اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!!

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 04:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-09-2010, 03:38 PM

نيازي مصطفى
<aنيازي مصطفى
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 4646

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!!


    رضي الله عن سيدنا عمر بن الخطاب ..لكز رجلا يفترش الطريق بعصاء كان يحملها من باب افساح الطريق ..
    وبعد فترة سأل الرجل ان كان ينوي الحج فسيعطيه مالا وعندما استفسر الرجل
    عن السبب ذكره الخليفة العادل باللكزة فقال الرجل والله اني قد نسيتها فقال عمر اما انا والله لم انساها قط..
    اما قصة (اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!!) فانقلها بحذافيرها من سيرة الخليفة العادل سيدنا عمر بن الخطاب * إبن الجوزي في (تاريخ عمر) ص 86
    عن أنس بن مالك – رضى الله عنه – أتى رجل من أهل مصر إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال :
    يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال : عذت بمعاذ ، قال : سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته ، فجعل يضربنى بالسوط ويقول :
    أنا ابن الأكرمين ، فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ، ويَقْدم بابنه معه ، فقدم ، فقال عمر : أين المصرى؟ خذ السوط فاضرب
    فجعل يضربه بالسوط ، ويقول عمر : اضرب ابن الألْيَمَيْن - وفي رواية اضرب ابن الأكرمين- ، قال أنس :
    فضرب ، فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه ، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه ، ثم قال عمر للمصرى :
    ضع على صلعة عمرو ، فقال : يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذى ضربنى ، وقد اشتفيت منه ..
    فقال عمر لعمرو : مُذْ كم - ووردت بصيغ أخرى ..متى استعبدتم - تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ..
    قال : يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتنى." اهـ
                  

12-09-2010, 06:58 PM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!! (Re: نيازي مصطفى)

    شتّان ما بين عمرٌ وعمر يا نيازى.
                  

12-10-2010, 05:46 AM

نيازي مصطفى
<aنيازي مصطفى
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 4646

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!! (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    Quote: شتان بين عمر وعمر


    حين اوردت ما تناقلته الكتب عن سيرة الفاروق عمر رضي الله عنه لم يدور في بالي اصلا ان اقارن فهذا شرف لن يناله الطغاة ..
    فقد ذكرت القصه للتدليل على ان المذنب هو النظام (السلطان )بكل قوانينه الجائرة التي تنسب للاسلام والاسلام منها براءة
    وليس قدو قدو المؤمن او حتى صاحب الكرفته المستعجل او المصور ..
    نعم في الاسلام هناك عقوبة الجلد وهي تطبق على الزاني والزانية وفق شروط محددة ومعلومة
    قال تعالى ({الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }النور2)
    وتطبق على الواشي بالزاني او الزانية حتى وان (شافهم شوف العين )ولم يأتي باربعة اخرون ويعتبر فاسقا بنص القران الكريم
    ولا تقبل له شهادة كما في الآية الكريمة قال تعالى :
    وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4}
    اما الجلد في غير الحدود الشرعية فلا تزيد عن 10 جلدات (عن أبي بردة الأنصاري -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
    « لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله »1 متفق عليه)
    جلدت هذه الفتاة 50 جلده كما قال احد (مؤمني ) التسجيل فهي اذن لا زانية ولا واشية ولا مجلودة في غير حد وفق التصنيفات الاسلامية
    فلماذا ينسب ذلك للاسلام !
                  

12-10-2010, 06:05 AM

نيازي مصطفى
<aنيازي مصطفى
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 4646

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!! (Re: نيازي مصطفى)

                  

12-10-2010, 04:37 PM

نيازي مصطفى
<aنيازي مصطفى
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 4646

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!! (Re: نيازي مصطفى)


    يعلم اصحاب الهوس العلماني ان الذي يحدث بالسودان لا علاقة له بالاسلام ولكنهم يصرون على ربطه بدين الله..
    لا فرق بين هولاء واولئك الذين جلدوا وصوروا وشاهدوا وهللوا ..
                  

12-10-2010, 05:22 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!! (Re: نيازي مصطفى)

    شكرا الحبيب نيازي لهذا البوست الذي يوضح ديباجة الاسلام الوضاءة
                  

12-11-2010, 02:58 PM

نيازي مصطفى
<aنيازي مصطفى
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 4646

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!! (Re: عمر عبد الله فضل المولى)


    بيان إلى جماهير الشعب السوداني
    معا لإيقاف هذه الجرائم البشعة ..والسياط البذيئة

    صدمت جماهير الشعب السوداني عامة بمشاهدة تسجيل فيديو يصور(بالصوت والصورة) عملية تنفيذ حكم بالجلد(خمسين جلدة) على شابة سودانية، تم تنفيذ الحكم بواسطة رجلين من الشرطة تناوبا على جلد الشابة بقسوة حيث كانت السياط تنهال على كل موضع من جسدها على الظهر والبطن والرأس والوجه، وكانت الشابة تصرخ وتتلوى من الألم وتسقط على الأرض وتستغيث وسط ضحكات الشرطيين وعدد من الحضور، وقد تم التنفيذ في أحد أقسام الشرطة وبحضور قاضي.

    إن مثل هذه الواقعة من المشاهد المأساوية المتكررة في أقسام الشرطة ومحاكم النظام العام وهي تعكس أزمة مركبة في النظام العدلي في البلاد تبدأ بالقوانين المعيبة وعلى رأسها قانون النظام العام والقانون الجنائي وكل القوانين المقيدة للحريات المتنافية مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتبلغ ذروتها في انعدام أبسط قواعد الشفافية وسيادة حكم القانون(على علاته) وتحكم الأمزجة الفردية والنزوات الشريرة والنزعات السادية لمن يتولون أمر تنفيذ القانون الذين هم في مأمن تام من المحاسبة بل مجرد المساءلة إذ تحميهم الحصانات ،

    إن ما حدث لتلك الشابة هو جريمة تعذيب وإذلال وإهدار كامل للقيم الإنسانية ، ويمثل صورة حية لقهر النساء واضطهادهن بمباركة الشرطة والقضاء،

    إننا في مبادرة(لا لقهر النساء)ندين هذه الجريمة البشعة ونكرر مطالبتنا بإصلاحات جذرية للقوانين، وإجراءات التقاضي، ونكرر مطالبتنا بإلغاء قانون النظام العام(أمن المجتمع) والمادة 152 من القانون الجنائي، ونطالب الجهات العدلية المختصة بفتح تحقيق جدي حول الواقعة المذكورة التي تتعارض حتى مع ضوابط تنفيذ عقوبة الجلد المتضمنة في اللوائح والقوانين المعيبة السارية في البلاد،

    ونطالب جماهير الشعب السوداني الحية بالتصدي للقهر والإذلال الممنهج للنساء ورفع صوتهم عاليا بالاحتجاج والإدانة والعمل بكل الوسائل المدنية من مسيرات وتظاهرات ضد القوانين المعيبة وضد انتهاكات حقوق الإنسان وحقوق المرأة،

    ونهيب بجماهير الشعب السوداني الخروج معنا في مسيرتنا السلمية الجماهيرية التي نزمع تسييرها إلى وزارة العدل السودانية لتسليم مذكرة تتضمن مطالب المبادرة بالإصلاح القانوني ووقف كل أشكال انتهاكات حقوق المرأة وحقوق الإنسان وذلك يوم الثلاثاء الحادية عشرة ظهرا.
                  

12-11-2010, 03:05 PM

نيازي مصطفى
<aنيازي مصطفى
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 4646

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!! (Re: نيازي مصطفى)


    وا معتصماه ..!!

    * شاهدت التسجيل المصور الذى عرضه موقع الراكوبة الالكترونى www.sudaneseonline.com لواقعة جلد فتاة بأحد مراكز شرطة النظام العام، وما حدث فى هذه الواقعة من جلد وحشى بالاضافة الى قيام اثنين من افراد الشرطة بعملية الجلد فى وقت واحد أثناء تنفيذ جزء من العقوبة، يبين بجلاء الى اية درجة وصلت وحشية التعامل مع المرأة فى مراكز شرطة النظام العام ومحاولة كسر ارادتها ..!!

