الأخ العزيز د.محمد قرشي ، السلام عليكم ولك التحية الطيبة وللإخوة المتداخلين. واجتهدت في قراءة الكثير من مداخلات هذا البوست وقد أفدت منه أموراً عديدة ، وجهدك مشكور ومقدر ، كما تشكر على الروح الطيبة في حوارك الجميل. وسأجتهد إن شاء الله لاحقاً في قراءة ما لم يتيسر لي قراءته حالياً. وإن كان فتحي نافذة للكتابة هنا والتعليق أردت به السلام والتحية فقط إلا أنه وبحكم التخصص كما تعلم تجدني لا أخرج حتى أعلق على هذه الجزئية من حديثك:
Quote: فسأخلص لكون الحديث هنا يتعلق بالمفاهيم Concepts و ليس (كل أشياء الدنيا) كما هو شائع بالتفسير .. بل أخاطر بتأويل جديد لأزعم أن الأسماء التي علمها آدم هي أسماء الله الحسنى .. فمادام إعتراض الملائكة عليه كان متعلقا بالعبادة .. (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة : 30]) فمن اللائق أن يكون إفحامهم متعلقا بمعرفة الله عز و جل .. لا معرفة أشياء الدنيا و يكون إنباء آدم لهم عن أسماء الله ناتجا عن مقدرته التفكرية في الملكوت ليرى آثار أسماء الله عز و جل في كل شيء .. و لهذا يشغل الحث على التفكر و التدبر في آيات الله الكونية كل ذلك الحيز من القرآن الكريم ..
وكما هو معلوم إن اعلى درجات تفسير القرآن تفسيره بالقرآن الكريم ثم المرحلة الثانية تفسيره بما صح من سنة النبي عليه الصلاة والسلام. وعلى ضوء ذلك نجد أن النبي عليه الصلاة والسلام قد فسّر المراد بـ"الأسماء كلها" في قوله الذي رواه البخاري في صحيحه وبوّب له فقال: بابُ قَوْلِ اللهِ [وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا] 4476 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ..... الحديث وقوله (أسماء كل شيء) يبين أن العموم وارد (للأشياء) وليس (للأسماء) ، وهو يكاد يكون عليه إجماع المفسرين للآية ومن شرحوا الحديث ، مع استئناسهم بأقوال للصحابة في ذلك ، وإن عدد كل منهم أشياء بعينها ، فإن كل من ذكر بعض الأشياء فهو داخل في العموم ويعتبر ذكراً للبعض. ولا يلزم أن يكون ما ذكرتَه من الإفحام للملائكة خاصاً بأسماء الله تعالى . كما ان هذه الجزئية من ناحية المعلومة تتعارض مع قضية ثابتة أخرى ، وهي أن أسماء الله تعالى لم يحصها أحد في الدنيا ، ولا حتى النبي عليه الصلاة والسلام وهو أعلم الخلق بالله تعالى وبأسمائه وصفاته ، فمن الأسماء ما استأثر به الله جل وعلا في علم الغيب عنده جل جلاله وتقدست أسماؤه. وقد قال عليه الصلاة والسلالم: (ما أصاب عبدا هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي ، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا)رواه أحمد والطبراني وغيرهما وصحح الألباني.. وفي حديث الشفاعة العظمى يوم القيامة ما يؤكد هذا الأمر إذ لما يسجد النبي تحت العرش يعلمه الله من المحامد والتسبيح ما لم يكن يعلمه من قبل : (فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي ثم يفتح الله علي و يلهمني من محامده و حسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي ثم يقال : يا محمد ! ارفع رأسك سل تعط و اشفع تشفع)رواه البخاري ومسلم. . وأيضاً حديث : 0لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك"رواه مسلم . فالقول الذي ذكرته من أن معنى الآية معرفة آدم بكل الأسماء الحسنى مع مخالفته لتفسير النبي عليه الصلاة والسلام فهو أيضاً يتعارض مع مسألة ثابتة بنصوص واضحة.
موضوع الروح يحتاج إلى مناقشة فيما طرحت خاصة وقد ذكرت أنه ورد في القرآن مرة واحدة (نزل به الروح الأمين) ، وأشكل علي ذلك مع قوله تعالى : (ويسألونك عن الروح)، وقد بدا لي أن أطلب أن يفرد لنتباحث فيه جميعاً وبصحبةالأخ الحبيب صلاح ببوست خاص ،لأن استمرارك في موضوع البوست أفضل خاصة مع أسئلة الأخ الشفيع ، إلا أنك أجبت قبل أن أطلب وقلتَ:
Quote: الأخ / صلاح عباس فقير شكرا جزيلا للتعليق المطول .. و لعلنا نتفاكر حول هذه الإمور في بوست منفصل قريبا .. لأني أود أن أستميحك العذر في التركيز على موضوع البوست حاليا .. لأن مساراته آخذه بالتوسع و سيصعب علي المتابعة .. كن بخير ..
نرحب بالعلامة د.عارف على متن البوست الماااكن وحيث أن العلم والدين صنوان لا ينفصلان، فالتأصيل سيكون إضافة جيدة للبوست
لا يخفى عليك ان الموضوع بدأ بسؤال عن (الذاكرة الموروثة)، وربطناها بالآية (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ....) ومن هنا جاءت ( وعلم آدم الأسماء.........)
الآن أنت تقول بـ(..... وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ....) هل كل شيء تعني (كل علوم الدنيا)؟ يعني هل سيدنا آدم كان يعرف (المخيخ والمايكروويف وخامات البترول)؟[/B ]
Quote: نرحب بالعلامة د.عارف على متن البوست الماااكن وحيث أن العلم والدين صنوان لا ينفصلان، فالتأصيل سيكون إضافة جيدة للبوست
شكراً أخي الكريم استاذ الشفيع ، وفيك وفي صاحب البوست والإخوة المتداخلين الخير والإفادة ، وبحق نحن هنا نبحث عن الفائدة بنفس القدر الذي نريد به إفادة الغير. وحقيقة استمتعت بمتابعة حوارك مع الصديق د.محمد قرشي ، والسعادة سببها الأكبر في ظهور الحرص على الإفادة والاستفادة في وقت واحد والتواضع الجميل ، وتقدير العلم والمعلومة ، والحوار بأسلوب راقٍ ، وهذا ما ينبغي أن يكون تشجيعه بصورة أكبر تليق بالحاجة إليه في مثل هذا المنبر. بس ياخي انا متحفظ على بعض أمثلتك الضربتها ونبهك عليها د.محمد (وجه ضاحك) ــ ختو لينا يا أخ محمد هنا.
Quote: لا يخفى عليك ان الموضوع بدأ بسؤال عن (الذاكرة الموروثة)، وربطناها بالآية (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ....) ومن هنا جاءت ( وعلم آدم الأسماء.........)
نعم اعلم أن المسألة عارضة في نقاشكم ، وهي فرعية ليست أساسية ، ولكن رأيت التعليق عليها تكرر في ثلاث مداخلات تقريباً أو أكثر وزي ما قلت للأخ د.محمد ما حبيت أطلع بالتحية والسلام فقط.
Quote: الآن أنت تقول بـ(..... وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ....) هل كل شيء تعني (كل علوم الدنيا)؟ يعني هل سيدنا آدم كان يعرف (المخيخ والمايكروويف وخامات البترول)؟
للإجابة على تساؤلك أخي الشفيع أورد لك جملة من أقوال المفسرين وهي منطلقة من تفسير النبي عليه الصلاة والسلام (وعلمك أسماء كل شيء): *أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وعلم آدم الأسماء كلها} قال : ما خلق الله*وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وعلم آدم الأسماء كلها} قال : علم الله آدم الأسماء كلها وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس ، إنسان دابة وأرض وبحر وسهل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. *عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} قَالَ : عَلَّمَهُ اسْمَ كُلِّ شَيْءٍ , هَذَا بَحْرٌ , وَهَذَا جَبَلٌ , وَهَذَا كَذَا , وَهَذَا كَذَا , لِكُلِّ شَيْءٍ , ثُمَّ عَرَضَ تِلْكَ الأَسْمَاءَ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ : {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. *عَنْ مُجَاهِدٍ : فِي قَوْلِ اللَّهِ تعالى ذكره : {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} قَالَ : ما خلق الله كله. *عَنْ مُجَاهِدٍ : {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} قَالَ : عَلَّمَهُ اسْمَ كُلِّ شَيْءٍ. *يَعْنِي أَسْمَاءَ جَمِيعِ الأَشْيَاءِ الَّتِي عَلَّمَهَا آدَمَ مِنْ أَصْنَافِ الْخَلْقِ. *وقال ابن كثير :كذا ساق البخاري هذا الحديث هاهنا. وقد رواه مسلم والنسائي من حديث هشام، وهو ابن أبي عبد الله الدَّسْتُوائي، عن قتادة، به. وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث سعيد، وهو ابن أبي عَرُوبَة، عن قتادة. ووجه إيراده هاهنا والمقصود منه قوله عليه الصلاة والسلام: "فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء"، فدل هذا على أنه علمه أسماء جميع المخلوقات؛ ولهذا قال: { ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ } يعني: المسميات؛ كما قال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن قتادة قال: ثم عرض تلك الأسماء على الملائكة { فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } *وفي تفسير السعدي: فـ { عَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا } أي: أسماء الأشياء، وما هو مسمى بها، فعلمه الاسم والمسمى، أي: الألفاظ والمعاني، حتى المكبر من الأسماء كالقصعة، والمصغر كالقصيعة. ،،، والله اعلم،،،
01-07-2011, 09:12 PM
الشفيع وراق عبد الرحمن
الشفيع وراق عبد الرحمن
تاريخ التسجيل: 04-27-2009
مجموع المشاركات: 11406
الصديق العزيز / د.عارف الركابي أطيب التحايا .. مرحبا بك في رحاب العلوم الطبيعية و أرجو أن يعجبك ما تجده و تشاركنا النقاش و التفاكر في خلق الله عز و جل .. و كما قال أخي الشفيع فالعلم و الدين صنوان ..
حقا فإن ما أثرته من إعتراضات يحتاج لبوست منفصل لأنه لا شك سيفتح أبوابا من النقاش طويلة و جميلة .. فأرجو أن أملك الوقت الكافي لإفتراع بوست كهذا حتى نستفيد من علمك و إسلوبك الراقي في النقاش ..
و لكن إسمح لي بملاحظات بسيطة على ما تفضلت به .. 1) قصدت أن أكتب (أخاطر) بمداخلتي لأن ما إستقر عليه رأيي أصلا هو تفسير (الأسماء) بالـ (المفاهيم Concepts) .. و كان إستنادي معتمدا على الإستعمال القرآني لكلمة (أسماء) كما في الآيات الكريمة : (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ [الأعراف : 71]) (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [يوسف : 40]) (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى [النجم : 23]) و من الجلي أن المقصود هنا ليس الإسم أو الشيء(الصنم) .. بل مفهومهم حول الإلوهية و الشرك .. أما أن كونها هي أسماء الله الحسنى فإنما هو خاطر عن لي و لا أتمسك به كثيرا .. و لكن ما أنا متمسك به هو أن الأسماء المعنية ليست أسماء أشياء بعينها !! و لي في هذا دفوعات مكانها بوست منفصل بلا شك .. و الآية الكريمة قد أوردت أمر تعليم الأسماء محالا إلى الغيب بإستعمال الضمائر .. فلم تحدد ماهية الأسماء و لم تفصل في طبيعة التعليم .. لحكمة كما أؤمن .. لذا فالإمر يحتمل الإختلاف ..
2) دلالة الأحاديث على التفسير : أعرف بالطبع أن القرآن الكريم قد إستعمل الأسماء بمعنى أسماء الأشياء .. (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ [الصف : 6]) فما الذي يبيح لي إذا أن لا أتوقف عند الحديث (الذي أعرفه بلا شك مادمت أقدمت على تطوير فهم لآية كريمة مادام متعلقا بها) الذي يصرح بأن الأسماء المقصودة هي أسماء أشياء ؟؟ في الحقيقة و بالإضافة لسياق الآية و مناسبة المفهوم الأول للأسماء لمعناها و لدفوعاتي الأخرى التي أشرت لها إجمالا .. فإن تطبيق القواعد الإصولية كما فعلت أنت على الحديث يصطدم بعقبتين هامتين : أ) أن الأحاديث محفوظة بالمعنى و ليس باللفظ مثل القرآن الكريم .. لذا يصعب الإعتماد على كلمة واحدة من الحديث لتقرير شيء ما بما يتجاوز الشك .. ففي القرآن تكون لكل لفظة حكمة يختل المعنى إن قلنا بالترادف فيها .. أما الحديث فمن الوارد أن ينقل بألفاظ تختلف و تزيد و تنقص دون إخلال بالمعنى .. و الحديث المعني يرد في صحيح مسلم (بالرقم 289) كالآتي : (حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْن الْجَحْدَرِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ وَاللَّفْظُ لِأَبِي كَامِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ، وقَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ: فَيُلْهَمُونَ لِذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، قَالَ: فَيَأْتُونَ آدَمَ عَلَيْهِ السّلامُ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْخَلْقِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ .. إلى آخر الحديث) فكما ترى لا يرد جزء (كل شيء) و ترد أطراف أخرى .. فلسنا متيقنين بالكامل من ورود ذلك التخصيص (كل شيء) للأسماء المذكورة بالقرآن لهذا الفهم المحدد .. ب) و إن سلمنا جدلا بأن التخصيص قد ورد بالحديث .. فعلينا مراعاة أن الحديث الشريف يراعي المخاطبين المباشرين به في إمور كثيرة .. و كما ورد بالبخاري مقطوعا (وَقَالَ عَلِيٌّ: " حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ "، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ بِذَلِكَ) .. و ورد أيضا عن أبا هريرة رضى الله عنه (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ ") .. فالشاهد أن المجاز و بث الحكمة هو الغالب على بعض الأحاديث و ليس القصد الحرفي .. كما في حديث البخاري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ تَدْرِي: " أَيْنَ تَذْهَبُ، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ") .. فكما لا يمكن أن نأخذ بهذا التفسير لهذه الآية حرفيا .. أرى أن للأسماء معنى أكبر من المعنى المباشر ..
3) جزئية إجماع المفسرين تفتح الباب للنقاش حول التفسير/الإعجاز العلمي بالقرآن الكريم .. فأغلب التفاسير المحدثة تخالف الإجماع .. فإن كنت من أنصاره .. كان هذا ردا جيدا على هذه الجزئية .. و إلا كان هذا باب نقاش آخر .. 4) بالنسبة لإحصاء أسماء الله الحسنى .. فإعتمادي كان على الحديث الشريف بالبخاري (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: " إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ " أَحْصَيْنَاهُ: حَفِظْنَاهُ) .. و قد كنت أعينها هي بملاحظتي بالمداخلات السابقة .. لكنني تأملت في ما أحتججت به علي من أن (كلها) بالآية تعني كل الأسماء عددا و هذا لا يحيط به أحد (نصا و عقلا) .. و وجدت أن رأيك صواب .. و لكن فقط في حالة أن (كلها) هنا تفيد الإحصاء لكل الأسماء قاطبة و لا تحتمل أي معنى آخر !! .. فإن رجعنا للقرآن الكريم وجدناه يقول في معرض قصة موسى عليه السلام و فرعون (وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى [طه : 56]) .. فالمراد من كلها هنا هو مجموعة محدده من الآيات و ليس كل آيات الله عز و جل التي لا حصر لها .. و عن هذه الجزئية يقول الإمام الرازي في تفسيره
Quote: فإن قيل قوله : كلها يفيد العموم والله تعالى ما أراه جميع الآيات لأن من جملة الآيات ما أظهرها على الأنبياء عليهم السلام الذين كانوا قبل موسى عليه السلام والذين كانوا بعده قلنا : لفظ الكل وإن كان للعموم لكن قد يستعمل في الخصوص عند القرينة كما يقال دخلت السوق فاشتريت كل شيء أو يقال إن موسى عليه السلام أراه آياته وعدد عليه آيات غيره من الأنبياء عليهم السلام فكذب فرعون بالكل أو يقال تكذيب بعض المعجزات يقتضي تكذيب الكل فحكى الله تعالى ذلك على الوجه الذي يلزم
فالنصوص التي تفضلت بإيرادها قد تكون القرينة المطلوبة إذا إقتنعنا بدفوعاتي الأخرى متى ما فتحنا باب النقاش الموسع .. و قد هدفت فقط في هذه العجالة لأبين قليلا ما أحس به من أن في الأمر وسع و ليس محسوما بالنص كما تفضلت بالإشارة ..
5) أما الروح فأرجو أن تتفضل بقراءة الكتاب الذي وضعت رابطا له بالمداخلة لشرح أوفى لما إستندت عليه في ما قلت حتى نلتقي في وسع من الأمر ..
أشكر لك نصحك و مرورك .. أفادنا الله بك و زادك من العلم و الأدب ما شاء .. مودتي
01-08-2011, 05:39 AM
Balla Musa
Balla Musa
تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 15238
الدكتور الموسوعة محمد قرشى تحياتى وشكرى لك على هذا المجهود العظيم أتمنى أن تكون موثق هذا البحث فى نسخة ورقية حفاظا عليه من قراصنة الأسافير.. حاولت أكون متابعا بالقراءة ولكنى لاحظت دخولكم فى مسألة علم آدم الأسماء كلها, والحقيقة قرأت تفسيرك وأرى أنه تفسير سليم أتى من قلب سليم وفطرة سليمة..
فرأيت أن أساهم حيث لا أرى فرقا كبيرا بينك وبين عارف الركابى إذ أن فى الأسماء التى علمها الله لآدم ثلاث وجوه: الأول: علم الله آدم جميع الأسماء المتعلقة بالأكوان والخلق, وهى الأسماء التى ما أثنت الملائكة على الله بها, فكان آدم العابد بكل شرع والمسبح بكل لسان والقابل لكل تجلى, وأما الأسماء الخارجة عن الخلق والنسب فلا يعلمها إلا الله, لأنها لاتعلق لها بالأكوان ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (أو استأثرت به فى علم غيبك). الوجه الثانى: مرده الى (إن الله خلق آدم على صورته) فلما نصبه فى الوجود مثلا (بكسر الميم) أعطاه الأسماء الإلهية بحكم المطابقة, وللتعيين استحوذ الحق بالإسم الله واستحوذ الإنسان بالإسم الخليفة, أما الأسماء الباقية مركبة من روح وصورة, فمن حيث الصورة تدل على الإنسان ومن حيث روحها ومعناها تدل على الله.فأعطى الله آدم كل الأسماء المتوجهة على إيجاد العالم, فأوجد الله العالم إنسنا كبيرا وجعل آدم وبنيه مختصرا لهذا العالم. الوجه الثالث: وكما قد وضح أعلاه أن العالم تفصيل آدم وآدم هو الكتاب الجامع بظاهره وباطنه الذى هو صورة الحق, ولكن الملائكة عرفت ظاهر آدم وجهلت باطنه لذلك جهلت أنها جزء من آدم بحكم أنها جزء من العالم. ولهذا أصبح العلم المتعين لإيجاد العالم والإحاطة به والتصرف فيه من صميم تكوين آدم بحكم الصورة.
وبما أن العالم هو تجلى لأسماء الله والتى علمها لآدم وهذه الأسماء سارية فى إيجاد ماكان وماهو كائن وماسيكون, بذلك يكون آدم عالم بكل شئ يؤهله تأهيلا كاملا للخلافة. وأعلم من آدم عليه السلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إذ أعطى جوامع الكلم وعلم الأولين والآخرين ( وآدم ضمن الأولين).فمحمد صلى الله عليه وسلم الإنسان الكامل وأول من خلق روحا وخاتم الأنبياء جسدا وآدم عليه السلام ومن أتى من الأنبياء والرسل هم خلفاء لهذا الإنسان الكامل.
01-08-2011, 07:06 AM
صلاح عباس فقير
صلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482
Quote: بالنسبة لأسماء الله الحسنى .. لا يخفى عليك بالطبع أنني لا أقول بأنها خلقت أشياء العالم .. و إنما أن آدم عليه السلام إستطاع عبر قراءة أشياء العالم أن يعرفها في تجلياتها المختلفة ..
وراق:
Quote: انا عارف رايك يا دكتور، عشان استغربت تأييدك لكلام اخونا صلاح
في الحقيقة أنا أتحفظ على ما سطرته سابقاً، وأرى أن الموضوع بالنسبة لي يحتاج إلى بحث إضافيّ، لكني لا أقول على أي حال بأنّ أسماء الله الحسنى خلقت أشياء العالم، وإنما خُلقت بها أشياء العالم، وبالتالي فهي متجسدة في هذه الأشياء، موضوع أيضاً يحتاج إلى بوست منفصل!
01-08-2011, 07:15 AM
صلاح عباس فقير
صلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482
نحمد الله أن عرجنا على التفسير حتى تسعدنا بمرورك و متابعتك ..
حقيقة لا علم لي بالتصوف غير ماهو مشاع عنه من أفكار تبدو فطيرة ..
لذا أتابع عن قرب بوستاتك الأخيرة لأتعلم منك ماخفي عني من أمره ..
لم أقرأ لإبن العربي شيئا من قبل .. و إن كنت قد إشتريت منذ مدة كتاب نصر حامد أبوزيد (هكذا تكلم إبن عربي) دون أن أقرأه بعد .. فهل فيه غناء ؟؟
شكرا جزيلا لتعريفنا بوجهة النظر الجميلة .. و إن كانت تشكل علي في بعض النواحي !!
تذكرت دعوة العلامة إقبال في كتابه الرائع (تجديد الفكر الديني) لإعادة صياغة لغة التصوف بإعتبارها حقائق نفسية صيغت بلغة فلسفات قديمة تعوزها المعاصرة لتصبح مفهومة ..
و أتمنى أن تدلي بدلوك معنا في موضوع البوست إن سمح لك الوقت ..
ماذا يرى المتصوفة في علاقة الروح بالدماغ و طبيعة الوعي و علاقته بالأعصاب ؟؟
مودتي
01-08-2011, 05:11 PM
محمد قرشي عباس
محمد قرشي عباس
تاريخ التسجيل: 03-19-2010
مجموع المشاركات: 3195
Quote: وأرى أن الموضوع بالنسبة لي يحتاج إلى بحث إضافيّ
هو كذلك فعلا .. و هذا هو حال علم الإنسان دوما في ترقي و بحث .. و وجهات النظر المختلفة و ما يملكه الآخرون من معلومات .. هي كنوز قيمة لمن يسعى نحو الحقيقة ..
Quote: أتمنى أن تكون موثق هذا البحث فى نسخة ورقية حفاظا عليه من قراصنة الأسافير..
يا ريتهم يأخذونه حتى لا تضيع الأفكار .. و لكن حفزني كلامك هذا على عرض فكرة أخرى دارت برأسي زمنا .. سأدونها حتى لا تضيع على عجالة هنا دون البحث اللازم لتوسيعها و صقلها .. و ذلك لأنها تتعلق بموضوعة أسماء الله الحسنى التي تناولناها هنا ..
في إعتقادي أن أي إستعمال لأي كلمة بالقرآن الكريم مقصود تماما و بدقة بحيث لا يكون في الكلام فضول أو لغو أو تكرار أبدا .. لذا كنت أتوقف كثيرا عند سورة الناس "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) " .. و أفكر في مدلولات ما وصف به رب العزة نفسه (رب/ملك/إله) .. و خطر لي يوما أن أربطها بأسماء الله الحسنى .. حيث لاحظت الآتي : أن هناك أسمائا تصلح لوصف الرب مثل (الخالق/البارىء/الرحيم) .. و يجمعها الخلق و الرعاية و أن هناك أسمائا تصلح لوصف الملك مثل (الجبار/العزيز/المنتقم) .. و يجمعها السلطان و القدرة و أن هناك أسمائا تصلح لوصف الإله مثل (النور/الظاهر/الباطن) .. و يجمعها التجريد و اللاذاتية
خطر لي أن أربطها بمراحل نمو الطفل معرفيا .. فتكون كـ milestones حول رؤيته للعالم و تطوره النفسي/الفكري .. فالطفل الرضيع قبل إكتساب اللغة يعتمد على والديه (أربابه حينها و رب الدار سيدها) و يدركهم كحامين و مغذين (رازقين) و رحيمين به .. فتتكون لديه أول مفاهيم (الرب) و لا يملك غيرها حينئذ .. ثم يتدرج ليتأثر بالأقران و التأدب و علاقات السلطة و المكانة الإجتماعية .. و يعرف النظام و العقاب و الأمر و النهي .. فتتكون لديه مفاهيم السلطان و (الملك) .. فيتوسع مفهوم الرب لديه (و الرب يتضمن الملك مفاهيميا) .. ثم يصل للبلوغ و مرحلة إدراك الذات و الإستبطان Introspection و تكوين ذاته الخاصه .. فتتكون لديه القدرة على التفكير التجريدي و التأمل الذاتي العميق فيوحد في دواخله بين الأفكار و المشاعر و الخبرات ليصوغ شخصيته الوليده ..
إرتأيت أن تقسيم الأسماء الحسنى على هذه الأوصاف الثلاث و إعتبارها كصيرورة معرفية يتدرج عبرها الإنسان قد يفسر الجحود الذي يظهر أحيانا .. فمن لا يلقى رعاية أبوية جيدة يصاب بمشكلة في قبول أسماء الرب و يحس بعدم الأمان و يخاف من الآتي و يقلق من الماضي .. و من يقهر أو يلقى له الحبل على الغارب لا يجيد تقدير معنى الإتقاء أو عدم القنوط من رحمة الله .. و من لا يوسع مواعينه و يتعلم التفكير بعيدا عن خيالات الطفولة و قناعاتها الساذجه .. سيظل أسير عدم القدرة على التجريد السليم
بإختصار مخل .. أحس بأن هذا قد يكون مدخلا لإعادة صياغة التفكير في علم الكلام القديم و ربطه بالسايكولوجي حتى يصبح التوحيد علما تطبيقيا في التربية .. يهدف لسلاسة معرفة الله عبر الحرص على النمو النفسي السليم للطفل .. إن صح التعبير ..
و قطعا عرضي لفكرتي بهذه الصورة السريعة به من القصور الشيء الكثير .. و لكن على الأقل سيحفزني هذا للرجوع إليها ربما ببوست آخر للنقاش الأوفى حولها .. فقط تذكرتها و أنا أقرأ تقسيماتك لأسماء الله الحسنى و علاقتها بعلم آدم عليه السلام .. فهل ترى لها من تعلق ؟؟
مع صادق مودتي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أعتذر لحرف البوست عن موضوعه الأساسي و سأركز من الآن فصاعدا على الجانب العلمي ما إستطعت لذلك سبيلا .. و الله يجازيك يا باشمهندس الشفيع دخلتنا في بحور لا نهاية لها
01-08-2011, 08:15 PM
الشفيع وراق عبد الرحمن
الشفيع وراق عبد الرحمن
تاريخ التسجيل: 04-27-2009
مجموع المشاركات: 11406
الباشمهندس الشفيع .. أنا مقتنع لكن الله يقنع الفي بالي عموما نواصل في المفيد .. مودتي
الأخ العزيز / د.عارف الآن فقط إنتبهت لكلامك هذا
Quote: موضوع الروح يحتاج إلى مناقشة فيما طرحت خاصة وقد ذكرت أنه ورد في القرآن مرة واحدة (نزل به الروح الأمين) ، وأشكل علي ذلك مع قوله تعالى : (ويسألونك عن الروح)، وقد بدا لي أن أطلب أن يفرد لنتباحث فيه جميعاً وبصحبةالأخ الحبيب صلاح ببوست خاص
و ظننت أني أخطأت في الكتابه لأني أعرف جيدا أنه ورد أكثر من مرة .. و لكنني لم أجد غير هذه المداخلة
Quote: في القرآن ليس لكلمة (روح) إلا معنى واحد فقط هو (الملاك العظيم = جبريل عليه السلام) و ماتشويه هذا الإستعمال القرآني نحو مقصودنا الحالي من الكلمة إلا تأثرا للمفسرين اللاحقين بالفلسفات و الأديان الأخرى !!
هنا Re: سياحة داخل مخ بشري..ردود و نقاش : و كما هو واضح فأنا أقصد أن (الروح) حيثما ورد في القرآن الكريم فهو يعني جبريل عليه السلام .. و لم أقل أنها الآية الوحيدة التي ورد فيها الروح .. و لو رجعت للكتاب بالرابط الذي أوردته أنا بالمداخله فستجد نقاشا مستفيضا لهذا الأمر .. لم أكن لأتوقف معك عند هذا الأمر لولا صاحبك .. و اللبيب بالإشارة يفهم ..
مودتي الصادقة
01-09-2011, 00:01 AM
محمد قرشي عباس
محمد قرشي عباس
تاريخ التسجيل: 03-19-2010
مجموع المشاركات: 3195
هناك ما يزيد على 100 ناقل عصبي بالدماغ !! لكن المهم منها (أو على الأقل ما نعرف أنه مهم حتى الآن) أربعة فقط : السيروتونين و الدوبامين و الأسيتايل كولين و الجابا ..
هناك مراكز (مجموعة من الخلايا العصبية) لهذه النواقل بالمخ .. بحيث تنشر إشاراتها المعتمده على الناقل المحدد حينما تثار عصبيا .. و لكل مركز تأثيرات خاصة .. يبينها الشكل الآتي .. للدوبامين و السيروتونين :
و هنا تتضح علاقة الكيمياء بالسلوك .. فلكل ناقل علاقة بدوائر مختلفة تتحكم بسلوك مختلف .. و الجدير بالذكر أن أحد أنجح أدوية مضادات الإكتئاب تعمل عبر الناقل العصبي السيروتونين .. حيث تعمل على توافره عبر المشبك العصبي .. و يؤدي هذا لزوال الإكتئاب (أو أحد أنواعه في الحقيقة) ..
و بالطبع العلاقة ليست مباشرة و بهذه البساطة !! فتأملوا معي مثلا هذا الشكل الذي يصف المراكز و النواقل العصبية .. التي تتحكم في سلوك الإدمان عبر مراحله المختلفه ..
فالمرحلة الأولى الخاصة بتعاطي عقار الإدمان .. يتحكم بها الدوبامين و البروتينات الشبيهه بالمورفين و المرحلة الثانية التي تظهر فيها أعراض الإنسحاب المؤلمة يتحكم بها النورإبينفرين و أخريات و المرحلة الأخيرة التي تنتج سلوك الرغبة و السعي للعقار يتحكم فيها الجلوتاميت
لذا يأمل العلماء في تصميم عقاقير مخصصة لمعالجة الإدمان عبر التدخل في آليته العصبية كيميائيا لتخفيف آثاره المدمرة !!
و نواصل ..
01-09-2011, 00:21 AM
محمد قرشي عباس
محمد قرشي عباس
تاريخ التسجيل: 03-19-2010
مجموع المشاركات: 3195
يبقى السؤال المهم حول سبب هذه الآلية المعقدة .. أعني .. مادام من الإمكان أن تنتقل الإشارات العصبية مباشرة من خلية لخلية بالـمشبك العصبي الكهربي .. و ذلك بسرعة أكبر و دون الحوجة لناقل عصبي و خلافه .. فلم اللجوء للناقل العصبي إذن ؟؟؟
السر يكمن كما قلت في المرونة الحوسبية !! و هذا أوان التفصيل فيها ..
ففي الحقيقة فإن الخلية العصبية ليست بالتركيب البسيط بتاتا !!
و مسألة أن تسمح بمرور الإشارة العصبية أم لا .. و كيف سيكون نشاطها في حالة السماح لها بالمرور .. ليست بالأمر البسيط كذلك ..
فهي هنا (أعني الخلية العصبية الواحدة) أشبة بجهاز كومبيوتر صغير .. و تعمل عمل العديد من الدوائر المنطقية و الـ Processors !! فالنواقل العصبية منها ماهو إستثاري Excitatory .. و منها ما هو تثبيطي Inhibitory .. و كل مشبك عصبي Synapse بالخلية يجاوره العديد من المشابك الأخرى .. و كل منها تقوم بالتأثير (سلبا و إيجابا) على غشاء الخلية في المنطقة الصغيرة التي تتصل فيها معها .. و حاصل الجمع و الطرح للإشارات الكهربية لكل هذه المشابك .. هو ما يحدد ما إذا كانت الخلية المستقبله ستصل لحد إرسال الإشارة من عدمه Action Threshold .. و هذه الصورة موحية بهذا التنظيم ..
و لهذا الأمر مستوى آخر من التعقيد .. يتعلق هذه المرة بكون المشابك نفسها قابلة للتشريط و التعلم .. بمعنى أن القوة النسبية لكل مشبك مختلفة عن الأخريات .. و يتحكم بقوتها (ضمن عوامل أخرى) مدى تسببها في نشاط كهربي بالخلية المستقبلة !! كما أن زمن وصول الإشارات عبر المشابك المختلفة هو مستوى تعقيد آخر.. إذ من الممكن أن تنتقل الإشارة أو لا تنتقل حسب التتابع الزمني للإشارات الواصله للخلية !! و مستوى آخر من التعقيد .. على شكل تأثيرات للمشابك على بعضها قبل وصولها للخلية المستهدفه!!
