يكون إسلامياً، وإذا قسناه بمقياس العروبة، فلن يكون عربيأً))!!

    أفلا يعتقد كريوس إن فتح فارس ومصر والقيروان هي أعمال عربية إسلامية مجيدة، لأنها أخرجت أهلها من حال إلى حال، قياساً على رأيه السابق في الدور المجيد الذي لعبته الحضارة العربية الإسلامية في إخراج النوبة من العزلة!!
    أوإن كان كريوس لا يعتقد بذلك المجد أو الحقر فلما كتب ما كتب وهو يعكس خلافاً عميقاً بين نظره إلى الأشياء، وتفكره فيها ، ورأيه جهتها، وعقله أحوالها، وقوله عنها، وفعله ضدها ومعها في آن واحد؟؟

    ب- بعد تناول بعض جوانب الإلتباس السياسي في مفهومات طرح المؤتمر الوطني في نسخته النوبوية لمفردات الثقافة والفولكلور وتخديمه لها يمكن بسهولة أكثر ملاحظة ذات الحالة للتراوح والتراوج بين مفاهيم مفردات الإثنية والقومية والوطنية واللغة ودغمها سياسياً بحركة محلية وأخرى وطنية أم لتوحيد تنظيمات الهامش (ذات الطابع النضالي العسكري) وعقد كل هذا النضال بمشروع إقتصادوي (مدني وتجاري) لتصدير المزروعات بواسطة ليبيا إلى أوربا، بصورة تشكل مقدمة سلمية لتحرر السودان أو لتحريره، مما يذكر بتاريخ مشروع الجزيرة الذي كان يصدر القطن الغالي بالبواخر الرخيصة حتى سلبت السوق الدولية السودان كله.

    وفي كل حالة من هذه الملتبسات التي يعرضها الطرح للتنقيح والإفتكار ــ وهو هدف راق جميل ــ يحتفي نص كريوس جهة من يخاطبهم من عامة السياسيين بمركزية وطنية سودانية عامة أو بكوشية إختصاصية: ففي المجالات الواسعة للثقافة ينحصر في الفولكلور النوبي، ولكنه بحال إنفتاح الفولكلور وثوريته على الفرعنة، يتحول لإنسان وطني ذي مفهوم مفتوح للثقافة، فيتمتع كريوس في الحالين بفرادة طريفة حيث لا يوجد مجال لأي نوبي كوشي بالمفهوم الواسع أو بالمفهوم الإثني الضيق للإصطلاح، لنقد الطرح المقدم، طالما كان طرح كريوس حراً في جمع الرؤى أو الإنتقال بين مراكز الرؤيا دون تقدير لأبعادها الموضوعية.

    ففي مداخلة لكريوس بين الوطنية والعصبية يسأل أحد المداخلين عما إذ كان نوبياً (أصلاً)؟ كأن النوبية شرط لنقاش طروحه، وهو سؤال يحد بعضاً من نشاط بعض النوبيين المستعربين لطروح كريوس ويحجزهم بكنهيته الملتبسة، وفجاجة السؤال العنصري عن الإرتقاء بها. مما يشيء به الإدعاء المضمر بخاصية طروح كريوس وأصالتها الإثنية-العرقية، وهو أمر لا يقره الواقع ولا التاريخ ولا الحال الماثل لكريوس.

    وفي مجال الوجود السياسي والتنظيمي للناس في السودان، ومحاولة تغييب الجوهر الطبقي للتمركز والتهميش بالمغالاة في تقدير العوامل الإثنية-اللغوية التي تتبدد بما في كل إثنية من حالة قبيلية للمركزة والتهميش، وما في كل قبيلة من أحوال مركزة وتهميش تتجسد بوضع الشيوخ والتابعين، فإن قيام كريوس -في ندوة عارضة- برفض (تنزيل) الديمقراطية، وهديه الناس بديمقراطية قرى النوبة وشيوخها غير المنتخبين، فإن كريوس وقف ضد فخره وقفة إستعلائية إزاء التجمع النوبي كله ممثلاً (فوقيا) لحركة توحيد تنظيمات الهامش (طالباً) ضم التجمع النوبي بكل تنظيماته الجوانية إلى تنظيم لم يعرفوه، ودون ان ينتخبه أحد لهذه المهمة!

    وللإلتفاف على رفضهم التنظيمي والسياسي لإنفراده بتقرير هذا الأمر وبدايته السير فيه دون إذنهم، سعى فرداً لإكمال مسعاه، لتمثيلهم أو بالاصح لتجاوزهم، فكون تنظيماً لفكرته أسسه بالأخوة والقرابة والصحبة لينضم للحركة غير الشعبية التي رأها ضرورة لمواجهة مصر والمركز دون مواجهة الأليات الطبقية الإقتصادية المحلية والدولية التي أضعفت دول كوش القديمة وجماعاتها وأنتجت إمتياز أوضاع مصر والمركز وأخطارهما داخل السودان.

    وقد يؤخذ هذا التخالف بين النظر والتفكير والرأي والعقل والممارسة كتمايز في حالة الطرح ونموه من حالة تناقض النظر والتفكير وإفتراق الرأي والعقل عن الممارسة، إلى حالة أكثر تعقيداً هي التشتيت السياسي الوحدة السياسية للمجموعات (الإثنية – الثقافية) التي يدعي كريوس رومه إكمال طوقها على المركز ! ثم طلبه وحدة هذه المجموعات لابعد ذاك من مواقع أكثر إختلافاً في الناحية العامة للمؤتمر الوطني-الأصل- وفي الناحية الخاصة لمؤتمره الذي سماه نوبياً. وبهذا الوضع قد يكون طرح المؤتمر والنوبية والثقافة وكل هذا الكلام مجرد وسيلة للتمركز بين قوى الهامش، لإنماء وحدة شكلية بينها، أو لإنماء خلافات معينة في أوساطها جهة الحزب الشيوعي والمفاهيم الموضوعية للتمركز الطبقي والتهميش الذي يحدثه في المجتمعات المختلفة في مختلف البلدان أو جهة جهجهة الوجود الإجتماعي للقوى الثورية وسط السودان

    ج- مع تحول منتسبي فروع حركات الهامش في لندن عن لسانية كريوس وهمهم بمفاوضات قسمة السلطة والثروة وإنصراف الحركة النوبية القديم والراهن عن مقاليد "مؤتمر الوطن السوداني المتحد" فقد عجل طارح كريوس رغم صفاته المهنية والاكاديمية الرفيعة بتقديم نفسه خبرة بمشروعات التصدير الزراعي. في وقت يعرف فيه الطارح إن كثير من دول أفريقيا وآسيا عانت من ويلات هذا الشكل الرأسمالي من الإقتصاد، وإن دول السوق الأوربية وشركاءها الأصل تعاني كساد بضائعها الزراعية، وإن تأسيس المشروعات قبل ضمان العقود يمثل خطراً عظيماً، لا يقربه متعامل في السوق وخاصة إذا ما كان التصدير سيتم من بنغازي ليبيا لا من مطار دنقلا. مثلما يتجاهل الطرح الإنمائي المتواضع لكريوس الفشل العام لسياسات التنمية المعتمدة على تصدير الخامات. وزيادة على ذلك يهمل كريوس إدراك أسس التنمية الشمولية المتوازنة أو التنمية المستدامة بـ(ـتركيز ) فولكلور على ما سماه بسهولة ويسر : "ربط التنمية بالثقافة" متصوراً إن الأصل في وجود التنمية، هو وجودها حالة إقتصادية صرفة خالية من الثقافة، تحتاج إلى ربطها بها، وتصوره كينونة لثقافة شيئاً متفارقاً بخصوصيته اللغوية والفولكلورية عن التنمية، تحتاج إلى ربطه بها!

    فبمثل هذا التصور الثنوي القديم لتباين المادة والروح، والبنية الفوقية عن بنية الأساس وإفتراق نوع الثمرعن نوع الشجر، لم يهتم طرح كريوس في عجلة "ربط التنمية بالثقافة" وإنفعاله بمشروع الهيئة العربية للإنماء والإستثمار الزراعي، بعناصر موضوعية في الثورة الإقتصادية الإجتماعية السياسية والثقافية مثل وجود الطبقات في السودان ولابوجود ثروات الحديد والفوسفات واليورانيوم والذهب والبترول في الإقليم النوبي، ولا بعلاقات الإنتاج المحلية والدولية، ولا بدور التخطيط، أو بأدوار الصناعة أو الخدمات العامة أوالخدمات التجارية، ووضع الملكية ودور الدولة البنك مركزي والضرائبي والجمركي في تنسيق الموارد والقطاعات، ولا بدور الديمقراطية في هذه الدولة، وثقافتها. حيث إنصرف طرح كريوس عامة عن بيان كل هذه العناصر الضرورة لنظم الحياة الإجتماعية وعقلنتها وتثويرها إلى التباهي بخطط تنموية تفصيلية (سرية) وضعتها خفية مكاتب كريوس المتخصصة (مما يذكر بالوصف الفكاهي المصري شارع 3 رقم 4 قدام كشك على الناصية الثانية في عمارة فاتحة على..) حيث يلاحظ إن تناول المسألة الثقافية-الإقتصادية ورصها في طرح حزب كريوس توزع على عدد من المكاتب وليست محصورة بمكتب واحد!

    ولعل تخييل وجود تلك المكاتب بطرح كريوس إرتبط بمحاولة إستقطاب جهود شخص قدير في المجال الزراعي وعلى علاقة بحركة حق، وهي خطط سرية، لا لعدم الإعلام بوجودها فحسب، بل لأن لا أحد يعلم متى وأين وكيف نفذت دراساتها ولماذا تخفيها؟ ولِم لم يرفع كريوس هذه الخطط بمذكرة ضافية لبرنامج لأمم المتحدة الإنمائي أو لهيئاتها العديدة مشفوعة برجاء نشر أنوارها على جميع شعوب العالم المضطهدة؟ وكيف أهمل مشروع كريوس لإنماء كل من الثقافة والتنمية معاً وعلى حدة طرح الشرط الأول لتنمية الحياة في جملة بلاد كوش وحريتها، وهو ضرورة وأولية إزالة العلاقات الرأسمالية. فهذه العلاقات هي التي تمركز الجهود الإجتماعية للإنتاج وتجحف في توزيع ثمرات هذه الجهود بديكتاتورية رأس المال وطبقية علاقاته التجارية.

    ولعل ما هو سائد في الثقافة البرجوازية من التفارق النسبي بين التنمية والثقافة، وفقاً للإنفصال القديم بين العمل ذي طبيعة الجهد العضلي اليدوي والعمل ذي طبيعة الجهد الذهني، كان هو موئل محاولة كريوس الربط بينهما، دون تقدير لمهمة العلاقات الإنتاجية الجامعة بين الناس وإقتصاد وجودهم والطبيعة، وإجتماعهم مجتمعات، تضع لوجود أفرادها وعناصرها، مهاماً، وحدوداً وأقانيم وأقاليم ونطق تنظم أدوارهم وأحوالهم ويتداولون في أنساقها شؤون حياتهم دولة تروم النماء والتقدم. وهي ما تحول بالتراكم إلى نظم متكاملة للتقويم العيني والنقدي وممالك تشيع الفساد في أحوال القرى إذا دخلتها. ولا مجال للتحرر من هذا الفساد المقيم إلا بالثورة على نظم التملك الخاص للموارد العامة، وليس بإحياء فولكلور ما في سياق عملية شكلية ذات عنوان فخيم هو ربط التنمية بالثقافة.


    6- تكوين الشيوعي الملتزم:
    في حومة إعتزاز بجهوده وذكر فضله على الوعي والإستنارة أغمض طرح كريوس ذكر أي نقطة موجبة في تاريخ السودان أو في مانفستو الحركة الشعبية لتحرير السودان أو في دستور وبرنامج الحزب الشيوعي السوداني (1956) (1968) أو في برامج الجباه الديمقراطية (1968) و(1978) و(1988) أو في برامج التحالف الديمقراطي في مناطق حلفا السكوت والمحس (1986) أو برنامج التحالف الديمقراطي في دنقلا (1986) أو برنامج التحالف الديمقراطي بريطانيا (1999) أو التقديم التاريخي لمشروع تأسيس دولة جديدة في وسط وشمال السودان(2002) أو مشروع دستور حركة تحرير كوش المتداول منذ أغسطس 2004 أو برنامجها المفصل المنشور معه، ولا شك في إن منفستو كريوس المنشور في 2005 كان علامة خطر تجنب بها دستور وبرنامج حركة تحرير كوش الكثير من الأخطاء وإن تشابه الديدن الوطني لحركة تحرير كوش مع كريوس في الشكل فقط وذلك للإختلاف في كلا البرنامجين في بنية المعلومات ومنطق جمعها وتصنيفها، وتحليلها، وفي الآيديولوجيا والتصورات والوسائل والآفاق السياسية المصاغة بها، وفي التكتيكات، فإن كانت حركة تحرير كوش في صدد توكيد كريوس قرابة طرحها له مختلفة عن حركة المؤتمر الوطني (هنا وهناك) دستوراً وبرنامجاً ، لتوافق تكوين الشيوعي الملتزم، فهذا القول فاصل بين المذهبين. وهو قول كاف في موضوع ما تم فيه الإختلاف إلا إنه يغيب ضرورة سياسية نظرية لتوضيح الفروق التاريخية والطبقية والثقافية بين أسس الفلسفة الجدلية المادية والتاريخية والإشتراكية العلمية في جهة والفلسفة الظاهرية والأسمية والإشتراكويات اللاطبقية في جهة ضد.

    ودعاو الحداثوية والإشتراكوية هي التي تتوخى ظهور جيل من الأفاضل الكرام في المستقبل يقومون بهاشميتهم بحل كافة المشكلات ولما يأتي المستقبل بمشكلاته تتحول حالة المراهنة السريعة إلى حالة سخط على جيل كامل. ويخالف هذا السخط روح ما يومض في تكوين مؤتمر الوطن السوداني المتحد التي إنتسخها كريوس من أفكار مأخوذة من نضالات الشيوعيين والتقدميين والنقابيين في جنوب افريقيا بما في تاريخ المؤتمر الوطني لجنوب أفريقيا و في الهند بما في تاريخ المؤتمر الوطني الهندي ففي التبني المجزو للأفكار والتحول منها لحالة سخط على جيل كامل ماثل من النوبة أجمعين فللقراء الكرام تأمل نظرة كريوس للجيل النوبي الراهن ويأسه من معرفته ومن شجاعته لانه لم يتبعه طروحه: قال: (( على أي حال سنستمرّ في نشر الوعي والاستنارة إلى أن يقيّض اللهُ لنا جيلا نوبيا يرى الحقَّ فيعرفه ثمّ يملك الشجاعة ليتّبعه)) فبمثل هذا الكلام الجامع بين الوعي والإستنارة في جهة، والمنطق الإلهي والجيلي في نفس الجهة، وبين القنوط والرجاء في جملة واحدة، نرى تجمع الكلمات والمفردات والتناظير في دعوة كريوس بصورة متواضعة ً في عدم إتساقها عن حالها المتناسق المنظوم في دستور وفي برنامج حركة تحرير كوش: فدعوة المؤتمر دعوة لعبة، فهي رحبة عامة في ناحية وضيقة في أخرى حسب موقف طارحها، وهي شبه بالإخائيات والتعاضديات والإشتراكيات اللاعلمية.

    وعلة الإخائيات والتعاضديات والإشتراكيات اللاعلمية تتمثل في إعتقادها بإمكان تفعيل المجتمع كله بوجود حركة واحدة معينة فيه ومفردة: خيرية كانت أو تعاونية أو وطنية أو قومية أو نقابية أو دينية أو ليبرالية، حيث تخاطب تلك الحركة ما تعتقد إنه جذر مشكلات المجتمع، ناهضة بالهمم في قواه (الأصيلة)، وداعية لحل مشكلات كل فرد فيه بتفعيل قيم الأخوة العشائرية القديمة والنخوة والشهامة والإيمان والإحسان وفعل الخيرات والتصويت والنشاط السياسي. فمثل هذه الطروح الإخوانية والتعاضدية والإشتراكوية تبتعد عن تناول العوامل الموضوعية لإنتاج الناس للخيرات ثم عيشهم بعد ذلك الإنتاج في حرمان وبؤس منها، مما يجعل الناس يتكالبون على الخيرات التي ينتجونها أكثر من حاجتهم أو يخافون من نقصها، وهم لها منتجين أو بالكاد، فلأجل السؤدد بها لا بحال إنتاج الناس لها: يزيد السوق التطفيف في موازين القيم وينشأ الكذب جهة وضعها ووضع المتعاملين في التبادل، ويعلو الزور في أحوال البضائع والسلع وأحوالهم، ويشتد الإبدال في الأخلاق والجلود، فلأجل الكفاية من خيرات الإنتاج والأمن عليها يبرر تراتب أوضاع الناس في المجتمعات طبقات تملؤها أسرهم وأقوامهم تتراتب فيها تراتباً هرمياً يرزأهم معيشة ضنكاً أكثر مما ينفعهم، ويحيق بهم الرزايا أكثر مما يفتح عليهم من خير.

    فقيم الأخلاق وفولكلوريات المجتمع على غير ما تعتقده الدعوات الإخوانية والإشتراكوية تالية في الحياة لوجود الناس وثانية وبعد ولاحقة بوفاءهم ضرورات حياتهم ونفعهم من الأشياء والنظم التي وفرتها الطبيعة. ولكن هذه القيم والعلاقات المنتجة لها تعيد بدورها تشكيل الحياة البشرية، بتحديد الناس لها وتنازعهم على متعيناتها طبقات مالكة وعاملة، ودول وأقاليم بمراكز وهوامش، وليس أفضل عندي من متناول لها من كتاب "رأس المال" أو كتاب سمير أمين: "القيمة والمادية التاريخية"

    وكثيراً ما خدمت مصالح القوى البرجوازية (صاحبة المركزة) تناول أشياء من هذه الإشتراكيوات في خضم معتركات التحرر القومي والوطني، حيث فاد الإستعمار بهذا التعامل الشعبوي المبعد للتنظيرات الطبقية للتحرر بان حولت الحال الناهضة للإستقلالات- بذلك الإبعاد- إلى إستعمار حديث خبيث مركب. وهو الإستعمار الذي يزداد تركيبه ونهبه وتهميشه في الدول المستقلة حديثاً بحكر مقاليد السلطة للقادة المحليين من ممرري ومرمري النظام الإستعماري القديم الذي كان متمركزاً في مناطق معينة ذائعين إياه – إلى مناطق أبعد موطنين له فيها ومركزين. وذلك في حالة رأسمالية حديثة متوالية تزيد بتغلغل علاقات المركز في الهامش سمنة أركان الشر : القمع (الهادي والخشن)، والفقر، والجهل، والمرض، بينما تزيد جهة حرية تملك موارد الحياة حالاً من الثراء لأهل الرياض ولندن ومن والى بـمشاريعه نظامهم السوقي (الحر) التمركز.

