مؤلف كتاب «كوبر هاجن» الأُستاذ خليل الياس من الرعيل الاشتراكي المميز الذي عاصر كل الانشقاقات والاختلافات داخل الحزب الشيوعي السوداني، وكان رئىساً لإتحاد شباب السودان، أقوى تنظيم شبابي سوداني في الستينيات؛ ثم إختلف مع «مايو» إثر إنقلاب يوليو 71 .. فاعتقل لفترات طويلة بكوبر وتنقل في معظم سجون السودان إلى أن هاجر الى الخارج وعاش في عدة بلدان منها السعودية في الفترة الأخيرة.. وهو في هذا الكتاب ينقل العديد من الحكايات والذكريات السياسية خلال حقبة «مايو» وما قبلها، خاصة الفترة التي أمضاها في سجن كوبر والتي اسماها في الكتاب «كوبر هاجن».. الكتاب طُبع بالقاهرة وقدم له القطب الشيوعي المعروف محجوب عثمان، وقد خص الأُستاذ خليل الياس «الوطن» بنشر هذا الكتاب على حلقات لربط الأجيال وتقديم معلومات حول فترة «مايو» وما قبلها وبعدها.
تقديم: سخر المعتقلون السياسيون وفي أول القائمة الشيوعيون والديمقراطيون.. سخروا من ما كانوا عليه فأطلقوا على سجن كوبر (كوبرهاجن) على وزن كوبنهاجن العاصمة الأوربية المعروفة بنضارتها ورقيها وجمالها.. ومن هنا جاء اسم هذا الكتاب وعنوانه0 والكتاب الذي يسعدني ويشرفني أن أقدم له هو مجموعات من مذكرات للكاتب فيها صدق وفيها طرافة وفيها مُلحةٌ ثم هي كشف وإيضاح لحقائق عاشها وعايشها الشيوعيون والديمقراطيون السودانيون، وكل ناشط في النضال في مواجهة الأنظمة العسكرية الأول منها والثاني0 وعندي أن جوهر ما في هذه المذكرات أيضاح أساليب الصمود التي كانت سمةً أساسية في كيف واجه التقدميون السودانيون ذلك القهر، واجهوه بالصمود والإيمان بقضيتهم وبالصبر الثوري والقدرات الخارقة في إبتداع مجموعة من الخطوات والسياسات أبطلت مفعول (السجن) كما أراده السجان، فجعل من تلك المعتقلات مرافئ للدراسة ومحطات للترفيه ومواصلة للنضال من وراء الجدران. وكان مؤلف هذا الكتاب واحد من فرسان ذلك الجهد وذاك التحول0 الأستاذ الأخ الزميل خليل الياس، أحد قادة إتحاد الشباب السوداني الذي أسس في الخمسينيات من القرن الماضي، وما كان له أن يتقلد ذلك المنصب الرفيع لولا أن نضاله أحاله لذلك، فكانت ثقة جموع الشباب والشابات السودانيات فيه بتسليمه القيادة. وفي عام 1955م صار إتحاد الشباب السوداني، بعد أن قوى بنيانه وتنامى وتوسع تقديره صار عضواً في اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي (العضوية اكثر من 100 اتحاد شباب على نطاق العالم). وكان ابلغ احترام لإتحاد الشباب السوداني ان أسندت له وظيفة نائب رئيس للإتحاد العالمي. وما كان هناك من خيار افضل من الأستاذ خليل الذي ظل يشغل هذا المنصب العالمي ليتحمل مسئولياته للفترة من 1982- 1985م. وأنطلق الخليل ليؤسس علاقات مثمرة مع كل شباب العالم الديمقراطي ستظل رصيداً للحركة الثورية السودانية رغم تعاقب السنوات0 إن الأنظمة الدكتاتورية ما كانت تحتمل بقاء تنظيم ديمقراطي للشباب السوداني فتعرض هذا الصرح لأكثر من إعتداء عليه كان أبرزها حله وتحريمه عام 1971م على يد السفاح نميري ثم مرة أخرى على يد نظام (الإنقاذ) الذي حاول ومازال أن يشكل تنظيماً للشباب يكون طوع بنانه، ولكن مع الديمقراطية الجديدة الأن فإن إتحاد الشباب السوداني يستعيد حيويته ويبشر بأنه سيكون عملاقاً يسهم في الدفع الجماهيري نحو تحقيق نظام ديمقراطي مبرأ من كل عيب0 أما كتابنا هذا فقد جاء في إسلوبه شيقاً بسيطاً أقرب إلى ما يسمى بالسهل الممتنع. وغطى كثيراً من الأحداث والوقائع في سجن كوبر وسجن شالا وفي غيرهما من سجون الأنظمة المعزولة من شعبها. وعبرت كلمات الكتاب بحق عن شخصة الكاتب ثقةً فقد كان وهذه شهادة من رأى بعينيه زهرة المعتقلات تنشر المرح حيث كان وتنثر الطرفة والنكتة يمنةً ويسرةً ويرفه عن زملائه المعتقلين ولا يكون السجن سجناً كما أسلفت وتلك ملكات وقدرات لا تتوفر عند كثيرين مهما كانت عندهم من طاقات ثورية0 الكاتب فوق طاقات الصمود عنده شاعر وفنان وملحن ممتاز وإن كان ذاك باب لم يتفرغ له. والخليل صاحب صوت رخيم جميل ولكنه ضنين بالعطاء في هذا المجال إلا في حالات نادرة، ولكن تلك الملكات كان إنعكاسها فيما كتب ولو بين السطور0 القارئ العزيز.. إن كان لي أن أضيف إلى ما أسلفت فهو أنني لم أعط هذا الكتاب (كوبرهاجن والذكريات في سجون جعفر نميري) ما يستحق من وصف وتقديم، ولكن نصيحتي للقارئ أن يقتني هذا السفر الشيق ويقيني أنه لو بداء في الإطلاع عليه فلن يتركه قبل نهاية الصفحة الأخيرة0 وللكاتب الصديق تهاني بهذا الإنجاز وليته يكون مقدمة لمزيد من الإنتاج0
محجوب عثمان 22/3/2006م
12-28-2010, 07:49 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
كلما التقينا مجموعة من (خريجي) كوبرهاجن أو شالا زالنجي وغيرها من المعتقلات التي حفلت بمئات الوافدين من أحزاب وتجمعات وشخصيات سياسية وغير سياسية، كلما طغت على جلساتنا ذكريات تلك السنوات العجاف التي قضيناها بكل تداعياتها من قسوة وعنف وتشريد وما حوته كذلك من مفارقات وطرف ونوادر، وكثيرا ما شاركنا بعض الأصدقاء والأبناء الذين لم يخوضوا تلك التجارب أو لم يولدوا حينئذ وبعضهم كان طفلاً صغيراً لا تعي ذاكرته الأحداث، وقد أثارت فضول الكثيرين منهم فرغبوا في الإلمام بتفاصيلها وظلوا يلحون علينا بتسجيلها، وقد وعدت مرات عديدة بالاستجابة لتلك الرغبة ولكن تعذر علي ذلك، ليس بسبب ضعف الذاكرة وتداخل الأحداث فحسب، وإنما لتعدد المعتقلات والأقسام الكثيرة خاصة في سجن كوبر وما حوته من تجارب وخبرات لا تقوى مثل ذكرياتي هذه على رصدها كاملة، وكم حرصت كثيراً على ملاحقة الزملاء لكي يعيدوا إلى الذاكرة بعضاً منها0 ورجائي من الرفاق الأصدقاء السابقين واللاحقين مراجعة ما أقدمت عليه تصحيحاً أو إضافة أو حذفاً، خاصة أولئك المحاربين الأوائل الذين أفادونا بتجاربهم مع الحكم العسكري الأول، وصاروا لدى حراس السجن (زبائن) يشيرون إليهم بالأسماء وحولوا الاعتقال بمحصولهم الثر من خبراتهم المفيدة إلى معين لا ينضب من التحصيل الثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وكل منافع العلم والمعرفة. الشيء الذي ملأ الأفئدة ثباتاً وصموداً وخرج المعتقلون أكثر تماسكاً ومقدرة على مواصلة المشوار. شكراً لكل من ساهم في تلك المناشط وما تزال بصماته تنير الدروب. ومعذرة لمن تجاوزتهم ذاكرتي أو أخطأت في إيراد مناشطهم وأسمائهم، لقد حدث ذلك سهواً أو سقط مع شيخوخة الذاكرة. وأرجو في سياق هذا التمهيد ومن خلال مؤشرات هذه الوقائع من الخواطر والذكريات أن أوكد للقارئ الكريم بأنني سأسعى جاهداً للإدلاء بدلوي ضمن من يهتمون بحقائق الحركة الوطنية ومادة التاريخ.. لهذا فقد شرعت منذ الآن بالإعداد لطبعة ثانية لاحقة قريباً أرجو أن تتوفر فيها الإضافات والإيضاحات التي أتوقعها من رفقتي وزملائي الذين عاشوا فترة مماثلة إستكمالاً وإثراء لرسالة هذه الصحائف كوثيقة مرجعية. ذلك فضلاً عن الإخراج الطباعي المصور والمتميز فنياً وتقنياً0
12-28-2010, 09:12 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
مقدمة: في الثمانيينات صدر كتابان أولهما للأستاذ عوض الصافي والثاني للمرحوم مبارك أحمد صالح المحامي، وكلاهما عن تجربتهما وما تخلل تلك التجربة في سجن كوبر، لقد تعرض كلاهما للاعتقال التحفظي بعد الهزيمة الدامية التي تعرضت لها حركة 19 يوليو بقيادة الشهيد الرائد هاشم العطا ورفاقه. وتلي ذلك في التسعينيات إصدار (كوبر مذكرات سجين سياسي) للمؤرخ الدكتور محمد سعيد القدال. أربعة وثلاثون عاماً تفصل بين هذه الإصدارات وحركة 19 يوليو 71 الباسلة. ثلث قرن من عمر ملئ بالخبرات والتجارب، مرها وحلوها، يجئ بعدها كتابي هذا (كوبرهاجن والذكريات) أقدمه للقراء الذين يعرفونني أو لا يعرفونني، لا فرق فإن السيرة الذاتية الواردة فيه ذات وشائج حميمة وتجربة جيل كامل 1949-1985م، تجربة تعبق بأريج السنوات المشبعة بالتعب والإرهاق والأفراح والكفاح من أجل الإنسان وآماله في الحرية والتقدم الإجتماعي. كتبت هذه الذكريات حيث لا ينفصل الراوي الشاهد عن الأحداث وبين أبطال الحدث أنفسهم. ويجئ عنوان الكتاب (كوبرهاجن) مأخوذاً عن ما كان يتردد من إبداعات مصدرها المعتقلون وأصحاب الرؤى المبدعة وأن فيما تضمنته هذه الذكريات عن السجن، رسالة أردت أن أنقلها للأجيال التي لا تعلم بصورة كافية ما دار في تلك الحقبة المظلمة من تاريخ السودان وأقصد فترة حكم الطاغية جعفر نميري. أنني أنطلق من قناعة راسخة أن لمثل هذه الذكريات رسالة ننقلها لبنات وأبناء الوطن عن طريق السرد القصصي المبسط. وليس عن طريق المواعظ السياسية والأيدلوجية المباشرة كما في الخطاب السياسي المعروف إلى مسائل مختلفة تتراوح بين أنظمة الحكم والفساد والإستبداد وما ينتج عن ذلك من جرائم تبدأ بالسجن والتشريد والإعدام إنتهاءاً تدمير مقدرات الشعب وإطاحة أمانيه في حياة تليق بالإنسان المعاصر.. ولعله يكون مفيداً أن يسعى آخرون لكتابة تجاربهم وذكرياتهم خلال الحقب المظلمة في تاريخنا المعاصر لسد النقص الفادح والذي لا ينسجم مع الحيوية التي تتصف بها الحياة السياسية في السودان. وليغفر لي الأخوة والرفاق الذين لم ترد أسماؤهم في هذه الأحداث إذ لم يكن سهواً أو تجاهلاً ولكن كهولة الذاكرة أسقطت عني الكثير آملاً في إسهامهم بالإيضاح والتصحيح والأثراء بمخزونهم المفيد والمثير في تلك الرحلة العصيبة الطويلة الغنية بالأحداث.
12-29-2010, 01:12 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
مسلسل الإعتقالات : لم تكن الإعتقالات السياسية سمة تميز الحكومات العسكرية وحدها في البلاد وإن تجاوزت الكثير من القهر والعنف والتشريد وانتهاك حقوق الإنسان ولكن الإعتقالات بدأت منذ الحكم الاستعماري حين نهضت الحركة الوطنية مطالبة بإنهاء الاستعمار وتحقيق الاستقلال. وتواصلت حملة الإعتقالات حينما نشأت الحركة النقابية وخاصة نقابة عمال السكة حديد في عطبرة. وتكون اتحاد نقابات عمال السودان. وأتسع نشاطه واقترن بالعمل السياسي الوطني من أجل الجلاء وإستقلال البلاد فتضامن مع جنود البوليس في إضرابهم الشهير،وكذلك مع طلاب مدرسة خور طقت الذين فصلوا من الدراسة وكان عددهم قد تجاوز المائة طالب فاعتقلت حكومة السودان الاستعمارية قادة الاتحاد محمد السيد سلام الرئيس والشفيع أحمد الشيخ السكرتير العام وقدمتهما لمحكمة قضت بالسجن سنة للرئيس واثنتين للسكرتير. وكذلك فعلت الحكومة الوطنية الأولي بعد الاستقلال في فبراير 1956 ولم يمض علي تسلمها مقاليد الحكم ثلاثة أسابيع حتى قامت باعتقال المزارعين حيث قادوا مظاهرة في كوستي يطالبون فيها بمعرفة حساباتهم فتصدي لهم البوليس بالرصاص وأردي منهم خمسة وعشرين قتيلاً وزج بالباقين فيما عرف بعنبر جودة فمات منهم عدد أخر بالاختناق. واستنكر المواطنون بفئاتهم المختلفة استهلال الحكم الوطني بتلك المجزرة وتضامن معهم العمال والمحامون وطلاب الكلية الجامعية، وحشدت الجبهة المعادية للاستعمار (الحزب الشيوعي) جماهير الشعب في مظاهرات عمت العاصمة والأقاليم فأدي ذلك إلى اعتقال قادة الجبهة ومحاكمة البعض منهم بالسجن، وتلاحقت مشاكل الحكومة الوطنية ونشأت صراعات داخل البرلمان لم تكن أسبابها قضايا التنمية أو حاجات المواطنين و إنما اللهث إلي السلطة وكسب أصوات الناخبين.
12-29-2010, 01:39 PM
الفاضل يسن عثمان الفاضل يسن عثمان
تاريخ التسجيل: 04-17-2008
مجموع المشاركات: 3279
متابعين سردك لكتاب المناضل< الواقف> خليل الياس من في بحري لايعرف خليل الياس. نستفسر حول كيفية اقتناء الكتاب في لندن. لان سفر خليل لابد أن يقرأء. مختزنة بالدروس واستشراف المستقبل دون شك.
متابعين في الحالتين.
تقديري فيصل.
12-29-2010, 04:33 PM
عبدالكريم أحمد الامين عبدالكريم أحمد الامين
تاريخ التسجيل: 08-04-2008
مجموع المشاركات: 6343
متابعين سردك لكتاب المناضل< الواقف> خليل الياس من في بحري لايعرف خليل الياس. نستفسر حول كيفية اقتناء الكتاب في لندن. لان سفر خليل لابد أن يقرأء. مختزنة بالدروس واستشراف المستقبل دون شك.
متابعين في الحالتين.
الاستاذ الفاضل يسن
شكرا على المداخله المعبره للحصول على الكتاب حاول الرابط ده,,, لك الود
عبدالله خليل قال: دي بلد تستحق الحكم الديكتاتوري.. وبعدها ما فيش مانع الواحد يقتلوه..!
تمَّ اعتقال قطب المريخ المعروف شاخور.. لأنه تصادف أنْ كان في زيارة لرئيس الوزراء
إنقلاب 17 نوفمبر: 1958 الحكم العسكري الأول:
وفي شهر يوليو من ذات العام 1956 استقال واحد و عشرون نائباً من الحزب الوطني الاتحادي صاحب الأغلبية الحاكمة وكونوا حزب الشعب الديمقراطي, ليصبح منبراً مستقلاً لطائفة الختمية وتحالف مع حزب الأمة منبر طائفة الأنصار واسقطوا حكومة إسماعيل الأزهري أول حكومة وطنية بعد الاستقلال. ولكن التحالف لم يستمر طويلا. فقد بذلت الجبهة الوطنية التي انبثقت من المؤتمر القومي جهوداً متواصلة لتوحيد حزب الشعب الديمقراطي والحزب الوطني الاتحادي و أصبحت المعارضة أغلبية كافية لرفض المعونة الأمريكية والمخطط الأمريكي لملء الفراغ في الشرق الأوسط بعد إندحار الإستعمار البريطاني وأصبح محتوماً إسقاط الحكومة، وكان عبد الله خليل رئيس مجلس الوزراء وسكرتير حزب الأمة قد راوغ كثيراً في إجراء الانتخابات وأطال عطلة البرلمان. وتحت ضغوط النواب وملاحقة الصحافة اضطر عبد الله خليل رئيس الوزراء أن يدعو لعقد البرلمان في السابع عشر من نوفمبر 1958. في هذا السياق يشير الأستاذ عبد اللطيف خليفة في مذكراته أن عبد الله خليل يماطل في إجراء الانتخابات وذهب إليه وفد من الوطني الاتحادي يستعجله للانتخابات فقال لهم عبد الله خليل: والله البلد دي تستحق الواحد يحكمها حكم دكتاتوري ثلاث سنوات وبعدها ما فيش مانع يقتلوه ويؤكد ذلك علي أن عبد الله خليل كان مبيتاً نواياه علي القيام بالانقلاب العسكري حتى لو لم يتفق معه حزب الأمة. وقالت الروايات إنه ذهب إلى هيلاسلاسي مصطحباً معه اللواء احمد عبد الوهاب من كوادر حزب الامة طلباً لمساعدة عسكرية عندما يستولى الجيش على السلطة. كان يدرك جلياً أن الموقف داخل البرلمان بعد توحد أطراف المعارضة ليس في مصلحته وان حكومته زائلة لا محالة، فاستدعي الفريق إبراهيم عبود واللواء احمد عبد الوهاب لاجتماع قرر فيه أن يستولي الجيش علي السلطة في أو قبل السابع عشر من نوفمبر. ولما كان اللواء احمد عبد الوهاب من كوادر حزب الأمة في القوات المسلحة فقد خطط أن يستولى عبد الوهاب على مقاليد الحكم ثم يعيد السلطة إليه ولكن عبود وزملاءه استولت عليهم نوازع السلطة واستبد بهم الطموح ولم يحفلوا بتلك الأمنية بل ضاق عبود وزملاؤه ذرعاً بالمعارضة وكان قد شدد في أول بيان له على: تعطيل الدستور- حل البرلمان- حل الاحزاب- منع الاجتماعات والتجمع- منع المواكب والمظاهرات- تعطيل الصحف- ووضع قيادات الاحزاب تحت الحراسة المنزلية وفي العام 1962 امتدت يده إلى عبد الله خليل فاعتقله ومعه بعض قيادات الأحزاب الاخرى: إسماعيل الأزهري وعبد الخالق محجوب ومبارك زروق ومحمد احمد محجوب وإبراهيم جبريل ومحمد احمد المرضي وأمين التوم وعبد الله ميرغني وعبد الله عبد الرحمن نقد الله واحمد سليمان ومصطفى محمد صالح وأبعدهم إلى سجن جوبا في جنوب السودان ولكنهم تضامنوا في إضرابهم عن الطعام فقرروا انهم لن يرفعوه إلا في منازلهم وكان الحزب الشيوعي قد أصدر بياناً جماهيرياً وملأ الجدران بشعارات تطالب بإطلاق سراحهم وأنتشرت أخبارهم بين المواطنين وما عاد أمرهم سراً، فتراجعت حكومة عبود وأطلقت سراحهم. ومن الطريف أن اعتقالهم الذي تم في منزل عبد الله خليل وكان المواطن عبد الرحمن شاخور قطب فريق نادي المريخ قد جاء إلى عبد الله خليل لأمر لا علاقة له بذلك الاجتماع واعتقل مع الآخرين. وظل إبراهيم عبود وزملاؤه يتمسكون بالسلطة وبلغ بهم القهر والقسوة أن اعدموا شنقاً كلاً من البكباشي علي حامد والبكباشي يعقوب كبيدة والصاغ عبد البديع كرار اليوزباشي طيار الصادق محمد الحسن اليزباشي عبد الحميد عبد الماجد. أيد السيد عبد الرحمن المهدي راعي حزب الامة الانقلاب ببيان دعا فيه مواطنيه لتأييده جاء في بيانه: (لتطمئنوا جميعاً ولتغبط نفوسكم بهذه الثورة المباركة التي قام بها جيشكم المظفر، وليذهب كل منكم إلى عمله هادئ البال قرير العين، ليعين رجال الثورة السودانية بولائه وانتاجه وباستعداده التام لحماية الوطن واستقلاله.. أيدوا يا أبنائي هذه الثورة وادعوا لها بالتوفيق والسداد، و أعينوها بان يكون كل منكم عيناً ساهرة وعزماً قوياً لتحقيق ما قامت من اجله ثورتكم وما تقدم إليه جيشكم المظفر من حمل أمانة الاستقلال).
وكذلك فعل السيد علي الميرغني راعي حزب الشعب الديمقراطي حيث جاء في بيانه:(لقد تقبلنا نبأ تسلم جيش السودان بقيادة ضباطه ذمام السلطة في بلادنا وإننا نأمل أن تتضافر الجهود وتخلص النوايا لتحقيق الطمأنينة في النفوس، كما إننا نتوجه إلى الله المستعان أن يجعل فيما حدث الخير كاملاً والتوفيق شاملاً…). وبعث الاستاذ إسماعيل الأزهري بمندوبه خضر حمد إلى أبراهيم عبود وأحمد عبد الوهاب مهنئاً وجاء في تصريحاته أنهم لن يضعوا أي عراقيل أمامهم وسيفسحون لهم الطريق للعمل المثمر. أما الأخوان المسلمون فقد ابدوا ارتياحهم لما حدث إذ ورد في صحيفتهم (الأخوان المسلمون): إن البداية التي سارت عليها الحكومة في تصحيح الأوضاع الفاسدة تدعو للاطمئنان. ولكن الحزب الشيوعي واتحاد النقابات والقوي الديمقراطية وقفت جميعها ضد الانقلاب وفي اليوم الثاني اصدر الحزب الشيوعي بيانه الشهير الذي وصف فيه 17 نوفمبر بأنه انقلاب رجعي يجب إسقاطه.
جاء في ذلك البيان :(17 نوفمبر انقلاب رجعي). إنه عند قيام حكومة عبد الله خليل الرجعية نهضت في البلاد حركة شعبية واسعة وبدأت الجماهير الوطنية والبرجوازية الوطنية نفسها تحس بخطر التدخل الاستعماري واخذت تعارض السياسة الرجعية للحكومة.. وحتى حزب الامة شهد انقساماً داخل هيئته البرلمانية واتضح أن إنهيار النظام الرجعي المتمثل في حكومة عبد الله خليل يعني ضربة قاسمة لمصالح الإستعماريين في البلاد وفتح الباب لتحولات ديمقراطية واسعة.. فأصبح من غير الممكن حكم البلاد بواسطة نظام برلماني.. الذي حدث صباح 17 نوفمبر كان تسليماً وتسلماً من حكومة عبد الله خليل إلى زعماء الجيش. وقد تم الانقلاب تحت القيادة الرسمية للجيش ولم تقم به هيئة مناوئة من الضباط وتلك القيادة الرجعية للجيش هي في الواقع نتاج عمل منظم منذ تسلم عبد الله خليل للحكم في منتصف 1956م وأشرف على وزارة الدفاع.. إنه إنقلاب رجعي باشره الجهاز الذي كونه حزب الامة داخل الجيش. ولكن الذين دبروا الانقلاب تغافلوا عن عدة إعتبارات فالاغلبية الساحقة من الضباط في الجيش هم جزء من البرجوازية الصغيرة في بلادنا ولهم إتجاهات وطنية ديمقراطية. وستكون مهمة الاستعماريين تصفية هذه القوى في الجيش وبناء جهاز موالٍ للرجعيين بجانب تصفية الحركة الجماهيرية. إن حزبنا مواجه بمهام تاريخية كبرى لتفشيل مؤامرة الاستعمار والرجعية وهو قادر على ذلك لان الحركة الجماهيرية في وضع متقدم، ولأن القوى الوطنية من الضباط موجودة وكبيرة داخل الجيش ويجب أن لا نترك القوى الشعبية تتقهقر. وفي ذات السياق قبل قيام انقلاب 17 نوفمبر كتب الشهيد عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي في جريدة الميدان بتاريخ 3 نوفمبر 1958م أي قبل اسبوعين من الانقلاب، أفتحوا اعينكم جيداً الامريكان يسـتعدون لتدبير الانقلاب المقبل في السودان.. ثلاثة انواع من الانقلابات : 1/ انقلابات رجعية يدبرها الاستعمار الامريكي ضد حكومات وطنية مثل ما حدث في قواتيمالا والارجنتين ومثل ما حدث ضد حكومة مصدق في ايران. 2/ انقلابات تقوم بها جيوش مشبعة بروح الوطنية ضد نظم الحكم الموالية للإستعمار مثل انقلاب سوريا ومصر والعراق0 3/ ولكن وقعت انقلابات دبرها الاستعمار ضد انظمة رجعية موالية له. فقد رأى الاستعمار الامريكي أن الحكومات في سيام وبورما وباكستان اصبحت ضعيفة أمام هجوم القوى الوطنية عليها، ولم يعد في إمكانها تنفيذ السياسة الاستعمارية المرسومة، فسارعت امريكا واسقطت تلك الحكومات قبل ان يسقطها الشعب، وجاء بعناصر اقوى وأقدر على تنفيذ سياستها وسلمتها مقاليد الحكم عن طريق انقلاب عسكري.
12-29-2010, 07:03 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
الشيوعيون وإنقلاب عبود : ومنذ ذلك التاريخ أصبح الحزب الشيوعي والقوي الديمقراطية هدفاً للإعتقال والتشريد والملاحقة والمراقبة اللصيقة. من الطريف في هذا الشأن اذكر أن عبود الذي كان يسكن في حي الأملاك في الخرطوم بحري مجاوراً لأحد أقربائي جاء يطلب منه إيجار متجر في عمارة الأوقاف مجاورا له ليستخدمه مستودعا لبيع قطع غيار السيارات لأنه كما ذكر علي أبواب سن التقاعد وان راتب المعاش الشهري لا يكفي لإعاشة أسرته ولا بد له من دخل إضافي يعينه علي حياة ملائمة. ووافق قريبي علي ذلك قبل أيام قليلة من (البيان الأول لكن عبود لم يتابع مستفسرا عما حدث لطلبه !! وحين ذهب قريبي (للتهنئة) سأله إن كان لا يزال يحتاج للمتجر فضحك (عبود وقال وهو يودعه : الحمد لله يا شيخ محمود ربنا يجيب العواقب سليمة وخليك محتفظ بالمخزن لفترة شهرين وبعدين نشوف) ولكن عبود لم ينتبه لهذه الفترة إلا بعد 6 سنوات وكان الوقت متأخراً فآثر البقاء في منزله قبل أيام من الإنقلاب. وحين أُخطر إبراهيم عبود بأن رئيس الوزراء يطلبه بصفة عاجلة في مكتبه أفزعه الخبر وخال أن أمراً تعيساً سيحيق به، وخشى أن يكون قد إرتكب خطأ لا يدركه، فيعيق تدابيره وهو على أبواب التقاعد فإستجاب مغشياً على مشاعره وذهب لمقابلة عبد الله خليل فإنتظر في مكتب مديره ولم يخطر بباله أن مفاجاءة تحيط به بلا مقدمات.
