|
قصيـدة نثـر (Re: بله محمد الفاضل)
|
قصيـدة نثـر
كانت بألف وجه . كانت تصنع من عواطفها معولا لهدم الوقت ، وهي تكتب رسائل حب الى أي كائن قد يخطر ببالها : تحب ان تلعب هذه اللعبة ، منذ أن رفس الرجلُ الذي أحبته قلبها ، ولذلك ، رغبة بالانتقام او بالمصالحة ، تكتبُ من دون توقف ، رسالة تلو اخرى ، حتى تحولتْ حياتها ، هي الواثقة من زيف ما تكتب ، الى تل من الرسائل ، تتناقله الالكترونات والنيوترونات ، الى رجال مجهولين ، لاتعرف أشكالهم ، لكنها تبتكرهم مثل رجلها الذي ينام ، كل ليلة ، مع امرأة ، ويحدثها عن امرأة تكتب رسائل اليه عبر اخرين : يشم ّ ذلك بعينيه ، قبل يديه ، فهو يعرف أن كل ماتملكه من قدرة على الانتقام هو هذا : المشي فوق حبل من كلمات لاتعني الا انكَ مقدسي الفاتن ، الذي سأنسفُ راسه ، يوما ، برصاصة الهدنة. " سأنسفُ روحكَ بموجة " تكتب ذلك لي أحيانا ، أنا الذي صادفتها في مدينة ساحلية ، قلوب أهلها من الصفيح ، فدربتها على ممارسة اخرى ، هي أكثر جدوى من كل تلك الرسائل : العوم في حوض مخيلتي ، لتكون بطلة روايتي " صانع الاحلام " التي تفرط بالسُكر ، و بتعاطي الترياق ، فامتثلتْ مدة طويلة لذلك . أحببتها ببساطة شديدة : أخلصتُ لها في الرواية ، وعلى السرير ، ولم افكر أن أخونها الا في ليلة واحدة ، عندما ركبتُ باخرة ، باحثا عن وجه اطارده منذ بداية التاريخ ، فصادفتها - ياللمفاجأة - عارية ، وقد اتخذ منها الملاح زورقا ، تاركا لي حرية قيادة الباخرة ، كأي قرصان عاد بغنيمة لا يريد ان يشاركه فيها احد . في تلك اللحظة اكتشفتُ معنى أن أكون جسدا ، أن أكون قلبا ، أن أكون مجروحا حتى بعد ان أشفى ، وأن أكون خاسرا الى الأخير . لم أطردها من الرواية ، تاركا لها حرية ان تنام مع مَن تشاء ، شريطة أن لا تعوم عارية في حوض مخيلتي . هكذا مع الأيام كوّنتْ اسطورتها : كل رجل عرفتـْـه ، كل وجه رأتـْه ، أو تخيـّلتـْه ، هناك رسالة منها تحت وسادته . وفي كل وجه تتركه امام المرايا ، كانت هناك تلك النظرة ، التي لاتدل الا على كونها امرأة : امرأة وحيدة في الكون ، منذ حواء ، مع الشعور بأنها سيدة الخليقة ، لمجرد انها انثى ، لمجرد انها قادرة على اغلاق الباب ، في اية لحظة ، كأي سجان انتهى من حفلة تعذيب اولية ، تاركا لضحيته فرصة ان يتهيأ لحفلة اخرى ، قد تكون تحت سياط شبقها المراق بين دفاتر الشعر، او في موسوعات الأرق المفتوحة لمعذَّبين جدد ، ترغمهم على السماع الى فحيح جسدها اللانهائي ، الممتد من بحر قزوين حتى استوكهولم ، مثيرا ، وهو يمر عبر شبكة الانترنيت ، غبارا بلوريا أبيض ، يجمعه الشبقون مثل غيمة ، تمطرها حواجبها او تصبها في راحة ايديهم :اغنية حزينة تركها قتيلها السابق ، قبل ان يموت مخلصا لحبها . هكذا ايضا كنتُ ضحيتها ، فيما بقيتْ ، حتى بعد أن نفد الترياق ، تعتقد انها كانت ضحيتي . وهاهي ، بعدما مزقتُ الرواية ، تهبط بذكراها ، بوجهها المشرق كحقل سنابل يلهثُ في خياله الحصاد : هاهي ، كمطرقة تضرب جدار الليل ، فيتناثر الغناء مع الحنجرة ، ويسيل الماضي عائدا ، مثل ساقية تتسلق الماء الى الشلال الذي تساقطت قطراتها منه : كانت بألف وجه . كانت تسد الجهات ، فأصيح بها : الا الجهات ، ارجوكِ .. فأنا في العراء . لكنها تأمر باسم المفاتيح ، وتفعل باسم الاقفال : " أجلدكَ لأنكَ السوط ، أخنقكَ لأنك الهواء ، ادفعك َ لأنكَ الهاوية " وكنتُ اهتف بها : كفى ، فأنا كالنهر ، أمام السد ، يجب أن أفيض . أيام كانت لها اليد كانت تضع قلبي مع النسر ، وأسفل القفص تجمع صراخه . أيام كانت لها الاشارة كانت تأمر اصابعي بالشرود . الآن .. تهبط ذكراها ، ويندلق وجهها في غرفتي ، كحقل سنابل يلهثُ في خياله الحصاد . للقصيدة عنوان اخر : " نشيد صدأت بين أسنانه الحروب "