    وقد كان بإمكان طرح كريوس في معرض فرز برنامج مؤتمره الوطني والنوبي عن دستور حركة تحرير كوش وبرنامجها العام الإشارة مباشرة إلى الأجزاء المتشابهة والمتفق عليها وتوضيحها، ليعض عليها الجميع بنواجذهم ويتبينوا القيمة الموضوعية لإتفاق الطرفين عليها، علهم يثروها بإتفاقات وتمايزات أخر. كما كان يمكن للطرح توضيح جهة نظره فيما إختلف عن برنامجه موضحاً مآخذه عليه أو في حالة أخرى كان بإمكان كريوس إيضاح ما أخذه هو من البرامج والمقولات المنتشرة، وما أضافه إليها أو أنقصه مع شيئ من حكمته في ذلك.

    كذلك كان يمكن لكريوس أن يوضح شيئاً مما إكتسبه في الثقافة السياسية من إنتاج حركات الماركسية واللينينية أو الحزب الشيوعي أو من التجمع النوبي أو الحركة الشعبية لتحرير السودان أو لواء السودان أو حركة تحرير كوش أو من غيرهم لعل هذا الكسب يزيد النوبيين وعياً بما يطرح أو ينبه أجيالهم القادمة إلى التدقيق فيما لم يطرحه مما إختلف فيه مع دساتير وبرامج هذه الحركات .

    بيد إن الفصل في الخلافات السياسية لم يعد في هذا الزمان واقفاً على ما يتحيه مختلفو السياسة من أسانيد، ولا على ما يعرضونه عن حجج، بل يمكن لمن يبتغي سبل العقلانية والإستنارة وتحقيق الثورة الشاملة في السودان بها ان يقوم بمراجعة عدد من الوثائق التأسيسية السودانية وغيرها المتاحة في محركات البحث ومنها:
     دستورالتحالف الديمقراطي
     دستور حركة تحرير كوش
     برنامج حركة تحرير كوش
    وللباحث في هذا الشأن أن يقدم للناس عامة من هذه الوثائق ومن دستور كريوس جدولاً بالنقاط المتشابهات والمتنافرات، وبالنقاط المائزة في كل طرح، وعن طريق هذا الجدول يمكن أن للمرء أن يقيم المفيد الذي إتفق الناس فيه، والمثير الذي أختلفوا عليه، وأن يرى ما تميز به كل طرف من رأي أو تحليل، وهو جدول يمكن ان يمتد ليشمل المجموعات السياسية العموم في العالم من اليسار والوسط واليمين بتياراتها وبالطبع فإن كثير من طروح كريوس لن تصنف في خانة "اللامنتمي" وهي خانة يساروية فرد، ولكنها يمكن أن تصنف خارج نطاق التصنيف السياسي.


    7- الهجوم المتوالي على الحزب الشيوعي السوداني:
    الحديث عن ما يسميه كريوس بإسم "الشيوعيين النوبيين" جملة عامة طليق تمتد من نمولي إلى نمولي مروراً بكل أنحاء العالم، لا تخففها بعض صيغ الإستثناء التي يجمل بها تقريره الطائش، بما في التسمية من إجمال وتعميم سهل وإطلاق مستسهل للحصرية والإقصاء وتمركز على الذات دون تطرق للبرامج والمواقف المعلنة للحزب الشيوعي نفسه ونضالات عضويته في شمال وشرق ووسط وغرب وجنوب السودان. وإبخاسه كينونة وجود برامج الحزب الشيوعي ونضالاته ضد أسس وأشكال عمليات الإستغلال والتهميش والتمركز الحادثة بإستغلال التنظيم الرأسمالي في العالم والسودان لعيش الناس وتهميشه وجودهم وحقوقهم بمراتبة سوقية لمواردهم وجهودهم ومنافعهم وثمراتهم وقيمهم في نطاقات العالم والدولة والمجتمع.

    ومما يوضح هذا الغلو في عداء كريوس للشيوعية قوله الغرور ((وعضوية الحزب الشيوعي لا تجوز خاصّة بعد معارضة الشيوعيين النوبيين لهذه المذكّرة فضلا عن معارضتهم المبدئية لتأسيس تنظيمات سياسية نوبية)) وتعارض هذا القول مع قوله الأخر: (( التجمّع النوبي والذي فضلا عن وصف الكثيرين له بأنه مجرّد واجهة للشيوعيين النوبيين)) حيث يعبر هذين النصين عن حالة حصر وتشتيت في آن واحد: فعضوية فرد معين لا تجوز لأن هناك نوبيين معينين رفضوا التنظيم النوبي والسياسة النوبية بينما يصفهم كريوس نفسه بأن تجمعهم كنوبيين في التجمع النوبي هو تنظيم واجهة لتنظيمات جوانية (الحزب الشيوعي وتنظيمات التجمع الوطني الديمقراطي)! أما كريوس الذي قدره تنظيماً مفتوحاً لطلبات العضوية لجميع النوبيين والسودانيين فصار خصماً للشيوعيين النوبيين (لاتجوز) عضويتهم فيه! مما يجعل المرء حيراناً في هذا التعارض بين دستور التنظيم المعني وبين الطبيعة الفردية لتقرير شؤونه، بكلام مرسل من نوع يجوز ولا يجوز ثم التراجع عنه بـ...التشاور مع القيادة في الداخل !!!

    ويتسائل المرء جهة هذا الفرمانات والتقديرات الخاطئة لثقة الشيوعيين في حزبهم الشيوعي السوداني، وفي المتانة النظرية والتاريخية والنضالية لطرح كريوس، عن جدية هذه المواربة في فتح باب الدخول لعضوية حزب كريوس؟ وهي جدية جديرة بالسؤال عنها جهة إخوتنا البعثييين العرب الإشتراكيين من نوبيي أشكيت الذين يؤمنون بإتصال الدور الحضاري لعروبة السودان - ولعله منذ مولد هاجر الكوشية أم العرب المستعربة- وإمكان إرتباط هذه العروبة التحريرية بتحرر النوبة وعموم السودان من سلطان القهر المركزي بقناعه القطري التجزئيي، وطلائه العروبوي الإسلاموي؟ فمعيار النقاء السياسي الذي يشيئ به طرح كريوس شؤون عضويته، يتعارض مع إنتماء كاتب كريوس لتيار معين في مؤتمر المستقلين الوطني أو للا إنتماءه إلا قليلاً.

    ولكن شان تنظيم ما، ودستورية وسياسة قبول عضويته، غير شأن عداء طرح كريوس اللئيم للشيوعيين والشيوعية: فمن الظلم البين واللؤم ربط كريوس للحزب الشيوعي السوداني بـ"الآيديولوجيا العروبية الإسلاموية" [الإستعمارية] في تهمة ذات حدين إن نفاها البعض أوجبت له ضيقاً إعلامياً يحركه الإسلاميين الذين يوادهم كريوس بطروحه، وإن تجاهل بعض الشيوعيين هذه التهمة شابت بقذارتها أثوابهم الطبقية، لكأنما القاذف بهذه التهمة الموجبة للحدود العلمانية، والدينية على متفاديها وعلى صارفها يريد أن يبرهن لدوائر معينة بهذه القمامة الفكرية على نوبيته وعلى عروبيته وعلى إسلامه وعلى محاربته الشيوعية.

    فلمجرد رفض بعض الشيوعيين النوبيين وضع التجمع النوبي -بكل ما فيه من أحزاب جوانية- في تنظيم مجهول لهم، وبيد فرد معروف لديهم، يبدو غامضاً السبب في إشتطاط كريوس في عداوته للشيوعيين النوبيين وللتجمع النوبي، وتحريفه ذاك الموقف الصحيح إلى رفض مبدئي للعمل السياسي النوبي. فمن المعروف إن أهل النوبة من المؤسسين والممارسين للسياسة عبر تكويناتها المعروفة في السودان أو بما أسسوه من تنظيمات نقابية وتعاونية وثقافية من الإمام المهدي، وعبيد حاج الأمين، وآل كبسون، وإلى عبده دهب وعبد الخالق ونقد و المرحوم بدرالدين مدثر وصولاً إلى حركة تحرير كوش المتواضعة مما لا يشجع على قبول رأيه بأن التجمع النوبي رافض للعمل السياسي!

    فمن المفهوم إن رفض بعض النوبيين لموقف كريوس الشخصي- السياسي المعين لا يعني بأي حال ومطلقاً (رفضهم العمل السياسي النوبي) في قسر خطاب كريوس لمعنى رفضهم الحكيم، والتسرع في مقابلته بتهجم طائش معمم على أعضاء الحزب الشيوعي كافة وضد مواقفهم الطبقية المعادية لجذور التهميش وأشكاله، تهجماً يداخل اللت والعجن بالإثنية والدين من العروبة والإسلام وكعوجتهما. حيث يظن كريوس إن الآيديولوجيا جذرها في الدولة، ناسياً في خضم تفاوت الاوضاع الطبيعية والإقتصادية للإنتاج وعلاقاته الطبقية والإجتماعية الثقافية والسياسية إن الدولة نفسها جذرها في الطبقة، وإن جذر الطبقة نفسها منعقد بالدولة، وإن الآيديولوجيا تنشأ من كل هذا التعاقد لا من أحد عناصره. فهل يمكن مثلاً في ظل إستهتار طروح كريوس بقيادة ومقدرات حركة تحرير كوش الحديث عن آيديولوجيا كوشية أو كوشوية؟ معتمدين على عقد الآيديولوجيا بالإثنية جملة أو ببعض من عقائدها كالإسلام؟

    إن تهجم كريوس على الحزب الشيوعي تصده وقفات الشيوعيين الباسلة في العالم والسودان منذ ما قبل الإستقلال مع حقوق الطبقات والشعوب المضطهدة. فمواقفهم الناصرة للمهمشين في السودان مشهودة منذ أيام نضال جبهة العداوة للإستعمار، وشرط الشيوعيين تحقق معاني الإستقلال بتحرر الأقوام المضطهدة داخل السودان، ثم نضالهم ضد الإستعمار الحديث، وحكم عبود وإتفاقاته المفرطة في السيادة الوطنية، وضد أسلوب التطور المتفاوت طيلة الخمسينيات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات وصولاً لطرح الشيوعيين نفسهم لقضايا جماهير السودان والمناطق النوبية، ولقضية حلايب بعد الإنتفاضة وكافة قضايا السيادة الشعبية والوطنية ومحلياتها، وحتى إجتهاد بعضهم في حركة كوش معروف ومشهور حتى إن "الآيديولوجيا العروبية الإسلاموية " للبرجوازية الحاكمة إتهمت الحزب الشيوعي السوداني مراراً بإنه الطابور الخامس [ لنضال شعوب السودان] وهي تهمة مجد لا ينكرها الحزب، وشرف لا يدعيه. كما إن المقاتلين في جبهات المقاومة الشعبية وفي جهة الديكتاتورية الرأسمالية الحاكمة بوجوهها المدنية والعسكرية، يعرفون الطبيعة الطبقية لهذا الحزب وتاريخ نضاله ضد الرأسمالية بما فيها من مركزة وتهميش. فمن الظلم أن تتجاهل طروح كريوس في مواقفها ضد الحزب الشيوعي السوداني الحقائق الموضوعية في التاريخ السياسي السوداني، بما فيه من مظالم وما فيه طروح ونضالات ضد جذور هذه المظالم وأشكالها، كذلك من الحمق التصريح بهذا التجاهل.

    وتقدير كريوس لموقف الحزب الشيوعي السوداني يختلف عن حقيقة وجود وتوجه البرنامج القديم والبرنامج الماثل للحزب الشيوعي السوداني وعن المقترحات المعلنة لبرنامجه القادم، ونصهم بأشكال متنوعة مباشرة وغير مباشرة على ضرورة تحرير مجتمعات وقوميات السودان من علاقات الإستغلال والتهميش، علاوة على سعيه لتحرير الكيان السوداني ككل من عوامل المركزة الدولية للإقتصاد الرأسمالي، وتهميشها للسودان ومثيلاته من البلاد السائرة في درب التبعية لمؤسسات وسياسات حرية التجارة التي تحدد ميزانيات تلك البلاد ، وتتحكم في مواردها ووجوه صرفها، مثلما تحدد وضعها الثقافي في العالم .

    ولكن فوق هجوم كريوس الظالم على الحزب الشيوعي السوداني، دون غيره من الأحزاب، يأتي أغماض طروح كريوس البين والصريح للجهود السياسية والثقافية والنضالية للحزب الشيوعي السوداني وإسهامه ودعمه لتأسيس تنظيمات جبال النوبة ومزارعي الشمالية ومزارعي الجزيرة والبجا ونهضة دارفور وشيئ من المؤتمر الوطني الأفريقي، والتحالف الديمقراطي في (الجنوب) ، وجمعيات ونشاطات نوبية عددا ونقابات للعمال والمهنيين وإتحادات للنساء والشباب وكثير من النشاطات والأندية الإجتماعية التي تقوم بتنوعها الثقافي بمواجهة سياسات وثقافة المركزة الرأسمالية التي تقوم بإستغلال القطاعات الحيوية في المجتمع وتهميش مناطقها، إضافة لدفاع الحزب الشيوعي السوداني المباشر والمستميت والمعاش يوميا عن حقوق أهل المناطق المهمشة ضد هذه السياسات والممارسات الرأسمالية وما تنتجه من مركزة وتهميش مما يكافأ عليه مناضلوه بالفصل والتشريد والإعتقال والتعذيب والقتل خارج القانون وبالغرامات والسجن وبالإعدام و والتضييق على معائشهم، وعلى إحتضارهم وعلى وفياتهم نتيجة لمواقفهم التاريخية المتصلة ضد المركزة والتهميش مما لم ينكره عليهم وعلى الحزب أحد حتى تفضل كريوس بإتهامه وإتهامهم .

    على إن إغماض كريوس للجهد الوطني للحزب الشيوعي السوداني يضاف له إغماض كريوس للجهود العلمية الثقافية السياسية لكارل ماركس ودراساته أسس ومجالات حساب قيم الإنتاج وتوزيع ثمراته ونقده الإقتصاد السياسي وكشفه علاقات المركز والمحيط المرتبطة بوجود رأس المال وتدميره العلاقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية الأقدم التي سبقته في الوجود، مثلما يتجاهل طرح كريوس دراسات وأعمال إنجلز عن الدولة وتاريخية شروطها، ولينين عن الدولة والثورة والإمبريالية والإستعمار الجديد والحاجة لحزب من نوع جديد، وكتابات ستالين عن القوميات والتطور المتفاوت واللغة، وماو عن صراع المدينة والريف، وأساتذة أمريكا الجنوبية باران وسويزي وسانتوس ومعهم سمير أمين عن المركز والهامش وإعادة إنتاج التخلف والتبعية وفك الإرتباط بأليات السوق الدولية (وتدخل السوق الأوربية والشرق أوسطية في مكوناتها) وضرورة فك الإرتباط معها للخروج من اليات التبعية والتخلف لتحقيق التحرر الشامل والعدل والسلام وصولاً إلى طرح حسن الطاهر زروق عن حقوق القوميات المضطهدة في السودان، وما قدمه نكروما ونايريري وجوزيف قرنق ومزروعي وواثنجو، كل منهم بمفرده، من أعمال حللت قضايا الإستعمار الداخلي والتطور المتكافئي، وطبيعة المشكلات الإثنية في أفريقيا وحتى تجاهله أعمال الماركسيين بياجيه وألتوسيير وهنري أرفون وشومسكي في البنية وتحرير اللغة بما هي نص من أسر إلتباساتها التاريخية مما بلوره دريدا بعدذاك سفسطة حديثة ضد أحدية النصوص عرفت بالتفكيك.

    فسياق أدب كريوس السياسي يوضح شيئاً يبدو غريباً هو تجاهله السياقات النظرية والعناصر الموضوعية في الفكر الإجتماعي الذي إرتبط موضوعياً بقضايا التحرير، إما لأن كريوس يرفض مضمونها أو شكلها، أو لأن طبيعة أزمة التمركز والتهميش، تتختلف موضوعياً عن قضية التحرر الإجتماعي وأفكارها أو للإثنين معاً، أو لتصريح كاتب كريوس بكامل عقله وأهليته بأنه شخصياً هو ((أول من أدخل مصطلح التهميش في السياسة السودانية من كتاب لعلي مزروعي))!!

    وياليت كريوس قام في هجماته المتسللة على الشيوعية بمحاولة تفكيك نصوصه، وطروحه التي يكتبها ويشافهها لمحاولة معرفة ما نقص فيها، مثلما فعل مزروعي، وفي هذا قد يفيد كريوس بدرس كتابات عابدين عن التعريب في السودان وكتابات حسن حمدان عن أثر الفكر الإشتراكي على حركة التحرر الوطني، أو نقد فاطمة بابكر للبرجوازية كطليعة للتنمية، أو بما قدمه نور الدين ساتي في إنقاذ السودان من ثقافة وسط السودان، أو ما قدمه عبدالله بولا في: الثقافة العربية الإسلامية وإنتهاكات حقوق الإنسان في السودان، وفي تحرير الثقافة والمنهج الإشكالي، أو دراسة خالد الكد عن الأفندية ومفهوم القومية، أو كتابات عبدالغفار عن النخبة التقليدية، أو كتابات فردريك بارث عن التنظيم الإجتماعي والفوارق الثقافية، أوكتابة جيمس شيريانكانداث عن إنتخابات 86 والتقاليد والأيديولوجيا والإثنية، أودراسة الدشوني عن التقاليد والحداثة، أو دراسة عباس عبد الكريم عن التراكم البدائي لرأس المال في السودان، أو كتابات خليل عبدالسلام عن السياسات الإثنية في السودان، أو كتابة دورنبوس عن أن تكون سودانيا، أو عمل توني بارنت وعبد الكريم عباس عن الدولة ورأس المال والتحول في السودان، أو عمل أجوشي وأزرايا في السودان عن الوحدة والتنوع، أو عمل فوكوي وماركاركيس عن الأثنية والأزمة في القرن الأفريقي، أو عمل جيدنس وهيلد في الطبقات والسلطة والأزمة، أو عمل شريف حرير عن السياسة والإثنية في المجتمع السوداني، أو عمل حريز عن إستعمال القصيدة الفولكلورية في الإجتجاج السياسي والإجتماعي، أو عمل نيبلوك عن الطبقات والسلطة في السودان وحركية السياسة السودانية، أو عمل المختار نور الدين عن الإثنية والسياسة في شمال السودان، أو عمل أوبرين عن دسترة الإثنية: التمدد الرأسمالي والحركية الثقافية في السودان، أوأعمال محمد يوسف المصطفى عن القبلية والرأسمالية والتراكم في البلدة السودانية، والخبرة السودانية في التنمية الريفية المكثفة، أو كتابات المنصور جعفر: نقض الخصائص الأساسية لمشروعات الإقتصاد الأصولية، وفشل المشروع العربي الإسلامي لحكم السودان، ونحو تأسيس دولة جديدة في وسط وشمال السودان، وفي أزمة موضوع أزمة الهوية، إضافة إلى ما فصله وشرحه ووضحه كمال الجزولي وعبدالله علي إبراهيم في غلواء الإستعراب والأفرقانية وإشتطاطهما.