لذا تلعب النواقل العصبية دورا مهما جدا في حوسبة الدماغ و عمله كشبكة عصبية عملاقة !! و تخيل أن كل خلية عصبية برأسك هي في مستوى جهاز اللابتوب الذي تستعمله الآن !! (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون : 14])
مودتي للكل
01-10-2011, 01:51 AM
سيف اليزل برعي البدوي
سيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425
Quote: Chapter One: INTRODUCTION An evolutionary jump You may, at some time, have had a ‘peak’ experience, an ecstatic moment or a moment of greater understanding, when your consciousness expanded - and you knew it. When this occurs, the integration between left brain (logical thinking) and right brain (intuitive feelings and emotions) is manifested in increased energy-flow between the two sides. This is thinking and feeling in a holistic and balanced way. It is a foretaste of an evolutionary jump for humanity - and in essence, what the so-called New Age is all about - a new level of maturity in mental development, an awakening. By learning how to arouse the whole brain, selectively and at will, the mode of consciousness may be freely altered, appropriate to the task or situation - whether a crisis, making music, relaxing, mental arithmetic, brainstorming, or contemplating nature. In this new wide-awake consciousness, the world seems to be full of possibilities - it possesses a strong sense of rediscovered meaning. This is nothing mystical, it is essentially ordinary consciousness, operating for once at its proper efficiency. “When we pull back and get, for a moment, the ‘bird’s eye’ view of life, it reveals meanings that are ungraspable by the narrow focus of our usual worm’s eye view” Colin Wilson Research tells us that one side of the brain is usually dominant to the other, and that most of the time, very little of the potential capacity of the brain is in use. Brain studies have shown that people who are functioning optimally have a high level of interhemispheric communication and that the two sides are working in synchrony and balance, as described above. Also overall arousal is higher and under conscious control - this is the skill of sustained concentration. The philosophy described in Transforming the Mind and the practical exercises (the ‘Explorations’) serve as an introduction to Tools for Transformation's home-study personal development course, the Start a New Life! course, the more specialized Mind Development Courses (that offer training in perception, communication, study skills, concentration, reading skills, memory, etc) and the advanced courses of The Insight Project. These courses are designed to achieve the above aims by a step-bystep gradient approach, which ensures that all appropriate stages of development are in their natural sequence. The skills which are learned and practiced give an objective understanding and control of the mind - a complete self-knowledge - and equally a new understanding and empathy with others. Transforming the Mind Chapter One: Introduction 7 What is Transformational Psychology? Transformational Psychology is a synthesis of all known systems of personal enhancement; a basket of all the most workable techniques of growth therapy, continuously added to as new methods and ideas are carefully evaluated. In this context, many students’ learning experiences over 25 years and considerable further research and development of our own, has enhanced Transformational Psychology as practiced on Tools for Transformation’s range of courses to the point where it has become one of the world’s most effective and far reaching systems of mind/brain/ consciousness enhancement. This book presents a selection of introductory Transpersonal Psychology techniques, in particular those that can safely be practiced at home by a newcomer to the subject. In writing this book it has also been my aim to offer a summary of the broad streams of psychological thought that are the context and source of Transformational Psychology techniques. The main objective throughout is personal enhancement. The practice is based on the premise that we have learned disabilities, which set boundaries to our action and knowing. But no one need accept that they must remain as they were shaped by their hereditary body-mind and by the conditioning of their childhood and culture. Once we find a worthwhile goal, the power of will alone can change the programming of our minds. The human brain is so constructed that it will adapt itself to the demands of the mind, ordered by the power of will. How does Transformational Psychology work? When you feel angry or depressed, in a self-defeating way, this is the result of negative or irrational inner-speech that you may not even be aware of, as it is often very fleeting or below the threshold of consciousness, or simply not recognized as such. These evaluations are linked to earlier times, when they were instilled by force of painful experience. When such an experience was too uncomfortable to remember, the feelings (in the right brain) were repressed and made unconscious. Considerable mental energy is locked-up by continuing to repress feelings and emotions, and this is justified by irrational and over-generalized conclusions about self and others. The techniques presented in this book will enable you to look again at your beliefs with a fresh viewpoint. This will help you to release the effects of held-back trauma and have fuller access to your potential for intuitive, creative and holistic thinking. With a more flexible outlook and greater freedom of emotional expression, new horizons may appear, and goals approached that before seemed out of reach. Problems and difficulties now become opportunities for creative choice and valuable learning, stepping-stones Transforming the Mind Chapter One: Introduction 8 towards what you really want to achieve. When, as with most people, 90% of the brain’s capacity has been closed down due to neurotic repression, the remaining 10% is apt to fall into a robotic state. The individual acts out imprinted behavior patterns that are predictable from day to day and only responds semi-consciously when something attracts his attention. The unused 90% is susceptible to hypnotic influences and the individual is driven by his environment and circumstances; this is far from the self-determined state he probably considers himself to be in. For most of us, a radical program of reawakening is urgently needed! The Insight Project - Discovering the Higher Self ‘The Insight Project’ is a program of advanced self-analysis, which may begin when you have achieved adequate objectivity of your mental processes to be able to work in this way. The factors that prevent awareness of the Higher Self (the non-physical essence of being -who you actually are) are dealt with in great depth, such that the results from this work will cause an everlasting freedom of viewpoint. The procedures of The Insight Project are tools with which progress on the spiritual path may always be supported. We affirm that man’s nature is essentially spiritual but that it is no good seeking for spiritual things until we can distinguish the spiritual from the mundane. To attain the higher mind of spiritual awareness and psychic ability we must be released from the thrall of the lower cognitive mind. This cannot occur with any stability (other than ‘peak experiences’) until work on the lower mind is complete. While large areas of our brain lay unused because of their repressed content, there is a potential Achilles heel to any postulated state of satori. What is required of you? An open mind and a genuine desire to learn and expand. A major goal of Transformational Psychology is to facilitate the development of self-determined people taking full responsibility in their lives. Indeed, we need to explore the unmapped territory of our minds and develop it to the full, if we are each to have the insight to be able to effectively cut through the blinkered thinking in our environments, and make an impact on what is happening to our world’s social, economic and ecological systems. Resolving the chaos of fixed ideas, which nearly everyone has to some extent, is a gradient process of analysis, of re-discovering objective reality and the honest truth about ourselves.
01-10-2011, 12:56 PM
محمد قرشي عباس
محمد قرشي عباس
تاريخ التسجيل: 03-19-2010
مجموع المشاركات: 3195
مرحب بمرورك أخي سيف اليزل .. يا ريت لو تتحفنا بخلاصة لما أوردته من مساهمة قيمة .. فمن الصعب متابعته كله !!
الموضوع كما قرأته يعتمد على فكرة النصف المخي المسيطر .. و كما ذكرت سابقا بالبوست لم تعد هذه الفكرة صحيحة الآن .. رغم أن آلاف التطبيقات كهذه التي تستند عليها لا تزال حية !! يعني شيء مثل فكرة الأثير التي ترفض الموت رغم نقض آينشتين لها منذ قرن كامل !!
ذكرتني ببوستك حول الحب .. و بعد إذنك سأورد بعضا من مساهماتي هناك لتعلقها بموضوع العواطف و الدماغ ..
مودتي
01-10-2011, 01:54 PM
محمد قرشي عباس
محمد قرشي عباس
تاريخ التسجيل: 03-19-2010
مجموع المشاركات: 3195
Quote: الأخ / سيف اليزل نويت الكتابة بهذا البوست الجميل منذ بدئه و لكنها مشاغل الدنيا !! فهذا الموضوع بالذات من وجهة نظره العلمية يشكل خيطا فكريا أتابعه بشغف منذ فترة .. و لألخص مشاركتي في نقاط: 1) لطالما تسائلت قديما عما إذا كان الحب مجرد ظاهرة ثقافية حديثة إبتدعت منذ قرون و تدعمت بالأدب و الفن الحديثين و كان بعض أرباب علم النفس يثيرون قلقي بما يبدعونه من نماذج نفسية رائعة تفسر منشأ الشعور العاطفي و ربطه بالحضارة الحديثة .. لذا كنت في غاية السعادة عندما تم إكتشاف الأساس البيولوجي للحب الرومانسي و إثبات تفرده و إختلافه عن الشهوة أو الإرتباط Attachment و قد بدأ هذا الأمر بمصادفة علمية طريفة عرضت لبعض الباحثين في الفسيولوجبا العصبية للرؤية Vision إذ لاحظوا أثناء تصويرهم لنشاط الدماغ لبعض المتطوعين نشاطا غريبا و مختلفا لدى بعض الأشخاص عند تعريضهم لصورة المحبوب .. فقاموا بعمل تجربة كبيرة لفحص النشاط الدماغي للعشاق و أثبتوا وجود نشاط مميز ( لا يملكه غير العشاق) بأربعة مناطق بالدماغ عند العشاق و ذلك عند رؤيتهم صورا للمحبوب و الطريف أن هذه المناطق الأربعة هي بالضبط نفس تلك المناطق التي تظهر نفس هذا النشاط لدى مدمني الكوكايين عندما يتعاطون جرعة منه !! (الحب إدمان __ قطعا نعم) 2) الباحثة المشهورة هيلين فيشر قضت 30 سنة من حياتها تدرس الحب علميا و سيكولوجيا و لها إستبصارات رائعة .. و لكن مايلينا منها هنا هو التأكيد على أن الحب هو دافع Drive و ليس غريزة Instinct و أنه أقوى من الغرائز كالجوع و العطش .. فإذا أضفنا هذه النتيجة للنقد الشديد الذي تعرض له هرم الإحتياجات الإنسانية في مجتمع علم النفس حتى صار من تاريخه .. إستطعنا ببساطة فهم حالات الجرائم و الإنتحار بسبب الحب .. فبشكل ما يشكل الحب دافعا أكبر من رغبة الحياة ذاتها. 3) أثبتت دراسة تعتمد على مراقبة نشاط الدماغ أن الحب يمكن له الإستمرار طويلا جدا (30 سنة بالدراسة .. و هذا ليس حدا أعلى و لكنه فقط عمر علاقة الزوجين الذين خضعا للإختبار) فنفس المناطق الدماغية التي نشطت لدى المحبين الجدد إستمرت بنشاطها لدى قدامى العشاق الأزواج مع إضافة بسيطة و هي أن المناطق المسئولة عن الهدوء و عدم القلق أكثر نشاطا لدى القدامى عن المحدثين .. مما يفسر الهدوء الذي يعتري العلاقات الزوجية العشقية و يمنع تفسير ذلك السلام بين الأزواج ببرود عاطفة ما و لكنها طمأنينة تجلبها العشرة و تطور للحب نحو شكل أهدأ مع إحتفاظه بكل علامات الإدمان التي بدأ بها .. 4) الجدير بالذكر أن الأنظمة العصبية المسئولة عن الشهوة و الحب الرومانسي و الإرتباط لا تعمل في معزل عن بعضها فهناك الكثير من مناطق التداخل Overlap بينها .. لذا ليس من السليم التعامل مع هذه التصنيفات كمناطق معزولة لا تأثير لها على بعضها و قطعا لا أعتقد بصحة الرأي القائل أن الحب الرومانسي مصيدة للزواج تزول بسرعة بعده .. فالبيولوجبا و التجارب تنفي هذا الفهم و مايحدث هذا الفتور العاطفي إلا بسبب من جهلنا لآليات إستدامة الحب و تغذيته عبر السنين .
هناك نقاط أخرى حول الأصل البيولوجي للحب أو من أين جاءت هذه الأنظمة الدماغية و تفصيل القول في بيولوجبا الحب و لكن أتركها لمداخلات قادمة إن حازت هذه إعجابكم .. و لكم كل الود
و تتبعها أخريات ..
01-10-2011, 02:01 PM
محمد قرشي عباس
محمد قرشي عباس
تاريخ التسجيل: 03-19-2010
مجموع المشاركات: 3195
Quote: أولا : حول المناطق الدماغية و دور الدوبامين: - بدئا تكون العلاقة الرومانسية في أولها ذات تعلق بمناطق دماغية مشبعة بالدوبامين تتحكم في الدافعية و المكافأة Motivation & reward و ليس بمناطق الإنفعالات و العواطف Emotion الشيء الذي يجعل العلاقة في أولها شديدة الحيوية و تتسم بالتخطيط و المتعة .. هذه المناطق تدعى الـ right caudate nucleus and right ventral tegmentum و هي نفس المناطق التي تنشط حين الإستمتاع بتذوق الشوكلاته المفضلة لديك!! الجدير بالذكر أن نمط النشاط الدماغي في هذه المرحلة يشابه نمط المصابين بالوسواس القهري Obssessive-Compulsive Disorder و لا يزول إلا حين نضوج العلاقة.
- مع نضوج العلاقة و إستقرارها تتغير الصورة الدماغية حيث تنشط المناطق الدماغية المسئولة عن العواطف كـ insular cortex and parts of the anterior cingulate cortex و يصبح الحب أكثر سلاما و أقل قلقا .. الجدير بالذكر أن النساء يصلون لمرحلة العاطفة هذه بشكل أسرع من الرجال كثيرا !! بينما يتميز الرجال بنشاط إضافي في المناطق الدماغية البصرية المرتبطة بالإثارة الجنسية !!
- أخيرا بعد مرور سنين طويلة على علاقات الحب المستقرة لا تحدث تغييرات أساسية على المناطق الدماغية سوى زيادة في نشاط تلك المناطق الخاصة بالإرتباط بالآخر و الهدوء كـ ventral tegmental area مما يقيم الدليل العلمي على إستمرارية الحب عبر السنين و صيرورته بنكهة أكثر سلاما و طمأنينة و هدوئا من مبتدئه الصاخب.
ثانيا : حول الأصل البيولوجي للحب الرومانسي هناك من يرى في الحب الرومانسي غطائا للشهوة فقط (مجرد تطور إجتماعي لتلطيف الرغبة الجنسية) و هناك من يرى فيه حبا للذات مسقطا على الآخر من أهل علم النفس .. و لكن مساهمة علم الأعصاب المعرفي Cognitive Neuroscience المهمة هي إقتراحة بأن طبيعة الحب الرومانسي هي نفس طبيعة علاقة الأم بأطفالها و لربما يكون متطورا عن نفس الآلية الدماغية التي تتحكم بعاطفة الإمومة مع إضافة بعد جنسي لا يتواجد بالإمومة بطبيعة الحال ..
فكما نرى هنا هناك تشابهات جمة بين نمط العاطفة الإمومية المصورة بالدماغ و نمط الحب الرومانسي و قد إنتبه علماء النفس بعد هذا التنبية للتشابهات السلوكية/العاطفية الكبيرة جدا بين الإمومة و الحب .. مما جعلهم يأخذون بهذه النظرية محمل الجد و هناك محاولات حالية لتتبع ظهور هذه الأنظمة أول مرة و كيف إنبثق الحب من عاطفة الإرتباط بالأطفال عند الأجناس التي ترعى صغارها لفترات طويلة..
لا يزال في الجراب الكثير مثل علاقة الجينات بالإخلاص في الحب و الزواج .. و ماذا يحدث في الدماغ حين الهجر و الـ "الشواكيش" العاطفية .. و لكن طلع الصباح و سكت الكلام المباح حتى أمسية جديدة و لكم الود
Quote: ثبت أيضا أن الحب الرومانسي يعطل عمل مناطق بالدماغ مسئولة عن التفكير المنطقي و التقدير الصحيح للمواقف الإجتماعية !! يعني العاشق عندو ريالة بشهادة العلم
Quote: هنا .. في موضوعة الهجر و العذاب العاطفي للعلم قول أيضا !! فقد درست هيلين فيشر أدمغة الـ "مشوكشين" أو المهجورين لترى بماذا تمسك شباكها .. و وجدت الآتي: أولا : نفس المناطق الدماغية المسئولة عن الألم الفيزيائي (الحريق/الجروح/ ... إلخ) تكون نشطة جدا حين الهجر العاطفي!! (يعني وجع الريدة حقيقي زي حرقة النار واحد بالنسبة لدماغنا) ثانيا: مناطق الشغف تزداد حدة و نشاطا!! يعني بدل ما تتوقف المشاعر الفياضة بالأحرى هي تزيد لحدي ماتدفق فتزيد عذابنا !! ثالثا: كيماويات الوسواس القهري تشتغل على آخر مداها و تحولنا لمهووسين بالحبيب بدل ما ننساه !!!
فزي ماشايفين .. كل الآلآم صحيحة و لها أصل بيولوجي و قدر عذاب رباني و مامجرد جرسة بس .. نحن مركبين كدة !!!
أما الخداع فهذا قطعا ليس بالحب الومانسي الحقيقي فنشاط الدماغ حين الحب يجعل العاشق مهووسا بمحبوبه و لا يلفته عنه أي خيار آخر و لو كان أكثر جمالا !! فالمنطقة المسئولة عن الـ Passion أو الشغف العاطفي تختلف عن تلك التي تقيم الجاذبية الجسدية و ماأحسب الذين يلعبون على خيوط عدة سوى ساعين نحو إشباع نفسي من نوع آخر ربما تمجيد للذات و إحساس بالعظمة .. عموما يمكن الآن عمل إختبار الرنين المغنطيسي fMRI لمدعي العشق و الكشف الفوري عما إذا كانت الإدعاءات صحيحة !! فيابنات العالم و أولاده إستعينوا بالعلم حين أول الشك :) لكن من الممكن أن تحب أحدا و تشتهي آخر و ترتبط Attachment بثالث فهذه الأنظمة متمايزه لحد بعيد عن بعضها و إن كانت في الأغلب تتوجه نحو موضوع واحد (المعشوق) .. فهذا مما لا يقدح في مصداقية الحب الرومانسي الحقيقي!! أخيرا هناك جين يدعى allele 334 (يشفر أحد مستقبلات الفاسوبرسين Vasopresin و هو الهرمون المسئول عن الإرتباط العاطفي) يمكن أن توجد منه نسخة أو إثنان بالرجال و إكتشف إحصائيا أن وجوده يسبب مشاكل للرجل في الإحتفاظ بعلاقة سوية مع الطرف الآخر!! فالرجال الذين يملكون نسختين منه تتضاعف فرصة مرورهم بأزمة زواجية مرتين أكثر ممن لا يملكون أي نسخة منه !! فإحذروا معشر النساء من رقم 334
و كتكمله مهمة لابد من القول أن هذا الجين قد تم إكتشافه أولا في فأر المروج .. و قد كان من المعروف أن هناك فئران تبقى وفية لشريكاتها طوال العمر دون خيانة monogomous relationship بينما هناك فئران تتجول و تتعدد علاقاتها كثيرا خاصة مع شريكات الأوفياء أولئك !! و قد إستطاع العلماء تحويل سلوك التعددية للإخلاص الزواجي بحقنها بهرمون الفاسوبرسين !! بينما إستطاعوا أيضا تحويل الإخلاص للتعدد بحرمان الفأر من تصنيع نفس الهرمون .. و يعتقد العلماء حاليا أن الوفرة من الأبحاث بالفئران حول الرباط الثنائي Pair-Bonding يمكن تعديتها على الإنسان لتشابه الأساس الجيني و العصبي لهذا السلوك بينهما !! و لا عزاء
Quote: الإنسان سلوكه الغريزي اللي بيتشارك فيه مع الحيوانات تحت سيطرة الجانب العقلي/الإجتماعي فيه .. فعلميا قشرة الدماغ الأمامية Frontal lobe المسئولة عن التخطيط و التعقل و الشخصية تفوق كل مثيلاتها عند الحيوانات الأخرى بما لا يقارن (أصلا مافي حيوان عنده زيها إلا الشيمبانزي) لذا لا نستطيع الحكم على سلوكياته تماما من التجارب على الحيوان إلا في حدود .. فعامل الإرادة البشرية يلعب دورا هاما هنا .. (ياما في ناس بيولوجيا مخلصين و بيلعبوا بديلهم و العكس صحيح ) .. و دمت بخير
و شكرا للأخ سيف اليزل ..
01-11-2011, 09:05 PM
الشفيع وراق عبد الرحمن
الشفيع وراق عبد الرحمن
تاريخ التسجيل: 04-27-2009
مجموع المشاركات: 11406
أخوي وصديقي العزيز ود القرشي بمناسبة المخ لقد أمتعتني هذه السياحة، وأشكر لك مساعيك المختلفة في التفكير والتنوير والتبسيط، وكل ما تجود به علينا من معارف، كتّر خيرك. كنتُ قد أعددتُ لك مداخلة كاربة، لبوست الكوشرثيا الذي غاب، ولكنها ضاعت منّي بأسبابٍ من هذا الأوفيس الجديد. بخصوص حديثك عن البوسوم، وتثبيت أنَّ له إبهام كالبشري، مع أنَّك لم تتطرق للمخ وتأثيره على توجيه الحركة بالنسبة للإبهام بتاتاً (حسب ما أذكر)، مع أنَّ الأمر الفيصل فيها يعود إلى الدماغ البشري نفسه، هو الذي يضع للبوسوم هذا حدوداً تجعل إبهامه مهما اجتهد لا يعني أي شيء في مواجهة إبهام الإنسان. أرجو أن تتوسَّع في هذه الحكاية لو وجدتَ مزاجاً ووقتاً، أحسُّ بأنّك أكلتني فيها حنكاً بعض الشيء، لاعتبارات إنّي ما طبيب، نسيت كل جرياني معاكم ودخولي محاضرات السي إن إس، ومازن وناهد والسماني يشهدون، لو حاولت تغنج. هههه حديثك عن الرئيسيات سأناقشه معك ببوست حيدر، لأنّني بالجد أريد أن أصل معك في هذه النقطة تحديداً، لأنَّ مصطلحات العلوم في تسمياتها، بالفعل، احتوت على شوفينية –على حد تعبيرك- وهذا يعود لأنَّ هؤلاء العلماء أنفسهم كانوا كصديقك إنشتاين يعتبرون مسائل اللغة تلك من جنس مهن الإسكافيين؛ ضاربين كمّيات المعرفة الكامنة في اللغة ذاتها (على حد مقترح أهل التوقيف)، وكذلك مستهينين بباب الحرف التي أوجدتهم هم في أنفسهم (معاً) بحَجَرِ شَتَرَةٍ واحد، يتمثّل في سخريتهم تلك، من الإسكافيين. ----------- أبوسعي مَدَّ أطماعي لأن تزوّدني بإحصائية دقيقة لكل ما يحوز إبهاماً عدا القردة العليا وذلك (البوسوم)، وأن تتفضّل علينا بما أوتيت من علم لتربط ذلك بالدماغ؟ لسّع مشتاقين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة