(أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 09:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-20-2011, 04:24 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
(أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس

    (أبوالعفّين) مرةً أخرى!!

    خالد عويس

    روائي وصحافي سوداني

    [email protected]

    على المعارضين لنظام الإنقاذ أن يكفوا عن الدعوة للإطاحة بالحكومة. (أبوالعفّين) يتكفّل بذلك !

    فتصريحاته كلها خلال الأيام الماضية تشكّل مادةً خصبة لإثارة الشعب السوداني وتحفيزه من أجل اقتلاع (أبوالعفّين) من جذوره. ويبدو أن (أبوالعفّين) هذه الأيام مصابٌ بـ(داء الكلام). فهو لا يكف لحظة عن الحديث. وليته كان حديثاً مفيداً موضوعياً ومنطقياً. إنه من الشاكلة التي يُطلق عليها السودانيون في عاميتهم المبدعة (هردبيس) !

    (أبوالعفّين) بطبيعة الحال لم يقرأ مقولة النفّري: "كلما اتسعت الرؤية، ضاقت العبارة". لكن ذلك لمن أوتي نصيباً عظيماً من الحكمة والتأمل. و(أبوالعفّين) معذور، فهو لا يقرأ. وكيف يجد متسعاً من الوقت للقراءة؟ و(أبوالعفّين) لا يفكّر. وكيف لمن أدار جهاز الأمن بعقلية (بيريا) الرهيب في عهد الرئيس جوزيف ستالين أن يفكّر. (بيريا) كان رجلاً يخلو من الاحساس علاوةً على ضآلة قدراته العقلية. (بيريا) كان مجرد (زر) في آلة القتل والعنف الروسية العملاقة. استخدمه ستالين لتصفية رفاقه في الحزب البلشفي. (بيريا) هذا لاحق واحداً من (مفكري) الثورة الروسية العظام، تروتسكي، إلى المكسيك وقتله هناك. لابد أن الأمر كان ينطوي، إضافة إلى أوامر ستالين، على احساس شخصيٍ بالحقد على تروتسكي. فالإثنان على طرفي نقيض. تروتسكي مثقف ومؤلف لم يطوه النسيان رغم مقتله. و(بيريا)، (أبوالعفّين روسيا) كان محدود المقدرات إلا في جانب العنف.

    (أبوالعفّين) يشعر بالحقد ذاته على بعض قادة المعارضة لأنهم مثقفون وهو كما خلقته أمه في مجال الثقافة والوعي. وهم ناضجون فكرياً، وهو لا يختلف كثيراً في وعيه السياسي عن تلاميذ المدارس الإبتدائية. وهم مسالمون وعفيفو اللسان، وهو لا يملك إسهاماً وطنياً غير عنفه وبذاءة لسانه.

    وعيُّ تلاميذ المدارس الإبتدائية هذا يمثل (نسقاً) مضمراً وظاهراً في طريقة تفكير وتعبير (أبوالعفّين) الذي يمثل (ظاهرةً) فريدةً من نوعها في السياسة السودانية الموبوءة منذ 21 سنة بضحالةٍ لا نظير لها وجهالات بالغة وازدراء بالعقل.

    (أبوالعفّين) في آخر تجلياته الصبيانية قال:(الداير يقلع الحكومة يقوي ضراعو)، وأضاف: (نحن بنجهز ليهو ضراع قوي من عندنا). (أبوالعفّين) حسب تصريحات له لدى مخاطبته شورى المؤتمر الوطني في ولاية الجزيرة، طبقاً لصحيفة (الرأي العام) أكّد أن (الإنقاذ هي التي حفظت للسودان ماء وجهه بالشريعة الإسلامية) !!.

    (الداير يقلع الحكومة يقوي ضراعو) !! و(نحن بنجهز ليهو ضراع قوي من عندنا) !!

    بالله عليكم هذا (أستاذٌ جامعي) أم (فتوّة) جاهل من فتوّات الروائي المصري نجيب محفوظ؟

    (بيريا) الروسي ذاته كان يعمل في صمت. لكن (أبوالعفّين) يذهب بالشطط السياسي إلى مداه الأبعد.

    (أبوالعفّين) يدرك أن أجهزة أمنه تصدت بعنف بالغ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية لمسيرات سلمية في شندي وفي مدني والحصاحيصا والفاشر. أردت طالباً جامعياً على الأقل في الفاشر، وشجّت رأس شيخٍ أنصاري في الـ 74 من العمر. وحطمت ساعد الدكتورة مريم الصادق.

    (أبوالعفّين) يستفز الشعب السوداني كلّه بتصريحاته هذه، لأنه لا يرى فيه إلا شعباً ########اً مستسلماً لقدره ومستسلماً لـ(أبوالعفّين) ليفعل فيه ما يشاء !

    (أبوالعفّين) يطلق سيل التصريحات المستفزة البذيئة هذا لأنه خائف. خائفٌ من تنامي الاحتجاجات ومظاهر الرفض الشعبي. (أبوالعفّين) يحاول الكذب على الشعب بوعود (هلامية) حول مفاجآت نفطية بعد 9 يوليو المقبل. هذا لأنه يريد اسكات الشعب إلى يوليو المقبل. حسناً فلنقل إن كل شبر في السودان، أو ما تبقى من السودان نضح نفطاً، فما الذي سيجنيه الشعب؟

    ما الذي جناه الشعب السوداني طيلة السنوات العشر الماضية من النفط الذي تدفق على (أبوالعفّين) ورفاقه في المؤتمر الوطني، ومتوسط دخل الفرد السوداني يومياً أقل من دولار أميركي واحد، طبقاً لمجلة (قلوبال فاينانس)؟

    (الداير يقلع الحكومة يقوي ضراعو) !! و(نحن بنجهز ليهو ضراع قوي من عندنا) !!

    (أبوالعفّين) لا ينسى أن هذا الشعب هو الذي انتصر في (شيكان) و(قدير)، وهو الذي مرّغ أنف وكرامة الجنرال غوردون – ناهيك عن (أبوالعفّين) – في التراب، وصعد إلى المشانق بعزةٍ وكرامة كما فعل (ودحبوبة)، وانتظر الموت على (فروته) كما فعل الخليفة عبدالله التعايشي، وقابل الموت بوجهٍ باسم كما فعل الأستاذ محمود محمد طه.

    (أبوالعفّين) لا ينسى هذا كله، كما لا ينسى (أكتوبر) و(أبريل)، لكنه يريد أن يوهم نفسه بأنه هو وأجهزته الأمنية أقوى من الشعب.

    (أبوالعفّين)، ربما لا يعرف أن (العهد القديم) ذكر بسالة (الكوشيين)، أجدادنا: (يا أرض حفيف الأجنحة التي في عبرِ أنهار كوش، المُرسلة رسلا في البحر وفي قوارب من البردي على وجه المياه.اذهبوا أيها الرسل السريعون إلى أمةٍ طويلة وجرداء، إلى شعبٍ مَخُوفٍ منذ كان فصاعدا، أمةِ قوةٍ وشدةٍ ودوس.قد خرقت الأنهار أرضها.يا جميع سكان المسكونة وقاطني الأرض، عندما ترتفع الراية على الجبال تنظرون، وعندما يُضربُ بالبوق تسمعون)

    (أبوالعفّين) لا يعرف نضالات قبيلة دينكا أقار – مثلا – بقيادة ميانق ماتيانق ضد المستعمر البريطاني. ولا قبائل الدينكا والشلك والنوير التي قاتلت المستعمر البريطاني طويلاً، ولا قبيلة الزاندي التي انتفضت ضد المستعمريين في 1905.

    لا يعرف (أبوالعفّين) أن شعراء بريطانيا "العظمى" تغنوا ببسالة وشجاعة محاربي قبائل البجة في شرق السودان. ولا الأدوار الكبيرة التي لعبها مناضلون عظماء في جبال النوبة ضد المستعمر مثل السلطان عجبنا، أو دور السلطان بحر الدين، سلطان المساليت في مقاومة الجيش الفرنسي الذي كان يحاول التسلل إلى دارفور.

    نعم يا (أبوالعفّين)، نحن لسنا بحاجة لشاب يحرق نفسه كي تتفجر الثورة، لأن الثورة في دمنا الباسل كما ذكرنا (العهد القديم). الثورة في دمنا مثلما كانت في دم أجدادنا الذين ماتوا بشمم وإباء في (كرري).

    (أبوالعفّين) يقول إن (الإنقاذ هي التي حفظت للسودان ماء وجهه بالشريعة الإسلامية) !!.

    لن نرد على (أبوالعفّين)، ولنقرأ ما ذكره مثقف عروبسلاموي بارز في 2006 هو الدكتور غازي صلاح الدين العتباني (مستشار رئيس الجمهورية حاليا):

    "أشد الادواء التي اصابت الحركة الاسلامية هو الاحساس الذي انتاب كثيرا من اعضائها بتآكل المشروعية وفقدان المصداقية الذاتية الذي اضعف الايمان بالنفس وبأحقية المطلب الذي اجتمعوا عليه وتواثقوا على نصرته ، مشيرا الى ان ذلك قاد الى ضمور العمل الاسلامي وسط التيارات الحية والمتجددة في المجتمع ، والتي كانت للحركة الاسلامية الصدارة فيها على من سواها" !!

    إذا كان هذا هو "احساس" أعضاء الحركة الإسلاموية حسب التعبير "الرومانسي" الرقيق للدكتور غازي صلاح الدين، وهو تآكل المشروعية، وفقدان المصداقية الذاتية "الذي أضعف الايمان بالنفس وبأحقية المطلب الذي اجتمعوا عليه وتواثقوا على نصرته"، إذا كان هذا هو "احساس" أعضاء "النظام"، تُرى ما الذي حلّ بالملايين الذين اكتووا بهذا المشروع؟ وإذا كان هذا رأي واحد من غلاة العروبسلامويين، وواحد من زعاماتهم، فما الذي تبقى في مشروعيتهم في نظر المواطن السوداني الذي تجرّع السمّ دفعة واحدة، فأُلقي به في الشارع، وحُرم الحق المجاني في العلاج ليموت على أرصفة الخرطوم، وحُرم حقّ تعليم أبنائه مجاناً، ولا يزيد متوسط دخله اليومي عن دولار؟

    هل يسرق؟

    لكنّ القوانين تردعه بقطع اليد !

    هل يتسوّل؟

    لكن الشحذة ستريق ماء وجهه !

    هل يقبل الرشوة؟

    لكن دينه يحذره من ذلك !

    هل يغض الطرف عن ابنته إذا كسبت المال عن طرق غير مشروعة؟

    لكن ذلك حرام وربما يجلب له العار !

    ماذا تبقى غير أن يتوكل على الله ويعلن انضمامه إلى جماعتهم ليحصل على "الفتات" من موائدهم، عسّاه ينتقل من خانة وطأ الجمر إلى خانة "الاحساس" بالألم كون المشروع "فقد مشروعيته"؟

    هذا هو السبيل الوحيد الذي تركته جماعة (أبوالعفّين) أمام بعض الناس. لكن الغالبية العظمى استنكفت عن هذا الطريق الذي منتهاه (قتل الضمير) و(بيع الذات) بثمن بخس.

    إن لله جنوداً من عسل - حسب تعبير الخليفة الأُموي -، وجنوداً من تضييق، وجنوداً من إفقار، وجنوداً من إراقة ماء الوجه، وجنوداً من تدجين !

    ولنقرأ مرة أخرى للدكتور حسن مكي (أحد المثقفين العروبسلامويين البارزين):

    "ما جدوى هذا المشروع الحضاري إذا كان الاتجاه العام للحياة في السودان يمضى لانكماش وانقباض وتأزم , وأنها ماضية إلى المزيد من الأزمات نتيجة للانخفاض المستمر في قيمة الجنيه, ونتيجة للتضخم, ونتيجة للخلل في السياسات الاقتصادية" .

    ويمضي لما هو أهم، بل هو جوهر المسألة:

    "إن الإسلام يقوم على النموذج والقدوة وما زالت الأوضاع في السودان بعيدة عن حضارة النموذج." ورصد ما طرأ من تغيرات على حياة الإسلامويين: " إن هذه الفئة الجديدة تستفز المواطنين بمسكنها وملبسها ومأكلها ومركبها"

    ولنذكر هنا أن البند الثاني من بنود "أهداف" حزب المؤتمر الوطني (العروبسلامويين) عبر مرسومه الأساسي، يؤكد "حاكمية الله" !!

    والحقيقة طبعا أن الإسلام عبر شخوصه لا يحقق عدلا ولا دولة كفاية ولا يكفل حقوقا انسانية - من خلال الحكم - لأنه ما من وسيلة لمراقبة "خائنة الأعين وما تخفي الصدور". ولا سبيل لمحاسبة الحاكم "الفاسد" الذي يرفع المصحف بيمينه. ولا يمكن لأي مواطن أن يعترض على أي أمر، لأن الحاكم أشبه بـ"ظل الله على الأرض"، ومعارضة الدولة، هي معارضة الله !!

    الإسلام يمكنه تحقيق ذلك كله من خلال الفرد. فالتكليف فرد، والحساب فردي. والدولةُ "مؤمنة" كانت أو "كافرة" لن تُحاسب يوم القيامة. والحديث، مجرد الحديث عن دولة إسلامية ليس كافياً أبداً لقيامها. بل لا معنى لها أبداً إن لم تكن عملاً محسوساً دون هياج وصراخ بأن أنظروا، ها هي دولتنا الإسلامية. هذا سلوكٌ طفولي. الله قد ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة. هذه المقولة الذهبية التي تنهض من بطن التراث الإسلامي تعني أن العدل هو الأساس بنظر الإسلام، لا الترديد كالببغاوات بأن "هذه دولة إسلامية"، تعني أن مقاصد الإسلام هي مطلب الدولة، لا الشعارات. ومقاصد الإسلام هي العدل والمساواة والرحمة. هي لا ضرر ولا ضرار. هي القدرة على محاسبة الحاكم ونقده وتغييره بالطرق السلمية. هي احساس المواطن بمشروعية وجوده في الدولة، لا خوفه من ظله وبيع نفسه في مزادٍ سياسي أحادي ليتمكن من تدبير ثمن الدواء.

    الدولة التي لا تستطيع أن ترفع متوسط دخل الفرد فيها إلى ما هو أكثر من نصف دولار عليها أن تصمت عن أي حديث عن الدين.

    عليها أن تطعمنا من جوع وتؤمننا من خوف أولاً قبل أن تأمرنا بالفضيلة.

    الدولة التي لا توفر لنا علاجاً مجانياً وتعليماً مجانياً عليها أن تكف عن ترديد الشعارات. فالشعارات في هذه الحالة "كلمة حق أُريد بها باطل".

    الدولة التي لا تحصّن مجتمعها ضد الفقر والعوز والجوع عليها أن تخجل من قرن نفسها بالدين، أي دين.

    الدولة التي تفعل ذلك هي دولةٌ ضد الإنسان وضد تكريمه الذي أكرمه به الله سبحانه وتعالى.

    الدولة التي تقتل بدمٍ بارد، وتستخدم العنف في أقصى صوره لا تستحق أن تحمل صفة الإنسانية.

    الدولة التي تفعل كل ذلك وتكذب على شعبها بإسم الدين، أي دين، هي عارٌ على الدين.

    دولة (أبوالعفّين) هي دولة الشعارات بلا منازع، لا دولة الفعل والعدل والرعاية الإجتماعية والكفاية. لذا يجب أن تذهب. لا نريد شعارات، بل نريد أن نأكل ونتعلم.

    ولأننا حين نتحدث عن محض شعارات انسحبت على كل شيء حتى الدين لم نبارح الحقيقة قيد أُنملة. فلنقرأ من البيان الأول للسيد عمر البشير:

    "لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في إيقاف التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية مما زاد حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطنين الحصول علي ضرورياتهم إما لانعدامها أو ارتفاع اسعارها مما جعل الكثير من أبناء الوطن يعيشون علي حافة المجاعة وقد أدي التدهور الاقتصادي إلي خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطيل الإنتاج بعد أن كنا نطمع أن تكون بلادنا سلة غذاء العالم أصبحنا أمة متسولة تستجدي غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود" !!

    لا تعليق سوى أن النتيجة، نتيجة الشعارات والاستبداد كانت خراباً شاملا. رفعُ الشعار الديني وحده غير كافٍ. الأهم من الشعار هو العمل الجاد. فالعمل قيمة دينية وقيمة دنيوية. وبالعمل - لا الهتاف - تعمر البلدان. ولا أدري كيف يبرر السيد البشير ورفاقه هذه النتيجة التي آلت إليها الزراعة في السودان رغم سياساتهم "غير الرعناء"؟ وماذا إذا كان بشرنا في صبيحة 30 يونية 1989 بتطبيق سياسات "رعناء"؟

    ما جرى ببساطة هو أن الدولة كفّت عن تقديم أيّ خدمة للمواطن "السعيد". فهي تغلّبت على مشكلات صفوف الوقود "المدعوم" في العهد الديمقراطي، وصفوف الخبز "المدعوم" في العهد الديمقراطي، وصفوف السكر "المدعوم" في العهد الديمقراطي بحلٍ كان سهلاً وبسيطاً أمام الحكومة الديمقراطية "الرعناء"، لكن العقول الجبّارة التي كانت تحكم آنذاك لم تتنبه لسهولة الحل الذي أخرجه "حاوي" إنقلاب الإنقاذ من جيبه، صائحاً صيحة أرشميدس الشهيرة: وجدتها ..وجدتها !

    الحلُّ بسيط، لكن "رعونة" الحكم الديمقراطي حالت دون رؤيته. الحل: رفع الدعم !

    فبدلاً من الفوضى التي تنشأ عن صفوف المواطنين الذين كانوا يفضلون الخبز المدعوم والسكر المدعوم والوقود المدعوم عوض الابتياع من "السوق السوداء"، رفعت الدولة يدها عن تلك السلع، وتركت المواطنين لغول "السوق السوداء" التي استحالت بقدرة قادر إلى "سوق بيضاء" برعاية الدولة و"مباركتها" !!

    والحكومة الديمقراطية كانت تبدد أموال الشعب في صرف لا معنى له. فهي كانت تنفق مئات الملايين من الدولارات على التعليم والعلاج المجانيين. وكان بمقدور أيّ طالب متفوّق في الجامعة أن يتعلم تعليماً فوق جامعي في بريطانيا – مثلاً – على حساب الدولة. وكان المزارعون والرعاة والعمال يحصلون على علاجٍ مجاني. كل ذلك الصرف "البذخي" على أمور غير ضرورية كان على حساب الأولويات: القطاع السيادي (القصر الجمهوري) الذي يستأثر بـ 100 مليون دولار شهرياً، أي مليار ومئتي مليون دولار سنوياً، والأمن والجيش اللذان يحوزان على 74% من الميزانية. لم يبق شيء يُذكر للمسائل ذات الأولوية المتدنية كالتعليم والعلاج. يمكن للمواطنين – الذين لا يتعدى متوسط دخلهم دولار يومياً – أن يتكفلوا بذلك !

    أرأيتم؟؟

    إنها حلولٌ في غاية السهولة، لكن ماذا نفعل مع العقول التي كانت تحكمنا 1986 – 1989؟

    لا، بل وإن عنّ لهذه الحكومة "الرعناء" أن تنقص من دعمها للسكر مثلا بضعة قروش، ثارت ثورة الشعب السوداني في ما تسمّيه أدبيات "إنقلاب الإنقاذ".."فوضى" ! إذ كيف يُسمح للشعب السوداني أن يعبّر عن رأيه في أمرٍ يخصه في ظل وجود حكومة "غير رعناء"؟

    الرعونة ألا تُطلق الرصاص الحيّ على المحتجين على أيّ أمر يخصهم كما جرى لمواطنين في كجبار شمال السودان، وبورتسودان شرق السودان على سبيل المثال. هذا ما يُسمى "هيبة الدولة". فالدولة "الإسلامية" ينبغي أن يهابها الجميع، غضّ النظر عن أن رسول كسرى إلى رئيس دولة المؤمنين أتاه فوجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يغط في النوم تحت شجرة. ومن الغرابة - طبعاً - النظر إلى فعلٍ كهذا على أنه فعلٌ يمثل "هيبة الدولة"، فكيف لدولة مهابة أن تنام تحت شجرة دون أن تسبقها سيارات النجدة والشاحنات الصغيرة الملأى بالجنود المدججين بالسلاح؟

    كيف للدولة أن تسعى بين الناس دون أن تكون "دابتها" سيارات "البي إم دبليو" و"المرسيدس" من آخر طراز، وبألوانٍ مختلفة، ربما واحد للأوقات الصباحية والآخر للأوقات المسائية، إذ لا يُعقل أن تلتقي الدولة بضيوفها وبشعبها بلون السيارة ذاته في الصباح وفي المساء !!

    سنغض الطرف أيضاً عن أن رئيس الوزراء السابق لم يتقاض راتباً من الدولة، وكان يطلب طعام غدائه له ولطاقمه من بيته. كيف للدولة ألا تُظهر هيبتها بطلب طعام الغداء من فنادق النجوم الخمس في الخرطوم، وليذهب التلاميذ المطالبين بمجانية التعليم، والمزارعين المطالبين بمجانية العلاج، ليذهبوا جميعاً إلى الجحيم. ولتقتل حكومة (أبوالعفّين) واحداً منهم في الفاشر (20 يناير 2011) !!

    السياسات "غير الرعناء" أذاقت الشعب السوداني الأمرين. فـ90% من السودانيين يعيشون تحت خط الفقر (إذا كان متوسط دخل الفرد يقل عن دولار يوميا فماذا نتوقع)، ويعيش 20% من السودانيين خارج وطنهم في رحلات البحث عن لقمة عيش. وعلى الرغم من رفع الدعم عن السلع الضرورية وإلغاء مجانية العلاج والتعليم، فإن الحكومة "الإسلامية" فرضت على مواطنيها الفقراء ضرائب باهظة للغاية. كانت الحكومة الديمقراطية تفرض ضرائب معقولة في مقابل خدمات محسوسة يحصل عليها الناس مثل مجانية التعليم والعلاج ودعم السلع. لكن هذه الخدمات أضحت شؤوناً لا تتعلق بالدولة، فما معناها الاقتصادي إذن؟

    ويكون الأمر منطقيا لو أن رجالات دولة الإسلام السياسي يعيشون بالكيفية ذاتها التي فرضوها على المواطن السوداني. فقد كانت جملة الاعتداءات على المال العام، باستثناء قطاع المصارف من سبتمبر 2004 وحتى نهاية اغسطس 2005 تقدر بـ(542 مليون دينار، يعني 5 مليارات جنيه)، ولنلاحظ أن ما تم تخصيصه لجهاز الدولة من ميزانية العام 2003 (أي العام السابق) كان 913.000 مليار جنيه.

    كانت جرائم سرقة المال العام وصلت إلي 813 مليون دينار (8 مليار جنيه) في 2002 لم يسترد منها الا 8.32 مليون دينار أي 9% تقريبا. المفاجأة المزلزلة فعلا، هي أن الاعتداء علي مال الزكاة كانت نسبته 11% من إجمالي المبالغ المسروقة. هذا يعني أن أموال "السائل والمحروم" التي تقوم بجمعها دولة الإسلام السياسي، من "السائل والمحروم" ذاته، سرقت منها أكثر من مليار جنيه!!

    ولنقرأ مرة أخرى بتمعن، ففي 2003 هدد العاملون في 21 ولاية بالإضراب عن العمل لذات الأسباب. وكانت مطالبهم وقتها لا تتعدى 6 مليار جنيه سوداني.

    من يسرق، ومن يجوع ؟ من يعتدي على أموال الزكاة، والمال العام؟

    حسنا. من يتستر عليهم؟

    من يفعل ذلك، خاصةً إذا علمنا بأن غالبية من يعملون في أجهزة الدولة، هم من الإسلاميين؟

    وما تم رصده هنا، هو ما تكشف عنه الحكومة بنفسها.وهذا ما تكتب عنه صحافة الخرطوم المراقبة. وبالطبع فإن أرقام الاعتداءات على المال العام متواضعة جدا، بالنظر إلى ترتيب السودان المتقدم في الشرق الأوسط وإفريقيا كـدولة "فاسدة".

    على (أبوالعفّين) أن يدرك جيداً أن غضبة الشعب السوداني بدأت، هدد هو أم لم يهدد. عليه أن يفهم أن الطرف الذي ينبغي أن يخاف هو الطرف الأضعف في المعادلة، لا الطرف الأقوى. فلا مجال للمقارنة بين 5% تعيش في 7 كيلومترات في الخرطوم حياة الرفاهية والدلال الكامل، وبين نحو 95% لا يعيشون البتّة.

    على (أبوالعفّين) أن يدرك أن الجنرال غوردون سبقه إلى التهديد، وكذا فعل الجنرال إبراهيم عبود والجنرال جعفر نميري، فماذا كان مصيرهم؟ ذهبوا وبقي الشعب السوداني صانع الثورات. وستذهب أنت يا (أبوالعفّين) إلى موئلك الطبيعي الذي تستحق، وسيبقى الشعب السوداني العظيم..علماً بين الأمم.
                  

01-20-2011, 04:31 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    أبو العفين والنفخة الكذابة
    عبد الله محمد قسم السيد
    حذر نافع علي نافع بان السلطات «لن تدير خدها الأيمن إذا ماصفعت على الأيسر» وهو يخاطب دورة الانعقاد الثانية لمجلس شورى ولاية الجزيرة وهو بهذا التصريح يناقض أهداف الدورة التي يتحدث فيها والتي كما يشير إسمها دورة للشورى وبالتالي يفترض أنها تتناول أمرا من أمور المسلمين يتطلب إستشارتهم ولكن كما عودنا نافع في كل مرة بأنه دائما يهين ويذل أتباعه الذين جاءوا به لمخاطبته قبل أن يكيل اللوم للمعارضين له من أحزاب سياسية. هذه الأحزاب والتي يصف قادتها ب"العواجيز" والتي يتساءل عما عملته للسودان، لم تفعل ما فعله نطام الإنقاذ من قتل وتشريد للشعب خلال السنوات 21 سنة الماضية كما لم تقم بتقسيم السودان وحافظة على وحدته دون أن تتنازل شبرا واحدا من حدوده خوفا وهلعا من جيران في الشمال كما هو الحال في حلايب أو في الجنوب حتى قبل إنفصاله في مثلث اليمي أو في منطقة الحدود مع أثيوبيا. هذه الأحزاب التي يريد أبو العفين" أن يشتمها كلما أمسك بمكرفون لم تعذب الشعب السوداني وتهينه كما فعل مع ذبانيته. يقول " أبو العفين" دون خجل وإستحياء بأن " حزبه عزم على تحقيق نهضة في مجال المعادن والبترول" وهو يخاطب مجلس شورى الجزيرة وتناسى أنه مع حزبه ووزير زراعته وبقية عصابته ببيع مشروع الجزيرة لمصر خوفا وطمعا في نسيان ما قام به مع أجهزة أمنه وعلي عثمان في محاولة إغتيال رئيسها حسني مبارك عام 1995م عندما كان مديرا لجهاز الأمن. هذا الأمر لم يصبح مخفيا كما أرادوا له كل هذه السنوات فقد أصبح متداولا كما قبل بالأمس القريب الأستاذ ابراهيم السنوسي في ندوة قوى المعارضة. فكيف يكون السودان سلة غذاء وأكبر مشاريع العالم الزراعية الذي علمه حتى أصبح أستاذا للزراعة في جامعة الخرطوم لا يوجد المزارع فيه والذي دفع نفقات دراسته داخل وخارج السودان، "قفة" خضار بسبب سياسات نظامه الذي رباه على الغش والخداع والكذب الصراح وعدم الأخلاق بتحوله من أستاذ جامعي إلى مدير لجهاز الأمن يذيق الناس كل صنوف العذاب والمذلة بما فيهم أساتذته في الجامعة التي عينته أستاذا فيها. لهذا فليس بغريب عليه أن يقول بأن " أجهزة الحكومة تعمل على تحقيق السلام ببسط الأمن ومنع التفلتات" من منطلق أمني لنظام جائر ظالم وليس من منطلق "عدلت فنمت يا عمر" فاظلم والفساد الذي أصبح ينخر كل يوم في جسد نظام الإنقاذ هو الذي سيؤدي إلى الإطاحة بالحكومة وما يحدث في تونس ليس ببعيد ولا أخال بأن جهاز أمن نافع وجبروته يعادل أجهزة بن علي ومع هذا أطاحت به قوة الشعب التي لن تهزم أبدا وتجاربنا في السودان تشهد على قدرتنا على الوصول إلى ما نريد رغم معرفتنا بالتضحيات المطلوبة لمواجهة عديمي الرحمة والأخلاق من القتلة والظلمة. لا يخجل أبدا "أبو العفين" وهو يخاطب دورة شورى الجزيرة المغلوب على أمرهم في الإستماع إلى الكذب وعيونهم تتبادل النظر لبعضها وهو يقول " ان المؤتمر الوطني سيكمل فترته الانتخابية الحالية بنص الدستور، وانه سيفوز لدورة قادمة وذلك بفضل الشعب السوداني الذي عرف من سينفعه" فهم يعرفون بأنه وهم لم يأتو إلى مكانتهم هذه بفضل الشعب السوداني وإنما بفضل "خجهم" للإنتخابات وتزويرها كما أنهم يعرفون جيدا بأن نظامهم هو أفشل نظام يمر على السودان ولم يعمل لمصلحتهم أبدا. اللهم سترك وألطف بنا وهب لنا من لدنك صبرا.




    Abdalla gasmelseed
                  

01-20-2011, 04:49 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    لك التحية الحبيب خالد عويس لهذا المقال الشجاع الذي يفضح ويعري الظلمة والطغاة ويشحذ الهمم بالامل والفال .....
                  

01-20-2011, 04:52 PM

Mustafa Mahmoud
<aMustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    كلام من دهب

    و التحية لشرفاء حزب الامة



    والعار لمثل هذا المتعافن


    aff5ef5078yf1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

01-20-2011, 04:57 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: Mustafa Mahmoud)

    لك التحية المصادم والمناضل الدكتور مصطفى محمود ولكل الشرفاء
                  

01-20-2011, 05:01 PM

Nazik Eltayeb
<aNazik Eltayeb
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 2357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: Mustafa Mahmoud)

    شكرا اخوتي عمر وخالد عويس

    مقال رائع آخر .

    هل يعقلون ام هل يقرؤن
                  

01-20-2011, 05:45 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: Nazik Eltayeb)

    شكرا الاخت نازك الطيب

    انهم لا يعقلون بل يخافون والان هم في ورطة فالعدالة تنتظرهم والشعب ثائر ضدهم فاين المفر والمهرب ؟!!

    لابديل للثورة الجماهيرية الا الثورة الجماهيرية لكنس هذه العصابة الاجرامية الى مزبلة التاريخ غير ماسوف عليها تلاحقها لعنات الشعب السوداني
                  

01-20-2011, 05:57 PM

مهيرة
<aمهيرة
تاريخ التسجيل: 04-28-2002
مجموع المشاركات: 943

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: Nazik Eltayeb)

    غايتو ياأستاذ خالد بمقالاتك دى بتجيب خبر نافع بسكتة قلبية

    مقال أحد من السيف

    وكلمات كالرصاص

    تحياتى
                  

01-20-2011, 06:05 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    في الرد على (أبوالعفّين) !!

    خالد عويس

    روائي وصحافي سوداني

    [email protected]

    و(أبوالعفّين) هذا سياسيٌ سوداني نال شهرةً طبقت الآفاق، لا لعقله الاستراتيجي الجبّار الذي نقل السودان إلى مصاف دول العالم الثاني كما فعل مهاتير محمد في ماليزيا، ولا للمشوار النضالي الطويل الذي مضى فيه وكان طابعه التسامح الإنساني الجميل كما هو شأن (الكبير) نلسون مانديلا و(الكبير) مارتن لوثر كينغ، ولا لقدراته الخطابية الفذّة مثل روبيسبير في الثورة الفرنسية، فشهرة (أبوالعفّين) تعود فقط إلى بذاءة لسانه وقبح أفعاله.

    (أبوالعفّين) ما ترك مناسبةً إلا وكال خلالها الإساءات للشعب السوداني ومعارضته ورموزه. ويبدو أن (أبوالعفّين) وحكومته التي تدعي الإسلام في خوفٍ بالغ من المآل الذي انتهى إليه (زين العابدين بن علي) وكبار مساعديه خاصةً الأمنيين !!

    خوفهم العظيم يدفعهم إلى التخبط واطلاق البذاءات، وآخرها تهديده بشلّ حرية المعارضة وحركتها ! (أبوالعفّين) توعد المعارضة بأنها لن تقوى على تكرار ما جرى في تونس لأنها لا تملك الجرأة ولا العدد لاشعال انتفاضة ضد نظامه !!

    وبمقدور (أبوالعفّين) أن يصبح (كوميدياناً) في بعض الأحيان، فهو لم ينس الاشارة إلى أن (هذا العالم المتأزم يجد في المواطنين بالسودان المثال والقدوة في السماحة في التعايش بين الأديان والمعتقدات) !! يا إله السموات والأرضين !! من سيقدر على امساك نفسه من الضحك حتى يسقط عن مقعده هذا إن استطاع الجلوس !

    على البلدان الأوروبية وعلى الولايات المتحدة وعلى العالم بأسره أن ينظر بإعجاب منقطع النظير، بل ويتعلّم من (أبوالعفّين) في ما يتعلق بـ(التعايش) و(السماحة) !!

    سُلطة (أبوالعفّين) لم تدع مجالاً في السودان لأي (تعايش) أو (تسامح). فطائرات الأنتينوف التي يحركها (أبوالعفّين) ورفاقه دمرت بما كانت تلقيه على رؤوس الجنوبيين أيّ أملٍ في التعايش. وكذّبت أعداد الأسرى الذين سلمهم جيش (أبوالعفّين) إلى الصليب الأحمر عقب وقف الحرب في الجنوب في 2005، كذّبت الهراء الذي يطلقه (أبوالعفّين). فليحدثنا (أبوالعفّين) عن معاملة الأسرى من منظور إسلامي ومن منظور حكومته. حكومته لم تبق على أسيرٍ واحدٍ لتسلمه إلى الجيش الشعبي في مقابل مئات الأسرى سلمهم الجيش الشعبي (الكافر)، (المتمرد)، الذي لا أخلاق له !!

    طائرات الأنتينوف بعدما أكملت مهامها الإنسانية في نشر الدين والعروبة في الجنوب، اتجهت إلى دارفور لتحصد أرواح النساء والأطفال والشيوخ، وكأن مشروع (أبوالعفّين) الحضاري هو مشروعٌ للدمار والإفناء. لم يترك (أبوالعفّين) وحكومته حتى دول الجوار، وإلا فمن حاول قتل الرئيس المصري، محمد حسني مبارك في إثيوبيا؟

    قتل (أبوالعفّين) السودانيين بدمٍ بارد في بورتسودان وكجبار وسنّار وجبال النوبة. قتل في (بيوت الأشباح). كان كبار مسؤولي نظام (أبوالعفّين) يقفون جنباً إلى جنب حين قُتل 28 ضابطاً بطريقةٍ وحشية لم تُراع فيها حتى الأعراف والنظم العسكرية في الـ10 الأواخر من رمضان، فأين هو (التسامح) و(التعايش)..و(أبوالعفّين حايم)؟!

    أين كان (التسامح) حين أشرف (أبوالعفّين) بنفسه على تعذيب أستاذه ثم زميله في جامعة الخرطوم، الدكتور محمد إبراهيم؟

    دعوا الدكتور فاروق محمد إبراهيم يحكي:

    (إن ما يميز تجربة التعذيب الذي تعرضت له في الفترة من 30 نوفمبر الي 12 ديسمبر 1989 ببيت الأشباح رقم واحد الذي أقيم في المقر السابق للجنة الإنتخابات أن الذين قاموا به ليس فقط أشخاص ملثمين تخفوا بالأقنعة وإنما كان علي رأسهم الواء بكري حسن صالح وزير الدفاع الراهن ورئيس جهاز الأمن حينئذ والدكتور نافع علي نافع الوزير ورئيس جهاز حزب المؤتمر الوطني الحاكم اليوم ومدير جهاز الأمن حينئذ,وكما ذكرت في الشكوى المرفقة التي تقدمت لكم بها بتأريخ 29 يناير 1990 من داخل السجن العمومي وأرفقت نسخة منه لعناية اللواء بكري,فقد جابهني اللواء بكري شخصيا وأخطرني بالأسباب التي تقرر بمقتضاها تعذيبي ومن بينها قيامي بتدريس نظرية التطور في كلية العلوم بجامعة الخرطوم,كما قام حارسه بضربي في وجوده.ولم يتجشم الدكتور نافع تلميذي الذي صار فيما بعد زميلي في هيئة التدريس في جامعة الخرطوم,عناء التخفي وإنما طفق يستجوبني عن الأفكار التي سبق أن طرحتها في الجمعية العمومية للهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم وعن زمان ومكان إنعقاد اللجنة التنفيذية للهيئة,ثم عن مكان تواجد بعض الأشخاص كما ورد في مذكرتي وكل ذلك من خلال الضرب والركل والتهديد الفعلي بالقتل وبأقوال وأفعال أعف عن ذكرها فعل الدكتور نافع ذلك بدرجة من البرود والهدوء وكأنما كنا نتناول قهوة في نادي الأساتذة) !!

    (أبوالعفّين) كان يرغي ويزبد ويهدد ويتوعد خلال مشاركته في أعياد ميلاد المسيح في شندي !! ألم يشر رئيس (أبوالعفّين) قبل ثلاثة أسابيع – من القضارف – إلى أنه لا مجال بعد الآن لأي حديث عن تعدد ديني أو ثقافي في البلاد وأن أي حديث كهذا هو محض (دغمسة)؟ ما الذي جعل (أبوالعفّين) وحكومته يهرولان إلى الأقباط؟ أهي محض (دغمسة) أم (انكسار) لأن الغرب (الكافر)، (اللئيم)، (المتآمر) حذّر (أبوالعفّين) وحكومته من أن (حديث القضارف) هو (الدغمسة) بذاتها؟

    (أبوالعفّين) في حديثه قال إن حكومته ستكون بالمرصاد لـ(الطغاة) و(المتآمرين) !

    حسناً، في أدبيات حكومة (أبوالعفّين) منذ أتت، (الطغاة) هم الأمريكيون..(الطاغية الأمريكان ليكم تسلحنا)، فهل تُرى أجبر (أبوالعفّين) الجنرال سكوت غرايشن على الإسلام، أم ذهب الجنرال صلاح قوش إلى (لانغلي) مقر وكالة المخابرات الأميركية حاجّاً؟ ألم يعترف وزير خارجية (أبوالعفّين) بعد دخول القوات (الطاغية) إلى أفغانستان بأنهم سلّموا عدداً من المطلوبين و(الملفات) إلى مخابرات (الطاغية)؟

    لماذا لم يكن (أبوالعفّين) بالمرصاد لطائرات (العدو) الإسرائيلي وهي تقصف قافلةً في شرق السودان؟

    (أبوالعفّين) أسدٌ على شعبه ونعامةٌ عند مواجهة أميركا وإسرائيل.

    (أبوالعفّين) – الآن – لا يستطيع رئيسه أن يغادر السودان إلى أية دولة خشية (الطغاة) الذين يتآمرون لاعتقاله، ومبعوثوهم يجوبون السودان طولاً وعرضاً و(أبوالعفّين) لا ولن يتجرأ عليهم بكلمة.

    لو كان (أبوالعفّين) وحكومته في شجاعة الخليفة عبدالله التعايشي لاستقبلت جحافلهم القوات الدولية بـ(النحاس) والسيوف بدلاً من الانكسار المخزي بعد أن ملأوا الدنيا ضجيجاً وزعيقاً و(طلاقاً) !!

    سودان (أبوالعفّين) يحتل المرتبة 177 بين 180 دولةً في الفساد وانعدام الشفافية.

    المراجع العام الذي يعمل لدى (أبوالعفّين) يتحدث عن فساد حتى في ديوان الزكاة التي شُرّعت للمحرومين الذين حرمهم (أبوالعفّين) من تعليم وعلاج أبنائهم مجاناً، وحطم آمالهم ورغبتهم في الحياة.

    تُرى أين يتعلم أبناء (أبوالعفّين) ورفاقه؟

    أين يقضون فصل الصيف؟

    أتحداهم أن يقولوا لنا إن أبناءهم يصطافون تحت هجير الشمس في الخرطوم، ويكافحون شأنهم شأن أبناء عامة الشعب من أجل الحصول على كسرة خبز بلغ سعر 4 منها ألف جنيه سوداني !!

    إنهم يصطافون في القاهرة وبيروت وكوالالامبور، ويلتقون بقياديٍّ بارز في حركة العدل والمساواة ويتبادلون أطراف الحديث معه مشيرين إلى أنهم غير راضين عن سلوك أبائهم !!

    لماذا أصبحنا فقراء إلى هذا الحد يا (أبوالعفّين)؟

    لأنكم تنفقون 100 مليون دولار – شهرياً – على القطاع السيادي، القصر الجمهوري والحاشية و(طرابلسية) السودان !

    لأنكم تنفقون 2,4% من ميزانية الدولة على التعليم والعلاج معاً، في ما تذهب 74% للأمن الذي أنشأ فيه (أبوالعفّين) كتيبتين (عنصريتين) فقط من أبناء حجر العسل وحجر الطير !

    فرد جهاز الأمن يتلقى راتباً شهرياً لا يقل عن مليوني جنيه، في ما نائب الأخصائي في أي مستشفى يقل راتبه عن 750 ألف جنيه !!

    تُرى كم هو راتب المعلّم؟ العامل؟

    على ماذا تحصل (ست الشاي) و(سائق الكارو)؟

    هل هؤلاء هم (الطغاة) يا (أبوالعفّين) أم أنتم؟

    لماذا لا يحدثنا (أبوالعفّين) عن المستشار الرئاسي الذي يملك فيلا فخمة في مسقط رأسه في الولاية الشمالية، وفيلا أخرى فخمة في الخرطوم، ومع ذلك ذهب ليتسوّل الشيوخ في عاصمةٍ خليجية ليبنوا له بيتاً بحجة أنه لا يملك واحداً؟

    إنه المستشار ذاته الذي نعتنا جميعاً بـ(الشحاذين) !!

    (أبوالعفّين) يخشى المصير القاتم، لذا لا يتورع عن تهديد الشعب السوداني وترويعه. كلا يا هذا، فالشعب لم يعد لديه ما يخسره. حتى اللصوص أقلعوا عن السرقة لأنه لم يبق في البيوت التي كانوا يتسورونها شيئاً لُيسرق !!

    الشعب السوداني لم يعد لديه ما يخسره، أنتم يا (أبوالعفّين) من يخشى الخسارة.

    تخشون خسارة (اللاندكروزر 2011)، و(سيارة الأبناء)، و(سيارة الزوجة)، وطواقم الحراسة، و(الفيلا الفخمة) والرصيد المصرفي الذي يتجاوز ملايين الدولارات !!

    أنتم من يخشى مصير (زين العابدين بن علي) و(تشاوشيسكو) و(جعفر نميري) !!

    أنتم من يخاف انحياز قوات الجيش والشرطة للشعب السوداني إذا ثار عليكم.

    تعلمون جيداً أن جهاز الأمن وحده هو من سيحاول حمايتكم. تعرفون أن جهاز الأمن لن يقوى على مكافحة الثورة التي لن تشتعل هذه المرة في الخرطوم وحدها، فشندي جرّبت الخروج، ومدني أجرت (بروفتين) ناجحتين، وكذا فعلت الحصاحيصا. و(الجزيرة أبا) والنيل الأبيض. وبورتسودان تتململ. والمعارضة السودانية تعيش أفضل حالاتها منذ سنوات. وهي، ومعها الشعب تلقوا رسالةً قويةً من شعب تونس:

    إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة

    فلابد أن يستجيب القدر.

    ونحن نريد الحياة يا (أبوالعفّين)

    نريدُ أن نتعلم ونعلّم أولادنا مجاناً.

    نريدُ أن نتعالج مجانا، ولا نخشى الفاقة حين نتوجه إلى المستشفيات.

    لا نريد أن ندفع 8,5 آلاف جنيه ثمناً لجالون بنزين.

    نريد أن نبتاع خبزاً رخيصاً تدعمه الحكومة.

    نريد أن نحافظ على كرامة نسائنا وأخواتنا وأمهاتنا من الجلد.

    نريد أن نتوجه إلى المحكمة فلا نبحث عن واسطة.

    نريد أن نعمل ولا أحد يسألنا عن قبائلنا قبل التوظيف.

    نريد لجامعاتنا أن تسترد هيبتها.

    ولمشروع الجزيرة أن يزدهر، ولمشاريع النيل الأبيض، والشمالية والقضارف.

    نريد ألا نطأطيء رؤوسنا في مطارات العالم ونحن نمدّ أيادينا بجوازات سفرٍ صارت تجلب لنا تهم الإرهاب والترويع.

    لا نريد لطفلاتنا وأطفالنا أن يكونوا فرائس للذئاب البشرية. نريد للقانون ورجال القانون أن يؤدوا دورهم في حماية الأطفال من الاغتصاب عوض حماية (أبوالعفّين) و(أبوالدقيق) !!

    نريد للعاطلين عن العمل أن يتوظفوا حتى لا يكونوا عرضةً للاحباط والأذى النفسي الذي يدفع بعضهم لاغتصاب الأطفال.

    نريد أن نحيا في سلام.

    نريد لمشكلة السودان في دارفور أن تُحل لتوقد نار القرآن مرةً أخرى هناك.

    نريدُ لفتياتنا أن يجدن لقمة شريفة، ولا نريد لهن الابتزاز الجنسي بواسطة رجال القانون.

    نريد أن تكون الشرطة في خدمة الشعب لا الحكام.

    نريد أن نعيش دون خوف.

    نريد أن نتديّن على طريقتنا الصوفية الجميلة، لا أن تُقسرنا السلطة على التديّن، وهي سلطة قاتلة سارقة فاسدة ومفسدة.

    نريد للدين أن يكون حيّاً بيننا، يخرج معنا إلى الشارع في رمضان ليدعو الغرباء إلى مائدة الإفطار، ويذهب معنا إلى المقابر لدفن الأموات، ويرحم الصغير، ويوقر الكبير، ويعود المريض، ويصلّي ويصوم ويزكي ويحفظ الله دون جلبة وصراخ. لا نُريده أن يكون جلاداً بيده السوط والسيف. نُريده أن يطعمنا أولاً ويؤمننا من الخوف، لا نريده للتخويف، نريده للمحبة والتسامح.

    نريد لديننا أن يكون مثل أجدادنا الطيبين وجداتنا المسالمات الحكيمات، لا نريده متهيّجا ملتحياً كاذباً يسرق ويكذب ويزني ويقتل ويعذّب ثم يأمر الناس بالبر !!

    نريد أن نمسك بأكفّ زوجاتنا ونروح نتجول في شارع النيل دون أن يسألنا رجال شرطة النظام العام عن بطاقات هوياتنا.

    نريد أن نسهر مع محمد وردي حتى الصبح دون أن يعكّر صفونا وصفو فرحنا شبانٌ من النظام العام لا يعرفون قيمة وردي ولا محمد الأمين ولا الكابلي !

    نريد أن نسترجع حياتنا وأحلامنا في مستقبل مشرق، لا أن نفكر في ما يخبئه لنا الغد من زيادة في الأسعار أو انفصال جزء آخر من الوطن.

    نريد أن نحيا يا (أبوالعفّين) وأنتم تحولون بيننا وبين الحياة، فمن سيتنحى من طريق الآخر، نحن أم أنتم؟

    إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة

    فلابد أن يذهب (أبوالعفّين) !

    وليفهم (أبوالعفّين) جيدا، بقدر العنف الذي ستمارسه السلطة على الشعب، سيكون الحساب. نحن نتمنى ألا يكون الحساب عسيرا يسبق حتى إجراءات المحاكمات و(رحلات الهروب) على (التونسية) أو (الهولندية). نحن نتمنى أن يتنبه العقلاء في المؤتمر الوطني إلى المخاطر المحدقة بهم هذه المرة. فالحلُ بأيديهم لتجنّب شلالات الدم التي سيبدأها حتماً المؤتمر الوطني – إن لم ينصت لصوت العقل – وستغرقه هو في نهاية المطاف.

    نحن نتمنى صادقين ألا يكون التغيير عنفياً نتيجة ازدراء المؤتمر الوطني وتعاليه واستحقاره لشعبه. نتمنى أن يكون (الدرس التونسي) مفيداً قبل أن يفوت أوان التوسلات والرجاء المذّل كما جرى لـ(زين العابدين بن علي) في تونس، ومع ذلك اقتلعه الشعب.

    الشعوب يا (أبوالعفّين) أقوى من أجهزة الأمن في العالم مجتمعة.

    والتغيير قادم. التغيير قادم بفضل الجماهير، كما حدث في أوروبا الشرقية، وأميركا اللاتينية، وإيران، وتونس. التغيير قادم كما حدث في أكتوبر وأبريل. التغيير قادم شئتم أم أبيتم. والتهديد والوعيد لن يزيدنا إلا تصميماً لوضع نهايةٍ لعهود التسلط والقهر والخوف في الوطن الحبيب.

    [Profile] [Edit]
                  

01-20-2011, 06:58 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    Quote: (أبوالعفّين) يقول إن (الإنقاذ هي التي حفظت للسودان ماء وجهه بالشريعة الإسلامية) !!.

    لن نرد على (أبوالعفّين)، ولنقرأ ما ذكره مثقف عروبسلاموي بارز في 2006 هو الدكتور غازي صلاح الدين العتباني (مستشار رئيس الجمهورية حاليا):

    "أشد الادواء التي اصابت الحركة الاسلامية هو الاحساس الذي انتاب كثيرا من اعضائها بتآكل المشروعية وفقدان المصداقية الذاتية الذي اضعف الايمان بالنفس وبأحقية المطلب الذي اجتمعوا عليه وتواثقوا على نصرته ، مشيرا الى ان ذلك قاد الى ضمور العمل الاسلامي وسط التيارات الحية والمتجددة في المجتمع ، والتي كانت للحركة الاسلامية الصدارة فيها على من سواها" !!
                  

01-21-2011, 03:24 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    ...
                  

01-22-2011, 09:02 AM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    (أبوالعفّين) مرةً أخرى!!

    خالد عويس

    روائي وصحافي سوداني

    [email protected]

    على المعارضين لنظام الإنقاذ أن يكفوا عن الدعوة للإطاحة بالحكومة. (أبوالعفّين) يتكفّل بذلك !

    فتصريحاته كلها خلال الأيام الماضية تشكّل مادةً خصبة لإثارة الشعب السوداني وتحفيزه من أجل اقتلاع (أبوالعفّين) من جذوره. ويبدو أن (أبوالعفّين) هذه الأيام مصابٌ بـ(داء الكلام). فهو لا يكف لحظة عن الحديث. وليته كان حديثاً مفيداً موضوعياً ومنطقياً. إنه من الشاكلة التي يُطلق عليها السودانيون في عاميتهم المبدعة (هردبيس) !

    (أبوالعفّين) بطبيعة الحال لم يقرأ مقولة النفّري: "كلما اتسعت الرؤية، ضاقت العبارة". لكن ذلك لمن أوتي نصيباً عظيماً من الحكمة والتأمل. و(أبوالعفّين) معذور، فهو لا يقرأ. وكيف يجد متسعاً من الوقت للقراءة؟ و(أبوالعفّين) لا يفكّر. وكيف لمن أدار جهاز الأمن بعقلية (بيريا) الرهيب في عهد الرئيس جوزيف ستالين أن يفكّر. (بيريا) كان رجلاً يخلو من الاحساس علاوةً على ضآلة قدراته العقلية. (بيريا) كان مجرد (زر) في آلة القتل والعنف الروسية العملاقة. استخدمه ستالين لتصفية رفاقه في الحزب البلشفي. (بيريا) هذا لاحق واحداً من (مفكري) الثورة الروسية العظام، تروتسكي، إلى المكسيك وقتله هناك. لابد أن الأمر كان ينطوي، إضافة إلى أوامر ستالين، على احساس شخصيٍ بالحقد على تروتسكي. فالإثنان على طرفي نقيض. تروتسكي مثقف ومؤلف لم يطوه النسيان رغم مقتله. و(بيريا)، (أبوالعفّين روسيا) كان محدود المقدرات إلا في جانب العنف.

    (أبوالعفّين) يشعر بالحقد ذاته على بعض قادة المعارضة لأنهم مثقفون وهو كما خلقته أمه في مجال الثقافة والوعي. وهم ناضجون فكرياً، وهو لا يختلف كثيراً في وعيه السياسي عن تلاميذ المدارس الإبتدائية. وهم مسالمون وعفيفو اللسان، وهو لا يملك إسهاماً وطنياً غير عنفه وبذاءة لسانه.

    وعيُّ تلاميذ المدارس الإبتدائية هذا يمثل (نسقاً) مضمراً وظاهراً في طريقة تفكير وتعبير (أبوالعفّين) الذي يمثل (ظاهرةً) فريدةً من نوعها في السياسة السودانية الموبوءة منذ 21 سنة بضحالةٍ لا نظير لها وجهالات بالغة وازدراء بالعقل.

    (أبوالعفّين) في آخر تجلياته الصبيانية قال:(الداير يقلع الحكومة يقوي ضراعو)، وأضاف: (نحن بنجهز ليهو ضراع قوي من عندنا). (أبوالعفّين) حسب تصريحات له لدى مخاطبته شورى المؤتمر الوطني في ولاية الجزيرة، طبقاً لصحيفة (الرأي العام) أكّد أن (الإنقاذ هي التي حفظت للسودان ماء وجهه بالشريعة الإسلامية) !!.

    (الداير يقلع الحكومة يقوي ضراعو) !! و(نحن بنجهز ليهو ضراع قوي من عندنا) !!

    بالله عليكم هذا (أستاذٌ جامعي) أم (فتوّة) جاهل من فتوّات الروائي المصري نجيب محفوظ؟

    (بيريا) الروسي ذاته كان يعمل في صمت. لكن (أبوالعفّين) يذهب بالشطط السياسي إلى مداه الأبعد.

    (أبوالعفّين) يدرك أن أجهزة أمنه تصدت بعنف بالغ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية لمسيرات سلمية في شندي وفي مدني والحصاحيصا والفاشر. أردت طالباً جامعياً على الأقل في الفاشر، وشجّت رأس شيخٍ أنصاري في الـ 74 من العمر. وحطمت ساعد الدكتورة مريم الصادق.

    (أبوالعفّين) يستفز الشعب السوداني كلّه بتصريحاته هذه، لأنه لا يرى فيه إلا شعباً ########اً مستسلماً لقدره ومستسلماً لـ(أبوالعفّين) ليفعل فيه ما يشاء !

    (أبوالعفّين) يطلق سيل التصريحات المستفزة البذيئة هذا لأنه خائف. خائفٌ من تنامي الاحتجاجات ومظاهر الرفض الشعبي. (أبوالعفّين) يحاول الكذب على الشعب بوعود (هلامية) حول مفاجآت نفطية بعد 9 يوليو المقبل. هذا لأنه يريد اسكات الشعب إلى يوليو المقبل. حسناً فلنقل إن كل شبر في السودان، أو ما تبقى من السودان نضح نفطاً، فما الذي سيجنيه الشعب؟

    ما الذي جناه الشعب السوداني طيلة السنوات العشر الماضية من النفط الذي تدفق على (أبوالعفّين) ورفاقه في المؤتمر الوطني، ومتوسط دخل الفرد السوداني يومياً أقل من دولار أميركي واحد، طبقاً لمجلة (قلوبال فاينانس)؟

    (الداير يقلع الحكومة يقوي ضراعو) !! و(نحن بنجهز ليهو ضراع قوي من عندنا) !!

    (أبوالعفّين) لا ينسى أن هذا الشعب هو الذي انتصر في (شيكان) و(قدير)، وهو الذي مرّغ أنف وكرامة الجنرال غوردون – ناهيك عن (أبوالعفّين) – في التراب، وصعد إلى المشانق بعزةٍ وكرامة كما فعل (ودحبوبة)، وانتظر الموت على (فروته) كما فعل الخليفة عبدالله التعايشي، وقابل الموت بوجهٍ باسم كما فعل الأستاذ محمود محمد طه.

    (أبوالعفّين) لا ينسى هذا كله، كما لا ينسى (أكتوبر) و(أبريل)، لكنه يريد أن يوهم نفسه بأنه هو وأجهزته الأمنية أقوى من الشعب.

    (أبوالعفّين)، ربما لا يعرف أن (العهد القديم) ذكر بسالة (الكوشيين)، أجدادنا: (يا أرض حفيف الأجنحة التي في عبرِ أنهار كوش، المُرسلة رسلا في البحر وفي قوارب من البردي على وجه المياه.اذهبوا أيها الرسل السريعون إلى أمةٍ طويلة وجرداء، إلى شعبٍ مَخُوفٍ منذ كان فصاعدا، أمةِ قوةٍ وشدةٍ ودوس.قد خرقت الأنهار أرضها.يا جميع سكان المسكونة وقاطني الأرض، عندما ترتفع الراية على الجبال تنظرون، وعندما يُضربُ بالبوق تسمعون)

    (أبوالعفّين) لا يعرف نضالات قبيلة دينكا أقار – مثلا – بقيادة ميانق ماتيانق ضد المستعمر البريطاني. ولا قبائل الدينكا والشلك والنوير التي قاتلت المستعمر البريطاني طويلاً، ولا قبيلة الزاندي التي انتفضت ضد المستعمريين في 1905.

    لا يعرف (أبوالعفّين) أن شعراء بريطانيا "العظمى" تغنوا ببسالة وشجاعة محاربي قبائل البجة في شرق السودان. ولا الأدوار الكبيرة التي لعبها مناضلون عظماء في جبال النوبة ضد المستعمر مثل السلطان عجبنا، أو دور السلطان بحر الدين، سلطان المساليت في مقاومة الجيش الفرنسي الذي كان يحاول التسلل إلى دارفور.

    نعم يا (أبوالعفّين)، نحن لسنا بحاجة لشاب يحرق نفسه كي تتفجر الثورة، لأن الثورة في دمنا الباسل كما ذكرنا (العهد القديم). الثورة في دمنا مثلما كانت في دم أجدادنا الذين ماتوا بشمم وإباء في (كرري).

    (أبوالعفّين) يقول إن (الإنقاذ هي التي حفظت للسودان ماء وجهه بالشريعة الإسلامية) !!.

    لن نرد على (أبوالعفّين)، ولنقرأ ما ذكره مثقف عروبسلاموي بارز في 2006 هو الدكتور غازي صلاح الدين العتباني (مستشار رئيس الجمهورية حاليا):

    "أشد الادواء التي اصابت الحركة الاسلامية هو الاحساس الذي انتاب كثيرا من اعضائها بتآكل المشروعية وفقدان المصداقية الذاتية الذي اضعف الايمان بالنفس وبأحقية المطلب الذي اجتمعوا عليه وتواثقوا على نصرته ، مشيرا الى ان ذلك قاد الى ضمور العمل الاسلامي وسط التيارات الحية والمتجددة في المجتمع ، والتي كانت للحركة الاسلامية الصدارة فيها على من سواها" !!

    إذا كان هذا هو "احساس" أعضاء الحركة الإسلاموية حسب التعبير "الرومانسي" الرقيق للدكتور غازي صلاح الدين، وهو تآكل المشروعية، وفقدان المصداقية الذاتية "الذي أضعف الايمان بالنفس وبأحقية المطلب الذي اجتمعوا عليه وتواثقوا على نصرته"، إذا كان هذا هو "احساس" أعضاء "النظام"، تُرى ما الذي حلّ بالملايين الذين اكتووا بهذا المشروع؟ وإذا كان هذا رأي واحد من غلاة العروبسلامويين، وواحد من زعاماتهم، فما الذي تبقى في مشروعيتهم في نظر المواطن السوداني الذي تجرّع السمّ دفعة واحدة، فأُلقي به في الشارع، وحُرم الحق المجاني في العلاج ليموت على أرصفة الخرطوم، وحُرم حقّ تعليم أبنائه مجاناً، ولا يزيد متوسط دخله اليومي عن دولار؟

    هل يسرق؟

    لكنّ القوانين تردعه بقطع اليد !

    هل يتسوّل؟

    لكن الشحذة ستريق ماء وجهه !

    هل يقبل الرشوة؟

    لكن دينه يحذره من ذلك !

    هل يغض الطرف عن ابنته إذا كسبت المال عن طرق غير مشروعة؟

    لكن ذلك حرام وربما يجلب له العار !

    ماذا تبقى غير أن يتوكل على الله ويعلن انضمامه إلى جماعتهم ليحصل على "الفتات" من موائدهم، عسّاه ينتقل من خانة وطأ الجمر إلى خانة "الاحساس" بالألم كون المشروع "فقد مشروعيته"؟

    هذا هو السبيل الوحيد الذي تركته جماعة (أبوالعفّين) أمام بعض الناس. لكن الغالبية العظمى استنكفت عن هذا الطريق الذي منتهاه (قتل الضمير) و(بيع الذات) بثمن بخس.

    إن لله جنوداً من عسل - حسب تعبير الخليفة الأُموي -، وجنوداً من تضييق، وجنوداً من إفقار، وجنوداً من إراقة ماء الوجه، وجنوداً من تدجين !

    ولنقرأ مرة أخرى للدكتور حسن مكي (أحد المثقفين العروبسلامويين البارزين):

    "ما جدوى هذا المشروع الحضاري إذا كان الاتجاه العام للحياة في السودان يمضى لانكماش وانقباض وتأزم , وأنها ماضية إلى المزيد من الأزمات نتيجة للانخفاض المستمر في قيمة الجنيه, ونتيجة للتضخم, ونتيجة للخلل في السياسات الاقتصادية" .

    ويمضي لما هو أهم، بل هو جوهر المسألة:

    "إن الإسلام يقوم على النموذج والقدوة وما زالت الأوضاع في السودان بعيدة عن حضارة النموذج." ورصد ما طرأ من تغيرات على حياة الإسلامويين: " إن هذه الفئة الجديدة تستفز المواطنين بمسكنها وملبسها ومأكلها ومركبها"

    ولنذكر هنا أن البند الثاني من بنود "أهداف" حزب المؤتمر الوطني (العروبسلامويين) عبر مرسومه الأساسي، يؤكد "حاكمية الله" !!

    والحقيقة طبعا أن الإسلام عبر شخوصه لا يحقق عدلا ولا دولة كفاية ولا يكفل حقوقا انسانية - من خلال الحكم - لأنه ما من وسيلة لمراقبة "خائنة الأعين وما تخفي الصدور". ولا سبيل لمحاسبة الحاكم "الفاسد" الذي يرفع المصحف بيمينه. ولا يمكن لأي مواطن أن يعترض على أي أمر، لأن الحاكم أشبه بـ"ظل الله على الأرض"، ومعارضة الدولة، هي معارضة الله !!

    الإسلام يمكنه تحقيق ذلك كله من خلال الفرد. فالتكليف فرد، والحساب فردي. والدولةُ "مؤمنة" كانت أو "كافرة" لن تُحاسب يوم القيامة. والحديث، مجرد الحديث عن دولة إسلامية ليس كافياً أبداً لقيامها. بل لا معنى لها أبداً إن لم تكن عملاً محسوساً دون هياج وصراخ بأن أنظروا، ها هي دولتنا الإسلامية. هذا سلوكٌ طفولي. الله قد ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة. هذه المقولة الذهبية التي تنهض من بطن التراث الإسلامي تعني أن العدل هو الأساس بنظر الإسلام، لا الترديد كالببغاوات بأن "هذه دولة إسلامية"، تعني أن مقاصد الإسلام هي مطلب الدولة، لا الشعارات. ومقاصد الإسلام هي العدل والمساواة والرحمة. هي لا ضرر ولا ضرار. هي القدرة على محاسبة الحاكم ونقده وتغييره بالطرق السلمية. هي احساس المواطن بمشروعية وجوده في الدولة، لا خوفه من ظله وبيع نفسه في مزادٍ سياسي أحادي ليتمكن من تدبير ثمن الدواء.

    الدولة التي لا تستطيع أن ترفع متوسط دخل الفرد فيها إلى ما هو أكثر من نصف دولار عليها أن تصمت عن أي حديث عن الدين.

    عليها أن تطعمنا من جوع وتؤمننا من خوف أولاً قبل أن تأمرنا بالفضيلة.

    الدولة التي لا توفر لنا علاجاً مجانياً وتعليماً مجانياً عليها أن تكف عن ترديد الشعارات. فالشعارات في هذه الحالة "كلمة حق أُريد بها باطل".

    الدولة التي لا تحصّن مجتمعها ضد الفقر والعوز والجوع عليها أن تخجل من قرن نفسها بالدين، أي دين.

    الدولة التي تفعل ذلك هي دولةٌ ضد الإنسان وضد تكريمه الذي أكرمه به الله سبحانه وتعالى.

    الدولة التي تقتل بدمٍ بارد، وتستخدم العنف في أقصى صوره لا تستحق أن تحمل صفة الإنسانية.

    الدولة التي تفعل كل ذلك وتكذب على شعبها بإسم الدين، أي دين، هي عارٌ على الدين.

    دولة (أبوالعفّين) هي دولة الشعارات بلا منازع، لا دولة الفعل والعدل والرعاية الإجتماعية والكفاية. لذا يجب أن تذهب. لا نريد شعارات، بل نريد أن نأكل ونتعلم.

    ولأننا حين نتحدث عن محض شعارات انسحبت على كل شيء حتى الدين لم نبارح الحقيقة قيد أُنملة. فلنقرأ من البيان الأول للسيد عمر البشير:

    "لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في إيقاف التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية مما زاد حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطنين الحصول علي ضرورياتهم إما لانعدامها أو ارتفاع اسعارها مما جعل الكثير من أبناء الوطن يعيشون علي حافة المجاعة وقد أدي التدهور الاقتصادي إلي خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطيل الإنتاج بعد أن كنا نطمع أن تكون بلادنا سلة غذاء العالم أصبحنا أمة متسولة تستجدي غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود" !!

    لا تعليق سوى أن النتيجة، نتيجة الشعارات والاستبداد كانت خراباً شاملا. رفعُ الشعار الديني وحده غير كافٍ. الأهم من الشعار هو العمل الجاد. فالعمل قيمة دينية وقيمة دنيوية. وبالعمل - لا الهتاف - تعمر البلدان. ولا أدري كيف يبرر السيد البشير ورفاقه هذه النتيجة التي آلت إليها الزراعة في السودان رغم سياساتهم "غير الرعناء"؟ وماذا إذا كان بشرنا في صبيحة 30 يونية 1989 بتطبيق سياسات "رعناء"؟

    ما جرى ببساطة هو أن الدولة كفّت عن تقديم أيّ خدمة للمواطن "السعيد". فهي تغلّبت على مشكلات صفوف الوقود "المدعوم" في العهد الديمقراطي، وصفوف الخبز "المدعوم" في العهد الديمقراطي، وصفوف السكر "المدعوم" في العهد الديمقراطي بحلٍ كان سهلاً وبسيطاً أمام الحكومة الديمقراطية "الرعناء"، لكن العقول الجبّارة التي كانت تحكم آنذاك لم تتنبه لسهولة الحل الذي أخرجه "حاوي" إنقلاب الإنقاذ من جيبه، صائحاً صيحة أرشميدس الشهيرة: وجدتها ..وجدتها !

    الحلُّ بسيط، لكن "رعونة" الحكم الديمقراطي حالت دون رؤيته. الحل: رفع الدعم !

    فبدلاً من الفوضى التي تنشأ عن صفوف المواطنين الذين كانوا يفضلون الخبز المدعوم والسكر المدعوم والوقود المدعوم عوض الابتياع من "السوق السوداء"، رفعت الدولة يدها عن تلك السلع، وتركت المواطنين لغول "السوق السوداء" التي استحالت بقدرة قادر إلى "سوق بيضاء" برعاية الدولة و"مباركتها" !!

    والحكومة الديمقراطية كانت تبدد أموال الشعب في صرف لا معنى له. فهي كانت تنفق مئات الملايين من الدولارات على التعليم والعلاج المجانيين. وكان بمقدور أيّ طالب متفوّق في الجامعة أن يتعلم تعليماً فوق جامعي في بريطانيا – مثلاً – على حساب الدولة. وكان المزارعون والرعاة والعمال يحصلون على علاجٍ مجاني. كل ذلك الصرف "البذخي" على أمور غير ضرورية كان على حساب الأولويات: القطاع السيادي (القصر الجمهوري) الذي يستأثر بـ 100 مليون دولار شهرياً، أي مليار ومئتي مليون دولار سنوياً، والأمن والجيش اللذان يحوزان على 74% من الميزانية. لم يبق شيء يُذكر للمسائل ذات الأولوية المتدنية كالتعليم والعلاج. يمكن للمواطنين – الذين لا يتعدى متوسط دخلهم دولار يومياً – أن يتكفلوا بذلك !

    أرأيتم؟؟

    إنها حلولٌ في غاية السهولة، لكن ماذا نفعل مع العقول التي كانت تحكمنا 1986 – 1989؟

    لا، بل وإن عنّ لهذه الحكومة "الرعناء" أن تنقص من دعمها للسكر مثلا بضعة قروش، ثارت ثورة الشعب السوداني في ما تسمّيه أدبيات "إنقلاب الإنقاذ".."فوضى" ! إذ كيف يُسمح للشعب السوداني أن يعبّر عن رأيه في أمرٍ يخصه في ظل وجود حكومة "غير رعناء"؟

    الرعونة ألا تُطلق الرصاص الحيّ على المحتجين على أيّ أمر يخصهم كما جرى لمواطنين في كجبار شمال السودان، وبورتسودان شرق السودان على سبيل المثال. هذا ما يُسمى "هيبة الدولة". فالدولة "الإسلامية" ينبغي أن يهابها الجميع، غضّ النظر عن أن رسول كسرى إلى رئيس دولة المؤمنين أتاه فوجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يغط في النوم تحت شجرة. ومن الغرابة - طبعاً - النظر إلى فعلٍ كهذا على أنه فعلٌ يمثل "هيبة الدولة"، فكيف لدولة مهابة أن تنام تحت شجرة دون أن تسبقها سيارات النجدة والشاحنات الصغيرة الملأى بالجنود المدججين بالسلاح؟

    كيف للدولة أن تسعى بين الناس دون أن تكون "دابتها" سيارات "البي إم دبليو" و"المرسيدس" من آخر طراز، وبألوانٍ مختلفة، ربما واحد للأوقات الصباحية والآخر للأوقات المسائية، إذ لا يُعقل أن تلتقي الدولة بضيوفها وبشعبها بلون السيارة ذاته في الصباح وفي المساء !!

    سنغض الطرف أيضاً عن أن رئيس الوزراء السابق لم يتقاض راتباً من الدولة، وكان يطلب طعام غدائه له ولطاقمه من بيته. كيف للدولة ألا تُظهر هيبتها بطلب طعام الغداء من فنادق النجوم الخمس في الخرطوم، وليذهب التلاميذ المطالبين بمجانية التعليم، والمزارعين المطالبين بمجانية العلاج، ليذهبوا جميعاً إلى الجحيم. ولتقتل حكومة (أبوالعفّين) واحداً منهم في الفاشر (20 يناير 2011) !!

    السياسات "غير الرعناء" أذاقت الشعب السوداني الأمرين. فـ90% من السودانيين يعيشون تحت خط الفقر (إذا كان متوسط دخل الفرد يقل عن دولار يوميا فماذا نتوقع)، ويعيش 20% من السودانيين خارج وطنهم في رحلات البحث عن لقمة عيش. وعلى الرغم من رفع الدعم عن السلع الضرورية وإلغاء مجانية العلاج والتعليم، فإن الحكومة "الإسلامية" فرضت على مواطنيها الفقراء ضرائب باهظة للغاية. كانت الحكومة الديمقراطية تفرض ضرائب معقولة في مقابل خدمات محسوسة يحصل عليها الناس مثل مجانية التعليم والعلاج ودعم السلع. لكن هذه الخدمات أضحت شؤوناً لا تتعلق بالدولة، فما معناها الاقتصادي إذن؟

    ويكون الأمر منطقيا لو أن رجالات دولة الإسلام السياسي يعيشون بالكيفية ذاتها التي فرضوها على المواطن السوداني. فقد كانت جملة الاعتداءات على المال العام، باستثناء قطاع المصارف من سبتمبر 2004 وحتى نهاية اغسطس 2005 تقدر بـ(542 مليون دينار، يعني 5 مليارات جنيه)، ولنلاحظ أن ما تم تخصيصه لجهاز الدولة من ميزانية العام 2003 (أي العام السابق) كان 913.000 مليار جنيه.

    كانت جرائم سرقة المال العام وصلت إلي 813 مليون دينار (8 مليار جنيه) في 2002 لم يسترد منها الا 8.32 مليون دينار أي 9% تقريبا. المفاجأة المزلزلة فعلا، هي أن الاعتداء علي مال الزكاة كانت نسبته 11% من إجمالي المبالغ المسروقة. هذا يعني أن أموال "السائل والمحروم" التي تقوم بجمعها دولة الإسلام السياسي، من "السائل والمحروم" ذاته، سرقت منها أكثر من مليار جنيه!!

    ولنقرأ مرة أخرى بتمعن، ففي 2003 هدد العاملون في 21 ولاية بالإضراب عن العمل لذات الأسباب. وكانت مطالبهم وقتها لا تتعدى 6 مليار جنيه سوداني.

    من يسرق، ومن يجوع ؟ من يعتدي على أموال الزكاة، والمال العام؟

    حسنا. من يتستر عليهم؟

    من يفعل ذلك، خاصةً إذا علمنا بأن غالبية من يعملون في أجهزة الدولة، هم من الإسلاميين؟

    وما تم رصده هنا، هو ما تكشف عنه الحكومة بنفسها.وهذا ما تكتب عنه صحافة الخرطوم المراقبة. وبالطبع فإن أرقام الاعتداءات على المال العام متواضعة جدا، بالنظر إلى ترتيب السودان المتقدم في الشرق الأوسط وإفريقيا كـدولة "فاسدة".

    على (أبوالعفّين) أن يدرك جيداً أن غضبة الشعب السوداني بدأت، هدد هو أم لم يهدد. عليه أن يفهم أن الطرف الذي ينبغي أن يخاف هو الطرف الأضعف في المعادلة، لا الطرف الأقوى. فلا مجال للمقارنة بين 5% تعيش في 7 كيلومترات في الخرطوم حياة الرفاهية والدلال الكامل، وبين نحو 95% لا يعيشون البتّة.

    على (أبوالعفّين) أن يدرك أن الجنرال غوردون سبقه إلى التهديد، وكذا فعل الجنرال إبراهيم عبود والجنرال جعفر نميري، فماذا كان مصيرهم؟ ذهبوا وبقي الشعب السوداني صانع الثورات. وستذهب أنت يا (أبوالعفّين) إلى موئلك الطبيعي الذي تستحق، وسيبقى الشعب السوداني العظيم..علماً بين الأمم
                  

01-22-2011, 09:16 AM

إدريس البدري
<aإدريس البدري
تاريخ التسجيل: 07-31-2006
مجموع المشاركات: 943

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    لك التحــية خالد عويس
                  

01-22-2011, 09:21 AM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: إدريس البدري)

    الله اكبر لله الحمد
                  

01-22-2011, 02:59 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    إذا التف حول الحق قومٌ فإنه
    يصرِّمُ أحداث الزمان ويبرمُ

    لك الويل ياصرح المظالمِ من غدٍ
    إذا نهض المستضعفون وصمموا

    إذا حطّم المستعبدون قيودهم
    وصبوا حميم السخط أيان تعلمُ

    أغرّك أن الشعب مغضٍ على القذى
    وأن الفضاء الرحب وسنانُ مظلمُ ؟
                  

01-23-2011, 04:26 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    (أبوالعفّين) مرةً أخرى!!

    خالد عويس

    روائي وصحافي سوداني

    [email protected]

    على المعارضين لنظام الإنقاذ أن يكفوا عن الدعوة للإطاحة بالحكومة. (أبوالعفّين) يتكفّل بذلك !

    فتصريحاته كلها خلال الأيام الماضية تشكّل مادةً خصبة لإثارة الشعب السوداني وتحفيزه من أجل اقتلاع (أبوالعفّين) من جذوره. ويبدو أن (أبوالعفّين) هذه الأيام مصابٌ بـ(داء الكلام). فهو لا يكف لحظة عن الحديث. وليته كان حديثاً مفيداً موضوعياً ومنطقياً. إنه من الشاكلة التي يُطلق عليها السودانيون في عاميتهم المبدعة (هردبيس) !

    (أبوالعفّين) بطبيعة الحال لم يقرأ مقولة النفّري: "كلما اتسعت الرؤية، ضاقت العبارة". لكن ذلك لمن أوتي نصيباً عظيماً من الحكمة والتأمل. و(أبوالعفّين) معذور، فهو لا يقرأ. وكيف يجد متسعاً من الوقت للقراءة؟ و(أبوالعفّين) لا يفكّر. وكيف لمن أدار جهاز الأمن بعقلية (بيريا) الرهيب في عهد الرئيس جوزيف ستالين أن يفكّر. (بيريا) كان رجلاً يخلو من الاحساس علاوةً على ضآلة قدراته العقلية. (بيريا) كان مجرد (زر) في آلة القتل والعنف الروسية العملاقة. استخدمه ستالين لتصفية رفاقه في الحزب البلشفي. (بيريا) هذا لاحق واحداً من (مفكري) الثورة الروسية العظام، تروتسكي، إلى المكسيك وقتله هناك. لابد أن الأمر كان ينطوي، إضافة إلى أوامر ستالين، على احساس شخصيٍ بالحقد على تروتسكي. فالإثنان على طرفي نقيض. تروتسكي مثقف ومؤلف لم يطوه النسيان رغم مقتله. و(بيريا)، (أبوالعفّين روسيا) كان محدود المقدرات إلا في جانب العنف.

    (أبوالعفّين) يشعر بالحقد ذاته على بعض قادة المعارضة لأنهم مثقفون وهو كما خلقته أمه في مجال الثقافة والوعي. وهم ناضجون فكرياً، وهو لا يختلف كثيراً في وعيه السياسي عن تلاميذ المدارس الإبتدائية. وهم مسالمون وعفيفو اللسان، وهو لا يملك إسهاماً وطنياً غير عنفه وبذاءة لسانه.

    وعيُّ تلاميذ المدارس الإبتدائية هذا يمثل (نسقاً) مضمراً وظاهراً في طريقة تفكير وتعبير (أبوالعفّين) الذي يمثل (ظاهرةً) فريدةً من نوعها في السياسة السودانية الموبوءة منذ 21 سنة بضحالةٍ لا نظير لها وجهالات بالغة وازدراء بالعقل.

    (أبوالعفّين) في آخر تجلياته الصبيانية قال:(الداير يقلع الحكومة يقوي ضراعو)، وأضاف: (نحن بنجهز ليهو ضراع قوي من عندنا). (أبوالعفّين) حسب تصريحات له لدى مخاطبته شورى المؤتمر الوطني في ولاية الجزيرة، طبقاً لصحيفة (الرأي العام) أكّد أن (الإنقاذ هي التي حفظت للسودان ماء وجهه بالشريعة الإسلامية) !!.

    (الداير يقلع الحكومة يقوي ضراعو) !! و(نحن بنجهز ليهو ضراع قوي من عندنا) !!

    بالله عليكم هذا (أستاذٌ جامعي) أم (فتوّة) جاهل من فتوّات الروائي المصري نجيب محفوظ؟

    (بيريا) الروسي ذاته كان يعمل في صمت. لكن (أبوالعفّين) يذهب بالشطط السياسي إلى مداه الأبعد.

    (أبوالعفّين) يدرك أن أجهزة أمنه تصدت بعنف بالغ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية لمسيرات سلمية في شندي وفي مدني والحصاحيصا والفاشر. أردت طالباً جامعياً على الأقل في الفاشر، وشجّت رأس شيخٍ أنصاري في الـ 74 من العمر. وحطمت ساعد الدكتورة مريم الصادق.

    (أبوالعفّين) يستفز الشعب السوداني كلّه بتصريحاته هذه، لأنه لا يرى فيه إلا شعباً ########اً مستسلماً لقدره ومستسلماً لـ(أبوالعفّين) ليفعل فيه ما يشاء !

    (أبوالعفّين) يطلق سيل التصريحات المستفزة البذيئة هذا لأنه خائف. خائفٌ من تنامي الاحتجاجات ومظاهر الرفض الشعبي. (أبوالعفّين) يحاول الكذب على الشعب بوعود (هلامية) حول مفاجآت نفطية بعد 9 يوليو المقبل. هذا لأنه يريد اسكات الشعب إلى يوليو المقبل. حسناً فلنقل إن كل شبر في السودان، أو ما تبقى من السودان نضح نفطاً، فما الذي سيجنيه الشعب؟

    ما الذي جناه الشعب السوداني طيلة السنوات العشر الماضية من النفط الذي تدفق على (أبوالعفّين) ورفاقه في المؤتمر الوطني، ومتوسط دخل الفرد السوداني يومياً أقل من دولار أميركي واحد، طبقاً لمجلة (قلوبال فاينانس)؟

    (الداير يقلع الحكومة يقوي ضراعو) !! و(نحن بنجهز ليهو ضراع قوي من عندنا) !!

    (أبوالعفّين) لا ينسى أن هذا الشعب هو الذي انتصر في (شيكان) و(قدير)، وهو الذي مرّغ أنف وكرامة الجنرال غوردون – ناهيك عن (أبوالعفّين) – في التراب، وصعد إلى المشانق بعزةٍ وكرامة كما فعل (ودحبوبة)، وانتظر الموت على (فروته) كما فعل الخليفة عبدالله التعايشي، وقابل الموت بوجهٍ باسم كما فعل الأستاذ محمود محمد طه.

    (أبوالعفّين) لا ينسى هذا كله، كما لا ينسى (أكتوبر) و(أبريل)، لكنه يريد أن يوهم نفسه بأنه هو وأجهزته الأمنية أقوى من الشعب.

    (أبوالعفّين)، ربما لا يعرف أن (العهد القديم) ذكر بسالة (الكوشيين)، أجدادنا: (يا أرض حفيف الأجنحة التي في عبرِ أنهار كوش، المُرسلة رسلا في البحر وفي قوارب من البردي على وجه المياه.اذهبوا أيها الرسل السريعون إلى أمةٍ طويلة وجرداء، إلى شعبٍ مَخُوفٍ منذ كان فصاعدا، أمةِ قوةٍ وشدةٍ ودوس.قد خرقت الأنهار أرضها.يا جميع سكان المسكونة وقاطني الأرض، عندما ترتفع الراية على الجبال تنظرون، وعندما يُضربُ بالبوق تسمعون)

    (أبوالعفّين) لا يعرف نضالات قبيلة دينكا أقار – مثلا – بقيادة ميانق ماتيانق ضد المستعمر البريطاني. ولا قبائل الدينكا والشلك والنوير التي قاتلت المستعمر البريطاني طويلاً، ولا قبيلة الزاندي التي انتفضت ضد المستعمريين في 1905.

    لا يعرف (أبوالعفّين) أن شعراء بريطانيا "العظمى" تغنوا ببسالة وشجاعة محاربي قبائل البجة في شرق السودان. ولا الأدوار الكبيرة التي لعبها مناضلون عظماء في جبال النوبة ضد المستعمر مثل السلطان عجبنا، أو دور السلطان بحر الدين، سلطان المساليت في مقاومة الجيش الفرنسي الذي كان يحاول التسلل إلى دارفور.

    نعم يا (أبوالعفّين)، نحن لسنا بحاجة لشاب يحرق نفسه كي تتفجر الثورة، لأن الثورة في دمنا الباسل كما ذكرنا (العهد القديم). الثورة في دمنا مثلما كانت في دم أجدادنا الذين ماتوا بشمم وإباء في (كرري).

    (أبوالعفّين) يقول إن (الإنقاذ هي التي حفظت للسودان ماء وجهه بالشريعة الإسلامية) !!.

    لن نرد على (أبوالعفّين)، ولنقرأ ما ذكره مثقف عروبسلاموي بارز في 2006 هو الدكتور غازي صلاح الدين العتباني (مستشار رئيس الجمهورية حاليا):

    "أشد الادواء التي اصابت الحركة الاسلامية هو الاحساس الذي انتاب كثيرا من اعضائها بتآكل المشروعية وفقدان المصداقية الذاتية الذي اضعف الايمان بالنفس وبأحقية المطلب الذي اجتمعوا عليه وتواثقوا على نصرته ، مشيرا الى ان ذلك قاد الى ضمور العمل الاسلامي وسط التيارات الحية والمتجددة في المجتمع ، والتي كانت للحركة الاسلامية الصدارة فيها على من سواها" !!

    إذا كان هذا هو "احساس" أعضاء الحركة الإسلاموية حسب التعبير "الرومانسي" الرقيق للدكتور غازي صلاح الدين، وهو تآكل المشروعية، وفقدان المصداقية الذاتية "الذي أضعف الايمان بالنفس وبأحقية المطلب الذي اجتمعوا عليه وتواثقوا على نصرته"، إذا كان هذا هو "احساس" أعضاء "النظام"، تُرى ما الذي حلّ بالملايين الذين اكتووا بهذا المشروع؟ وإذا كان هذا رأي واحد من غلاة العروبسلامويين، وواحد من زعاماتهم، فما الذي تبقى في مشروعيتهم في نظر المواطن السوداني الذي تجرّع السمّ دفعة واحدة، فأُلقي به في الشارع، وحُرم الحق المجاني في العلاج ليموت على أرصفة الخرطوم، وحُرم حقّ تعليم أبنائه مجاناً، ولا يزيد متوسط دخله اليومي عن دولار؟

    هل يسرق؟

    لكنّ القوانين تردعه بقطع اليد !

    هل يتسوّل؟

    لكن الشحذة ستريق ماء وجهه !

    هل يقبل الرشوة؟

    لكن دينه يحذره من ذلك !

    هل يغض الطرف عن ابنته إذا كسبت المال عن طرق غير مشروعة؟

    لكن ذلك حرام وربما يجلب له العار !

    ماذا تبقى غير أن يتوكل على الله ويعلن انضمامه إلى جماعتهم ليحصل على "الفتات" من موائدهم، عسّاه ينتقل من خانة وطأ الجمر إلى خانة "الاحساس" بالألم كون المشروع "فقد مشروعيته"؟

    هذا هو السبيل الوحيد الذي تركته جماعة (أبوالعفّين) أمام بعض الناس. لكن الغالبية العظمى استنكفت عن هذا الطريق الذي منتهاه (قتل الضمير) و(بيع الذات) بثمن بخس.

    إن لله جنوداً من عسل - حسب تعبير الخليفة الأُموي -، وجنوداً من تضييق، وجنوداً من إفقار، وجنوداً من إراقة ماء الوجه، وجنوداً من تدجين !

    ولنقرأ مرة أخرى للدكتور حسن مكي (أحد المثقفين العروبسلامويين البارزين):

    "ما جدوى هذا المشروع الحضاري إذا كان الاتجاه العام للحياة في السودان يمضى لانكماش وانقباض وتأزم , وأنها ماضية إلى المزيد من الأزمات نتيجة للانخفاض المستمر في قيمة الجنيه, ونتيجة للتضخم, ونتيجة للخلل في السياسات الاقتصادية" .

    ويمضي لما هو أهم، بل هو جوهر المسألة:

    "إن الإسلام يقوم على النموذج والقدوة وما زالت الأوضاع في السودان بعيدة عن حضارة النموذج." ورصد ما طرأ من تغيرات على حياة الإسلامويين: " إن هذه الفئة الجديدة تستفز المواطنين بمسكنها وملبسها ومأكلها ومركبها"

    ولنذكر هنا أن البند الثاني من بنود "أهداف" حزب المؤتمر الوطني (العروبسلامويين) عبر مرسومه الأساسي، يؤكد "حاكمية الله" !!

    والحقيقة طبعا أن الإسلام عبر شخوصه لا يحقق عدلا ولا دولة كفاية ولا يكفل حقوقا انسانية - من خلال الحكم - لأنه ما من وسيلة لمراقبة "خائنة الأعين وما تخفي الصدور". ولا سبيل لمحاسبة الحاكم "الفاسد" الذي يرفع المصحف بيمينه. ولا يمكن لأي مواطن أن يعترض على أي أمر، لأن الحاكم أشبه بـ"ظل الله على الأرض"، ومعارضة الدولة، هي معارضة الله !!

    الإسلام يمكنه تحقيق ذلك كله من خلال الفرد. فالتكليف فرد، والحساب فردي. والدولةُ "مؤمنة" كانت أو "كافرة" لن تُحاسب يوم القيامة. والحديث، مجرد الحديث عن دولة إسلامية ليس كافياً أبداً لقيامها. بل لا معنى لها أبداً إن لم تكن عملاً محسوساً دون هياج وصراخ بأن أنظروا، ها هي دولتنا الإسلامية. هذا سلوكٌ طفولي. الله قد ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة. هذه المقولة الذهبية التي تنهض من بطن التراث الإسلامي تعني أن العدل هو الأساس بنظر الإسلام، لا الترديد كالببغاوات بأن "هذه دولة إسلامية"، تعني أن مقاصد الإسلام هي مطلب الدولة، لا الشعارات. ومقاصد الإسلام هي العدل والمساواة والرحمة. هي لا ضرر ولا ضرار. هي القدرة على محاسبة الحاكم ونقده وتغييره بالطرق السلمية. هي احساس المواطن بمشروعية وجوده في الدولة، لا خوفه من ظله وبيع نفسه في مزادٍ سياسي أحادي ليتمكن من تدبير ثمن الدواء.

    الدولة التي لا تستطيع أن ترفع متوسط دخل الفرد فيها إلى ما هو أكثر من نصف دولار عليها أن تصمت عن أي حديث عن الدين.

    عليها أن تطعمنا من جوع وتؤمننا من خوف أولاً قبل أن تأمرنا بالفضيلة.

    الدولة التي لا توفر لنا علاجاً مجانياً وتعليماً مجانياً عليها أن تكف عن ترديد الشعارات. فالشعارات في هذه الحالة "كلمة حق أُريد بها باطل".

    الدولة التي لا تحصّن مجتمعها ضد الفقر والعوز والجوع عليها أن تخجل من قرن نفسها بالدين، أي دين.

    الدولة التي تفعل ذلك هي دولةٌ ضد الإنسان وضد تكريمه الذي أكرمه به الله سبحانه وتعالى.

    الدولة التي تقتل بدمٍ بارد، وتستخدم العنف في أقصى صوره لا تستحق أن تحمل صفة الإنسانية.

    الدولة التي تفعل كل ذلك وتكذب على شعبها بإسم الدين، أي دين، هي عارٌ على الدين.

    دولة (أبوالعفّين) هي دولة الشعارات بلا منازع، لا دولة الفعل والعدل والرعاية الإجتماعية والكفاية. لذا يجب أن تذهب. لا نريد شعارات، بل نريد أن نأكل ونتعلم.

    ولأننا حين نتحدث عن محض شعارات انسحبت على كل شيء حتى الدين لم نبارح الحقيقة قيد أُنملة. فلنقرأ من البيان الأول للسيد عمر البشير:

    "لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في إيقاف التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية مما زاد حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطنين الحصول علي ضرورياتهم إما لانعدامها أو ارتفاع اسعارها مما جعل الكثير من أبناء الوطن يعيشون علي حافة المجاعة وقد أدي التدهور الاقتصادي إلي خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطيل الإنتاج بعد أن كنا نطمع أن تكون بلادنا سلة غذاء العالم أصبحنا أمة متسولة تستجدي غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود" !!

    لا تعليق سوى أن النتيجة، نتيجة الشعارات والاستبداد كانت خراباً شاملا. رفعُ الشعار الديني وحده غير كافٍ. الأهم من الشعار هو العمل الجاد. فالعمل قيمة دينية وقيمة دنيوية. وبالعمل - لا الهتاف - تعمر البلدان. ولا أدري كيف يبرر السيد البشير ورفاقه هذه النتيجة التي آلت إليها الزراعة في السودان رغم سياساتهم "غير الرعناء"؟ وماذا إذا كان بشرنا في صبيحة 30 يونية 1989 بتطبيق سياسات "رعناء"؟

    ما جرى ببساطة هو أن الدولة كفّت عن تقديم أيّ خدمة للمواطن "السعيد". فهي تغلّبت على مشكلات صفوف الوقود "المدعوم" في العهد الديمقراطي، وصفوف الخبز "المدعوم" في العهد الديمقراطي، وصفوف السكر "المدعوم" في العهد الديمقراطي بحلٍ كان سهلاً وبسيطاً أمام الحكومة الديمقراطية "الرعناء"، لكن العقول الجبّارة التي كانت تحكم آنذاك لم تتنبه لسهولة الحل الذي أخرجه "حاوي" إنقلاب الإنقاذ من جيبه، صائحاً صيحة أرشميدس الشهيرة: وجدتها ..وجدتها !

    الحلُّ بسيط، لكن "رعونة" الحكم الديمقراطي حالت دون رؤيته. الحل: رفع الدعم !

    فبدلاً من الفوضى التي تنشأ عن صفوف المواطنين الذين كانوا يفضلون الخبز المدعوم والسكر المدعوم والوقود المدعوم عوض الابتياع من "السوق السوداء"، رفعت الدولة يدها عن تلك السلع، وتركت المواطنين لغول "السوق السوداء" التي استحالت بقدرة قادر إلى "سوق بيضاء" برعاية الدولة و"مباركتها" !!

    والحكومة الديمقراطية كانت تبدد أموال الشعب في صرف لا معنى له. فهي كانت تنفق مئات الملايين من الدولارات على التعليم والعلاج المجانيين. وكان بمقدور أيّ طالب متفوّق في الجامعة أن يتعلم تعليماً فوق جامعي في بريطانيا – مثلاً – على حساب الدولة. وكان المزارعون والرعاة والعمال يحصلون على علاجٍ مجاني. كل ذلك الصرف "البذخي" على أمور غير ضرورية كان على حساب الأولويات: القطاع السيادي (القصر الجمهوري) الذي يستأثر بـ 100 مليون دولار شهرياً، أي مليار ومئتي مليون دولار سنوياً، والأمن والجيش اللذان يحوزان على 74% من الميزانية. لم يبق شيء يُذكر للمسائل ذات الأولوية المتدنية كالتعليم والعلاج. يمكن للمواطنين – الذين لا يتعدى متوسط دخلهم دولار يومياً – أن يتكفلوا بذلك !

    أرأيتم؟؟

    إنها حلولٌ في غاية السهولة، لكن ماذا نفعل مع العقول التي كانت تحكمنا 1986 – 1989؟

    لا، بل وإن عنّ لهذه الحكومة "الرعناء" أن تنقص من دعمها للسكر مثلا بضعة قروش، ثارت ثورة الشعب السوداني في ما تسمّيه أدبيات "إنقلاب الإنقاذ".."فوضى" ! إذ كيف يُسمح للشعب السوداني أن يعبّر عن رأيه في أمرٍ يخصه في ظل وجود حكومة "غير رعناء"؟

    الرعونة ألا تُطلق الرصاص الحيّ على المحتجين على أيّ أمر يخصهم كما جرى لمواطنين في كجبار شمال السودان، وبورتسودان شرق السودان على سبيل المثال. هذا ما يُسمى "هيبة الدولة". فالدولة "الإسلامية" ينبغي أن يهابها الجميع، غضّ النظر عن أن رسول كسرى إلى رئيس دولة المؤمنين أتاه فوجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يغط في النوم تحت شجرة. ومن الغرابة - طبعاً - النظر إلى فعلٍ كهذا على أنه فعلٌ يمثل "هيبة الدولة"، فكيف لدولة مهابة أن تنام تحت شجرة دون أن تسبقها سيارات النجدة والشاحنات الصغيرة الملأى بالجنود المدججين بالسلاح؟

    كيف للدولة أن تسعى بين الناس دون أن تكون "دابتها" سيارات "البي إم دبليو" و"المرسيدس" من آخر طراز، وبألوانٍ مختلفة، ربما واحد للأوقات الصباحية والآخر للأوقات المسائية، إذ لا يُعقل أن تلتقي الدولة بضيوفها وبشعبها بلون السيارة ذاته في الصباح وفي المساء !!

    سنغض الطرف أيضاً عن أن رئيس الوزراء السابق لم يتقاض راتباً من الدولة، وكان يطلب طعام غدائه له ولطاقمه من بيته. كيف للدولة ألا تُظهر هيبتها بطلب طعام الغداء من فنادق النجوم الخمس في الخرطوم، وليذهب التلاميذ المطالبين بمجانية التعليم، والمزارعين المطالبين بمجانية العلاج، ليذهبوا جميعاً إلى الجحيم. ولتقتل حكومة (أبوالعفّين) واحداً منهم في الفاشر (20 يناير 2011) !!

    السياسات "غير الرعناء" أذاقت الشعب السوداني الأمرين. فـ90% من السودانيين يعيشون تحت خط الفقر (إذا كان متوسط دخل الفرد يقل عن دولار يوميا فماذا نتوقع)، ويعيش 20% من السودانيين خارج وطنهم في رحلات البحث عن لقمة عيش. وعلى الرغم من رفع الدعم عن السلع الضرورية وإلغاء مجانية العلاج والتعليم، فإن الحكومة "الإسلامية" فرضت على مواطنيها الفقراء ضرائب باهظة للغاية. كانت الحكومة الديمقراطية تفرض ضرائب معقولة في مقابل خدمات محسوسة يحصل عليها الناس مثل مجانية التعليم والعلاج ودعم السلع. لكن هذه الخدمات أضحت شؤوناً لا تتعلق بالدولة، فما معناها الاقتصادي إذن؟

    ويكون الأمر منطقيا لو أن رجالات دولة الإسلام السياسي يعيشون بالكيفية ذاتها التي فرضوها على المواطن السوداني. فقد كانت جملة الاعتداءات على المال العام، باستثناء قطاع المصارف من سبتمبر 2004 وحتى نهاية اغسطس 2005 تقدر بـ(542 مليون دينار، يعني 5 مليارات جنيه)، ولنلاحظ أن ما تم تخصيصه لجهاز الدولة من ميزانية العام 2003 (أي العام السابق) كان 913.000 مليار جنيه.

    كانت جرائم سرقة المال العام وصلت إلي 813 مليون دينار (8 مليار جنيه) في 2002 لم يسترد منها الا 8.32 مليون دينار أي 9% تقريبا. المفاجأة المزلزلة فعلا، هي أن الاعتداء علي مال الزكاة كانت نسبته 11% من إجمالي المبالغ المسروقة. هذا يعني أن أموال "السائل والمحروم" التي تقوم بجمعها دولة الإسلام السياسي، من "السائل والمحروم" ذاته، سرقت منها أكثر من مليار جنيه!!

    ولنقرأ مرة أخرى بتمعن، ففي 2003 هدد العاملون في 21 ولاية بالإضراب عن العمل لذات الأسباب. وكانت مطالبهم وقتها لا تتعدى 6 مليار جنيه سوداني.

    من يسرق، ومن يجوع ؟ من يعتدي على أموال الزكاة، والمال العام؟

    حسنا. من يتستر عليهم؟

    من يفعل ذلك، خاصةً إذا علمنا بأن غالبية من يعملون في أجهزة الدولة، هم من الإسلاميين؟

    وما تم رصده هنا، هو ما تكشف عنه الحكومة بنفسها.وهذا ما تكتب عنه صحافة الخرطوم المراقبة. وبالطبع فإن أرقام الاعتداءات على المال العام متواضعة جدا، بالنظر إلى ترتيب السودان المتقدم في الشرق الأوسط وإفريقيا كـدولة "فاسدة".

    على (أبوالعفّين) أن يدرك جيداً أن غضبة الشعب السوداني بدأت، هدد هو أم لم يهدد. عليه أن يفهم أن الطرف الذي ينبغي أن يخاف هو الطرف الأضعف في المعادلة، لا الطرف الأقوى. فلا مجال للمقارنة بين 5% تعيش في 7 كيلومترات في الخرطوم حياة الرفاهية والدلال الكامل، وبين نحو 95% لا يعيشون البتّة.

    على (أبوالعفّين) أن يدرك أن الجنرال غوردون سبقه إلى التهديد، وكذا فعل الجنرال إبراهيم عبود والجنرال جعفر نميري، فماذا كان مصيرهم؟ ذهبوا وبقي الشعب السوداني صانع الثورات. وستذهب أنت يا (أبوالعفّين) إلى موئلك الطبيعي الذي تستحق، وسيبقى الشعب السوداني العظيم..علماً بين الأمم.
                  

01-23-2011, 04:56 PM

علاء الدين يوسف علي محمد
<aعلاء الدين يوسف علي محمد
تاريخ التسجيل: 06-28-2007
مجموع المشاركات: 19580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (أبوالعفّين) مرةً أخرى!! بقلم خالد عويس (Re: عمر عبد الله فضل المولى)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de