|
Re: إطلالة على الشاعر الراحل " محمد المهدي المجذوب " وديوان شعره " نار المجاذيب (Re: عبدالله الشقليني)
|
(3) تحدث الشاعر في مقدمة ديوانه وأوضح رؤيته كلها بلغة باهرة تُكشف الكاتب النثري الباهر الذي اختفى في حنايا جُلباب الشِعر :
( رأيت طفولتي الباكرة على ضوء هذه النار المباركة ، ونظرت إليها وسمعت حديثها ، وعَلِمْتُ وانتشيت وغنيت . أوقدها الحاج " عيسى ود قِنديل " والسودان في مُلك " العَنَجِ النصارى من أهليه ، فتلفتتُ في ليل " دَرُّو" الساكن ، وتُلقي ذوائبها الذهبية على الحَيران ، تحلقوا حولها وعانقوا الألواح ورتّلوا القرآن ، وسهر من حولها الفرسان والفقهاء وأصحاب الخوارق ، يسبّحون وينشدون ، سماحة بين الناس وأمناً وأريحية ، قروناً طوالاً حتى الساعة . ودفع بي أبي إلى هذه النار فرأيتُ وجه شيخي وسيدي ، شيخ الفقراء الورع الحافظ ، الفقيه محمد ود الطاهر . وأني هو الشاعر المعلم ، الحافظ العلامة الفذُ العابد ، الشيخ محمد المجذوب ، بن الفقيه محمد ، بن الفقيه أحمد بن الفقيه جلال الدين ، بن الفقيه عبد الله النَّقَرْ ، بن طيِّب النِيَّة الشاذلي ، الفقيه حمد ، بن الفارس الفقيه المجذوب ، بن علي البَكَّاء من خشية الله ، بن حمد ضمين الدامر ، بن عبد الله المشهور برجل " دَرُّو" ، بن محمد ، بن الحاج عيسى وَد قنديل بن حمد بن عبد العال بن عرمان والإجماع قائم على أن شاع الدين وعبد العال ابني عرمان أمهما من نسل البضعة الشريفة ، وأَعَدُّ نسبي في الجعليين من عرب السودان حتى العباس بن عبد المطلب، والحمد لله على ذلك ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه . وخرجتُ من الحيران إلى "الفَزَعَة "لنحتطب ، وفي قبضتي الصغيرة فَرَّار وماء من بحر النيل في زجاجة خضراء ، وتغوص أقدامنا في كثبان الرمال السمر ، وتتعلق أعيننا بزرقة النيل ورؤوس الدوم والنخيل ، ونُريح طفولتنا عند السدر الظليل ، ونعود إلى النار وبالعُشَرِ ، والسَّلَمِ وتطعمنا النار ،مغربِ كل أربعاء كَرَامةً من " بليلةِ اللوبياء المبارك ، وعَيش الريفِ الحلال . ومن ليل "الدامر" الساكن الهامس بالنجوم .ومن مدائح الولي الكامل جليس الرسول محمد المجذوب ووَجْدِه الصادِح في ضوء النار الساهر . ومن فرحي الغامر بصحبتي لقسيم الصبا والأحلام والشباب ، الشاعر الفذ الفنان عمي وأخي وسيدي ابى البركات عبد الله بن سيدي الوالد ، الشاعر الحافظ المعلم الشيخ الطيب ، عليه رحمة الله ورضوانه . ومن لالاء نوّار اللُّوبيا ، في جرف السيدة " صَافي النيّة " رضوان الله عليها ورحمته ، ومن رقتها وحنانها العميق ، ومن سِيَر التاريخ الحافل بالمآثر أَخذاً عن جدتي الحافظة ، المعلمة الذاكرة ، السيدة الحاجة مريم بنت الولي الصالح الحاج "عطوة "المغربي" الخفاجي "، والسيدة البرّة الكريمة ، أم الأضياف البرّة الوّهابة ، بنت وهب بنت النقر ، رضوان الله عليهما ورحمته وبركاته ، ومن طبول المُقَدَّم القادري تلميذ الشيخ الجعلي " دياب " رضوان الله عليهم ، ومن الصدق الذي علمنيه والداي العاطفان ..ومن كل ما ذكرت ـ في محبة ووفاء وعرفان ، انعقد جوهر هذا الشعر . سادتي القراء معاذ الله أن أفخر وأنا من تراب ... ولقد علم العلام أنني ما أردت، بالذي ذكرت ، إلا إقرارا بعجزي وشكري . وانتقلت بعد الخلوة القرآنية في " الدَّامَر إلى مدارس الحكومة في الخرطوم ، وحتى تخرجت من كلية غردون ، ولم ألق بالاً بوعي كامل إلى هذه المدارس ، ولم أمنع نفسي من شرورها وقشورها ، وما زلت أعاني من أمورها .وجدتُ عند أبي قراءة حافلة ودرساً متصلاً ، ثم اخترت ...ولقد أفدتُ كثيراً من مخالطة الناس خصوصاً المساكين فلديهم صدق أخاذ نفعني وشفاني .
أعمل حاسباً في حكومة السودان ، وقد تنقلت في بلادي بحكم وظيفتي من أقصى الشرق وإلى أقصى الجنوب إلى أقصى الغرب مع نشأتي في الشمال . وقد سمعت ورأيت وجربتُ كثيراً ، حزناً وسروراً ، وكنتُ أصنع هذا الشعر على أحوال مختلفات ... ولقد علمت بعد المعالجة والتجربة أن الشِعر أصعب الفنون ، ولم تؤهلني طاقتي إلى بلوغ الغاية فيه .. وقد آذاني الشِعر .. فقد رسخ في أذهان الناس هنا أن الشاعر من كوكبٍ آخر .. فهو لا يأكل الطعام ولا يسعى في الأسواق .
وأذكر أول التحاقي بالوظيفة ، أن رئيسي في الديوان ، رآني أختلس النظر إلى ديوان العقاد ، وكنتُ خبأته في احد أدراجي .وأصلح الرجل الطيب شاربه الملكي ، وامتلأ بوظيفته ، ونظر وعبس وبسر ، وقال في إشفاق واستخفاف : الشِعر ؟ " يا بني الشعر ما يِسْقِنيش مَيَّه "- وأعترف هنا أنني لم انتفع بنصيحة قط ، وما انتهت نفسي عن غيها ، وليس لها من زاجر .وتذكرت نُصح الرجل الطيب .. فقد حسبني مداحاً .. وهو قد فطن إلى ضعف الشاعر في هذا الزمان ، وأكثر القوم في الشرق العربي ينظرون إلي شخصه لا عمله .
ولقد كان الشاعر في السودان مذبوحاً ..دمه من المُشهِّيات ومما اتُّفقَ عليه – ولا نعرف فظاعة القسوة التي فيه ، وأن الألم يعين على الإبداع ، ولا يقول هذا من يعرف القلوب ، فالألم يعين على الإبداع ، ولا يقول هذا من يعرف القلوب ، فالألم إذا إذا جاوز الطاقة – مثل الفقر- يفحم ويقتل المواهب ويعمي البصيرة والبصر.ولقد علمت أن الشعر كسائر الفنون لا يُشْرك به .. ولم أتمكن من الجمع بين الواقع الذي أعيش فيه والشعر ، ثم غلب على ابتغاء الجر في طلب العيش ، فأعطيت وظيفتي ، وهي حق لا ريب فيه كل وقتي وتفكيري وطاقتي " وأسلم في هذا الموضع ، بكل احترام ، على من بيدهم أمر العلاوات والترقيات من رؤسائي في خدمة الدولة " .
أنا أحب الفرح – متفائل بطبعي ، لأنني أحب الخير لنفسي وللناس ، وبهذا تعتدل الحياة ، ولكن الله جلّت حكمته ابتلائي وأعانني ، وله الحمد ، فاحتملت ، وأعياني حبي للصفاء فاعتزلت ، وأحاسب نفسي ، وأتهم صدقي وأتعب وأوسوس وأتشاءم ، وعلمت – غير نادم – أن التطرف في الحب والولاء لا يؤذي إلا صاحبه ، والنفوس شِحاح ، والأنصاف على الصفاء هو الإكسير – والإكسير خرافه – وشجرة الإكسير كانت على الذروة من جبل كسلا – وليس غيرها في الدنيا ، قيل صعد إليها رجل فاقتلعها .. أين الرجل ؟ ، ولكني لن أسأم من طلب الخير لنفسي ولغيري .. وأؤمن بالقضاء والقدر وهذا باب طويل . ليس لي مذهب شعري ، فقد حاولت التعبير عن نفسي بصدق ، ولم التفت إلى مذهب نقدي ، ولم أجعل اللغة غاية ، وأخشاها ، وأشتهي الخروج على قوانينها الصارمة ، ولا أعرف تقطيع البيت على التفاعيل ، وما زلت أتعجب ممن يطبق هذه التراكيب واشهدُ له بالبراعة . هذا وما كنتُ أعدّ نفسي من الشعراء ، فقد اشتهيت أن أكون رساماً ولم أفلِح. مشايخي في الشِعر ؟ لا أول لهم ولا آخر ، من العرب ومن الأعاجم الفصحاء ، قُدّامي ومحدثين رجالاً ونساء .. وأنا لهم مَدين . أنا إنسان حسن الحظ جدا ، فقد كتب الله لي السعادة حين عطَّف عليَّ قلوب أفراد من النساء والرجال ، داخل السودان وخارجه ، تولوني بالتشجيع وأذاعوا ما استجادوا من هذا الشعر ، ولما كنت أجد سروراً في الاعتراف بالفضل ، فقد كنت أحب أن أزين هذا الديوان بذكر أسماء هؤلاء الأحباب ، وترديد أسماءهم يعدل عندي رنين قصيدة . والعاطفون عليّ يعرفون شكري ووفائي وسعادتي بشكرهم وذكرهم ، وقلوبهم تحدثهم عني ، وكنت أحب لو نشرت أسماءهم ولكنها ديوان وحده. وبعد أيها القارئ الكريم .. هذا شعري بين يديك ، وأرجو أن ينفعني صدقي لديك ، وأحب أن نلتقي في ديوان آخر ولك شكري .)
محمد المهدي المجذوب
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إطلالة على الشاعر الراحل " محمد المهدي المجذوب " وديوان شعره " نار المجاذيب (Re: عبدالله الشقليني)
|
التحية والإجلال للشاعر الثر محمد المهدي مجذوب ونحن على مشارف الثلاثين عاماًمنذ فقدناه
وكأنها البارحة إلى أن فاجأني ذات نهار فتىً فارعاً وسيماً في سمرته لمعان!
وعرّف نفسه: عوض الكريم محمد المهدي! وما كان بحاجة ليكمل فقد بانت لي حينها الملامح
لك الشكر يا شقليني على ابتدار هذه الحولية وعلى الهدايا في الروافد التي أخذتنا اليها
أما شهادتك يا عوض الكريم فهي من أهم الوثائق ومن يعرف الأب أقرب من ابنه؟؟؟
فقد تعلمنا جميعاً منه مالا يخطر على بالك ولولا معرفتي لحرص الشقليني على محتويات نوافذه
لشرحت لك طريقة عمل الكبدة للعشاء وهي لا تشبه طبخة الإفطار وقد شرحها لي والدك وهم ينتظرون مني عشاء وكانوا يسامرون محمد عبد الحي بعد احدى نكساته الصحية المبكرة وأنا أسترق السمع من خلال طاقة المطبخ وكانوا: محمدالمهدي، والنور عثمان، ومحمد عبد الحي رحمهم الله؛ وحسين جمعان، والياس فتح الرحمن حفظهم الله.
على العموم عشيتهم وأنا أعجب عما يتحدث عنه هؤلاء "الناس" وأعجب أكثر الآن كيف و متى صنعوا هذا الجمال وهم في غمرة الأنس والسمر الذي ما قطعه إلا البعد والمرض...ثم الموت!
لك التحية ياسيدي المجذوب في عليائك وبلغها للرفاق إن كُشِف لك فقد تركتم المكان موحشاً إلا من طبولكم القديمة طرقها اليوم شقليني!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إطلالة على الشاعر الراحل " محمد المهدي المجذوب " وديوان شعره " نار المجاذيب (Re: عائشة موسي السعيد)
|
الأستاذ الشقليني لك التحية والود ولزوارك الكرام السلام والاحترام .. شكراً لك على افتراع هذا الخيط الجميل وعلى إحياء ذكرى المجذوب حي الروح والأثر .. المجذوب عمود والمجذوب ركن وهو روح ورمز .. المجذوب ورصفاؤه من مبدعي السودان منحونا معنى أن نكون سودانيين وأن نفخر بما نحن عليه .. وشد ما يحزن المرء أن يضع شعب بأكمله رموزه ومبدعيه في زاوية النسيان ، .. كُلّفتُ في العام 1997م بتدريس مادة ( الأدب السوداني ) وكنت أعمل محاضراً ( جامعة جوبا ) سألت الطلاب في قاعة مكتظة ( من منكم يعرف الشاعر محمد المهدي المجذوب ؟) الجواب = صفر كبير واحسرة .. شكراً لك أستاذ الشقليني متابعة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إطلالة على الشاعر الراحل " محمد المهدي المجذوب " وديوان شعره " نار المجاذيب (Re: طه إبراهيم عبد الله)
|
كتب كمال الجزولي في رثاء شيخنا محمد المهدي المجذوب (ظل وجهك سافرا وسط الوجوه الأقنعة)
الله
الله
الله
يا شيخ الصعاليك اليتامى الله يا قلباً تلظى إذ تلظى في الأسى والشوق والعشق الزؤام
أرفع الكأس الجنوبي الغبوقا علنا بالخمر نشفى واجترع من صحة الطوفان والطير الأبابيل البشنف سمعنا قصفا وعصفا وحدثنا عن الغرقى .. عن الناجين عن نوح وعن عيسى وعن سقراط والسم المصفى
شكرا أخي عبدالله الشقليني وأنت تطوف بنا بين قطوف رموز الثقافة السودانية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إطلالة على الشاعر الراحل " محمد المهدي المجذوب " وديوان شعره " نار المجاذيب (Re: طه إبراهيم عبد الله)
|
Quote: الأستاذ الشقليني لك التحية والود ولزوارك الكرام السلام والاحترام .. شكراً لك على افتراع هذا الخيط الجميل وعلى إحياء ذكرى المجذوب حي الروح والأثر .. المجذوب عمود والمجذوب ركن وهو روح ورمز .. المجذوب ورصفاؤه من مبدعي السودان منحونا معنى أن نكون سودانيين وأن نفخر بما نحن عليه .. وشد ما يحزن المرء أن يضع شعب بأكمله رموزه ومبدعيه في زاوية النسيان ، .. كُلّفتُ في العام 1997م بتدريس مادة ( الأدب السوداني ) وكنت أعمل محاضراً ( جامعة جوبا ) سألت الطلاب في قاعة مكتظة ( من منكم يعرف الشاعر محمد المهدي المجذوب ؟) الجواب = صفر كبير واحسرة .. شكراً لك أستاذ الشقليني متابعة |
العزيز الأكرم / الأستاذ / طه إبراهيم عبد الله . تحية طيبة وود كثير والشكر الجزيل على ما تفضلت به ، ونرجو تفضلكم بمزيد من الإضاءة على هذه القامة الإبداعية السامقة ، ولن نَملّ السؤال ، حتى نتقدم بصفحة الوفاء ، ولا نترك أمر المبدعين أن تُصبح مواطنهم هي التي تقوم بالتكريم . فقد كان المجذوب مبدعاً للوطن قبل " مكر التقسيم " الذي نفذه أصحاب الشمال واصحاب الجنوب!...
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إطلالة على الشاعر الراحل " محمد المهدي المجذوب " وديوان شعره " نار المجاذيب (Re: احمد الامين احمد)
|
(10)
الحبيب الكاتب / أحمد أمين لا تعتب علينا ، فقد حمّلنا على أكتافِكَ أحمالاً ثقيلة ، بما حوت ، وثقيلة أيضاً في ميزان الوفاء للذين تعلمنا من إبداعهم الذي انتشر .عند كل انعطافة ، ومن وراء دغل كثيف ، تَخرجُ إلينا خيلك واثبة علينا بترحاب الصهيل . لو أني أعرف خاتمتي .. لبدأت حياة هذا الملف بذات الخُطى. ليس ما قدمت مُداخلة ، ولا ورقة ، بل سِفراً ثقيلاً بأحماله ، وبموازين المتابعة والحبو عند مشيخة الذين قدمهم إبداعهم ، وكان المجذوب من القلائل الذين كانت من همومهم التوثيق . يقبضون على البُرهة في برقها الخاطف . وتفرسنا في حصيلة أقلامه التي كتب ، فوجدنا كل الوّجد ، ووجدنا كؤوس محبة متنوعة الملامح . شكراً لك على هذا الحصن المتين من التوثيق ، فمُبدع كالمجذوب حريٌ بأن ننهل من إيوان معبد شعره ، ونستنشق أنفاس أحاسيسه . طاف بنا التاريخ والأحداث الجسام ، والخطوب ، وسجل الحياة المُعلقة على أهداب شاعر . وسنعود ما تفضلت به ، لنفتح ملفاته صفحة ثم أخرى .
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إطلالة على الشاعر الراحل " محمد المهدي المجذوب " وديوان شعره " نار المجاذيب (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
(12) نقطف مقدمة له كتبها الشاعر محمد المهدي المجذوب في " الشرافة والهجرة :
كان لوحي المرهف من خشب العشر الخفيف، حفظته و عرضته على شيخي ذات صباح ثم ذهبت فمحوته و طليته بجيرة بيضاء لبنية صافية، و جف كأنه ورقة صقيله - وضعت اللوح مبتهجاً بين يدي شيخ الفقراء - كان طالب القرآن كلما أتم حفظ جزء من الكتاب المبين شرَّف شيخُ الفقراء لوحه، تحية للطالب على حفظه و تبريكا، و جائزة معنوية ذات قدر و أثر في أولئك الملأ الطيبين، يتقربون فيها إلى الله سبحانه بالكرامة - و الشرافة و التشريف كانت بشارة و فألا حسناً و شارة على استقامة الطالب و التزامه. الشيخ الصالح يجلس مطمئناً على فروته، يمسك اللوح و في يده قلم من القصب أجاد بريه، و يرسم بيد طيعة ثابتة خطوطاً بالعَمار الأسود الناعم على حواشي اللوح طولاً و عرضاً حتى يستقيم من كل الخطوط إطار مشدود، ثم يرسم إطاراً داخلياً، و يقسم المساحة بين الإطارين إلى مربعات متساويات، و يصل زوايا المربعات بخطوط متقاطعات فتصير مثلثات ثم يرسم قبة هريمة أو مدورة فوق سقف الإطار الأعلى، و يضع فيها دوائر أو مربعات، يملأ الشيخ العابد الفنان هذه المثلثات نسقاً متتالياً بالألوان من الأخضر اليانع، و الأحمر الصارخ، و الأصفر الفاقع يسر الناظرين - و الألوان يعين بعضها بعضاً على الانسجام و الإشراق. و يحيط هذا الإطار الشفاف المزخرف برقعة بيضاء في اللوح نقية كالمرآة، يخط الشيخ فيها بالثلث آيات محكمات، و خط الشيخ ثلثاً و نسخاً واضح جميل كثير البركة، و الخط لا يخل بوزن الإطار، و حركات الشكل و هذه النمنمة لها إيقاع بهي في بياض اللوح - و بهذا التشكيل تكتمل الشرافة. و يجيء العيد .. فيعلق الشيخ ألواح تلاميذه جميعاً على جدران الخلوة القرآنية الظليلة، فإا نظرت فأنت لا ترى الجدران و الألواح، و إنما ترى المصابيح الملونات الموقدات معلقات في ظل مديد. كان لذلك المعرض الموسيقي الملون أثر في نفسي لا يزول، كان فرحي المتأمل و شغفي العذري بالحياة النقية الخيرة و الألوان و الأضواء الموحيات، و كان الشيخ يجود عمله و يتقنه، لأن الله يحب من يتقن عمله، و كان يعرف أثر عمله الطيب في نفس تلاميذه، كان صبوراً شكوراً، يخرج فيزرع مع تلاميذه إذا فاض النيل أو شرب الوادي.
محمد المهدي المجذوب
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إطلالة على الشاعر الراحل " محمد المهدي المجذوب " وديوان شعره " نار المجاذيب (Re: عبدالله الشقليني)
|
Quote: كان لوحي المرهف من خشب العشر الخفيف، حفظته و عرضته على شيخي ذات صباح ثم ذهبت فمحوته و طليته بجيرة بيضاء لبنية صافية، و جف كأنه ورقة صقيله |
تحية على عجل شيخ عبدالله الشقلينى هذا اللوح المبارك لعبده الفقير محمد مهدى المجذوب هو الذى أشار إليه شيخ الشعراء عبدالله الشيخ البشير عند رثاء المجذوب قفز إلى ذاكرتى وانا اطالع مانقلته عن المجذب مقدمة "الشرافة والهجرة"قال شيخ عبدالله البشير رحمه الله مشير إلى اللوح المبارك للمجذوب: وذا لوحك قد الوى الحنين به حتى ترق له الايات والسور
** مقدمات المجذوب لدواوينه تحديدا الشرافةوالهجرة" ذكر المفكر الموسوعى عبدالله على إبراهيم فى مقال " المجذوب نعمة فينا " فى كتابه النقدى المقتضب "أنس الكتب" أن الكثير من نقاد المجذوب تحديدا مجذوب العيدروس إلذى رافق المجذوب فى اخريات أيامه وكتب عنه كثيراقد سقطوا ضحايا لتلك المقدمات موحيا بصورة غير مباشرة انها أى مقدمات المجذوب لدواوينه عبر الإخبار عن سيرته تضر التعامل النقدى مع القصائد التى جلها من وحى تلك المقدمات تحديدا فى "نار المجاذيب " و" الشرافة والهجرة "اللذين يحويان شعر المرحلة الثالثةوالرابعة من شاعريته بعد المنابر وتلك الاشياء رغم صدور الاخيرين بعد صدور " نار المجاذيب" و " الشرافة والهجرة "
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إطلالة على الشاعر الراحل " محمد المهدي المجذوب " وديوان شعره " نار المجاذيب (Re: عبدالله الشقليني)
|
(13)
نماذج من أشعار محمد المهدي المجذوب - من ديوانه " نار المجاذيب " :
قطف من "خواطر عربية" - قصيدة القاها في مهرجان أحمد شوقي وحافظ إبراهيم 1958
لَوْلاَ أَساي بَدأْتُ بالغزلِ __ كالعهدِ من شُعرائنا الأُوَلِ سَقياً لهم زالوا وما برِحتْ __ أصداؤهم تنداحُ في الأزل ِ وربوعِهم في البيدِ ظامئةً __ غُدرامها بمَحاجِرِ الإبلِ حَمَلتْ على الأقْتَابِ طَاويةً __ فجْر الهُدى ومنارةَ السُّبُلِ لولا الأسى لفعَلتُ ما فعَلوا __ وأَذِبتُ آماقي على طَلَلِ ورفعتُ نيراني وقدْ وثَبَتْ __ بالسَّهْلِ فوق مناكِب الجَبَلِ وأرنَّ شيطاني بقافيةِ __ عربيةِ الأوضاحِ والحُللِ هيهات فالأَعْجامُ قدْ عَذَلُوا __ فيها ومِلتُ لذلك العَذلِ
................... أشكو ولا أشكو من الزمنِ __ أشكو عذابَ الروحِ في بَدَني ..... يا وَيحَ قلبي ماله أَثَرٌ __ يعتاده فيقرَّ في وطنِ ..... ولعنتَ بين أنَاملي قَلَماَ__ أَيْبَسْتُه بجديبةٍ فَنَمَا أَعْمَيْتُه فرأَى وأَخرجني __ نَسْعَى ونوقظُ حَوْلَنَا ظُلَمَا .... في مَحْفِلِ الشُّعَراءِ نَادَمَهُمْ __ شوقي وأَصغى حافظٌ وَدَنَا
*
| |
|
|
|
|
|
|
|