    كذلك أغمض كريوس فضل منافستو الحركة الشعبية لتحرير السودان في نشر الوعي والإستنارة قبل أعوام طوال من إكتشافها عام 1996 بواسطة (بعض) شباب المؤتمر الوطني الأصلي وهم خليط من الليبراليين والديمقراط والإسلاميين، وكان ذلك منهم بفعل ثوري قادته الوقائع الأليمة والنيات الطيبة ونقصه نقد التاريخ والإقتصاد والدولة والثقافة واللغة والهوية، ليس في التجليات الآنية لهذه العناصر، أيما كانت، بل في وجودها الملتبس يقوانين القيمة وتناقضها. وفي هذا الصدد كان بإمكان كريوس مراجعة بعض الفروق بين أعمال فيخنشتاين وأعمال شومسكي في التاريخ والهوية واللغة والثقافة والقيمة، والإفادة ببعض دروس برلوخ التي يقدمها بخصوص التنازع التاريخي لمفاهيم القومية والقيمة الثقافية والوطنية من إشتغالات له بخواص الوضع الإسرائيلي الفلسطيني، تفيد كريوس كثيراً في علاج وضع السودان،بجوانب تنازعه بين مركز صهيوني عروبي وهامش فلسطيني أو العكس.

    ومع الوجود الكثيف لظواهر إنبهام السياق في طروح كريوس وكثرة الإلتباس فيها بين المفاهيم والإبلاس في إستخدام المصطلحات يمكن نقاش طبيعة تناسق منطق كريوس بمضمون أقواله بعيداً عن شكلها حتى ولوكان شكل الكلمة يعبر عن معان محددة فمثلاً قوله: (( أن الحزب الشيوعي السوداني ما هو إلاّ أحد التنظيمات المنتمية إلى الأيديولوجيا الإسلاموعروبية بالسودان)) ومقارنة هذه القول مع قول آخر لكريوس هو: ((دمج القطاع الخاص داخل القطاع التعاوني.)) ففي بنية القولين وعضم معناهما، فقد واضح، وجم لا للمنطق، بل لأسس المنطق:

    فلما كانت هناك أنواع عددا من تراتيب الأذهان: للظواهر، وللأسباب والحوادث، وللإشارات والمعاني، وللعناصر والأحوال، تسمى عموماً بالمنطق، وأسسها نسبية في الوجود مثل العنصر، والوضع والتراتب من الضروري الاول إلى الثانوي. بتسلسل الأشياء والوقائع، كما بين السبب والأثر والنتيجة، وفيها فلسفة واسعة في الذهن الناظر والمصور، والسببية، والمعنى، والإحتمالات والرياضيات فكذلك من مؤسسات المنطق ومستدعيات إعتبار وجوده في النصوص والطروح السياسية إتساق وصف حركة الأشياء والمجتمعات والأحزاب وتغيرها وإنسجامها والقوانين الأساس للحركة في الطبيعة وهي:

     وحدة وصراع الإشياء في حركة تحررها من الحاجة (- ) وميلها للإشباع (+)
     نموء وتطور الأشياء من البسيط إلى المعقد
     تحول التغير في كم الأشياء إلى تغير في نوعها

    وبإستعمال هذه القوانين الأولية في العلم التطبيقي لتحرير البروليتاريا، نجد: نمواً وتطوراً متفاوتاً بعمليات كريوس لتحديد عناصر برنامجـ(ـه) وإطلاقها وتشديدها وتسهيلها في نصوص الباحث حسب مزاجه (السياسي) وقد يتضح بعض ثمرها بمراجعته القول: (( في عام 1999م كنتُ بالقاهرة والتقيت ببعض قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان والذين أفادوني بأن شخصا..... )) وعايره وقاسه مع قوله التالي: ((وقد سكتت العديد من قوى المعارضة عن هذه الانتهاكات لحدودنا السيادية نسبةً لرهنها لإرادتها لحكومات البلاد التي تحتلّ هذه الأراضي جرّاء المساعدات التي ظلّت تتلقّاها منها. إننا في المؤتمر النوبي (نوبيين كريووس) نعتبر موقف القوى السياسية والرسمية من هذه المسألة حاسماً في التعامل معها. فمن يفرّط في شبرٍ من الأرض المقدّسة لا يجوز للشعب أن يأتمنه على البلاد)) فكيف لمؤتمر بهذا التقدير الوطني، الإدعاء بأنه نوبيا|نيلياً كـ(حزب) يمثل القوس المكمل في الشمال لدائرة لحصار الذي تفرضه ثورات الكادحين الشعبية السودانية على المركز من إنحاء السودان، بينما يفيد نفس المؤتمر –كريوس- بإستحالة إئتمان أقطاب هذا الحصار على البلاد لأنهم فرطوا في الأرض المقدسة في كينيا وفي ليبيا التي يريد التصدير عبرها، ثم في مصر، فبين موقف التهم بالتفريط والخيانة وموقف التحالف مع المتهمين تثور أسئلة عدداً:

    فكيف يسمح المؤتمر وهو يسم بأدب جم وجود مناضلي الهامش بأنهم خونة غير مؤتمنين على البلاد بطولها وعرضها أن يرى نفسه مكملاً لهم؟ وهو نفس كريوس الذي يستانس الخير في دولة السودان "العروبية الإسلاموية" في شخص (مسؤول) مسؤولية أدبية وقانونية محلية ودولية ظاهرة للكافة بحكم وضعه السياسي في تأسيس وإدارة دولة الإرهاب، ووضعه الحكومي كوزير للداخلية ثم كوزير للدفاع عن كثير من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ضد الشعوب المضطهدة والثائرة! ثم كيف يصف كريوس هذا الشخص الذي أستانس به، وتوسم فيه الخير بصفات الخيانة نفسها، أعلمها من بعد مقابلته؟ أم كان يعرفها ولا حيلة له في تقية نفسه من شرور نظامه؟ مما قد يكون عذراً له جهة التصدير من ليبيا. دون أن يعذر بتلك التقية حركات التحرير التي يحذر منها؟ وكيف فارق ذكاء كريوس صراحته اللبقة، بالتهمة التي اطلقها بأدب جم على حركات الهامش بقوله:
    (( وقد سكتت العديد من قوى المعارضة عن هذه الانتهاكات لحدودنا السيادية نسبةً لرهنها لإرادتها لحكومات البلاد التي تحتلّ هذه الأراضي جرّاء المساعدات التي ظلّت تتلقّاها منها. إننا في المؤتمر النوبي (نوبيين كريووس) نعتبر موقف القوى السياسية والرسمية من هذه المسألة حاسماً في التعامل معها. فمن يفرّط في شبرٍ من الأرض المقدّسة لا يجوز للشعب أن يأتمنه على البلاد )) فكيف ينتقل كريوس بعد هذا الوصف، بين بعض منتسبي هذه الحركات يوقع البيانات ويقدم التصريحات مؤازراً لها، مخفيا عنها إتهامه المريب لها بالخيانة وقبضها مقابل لذلك: (( لرهنها لإرادتها لحكومات البلاد التي تحتلّ هذه الأراضي جرّاء المساعدات التي ظلّت تتلقّاها منها........ فمن يفرّط في شبرٍ من الأرض المقدّسة لا يجوز للشعب أن يأتمنه على البلاد)). بينما تحول كريوس في الخرطوم إلى وزير الداخلية ووزير الدفاع يبحث معه (شؤون تمويل مسح الأسماء بمنطقة المناصير) متخلياً حين مقابلته وزير الحرب في السودان - دون حرب ودون مفاوضات- عن دعوته إلى النضال المسلح، التي ليس بالإمكان تصور إن قائد الجبهة الهمام يجهلها، حتى لوكان كريوس لم يفرد لها حيزاً مناسباً لها في طروحاته و جاء نصه الدستوري المسمى برنامجاً خالياً منها.

    ولكن على ما يقدمه كريوس من مداخلات هجومية وإقصائية ضد الشيوعية في بعض الندوات واللقاءات، دوناً عن باقي الأحزاب في السودان والعالم، فإنه يؤشر لجهة ما بسكوته عن تناول مواقف الحركة الإسلامية المهمشة للنوبة ولعموم السودان، معتذراً عن تناولها بدعوى قدم التهميش عن حضورها إلى السلطة، بينما يصر على دغم الحزب الشيوعي بالأيديولوجيا العروبية الإسلاموية التي يظنها مؤسسة للتهميش وليست نتيجة له. رغم إن الشيوعية وهي العلم التطبيقي لتحرير الكادحين جاءت بعد وجود التهميش بألآف السنين مأججة بثوريتها النضالات الإجتماعية المختلفة المدنية والعسكرية ضد أليات التهميش وأسسه.

    كذلك من المشهود في الدوائر البريطانية سكوت كريوس وخرسه عن قيام الإمبريالية البريطانية والأمريكية بحضارتها الرأسمالية ذات الفولكلور الأنجلو-ساكسوني – البروتستانتي، بشحذ وسن وإمضاء وإنفاذ سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وفرض أسلوبها المركزي الدولي لتوزيع الموارد في أكثر بلاد العالم والسودان، وتسببهما المركزي في تكوين الجزء الاعظم من حالة زيادة وتائر تهميش قطاعاته الحيوية وأقاليمه.

    وزيادة على سكوت كريوس عن تكريس الإمبريالية بنظمها التجارية والمالية المعولمة لأسباب فقر الناس وجوعهم في العالم وبلادنا، بالجملة فهناك سكوت برنامجه عن معالم السياسة الإمبريالية للهيئات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في إدارة الإقتصاد السوداني، وسياسة إدارة الميزانية، وسياسة إدارة المشاريع، وإلى سياسة إدارة الجيوش وفرقها السياسية، وسياسات المعلومات والإعلام العدوة لثقافات تحرر الشعوب، فكذلك سكوت خطاب كريوس عن قيام الإمبريالية بإستلام نفط بلادنا في البحر الأحمر بمقابل بخس يمثل جزءاً من تكلفة حراسته، وتكلفة وضع مزيد من الموارد في خدمة المشروع الإمبريالي، مما لم تعبر عنه خطابات كريوس المتوالية بمقطع معارض يناسب هذا التهميش من المخزون الكبير الذي تذخر به ثقافة الكادحين والمهمشين في السودان في سياق معارضة القهر الدولي وأشكاله المحلية وتواليهما.

    ولكن ليس ما يؤخذ على كريوس هو مجرد السكوت حينما يكون الكلام مفيداً في توضيح العناصر والعلاقات وفي الإبراز المنظوم لقضايا تطور المجتمعات وإرتقاءها وتقدمها، بل الإسهاب في ثلم شمولية الثورة، والسعي لإضعاف العلاقات النضالية بين قوى التحرير والحزب الشيوعي السوداني، فإذا إلتقى بالنوبة من هاجم العدل والمساواة، وإذا إلتقى بأهل العدل والمساواة، هاجم الحزب الشيوعي، وإذا إلتقى بجبهة الشرق هاجم قرنق، وإذا إلتقى بمثثلي قرنق هاجم النوبيين، وهكذا بلا نفع لأي من السياقين العامين للهجوم على حركات التحرير أو للهجوم على الحزب في تطور السياسة السودانية أو لتطور الثورة في السودان.

    فمن سياقات نشاطه وأحاديثه عادة ما يكون إسهاب كريوس متمحوراً حول التناقض بين الرفاق أكثر من كونه عن التناقض بينهم وبين العدو، مغيباً فاعلية النضال المشترك، بتوخي العداء ضد الشيوعية، ومحاولة نسف الإمكانات السياسية الناشئة للنضال المشترك في عدد من المجالات، بهذه الحجة أو تلك بإبدال النظر الموضوعي لمنطق الأشياء في تمثلاتها السياسية والثورية، بتقعير النظر وتحديبه، بشكل يفارق طبيعة الناظر والمنظور إليه.

    ووضع كريوس نفسه - بالإسهاب في الكلام وبهذه المنظرة- مع جميع الأطراف وضد جميع الأطراف، قد تكون سياسة دقيقة له لجهة ما لا يعلمها إلا هو ومن يشاء، ولكن سياسة التلاعب مع الجميع وضد الجميع لم تنجح يوماً في كسب الناس كل الوقت.
    وهي سياسة تختلف بالطبع في تكوينها وفي ممارستها عن سياسة حركة تحرير كوش وطبيعتها الثورية التي يمكن لأي من الناس الرجوع لمواثيقها وتبين أسلوب عملها وإمكانات تطوره وإختلافه حتماً وبصورة شمولية موجبة عن مؤشرات تطور كريوس الأحدي والإقصائي والطفيلي على حركات التحرير .

    وبقيام هذا النص التمهيدي بمحاولة إيضاح بعض التباينات والإختلافات في نشوء وتطور طرح حركة تحرير كوش الثوري السياسي الإقتصادي الإجتماعي الثقافي الشامل والمسلح، وطرح كريوس ذي الطابع السياسوي الفولكلوري-التجاري (المستقل)، تبدو بعض الفوائد في تبين:

     ضرورةالتناسق في تناول المنظومات النظرية والتطبيقية للثورة الإجتماعية الشاملة ضد كافة أسس وأشكال التمركز لا ضد بعضها، وضرورة الإحاطة بتنوع عناصر وأبعاد الثورة الإجتماعية وإتجاهات وأنساق تكاملها.

     ضرورة سعي النقاش لتطوير طروح التنظيمات وتوجيهها صوب هذه الغاية من التناسق والثورة الشاملة، وإيجابها ضد كافة أسس التمركز، وفائدة شمولها وإيجابيتها لأجل تحرير عميق وواسع ومستدام لبلاد كوش و كل بلاد السودان القديم بحدوده الطبيعية من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي..

    - وللحديث بقية-


    المـنـصـور جــعـفـر
    مارس - أبريل2006
                  

04-14-2011, 08:48 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: Al-Mansour Jaafar)

    رؤية من مركز الدراسات والبحوث في حركة تحرير كوش:



    التحرير السياسي

    الهدف العام:
    تحرير بلاد كوش من سيطرة مراكز الحكم والتجارة، السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وذلك بتخديم النضال الثوري المسلح والنشاط الآيديولوجي.
    للإسهام علماً وعملاً في بناء الحضارة الإنسانية في العالم التي بدأ أهل كوش تأسيسها قبل آلاف السنين.

    الوسيلة المستدامة :
    وضع كل منطقة من مناطق كوش وبلادها تحت سيطرة سكانها يقرروا طبيعة معاشهم وكيفية تصريف موارد إنتاجهم وتوزيعه على تلبية الحاجات الضرورة لحياتهم
    ضمن تخطيط علمي لمؤشرات إنتاج وتبادل المنافع في عموم الدولة. وإحترام حقوق الإنسان ومبادئي الحكم الصالح ، والتعاون الدولي المتكافئي.


    الوسيلة الوسيطة:
    النضال الثوري المسلح والدعاية الآيديولوجية لأجل سيطرة الشعب في كل منطقة على أمور حياته، والإتحاد الإستقلالي بين مناطق وأقاليم وبلاد كوش.


    البناء السياسي لدولة كوش:
    يرتبط بناء دولة كوش بعمليتين متداخلتين:

    أ- تصفية الأبنية المادية والسياسية والثقافية القديمة الضارة بتناسق حاجات وقدرات وإمكانات التقدم المتناسق للمجتمع والإنسان
    وتحريرهما من أسسها العسكرية والإقتصادية والثقافية الماثلة في القهر والإستغلال والتهميش والعنصرية.

    ب- بناء وتنظيم الدولة الجديدة على أساس دستور لسيادة الشعب وإحترام حقوق الإنسان، وبرلمان ذو تمثيل متوازن لقوى النقابات والأحزاب والأجهزة العسكرية
    بدلاً عن الصراع بين هذه القوى، ونظام للتنمية المتوازنة لقدرات وإمكانات المجتمع وتفتحه الثقافي وتقدمه العلمي وإزدهار إمكاناته عدداً ونوعاً.



    التحرير الإقتصادي

    الهدف العام:
    تحرير الإقتصاد من سيطرة الإستغلال والتهميش المحلي والدولي وموبقات الفقر والجهل والمرض والعنصرية، وذلك بإجراء تنمية علمية لعلاقات وقوى وموارد الإنتاج
    تتيح للمواطنين الإستقلال بإقرار أمور حياتهم وتنظيم إسهامهم في التبادلات المحلية والدولية.

    الوسيلة المستدامة :
    التنمية المتوازنة ضد التخلف والبؤس والفساد، بوضع التجارة الخارجية والبنوك ومفاتيح التعدين والصناعة والزراعة وخدمات الري والمياه والكهرباء والإسكان والإنتقال والإتصال
    تحت سيطرة المجتمع، وإحترام حقوق الإنسان، وتطبيق مبادئي الحكم الصالح: العدالة وفاعلية الخدمات الإجتماعية والإقتصاد والإنتخاب والرقابة الشعبية والمحاسبة.

    الوسيلة الوسيطة:
    ثورة ديمقراطية شاملة ضد إمكان تملك بعض الأفراد لموارد المجتمع وتحكمهم في حقوق وقدرات نموه، مما يتطلب لتحريره منها: وضع أسس الحياة الإقتصادية تحت سيطرة مجتمعات وأمة كوش.

    البناء الإقتصادي لدولة كوش:
    ينعقد بناء إقتصاد دولة كوش بمتلازميتين هما :

    أ‌- تخطيط الأسس المادية للحياة الإنتاجية: (الأراضي الإستثمارية للتعدين والزراعة والصناعة والخدمات الإجتماعية والبنوك والتجارة الخارجية) ضمن خطة تنمية شاملة.

    ب- تغيير علاقات الإنتاج والعمل من الأجرة والتملك المفرد في القطاعات الإستراتيجية إلى
    الشراكة في التخطيط والأداء والعائدات المالية بين المنتجين المباشرين والمجتمع مع نصيب لتنمية وسيلة الإنتاج الزراعية أو الصناعية إلخ .




    التحرير الإجتماعي

    الهدف العام:
    تحرير المجتمع من السيطرة الطبقية – العنصرية ضد القوميات والإعتقادات وضد النساء وظواهرها في شكل ومضمون الحكم وتوزيعه بظلم موارد الحياة وإمكانات التقدم.
    تحريراً للمجتمع من عناصر التفكك والتناحر الداخلي، ومن عناصر النحر الخارجية.

    الوسيلة المستدامة :
    تحرير المجتمع من أسس التسلط الإقتصادي السياسي والثقافي وما فيها من إستغلال وتهميش وتبعية إنمساخ وتخلف.
    مما يرتبط بمناهضة التمييز الطبقي في أشكاله الإقليمية وضد النساء والأطفال وضد الإعتقادات الدينية والفلسفية وضد الأفكار المنادية بالتغيير الإقتصادي-والسياسي والثقافي.


    الوسيلة الوسيطة :
    حكم أهل كل منطقة لموارد إنتاجهم ووسائله وإشتراكهم خيراته لتلبية الحاجات الضرورية لتقدم حياتهم يقلل الأسس المادية للتميز الطبقي: الإقليمي والعنصري ضد النساء والقوميات والإعتقادات

    البناء الإجتماعي لدولة كوش:
    يرتبط البناء الإجتماعي لدولة كوش بكينونتين:

    أ‌- إلغاء تملك بعض الأفراد لموارد حياة المجتمع ووقف المتاجرة بالمياه والكهرباء والغذاء والإسكان والتعليم والعلاج والإنتقال والإتصال
    وإرجاعها إلى وضعها الطبيعي كحقوق أصيلة للإنسان والمساواة فيها كأس للحرية والكرامة.

    ب‌-تأسيس مقومات الدولة والإقتصاد والثقافة على المساواة بين المناطق وبين الأقاليم وبين النساء والرجال وبين مختلف الإعتقادات وإحترام الحقوق الإقتصادية-الإجتماعية والثقافية للإنسان والمجتمع.



    التحرير الثقافي:

    الهدف العام:
    تحرير معيشة الناس من أسس الإستعلاء والدونية، وتوفير إمكانات متعادلة كماً ونوعاً لإزدهار أنشطتهم العلمية والعملية وتنمية المعرفة بالوجود الإجتماعي وأصوله ومعانيه،
    وليس نهاية بوعي الجمال كحقيقة إشراقية يلمحها الإنسان في جدليات وتناسقات معينة لعناصر الطبيعة والمجتمع والتفكير .

    الوسيلة المستدامة :
    حرية المجتمع وحقوقه من التسلط والإستغلال والتهميش بإلغاء أسس التملك الإنفرادي لموارد الحياة وبتحويل الريادة في تقويم عناصر الحياة الإجتماعية
    من النقود إلى التخطيط والعمل الإجتماعي والحُسن في التعليم والعمل الشريف المتقن الجميل في سموءه بإمكانات الفرد وفائدته الإجتماعية.

    الوسيلة الوسيطة :
    حرية الفنون والاداب والتعليم وضمانات العمل والعائد الكريم والصحة والسكن والإنتقال والإتصال والأمن والطمأنينة والفاعلية الإجتماعية الإستقلال والكرامة الوطنية.

    البناء الثقافي لدولة كوش :
    يرتبط البنيان الثقافي لدولة كوش برسم لوحتين:

    أ- النضال الأيديولوجي والعسكري ضد أسس وأشكال دولة الإستغلال والتهميش والعنصرية وبناء دولة للحرية والإخاء والمساواة
    خاضعة لمصلحة الأغلبية الديمقراطية بلا إستغلال أوتهميش أوعنصرية

    ب- إرتفاع شأن التعليم والإنتاج العلمي والعمل المثمر إجتماعياً والزيادة الكمية والنوعية في الإنتاج الفني والأدبي والعلمي،
    وإرتقاء التعامل الإجتماعي والسلام بين الأفراد والجماعات والمناطق والبلاد.


    إنتهى نص إيضاح مفهوم "التحرير" في وثائق حركة تحرير كوش



    وللقارئي الكريم أن يتبين الفرق بين الطرح الشامل لمسألة المركز وتحرر الهامش منه، كما في وثيقة حركة تحرير كوش، والطرح الجزئي لنفس المسألة في طروحات "كريوس" القائمة على فهم جزئي فوقي لإصطلاح "المركز " ولمسألة حرية الهامش منه : فهم ثقافوي حيناً ، وعرقي حيناً آخر ، وحضاروي في مرة ثالثة، وشخصي ذاتي في مرة رابعة، مع تغييب شامل لحقيقة الأسس الإقتصادية السياسية لعملية التمركز والتهميش أياً كانت لغة أو لغات محيطها أو كانت طبيعة أرضها أو (حضارية) أو (ثقافة ) السكان فيها أو عقيدتهم.

    (عدل بواسطة Al-Mansour Jaafar on 04-14-2011, 08:50 PM)

                  

04-14-2011, 09:12 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: Al-Mansour Jaafar)

    العاقبة من تجاهل الأسس الإقتصادية السياسية للتمركز والتهميش في خطاب الحرية من المركز القديم البريطاني أو العروبي هي
    قيام مراكز جديدة للإستغلال والتهميش تحت أسماء وأشكال جديدة . ففي السودان تغيرت رئاسة الحكومات شكلاً ورسماً بين مدنية وعسكرية
    وجاء كثير من المسؤولين الكبار من المناطق الريفية المهمشة لكن حالة الإستغلال والتهميش الرأسمالية وما تنتجه من إستعلاء ودونية بقيت هي الحالة المسيطرة !
                  

04-14-2011, 10:45 PM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: Al-Mansour Jaafar)

    Quote:

    كذلك من المشهود في الدوائر البريطانية سكوت كريوس وخرسه عن قيام الإمبريالية البريطانية والأمريكية بحضارتها الرأسمالية ذات الفولكلور الأنجلو-ساكسوني – البروتستانتي، بشحذ وسن وإمضاء وإنفاذ سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وفرض أسلوبها المركزي الدولي لتوزيع الموارد في أكثر بلاد العالم والسودان، وتسببهما المركزي في تكوين الجزء الاعظم من حالة زيادة وتائر تهميش قطاعاته الحيوية وأقاليمه.

    وزيادة على سكوت كريوس عن تكريس الإمبريالية بنظمها التجارية والمالية المعولمة لأسباب فقر الناس وجوعهم في العالم وبلادنا، بالجملة فهناك سكوت برنامجه عن معالم السياسة الإمبريالية للهيئات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في إدارة الإقتصاد السوداني، وسياسة إدارة الميزانية، وسياسة إدارة المشاريع، وإلى سياسة إدارة الجيوش وفرقها السياسية، وسياسات المعلومات والإعلام العدوة لثقافات تحرر الشعوب، فكذلك سكوت خطاب كريوس عن قيام الإمبريالية بإستلام نفط بلادنا في البحر الأحمر بمقابل بخس يمثل جزءاً من تكلفة حراسته، وتكلفة وضع مزيد من الموارد في خدمة المشروع الإمبريالي، مما لم تعبر عنه خطابات كريوس المتوالية بمقطع معارض يناسب هذا التهميش من المخزون الكبير الذي تذخر به ثقافة الكادحين والمهمشين في السودان في سياق معارضة القهر الدولي وأشكاله المحلية وتواليهما.

                  

04-15-2011, 06:51 AM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: عبد الوهاب المحسى)

    UP
                  

04-15-2011, 07:39 AM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: عبد الوهاب المحسى)

    فوق
                  

04-15-2011, 04:25 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: عبد الوهاب المحسى)


    ولكن على ما يقدمه كريوس من مداخلات هجومية وإقصائية ضد الشيوعية في بعض الندوات واللقاءات، دوناً عن باقي الأحزاب في السودان والعالم، فإنه يؤشر لجهة ما بسكوته عن تناول مواقف الحركة الإسلامية المهمشة للنوبة ولعموم السودان، معتذراً عن تناولها بدعوى قدم التهميش عن حضورها إلى السلطة، بينما يصر على دغم الحزب الشيوعي بالأيديولوجيا العروبية الإسلاموية التي يظنها مؤسسة للتهميش وليست نتيجة له. رغم إن الشيوعية وهي العلم التطبيقي لتحرير الكادحين جاءت بعد وجود التهميش بألآف السنين مأججة بثوريتها النضالات الإجتماعية المختلفة المدنية والعسكرية ضد أليات التهميش وأسسه.
                  

04-16-2011, 09:49 AM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: Al-Mansour Jaafar)

    Quote:

    التحرير السياسي

    الهدف العام:
    تحرير بلاد كوش من سيطرة مراكز الحكم والتجارة، السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وذلك بتخديم النضال الثوري المسلح والنشاط الآيديولوجي.
    للإسهام علماً وعملاً في بناء الحضارة الإنسانية في العالم التي بدأ أهل كوش تأسيسها قبل آلاف السنين.

    الوسيلة المستدامة :
    وضع كل منطقة من مناطق كوش وبلادها تحت سيطرة سكانها يقرروا طبيعة معاشهم وكيفية تصريف موارد إنتاجهم وتوزيعه على تلبية الحاجات الضرورة لحياتهم
    ضمن تخطيط علمي لمؤشرات إنتاج وتبادل المنافع في عموم الدولة. وإحترام حقوق الإنسان ومبادئي الحكم الصالح ، والتعاون الدولي المتكافئي.


    الوسيلة الوسيطة:
    النضال الثوري المسلح والدعاية الآيديولوجية لأجل سيطرة الشعب في كل منطقة على أمور حياته، والإتحاد الإستقلالي بين مناطق وأقاليم وبلاد كوش.


    البناء السياسي لدولة كوش:
    يرتبط بناء دولة كوش بعمليتين متداخلتين:

    أ- تصفية الأبنية المادية والسياسية والثقافية القديمة الضارة بتناسق حاجات وقدرات وإمكانات التقدم المتناسق للمجتمع والإنسان
    وتحريرهما من أسسها العسكرية والإقتصادية والثقافية الماثلة في القهر والإستغلال والتهميش والعنصرية.

    ب- بناء وتنظيم الدولة الجديدة على أساس دستور لسيادة الشعب وإحترام حقوق الإنسان، وبرلمان ذو تمثيل متوازن لقوى النقابات والأحزاب والأجهزة العسكرية
    بدلاً عن الصراع بين هذه القوى، ونظام للتنمية المتوازنة لقدرات وإمكانات المجتمع وتفتحه الثقافي وتقدمه العلمي وإزدهار إمكاناته عدداً ونوعاً.



    التحرير الإقتصادي

    الهدف العام:
    تحرير الإقتصاد من سيطرة الإستغلال والتهميش المحلي والدولي وموبقات الفقر والجهل والمرض والعنصرية، وذلك بإجراء تنمية علمية لعلاقات وقوى وموارد الإنتاج
    تتيح للمواطنين الإستقلال بإقرار أمور حياتهم وتنظيم إسهامهم في التبادلات المحلية والدولية.

    الوسيلة المستدامة :
    التنمية المتوازنة ضد التخلف والبؤس والفساد، بوضع التجارة الخارجية والبنوك ومفاتيح التعدين والصناعة والزراعة وخدمات الري والمياه والكهرباء والإسكان والإنتقال والإتصال
    تحت سيطرة المجتمع، وإحترام حقوق الإنسان، وتطبيق مبادئي الحكم الصالح: العدالة وفاعلية الخدمات الإجتماعية والإقتصاد والإنتخاب والرقابة الشعبية والمحاسبة.

    الوسيلة الوسيطة:
    ثورة ديمقراطية شاملة ضد إمكان تملك بعض الأفراد لموارد المجتمع وتحكمهم في حقوق وقدرات نموه، مما يتطلب لتحريره منها: وضع أسس الحياة الإقتصادية تحت سيطرة مجتمعات وأمة كوش.

    البناء الإقتصادي لدولة كوش:
    ينعقد بناء إقتصاد دولة كوش بمتلازميتين هما :

    أ‌- تخطيط الأسس المادية للحياة الإنتاجية: (الأراضي الإستثمارية للتعدين والزراعة والصناعة والخدمات الإجتماعية والبنوك والتجارة الخارجية) ضمن خطة تنمية شاملة.

    ب- تغيير علاقات الإنتاج والعمل من الأجرة والتملك المفرد في القطاعات الإستراتيجية إلى
    الشراكة في التخطيط والأداء والعائدات المالية بين المنتجين المباشرين والمجتمع مع نصيب لتنمية وسيلة الإنتاج الزراعية أو الصناعية إلخ .




    التحرير الإجتماعي

    الهدف العام:
    تحرير المجتمع من السيطرة الطبقية – العنصرية ضد القوميات والإعتقادات وضد النساء وظواهرها في شكل ومضمون الحكم وتوزيعه بظلم موارد الحياة وإمكانات التقدم.
    تحريراً للمجتمع من عناصر التفكك والتناحر الداخلي، ومن عناصر النحر الخارجية.

    الوسيلة المستدامة :
    تحرير المجتمع من أسس التسلط الإقتصادي السياسي والثقافي وما فيها من إستغلال وتهميش وتبعية إنمساخ وتخلف.
    مما يرتبط بمناهضة التمييز الطبقي في أشكاله الإقليمية وضد النساء والأطفال وضد الإعتقادات الدينية والفلسفية وضد الأفكار المنادية بالتغيير الإقتصادي-والسياسي والثقافي.


    الوسيلة الوسيطة :
    حكم أهل كل منطقة لموارد إنتاجهم ووسائله وإشتراكهم خيراته لتلبية الحاجات الضرورية لتقدم حياتهم يقلل الأسس المادية للتميز الطبقي: الإقليمي والعنصري ضد النساء والقوميات والإعتقادات

    البناء الإجتماعي لدولة كوش:
    يرتبط البناء الإجتماعي لدولة كوش بكينونتين:

    أ‌- إلغاء تملك بعض الأفراد لموارد حياة المجتمع ووقف المتاجرة بالمياه والكهرباء والغذاء والإسكان والتعليم والعلاج والإنتقال والإتصال
    وإرجاعها إلى وضعها الطبيعي كحقوق أصيلة للإنسان والمساواة فيها كأس للحرية والكرامة.

    ب‌-تأسيس مقومات الدولة والإقتصاد والثقافة على المساواة بين المناطق وبين الأقاليم وبين النساء والرجال وبين مختلف الإعتقادات وإحترام الحقوق الإقتصادية-الإجتماعية والثقافية للإنسان والمجتمع.



    التحرير الثقافي:

    الهدف العام:
    تحرير معيشة الناس من أسس الإستعلاء والدونية، وتوفير إمكانات متعادلة كماً ونوعاً لإزدهار أنشطتهم العلمية والعملية وتنمية المعرفة بالوجود الإجتماعي وأصوله ومعانيه،
    وليس نهاية بوعي الجمال كحقيقة إشراقية يلمحها الإنسان في جدليات وتناسقات معينة لعناصر الطبيعة والمجتمع والتفكير .

    الوسيلة المستدامة :
    حرية المجتمع وحقوقه من التسلط والإستغلال والتهميش بإلغاء أسس التملك الإنفرادي لموارد الحياة وبتحويل الريادة في تقويم عناصر الحياة الإجتماعية
    من النقود إلى التخطيط والعمل الإجتماعي والحُسن في التعليم والعمل الشريف المتقن الجميل في سموءه بإمكانات الفرد وفائدته الإجتماعية.

    الوسيلة الوسيطة :
    حرية الفنون والاداب والتعليم وضمانات العمل والعائد الكريم والصحة والسكن والإنتقال والإتصال والأمن والطمأنينة والفاعلية الإجتماعية الإستقلال والكرامة الوطنية.

    البناء الثقافي لدولة كوش :
    يرتبط البنيان الثقافي لدولة كوش برسم لوحتين:

    أ- النضال الأيديولوجي والعسكري ضد أسس وأشكال دولة الإستغلال والتهميش والعنصرية وبناء دولة للحرية والإخاء والمساواة
    خاضعة لمصلحة الأغلبية الديمقراطية بلا إستغلال أوتهميش أوعنصرية

    ب- إرتفاع شأن التعليم والإنتاج العلمي والعمل المثمر إجتماعياً والزيادة الكمية والنوعية في الإنتاج الفني والأدبي والعلمي،
    وإرتقاء التعامل الإجتماعي والسلام بين الأفراد والجماعات والمناطق والبلاد.


                  

04-18-2011, 02:21 PM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: عبد الوهاب المحسى)

    UP
                  

04-18-2011, 02:47 PM

كمال علي الزين
<aكمال علي الزين
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 13386

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: عبد الوهاب المحسى)

    (*)
                  

04-19-2011, 05:26 PM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: كمال علي الزين)

    up
                  

04-19-2011, 07:44 PM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: عبد الوهاب المحسى)

    فوق
                  

04-19-2011, 09:33 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: عبد الوهاب المحسى)

    مرحباًالأستاذ عبدالوهاب المحسي

    مرحباًبالزين كمال الزين

    وثيقة حركة تحرير كوش الجامعة الشاملة الملخصة للفهوم المختلفة لإصطلاح "التحرير" ونشرها

    يعد من أفضال هذه الحركة على هذا "الإصطلاح" الذي تبعثرته حركات وتنظيمات عدداً وهو -نوعاً ما- يحل هذه الإيام محل إصطلاح التغيير الجذري "الثورة" الذي تعتقلته حاليا ًَ آليات الميثيولوجيا الليبرالية وسياسات تجزئة وتفريد الخطوات في مواجهة عدو إمبريالي رأسمالي شامل متعدد الوجوه .




                  

04-20-2011, 04:26 PM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: Al-Mansour Jaafar)

    ***
                  

04-20-2011, 11:16 PM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: عبد الوهاب المحسى)

    ++++
                  

04-22-2011, 03:46 PM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: عبد الوهاب المحسى)

    *****
                  

04-23-2011, 07:36 AM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـي شمـوليـة الثـورة السودانيـة: (Re: عبد الوهاب المحسى)

    *****
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de