    * لا أدرى ما هى تهمة الفتاة ، ولكن جلد اية فتاة او انسان بهذه الطريقة الوحشية بغض النظر عن الفعل الذى ارتكبه يجب أن يكون موضع ادانة ويدعونا للمطالبة بمراجعة القوانين التى تهين كرامة الانسان السودانى وعلى رأسها المادة 152 من القانون الجنائى لعام 1991، بالاضافة الى مراجعة الاداء فى المحاكم التى تتعامل مع هذه القوانين ..!!

    * ونبدأ من النقطة الأخيرة: فى التسجيل الذى عرضه موقع الراكوبة يظهر القاضى واقفا يراقب بينما الشرطى يقوم بجلد الفتاة فى اى مكان فى الجسم يستطيع سوطه الوصول اليه بدون ان يوقفه القاضى او يوجههه الى عملية الجلد الصحيح او القانونى، ليس ذلك فقط بل إن رجل شرطة آخر يظهر فجأة فى الصورة ويشارك فى عملية الجلد بطريقة وحشية الى ان يطلب منه أحدهم أن يترك المهمة لزميله الأول الذى يواصل الجلد. كل من يشاهد المنظر الوحشى لا يمكن أن يصدق انه يحدث فى مركز شرطة وتحت اشراف قاض، بل اول ما يتبادر الى الذهن هو انه منظر تعذيب وحشى فى فيلم من افلام السينما التى لا يسمح بمشاهدتها لمن هم اقل من 18 عاما.

    * يدعونا ذلك لأن نتساءل .. ( هل ما حدث فى هذه الواقعة يحدث فى كل القضايا التى تنتهى بتوقيع عقوبة الجلد على النساء فى مراكز شرطة النظام العام، وهل هنالك لجان قضائية تراقب كيفية تنفيذ عقوبة الجلد وترفع تقارير منتظمة الى السلطات القضائية المختصة وهل هنالك جهات تحاسب، وهل هنالك دور رقابى قانونى لمنظمات المجتمع المدنى، وكيف يتم تصوير الواقعة الذى يبدو ان الشرطة او بعض أفراد الشرطة كانوا على علم به أو ان أحدهم هو من قام به وهو امتهان فظيع لحقوق الانسان يجرمه القانون؟!). صحيح ان تصوير الواقعة قد أتاح لنا الفرصة لمشاهدة تجاوزات خطيرة وتعريتها وإادانتها، ولكن التصوير فى مثل هذه الحالات هو امتهان لكرامة الانسان وحقوق المتهم يعاقب عليه القانون.

    * ونأتى الى القانون الجنائى وعلى وجه الخصوص مواد ( الجلد ) مثل المادة 152 التى تستغلها شرطة النظام العام لمطاردة الفتيات بتهمة ارتداء ( البنطلون ) برغم عدم وجود نص فى المادة يمنع ارتداء البنطلون، ونتساءل .. ( من الذى فسر تهمة الزى الفاضح بأنها ارتداء البنطلون، ولماذا يعاقب القانون بالجلد فى غير الجرائم الحدية، وهل المقصود من ذلك هو كسر ارادة الانسان السودانى، أم ماذا ؟!). سأواصل باذن الله، انتظرونى.

    زهير السراج
    [email protected]

    المصدر :حريات
                  

12-11-2010, 03:26 PM

نيازي مصطفى
<aنيازي مصطفى
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 4646

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!! (Re: نيازي مصطفى)

    ومن يُهُنْ يســهل الهَوانُ عليه: عندما تجلدنا استغاثة مقهورة لا نقل عنها قهرا


    إنا حملنا الحزن أعواما و ما طلع الصباح
    و الحزن نار تخمد الأيام شهوتنا
    و توقظها الرياح
    و الريح عندك كيف تلجمها
    و ما لك من سلاح
    إلا لقاء الريح و النيران
    في وطن مباح – محمود درويش

    لم أفق بعد من صدمة مشاهدة مقطع جلد فتاة في قسم شرطة في الخرطوم على مرأى و مسمع من السابلة والمتفرجين و أفراد الشرطة. يبدأ المشهد مبتورا من منتصف جلسة التعذيب، فالفتاة تتململ و صوت مدني يبدو أنه القاضي في الخلفية " اديها سنتين .. دايرة وين؟ السجن؟ يالله اقعدي ... يالله سريع خلينا نمشي الشارع ده شوفيه واقف" ! وبمجرد انتهاءه من استعجاله لها كي يلحق ما تبقى من مشاغل اليوم – مشاهدة جلد أخريات في أقسام أخرى، من يدري, جلست على ركبتيها تنفض يدها من ألم الجلدات السابقة، تستجمع ما تبقى من قوتها لتستقبل ما تبقى من لسعات ... وما أن جلست حتى هوى السوط على ظهرها فجفلت و أستقبلت جلادها وهي جاثية تصرخ صرخات تدمي القلب، صرخات كسكين مسنونة النصل تصم الآذان وتدمي القلوب. زحفت بجسدها الموجوع للوراء فعاجلها بأربع جلدات على ركبتيها أفقدتها القدرة على المشي، ابتعدت عنه فعاقبها على تقهقرها بجلدة على وجهها و أتبعها بأخرى على ركبتيها، وهي تزحف، وتصرخ، وتستغيث "يا أمي!" صرخة تدمي، توجع، تلكز انسانية من شهد (أن أفيقوا، فالوجع يفوق الاحتمال). "يا أمي!" وكأنها تنادي أمها أن ارجعيني لرحمك فهذه الحياة موجعة لا أريدها! "يا أمي! وااااااي" و تنفض يديها، و تزحف للوراء حتى وصلت لسيارة بالقرب و استجارت بها، استجارت بالجماد الذي بات أرحم من بني الانسان المتحلقين حولها. تتالت الضربات على وجها و صدرها وهي تصرخ صرخات تشق الحجر، ولكن قلوب من حولها أشد قسوة { فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } 74سورة البقرة – أمسكت بطرف السوط علّها توقف سيل العذاب، توقف الجلاد ليلتقط أنفاسه، فهب آخر لإحقاق العدالة، فألهبها بالسياط على حين غرّة. هب بتلقائية من يود مساعدة آخر في تحريك قدرِعلى النار... تناوبوا في جلد كل ما طالته سياطهم من جسدها، بجلد عشوائي مما يليهم. انتهى المقطع وهي تكاد تفقد وعيها من الصراخ والجلاد لا يعنيه صراخها في شيء، وظل يجلدها بلا رحمة. والسادة النظّارة، السادة منفذي الحكم القانوني، السادة "المؤمنين" حضور المشهد المهيب، الذين أضفوا بحضورهم بعدا آخر للعقاب، السادة الشهود في شغل عنها يتضاحكون، و يتبادلون الحديث، ويعبر بعضهم الساحة وهي على بعد خطوتين منهم جاثية على ركبتيها، وكأنه يوم عادي، وكأن الجلاد طفل يلهو بقطة في يوم مشرق جميل. تركني المقطع معلقة بين السماء و الأرض، ظللت أعيده مرة تلو المرة، و صراخها يملأ الغرفة، يصم أذني، وسوط ملفوف حول عنقي وغصة تسد حلقي و الدمع حار يكوي وجهي. لم أنم من يومها إلا لماماً، يلاحقني صوتها في الأحلام متى غفوت. ظلت صورتها وهي جاثية وتمسك بطرف السوط تلح علي، وأفراد الشرطة من حولها و السابلة والمتحلقين يشاهدون ما رأينا ولم يطرف لهم رمش! المصور أو أحد قريب منه يعلق بأنه "ليشهد عذابها طائفة من المؤمنين" و يضيف "ما ديل مؤمنين!" يا لوجعي لو هؤلاء هم المؤمنين! يا وجعي لو كان الإيمان هو أن أقف مكتوف الأيدي في الظل لأتلذذ بمراقبة انسان يُشوى حيا! المؤمنون الذين صوّروا المشهد، ونشروه، ليشهد مزيد من المؤمنون تنفيذ الحكم (العادل) متناسين بأنهم تعدوا بذلك أي خطوط حمراء في حماية المتهمة و التي برغم تعديها في نظرهم على القانون ما يزال أمنها و سلامتها مسؤوليتهم الأصيلة. فكونها متهمة لا يعني تعريض حياتها للخطر بتصوير المشهد و نشره لما له من عواقب على سمعتها وصورتها في الوسط الذي تعيش فيه. أم تُراهم حكموا عليها بالإعدام ولكنه حكم مؤجل يقوم به من يأنس في نفسه الكفاءة من أسرتها ومعارفها؟

    ظللت أسأل نفسي عن الجرم الذي أقترفته هذه الفتاة لتستحق ما رأيت؟ أي جرم يستحق التعدي على كرامة وانسانية مواطن في وطنه وبيد بني جلدته؟ أي جريمة تستحق تجاوزات في حد الجلد وفق الشريعة؟ أهي متهمة بالخيانة؟ هل هي قاتلة؟ أي فساد في الأرض أفسدت لتستحق ما رأينا؟ هل الجريمة زنا؟ لا أظن , فعدد الجلدات ليس وفق ما يحدده الشرع. هل هي جريمة أخرى متعلقة بأمن المجتمع؟ إذاً لما اكتفوا بجلدها عوضا عن حبسها مدة تتناسب مع الجرم ولو بنص قانونهم الجائر. وإن كانت جريمتها تستحق حكما تعزيريا بالجلد، هل هذه الطريقة المتوحشة هي الطريقة التي يقرّها القانون؟ أي قانون هنا يا سادة؟ أي قانون يجيز هذا الجلد على الركب و الوجه و البطن؟ ماهي حيثيات القضية؟ هل سُمح لها بتوكيل محامي؟ هل حضر؟ أين القاضي؟ أين مدير القسم؟ أين "الانسان" في ذلك المشهد الدامي؟

    ولم تطل حيرتي كثيرا، فقد تناقلت وسائل الإعلام الخبر و انتشر مقطع الفيديو كالنار في الهشيم، وعدنا لتصدر عناوين الأخبار، عناوين أخبار تجعلنا نغوص في مقاعدنا خجلا من الانتماء لدولة تجلد النساء علنا في الشوارع، دولة تلقي بالنساء في عربات الشرطة كما تُلقى الشياه، دولة تروج لـ طالبان في نسختها الأفريقية. وأعلن الشريط الاخباري في قناة الجزيرة بأنه قد تم "جلد شابة سودانية بسبب لبس البنطلون." ولله الحمد اني لم أحضر لقاء د. نافع على نافع مع برنامج مباشر في قناة الجزيرة الذي قال فيه انها لو كانت محترمة لما جلدت (نقلا عن الراكوبة) وهو لعمري تصريح موجع حد الوجع، هل دور القانون والقائمين عليه توزيع صكوك "الاحترام"؟ ماهو الاحترام الذي تجيزة الشرطة السودانية يا سادة؟ من يعرف من (المؤمنين ) او ( المشاهدين ) .. ينورنا كي لا نجلد بجريرة الظن!


    **"إن المستبد فرد عاجز، لا حول له ولا قوة إلا بأعوانه أعداء العدل و أنصار الجور." الكواكبي

    **"العوام هم قوة المستبد وقوته، بهم و عليهم يصول و يطول، يأسرهم فيتهللون لشوكته، ويغصب أموالهم، فيحمدونه على إبقاء حياتهم، ويهينهم فيثنون على رفعته." الكواكبي


    "جلد شابة سودانية بسبب لبس البنطلون." قد يتساءل شخص ما في الكرة الأرضية إن كان لبس البنطلون جريمة، وسنجيبه أنه نعم. في السودان يعد لبس البنطلون جريمة تمس بالأمن القومي. لبس البنطلون فساد في الأرض. لبس البنلطون سبب تدني قيمة العملة و انهيار الاقتصاد. لبس البنطلون أدى لتأجيج حرب أهلية راح ضحيتها اكثر من مليوني شخص. البنطلون سبب أزمة دارفور. البنطلون رفع سعر المواد الاساسية. والبنطلون سبب احتلال حلايب. لبس البنطلون رفع معدلات البطالة وسبب هجرات الشباب والقوى العاملة. أي نعم! هذه البنطلون هو سبب الفساد والاختلاسات والرشوة. هذا البنطلون يا سادة ليس مجرد قماش ساتر للجزء السفلي للجسد بل هو الشيطان في شكل وردة! بنطلون يا سادة! التهمة لبس بنطلون! واستحقت بذلك عشرين جلدة رأيناها من أصل خمسين أشار إليها أحد "المؤمنين" .. خمسون جلدة على الوجه و الصدر والرأس والركبتين، جلدات بـ (سوط عنج) قد تفضي لمضاعفات خطيرة، تلقتها على مرأى و مسمع من المارة والمشاة في وضح النهار بسبب بنطلون! الشيطان بنطلون جعل البعض يظن أنها تهمة أخلاقية، وبذا جلدت الفتاة مئة مرة غيبا في شرفها وسمعتها. من أجل بنطلون ترتديه الفتيات في السودان طيلة اليوم، وفي نفس يوم الجلد، وبعد يوم الجلد، و لا استبعد ان تكون مرت بالموقع في وقت الجلد أكثر من سيارة بها فتاة تلبس بنطلون، نفدن لسبب أو لآخر من ذات القدر الذي واجهته تلك الفتاة. يبدو أن لهذا البنطلون قدرات أكثر مما أعرف. فبسببه ثارت الخرطوم العام الماضي عندما تعرضت أخريات و الصحفية لبنى لذات التهمة وكادت ان تواجه ذات المصير لولا أنها كانت صيدا عصيا على الجلاد. التهمة بنطلون. رفعت الجلسة، اجلدوها خمسون جلدة وليشهد ذلك المؤمنون من المارة والمشاة والأمساخ البشرية التي تضحك , نعم تضحك وفي الخلفية بكاء وعويل امرأة جاثية على ركبتيها.

    وبعدها بيوم تسربت معلومات أخرى عن القضية، وتناقلت المنتديات الإلكترونية أنها كانت مدانة بجرائم أخرى ليس من بينها لبس البنطلون، وازددنا حزناً، فإن كانت فعلا مدانة بما قرأنا وبأنها روّجت المخدارت وحبوب منع الحمل في المدارس و ممارسة الدعارة وتسهيلها، فهل ما رأينا هو الحل القانوني لكل ذلك؟ هل تخييرها بين الجلد وبين الحبس من ضمن الاجراءات القانونية؟ بدا سؤاله و كأنه إعلان ترويجي "ارتكب جريمتين أو أكثر وأحصل على عقاب واحد!" هل الخمسين جلدة عقوبة على الترويج ام التشهير على الدعارة؟ هل تم دمج العقابين في واحد two in one ؟ من يدير قضاءنا يا سادة؟ قبل شهور حكم على مغتصب طفل في مسجد (نعم في مسجد، في بيت من بيوت الله) بالسجن سنتين و مائة جلدة!! ولم تشهد طائفة من المؤمنين جلده و لن استغرب إن علمت أنه قضى من مدته شهرين و أخلي سبيله بموجب كفالة! هل كان حكم السجن لمدة سنتين لانتهاك حرمة المسجد و الجلد عقوبة الاغتصاب؟ هل يستحق مغتصب لطفل الحياة ناهيك عن بشاعة جرمه باختياره بيتا من بيوت الله مسرحا لجريمته؟ أي مظلة قانونية هذه التي لا تدرك فداحة جرم و آخر ويطبق أفرادها القانون بانتقائية و مزاجية دون مراعاة لمصلحة المجتمع و أفراده؟!

    للحادثة أكثر من بعد، البعد الانساني لا يخفى على أي "انسان" ومن خفي عليه فليتحسس انسانيته، أما البعد القانوني فسأتركه للعارفين ليفتونا في أمر ما رأينا وموقعه من القانون وأي فلسفة أخلاقية اعتمد عليها من نص على العقوبة التي شهدنا و فجعتنا وإن كان من أجازها يرجى من ورائها تقويم و إصلاح المخطئ،هذا في حال أتفقنا على الخطأ و الجرم من الأساس! ما أود معرفته هو شعور "البشر" الآخرين ... الحضور. أود أن أعرف حقيقة شعور الجلادين، شعور السادة المارّة و النظّارة، شعور "مولانا" القاضي المستعجل الذي كان يقايض الفتاة على (الزمن البتضيعو بتوجعها) تقعد و تنجلد ولا تاخد سنتين؟ سؤال بسيط كأنه يسألها "اها؟ شاي ولا قهوة؟" سؤال اعتيادي يبدو وكأنه آت من شخص من خارج المشهد، شخص منفصل عن الحدث وغير متأثر به على الإطلاق وكأن عملية الجلد هي عملية تنفيض لسجادة معلقة في البلكونة لا جسد انسان كرّمه الله... ترى هل يشعر الجلاد بأنه يد القانون و العدالة؟ هل هو مقتنع حقا بأن ما قام به متسق مع روح العدالة؟ أم من الأحرى أن أسأله عن مفهومه للعدالة؟ هل يدرك ذاك الجلاد (الاستاند باي) بأن ابتسامته في تلك اللحظة تحديدا تخرجه من زمرة البشر الاسوياء ؟ ابتسامة عادية خجولة غطاها بيده التي تحمل السوط. ابتسامة مرتاحة كأنه في منزله يحستي الشاي مع أصدقاءه ... وذلك الآخر ذو الصوت العميق الذي ظل يردد ان الحضور مؤمنين وحضورهم جزء من الاحتفالية، هل يدرك مدى فداحة ابتساره للآية القرآنية و تعديه الخط الفاصل بين مجرد مشارك في الظلم إلى مذنب أيضا كونه قذفها ضمنا بقوله ذاك وانه بات مستحقا لثمانين جلدة لوكان القانون فعلا عادل؟ ولا ننسى أن نشكر للمصور حرصه على تأكيد أن ما رأينا هو فعل سوداني مية في المية و صناعة وطنية فقد أظهر لنا علم السودان مرفرفاً كأنه يحاول أن يحمي الملكية الفكرية لهذا الابداع وقفل بذلك أي باب لمحاولة التنصل من (سودانية) هذه الجريمة.

    لا أعلم من أين أبدأ في وصف شعوري الشخصي تجاه ما رأيت. منذ مجيء الإنقاذ وصورتها تزداد تشوها وبعدا عن الانسانية. فالانقاذ تصر على حصري كمواطن في قالب مجهول حتى بالنسبة إليها. أنا كسودانية مطالبة على أخذ القالب الذي تضعني فيه القوانين، قوانين..( استرتش مطاطية تشيل من الحبايب مية)..! فالقانون يتغير و يتشكل بحسب الأهواء و الأمكنة و الظروف ويبدو غير معني بأي ظرفية تخص المتهم. العقوبات عبارة عن صحن كوكتيل من كل التشريعات الربّانية و القوانين الوضعية مع رشة توابل من سادية المطبقين. فقد تجلد فتاة على باب الجامعة لأنها لا ترتدي طرحة، في حين تطالعنا سهرات التلفزيون بنساء محسوبات على السلطة وهن في كامل هيبتهن و جمالهن و طرف الثوب يكاد يلامس شعرهن المصفف بعناية. ما رأيته على موقع اليوتيوب والذي أورثني غصة بالأمس، شاهدت من خلاله أيضاً قبل سنة حفلة في سجن ترقص فيه فتاة حاسرة الرأس وترتدي لبسا قد يوجب الخمسين جلدة أو أكثر في ظرف آخر و تهتز و يشاركها الرقص رجل و الحضور من رجال الشرطة و مدنيين في غاية السعادة و الحبور و كمان بيصفقوا! السؤال الملح سألخصة ببساطة "شنو البيخلي دي رجل وديك كراع؟"

    ومن يُهُنْ يســهل الهَوانُ عليه **** ما لِجُرْحٍ بِمَيِّـــتٍ إيــلامُ
    المتنبي

    إن ما شاهدته في الفيديو دليل حي على سيكولوجية الانسان المقهور. فالكذب الذي تمارسه السلطة في أعلى قمة هرمها، وادعائها بتطبيق حدود الله شفهيا و قولها ما لا تعمل انتقل تلقائيا لباقي أجزاء الدولة ومؤسساتها وهنا نراها متمثلة في أفراد جهاز الشرطة الذين يرددون آيات القرآن وأفعالهم منافية للدين والعرف والانسانية. تخرص نافع على نافع على "احترام" الفتاة دون الرجوع للوقائع ومحاضر الشرطة يثبت "سهولة" الاتهام لمجرد رأي شخصي أو فرضية لا تسندها دلائل ولا براهين. أين حدود الله هنا؟ أين مخافة الله وشرعه؟ هل لبس البنطلون بالمطلق يعني ان الفتاة غير محترمة؟ هل يعني هذا ان نساء بلاد السند اللاتي يرتدين (الشروال) قميص غير محترمات بالمطلق كده؟ والآن, و على ضوء ما يتناقله البعض عن جريمة الفتاة، هل حوكمت وفق معايير "الاحترام" ؟؟؟أم المتاجرة الممنوعة ؟؟؟أم خدش الحياء العام ؟؟؟أم ممارسة الدعارة؟ هل يعلم د. نافع كم "غير محترم" في حكومته وفق ذات المعايير؟ هل سنشهد يوما جلدهم ؟ أم هم فوق القانون؟

    والآن ياتي دور السادة المقهورين السابلة و المتفرجين، ما سر اصطفافهم بنظام على سور الجسر؟ هل كانوا مستمتعين بالفعل أم أجبروا على التحلق؟ هل استهجنوا ما رأوا وكانوا يمنون أنفسهم بقدوم بطل مخلص (غودو) منقذ من السماء يكفيهم شر المواجهة مع أفراد الشرطة المتعطشين لممارسة السلطة؟ أريد أن أصدق أن أي من المارة لم تحدثه نفسه بمخاطبة الجلادين أو حتى نصحهم بنقل حفلة الشواء الآدمي للداخل أو بالعدم ,مافى زول قدر يقول (حرااااااام عليكم ياخ) , وبعداك .. يقوم جاري..! عملا بمبدأ (ال######## ربو عيالو)! أخبروني أن أحدا من المارة استهجن الحدث... أخبروني أنه مازال في السودان رجل لم تنكسر نفسه بعد، ولم يعلق كرامته كمعطف وراء باب غرفته قبل أن يغادر منزله. أي خنوع و انكسار هذا؟ أي سلبية واى جبن يا إلهي؟ ترى ألهذا ظلت تردد الفتاة يا "أمي!" بدلا من الاستنجاد بابو مروة من الحاضرين، أترى لمست من أعينهم بأنهم مغيبون، قليلي حيلة، و لا يقلون قهرا عنها فلم ترد أن تثقل عليهم باستنهاض نخوتهم من سباتها؟

    "لا اخاف عدوا يواجهنا
    بل عدوا بنا اسمه القمع والسلطة المطلقة
    نياشين دم الضحايا على صدرهم زنبقة" مظفر النوّاب


    تأكدت الآن اكثر من أي يوم مضى بأن طريق الديموقراطية أمامنا طويل طويل طويل ... بعيد المنال. لكي نطالب بالديموقراطية يلزمنا أولا أن نؤمن بقدرة الجماهير في إحداث التغيير، في طلب الحرية، في الوقوف في وجه الظلم و قول كلمة لا. ولكن ما رأيته في ذلك الفيديو وارى أحلامي في الغد الآت الثرى، فالجماهير التي رأيتها تتحلق حول فتاة ضعيفة وحيدة تلهبها السياط وضحكات الجلادين جماهير خنوعة، مكسورة. فلقد جلدت أمامهم بوحشية.. فشحت انسانيتهم وجادوا بالصمت ولم يتدخل أحد. لم يثر أحد. لم يصرخ أحد. لم يغضب أحد.. لم يبدوا اعتراضا حتى ولو بالتفرق عوض التجمهر. لو رأيتهم يتفرقون في بادرة استياء مما رأوا.. لإطمئنت النفس في نخوة باقية، ولكنهم خذولها و خذلوني وخذلوا أي أمل في التغيير. خذلوني وخذلوا محجوب شريف الذي احسن فينا الظن حين قال:

    يا اللي بتسمع والما بتسمع
    لازم تفتح اضانك وتسمع
    صوت الشارع لمن يدوي
    كل قلاع الخونة بتهوي
    وكل جباه الكهنة بتركع
    وشمس الحق السرقو شعاعها
    بكرة بامر الشعب بتطلع


    مافي زول بيسمع! لا الجلاد لا الشارع! في انسانيتهم صمم ... والشارع أخرس. الشارع خائف. الشارع ذليل. الشارع خاين نفسو وواقف يتفرج يا استاذي. الشارع راكع...!!

    الفاتحة... انتقل أبو مروة للرفيق الأعلى – ينتهي العزاء بانتهاء مراسم الدفن، وقد كان. دفن أبو مروة يوم جلدت النساء في الاسواق و الجامعات وفي باحات أقسام الشرطة. مات ابو مروة يوم أقتحمت الشرطة سكن الطالبات وهن نيام ولم يثر أحد. مات أبو مروة يوم جاعت النساء واستقبلتهن الشوارع بالعمل الذليل ولم يثر أحد. مات أبو مروة يوم أُغتصبت النساء ولم يثر أحد. مات أبو مروة يوم قُتل الطلبة و ألقيت جثثهم بلا تكفين في الشوارع ولم يثر أحد. مات أبو مروة يوم اقتتلنا و مزقتنا الصراعات السياسية العقيمة. مات أبو مروة يوم قبلنا الفساد وتقديم الولاء على الخبرة. مات أبو مروة يوم تركنا الخوف يدخل قلوبنا لمن تشوف زول الأمن و "قلبك كل ما باب الشارع دق يدق ...إيدك ترجف في الصقاطة ووشك شاحب :ربنا يستر أمكن هم" محجوب شريف.

    يا سادة ... مات أبو مروة يوم حكمنا العسكر "الاستأسد والأتنمر" ويوم غضبتنا ما جا ... وهلكنا احنا وهو قاعد متسمر!

    مات أبو مروة يوم حكمنا العسكر!

    اعزيكم وأعزي نفسي في الفقيد "ابو مروة" كان طيب الاخلاق لا يرتضي الظلم ولا المهانة. مات ولم يترك وريثا ولا ولد، غاب ولكنه باق في قلوبنا، نفتقده ببالغ الأسى ولكنها سنة الحياة ومن يهن يسهل الهوان عليه!
    ________________________________
    عزاز شامي
    نشرت في أجراس الحرية بتاريخ السبت 11 ديسمبر 2010 الرسالة
                  

12-11-2010, 03:43 PM

نيازي مصطفى
<aنيازي مصطفى
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 4646

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اشبع بها صلعة عمرو , فانه ضربك بسلطان ابيه!! (Re: نيازي مصطفى)


