مِدادُ الأصدقاء

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-01-2010, 10:38 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الف منفى ومنفى (Re: بله محمد الفاضل)

    الف منفى ومنفى






    " لا اتكلم عن صفح او عن انتقام فالنسيان هو الصفح الوحيد وهو الانتقام الوحيد "بورخس
    الى يارا طبعا
    لا ليل من دون برابرة .
    هناك ، أيضا ، برابرة بدون ليل ،
    لكن
    لا ليل بدون برابرة :
    ليلنا أو ليلُكِ ..

    أتطلعُ من النافذةِ ،التي افتـّض البرابرةُ ، في ظلامِها ،غشاءَ برائتي البـِكر، لأنني كنتُ عاريا، إلا من الفانوس الوحيد المضيء : قلبي .أسكنه كنتُ كالشعلةِ ، لكنهم اقتحموه فجأة ، ونـثروني قـطعة قطعة ، عبر العالم . من وقتها وأنا أكتبُ الشِعرَ لأجمعني وما من فائدة ، فـقد كان هناك شيئا يسمـّونه الكائـن ، إلا أنه تبخـّر من مَسام بشـَرتي ، فيما كنتُ أذوبُ حسرة بعد حسرة .
    مـن يـومها لم أعـد أحدا.
    صار من الصعب جدا أن أجد لفظاً يناسبني، لأنني تخطيتُ حتى مـرحلة أن أكون شبحا . هكذا أصبح مـا يُـثـبـتُ وجـودي هوالسُخـام وحده ، يرشـّه الـبرابرةُ بخناجرهم ، عـلـى حيـطان ذكراي : عند ذلك فقط أكون قد وجدتُ مَن يثبتُ أني قد عشتُ على هذا الكوكب ، فـي هذه الغرفة التي أتطلعُ من نافذتها ، ماسكا بقضبانها ،أهزّها، كمن يريد أن ينتزع أصابعَ امرأة مـن يديها .
    هذه النافذة تهربُ سراً في الليل ، عندما يقفل البرابرةُ أجفانَهم ، لتأتيني بالقمر المرسـوم عـلى قميص السماء ، مـن أجل أن أكرّرَ عليه الكذبةَ الوحيدة ، الكـذبة المشرقة : لم أخلُصْ ، في حياتي كلها ، إلا للشِعر، ومع ذلك لم أكتبه كما ينبغي ، لذلك كلمّا تطلّعتُ من النافـذةِ رأيتُ القمرَأخضر، والقيودَ التي حول معصميّ ، حزمة ً من سلاسل الجبال التي عبرتُها ، عبرأنفاق دخان الترياق ، مع مهرّبٍ رسمَ خارطةَ الطريق على ظهره وأنا خلفه ، اُحاولُ فكَّ طلاسمِه الغريبة ، فقد كانت الجبال متحركة حسب رأيه ، كما أنّ الأرض ليـست كروية ، حتى أنه لمّا قرّرفي لحظة نشوة ، أن ينتحرَ على طريقة البغال ، ضامّـا حوافره الى بعـضها ، ملقيا بنـفسه الى الـوديـان ، كـان عـليّ أن أستعــيـدَ الخارطة بذاكـــرة مكتظة بغبار الحشيشة ، وبالآثارالمتروكة من سـُكـرٍ طـويـل مع الحروب ، في حاناتٍ لا تطلب منكَ ثمنا سوى أن تموتَ أكثر من مرةٍ ، وأن تمرَّ مترنحا ، كالذبيحة ، بين موائدها : أن تشربَ ، أن تسكرَ ، أن تنسى ، أن ...

    يوما بعد آخر تحوّل المستقبلُ ، أمام عينيَّ ، الى ماضٍ نسيتـُه، ولم أعـد أتذكر ما فيه سوى كتلة من الألم ، أحملها على ظهري كصخرة سيزيف ، مواصلا الرحلة عـلـى بصيص من الأمل ، يـشرقُ ، أحـيانا ،عـندما اُردّدُ اسمكِ أيـتها الحرية :اسمكِ الأعظم الوحـيد الذي أعرفه، من بين الاف الأسماء ، التي يعرفها عنكِ آخرون أكل أحشائهم البرابرةُ : ماتوا وهـم يردّدونكِ هناك ، في ظلام الأقبية أو في حفلات الشواء ، في الغابات ، حيث يتم التهام أجسادهم تحت ضوء القمر: هذا القمر الذي أنظرُ اليه عبر النافذة ، متذكرا كـل شيء ، حتى تلك القصص الساقطة من كتاب الف منفى ومنفى، الذي لـــم يكتبه أحد ، إلا أنني قرأته كثيرا ، مــن دون أن أتصفحه مرة .

    هكذا اجتزتُ المحنةَ. مشيتُ على خطوط الحظ ، الذي فارقني من دون تلويحة وداع ، متـّبعا خطة لاأعرف مَن رسمها في ذهني المشوّش،لأن ذلـك كان قـد حدث قـبل أن يبتكرالانسان الكتابة: حصل ذلك كله وأنا غارقٌ في مياه النسيان ، أتنقلُ عبر أنابيبها ، وأتساقطُ من فوّهات الحنفيات قطرة، بعد اخرى ، فـي عـلب صفيح ، ينقلها آخرون على ظهورهم ، ربما لرشّ الدمع على جدران حياتهم أو لشطف الحزن ، غير أنهم لا يصلون بها إلا وقد أضحتْ فارغة تماما ، لأنها كـانـت مـثـقوبة عمـدا ، فلا أصل أخيرا إلا الى هذه الزنزانة الكبيرة التي يقولون : إنها الحياة ، ملتقيا بأصحاب ماتوا قبل الاف السنوات ،ثم قرروا العودة ، عندما سمعوا أن جنة مـا في طريقها الى التجلي فـي بلاد السَواد ، حيث الفرات ، مثلما دجلة ، كان قد كفّ عن الفيضان ، رحمة بنا من قلبه النبيل ، فقد نسيَ الناسُ السباحة ، كما أن القيعان لم تعد تستوعب أي غريق اضافي .

    ربما هناك تذكرتُ أحلكَ ساعاتي وأصعبها، فثمة مـَن سُجنت معه في الوحشة ، تطوّع ، في لحظةٍ ظلـّتْ ملتبسة عليه ، ليتكـلم عني أمام محكـمةٍ لم تـُعقد بعد ، معترفا أمام البرابرة : أنني ذات صدق سقطتُ من هول نحول الروح فوقـعتُ في غرام الدهشة ، لكن في زمان ومكان لا تأخذ فيه الدهشةُ زينتَها المذهلة ، إلا إذا كانت مصحوبة بهيام مراهق ، صار عمري عليه كبيرا .

    لم يعرف حتى الحب أنَّ هيامي لم يعد صالحا لشيء ، سوى أن يكون هياما مجردا ،أحتفظُ به لنفسي ضد نفـسي ، منذ أن مات المهـرّب على طريقـة البغـال . لم يعرف أحد انني فقدت رغبتـي بالمــوت على سرير ناعم .لم يعرف الربيع أنه لـم يعـد لأي شـجرة مكـانا في حديقتي ، إلا لهذا القمر الذي ترسمه القضبانُ بفرشاتها عبر النافذة ، وأنا اُغني اغنية وصلتني من الماضي ، عن الحرية ، اُردّد اسـمها الوحـيـد الأعظم ، من بـيـن الاف الأسماء التي يعرفها الآخرون .

    ربما ،
    نتيجة ذلك ، عشتُ طويلا ، أهتفُ مع هذا ضد ذاك ،
    أو أهتفُ مع ذاك ضد هذا ، شاعرا بالذنب مـن كـل جرائمي التي لم أرتكبها : أبكي كل يوم لأن الله خلقني على شاكلته ، وتركني وحـيدا أعيشُ مـع مَن هم ليسوا على شاكلتي : مُجبَرا على أن أقبلَ بالعقوبة وبالتاريخ ، الذي وصـل مكتوبا على جلود ضحايا لم ينتحروا ، كما المهرّب ، في وديان كان البرابرة يحفرونها برمشة من خناجرهم .

    ربما ،
    من أجل ذلك خرّبتُ حياةَ المرأة التي آوتني ،عندما أعدتُ كتابة مذكرات العالم على حـلمتيها ، دمعة بعد اخرى ، حتى صاحتْ بي ذات ليلة : " لقد امتلأتْ براكيني بأحزانكَ ، ولابدّ لي أن أفيض ، كما أنني انطفأتُ ، فلم أعد مانعة الصواعق ، تلك التي تلتهب وتشتعل ، على السرير، كـلما مرّ برقٌ ، أو سقطتْ شرارةٌ ، من عين رجل ، في صحن شهوتي " .

    هكذا غادرتـُها ، خلسة ، في فجر بارد جدا ، حاملا طوال جسدي آخر شهقة فاض بها ينبوعها ،الذي فقد خصوبته ، فـلم يعد يفيض إلا بـبعض التنهدات الزائفة ، بعد أن أصدرتُ الحكم على الآخر، فـي نفس الفجر، وأنا أسبحُ في النهرالمار بين نهديها : ساُعـاقبكَ ، أيهـا البربري ، أيها الأجـرب القـلب ، ساُعاقبكَ .... إنـما على شاكـلتي ، كما خلقني الله : بالكـتابة . قصيدة بعد قصيدة : اغنية تلو اخرى تبعث سلالة المنشدين ، الذين يكشـطـون الطلاء عن قــناعكَ ، في الشـوارع الخلفـية ، وهــم يتلونَ ما لم يكتبه أحدٌ في كتاب ألف منفى ومنفى، ناقلين جَمال ما رأيتُ بكل حرارته الى العالم ، تاركين لكَ حقلا واسعا مـن النسيان ، كـقـبـر .

    مـَن يفهمك أيها الفؤاد ؟
    ومَن يسمعكَ، وسط انهيار العمارة بجميع ساكنيها ،
    فيما البراكين مشغولة بتبادل فوّهاتها ،
    كما كنا في الطفولة نتبادل الطوابع ؟
    كم كنتَ أبيض أكثر مما ينبغي عندما درتَ كالدرويش بين الافاعي ؟
    كم كنتَ بارعا في غبائك ، وأنتَ تمسح الغبارَ عن كتف مـَن لايود العيش ، إلا فوق تل قمامته ؟

    الآن
    أسمعُ وقع خطوات قادمة : طبول وخيول ، لجرجرتكِ نحو حرائق اخرى ، حضرتـُها قبل أن تبدأ . أنتِ التي لاأعرف من أسمائها الالف إلا اسما واحدا اردّده ساعة الخطر، لكنني رغم ذلك أسمعُ خفق أجراسكِ المترددة ، وهي تـنسج من حسرتها لـون قـمري الأخضر، من خلف القضبان: أسمعُ خفقَ أجراسكِ ، اُميـّزها من بـين خطواتهم : أهم البرابرة ؟ تتسائلين : إنما ... أين ليلهم ؟

    لا ليل بدون برابرة : لا ليل .
    هناك ، دائما ، برابرة بدون ليل ،
    وهو ما يجعلني أسمعكِ ،
    أسمعُ ، أسمعُ جيداً خفقَ أجراسكِ : أهم برابرة فعلا ؟

    آه ،
    مثـلُـكِ تخفقُ أجراسي .
                  

العنوان الكاتب Date
مِدادُ الأصدقاء بله محمد الفاضل12-01-10, 09:46 AM
  Re: مِدادُ الأصدقاء بله محمد الفاضل12-01-10, 09:50 AM
    Re: مِدادُ الأصدقاء بله محمد الفاضل12-01-10, 09:53 AM
      Re: مِدادُ الأصدقاء بله محمد الفاضل12-01-10, 10:06 AM
        ذَاكِرَةٌ مَلْغُومَةْ بله محمد الفاضل12-01-10, 10:11 AM
          المَوْتُ أَصْدَقُنَا وَفَاءً بِالْعُهُودِ بله محمد الفاضل12-01-10, 10:17 AM
            سـَ … و أحــبُّــكِ بله محمد الفاضل12-01-10, 10:21 AM
              أَشْيَاءُ تُشْبِهُ القَلَقْ بله محمد الفاضل12-01-10, 10:25 AM
                Re: أَشْيَاءُ تُشْبِهُ القَلَقْ بله محمد الفاضل12-01-10, 10:30 AM
                  اغنية آخر سركون بولص في العالم بله محمد الفاضل12-01-10, 10:33 AM
                    اغنية الشخص الثالث بله محمد الفاضل12-01-10, 10:36 AM
                      الف منفى ومنفى بله محمد الفاضل12-01-10, 10:38 AM
                        قصيـدة نثـر بله محمد الفاضل12-01-10, 10:41 AM
                          ورود الموسوي بله محمد الفاضل12-01-10, 10:48 AM
                            مدينةٌ بلا أضلاع...! بله محمد الفاضل12-01-10, 10:51 AM
                              وشــــمُ عــقــارب ...! بله محمد الفاضل12-01-10, 10:58 AM
                                بلاد بين أصابعي .. بله محمد الفاضل12-01-10, 11:16 AM
                                  عطش يبلِّلها وماء لا يصل .. بله محمد الفاضل12-01-10, 11:18 AM
                                    ومن العراق.. بله محمد الفاضل12-01-10, 11:22 AM
                                      Re: ومن العراق.. مجدي عبدالرحيم فضل12-01-10, 12:06 PM
                                        Re: ومن العراق.. بله محمد الفاضل12-01-10, 06:29 PM
                                      نَشْوَةُ اَلرِّضَا بله محمد الفاضل12-01-10, 05:44 PM
                                        ضفة سماوية بله محمد الفاضل12-01-10, 05:46 PM
                                          آلام المطرود بن شارد .. بله محمد الفاضل12-01-10, 05:58 PM
                                            ملحمة النايدرتال بله محمد الفاضل12-01-10, 06:03 PM
                                              مفيد عزيز البلداوي بله محمد الفاضل12-01-10, 06:10 PM
                                                أغبر بالمعنيين بله محمد الفاضل12-01-10, 06:12 PM
                                                  خبز العباس ... بله محمد الفاضل12-01-10, 06:16 PM
                                                    wie bitte بله محمد الفاضل12-01-10, 06:20 PM
                                                      الأقفال بله محمد الفاضل12-01-10, 06:25 PM
                                                        ونظل بالعراق.. بله محمد الفاضل12-02-10, 11:03 AM
                                                          قافية الرمل بله محمد الفاضل12-02-10, 11:07 AM
                                                            سورة الأمن ... ترنيمة المواقيت الثلاثة بله محمد الفاضل12-02-10, 11:10 AM
                                                              أجنحة للطيران .. وأخرى للبكاء الصامت بله محمد الفاضل12-02-10, 11:14 AM
                                                                أغنية ما .. لم تكتمل بعد بله محمد الفاضل12-02-10, 11:21 AM
                                                                أغنية ما .. لم تكتمل بعد بله محمد الفاضل12-02-10, 11:21 AM
                                                                  Re: أغنية ما .. لم تكتمل بعد بله محمد الفاضل12-18-10, 09:56 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de