12-30-2010, 11:01 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
تجربة الاعتقال الأول 13 يونيو 1964م لم تتجاوز تجربتي الأولى في الاعتقالات ليلة واحدة في زنزانة بقسم البوليس الجنوبي في الخرطوم وأوشكت أن أكون معتقلا مع المعلمين الاشتراكيين الذين كانوا في اجتماع بمنزل الأستاذ مصطفي محمد صالح بالحلة الجديدة حين داهمهم البوليس يوم كنت في زيارة لوالدة الأستاذ مصطفي التي أقعدها المرض لفترة طويلة لم نرها فيها وكان لابد من الاطمئنان عليها وجلست معها بالداخل أروح أغدو للمجتمعين بالشاي والماء وحين جاءت (الكشة) بقيت ساكناً بالقرب من الحاجة مساعداً لها في إعداد وجبة العشاء حتى سيق الجميع إلى الحراسة واكتفوا بمن عثروا عليهم في الاجتماع وغادروا المنزل دون تفتيش!!. وكان البوليس في فترة حكم عبود يحصل علي أمر قضائي أحياناً كثيرة لكي يفتش المنزل بعد إحضار بعض الشهود من المواطنين في ذات الحي ليقفوا علي ما يحصلون عليه من وثائق أو منشورات وهو أسلوب جافته مايو والإنقاذ. وهذا ما جعلني أنجو من تلك الحملة فقد إكتفوا بمن وجدوهم في ذلك الإجتماع. وكنت حريصاً خلال الست سنوات التي عاشها نظام (عبود) علي أداء ما يوكل إلي من مهام متواضعة وهامة في ذات الوقت، فلم أتعرض إلى تفتيش أو ملاحقة ووطدت كثيراً من علاقاتي بالأصدقاء والاخوة الذين لم يمارسوا أي نوع من النشاط السياسي فأمنت شر رجل المباحث الذي كان يسكن مجاوراً لي، لدرجة انه أطلعني مراراً علي المنشورات التي كان يوزعها الحزب الشيوعي ليقول لي تصور انهم يهاجمون حكومة أنجزت كذا وكذا، هؤلاء يستحقون قطع رقابهم وليس فقط الاعتقال. ابدى دهشة كبيرة في تلك الليلة التي فتش البوليس فيها منزلي واقسم انه لم يبلغ عني، وقد كان صادقاً فيما قال. وحقيقة ذلك الاعتقال الذي تم في 13 يونيو من عام أربعة وستين أي قبل أربعة اشهر من انتفاضة أكتوبر. وكان نظام (عبود) يلفظ أنفاسه الأخيرة وحاصرته الاضرابات والاحتجاجات والملصقات والشعارات في الجدران مما جعله يهتز أمام أي تحرك مهما كان حجمه وكان يطلق كل أجهزة البوليس السري والمباحث لملاحقة واعتقال النشطاء من السياسيين والنقابيين خاصة كلما دنا اليوم السابع عشر من نوفمبر وهو اليوم الذي تم فيه الانقلاب وعرف بيوم اعتقال الشيوعيين. في ذلك المساء دعانا الأستاذ مصطفي محمد صالح أحد قادة المعلمين الاشتراكيين وقد عرف الأستاذ مصطفي إضافة إلى نشاطه السياسي والنقابي بأنه كثير الاهتمام بالآداب والفنون وتمتع بروح مرح وعمق في العلاقات الإنسانية مع الجميع مما جعل أفئدة من الناس تهوي إلى داره بمختلف اتجاهاتهم السياسية والعقائدية الشئ الذي اقلق (البوليس السري) وجعله يشدد الرقابة والمتابعة اللصيقة التي لم تنقطع. وكان أي البوليس- يفاجأ دائما بمواطنين ليس لهم شأن في السياسة. ورغم الحصار المضروب علي الأستاذ مصطفي استطاع دائماً الإفلات منهم بطرق متعددة. اذكر مرة انه كان عليه أن يقود اجتماعا صباح الجمعة خارج منزله ودنت مواعيد البداية وكان رجل البوليس كعادته يجلس أمام المنزل متكأً على جدار الجيران متجها نحو الباب يرقب الحركة باهتمام شديد. وتصادف أن كان التلميذ احمد ابن صديق الأستاذ مصطفي يسكن معه بذات المنزل ويدرس بالمدرسة الثانوية يمتلك دراجة يتنقل بها إلى المدرسة فارتدي الأستاذ مصطفي قميص وشورت كما يفعل التلاميذ في ذلك الوقت وحمل معه جلابية وعمامة في حقيبة أشبه بحقيبة التلميذ وضعها علي المقعد الخلفي واخذ الدراجة واتجه إلى السوق حيث دكان التاجر الذي يتعاملون معه، واستأجر عربة تاكسي متجها إلى مكان الاجتماع. وعندما اقترب من المنزل الذي يعقد به الاجتماع ارتدي الجلابية والعمامة وطلب من السائق التوقف وقد تغيرت ملامحه تماما فانزعج السائق وظن انه (شيطان رجيم) فاستعاذ بالله ورفض استلام الأجرة وقال له مضطربا: روح يا شيخ الله يكفينا شرك. وتحضرني هنا طرفة تحكى عن خضر الحاوي حينما أوقف عربة تاكسي وطلب من صاحبها أن ينقله إلى منزله فطلب صاحب التاكسي مبلغ اثنين جنيه وكان مبلغاً كبيراً في ذلك الوقت فإنفعل الحاوي وأقفل الباب بشدة وظن صاحب التاكسي أنه قد ركب العربة واغلق الباب وعندما وصل إلى منزله وأنتظر خروج الحاوي من العربة ولما لم يفعل إلتفت إلى المقعد الخلفي فلم يجد الحاوي فقام بإغلاق الأبواب وتأمينها ورفع الزجاج وقال للحاوي: والله مش تبقى حاوي.. لو ما دفعت الاثنين جنيه ما بتنزل من العربية. وفي ذات المساء شاهد الجندي المراقب الأستاذ عبد الله حامد الأمين الأديب المعروف يدخل منزل الأستاذ مصطفى للمشاركة في ذلك اللقاء فقد كان الأستاذ عبد الله لصيقا بالقوى الديمقراطية يدعوهم مع الآخرين من الأدباء والشعراء الى (الندوة الأدبية ) التي يقيمها كل أسبوع في منزله بامدرمان وبادر باقتراح بدعوة الشاعر تاج السر الحسن ووعد بإعداد لقاء خاص وانه سيعده بشكل متميز. وقال في سياق حديثه والروح المرح مداعبا الأستاذ مصطفى : كانت أمنيتي أن يكون هذا اللقاء بداري ولكني أقول: دي قولة خير والزفاف إن شاء الله عندي في امدرمان فاعدوا أنفسكم وسوف أحدد لكم وقتا مناسبا حتى يتمكن الكثيرون من المهتمين بالشعر من الحضور والمشاركة. وتم اللقاء في منزل الأستاذ مصطفى محمد صالح بالحلة الجديدة بحضور الدكتور تاج السر الحسن الذي جاء إلى البلاد من مصر في العطلة الدراسية الصيفية كي نستمع إلى الجديد من أشعاره بعد رائعته (آسيا وأفريقيا) التي تغنى بها الأخ الفنان عبد الكريم الكابلي. و لما كان الأستاذ مصطفى مراقبا مراقبة لصيقة من (البوليس السري) حرص على ترك باب المنزل مشرعا، وكذلك نافذة (البرندة) المطلة على الشارع مع الإضاءة الكاملة لكل المنزل. أجرى كل هذه التدابير حتى لا يعتقد (البوليس) أن بمنزله اجتماعاً فيداهم الحاضرين ويفسد عليهم ذلك اللقاء. ولم تفلح كل هذه التحوطات. وما هي إلا لحظات قليلة حتى قفز من النافذة رجل المباحث الشهبر (الكتيابي) شاهراً المسدس وآمراً الجميع بالثبات (عندك) ودخل في ذات الوقت ومن الباب المشرع ضابط مباحث وبصحبته مجموعة من جنود المباحث، طلبوا من الحضور مرافقتهم إلى قسم البوليس الجنوبي. وعندما شاهدوا بيننا الأستاذ عبد الله حامد الأمين جالساً على كرسي المقعدين أشاروا إليه بالذهاب إلى منزله و لكنه رفض رفضا باتاً بالرغم مما بذله الضابط من محاولات لاقناعه ولان الضابط يعلم أن وجود الأستاذ عبد الله في مثل ذلك اللقاء يؤكد انه أمر لا علاقة له بنشاط شيوعي فتفشل جهود تقاريره و متابعته وادعاؤه انه نصب كميناً لاجتماع خطير أعده الشيوعيون، وأكد الأستاذ عبد الله حامد الأمين انه أحد هذه المجموعة التي دعيت إلى الاستماع في هذه (الجلسة الشعرية) ولا مكان له إلا برفقتهم إلى حيث هم ذاهبون وكانت تلك شهادة برأت الحاضرين من تهمة إجتماع سياسي ولما تعذر اقناعه بالعدول عن إصراره، ولم يكن لدي البوليس مكان له ولكرسيه طلبوا مني اصطحابه في عربتي (الفولكسواجن). الطريف أننا سجلنا في دفتر الأمانات عربتي ودراجته تماما كما فعلوا بتسجيل النقود والأغراض التي كانت بحوزتنا. كان في مركز البوليس الضابط كمال حسن أحمد الذي أصبح في نظام 25 مايو نائباً لرئيس جهاز الأمن قام باستجوابنا ثم صحبونا منفردين إلى منازلنا كل معه ضابط وشاويش لتفتيش المنازل في محاولة للعثور علي وثائق أو مطبوعات تعينهم علي تقديمنا متهمين إلى المحكمة. وقد تركزت ملاحقة البوليس علي الشيوعيين والتقدميين فقد كان الحزب الشيوعي أكثر العناصر المعارضة نشاطاً وتضحية خاصة بعد أن قدم للقوي السياسية رؤاه في إسقاط النظام العسكري بأن طرح شعار الإضراب السياسي العام أداة فاعلة لإنهاء الحكم العسكري، واستغرق النقاش في هذا الشعار حيزاً كبيراً من الوقت إذ أن كثيرين من قيادات الأحزاب التقليدية لم تهضمه ورددت القول أنه لا يفل الحديد إلا الحديد، ولكن الحزب الشيوعي صبر وثابر وأعد الكثير من اللقاءات لتلك الأحزاب لإقناعها بفاعلية الإضراب السياسي. بل أنه في كثير من المناشط كان يطبع بيانات الأحزاب ويقوم بتوزيعها ويعد لهم الاجتماعات والأماكن التي تعقد فيها. وكثيراً ما قام بترحيل مندوبيهم سراً إلى تلك الاجتماعات وقام بتوزيع منشوراتهم وأعد لهم الاجتماعات والأماكن التي تعقد فيها وقد فطن نظام (عبود) إلى هذه الحقيقة وأصبح شغله الشاغل محاولة تعطيل نشاط الحزب الشيوعي والديموقراطيين باعتقال كوادرهم وملاحقتهم وفصلهم من الخدمة وتقديمهم للمحاكم. ولم يسلم بعض النشطاء من شباب الأحزاب الأخرى من الملاحقة والمراقبة. في ذلك المساء كنت أتوقع العودة إلى المنزل في وقت متأخر فأخذت زوجتي إلى منزل صديقي بالحي تنتظرني مع أسرته حتى أعود وتركت معها مفتاح المنزل وحينما جئت لأخذ المفتاح أصابتها دهشة كبيرة حين طلبت منها الانتظار ورأت (الشاويش)، لم تكن رحمها الله تعني بقدر كبير في السياسة ولكنها كانت تجيد إخفاء ما أودعه لديها من وثائق هامة. وعند إعطائي المفتاح همست في أذني (الزبادي) في المطبخ. وكانت هذه كلمة السر (المطبوعات) .. شاءت الصدفة أن يكون نصيبي الضابط (صلاح التيجاني) ولم أره منذ تلك السنوات ولكني أسجل هنا بكثير من الامتنان والتقدير تعاطفه معي. وحين دخلنا (الديوان) حدثني بالإنجليزية (لا تقلق) سوف لن نجد أي شئ، وشرع في تقليب الكتب بالمكتبة وكذلك الوثائق والمطبوعات مشيرا إلى الشاويش بأن هذه الأوراق والكتب كلها متواجدة بالسوق وليس فيها ما يفيدنا في التحريات وخرجا دون أن يأخذا شيئا منها. وعدت معهما بعد ذلك إلى (القسم الجنوبي) وقضينا الليلة هناك. لم يكن لدي حتى ذلك الوقت (سجل للسوابق) في نشاط سياسي مما جعل التحقيق معي قصيرا ومحصوراً في السؤال عن صلتي بالأستاذ مصطفي والتي أوضحتها في سياق أخر خلافاً لما استغرق وقتا طويلا مع الأستاذ مصطفي وكمال عبد النبي. وفي صباح الغد أطلق سراحنا بلا قيد أو شرط وتحفظوا علي الأستاذ مصطفي محمد صالح وكمال عبد النبي الذي زعموا أنهم كانوا يبحثون عنه فترة طويلة وعثروا عليه بالصدفة في هذا (الاجتماع) كما أسموه، وكذلك التحقيق مع الأستاذ عبد الله حامد الأمين لم يستغرق وقتا طويلاً وعاد الي منزله بعد أن رجوناه كثيراً بالذهاب وشكرناه على تضامنه معنا مما فرض على المباحث الإقرار بأن ذلك اللقاء لم يكن إجتماعاً سياسياً للشيوعيين.
ثورة أكتوبر 1964 وبعد نضال جماهيري شرس وصبور دام ست سنوات ضد نظام عبود نجحت إنتفاضة الحادي والعشرين من أكتوبر بفضل الإضراب السياسي العام الذي بادر الحزب الشيوعي بتقديمه أداةً فعالةً للقوى السياسية وثابر وأصدر الكثير من الوثائق التي تحث الجماهير على تنفيذه وقد جاء في إحدى إصداراته في اغسطس 1961م ما يلي بعنوان : ما هو هذا الاضراب السياسي العام.. كتب يقول إنه توقف الجماهير الثورية عن العمل، ويتم تنفيذه عندما تصل الجماهير الي وضع لا تحتمل فيه العيش تحت ظل النظام الراهن.. إنه عملية مسلسلة وليست ضربة واحدة عملية من الدعاية والعمل الفكري الدائب.. من التعلم ومن التجارب.. من المعارك اليومية المختلفة.. من بناء قوى ثابتة للجبهة الوطنية الديمقراطية.. من نضال قانوني وغير قانوني.. من تحسين وتحسين الحزب الشيوعي ووضعه في القيادة وارتقاء لنفوذه الأدبي.. وكل ما يسير في هذه العملية ثوري ومفيد ويقرب الناس من الاهتمام بالإضراب والاستعداد له ثم تنفيذه. وكان هذا في البيان الأول الذي دعا إلى الاضراب كأداة فعالة لإسقاط النظام العسكري وإجابة للجماهير التي تساءلت عن الكيفية التي تنقذها من هذا الكابوس. وعادت الأحزاب التقليدية إلى السلطة عبر مخزونها من الأصوات في الدوائر الجغرافية وبعض المدن. ولكن الشيوعيين والقوي الديمقراطية حازت علي معظم دوائر الخريجين وفازت القائمة التي رشحها الحزب الشيوعي على أحد عشر مقعداً من خمسة عشره خصصت لدوائر الخريجين، وكانت هذه المجموعة تشكل الصوت الديمقراطي داخل البرلمان والمعبر الحقيقي عن قضايا المسحوقين والطبقة العاملة، فصاروا بذلك مصدر قلق للقوي التقليدية وضاقت بهم. ولم تحظ القوى الديمقراطية بالفوز في الأقاليم. ذلك لأنها ظلت طيلة الست سنوات التي قضاها نظام عبود تحارب وتعتقل وتشرد كوادرها من نشاطها المتواصل ضد الحكم العسكري في الوقت الذي ألقت فيه القوى الرجعية سلاحها وأسلمت أمرها ولم تتعرض لملاحقة جهاز الأمن بل إن بعضها إندمج فعلياً في مؤسسة الحكم العسكري الشئ الذي مكنهم من الحفاظ على مواقعهم في الريف إضافة إلى الدعاية التي يدعمها النظام العسكري تحت شعار محاربة الشيوعية.. حتى الروابط التي أنشأها أبناء تلك المناطق الريفية لخدمة مواطنيهم حاربوها تحت ذات الشعار وأعتقلوا قادتها. وحقيقة الأمر أن الأحزاب التقليدية التي استسلمت للحكم العسكري أحست بخطر الحزب الشيوعي وأثره وسط الشباب والنساء والطلاب والعمال والمزارعين والمثقفين الذين توافدوا إلى الحزب والحركة الديمقراطية وافزعها الانتصار الساحق الذي حققته دوائر الخريجين مما يعني أن القوى الحديثة قد إنحازت إلى اليسار، وكان هذا الانعطاف يضاعف قلق الأحزاب التقليدية مما إضطرها للإهتمام بهذه العناصر لأول مرة في تاريخها السياسي ومحاولة جذبها والإعتراف بدورها، الأمر الذي كان قبل إنتفاضة أكتوبر، محرماً على تلك العناصر وإهمالها وأبعدوا كل من يحاول السعي لإدخال عناصر النساء والشباب في أحزابهم وإتهموهم بموالاة الشيوعين. وبعد نجاح ثورة أكتوبر وتأثير تلك العناصر ودورها في إنجاح الإضراب السياسي العام فطنوا الي قدرتها وراحوا يخطبون ودها ويختارونها في بعض لجان أحزابهم. وأدى نجاح إنتفاضة أكتوبر إلى حصول النساء والشباب على حق الإنتخاب والتصويت وإنتزع المواطنون حق العمل السياسي وإنشاء الإتحادات المهنية والفئوية للموظفين وهو أمر أفزع الأحزاب الرجعية مما دفعها لتسعى خلف هذه القوى بكل إمكانياتها، لتحد من نشاط الحزب الشيوعي والمنظمات الديمقراطية، فقد كان ذلك النشاط محرماً قبل إنتفاضة أكتوبر 64. من الطريف أن الحزب الشيوعي حينما كان يقيم ليلة سياسية يفتتح اللقاء بالآيات الكريمة (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك وأستغفره إنه كان توابا) وكانت الآيات الكريمة تنسجم تماماً مع إنعطاف تلك القوى نحو اليسار. وأصبح هذا أمراً لا تسعد به قيادة جبهة الميثاق الإسلامي، فقد كان ذلك يضعف إتهامها للشيوعيين بأنهم ملحدون.
12-30-2010, 11:59 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
لم تكن محاولات الأحزاب الرجعية لحل الحزب الشيوعي مفاجأة للقوى الديمقراطية خاصة بعد نجاح ثورة أكتوبر والتي لعب فيها الشيوعيون والديمقراطيون دوراً بارزاً وشجاعاً. فقد عودتنا القوى الرجعية وقبل الإستقلال وخلال الحكم الإستعماري بمحاربة العمل النقابي ووصفته بالشيوعية فقد نشأت أولى خلايا اليسار السوداني بما يسمى الحركة السودانية للتحرر الوطني ورمز إليها بـ (حستو) وقامت بنشاط مميز في الحركة النقابية تحت راية الجبهة المعادية للإستعمار وأزعج ذلك النشاط الأحزاب الأخرى التي تهتم بقضايا الطبقة العاملة وأفزعها إنحياز العمال خلال الإنتخابات إلى قائمة الجبهة وبذلت القوى الرجعية جهوداً مكثفة لكي تجذب العمال إلى قائمة مرشحيها ولكن باءت محاولاتها بالفشل وسعت أول حكومة وطنية للإستعانة بالحكومة البريطانية لتدعمها لكي تعزل الشيوعيين من قيادة الطبقة العاملة. ورد في وثائق المخابرات البريطانية أن يحى الفضلي وزير الشئون الإجتماعية يصف الشيوعيين بأنهم قليلو العدد ولكنهم في غاية النشاط ويؤكد أن الحكومة تفكر جادة الآن في وضع تشريع لمحاربة النشاط الشيوعي وأنه قد تحدث إلى رئيس إتحاد العمال في بريطانيا بهذا الشأن وقد أعترض على مثل هذا التشريع وأكد المستر (ميلر) ليحي الفضلي أن ظروف السودان تختلف عن إنجلترا، وشعبه يختلف عن الشعب البريطاني وأن تشريعاً لتحريم الشيوعية قد يناسب السودان ولكنه لا يناسب بلداً كانجلترا. ويقول السفير البريطاني في ذات الوثائق: وزير الشئون الإجتماعية في حكومة الوطني الإتحادي عدو لدود للشيوعية وصديق لنا. وقال إسماعيل الأزهري لسفير بريطانيا في السودان : لقد أرسلت مندوبين من قبلي إلى بورتسودان وعطبرة وكوستي بأوامر صريحة لمنع العمال من إعادة إنتخاب الشيوعيين بأي وسيلة بالرشوة أو الترغيب أو الإرهاب حسب ما تقتضي الحالة. وفي عام 1956 أعلنت حكومة الوطني الإتحادي أن إتحاد عمال السودان منظمة غير شرعية ونرفض التعامل معه . ولم تكتف القوى الرجعية بمحاولات متعددة وفاشلة لكي تستولى على النقابات أو تحد من نشاط القوى التقدمية ولم تتوقف قيادة الوطني الإتحادي عن محاولاتها لوقف نشاط الحزب الشيوعي بل طلبت مساعدات مالية من بريطانيا لمحاربة الشيوعية في النقابات. كما أصدرت منشوراً مزوراً بإسم الحزب الشيوعي يهاجم الدين الإسلامي. وبعد إنتفاضة اكتوبر 64 وحصل الحزب الشيوعي ومرشحوه على أحد عشر مقعداً من خمسة عشر في قائمة دوائر الخريجين وأصبحوا الصوت المدافع والمنحاز لقضايا العمال والمزارعين والنساء والشباب وكافة القوى الوطنية، فزعت الرجعية وسعت بكل السبل لكي توقف هذا الزحف اليساري ونشط في هذا الإتجاه الإسلاميون (جبهة الميثاق) التي لم يكن لها دور في النضال ضد الإستعمار وظلت خبيئة بستار الأحزاب الرجعية وأستغلت الندوة التي تحدث فيها شاب زعم أنه ينتمي إلى الحزب الشيوعي أساء إلى بيت الرسول الكريم ورغم أن الحزب الشيوعي نفى أية علاقة له بذلك الشاب إلا أنهم عدلوا الدستور لأكثر من مرة حتى أخرجوا نوابه من الجمعية التأسيسية ومنعوهم من ممارسة أي نشاط علني. ولم تكن هذه أولى تجارب الحزب الشيوعي ولم يمارس نشاطاً علنياً إلا بعد أن أبلى بلاء حسناً في إنجاح ثورة اكتوبر ولكن حل الحزب الشيوعي كان عليهم أمراً مستحيلاً وعصياً على التنفيذ فالحزب لم يكن عقدة تحل أو أمراً يزعن إليه كي ينطوي في ذمة النسيان. بل ظل يناضل عبر تجاربه وخبراته عميقاً في أفئدة شعبه وعضويته وسيظل كذلك حتى ينجح ثانية في إرساء قواعد الحركة الديمقراطية وسلطتها التقدمية. في هذا الشأن كتب الشهيد عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي مخاطباً وزير الداخلية نافياً علاقة الحزب بذلك الطالب.. السيد/ وزير الداخلية بعد التحية، إستمعنا اليوم إلى بيان سيادتكم حول ما دار في الندوة التي إقيمت بالمعهد العالي للمعلمين مساء الثامن من هذا الشهر ونرجو أن نبدي الآتي : أولاً : إن الطالب الذي تحدى مشاعر المواطنين في تلك الندوة ليس عضواً في الحزب الشيوعي السوداني. ثانياً : إن ما جاء على لسان الطالب يقابل من جانبنا بالإستنكار التام والإشمئزاز. ثالثاً : إن الحزب الشيوعي السوداني يحترم عقائد السودانيين ويحترم الإسلام بصفة خاصة. ولا يمكن للحزب الشيوعي أن يسمح بالإساءة إليه فهو الدين الحنيف الذي تؤمن به أغلبية شعبنا وهذه الحقيقة ثابتة في دستور الحزب الشيوعي الذي صدر قبل ستة أشهر من هذا التاريخ ويود الحزب الشيوعي أن يؤكد أن صفوفه تمتلئ بالمسلمين وبإصحاب الديانات الأخرى. ..سيادة الوزير دفعنا بإرسال هذا الخطاب إليك حرصنا على سيادة النظام والقانون ومصالح بلادنا العليا التي يجب أن توضع فوق كل إعتبارات حزبية أو سياسية وننتهز هذه الفرصة أن نتوجه إلى كل القوى الشعبية الملتفة حول الحزب الشيوعي بأن تحافظ على الهدوء وتتحلى بضبط النفس0 حفظ الله السودان المستقل الديمقراطي توقيع عبد الخالق محجوب عثمان
12-30-2010, 07:59 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
Quote: في هذا الشأن كتب الشهيد عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي مخاطباً وزير الداخلية نافياً علاقة الحزب بذلك الطالب.. السيد/ وزير الداخلية بعد التحية، إستمعنا اليوم إلى بيان سيادتكم حول ما دار في الندوة التي إقيمت بالمعهد العالي للمعلمين مساء الثامن من هذا الشهر ونرجو أن نبدي الآتي : أولاً : إن الطالب الذي تحدى مشاعر المواطنين في تلك الندوة ليس عضواً في الحزب الشيوعي السوداني. ثانياً : إن ما جاء على لسان الطالب يقابل من جانبنا بالإستنكار التام والإشمئزاز. ثالثاً : إن الحزب الشيوعي السوداني يحترم عقائد السودانيين ويحترم الإسلام بصفة خاصة. ولا يمكن للحزب الشيوعي أن يسمح بالإساءة إليه فهو الدين الحنيف الذي تؤمن به أغلبية شعبنا وهذه الحقيقة ثابتة في دستور الحزب الشيوعي الذي صدر قبل ستة أشهر من هذا التاريخ ويود الحزب الشيوعي أن يؤكد أن صفوفه تمتلئ بالمسلمين وبإصحاب الديانات الأخرى. ..سيادة الوزير دفعنا بإرسال هذا الخطاب إليك حرصنا على سيادة النظام والقانون ومصالح بلادنا العليا التي يجب أن توضع فوق كل إعتبارات حزبية أو سياسية وننتهز هذه الفرصة أن نتوجه إلى كل القوى الشعبية الملتفة حول الحزب الشيوعي بأن تحافظ على الهدوء وتتحلى بضبط النفس0 حفظ الله السودان المستقل الديمقراطي توقيع عبد الخالق محجوب عثمان
الشـهـيـد عـبـد الـخـالـق مـحـجــوب
12-30-2010, 08:36 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
الاخ فيصل سلام بخصوص اسم الكتاب ذكر د/ محمد سعيد القدال في كتابه (( كوبر ذكريات معتقل في سجون السودان )) اصدار الشركة العالمية للطباغة والنشر انهم حين اقاموا فصول لتعليم اللغات (الانجليريه والالمانية والفرنسية والروسية) فاجاهم مدير السجن احمد صالح بشير قائلا :أيه الحكاية كوبر بقي جامعة احسن نسميه كوبرهاجن. وشكرا ليك لااشراكنا في هذه المتعة
12-31-2010, 08:47 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
قضية الجنوب : ومن بين قرارات مايو (في ايامها الأولى وبالتحديد في التاسع من يوليو 1969م أعلن نميري الحكم الذاتي الإقليمي للجنوب وكانت هي المرة الأولى التي تقدم فيها حكومة وطنية حلاً جذرياً لمشكلة الجنوب وقد جاء القرار منسجماً مع ما أدلى به الحزب الشيوعي السوداني حينما كان في بداية نشاطه السياسي بإسم الجبهة المعادية للإستعمار حيث ورد في برنامج الجبهة في إجتماعها مساء الثلاثاء الموافق 21 سبتمبر 1954م أي قبل سنتين من الإستقلال، في ذلك الإجتماع ورد ما يلي : ترى اللجنة التنفيذية للجبهة المعادية للإستعمار أن حل مشكلة الجنوب يتم على الأساس التالي : تطوير التجمعات القومية في الجنوب نحو الحكم المحلي الذاتي في نطاق وحدة السودان. إن موضوع مشكلة الجنوب يشكل مسألة هامة وعاجلة في حياتنا السياسية اليوم، حتى أصبح موضوعاً خطيراً على وحدة البلاد وعلى حرية إخواننا الجنوبيين، إن الحقيقة التي نهتدي بها لحل هذه المشكلة هي حقيقة وجود قوميات متعددة في بلادنا. ففي الجنوب توجد القوميات الزنجية وفي الشمال النوبية وفي الشرق البيجاوية وفي الوسط والغرب العربية. إن تعدد القوميات هذا قد خلق فوارق في التقدم بينها والذي يحدث دائماً هو أنه في حالة نمو بعض القوميات كما يحدث في حالات الاستقلال الوطني فإن هذه القوميات لا تتمكن من مجارات الظروف الجديدة إلا بقيام حكم محلي ذاتي لها يكون قريباً من مشاكلها فيستطيع حلها ويعمل لتطوير المناطق بما له من دراية بشئونها وعاداتها. ولقد كان قيام الحكومات المحلية في كثير من أنحاء السودان حاجة ضرورية لتطوير تلك الأنحاء التي تمشي مع التطور العام في البلاد . إن المشكلة الناشئة في جنوب السودان مردها إلى حقيقة أن تلك القوميات كانت تعاني تأخراً شديداً في الفترة الماضية. وقبل ستين عاماً كان أهلها يؤخذون ليباعوا في سوق الرقيق وقد ساعد الإستعمار البريطاني الذي يعمل وفق سياسة (فرق تسد) ساعدها على تركها على تأخرها حتى يستغل تلك الفوارق بإطالة أمد بقائه. إننا نواجه هذه المشكلة بهذه الحقيقة، ونرى أن حلها يكون بإعطاء القوميات الجنوبية المتطلعة للتقدم الآن، إعطاءها الإختيار في وضع مشاكل إداراتها الداخلية في حدود القطر الواحد السوداني سواء أن يكون هذا الشكل حكومات محلية أو حكومات ذاتية لها برلماناتها الخاصة وحكامها الخاصون . إن نظام الحكم الذاتي ليس جديداً بل هو موجود في دول متعددة ، كما نعلم وهو لا يعني إضعاف الصلة بين اجزاء القطر الواحد ، بل على العكس فهو يقويها لأنه مشكلة يستعصى حلها من دون ذلك، والحكومات الذاتية في داخل القطر الواحد تختص بمعالجة المشاكل الداخلية ولكنها تمثل في (البرلمان العام المركزي) أيضا ، وتخضع لدستور البلد الواحد الذي يكفل وحدة القطر وسلامته والمحافظة على تقدمه . ونحن حينما نقدم هذا المبدأ لحل مشكل الجنوب ، نقر بأن الوضع الحالي لقوميات الجنوب ليس مدروساً لدينا ، ولا لدى غيرنا في العاصمة وأن دراسته تقتضي الذهاب إلى هناك أو أن تجئ هي من هناك ولكن نرى أن هذا المبدأ للحل هو المبدأ السليم بل هو المبدأ الوحيد وتطبيقه يعتمد على الظروف. فإذا كانت ظروف قومية واحدة، أو عدة قوميات في الجنوب ورغبة أهلها تقتضي قيام حكم محلي أو ذاتي فلهم الحق في ذلك. كذلك نقر بأنه ليست لدينا وجهة نظر محددة عن الموقف بين القوميات السودانية الأخرى في الشمال والشرق إلا أنه مما يبدو لا توجد مشكلة حالية بالنسبة لها. ولكننا من ناحية المبدأ لا ننكر أنه إذا جاء وقت حتى ولو كان بعد الإستقلال بفترة طويلة واقتضت ظروف هذه القوميات نوعاً معيناً من الحكم الداخلي فيجب أن ينفذ. إننا نرى بأن الأحزاب الأخرى لا تعالج موضوع الجنوب على ضوء هذه الحقيقة العلمية. وفي هذا خطورة على وحدة البلاد أو على مصير هذه القوميات المختلفة. ونحن نرى أن الإستعمار قد سبب ولا يزال يسبب فتناً في الجنوب ولكن هذا وحده ليس بالتحليل للموقف. إذ أن الاستعمار لم يفعل هذا وينجح فيه إلا لأنه إستغل القوميات المختلفة وأستغل موقف الأحزاب الخاطئ إزاء المشكلة مما قسم بعض الجنوبين وراء شعاراتها المختلفة وترك أغلبية الجنوبيين فريسة للحيرة واليأس. إن وحدة الجنوبيين يمكن أن تصان في حدود إقرار حقهم في إختيار نوع الحكم الداخلي الذي يريدونه وعلى إثر ذلك تتحطم مؤامرات الإستعمار وأذنابه لإضعاف وحدة البلاد السياسية. (إنتهى) ونحن هنا نشير إلى هذه الدراسة والمبادرة التي قامت بها الجبهة المعادية للإستعمار ونضعها تذكرة للذين يدعون أنهم بادروا لحل قضية الجنوب إتكاءً على إتفاقية نيفاشا.
12-31-2010, 08:50 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
Quote: الرحمه و المغفره الى خليل الياس فالرحمه والمفغره للوالده الحاجه إقبال حرم خليل الياس فهى أيضاً تستحق أن يُُكتب عنها كتاب لجلدها وصبرها وكفاحها ,, والرحمه والمغفره للإبن طارق خليل الياس
اللهم أغفر لهم و ارحمهم و اعفو عنهم و أكرمهم - اللهم وسع مدخلهم و ادخلهم الجنة و غسلهم بالثلج و الماء والبرد - اللهم يمن كتابهم و هون حسابهم و لين ترابهم و ثبت أقدامهم و ألهمهم حسن الجواب - اللهم طيب ثراهم و اكرم مثواهم واجعل الجنة مستقرهم و مأواهم - اللهم نور مرقدهم و عطر مشهدهم و طيب مضجعهم - اللهم آنس وحشتهم و ارحم غربتهم و قهم عذاب القبر و عذاب النار - اللهم نقهم من خطاياهم كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس - اللهم فسح له في قبرورهم و اجعلهم روضة من رياض الجنة و لا تجعلهم حفرة من حفر النار - اللهم انقلهم من ضيق اللحود و القبور إلى سعة الدور و القصور مع الذين أنعمت عليهم من الصديقين و الصالحين والشهداء - اللهم اجعل لهم من فوقهم و من تحتهم و من أمامهم و من خلفهم و عن يمينهم و عن يسارهم نورا من نورك يا نور السماوات و الأرض - اللهم أبدلهم دارا خيرا من داره و أهلا خيرا من أهلهم و أزواجا خيرا من أزواجهم واسكنهم فسيح جناتك في الدراجات العلي آمين - اللهم إن كانو قد أحسنو فزدهم في إحسانهم و إن كان قد أساءو فتجاوز عن إساءتهم - يا أكرم من سئل و يا أوسع من جاد بالعطايا … خفف أحمالهم و حط من أوزارمه واجعلهم في مقام من قام لك بالقرآن أناء الليل و أطراف النهار - اللهم كن لهم بعد الحبيب حبيبا و لدعاء من دعا له سامعا و مجيبا و اجعل له من فضلك و رحمتك و جنتك حظا و نصيبا - اللهم من أحييته منا فأحييه على الإيمان و من توفيته منا فتوفه على الإسلام - اللهم إنا نسألك توبة قبل الموت و راحة عند الموت و مغفرة بعد الموت - اللهم اجعل لنا عملا يؤنسنا في قبرنا إذا أوحشنا المكان و لفظتنا الأوطان و فارقنا الأهل و الجيران - اللهم هب لنا نفوسا مطمئنة تؤمن بلقائك و ترضى بقضائك تقنع بعطائك - اللهم أغفر لحيينا و ميتنا و شاهدنا و غائبنا و صغيرينا و كبيرنا و جميع موتى المسلمين و المسلمات الذين شهدوا لك بالوحدانية و لنبيك بالرسالة و ماتوا على ذلك - اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها و اجعل خير أيامنا يوم لقائك - سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين - و صلي الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
Quote: الاخ فيصل سلام بخصوص اسم الكتاب ذكر د/ محمد سعيد القدال في كتابه (( كوبر ذكريات معتقل في سجون السودان )) اصدار الشركة العالمية للطباغة والنشر انهم حين اقاموا فصول لتعليم اللغات (الانجليريه والالمانية والفرنسية والروسية) فاجاهم مدير السجن احمد صالح بشير قائلا :أيه الحكاية كوبر بقي جامعة احسن نسميه كوبرهاجن. وشكرا ليك لااشراكنا في هذه المتعة
الاستاذ محجوب على سلام شكرا على الحضور وعلى المعلومه لك التحيه
12-31-2010, 04:35 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
وينعقد مهرجان الشباب والطلاب العالمي مرة كل عامين بمبادرة من اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي ويشترك فيه الشباب من كل البلدان بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية والعقائدية لدعم الجهود العالمية في سبيل سلم دائم وديمقراطية شعبية وتقدم اجتماعي، وقد حرصنا خلال التحضير لهذا المهرجان علي إشراك العديد من المنظمات والشخصيات الوطنية لتحقيق أهدافه. ورحب الأستاذ بابكر عوض الله وقبل رئاسة اللجنة القومية للتحضير لهذا المهرجان، وجذب المهرجان اقساماً كثيرة من شباب الأحزاب التقليدية وكانت قياداته تهاجم هذه المهرجانات وتتهمها بأنها واجهة للدعاية الشيوعية ولكن شباب تلك الأحزاب الذي اقتنع ببرنامج المهرجان وأهدافه مارس ضغطاً شديداً علي قيادته مما أضطرها للموافقة علي اشتراكهم، وانضم إلى الوفد مجموعة من حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي بل أن زعيمهم الشريف حسين الهندي وزير المالية آنذاك تبرع للاتحاد بطائرتين لنقل مجموعة من أعضاء الوفد، أما منظمة الشباب الوطني رافد جبهة الميثاق الإسلامي فقد أعلنت مبكراً معارضتها للمهرجان ووصفته بأنه مجرد دعاية للشيوعيين فعزلت نفسها وكانت منظمة الشباب الوحيدة التي لم ندعوها للمشاركة. وكان الأستاذ بابكر عوض الله في ذات الوقت مرشح الجبهة الاشتراكية لرئاسة الجمهورية واتسعت حركة الشباب في القرى والمدن والأقاليم وتوافد مئات الشباب لعضوية الاتحاد مما مكنه من تنفيذ الكثير من برنامجه في العمل التطوعي وإنشاء مراكز صحية واجتماعية وحملات واسعة لمحو الأمية، من أجل ذلك وقفنا خلف السلطة الجديدة بكل ثقة وثبات وحينما تنكرت لبرنامجها وأدارت ظهرها وقفنا بذات الصمود والثبات ضدها مساهمين مبادرين في إسقاطها .
12-31-2010, 05:08 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
Quote: في هذا الشأن كتب الشهيد عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي مخاطباً وزير الداخلية نافياً علاقة الحزب بذلك الطالب.. السيد/ وزير الداخلية بعد التحية، إستمعنا اليوم إلى بيان سيادتكم حول ما دار في الندوة التي إقيمت بالمعهد العالي للمعلمين مساء الثامن من هذا الشهر ونرجو أن نبدي الآتي : أولاً : إن الطالب الذي تحدى مشاعر المواطنين في تلك الندوة ليس عضواً في الحزب الشيوعي السوداني. ثانياً : إن ما جاء على لسان الطالب يقابل من جانبنا بالإستنكار التام والإشمئزاز. ثالثاً : إن الحزب الشيوعي السوداني يحترم عقائد السودانيين ويحترم الإسلام بصفة خاصة. ولا يمكن للحزب الشيوعي أن يسمح بالإساءة إليه فهو الدين الحنيف الذي تؤمن به أغلبية شعبنا وهذه الحقيقة ثابتة في دستور الحزب الشيوعي الذي صدر قبل ستة أشهر من هذا التاريخ ويود الحزب الشيوعي أن يؤكد أن صفوفه تمتلئ بالمسلمين وبإصحاب الديانات الأخرى. ..سيادة الوزير دفعنا بإرسال هذا الخطاب إليك حرصنا على سيادة النظام والقانون ومصالح بلادنا العليا التي يجب أن توضع فوق كل إعتبارات حزبية أو سياسية وننتهز هذه الفرصة أن نتوجه إلى كل القوى الشعبية الملتفة حول الحزب الشيوعي بأن تحافظ على الهدوء وتتحلى بضبط النفس0 حفظ الله السودان المستقل الديمقراطي توقيع عبد الخالق محجوب عثمان
عزيزى فيصل ....مسكاقنا
كل سنه انته والعائله الكريمه بألف خير هذا الكلمات ارجعتنى الى تلك الايام العصيبه فى تأريخ الحياه السياسيه فى السودان وجو التوتر والتعصب والهوس الذى ساد طوال تلك الفتره . فى خلال تلك الايام وقف الشهيد عبد الخالق محجوب فى احدى الليالى السياسيه وقال:ـ ( الى متى تظل راية الدين فى ايدى القوى الرجعيه.. على القوى التقدميه ان تنتزع تلك الرايه وتجعل منها راية تقدميه)
مؤتمر وزراء الشباب العرب 1969م كانت أول مشاركة لإتحاد الشباب في وفد حكومي، ولما كان المؤتمر خاصاً بالشباب فقد رشحت سلطة مايو إتحاد الشباب السوداني ليكون ضمن الوفد الوزاري لحضور المؤتمر في القاهرة، وكان من المفترض أن يكون الدكتور منصور خالد وزير الشباب والرياضة رئيس الوفد ، إلا أن جعفر نميري أبقاه ليصحبه إلى جمهورية كوريا الديمقراطية، تلبية لدعوة تلقاها من كوريا، ورشح خلفاً له أحمد عبد الحليم وكيل وزارة الشباب والرياضه، وكنت العضو الثاني ممثلاً لإتحاد الشباب السوداني. وعند هبوط الطائرة في مطار القاهرة طلب قائد الطائرة من المسافرين البقاء في مقاعدهم حتى ينزل الوفد الوزاري أولاً.. وكانت تلك أولى تجاربي في وفد حكومي رسمي، وبقيت مع الآخرين بالطائرة، وكان أحمد عبد الحليم بالدرجة الأولى . ورغم أنني عضو الوفد الوزاري إلا أن موظفي الوزارة استخرجوا لي تذكرة بالدرجة السياحية، فغادرت الطائرة مع بقية المسافرين، ولم ينتبه (رئيس) الوفد لوجودي بالدرجة السياحية، فنزل منفرداً ولم يلحظ أنني لم أكن برفقته. كان في إستقبال الوفد الوزاري الاستاذ محمد أبو العز وزير الشباب المصري وكبار موظفي الوزارة وبصحبتهم طفلتان تحملان باقتين من الزهور واحدة لرئيس الوفد وأخرى للعضو، ولما لم أصاحب أحمد عبد الحليم إعتقدوا أن عضو الوفد قد تأخر فعادت الطفلة حزينة لأنها لم تحظ بالتصوير خلال تقديم باقة الزهور. وفي طريقهم إلى غرفة كبار الزوار إنتبه أحمد عبد الحليم بأنني غير موجود فعاد المستقبلون وكنت قد ترجلت خلفهم فأعتذروا إعتذاراً شديداً وسبب ذلك بعض الحرج ولكني بسطت الأمر ودخلت معهم غرفة كبار الزوار. في ذات الوقت كانوا ينتظرون الرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر عضو مجلس قيادة الثورة قادماً في مهمة تتعلق بإنشاء الرقابة العامة مستفيداً من خبرة المصريين في هذا الشأن. وعند دخوله غرفة كبار الزوار إندفع نحوي في عناق ودي لفت أنظار المستقبلين وأدهشهم أكثر أننا جلسنا منفردين نتجاذب اطراف الحديث في بساطة وإرتياح. فقد ربطتني بالرائد عابدين علاقة خاصة قبل إنقلاب 25 مايو وكان آخر لقاء لنا خلال التحضير لمهرجان الشباب والطلاب العالمي حيث قدم لنا بعض المقترحات حول إختيار الفنانين الذين أردنا ضمهم إلى الوفد، وأخذنا بملاحظاته في الإعتبار. وظللنا ندردش مع بعض لفترة طويلة بعيداً عن الآخرين، كان بين كبار موظفي الإستقبال (ج.ن) لم يصدق أن عضو مجلس قيادة الثورة الذي يجلس معي بهذه الطريقة الوديه يخاطب شخصاً عادياً، وراح بعيداً في تفكيره إعتقاداً منه أنني عضو مجلس قيادة الثورة السري وظل يلاحقني ليفيدني بأن له دراسات عن حركة الشباب والطلاب يود تطبيقها في السودان وأنه يرغب في الإلتحاق بوزارة الشباب، قلت له إننا نرحب دائماً بخبرات أشقائنا المصريين ولكن إستيعابك في وزارة الشباب شأنً من إختصاص الاستاذ أحمد عبد الحليم وكيل الوزارة أما أنا فليست لي علاقة إدارية بالوزارة وإنما جئت ممثلاً تنظيماً شعبياً، لكنه لم يستوعب تلك الحقيقة فظل يطاردني طيلة فترة إنعقاد المؤتمر ويؤكد لزملائه بأنني شخص متواضع إذ كيف يصعب على عضو في مجلس قيادة الثورة أن يلحقني بوزارة الشباب.. ويبدو لي أن احمد عبد الحليم بشئ من (تحايله) قد زاد قناعته لينجو من (الورطة) وظل (ج.ن) يلاحقني في الفندق وأنا أكرر له أنني أمثل تنظيماً شعبياً فيرد علي بإعجاب وإنفعال شديدين (أصلو حلاوتك في تواضعكو ده..!) وأخيراً وبعد محاولات يائسة معي إتجه إلى وزير الشباب الكويتي وأذكر أنني كنت يوماً عائداً من وسط القاهرة بعد الظهر فوجدته وبعضاً آخر من كبار الموظفين في بهو الجامعة العربية حيث ينعقد المؤتمر يجلسون في شكل دائري وأمامهم وزير الشباب الكويتي وكأنه مدرس يلقي درساً على تلاميذه أستفزني ذلك المشهد وهو جالس على مقعده رجلاً فوق رجل وأستفذني أكثر أن كان بينهم باحث عالم كانت إحدى أوراقه في جدول أعمال المؤتمر، وبعد التحية جلست بجانب الوزير ووضعت بدورى رجلاً على رجل وواصل حديثه قائلاً أنا مثلاً رئيس نادي رياضي في الكويت النادي المنافس طلب مني مساعدة 50 الف دينار صدقت له بالمبلغ وعندما علم فريقي بذلك طلبوا 50 الف دينار أسوة بالنادي الآخر فما كان مني إلا أن رفضت طلب الأول والثاني. فقال الأستاذ الباحث (…….) والله هذا عين الصواب يا سعادة الوزير! فزادني إنفعالاً وقلت للوزير والله هذا عين الخطأ ماذا يحدث لو صدقت بمبلغ 100 الف دينار وأنت المسؤول عن الشباب والرياضة وماذا يعني هذا المبلغ لدولة بترولية مثل الكويت؟ فلم يعجبه تعليقي وانتفض من مقعده وتغطى بالشال وتهندم بالعباءه وأنصرف فعتب علي الاستاذ (…..) قائلاً : ليه يا أستاذ الياس ده حنا خلاص طببنا الوزير وكنا حنروح الكويت سنة سنتين..؟ قلت له يا أستاذ : مش حرام عليكم تتركوا عبد الناصر محروماً من هذه القدرات؟ علمت أخيراً بأن الخبير (ج.ن) قد تم إختياره وألحق بوزارة الشباب والرياضة ويبدو أنه قد أقنع أحمد عبد الحليم. بتنفيذ برنامجه للشباب والرياضة.
01-01-2011, 07:50 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
في أيام مايو الأولى أدخلت تقاليد جديدة في البروتوكولات أصبح الوفد الرسمي لرئيس مجلس قيادة الثورة يتكون من بعض المنظمات الجماهيرية إضافة إلى المسؤولين الآخرين من أعضاء المجلس ووزراء ووكلاء وزارات وكانت تلك بداية خبيثة وغير معلنة لاحتواء المنظمات الجماهيرية التي فشل المنشقون في تطويعها لتكون تحت مظلة الوزراء المعنيين. بدأت أولى الرحلات الى جنوب كردفان وكنت وعبد الوهاب الشيخ نمثل اتحاد الشباب السوداني وكانت الاستقبالات رائعة ومشحونة بالحماس والتفاؤل وتعاقب الشعراء والخطباء بتجسيد تلك العواطف الحقيقية وبساطة أهل كردفان. جاءنا في استراحة كادقلي رجل قالوا انه شاعر يود مخاطبة الريس ببعض من شعره وكنت في تلك الرحلة أجمع كثيراً من مقولات وكلمات وردت في الاستقبالات فأشاروا إليه بمخاطبتي زاعمين له أنني سوف أبلغ الريس بما يدلي به. فوقف الرجل في حماس شديد وعفوية لا تخطئها العين ليقول :
النميري وكت دخل الدار الطير أم قم قم قدلت نهار الكديس خاف من الفأر والخائن ما جاب مرة جار وام ضريسة تاني ما بتطعن نعال يعيش النميري وفي (كورتاله) وقف أحدهم يهتف : في (كورتاله) نحي الثورة نحي رجاله… وواصل : يعيش النميري رئيس الوزراء.. أنا كنت مقفول ودوبا مفتاحي جا.. مقفول كيف البخسه البكما.. يعيش النميري.. وكان رجال الأمن المصاحبون لنميري يرصدون تلك اللقاءات ولكن بأفئدة تجافي الظن الحسن ودفعهم إلى ذلك محمود حسيب وزير المواصلات وهو من أبناء جنوب كردفان، كان يوجه نميري نحوي كلما رآني أقف مع المجموعات التي تحمل لافتات إتحاد الشباب السوداني مشيراً إليه بأن الشيوعيين أرسلوا من الخرطوم مجموعة لكي تحرض المواطنين ضد الثورة وكان هاشم العطا يجلس بالقرب من نميري في الصيوان فأوضح له أن ذلك الشخص هو رئيس إتحاد الشباب السوداني وهو عضو ممثل له في هذا الوفد وليس موفداً من الحزب الشيوعي كما ذكر الأخ محمود، ولكن النميري لم يحفل بتعليق هاشم العطا إذ أن المسافة بينه والشيوعيين بدأت تتسع وجاءني خلال ذلك اللقاء ضابط من جهاز الأمن المرافق وحاول إجراء تحقيق معي فرفضت وقلت له : إن كان لديك شأن معي عليك أن تستفسر من رئيس الوفد نميري، لأني عضو فيه، وكان بادياً على الضابط الضيق من تعليمات حسيب.. الذي طلب منه التحقيق وأنصرف ولم يحاول مرة أخرى، وحقيقة الأمر أنه كلما دخلنا قرية في جنوب كردفان نلاحظ لافتات كثيرة مكتوب عليها إتحاد الشباب السوداني يرحب برجال الثورة وشعارات مختلفة لتأييد الثورة والتضامن معها وحرصت على التعرف عليهم وتسجيل أسمائهم وعناوينهم لكي يتم الإتصال بهم وتسجيل فروعهم حتى تتواصل الصلات معهم من المركز وايفاد ممثل مصحوب بدستور الإتحاد وبرنامجه فقد نشأت هذه الفروع دون توجيه… وفي لقاء مع أحد الفروع هناك، عقدت إجتماعاً تعريفياً ودار بيننا نقاش طريف حول الإتحاد وعضويته وأهلية المنسوبين إليه، سألني شخص قيل أنه سكرتير المالية : ممكن واحد من حزب أمة يكون عضو؟ قلت نعم.. وممكن واحد من حزب الإتحادي؟ قلت نعم.. وممكن واحد ما عنده حزب يكون عضو؟ قلت نعم.. طيب ممكن شيوعي يكون عضو؟ قلت نعم.. فوقف منفعلاً قال الآن أنكشف الغموض في إتحاد الشباب السوداني.. وقبل أن ارد عليه أعلنوا عن تحرك الوفد إلى منطقة أخرى، فوعدتهم بعودتي أو أي زميل آخر يوضح لهم أهداف وبرنامج إتحاد الشباب السوداني. ولما تم اعتقالي سألوني عن القصيدة التي زعموا انها تسئ الي نظام مايو ولم يصدقوا ما دار مع ذلك الرجل البسيط وزعموا ان تلك الكلمات ليست هي التي سمعوها وأنني أخفيت كلاماً آخر يهاجم الثورة وأدى ذلك الاعتقاد الى استدعائي في جهاز الأمن والتحقيق معي لساعات طويلة، وسألوني عن الخائن والكديس وكأنهما كلمتان ترمزان إلى جعفر نميري، وكان التوتر والقطيعة بين الحزب الشيوعي والسلطة قد بلغت مرحلة تعذر معها التفاهم والاتفاق0 ولكن جعفر نميرى ظل يقترب من المنظمات الجماهيريه بتوجيه من المنشقين بدعوى أنه سيكسب هذه المنظمات لان معظمها يحاول الهروب من نفوذ عبد الخالق في تلك الرحلة الي جنوب كردفان وعند رجوعنا الي مدينة كادوقلي وفي ساعة الإفطار سألني زين العابدين محمد أحمد عبد القادر عضو مجلس قيادة الثورة- قائلاً : عبد الخالق عاوز مننا شنو؟ قلت لماذا؟ قال انه جاء الي هنا ووزع منشورات وانه رفض الاجتماع بنميري، سألته عن مضمون المنشورات أجاب بانه لم يطلع عليها، قلت له ربما كان فيها دعوة لتأييد ودعم للثورة اما فيما يختص برغبة نميري في الاجتماع به وعند عودتنا فسوف ابلغه بذلك ولا اعتقد أنه يرفض مثل هذا اللقاء.. أما ان عبد الخالق جاء الي كادوقلي لكي يوزع بنفسه منشوراً فهذا ما لم يحدث.. فأنت تعرف مقدرة الحزب الشيوعي في توصيل وثائقه للجماهير.. وبإمكانه عبر فروعه المختلفة أن يوزع أي منشور على نطاق القطر في يوم واحد وساعة واحدة حتى في غياب قيادته حينما يودعون في المعتقلات، ولا أخالك تجهل هذه الحقيقة فأنت صديق لعدد من الشيوعيين! وعند عودتنا الى الخرطوم بالقطار ذهبت مباشرة الي منزل عبد الخالق وكان برفقتي عبد الوهاب الشيخ عضو سكرتارية اتحاد الشباب السوداني، وجدنا معه بابكر كرار، فأستأذن منه وجلس معنا فأخبرته بما دار مع زين العابدين وعدم رغبته ?أي عبد الخالق في مقابلة نميري، لم يطنب في الحديث وقال : أنا عاوز خمسة دقائق فقط، ولكن بعض الأخوان هم الذين حالوا دون هذا اللقاء في إشارة واضحة إلى أحمد سليمان المحامي ومعاوية ابراهيم سورج وآخرين ممن خلعوا حياءهم والتزامهم الحزبي وسجدوا تحت أقدام نميري فصار يشغف بالاستماع إلى التهريج والكذب عن عبد الخالق الذي صاغه له المنشقون على نحو يغيب فيه عن الوعي وحين تفرغ كأسه ويلتمع في عينه الحقد والانتقام يتوعد بتصفية عبد الخالق وجماعته، ويؤكد له أحمد سليمان أنه بتصفية عبد الخالق محجوب ستنهار (الجماعة) و(سينحازون) إلى ثورة مايو. أما بقاؤه على قيد الحياة فهو الخطر الذي يحيق بمستقبل (الثورة) واحكموا حوله السياج كي لا يلتقي بعبد الخالق لأنهم يعلمون مدى تأثيره عليه وكشف كل أكاذيبهم ومؤامراتهم.