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مِدادُ الأصدقاء | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 09:46 AM |
Re: مِدادُ الأصدقاء | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 09:50 AM |
Re: مِدادُ الأصدقاء | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 09:53 AM |
Re: مِدادُ الأصدقاء | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:06 AM |
ذَاكِرَةٌ مَلْغُومَةْ | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:11 AM |
المَوْتُ أَصْدَقُنَا وَفَاءً بِالْعُهُودِ | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:17 AM |
سـَ … و أحــبُّــكِ | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:21 AM |
أَشْيَاءُ تُشْبِهُ القَلَقْ | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:25 AM |
Re: أَشْيَاءُ تُشْبِهُ القَلَقْ | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:30 AM |
اغنية آخر سركون بولص في العالم | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:33 AM |
اغنية الشخص الثالث | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:36 AM |
الف منفى ومنفى | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:38 AM |
قصيـدة نثـر | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:41 AM |
ورود الموسوي | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:48 AM |
مدينةٌ بلا أضلاع...! | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:51 AM |
وشــــمُ عــقــارب ...! | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 10:58 AM |
بلاد بين أصابعي .. | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 11:16 AM |
عطش يبلِّلها وماء لا يصل .. | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 11:18 AM |
ومن العراق.. | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 11:22 AM |
Re: ومن العراق.. | مجدي عبدالرحيم فضل | 12-01-10, 12:06 PM |
Re: ومن العراق.. | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 06:29 PM |
نَشْوَةُ اَلرِّضَا | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 05:44 PM |
ضفة سماوية | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 05:46 PM |
آلام المطرود بن شارد .. | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 05:58 PM |
ملحمة النايدرتال | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 06:03 PM |
مفيد عزيز البلداوي | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 06:10 PM |
أغبر بالمعنيين | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 06:12 PM |
خبز العباس ... | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 06:16 PM |
wie bitte | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 06:20 PM |
الأقفال | بله محمد الفاضل | 12-01-10, 06:25 PM |
ونظل بالعراق.. | بله محمد الفاضل | 12-02-10, 11:03 AM |
قافية الرمل | بله محمد الفاضل | 12-02-10, 11:07 AM |
سورة الأمن ... ترنيمة المواقيت الثلاثة | بله محمد الفاضل | 12-02-10, 11:10 AM |
أجنحة للطيران .. وأخرى للبكاء الصامت | بله محمد الفاضل | 12-02-10, 11:14 AM |
أغنية ما .. لم تكتمل بعد | بله محمد الفاضل | 12-02-10, 11:21 AM |
أغنية ما .. لم تكتمل بعد | بله محمد الفاضل | 12-02-10, 11:21 AM |
Re: أغنية ما .. لم تكتمل بعد | بله محمد الفاضل | 12-18-10, 09:56 AM |
|
|
|