|
Re: فيديو مؤثر جدا.... ومقالات قيمة تخص الامة السودانية في هذه المرحلة الحرجة. (Re: Medhat Osman)
|
مياه النيل, السدود والانفصال (5): جدوى سدود الشمال في الميزان مارس 2nd, 2010 كتبها hana bdr نشر في , التطور,
لا يوجد تعليق,
بقلم: مصطفى عبد الجليل مختار
جدوى سدود الشمال في الميزان
تنوي الحكومة انشاء 4 سدود في المنطقة الممتمدة من بربر جنوبا و حتى حلفا شمالا, منها سد مروى و الذي اكتمل تشييده عام 2008, سد دال جنوب وادي حلفا, سد كجبار و سد الشريك على الشلالات الثالث و الخامس. تهدف هذه السدود لتوليد الكهرباء كهدف أساسي, و التنمية الزراعية كهدف ثانوي, و تنمية المنطقة بصورة عامة عن طريق اقامة عدد من المشاريع المصاحبة للسدود, و تشتمل على طرق و كبارى و مساكن, و تتولى هيئة تنفيذ السدود اختيار و دراسة و تمويل و تنفيذ هذه المشاريع. و قد دفعت الحكومة و ستدفع بسخاء غير معهود أكثر من 10 مليار دولار في فترة قصيرة نسبيا, و في مساحة صغيرة جدا من وطن المليون ميل مربع.
وجدت فكرة بناء السدود معارضة قوية من أهالى المناطق المتأثرة, قابلتها الحكومة بتكوين كتائب أمنية للدفاع عن السدود¸ فسقط عدد من الشهداء في أمرى, كجبار و الشريك, و تم اعتقال أعداد كبيرة من المواطنين. و قد أدى ذلك ليتساءل الناس عن حقيقة هذه السدود و ما الجدوى من قيامها, و لماذا يرفضها البعض حتي يبذل روحه و ماله و سكينته, و يصر عليها آخرون حتى و لو على جثث الأبرياء. لمعرفة الحقيقة يلجأ المرء أول ما يلجأ لنتائج دراسات الجدوى, و قد صرح المسؤولون باكتمال دراسات مشاريع السدود المقترحة, و أنها قد أثبتت جدواها, و بالتالي تأمل الحكومة أن يكون ذلك كافيا لتخرس المعارضين للمشروع و تبرئ ذمتها .
لو أن المسؤولين تحروا الصدق فيما قالوا فقد أوفوا و زادوا, و لأدت نتائج هذه الدراسات لاخراس المعارضين, بل أن الجميع كان سيقف خلفهم و يبايعهم, فما أجمل أن يكون اقتصادنا القومى قويا معافي, ونرى أحلامنا الوردية في وطن شامخ عزيز تتحقق. و لكن واقع الحال يقول أن هذه الدراسات لا يعول عليها لأنها فاقدة المصداقية, و بعيدة عن المنهج العلمي القويم.
لا شك أن دراسات الجدوى من الأدوات الهامة جدا و خطوة حتمية لأى مشروع, بل أن المشاريع الكبرى تتطلب أكثر من مرحلة من دراسات الجدوى. لكن هذه الدراسات تعتمد الى حد كبير على مدخلاتها و ينطبق عليها القول garbage in, garbage out . فعدم صحة مدخلات و فرضيات الدراسة الأساسية يمكن أن يغير تماما من نتائجها, و قد يحدث ذلك عن حسن نية, و لكن أيضا من الشائع حدوثه عمدا بقصد توجيه الدراسة لخدمة أهداف مسبقة. و دراسات الجدوى مطية سهلة القياد اذا ما ساءت النوايا, و حل القرار الفردي محل القرار المؤسسي الذي يتسق مع الخطط الشاملة, و يعتمد على المنهجية و تضمنه الشفافية و يحرسه مبدأ محاسبة المسؤولين.
و لكي تصح دراسة الجدوى فلا بد أن يسبقها جهد فني شاق, و عمل متكامل يجمع بين مؤسسات الدولة المتخصصة, و ذلك حتى تتوفر المعلومات الصحيحة و الفرضيات الأساسية للدراسة. و كمثال لذلك فقد تقدمت الحكومة سنة 1987 بطلب للبنك الدولى لتمويل تعلية خزان الرصيرص, و كان الطلب مصحوبا بدراسة جدوى رصينة قام بها مكتب استشاري معتمد هو الاكساندر جب, لكن عند مراجعة خبراء البنك للدراسة لفت نظرهم أن معدل العائد الداخلى IRR يساوى 22% و هي نسبة عالية جدا لمشاريع السدود. كون البنك لجنة من الخبراء لمراجعة الدراسة بمشاركة الحكومة و المكتب الاستشاري, و انتهت المراجعة الى أن بعض المعلومات الأساسية عن كفاءة استخدام المياه و بالتالي العائد المادي لمشاريع الري غير دقيقة و لا تستند على خلفية علمية كافية, و اتفق الجميع على ضرورة تحديد هذه المدخلات من خلال دراسات مساعدة, يتم بعدها مراجعة جدوى المشروع و تعديلها وفقا لنتائج الدراسة.
أوردت هذه الحادثة لأدلل على أن دراسة الجدوى, حتى و ان خلصت النوايا, يمكن أن تؤدى لنتائج خاطئة اذا لم يبذل الجهد الكافي لتوفير أرضية صلبة من المعلومات الأساسية. وهنالك مثال شبيه آخر من مصر الشقيقة, لكنه محفوف بسوء النية, فقد قامت الحكومة المصرية باستصلاح أكثر من مليون فدان في الصحارى المصرية, و اتفقت مع مكتب استشارى أمريكى لتقييم جدوى هذه المشاريع, و جاءت الدراسة ايجابية, لكن المكتب الاستشاري أوضح أن الدراسة تمت بفرضية أن سعر المتر المكعب للمياه .0.05 جنيه و هو السعر التشجيعى, بينما يبلغ السعر الحقيقى 4 أضعاف ذلك المبلغ. أكدت الدراسة أنه بافتراض السعر الحقيقي للمياه فإن معدل العائد الداخلي يتغير الى سالب, بمعني أن المشروع خاسر ماديا, و أن الحكومة المصرية تدفع مبالغ طائلة سنويا لابقاء المشروع على قيد الحياة . هكذا تحول المشروع من خاسر كبير الى رابح, و السبب محاولة الحكومة التأثير على النتائج بوضع فرضيات غير حقيقية.
و قد بدأت الانقاذ عهدها و هي منكرة تماما لفكرة دراسات الجدوى, ففي عام 1991
|
|
|
|
|
|