    نداء: لا للاضطهاد >>الإمام: الصادق المهدي

    بدعوة كريمة من بعثة الأمم المتحدة للسودان، والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وفي اليوم العالمي لحقوق الإنسان؛ طلب مني رفع نداء: لا للاضطهاد. وأنا أرحب بالحديث في هذا الموضوع الهام وأثمن أهميته الفكرية والمعنوية والسياسية وأثره في السلام الاجتماعي داخل الدول وفي الأمن والسلم العالميين.
    إن للاضطهاد مجالات كثيرة تعم كل مناشط الإنسان وسوف أتناول في هذه المحاضرة سبعة ملفات هي الأهم من حيث ما وقع فيها اضطهاد تاريخيا وفي الحاضر والمستقبل المنظور. وسوف أتناول بيان مواقف البشر من الاضطهاد في تلك المجالات، وما فعلته الإنسانية في ملفات الاضطهاد، وما هي الرؤية المستقبلية؟
    عرفت الإنسانية الاضطهاد الديني- والعرقي- والنوعي- والثقافي- والسياسي – والأيديولوجي- ولكافة أنواع المنكوبين من مصابي أمراض ومسجونين. سوف أتناول هذا الموضوع عبر نقاط محددة.
    الأولى: بين الأنا وقبول الآخر:
    ينقسم العالم في أمر موضوعنا إلى قسمين: ذهنية الأنا. وذهنية قبول الآخر. ذهنية الأنا هي مصدر الاستغراق في الذات وبالتالي الاستبداد على الآخرين واضطهادهم. وذهنية قبول الآخر تعني قبول الآخر ومن ثمّ التعامل معه على أساس ما نحب أن يعاملنا به. هذه الذهنية هي التي توجب إقامة العدل.
    إن تطور المجتمعات الإنسانية مرتبط بهذه الجدلية الأنا والآخر. وكلما كان الأفراد أو المجتمعات مستغرقة في الأنا فهي حتما تفرز الاضطهاد. وكلما كانوا قابلين للأخر فإنها حتما تقيم موازين العدل.
    ثانيا: مصدر الاضطهاد:
    حب البقاء من طبع كل الكائنات الحية وفي سبيله يقع بينها تنافس واقتتال يدور حول ثلاثة منافع هي: الموارد- والنفوذ- والجنس. وفي الطبيعة الحيوانية فإن هذا التنافس يحسم بالقوة على نحو مقولة أبي الطيب:
    وَدَعوى القَوِيِّ كَدَعوى السِباعِ مِنَ النابِ وَالظُفرِ بُرهانُها
    هذه الأنانية المسلحة بمنطق القوة تمتد من الفرد إلى الأسرة إلى الجماعة إلى الدولة إلى الإمبراطورية. وفي كل هذه الحالات يتجه الأقوياء إلى فرض سلطانهم على الآخرين كما قال الشاعر بشار بن برد:
    إذا ما غضبنا غضبة مضرية هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
    إذا ما أعرنا سيدا من قبيلـــة ذرى منبر صلــــــى علينا وسلمـــا
    هذه الذهنية الأنانية هي مصدر الاضطهاد وهي التي لطخت تاريخ الإنسانية بالدماء.
    ثالثا: مهما تحدث البيولوجيون عن الأصل المشترك بين الإنسان والحيوان وهي حقيقة قرآنية جاء فيها: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم) الإنسان جزء من الحيوانية ولكنه مفارق لها بما فيه من ملكة العقل، وبالنسبة للفكر الديني فإن النص التوراتي يقول: إن الله قد خلق آدم على صورته. ولكن في النص الإسلامي عدول عن الصورة إلى المعنى الروحي: (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ). هذه المفارقة الإنسانية هي التي هيأت الإنسان لاعتبار قوة الحق.
    الإنسانية على الصعيد الوضعي أثمرت فلسفات أخلاقية تتجاوز الأنا وتوجب احترام حقوق الآخر. وعلى الصعيد الديني فإن الإنسانية في كل ثقافاتها استجابت لرسالات ذات محتوى أخلاقي.
    فلسفات الأخلاق الوضعية تطورت من مفهوم مادي يرى أن السلوك الخلقي هو الذي يحقق أكبر درجة من المتعة. إلى فلسفة تفترض أن في الإنسان ضميرا خلقيا، إلى مقياس موضوعي وضعه علمانويل كانط هو: أن السلوك الأخلاقي هو ذلك الذي إذا عم تطبيقه تكون النتيجة حميدة.
    رابعا: الفكر الديني التقليدي يرى أن السلوك الأخلاقي هو ذلك الذي أمرت به النصوص المقدسة.
    وفي الإسلام قال قوم بهذه المقولة ولكن في الإسلام أسسا موضوعية للأخلاق: أدناها المعاملة بالمثل. وأوسطها المعروف والمنكر. وأعلاها الإيثار: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ).
    على الصعيد النظري توجد في الإسلام نصوص نافية للاضطهاد أهمها:
    • احترام كرامة الإنسان كإنسان. (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) .
    • الاعتراف بالتعددية الدينية: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ).
    • الاعتراف بالمساواة الإثنية: (إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).
    • الاعتراف بالمساواة النوعية: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ).
    ولكن الدولة الإسلامية التاريخية والمجتمعات الإسلامية مارست الاضطهاد بكل أنواعه: الاضطهاد السياسي – الديني- الاثني- والنوعي. ثقافة الاضطهاد هذه هي التي تحكمت في المجتمعات الإسلامية المعاصرة بحيث بدا الحديث عن نفي الاضطهاد الذي احتوت عليه المواثيق الحديثة كأنه غزو ثقافي وفكري. ولكنني في كتابي: الإنسان بنيان الله أوضحت بالدلائل أن حقوق الإنسان العالمية إنما تفرعت من خمسة أصول: وأن تلك الأصول الخمسة وهي: كرامة الإنسان- وحريته- والعدالة- والمساواة – والسلام؛ أصيلة في نصوص الوحي الإسلامي ولكنها غريبة في ممارسات المجتمعات الإسلامية المعروفة.
    الدين اليهودي من حيث المبدأ يقوم على تمييز عنصري بين بني إسرائيل، الذين هم شعب الله المختار، والأغيار الذين هم بقية البشر. المسيحية لا سيما على يد القديس بولص خرجت من الإطار العشائري الذي قالت به اليهودية إلى الأممية. ولكنها أممية مشروطة فالإنسانية ساقطة في وحل الخطيئة الأولى ولا نجاة لها من ذلك إلا بالإيمان بفداء المسيح عليه السلام. وعلى أساس تعاليم المسيحية نشأ النظام الأكليروسي ليمارس سلطانا كنسيا على الناس. هذا النظام هو الذي أعطى حقا إلهيا لسلطان الملوك وأقام سلطة ثيوقراطية تمثل الإرادة الإلهية. سلطان الكنيسة أعطى قيادتها حقا مطلقا في دعم النظام السياسي الاستبدادي وفي نفي الآخر الديني وفي حجر حرية الفكر وفي التصنيف العرقي للبشرية. وقصة الخلق اليهودية تصنف البشر على أساس عرقي. والمرأة في اليهودية هي المسئولة عن إخراج آدم من الجنة لذلك تخضع لعقوبات بيولوجية. وفي المسيحية فإن تعاليم القديس بولص تجعل المرأة مخلوقا ناقص الإنسانية والعقل والدين والأخلاق. الأسس النظرية لليهودية والمسيحية نافية للآخر وهي التي أشعلت حروب دموية غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية حرب المائة عام وحرب الثلاثين عاما في أوربا. التعصب المسيحي أعطى أساسا دينيا لرسالة الرجل الأبيض التي كانت مبررا أيديولوجيا للإمبريالية. والأطماع الامبريالية هي التي أدخلت الإنسانية في اضطهاد الشعوب في كثير من أجزاء العالم لا سيما في آسيا وأفريقيا. غلو سلطان الكنيسة هو الذي أثار ضدها ثورات ناسوتية أنكرت أي وزن للمصادر الغيبية وجعلت الإنسان هو قائد دفة مصيره. فأدى ذلك من منطلق قومي للفاشستية ومن منطلق مادي للشيوعية. وهذان النهجان صارا أساسا لنفي الآخر بلغ أقصى درجاته مما أدى للحرب الأطلسية الثانية، كما أن العصبية الشيوعية أزهقت ثمانين مليون نفس. الفاشستية مارست الاضطهاد باسم التفوق القومي. والشيوعية مارسته باسم التفوق الطبقي. الحضارة الغربية مارست بالإمبريالية، وبالرق، وبالفاشستية، وبالشيوعية، أقسى أنواع الاضطهاد. ولكنها شهدت ثلاث ثورات هي:
    • الثورة الصناعية التي حققت التنمية الاقتصادية.
    • والثورة السياسية التي حققت الديمقراطية.
    • والثورة الثقافية التي حققت حرية الفكر والبحث العلمي.
    هذه الثورات هي التي كونت الحضارة الحديثة التي هيمنت على العالم.
    الحضارة الحديثة أسست على تراث الاستنارة التي أخرجت الغرب من ظلام القرون الوسطى واستطاعت أن تقود الإنسانية في عهد جديد لحقوق الإنسان. إن فداحة التجربة الغربية مع الاضطهاد هي التي حركت الضمير الغربي فأثمر ذلك ثورة حقوق الإنسان التي تمثلت في مواثيق هدفها بناء نظام إنساني خال من الاضطهاد. تلك المواثيق أهمها:
    • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 1948م.
    • العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية 1966م.
    • العهد الدولي للحقوق المدنية 1966م.
    • عهد القضاء على كافة أنواع التمييز ضد المرأة 1979م.
    • معاهدة حقوق الطفل 1990م.
    • مجموعة من الاتفاقيات والعهود والمواثيق لحماية حقوق اللاجئين، والسكان الأصليين، والأسرى، والسجناء، والمعوقين.
    • وضع حد للإفلات من العقوبة عن طريق نظام روما.
    واتخذ النظام الدولي آليات لمتابعة الالتزام بهذه المعاهدات في واقع البشرية أهمها:
    • مجلس حقوق الإنسان الذي يجتمع سنويا للاطلاع على حالة حقوق الإنسان في العالم.
    • المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان.
    • تكوين محاكم دولية خاصة لعدم الإفلات من العقوبة.
    • المحكمة الجنائية الدولية للمحاسبة على جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وشن الحرب العدوانية.
    خامسا: الاضطهاد في عالم اليوم:
    على الصعيد النظري صارت الإنسانية تتحدث لغة مشتركة حددت أصناف الاضطهاد الممارسة في العالم وأبرمت المعاهدات للقضاء عليها.
    وصار الضمير الإنساني يدين الاضطهاد ويعتبره أمرا غير أخلاقي. ويدرك أنه خطر على السلام الاجتماعي لأنه "لا سلام بلا عدالة" كما يبث فكراً نيراً يعلن أن تقدم الحضارات يقاس بمدى إنصافها للشرائح الضعيفة فيها. بل صار الضمير العالمي يبرر حركات الرفض للاضطهاد على أساس مقولة: إن المجتمع الذي لا ينصف الأقلية فيه لا يستطيع أن يحمي الأغلبية من غضبة المظلومين.
    هذه الصحوة الضميرية أدت لتكوين آلاف من المنظمات غير الحكومية لرصد الاضطهاد في كافة مجالاته والعمل الطوعي بكل الوسائل المدنية لمساعدة ضحايا الاضطهاد في كافة المجالات.
    إن انتشار وكثرة وحماسة هذه المنظمات أكبر دليل على إدراك البشرية للا أخلاقية وضرر الاضطهاد في كل المجالات وضرورة العمل على إزالته.
    ولكن مع كل هذه الحقائق فإن واقع الإنسانية ما زال يشهد ممارسة الاضطهاد في كافة المجالات.
    o الاضطهاد الديني: ففي مجال الأديان توجد معاملات أكثر نعومة من الماضي ولكن هذا لم يبلغ كما ينبغي درجة الاعتراف المتبادل بالآخر الديني. صحيح أن الإسلام يعترف بالتعدد الديني لا سيما أهل الكتاب ويقيس الموقف من غير أهل الكتاب على الموقف من أهل الكتاب. ولكن مع ذلك فإن المجتمعات المسلمة تمارس أنواعا من الاضطهاد الديني، والإثني، والنوعي. وفي اليهودية ما زال الموقف العقدي نافيا للآخر الديني منكرا أية قيمة روحية أو أخلاقية لها. والمسيحية مع أنها اعتمدت كتاب اليهودية المقدس باعتباره العهد القديم. مارست وما زالت أقبح أنواع الاضطهاد لليهود. لكن بعد أن بلغ اضطهاد اليهود درجة الهولوكوست على أيدي النظام النازي في ألمانيا بلغ التعاطف مع اليهود في الدول الغربية درجة عالية ما أدى لدعم المشروع الصهيوني لإقامة دولة إسرائيل. والمفارقة التاريخية كما قال أرنولد توينبي أن أكثر ضحايا الاضطهاد الديني والإثني في التاريخ -أي اليهود- أقاموا دولة أعادت إنتاج ما شهده اليهود من اضطهاد في حق المسلمين والمسيحيين من أهل فلسطين. في هذا الصدد بلغ الاضطهاد مداه ما أفرز ضده مقاومة واسعة صارت أحد أهم مهددات الأمن والسلم العالميين.
    وما زالت المسيحية لا تعترف بقيمة روحية أخلاقية إلا للذين يؤمنون بالخطيئة الأولى وفداء المسيح عليه السلام للإنسانية على خشبة الصليب. لذلك المسيحية لا تبادل الإسلام الاعتراف فالإسلام يعترف لها بقيمة روحية وخلقية: (لتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ).
    الإسلام يعترف بأهل الكتاب، ويقر التعامل معهم في المجالات المدنية كالطعام والزواج. قال لي أحد أصدقائي من المسحيين ولكنكم مع السماح للمسلم أن يتزوج بمسحية لا تسمحون لمسيحي أن يتزوج مسلمة. قلت له كما تعلم للأب بموجب الأبوة مكانة خاصة في الأسرة كما أن للأم مكانة خاصة بموجب الأمومة، إذا اعترفتم بديننا كما نعترف بدينكم زوجناكم.
    إذن الاضطهاد الديني ما زال قائما في حياة البشرية ما يوجب السعي لإبرام ميثاق ديني أممي يلزمنا بالاعتراف المتبادل والتعايش السلمي والتعامل المتسامح.
    ما زالت العلاقات بين الحضارات الحية في العالم متوترة بل ظهر التباين فيها والتوتر بينها بعد نهاية الحرب الباردة بصورة أوضح. وقد بلغ التوتر في العلاقات بين الحضارات درجة تناولها صمويل هنتنجتون في كتابه عن صراع الحضارات لوصف حالة العلاقات الدولية فيما بعد الحرب الباردة. وفي هذا المجال لا شك أن الحضارة الغربية تتعامل مع الحضارات الأخرى باستعلاء. استعلاء تصدت لرفضه الحضارات الأخرى لا سيما الإسلامية. الحرب الباردة بين الحضارات دفعت كثيرين للبحث عن مصالحة عبر حوار الحضارات.
    في تقديري أن طبيعة تكوين الحضارات تجعل هذه الحوارات غير مجدية إلا في بث الأماني الطيبة.
    المطلوب في هذا الصدد تحقيق صحوة في الحضارات تجعل أهلها يقبلون الميثاق الديني المذكور وتجعلهم يمتثلون لحقوق الإنسان العالمية.
    قبول مبادئ الميثاق الديني والميثاق العالمي لحقوق الإنسان كفيلان بتحقيق أعلى درجات التعايش والتسامح وقبول الآخر بين حضارات وثقافات الإنسان.
    ما زالت دول تتحفظ على الميثاق العالمي لحقوق الإنسان بحجة الخصوصية الثقافية لا سيما على الصعيد الإسلامي. تحفظت بعض الدول الإسلامية على ست نقاط في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي:
    نقطة في المقدمة والمواد 4، 5، 16، 18، 19. ما دفعني لتقديم دراسة للمؤتمر الذي عقد في مدينة جنيفا في عام 1998م تحت عنوان: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي.
    أوضحت في تلك الدراسة أن تلك التحفظات صحيحة إذا اعتمدنا الفهم المنكفئ الذي انطوى عليه الفقه التقليدي. ولكن إذا اعتمدنا نصوص الوحي الأصلية، والفهم المتقدم المثبت في سيرة رسول الله (ص) العملية، تسقط تلك التحفظات. وأوضحت أن كثيراً من حجج الخصوصية الثقافية هي ذرائع لمواصلة الاضطهاد لأسباب سياسية.
    o الاضطهاد النوعي: إن أكثر مسائل حقوق الإنسان جدلا هي تلك المتعلقة بالمرأة، وقد تحفظت بعض الدول على ستة من بنود معاهدة إزالة كافة وجوه التمييز ضد المرأة (سيدوا) وهي البنود: 2، 7، 9، 15، 16، 29.
    وقد عقدت هيئة شئون الأنصار في عام 2004م ورشة تطرقت فيها للمعاهدة والتحفظات من منظور إسلامي ورأت أن التحفظات المذكورة واردة في ذهنية الاجتهاد التقليدي وفي رؤية سدنة الاستبداد السياسي ولكن بالفهم الصحيح لنصوص الوحي فإن إزالة كافة أنواع التمييز ضد المرأة مطلوبة.
    والحقيقة البارزة في كل العالم بدرجات متفاوتة أن المرأة وهي نصف المجتمع تعاني من الاضطهاد، فمن المدهش حقا أن بلادا كالصين مع ما تشربت من حكمة كنفوشيوس ومن أفكار ماركس التحررية يمارس المجتمع فيها الوأد الاستباقي بإجهاض الأنثى الجنين. تماما كما عتب القرآن على الناس قبل الإسلام والذي استمر في كثير من المجتمعات بعد الإسلام: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ).
    o الاضطهاد الثقافي: وما زالت مجتمعات كثيرة تمارس اضطهادا لونيا وثقافيا. حقيقة مارستها كل المجتمعات بدرجات متفاوتة وما زالت ممارسة.
    تدل الإحصاءات أن في العالم حوالي عشرة ألف ثقافة أكثرها تعاني من اضطهاد حتى أن بعضها انقرض مع أن الدراسات الموضوعية أثبتت أهمية الانتماء الثقافي لكرامة الإنسان ولاستنهاض همته للعمل في كل المجالات بما في ذلك الإقبال على الأنشطة التنموية. ينبغي الاعتراف بالتنوع الثقافي وإضافة ذلك لحقوق الإنسان العالمية. فالتنوع جزء من نظام الكون لا ينكره إلا نهج الاستبداد. قال بيتر برقن أحد مؤسسي المدرسة العلمانية: لقد ارتكبنا خطأ معرفيا حين ظننا أن العلاقة الواجبة هي ما بين العلمانية والديمقراطية. ولكن الحقيقة هي أن العلاقة بين الديمقراطية والتعددية أي التنوع.
    وجاء في القرآن: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ).
    o الاضطهاد العرقي: وفي سبتمبر 2001م عقد في ديربان بجنوب أفريقيا مؤتمر عالمي ضد العنصرية العرقية، الاضطهاد الاثني، وكراهية الأجانب وما يصحبها من تعصب. المؤتمر سلط الضوء على هذه القضايا واستنهض العالم للقضاء عليها ولكن الاختلافات حالت دون الإجماع على تعريف هذه المفاهيم الكريهة وكان أهم عامل فرق الكلمة هو تصنيف الصهيونية كحركة عنصرية. والآن وعلى ضوء سياسة النظام الإسرائيلي الحالي ظهرت حقائق كالدعوة ليهودية الدولة، وكالقانون الذي يحظر بيع عقار لغير اليهودي في القدس. الشعب اليهودي كان تاريخيا من أكبر ضحايا الاضطهاد العنصري ولكن ممثليه في إسرائيل اليوم يستنسخون ما عاناه في التعامل مع المسلم والمسيحي العربي وما زالت الإنسانية تعاني بصورة حادة.
    o الاضطهاد الاقتصادي والسياسي والأيديولوجي: كان العالم ولا زال يعاني من الاضطهاد الاقتصادي الذي صحب النظم التاريخية من إقطاعية إلى رأسمالية. فواجهت الطبقات الدنيا اضطهادا استطاعت القوى العاملة المنظمة أن تحقق بكفاحها بعض العدالة فيه. وتطلعت الاشتراكية للقضاء على النظام الرأسمالي لصالح نظام اقتصادي عادل. ولكنها عدالة من حيث المبدأ تقوم على اضطهاد الطبقات المستغلة. هذا المفهوم أدى في التجربة السوفيتية باسم العدل إلى أقسى أنواع الاضطهاد الإيديولوجي والحزبي.
    كل النظم التي تقوم على سلطان الحزب الواحد تمارس اضطهادا سياسيا يحتكر السلطة والثروة والسلاح والإعلام ويحرم الآخرين.
    وكل نظام يقوم على سلطان الطبقة الواحدة أو العشيرة الواحدة كذلك يحتكر النفوذ والمال لصالحه ويحرم الآخرين.
    كانت الإنسانية ولا زالت تعاني من اضطهادات أيديولوجية وسياسية واقتصادية لا يمكن أن يتحقق توازن اجتماعي وعدالة اجتماعية ما لم تعمل الإنسانية على القضاء عليها.
    o اضطهاد المنكوبين: وكثير من الفئات المنكوبة في المجتمعات الإنسانية تعاني اضطهادا مهددا لإنسانيتها:
    • إن أكبر هم يعاني منه المرضى الذين يتعايشون مع مرض الايدز هو ما يحلق بهم من اضطهاد ومعاملة الطريد هذا مع أن عددا كبيرا منهم ضحية لظروف لم تكن إرادية.
    • تحدثت مع عدد من مرضى الأيدز فكانت شكواهم المستمرة أن ألمنا بسبب الاضطهاد أكبر منه بسبب المرض.
    • وحتى الذين وقعوا في الخطيئة فإن هذا لا يفقدهم إنسانيتهم فالتعامل مع الخطايا له مجاله العقابي ولكن المذنب بعد ذلك إنسان يتطلع للمعاملة الإنسانية.
    • والذين يعاقبون على جرائم ارتكبوها بالسجن يجدون أن حياتهم بعد السجن جحيم اجتماعي. أثناء إحدى فترات اعتقالي تحدث معي أحد المساجين وقال لي أنا عندما أخرج أحرص على العودة مرة ثانية لأنني في السجن أجد معاملة أفضل مما في المجتمع إذ أن المجتمع ينبذني. فالمطلوب هنا أن توجد وسيلة لاحتواء هذا الاضطهاد.
    وأصحاب الاحتياجات الخاصة يشكون من معاملة الناس لهم يقولون نحن لسنا في حاجة لعطف ولكن لاحترام. نعم ينبغي أن تقدر ظروفنا الخاصة. ولكن بصورة لا تنقص من إنسانيتنا.
    سادسا: بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان أرى أن نقوم بعمل دليل جامع للاضطهاد بكل أنواعه توطئة لكي تقدم الأمم المتحدة مشروع معاهدة جامعة تلتزم بموجبها الأمم المتحدة بإزالة كافة أنواع الاضطهاد جمعا للمعاهدات المختلفة في معاهدة جامعة تمنع الاضطهاد.
    إن الموقف من تحريم الاضطهاد لا يعني تطلعا لنفي التنوع ولكنه يعني احترام التنوع والاعتراف به مع لفظ التعصب.
    الهوية والانتماء واعتزاز الإنسان بأصله من طبائع البشر المهم ألا يصحب ذلك عصبية.
    العصبية تعني أن يعتقد الإنسان أن أقل ما عنده أفضل من أكثر ما عند غيره. ما يجعله مفتونا بما عنده محتقرا لما عند غيره:
    إذا بلغ الفطام لنا رضيع تخر له الجبابر ساجدينا
    ولكن حتى إذا صدر دليل بأصناف الاضطهاد. وإذا صدرت معاهدة جامعة لإزالة كافة أنواع الاضطهاد في المشهد الإنساني فإن الأمم المتحدة التي تملك آليات فاعلة للتعامل مع ما يهدد الأمن والسلم الدوليين من باب العلاج بعد وقوع الحدث ولكنها لا تملك آليات وقائية للتعامل مع منع النزاعات التي يسببها الاضطهاد. نعم توجد منظمات غير حكومية كثيرة هدفها العمل الاستباقي لمنع النزاعات ولكن الأمم المتحدة لا تملك آلية لهذا الاختصاص.
    كنت في مجال آخر قد قلت إن مجلس الأمن الدولي الحالي يتعامل مع قضايا الأمن التقليدية ولكنه غير معني بالتصدي للاضطهاد وإزالة أسباب النزاع قبل وقوعها أي نهج وقائي.
    وقلت إن الحاجة ماسة لمجلس أمن اجتماعي يكون ممثلا للدول وللمنظمات غير الحكومية المعنية بمحاربة الاضطهاد.
    نظام الأمم المتحدة الحالي غير عادل فالدول القوية تستطيع أن توقع ما شاءت من المعاهدات وتخرقها دون مساءلة وأسوأ من ذلك أن الدول دائمة العضوية تحمي نفسها وحلفاءها من أية مساءلة بحق النقض مهما كانت حالات الاضطهاد المرتكبة.
    هذا يضعنا أمام موقف لا أخلاقي هو أن الضعفاء يحاسبون والأقوياء لا يساءلون، كما أن الدول القوية تمارس ازدواجية المعايير فما يقبل منها ومن حلفائها لا يقبل من غيرهم.
    مجلس الأمن الاجتماعي هذا يجب أن يكون خاليا من عيوب المجلس الحالي بلا حق نقض لأحد.
    هذه المسألة صار لها إلحاح أكبر في عالم اليوم وذلك:
    • لأن ثورة المعلومات جعلت الناس في كل مكان أكثر إلماما بأحوال الآخرين وبالتالي أكثر إحساسا بالاضطهاد إن كانوا كذلك.
    • كما أن التكنولوجيا الحديثة للتواصل والتدريب والعمل صارت في المتناول. وتقصير النظام الدولي في التصدي للاضطهاد وتقصير الدول كذلك في إزالة مظاهره فتح مجالا واسعا لأنشطة مقاومة أهلية سوف تودي باستقرار الدول وبالتالي السلم والأمن الدوليين.
    الإنسانية تواجه لأول مرة تحديا حقيقيا هو إقامة نظم البلدان ونظام العالم على العدل أو فتح المجال لتدميره.
    سابعا: إن سياسة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل الحالية تقوم على معادلة تشعر من لا يملكون سلاحا نوويا بالتمييز والاضطهاد والتعرض للابتزاز النووي. إن أي حجر لامتلاك التكنولوجيا النووية غير مجد وغير عادل.
    إن امتلاك الأسلحة النووية واحتمال استعمالها خطر على كل كوكب الأرض. ولكن المنع الانتقائي الحالي لن يجدي.
    امتلاك السلاح النووي يعتمد على ثلاثة عوامل: المعرفة، والموارد، والدوافع. لا سبيل لحظر المعرفة والموارد.
    الأمر الذي يمكن احتواؤه هو الدوافع.
    إنها دوافع أمنية وهي تطلب التوازن لأن امتلاك أطراف للسلاح النووي تتنافس مع أطراف أخرى سوف يدفع تلك الأطراف المعنية للسعي لامتلاك السلاح النووي. الحل الممكن هو في التحريم المطلق لامتلاك السلاح النووي وفي إزالة كافة أوجه الاضطهاد وبسط العدل. ومثلما مركز الثقل هو مركز التوازن للجسم المادي هو فإن العدل هو مركز التوازن للجسم الاجتماعي.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de