تأرْيفت الخُرْطوم وهي عاصِمة.. فإنْتقلت أخلاق ومزاجُ "الريف" إلى حَيثُ لا يِجب أن يكون.. فلا أُمْسيات بِها كما الأمْسِ.. أصبحت متجر كبير.. وأصبح المال لِلتُجار الذين أرْيفوا المدينة، فنزح المديني إلى الريف مُضطرًا.. فنقل أخلاق ومزاج "المدينة" إلى حَيَثُ لا يجِب أن يكون.. فلا أضياف ينزْلون ولا براءةٍ مُلاحظةٌ في الوجوه.. أصبح الريف بِبرزخٍ..
01-15-2011, 06:03 PM
عزام حسن فرح
عزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891
ضاعت المدينة ولم يَسْلَم الريف.. التمَدُن ليس بكان فقط، حليلك، التمدُن "نمط" "إسْلوب حياة".. نعم قد تُداوِم على ما يفعلهُ العاصِمي في يَوْمه، تتمشى على كُبري شمْبات عِند الأصيل، تتبَوأ مقعَدُك في الهيلتون وترتشِف الشاي بِالكيك الإنْكِليزي، تخرُج مع بعضِهِم إلى مزرعةٍ بأطراف المدينة فتُرفِهون بالكونْكان، قد تفعل هذا وغَيْرِهِ، فقط السؤال: هل أنت مُسْتمتِع بِهذا النمط.. بهذا الإسْلوب؟ نعم هذا ما أتحدث عنهُ يا صديقي
01-15-2011, 06:52 PM
عزام حسن فرح
عزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891
عِندما إنْتقل الممثل الريفي "محمد الفادني" لِلمدينة، لم يجِد شئ يضحك به أهلِها، سوى أن يتعولق لهم بثوب الريف.. وأهل الريف لا يتحدثون بِهكذا "عبط" وفعل ذلِك "محمد موسى" وآخرين معهُما.. قد أضحك لِبعض الوقت، لكِن الذي يضْحِكُني وتظل طُرْفتِهِ عالِقةٌ بِذِهْني هو "شالي شابلن" و"بندُق" مِن ميكي
01-15-2011, 08:08 PM
mohmed khalail
mohmed khalail
تاريخ التسجيل: 06-14-2007
مجموع المشاركات: 4509
يقولون "إذا كُنت في روما فأفعل ما يفعلون" حسُنًا، هب إنك أيُها "الريفي" قد فعلت ما يفعلهُ أهل "المدينة"، السؤال: هل أنت مُسْتمتِع كأهل روما؟ أرى كثيرٌ من الناس حَولي، يمْلِكون أشياء أهل روما، ولا يسْتمتِعون بِها، إسْتِمْتاع أهل روما، هذا والله ما يدعو لِلرثاء، فإن فتى/رجل المدينة إذا أرْتدى "بَبْيونة" لا يغُض النظر عن ملائمتِها مع حُلْيتِهِ التي يرْتديها، فقط الفَيصل في ربط "البَبْيونة" أو تبْديلُها أو ترْكِها هو أن تعْتريه نَشْوة، نشَوة اللِقاء الأولِ، لِذا تجِد "الريفي" في المدينة يرتدي ما يرْتديه أهْلِها ويمشي كما الطاؤوس شكلاً ومَوضوعًا، والناس تعجبُ كَيف تسنى لهُ أن يفعل ذلِك! المدينة وأشياءُها إحْساس
01-16-2011, 04:25 AM
عزام حسن فرح
عزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891
Quote: والله ياعزام سكنا الخرطوم ولكن اصدقك القول ان مزاجي مازال ريفي ومازلت احن لمزارعنا وطيورنا وغنيماتنا وغيماتنا. ايها الخرطوميون نحن لاننكر عليكم تخرطمكم المتأصل في وجدانكم المدني والحضاري ونحن لا ننكر تأريفنا المتأصل فينا. اصلحوا لنا مشروع الجزيرة واحدثوا تنمية حقيقيه في اريافنا نترك لكم خرطومكم ابقوا انتم في تمدنكم وسوف نبقى نحن في تأريفنا وكلانا سوف يكمل بعض.
01-16-2011, 04:41 AM
عزام حسن فرح
عزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891
في بِداية نزوح أهل "الريف" إلى "المدينة" ولإحْساسِهِم بِغُربة المكان، تكتلوا في مُسْتَوْطنات، فعل ذلِك أهلي في "الكلاكلات" وفعل ذلِك "البطاحين" في المايقوما، وأصبحت شِمال حلفاية الملوك مُسْتَوْطنة أعرابٍ آخرين.. خُنِقت المدينة وأُحيط بِها إحاطة السوار بِالمِعْصمِ.. فظل أهل المدينة يدورون فيما تبقى لهُم مِن مِساحة.. وظل أهل الريف يِضيِقون تِلْكُم المساحة كُل يَوم.. ثُم دخلوها بعد أن إنْكسر حاجِزهُم النفسي، فأخذوا يُقلِدون أهل المدينة في كُل شئ، ورغم هذا يحِنون لأشياءِهِم، فترى "سفره" الطعام تذخُر بِكُل لَون، وبين الأطباق ترى "الكسره" مُطبقة أو في شكل لُفافة، يغْمِسون الخُبز في طبقٍ ويُحدِثون أنْفُسِهِم: [هذِهِ الغمسه أولى بِها تِلْكُم الكِسره وربُ العالمين]
01-16-2011, 05:05 AM
عزام حسن فرح
عزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891
أصبح لِبِيوتات المدينة أصوات، فبعد أن مَلْ أهل الريف مِن صمْت البِيوت، فعلوا فيها ما كانوا يفعلون في بيوتِهِم التي جاؤوا مِنها، فربوا كُل ذو روح في بِيوتِهِم التي في المدينة، ربوا الأغنام مِن شاةٍ وضان، ربوا الدواجِن مِن حمامٍ ودِجاج، فثغت الشاة وهدل الحمام وصاح الديك، وأهل المدينة لا يسْتيقِظون بِهكذا تقنِية.
01-16-2011, 05:22 AM
عزام حسن فرح
عزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891
كانوا يُراقِبوننا طول الوقت، تتفقد الأمهات في المدينة مُحْتويات "الشنطة المدرسية" يفرِض الآباء قِراءات بِعَيْنِها حسب الأعمار، فيبدأ الطِفل في المدينة بِقراءة ميكي وسمير.. فإذا بلغ الصف الرابِع أو الخامِس قرأ المُغامرين الخمسة.. وفي المدارِس يفرِض علينا المُعلم قِراءات بِعَيْنها حسب الأعمار.. كانت هُناك مكتبات عامة كثيرة، كثيرة قِياسًا بعدد سُكان المدينة حينذاك.. كان أهل "بحري" يرتادون مكتبة المركز البِريطاني (شارع جامعة الخرطوم) ومكتبة جامعة الخُرطوم (غرب كُبري بري) وكُل مدرسة كان بِها مكتبة.. كانت هُناك سينما في المدرسة الإنجيلِية.. وكانت سينما الصافية تُبيح وتمنع الأطفال مِن الدخول حسب نوع الفيلم، وإذا لم يكُن معك مُرافِق راشِد لا يُسمح لك بِالدخول.
01-16-2011, 11:05 AM
Abdlaziz Eisa
Abdlaziz Eisa
تاريخ التسجيل: 02-03-2007
مجموع المشاركات: 22291
نعم.. نعم ما قُلْتهُ أغلبهُ صحيح.. فقط أنا أتحسر على مدينتي وعلى ريفكُم.. أذكُر أيام نميري.. كان الوضع في الريف لا بأس بِهِ، قِياسًا بِاليَوم، وكانت بِرغم ذلِك جحافِل الريفِيين تغزو المدينةِ كُل صباح، حتى إبْتدع اللِواء عُمر محمد الطَيِب، الكشه، يوقِف الباص أو اللوري ويقبُض على كُل ريفي ويُعيده مِن حَيثُ أتي، وفي مرحلة أُخرى، كان يتِم ترحيلهُم إلى مناطِق الإنتاج لِيعملوا بِالسُخره.. لَيس الأمر تمامًا كما قُلت.. لا ينزح كُل ريفي إلى المدينة لِيقترِب مِن المدرسة والمُسْتشفى.. عاشرت نازحين كُثُر بِاِلمدينة وكانت ولا زالت المدرسة مرمى حجر منهُم ولا يتعلم أبناءهِم فيها.. الذي حدث إن مُستشفى بحري -مثلاً- صُمِم لِيسع 200-300 مريض يومِياً، اليوم بلغ المرضى الألف مريض بِاليوم، فإنهارت الخِدمة فيها، وهرب الطبيب، والأمر ينسحِب على المدرسة والجامعة وبقية الخدمات..
أنا عِشت في الريف (البطانة) 8 سنوات لم أحتاج أنا وأُسرتي الكبيرة علاج مِن المدينة إلا بضع مرات.. كُنت أستلِم تطعيمات الأطفال (الشلل/السُل... إلخ) مِن مُستشفى حاج الصافي/بحري بِالمجان وأُسافِر إلى البُطانة لِمده 5-6 ساعات وفي أيام الخريف تصل إلى 10 ساعات، لأصل القرية وأُطعِم الأطفال.. لم أنتظِر الحكومة ولم أرحل إلى المدينة، وكانت خُطتي لِتعليم أبنائي أن أُسجلهُم في مدارِس المدينة مِن منازلهُم وأن أُدرِس لهم بِنفسي، ولما بدأت بِتنفيذ خُطتي كان يُعاوِنُني مُدرِس يأتي إلى القرية مُقابِل أجر.. إذا كُنت أنا قد إسْتطعت أن أعيش في البُطانة، هل يصعُب على أهلِها أن يعيشون فيها! عِندما دخلت البُطانة لم أكُن قبل ذلِك قد رأيت "بقرة" دع عنك أن أفْرِزُها مِن "الثَور" كُل الأشياء كانت جديدة.. البيئة.. الناس.. الكلام.. الأكل.. حتى أنني لم أكُن أُشاهِد القمر في المُدُن التي نشأت فيها، شاهدتهُ في البُطانة.. لم أكُن أعلم أن النُجوم كثيرةٌ جِدًا هكذا..
إنتقل أبناء الفلاحين والرُعاة إلى المدينة ولِبسوا البِدل والقُمْصان، يعملون في التِجارة الجوالة، يبيعون الملابِس الجاهِزة، الخردوات، البسكويت، يِبيعون الماء في الأسواق، كانوا يعودون إلى قُراهُم في المواسِم والأعياد. وبِلَيل، تآمروا.. إتفقوا.. أصبحوا لوبي، فإسْتقطعوا مِن أهل قريتِهِم ما يأكُلون وما يشربون وأرغموا على هذا آباءِهِم.. وذهبوا بأموالِهِم إلى المحلِية ثُم مِنها إلى الِولاية، وطالبوا بإدخال الكهرباء بِقريتِهِم، تكلل سعيهُم كما علمت -أخيرًا- بِالنحاج، دخلت الكهرباء في القرية، وظل أبو سِتة وأب عِشرين جاف، لم يعُد أحد "يمسِك موية" حتى أن "الميجر" لم "يُكحل" هذا العام. الريفي الذي يُبيع الماء البارِد في أسواق المدينة، لا يهتم بِقِراءة لَوحة إعلان عن مسرحِية، فقط يستظِل بِظِلِ لَوحة الإعلان ويُطيل بِهِ عُمر الثلج..
Quote: ذكر المؤرخ الخرطومي الخير النور في احدى جلساته الثقافية ان الخرطوم في النصف الثاني من القرن الثامن عشر كانت مدينة المستعمر من اتراك وانجليز ومصريون ولكن الحمدلله دخلها العنصر الوطني وصارت مدينة سودانية خالصه بعد الاستقلال. يعني كل السكان قبل مئه سنه هم ريفيون وافدون مع الوضع في الاعتبار الاقدميه في الوفادة.
نعم هذا ما حدث، ولهذا السبب تحولت الخرطوم ذات القطاطي إلى مدينة حديثة، فزانت أرضها وأصبح بعضُها ينافس بعضها ألوان الزهور، الخرطوم إتخذها المستعمر مقرٌ له، وبحري طابت للمشايخ والأولياء، وكانت أم درمان أرض حرب ولولا قرب أم درمان من الخرطوم وبحري لكانت أشد بداوةٍ من ضواحي الرنك، الخرطوم لأعمال الدنيا (وزارات/مصالح/مؤسسات..إلخ) أم درمان سوق كبير.. بحري لأعمال السماء والأبيض والأزرق يفتحان ذراعيهِما، كأنهُما يدعوان لها، الأبَيض والأزرق يصُدا عنها تغول السوق (أم درمان) ومن زحف المصالح (الخرطوم) حليل العاصمة ما عادت أزهارها في تنافس
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة