علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ......

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 11:49 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-28-2010, 12:49 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ......



    علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ......

    ((لا يهمني أن كنت منتميا لتلك القبيلة او تلك، فكلنا سودانيون؛ نعمل يدأ واحدة من أجل تحرير بلادنا من سيطرتكم))

    على عبد اللطيف يرد على سؤال المحقق البريطاني لأي قبيلة هو ينتمي -1923

    (( إن كان نداء الوطن هو ذنب فذاك ذنب على أفندي عبد اللطيف))

    العاز ة محمد عبد الله – زوجة علي عبد اللطيف- في عريضة تطالب باطلاق سراحه - 1938



    ثورة 1924 وجذور الليبرالية السودانية:

    نزعم ان جذور الليبرالية السودانية الاولى تمتد الى ثورة 1924 وتجربة تنظيمي الاتحاد السوداني واللواء الابيض، لكننا اذا اردنا الدقة فإننا ننسبها الى القائدين الرئيسين لتلك التجربة، وهما علي عبد اللطيف وعبيد حاج الأمين؛ وتحديداً علي عبد اللطيف.

    وتكاد اغلب تفاصيل ثورة 1924 والحركات السابقة والممهدة لها أن تكون معروفة لنا اليوم، بفضل جهود مؤرخين سودانيين واجانب عديدين، وشهادات بعض المشاركين في الاحداث. لكن الناس اختلفت و لا تزال تختلف في تقييم تلك الثورة وتلك الحركات، ما بين مؤيد لها وناقد، وممتن تجاهها وجاحد، وان كان لا اختلاف هناك حول اهمية تلك التجربة في تاريخ السودان الحديث.

    وربما يعتبر البعض ان تصنيفنا لقائدي تلك التجربة التاريخيين كآباء مؤسسين لليبرالية السودانية اجتراء على التاريخ، وافتراء على الرجلين، ذلك انهما لم يصنفا نفسهما قط كليبراليين، بل لم نجد من المؤرخين والدارسين من صنفهما هكذا. لكننا ننطلق في تقييم الافكار والبرامج من منهج يخضع قرائتهما لشروط موضوعية، يمكن من خلالها تصنيفها بعد ذلك في تاريخ الافكار، وتحديد ملامحها الرئيسية، ولاقرب التيارات المعاصرة تكون.

    واذا كان كاتب مثل جان جوريس الفرنسي قد رأي في اسهامات لوثر وفيختة وكانط وهيجل جذورا للاشتراكية الالمانية، واذا كان آخر مثل بندلي جوزي قد بحث عن "تاريخ الحركات الاجتماعية في الاسلام"؛ وثالث مثل حسين مروة قد نقب عن "النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية". واذا كان الاسلاميون السودانيون يرون في دولة المهدية ارهاصا ونموذجا اولا لدولتهم "الرسالية" ، فأننا لا نجد حرجا في البحث عن جذور الفكر التحرري في تاريخنا الحديث والاشارة اليه كلما رصدناه، ما دمنا في كل هذا نلتزم بحدود البحث العلمي ونلتزم بالحقيقة التاريخية.

    وقد كان اليمينيون واليساريون أبكر احساسا منا بالعمق التحرري الكامن في ثورة وتجربة 1924 ، وفي تراث قائديها، لذلك تعرضت منهم للاهمال المتعمد مرات، وللهجوم الكاسح مرات. هذا الهجوم نجده من طرف اليمينين الطائفيين في زمن الثورة وما اعقبها من سنوات، ومن طرف اليساريين نجده في احد اهم كتب عبد الخالق محجوب، والذي تعتبر كتاباته انجيلا لليساريين السودانيين، والذي أبدى فيه تحامله الشديد على تلك التجربة، مما سنرجع له في طي هذه المقالة، وكذلك نجد الهجوم على الثورة في كتابات يساريين مرموقين سنتعرض لها.

    واذا كان اليسار واليمين مع مرور الزمن قد توقفا عن الهجوم على تراث ثورة 1924 وقيادتها؛ فإن منهجهما في الهجوم لم يتوقف؛ ويجد له متابعون معاصرون. وفي الحقيقة انه ليس من قبيل الصدفة أن احد خصوم الليبرالية المعاصرين، وهو الصحفي قرشي عوض، قد هاجم و سخــــر من علي عبد اللطيف في معرض نقاش له معنا، كان يدافع فيه عما رفضه علي عبد اللطيف وما نرفضه نحن– أي الطائفية السياسية والشمولية الشيوعية - ، وزعم ساخراً – عن جهل أو عن سوء طوية- ان علي عبد اللطيف كان يريد ((الاتحاد مع مصر وتسليم البلاد للتجار)).

    ان قرشي عوض – المدافع عن الشيوعيين والطائفيين في نفس الآن – محق في عدائه لثورة 1924 ولقائدها، وفي محاولته النيل منها للنيل منا، او العكس، وفي ترديده لهرائات وخرافات الطائفيين والشموليين عنها. ذلك انه يحس – وان دون وعى – ان تجربة على عبد اللطيف واللواء الابيض قد كانت تجربة متميزة عن كل تجارب اليمين واليسار في السودان، وان ارتباطها بالفكر التحرري اكبر من مجرد تمجيدنا لها كإرث وطني، وانما يكمن هذا الارتباط في المنطلقات المشتركة والنزعة الواحدة والالتزام بمنهج الحرية الكاملة: الاقتصادية والسياسية، والذي طرحته تلك الثورة ، ورفض القديم البالي الطائفي والشمولي، و هو المنهج والطريق الذي نعتبره تراثا لنا نواصل السير فيه، رغم تغير الاحوال والاشكال، وتبدل الزمان والمكان

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-28-2010, 12:51 PM)

                  

12-28-2010, 12:53 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    علي عبد اللطيف: سيرة حياة مختصرة

    ولد علي عبد اللطيف في عام 1896 في شمال السودان بوادي حلفا، لأب جندي يدعي عبد اللطيف احمد، يرجع اصله غالبا لجبال النوبة، رغم انه ولد وترعرع – أي الوالد- في قرية الخندق جنوب دنقلا على الصفة الغربية للنيل.

    وكان عبد اللطيف احمد، والذي كان يحمل على وجهه وشم الوجه (الشلوخ) الشايقية، رقيقا معتقا لشخص اسمه احمد حسن، وهو تاجر غني من الخندق يرجع نسبه الى قبيلة العبدلاب، وتحديدا "خشم بيتها" المسمى بالحسناب.

    أما ام علي عبد اللطيف فقد كان اسمها الصبر او الصبر زين، وقد كانت غالبا إمة معتقة من الخندق، من اصول دينكاوية ، وكانت متزوجة قبل زواجها من عبد اللطيف من محمدين محمدين حسن، وهو أبن اخ محمد حسن ، وانجبت له طفلا اسمه الطاهر، قبل ان تتزوج عبد اللطيف وتنجب له ابنهما علي.

    وكان عبد اللطيف احمد وقت ولادة علي، جنديا في احدى الاورطتين السودانية في الجيش المصري، وهما الاورطة 13 و15 (وربما عمل بهما كليهما). وكانت الاورطتان السودانيتان جزءا من جيش الفتح المناط به اعادة انتزاع السودان من سلطة الدولة المهدية، وكانت وادي حلفا نفسها قاعدة متقدمة في هذا المسعى، الذي تكلل بالنجاح بعد عامين من ولادة علي عبد اللطيف.

    وبعد الفتح بعدة سنوات احيل والد علي عبد اللطيف الى التقاعد برتبة عريف، حيث سافر للاستقرار في مدينة الدويم على النيل الابيض، في مستوطنة زراعية اقامتها الادارة البريطانية للجنود المتقاعدين، ولم يلبث علي مع عائلته هناك الا قليلا، ليرحل بعدها لتلقي العلم في الخرطوم، تحت اشراف ورعاية "خاله" ريحان عبد الله، وهو ايضا ضابط متقاعد بالجيش.

    وفي الخرطوم التحق علي عبد اللطيف – مع ابنه خاله حسين ريحان عبد الله – بخلوة لتعليم الكتابة وحفظ القرآن في بري، ثم التحق بكلية غردون التذكارية، ثم انتقل منها للمدرسة الحربية، والتي تخرج منها كضابط متميز في عام 1913، حيث منح عند تخرجه ميدالية السردار.

    وبعد تخرج علي تم تعيينه ملازما اولا في الاورطة ال11 في عام 1914، وفي عام 1916 تزوج "قريبته" العازة محمد عبد الله، حيث رزق منها ببنتان هن نعمات المولودة في عام 1917 ، واحسان الملقبة ب"ستنا" والتي تمت ولادتها ابن سجن علي عبد اللطيف في عام 1922، ولقبت لذلك أيضا ب"سجون".

    وتنقل علي اثناء عمله بالعسكرية في مناطق مختلفة من السودان، فقد انتقل عام 1916 مع اورطته الى تلودي في جبال النوبة، ثم نقل بعد ذلك للعمل في الاورطة التاسعة في الفاشر بدارفور، حيث قضي هناك عامين، ثم نقل الى رمبييك بمديرية بحر الغزال، ثم تم نقله وتعيينه مامورا في مركز شامبي ، وفي نفس الوقت تقريبا تمت ترقيته الى رتبة ملازم اول. وفي عام 1919 تم نقل الملازم اول علي عبد اللطيف الى الاورطة 14 في ودمدني، والتي بقي بها حتى عام 1921، حيث اعلن تمرده برفضه تادية التحية لضابط انجليزي اعلى منه رتبه، فتم ايقافه عن العمل واحالته الى الخرطوم للتحقيق، والحق مؤقتا – حتى ينتهى التحقيق- بالاورطة الرابعة بامدرمان.

    وفي الخرطوم كتب علي عبد اللطيف مقالته "مطالب الامة السودانية"، والتي تم ضبطها وقدم على اثرها للمحاكمة باعتبار المقال معاد للحكومة، فتم تجريده من رتبته العسكرية والحكم عليه بالسجن لمدة عام.

    وكان علي عبد اللطيف رغم نموه في بيئة عسكرية (ابيه ثم خاله) ، انسانا متعدد المواهب، فقد تعلم الخياطة في دكان عبد التام ، اب صديقه زين العابدين عبد التام، كما ان تعليمه بكلية غردون قد فتح من افاقه الادبية، فوق اطلاعه الواسع على الصحف والمجلات المصرية والكتب. وقد تطور نشاطه الادبي من القراءة للكتابة، حيث كان يكتب للصحف وله محاولات ادبية، بل محاولات في التمثيل والاخراج في نادي الخريجين بمدني، وتحكي عنه زوجته العازة انه كان ((قليل الاكل لا يشرب الخمر ولا يدخن، وانه كان يساهر كثيرا يقرأ ويكتب)). ويبدو ان علي عبد اللطيف كان واحدا من اكبر مثقفي عصره، حيث كان قد انضم في عام 1919 لنادي الخريجين بود مدني، وفي عام 1921 اصبح عضوا في لجنته التنفيذية.

    ولم يكتف علي عبد اللطيف بالنشاط الادبي والعسكري، وانما مارس النشاط الاقتصادي الخاص، ويبدو هذا منذ مطلع عمره، حيث يحكي محمد عمر بشير انه كان ((قد اعتاد على كسب نصف قرش يوميا مقابل الاشراف على الخيول في احد النوادي )) بالخرطوم على صغره- اما بعد عمله بالعسكرية فقد مارس النشاط الخاص، حيث اشترى وجمع كمية كبيرة من العاج ابان اقامته بالجنوب، قام بترحيلها فيما بعد للشمال حيث قام ببيعها بسعر مجز مكنه من شراء بيتين في الخرطوم، كما كانت له ممتلكات في جبال النوبة، يبدو انه اكتسبها ابان فترة عمله هناك. ويبدو ان علي عبد اللطيف كان يخطط منذ فترة مبكرة لترك العسكرية والتفرغ للعمل السياسي، وان كان نشاطه الادبي غطاء وتمهيدا لنشاطه السياسي السري، والذي بدأ تقريبا منذ العام 1919، أو ربما قبل ذلك بكثير، فقد كان نشاطه الخاص بمثابة التمهيد لتحقيق استقلاليته الاقتصادية عن الحكومة التي ينوي مقاومتها.

    بعد اطلاق سراح علي عبد اللطيف ساهم بنشاط في العمل السياسي، حيث قاد الانشقاق الذي تم في جمعية الاتحاد السوداني، وكون مع العناصر الراديكالية من ذلك التنظيم، وعلى رأسها عبيد حاج الامين، جمعية اللواء الابيض في نهاية عام 1923. والتي انتشرت فروعها بسرعة قياسية في مدن السودان المختلفة، لتقود الثورة في عام 1924، تحت زعامة الرجلين.

    وفي 4 يوليو 1924 اعتقل البريطانيون علي عبد اللطيف، وقدموه خلال نفس الشهر لمحاكمة حكمت عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة التحريض على المظاهرات. وفي ابريل 1925 قدموه لمحاكمة اخرى بتهمة حيازة وثائق مثيرة للفتنة، حيث حكمت عليه المحكمة بالسجن سبعة سنوات. والتي اضيفت الى الحكم الاول ليصبح عدد سنوات حكمه عشر سنوات.

    وسجن علي عبد اللطيف بالخرطوم اولا، ثم نقل الى سجن واو في عام 1927، حيث تعرض هناك لمحاولة اغتيال من احد زملائه بالسجن، كان يقف ورائها غالبا البريطانيون. وفي عام 1934 رفض البريطانيون اطلاق سراحه – بعد انقضاء مدة محكوميته- بحجة انه غريب الاطوار او مجنون، ولكن وثائقهم السرية تكشف ان السبب الرئيسي هو اعتبارهم له "محرضا خطيرا وعنيدا وماكرا" – فتم نقله الى سجن كوبر ، حيث قضي هناك اكثر من ثلاثة سنوات، وفي عام 1938 تم ترحيله سرا الى مصر، حيث تم اعتقاله اولا بالمستشفي العسكري، ثم بمستشفي الامراض العقلية في العباسية، والتي بقي فيها حتى موته في 29 اكتوبر 1948، ليكون قد قضى اكثر من 24 عاما في غياهب السجون والمعتقلات، منها 14 عاما دون محاكمة ولا حكم.

                  

12-28-2010, 12:57 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)




    من جمعية ارامل الضباط الى جمعية اللواء الابيض:سيرورة التنظيم والثورة:


    انخرط كل من علي عبد اللطيف وعبيد حاج الامين في الفعل السياسي والتنظيمي الذي افرز ثورة 1924. وان كانت بداية نشاط الرجلان مختلفة، فقد تلاقت خطاهما نهائيا في عام 1923، ليؤسسا جمعية اللواء الابيض في 1924، والتي كانت القائدة الفعلية لثورة 1924 ومشعلة شرارتها.

    ويبدو ان بداية نشاط علي عبد اللطيف كانت ابعد زمنيا من نشاط رفيق دربه، فقد حكت عنه زوجته العازة انه كان يرى لنفسه دورا قياديا، يلمح ارهاصاته في الاحلام، فقد حكي لها علي انه رأي نفسه في الحلم كميت (( وبعدين جوا اربع رجال شالوني عايزين يختوني في القبر، يجي راجل واحد بعدين بي نترة يقول ليهم دا مين؟ يقولوا ليه دا علي عبد اللطيف – يقول ليهم انا مش رسلتكم لعلي عبد اللطيف – خلي علي عبد اللطيف يقوم بي غرضه، هو لسا ما جا – خلي يغضي الغرض ده)) ثم يحكي لها لاحقا ما فهمه من هذا الحلم (( راح تحصل حاجة في البلد ما بعرفها – وأنا اكون يعني معاها، وانت من الضمن معاي تاخدي نصيب شوية)). هل كان علي عبد اللطيف يحاول بهذا تحضير العازة نفسيا، وتأهيل زوجته لدورها المستقبلي كزوجة لقائد سياسي؟ وهي التي كانت وقتها امرأة بسيطة لا تفهم في السياسة ؟

    يعزز هذا الرأي أن اول محاولات علي عبد اللطيف التنظيمية والسياسية، كانت فكرة اقامة تنظيم تحت اسم جمعية ارامل الضباط، وهي جمعية وطنية لاعانة ارامل الضباط تمول نفسها ذاتيا وليس من الحكومة. ويبدو ان علي عبد اللطيف كان يُعد زوجته العازة لرئاسة هذا التنظيم، والتي غير قيامه بمهمته الاساس في دعم اولئك الارامل، يفترض منه ان يشكل غطاءاً اجتماعيا لتحركاته هو – السياسية - وسط الضباط. كما ان جزء من تجهيز العازة كان يكمن في ان تصبح حلقة وصل في حالة اعتقاله مع زملائه بالخارج، وهو ما تم فعلا لاحقا، حيث لعبت العازة دورا محوريا في الاتصال بينه وبين عبيد حاج الامين في فترة سجنه الاول، وفي تأمين الوثائق السرية، بل في الخروج في المظاهرات حيث كانت اول إمراة سودانية تخرج في المظاهرات.

    أن هذا الموقف من علي عبد اللطيف، يمكن اعتباره موقفا جندريا متقدما ومبكرا، فالرجل لم يحاول منع زوجته من النشاط السياسي، بل كان على العكس، يهيئها لذلك، رغم ضعف تأهيلها الثقافي. كما ان اهتمامه بقضايا المراة تجسد في اهتمامه بقضايا ارامل الضباط، ومحاولته انشاء تنظيم يدعمهن، وهو تفكير متقدم حينها، ويعبر عن مفهوم التمكين او ال

    "Empowerment "

    اللاحق للنساء ، ويمكن ان نجد فيه بذور الموقف التحرري تجاه المرأة ومشاركتها في الحياة العامة، والذي طوره الليبراليون السودانيون فيما بعد.

    في نفس الوقت تقريبا كان علي عبد اللطيف يحاول ان يجمع الضباط من كل مناطق السودان على اختلاف انتماءاتهم العرقية، في تنظيم واحد ، يهدف الى الوحدة والتعاون بين مختلف قبائل السودان، وكان هذا التنظيم يسمي ب" جمعية قبائل السودان المتحدة" – وهي الارهاص الاول لما سيتكون لاحقاً باسم جمعية اللواء الابيض، وموازية في نفس الوقت لما كان يعمل عليه عبيد حاج الامين في نفس الوقت، في تأسيس جمعية الاتحاد السوداني.

    لقد كانت محاولة انشاء هذين التنظيمين من طرف علي عبد اللطيف، ترجع تقريبا للعام 1919، أو فترة عمل علي عبد اللطيف بمدني، الا انها ربما تمتد لفترة ابعد من ذلك، فالعازة تحكي عن اجتماعات سرية كان علي عبد اللطيف يقوم بها وسط الضباط في الجنوب، ولقاءات ليلية هناك. بل ربما يرجع نشاطه السري لسنين عمله في جبال النوبة ودارفور. جدير بالذكر ان علي عبد اللطيف كان يحاول الخروج من دائرة العمل وسط الضباط، للانفتاح على فئات اوسع، وربما يفسر هذا انضمامه في ود مدني لنادي الخريجين ونشاطه الطاغي فيه، وزياراته في الاجازة للخرطوم ونشاطه في نوادي الخريجين فيها، بل زيارته حتى لشندي وغيرها. ان وثائق المخابرات البريطانية في ذلك الوقت ترصد نشاط علي عبد اللطيف، وانه يعمل نيابة عن "جمعية قبائل السودان المتحدة".

    في نفس هذا الوقت، كان عبيد حاج الامين، منخرطا في تأسيس تنظيم أخر في الخرطوم، مع آخرين، باسم "جمعية الاتحاد السوداني" ، والتي تأسست على تخوم عامي 1919-1920 ، وكان في قيادتها جنبا الى جنب مع عبيد حاج الامين، مجموعة من مثقفي الطبقة الوسطى الناشئة، وهم توفيق صالح جبريل ومحي الدين جمال ابو سيف وأبراهيم بدري وسليمان كشة ، والذين انضم لهم لاحقا كل من خلف الله خالد والامين على مدني ومكاوي يعقوب وعبد الله خليل ومحمد صالح الشنقيطي وبابكر قباني وخليل فرح ومحمد العمرابي الخ .

    كان هدف تلك الجمعية هو "رفع مستوى الوعي بين السودانيين عبر النشاط الادبي وعبر نشر وجهات نظر تنتقد حكومة الحكم الثناني" – وكانت في مفهومها العام للوطنية تنطلق من مفهوم الوطنية السودانية كما عبرت عنه جريدة الحضارة ووجود مسألة سودانية مستقلة عن المسألة المصرية، وان كان لها ميل طفيف للمصريين (على عكس الحضارة) وهو ما عبر عنه شعارها الرئيس او برنامجها العام (السودان للسودانيين والمصريين أولى بالمعروف) – وهو شعار استمدته كما يقول مكي شبيكة ( من مقال كان قد نشر في جريدة التيمس الانجليزية، قام ناظر كلية غردون بقرائته على بعض خريجي الكلية وكان المقال ينادي بمبدأ السودان للسودانيين ويطالب بريطانيا بأن تتبني هذا المبدأ وتعمل له).

    من الواضح ان علي عبد اللطيف وان لم يكن من اعضاء جمعية الاتحاد السوداني القياديين، الا انه كان قريبا منها منذ البداية. ويكتب محمد عمر بشير عن علاقة له قوية بمصري اسمه محمد ابو الفتوح في مدني كان على علاقة بجمعية الاتحاد السوداني، بينما يقول محمد ابراهيم دياب في مذكراته ان علي عبد اللطيف كان عضوا بالجمعية؛ وان كان سليمان كشه ينفي ذلك (ربما لم يكن يعرف عضويته حسب نظام الخلايا السري المبتدع في الجمعية حيث لا يعرف القيادي الا الخلية – الخلايا التي تتبع له) – وعلى كل فإن وثائق المخابرات الانجليزيية تحسم الأمر حين تقول ان علي عبد اللطيف كان عضوا بجمعية الاتحاد السوداني في مدني مع اربعة اخرين

    كانت جمعية الاتحاد السوداني المدرسة الاولى في العمل السياسي الحديث وفي العمل السري في السودان بشكل عام ، واستطاعت ان تمد جذورها وسط الخريجين والموظفين والتجار وبعض القيادات الاهلية ، ويرجع الفضل في هذا الى رئيسها عبيد حاج الامين ، والذي استغل موظفي البريد والبرق والسكة حديد لايصال ادبيات الجمعية الى مختلف مناطق السودان. ويبدو ان فروع الجمعية امتدت لمدن الاقاليم بل حتى بعض المناطق الريفية، ولكن عبيد حاح الامين رغم هذه الانجازات لم يكن راضيا عن اداء الجمعية، وفي عام 1923 طرح واجب ان تتحول الجمعية من العمل السري الادبي الى العمل السياسي العلني والمصادم، وان ثلاثة سنوات من العمل السري تكفي لتمهيد الارض، الأمر الذي لم تقبله العناصر المحافظة في الجمعية، فكان ان انشق عبيد حاج الامين بمجموعته في عام 1923، خصوصا بعد وصول معلومات ان المخابرات قد اخترقت الجمعية، وربما تنفيذا لمخطط مشترك مع علي عبد اللطيف بتكوين تنظيم جديد اكثر راديكالية ووضوحا من الاتحاد السوداني.

    من الواضح لي ان علاقة قوية قد قامت بين علي عبد اللطيف وعبيد حاج الامين في الفترة 1920-1923، تخطت علاقة الرئيس والعضو في جمعية الاتحاد السوداني لتصل لعلاقة الشراكة السياسية والقيادة المشتركة لمشروع التحرر الوطني والاجتماعي، ومن الجدير بالذكر ان الرجلان تميزا بعداء متطرف للانجليز مقرونا بخصومة بائنة مع القيادات الدينية والعشائرية ، الأمر الذي لم تشترك فيه معهم بقية قيادات الاتحاد السوداني والتي كانت تهادن كل من الانجليز والقيادات الدينية التي تواليهم. في هذا الاطار يمكن ان نفهم خروج عبيد حاج الامين من جمعية الاتحاد السوداني – وهو رئيسها – ربما لأنه احس انها تقيد افكاره ونشاطه، وان افكاره لا تنسجم مع افكار غيره من القياديين فيها، وربما يرجع الامر لضرورة ادخال علي عبد اللطيف لقيادة الحركة، وهو الذي اتى بارث تنظيمي مميز من تجاربه السابقة، وكانت له علاقات واسعة في الجيش ووسط العمال وفي الاقاليم ، ويشترك تماما مع عبيد حاج الامين في مقته للقيادات الدينية والقبلية وفي راديكاليته تجاه الانجليز.

    عموما فانه بعد خروج علي عبد اللطيف من السجن في عام 1923 فقد بدأ سلسلة واسعة من التحركات الفردية مع اعضاء جمعية الاتحاد السوداني كان يدعو فيها الى اعمال اكثر صدامية ضد الانجليز والى مواقف اكثر استقلالية من القيادات والزعامات التقليدية الموالية لللانجليز ، وقد ادى نشاطه هذا المتوافق مع توجهات عبيد حاج الامين الى اعلان جمعية اللواء الابيض في 20 مايو 1924 ، وان كانت الوثيقة الاولى الرئيسية التي صدرت عنها هي برقية للحاكم العام صدرت قبل التأسيس باربعة أيام ووقعها الخمسة قياديين ممن سيشكلوا اول قيادة لجمعية اللواء الابيض، مما يوضح ان جذور الجمعية هي ابعد بكثير من تاريخ الاعلان.

    وقد نشأت جمعية اللواء الابيض حرفيا في معمعة النضال، وكانت قيادتها الاولى تتكون من علي عبد اللطيف رئيسا ، وعضوية كل من عبيد حاج الامين (الذي سيصبح الرئيس بعد اعتقال علي عبد اللطيف) وحسن الشريف وحسن صالح المطبعجي وصالح عبد القادر، كما لعب علي احمد صالح دورا كبيرا في تنظيم قطاعاتها العمالية والشعبية ، ونشط أيضا في تنظيم قطاع لها وسط التجار وكذلك وسط الحرفيين والمعلمين الخ ، وان اتضح لاحقا علاقة الرجل بالمخابرات البريطانية.

    ويبدو ان جمعية اللواء الابيض قد اعتمدت في تجربتها التنظيمية على تراث وعناصر الاتحاد السوداني، وعلى علاقات علي عبد اللطيف. فهي قد بنت نفسها على اساس نظام الخلايا الخماسية نفسه، وكانت قيادتها المركزية خماسية (كما الاتحاد السوداني). ويقول محمد عمر بشير ان قوة الجمعية الرئيسية كانت تتركز بين ضباط الجيش الذين كانوا مأسورين بشخصية علي عبد اللطيبف، ووسط الكتبة المعجبين بشخصية عبيد حاج الامين. وقد نمت الجمعية بسرعة خرافية واخترقت فئات شعبية جديدة وخصوصا وسط العمال والحرفيين، وانتشرت فروعها ونشاطاتها بصورة توضح انها اعتمدت على جهاز تنظيمي سابق ( أو اكثر من جهاز). ورغم ان الانجليز قد رصدوا من عضويتها المعلومة 150 عضوا ، ومن وسط العسكريين 90 عنصرا، الا انه من الواضح ان عضويتها ومؤيديها كانوا اكثر بكثير من هذه الارقام، وذلك بدلاله ان الكثير من فروع الجمعية العنقودية كانت (كالاتحاد السوداني) تتنظم بشكل سري، وان زخم المظاهرات كان اكبر بكثير من ان يقوم به هذا الكادر الصغير.

    عموما فان تاريخ جمعية اللواء الابيض معروف وموثق الى درجة كبيرة، وليس هو مقام بحثنا هنا، فقد قامت هذه الجمعية اهتداءا بالخط السياسي والتنظيمي لزعيميها بتنظيم كمية من المظاهرات المدنية والعسكرية في مختلف مناطق السودان، ومن بينها الانتفاضة المسلحة التي قادها عبد الفضيل الماظ، مما سمي بثورة 1924. وقد واجهت الادارة الاستعمارية هذه الثورة الوطنية الحديثة بالقمع الشديد بينما تآمرت ضدها القيادات الدينية والقبلية وادانتها بشدة ، بينما تخاذلت عن دعمها القوى المصرية سواء كانت حاكمة ام مدنية (استقالة سعد زغلول وتخاذل الاتحاد العام لعمال وادي النيل) ممن كانت تعول عليهم الجمعية كحلفاء، وممن وقفت الجمعية دفاعا عن الروابط معهم الى حد رفع السلاح، رغم الانخراط القوي لبعض كتاب الصحافة المصرية والعديد من المصريين المقيمين بالسودان في دعم الثورة.
                  

12-28-2010, 12:58 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    ***
                  

12-28-2010, 01:03 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)


    بورتريه البطل علي عبد اللطيف- اللوحة للاستاذ: عبد الرحيم فؤاد (عصفور الجنة) : الوان مائية



    الافكار الرئيسية لعلي عبد اللطيف وعبيد حاج الامين:

    من الصعب التعرف على الافكار الكاملة لكل من علي عبد اللطيف وعبيد حاج الأمين، ذلك اولا ان هذه الافكار لم تجد صياغتها الكاملة في شكل كتابات نهائية وبرامج مصاغة، كما ضاعت بعضا من اهم الوثائق التي كتبوها والتي اشار اليها المؤرخون. وثانيا لأن تلك الافكار نفسها كانت في حالة من التطور والتغير حسب التطور السياسي والفكري والتنظيمي للرجلين.

    عموما يمكننا الاشارة الى تلك الافكار من خلال بعض الوثائق التي ثبتت نسبتها الى الزعيمين، وهي رسالة عبيد حاج الامين الى الامير عمر طوسون في 11 نوفمبر 1922 ، ومختصر مقالة علي عبد اللطيف "مطالب الامة السودانية" ، وما يمكن اعتباره بمثابة البرنامج السياسي لجمعية اللواء الابيض والمصاغ تحت عنوان "نداء الامة السودانية الى الامة البريطانية". وقد نقوم بجمع وتحقيق هذه الوثائق في المستقبل اذا توفرت لذلك الفرصة والوقت .
    في رأيي ان هذه الافكار يمكن اختصارها في التالي:

    الامة السودانية الواحدة والوطنية الجديدة::

    ان عبيد حاج الامين وعلي عبد اللطيف قد اصرا دائما على وجود امة سودانية واحدة، مستقلة عن غيرها من الامم (لنلاحظ استخدام مصطلح الامة السودانية في العديد من كتابات الرجلين ووثائق التنظيمين ) . وهي فكرة ترجع جذورها الى المفاهيم التي نشرتها صحيفة الحضارة .

    الا انه على العكس من قيادة صحيفة الحضارة (حسين شريف) بل وعلى العكس من بعض قيادات الاتحاد السوداني الاخرى ( سليمان كشة) فإن الزعيمان كان يران أن هذه الامة تتكون من ابناء الشمال والجنوب على السواء، وهي ليست جزءا من الامة العربية، وليست جزءا من الامة المصرية أيضا . في هذا المجال نستحضر الواقعة الشهيرة عن اعتراض على عبد اللطيف للاهداء الذي كتبه احد قادة الاتحاد السوداني وهو سليمان كشة لكتاب جمعه وكان يفترض ان يكون احد اصدارات الجمعية، حيث اهداه الى (الشعب العربي الكريم) ، فاحتج على عبد اللطيف بأنه كان من الافضل ان يقول (الى الشعب السوداني الكريم).

    ان قائدي الثورة قد كانا معاديان بشكل قاطع للقبلية وتقسيم السودانيين على اساس عرقي او قبلي او عنصري، وقد تجلي هذا النزوع بشكل واضح في جمعية اللواء الابيض التي ضمت طائفة واسعة من قوس قزح الاثني والجهوي في السودان، فمن ضمن 111 عضوا في الحركة تم رصد اصولهم القبلية كان هناك تمثيل ل20 قبيلة سودانية. ان الحركة قد ضمت الكثير من ابناء الوسط والشمال او ما نسميه بالقبائل المستعربة، كما ضمت العناصر التي سمتها الدكتورة يوشيكو كوريتا بالزنوج المنبتين قبليا، اي العناصر الزنجية المدينية – مثل علي عبد اللطيف نفسه - ، كما نجد فيها تمثيلا كبيرا للقبائل الزنجية من الجنوب وغرب السودان(البرنو، الدينكا ، النوبة، النوير، الفوير ) وخصوصا في قطاعها العسكري .

    كما ضمت الحركة اعداد من المولدين (أي ابناء الزيجات السودانية التركيةو السودانية – المصرية) وكذلك الاقباط. ان الحركة ببساطة كانت تشكل كل فسيفسا ء التكوين الاثني والديني في السودان في تلك الفترة، وما كان الانتماء القبلي ولا الطبقي يحدد موقع العضو في الحركة، والتي كان رئيسها بلا منازع والمعترف بزعامته من كل الاعضاء والمؤيدين للحركة من اصل نوبي – دينكاوي ، ومن بينهم ابناء زعامات قبلية كبيرة واسر شهيرة من قلب الصفوة الاسلامية – العربية، ومن بينهم عبيد حاج الامين نفسه وملازم علي دينار واحمد مدثر ابراهيم ومحمد هاشم ابو القاسم، بل وبعض القيادات القبلية امثال المك علي ود ناصر مك قبيلة الجموعية حينها، والذي وان لم يكن عضوا باللواء الابيض، فهو قد كان مؤيدا لها بلا شك ، والدليل هو عدم توقيعه على "اسفار الولاء" التي وقعتها الكثير من القيادات القبلية،ج رغم انه كان زعيم اكبر قبيلة تسكن في منطقة الخرطوم، ومحاولته انقاذ بعض جنود الثورة، والذين تم اعتقالهم واغتيالهم بخدعة ماكرة كانوا هم والمك ناصر من ضحاياها.

    الشاهد ان قيادة واعضاء اللواء الابيض تحديدا ، كانوا ينظرون لانفسهم كسودانيين في المقام الاول، بل وكانوا ينكرون انتماءاتهم القبلية ويرفضون التصريح بها، في شكل متطرف من التوجه القومي، وكلنا نتذكر قصة رفضهم الافصاح عن قبائلهم عند التحقيق معهم بعد نهاية الثورة، مما عرضهم للتعذيب والجلد من قبل الانجليز، والذين كانوا يريدون العودة بهم الى قوقع القبيلة. كما ان مقولة علي عبد اللطيف التي جعلناها موتو لهذا المقال تعبر تماما عن تلك الروح، فقد قال للضابط الانجليزي الذي كان يحقق معه بعد اعتقاله وسأله عن قبيلته (((لا يهمني أن كنت منتميا لتلك القبيلة او تلك فكلنا سودانيون، نعمل يدأ واحدة من أجل تحرير بلادنا من سيطرتكم)) – كما ان هذه الروح نجدها في اشعار شعراء وفناني الثورة، وعلى رأسهم خليل فرح وتوفيق صالح جبريل ؛ وايضا يوسف مصطفى التني صاحب (في الفؤاد ترعاه العناية) حين يقول :
    نحن للقومية النبيلة ... ما بندور عصبية القبيلة
    تربي فينا ضغائن وبيلة ... تزيد مصايب الوطن العزيز

    بالمقابل كان خصوم الثورة يعملون طول الوقت على تأبيد القبلية والارستقراطية، وعلى تقسيم الناس قبليا وعرقيا، وكانت واحدة من حججهم الاساسية في دعايتهم ضد الثورة وقادتها هي قضية المحتد النبيل كما اسموه والانتماء القبلي ، فقد كتب قائلهم في صحيفة الحضارة: (( اهينت البلاد لما تظاهر اصغر واوضع رجالها دون ان يكون لهم مركز في المجتمع بأنهم المتصدون والمعبرون عن رأي الامة )) وقال (( ان الشعب ينقسم الى قبائل وبطون وعشائر، ولكل منها رئيس او زعيم او شسيخ، وهؤلاء هم اصحاب الحق في الحديث عن البلاد )) وخلص الى السؤال: ((من هو علي عبد اللطيف الذي اصبح مشهورا حديثا والى أي قبيلة ينتسب ؟)) .

    واذا كان تقرير المخابرات البريطانية ان كاتب هذه المقالة العنصرية هو سليمان كشة، فهذا يفسر لنا سبب خلاف عبيد حاج الامين وعلي عبد اللطيف معه ومن شابهه وتركهم الاتحاد السوداني لهم وتأسيسهم للولاء الابيض والتي كانت في المقام الاول، قولا وفعلا، مظهرا وجوهرا، حركة تمثل الوطنية الجديدة وتدعو وتعمل من اجل القومية السودانية.

    ان الادارة الانجليزية هنا قد وقفت مع القديم بشكل واضح، وهنا يتضح الفرق بين الليبرالية والامبريالية، فالليبرالية دعوة للحرية والحداثة، والدولة التي تحتل غيرها تكف عن ان تكون ليبرالية، والدولة الاستعمارية التي تنتهك حرية شعب كامل، تصل لأن تنتهك حرية الافراد والروح الفردية، وتتنازل عن القيم الحديثة لصالح قيم اكثر تخلفا . فالانجليز هم من كانوا يصرون على تقسيم الناس الى قبائل، وهم من كانوا يعذبون ثوار 1924 ليجبروهم على ذكر اسماء قبائلهم، حين كان هؤلاء يصرون على انهم سودانيون، وينتمون للحداثة التي تنكر لها احفاد "المغانشارتا"- بل ان الاداريون الانجليز هم من عانقوا عنصرية قادة الطوائف ومن والاهم من المثقفين ودعموها وسندوها، حيث تكتب الدكتورة يوشيكو كوريتا : ((كان البريطانيون حريصون على تأكيد " الأصل العبودي" لعلي عبد اللطيف، محاولين اثبات انه ليس مؤهلا لتمثيل السودان)) . كما نرى تحاملهم على الرجل في التقرير الذي الذي كتبوه بعد الثورة، والمسمى بتقرير ايوارت ، وقالوا فيه عن علي عبد اللطيف (( إنه متوحش صغير .. وجد نفسه طالبا عسكريا في الحلقة الثانية من عمره، ولما بلغ الثانية والعشرين أصبح ضابطا. ومن ثم انتقل من بؤرة التخلف الى صفوة المجتمع المحلي ))

    هذا الوصف بالمتوحش الصغير أو حديث التقرير عن انه أتى من حثالة المجتمع ، لم يكن ابناء التايمز بقائليه لو تعلق الامر برجل انجليزي صعد من الصفر الى القمة، بل لعدوه عصاميا ولاعتبروا ذلك من ايجابيات المجتمع الحر – كما فعلوا في العديد من النماذج. والحقيقة فإن العصامية والفردية والنجاح الشخصي هي من سمات الشخصية المتحررة الليبرالية، وقد كان على عبد اللطيف هنا يعبر عن روح الليبرالية الناهضة، بينما كان خصومه – من الانجليز المستعمرين واعوانهم المحليين - يعبرون عن روح الارستقراطية والعنصرية الساقطة، ولا ننسى هنا أيضا دور الافكار الاشتراكية التي تكره الفردية والعصامية، والتي كان يعبر عنها حزب العمال آنذاك. وفي الحق فقد كانت سياسات انجلترا وقتها خليط من افكار الارستقراطية القديمة والعنصرية العرقية والمركزية الاوروبية والاشتراكية الامبريالية.

    عموما فان افضل ما قيل في تحليل افكار علي عبد اللطيف في هذا السياق ما كتبه حفيده معاوية احمد بدري حين قال : ((إن المدخل الحقيقى للفهم الصحيح لأى حدث هو التحليل العميق له، دوافعه، ملابساته، وظروفه وهذا للأسف ما لم يحدث مع ثورة 1924م فى السودان. فنجد البعض يروى أحداثها برواية الاستخبارات الانجليزية نقلاً عن ارشيفها. والبعض الآخر يتحدث عنها بلغة العرق والقبيلة، وآخرون يتحدثون عنها نقلاً عن النسخة المحرفة لتاريخ السودان الحديث. ويعزى السبب فى صعوبة فهم أطروحات تلك الثورة هى إنها تتكلم بمصطلحات لم يتربى عليها كثيرون بعد ان أسقطها المستعمر من قاموسنا وتكالب على دفنها أولياه من السودانيين ألا وهى مصطلحات القومية. ))

    كما كتب : ((وعلى عبد اللطيف أول قائد شعبي لفظ عبارة ’الامة’ بمعنى الشعب السودانى، وثورة 1924 أول حركة جسدت القومية السودانية بالمعنى الحديث وأدخلتها قاموسنا السياسى كمفهوم يدل على تعددية تشمل الجميع، قبلها كان هنالك عرب وسودانيين(اى من انحدر من اصول افريقية)وموّلدين. وكما يقولون، واجهوا مشكله سيدنا آدم: سموا اشياء لم تلقب من قبل. نحن سودانيين اليوم لانهم أطلقوا علينا هذة الصفة))

    واجمل في النهاية ((إن حقيقة كون ثورة 1924 هي ثورة قومية سودانية مثلت و حركت كامل عناصر المجتمع السوداني هي حقيقة لا جدال عليها. والذي ينظر إلى الصورة الفوتوغرافية لقادة هذه الثورة يرى كل ألوان الطيف السودانية. هذه الثورة دفع فيها الغالي والنفيس من الأرواح والأعمار التي أفنيت في السجون وغيرها من التضحيات ولكن كل ذلك الثمن يهون أمام ميلاد القومية السودانية التي تمخضت عن تلك.))


                  

12-28-2010, 01:06 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    السودان للسودانيين وحق تقرير المصير:

    رأت قيادة ثورة 1924 (علي وعبيد) ان السودان كيان وطني مستقل عن انجلترا وعن مصر، وهي فكرة منسجمة مع مفهوم القومية السودانية، وبهذا فله الحق في تقرير مصيره – وهذه الفكرة نجدها واضحة في كل كتابات ومواقف الرجلين، وتبدو رمزيتها ساطعة في رفض دخول المصريين اعضاء في جمعية اللواء الابيض (حسب منطوق المادة الرابعة من نظامها الاساسي)، وفي كون علم الجمعية أبيض، خلافا لعلم مصر الاخضر، وفي منطوق بيانات جمعية اللواء الابيض وكتابات علي عبد اللطيف ونداءاته.

    وفي الحقيقة فإن شعار حق تقرير المصير الذي رفعه كل من علي عبد اللطيف وعبيد حاج الامين قد كان متقدما جدا في ذلك الزمن، حين كانت الوطنية السودانية لا تزال تحبو على قدميها، وكانت الثورات تقوم على اساس قبلي ومناطقي وديني، بينما كانت الامبراطورية البريطانية لا تغيب عنها الشمس، وكان اقصى طرح دولتي الحكم الثناني لمستقبل السودان يتراوح ما بين الحاقه بمصر او تبعيته لبريطانيا.

    ويبدو ان حق تقرير المصير قد كان هو الهم الاول لقادة الثورة، وليس أي اتحاد مع مصر، حيث يقول تقرير لجنة ايوارات التي كلفت بالتحقيق في احداث الثورة ونشرت تقريرها عام 1925 عن مقال علي عبد اللطيف "مطالب الامة السودانية" التالي ( ان المقال الذي ادين (علي عبد اللطيف) لكتابته لم ترد به كلمة واحدة لصالح مصر، بل ذهب الى الدعوة لقيام حكومة للسودان بواسطة السودانيين وانهاء الحكم الاجنبي . ومهما يكن من أمر، فإن معظم محتويات المقال كانت تعبيرا عن مشاعر كانت وما زالت هي المشاعر التي يفيض بها وجدان ابناء الجيل الجديد المتعلم بل حتى كبار الموظفين)

    ويقول الدكتور جعفر محمد علي بخيت فيما يتعلق بنداءات جمعية اللواء الابيض لجماهير الشعب السوداني بل وحتى للمصريين (انها لم تكن تأبه كثيرا بالوحدة السياسية لوادي النيل، اذ انصرف اهتمامها الى مظالم السودانيين المحلية في مواجهة البريطانيين ) – بل ان احدا من الد اعداء الجمعية تحول الى مواقفها مع الزمن وبرأها – عمليا – من تهمة العمل للمصريين ، ونقصد به حسين شريف ، والذي كتب لصحيفة التايمز اللندنية مقالة بعنوان "نداء الى الشعب الانجليزي الحر" خلص فيه الى ان حركة اللواء الابيض في جوهرها سودانية وان كانت تبدو مصرية في الظاهر، وعدد اسباب قيام الحركة والثورة في التالي:

    * السخط بسبب الاخطاء الادارية التي ارتكبتها الحكومة - ويضرب مثلا على ذلك سياسة تنفيذ مشروع الجزيرة.
    * الشك في نوايا بريطانيا المستقبلية بصدد السودان.
    * ازدياد الوعي الوطني وزيادة التطلعات الوطنية التي وجدت طريقها لقلوب كثير من السودانيين.
    * مصادرة الحريات عقب الحرب.
    * اثر الخلاف بين مصر وبريطانيا على السودان.
    * حددت مصر نواياها لمستقبل علاقتها مع السودان بينما لم تحدد بريطانيا بالمقابل نواياها.

    ان حسين شريف يذكر نقطة الخلاف بين مصر وانجلترا كنقطة واحدة وليست رئيسية (أتت في ترتيب المقال كالنقطة الخامسة من ضمن ستة نقاط) ، وهو لا يتحدث ابدا عن أي تبعية لحركة اللواء الابيض للمصريين او خدمة لمصالحهم، وانما يتحدث عن "اثر الخلاف" بين دولتي الحكم الثنائي على السودان والسودانيين، وكأنما يشير الى ان حركة اللواء الابيض قد استغلت ذلك الخلاف لمصالحها الخاصة في اجلاء الانجليز عن السودان، كيف لا وهي التي رفضت في نظامها الاساسي انضمام المصريين الى صفوفها. وفي الحقيقة فأن عداء حسين شريف مع حركة اللواء الابيض وقادتها لم يكن ابداً بسبب ولائها المزعوم لمصر، لأنه كان يعرف انه ليس هناك مثل هذا الولاء، وانما لانها رفضت القيادة الدينية الطائفية التي كان مرتبطا بها ماديا وروحيا، والتي كان يظن انها المؤهلة لتمثيل البلاد والحديث بإسمها، ولأنها ارادت تقديم قيادة ((ذلك الجزء ال######## من المجتمع )) كما جاء في المقالات التي نشرت بصحيفته في ذم الثورة.

    ويمضي حسين شريف أكثر لينتقل من فكرة استمرار تبعية السودان لانجلترا التي كان يطرحها قادة الطوائف الدينية وعماء القبائل ، الى تبني شعارات الثورة نفسها ، حين كتب مطالبا بأن تتم تسوية المسألة السودانية على اساس ان السودان للسودانيين وأنه ليس للانحليز ولا للمصريين، وهو ما يذكرنا بالشعار والبرنامج الرئيسي لجمعية الاتحاد السوداني الذي كان يقول ( السودان للسودانيين .... والمصريون ،، أولى بالمعروف) . ومن المعلوم ان المعروف ليس حقاً، وكأنما ارادوا القول ان السودان لنا ، اما مصر فنعاملها بالمعروف – كجارة وحليف محتمل – ولنتذكر ان هذا الشعار المتقدم كان قد طرح ابان واعقاب ثورة 1919 في مصر والتي كانت ترفع شعارات ((مصر والسودان لنا .. وانجلترا لو أمكنا)) .

    ويتابع حسين شريف الفكرة ليذهب لضرورة تكوين حكومة وطنية من السودانيين على غرار حكومة العراق، وذلك حتى تلائم ظروف البلاد ، وليتوفر من الوقت ما يعين على تطور السودان وتحقيق استقلاله، على ان يتضمن اعلان تلك الحكومة اعلان مماثل بالنسبة لحصة السودانيين في مجالات التعليم والعمالة و والجيش والادارلة والزراعة وغيرها، وهذا هو لب ما طالب به علي عبد اللطيف في "مطالب الامة السودانية" .

    ويمضي حسين شريف اكثر في التماهي مع اطروحات الاتحاد السوداني واللواء الابيض ليطلب ((ضرورة تحديد ذلك الاعلان لمركز انجلترا وطبيعة الرابطة التي ستربط بينها وبين السودان، وكذلك ان يعين المصالح الحيوية لمصر والروابط الضرورية التي يمكن ان تكون في مصلحة البلدين)). بل يذهب ابعد من ذلك ليرى (( أن يكون هناك نوع من الاتحاد بين الامتين للمحافظة على الروابط الازلية التاريخية للقطرين الشقيقين ، على ان يكونا ملزما لكل منهما، لكي يحول دون قيام نزاع فيما بينهما في المستقبل)) – وهذا الطرح مطابق لما طرحته اللواء الابيض في صدر المادة الخامسة من نظامها الاساسي "توحيد مصر مع السودان" .

    وفي الحقيقة فإن حسين شريف رغم الكتاباته الاستعلائية – التي نشرت في صحيفته – عن علي عبد اللطيف وعن قيادة الثورة والثوار، ورغم اطروحاته المبكرة عن تفويض حقوق السودانيين للبريطانيين وللقادة الدينيين والقبليين، قد عاد وانصف الثورة وطوّر من مواقفه حتى قاربت مفاهيم الثوار. وقد يرجع ذلك لكونه ايضا ينتمي للقطاع الحديث والمثقف من المجتمع رغم ارتباطه بالقوى القديمة، وربما يكمن بعض من عدائه للثوار انهم نافسوه في مجال أساسي وهو : من هو الصوت المفصح عن المثقفين آنذاك: صوت حسين شريف (الذي وضعه في خدمة قادة الطوائف) أم صوت الثوار الذين يريدون التحدث به اصالة عن انفسهم وعن الشعب؟. وعموما فان اسهام حسين شريف في تكوين افكار الاتحاد السوداني واللواء الابيض نفسه لا يمكن ان ينكره المؤرخ المحايد، وذلك بثبيته لوجود المسالة السودانية والهوية السودانية، وان اختلفوا معه فيما بعد في كيفية التعامل مع هذه المسالة السودانية (في اختلاف مفهوم الوطنية السودانية بين صحيفة الحضارة وجمعية اللواء الابيض راجع بحث الدكتورة يوشيكو كوريتا – علي عبد اللطيف – بحث في مصادر الثورة السودانية – الفصل الاول)

    ان وثائق المخابرات الانجليزية نفسها توضح ان علي عبد اللطيف لم يكن مؤيدا لمصر، ناهيك عن ان يكون واقعا تحت النفوذ المصري. ففي تقرير شهري للمخابرات عن شهر مايو 1924 رقم 538 يكتب التقرير عن علي جمعية اللواء الابيض (( رئيس الجمعية علي عبد اللطيف دينكاوي كان ضابطا بالجيش المصري واحيل في عام 1922. سُجن بتهمة الاثارة وقادت الصحف حملة لاطلاق تأييد قضيته حتى اكتشفت إنه غير مؤيد لمصر)) – ورغم ان التقرير من بعد ان علي عبد اللطيف اقتنع ان مستقبل السودان مرتبط بمصر، فهذا لا يدلل الا على تناقض التقرير نفسه واحتؤائه على معلومات غير صحيحة اخرى (عن تاريخ الجمعية) ، كما تنفيه المؤشرات العديدة الاخرى.

                  

12-28-2010, 01:08 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    رفض القيادة الطائفية والقبلية:

    رأي الزعيمان ان القادة الدينيون والقبليون لا يعبرون عن الامة السودانية ولا يمثلونها، وانما يمثلون انفسهم، بل ان سياساتهم مضرة بالقضية السودانية - وان الاخرون ايضا لهم الحق في تمثيل انفسهم واعلان رأيهم- في هذا مهم الاشارة المعبرة في الاجتماع التأسيسي لجمعية اللواء الابيض حيث اشار علي عبد اللطيف لواحد من اسباب تكوين الجمعية بالتالي: ( والله نحنا اجتمعنا دلوقت لانو حتكون في مفاوضات. المفاوضات دي دلوقت السيد عبد الرحمن عمل الاجتماع بتاعو واعلن رأيو. ونحن ما بنعتقد ان النظار والعمد والمشايخ بيمثلونا. لأننا نحنا ناس برضو عندنا راي في الحكاية دي).

    أما جمعية الاتحاد السوداني فيصنفها احد الكتاب أنه ((رغم أن اعضائها كانوا مشبعين بالتراث الا انها كانت تنظيما علمانيا في تلك المراحل البدائية في تشكيل الشخصيى السودانية، حيث كان من السهل القول عن الذين اهتموا بفصل الدين عن السياسة بأنهم علمانيون))- وكانت الجمعية ذات مواقف واضحة ضد القيادات الطائفية والدينية والقبلية المتعاونة مع الانجليز وقتها. وفي ذلك قال عبيد حاج الامين في معرض نقده لسياسة الانجليز في استغلال السكان ومحاولة التفريق بين مصر والسودان (مما يؤسف له ان الانجليز استغلوا زعماء البلاد لتحقيق ذلك الغرض) – أما شعراء الجمعية فقد كانوا اكثر اقداما حيث قال قائلهم ( الا يا هند قولي او اجيزي / رجال الشرع اصبحوا كالمعيز/ الا ليت اللحى كانت حشيشا / لتعلفها خيول الانجليز) - ويذكر فتحي الضو انه (قيل أن على عبد اللطيف كان يضع هذه الابيات في صدر غرفته بحيث يطالعها الداخل بوضوح فتأمل!)

    ان العديد من الكتاب قد انتبهوا لهذا البعد الحداثي والتجديدي ضد -الطائفي وضد – القبلي لقيادات اللواء الابيض، فدكتورة يوشيطو كوريتا تتحدث عن ان علي عبد اللطيف كان يشكل ((نوعا فريدا من القيادة لم يكن معروفا للمجتمع السوداني حتى ذلك الحين)) وتمضي أكثر لتقول ((أن علياً نفسه كان مدركاً لهذه الحقيقة. وقد كان نضاله منذ تقديم مطالب الامة السودانية ذا مستويين: الاول كان النضال ضد الحكم البريطاني. لكن كان ثمة باعث خفي – هو النضال ضد الزظعماء الدينيين والقبليين "الذين لا يعبرون الا عن اشخاصهم")) كما ان محمد عمر بشير في سرده لوقائع الثورة يتحدث عن هذا التناقض فيقول (( ولم تفزع حكومة السودان من تلك التطورات فحسب، بل اصاب الهلع أيضا زعماء الطوائف والقبائل العتيدين المؤيدين للوضع الراهن. وراؤا في نشاط اللواء الابيض تحديا وتهديدا لمراكزهم ومصالحهم، ولم يكونوا على استعداد للاختفاء وراء الصفوف لكي يسمحوا لاولئك الذين يصفونهم بأنهم اشخاص غير مسؤولين ومتهورين بأن يسرقوا منهم سلطانهم التقليدي وأن يفرضوا ارادتهم وسلطتهم)).

    واذا شئنا أن نوضح الفرق بين قادة الثورة وبين القيادات الطائفية والقبلية القديكة، فيمكننا الاقتباس بصورة واسعة من المقال الممتاز لحفيد علي عبد اللطيف وهو الاستاذ معاوية أحمد البدري والموسوم ب "حقيقة الصراع والإخفاء في تاريخ السودان الحديث " والذي يقول فيه:

    ((إن الأحداث آلتي تجرى في السودان ألان وحقيقة إخفاء الحقائق الجلية في تاريخ السودان الحديث لا يمكن فهمها بمعزل عن فهم حقيقة الصراع السوداني السوداني في بدايات هدا القرن .وهو صراع دار حول الإطار الذي يجب أن يكون عليه المجتمع السوداني حديث التكون في المدن آنذاك. . تبلور هذا الصراع وطفا إلى السطح خلال حقبة العشرينات وخصوصا خلال أحداث ثورة 1924 . ))

    ((في تلك الفترة كان هنالك تياران رئيسيان في المجتمع السوداني . تيار القوى الحديثة الناشئة وهى عرقيا تشمل مزيج من أهل السودان الذين حط بهم الرحال في الخرطوم و المدن الكبيرة في السودان وذلك بعد أن حطت الحرب أوزارها وانطفأت جذوة القتال وبذلك هم أيضا مزيج من بقايا جيوش المهدية و العناصر السودانية التي رافقت الجيش الإنجليزي الفاتح ،أضف إلى ذلك العناصر التي جاءت مع التركية السابقة و أثرت البقاء في السودان ولا ننسى أيضا العناصر من قبائل وسط السودان التي أثرت حياة المدن على البادية .))

    ((مهنيا كان هذا التيار يشمل ألوان طيف عديدة من ألافندية وهى طبقة الموظفين في ذلك الزمان وصغار التجار والعمال والحرفيين والمزارعين وضباط الجيش وغيرهم. أما فكريا فكانت أيدلوجية هذا التيار الحديث هي رفض الولاء العرقي و القبلي و الطائفي و لبحث عن هوية مشتركة تجمع الجميع بغض النظر عن التباين الموجود، هوية قادرة على صهر هذه التناقضات لا تزكية لنارها. لذلك جاء المولود الجديد وهو الهوية السودانية الصرفة التي لا ترتكز على أساس عرقي أو قبلي أو طائفي ويكون فيها شرط المواطنة هو فقط الانتماء لهذا الوطن وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.بذلك كان ثورة 1924 هى المخاض. وكانت أحداث تلك الثورة بلورة أهازيج هذا التيار وفكرهم الثوري الذى يعتبر تطور للفكر الثوري للمهدية الذي حاول جمع أهل السودان في بوتقة واحدة وان اختلفوا عنه في الإطار و طريقة التنفيذ.))

    ((كان هذا التيار الحديث حديثا بمعنى الكلمة حيث حاول الخروج من التقوقع في المحلية و الارتباط بالتيارات الثورية الناشئة في العالم عقب الحرب العالمية الأولى. فخاطب البلشفيين بتعابيرهم واستلهم آليات غاندي في الثورة السلمية و تبناها أبطاله ،فكان رصاصهم المقالات و جيشهم التظاهرات، كما توثقت علاقاتهم بالثوريين المصريين الذين تسلموا دفة الحكم في مصر بعد ثورة 1919 فكانت رسائل البطل على عبد اللطيف لسعد زغلول. كما انه ليس بالمستغرب إن يكون محمد نجيب زعيم الضباط الأحرار في مصر هو رفيق البطل على عبد اللطيف في المدرسة الحربية وصديق شخصي له.حداثة هذا التيار كانت في دعوتهم الشاملة الجامعة. كانت في طريقة التعبير عن الرأي كانت في سمو و رقى الطرح، حداثتهم كانت في سنهم الصغير نسبيا.كانت في زغاريد النساء مع كل مظاهرة تخرج.حداثتهم كانت في طرحهم لرؤى إقليمية تبلورت بعد ذلك في نهايات القرن الفائت.))

    ((كان هذا التيار على استعداد أن يدفع الغالي والنفيس من اجل تلك الهوية النفيسة ،وكانت درره تخرج من قلبه من قلب الشعب فكان يقدم القرابين من افضل ما لديه من الرجال وكشف حسابه في هذا المجال طويل يصعب جرده من قائمة الأبطال على عبد اللطيف ،عبيد حاج الأمين، عبد الفضيل الماظ، ثابت عبد الرحيم،....الخ. إن تيار القوى الحديثة في السودان قد استبق كثير من رصفاه فى حركات التحرر في أفريقيا والشرق الأوسط بتقديم بوتقة إنتاجه في ثورة 1924 وذلك قبل أن تتبلور هذه الأفكار التحررية في المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية ويظهر قادتها المعروفين.ولذلك كان إخماد هذه الثورة هو نهاية البداية لتيار القوى الحديثة في السودان. ))

    ((في الجانب الأخر من المجتمع السوداني كان هناك تيار النبلاء والزعماء التقليديين سواء كانوا طائفيين أو القبليين الذين قام الإنجليز بتقوية شوكتهم لمجابهة القوى الحديثة في المجتمع السوداني. وكانت رؤية هذا التيار أن المجتمع السوداني مكون من طبقتين طبقة عامة الشعب وطبقة السادة وان كان هنالك من أحد يحق له إن يرث السودان فهي تلك الطبقة. فهم ذوى الأصول النبيلة و الشجرة الظليلة، وكان هذا لسان حال صحيفتهم حضارة السودان عندما قدم إليهم البطل على عبد اللطيف مقالته الشهيرة عن مطالب الأمة لنشرها فتسألوا عن اصله وقالوا ان الأمة السودانية يجب أن يتكلم عنها فقط ذوى الأصول النبيلة .وكانت وجهة نظرهم تتطابق مع رأى الإنجليز الذين كانوا ينعتون كل من ينكر الولاء القبلي والطائفي والعرقي باللاوطنى .وكان هذا التيار ومازال على استعداد أن يأخذ لا أن يعطى فكان يتلقى الدعم المادي والمعنوي من المستعمر .وهو تيار لم يكن يرتكز على قواعد شعبية و إنما على الولااءت العمياء ولم يكن له فكر سياسي يقدمه لان زعامته ليسوا بسياسيين و إنما ورثة ولاأت ولذلك لم يستطيعوا أن يقدموا الطرح السياسي والبطل النموذج عندما ألت إليهم المقاليد في ما بعد. وقد تبلورت قمة نشاطات هذا التيار في رحلة الولاء و الطاعة لملكة بريطانيا والتي خلعت فيه لقب سير على بعض قادة هذا التيار ،وهذه الرحلة وأغراضها وأهدافها تم إخفائها بعناية من تاريخ السودان الحديث كما تم إخفاء أراء قادة تيار النبلاء في ثوار 1924 والثورة.))
                  

12-28-2010, 01:10 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    نهج التعاون الطبقي بديلا للصراع الطبقي:

    كحركة وطنية تعمل من أجل التحرر الوطني، فقد حاولت جمعية اللواء الأبيض تجميع كافة ألوان الطيف الاجتماعي في عضويتها ونشاطاتها، فكان بين صفوفها العمال والتجار، المزارعين والأفندية ، رجال الدين وبعض القيادات القبلية. وإذا كان هناك من جهة استثنتها الحركة من محيط نشاطاتها، فقد كانت فقط تلك القطاعات من الارستقراطية الدينية والقبلية التي ربطت نفسها بصورة واضحة بالمستعمر، والتي من الواضح أنها قد اُستثنت لأسباب سياسية وليست اجتماعية، بدليل محاولة الجمعية كسب قيادات قبلية أخرى لصفها، مثل الحال مع مك الجموعية وآخرين .

    وإذا كانت قوة الجمعية كامنة في المقام الأول بين الكتبة أي موظفي الحكومة والجيش أي الجنود والضباط، فان عضويتها انتشرت وسط مختلف الفئات الاجتماعية ، وقد نظمت الجمعية من جهة جمعية للعمال ، ومن جهة أخرى جمعية للتجار أو اتحاد تجاري. وقد نجحت جمعية اللواء الأبيض في تجنيد الكثير من الحرفيين السودانيين من الخياطين والنجارين، والإسكافيين إلى جانب الخريجين والمعلمين والكتبة ونواب المآمير السودانيين بل والعاطلين عن العمل. وقد لعبت أغلب هذه العناصر دورا بارزا في المظاهرات التي نظمتها الحركة ، وان كان بمساهمة كبيرة من الفئات الشعبية من الحرفيين وفقراء المدن.

    ويظهر منهج التعاون الطبقي في أن الجمعية عملت على تنظيم التجار والعمال معا، وفي أثناء المظاهرات العارمة في يونيو ويوليو 1924 أصدرت جمعية اللواء الأبيض عدة بيانات أعلنت فيها عدم عدائها لفئة التجار ودعت المتظاهرين لعدم التخريب وعدم مهاجمة المحال التجارية.

    كما يظهر نهج التعاون الطبقي في إن جمعية العمال وهي تنظيم فئوي تابع للواء الأبيض قد كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالاتحاد العام لنقابات عمال وادي النيل (بقيادة الوفدي عبد الرحمن فهمي ) – وهو اتحاد رائد وثوري حيث أن قيادته كانت في يد المصريين بينما كانت قيادة الاتحاد العام للعمال المصريين (الشيوعي) حصرا في يد الأجانب. وكان عبد الرحمن فهمي واتحاد عمال وادي النيل ( واللواء الأبيض وجمعية العمال المتحالفة معهما بالضرورة) ذوي موقف واضح رافض للشيوعية والتي كانت تشهد انتعاشا في مصر آنذاك، وفي الدعوة لمنهج التعاون الطبقي في مرحلة التحرر الوطني.

    وخلافا لبعض الإيحاءات، فان حركة اللواء الأبيض – ككل - لم تخضع لأي من التأثيرات الشيوعية، رغم انه من المشتبه إن احد منظميها كان واقعا تحت تأثير شيوعي، ونقصد هنا علي احمد صالح (ود حاجي) ، والذي كان له دور كبير في نشاطات الجمعية ، والذي تحول فيما بعد إلى شاهد ملك ضد الثورة والثوار، وأفشى كل أسرار الجمعية، وهاجر بعد فشل الثورة إلى ألمانيا، حيث أصبح عضوا في الحزب الشيوعي الألماني هناك.

    بالمقابل كانت سياسة الجمعية تذهب في اتجاه مخالف، فكما قلنا أصدرت الجمعية عددا من البيانات إبان الثورة تطمئن فيها التجار أنها لا تستهدفهم ، وتدعوهم إلى الانخراط في الثورة. كما إن اللواء الأبيض – وجمعية العمال التي تبعت لها أو كانت احد منظماتها الفئوية – فد تناءت عن أي تحركات يشتم منها رائحة التخريب أو تخرج عن الهم الوطني، وفي ذلك تقول دكتورة يوشيكو كوريتا( وعلى سبيل المثال، فقد ظل موظفو النقل النهري في الخرطوم بحري اللذين يشكلون القسم الأهم في جمعية العمال (وكثيرون منهم من غير العرب ومن ذوي الأصل الجنوبي) صامتين عندما كان صغار التجار والحرفيون من الخرطوم وامدرمان (ومعظمهم من العرب الشماليين) يتظاهرون تحت علم مصر الأخضر ويرشقون محلات التجار الأجانب بالحجارة.)

    جدير بالذكر إن منهج التعاون الطبقي قد يكون مقتبسا من التجربة المصرية ، وخصوصا من تجربة اتحاد عام نقابات وادي النيل ، خلافا لاتحاد عام عمال مصر (الشيوعي) الذي كان يدعو لتسعير الصراع الطبقي والذي كانت تقوده العناصر الأجنبية من يونانيين وأرمن ويهود في المقام الأول . وكان اتحاد عام نقابات وادي النيل في علاقة تحالف وتعاون وثيقة مع جمعية العمال التابعة للواء الأبيض . تقول الدكتورة يوشيكو كوريتا عن هذا الاتحاد ( غنى عن القول إن اتحاد عام نقابات وادي النيل الذي تشكل في مصر في مارس 1924 بقيادة الوفدي عبد الرحمن فهمي كانت نتاجا لثورة 1919 وانه كان ثوريا بمعنى انه يرمز إلى انجاز تحرك الحركة العمالية في مصر إلى أيدي مصريين أي "التمصير" (بعد أن كانت تسودها العناصر الأجنبية فيما مضى) ولكنها في ذات الوقت منظمة ظهرت للوجود بهدف مواجهة تهديدات الشيوعيين ( كما يتجلي من حقيقة انه تشكل بعد فترة وجيزة من القمع الفظ للحركة الشيوعية في الإسكندرية في ربيع 1924)- أنها منظمة لمصالحة الرأسماليين والعمال . وقد هاجم عبد الرحمن فهمي الشيوعية مرارا باعتبارها "عقيدة الحرب والتخريب" وشدد على أهمية النضال القانوني).

    ورغم اعتراضنا على نظرية الدكتورة إن ذلك الاتحاد قد نشـأ أصلا لمواجهة الشيوعيين، وربطها ذلك فقط بتاريخ نشؤه، متجاهلة في ذلك الدور الكبير عبد الرحمن في الحركة العمالية وكامل الحركة الوطنية المصرية، إلا إننا نتفق معها إن ذلك الاتحاد كان ينحو منحى التعاون الطبقي لا الصراع الطبقي ، وهو منحي مقبول في تلك الفترة التي كان الصراع الأساسي فيها وطنيا لا طبقيا، على عكس ما دعا اليه الشيوعيون في تلك الفترة المتطرفة من تاريخهم التي دفعت فيها قيادة الأممية الشيوعية (الكومنترن) أحزابا شيوعية كثيرة في الشرق إلى المحرقة ( ومن أهمها الحزب الشيوعي الصيني) ،بالفرض عليها أن تقاتل ضد الحركات الوطنية الأخرى المسماة بالبرجوازية. تم ذلك قبل أن يتراجع الكومنترن عن خطه الجنوني ذاك في عام 1928 ومن بعد في الثلاثينات داعيا لسياسة الجبهة المتحدة في أوروبا وفي الشرق، الأمر الذي نفذته أيضا الأحزاب الشيوعية بشكل أعمى ودون رشد ، إلا إن هذا موضوع آخر قد نتطرق له يوما ما لنحلل تأثير الخضوع الأعمى للمركز الأممي في نشاط الأحزاب الشيوعية في أفريقيا والعالم العربي عموما والسودان خصوصا.

    إن عبد الرحمن فهمي – رغم ما كتبته عنه الدكتورة المتأثرة شديدا بالفكر الشيوعي- ، قد كان يعتبر في مصر من التيار اليساري في حزب الوفد ، ومن العناصر الثورية والشعبية فيه، رغم موقفه الواضح من الشيوعية. كما إن تشابه فلسفة عبد الرحمن فهمي في التركيز على النشاط القانوني يمكن أن نجده واضحا مع كامل منهج جمعية اللواء الأبيض، والتي كان العمل القانوني والسلمي واحدا من أهم بنود نظامها الأساسي، وليس فقط مع جمعية العمال.

    عموما تمضي دكتورة كوريتا لتقول عن اتحاد عبد الرحمن فهمي ودوره في السياسة المصرية – حسب تحليلها-: (وخلاف وظيفة الاتحاد العام كوسيط بين الرأسماليين والعمال كانت له وظيفتان خاصتان. الأولى أن يكون حلقة وصل بين حكومة مصر الوفدية وحكومة بريطانيا العمالية والثانية أن يكون حلقة وصل بين مصر والسودان . وكان من المأمول أن يقوى الاتحاد العام من خلال هاتين الوظيفتين موقف سعد زغلول في تعاملاته مع ماكدونالد. ولقد أطرى عبد الرحمن فهمي حزب العمال البريطاني واصفاً إياه كحزب يقوم على(مبادئ الاشتراكية النبيلة التي لا تتعارض مع أي دين) . كما نشط عبد الرحمن فهمي أيضاً في قضية الاتحاد مع السودان)

    وتواصل دكتورة كوريتا القول عن علاقة ذلك الاتحاد باللواء الأبيض عن طريق جمعية العمال: ( ومع ذلك كان حريصاً على ألا تضر هذه الأنشطة الحكومة الوفدية في مفاوضاتها مع بريطانيا. ولهذا حث أعضاء الاتحاد العام على عدم الاشتراك في مظاهرة كانوا يخططون لها للتعبير عن تعاطفهم مع الحركة في عطبرة في أغسطس 1924. وقال ”هناك خطر أن تتسلل بعض العناصر الشريرة في صفوف العمال وتحدث اضطرابات قد تقود إلى نتائج غير مرغوبة”) . (وبإيجاز فقد قيّد العمال المصريون الذين انتظموا تحت راية الاتحاد العام أنفسهم بذات مفهوم “القانونية والسلمية” الذي قيّد أعضاء اللواء الأبيض. ويبدو واضحا إن عبد الرحمن فهمي لم يكن يعني بالأنشطة غير القانونية وغير السلمية سوى أنشطة الشيوعيين . ولقد كانت جمعية اللواء الأبيض مرتبطة بالاتحاد العام هذا ارتباطا وثيقا عبر منظمتها الفرعيةجمعية العمال. ولا غرو أن حالت هذه العلاقة دون تعاون اللواء الأبيض مع القوى الاجتماعية التي يناوئها الاتحاد العام).

    وبعد أن تذكر الدكتورة بعضا من محاولات الدخول الشيوعي للسودان في تلك الفترة ، تلخص رأيها فتقول : ( وكما ذكرنا آنفا فالاتحاد العام لنقابات عمال وادي النيل كان يمثل الوجه الأكثر ثورية وشعبية في قضية "وحدة وادي النيل" مقارنة بالجوانب التي يمثلها أعضاء الأسرة المالكة أو الحزب الوطني. وللمفارقة ، كانت العلاقة مع الاتحاد العام، إبان إحداث 1924 ، رغم ذلك ، عاملا سلبيا أكثر من كونها عاملا ايجابيا)

    إننا لا نتفق البتة هنا مع التحليل النهائي للدكتورة كوريتا ، رغم اتفاقنا معها في المعلومات. فالدكتورة تفترض أن علاقة الاتحاد العام مع اللواء الأبيض حالت ( دون تعاون اللواء الأبيض مع القوى الاجتماعية التي يناوئها الاتحاد العام) ، دون أن توضح لنا ما هي هذه القوى الاجتماعية المقصودة . والحقيقة إن الدكتورة ربما تقصد إن ذلك حال (دون تعاون اللواء الأبيض مع الشيوعيين)، وهم قوة سياسية كان وزنها صفرا حينذاك في السودان، رغم بعض الوجود لهم في مصر وخصوصا في الإسكندرية. كما إن الدكتورة نفسها تكشف وتوثق لنشاط اللواء الأبيض الكثيف وسط العمال والحرفيين وفقراء المدن، فما هي إذن هذه القوى الاجتماعية التي لم تتعاون معها اللواء الأبيض بسبب علاقتها مع الاتحاد العام ؟؟

    الحقيقة إن اللواء الأبيض قد نشطت وسط صفوف العمال بالأصالة لا الوكالة ، والحقيقة أنها سبقت نشاط الشيوعيين في السودان، والحقيقة انه لم يكن هناك وجود شيوعي يؤبه له في تلك الفترة بالسودان ، كما لم يكن هناك غير شيوعي واحد مفترض في كل الجمعية هو علي احمد صالح (شاهد الملك) . والحقيقة الساطعة إن منهج اللواء الأبيض في التعاون الطبقي ودعوتها لتوحد كل المواطنين في النضال ضد المستعمر قد كان هو التكتيك السليم وقتها، ولا نستبعد أن يكون علي عبد اللطيف قد اقتبسه من أطروحات عبد الرحمن فهمي والاتحاد العام ، أو أن يكون قد توصل له بعبقريته الذاتية.

    نحن نرجح أن يكون هذا المنهج اختيارا سياسيا واعيا لعلي عبد اللطيف، والذي يبدو انه كان على اطلاع واسع بتجارب الحركات التحررية في العالم ، وبالتالي على معرفة بمسالبها، ولا نستبعد أن يكون عارفا بالتجربة الشيوعية في الشرق وإخفاقاتها. ومما يدلل على عبقرية علي عبد اللطيف وبراغماتيته، انه في الوقت الذي كان يتحالف فيه على المستوى السياسي مع الحزب الوطني المصري (الأكثر راديكالية في موقفه من الانجليز من الوفد) ، كان على مستوى العمل العمالي يتحالف مع الاتحاد العام لنقابات عمال وادي النيل (الوفدي) ، والذي كان مع ذلك أكثر راديكالية من حزبه الأم كما تقول الباحثة اليابانية، ويرفض – بوعي – التحالف مع أو تبني خطط الاتحاد العام لعمال مصر (الشيوعي) القائمة على تسعير الصراع الطبقي.

    هذا التحليل يدعمه الرأي المطروح من الباحث محمد أيوب (هاروناب) ، في مقال حديث له بعنوان (حركة 1924 .. اجندات متصادمة ومصادر شحيحة ) عن أسباب خيانة علي أحمد صالح، والتي يعزوها ليس لضعف الرجل أو لأسباب مصلحية، وإنما لخلافات سياسية له مع قيادة اللواء الأبيض. وبعد أن يوضح الباحث نشاط علي أحمد صالح ذو الخلفية الشيوعية ومسارات جمعية اللواء الأبيض المخالفة ينتهي للقول عن الرجل:( في تقديري إن الفترة من تاريخ اعتقال عبيد حاج الأمين في 30\7\1924 وحتى تاريخ اعترافه (علي احمد صالح) فى28\8\1924 قد شكلت في داخله قناعة أثرت بشكل كبير في جدوى انتمائه للجمعية. و هذه الفترة تبدو الفترة الأكثر إظلاما في تاريخ اللواء الأبيض، فقد سكتت المصادر عن ذكر حتى ولو إشارة عابرة عن لمحة من حياة المعتقلين داخل السجن. ولكن اعتراف على احمد صالح يبدو لي انه جاء نتيجة لحوار ساخن دار حول مآلات الجمعية خاصة بعد اعتقال عبيد حاج الأمين. فالاعتراف لا يبدو دافعه الخيانة أو طمعا في خلاصه من السجن كما انه لم يجيء نتيجة لقهر التحقيقات التي كانت جارية آنذاك ( راجع مذكرات صالح عبد القادر بجريدة الصحافة عدد 24\10\1967 ففيها صورة بشعة عن أساليب التحقيق التي اتبعتها المخابرات البريطانية). فاعترافه اختار له مدير مديرية الخرطوم مما يعنى انه جاء بإرادة حرة وانه ينطوي على معلومات على مستوى عال تتطلب مسئولا على ذات المستوى وانه هدف فعلا لنسف جمعية اللواء الأبيض ، فلماذا؟)

    يجاوب الباحث على نفسه فيقول: ( يتضمن تناول يوشيكو كوريتا لعلاقة اتحاد عام نقابات وادي النيل مع جمعية اللواء الأبيض قدرا كبيرا من الإجابة على هذا السؤال. فقد اتضح له إن نشاط الجمعية كان يجرى وفقا لإرادة تصادمت أهدافها مع أهدافه ومن يمثلهم داخلها، وهو أمر بات جليا بعد أن ارتبطت اللواء الأبيض ارتباطا وثيقا باتحاد عام نقابات وادي النيل الذي وضحت أهدافه الحقيقية خلال الانتفاضة ، إذ لا يستقيم عقلا أن يتفق على احمد صالح بما ورد عنه مع قيادة وأهداف هذا الاتحاد أو يستمر التزامه مع جمعية اللواء الأبيض، التي خضعت له وامتثلت لتوجيهاته التي أضرت بحركتهم المنتفضة آنذاك).

    إن الباحث هنا يبالغ في زعم إن مواقف الاتحاد العام أضرت بالانتفاضة ، فالاتحاد لم يفعل غير أن وصى أعضائه – المصريين – بعدم تنظيم مظاهرة تضامنية واحدة. ولكن إذا صح تحليلنا إن جمعية اللواء الأبيض هي جبهة عريضة مؤقتة التقت فيها تيارات مختلفة ، كانت الغلبة فيها لتيار الاتحاد السوداني ومجموعة علي عبد اللطيف؛ وإذا صح تحليلنا إن علي عبد اللطيف – وعبيد حاج الأمين قطعا – قد اختارا طريق التعاون الطبقي لا الصراع الطبقي في العمل الوطني، فان تحليل الباحث عن أسباب خيانة (ود الحاجي) يصبح مقبولا. إذ لم يكن هناك فرصة لذلك الكادر الشيوعي - بعد اتضاح تكتيكات الثورة وقيادتها - سوى تصفية الجمعية تماما ، تنفيذا لتوجيهات الكومنترن بتصفية الحركات الوطنية المسماة بالبرجوازية بكل السبل، و انتظارا لما تأتى به الأحداث في المستقبل من إمكانية قيام نشاط شيوعي مستقل.

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-29-2010, 09:52 AM)
    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-29-2010, 11:08 AM)

                  

12-28-2010, 01:11 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

                  

12-28-2010, 01:13 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    3
                  

12-28-2010, 01:14 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

                  

12-28-2010, 01:19 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    الهجوم الكاسح على الثورة من اليمين واليسار:

    تعرضت ثورة 1924 لهجوم كاسح من قبل اليمين واليسار في زمنها وفيما بعد، في منهج ليس غريبا اذا سلمنا بالفكرة الاساسية لهذا المقال، وهو ان تلك الثورة سعت للجديد وللتحرر في اطار عصري وحديث، وذلك دون ان تسقط في اسار الشمولية الشيوعية ، والتي كانت جرثومتها – او حماها على قول الكاتب الشيوعي اللبناني سليم خياطة - تنتشر في الغرب وفي الشرق، وتحاول ان تجد لها مدخلا في السودان .

    وقد تبدى هجوم اليمين على الثورة وقائديها ابان انطلاقها، وفيما بعهد هزيمتها، وكانت صحيفة الحضارة المنبر الرئيسي لذلك الهجوم، فضلا عن البيانات التي اصدرها المتعاونون مع الاستعمار الانجليزي من قادة طائفيون وقبليون، وللأسف يبدو ان بعض اعضاء الاتحاد السوداني السابقين، ممن كانوا يمحضون التقدير للقيادات الطائفية، قد تورطوا في الهجوم على الثورة، مثل سليمان كشة والذي تنسب المخابرات البريطانية له مقالا في الهجوم على الثورة بالحضارة، وان بقى موقف معظم القيادات التي كانت تنتمى للاتحاد السوداني ولم تنضم للواء الابيض، مثل ابراهيم بدري واحمد السيد الفيل وعبد الله خليل وحامد صالح المك الخ ، موقفا سلبيا ، ليس فيه دعم واضح للثورة، كما ليس فيه هجوم كاسح عليها.

    أما الهجوم من جهة اليسار فقد دشنه عبد الخالق محجوب فى كتابه الموسوم "لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني" ، والذي يعتبر انجيلا في مجال الهيستورغرافيا بالنسبة للشيوعيين السودانيين، حيث صنف هذه الثورة بأنها انها "حركة" للطبقة الوسطى، والتى اسماها بالراسمالية الوطنية، حيث كتب عن تفكك المجتمع القبلي بعد اتفاقية الحكم الثنائي ودخول الانشطة الاقتصادية الجديدة وظهور فئات من المثقفين الحديثين فقال (( لهذا يمكننا القول أنه قد خلقت طبقة جديدة من الراسمالية الوطنية تسكن المدن وتتكون من التجار والمثقفين ولها آمال في النمو والحرية الوطنية))

    وبعد ان يحدد الظروف التي مرت بالبلاد وقتها والتي دفعت تلك الطبقة للعمل، وهي الظروف التي يراها في التناقض بين طرفي الادارة الاستعمارية الثنائية من جهة والحرب العالمية وما خلفته من حركات ثورية من جهة اخرى، يذهب الى القول التقريري – التبسيطي التالي: (( وهكذا بدأت الطبقة الوسطى تبني تنظيماتها السرية من جمعية اللواء الابيض وجمعية الاتحاد السوداني، وصارت هذه الجمعيات تصدر المنشورات المطالبة بوحدة وادي النيل كما انها تتناول بعض التصرفات التي اقدمت عليها الادارة البريطانية مثل مشروع الجزيرة وخزان سنار .. الخ . بعد هذا نظمت هذه التنظيمات مظاهرات عام 1919 حتى قام اعضاء منها في القوات المسلحة بثورة في الخرطوم اصطدمت مع القوات البريطانية في الخرطوم عام 1924)

    في الفقرة السابقة هناك خطئين جوهريين: الاول ان بيانات الجمعيتيتن كما تم توثيقها اعلاه لم تكن تنادي بوحدة وادي النيل كهدف رئيسي، بل كانت تنادي بحق تقرير المصير في المقام الاول. والثاني هو الاشارة للمظاهرات انها قامت في عام 1919 حينما كان قيامها في عام 1924 . ( اللهم الا اذا كان يعني بعض المظاهرات البسيطة ل المصريين في السودان تضامنا مع ثورة 1919 المصرية، وان كانت هذه المظاهرات لا علاقة لها بحركتي الاتحاد السوداني واللواء الابيض بأي حال، والذين تكونا في غضون 1920-1924، أي بعد تلك المظاهرات المصرية).

    ويمضي عبد الخالق محجوب في تقييمه ليقول (( يمكننا القول في وصف هذه (الحركة) وتقديرها : أنها (حركة) وطنية سياسية ضد الاستعمار البريطاني بدأت تنظم الافراد لا على اساس قبلي بل على اسس سياسية. أنها لم تخرج عن حدود حركة الطبقة الوسطى في تكوينها وطبيعتها )) .

    نسجل هنا ان عبد الخالق محجوب يرفض تماما تسمية ثورة 1924 باسمها، أي انها كانت ثورة وطنية، ويستكثر عليها هذا الاسم، وذلك بسبب موقفه العدائي من الطبقة الوسطى التي يرى انها قادت تلك الثورة. نجد هذا في الوقت الذي يسمي فيه المهدية بالثورة الوطنية، ويسمي تحرك ود حبوبة بالثورة، ويسمي التحركات القبلية في الجنوب وجبال النوبة بالثورات، بل لا يتورع ان يسمى ثورة 1919 المصرية بالثورة. فكيف تكون كل تلك التحركات والانتفاضات ثورات وتكون ثورة 1924 مجرد حركة يرفض لها عبد الخالق محجوب شرف تسميتها بالثورة؟

    ان عبد الخالق محجوب والذي كان قبل كتابة كتابه هذا بعامين قد كتب مقالا مطولا عن الخليفة عبد الله التعايشي ، يحاول فيها رد اعتباره بل ويصفه فيها بالبطل الوطني، يستنكر مثل رد الاعتبار هذا لقيادات تلك الثورة والذين لا يذكر اسمئهم حتى في كتابه ذاك، بل يمضي للهجوم الساحق عليهم – والذي يعتمد على معلومات غير صحيحة ومضللة- حين يقول:

    ((أن الشعار الرئيسي لهذه الحركة "وحدة وادي النيل" يعبر عن العجز الاقتصادي والسياسي للطبقة الوسطى السودانية اكثر من التعبير عن رغبة الجماهير الشعبية في الانعتاق من عسف الاستعمار البريطاني. )) وهو ما اوضحنا خطله وان الشعار الرئيسي لجمعيتي الاتحاد السوداني واللواء الابيض ولثورة 1924 كان هو حق تقرير المصير وليس أي وحدة مزعومة مع مصر، وأن هذه الدعوة – حينما واينما طُرحت - كانت من قبيل العمل التكتيكي الصرف لتحقيق الهدف الاسمى وهو الجلاء عن السودان وتحريره، وانها تم النظر اليها دائما موسيلة لتوحيد للنضال ضد العدو الاقوى، وهو عين ما طرحه الشيوعيين فيما بعد حينما دعوا للنضال المشترك مع الشعب المصري، بل نشأ حزبهم في احضان الحركة الشيوعية المصرية وقادتها الاجانب امثال هنري كورييل ومرسيل اسرائيل و.... شوارتز الخ.

    ويمضي عبد الخالق محجوب في تحامله على الثورة وقادتها ليقول ((كانت تلك الحركة خالية من أي برنامج يمكن بمقتضاه تعبئة الجماهير وحملها للانضمام إليها ، إذ أن البرنامج في مجمله لم يخرج عن ترديد ألفاظ الحرية ووحدة وادي النيل وعاشت مصر- أما المستقبل الذي يمكن أن تلقاه الجماهير من نظم ديمقراطية للحكم ووتقدم اقتصادي واجتماعي فإمور كانت مهملة في الحركة)).


    إننا لنحزن لكمية هذا الاجحاف الهائلة- ذلك أنه اذا كانت هناك حركة وطنية قد اهتمت بقضايا الناس الملحة فقد كانت هي حركتي اللواء الابيض والاتحاد السوداني وقياداتهما. ان جميع وثائق تلك الحركات والقيادات لم تخل ابدا من جزء عريض ناقشت فيه قضايا الناس الملحة، كما وثقنا اعلاه. ولا ريب عندنا ان المعلومات لم تكن تنقص عبد الخالق محجوب في هذا الاطار، بقدر ما تحكّم فيه المقت الايدلوجي لتلك الحركة والذي ادى به في النهاية لتغيير الحقائق التاريخية.

    وفي الحقيقة فإن تاج السر عثمان ( المشهور بالسر بابو) وهو المسؤول الثقافي للحزب الشيوعي وعضو لجنته المركزية قد كتب مؤخرا نافيا وناقدا اتهامات عبد الخالق محجوب غير المستندة على الحقائق عن ثورة 1924 وقادتها، حيث قال في مقال له بعنوان "قراءة نقدية في كتاب لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني " التالي عن ثورة 1924 وتأثر عبد الخالق محجوب بالنهج الستاليني في التعامل معها التالي :

    ((ومؤلفات ستالين كان لها اثر سلبي فيما يختص بتناول تطور الحركة الوطنية من خلال الأحكام الجامدة حول المثقفين والبورجوازية الوطنية في بلدان المستعمرات والتي كان لها الأثر بهذا القدر أو ذاك على تقدير عبد الخالق نفسه لثورة 1924 م ولمؤتمر الخريجين ، فمثلا جاء في الكتاب السابق ، طبعة دار الوسيلة ، ص 18 ، عن حركة 1924 ما يلي : ( كانت تلك الحركة خالية من أي برنامج يمكن بمقتضاه تعبئة الجماهير وحملها للانضمام إليها ، إذ أن البرنامج في مجمله لم يخرج عن ترديد ألفاظ الحرية ووحدة وادي النيل وعاشت مصر ) . وهذه صورة غير دقيقة .. فمنشور ناصح مخلص أمين ً الذي ورد في مؤلف حسن نجيلة : ملامح من المجتمع السوداني _ الجزء الأول _ ، كان فيه نقاط برنامجيه للحركة غير وحدة وادي النيل وسقوط الاستعمار مثل :

    • مقاومة مصادرة أراضي المزارعين في الجزيرة .

    • رفض احتكار الحكومة لسلعة السكر .

    • مقاومة انفراد المبشرين المسيحيين بالتعليم في الجنوب . ))

    إن السر بابو اذ يسجل هذا الاعتراف الخجول، وهو خجول كونه لا يوثق كل النقاط البرامجية للحركة والثورة المنحازة للناس، واذ ينتقد موقف عبد الخالق محجوب وكل تحليلاته عن الطبقة الوسطى وعن دور الماركسية وعن دور الحزب الشيوعي وعن الافكار المطروحة في الساحة، فهو ينسف كل الهيستورغرافيا الشيوعية لتاريخ السودان الحديث ولكن السر بابو – كعهده- لا يعلن ذلك بوضوح، ولا يلحق نقده الصحيح لموقف عبد الخالق من ثورة 1924 بمراجعات نقدية تجاه موقف الشيوعية والشيوعيين عموما من الطبقة الوسطى ، وخصوصا تجاه هجومهم عليها في السودان وعملهم لتدميرها، وهو ما ادى في المحصلة – مع غيره من العوامل التي ساهم فيها الشيوعيين- وبالترابط مع ممارسات وسياسات الرجعية الطائفية والفاشية الاسلاموية المعاديتان للطبقة الوسطى – الى ايصال بلادنا الى هذا الدرك الاسفل الذي تقبع فيه من الخراب والفساد والتخلف.

    ويواصل عبد الخالق محجوب اتهاماته للثورة فيقول (( كان تنظيم الحركة ضعيفا وغير متسع في المستوى المطلوب لمجابهة الاستعمار – كذلك كانت به بعض العناصر الخائنة التي اُتهمت بنسفه والتآمر على اعضائه المتحمسين)) .

    في الحقيقة ان الاتهام الاول غير صحيح، فإن اللواء الابيض والتي نشأت عمليا من رحم انقسام ذهب فيه القسم الاعظم من قياداتها لمواقع السلبية او المحافظة، والتي تعرضت لضربات اجهاضية مختلفة تبدت في الاعتقال المبكر لعلي عبد اللطيف قائدها الرئيس ومنظمها الجبار بعد شهرين فقط من تأسسيها – كان قبلها قد قضى عاما كاملا في السجن في سنوات 1922-1923 ، ثم اعتقال عبيد حاج الامين وكامل اللجنة المركزية ، قد استطاعت ان تحشد مظاهرات كان عدد المشاركين في بعضها يفوق الالف شخص ، كمظاهرة بورتسودان في 27 يوليو 1924. وتقول الباحثة الايطالية ايلينا فيزاديني انه من تتبع وثائق المخابرات البريطانية يمكن رصد 800 محرض كانوا يعملون لصالح الثورة ، وان فروع الجمعية قد انتشرت كالهشيم في جميع انحاء السودان، من الخرطوم الى مدني ومن الفاشر الى بورتسودان ومن حلفا الى واو، وان نشاطها قد شمل كل المديريات، باستثناء مديرية كسلا.

    كل هذا كان في ظل هجوم ضار من قبل القوى الموالية للانجليز من القيادات الدينية والقبلية ومن تبعهم من المتعلمين (ولا نقول المثقفين)، وفي ظل سياسة قمع وحشية مارسها الانجليز والتي تمثلت تجاه جمعية اللواء الابيض في سياسة " اضرب اضرب ثم واصل الضرب " ومنهج انهاك الجمعية بحرمانها من قياداتها بالسجن او حتى الاغتيال– فكيف بحق السماء او الارض يطالب عبد الخالق محجوب الجمعية التي لم يدم عمرها اكثر من بضعة اشهر، ، بأكثر مما عجز عنه الحزب الشيوعي طوال اكثر من 60 عاما في تاريخه؟ (في طوال تاريخه لم يُخرج الحزب الشيوعي مظاهرة تحت اعلامه الخاصة فيها اكثر من الف شخص) .

    أما الاتهام بأن في تلك الحركة كانت هناك عناصر خائنة للنيل من الثورة فإنه من العجب العجاب. فكيف نتهم ثورة وننال منها ونغمط من حقها لمجرد وجود خائن واحد او اثنين في صفوفها التي ضمت الآلاف من الاعضاء والمناصرين ؟ ان الشيوعيين هم ابعد الناس من ان يطرحوا مثل هذا الاتهام، فصفوفهم على طول التاريخ قد امتلأت بالخونة الحقيقين والابرياء المتهمين زورا بالخيانة. فمالينوفسكي رئيس البلاشفة في الدوما على عهد البلشفية والرجل الاول في تنظيم الحزب في روسيا منذ عام 1905 وحتى عام 1917 كان عميلا للاوخرانا (جهاز البوليس السري للقيصر) ، وبيريا الذي اصبح رئيس المخابرات السوفيتية كان عميلا للاوخرانا، ويوليوس دوبتشيك الذي صموا اذاننا بسيرته كان يتعامل مع النازيين، ورئيس الحزب الشيوعي في بلجيكا لعقود كان عميلا للمخابرات الامريكية، أما في العالم العربي فقد كان زعيم الحزب الشيوعي المصري منذ اعوام 1926-1930 عميلا للمخابرات المصرية حتى اضطر الكومنترن لحل ذلك الحزب ، وغيرهم كثير وكثير. هذا غير من اتهمهم الشيوعيين انفسهم في صراعاتهم الداخلية بالخيانة والعمالة، وفي تاريخ الحزب الشيوعي السوداني قوائم طويلة من الخونة الحقيقيين والمبهوتين، بل ان من اتهم بالخيانة من قيادات اللواء الابيض كان احدهم يمينيا خالف الثورة فكريا وانضم الى معسكر خصومها في الايام الحاسمة (سليمان كشة ) وأخر كان متهما بالشيوعية ( علي أحمد صالح) والذي ادلى باعترافات كاملة ضد اللواء الابيض كشف فيها كل اسرارها المعلومة لديه. ولو اردنا ان نسلك نهج التشنيع الذي مارسه عبد الخالق محجوب تجاه الثورة لقلنا ان الثورة قد خانها اول شيوعي نشط في السودان، فعلي عبد الخالق محجوب ان يجلد رفيقه الاول لا الثورة على تلك الخيانة.

                  

12-28-2010, 01:25 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)


    تبخيس الثورة والثوار والحاجة الى اعادة التقييم:

    والحقيقة ان ثورة 1924 والحركات والقيادات التي ساهمت فيها، تحتاج الى اعادة قراءة والى اعادة تقييم، بما يمسح عنها الظلم التاريخي الذي تعرضت وما تزال تتعرض له. وقد كان هذا احساسنا ونحن نتابع ما اسماه حفيد علي عبد اللطيف ب"حقيقة الصراع والاخفاء في تاريخ السودان الحديث" ، في المقالة بنفس الاسم والتي تحدث فيها عن واقعة ((إخفاء الحقائق الجلية في تاريخ السودان الحديث)) ، وهي الممارسة التي تورط فيها العديد من السياسيين السودانيين والمؤرخين المؤدلجين ضمن دورهم في الصراع السوداني السوداني الذي دار ويدور حول ((الإطار الذي يجب أن يكون عليه المجتمع السوداني حديث التكوين)).

    إنه من المؤسف حقا – ولكن غير مثير للحيرة عندما نتابع سيرورة الصراع السوداني / السوداني هذا وتجلياته منذ عام 1919 وحتى اليوم – أن نعلم ان الكتابين الوحيدين الذين صدرا عن علي عبد اللطيف لم يكتبهما سودانيان. اعني هنا كتاب "الزعيم علي عبد اللطيف" بقلم عبد الحميد ابراهيم عبد الرحمن وهو مصري من أصول سودانية، وكتاب " علي عبد اللطيف وثورة 1924: بحث في مصادر الثورة السودانية " والذي كتبته الباحثة اليابانية د. يوشيكو كوريتا، وكأن المؤرخون السودانيون قد استنكفوا الكتابة عن هذا الرجل العظيم في تاريخنا، وهو ممن تعتبر الامم الاخرى امثاله من مؤسسي دولها، وترفع لهم الانصاب التذكارية وتسمي باسمهم المتاحف والمدن والجامعات ، ناهيك عن ان تكتب عن سيرتهم الكتب والابحاث والدراسات.

    وكأنما كان ذاك قليلا، فغير التقليل من شأن علي عبد اللطيف إبان الثورة وبعدها من معسكر القديم والعملاء المعلنين للاستعمار، نجد مؤرخاً يسارياً مثل محمد سعيد القدال يحاول ان يبخس من قدر الرجل ويرفض لقب الزعيم له، حين يقول في مقدمته للطبعة العربية لكتاب الدكتورة كوريتا: (( ونجد في هذا الجزء مزيدا من التوضيح للدور المصري في احداث 1924. فقد أخذت الصحف المصرية تضفي على عبد اللطيف صفة "الزعيم" إسوه بالزعيم سعد زغلول. ولعل في هذا الوصف "جرعة خارجية " فوق قدرات الواقع السوداني. إن صفة "الزعيم" كانت افرازا لطموحات البرجوازية المصرية في ثورتها العاصفة عام 1919. ولكن تلك الطموحات لم تجد اساسا اجتماعيا متينا ترتكز عليه في السودان. فكان ذلك اقحاما على بنية ذلك المجتمع. إن الزعامة تخرج من داخل حركة اجتماعية وليست لقباً يمنح من الخارج)).

    إننا لا نعلم ما السبب الذي يجعل سعد زغلول قائد ثورة 1919 في مصر زعيما، ويمنع على عبد اللطيف قائد ثورة 1924 من ان يكون زعيما. اننا قد نتفق مع القدال ان الزعامة تخرج من داخل حركة اجتماعية، ولكن ألم تكن ثورة 1923 حركة اجتماعية ، أم ان الحركات الاجتماعية يفترض أن تكون طبقية أو يسارية ؟؟ إن كتابة القدال تبدو وكأنها تنقد موقف د. كوريتا والتي اعترفت بزعامة علي عبد اللطيف، وقدمت تعريفات للزعامة تنطبق عليه، حين قالت وهي تعلق على وصف علي عبد اللطيف بالزعيم في فقرة مهمة من كتابها بنفس الاسم (( ومما يثير الاهتمام إن كاتب هذه السيرة عن علي إختار له لقب "الزعيم" ، وحاول ان يضفي عليه صورة سعد زغلول في مصر . ولكن ما هو أكثر اثارة للاهتمام إن هذا المنحى لم يبتدعه الكاتب. إذ كانت تحين أوقات خلال ثورة 1924 نفسها تطابقت فيها صورة علي مع صورة سعد زغلول)).

    وبعد ان تعدد الكاتبة المظاهرات والشعارات التي كانت تهتف بحياة علي عبد اللطيف وتتعامل معه كزعيم، وخصوصا المظاهرات الشعبية العفوية التي قادها (( من الناس نجارين ومن الناس خياطين وخصوصا شابين)) على قول العازة ، أي نجارين وخياطين وخصوصا الشباب، والتي كان اسم علي عبد اللطيف يتردد فيها باستمرار، تقول الكاتبة: (( وبهذا المعنى كان علي بحق هو "الزعيم" . ولهذا اُرغمت حكومة السودان من ترحيله من سجن كوبر الى رئاسة القوات البريطانية، حتى تفرض عليه رقابة صارمة)).

    إن انكار القدال الزعامة عن علي عبد اللطيف ، هو أمر عجب، في ظل اثبات الدكتورة كوريتا له بالزعامة. ولكن اذا عُرف السبب بطل العجب. فدكتور القدال في مسيرته كمؤرخ كان يفصل افكار عبد الخالق محجوب التاريخية ولا يخرج عن اطارها العام قط. فكل مساهمات د. القدال عن الثورة المهدية هي شرح وتوسيع لمقال عبد الخالق محجوب عن الخليفة التعايشي والذي كتبه في الفجر الجديد في عام 1958 . وكتابات القدال عن تاريخ الاسلام والسياسة في السودان هي استمرار وتطوير لمقالات عبد الخالق محجوب عن الدستور الاسلامي في اخبار الاسبوع عام 1968 وكتاباته عن الاخوان المسلمين والفصل الاول من كتابه المدارس الاشتراكية في افريقيا. وكتابات القدال عن تاريخ السودان الحديث هي تطوير وتوسيع للفصل الاول من كتاب عبد الخالق " لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني" ، وهكذا وهلمجرا. واذا كان عبد الخالق محجوب قد استبخس الثورة وزعيمها بل رفض تسميتها بالثورة، فإن القدال لن يسمي قائد الثورة زعيما. كل هذا في حين لم يستنكر القدال ان يسمي الاستاذ شوقي بدري لأحد الموظفين الشيوعيين بالزعيم، وإعني بذلك "الزعيم" التجاني الطيب بابكر ، والذي سقط في دائرته بالذات في امدرمان، في انتخابات حرة وديمقراطية. فيا لها من زعامة تلك، ويا له من تبخيس ذاك، الذي واجه به مؤرخي اليسار زعيم ثورة 1924، بل زعيم السودان حتى يومنا هذا ، أي علي عبد اللطيف.

    ان سيرة التزييف والتبخيس لم تقف عند عدم الاهتمام بعلي على عبد اللطيف في سيرورة الهيستوروغرافيا السودانية ، أي الحكم بالاعدام المعنوي عليه بعد مماته، وإنما بدأت فعليا، في حياته، بما فعلته الاحزاب السودانية -الطائفية والشمولية- وهي في بداية عهدها، حين تجاهلته ورمته وأقصته. فمن الملاحظ ان الاحزاب السودانية التي بدأت تتكون منذ عام 1942 ، لم تعر قضية فك أسر على عبد اللطيف أي أهمية في مطالبها، ولم تنادي باطلاق سراحه قط، حتى موته في الاسر في عام 1948. كما لم يوثق لأي من قيادات هذه الاحزاب قيامه بزيارة علي عبد اللطيف وهو في غياهب مستشفى الامراض العقلية بالعباسية في القاهرة والتي كان مسجونا بها، وهي التي كانت تحج الى مصر وتجعجع بإسم القضية السودانية. إننا اذ لا ننعي على حزب الامة (تأسس عام 1944) أنه لم يهتم باطلاق سراح علي عبد اللطيف، كونه كان استمرارا طبيعيا للقوى المضادة للثورة في 1924 ، فإننا نستغرب ذلك من الاحزاب الاتحادية المختلفة – قبل وقوعها في أسر الطائفية – وكذلك على الحركة الشيوعية السودانية، والتي تأسست عمليا في مصر في عامي 1945-1946، وكان اغلب قادتها المؤسسون يقيمون بمصر ، على بعد امتار من مكان احتجاز علي عبد اللطيف، ومع ذلك لم يعيروه اهتماما، ولم يجعلوا اطلاق سراحه من اهدافهم قط.

    إن هذا أمر مخجل ومخزٍ في تاريخ تلك الاحزاب والقيادات التي أدعت الحديث بإسم الوطن حينها، فيما كانت زوجة الشهيد تناضل – منفردة – من أجل اطلاق سراحه وتسافر الى مصر وتكتب العرائض الى القيادات المصرية تطالب باطلاق سراحه. لقد تمزق قلبي حين قرأت اول مرة العريضة التي كتبتها العازة محمد عبد الله (زوجة علي عبد اللطيف) الى وزير الحربية والبحرية تطالب باطلاق سراحه من مستشفي الامراض العقلية الذي كان محتجزا خلف قضبانه ، وتطالب بتسليمه الى اهله فيما اذا كان مريضا حقاً، وهو حق مكفول لأهل المريض حينها. تقول العازة في عريضتها -التي لم يكتب مثلها ادعياء السياسة- في 20 نوفمبر 1938:

    (( حضرت من السودان عقب ترحيل زوجي علي افندي عبد اللطيف من سجن كوبر بالسودان الى مصر . وكنت أود ان اجده بمنزل مخصص او مستشفى بخلاف ما رأيته. وقد نزلت أنا وزوح بنتي _ أي بنت علي أفندي – بمنزل أحد المعارف هنا بمصر وإتصلنا به في وقت الزيارات بالمستشفى ولم نرى من علي أفندي أي مرض كما يقولون سوى أنه يعتقد أنه سجين وقد إختلف السجن في شيء قليل عن سجن السودان. وقد سعينا بعد ذلك بعد أن علمنا إن المريض مِلكاً لأهله لا مِلك المستشفى الا في بعض الامراض الفتاكة . ونظرت كثيرا من الناس الذين يدخلون تلك المستشفى متى يريدون اهلهم أخذهم يسلمون إليهم. ففي هذه الحالة قدمت الطلب الى مدير المستشفى فقابل ذلك الطلب بكل امتناع وكل حذر مع العلم أنه معي من يزكي طلبي أمام المدير المذكور وهم ضباط عظام. فحينئذ تأيد حديث علي أفندي لي دواما أنه مسجون وليس مطلوق السراح كما يقولون. فيا معالي الوزير ارفع هذا الطلب راجية مساعدتي بتسليم زوجي واني أقوم بعلاجه بمعرفتي خارج المستشفي))

    وتمضي العازة لتطالب برفع معاش علي عبد اللطيف من خمسة جنيهات ومائنان وخمسين مليما وهو مبلغ لا يكفي سد مصروفات عائلة تبلغ عددها ستة انفس بخلاف السودان. كما تطلب المساعدة بترحيل بقية عائلة علي عبد اللطيف الى مصر لكي يكونوا بجواره، وهي أمور لم تتم. وتختم خطابها بالقول (( ولا يخفي على معاليكم ما فعله علي أفندي. إن كان نداء الوطن هو ذنب فذاك ذنب على أفندي عبد اللطيف)).

    فما اقسى مصير الابطال، وما أخلص موقف الناس البسطاء العاديين، مثل العازة، زوجة البطل وام السودانيين، وما أكثر بؤس الساسة الطائفيين والشموليين في السودان، حينها والآن.

                  

12-28-2010, 01:25 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    5
                  

12-28-2010, 01:28 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    نواصل غدا في سد الفراغات بسبب من مشاكل في تصفيف النص ....

    ومرحبا بالحوار ...
                  

