|
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) (Re: حبيب نورة)
|
تخرجُ من علبةِ ألوانها مبكّرة . والشمس الطفلة لم ترسم لوحة الصباح بعد . تغمزُ لها الريشة بحب . تقرصها في وجنتها وتمضي كي تصلّي . لم تكن " طرَقات الكسرة " تشغل بالها . فلم يزل " صاج " أمها يهنأ بالقليلِ من " العُواسة " . تتعلّق الفرشاة " المدلّعة " بجلبابها . فترمي لها بقطعةِ حلوة وتشرع في الوضوء . كانت تصلّي وتدعو ربها كي يزيل البلاء . ولكنهُ لم يستجب كعادتهِ ، فهو يمهِل ولا يهمِل ! ومع ذلك لم تتواني في إنفاقِ دعواتها التي كانت " تنخْس " في أدبارِ الصلوات ولا تنجب . فتلك الأيادي المرسلة بإتجاهِ السماء لم تتخضّب إلا بالألوان التي كانت تحنّيها حين تشرع في مضاجعةِ طُهر الأوراق البيضاء . فيفاجؤها المخاض في فجرٍ بِكْر وهو يغازل صُبحها ويقول : " صباحية مباركة يا لوحة " فتتوكّل علي " عشمها " وتكثر في الصلاة علي نبي الألوان ليس هذا وحسب ! ولكنها تدعو الريشة التي كانت تطوف بين " صفا" اللوحة و " مروي " الألوان لكي تتوب قليلاً من كُفرِ "شخبطاتها " وتنوِي الحج ما أستطاعت إليهِ " رسوما" ! علّقت سجادتها علي " مشبكِ " إيمان وغازلت " كفتيرة " شاي كانت تنعسُ علي مرمي " كانُون " وكأنها كانت تحسدها علي رقدتها تلك حين صلبتها علي ذاتِ " الكانون " وتركتها تتلوّي تحت سياط " تلاتة فحمات " كطقسٍ معتادٍ لقهوةِ نميمة ! " كباية شاي حمرا ورغيفة يبدو علي جسدها النحيل أثر بيات إجباري " ومع ذلك حمدت الله كثيراً !! أعتادت " كباية شاييها الحمراء " علي فُتاتِ معركة ذات الرغيف ! فلم تكن صاحبتنا وثيقة الصلة " بالبسكويت " فلم يكُن بمقدورها أن " تتبسكْت " إلا بهذا الرغيف البائت . لم تشغل فكرها بتدنّي نسبهُ وسوء حالته الإجتماعية . لم تكترِث لضمورهِ وهزالهِ البائنِ من أثرِ " الأنيميا " فقد كانت أختي تحمد الله حتي علي سوءِ صحةِ الرغيف ! ويقيني أن الذي تشبعهُ الألوان لا " يبيت القوّي " ولا يصيبه فقر الدم ! عندما أخبرتني في تلك الأمسية ونحن نجلس علي رصيفِ قهوةٍ وحزن . " عشان تبقي الحاجات كويسة " وجدتني أرنو لما تبقّي في فنجاني من نفطِ المزاجِ الأسود ، وأنقّب في حقلِ شعري المتعب من كثرِ التمشيطِ عبثاً من أجلِ الحصولِ علي فكرةٍ أنيقة ! ولكني أعجز عن اللحاق بركبِ الأفكار حين تقيّدني الآمال التي دائما ما يكون مآلها سوء المنقلب . وبعد جهدٍ جهيد أجبتها وأنا أبصُق " تِفْل " القهوة من فمي مصرّحاً بحالةِ قرفٍ أخرس : " يا بِت أُمي عمرها الحاجات ما ح تبقي كويسة " كنتي أدري بأن كلماتنا المُخصية تعجز عن الإنتصابِ ثورةً في وجهِ ظالمٍ ! فنحن " نسْتمنِي " في حماماتِ أحلامنا وننفق كل قوانا في عاداتنا الفعلية السرية ! ننفق الليل جلّهُ في مطاردةِ بنات إبليس التغيير وفي الصباح نذهب لنغتسل من إثمِ الثورة ! وكأن أحد الإنبياء أقنعنا بأن " المنفستو الرئيس الذي جاءنا بهِ يقول : " النضال رجسٌ من عملِ الإنسان ، فأجتنبوهُ " كم من دماءِ " الصابون " أهرقنا ولم نستلِذ ولم نبلغ النشوي ولا الحُلْم ؟؟ " عشان الحاجات تبقي كويسة " ؟؟؟ رمقتني بنظرةٍ تشرح سخطها وكأنها كانت تشكُّ في رجولةِ لساني . ومضت غير آبهة بعجزي الوطني الذي لا يكتمل إلا في الأسِرّة . وأنا أشفق علي نفسي وأتحسّر علي زوالِ زمانِ " الرجال البكسّرو العناقريب " ! هل قُدّر لنا ظِهار ذلك الوطن ؟؟ لماذا لا نغتصِب هذا النظام ونمزّق وثيقة الزواج العرفي التي أرادوا أن يقنعوننا بها اننا مواليد شرعيين لهم ؟ فهذه " الحكومة " التي تزوّجتنا " لا عزَمت جيران ولا دقّت صيوان " ! نعم هكذا ! فقد أصبجنا ولم يصبح المُلْك لله ووجدنا في أيدينا قيدٍ أجتهدوا كثيرا ليقنعوننا بأنهُ " حريرة " وتغوّطوا في رؤوسنا وقالوا إنها " الضريرة " لذا " الرماد كال حمّاد " الذي " تجقلِب " خيول شكره لحكومةٍ مُومِس ! ومع ذلك خرجت أختي صافيةً نقيةً كدينارٍ لم يغادر خزانة البخيل . خرجت واثقة الفرشاة .. تمشي فنّاً ! فهي قد بحثت كثيراً عما يسدُّ رمق ألوانِها ، فلم تجد . كان يؤلمها فقط سادتي ذلك " الحيرقان " الروحي الشاق . لم تكُن تعرف قبل اليوم بأن شارع " الحرية " في بلدها يؤدي إلي " السجانة " ! ولو كانت تعرف لمضت فيهِ واثقة بأن " الحاجات ح تبقي كويسة " كنتُ أسمعها وهي تغنّي غير مبالية بعجزي .
" رغم الخوف الباين هسه ..... بكرة صباحك ما بتدسه نكتب نرسم لوحة وقصة .... والحاجات ح تبقي كويسة "
كانت تغنّي ولا تحفل بأبواقِ السيارات التي كانت تعبرها بطيش وتحلّق بخطواتها ذات الخمسة وعشرين ربيعاً . لم تشأ أن تقول لأصحاب هذه الفارهات بأننا قد " قِرفنا " من ضجيجكم وخواءكم . فقد كانت تغنّي لتلك الفرشاة وتصفّق لها لكي ترقص في ساحةِ لوحتها المجنونة . كان أغنياتها " الصفية " تجعلها مستقلة تماماً عن ذلك العالم . فلم تنتبه لمكابحِ السيارة التي كانت تعوِي علي الأسفلت . سيارة الذئاب الأمنية .وكلنا يعرف بأن الحيوانات يتم تطويعها . لو كانوا حيواناتاً كنا وضعناهم في أقفاصٍ أو محميات طبيعية لنتفرّج علي خيبتهم ! ولكنهم كانوا صنفاً آخراً من الذئاب التي لا تعوِي إلا بعد أن يختفي القمر . خنقوا عيونها بمشنقةٍ من القماش . وأنطلقوا بها إلي وكرهم ليمارسوا عليها ما يعتقدون بأنه فحولة . فحولة الشواذ عقلياً وإجتماعياً ووطنياً . لم تكن تعلم بانها تحمل جنسية بلد يعتقد " بوليسه" السرّي بان المواطن عبارة عن نعجةٍ أنشغل عنها الراعي برقصهِ ومزمارهِ . بل لم تكن تدرك بأن أولاد الحرام من أبناءِ " المتردّية" والنطيحة وذوي " الكاب" والنابِ وأبناءِ الكلاب . ذبحوها بخنجرٍ صدئ وهم لا يعلمون بأنها " مِسيرية " وأهلها " سكينهم حمرا " لم يحتاجوا إلي تقريرٍ طبيٍ ليثبت لنا بان خناجرهم صديئة وغير مشحوذة . أليس هذا هو " البوليس " ؟ بل أليست هذه هي الهتافات التي أصمّوا بها آذاننا ليقنعوننا بأنهم حفدة الأنبياء والأولياء ؟ فقد كان إبن الحرام منهم يدحرج في براميلهِ الدينية الفارغة ، ويكذب ويتحرّي الكذب فنكاد نجزِم بأن سيدنا محمد " كان صاحبو وبياكل معاه في صحن واحد ثمرةً من يقطين " ! لم تكُن تملك إلا لوحاتها والفرشاة . أحتملتها ومضت تتعثّر في وعثاءِ الطريق . كانت تبكي بمرارة وحُرقة . لم تجد من يرمي لحزنها بقطعةِ حلوي . فكلنا مشغولٌ بقطعةِ خبز . كانت تبكي وهي تبحث عن ألوانٍ لتستُر عُرْي قلم رصاصها . وسالت دموعها لتسقِي ما تبقّي في حقيبتها من أوراق . وحتي لوحتها الاخيرة . غرقت تماماً ولم يتبق منها إلا . " عشان الحاجات تبقي كويسة " و" صفية " تعرّت غصباً لتفضح عُرينا الصريح ! لعنة الله علي البوليس .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-27-11, 06:57 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-27-11, 07:00 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-27-11, 07:02 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-27-11, 07:03 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-27-11, 07:04 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-27-11, 07:06 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حسن حماد محمد | 02-27-11, 07:20 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-27-11, 07:26 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | omar alhag | 02-27-11, 08:05 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | نورالدين بابكر بدري | 02-27-11, 11:18 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-27-11, 04:56 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-27-11, 04:54 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-27-11, 07:31 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | معاوية عبيد الصائم | 02-27-11, 09:05 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | فيصل عثمان الحسن | 02-28-11, 00:14 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-28-11, 00:41 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-28-11, 00:37 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | سلمى تاور | 02-28-11, 02:15 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | محمد حيدر المشرف | 02-28-11, 03:09 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | ابوهريرة زين العابدين | 02-28-11, 03:26 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | Abdlaziz Eisa | 02-28-11, 03:50 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-28-11, 04:16 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | عاطف مكاوى | 02-28-11, 03:50 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-28-11, 04:27 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-28-11, 04:05 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-28-11, 04:02 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-28-11, 03:57 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-28-11, 06:56 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 02-28-11, 09:49 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | مها عبد الله | 03-01-11, 06:09 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-01-11, 07:01 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | فتحية شامي | 03-01-11, 08:22 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | Siddig A. Omer | 03-01-11, 08:25 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | مامون أحمد إبراهيم | 03-01-11, 08:37 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-02-11, 03:39 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-02-11, 03:36 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-02-11, 03:34 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | Yassir Tayfour | 03-02-11, 03:50 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-02-11, 04:15 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-06-11, 02:59 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | محمد أبوالعزائم أبوالريش | 03-06-11, 07:03 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | ناصر احمد الامين | 03-06-11, 07:18 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-08-11, 07:45 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | توما | 03-06-11, 07:23 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-08-11, 07:49 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-08-11, 07:36 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-09-11, 07:35 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-10-11, 10:36 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | نادر الفضلى | 03-11-11, 02:30 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | صديق الموج | 03-11-11, 04:29 AM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-19-11, 01:26 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-19-11, 01:24 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | نجلاء قرافي | 03-19-11, 01:32 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | نادية عثمان | 03-19-11, 03:09 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-19-11, 07:05 PM |
Re: إبليس ولا البوليس ( حكومة مُومِس ) | حبيب نورة | 03-19-11, 07:01 PM |
|
|
|