مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-21-2024, 01:24 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-17-2011, 04:46 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: النموذج الفرعوني ومثلث السلطة: (الحاكم ـ الكاهن ـ الأعوان)
    :

    حكم الملوك والزعماء شعوبهم ورعاياهم بالترغيب والترهيب.. فالعطايا والمناصب والمكاسب لمن يطيع السلطان, والبطش والقتل و النكال لمن يخالفه.. ومع الوقت أدرك الملوك والطغاة ما للسيف والذهب ـ أو العصا والجزرة ـ من أثر ناجع في سياسة الناس..

    إلا أن دهاة الساسة والملوك الطواغيت , لفت نظرهم طاعة الناس لرجال لا يملكون سيفا ولا ذهبا, ولا حراسا ولا أعوانا, ولا شيئا من هيلمان السلطان! إنهم رجال الدين والكهان الذين يقبعون في معابدهم , حيث يأتيهم الناس طواعية ليدفعوا لهم الصدقات ويقربوا بين أيديهم القرابين بلا إجبار, ويقضون لهم المهام و الخدمات, بل ويهبون لهم حياتهم بكل اختيار. حيث لا يحصل الملوك على ذلك من الناس إلا بالسيف والسوط..

    فالناس يطيعون الكهان بسبب دواعي الفطرة الكاملة التي فطرها الله في قلوب الناس من السعي لعبادة خالقهم وإرضائه..


    فإما يعبد الناس ربهم وفق هدي الأنبياء , ثم ورثتهم من العلماء , فيوصلونهم إلى الله على الطريق المستقيم لا يريدون منهم جزاءا ولا شكورا, وإنما هداة ربانيين يبتغون الأجر من الله تعالى.. وإما أن تجتال الشياطين الناس ذات اليمين وذات الشمال فيعبدون الطاغوت ويشركون بربهم , وتقودهم في هذا الضلال شياطين الإنس والجن من السحرة والكهان ورجال الدين المنحرفين. فينحرف الناس في دروب الضلالة كل أمة بحسب شيطانها وضلالها, ذلك منذ عبد الناس حجارة الطوطم والكواكب والظواهر الطبيعية والحيوانات والنار والأصنام , أو عبدوا البشر والطواغيت إلى آخر أشكال الشرك المتطورة بحسب تطور المجتمعات..


    إن الناس يطيعون كهانهم ورجال الدين فيهم ظنا منهم أنهم يوصلون إلى طاعة خالقهم . فتستريح فطرتهم في عبادة ذلك الخالق , حيث لا تستريح فطرة ولا تستقر نفس إلا بالركون إلى معبودها بالحق أو بالضلالة..


    ولذلك ترى الإنسان مهما سما في مراتب العلم والمعرفة والذكاء , يخلع عقله وتفكيره مع حذائه على باب المعبد , ويستعد في غالب الأحيان نفسيا , لطاعة رجل الدين القابع في داخله , ليدله على رضا معبوده ويعلمه كيف يعبده ويطيعه. وهو على استعداد لبذل كل غال ونفيس في سبيل هذه الراحة.. وهكذا مازلت ترى اليوم حامل شهادة دكتوراة في أرقى العلوم , يثني ركبتيه ويبسط راحتيه ساجدا لبقرة أو فأرة أو نار, أو تمثال أصم مزركش ! فيما يرش عليه الكاهن بعض رذاذ الماء من يده المتعفنة , ويطلق دخان البخور لتغطي على نتنه ونتن معبده.. أو ربما يتبع هذا الحصيف فتوىً عوجاء من رجل دين منافق لسلطانه , حتى ولو كانت لا تدخل في عقل عنزة. من قبيل إضفاء الشرعية على احتلال النصارى لبلاد الحرم بدعوى الاستعانة , وجعل من جاهدهم مفسدا في الأرض!! وهكذا كان وما زال ديدن البشر..


    وحتى لما ثار الناس مؤخرا على رجال الدين وانخلعوا من أديانهم , وفروا إلى ظلمات الإلحاد . لم تستقر نفوسهم وما زالوا يتيهون في ظلمات السحر والكهانة والبحث في المغيبات , والاعتقاد في الأوهام والأشباح والأطباق الطائرة! حتى يسكن هذا العطش الفطري لعبادة رب قادر مهيمن يلجؤون إليه في المهمات!.


    أدرك الساسة و دهاة الطواغيت هذه الظاهرة , وأدركوا أن استيعاب هؤلاء المستحوذين على الطاعة بلا سلطان ولا أعوان أفضل من مواجهتهم . وعلموا أنهم إن خضعوا إليهم خضع لهم القطاع الأكبر من الناس الذين لم يتمكن السيف والسوط ولا الذهب من إخضاع أكثرهم إلا مؤقتا, حيث يكون الأصل في الناس هو التفلت والبغض للسلطان وسيفه وذهبه لولا الخوف والحاجة..

    فقرّب رجالُ الملْك رجالَ الدين, وأغدقوا عليهم الذهب والعطايا, و أوعدوا من أبى منهم السيف والعذاب . فطوعوا أكثرهم . فأنشؤوا لهم هيلمانا كهيلمان الملك, فارتفعت قباب المعابد كما ارتفعت أبراج القصور. وصار لهم الحراس والأعوان والأتباع والخدم. وهكذا انضم رجال الدين إلى الملأ من كبار القواد والأمراء والأعوان وشكلوا الحاشية. وقام التزاوج النكد بين الملوك والكهان ورجال الدين , هذا التزاوج الذي دمر مستقبل البشرية في معظم تاريخها . وعبّد الناس للطاغوت بدل أن يعبدوا ربهم..

    وبهذا اكتمل مثلث السلطة الذي قام على ( الحاكم والكاهن والأعوان ), وشكل كبار الكهان وكبار الأعوان وجنودهم الظلمة ما اصطلح عليه القرآن بلفظة ( الملأ ) أو ( الذين استكبروا ) أو (الذين أترفوا).. وحاز هؤلاء ما شاؤوا , واستولوا على ما أرادوا من دنيا الناس والشعوب المسحوقة طوعا أو كرها.

    وتنوعت أشكال مثلث السلطة بحسب تنوع وتطور المجتمعات والممالك والحضارات.. ولكن التاريخ وآثاره وما تركته تلك الحضارات من شواهد مكتوبة أو ملموسة , وكذلك ما أخبرتنا به الكتب الدينية السابقة ثم القرآن الكريم , دلت جميعها على أن مثلث السلطة كان مكونا من هذا الحلفالحاكم والكاهن والأعوان). حيث كان صلاح الملأ والحاشية دائما بصلاح ذلك السلطان . والعكس بالعكس. فالملوك العادلون قربوا العلماء الصالحين ورجال الدين المخلصين . واستقام تبعا لذلك مسلك الجند والأعوان. وأما الطغاة فقد قربوا المجبرين والفاسدين. وكان الناس دائما على دين ملوكهم..

    وهكذا قام الساحر المشعوذ يهيج النار إلى جانب رئيس القبيلة, ويدير الطقوس في المجتمعات البدائية. ثم تطورت الحضارات فقام النموذج الفرعوني الذي فصل القرآن وأفاض في تركيبته وأحواله.. فوقف النمرود وكهان الأصنام لسيدنا إبراهيم عليه السلام حتى رموه في النار ثم هجّروه بعد نجاته, ولما جاء موسى عليه السلام إلى فرعون وقف في وجهه حلف السحرة والأعوان من الملأ إلى جانب الفرعون.. ثم وقف الأحبار والرهبان من اليهود إلى جانب الملوك الطغاة ضد الصالحين في كثير من تاريخهم. فجاء نموذج (بلعام بن باعوراء) الذي قص الله قصته مع القوم الجبارين وملكهم ضد نبي الله والمؤمنين من بني إسرائيل.. ثم جاء اليونان وقامت حضارتهم الوثـنية, فكان لها أباطرتها وكهانها وآلهتها وجندهم وملوكهم , ثم جاء الرومان فورثوا حضارة اليونان بحذافيرها.. وقامت حضارات كثيرة في المشرق والمغرب . وكلها تدل آثارها على نفس المسالك والبنية في مثلث السلطة. (حاكم وكاهن وأعوان). ولما جاء سيدنا عيسى عليه السلام وقف الأحبار والرهبان والملأ من بني إسرائيل وأرباب الدنيا والمصالح مع الحاكم الروماني وسعوا في قتله فأنجاه الله منهم.. ثم طارد القياصرة والملوك أتباعه وقتلوهم حتى حفروا لهم الأخدود الذي ذكره القرآن , وطاردوا أصحاب الكهف وأمثالهم, حتى سمي القرن الأول والثاني الميلادي في التاريخ المسيحي بعصر الشهداء..

    ثم غزت النصرانية الإمبراطورية الرومانية , بعد أن شوهها الرهبان والأحبار اليهود ومزجوها بالوثنية وبعض تعاليم اليهودية..

    وتكررت السنّة فكان البابا كبير الرهبان والأحبار النصارى إلى جانب الإمبراطور القيصر.. ونشأ له ما هو معروف من المؤسسة الدينية وسلطانها.. واكتمل على يد النصارى الهيكل الديني الذي صار البابا الأكبر فيه إمبراطورا دينيا متوجا يضاهي الإمبراطور الروماني وملوك أوروبا في ملكهم وذهبهم وحراسهم وحشمهم.. وشهدت أوروبا كثيرا من الحروب والنزاعات بين الملوك والأباطرة العظام وبين البابا وكبار كرادلته ورهبانه وكانت الغلبة دائما للباباوات.. حتى ثار بعض الملوك واتخذوا لأنفسهم باباوات فرعيين غير البابا المركزي.

    والتاريخ الأوروبي و الكنسي يقص الفظائع من أفعال مثلث السلطة هذا (الحاكم والكاهن والأعوان) وما فعلوا بالشعوب مما يشيب له الولدان , ويشابه الأساطير. فقد استلبوا الأموال , و سفكوا الدماء , واستحلوا من الأعراض ما شاؤوا. حتى بلغ بهم أن يبيعوا الناس إقطاعات في الجنات من عالم الآخرة!.. حتى ثار الناس على دين البابا , وإله البابا , وكفروا وألحدوا ورموا الدين جانبا. لتقوم الحضارة الغربية على مزيج من الإلحاد والعلمانية والنصرانية المتهودة الملوثة. كما يشهدها العالم منذ أكثر من قرنين من الزمن..
    فلما جاء دين الله الخاتم وشريعته المحمدية, ركزت العقيدة على ربط العبد بربه وأزالت وألغت دور الكاهن في حياة المسلم الإيمانية. فكان للدين علماء بمنزلة ورثة أنبياء يهدون الناس إلى ربهم بلا جزاء ولا أجر ولا إلزام. حيث يستطيع أي أحد من الناس أن يسلك سبيل طلب العلم ليكون من أهل العلم.. كما قـننت الشريعة للسلطان دوره وحقوقه وصلاحياته . وكانت الشريعة فوق الحاكم والمحكوم..

    ولكن الذي حصل في أرض الواقع هو ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن أهل الإسلام سيتبعون سنن من كان قبلهم حذو القذة بالقذة.. قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن؟ (أي فمن إلا هم؟!) لقد تبعهم أهل الإسلام في كثير من الأمور وكان شر ذلك ؛ الإتباع في النظام السياسي وهيكله , من قيام الملوك والسلاطين ونظامهم الوراثي.. ونشأ هيكل شبيه بهيكل الأحبار والرهبان إلى جانب كل سلطان.. وتماما كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد أحاديث معجزات النبوة فيما روي عنه من حديث حذيفة : (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون خلافة على منهاج النبوة .فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها . ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون خلافة على منهاج النبوة .ثم سكت) رواه مسلم.

    وفي رواية غاية في الأهمية أوردها ابن حماد في كتاب الفتن من حديث أنس رضي الله عنه قال( إنها ثم ثم ملك عضوض ثم جبرية ثم طواغيت).

    وفي رواية : عن أنس بن مالك قال : ( إنها ستكون ملوك ثم جبابرة ثم الطواغيت ) .

    وهذا الذي حصل في المسلمين منذ رحيل الإستعمار وقيام حكومات الطواغيت لترعى مصالحه وتحكم بشرائعه إلى يومنا هذا... وهكذا سن بنو أمية سنة الملك في الأمة المحمدية وتبعهم بعدهم سلاطين المسلمين وخلفاؤهم (كما اصطلح على تسميتهم اصطلاحاً).. وكذلك كان دأب الملوك والأمراء المسلمين لما تفرقت ممالك بلاد الإسلام إلى دول وممالك شتى..

    فكانت النبوة فينا كما حفظت قصتها لنا كتب السيرة العطرة ونصوص السنة.. وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الحاكم السياسي كما أنه مصدر التشريع والتلقي..

    فلما قامت الخلافة الراشدة على منهاج النبوة , قام خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعباء الحكم والسياسة والريادة الدينية, يعاونه أهل الحل والعقد من علماء الصحابة والتابعين.

    فلما انقلب الأمر كسروية قيصرية , وانتقل إلى الملك العضوض, فالملك الجبري استلزم الملك والسلطان مقومات مثلث السلطة من الكهان والأعوان..

    فسلك أهل الإسلام في ذلك سنة من كان قبلهم.. فما بالك عند ما تحقق ما ورد به رسول الله صلى الله عليه وسلم من قيام الطواغيت؟..
    وهكذا كان إلى جانب كل ملك صالح علماء صالحون وأعوان مقسطون . ونادرا ما مر هذا في التاريخ الإسلامي.. وكذلك قام إلى جانب ملوك الجور من الخلفاء والسلاطين والأمراء المسلمين , علماء سلطان منحرفون على قدر جور أمرائهم..

    إلى أن قام الطواغيت يحكمون المسلمين , فطغى علماؤهم وابتدعوا وزادوا ونقصوا في دين الله قدر ما استطاعوا . ولم يسلم من عبثهم إلا القرآن الكريم , الذي تكفل الله بحفظه . وما حفظ من سنته صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك لعب علماء السوء دورهم في تحريف الكلم عن مواضعه وسوء التأويل ولي أعناق النصوص, لتوافق أهواء الملوك.. وكان الجند والأعوان من أعوان الظلمة وأصحاب السيطرة رهن إشارة الملوك الذين انتهبوا من دين أولئك العلماء وفتاويهم ما شاؤوا قدر ما استطاعوا..

    وهكذا حصل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من افتراق القرآن والسلطان.. ومن نعمة الله على أهل مكة الإسلام أن حفظ لهم القرآن بحفظه وقيض لهم من حفظ السنة ونقحها.. وأنعم عليهم ببعض العلماء والعاملين المخلصين في كل ظروف من تقوم بهم حجة الله على خلقه . فوقفوا بالمرصاد لذلك الإنحراف وتحملوا في سبيل الله جبروت الملوك وضريبة مواجهة فقهاء السلاطين وعلماء الضلالة وجهالات وطغيان الجنود والأعوان من أتباع السادة والكبراء.

    وهكذا كان إلى جانب كل سلطان من أمثال المأمون والمعتصم أمثال أحمد بن أبي دؤاد وأصحابه ممن يقول للمعتصم محرضا له على قتل أحمد بن حمبل: ( اقتله يا إمام ودمه في عنقي ) حتى كان في خلفهم من شيوخ الأزهر في مصر من يفتي بقتل سيد قطب وإخوانه . ومن هيئة كبار العلماء في السعودية ومن يفتي بقتل المجاهدين للأمريكان ويحكم بأنهم لا يروحون رائحة الجنة!!..

    إن فهم هذه السنة الكونية أساسٌ هام جدا لفهم طبيعة صراع الحق والباطل عبر التاريخ عامة , وفي زماننا هذا خاصة, حيث ترزح كافة بلادنا تحت احتلال قوى الكفر مباشرة وبصورة غير مباشرة . كما مر معنا في الفصل الأول . حيث ينوب عنهم ويقوم على حراسة مصالحهم ويشاطرهم المكاسب حكام مرتدون تترسوا خلف علماء ضلالة , فأسبغوا الشرعية عليهم وعلى الإحتلال الصليبي بل واليهودي. وأفتوا بقتل المجاهدين وحرمة التعاون معهم , ليصبحوا جزءا من الحملة الأمريكية لمكافحة الإرهاب..
    وهكذا تكرر عبر الأزمان وعلى مر الحضارات والممالك النموذج الفرعوني لمثلث السلطة الذي فصل فيه القرآن وبين وأفاض بطريقة تبعث على الدهشة والعجب..

    * النموذج الفرعوني من خلال نصوص القرآن:

    لقد قص الله سبحانه وتعالى قصة فرعون من خلال مساحة واسعة في القرآن بصورة تختلف من حيث الشرح والاختصار في 27 سورة من سور القرآن.. حيث ورد ذكر فرعون زهاء 76 مرة . وغالبا ما جاء مقترنا بذكر السحرة أو الملأ أو الجند والأعوان.. ولعل أكثرها تفصيلا ما جاء في سور (الأعراف / يونس / طه / الشعراء / القصص / الزخرف)..وانظر إلى الإعجاز المذهل في تصوير السلطة الفرعونية وأركانها في كل زمان ومكان, وأساليبها في الصراع مع الحق وأدوار أركانها الثلاثة (الحاكم / الكاهن / الجند والأعوان), وحيثيات المواجهة ودور الأجهزة السلطوية , وأداء أهل الحق والباطل على مسرح الحدث من خلال مشاهد الصراع ونختار من تلك النصوص وقفة سريعة مع ما جاء في سورة الشعراء الآيات (23- 68) :

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    ] قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ لِلْمَلأِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * )يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ * فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ * فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ * فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرائيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِين * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [ (الشعراء:23 / 68 ).


    * وهكذا جاء دور السحرة وعلماء الفرعون :
    ابتدأ الحوار بين موسى عليه السلام وفرعون عقديا.. فلما بين موسى أن لهم ولآبائهم ربا هو مالك الملك ورب المشارق والمغارب.. دب في فرعون شيطان الطغيان فاتهمه بالجنون , ثم هدده بالسًّجن إن هو اتخذ ربا يطيعه ويدين له بدلا عن طاعة الملك ودينه.. ثم عرض موسى عليه السلام المعجزات والدلائل المفحمة.. وهنا أسقط في يد الفرعون.. فهذه معجزات لا تناقش , ولا توضع في السجن, عندها ] قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون[ اتهمه بقدرة السحر.. واستنجد بالملأ يستفز فيهم حرصهم على الملك ] يريد أن يخرجكم من أرضكم [ ويظهر الديمقراطية الآن رغم أنه الآمر الناهي الذي قال لهم يوميا ] ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد[ حتى بلغ أن يقول لهم ] أنا ربكم الأعلى [!!. الآن يخاطب أعوانه باللين ومنطق المشاركة ]ماذا تأمرون[؟ وهكذا هم في كل زمان كما يفعلون اليوم في مسرحيات الإصلاح السياسي بعد زلازل العراق..

    وهكذا أدرك الملأ أن المسألة مسألة خوارق وعقائد تحتاج أهلها, فاستنجدوا بعكاز الفراعنة في كل زمان المشايخ و ( رجال الدين ), ]قالوا أرجه وأخاه [أي أجل حواره الآن ] وابعث في المدائن حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم [ بكل مقتدر من الكهان, سحار كثير السحر عليم به. وهنا تأتي لفتة هامة وما أشبهها بما يحصل اليوم ] فجمع السحرة لميقات يوم معلوم [.. وكم تذكرت هذه الآية عندما قرأت ذات مرة بيانا لهيئة كبار العلماء بعد أن فجر المجاهدون مواقع للأمريكان في (الخبر والرياض) في السعودية.. فجاء في مطلع بيان هيئة كبار العلماء : ( بناءا على دعوة من وزير الداخلية سمو الأمير نايف بن عبد العزيز... اجتمعت هيئة كبار العلماء في دورتها الطارئة بتاريخ ..) . فسبحان الله كيف تشابهت الأمور.

    لقد أرسل فرعون وزارة الداخلية إلى هيئة كبار العلماء حاشرين.. فاجتمعوا في دورتهم الطارئة لميقات يوم معلوم! وقيل للناس يومها : إن هؤلاء الذين ضربوا الأمريكان في السعودية شرذمة قليلون , وأنه لولي الأمر غائظون.. وأن الجميع حاذرون.. وأن على كل مواطن أن يكون رجل أمن..

    فلماذا يجتمع السحرة؟! إنهم يجتمعون لتطويع الناس للفرعون [وقيل للناس هل أنتم مجتمعون] لماذا؟ ]لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين[ وهنا لفتتان هامتان:

    أولاهما: أن الملأ يتبعون فرعون في العادة. فكيف رضي لهم الفرعون وللناس أن يتبعوا السحرة ؟ !ما كان ذاك إلا لعلمه أن إتباعهم للسحرة هو في نهايته طاعة للفرعون لأنهم سيأمرونهم بهذا.


    ثانيهما: أن شرط طاعة الناس للسحرة [ إن كانوا هم الغالبين ].. فالناس تتبع الحجة والبرهان الشرعي منهم إن غلبوا أو أوهموا الناس بغلبتهم.
    [ فلما جاء السحرة قالوا لفرعون : أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين ] فهم يعملون للدنيا والأجر.. فما أجرهم؟ لقد اختار لهم الفرعون أعلى الأجر وأحبه إلى النفوس المتعلقة بالدنيا, فقال:[ نعم وإنكم إذا لمن المقربين ] الأجر هو القرب من السلطان.. لأن بالقرب منه تقضى الحوائج, ويتقرب بعدها الناس لهم بما شاؤوا من النساء و البنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث.. أما الفرعون فهو يضمن بقربهم فسادهم لأنه كما جاء في الأثر (ما ازداد عبد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا). وهو يعلم هذا وكل السلاطين والحكام يعرفونه..

    فلما اتفقوا على أن يلقوا.. استعلنوا بالشعار كما يستعلن عباد السلاطين اليوم [قالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون], فلما غُلبوا وتبين الإعجاز الإلهي لهم, وعرفوا لأن الله كان قد كتب لهم السعادة [قالوا آمنا برب العالمين].

    أدرك الفرعون أن عكاز السلطان الأول قد انصدع وتكسر وتخلى عنه.. فأشهر عكازه الثاني وهم (الجند والأعوان) وأخذ بالتهديد والوعيد [ لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف و لأصلبنكم أجمعين ]..

    فلما آمن من آمن وشرعوا بالهجرة والاختفاء, جاء دور الآلة الإعلامية ] فأرسل فرعون في المدائن حاشرين * إن هؤلاء لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغائظون * وإنا لجميع حاذرون[. وما أشبه تلك البارحة بهذه الليالي , وما تديره آلة الإعلام اليوم فيما يسمونه (مكافحة الإرهاب) .

    فسبحان الله.. وكما تشابه المسار ستتشابه النتيجة بإذن الله . فالعاقبة للمتقين..وقعر اليم لكل جبار عنيد.

    * أما الملأ:
    من المستشارين والأعوان والحاشية والجند . فهم كما جاؤوا في سياق القرآن شركاء في كل شيء , شركاء في التسلط والطغيان , شركاء في الجرم , كما أنهم شركاء في حكمهم الشرعي , وكذلك شركاء في العاقبة والمصير..

    فقد وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ثلاثين مرة.. وكلها للتعبير بحسب سياق الآيات عن كبار أعوان الملك ومستشاريه وقادته والمقربين منه.. وقد مرت في أكثر آيات قصص الأنبياء كما سبق في بعض الشواهد بصفتهم الأعوان الواقفين دفاعا عن الطاغوت دائما في وجه الأنبياء وأتباعهم . فهم كما وصفهم تعالى :

    المتكبرين : ] الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا [ (لأعراف:75) .] قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [ (لأعراف:76).
    والمترفين : ] وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ [ (هود:116) .
    ] وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [ (سـبأ:34) . ] وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً [ (الإسراء:16) .

    والمتتبع لأمرهم في الآيات لاسيما في قصص فرعون المتكررة يلاحظ أمورا ثلاثة:

    1. أن السلطان يرتكز إليهم وأنهم يرتكزون إليه.
    2.
    3. أن دورهم مباشر في تثبيت أركان الفرعون, وفي التخطيط والتآمر , وبتنفيذ الحرب ضد حزب الإيمان.
    4.
    5. أن القرآن الكريم قد قرنهم إلى الفرعون في الحكم الشرعي وكذلك العقاب والمصير..

    - فهم يباشرون المؤامرة, قال تعالى :] وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ [ (القصص:20) .
    - وهم أركان ألوهية الفراعنة وعباد طاغيتهم : ] وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي[(القصص: 38) ..
    - ولذلك شملهم موسى بدعائه على الفرعون لما قال : ] وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [ (يونس :88) .
    - كيف لا وهم شركاء في الظلم كما قال تعالى: ] ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآياتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [ (لأعراف:103) .
    - وهم المتكبرون معه, قال تعالى: ] إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ [ (المؤمنون:46) .
    - وقد كانت الدعوة إلى فرعون ولهم سواء بسواء: ] فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ [ (القصص: 32 ) .
    ولكنهم استكبروا وتولوا مهمة فتنة المؤمنين ومطاردتهم..قال تعالى: ] فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ [ (يونس:83) فلما استجاب الله دعاء موسى, أخذهم العذاب الأليم وغرقوا معه .. وسبحان المنتقم العادل والجزاء من جنس العمل..
    ] وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ * يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَ بِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ [ (هود:98 / 96) .

    * وأما الجند وصغار الأعوان:

    فحالهم حال الملأ وهم جزء منهم , والطبقة السفلى من تكوينهم, وينسحب عليهم ما سبق من الملاحظات. فهم السند الحقيقي عددا وعدة, في تثـبيت أركان الفرعون والملأ. وهم المباشرون لعذاب المؤمنين و نكالهم , وهم الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم من أجل بعض الفتات.. ولذلك أشارت الآيات أيضا إلى اشتراكهم في الجرم وقصدهم بالدعوة واشتمالهم على عقاب طاغوتهم معه.. في الدنيا والآخرة.. والآيات واضحة لا تحتاج إلى تعليق..
    قال تعالى: ] الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [ (النساء:76)
    فالقتال مع المؤمنين في سبيل الله علامة على الإيمان. والقتال في سبيل الطاغوت علامة على الكفر.

    وقال تعالى:] إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ [ (القصص/8) . فخطيأتهم واحدة جملة وهل كانت خطيئة الفرعون إلا الكفر بالله ومحاربة أوليائه.

    ] وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ [ (العنكبوت:39) . فهم شركاء في الاستكبار, شركاء في الجحود.. ] وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً [ (يونس/90) .

    فهم الأداة..أداة جريمة الفرعون ] هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ [ (البروج:18 / 17 ) . فما فرعون وثمود لولا الجنود؟. ] فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ [ (طه/78) شراكة العقاب في الدنيا ومثلها قوله.. ] فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [ (القصص/40) .. تأكيد لسابقتها.. وكذلك قوله : ] وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ [ (القصص 5/6) .
    وهكذا رأى الجند والأعوان من العقاب مع فرعون وهامان ما كانوا يحذرون..

    ] إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ * يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ* وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ [ (هود: 97ـ99) . وهذه أسوأ ما ينتظرهم من شراكة المصير في الآخرة..

    ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً [ (الأحزاب/90).. فجند الطاغوت في مقابلة جند الله وملائكته , ومصيرهم هو مصير زعيمهم إبليس وكل جنده.. ] فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ* وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ [ (الشعراء: 94 / 95) . فهكذا اشتركوا في المصير إلى النار..

    وهكذا فهم عسكر إبليس مع كل طاغية جبار, وحّدهم الجرم ووحّدهم العقاب في الدنيا والمصير في الآخرة إلا ما شاء ربك.. وهكذا أعود لأؤكد..
    من أني أعتقد كما اعتقدت دائما , أن مشكلة أهل الإيمان والجهاد في هذا الزمان كما كانت في معظم الأزمان, وهي اليوم أوضح وأكبر, في كهنة هذا الزمان علماء السلطان المجرمين الذين لبسوا على الناس دينهم , وشرّعوا للكفر وجوده , وحاربوا من وقف في وجههم, وكانوا نكالا ووبالا على أمة الإسلام ودعاتها إلى الله ومجاهديها المستضعفين, ولا عجب أن يخصهم القرآن بأشد آيات الوعيد والعقاب كما قال تعالى: ] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [ (البقرة:159) وقوله :] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ (البقرة:174).
    وكذلك هؤلاء الذين يدًّعون أنهم أتباع مستضعفون , عبيد مأمورون , لا ذنب لهم , من الجند والشرطة وصغار الأعوان والإستخبارات. فكذلك لا عجب أن يجمعهم الله تبارك وتعالى في جهنم إلى أسيادهم و كبرائهم الذين اجتمعوا إليهم في الدنيا , ولا تنفعهم إذ ذاك براءتهم , قال تعالى: ] إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [ (البقرة167 / 166).
                  

العنوان الكاتب Date
مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون Wasil Ali01-16-11, 09:35 PM
  Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون الطيب عبد الرحيم خلف الله01-16-11, 09:52 PM
    Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون Bashasha01-16-11, 10:12 PM
      Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون Zomrawi Alweli01-16-11, 10:28 PM
        Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون Bashasha01-16-11, 10:52 PM
          Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون Zomrawi Alweli01-16-11, 11:11 PM
            Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون حمور زيادة01-17-11, 00:04 AM
  Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون حسن حماد محمد01-17-11, 00:19 AM
    Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون Wasil Ali01-17-11, 00:34 AM
      Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون عبدالله عثمان01-17-11, 00:39 AM
        Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون عبدالرحمن الحلاوي01-17-11, 04:46 AM
          Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون Bashasha01-17-11, 06:05 AM
            Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون حمور زيادة01-17-11, 09:19 AM
              Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون حمور زيادة01-17-11, 09:29 AM
              Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون Haitham Elsiddiq01-17-11, 09:37 AM
                Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون مدثر صديق01-17-11, 10:10 AM
                  Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون حمور زيادة01-17-11, 10:28 AM
                    Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون ياسر السر01-17-11, 12:34 PM
                      Re: مفتي الديار المصرية يلقي خطبة الجمعة القادمة في أكبر مساجد السودان.. وينقلها التليفزيون حمور زيادة01-18-11, 06:08 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de