12-28-2010, 03:04 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    Quote: إنه من المؤسف حقا – ولكن غير مثير للحيرة عندما نتابع سيرورة الصراع السوداني / السوداني هذا وتجلياته منذ عام 1919 وحتى اليوم – أن نعلم ان الكتابين الوحيدين الذين صدرا عن علي عبد اللطيف لم يكتبهما سودانيان

    المناضل على عبداللطيف بطل قومى حرى ببنى وطنه التأليف عنه لكن هل المقتبس اعلاه ينطبق على على عبداللطيف فقط ؟ ام أن الكثير من رموز الحركة الوطنية لم يلتفت إليهم الكتاب السودانيين للكتابة عنهم ؟؟؟
    الراحل المؤرخ محمد سعيد القدال نوه أن من دواعى تأليفة كتاب المهدى لوحة لثائر سودانى عدم وجود اى مؤلف عنه بمكتبة جامعة الخرطوم مقابل وجود أكثر من مؤلف عن كتشنر وغردون باشا لذا قام بتأليف كتابه عن المهدى ...
    كما ان القدال شخصيا أثناء عمله بقسم التأريخ بجامعة الخرطوم كان يوجه تلاميذه فى الدراسات العليا بكتابة الاطروحات حول شخصيات وطنيه سودانية وقد وجه تلميذه عمر حميدة " الان بقسم التاريخ وهو عضو بالمنبر " بكتابة الماجستير حول احمد خير المحامى رغم وجود مؤلف عن ذات الشخصية لبشير محمد سعيد ....
    حسن نجيلة رغم أنه عروبى التوجة أفرد حيزا ضخما فى موسوعته " ملامح من المجتمع السودانى " للحديث عن على عبداللطيف شخصيا عبر الاعجاب الشديد بعزته وكرامته لدرجة رفض الطعام على القطار المتوجه لحلفا أثر شعوره بإهانة عنصرية من المرافق الابيض الذى قدم له الطعام كذلك حسن نجيلة رغم توجهه العروبى تحدث كثيرا عن حركة اللواء الأبيض ورموزها وهى حركة أشبة بتحالف حد أدنى مرحلى لأان رموزها لم يكونوا على خلفية ايدليوجية واحدة رغم إجماعهم على كره المستعمر ونشدان الإستقلال.
                  

12-28-2010, 08:16 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: احمد الامين احمد)

    Quote: ((من هو علي عبد اللطيف الذي اصبح مشهورا حديثا والى أي قبيلة ينتسب ؟)) .

    واذا كان تقرير المخابرات البريطانية ان كاتب هذه المقالة العنصرية هو سليمان كشة، فهذا يفسر لنا سبب خلاف عبيد حاج الامين وعلي عبد اللطيف معه ومن شابهه وتركهم الاتحاد السوداني لهم وتأسيسهم للولاء الابيض والتي كانت في المقام الاول، قولا وفعلا، مظهرا وجوهرا، حركة تمثل الوطنية الجديدة وتدعو وتعمل من اجل القومية السودانية.

    وهنالك من يقول أن كاتبها هو حسين شريف شخصيا رئيس تحرير صحيفة حضارة السودان التى يمتلكها كبار الطائفية بالسودان وقتها عبدالرحمن المهدى ،على ميرغنى والهندى ...
    مصادر :
    الفصل قبل الأخير ل:
    كتاب دكتورة فاطنه بابكر وأطروحتها للدكتوراة بالانجليزيه عن جامعة هل البريطانية عنوانه:

    The Sudanese Bourgeoisie Vanguard to Development

    صدر عن دار جامعة الخرطوم ودار زد للطباعة
    او الترجمة العربية لذات الكتاب :
    البرجوازية السودانية أطليعة للتنمية ؟
    صادر عن معهد البديل الأفريقى لندن ...
    وفى النسختين إحالة مرجعية للإستزادة من ذلك إلى رسالة/ كتاب الادارى السودانى جعفر بخيت حول الحركة الوطنية وتطور نظام الإدارة بالسودان
    وهو متوفر باللغتين

    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 12-28-2010, 08:18 PM)

                  

12-29-2010, 09:56 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: احمد الامين احمد)

    Quote: وهنالك من يقول أن كاتبها هو حسين شريف شخصيا رئيس تحرير صحيفة حضارة السودان التى يمتلكها كبار الطائفية بالسودان وقتها عبدالرحمن المهدى ،على ميرغنى والهندى ...
    نعم قرأت هذا الرأي وكل من حسين شريف وسليمان كشة ينطلقان من مواقع عروبية ان لم تقل عنصرية ؛ ولك ان تراجع مقال حسين شريف عن المسألة السودانية لتجد تحامله على الزنوج من اهل السودان والزنوج عموما .. لكني اعتمدت في تحليلي على مقارنة النص بمنشور ناصح وطني امين والذي ازعم ان كاتبه سليمان كشه (كان وقتها قائدا بالاتحاد السوداني) والمتميز بتحامله الشديد على العناصر غير العربية وغير المسلمة ؛ وان كان الموضوع يحتاج لتحقيق اكبر
                  

12-29-2010, 09:51 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: احمد الامين احمد)

    احمد الأمين حبابك

    Quote: المناضل على عبداللطيف بطل قومى حرى ببنى وطنه التأليف عنه لكن هل المقتبس اعلاه ينطبق على على عبداللطيف فقط ؟ ام أن الكثير من رموز الحركة الوطنية لم يلتفت إليهم الكتاب السودانيين للكتابة عنهم ؟؟؟
    الراحل المؤرخ محمد سعيد القدال نوه أن من دواعى تأليفة كتاب المهدى لوحة لثائر سودانى عدم وجود اى مؤلف عنه بمكتبة جامعة الخرطوم مقابل وجود أكثر من مؤلف عن كتشنر وغردون باشا لذا قام بتأليف كتابه عن المهدى ...
    كما ان القدال شخصيا أثناء عمله بقسم التأريخ بجامعة الخرطوم كان يوجه تلاميذه فى الدراسات العليا بكتابة الاطروحات حول شخصيات وطنيه سودانية وقد وجه تلميذه عمر حميدة " الان بقسم التاريخ وهو عضو بالمنبر " بكتابة الماجستير حول احمد خير المحامى رغم وجود مؤلف عن ذات الشخصية لبشير محمد سعيد ....
    حسن نجيلة رغم أنه عروبى التوجة أفرد حيزا ضخما فى موسوعته " ملامح من المجتمع السودانى " للحديث عن على عبداللطيف شخصيا عبر الاعجاب الشديد بعزته وكرامته لدرجة رفض الطعام على القطار المتوجه لحلفا أثر شعوره بإهانة عنصرية من المرافق الابيض الذى قدم له الطعام كذلك حسن نجيلة رغم توجهه العروبى تحدث كثيرا عن حركة اللواء الأبيض ورموزها .
    اتفق معك وحقيقة بحثت ايضا عن كتابات حول البطل عبيد حاج الامين ولم اجدها .. ساتوفر للكتابة عنه اذا وجد الوقت وحال فراغي من توضيب هذا المقال .


    Quote: وهى حركة أشبة بتحالف حد أدنى مرحلى لأان رموزها لم يكونوا على خلفية ايدليوجية واحدة رغم إجماعهم على كره المستعمر ونشدان الإستقلال
    اتفق معك تماما وقد كتبت في ثنايا المقال عن هذا وساقوم بنشر هذا الجزء الذي اتعبني نقله (بعض المواد كتبتها في اوبن اوفيس ونقلها للبورد يواجه مشكلة ) يوم غدا .

    ما تنقطع ارجوك
                  

12-29-2010, 11:06 AM

عبدالكريم الامين احمد
<aعبدالكريم الامين احمد
تاريخ التسجيل: 10-06-2005
مجموع المشاركات: 32520

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    حضور ومتابعة وقرفصاء بادب وتقدير لهذا السفر الهادف ياعادل

    وتحياتي
                  

12-29-2010, 11:11 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: عبدالكريم الامين احمد)

    كيكي تحيات عامرة بالود

    Quote: حضور ومتابعة وقرفصاء بادب وتقدير لهذا السفر الهادف ياعادل
    يا صديق نتوقع أكثر من ذلك ففي جُعبتك الكثير المثير ؛ ولا اخالك تبخل به علينا

    المقال طويل بعض الشيء وعندي مشاكل تصفيف ؛ لذا ارجو العذر في انزاله مقطعا هكذا ..
                  

12-29-2010, 04:16 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    Quote: اتفق معك وحقيقة بحثت ايضا عن كتابات حول البطل عبيد حاج الامين ولم اجدها

    البطل الوطنى عبيد حاج الأمين هو فعلا من ظلمه التأريخ عندما بدأ السودانيون التوثيق التحريرى عقب الإستقلال ...
    بعد محاكمة أعضاء اللواء الأبيض وإعدام أربعة منهم اورد حسن نجيلة خبرهم كاملا فى سفره الخالد " ملامح من المجتمع السودانى " بجزئية تم الحكم بالسجن على ماتبقى منهم ويلحظ أن عبيد حاج الامين قد تم إبعاده إلى سجن قصى فى مدينة واو بغرض إخراجه من المركز السياسى للحركة الوطنية وذكر نجيلة أنه قد عانى كثيرا فى وحشة السجن بمدينة واو جراء ظروف السجن القاسية والأمراض الفتاكة وسوء التغذية والمؤكد انه فقد عقله جراء ذلك حتى مات وتم قبره بمدينة واو هذا فى عهد الاستعمار ...
    لكن السؤال المزعج عند حدوث الإستقلال السياسى نلاحظ إزدواجية المعايير فى التعامل مع رموز الوطن من المناضلين جراء بعدهم وقربهم من الايدليوجيا والرموز الحاكمه وللأسف أستمر هذا المنوال حتى الراهن للدقة :

    1- فى عهد حكومة عبود 1958/1964 تم نقل رفات البطل السودانى عثمان دقنة من جدثه بحلفا القديمة الى قبر بنواحى أركويت رغم ان حلفا جزء من الوطن الجغرافى ولايضير دقنة قبره بها حتى يوم البعث لكن أتضح من سرد التاريخ المصاحب لذلك أن الزعامة الروحية للأنصار وقتها لها دور مباشر فى الاصرار على نقل رفات دقنة رغم معارضة الختمية لهدف جهوى مرده توزع مريدى الطائفتين حسب جغرافيا معينة و جراء التناحر الطائفى والسياسى بينهما وذكر الفاتح بشارة " مدير مكتب عبود وقتها أن المراغنة بعثوا عدة رسل لعبود كى لا يتم نقل الرفات الخاص بدقنه لكنه لم ينشغل لذلك --
    المصدر حوار صحفى مع الفاتح بشارة أجراه الصحفى السودانى معاوية يس ونشر فى جزئين بصيحفة الحياة بلندن 1998 وتاريخ الحوار 1996 .

    2- بعد زوال مايو إلى مزبلة التأريخ نشط حزب الأمة فى التقصى عن قبر المناضل المجاهد الهادى المهدى وتم نقل رفاته إلى حيث ورى ربما بقبة المهدى
    السؤال لماذا لم تهتم جهة رسمية بنقل رفات البطل عبيد حاج الامين من واو مثلما نقل قبر البطل دقنة من حلفا رغم ان المدن جميعها سودانية ولماذا لم يتم تكريم رمزى لعبيد حاج الامين عبر زيارة إعلامية قومية لضريحة وإظهاره مثلما تم تخليد وإظهار قبر الرمز الفنى المغنى حاج محمد أحمد سرور المدفون بمقابر المسلمين بأسمرة بمبادرة من خدر حمد احد رموز مؤتمر الخريجين علما أن سرور شخصيا رغم صوته الجميل وأغنياتة الكبيرة حسب نتفا من كتابات شوقى بدرى وشهادة شفوية لعبدالرحمن الريح أحتفظ بها فى كاسيت يندرج فى التيار العنصرى المضاد لغير ذوى الأصول العربية بالسودان

    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 12-29-2010, 04:18 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 12-29-2010, 04:21 PM)

                  

12-30-2010, 01:49 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: احمد الامين احمد)

    شكرا عزيزي أحمد الامين

    مؤامرة الصمت قد ضربت على رموز ثورة 1924 من اليمين واليسار ؛ وربما قد رأيت الحالة المزرية لقبر عبيد حاج الامين؛ وكيف ان منزل علي عبد اللطيف قد تحول الى مطعم بلدي ؛ غير ان رفات علي عبد اللطيف لا يزال بالقاهرة (وان كان قبره هناك في حالة جيدة)

    طبعا لن نستنكر هذا من اعداء الثورة؛ ولكن ما دورنا نحن ؟؟

    لك التحايا

    Quote: لبطل الوطنى عبيد حاج الأمين هو فعلا من ظلمه التأريخ عندما بدأ السودانيون التوثيق التحريرى عقب الإستقلال ...
    بعد محاكمة أعضاء اللواء الأبيض وإعدام أربعة منهم اورد حسن نجيلة خبرهم كاملا فى سفره الخالد " ملامح من المجتمع السودانى " بجزئية تم الحكم بالسجن على ماتبقى منهم ويلحظ أن عبيد حاج الامين قد تم إبعاده إلى سجن قصى فى مدينة واو بغرض إخراجه من المركز السياسى للحركة الوطنية وذكر نجيلة أنه قد عانى كثيرا فى وحشة السجن بمدينة واو جراء ظروف السجن القاسية والأمراض الفتاكة وسوء التغذية والمؤكد انه فقد عقله جراء ذلك حتى مات وتم قبره بمدينة واو هذا فى عهد الاستعمار ...
    لكن السؤال المزعج عند حدوث الإستقلال السياسى نلاحظ إزدواجية المعايير فى التعامل مع رموز الوطن من المناضلين جراء بعدهم وقربهم من الايدليوجيا والرموز الحاكمه وللأسف أستمر هذا المنوال حتى الراهن للدقة :

    1- فى عهد حكومة عبود 1958/1964 تم نقل رفات البطل السودانى عثمان دقنة من جدثه بحلفا القديمة الى قبر بنواحى أركويت رغم ان حلفا جزء من الوطن الجغرافى ولايضير دقنة قبره بها حتى يوم البعث لكن أتضح من سرد التاريخ المصاحب لذلك أن الزعامة الروحية للأنصار وقتها لها دور مباشر فى الاصرار على نقل رفات دقنة رغم معارضة الختمية لهدف جهوى مرده توزع مريدى الطائفتين حسب جغرافيا معينة و جراء التناحر الطائفى والسياسى بينهما وذكر الفاتح بشارة " مدير مكتب عبود وقتها أن المراغنة بعثوا عدة رسل لعبود كى لا يتم نقل الرفات الخاص بدقنه لكنه لم ينشغل لذلك --
    المصدر حوار صحفى مع الفاتح بشارة أجراه الصحفى السودانى معاوية يس ونشر فى جزئين بصيحفة الحياة بلندن 1998 وتاريخ الحوار 1996 .

    2- بعد زوال مايو إلى مزبلة التأريخ نشط حزب الأمة فى التقصى عن قبر المناضل المجاهد الهادى المهدى وتم نقل رفاته إلى حيث ورى ربما بقبة المهدى
    السؤال لماذا لم تهتم جهة رسمية بنقل رفات البطل عبيد حاج الامين من واو مثلما نقل قبر البطل دقنة من حلفا رغم ان المدن جميعها سودانية ولماذا لم يتم تكريم رمزى لعبيد حاج الامين عبر زيارة إعلامية قومية لضريحة وإظهاره مثلما تم تخليد وإظهار قبر الرمز الفنى المغنى حاج محمد أحمد سرور المدفون بمقابر المسلمين بأسمرة بمبادرة من خدر حمد احد رموز مؤتمر الخريجين علما أن سرور شخصيا رغم صوته الجميل وأغنياتة الكبيرة حسب نتفا من كتابات شوقى بدرى وشهادة شفوية لعبدالرحمن الريح أحتفظ بها فى كاسيت يندرج فى التيار العنصرى المضاد لغير ذوى الأصول العربية بالسودان
                  

12-30-2010, 02:46 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    Quote: وكيف ان منزل علي عبد اللطيف قد تحول الى مطعم بلدي

    تحية طيب عادل وأشكرك على الردود

    نعم رايت المطعم البلدى الذى صار مكان منزل على عبداللطيف المناضل الوطنى والرمز الخالدوهو اى المطعم غير بعيد عن مركز الفيحاء التجارى معقل المرابين الذين يقتاتون على لحوم الفقراء ...
    من قبح الشيم فى أمتى الجاحدة إزدراء الرموز المضيئه والإحتفال بالأخرى القبيحة ...
    الغرب عموما وبريطانيا وفرنسا والمانيا على وجه التحديد تفوقوا علينا أخلاقيا وحضاريا وسياسيا وإقتصاديا بفضل تمجيدهم الانسانى لرموزهم الخالدة التى أضاءت لهم الطريق ....
    هيئه السياحة البريطانية لها كتيب عنوان Walking Literary London يباع بسعر زهيد فى مكتبات محطات القطار المتعدده هناك عبر هذا الدليل تقودك أقدامك أذا شئت إلى كافة البيوت والكنائس والحانات والميادين التى كان يقطن بها رمز سياسى /علمى / ادبى فى تلك البلاد حيث تجد لوحة زرقاء مكتوبا عليها بالابيض " هنا ولد/ عاش/فلان الفلانى ثم إبراز لقبه يشمل ذلك غير المواطنين الذين عاشوا فى بريطانيا ثم غادروها ....
    زيارة لمستشفى سان ميرى قرب محطة بادنغتون تجد ان الانجليز بخيالهم فى تمجيد رموزهم قد جمدوا التاريخ فى غرفة صغيرة علوية داخلها استطاع فتاهم الكسندر فيلمنج اكتشاف البنسلين الذى منح العافية لملايين البشر وقد تحولت تلك الغرفة المتحف الى مزار يمجد صاحبة الى جانب منزل توماس هاردى قرب ذاك المستشفى ومنزل ديكنز غير بعيد حتى ضريح كارك ماركس وهو غير بريطانى لكنه عاش هناك وكتب راسماله وخلد فكره لتفكيك الرأسماليةومعقلها بريطانيا موطن صنوه فرديرك أنجلز قبل أن تنبهه البروستاريكا إلى خطل ذلك وهذا باب أخر قد تم تمجيد قبره بمقابر هايقيت الشهيرة وغيره ...
    قبحا لأمة هى أمتى السودانية التى تحتقر رموزها الخالدة إلتى أضاءت تاريخنا عبر مواقع مختلفة لكن أحى الصوت الراقى محمد وردى الذى غنى :
    حين استشهد فى مدفعه عبدالفضيل
    و كذلك غنى
    لعبداللطيف وصحبة
    وأظن الأغنية اسمها " عرس الفداء ولعل شاعرها مبارك بشير إن لم تخنى الذاكرة"

    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 12-30-2010, 02:47 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 12-30-2010, 02:48 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 12-30-2010, 02:54 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 12-30-2010, 07:36 PM)

                  

12-30-2010, 03:39 PM

fadlabi
<afadlabi
تاريخ التسجيل: 12-13-2004
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: احمد الامين احمد)

    شكرا على التثقيف و المتعة

    شفت بلدنا كانت ماشة لمكان جميل كيف..

    لو ما عصبية القبايل و رجال الدين??
                  

12-31-2010, 02:31 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: fadlabi)

    فا1ضلابي مشتاقين

    Quote:
    شكرا على التثقيف و المتعة

    شفت بلدنا كانت ماشة لمكان جميل كيف..

    لو ما عصبية القبايل و رجال الدين??
    كانت ثورة 1924 قوس قزح جميل ؛ جاء بعد دعاشة ثورية ووطنية
    منذ ذلك الوقت اكفهرت سماء بلادنا بسبب تجار الدين والكهنوت


    الله لا يكسبهم شقيش ما يقبلو
                  

12-31-2010, 09:13 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: Abdel Aati)

    Quote: أما الهجوم من جهة اليسار فقد دشنه عبد الخالق محجوب فى كتابه الموسوم "لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني" ، والذي يعتبر انجيلا في مجال الهيستورغرافيا بالنسبة للشيوعيين السودانيين، حيث صنف هذه الثورة بأنها انها "حركة" للطبقة الوسطى، والتى اسماها بالراسمالية الوطنية، حيث كتب عن تفكك المجتمع القبلي بعد اتفاقية الحكم الثنائي ودخول الانشطة الاقتصادية الجديدة وظهور فئات من المثقفين الحديثين فقال (( لهذا يمكننا القول أنه قد خلقت طبقة جديدة من الراسمالية الوطنية تسكن المدن وتتكون من التجار والمثقفين ولها آمال في النمو والحرية الوطنية))

    وبعد ان يحدد الظروف التي مرت بالبلاد وقتها والتي دفعت تلك الطبقة للعمل، وهي الظروف التي يراها في التناقض بين طرفي الادارة الاستعمارية الثنائية من جهة والحرب العالمية وما خلفته من حركات ثورية من جهة اخرى، يذهب الى القول التقريري – التبسيطي التالي: (( وهكذا بدأت الطبقة الوسطى تبني تنظيماتها السرية من جمعية اللواء الابيض وجمعية الاتحاد السوداني، وصارت هذه الجمعيات تصدر المنشورات المطالبة بوحدة وادي النيل كما انها تتناول بعض التصرفات التي اقدمت عليها الادارة البريطانية مثل مشروع الجزيرة وخزان سنار .. الخ . بعد هذا نظمت هذه التنظيمات مظاهرات عام 1919 حتى قام اعضاء منها في القوات المسلحة بثورة في الخرطوم اصطدمت مع القوات البريطانية في الخرطوم عام 1924)

    في الفقرة السابقة هناك خطئين جوهريين: الاول ان بيانات الجمعيتيتن كما تم توثيقها اعلاه لم تكن تنادي بوحدة وادي النيل كهدف رئيسي، بل كانت تنادي بحق تقرير المصير في المقام الاول. والثاني هو الاشارة للمظاهرات انها قامت في عام 1919 حينما كان قيامها في عام 1924 . ( اللهم الا اذا كان يعني بعض المظاهرات البسيطة ل المصريين في السودان تضامنا مع ثورة 1919 المصرية، وان كانت هذه المظاهرات لا علاقة لها بحركتي الاتحاد السوداني واللواء الابيض بأي حال، والذين تكونا في غضون 1920-1924، أي بعد تلك المظاهرات المصرية).

    ويمضي عبد الخالق محجوب في تقييمه ليقول (( يمكننا القول في وصف هذه (الحركة) وتقديرها : أنها (حركة) وطنية سياسية ضد الاستعمار البريطاني بدأت تنظم الافراد لا على اساس قبلي بل على اسس سياسية. أنها لم تخرج عن حدود حركة الطبقة الوسطى في تكوينها وطبيعتها


    الاخ عادل
    تحية وشكر على اتحافنا بهذا البوست (التاريخى) مع حلول ذكرى الاستقلال والدعوة بالضرورة الى اعادة قراءة التاريخ الحديث للسودان واستخلاص الدروس والعبر بعد ابعاد شبح ماركس (وايديولوجيته) التى اطبقت على القراءات المختلفة منذ الاستقلال !!
    اختزال المرحوم عبد الخالق لسيرة البطل العظيم على عبد اللطيف فى حدود تصنيفه (كبرجوازى صغير) غير قادر على الانحياز (لحركة التاريخ) هى قضية لا تتوقف عند كارل ماركس بل تتعداه الى شيخ التنوير جان جاك روسو الذى برغم سفره العظيم ( العقد الاجتماعى وخطاباته) الا انه كان قد انطلق من افتراض خاطىء (مفاده ان الانسان ولد حرا ثم اصبح مكبلا بالقيود) وهو افتراض كما ترى يقوم على احتقار (المؤسسات رغم انها تجسد تراكم خبرات النوع الانسانى) والحقيقة ان الانسان قد ولد ناقضا لتعجم عوده المؤسسسات ، هذا الموقف المعادى للمؤسسات باعتبارها تعبر عن النظام الرجعى القديم موقف ثورى مزعوم تبناه ماركس فيما بعد وفقا لمفهوم البناء الفوقى وان المؤسسات تعبر بالضرورة عن مصالح الطبقات الحاكمة ودور ذلك الموقف المنحاز فى تكريس سلطة النظام القائم !!!
    العقلانية الزائدة للتنوير هى التى قادته الى حتفه يا عادل برفضها المطلق للمؤسسات القائمة ، لذلك ارى بذور عقلانية فى (احترام القانون) عند البطل على عبد اللطيف ورفاقه وقدر عالى من النضج على عكس ادعاءات اليسار السودانى القائم على محاولات اختزال الحركة فى (مفهوم الطبقة الوسطى )
    اعود

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-31-2010, 11:12 PM)

                  

01-01-2011, 07:31 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: طلعت الطيب)

    Quote: وكان علي عبد اللطيف رغم نموه في بيئة عسكرية (ابيه ثم خاله) ، انسانا متعدد المواهب، فقد تعلم الخياطة في دكان عبد التام ، اب صديقه زين العابدين عبد التام، كما ان تعليمه بكلية غردون قد فتح من افاقه الادبية، فوق اطلاعه الواسع على الصحف والمجلات المصرية والكتب. وقد تطور نشاطه الادبي من القراءة للكتابة، حيث كان يكتب للصحف وله محاولات ادبية، بل محاولات في التمثيل والاخراج في نادي الخريجين بمدني، وتحكي عنه زوجته العازة انه كان ((قليل الاكل لا يشرب الخمر ولا يدخن، وانه كان يساهر كثيرا يقرأ ويكتب)). ويبدو ان علي عبد اللطيف كان واحدا من اكبر مثقفي عصره، حيث كان قد انضم في عام 1919 لنادي الخريجين بود مدني، وفي عام 1921 اصبح عضوا في لجنته التنفيذية.


    سبق تصريحات البشير مؤخرا حول القبلية فى السودان مواقف الانقاذ كنظام كان قد كرس القبلية والجهوية، وبرغم ان قائد اللواء الابيض عاش اكثر من نصف قرن قبل البشير الا ان مفاهيمه حول المواطنة تتفوق على الاخير بملايين السنين الضوئية !
    الحقيقة فى تقديرى ان البشير هو الابن الشرعى للاسلام السياسى برغم ادعاءات الترابى وبقية قيادات المؤتمر الشعبى بغير ذلك ، فلو تخلصنا من النظر الى حركة الاخوان المسلمين كتيار رجعى معادى للتقدم على اهميتها، نستطيع ان نكتشف عدم دقة التوصيف بأعتباره توصيف حداثوى ينظر الى التاريخ كخط مستقيم linear ولذلك كان من المهم التذكير بحقيقة ان فكر الاسلام السياسى ينتمى الى عالم الافكار (الايديولوجيات) المعادية للمؤسسية وهو مبدأ كان قد كرسه سيد قطب فى مفهوم جاهلية القرن العشرين وضرورة التعالى على المجتمع ومؤسساته!! ربما يفسر ذلك عداء الانقاذ منذ اليوم الاول لمؤسسات المجتمع وتفريغها من الخبرات التى تراكمت عبر السنين وذلك بفضل دعم دافع الضرائب السودانى المتصل لها، ويشمل ذلك العداء الهجمة الشرسة على القضاء كمؤسسة عريقة وحيوية ..
    احداث التوازن بين الفكر السياسى ومؤسسات المجتمع - اى احترام المؤسسات والشفافية تجاهها- امر لا بد منه ، الثورية شىء يعادى المؤسسية وهى تذكرنا بموقف توماس بيين الاب الروحى للثورة الاميركية (المولود فى بريطانيا عام 1739 م، والمهاجر الشاب فيما بعد الى الدنيا الجديدة) اذ لولا كتاباته الشهيرة حول الثورة العفوية واهمية التحرر الفطرى The Common Sense Revolution لما نالت الولايات الامريكية استقلالها عن التاج البريطانى لانها هى المسؤولة عن الهام وتحريض الشعب الامريكى على الاستقلال، ولكن وبالرغم من اهمية الرجل فى التاريخ الامريكى حيث يلاحظ ان اوباما كان حريصا على الاقتباس منه فى خطابه الشهير حين تم تتويجه رئيسا للولايات المتحدة، اقول انه بالرغم من اهمية هذا الرجل الا ان التاريخ لا ينسى له ولجيفرسون مواقفهم المعادية للمحكمة الدستورية والتى ربما كانت ستقود الى الفوضى مثلما فعل الصادق المهدى عندما استهان بالمحكمة العليا فى قضية حل الحزب الشيوعى الشهيرة فى الستينات !!
    موقف الاب الروحى للثورة الامريكية دليل واضح على اهمية احترام المؤسسات وشهادة على ان نبل الافكار وحده غير كافى فى احداث التغييرات الضرورية فى حياة الناس ..
    الموقف من مؤسسات المجتمع والشفافية تجاهها سواء اكانت تلك المؤسسات قائمة فى عالم النسق (القضاء كنموذج) او عالم الحياة (الاسرة) شىء متكامل من اجل بلوغ الواقعية فى الطرح والقبول ، ولذلك فانا اعتقد ان الاقتباس عاليه يؤكد تلك الواقعية وذلك القبول الذى كان يتمتع به قائد اللواء الابيض الفذ، فهو تجاوز دعمه لزوجته فى العمل العام كما ورد فى عاليه الى ما هو اهم، الا هو مخاطبة اشواق المرأة السودانية عميدة الاسرة خاصة.. تلك الاشواق التى تم التعبير عنها فى اغانى البنات، وفى هذا الصدد يمكن ابراز احساس البطل على عبد اللطيف بالمسؤولية من خلال التذكير انه كان ( فى القهوة ما جلاس )

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 01-01-2011, 07:37 AM)
    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 01-01-2011, 07:40 AM)
    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 01-01-2011, 07:55 AM)

                  

01-01-2011, 07:27 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: طلعت الطيب)

    قرأت المداخلات السابقة لمداخلاتى مجددا فى هدوء اكثر فأستوقفنى المقتبس أدناه للأخ عادل :
    Quote: كانت من قبيل العمل التكتيكي الصرف لتحقيق الهدف الاسمى وهو الجلاء عن السودان وتحريره، وانها تم النظر اليها دائما موسيلة لتوحيد للنضال ضد العدو الاقوى، وهو عين ما طرحه الشيوعيين فيما بعد حينما دعوا للنضال المشترك مع الشعب المصري، بل نشأ حزبهم في احضان الحركة الشيوعية المصرية وقادتها الاجانب امثال هنري كورييل ومرسيل اسرائيل و.... شوارتز الخ......


    مصر دولة بها غالبية مسلمة لكنها ليست دولة إسلامية يحدد الدين جنسية مواطنيها قبل إستفحال الصراع العربى/ الاسرائيلى وليس اليهودى للدقة بعد حرب 1948 وقيام ثورة تموز 1952 بقيادة عبدالناصر وخطة القومى العروبى الواضح عليه حتى ذاك التوقيت وأعنى به طرد اليهود من مصر الى اوربا واسرائيل كان معتنقى اليهودية يعيشون فى مصر كمواطنين وليس كاجانب وربما تكون الاسماء للكوادر الشيوعية التى ذكرها عادل " هنرى كورييل واسرائيل وشوارتز مواطنين مصريين بالميلاد والاقامة فى دولة مواطنه متعددة الديانات قبل عبدالناصر والصراع العربى الاسرائيلى :
    مثلا هنرى كورييل على وجه التحديد الذى عرفته عبر مذكرات المرحوم احمد سليمان "ومشيناها خطى " تحدث عنه بإسهاب الروائى الشيوعى المصرى صنع الله إبراهيم فى عمله الصادر العام 2006 – أيام الواحات – وقد دلنى عليه شقيقى الاكبر صلاح اثناء زيارة للقاهرة –المهم صنع الله افرد الحيز الاكبر فى هذا المؤلف للحديث عن هنرى كورييل كمواطن مصرى شيوعى محسوب على اليهودية تم ترحيلة قسرا من مصر جراء الصراع المشهور مع اليهود وللتاكيد على مواطنته ووطنيته وانتمائة للوطنه مصر عقب تهجيره إلى فرنسا قام بدور إستخباراتى خطير جدا فى باريس لدرجة إرساله لمصر توقيت بدء الضربة الاسرائيليه على مصر 1967 رغم عدم إلتفاتة القيادة المصرية لذلك كما قام عند تحرير الجزائر من فرنسا بإهداء منزله بالزمالك للحكومة الجزائرية كسفارة وقد قدر صنع الله سعر هذا المنزل حاليا بمبلغ خرافى جراء موقع الزمالك المعروف على النيل بين القاهرة والجيزة ..
    الشاعر المصرى اليسارى وربما الشيوعى السابق احمد فؤاد نجم ذكر فى حوار إذاعى مع البى بى سى العام 2001 تحديدا أن اليهود المصريين الذين التقاهم فى معتقلات عبدالناصر قبل تهجيرهم قسرا كانوا يتعرضون للضرب المبرح داخل السجن من زبانيته وعندما يسئلون عن وطنهم لأجل تهجيرهم اليه كانوا يقولون بوضوح وشجاعة "وطننا هو مصر " رغم الضرب وقسوته ...
    الجبرتى وهو مؤرخ سابق للصراع العربى الاسرائيلى فى كتابه " وصف مصر " تحدث عن اليهود كمواطنين مصريين لهم حارة معينة قرب العتبة الخضراء وهنالك كتابات فى الصحف تشير ان إسرائيل منذ توقيع السلام مع السادات تعد خططا لإستعادة حارة اليهود بالقاهرة إستناده على شهادة المرؤخ الجبرتى الذى كتب قبل الصراع الايدليوجى بين العرب والاسرائيلين أضف إلى ذلك مواطن إسرائيلى من اصل مصرى له فندق مشهور بالاسكندرية تمكن من إستعادته بعد كامب دافيد بزعم انه مواطن مصرى مبعد قسرا من وطنه بحجة يهوديته ....
    السؤال ياعادل هل يهودية هنرى كورييل رغم شيوعيته وغيره من يهود مصر تنفى عنهم صفة المواطنه وتصنفهم كاجانب جراء خطأ ارتكبه عبدالنااصر ومن قبله الملك فاروق فى إبعاد اليهود من مصر التى هى دوله غير إسلامية حسب المصطلح المعروف رغم غالبية المسلمين بها ؟؟؟ فى هذا السياق بطرس غالى احد وزراء خارجية مصر ذكر لأحمد منصور فى برنامج شاهد على العصر بقناة الجزيرة انه عنف ووبخ السفير المصرى برواندا الذى حاول إقامة مركز إسلامى هناك وقال له " انت دبلوماسى تمثل سياسة الدولة لم نرسلك للتبشر بالاسلام " ......هذه المداخلة فى صلب الموضوع تحديد المواطنه هل يتم بالديانه ام بالعرق ام بالاقامة والمولد وهذا من محاسن الحوار حول الدولة والدين والعرق
    مع ملاحظة وجود شيوعيين مصريين غير يهود وغير مسلمين كذلك كغالى شكرى وغيره فهل ينظر إليهم كاجانب فى دولة غالبية مسلمة ؟؟؟؟
    علما أن نصارى من الشام هاجروا إلى مصر وصاروا مواطنين رغم عدم إسلامهم وساهموا فى بناء مؤسسات المجتمع المدنى من صحافة " اولاد تكلا واولاد هلال الى جانب المسرح كالريحانى والفن عموما كفريد واسمهان وفؤاد حداد فى الشعر فهل يمكن إدراجهم فى باب الاجانب مثل اليهود المصريين الذين أبعدهم عبدالناصر جراء قوميته وإنحيازه للعرب فى الصراع ضد إسرائيل ..
    أمر اخر ورد فى مداخلة للاخ عادل اعلاه ان على عبداللطيف جرى تهريبه سرا1938 إلى مصر رغم ان حسن نجيلة فى ملامحه قد ذكر أنهم هرعوا إلى محطة القطار ربما بشندى لرؤيته متجها إلى مصر فور تناهى غلى مسامعهم أن المناضل على عبداللطيف ضمن ركاب قطار الشمال متجها إلى مصر عبر حلفا ....أرجو مزيد من الإضاءة حول ظروف سفر على عبداللطيف إلى مصر؟؟؟
    حقيقة ياعادل البوست شحمان جدا ويثير أسئلة عديدة وإن كان ردك على هذه المداخلة يقطع تسلسل أفكارك حول على عبداللطيف يمكن الرد على مداخلتى لاحقا فى سياق اخر ولى عودة للتعقيب على منهج الدكتور المؤرخ القدال الذى ذكرت أنه يعيد نهج وأفكار المرحوم عبدالخالق حسب فهمى للمداخلة علما أننى أختلف منهجيا وفكريا عن الحزب الشيوعى لكن مهتم كثيرا بالحوار ولا أنزعج إن حدث تقاطع بينى راى وراى من اخالفه كالحزب الشيوعى تحديدا ولك الود

    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 01-01-2011, 07:36 PM)

                  

01-14-2011, 04:42 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: علي عبد اللطيف وجذور الليبرالية السودانية ...... (Re: احمد الامين احمد)

    بوست ممتاز لم الحظه في وقته ارفعه مع هبوط وعي قادة العمل السياسي

    باستلهام تجارب مفيدة من تاريخنا لو عرفنا كيف نقراه ونفهمه
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de