01-01-2011, 09:44 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
العزيز فيصل ورد الآتي في أحدى مداخلات أحد ضيوفك الأعزاء:-
Quote: Quote: الرحمه و المغفره الى خليل الياس فالرحمه والمفغره للوالده الحاجه إقبال حرم خليل الياس فهى أيضاً تستحق أن يُُكتب عنها كتاب لجلدها وصبرها وكفاحها ,, والرحمه والمغفره للإبن طارق خليل الياس
وأود هنا أن أصحح هذه المعلومة غير السليمة بخصوص رحيل صديقنا العزيز وأستاذنا خليل الياس! ,, خليل الياس حي يرزق وهو يداوم على كتابة مذكراته وذكرياته للأجيال الجديدة من خلال صحيفة الميدان، ويقيم حالياً مع إحدى كريماته بجده في أجازة يعود بعدها للسودان ,, متعه الله بالعافية.
الأستاذ خليل الياس من الآباء المؤسسين لاتحاد الشباب السوداني وقد تبوأ منصب رئاسة الاتحاد لأكثر من دورة وتم في فترة الحكم الديكتاتوري المايوي أن أنتخبته قيادة إتحاد الشباب السوداني في اتحاد الشباب العالمي (وفدي) ومقره بودابست ، وحدث أن إنطلقت حملة دولية قادتها المنظمات التي تتبع لهيئة الأمم المتحدة من أجل إطلاق سراح خليل الياس عندما أعتقلته السلطات المايوية بسجن كوبر لفترة طالت، إضطر النظام بعدها لأطلاق سراحه بعد اتساع حملة التضامن معه.
_________________
شنو يافيسل! ,, إنت عاوز تنزل الكتاب كلو ولا شنو الحكاية؟!.
مهرجان الشباب في الجنوب 1970م: وتوجنا تلك المناشط باقامة مهرجان للشباب في الإقليم الجنوبي بمناسبة مرور عام علي قرار 9 يونيو الذي أعطي جنوب السودان الحكم الذاتي الإقليمي وكان حدثاً هاماً اشترك فيه ممثلون لمنظمات الشباب العالمية وقدمت دعماً كبيراً من البعثات الدراسية والمعدات الطبية والموسيقية وخلافها، وأعلنت استعدادها لاستقبال وفد (نميري) إلى شرق أوربا. وكانت تلك هي المرة الأولى التي ينعقد فيها مهرجان للشباب و الطلاب في الجنوب مما أكسب إتحاد الشباب السوداني ثقة أشقائنا هناك، وإنخرطوا في صفوف الإتحاد في كل المديريات الجنوبية وحضره عدد من المعارضين من أبناء ذلك الإقليم وأنفعل بعضهم من قياديين الذين عادوا خصيصاً لحضور المهرجان حينما شاهدوا الشباب والشابات وهم يؤدون نماذج متعددة من المناشط التي نجح في إعدادها الدكتور حسن أبو جبل، بل إن أحد القياديين العائدين وقف بإنفعال شديد في منصة المهرجان فقال: إن ما يشاهده هنا يؤكد قدرة أبنائنا على الإستيعاب والتآخي مع أشقائنا في الشمال وإنني عائد إلى الغابة لكي نعد أنفسنا للعودة والمشاركة في تنمية البلاد وتطورها. وكان قد أعجبه العرض الرياضي الذي تم بصورة ممتازة، وفي أيام قليلة بفضل المجهود الذي بذله الرياضي المرموق الدكتور حسن أبو جبل. وظل النظام يشرك الاتحاد والنقابات واتحادات المعلمين وخلافها في كل الوفود الرسمية التي طافت أقاليم السودان والدول الأوربية في شرق أوربا وجمهورية كوريا الديمقراطية في محاولات خبيثة لكي يستقطب التنظيم ويصبح أداة رهينة ارادة السلطة خاضعا لتوجيهات وتسيير الوزراء المعنيين …. وعندما تعذر ذلك أنشأ تنظيما أسماه (كتائب مايو) في محاولة لخلق مركز مناوي ولكن التنطيم ولد ميتا وانفض الشباب من حوله ومع ذلك أبدينا كل استعداد للتعاون في تنفيذ أي برنامج مشترك يعود بالنفع ، ولكنهم باتوا يرددون أن اتحاد الشباب السوداني (يظل تنظيما للصفوة)، ويبقي تنظيم كتائب مايو تنظيماً واسعاً ليستوعب الشباب من مختلف الاتجاهات بما في ذلك أعضاء الاتحاد وهو أمر بادر به اتحاد الشباب السوداني وضمنه دستوره منذ تأسيسه ولم يمانع في استقطاب كتائب مايو عضواً فيه إن رغبوا وتتسع بذلك حركة الشباب وتتعدد منابرها وبرامجها وذلك اقتناعاً منا بأن تنظيم الاتحاد لم يستوعب كل القوي الشابة وان فرصاً متوفرة للاستجابة إلى هذه القوي وفقاً لاهتماماتها المتعددة والتي لا يمكن أن يستوعبها تنظيم واحد.
01-02-2011, 10:44 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
Quote: خليل الياس من الآباء المؤسسين لاتحاد الشباب السوداني وقد تبوأ منصب رئاسة الاتحاد لأكثر من دورة وتم في فترة الحكم الديكتاتوري المايوي أن أنتخبته قيادة إتحاد الشباب السوداني في اتحاد الشباب العالمي (وفدي) ومقره بودابست ، وحدث أن إنطلقت حملة دولية قادتها المنظمات التي تتبع لهيئة الأمم المتحدة من أجل إطلاق سراح خليل الياس عندما أعتقلته السلطات المايوية بسجن كوبر لفترة طالت، إضطر النظام بعدها لأطلاق سراحه بعد اتساع حملة التضامن معه.
_________________
شنو يافيسل! ,, إنت عاوز تنزل الكتاب كلو ولا شنو الحكاية؟!.
عزيزنا الغالى حسن الجزولى
اولا:ـ تعاملت مع المداخله على اساس حسن نية اخونا المتداخل فى نقل الاقتباس من مداخله اخرى بطريقه غير مقصوده ثانيا:ـ مشكور على الاضافه الغنيه ثالثا:ـ سيتم نقل الكتاب استجابة لرغبة المتداخلين من الاعضاء او المتابعين من الشباك لك الود والتقدير
01-02-2011, 11:09 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
Quote: ثالثا:ـ سيتم نقل الكتاب استجابة لرغبة المتداخلين من الاعضاء او المتابعين من الشباك
يا فيصل عندما سألتك كنت ممازحاً باعتبار أن ردك سيكون أنك ترغب في نقل أهم الفصول لتعريف القارئ بسفر الأستاذ خليل الياس وهو أمر محمود ولا غضاضة عليه ,, ولكن أن تعلن بأنك ماضي في نقل الكتاب إستجابة (لرغبة) المتداخلين فهذا والله عين الخطأ! ,, هل استأذنت من صاحب أو ناشر هذا العمل؟ من الذي أعطى المتداخلين الحق في أن يرغبوا في قراءة هذا العمل بسودانيس أون لاين؟ الكتاب يا فيصل لم تنفذ طبعته الأولى بعد حسب علمي,, وحسب علمي فإن هذا النشر على النت ربما يعرضك لمسائلات - حتى وإن لم تحدث - فأنت قد جنيت على الأستاذ خليل الياس وعلى حقوقة من حيث لا تدري! تحياتي
01-02-2011, 08:04 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
دكتور حسن الجزولي يا وغد هرشتني لكن اشكرك على حرصك لحقوق استاذنا خليل الياس.نحن ما نقلنا الكتاب لي هنا الا بعد تاكدنا بان الاستاذ خليل الياس خص بهذه النسخة قرآ النت . المهم درسك كان كويس و حنستفيد منو قبل ما نخمش اي حاجة من النت.
____ كيتن فيك ماشي اجيب Palinka ما تقول لي في سرك ان شاء ما تنفعك
01-02-2011, 09:09 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
مع نميري في شرق أوربا يونيو 1970م وواصل نظام مايو تقليداً بروتوكولياً غير مسبوق باشراك المنظمات الجماهيرية في الوفود الرسمية التي زارت الأقاليم والبلدان الاشتراكية واستثني في تلك الأيام (رومانيا) لموقفها الموالي لإسرائيل. كنت بين الوفد الذي زار كلاً من يوغسلافيا-بلغاريا- تشكوسلوفاكيا-بولندا-المجر-ألمانيا واستقبل الوفد استقبالاً رائعاً واعدت لمندوب كل منظمة جماهيرية برامج خاصة للوقوف علي مناشط المنظمة المقابلة وانهالت المساعدات بقدر كان من الممكن أن يسهم بشكل إيجابي في تطوير برامج متعددة إن هي استجيب لها من قبل السلطة. اذكر أن شباب ألمانيا الديمقراطية تبرع بإنشاء قري نموذجية في المديريات الجنوبية ومجمع معاهد لتدريب كوادر فنية ومراكز صحية. وكذلك تبرع الشباب السوفيتي الذي أعد وفداً لزيارة جنوب كردفان لحفر آبار لمياه الشرب وإنشاء حظائر للماشية والدواجن ومصنع أعلاف وتدريب عدد من أبناء المنطقة بمختلف المهن الفنية كذلك أبدت منظمات أخرى إستعدادها لتنفيذ مشروعات تقدم لها دراسات جدوى وطلبوا فقط إستعجال تلك الدراسات ووعدوا بإيفاد فنيين وإخصائيين للمساعدة في التحضير. ولكن الحساسية التي بدأت تتعاظم ضد الشيوعيين والشيوعية حرمت البلاد من مساعدات كثيرة قدمتها منظمات الشباب في البلدان الاشتراكية مثل إنشاء قري نموذجية في الجنوب ومراكز حديثة لمحو الامية ومستوصفات صحية الي جانب المنح الدراسية التخصصية في الطب والهندسة وخلافه. وكان الطلاب السودانيون في تلك البلاد في لقاءاتهم مع الوفد يوجهون اسئلة محرجة للرئيس نميري عن اسباب اعتقال عبد الخالق محجوب في الوقت الذي يضم فيه الوفد المرافق مجموعة من اعضاء الحزب الشيوعي،ولم يكن رده مقنعاً وفي كثير من الاحيان يضيق بالسؤال ويتجاهله وظل الطلاب في كل البلدان الاشتراكية يلاحقونه بالأسئلة مستنكرين تنكر (ثورة مايو) للدعم الذي وجدته من الشيوعيين والقوي الديمقراطية والطبقة العاملة. وكان احياناً يردد ما لقنه له المنشقون عن الحزب الشيوعي بأنه ليس ضد الشيوعيين وانما ضد جماعة عبد الخالق الذين وصفهم بالثورة المضادة وان سلطته لا تزال بها كوادر من الحزب الشيوعي، ويشــــير بذلك الى احمد سليمان ومعاوية ابراهيم سورج وآخرين.
01-02-2011, 10:24 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
في ذلك اليوم كنت ضيفاً علي منظمة الشباب البلغاري في الريف خارج العاصمة صوفيا في مدينة (بلوفدوف) عدت منها مباشرة الى المطار. وعندما اقلعت الطائرة وكانت طائرة خاصة ومعدة بكراسي في شكل يمكن من الجلوس في شبه دائرة، جاءني (منير حمد أمين عام مجلس قيادة الثورة وكان ضابطاً بالقصر ومرافقاً لنميري) جاء يخطرني بأن (الرئيس) يود لقاءك. تحركت الي مقدمة الطائرة وجلست مقابلاً له، بادرني بالقول انت لم تشهد المشاكل التي بدرت من الطلاب وأنا قررت فصلهم واعادتهم الي السودان فوراً. وقد لاقي ذلك القرار استحساناً من أعضاء الوفد مرددين: قرار ثوري يا ريس!! وكنت قد علمت ذلك من أحد أعضاء الوفد. قلت لنميري: الطلبة في بلغاريا، قال أيوة!! الكانوا في المظاهرة والقاعدين في الداخليات؟ قال: ايوة، قلت له: نحن يا ريس جينا هنا وخلينا في المحطة الوسطي اكثر من ميتين طالب بدون عمل او دراسات جامعية، وبلغاريا فيها الليلة اكثر من اربعمائة طالب وفيهم واحدين في السنوات النهائية. لما يرجع عدد زي دية يعني الثورة حتكسب غضب اربعمائة والد واربعمائة والدة وجيران واصدقاء ومعارف؟ تستغلها الثورة المضادة!! وسؤال ثان يا ريس هل استفسرت عن الاسباب اللي خلت الطلبة ديل هايجين؟ قال: ابداً!! قلت له: إن هؤلاء الطلاب حريصون علي استمرار الثورة ولكي يتم ذلك انهم بالتأكيد يودون التزامها بما طرحت من شعارات وبرامج وليسوا هم ثورة مضادة. اضافة الي اننا نحتاج لكثيرين منهم الاطباء والمهندسين والمهنيين ولعل حرصهم علي نجاح الثورة هو الذي دفعهم لذلك الحماس وكان الأفضل ان تجتمع بهم وتقف علي وجهة نظرهم وتبين لهم ما يبدو لهم من تناقض او تجاوز لما ورد في بيانات الثورة وما طرح فيها من برامج, قلت أكيد فيهم ناس ما موافقين علي الحاصل من زملائهم أو لهم رؤية أخرى لتجاوز سوء الفهم. لو تأخذ برأيي انا مستعد ارجع في زيارة خاصة إلى بلغاريا واناقش الطلبة واكتب ليك تقرير مفصل عن هذه الاحداث. وفي رأيي ان الطلبة ما يرجعو البلد.. أطرق قليلاً ثم نادي مهدي مصطفي قائلاً: يا مهدي الطلبة ما يرجعوا. وعند عودتي الي مقعدي جاءني ابو القاسم محمد ابراهيم ليقول لي: والله لاول مرة اشوف (نميري) يستمع لي زول اكثر من خمس دقائق.. قلت له: لكن دا قرار كويس عشان تقولوا (ثوري يا ريس؟؟) انت عضو في مجلس الثورة وتتحمل نفس المسؤولية ليه ما تناقشوا قرارات زي دي تصدر في حالة انفعال و(نميري) رجل مش سياسي وتجربته في الحكم كلها سنة لازم تتشاوروا في اتخاذ قرارات خطيرة زي دي!! انا شخصياً ما عرفت نميري قبل 25 مايو ولا يمكن اتفق معاه في تصرف زي دا!! لم يستطع صبراً وغاب مع (الطبالين) وهمس في اذن احدهم الزول ده غواصة لصاحبنا ويعني ما اطلقوا عليه جناح عبد الخالق وكان ذلك احد الاسباب التي وضعت اسمي في قائمة المعتقلين اضافة الي موقعي في اتحاد الشباب السوداني الذي اعتبره نميري احد المنظمات المعادية لثورة مايو.
01-03-2011, 09:33 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
في وزارة الشباب: وفي فترة غاب فيها وزير الشباب والرياضة في مهمة خارج البلاد تولي (نميري) مهام الوزارة ودعانا الي اجتماع معه في وزارة الشباب نحن اعضاء السكرتارية حضره الاستاذ احمد عبد الحليم وكيل الوزارة. اشاد النميري بدور اتحاد الشباب السوداني مشيراً الي بعض المشروعات التي افتتحها او وضع فيها حجر الأساس وطلب منا ان يكون مهرجان الشباب في الخامس والعشرين من مايو بدلاً عن اليوم التاسع في يونيو الذي اخترناه ليكون الذكري الاولي لقرار الحكم الذاتي الاقليمي للجنوب ووافقنا عليه وتم بالفعل. ثم تحدث عن وزارة الشباب وما يتوفر بها من امكانات لعمل الاتحاد من الآت طباعة ومواصلات وخلافها واقترح علينا ان نعمل من داخل الوزارة في إشارة للإشاعة التي رشحت في البلد ورددها بتعيين وزير الشباب من أحد قادة إتحاد الشباب السوداني وكان اقتراحاً متناسقاً مع الأسلوب الذي اتبعته مايو لاحتواء المناشط الجماهيرية بعد ان فشلت (كتائب مايو) المنظمة الشبابية التي انشأتها وزارة الشباب ولكنها فشلت في استقطاب جماهير الشباب وحاول احمد عبد الحليم ان يجمل الاقتراح بأن يكون (اتحاد الشباب) تنظيماً للصفوة. قلنا لنميري بعد ان شكرناه علي المبادرة وخاطبناه باللغة التي يفهمها دون ان نكشف ما انطوت عليه سلطة مايو لاخضاع منظمات الشباب ومثيلاتها لنفوذ السلطة: ان اتحاد الشباب تنظيم جماهيري يعتمد علي العضوية الاختيارية والجهد الطوعي وان عمله من داخل الوزارة سيحوله الي تنظيم بيروقراطي ينتفي منه روح العطاء والبذل ويصبح اعضاؤه في النهاية موظفين في الخدمة المدنية يأتمرون بتوجيه رؤساءهم ويتحول جهدهم ومبادراتهم الي انشغالهم بمزايا الوظيفة والسعي نحو الترقيات والعلاوات وخلافه. تضجر (نميري) من الرد عليه وملأ فمه من التمباك وقال ده رأي الشيوعيين؟ قلنا له: انه تنظيم ديمقراطي ويتخذ قراراته وفقاً لأغلبية اعضائه التي لم تكن شيوعية! قال: انتو قايلين انا عندي قنبور. ونهض الي الحوض ليودع فيه (السفة) ويعود الي مقعده. قلت له: والله ما شايفين (قنبور ظاهر علي رأسك)!! كان المنشقون من الحزب الشيوعي قد اقنعوه بأن المنظمات الجماهيرية والنقابية ما هي الا واجهة لما اسموه جناح عبد الخالق ولعب دوراً نشطاً في ترسيخ هذا الاعتقاد المنشق احمد سليمان المحامي وزميله المنشق معاوية ابراهيم سورج اللذان انسلخا من اللجنة المركزية واصبحا (اراجوزاً) في يد جعفر نميري حتي اعتصرهما وأفرغ ما توفر لهما من تجارب وخبرات خلال نشاطهما في الحزب الشيوعي وحين قوي ساعده واستلقي بكلياته في احضان اليمين الرجعي اعرض عنهما ولفظهما وارتمي احمد سليمان في احضان الجبهة الاسلامية القومية فاعتصرت ما تبقي من خبراته في التآمر والانقلابات حتي اذا ما نضب معينه وجف من عوده الندى وتعري لفظته بدورها فراح يردد في مجالسه الخاصة وهو حسير: الفكاني من الشيوعيين يفكني من (…… ديل) وكان يعني الجبهة الاسلامية القومية. فتفوه بكلمات متسخة يأنف قلمي عن كتابتها.
01-03-2011, 06:19 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
مؤتمر إتحاد الشباب السوداني بالخرطوم أبريل 1971م : لم يكن في تعليق نميري ما يفاجئ أحدا فقد بدأت العلاقات في السوء مع الشيوعيين وبذلت (مايو) عبر المنقسمين من الحزب الشيوعي محاولات بائسة ليخلق بدائل للمنظمات الجماهيرية والنقابات ولكنها لم تفلح وحاولت احتواءها فأخفقت. ولم تنجح كتائب (مايو) في جذب الشباب ولم يكتب لها البقاء. ورغم ذلك أبدينا استعدادنا لتنفيذ أي برنامج مشترك ولكن دون جدوي. وبلغ العداء قمته حينما اتخذ (مجلس قيادة الثورة) قرارا بحل اتحاد الشباب السوداني. كان ذلك في أبريل 1971 خلال انعقاد مؤتمر الاتحاد وظل القرار دون اعلان حتي انتهي المؤتمر وغادرت الوفود التي حضرت من المنظمات العالمية وفي مقدمتها اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي وكان المؤتمر حدثا تاريخيا مهيبا اذ اشترك فيه شباب العالم ممثلا في اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي وممثلون للشباب من : الاتحاد السوفيتي بلغاريا رومانيا المجر تشكوسلوفاكيا بولندا كوبا كوريا سوريا العراق لبنان اليمن وجميع دول غرب أوروبا وأمريكا. وانعقدت الجلسة الافتتاحية في ميدان الأمم المتحدة في تظاهرة شبابية لافته وشارك فيها بالأناشيد الوطنية الفنان محمد وردي عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد الشباب السوداني والفنان محمد الأمين. وكان المنشقون قد بذلوا جهودا مضنية لإفشال المؤتمر وقاموا بالطواف علي فروع الاتحاد في الأقاليم اغراءا وتهديدا كي لا يشتركوا في المؤتمر وحاول معاوية إبراهيم سورج وزير العمل استغلال سلطاته لشق فروع الاتحاد ولكن باءت كل تلك المحاولات بالفشل فأوعزوا إلى نميري بحل الاتحاد وتعطيل نشاطه فأصدر بالفعل قرارا من مجلس الثورة يحظر نشاطه خلال انعقاد المؤتمر ولكن لم يعلن ذلك القرار إلا بعد أن غادرت الوفود العالمية وبدأت بعد ذلك اعتقالات قيادته في العاصمة والأقاليم وكذلك النشطاء من المنظمات الجماهيرية التي طالها أيضا الحل.
01-03-2011, 06:32 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
بعد ذلك جرت اعتقالات كثيرة بين النشطاء في كل المنظمات الديمقراطية والنقابات والاتحادات الطلابية والمهنية. وفي الثلاثين من مايو 1971م وخلال ساعات العمل جاءني ضابط من الأمن في بنك السودان حيث كنت أعمل وطلب مني مرافقته فأخبرت السيد/ مهدي الفكي وكان مديرا للعلاقات الخارجية بالقسم الذي عملت به فرجاني الانتظار حتى يجري بعض الاتصالات ولكني أخبرته بأنني متوقع ذلك لأني علمت بأن قرارا قد صدر باعتقالنا وشكرته علي تلك المبادرة الجريئة، وكان جادا في محاولته لمنع ذلك الاعتقال لما تمتع به من علاقات واسعة خلال قيادته للعمل الرياضي بنادي المريخ والذي عملت بعض كوادره في الجيش والبوليس وبعضهم الحق بجهاز الامن القومي وأن بمقدوره (أي مهدي) التأثير عليهم ولكني خشيت عليه من اتهامه بانتمائه أو تعاطفه مع الشيوعيين. وكان الذعر قد بلغ ذروته في جهاز الأمن وانكروا العلاقات الإنسانية الاجتماعية التي تربط بين الأهل والأصدقاء حتى أنهم خالوا أن لقاءات الختان والزواج والسماية ما هي إلا اجتماعات سرية وراحوا يعتقلون المواطنين ويتابعون خيام المآتم وصيوانات الأفراح مما أدخلهم في كثير من الحرج. اذكر أن أحدهم كان يتابع أحد النشطاء جاء الي العزاء فجلس بالقرب من أحد أقارب المتوفى ولما كان أصحاب المأتم يودون التعرف علي المعزي سأله أحدهم فقال: كان المرحوم صديقي ولكن المرحوم كانت والدة السائل فانكشف أمره، لذا خشيت علي الأستاذ مهدي الفكي من أن تفسر مبادرته تلك تفسيرا خاطئاً ويلحقون به الأذى اعتقالا كان أو اقصاء من الوظيفة، له خالص تقديري. وأخيراً أذن لي بمرافقة مندوب جهاز الأمن. وفي موقف مماثل لشهامة أولاد البلد اذكر أن أحد مواطني حي الضباط عندما سمع في الراديو نبأ اعدام عبد الخالق محجوب راح يصرخ في الشارع مفجوعا حزينا يسال الناس في الحي لماذا لم يأتوا به لاخفيه وكان الرجل عضواً في الحزب الوطني الاتحادي. وكثيرون غيره فتحوا دورهم لاستقبال المطلوبين من أجهزة نميري ونقلوهم بعرباتهم الخاصة من موقع لآخر، لهم التقدير والتبجيل والاحترام. وخرجت مع رجل الأمن الي وزارة الداخلية حيث تسلم خطاباً من الضابط (النبطشي) معنون إلى كمندان سجن كوبر فيه أمر إعتقالي ولاحظت في ورقة أخرى بالقرب منه أسماء مجموعة من الاخوة المطلوب إعتقالهم فطلبت منه السماح لي بالتحدث مع أسرتي لأخبرهم بمكاني فأذن لي مشكوراً فإتصلت بأخ عزيز أعلم أنه مريض وليس عضواً في الحزب يعاني من آلام الكلى وكان أسمه في قائمة المطلوبين للإعتقال فاختفى فترة عند أهله في الجزيرة وعاد بعد أن هدأت تلك الحملة ونجا من الإعتقال. دخلت إلى كوبر وكانت هي المرة الأولى حيث وجدت عددا من نشطاء تلك المنظمات: الاستاذ عباس على الاستاذ جعفر ابوجبل الاستاذ مصطفي محمد صالح الدكتور مصطفي خوجلى الدكتور محمد سليمان الدكتور محمد سعيد القدال الدكتور عبد القادر الرفاعى السر النجيب ، جلال السيد، حسن شمت، الخاتم عدلان، أحمد عبد الله هلال، سعودى دراج، صالح البحر، عز الدين داؤود محمد نور السيد الدكتور يحي عمر حمزه في قسم المديرية وهو مبني مكون من ثلاثة عنابر في واحد منها مجموعة من الأنصار وامام مسجد السجانة وكانت (المعاملة) وهو قسم خاص بالسجناء الذين توصي المحكمة بمعاملة خاصة بهم فتتوفر لهم السراير في غرف بها الاضاءة والمراوح ومطبخ خاص. في هذا القسم أيضا كان بعض المعتقلين ومن بينهم أحد المواطنين الذي جاء من أحد أقاليم السودان لذويه في أم درمان بحي (ودنوباوي) وفي طريقة اليهم قبضوه بتهمة الاشتراك في أحداث تلك الأيام فجئ به الي كوبر ولكن كبر سنه ومرضه أضطر ادارة السجن لادخالة (المعاملة) وببساطة فقراء القري سعد كثيرا ببقائه وحصوله علي وجبات منتظمة وفحوصات طبية فألف البقاء في السجن. وحين اكتشف جهاز الأمن أنه ليس له أية علاقة بعمل سياسي أو عدائي قرروا اطلاق سراحه. فجاءه (الشاويش) متهللا ليبشره باطلاق السراح كانت مفاجأة مذهلة فسأل (الشاويش) يا ولدي مالكن أنا سويت حاجة غلط؟؟ قال الشاويش : لا يا أبوي أنت خلاص ماش أهلك!! يا ولدي ماتخلوني شوية!! وكثيرون من أمثال هؤلاء البسطاء سيقوا قهرا الي المعتقلات بلا تحقيق أو مساءلة وظللنا (ندردش) معهم وعن المعاملة التي كانوا يتلقونها ونحن ما زلنا ننتظر ادارة السجن لنعرف ما اذا كنا سنبقي في هذا القسم أو قسم آخر به الأسرة ومستلزمات الاقامة التي تصورناها. وبينما نحن وقوف نجول داخل العنبر جاءنا مأمور السجن (عثمان عوض الله) يصحبه بعض المنتظرين.. والمنتظرون هؤلاء هم مجموعة من الشباب أغلبهم من أبناء الاقليم الجنوبي يتحفظ عليهم إثر حوادث قتل تقع خلال شجار بين قبيلتين بعد جلسات طويلة في (الإنداية) يشربون فيها ما يذهب بعقولهم ويسقط بينهم قتيل أو اكثر ولا يمكن تحديد القاتل فيودعون جميعا في السجن ويبقي بعضهم لسنوات طويلة دون تقديمهم الي محاكمة. وقد ساعدهم المحامون من المعتقلين فيما بعد بالموجهات القانونية. وحين غادروا المعتقل تمكن المحامون من اطلاق سراح العديد منهم دون مقابل بل ساعدوا البعض الآخر للحاق بأعمال مناسبة لقدراتهم أما الذين يبقون في السجن فإنهم يسخرون لخدمات مختلفة نظير بعض المواد التموينية من سكر وزيادة وجبات من (الجراية) وهي نوع من خبز الذرة يصنع داخل السجن.. وكانوا يتكدسون داخل الورشة التي حولت إلى قسم آخر تابع إلى السجن. جاء هؤلاء المنتظرون حاملين مراتب وضعوها علي الأرض بدون سراير، فتعجبنا وقلنا كيف يأتون الينا بمراتب كي ننام فوقها علي الأرض ولم تطل دهشتا حتي عاد الينا (مامور) السجن عثمان عوض الله وبحياء وتهذيب معتذرا بأن (التعليمات) لديه أن يصرف لكم (برش وبطانيتين) (وكورية) فقط!! وأصبحت الكورة فيما بعد اداة موسيقية (بنقز) استخدمناها ايقاعا حينما رددننا مع محمد وردي ومحمد الأمين بعض الأغنيات في (السرايا) وأهم هذه (العهدة) كانت الكورية التي استخدمناها لشرب الشاي ولوجبة الفطور والغداء وفي الليل نضعها تحت رؤوسنا بدل المساند، وعلمنا أنه ليست هناك وجبة للعشاء وعلينا أن (ندبر) حالنا مما يتبقي من وجبة الغداء وكان أمراً عسيراً. إذ أن الوجبة نفسها في الغداء لا تسمن ولا تغني من جوع بل انها ربما تصلح فقط لفتح الشهية فكيف يتبقى منها شئ نتناوله في وجبة عشاء، وبالرغم من ذلك جمعنا من فتات الخبز في نهاية الأسبوع ما صنعنا منه (بسبوسة) أبدع في اختراعها عز الدين داوؤد بخبراته (المطبخية). واستمر الحال هكذا لأكثر من خمسين يوما وقد حظينا يوجود بعض من كسبوا تجارب في معتقلات الحكم العسكري الأول (الاستاذ جعفر أبو جبل والأستاذ مصطفي محمد صالح) ونالوا خبرات واسعة ساعدتنا في تنظيم حياتنا في المعتقل كونوا مكتبا مسؤولا عن الاتصال بالإدارة والتفاوض معها نياية عن المعتقلين وأنشأنا (كميونة) توضع بها المواد التموينية والسجائر وما نحصل عليه من مواد توزع لكل حسب حاجته. كما أعدوا برنامجاً يومياً ثقافياً وترفيهياً وُزعت مهامه علي المعتقلين كل حسب اهتمامه وقدراته وكنا قد حصلنا علي راديو تعاملنا معه بحرص شديد للترفيه ومتابعة الأخبار وأشركنا معنا المعتقلين من شباب الأنصار في فقرات البرنامج الترفيهي الأسبوعي بما توفر من قدرات في الغناء والقفشات والطرائف وسعدنا بتلاميذ مدرسة مروي الثانوية بقيادة (فوزي) الذين قدموا بعض المناشط المدرسية. وكان مولانا إمام مسجد السجانة يدرس اللغة الإنجليزية ويحرص علي المذاكرة بصوت عال ويتمايل وهو ممسك الكتاب بذات الطريقة التي يتلو بها القرآن الكريم. وقد أشرف على تعليمه إدريس عوض الكريم سكرتير إتحاد طلاب جامعة القاهرة فرع الخرطوم.
01-03-2011, 07:45 PM
الطيب شيقوق الطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804
Quote: دخلت إلى كوبر وكانت هي المرة الأولى حيث وجدت عددا من نشطاء تلك المنظمات: الاستاذ عباس على الاستاذ جعفر ابوجبل الاستاذ مصطفي محمد صالح الدكتور مصطفي خوجلى الدكتور محمد سليمان الدكتور محمد سعيد القدال الدكتور عبد القادر الرفاعى السر النجيب ، جلال السيد، حسن شمت، الخاتم عدلان، أحمد عبد الله هلال، سعودى دراج، صالح البحر، عز الدين داؤود محمد نور السيد الدكتور يحي عمر حمزه في قسم المديرية وهو مبني مكون من ثلاثة عنابر
الكتور محمد سعيد القدال
الدكتور عبد القادر الرفاعى
01-04-2011, 08:03 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
نميري قال لـ«عبد الخالق»: إنك لن ترى الشمس بعد اليوم
عبد الخالق يحطم قيد الإعتقال،
يونيو 1971م: في مساء يوم 29 يونيو 71 وبينما كنا نستمع الي الأخبار فإذا ببيان صادر من وزارة الداخلية يعلن أن (عبد الخالق محجوب) قد هرب من السجن.. أزعجنا كثيراً ذلك الخبر لأننا كنا نعلم انه معتقل في مصنع الذخيرة بالشجرة وهي منطقة عسكرية عليها رقابة مشددة من القوات المسلحة بمجموعة تتناوب الحراسة لأربع وعشرين ساعة ولم يسمح له بالزيارة او الكتب او الصحف بل منع الحراس من الحديث معه هادفين الي عزله تماماً وإحباط روحه المعنوية… وحول اعتقاله جاء في تقرير سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي…(اعتقل الشهيد عبد الخالق محجوب في 16 نوفمبر 1970م. واقتيد الي القيادة العامة. وهناك وجد نفسه أمام اجتماع لمجلس الثورة،أشبه بالمحكمة العسكرية،برئاسة نميري الذي وجه لعبد الخالق قائمة اتهامات شملت معارضة ثورة مايو ووضع العراقيل في طريقها قبل وبعد انتصارها،معارضة تجنيد الشيوعيين لجهاز الأمن,معارضة السلم التعليمي،معارضة ضرب الجزيرة أبا،معارضته التأميم والمصادرة،معارضته ميثاق طرابلس….الخ. وأبلغ النميري عبد الخالق بقرار مجلس الثورة بأعتقاله،وقال له: إنك لن تري الشمس بعد اليوم. ثم طلب مأمون عوض أبوزيد من عبد الخالق ان يكشف لمجلس الثورة ما لديه من معلومات عن مؤسسات وممتلكات الحزب،فزجره عبد الخالق بقوله: يسهل علي لساني ان يقطع من ان يكشف أسرار الحزب ثم بدأ ابو القاسم محمد ابراهيم حديثاً سوقياً مبتذلا تجاهله عبد الخالق) إنتهى.. وأيقنا أنها لابد ان تكون مؤامرة دُبرت لتصفيته بدعوي انه حاول الهروب،وكنا نعلم ان عبد الخالق اودع بامدرمان في السجن الحربي القديم وبدأت صحته تتدهور وعندما عاده الدكتور عبد الرحمن درديري وقدم له بعض العلاجات ونظراً للظروف الصحية السيئة التي يعيشها وجه بتحويله للمستشفي ولكن رفض طلبه فهدد بأنه سيذيع أخبار صحته السيئة وبقائه في السجن الكئيب فأضطروا لنقله الي مصنع الذخيرة. كانوا يهدفون ببقائه في ذلك السجن الي تصفيته بالموت البطئ. ولم تمض ساعات طويلة حتي تدفقت مجموعات من المعتقلين الجدد اتهموا بضلوعهم في تنفيذ عملية الهروب فأكدوا لنا أن هروبه صحيح خوفاً عليه من التآمر ضده لتصفيته بالموت البطئ وأن عملية هروبه وتأمينه تمت بصورة ممتازة ومذهلة،وأن خطة محكمة قد نفذت لإنقاذ حياته بعد ان انتشر نبأ بأن هناك تدابيراً خبيثة أعدت لاغتياله بالسجن. ويقف وراء ذلك بكل أسف من كان بثق فيهما عبد الخالق،احمد سليمان المحامي ومعاوية ابراهيم اللذين اوغرا صدرنميري بتصريحات كاذبة نسبوها الي عبد الخالق وأكدوا له ان نظام مايو لن يستقر إذا ظل عبد الخالق علي قيد الحياة. وبالغ معاوية عندما كان وزيراً للعمل بان طبع منشوراً من نسخة واحدة يسئ فيها باسم عبد الخالق للنظام والي نميري شخصياً من سكر وعربدة وعلاقات بالنساء ذاكراً اسماءهن،واماكن لقائهن حتى أكد في إحدى قعداته بأنه سينتهى من هذا الكهنوت والمعلومات التى ذكرها معاوية في المنشور كانت صحيحة لانه رافقه في تلك (القعدات) مما جعل نميري يتأكد إن عبد الخالق يلاحقه وأقلقه وأزعجه أن أفاده بان عبد الخالق وزع الاف من ذلك المنشور علي المواطنين في البلاد مع انهم يعلمون جيدا ان في تاريخ الحزب لم يوقع شخص علي أي من الوثائق الحزبيه وانما كانت تصدر كل الوثائق ممهورة باحد التنظيمات الحزبية. ويعلمون ايضاً ان النسخة التي لدي نميري هي الوحيدة ولكنهما أحاطاه بهالة من الأكاذيب والتأليفات حتى وقف عليها قلبه دون سائر المعلومات والحقائق التي كان يعرفها عن عبد الخالق. جاء في الوثيقة التي أصدرها الحزب الشيوعي بعنوان (19 يوليو 1971م) حول هروب عبد الخالق (كانت الحملة لاطلاق سراح عبد الخالق نشطة، وكان القلق علي حياته يساور الشيوعيين واصدقاء الحزب ثم تحول القلق الي انزعاج حقيقي بعد خطاب نميري في 12 فبراير 19971م، الذي هاجم فيه الحزب الشيوعي ودعا الناس الي تحطيم الحزب وكل من يدعي الانتساب إليه. بعد اطلاع عبد الخالق علي بيان اللجنة المركزية علي خطاب نميري ارسل رسالة يقترح فيها فكرة هروبه واقترح تكوين لجنة لتنظيم العملية بإشراف الشهيد شكاك الذي كان يتولي تنظيم الصلة به ثم أرسل فيما بعد اقتراحا بتفاصيل الخطة العملية كما يراها من معتقله ومحيطه وقد قام شكاك بمراجعتها واضاف تحضير امكانات كي ما يغادر البلاد وفي نفس الليلة والجندي الذي يساعد في تنفيذ العملية مما استدعي البحث في توفير تلك الامكانية والتي تتطلب اجراءات فنية كثيرة، وارسل الي عبد الخالق الرد بان امكانات استقباله وتاميينه بالمستوي المطلوب يحتاج لبعض الوقت بسبب اتساع هجوم السلطة علي الحزب. في 29 يونيو 1971م تم هروب عبد الخالق وأخذه هاشم العطا الي منزل المقدم الشهيد عثمان حاج سعيد ابو شيبة في رئاسة الحرس الجمهوري ثم انتقل الي ثلاثة منازل متعاقبة وفرها الحزب في الخرطوم بحري ثم الخرطوم حتي مساء 19 يوليو 1971م) كان أحد تلك المنازل لعضو بالحزب والبقية لاصدقاء.
01-04-2011, 05:29 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
وفي مساء يوم الاثنين من 19 يوليو 1971م وبينما نحن في قسم المديرية في سجن كوبر ملتفون حول الراديو نتابع حديث د. عبد الله الطيب إذ بالإرسال يتوقف، وجاء صوت المذيع عمر الجزلي ليعلن أن الرائد هاشم العطا سيذيع بياناً هاماً فترقبوه. واقترن ابتهاجنا بالدهشة إذ أننا نعلم أن (هاشم) قد اعفي من عضوية مجلس قيادة الثروة وتحفظوا عليه بالمنزل تحت حراسة من القوات المسلحة وظللنا ندير مؤشر الراديو علي كل الإذاعات العالمية ذات الاهتمام بشأن السودان حتي تأكد لنا أن انقلابا عسكريا قد حدث في السودان وما أثار دهشتنا وشكوكنا أننا تعودنا على حدوث الإنقلابات فجراً فكيف تم ذلك خلال ساعات العمل، وقضينا تلك الليلة بين القلق والارتياح في انتظار مغادرة السجن. وتغيرت نغمة المذيع وبدلا عن استمرار إعلانه أن بيانا هاما ستستمعون إليه بعض لحظات عاد يردد (في وقت لاحق) وظللنا ننتظر لساعات في قلق شديد إذ عادة ما يأتي بيان الانقلاب الأول مباشرة بعد تنويه المذيع وتساءلنا ماذا حدث؟! تري هل فشل الانقلاب أم هي مؤامرة أخرى كما حدث في انقلاب 16 نوفمبر 1970م وطال انتظارنا لساعات طوال وجاء بعدها هاشم العطا ليعلن عن حركة تصحيحية وقيام حكومة الجبهة الديمقراطية تفاءلنا بما ورد في البيان كنا نعلم أن هاشم العطا عضو في الحزب الشيوعي ونعلم أيضا أن الحزب له موقف مبدئي من الانقلابات العسكرية وأنها لن تكون بديلا للانتفاضة الشعبية فماذا جرى؟ وعادةً ما يقع الانقلاب «أي انقلاب» في فجر مبكر وفي الحقيقة رشحت حولنا عدة تساؤلات لم نستطع الإجابة عليها غير أننا في النهاية ابتهجنا بأن الانقلابيين سوف يطلقون سراحنا وقضينا ذلك المساء حول الراديو حتى صباح اليوم التالي نستمع ونردد الأناشيد الثورية. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه قد أثار وقوع الانقلاب العسكرى تساؤلات كثيرة بين الشيوعين والديمقراطيين وأصدقاء الحزب الشيوعي عن الدوافع إليه وعن فشل الحزب في حمايته. ذكر لنا أحد القادمين من المانيا الإتحاديه انهم عندما كانوا يتابعون برنامجا فى التلفزيون الالمانى انقطع الإرسال فجأة وامتلأت الشاشة بخارطة افريقيا بلون أسود داكن وفى وسطها خارطة السودان فى شعلة حمراء متقدة. جاء بعدها المذيع ليعلن أن انقلابا عسكريا شيوعيا وقع في السودان وان ذلك خطر يتهدد أفريقيا بكاملها لكي تتحول إلى بؤرة أخري كما حدث في السودان. وأصبح من الضروري والعاجل أن ينتهي هذا النظام قبل أن يستقر وتثبت أقدامه. ولعل هذا النداء قد فتح شهية معمر القذافي والسادات فأختطف الأول الطائرة التي كانت تقل المقدم بابكر النور رئيس مجلس قيادة الانقلاب الجديد والرائد فاروق حمد الله عضو المجلس وأجبرها علي الهبوط في ليبيا واعتقلهما وسلمهما الي جعفر نميري الذي لم يتريث في اعدامهما رغم انهما كانا خارج السودان ولم يشاركا في التحضير أو تنفيذ الانقلاب. أما السادات فقد ضغط علي نميري لتنفيذ حكم الاعدام الفوري علي الشهيد عبد الخالق محجوب والشهيد الشفيع أحمد الشيخ بالرغم من تدخل الحكومة السوفيتية والرجاء الذي قدمه سفيرها في القاهرة لمنع إعدام الشفيع أحمد الشيخ. جاء في كتاب محمد حسنين هيكل (دراسة جديدة للتاريخ، ص132) ما يلي :لقد ذهب بوليس بونو ماريوف عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي، يوماً إلى الرئيس السادات بعد محاولة إنقلاب فاشلة في السودان يرجوه أن يتدخل لإنقاذ حياة زعيم نقابي كبير في السودان هو (الشفيع) ووعده الرئيس السادات أن يبذل مساعيه لدى الرئيس نميري واتصل الرئيس السادات بالفعل تلفونياً ولكنه لم يبذل مساعيه الحميدة وإنما طلب الخلاص من الثعبان (الشفيع) ورأسه وكان الرأس عبد الخالق محجوب زعيم الحزب الشيوعي السوداني (شهدت الواقعة بنفسي ولنا أن نتصور في ردود الفعل السوفيتيه عندما نقلوا تسجيل نص المحادثة بين القاهرة والخرطوم وليس سراً بالطبع أن هناك عدداً من الدول في مقدمتها الدولتان العظميان تقوم بمتابعة وتسجيل كل المحادثات التلفونية عبر البلدان وعبر القارات بل داخل البلدان وداخل العواصم نفسها (إنتهى)). وفي اليوم التالي أطلق سراح مجموعتنا من الشيوعيين والديمقراطيين وبقي الآخرون من الأنصار في (المديرية) مما سبب لنا حرجاً شديداً، فقد نشأت بيننا خلال تلك الفترة القصيرة علاقات إنسانية لا تنسي واذكر بتقدير كبير (اسحاق) أحد أبناء الأنصار الذي كان يعمل ميكانيكيا مع الخواجة (كريتيز) والذي كان يمدنا بصحيفة الأيام اليومية كلما استدعي الي المحكمة وكان شديد الانضباط لا يسلمها إلا إلى الأستاذ جلال السيد المحامي كما اتفقنا علي ذلك، رغم أنه يعرف أننا من نفس (القبيلة). ويحضرني ذكر مولانا أمام جامع السجانة الذي كان حريصا علي متابعة دروس اللغة الإنجليزية التي أوكلت للأخ ادريس عوض الكريم، واذكره حين جاءنا صباح نفس يوم 19يوليو ليقص علينا رؤياه وهو كثير التفاؤل بأن أمرا حميدا سيحدث وسعد كثيرا لان رؤياه قد تحققت بذلك الانقلاب. وعند خروجنا من سجن كوبر ابلغنا الجهات المعنية بأمر الإمام وزملائه من المعتقلين فاطلق سراحهم، وكان تفسير الرائد هاشم العطا بتأخير خروجهم مع مجموعتنا أنه لم توجه إلينا أية تهمة. أما الأنصار فقد كانت لديهم بلاغات أمام المحكمة وحرصا علي احترام الهيئة القضائية واستقلالها كان لابد أن يتم ذلك بقرار المحكمة العليا وقد كان. وكما حيرنا أمر الانقلاب أثار أيضا تساؤل الكثيرين من الديمقراطيين والأصدقاء فالقوا بشكوكهم حول مصداقية الحزب وعلى عبد الخالق بصفة خاصة بأنه كان خلف العملية العسكرية. ولستُ هنا مأذونا لي بالدفاع بقدر ما وددت أن يتبينوا حقيقة ما حدث في 19يوليو 1971م لعلها تدرأ سقماً قد أحاط بالأنفس طيلة تلك الســـــنوات مما جعل البعض منهم يهجر العمـــــل الــســــياسي وآخرين يهجرون الوطن نفسه. ولست هنا بدافع تهمة توجه إلى تنظيمنا الديمقراطي ولكني أسوق هذه الحقائق لتؤكد تقديراتنا بأن ما حدث في 19 يوليو 1971م كان أمراً نهض به العسكريون وحدهم وحق لنا نحو إخوتنا وأصدقائنا في إتحاد الشباب السوداني أن يقفوا على حقائق التاريخ.
01-03-2011, 09:56 PM
عبدالكريم أحمد الامين عبدالكريم أحمد الامين
تاريخ التسجيل: 08-04-2008
مجموع المشاركات: 6343
Quote: عبد الخالق محجوب في 16 نوفمبر 1970م. واقتيد الي القيادة العامة. وهناك وجد نفسه أمام اجتماع لمجلس الثورة،أشبه بالمحكمة العسكرية،برئاسة نميري الذي وجه لعبد الخالق قائمة اتهامات شملت معارضة ثورة مايو ووضع العراقيل في طريقها قبل وبعد انتصارها،معارضة تجنيد الشيوعيين لجهاز الأمن,معارضة السلم التعليمي،معارضة ضرب الجزيرة أبا،معارضته التأميم والمصادرة،معارضته ميثاق طرابلس….الخ. وأبلغ النميري عبد الخالق بقرار مجلس الثورة بأعتقاله،وقال له: إنك لن تري الشمس بعد اليوم. ثم طلب مأمون عوض أبوزيد من عبد الخالق ان يكشف لمجلس الثورة ما لديه من معلومات عن مؤسسات وممتلكات الحزب،فزجره عبد الخالق بقوله: يسهل علي لساني ان يقطع من ان يكشف أسرار الحزب ثم بدأ ابو القاسم محمد ابراهيم حديثاً سوقياً مبتذلا تجاهله عبد الخالق) إنتهى..
01-04-2011, 07:05 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
وثيقة «19» يوليو .. ردود الفعل السياسية والعسكرية وحديث الضجر والتبرم
وثيقة 19 يوليو :
رأيت من المفيد أن أسوق ما ورد في وثيقة (19يوليو) التي أصدرتها سكرتارية الحزب الشيوعي السوداني ما يلي: (بعد هروب عبد الخالق، تقدم له العسكريون وتتلخص في : أنهم من تجربة الانقسام وما سمعوا وما قرأوا من معلومات قدمها الانقسام للسلطة عن الحزب وكادره ومواقع عضويته وأساليب عمله، كان لابد أن يتحفظوا في طرح كل الحقائق والتفاصيل لقيادة الحزب بعد اعتقاله. إن قيادة الحزب لم تتخذ موقفاً حاسماً ضد السلطة بعد 16نوفمبر 1970 مما أحدث سخطاً وضجراً وارتباكاً بين الشيوعيين والديمقراطيين وسط الجيش. واستغلت السلطة قبول الحزب الدخول في مفاوضات غير معروف هدفها أو شروطها كما استغلت السلطة إعلان الحزب في بياناته عن تأييد الخطة الخمسية باعتبار أن ذلك تأييد للسلطة وأن الحزب لم يعبئ نقابات العمال واتحاد العمال بالمستوي المطلوب. فأستغلت السلطة ذلك في إعلان قانون العمل الموحد بعد انقلاب 16نوفمبر 1970 مباشرة لامتصاص سخط العمال، رغم أن القانون كان يحتاج لكثير من المراجعة والتدقيق، تم إعلان سحبه بعد شهر واحد دون أن تتخذ النقابات والاتحاد موقفاً حاسماً. وأن مجلس الثورة كان يسخر من الحزب الشيوعي والنقابات والاتحاد وأنه يلعب بهم وأن مجموعة الانقساميين كانت تساعد مجلس الثورة في رسم الخطط يومياً ضد الحزب. قالوا أنهم حملوا مجلس الثورة علي أك########م 18شهراً رغم اقتناعهم بعدم جديته في تنفيذ الشعارات التي أعلنها وقد وإصلوا القيام بهذه المهمة احتراما لموقف الحزب في بذل كل جهد ممكن لاقناع السلطة بخطأ سلوكها وموقفها عن طريق الصراع الفكري والإقناع، ويعتبرون أن الحزب تعامل مع السلطة بكثير من حسن النية والتسامح. كما أن الحزب فرض عليهم أكثر من مرة أن لا يتحركوا أو يستقيلوا. هنا يشيرون إلى مناقشة عبد الخالق معهم عقب التعديل الوزاري الأول أكتوبر 1969م، كان عبد الخالق قد ناقشهم في أن الاستقالة هروب من الصراع، وأن التحرك لتنفيذ انقلاب سيبدو أمام الرأي العام بمثابة سرقة للسلطة، كما أن السلطة تدعي أمام الرأي العام أنها تنفذ برنامج الحزب الشيوعي وتعين كادره في مناصب وزارية وتوكل لهم مسئوليات، ومن الأفضل أن يستمر الصراع حتى يتضح للرأي العام أن السلطة غير جادة في تنفيذ شعارات وأهداف الثورة، وأنها تستخدم الحزب كواجهة، وأن التحالف لا وجود له عملياً، وأنه رغم الوضع الصعب الذي يحيط بموقف قطاع واسع من الضباط وضباط الصف والجنود الديمقراطيين فإن الحزب يري أن يستمر الصراع للضغط علي السلطة لتصحيح أخطائها من جهة، ويستمر الحزب في الصراع علي موقفه المستقل ورفض حل أو تصفية كيانها ويطرح رأيه للجماهير. قال العسكريون أيضا إن الوضع في الجيش سوف ينفجر سواء أن تحركوا أو لم يتحركوا، كما أن الضباط الديمقراطيين لن يستمعوا لرأي الحزب بالتأجيل هذه المرة، خاصة وأن تنظيمات القوى اليمينية في الجيش تسير بسرعة نحو تنفيذ انقلاب. وأصبح الضباط الشيوعييون والديمقراطيون في وضع حرج، فإذا تحركت القوى اليمينية فأنها ستوجه لهم ضربتها الرئيسية بوصفهم القوى العسكرية الجادة الحازمة في الدفاع عن الشعارات الثورية، لان مجلس الثورة وتنظيم (أحرار مايو) القوميين العرب لا يمثلون وزناً يؤبه له ومن الجانب الآخر فإن الضباط الشيوعيين والديمقراطيين لن يدافعوا عن السلطة بعد 16نوفمبر واعلان تراجعها عن كل ما هو ثوري وتقدمي. وأنهم يدركون تماما ويثقون من أنهم إذا وقفوا في وجه التحرك الرجعي ودافعوا عنها، فإنها سوف تضربهم فيما بعد بحكم تجاربهم معها. أكدوا أنهم كضباط شيوعيين يتحلون بالانضباط الحزبي والتقيد بموقف الحزب. لكن الظروف المحيطة بهم وعلاقتهم بالضباط الديمقراطيين تفرض عليهم ألا يتأخروا عن أي تحرك يبادر به الضباط الديمقراطيون الذين استمعوا أكثر من مرة لرأي الحزب وتقديراته. وسألوا عبد الخالق عن جدوى تنظيمهم إذا لم يتحرك لمساعدة الحركة الشعبية التي ظلت تتراجع أمام هجوم السلطة منذ 16نوفمبر وأصبح نميري ومجلس الثورة مطلق اليدين وبدأ في حل النقابات وأعلن خطة الحزب الواحد وأن الخطوة التالية ستكون تسريحهم من الجيش. فهل يستسلمون بدون مقاومة؟ كما أن علاقتهم بالحزب ليست فقط من أجل الماركسية، لان الكتب الماركسية متوفرة في السودان ويمكن الاطلاع عليها ودراستها خارج الحزب، وإنما علاقتهم بالحزب كعسكريين ومقاتلين ثوريين تحتم عليهم هذه العلاقة ألا يسمحوا أن تمر الديكتاتورية العسكرية تحت حمايتهم. تركزت مناقشة عبد الخالق معهم في الآتي : - ان تحفظاتهم وملاحظاتهم يجب أن تطرح علي قيادة الحزب ومناقشتها. - ان اقتراح الانقلاب يجب أن يطرح علي اللجنة المركزية وأخذ رأيها وأن يحضر هاشم اجتماع اللجنة المركزية لنقل وجهة نظرهم. فرغم تقديره، لوجهة نظرهم لن يوافق علي أي تحرك قبل مناقشته في اللجنة المركزية. في تقييمنا للموقف وتقديرات العسكريين، نضع في اعتبارنا العوامل التالية: أن الأمانة تقتضي التقيد بالدقة والموضوعية في مناقشه وتقييم العسكريين، فهم ما عادوا موجودين ليدافعوا عن وجهة نظرهم ويناقشوا فيها، فضلا عن أن حقيقة انتمائهم للمؤسسة العسكرية -يفرض طابعه علي تقديراتهم رغم انتمائهم الحزبي فهم في نهاية الأمر ليسوا أول مجموعة عسكرية حزبية تغلب تقديراتها العسكرية علي التقديرات السياسية لحزبها. بل وحتى الجناح العسكري لحركة سياسية جماهيرية، كثيراً ما أفلت وفرض تقديراته علي قيادته السياسية، ليس في هذا تبرير للخطأ، لكنه إشارة للظاهرة السلبية، والتي ظلت تعبر عن جذورها الفكرية في تجارب العديد من البلدان العربية بالصيغة المتبادلة عن أن التظيم العسكري الذي يؤسسه أي حزب أو حركة سياسية إما أن تستخدمه القيادة السياسية في اللحظة المناسبة. أو يستخدم نفسه رغماً عنها. إذا لمسنا ضعفاً سياسياً وفكرياً في تقديرات العسكريين فتلك مسؤليتنا في قيادة الحزب حيال واجبنا الدائم برفع المستوى السياسي والفكري لأعضاء حزبنا في كل المواقع. المناخ والمزاج السياسي الذي كان سائدا في الحزب والحركة الجماهيرية في تلك الفترة التي أعقبت انقلاب 16نوفمبر تميز بالإصرار علي مواصلة الدفاع عن شعارات ومهام الثورة الديمقراطية والتغيير الاجتماعي، وعلي مواجهة السلطة ورد الصاع صاعين مقابل أية ضربة توجهها للحركة الثورية. مشروعية الاستنتاج المعلن أو غير المعلن لدى أقسام من عضوية الحزب والقوى الديمقراطية وأصدقاء الحزب وأحزاب شيوعية وتقدمية عن أن الضباط الشيوعيين، أو علي الأقل هاشم العطا، ما كان ليتحرك لتنفيذ الانقلاب بدون قرار من الحزب. وفي هذا الصدد نشير إلى أن استنتاجاً مماثلاً كان قد أثير في حدود ضيقة بعد انقلاب 25 مايو مباشرة، عن ملابسات اشتراك الشهيد أب شيبة في انقلاب مايو مع القوات التي تحركت من خور عمر، وهو الحزبي الملتزم في الوقت الذي عارض فيه الحزب الاشتراك في الانقلاب وامتنع الضباط الشيوعيون عن المشاركة وكان عددهم ستة اعضاء مقابل سبعة اعضاء لتنظيم الضباط فنفذوا الإنقلاب، وبعد الانقلاب حوسب أب شيبة داخل التنظيم وبرر اشتراكه بأنه لم يكن يعرف قرار المكتب السياسي، وأنه أخذ فكرة عامة عن الخلاف حول الانقلاب وسط الضباط الأحرار بين مؤيد للتحرك ومعارض له، وأنه يشارك كعضو في تنظيم الضباط الأحرار. برغم تلك الظروف والعوامل فإن وجهة نظر العسكريين التي عرضوها علي عبد الخالق لا تبرر ولا تقتضي توجههم نحو الانقلاب، وقطع شوط كامل ونهائي في التحضير له ووضع الحزب أمام الأمر الواقع من الناحية الفعلية وإن بدت وجهة نظرهم من الناحية الشكلية وكأنها تشاور مع الحزب واستماع لوجهة نظره أو قراره سلباً أو إيجاباً موافقةً أو رفضاً. فاحتمال انفجار الوضع في الجيش أو تحرك اليمين نحو الانقلاب، أو اتجاه السلطة نحو تسريحهم، لا ترقي مجتمعة أو منفردة كذرائع أو أسباب تملي علي الحزب تنفيذ انقلاب. ما أثارُه عن موقف الديمقراطيين وهم الأغلبية صحيح، وكان عشرات الشيوعيين وأصدقاء الحزب، في العاصمة والأقاليم يستمعون حيرة لحديث الضجر والتبرم من أصدقائهم ومعارفهم من الضباط وتعبيرهم عن الرغبة في الإطاحة بالسلطة. وانتقاداتهم لموقف الحزب الشيوعي، ومع ذلك وبرغمه فإن الضغط الذي مارسه الضباط الشيوعيون في حديثهم مع عبد الخالق بوجهة نظر الديمقراطيين كان يعبر إما عن ضعف نفوذهم وسط أولئك الديمقراطيين، وهذا احتمال ضعيف بحكم وزنهم واحترام الديمقراطيين لهم أو يعبر عن قناعتهم دون أن يفصحوا عنها صراحة لعبد الخالق. وقد اكتشف عبد الخالق ذلك وقابل عدداً من الضباط الديمقراطيين واستمع لوجهة نظرهم. نتوقف طويلا عند تساؤل العسكريين : إن كانوا مجرد أدوات تنفيذ، لأن هذا السؤال مع بقية ملاحظاتهم وتحفظاتهم يثير القضية القديمة والمتجددة، عن علاقة العمل العسكري بالعمل السياسي الجماهيري في حركة الثورة بصفة عامة وعن الفهم السليم لدور الثوريين في الجيش ومتي يتدخلون لحسم الصراع السياسي الاجتماعي، ومن يقر ذلك؟ وعن التصور الثابت لدي العسكريين أنهم عندما يبادرون بانقلاب إنما يهدفون لحسم الصراع نيابة عن الجماهير. هذا النوع من تقديرات العسكريين بوظيفتهم ودورهم يثير تساؤلاً مشروعا لدي الحركة السياسية ولدي الثوريين بصفة عامه ، إذ ما هي الضمانات أن لا ينفرد العسكريون في كل مرة داخل التحالف السياسي العسكري ويضعوا مجموع الحركة الثورية بما فيها الأحـزاب التي ينتمون اليها أمام الأمر الواقع؟
01-05-2011, 10:05 AM
حسن طه محمد حسن طه محمد
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 3653
اولا دعني وبكل احترام ان اسجل لك صوت شكر وتقدير علي هذا البوست الذي يحمل في طياته تاريخ امةمجيدة.
دعني وبكل احترام ان اشكركم علي التعريف بهذا الجيل الذي حمل هم البلد ارضا وشعبا .... علما وادباواجتماعاوفنونا وسياسةوجميعها كانت تشكل وجدان الاستاذ الياس خليل وهو واحد من هذا الجيل النبيل الذي كتب عنه ايضا صديقي الدكتور محمد عثمان الجعلي " .... جيل علي المك " .
في اجازتي قبل رمضان الماضي ولاول مرة يدخل الفرح والسرور قلبي وانا اري (ان لستك العربية يضرب ).
ذهبت لاقرب محل لساتك لاشتري واحدا منهابديلا للستك المضروب.
وجدت بعض الناس في المحل لا أعرفهم.
جلست معهم وتبادلنا الحديث في مختلف المواضيع.. ونسيت موضوع اللستك بما كان يدور من حديث جميل,
كنت في اغلب الوقت مستمعا.
لفت نظري أحدهم وهو يتحدث حديث العالم المفكر في ثوب رجل شارع بسيط.
كان ذاك هو الاستاذ خليل الياس بعينه.
كنت قد شاهدته قبلا ولكن لم اعرفه هذه المرة .. ولكن يبدو ان الزمن فعل ما فعل
متعه الله بالصحة والعافية.
الم اقل لك انني فرحت بهذا اللستك المضروب الذي جمعني بقامة من قامات السودان .
لكم التحية اينما كنتم،،،،،،
تخريمة:
سيبك من شيقا
نحن في شنو والحسانية في شنو
يا شيقا
قوقل ولا ما قوقل ..... المهم المضمون وما اروعه
01-05-2011, 12:10 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
اولا دعني وبكل احترام ان اسجل لك صوت شكر وتقدير علي هذا البوست الذي يحمل في طياته تاريخ امةمجيدة.
دعني وبكل احترام ان اشكركم علي التعريف بهذا الجيل الذي حمل هم البلد ارضا وشعبا .... علما وادباواجتماعاوفنونا وسياسةوجميعها كانت تشكل وجدان الاستاذ الياس خليل وهو واحد من هذا الجيل النبيل الذي كتب عنه ايضا صديقي الدكتور محمد عثمان الجعلي " .... جيل علي المك " .
في اجازتي قبل رمضان الماضي ولاول مرة يدخل الفرح والسرور قلبي وانا اري (ان لستك العربية يضرب ).
ذهبت لاقرب محل لساتك لاشتري واحدا منهابديلا للستك المضروب.
وجدت بعض الناس في المحل لا أعرفهم.
جلست معهم وتبادلنا الحديث في مختلف المواضيع.. ونسيت موضوع اللستك بما كان يدور من حديث جميل,
كنت في اغلب الوقت مستمعا.
لفت نظري أحدهم وهو يتحدث حديث العالم المفكر في ثوب رجل شارع بسيط.
كان ذاك هو الاستاذ خليل الياس بعينه.
كنت قد شاهدته قبلا ولكن لم اعرفه هذه المرة .. ولكن يبدو ان الزمن فعل ما فعل
متعه الله بالصحة والعافية.
الم اقل لك انني فرحت بهذا اللستك المضروب الذي جمعني بقامة من قامات السودان .
لكم التحية اينما كنتم،،،،،،
تخريمة:
سيبك من شيقا
نحن في شنو والحسانية في شنو
يا شيقا
قوقل ولا ما قوقل ..... المهم المضمون وما اروعه
اخونا الجميل حسن طه محمد
شكرا على المرور وصدقنى كلامك من دهب وقد صورت هذا الرقيق والشفيف خليل الياس بأروع الكلمات واصدقها لك التحيات الزاكيات
01-05-2011, 12:20 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
Quote: وقد اكتشف عبد الخالق ذلك وقابل عدداً من الضباط الديمقراطيين واستمع لوجهة نظرهم. نتوقف طويلا عند تساؤل العسكريين : إن كانوا مجرد أدوات تنفيذ، لأن هذا السؤال مع بقية ملاحظاتهم وتحفظاتهم يثير القضية القديمة والمتجددة، عن علاقة العمل العسكري بالعمل السياسي الجماهيري في حركة الثورة بصفة عامة وعن الفهم السليم لدور الثوريين في الجيش ومتي يتدخلون لحسم الصراع السياسي الاجتماعي، ومن يقر ذلك؟ وعن التصور الثابت لدي العسكريين أنهم عندما يبادرون بانقلاب إنما يهدفون لحسم الصراع نيابة عن الجماهير. هذا النوع من تقديرات العسكريين بوظيفتهم ودورهم يثير تساؤلاً مشروعا لدي الحركة السياسية ولدي الثوريين بصفة عامه ، إذ ما هي الضمانات أن لا ينفرد العسكريون في كل مرة داخل التحالف السياسي العسكري ويضعوا مجموع الحركة الثورية بما فيها الأحـزاب التي ينتمون اليها أمام الأمر الواقع؟
الشهيـد الشـفـيـع احمد الشيخ
01-05-2011, 07:27 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
و مع إدراكنا بان العنصر الحاسم في هذه القضايا هو الوعى السياسي و الفكري ودور القيادة السياسية ومقدرتها على الحسم ومدى اتساع الحركة الجماهيرية وتأثيرها, إلا أن القضية تظل محل صراع فكرى وسياسي مهما كانت التحوطات و الضمانات المسبقة. ففي مقابل سؤال العسكريين : إن كانوا مجرد أدوات تنفيذ من حق الحركة السياسية المدنية أن تتساءل ايضاً إن كانت هي مجرد قوى للمساعدة والتأييد؟ باختصار مهما كانت اعتراضاتنا وتحفظاتنا على تقديراتهم فان مواطن القصور و الغموض في تكتيكاتنا بعد انقلاب 16 نوفمبر1970م, و البطء الذي لازم تطورها ووضوحها, أسهمت سلباً في تقديراتهم. كما أن مشاعر الخذلان التي ركبتهم من موقف الانقساميين أضعفت ثقتهم في الحزب. طرح العسكريين لتقديراتهم وجهة نظرهم على عبد الخالق, وموافقتهم على اقتراحه بعرض الأمر على اللجنة المركزية, لا ينفي انهم في الجانب العملي كانوا قد اعدوا العدة لتنفيذ الانقلاب. بدليل الشواهد: أنهم وقتوا ساعة الصفر مع هروب عبد الخالق, ثم قبلوا التأجيل لفترة وجيزة بعد مناقشتهم معه, ويبدو أنهم توقعوا أن اجتماع عبد الخالق مع اللجنة المركزية لن يستغرق إنجازه أكثر من أسبوع أو عشرة أيام. يتضح ذلك من التصريح الذي أدلى به ناطق باسم مجلس الثورة مساء 19 يوليو بالتلفون لصحيفة مصرية, حيث ذكر انهم كانوا قد حددوا ساعة الصفر يوم 10, لكن إعلان حالة الاستعداد في الجيش في العاصمة بسبب فتح الجامعة واحتمال اندلاع مظاهرات طلابية امتداداً لأحداث مارس 1970 (أحداث مارس 1970 إعتصام الطلاب بمباني الجامعة احتجاجاً على توصيات لجنة التعليم التي أعلنها نميري في خطاب له بحنتوب) أجبرهم على التأجيل. كذلك أكد عدد من الضباط الذين شاركوا في الانقلاب وسرحوا أو سجنوا أنهم بالفعل استعدوا للتحرك في ذلك اليوم. ولكن وصلهم أمر إلغاء التحرك في منتصف النهار ونقلوا الأوامر للجنود وضباط الصف الذين تحت امرتهم في الوحدات المختلفة. وكانت صحيفة القوات المسلحة التي صدرت في الخرطوم قد نشرت تصريح الناطق باسم مجلس الثورة صباح يوم 20 يوليو. من الشواهد أيضاً استدعاء هاشم العطا في أوائل يونيو والتحقيق معه بواسطة أبو القاسم محمد إبراهيم عن تحركاته للتحضير لانقلاب, والشكوك التي كانت تساور السلطة بشأن ولاء أب شيبة والاتجاه لعزله من قيادة الحرس الجمهوري. نسجل كذلك إفادة ضابط قيادي في التنظيم كان خارج البلاد وعاد قبل الانقلاب بفترة وجيزة ولم يشارك في الانقلاب وسمع به من الإذاعة. حيث قال إنه وحتى يوم سفره للخارج في مارس/أبريل لم يكن هناك قرار بالانقلاب، وأنه قابل الشهيد بابكر النور في القاهرة في طريقه للندن في آخر أبريل وعلم منه أن التنظيم مازال يواصل التجنيد. تصريح بابكر النور في لندن الذي نقلته البي بي سي عندما سأله الصحفيون إن كان علي علم بهذا الانقلاب فرد بأنه كان علي علم بتحضير حركة داخل الجيش مناهضة لسلطة نميري لكنه لم يكن يتوقع حدوث الانقلاب في ذلك الوقت0) إنتهي
01-05-2011, 08:48 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
الأخ أبو محمد فؤاد ( الماكيكي ) أولاً آسف أني لم أنتبه امداخلتك سوى اليوم وآمل ألا أكون قد تأخرت في الايضاح. بالطبع لم أقصدك أنت في تنبيهي إلى أن عزيزنا الصديق خليل الياس حي يرزق متعه الله بألف صحة وعافية. في الأساس لفتت نظري مداخلة للأخ مبارك كنة كان مدخلها مقتبس من أحد المتداخلين ( هو منو ما قدرت أعرفو للأسف الشديد),, وقد عنيت بالاقتباس الذي أورده الأخ كنة وليس مداخلة كنة نفسها وهاهي:-
Quote: الرحمه و المغفره الى خليل الياس فالرحمه والمفغره للوالده الحاجه إقبال حرم خليل الياس فهى أيضاً تستحق أن يُُكتب عنها كتاب لجلدها وصبرها وكفاحها ,, والرحمه والمغفره للإبن طارق خليل الياس
اللهم أغفر لهم و ارحمهم و اعفو عنهم و أكرمهم - اللهم وسع مدخلهم و ادخلهم الجنة و غسلهم بالثلج و الماء والبرد - اللهم يمن كتابهم و هون حسابهم و لين ترابهم و ثبت أقدامهم و ألهمهم حسن الجواب - اللهم طيب ثراهم و اكرم مثواهم واجعل الجنة مستقرهم و مأواهم - اللهم نور مرقدهم و عطر مشهدهم و طيب مضجعهم - اللهم آنس وحشتهم و ارحم غربتهم و قهم عذاب القبر و عذاب النار - اللهم نقهم من خطاياهم كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس - اللهم فسح له في قبرورهم و اجعلهم روضة من رياض الجنة و لا تجعلهم حفرة من حفر النار - اللهم انقلهم من ضيق اللحود و القبور إلى سعة الدور و القصور مع الذين أنعمت عليهم من الصديقين و الصالحين والشهداء - اللهم اجعل لهم من فوقهم و من تحتهم و من أمامهم و من خلفهم و عن يمينهم و عن يسارهم نورا من نورك يا نور السماوات و الأرض - اللهم أبدلهم دارا خيرا من داره و أهلا خيرا من أهلهم و أزواجا خيرا من أزواجهم واسكنهم فسيح جناتك في الدراجات العلي آمين - اللهم إن كانو قد أحسنو فزدهم في إحسانهم و إن كان قد أساءو فتجاوز عن إساءتهم - يا أكرم من سئل و يا أوسع من جاد بالعطايا … خفف أحمالهم و حط من أوزارمه واجعلهم في مقام من قام لك بالقرآن أناء الليل و أطراف النهار - اللهم كن لهم بعد الحبيب حبيبا و لدعاء من دعا له سامعا و مجيبا و اجعل له من فضلك و رحمتك و جنتك حظا و نصيبا - اللهم من أحييته منا فأحييه على الإيمان و من توفيته منا فتوفه على الإسلام - اللهم إنا نسألك توبة قبل الموت و راحة عند الموت و مغفرة بعد الموت - اللهم اجعل لنا عملا يؤنسنا في قبرنا إذا أوحشنا المكان و لفظتنا الأوطان و فارقنا الأهل و الجيران - اللهم هب لنا نفوسا مطمئنة تؤمن بلقائك و ترضى بقضائك تقنع بعطائك - اللهم أغفر لحيينا و ميتنا و شاهدنا و غائبنا و صغيرينا و كبيرنا و جميع موتى المسلمين و المسلمات الذين شهدوا لك بالوحدانية و لنبيك بالرسالة و ماتوا على ذلك - اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها و اجعل خير أيامنا يوم لقائك - سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين - و صلي الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
جرح لن يندمل ياصديقى وانت فى مثواك الاخير بين يدالله و ملائكته
______________________
هذا ما وددت توضيحه عسى أن يساعدك في إجلاء اللبس الذي حدث ,, باعتبار أنك أصلاً لست بالمعني في توضيحي هذا مع التحيات لك ولعزيزنا كيكي الآخر وكل سنة وأنتما طيبين
فيسل:- ياخي meg.......
01-06-2011, 07:42 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
وفي الثاني والعشرين من يوليو 1971م بعد خروجنا من المعتقل بسجن كوبر، دعوتُ سكرتارية اتحاد الشباب السوداني لاجتماع نقيم فيه ما حدث ولنقف على تفاصيل التطورات التي لم نتابعها خلال الاعتقال. ولم يطل اجتماعنا حتى سمعنا بقذائف وطلقات رصاص فاندفعنا إلى الشارع تقصيا لما حدث فأخبرنا أحد الصحفيين أن انقلاب هاشم العطا قد فشل وان (نميري) خرج من القصر وأن قصفا بالمدرعات يمطره من كل جانب وكذا قصر الضيافة. وقد خرج نميري بالفعل مذعوراً مسعوراً غارقا في الهلع والانفلات وفي عجلة مجنونة أنشأ محاكم عسكرية صورية فرض عليها إصدار أحكام بالإعدام والسجن والعزل وهو في حالة من السكر يتناول كأسا من نديمه ذلك الوزير الذي ظل يلاحقه كلما فرغت كأسه يملأها مرة أخري فأفرغ ما في أحشائه من حقد وجبن وإنفلات ولم يدرك وقتها من كان في صفه ومن قام بالانقلاب المضاد، كان يعتقد أن مؤيديه في القوات المسلحة هم الذين أنقذوه والحقيقة كانت خلافاً لذلك فقد ظن قادة الانقلاب المضاد وأكثرهم كانوا من الجنود أن هاشم العطا قد صفى جعفر نميري وزملاءه أعضاء مجلس قيادة الثورة وأن الساحة قد خلت لهم وعندما فوجئوا بأن النميري وزملاءه علي قيد الحياة زعموا أنهم جاؤا لإنقاذه من الشيوعيين، وصدق نميري تلك الأكذوبة بأنهم جاءوا لإنقاذه بل إنه أوقف إذاعة الأغنية التي ظلت ترددها الفنانة الشعبية حواء الطقطاقة التي جاء فيها : الليله وين الليله عاد الوجع رجع أسباب رجوعك دبابات وأسباب رجوعك مظلات ولكن النميري أصر على أن الشعب هو الذي أعاده إلى السلطة وليست الدبابات. في تلك المحاكم الصورية أعاد لمرات كثيرة كل حكم أصدرته محكمة كان قرارها دون الإعدام أو السجن الطويل. وحدث ذلك مرة عندما حكم اللواء المقبول بالسجن على المقدم بابكر النور وأعاد نميري أوراق الحكم فزاد المقبول سنوات السجن قليلاً ولم يقتنع نميري، فأبعده عن رئاسة المحكمة وأستبدله بصلاح عبد العال الذي لم يتردد في الحكم على بابكر النور بالأعدام دون حيثيات تبرر ذلك بل أن حكم الإعدام طال من كانوا خارج البلاد حين وقع انقلاب يوليو أمثال المقدم بابكر النور والرائد فاروق حمد الله. ولم يسلم حتى غير العسكريين من تلك المحاكم المسرحية فقد طالت يد السفاح نميري أعناق المناضلين الشرفاء عبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق فأزهقت أرواحهم شنقا في سجن كوبر ولم يكن أحدهم علي دبابة أو قبض عليه يحمل مدفعاً رشاشاً أو قنابل أو متفجرات أو شارك في الإعداد للإنقلاب العسكري ولم يوجد بحوزتهم محضر إجتماع أو وثيقة تشير إليهم بل كان العكس كانوا جميعاً ضد فكرة الإنقلاب. ولم ينفذ إعدام العسكريين وفقا للتقاليد العسكرية التي تفضي باطلاق رصاصة واحدة علي قلب كل واحد منهم ولا يعرف الرماة أيهم كانت الرصاصة في بندقيته حتى لا يعتريه الإحساس بأنه هو القاتل وراح يمطرهم بمئات الطلقات وهم يهتفون بحياة الشعب السوداني ونضال الطبقة العاملة. وظل نميري ثملاً وحشاً يبعث بالشهداء الي (الدروة) ويتوعد الناس عبر الراديو ويستنفرهم للقبض علي الشيوعيين ومن أسماهم الخونة الهاريين المارقين ويحرضهم علي الفتك بهم. ولو أطلقت يده في ذلك اليوم لطوح برؤوس آلاف المواطنين ولطوق العاصمة ليجعل منها سجنا متسعا للجميع. وأنكر في غمرة سكره وجنونه كل التعامل الإنساني الذي لقيه خلال الفترة التي قضاها بالقصر الجمهوري. يحدثني شقيق هاشم العطا أن (هاشم) جاء الي أسرته في اليوم الثاني للانقلاب فسألوه عن الأخبار التي تناقلها الشارع بأنهم أعدموا نميري وزملاءه قال لهم إني قادم الآن من زيارتهم في القصر الجمهوري وأنهم سيتحفظون عليهم يوم السبت في منازلهم تماما كما فعلوا بنا ويواصل هاشم الحديث: وعندما دخلت علي جعفر في غرفته قال لي: معقول يا هاشم جيت لزيارتي؟؟ قال له: نعم قال نميري: عاوزين تعملوا فينا شنو؟ قال له هاشم كل خير .. وهل أنت محتاج لأي حاجة؟ قال نميري والله يا هاشم قلقان محتاج لي لقزازة شري!! قال هاشم : ما هي دي المصائب الخلتك تتصرف بدون عقل وأدرت ظهرك للشعارات التي رفعناها والبرنامج الذي وضعناه لتحسين حياة المواطنين من أجل التنمية والتقدم الاجتماعي وتنكرت لكل ما جاء في البيانات الأولى التي دفعت المواطنين لتأييد الثورة وحمايتها. وخرج هاشم ليأمر القائمين علي أمر المرطبات والمشروبات بإخلاء الخمور الموجودة في القصر وإعادتها إلى قسم المرطبات. شهد بذلك عمال القصر والمرطبات الذين تم اعتقالهم وأضافوا أنه أحضر للرائد أبو القاسم هاشم أقراص السكري بعد أن طمأن أسرته وأكد لهم أنه سيعود إلى المنزل يوم السبت القادم أي بعد ثلاثة أيام فقط من تاريخ الانقلاب. وعند لقائه بالرائد أبو القاسم محمد إبراهيم قال أبو القاسم: أنت عارف أنا معاكم وخلي مجلس الثورة يعرف هذه الحقيقة، رد عليه هاشم: سأبلغ المجلس بذلك، وكان أكثر المعتقلين إنهياراً وفزعاً.. وعندما فشل إنقلاب هاشم العطا كان أبو القاسم في الشجرة وحشاً ########اً قاسياً وراح يضرب الشفيع أحمد الشيخ ويركله برجله حتى أدمى وجهه وظهره ووأشك أن يودي بحياته. وفعل كذلك خالد حسن عباس بالشهيد بابكر النور حيث صفعه في وجهه وحينما سأله الصحفي عن تلك الواقعة أنكرها ولكن الصورة فضحت كذبه. سألنا المعتقلين الذين كانوا يشرفون على خدمات نميري وأعضاء مجلس الثورة في القصر هل صحيح كما زعم نميري أنهم حـــرموه من ذهابه للحمام؟ فقال أحدهم ساخراً: هو ساب حاجة عشــــان يروح الحمام؟ ما خلاص كان أكتفى بالغرفة التي كان بها.
01-06-2011, 11:44 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
تذكرت (قهوة بابو) أحدى معالم مدينة شندي والتي لم تكن فقط لتناول الشاي والقهوة بل كانت ملتقى لابناء شندي للثقافة والسياسة والمناشط الرياضية.. يقول المثل في شندي : أن من زار شندي ولم يجلس في قهوة بابو فإن زيارته مبتورة. ويزدهر نشاط القهوة في عطلات المدارس والجامعات. القادمون من مصر والثانويات في وادي سيدنا وحنتوب، يديرون المناقشات في المواضيع المختلفة وخاصة السياسية وقد اثروا علي جيلنا بتلك المساهمات فايقظوا فينا اهتماماً مبكرا بالعمل السياسي والتعلق به…. جاءنا من الجامعات المصرية : التجاني الطيب ابراهيم حاج محمد-عامر جمال الدين، ابراهيم جمال الدين ، منصور أحمد الشيخ حسن قسم الله ، حمد ساتي أحمد الطيب عبد الله الحسن. وكانت للطالب التجاني الطيب ، وهو الآن أحد قادة الحزب الشيوعي ،نكهة خاصة لحديثة تختلف عن بقية المتحدثين في السياسة في تلك الأيام. وكنا نصغي إليه باهتمام شديد … سمعناه يتحدث عن الاستعمار وانه اعلي مراحل الرأسمالية، وتحدث عن أن العالم اليوم ينقسم الي معسكرين : المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي وهو يتضامن ويساعد الشعوب المستعمرة لكي تنال استقلالها.. والمعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وهي الاستعمار الحديث ويتحدث عن السلام العالمي وعن الكفاح المشترك مع الشعب المصري وعن اتحاد الطبقة العاملة فإمتلك وجداننا بتلك التعبيرات المثيرة. تساءلنا مستفسرين عن الحزب السياسي الذي ينتمي إليه ذلك الطالب، قالوا إنه أحد أعضاء منظمة سرية تدعي (الحركة السودانية للتحرر الوطني)، ويرمزون اليها بكلمة (حستو) وأصبحت فيما بعد الجبهة المعادية للإستعمار وأخيراً الحزب الشيوعي السوداني، وأن الطالب التجاني هو أبن الشيخ الطيب بابكر الملقب (بالمظاهري) لإشتهاره بقيادة المظاهرات ضد الانجليز. وظهر من أبناء شندي في تلك الفترة : الشفيع أحمد الشيخ ، سكرتير نقابة عمال السكة حديد وأدهشنا وأعجبنا بدفاعه عن العمال وحقهم في تكوين منظمة ترعى حقوقهم وتوحد نضالهم. وزاد اعجاينا به حين علمنا أنه وقف في وجه مدير السكة حديد الانجليزي… وعندما بلغنا الخبر بأنه قدم الى محكمة في عطبرة هرعنا الي مكتب التلغراف وبعثنا إليه ببرقيات تأييد واعجاب لثباته أمام المحكمة وكان والده قد بعث لأبنه (تلغراف) يقول فيه: إن ينصركم الله فلا غالب لكم…. وغضب المفتش الإنجليزي عندما سمع بنص التلغراف وكان يعتقد أن والده سوف يثنيه عن موقفه فأرسل إليه يطلب حضوره الي المركز ولكنه رفض وقال للمرسال : خليه بجيني هنا اذا عنده موضوع مهم. عوده الي قهوة بابو: أعود ثانية إلى قهوة بابو.. فقد كان العم بابو فاتح الريح صاحب القهوة يبهرنا بصوته الإذاعي الجهير ورغم انشغاله بتدابير القهوة والشاي كان يشارك من وقت لآخر في المناقشات التي تدور وبخاصة في الحديث عن وحدة وادي النيل التي كان من دعاتها داعما للنقاش بقفشاته الذكية المرحة…أذكر يوما عندما جاء الزعيم الوحدوي محمد نور الدين يبشر بوحدة وادي النيل التي كانت إحدى جولاته في الأقاليم وخصص أحد المنازل لذلك اللقاء إذ لم يكن بشندي مسرح أو قاعة إجتماعات وكان نور الدين دائماً يخاطب الجماهير بلغة بسيطة دارجة ويضرب الأمثال القريبة لاستيعاب المواطنين.. في إحدى تلك اللقاءات السياسية قال متسأئلا لكي يوضح معني الوحدة: وحدة مصر والسودان زي غرفتين بينهم حيطة لما نكسر الحيطة يحصل ايه؟ ويرد علي سؤاله: يحصل اندماج الغرفتين أي مصر والسودان. فوقف العم بابو فاتح ليرد عليه : اذا كسرنا الحيطة تنهار الغرفتين …فضحك الحاضرون وشاركهم الضحك الزعيم نور الدين نفسه. تترادف الذكريات في قهوة بابو، وبالإضافة إلى ذلك النشاط السياسي والثقافي الجاد فإنها لم تجف من الطرف والنوادر. من بين الرواد كان الفنان عثمان بادي وقد عرف بتعاطفه مع نشطاء (حستو) حتي اعتبره جهاز المباحث عضوا في ذلك التنظيم. لم ينل عثمان قدرا من التعليم ولكنه كان ذكيا ولماحا، وظل دائم الحضور إلى ذلك المقهى وهو يحمل الصحف اليومية ويطلب من أحد الحاضرين قراءتها له فيستوعبها بصورة جيدة تمكنه من المشاركة في المناقشات كأي كادر سياسي مقتدر…. الطريف أن استيقظت يوماً مدينة شندي علي شعارات ملأت جدران المدينة كتبها الشيوعيون تندد بالاستعمار ومطالبة بالاستقلال وقام البوليس بأعتقال أعداد كبيرة من المواطنين وكان عثمان بادي واحدا منهم وصحبه البوليس الي منزله للتفتيش وأندهشت جدته عندما رأت البوليس فسألتهم :ماذا يريدون؟ فأجابوها بأنهم يتهمون ابنها بالكتابة علي الجدران، وأنهم يبحثون عن المواد التي كتبت بها تلك الشعارات. فسخرت منهم وقالت لهم : كتابة شنو يا اولادي! انتو عارفين عثمان لا ييعرف يقرأ ولا يكتب ……. فانفعل عثمان وقال لوالدته : كان ما بعرف أقرا ولا أكتب ما بعرف أشيل جردل البوهيه..! في ساحة المولد: وتطوف الذكريات في ربوع شندي … تذكرت المهرجانات التي تقام في ميدان المولد في الليلة الأخيرة وفي العام الهجري حيث يتبادل الخطباء الحديث عن الاستقلال والتنديد بالاستعمار. في واحدة من تلك الليالي وقف الطالب عبد الله الحسن (الذي أصبح فيما بعد نقيب المحامين) والقي قصيدة ألهبت حماس الجماهير فخرجوا في مظاهرة هادرة أغضبت مفتش المركز الإنجليزي فأمر بأعتقاله ولكن مواطني شندي أخذوه بعربة في ذات الليل إلى محطة كبوشية حيث عاد إلى القاهرة. جاء في تلك القصيدة : سلاما ليلة الميلاد عودي *** علي الإسلام والإسلام حر أعيدي ذكر من دكوا الحصون *** فأين أبن الوليد وأين عمر بني وطني أفيقوا وأسمعوني *** طريق المجد لن يكسوه زهر طريق المجد مفروش بشوك *** وفي جنباته نار وجمر وفي ذات الميدان كان مفتش المركز يقيم مهرجانا سنويا احتفالا بعيد جلوس الملك جورج السادس، وكنا نشترك عن المدرسة الأولية في المنافسات الرياضية، وفي نهاية المهرجان بعد تقديم الجوائز للمتسابقين يقف مأمور المركز يهتف : يعيش جلالة الملك جورج السادس … وفي واحد من تلك الاحتفلات وبعد أن هتف المأمور وقف الطالب منصور أحمد الشيخ (الذي اصبح فيما بعد المدير العام لبنك الإدخار ووكيلاً لوزارة الإعلام في أيام مايو الأولى) وفي حماس وانفعال ليهتف : يعيش فاروق الأول ملك مصر والسودان ورددنا معه في حماس شديد فقد شدنا ذكر الملك فاروق إذ أننا علمنا من الحاجة بخيتة بائعة (الروب) أن الملك فاروق وعد بارسال (سكر الرأس) الذي توقف بسبب إندلاع الحرب العالمية الثانية وكانت (الحاجة بخيتة) وهي تبيع الروب تغني : يا الشاي الأحمر ** أنا ليك بتذكر وساعة العصرية ** دايماً بتفكر فاروق المصري ** قالوا حنّ علينا وفي شهر تمانية ** الرأس جايينا ولما كان مفتش المركز الإنجليزي يجيد اللغة العربية قراءة وكتابة وتحدثا فقد أستفزه ذلك الهتاف وقلل من شأنه أمام الإنجليز الذين دعاهم لحضور الاحتفال فأمر بطرد الطالب منصور أحمد الشيخ من شندي …. وعندما بلغ الخبر شيخ الطيب (المظاهري) هرع الي مفتش المركز منفعلا وحذره إن هو أقدم علي هذه الخطوة فسوف يقود مظاهرة بمئات المواطنين الي مركز شندي، فتراجع المفتش عن قراره وأكمل منصور اجازته في شندي. وكان مفتش المركز يعلم أيضاً أن شيخ الطيب عضو في جمعية سرية تدعى (جمعية الإتحاد السرية) لكنه لا يدري كثيراً عن برنامجها ومناشطها وكان أعضاء هذه الجمعية هم : أحمد أفندي الشيخ والد الزعيم العمالي المناضل الشفيع أحمد الشيخ والشيخ الطيب بابكر والد المناضل التجاني الطيب والحاج جلاب والحارث إبراهيم. ولكنه عجز في الحصول على دليل يسمح له بإعتقالهم أو تحريم نشاطهم ورغم أن مدينة شندي آنذاك كانت صغيرة وعدد سكانها قليل لم يستطع المفتش إختراق هذه الجمعية أو يحصل من أي مواطن على معلومة تعينه للقبض على اعضائها. وفي العام التالي وفي ذات الزمان والمكان وبعد نهاية الاحتفال وقف المأمور ليهتف: يعيش جلالة الملك دون أن يذكر جورج السادس خوفا من الهتاف المضاد وتلفت يمنة ويسرة في قلق شديد ولكن الطالب منصور أحمد الشيخ لم يكن موجودا في ذلك اليوم فتنفس عمنا هاشم المأمور الصعداء. ولا تخلو تلك الإحتفالات من بعض الطرف والنوادر فقد كان العم عباس صبحي ينادي الفائزين في المسابقات في ذلك المهرجان وعندما جاء دور الفائز في ركوب الحمير بالمقلوب وقف ينادي بصوت عال : الحمار الأول فلان الفلاني.
01-06-2011, 12:20 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
Quote: جاءنا من الجامعات المصرية : التجاني الطيب ابراهيم حاج محمد-عامر جمال الدين، ابراهيم جمال الدين ، منصور أحمد الشيخ حسن قسم الله ، حمد ساتي أحمد الطيب عبد الله الحسن. وكانت للطالب التجاني الطيب ، وهو الآن أحد قادة الحزب الشيوعي ،نكهة خاصة لحديثة تختلف عن بقية المتحدثين في السياسة في تلك الأيام. وكنا نصغي إليه باهتمام شديد … سمعناه يتحدث عن الاستعمار وانه اعلي مراحل الرأسمالية،
التحيه والتقدير للاستاذ التجانى الطيب بابكر
01-06-2011, 07:17 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
ومرت بي الذكريات إلى الفترة التي زخرت فيها مدينة شندي بالشعراء والمطربين وما زالت- ولكن كبار القوم وأولياء الأمور آنذاك لم يكونوا من المحفزين لهذه المواهب الفنية بل وصفوها بالصياعة ونعتوا المطربين بالصياع إلا فئة قليلة شاقها الوجد والحنين للطرب فأذنت لنفسها تشجيعاً محفوفاً بالحذر والتحفظ. وظلت جلسات الطرب بالعود دكاكينية لزمن طويل وانحصرت أغنيات الرق والشيالين في بيوت الأعراس ومناسبات الأفراح الأخرى. في تلك الأيام كان عمنا الزين بابكر الشفيع موظفا بمصلحة الزراعة جاء الي شندي للعمل بها، مصطحبا آلة (العود) فلفت أنظار الفنان عثمان الشفيع وبعضا من زملائه المطربين فوفدوا إليه ليعلمهم العزف. وامتد شغف الشفيع إلى عدد آخر من زملائه : الهادي الياس، سلمان عبد الله بخيت، عوض عثمان مدني وآخرين إكتفوا بالاستماع والطرب.. كان دكان الشفيع بجانب حياكة القمصان الأفرنجية ملتقى كثبر من الشباب بينهم كان شقيقي الهادي، يتسلل إلى هناك خوفاً من أن يدرك شقيقه الأكبر أحمد نشاطه إذ كان من المدرسة المعادية (للصياع)… وكان يردد كثيراً نصائحه إلى عثمان الشفيع حاثاً له علي اللحاق بمدرسة فنيه لاقتناعه بأن الشفيع يمتلك قدرات تمكنه من تعلم مهنة أفضل تساعده علي مسؤوليات أسرته وتجنبه (ضياع الصياع). ولتأمين ممارستهم لتعلم العزف كان شقيقي يصحبني معه الي دكان الشفيع وفي واجهته يضعون لي مقعداً صغيراً متجهاً نحو منزلنا إذ كان قربياً من السوق. وطلبوا مني أن أنبههم عندما يظهر شقيقنا الأكبر (احمد) من أول الشارع فيجلس الشفيع علي الماكينة ويلتف حوله الباقون كأنهم في انتظار القمصان التي اشتهر بحياكتها. وظلت جلسات الطرب بالعود (دكاكينية) لزمن طويل وانحصرت أغنيات الرق والشياليين في بيوت الأعراس ومناسبات الأفراح الأخرى. وما انفك شقيقي الأكبر يلاحقهما لكي يكفا عن ذلك النشاط ولكن عزمهما وإصرارهما كانا أقوي. وعند نهاية ساعات العمل بالسكة حديد حيث كان شقيقي موظفا بها، كان يذهب الي الشفيع، لتوقيع الأغنيات التي سيؤديانها في ذلك المساء … وتقلق والدتي لطول غيابه فترسلني إليه ترجوه العودة إلى المنزل .. وعند ظهوري في (برندة) الدكان يتحول الغناء الي واحدة من قصائد المديح حتى اذا ما عدنا إلى المنزل سألتني الوالدة : الولاد ديل بسوا شنو؟ أرد عليها أنهم كانوا يمدحون، فتبدو عليها الراحة والاطمئنان .. وفي احدي المرات فات عليهم تواجدي في الحراسة انتظاراً لشقيقي كي يصحبني في العوده معه إلى المنزل فسمعتهم يرددون : نادوهم لي ** أناديهم يزيلوا البية أسيادي وفي اجابتي علي سؤال الوالدة أنشدت لها ذلك المقطع. وعندما سمعت أسيادي: قالت بانفعال: يلحقونا ويفزعونا السادة: اذ كانت تعتقد أن أسيادي مقصود بها الساده الأولياء لأنها ختمية متطرفة. وطاف عثمان الشفيع العديد من مدن المديرية الشمالية وجاء إلى امدرمان فناناً مقتدراً نافس من سبقوه من الفنانين : الكاشف ،حسن عطية ، أحمد المصطفي أما زملاؤه من أبناء شندي فشغلتهم الخدمة المدنية وهاجر الفنان المنافس عوض عثمان مدني الي القاهرة وأصبح الباقون هواة تستخفهم أغنيات الشفيع وتجعلهم آذاناً قادرة علي السمع ويتابعون بكثير من الاهتمام ما يجد عنده من أغنيات يشفعونها في لقائهم الودي بالنقد الباني والتوجيه. وبادر الشفيع بالاشتراك في حملات تعليم البنات إذ كان وقتها المعارضون لتعليمها كثيرين وتمكن بالمساهمة بأغنيته التي مطلعها يا بنات المدرسة قائلا : يا سادة سيبوا الجدل دا شبابنا للتعليم قدل لا خوف عليه ولا خجل عاشت بنات المدرسة وتواصلت الحملة لتعليم المرأة بالمحاضرات والندوات وكان الشفيع مشاركاً فيها مشاركةً نشطه بالأناشيد الوطنية والدعوة للتعليم وكان يصدح بالاناشيد الوطنية.. الى العلا ـ صه يا كنارى المجد للوطن صرخة روت دمي. وفي إحدى تلك اللقاءات وقف صادحاً.. حيوا معي هذا المساء كل البنات في المدرسه حبوبه تمشى وآنسه بالعلم نبني مؤسسه وعاشت بنات المدرسه ولعبت مدرسة شندى الريفيه الوسطى دوراً هاماً ومؤثراً في الحملة الداعية للتعليم ومحو الامية ونشطت جماعة التمثيل بالمدرسه وقدمت مسرحية تدعو المواطنين لإرسال بناتهم وأبنائهم لدور التعليم ودعت الى التبرعات المالية. وقام احد الممثلين ( الهادى أحمد الشيخ) بدور (أحمد جمال الدين) سر تجار شندى، وأعلن عن تبرعه بمبلغ مئتى جنيه مساهمة منه في إنجاح حملة التعليم.. وحينما علم جمال الدين بذلك لم يتردد في تحقيق ذلك الحلم ودفع المبلغ نقداً.) جاء في دوبيت تلك المسرحية على لسان التلميذ هاشم الجمري ممثلاً لدور الوالد وعثمان أحمد تمام أبنه التلميذ. هيع ولدى النجيض جمل الحمل والشيل تعرف للقلامه وما بتقر لى ديل بى فضل العلم خلصت أبوك من ويل والما بعلم جناهو يمين يروح بالميل) ولم تقنع مواطني شندي اللقاءات في المناسبات المتباعدة فبحثوا عن منابر أخرى لتوسيع مناشطهم السياسية والإجتماعية، فأنشأوا فريقين اطلق على أحدهما فريق الوطن وعلى الآخر فريق الجهاد، وصحب كلاً منهما دار بذات الإسمين، يختلف إليهم الشباب للندوات والمحاضرات فأقلق ذلك النشاط مفتش المركز الإنجليزي وأيقن أن الغرض من هذين الفريقين له هدف سياسي لتحريض المواطنين على العمل ضد الحكومة، ويدل على ذلك كلمتا الجهاد والوطن، فلجأ إلى أسلوب الوساطة لتغيير الإسمين لكي يأذن لهم بممارسة النشاط الرياضي ونزولاً على رغبة ووساطة تلك الشخصيات تحول إسم نادي الجهاد إلى نادي النيل وكذلك الوطن إلى النادي الأهلي، ولكن المحاضرات والندوات واللقاءات والمناشط الثقافية لم تمسسها يد الوسطاء ولا تهديدات البوليس، فأصبحت الأندية الرياضية منشطاً مكملاً للحركة السياسية.
01-06-2011, 07:34 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
Quote: وطاف عثمان الشفيع العديد من مدن المديرية الشمالية وجاء إلى امدرمان فناناً مقتدراً نافس من سبقوه من الفنانين : الكاشف ،حسن عطية ، أحمد المصطفي أما زملاؤه من أبناء شندي فشغلتهم الخدمة المدنية وهاجر الفنان المنافس عوض عثمان مدني الي القاهرة وأصبح الباقون هواة تستخفهم أغنيات الشفيع وتجعلهم آذاناً قادرة علي السمع ويتابعون بكثير من الاهتمام ما يجد عنده من أغنيات يشفعونها في لقائهم الودي بالنقد الباني والتوجيه. وبادر الشفيع بالاشتراك في حملات تعليم البنات إذ كان وقتها المعارضون لتعليمها كثيرين
اهداء خاص للاستاذ الفنان خليل الياس
01-07-2011, 08:22 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
وظللت غارقاً في الذكريات في ربوع شندي وأصغي أحيانا لراديو امدرمان فإذا به يشتعل بالنداء المستعر ليس فقط بتكرار التحريض علي من سماهم الخونة والمارقين وانما خص المطلوبين بالأسماء والعناوين وكان اسمي وأحداً منهم وهدد بأن من يخفي أحد المطلوبين سينال نفس العقوية التي سينالها الشخص المختفي… وهنا أدركني الخوف علي أبناء شقيقتي وخشيت أن يعاود البوليس تفتيش منزلها فيوقع الأذى بأبنائها الذين كانوا يتلقون دراساتهم خارج البلاد فيحرمهم من العودة لمواصلة تعليمهم، فقررت تسليم نفسي إلى البوليس. وذهبت إلى (المركز) حيث وجدت (القمندان) ومعه أحد معارفي من أبناء شندي جالسين أمام المكتب…..حييتهما فرحب بي (القمندان) ونهض يدعوني للجلوس ….. شكرته و أخبرته بأنني سمعت اسمي في الراديو ضمن الأشخاص المطلوبين، ولأنني لست من المارقين أو الهاربين أردت أن اسلم نفسي… تغيرت ملامحه وبلهجة صارمة وقاسية وبصوتٍ آمر طلب مني خلع العمامة وحشرني مع آخرين في الزنزانة وابلغ وزارة الداخلية بأنه القى القبض على الهارب ……. وفي ذات المساء الحقني بقطار متجه إلى الخرطوم بحراسة (أمباشي) و(جندي).كان (الامباشي) رجلا طيبا وبسيطا يسلمني البندقية كلما أراد ضبط حزامه وقميصه الذي يخرج دائما من كرشه المتدلية !! ويحتج زميله الجندي علي تصرفه فيرد عليه بأن هذا الرجل جاءنا بنفسه وكان بمقدوره الهروب فلماذا أخاف منه وأنت نائم طول الليل. وقبل دخولنا محطة الخرطوم غلب عليه النعاس فقال لييا ود أخوي عليك الله أمسك لي البندقية دي خليني آخد لي غمدة …. ووكتين نصل الخرطوم تورني). توقف القطار في محطة الخرطوم ونزلنا في بهوها وراح الامباشي يتفقد عربات البوليس عله يجد مندوب وزارة الداخلية في انتظارنا كما أفاده بذلك (قمدان) بوليس شندي، ومضي من الزمن أكثر من ساعة ونحن في الانتظار، وتسآءل (الامباشي) لماذا لم يحضر شخص حتى الآن وقال: (نحن قروش ما عندنا عاد بنصل كيف… والداخلية ما شفناها قبال ده؟…) طمأنته بأنني أعرفها جيدا ومعي مصاريف كفاية سأدفع أجرة التاكسي…تركتهما في ساحة المحطة وخرجت إلى تمثال (الجندي المجهول) بشارع القصر وعدت إليهما بالتاكسي وكانا واقفين (زنهار) كل منهما يحمل بندقيته علي كتفه، سألتهما إن كانا يرغبان في شاي أو قهوة، فرد علي الجندي (المفلهم) (نحن في ساعة عمل رسمي… ما فاضين للقهوة أو شاي). ذهبنا إلى وزارة الداخلية ووجدنا عريف (ضابط نوبتجي) تسلم الخطاب من (الامباشي) وكان يقرأ بصوت مسموع وعندما جاء الي الفقرة التي تقول القينا القبض علي الهارب قلت له : إن هذا غير صحيح فأنا الذي جئت بنفسي. وأنفعل (الامباشي) وأكد أن هذا الرجل جانا والله (بكرعيه). وسألني إن كنت أرغب في فتح بلاغ ضد (القمندان) قلت : بلى ومازال البلاغ مفتوحاً.
01-07-2011, 05:26 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
وتسلم ضابط الامن خطاباً من وزارة الداخلية موجهاً الي (قمندان) سجن كوبر يأمره فيه بإعتقالي تحفظياً وصحبنى الى هناك في عربة تئن وتصرخ من العطب الذى أصابها. دخلت السرايا. وهي أكبر مبني في سجن كوبر مكون من طابقين وثمانية عنابر كبيرة كان الواحد منها يسع أكثر من خمسة وأربعين شخصاً مستلقين علي الأرض مع رداءة الطعام وقلته وتتوسط الساحة (ماسورة) واحدة صغيرة يقف المعتقلون صفوفاً كي ينالوا منها قدراً يسيراً للنظافة وغسل الملابس، وتحيطها ساحات كبيرة سمحت لنا بكل أنواع الرياضة، وفي صدرها يقف مسرح انتظمت فيه المجلة الأسبوعية والمناشط الثقافية الأخرى، وقد أُخليت السرايا تماما من السجناء واكتظت بمئات المعتقلين الجالسين علي الأرض فوق البروش وكنا قد نظمنا السكن وتحولت السرايا إلى خلايا من الجمعيات والأندية والفرق الفنية والرياضية ونشطت: بالمحاضرات والندوات حتى لتجد البعض يعتذر عن حضور بعض المناشط لانشغاله بمنشط آخر في ذات الوقت. وقد حفلت السرايا بعدد من المواطنين الذين لا ناقة لهم فيها ولا جمل في النشاط السياسي وجئ بهم لأسباب متعددة شخصية وكيدية0 وتمر ايام لا يلتقي البعض بالآخر لإنشغالهم في مناشط أخرى. وكان المعتقلون يهتمون بالقادم الجديد ويلتفون حوله يسألونه عن الأخبار والأحوال خارج كوبر فقد ملوا الاستفسار عن أسباب الاعتقال لان كثيرين منهم قد زج بهم دون أسباب، ولم يجر معهم تحقيق أو توجه لهم اتهامات محددة. وظل جهاز الأمن يدفع ببعض المواطنين لمجرد أنهم كانوا يتابعون باهتمام وإشفاق أخبار زملائهم الذين انتزعوا من مكاتبهم أو أماكن عملهم. وسوء حظ من بدا عليه الارتياح لانقلاب هاشم العطا حتى لو لم يعبر عن ذلك بالتعليق فطالهم الاعتقال. حين دخولي (السرايا) وجدت الجميع يتطلعون إلى ويمطرونني بالأسئلة لأروي لهم ما حصلت عليه من الصحف قبل اعتقالي، فقد كانت الصحف والمجلات والأقلام كلها محظورة وكذلك الراديو. ذكرت لهم أن الصحف سخرت جميعها للسباب والاتهام للشيوعيين والديمقراطيين مطاليين المواطنين بالتبليغ عنهم، ولكن خاب ظنهم وعلي غير ما ابتغوا كان المواطنون يأوون ويخفون البعض رغم الوعيد والتهديد، وجدت مئات الشباب وبعض المسنين فوق البروش علي الأرض ورغم المحرمات من أدوات الكتابة ووسائل الإعلام فقد إنتظم معسكر الإعتقال في عدد من الجمعيات والأندية الثقافية والاجتماعية والرياضية، وكذلك جمعيات الفنون والمسرح والطرب، وتفتقت أذهانهم عن إنشاء مجلة ناطقة في نهاية الأسبوع تبدأ بكلمة العدد وتتنوع فقراتها باللوحات والكاريكتيرات والأناشيد والأغاني. يتم كل ذلك من مخزون الذاكرة إذ ليس في المعتقل أوراق أو أقلام وكان القلم من أولويات المحظورات لدي جهاز الأمن. وإصراراً على تجاوز تلك الصعاب صنع المعتقلون من شراب (الكركدي) حبر الكتابة وأصدروا مجلة صيغت صفحاتها من أوراق الأكياس التي جاءت مملوءة بالفواكه. عندما بدأت زيارات الأسر. وأولى المضايقات التي واجهت المعتقلين كانت المكيفات من السجائر و التنباك والشاي والقهوة، ولكنهم ظلوا علي الدوام يكتشفون وسائل للحصول عليها. وقد تمكن (طه البصير) وهو من مدمني الشاي من العثور علي مواد يوقد بها النار وكان الاحتفال بأول كوب من الشاي (الأحمر) بعد أن حول (الكورة) إلى (كفتيرة) وأمسك برأسه مزهوا بتحطيم الكيف الأول. واستمرت الإمدادات عبر المساجين إذ اكتشفنا أن السجائر هو العملة الصعبة للشراء داخل السجن. وعثرنا عبرهم على فجوة عند باب المستشفى المجاور للسرايا أحدثه السجناء يتلقون به بعض المواد التي تتوفر لدى المرضى مثل الزيت والسكر وخلافه، وانتظمت المحاضرات والندوات وفصول اللغات الإنجليزية والروسية والفرنسية. وانشغل المعتقلون بمناشط كثيرة ومتنوعة حتى أن البعض تمر بهم أيام لا يلتقون فيها إلا صدفة فقد أصبحت السرايا خلية نحل للمناشط بل أنها تحولت إلى حي سكني ينضح بالسكان، وازدادت الحركة في السرايا بالمنافسات الرياضية الدورية بعد أن تكون الإتحاد العام لكرة القدم وقد أفلح جابر عوض في صنع الميداليات والنياشين من صابون حمام بوكية وكذلك لعبة الشطرنج من بقايا الخبز وكانت هي الجوائز التي تقدم للفائزين في المسابقات المختلفة في مباريات كرة القدم والمناشط الرياضية الأخرى. ووجدت في السرايا أعداداً كثيرة من الشخصيات الثقافية والسياسية والإجتماعية مجالس عبد الكريم ميرغني و منهم على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ عبد الكريم ميرغني الوزير السابق لحكومة مايو، وكان يقدم محاضرات قيمة عن تجاربه عندما كان سفيراً في الهند وحرص على تعليم وتدريب بعض المعتقلين على ممارسة (اليوقا) وهى رياضة آسيوية اكتسب خبرتها عندما كان في آسيا. وكثيراً ما قدم لبعض المرضى وصفات بلدية لأسرهم خلال الزيارة فأعدوها وأحضروها لهم وتم الشفاء وكان منتدى عبد الكريم في سجن كوبر يمثل ملتقى مميزاً وجاذباً لكثير من المعتقلين المسكونين بقضايا الفكر وهموم الوطن فيستمعون فيه كما يستمتعون بالمشاركة بشتى ضروب الثقافة والمعارف الإنسانية على إختلاف دروبها.. وقد حكى لي الصديق الأثير عبد الوهاب محمود بشير أمين أمانة الاعلام السابق في سكرتارية إتحاد الشباب السوداني بأن من المفارقات العجيبة والمدهشة أنه تعرف على الراحل المقيم الأستاذ عبد الكريم ميرغني عن قرب في ندواته الراتبة في منزله بضاحية المعادي عندما كان (أي عبد الكريم ميرغني) سفيراً للسودان بالقاهرة حيث تعود أن يغشى بإنتظام مجلس ومنتدى عبد الكريم ميرغني برفقة الكاتب والصحفي الكبير قيلي أحمد عمر رحمه الله- وقد تعود أن يعمر المجلس لفيف من كبار الشعراء والكتاب والصحفيين من أصدقائه ومعارفه أمثال صلاح عبد الصبور، عبد الرحمن الخميسي وشاعر المقاومة المفلسطينية معين بسيسو. ويمضي عبد الوهاب في مداخلته مؤكداً بأن الذين نفذوا فكرة مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي قد وفقوا تماماً في تخليد تلك القامة السامقة من رموزنا الوطنية. إذ كان عبد الكريم ميرغني حقاً وصدقاً منارة للإشعاع الثقافي أينما حل، وكانت ندواته مرتعاً خصيباً في حقول العلوم والآداب والفنون مما جعل وجوده بسجن كوبر واحة للمعتقلين. وتواجد بالسجن أيضاً الأستاذ صلاح حسن رئيس القضاء والأستاذ أحمد محمد سعد الذى قام بترجمة نشيد: لن ننسي أياماً مضت لن ننسى ذكراها .. واصبحنا نرددها كلما ودعنا معتقلاً أطلق سراحه في الايام الأولي عندما بدأت تصفية المعتقلات. والأستاذ سيد أحمد محمود والدكتور علي محمد خير والدكتور محمد سعيد القدال والدكتور فاروق محمد إبراهيم والدكتور محجوب الحارث والدكتور الحارث حمد والأستاذ عباس علي والفنان محمد وردي والفنان محمد الأمين والشاعر محجوب شريف والاستاذ إبراهيم المحلاوي وآخرين وقد ساهموا جميعاً بتقديم المحاضرات والندوات وفاضت السرايا بالمعارف وامتلأ الفراغ بالمفيد الذى أذهب عن الناس الأسي والحزن.
01-07-2011, 05:52 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
تواجدت في (السرايا) أعداد كبيرة من الشباب الذين لا يعرف لهم نشاط سياسي ولكن جئ ببعضهم لأسباب أخرى لا علاقة لها بالعمل السياسي. يقول (ع م) : كانت خطيبته ابنة عم أحد رجال جهاز الأمن الذي رفضت الزواج منه لأسباب متعددة وظل يلاحقها كي ترفض الارتباط بـ (ع م) ولكنها أصرت علي موقفها ولاحقه مراراً قبل انقلاب هاشم العطا ولكنه لم يجد مبررا كافيا لاعتقاله وعندما فشل الانقلاب أشاع عنه أنه من كوادر الشيوعيين الذين يعملون في الخفاء فتم اعتقاله وبقي لأكثر من عام حتى كشفت خطيبته الأمر لأحد أصدقاء الأسرة وكان ذا رتبة عالية في الجهاز فأطلق سراحه …. إنه الآن والد لثلاث زهرات ولا أدري إن كان الضابط المنافس قد تزوج أم لا يزال (علي قيد الحياة…). ومثال آخر لتخبط جهاز أمن نميري أنه كان هناك عامل في ورشة للنجارة يقف في انتظار (البص) حاملا كيس به رأس نيفه وزجاجة شري، وقفت دورية أمامه وسأله أحد الجنود إن كانت لديه معلومة عن وجود عبد الخالق الذي يجري البحث عنه. وتصادف أن كان الصبي في الورشة يحمل نفس الاسم فقال له هل تقصد الأسطى عبد الخالق فاعتبر الجندي رده استفزازاً فنزل من العربة وراح يفتشه فعثر علي الكيس ومحتوياته فانتزعه منه وأمره بالصعود إلى العربة قائلاً : نحن لينا يومين ما أكلنا ولا شربنا. وما هي الا لحظات حتي وجد نفسه أمام سجن كوبر. ولكنه انفعل بصمود المعتقلين ونشاطهم وظل دائم الحضور للندوات والمحاضرات وقال إنه جاء الي هنا بدون أي خلفية سياسية ولكنه سيخرج ليعمل في السياسة مع الناس وقد سميناه رأس النيفه واصبح أحد الاجندة التي نثيرها مع إدارة السجن كل أسبوع عند مرور القمندان وكان مأمور السجن عثمان عوض الله شاباً مرن التعامل الإنساني فكرر تردده إلى جهاز الأمن يؤكد لهم أن رأس النيفه رجل بسيط وقص عليهم حدودته الكيس فاطلق سراحه بعد ثلاثه اشهر وأنشدنا له لن ننسي اياما مضت مرحا قضيناها. ورغم امكاناته المحدودة جاء الي السجن حاملا اكياس الفواكه والسكر وفرش اسنان ومعجون وسجائر وبعضاً مما عرف حاجة المعتقلين إليه في كوبر وسلمها لأحدي الأسر يوم الزيارة طالبا توصيلها للمعتقلين. سأله أحد أفراد الأسرة ضاحكاً : هل بها (رأس نيفة)... بلغ الذعر والفشل بجهاز الأمن لملاحقة النشطاء من السياسيين انهم لم يميزوا بين الكهل والشاب أو الاحياء والأموات… وكثيرا ما ذهبوا فجرا الي بعض الأسر يطلبون واحدا قد توفي قبل عام أو اكثر وطرقوا مرة باب أحد الشهداء وطلبوا من والدته تسليمه أو تدلهم علي مكانه…كانت امرأة متماسكة فخرجت معهم إلى المقابر وأشارت إليهم قائلةستلتقون به إن أسرعتم الخطي في هذا الطريق ولا تعجلوا فان يومكم آت. فهرولوا إلى (البوكس) وتركوها خلفهم لتعود إلى منزلها مشيا علي الاقدام.
01-08-2011, 11:13 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
إبراهيم المحلاوى: ومن بين الشخصيات التي لا تنسي أحد قادة الحركة الوطنية وزعماء الحزب الوطني الاتحادي والوزير الأسبق للثروة المعدنية الأستاذ إبراهيم المحلاوي. إستقبلناه استقبالاً لائقاً به وجلسنا حوله نسأله عن أسباب اعتقاله- لكنه تحفظ في البداية وعلمنا فيما بعد أن لديه معلومة تفيد بأن جهاز الأمن زرع (غواصات) بين المعتقلين ليستخرجوا من الشيوعين خلال الدردشه معلومات تفيدهم في العثور على بعض المطلوبين المختفين وأسماء البعض الذين لا يعرفون كثيراً عن نشاطهم ليتمكنوا من إعتقالهم.. ولم يتأكد من أن الجالسين حوله ليسوا غواصات فأمتنع عن الإدلاء بأي معلومات عن أسباب إعتقاله. ولكن سونا وهو لقب أطلقناه علي أحد المعتقلين إذ تخصص في التحقيق مع الوافدين ونشر أخبارهم علي السرايا وظل يطارد عمنا المحلاوي بالأسئلة، ولكن لم يحصل علي تداعيات ما جاء بالمحلاوي إلى سجن كوبر ولما عجز عن استنطاقه راح يسعي عن الأخبار الأخرى قال له: يا عم إبراهيم ايه الأخبار بره؟ فرد عليه بعد أن تلفت يمنة ويسرة: الأخبار بره أنكم جوه. وحينما امتدت فترة الخمس دقائق التي وعده بها الضباط خلال التحقيق تعرف علي بعض المحامين في السريا واطمأن إلى هويتهم فروي لهم حقيقة أمره بأنه كتب رسالة إلى الملك فيصل بالسعودية يحثه فيها علي التنقيب عن الثروات المعدنية وخلافها واستثمار الأموال السعودية ، فاغضب ذلك جعفر نميري وأمر باعتقاله. وبعد إطلاق سراحه جاء إلى سجن كوبر محملا بجوال بلح وكمية من السجائر ومواد تموينية أخرى سلمها لإدارة السجن وطلب منهم إعطاءها للأولاد المناضلين وهو نداء ظل يطلقه علي المعتقلين وقد حضر إضرابنا عن الطعام واعجب بثبات المعتقلين وقــــد استثنيناه مع آخرين من الإضراب لتقدم سنه. وقص علينا بعض النوادر والخواطر خلال الحملات الانتخابية في مدينة عطبرة حينما كان ينافسه في الدائرة ممثل الجبهة المعادية للاستعمار القائد العمالي المناضل (قاسم أمين). قال انه كان شديد الإعجاب به وذكر انه في إحدى الليالي السياسية التي أعدتها الجبهة دعاية انتخابية لمرشحها (قاسم) وقف أحد أعضاء حزبنا (الوطني الإتحادي) وراح يهتف: (عاش ابراهيم المحلاوي) فتوقف قاسم عن خطابه حتى انتهي ذلك الشاب من الهتاف ثم عاد قاسم وامسك بالمكرفون وقال : (أرجو أن تهتفوا معي عاش إبراهيم المحلاوي … ومن منا لا يرجو طول العمر لوالدنا المحلاوي) ويواصل المحلاوي لما بلغني الخبر تأثرت كثيرا فذهبت إلى قاسم، عانقته وقلت له : لولا الالتزام الحزبي لانسحبت لك من الدائرة …) ويسترسل الاستاذ المحلاوي : كان أعضاء حزبنا العاملون بالسكة حديد يدلون بأصواتهم في إنتخابات النقابة إلى القائمة التي يتصدرها قاسم أمين وزملاؤه.
01-08-2011, 11:14 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
Quote: وقص علينا بعض النوادر والخواطر خلال الحملات الانتخابية في مدينة عطبرة حينما كان ينافسه في الدائرة ممثل الجبهة المعادية للاستعمار القائد العمالي المناضل (قاسم أمين). قال انه كان شديد الإعجاب به وذكر انه في إحدى الليالي السياسية التي أعدتها الجبهة دعاية انتخابية لمرشحها (قاسم) وقف أحد أعضاء حزبنا (الوطني الإتحادي) وراح يهتف: (عاش ابراهيم المحلاوي) فتوقف قاسم عن خطابه حتى انتهي ذلك الشاب من الهتاف ثم عاد قاسم وامسك بالمكرفون وقال : (أرجو أن تهتفوا معي عاش إبراهيم المحلاوي … ومن منا لا يرجو طول العمر لوالدنا المحلاوي) ويواصل المحلاوي لما بلغني الخبر تأثرت كثيرا فذهبت إلى قاسم، عانقته وقلت له : لولا الالتزام الحزبي لانسحبت لك من الدائرة …) ويسترسل الاستاذ المحلاوي : كان أعضاء حزبنا العاملون بالسكة حديد يدلون بأصواتهم في إنتخابات النقابة إلى القائمة التي يتصدرها قاسم أمين وزملاؤه.
01-08-2011, 05:30 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
واذكر بكثير من الارتياح والدنا عوض الصائغ وهو ايضا رجل أعمال ولا علاقة له بالعمل السياسي-تحفظ بدوره عن أسباب اعتقاله فقدمت له نفسي وعرفته بان ابنه (فهمي عوض الصائغ) كان زميلي وصديقي ودرسنا في مدرسة شندي الريفية الوسطي وما زلنا علي صلات ودية- هدأ قليلاً واطمأن وبدأ يروي قصة اعتقاله- قال : السبب في اعتقالي انني سعدت جدا بانقلاب هاشم العطا وأرسلت هذه البرقية وكنت والله صادق مع نفسي: الرائد الثوري هاشم العطا الحمد لله علي استلام السلطة لكي تزيلوا الفساد والمحسوبية وتقضوا علي الرجعية. توقيع عوض الصائغ رئيس اللجنة الثورية بأمبده. وعندما عاد نميري أرسلت البرقية التالية خوفا من المشاكل: الرئيس القائد جعفر نميري: نهنئكم بالعودة-اضربوا علي الخونة بيد من حديد، نأسف للتأثيرات الشيوعية علينا توقيع عوض الصائغ رئيس مجلس الآباء بأمبدة، وذكر في التحقيق أنهم كتجار ومنذ أن كان في القولد يرسلون تلك البرقيات للحاكم الجديد وما زلت احتفظ بتلك البرقيات. ولم يبق طويلا حتى أطلق سراحه وقد كان رجلا لطيفا أسعدنا بحكاياته الممتعة ودعناه وداعا لائقا بأنشودة لن ننسي اياماً مضت، لن ننسي ذكراها لن ننسي اياما مضت مرحا قضيناها. وكان قد قام بترجمتة من اللغة الإنجليزية إلى العربية الأستاذ أحمد محمد سعد كان ذلك نشيد الوداع قبل ان يبهجنا محجوب شريف برائعاته المتقدة حماسا وصمودا.
01-09-2011, 10:21 AM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
وقد افلح المذيع المقتدر عبد الحميد عبد الفتاح بان يفاجئنا بأولى قصائد الشاعر (محجوب شريف) حين وقف في وسط العنبر يلقي بصوته العذب الجهير: يا شعبنا يا والداً احبنا يا من وهبت قلبنا ثباتك الأصيل اليك هذه الرسالة القصيرة الطويلة اليك من زنزانة تخاصم الفصول اليك رغم انف كل بندقية وكلمة شقية وحقد بربرية إليك الحب والسلام والتحية وبعد أن أكمل القصيدة تناقلها المعتقلون وبدأ بعضهم في تلحينها ثم أردفها محجوب شريف بكلمات حماسية أخري ظلت واحدة من الأناشيد التي نودع بها من أطلق سراحهم: حنتقدم حنتقدم في وش الريح حنتقدم ونهدم سد ونرفع سد واشتراكية لأخر حد. وفي ذكرى إنتفاضة أكتوبر جاء في قصيدة للشاعر محجوب شريف التي حيا فيها ذكرى إنتفاضة أكتوبر يا أكتوبر المحمول على الاعناق وثيقة دم نحن بلاك ما بنسلم مبادئ يوليو ما بتهزم وكان للشاعر محجوب شريف أثر عميق في رفع معنويات المعتقلين بقصائده المقاتلة ورددها الجميع بحماس وإصرار على تجاوز المحن والنفي والمرض ولم يقتصر أثرها على المعتقلين وحدهم بل تجاوزها الي الشباب خارج السجن فراحوا يتغنون بها في إحتفالاتهم ومناسباتهم المختلفة السياسية منها والإجتماعية ومن الإغنيات الثورية التي ذاع صيتها ما جاء في أحد مقاطعها : مشتاق ليك كتير واللة للجيران وللحلة كمان قطر النضال ولى وغالي على ادلى محطة محطة بتذكر عيونك ونحن في المنفى بتذكر مناديلك خيوطها الحمرا ما صدفة وبتذكر سؤالك لي متين جرح البلد يشفى ومتين تضحك سما الخرطوم حبيبتنا ومتين تصفى إلى أن يقول لكني يا ويلي أقبل وين واقول يا منو لمن أخون صباح العين وأخون جيلي وحاتك يا قمر ليلي أشيل شيلي وأموت واقف على حيلي وحاتك يا صباح العين على العهد القديم جايين شيوعيين وحتى الموت شيوعيين بنادق وين بتمنعنا العديل والزين ورغم ما إتصفت به أشعار محجوب شريف بالتحدي والعنف والمواجهة إلا أنه ظل يتكئ على حس إنساني مرهف يذوب وجداً لحب وطنه ورفاقه وهو نبض لا يسكن وإصرار لا ينثني وأصبح إنشاده يلامس شغاف القلب والوجدان وتنفجر كلماته وموسيقاها وقوافيها بأفئدة المعتقلين فتزيدهم صموداً وثباتاً ولم تمض على تاريخنا في المعتقل مناسبة أو أحداث إلا وصاغها بأعذب الكلمات وأبسطها مما جعلها يسيرة الحفظ والأداء.. وتراه هائماً في بهو السراية درويشاً لا يحمل قلماً أو ورقة ولا يخلو بنفسه إلا وينشدها من رائعاته أحلى وأجزل الكلمات، ويتميز محجوب شريف بحفظه الفوري لقصائده ويعيدها كما هي دون أن يجري عليها تعديلاً، كانت قصائده تسيل عذوبة وطراوة كان سهل القول قريب المأخذ بعيداً عن التكلف مع رقة الألفاظ ولطافة السبك وهذا ما جعل أشعاره تستهوي السامع وتستثير فيه حاسة الطرب والإعجاب واستطاع ان يصوغ أشواقنا صوراً معبرة ويجيد التعبير الأرق ما في المشاعر وأضخمها، أستقرت فيه صفات الرجال وعظيم معادنها.
01-09-2011, 12:09 PM
فيصل محمد خليل فيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041
كان الوصول الي مستشفى تخصصي صعباً في الأيام الاولى وخاصة البقاء فيه للعلاج، وكانت الفرص الوحيدة التي سمحوا بها هي مقابلة اخصائي العيون في مستشفى الخرطوم بحري حيث لا يوجد به قسم خاص لابقاء المرضى به فترة طويلة لمواصلة العلاج، وقد نجح الدكتور والأخ العزيز الهادي أحمد الشيخ اخصائي طب العيون شقيق القائد العمالي الشهيد (الشفيع أحمد الشيخ) أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية، قدم لنا مساعدة قيمة في العلاج، وعندما علم أننا على موعد مع زميله الدكتور تاج الدين ?اخصائي العيون في الخرطوم بحري- رتب معه تدابير تحويلنا الي مستشفى العيون التخصصي بالخرطوم. وكنت برفقة آخرين في انتظار العمليات: حسن التاج وعبد الوهاب محمود بشير… وضعنا في أحد العنابر مع عدد من كبار السن من معصوبي العيون. تمكنا في تلك الفترة من الاتصال بأسرنا وحين يأتون الي زيارتنا يجلسون في السراير بقرب أولئك المرضى وكأنهم من ذويهم وهو أمر أزعج حراس السجن ولكنهم لم يجرؤا على وقف تلك الزيارات اذ كنا نخاطب أسرنا على البعد وهم جالسون على السرائر المقابلة لنا. وحدثت طرائف كثيرة إذ كان بعض المرضى معصوبي العيون يندهشون من الأسئلة التي لا تهمهم واحياناً يردون بطريقة مضحكة لا علاقة لها بالسؤال. عندما يوجه زوارنا أسئلة مثل: كيف المعاملة؟ أو متى تتوقعون الخروج؟ ويرد بعضهم: والله معاملة الدكاترة سمحة الله يجزيهم خير.. لكن الخروج بعد عملية الموية البيضاء.. وكان حسن التاج يتمتع بعلاقات وامكانات هائلة وأصبح ذووه يأتوننا بأشهى الطعام والفواكه والحلويات وقد سعد بذلك جنود الحراسة وبعضهم اخذ مرات منها لأطفالهم وظلوا يرقبون الوافدين من أسرته بأهتمام شديد0 كان بين جنود السجن (دينق) من ابناء الجنوب لطيفاً وجريئاً.. سأل مرة حسن التاج إن كانت لديه سيارة.. فأستفسره حسن عن الأمر.. فأجابه بأنه يمكن أن يذهب معنا لزيارة الأسر في المنزل فأقنعه حسن بأنه يكفي زيارتهم في المستشفى واطلق ابو التاج ضحكته المميزة في العنبر ثم روى لنا قصة دينق. وجاءني يوماً بالمستشفى شاب أنيق وحول عنقه سماعة مرتدياً (بالطو) أبيض وراح يفحصني. لم نشهده من قبل في مرور أطباء العيون اليومي ولم يحمل ذلك الجهاز الذي يستخدمه الاخصائيون لفحص قاع العين.. أقنعت نفسي بأنه أحد الأطباء الذين يأتون بهم لمعرفة ما إذا كان المرضى يعانون من أمراض أخرى قبل إجراء العملية.. وخلال فحصه همس في أذني ليقول أن هناك فرصة لمساعدتي على الهروب من المستشفى والسفر خارج البلاد. في البدء ارتبت فيه واقتنعت بانه من جهاز الأمن ولما شعر بأنني لا أثق فيه قال انك لا تعرفني.. أنا فلان الفلاني أوفدني اتحاد الشباب السوداني في بعثة دراسية إلى موسكو حيث تلقيت دراستي هناك ولكني تخصصت في طب الباطنية وتقديراً لما قدمه لي الاتحاد أود مساعدتك للهروب والسفر إلى إحد البلدان الاشتراكية فقد يطول بقاؤكم في السجن.. شكرته كثيراً وقلت له ان مجرد وجودنا هنا على السراير وأخواننا في كوبر على الأرض يسبب لنا حرجا شديداً فكيف يكون شأننا بعد الهروب والسفر إلي الخارج، واهم من ذلك فأن هروبي من المستشفى سيحرم مرضى آخرين من فرص العلاج خارج السجن.. أسعدني انه استوعب الأمر وقبل مغادرته العنبر اخرج مظروفاً من البالطو وبإصرار شديد دسه في جيبي كان فيه مبلغ كبير جداً في تلك الأيام. وللحقيقة أننا حظينا بإهتمام من أسرة المستشفى إضافة إلى مجهودات دكتور الهادي وعبد القادر حسن والدكتورة منى ..ولم تتأخر (الماترون) نادية و (السسترات) نبوية ومحاسن وكثيراً ما أحضرن لنا بعض الإصدارات والوثائق والصحف والمجلات وأعددن لنا لقاءات خاصة مع الأسر واستجبن لكثير من تكاليفنا المعقولة. أما جهاز الأمن فقد كثف المراقبة ولكنه لم يفلح في العثور على شئ ولم يتمكن من منع الزوار من دخول العنبر.. وأخيراً اتخذ قراراً بتحويلنا إلي المستشفى العسكري حيث لقينا عناية من الدكتور خليل بادي، لهم جميعاً التحية والتقدير فقد كانت تلك أياماً صعبة ولكنهم تخطوها بقلب سليم وجرأة تستحق الثناء والتقدير والإشادة وازداد جهاز الامن حيرة واندهاشاً عندما عثروا على نسخة من منشور الحزب الشيوعى الذى قيم فيه إنقلاب 19 يوليو 1971 وأكد فيه أن لا علاقة له بما حدث وتساءلوا عن الجهة التى اصدرت ذلك المنشور بتلك الطباعة الانيقة والحجم الكبير.. واردنا ان نزيدهم تمويهاً واغتراباً قلنا بأنه طبع خارج السودان في إحد البلدان الاشتراكية وكان تفسيرنا لذلك ينسجم مع تصريح اللواء الباقر وزير الداخليه الذى أكد للسفاح نميرى أن الحزب الشيوعي قد إنتهي الى غير رجعة (وأن المدعو محمد إبراهيم نقد) قد سافر خارج البلاد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
فيصل محمد خليل
الفاضل يسن عثمان
عبدالكريم أحمد الامين
Hamid Elsawi
ABDALLAH ABDALLAH
Ali Sirelkhatim
MAHJOOP ALI
الطيب شيقوق
Abdlaziz Eisa
Mubarak kunna
Mustafa Mahmoud
غادة مكى محمد
قلقو
عبدالرحمن إبراهيم محمد
حسن الجزولي
عاطف مكاوى
حسن طه محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست