الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-16-2024, 09:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-15-2010, 01:39 AM

لطفي علي لطفي

تاريخ التسجيل: 08-16-2009
مجموع المشاركات: 1287

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة (Re: لطفي علي لطفي)

    و في مقال لشوقي ابراهيم عثمان

    من الذي يرغب في فصل الجنوب؟
    السودانيون الجنوبيون لا يدركون ذواتهم بعد..ويمسكون التاريخ من قرونه
    ويمكنهم إنقاذ الشعب السوداني
    • مقالة مخصوصة لصحيفة أجراس الحرية.
    شيء أغرب من الخيال!! شيء غريب الذي نراه في الساحة السياسية من تشنجات بعض السياسيين..من الشمال والجنوب. ولكن الأعجب هو موقف بعض الصحف التي تعمل بشكل صريح من أجل انفصال الجنوب. فهل الشعب السوداني من الجانبين فعلا يرغب في الانفصال؟ الجواب في تقديري: كلا.
    لا أعتقد أن الشعب السوداني جنوبا وشمالا يرغب في الانفصال، ولكن في تقديري أن هنالك اندفاعة من قبل بعض السياسيين نحو المزايدة والترويج للانفصال، ويمكن تصنيفهم إلى نوعين: النوع الذي يسقط تناقضاته الذاتية على الواقع السوداني، لأسباب ذاتية بحتة مثل السيد باقان أموم، الطيب مصطفى..الخ، ونوع آخر راكب المركب الخطأ..بدفع من أصابع عربية خليجية، وعلى قمة القائمة يأتي الخط السلفي الخليجي. وقبل ذلك، شدت انتباهي صحيفة الرأي العام، فهي تسخن المواضيع نحو الانفصال على طريقة صحيفة الشرق الأوسط، أي بأسلوب عبد الرحمن الراشد. يتركون مساحة في الصفحة العنكبوتية لرأي القراء..بالطبع صحيفة الشرق الأوسط لن تنشر أي تعليق بل تنشر تعليقات القراء بأسلوب انتقائي، ولن تنشر بشكل خاص تعليقا لي على أية مقالة لهم، ببساطة لأنني وإياهم على طرفي نقيض. وكذلك ليس لدى احترام لصحيفة الشرق الأوسط ولا لأصحابها ولا لكتابها، ومن يكتب فيها أو يعمل لها كمراسل من السودانيين أضع عليه علامة استفهام كبيرة.
    ولقد جربت صحيفة الرأي العام بالتعليق باسم مستعار، ولم ينشر التعليق في صفحتهم العنكبوتية. معنى ذلك كله هي لعبة صحفية، لإبراز رأي مفضل على رأي آخر، إن لم نعتقد أن كل شيء مفبرك باسم القراء..!! الغريب كل التعليقات للقراء في صفحة الرأي العام العنكبوتية فيما يتعلق بالجنوب فاتت الخط الأحمر من ناحية الأدب، أدب التخاطب، ولم تلتزم بأدب الموضوعية، وتفوح منها رائحة العنصرية النتنة..هكذا علمنا رسول الله (ص) ..إنها لنتنة!! لكن الأنكى على النفس، لمحت عن كل ذلك للأستاذ وجدي الكردي، فرد على بخمسة كلمات أو ستة فقط، وفي رأيه أن الشعب السوداني في الجنوب وفي الشمال يرغبان في الانفصال ولكن السياسيين يزايدون على بعض أو بتكتكوا..!! ودهشت لرأيه!! وبالرغم أن رأي الكردي هو رأيه الشخصي، ولكنه يعكس المناخ الداخلي لصحيفة الرأي العام – ويجمع الجميع خيط رفيع سنتناوله بالتشريح المطول.
    أما صحيفة الإنتباهة والسيد الطيب مصطفى..(هل كتبت الاسم بشكل صحيح؟) فهي صريحة لعدائها للسودانيين الجنوبيين وتدعوا للانفصال بصراحة لا لبس فيها. فكيف نفسر ظاهرة الإنتباهة وصاحبها؟ هل نحملها على سياق الحرية والديمقراطية وحرية التعبير؟ ألا تصطدم هذه الصحيفة مع روح اتفاقية السلام: كأن نجعل الوحدة جاذبة؟؟ من يرد على هذه النقطة؟؟
    قبل الدخول لصلب المقالة، نهمس في إذن السيد باقان أموم أولا، بإنه لا يدرك ذاته، ولا يدرك أنه يفعل تناقضاته الذاتية ويسقطها على الواقع السوداني، وكذلك هو لا يدرك تناقضات الساحة السودانية. فالسيد باقان أموم يعتقد أنه ضحية للشمال العنصري!! نؤكد له أنه لا توجد عنصرية في السودان، والقضية كلها مسألة تعليم، من ينال التعليم يتبوأ المكانة التي تليق به – هذا إضافة لطبيعة الشخصية. بل نجزم أن العنصرية تناقصت في السودان بفضل تزايد التعليم والوعي بالذات الجمعي عبر المشاكل السياسية الخارجية التي مر بها السودان في العقدين المنصرمين.
    فمثلا أنا شخصيا درس معي في الثانوية والجامعة سودانيون جنوبيون وأحبهم ويحبونني، بل أحب الجنوبيين وهم أقرب لقلبي من كل السودانيين، مثل جرمايا تونج، سلفادور دينق، الطبيب أبيل ألير الصغير (توفى رحمة الله عليه)، وقاسم برنابا، والكثير الذين سقطت أسماؤهم من ذاكرتي. بل والدتي، رحمة الله عليها أيضا تحب الجنوبيين. فعند وفاتها بالدروشاب عام 1994م، ذكر لي زوج شقيقتي أثناء جلوسهم في فراش العزاء بالخيمة المنصوبة في الشارع أن جمعا كبيرا من السودانيين الجنوبيين نساء ورجالا وأطفالا اقتحموا الشارع، وأعتقد الجالسون في خيمة العزاء أنه ربما حصلت "شكلة" أو "مشكلة"، ولكنهم يفاجئون الحضور أنهم قدموا للعزاء في والدتي – وقدموا واجب العزاء. ولقد سعدت بهذا الخبر العائلي. هنالك صور عديدة للتراحم وللتوادد في جميع أركان السودان وأخرها السوداني الجنوبي الذي توفى في الدروشاب ومع الأسف نسيت أسمه. أو خذ تكريم عائلة لطفي في رفاعة..والكثير الكثير..كلها من الصور الإنسانية الرائعة الحية التي لن تجد مثيلها إلا في السودان. بل وأثناء جلوسي أمام التلفزيون ومشاهدتي تكريم عائلة لطفي من قبل السودانيين الجنوبيين، خطر لي عند قدومي للسودان أن أنشط جميع محبي الشيخ لطفي وأن أدفعهم لتأسيس مدرسة اقتصادية باسمه -وإن شاء الله إذا أحياني الله إني لفاعل- ونسميها مدرسة لطفي الاقتصادية، وبالرطانة الانجليزية Lutfi School of Economics واختصارها LSE لمنافسة مدرسة لندن الاقتصادية LSE. أليست هي فكرة جميلة؟ ألا تستحق الجهد؟ بصراحة كده لا نفع في اقتصاديي جامعة الخرطوم – كلهم مخيبين لظني ولآمال الشعب السوداني. يمكننا عمل مقارنة ما بين مدرسة لطفي الاقتصادية المقترحة وما بين مدرسة لندن الاقتصادية ويمكن منافسة هذه الأخيرة. وهذه الأخيرة فيها سر باتع، لقد مر بها إثنا عشرة فردا حازوا على جائزة نوبل في الاقتصاد، حتى سوزان رايس التي حفرت الحفر للسودان في التسعينيات وحرضت الجيران علينا، ولم تخطف سوى عقول وقلوب الخنازير بدلا من عقول وقلوب الأفارقة، مرت بمدرسة لندن الاقتصادية. فهل نسمع يوما ما أنها حصدت جائزة نوبل في الاقتصاد؟ أو لعلها تقفز لرئاسة البنك الدولي. كل شيء جائز. لذا فهذا نداء لكل السودانيين خريجي مدرسة لطفي الثانوية أن يتصلوا بي على عنواني الالكتروني، للتشاور في كيفية عمل هذه المدرسة الاقتصادية. فأنا الآن أجمع بعض المعلومات لهذا الهدف الوطني النبيل، فهل تدعم رئاسة الجمهورية هذه الفكرة؟
    من جانب آخر وبالتعبير الصريح، ارغب في الانضمام لحزب الدكتور لام أكول!! وإذا كان أصحاب الحزب يعتبرون هذا المقالة طلب عضوية..فأنا موافق، فليخطروني على أيميلي الشخصي، بالموافقة.
    نأتي لموضوع مقالنا وصلبه، ونشير هذه المرة إلى أن معظم الأخوة السودانيين الجنوبيين إن لم يكن جميعهم، خاصة باقان أموم، لا يدركون أن في أيديهم مصير السودان بكامله. ولا نعني هنا السودان الجغرافي. فدعوة الحلفاوي على السودان الذي تم نشله في القاهرة في زحمة مظاهرة سياسية لن تتحقق – إن شاء الله. ولكننا نقصد شيئا آخر – دول الخليج. مما لا شك فيه، هنالك دفع سري وصامت وخفي من قبل دول الخليج لفصل جنوب السودان حتى يستفرد الخط السلفي الوهابي الخليجي بالشمال المسلم. فهل يقبل الأخوة السودانيون الجنوبيون أن يتركوا أخوتهم الشماليين فريسة وضحية لمؤامرة سلفية خارجية؟ أو أنهم يستيقظون ويمسكون بقرني التاريخ ويبدءون في صناعته؟ لماذا باقان أموم هكذا حساس المشاعر sensible، وعند أول ضغط شمالي يفر هاربا؟ ولماذا هو سريع العطب vulnerable؟ هل لا يستطيع المنافسة في بلده؟ فعندما كان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء لماذا فضل أن يئن مثل الأطفال، بدلا من أن يحرك قضايا الفساد قانونيا من موقعه؟ يعود التفسير إلى طبيعة السودانيين، فهم عندما يستفزون تتجه طاقتهم الانفعالية نحو الداخل imotion، يكبتونها، ولكنها لو كانت نحو الخارج emotion لوضع باقان أموم القفاز في يديه وقبل التحدي وأثبت ذاته في موقعه.
    ولكي يفهم القارئ الكريم أبعاد هذه المقالة التي كتبت على عجل لصحيفة أجراس الحرية، ومع ذلك نبشره أن هنالك مقالات مفصلة في الموضوع ستأتي لاحقا، نأخذه تاريخيا إلى قصة الهند والباكستان. فهنالك شبه وملامح ما بين قصة الجنوب وقصة نشؤ الباكستان.
    أولا الهند مثلها مثل السودان بها قبائل، ولكن السودان يفوقها في عدد القبائل. الباكستانيون قبل أن يكونوا باكستانيين كانوا هنودا أصيلين، وجزءا من المكون الديموغرافي أو الأسرة الهندية الكبيرة. ولكن الاستعمار البريطاني في الهند واجه صعوبات جمة بفضل الهنود المسلمين. بل المقاومة المسلحة ضد بريطانيا في ميدان القتال كانت جلها هندية مسلمة وذاقوا الأمرين على يديهم. أما قصة غاندي هذه فجاءت متأخرة، فالسيخ والهندوس لا يميلون عادة للقتال – فغاندي مثلا كافح البريطانيين بأسلوب النضال السلبي والإمبراطورية البريطانية ضعيفة وتترنح وتحتضر بفضل حربين أولى وثانية. عموما، وباختصار، بريطانيا أخذت تفكر كيف لو هذه القارة الهندية الضخمة بجمعها تحولت للإسلام؟ كيف يصبح شكل العالم؟ وكيف تصبح قوة المسلمين تجاه القوة الغربية؟ لذا بدأ التفكير البريطاني في فصل الهنود المسلمين عن بقية الهنود الهندوس والسيخ. والهدف من الفصل هو عمل إستراتيجي لفرملة كأن يتحول الهندوس أو السيخ للإسلام عبر الاحتكاك الثقافي، إذ لا بد يوما ما سيكتشف الهندوس أن بقرتهم هذه غير مقدسة، حتى رب العالمين أمر اليهود أن يذبحوا بقرة، فالأمر واضح والعملية سهلة. وضع البريطانيون قنبلة هنا وقنبلة هنالك، وأنخدع الهنود فالكل يكيل التهم للآخر، وزادت وتيرة التكفير بفضل الخط السلفي الوهابي المدعوم وقتها من السعودية، بل كانت السعودية "مقتنعة" كبريطانيا يجب إنقاذ "الهنود المسلمين" من هؤلاء الهندوس الكفرة. وعليه، شمر البريطانيون ولم يوفروا جهدا في تفريغ الهند من المسلمين، ففي عام 1919 عزم البريطانيون على تهجير مليون هندي مسلم للبصرة العراقية – ولكن ثورة العشرين في العراق أجهضت هذا المخطط – وهي من أعظم الثورات العربية ولكن الإعلام العربي السني عتم عليها لأنها ثورة أطلقها المرجع الشيعي محمد تقي الدين الشيرازي وكانت الشيعة وقودها. وفعلا هزم العراقيون عساكر بريطانيا ولكنها لجأت إلى استخدام الغاز الكيميائي –مثل صدام مع الأكراد- فأجهضت الثورة العشرينية.
    عموما، في القصة الهندية، لعب الخط السلفي الهندي دورا عظيما في فصل الباكستان عن الهند بقيادة المودودي، وتم تصعيد نجم المودودي بأمر من السعودية وأصبحت أدبيات المودودي الساذجة جزءا من أدبيات الأخوان المسلمين في العالم العربي، لتغطية مؤامرة دعم الانفصال. وفي الوقت الذي كان فيه سلفيو عرب الجزيرة ومعهم الأخوان المسلمين يكفرون "الوطنية" – قارن "الدولة الفكرة" لفتحي عثمان، كان سلفيو الباكستان يمجدونها لدواعي الفصل. يدهش الباحث اليوم عندما يجد أن المودودي تغزل كثيرا في الوطن والوطنية. وهكذا من أجل وطن منفصل تم ترحيل حوالي مائة مليون هندي مسلم نحو الشمال المقفر والصحراوي – غربا وشرقا وهكذا ولدت دولة تسمى الباكستان الغربية والشرقية في 14 أغسطس 1947م.
    المثال الثاني لبنان. من يتابع الحالة اللبنانية سياسيا يفهم مفاتيح السياسية العربية الخليجية وكيف تلعب وتتدخل أصابعها في ساحة الدول خارج مجلس التعاون الخليجي. فنحن هنا لن نشير إلى العديد من هذه التدخلات في الشأن اللبناني والتي أصبحت سافرة، آخرها أنفقت السعودية مليار ومائتي مليون دولار لإسقاط المعارضة اللبنانية. لكن الذي يعنينا هنا ولا يتابعه أو يدركه السودانيون وقد لا يفهمونه في القضية اللبنانية، هو: "أسلمة" لبنان. وهي حالة معاكسة للحالة الهندية.
    إضافة للسعي الأمريكي الإسرائيلي السعودي المحموم لتوطين نصف مليون نازح فلسطيني على تراب لبنان (مذكرة السلام السعودية 2002م لا تتضمن حق العودة). هنالك سعي آخر محموم مدعوما من فرنسا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي بدعم سعودي خليجي أيضا لتفريغ لبنان من الموارنة المسيحيين منذ 1974م. هذه العملية ليست فقط عملية إحلال، وإن صحت ظاهريا، أي إحلال الفلسطينيين محل الموارنة، بل لسبب آخر: فوجود المسيحيين الموارنة في لبنان، وطبقا لصيغة دستور 1943م، ينص على أن يكون على قمة رئاسة الجمهورية ماروني مسيحي، وسني كرئيس للوزراء بينما رئيس البرلمان شيعي. هذه التركيبة بالضرورة تستوجب نظاما ديمقراطيا. هذا هو بيت القصيد. الآن أحذف المسيحيين الموارنة من لبنان، وحول لبنان بكامله إلى بلد سكانه مسلمين. ماذا يصير؟ ستتهاوى الديمقراطية، وستخرج برأسها عشرات المنظمات السلفية الخليجية المدعومة مخابراتيا، وسترفع رايات الأمارات الإسلامية لمحاربة حزب الله وسيتمزق لبنان إلى قطع. وبالطبع، ستهنأ إسرائيل بطول السلامة.
    لذا الجنرال العماد ميشيل عون يتحالف مع حزب الله ويدعو قومه المسيحيين للمقاومة، وطالب عون المسيحيين بالثبات والتمسك بوطنهم والنضال ضد المخططات السعودية الأمريكية الإسرائيلية، وقال لهم: هيك ما يجوز عند أول طلقة يحزم المسيحي حقيبته ويفل من البلد. مع العلم: الجنرال عون مغضوب عليه سعوديا وخليجيا. كذلك مع الأسف هذا الجنرال الرائع لا نجد في السودان من يقدم له دعوة لعمل محاضرة سياسية لكي يشرح لنا كيف يتدفق المال السعودي في لبنان أسرع من تدفق نهر الليطاني. وبدلا من دعوة الجنرال عون، يعزم بعض السودانيون شبيههم الداعية عمرو خالد لكي يحاضر السودانيين في "فوائد عمل المنظمات الإنسانية" – وأثمرت محاضراته بالبركة في السودان حتى نمت ألف منظمة اغاثية كلها تسبح بحمد "الإنسانية".
    المثال الثالث العراق. منذ ستة سنوات، أي منذ سقوط نظام صدام حسين في 9 أبريل من عام 2003م، ودول الخليج ومصر والأردن والسودان الخ لا يعترفون بالدولة العراقية القائمة – حتى عمرو موسى لا يعترف بها. فمثلا السودان –علي كرتي وشركاه- يتعللون بالاحتلال الأمريكي للعراق، ويخافون من الاقتراب من قضية العراق. حتى تلفزيون السيد حاتم يخاف من فتح قضية العراق – يتركون الأمر للمذيعة "البريئة" مروة الحاج لكي تسأل أسألتها الطيبة والساذجة لضيوفها، وهي في حالة نعاس: ماذا يجري في العراق؟ ولحسن حظ السيد حاتم، حتى ضيوف التلفزيون يجهلون ما يدور في العراق، ولكن بحق وحقيق. أما دول الخليج في الشأن العراقي، يجعلون "الغير" في إعلامهم يصرحون بالنيابة عنهم بشكل مباشر في العربية والجزيرة إنهم "يقاومون" الاحتلال الأمريكي. وهكذا ينخدع المشاهد العربي بذكاء – فطالما تناضل تلفزيوناتهم سيعتقد المشاهد الضحية أن دول الخليج فعلا تناضل ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
    ولكن من يتتبع تصريحات المسئولين السعوديين أنفسهم يفهم ما يجري في العراق، فوزير الخارجية سعود الفيصل صرح في أكثر من مناسبة وكرر مرارا في بريطانيا وأمريكا وفي مصر وفي بلاده "أن أمريكا قدمت العراق لإيران والآن عروبته في خطر"، بمعنى أن الوزير السعودي يعتبر أكثر الذين يحكمون العراق الآن ليسوا هم من العرب ولكن من الإيرانيين. وبما أن العراقيين يعتبرون ذلك مغالطة وتشويها للواقع في العراق لكن المسئولين السعوديين مؤمنون بهذه القناعة، فتركي الفيصل مثلا رئيس المخابرات السابق كرر قبل عدة أسابيع وللمرة الثانية: "أن عروبة العراق باتت مهددة وأن السعودية ستعمل على إعادة العراق إلى عروبته مهما كانت التحديات أو الصعاب”.
    وواضح لكل سياسي مبتدئ أن هذا الكلام تدخل سافر في شؤون دولة العراق الداخلية ودليل على الدور التخريبي الذي تقوم به الأوساط السعودية المختلفة بدءا من الحكومة السعودية وانتهاءا بمنظماتهم الخيرية، وهيئات علمائهم النجديين – وآخرها قبل شهر أو أكثر فتوى عادل ال######اوي (أحد رموز المذهب والطائفة الجاوية) إمام الحرم المكي الذي جعر بها في الصحن المكي: أن شيعة أهل البيت كفرة – وحلل دماءهم. وعلى هذه القناعة المزيفة التي يسوقونها أن عروبة العراق في خطر، أرسلت السعودية منذ 2003م ارتالا بل عشرات الآلاف من الشباب السعوديين التكفيريين وجندوا الأفغان والباكستانيين، واليمنيين والمغاربة والتونسيين من أوروبا ودفعوا بهم إلى العراق بعد شحنهم بفتاوى التكفير والتحريض لقتل العراقيين الشيعة، ومولت هذه الأوساط فرق القتل والجريمة هناك بحسب اعترافات أبي عمر البغدادي لأجهزة الأمن العراقية، ويؤكد المسئولون العراقيون أن أكثر الذين يتم القبض عليهم في العراق هم من السعوديين يأتون من الحدود السعودية رغم النفي السعودي لذلك. إضافة إلى ذلك يتهم العراقيون السلطات السعودية باحتضان رموز المعارضة العراقية للحكومة الحالية أو بعض رجالات النظام المقبور واستقبالهم في الأراضي السعودية وتقديم العون والدعم لهم سرا وعلنا – مثل الشيخ حارث الضاري المفتي الديني لصدام حسين وهيئة علمائه التي ترتكز في الأردن. كل ذلك تقوم به السلطات السعودية، وكما هو واضح ويقول به العراقيون من أجل إعادة العراق إلى عروبته حسب قول سعود الفيصل، أي إنتاج نظام عراقي طبقا للمواصفات السعودية.
    فكم دفعت الحكومة السعودية من مليارات على مذبح عروبة العراق وقربانا لاستعادة عروبته التي ضاعت على حد زعمها؟ وماذا سيقولون لرب العالمين إذا سألهم بأي ذنب تقتلون هؤلاء؟
    ما يهمنا في الفقرة العراقية – هو الإدعاء السعودي الرسمي أن عروبة العراق في خطر. فأين سمعت بهذه العبارات أيها القارئ الكريم في مكان آخر؟ ألم نسمع "الخط السلفي الخليجي" في السودان يردد أن عروبة السودان في خطر؟ وهل تعرف من قالها؟ ومن سعى لترديدها والرغبة في ترويجها؟ ولماذا لم تجري الدماء في السودان كما هي تجري الآن في العراق؟ هل نسي القارئ الكريم؟
    قبل أن نقول لك من الذي أطق مقولة أن عروبة السودان في خطر، ومن من المؤسسات العربية التي رغبت أن تروج للمقولة في السودان وخارجه نلفت نظر القارئ بلطف، أن القاسم المشترك الآن مابين دولة العراق الحالية (بعد سقوط صدام) ودولة لبنان هي الديمقراطية. ألا تخيف الأنظمة الديمقراطية الحقيقية هكذا دول الخليج..؟
    ولكن لدينا عند هذه النقطة من الكتابة ما هو أهم من هذا السؤال. قد أوصلنا إلى فهم القارئ ثلاثة سيناريوهات في ثلاثة دول، الهندي واللبناني والعراقي. ما عليك الآن إلا لأن أجمع هذه الثلاثة سيناريوهات في سيناريو واحد مع القليل من التحوير، ستكتشف أن هنالك قوة خفية تدفع أهل السودان لفصل الجنوب.
    وللمزيد من الشرح: وجود حكومة الجنوب، أو قل أن يشارك السودانيون المسيحيون، جنوبيين أو أقباط في الحكم طبقا للدستور أو اتفاقية السلام، يتطلب نظاما سودانيا ديمقراطيا حقيقيا – كالحالة اللبنانية. أي كما وجود الموارنة المسيحيين في لبنان يفرض الديمقراطية. الآن أفصل الجنوب في دولة عن الشمال، ماذا سيحدث؟ ستنفرد دول الخليج بالسودان الشمالي المسلم، وستفتك به. ستخرج من تحت الأرض السلفية الوهابية التي يعدون لها بالأموال والسلاح والظواهري بشرنا بها. فالدول الخليجية، خاصة السعودية، لن يقبلوا بنظام عربي أو عربي أفريقي ديمقراطي مجاور فحسب، بل أيضا لن يقبلوا مطلقا بنظام إسلامي مجاور متقدما عليهم إسلاميا – لأنه سيفضحهم. لذا لو أنفصل الجنوب عن الشمال، ستبتلع السعودية بقية السودان المسلم بالرضا أو الإكراه.
    من الجانب الآخر، لو أنفصل الجنوب ستزغرد الدول الغربية أيضا، ليس لخوفهم فقط كأن ينجرف السودانيون الجنوبيون نحو الثقافة العربية أو قد "يستعربون" أو قد يدخلون الإسلام – كما كان خوفهم في الهند، بل أيضا لحسابات القوى والخسارة في ميزان القوة الاقتصادية والجيوبوليتيكية. فوحدة السودان من المنظور الغربي غير مرغوب فيها. وليس صحيحا أن الولايات المتحدة الأمريكية تعادي الإسلام كدين كما يروج بعض المحللين السياسيين مثل الدكتور حسن مكي – ذوي النزوع الذاتي الإسلامي، فالقوة الاستعمارية لا تدين بدين معين – فكيف يفسر هؤلاء المحللون أن الولايات المتحدة المسيحية ذبحت شعوب دول أمريكا اللاتينية واستغلتهم كالعبيد وهي شعوب مسيحية؟ الآن لا تملك الولايات المتحدة الأمريكية ولا موطن قدم واحدة في أمريكا الجنوبية، بل ملأت الفراغ إيران كحليف إستراتيجي، بينما العرب يسعون لوضع إيران كعدو بدلا من العدو الحقيقي: إسرائيل. هل أصبت بالدوار؟
    بهذه التحليل المبسط، يجب تفسير ما يجري الآن في السودان – الخط السلفي ودول الخليج يدعمون توجه فصل الجنوب. وهنالك العديد من الإشارات التي تؤيد هذا التحليل، فمثلا اغتيال الراحل جون قرنق الرجل القوي - من قبل الموساد والدول الغربية، وتصعيد مشكلة دارفور فورا عندما رأى مخططي السيناريوهات أن الجنوب والشمال على وشك أن يوقفا القتال، حتى ينشغل الشماليون بقضية دارفور ولا يساهمون في تنمية الجنوب بدافع الوحدة الجاذبة، وخذ مثلا وعود المانحين المالية أصبحت مثل أحلام أو وعود ظلوط، وتطويل مشكلة دارفور ما زال مستمرا بل مؤتمرات الدوحة أثبتت كما تنبأت في مقالة سابقة إنها أعدت لتطويل عمر المشكلة وليس لحلها – ولمن لا يعلم: مؤتمرات الدوحة قصد منها إعطاء الشرعية لورقتين محترقتين: عبد الواحد وخليل، وأخيرا وليس آخر نمو الخط السلفي الوهابي في السودان بوتيرة سريعة بدعم خليجي مباشر وعبر الاستثمارات الخليجية. وهنا سنركز في بقية هذه المقالة على الخط السلفي الوهابي.
    يتضح من التحليل أعلاه أن فصل الجنوب هو مطلب غربي ومطلب خليجي في آن واحد، يديره الخط السلفي الوهابي السوداني بالوكالة، بوعيه أو بغير وعيه. ولكن زعيمهم قال كل شيء في الصيف، أي في أول يونيو 2005م ما بعد توقيع مذكرة السلام الشاملة في 9 يناير 2005م، ولدينا كل ما قاله الشيخ جعفر شيخ إدريس في محاضراته تلك المشهورة. وهو الذي روج نيابة عن شيوخه في السعودية "أن عروبة السودان في خطر". وحاولت أو استلمت القضية قناة الجزيرة وأخذت تنفخ في هذه المقولة، ولكن بعد توقيع الاتفاقية ترك الشيخ السلفي السودان فجأة ولا ندري لماذا؟! ولكن مما لا شك فيه أن أتباعه وأشباههم، والذين انجرفوا لصالح الريال السعودي من "المتسعودين الجدد" ما بعد نيفاشا، أخذوا كالببغات يروجون بخفية ليس فقط أن عروبة السودان في خطر، بل أن الإسلام نفسه في خطر. وهذا الخطر المزعوم على العروبة والإسلام فهمنا سابقا يمثله الفرس في العراق، بينما تمثله في السودان الحركة الشعبية بتمددها كتنظيم سياسي في أنحاء الشمال.
    طنطن الشيخ جعفر شيخ إدريس في الخرطوم وأقامها وأقعدها بأن دستور السودان ليس إسلاميا، وحتى أنه أخذ يطعن في اتفاقية سلام نيفاشا بعد أربعة أشهر من توقيعها، ولكن بعد محاضراته تلك المشبوهة اختفى الشيخ جعفر فجأة، فهل خيرته الدولة أن يختار ما بين الصمت أو أن ينفى نفسه إلى نجد طوعا؟ ربما. الشيخ جعفر شيخ إدريس من ضمن هؤلاء السلفيين الذين ربطوا حياتهم بالخارج وبالتحديد بأهل نجد، وعندما ألقى محاضرته في أول يونيو 2005م في الخرطوم شن فيها هجوما عنيفا على العلمانية والديمقراطية، مبينا أن هناك من يتعلقون بأوهام حول العلمانية باعتبارها محايدة، وهذا في رأيه خطأ كبير، لأن في نظره أي نظام حكم في لغة العرب دين، (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) أي نظامه وقانونه، وبهذا فالعلمانية في نظر جعفر شيخ إدريس نفسها دين. أما الديمقراطية في نظره: فإن إشكالها الأساسي أنها تجعل البشر يشرعون من دون الله تعالى، وهذا مخالف تماما للإسلام.
    ومما قاله الشيخ جعفر وقتها أيضا: أن الحكم في الإسلام عبادة، لذلك لا يمكن أن يُعطى لكافر. وقال الدكتور جعفر شيخ إدريس: أن الحكم الإسلامي الأساس فيه الدين لا الوطن، فالمواطنة ليست الأساس في الحكم على الناس، وفي صدر الإسلام كان أبو لهب -مثلا- مواطنا من الدرجة الأولى على حسب قوله، ويضيف: لكن ذلك لم يعطه حقا في الإسلام لأنه كافر.
    الانفصال الانفصال في السودان على طريقة الهند والباكستان!! ولهذا الهدف دعا الدكتور جعفر شيخ إدريس: إلى أن يكون السودان أرضا إسلامية (ونقول: وكأنها أرض ليس فيها مسلمون!!)، تحكم حكما إسلاميا خالصا (!؟)، وينطلق منها الإسلام (!؟)، لأن الشورى –في رأيه- نفسها يجب أن تكون بين المسلمين فقط (وأمرهم شورى بينهم)، كما هاجم تلميذ بن باز فكرة الدستور نفسها، مبينا أن المسلمين لا يمكن أن يصيغوا ورقة ويدّعوا أنها القانون الأعلى لهم، لأن قانون المسلمين الأعلى يتمثل في كتاب الله تعالى وسنة الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم. ونقول: هكذا قلب شيخ نجد الطاولة مرة واحدة للتمهيد لفصل جنوب السودان.
    ولما توعدت الدولة السودانية بالعقاب كل من يقف في وجه اتفاقية السلام، أتخذ السلفيون التقية سلاحا. وأخذوا يروجون لمزاعم شيخهم السلفي الزائفة بصمت وبخفية في كل ركن من أركان السودان، خاصة في أوساط الطبقة الوسطى أنصاف المتعلمين، وفي أوساط الطلاب في الجامعات خاصة الجامعات الإسلامية مثل أمدرمان وجامعة القرآن الكريم، وجامعة أفريقيا العالمية أن عروبة السودان في خطر. وكذلك سيطر الخط السلفي على تلفزيون السيد حاتم، ومن قبله الدكتور أمين، وعتم هذا التلفزيون عن الجنوب بالكامل. بل أخذ التلفزيون يضيع ساعات بثه في كثير من القضايا الهامشية والثانوية ولم يركز على الجنوب.
    مقولة: أن عروبة السودان في خطر تضحك الثكلى. لم تتوقف الببغات السلفية مع نفسها ولو للحظة، لكي تكتشف: أن العكس هو الصحيح. كلما تمددت الحركة الشعبية أو كلما تمدد السودانيون الجنوبيون في كافة أرجاء الشمال كلما تحرك لسانهم بالعربية وصاروا أقرب أو أكثر اندماجا في النسيج الاجتماعي السوداني العام. وبالطبع رغبت قناة الجزيرة أن تسخن الموضوع، وإليكم القصة الجميلة التالية:
    (الجزيرة) وأنا وحوار المناطحة
    رن جرس الهاتف واخترق سكون الظهيرة. لم أختر له نغمة موسيقية أو أغنية مفضلة. حسبت ذلك غير لائق لرجل في مثل سني. جاء صوته من وراء الهاتف يمتلئ بالراحة والشعور بالأهمية.
    : الدكتور محمد إبراهيم الشوش؟
    قلت أحاول أن أخفف من الرسميات الجافة
    : نعم بعينه وصفاته.
    استخف بخفتي وواصل:
    : أنا فلان «نسيت الاسم» من قناة الجزيرة.
    قلت وأنا ما أزال أتعشم في نسمة هواء: أهلاً بالجزيرة وناسها الأفاضل، وأهلاً بقطر وأهلها، أنبه بذلك إلى علاقات الود القديمة التي تربطني بقطر.
    قال يقلل من أهمية هذه العلاقة الوشيجة: لقد اشتغلت في قطر؟ قالها كمن يتهمني بعمل مشين.
    أجبت وقد أدهشتني النبرة الخالية من الود: نعم اشتغلت في قطر. لم أر فائدة من تحديد طبيعة شغلي، حتى لا أنسب لنفسي زمالة غير مرغوبة.
    تجاهل هذه المعلومة، ودخل في الموضوع، قال: نريدك أن تشترك في برنامج «الاتجاه المعاكس» حول الوجود العربي في السودان. هناك من يرى أن العرب مستهدفون وان هناك خطة لتقسيم السودان وتغليب العناصر الإفريقية بحيث تتم أفرقة السودان. ورأي مخالف يرى أن العرب في السودان هم أس البلاء، وإنهم وفدوا إلى السودان وشرعوا في استعباد أهله الأفارقة الأصليين، وعمدوا لفرض دينهم ولغتهم وثقافتهم.
    قلت: ولكن الأمر ليس بهذه البساطة للقضية جوانب تاريخية واجتماعية واقتصادية. وهذا التبسيط إنما يكمن في قلب المخطط الذي يرمى لتقسيم السودان، وتدفع إليه قوى غربية على رأسها الذين يخططون سياسة الإدارة الأمريكية الحالية. وهناك عوامل كثيرة تلعب دوراً في هذا النزاع منها مطامع شركات النفط والموارد الطبيعية ومنها الخلافات القبلية نتيجة لعشوائية ترسيم الحدود بواسطة الاستعمار وهو ما تعانى منه كل الدول الإفريقية. وكل هذه تتخذ مبرراً للتدخل الأجنبي لتعميق الشروخ وإشعال الفتن. قلت كل ذلك في لهفة وبدون ترتيب منطقي، فقد كان يقاطعني بعد كل كلمة، مؤكداً إنهم لا يريدون طرحاً أكاديمياً وموضحاً لشخصي الأكاديمي الغابر أن برامج التلفزيون لا تتحمل كل ذلك. وما يراد منى على وجه الاختصار والتحديد أن أدافع عن الوجود العربي في وجه الاتهامات الموجهة إليه. وحدد لي بالضبط ما يتوقع مني. وقد تعجبت، إذا كان يعرف ما يجب أن أقوله فلماذا لا يقوله هو ويريحني.
    على أي حال تبين له انه أراد ناراً مشتعلة فوقع على نار هادئة. قال على عجل وهو يخفي خيبة أمله: هذه مجرد دردشة وسنتصل بك في موعد لاحق. ونجا بجلده. وأعرف بالطبع انه سيعثر على ضالته: عنزان يتناطحان أمام المشاهدين وفي عراكهما يثيران دخاناً كثيفاً يحجب الحقيقة. فالحوار هنا لمتعة القارئ لا للتوصل إلى الحقيقة. هذا هو المفهوم الذي غاب عني لأنني أكاديمي لا أفهم فن الإثارة الإعلامية.
    وأسفي الشديد للأخ المتحدث عن الجزيرة إنني خيبت أمله. فما هكذا أفهم الحوار والجدل. وإنما يكونان بالعقل لا بالمخالب والقرون ولا جدوى منهما أن لم يؤديا إلى تفاهم وحلول. وما يواجه السودان اليوم أخطر مما يمكن تحويله إلى صراع ديوك لمتعة بعض الفارغين من العرب وهم يتسلون أمام شاشاتهم بكل ما تزخر به من متع وتسلية بريئة وغير بريئة. أ.هـ.
    هكذا كانت الجزيرة ترغب في تسخين أن عروبة السودان في خطر. الشيء المدهش والمثير للتساؤل علاقة جامعة أمدرمان الإسلامية بقناة الجزيرة. فحتى العامة في السودان أدركوا بحسهم الفطري أن هذه القناة تعمل لإسقاط النظام القائم. فكيف تصبح قدوة لجامعة أمدرمان الإسلامية؟ هذه النقطة تحيرني.
    وكما يقولون أن المال يحرك الجبال. عليكم تخيل كم من المليارات دخلت السودان لصالح الطابور الخامس السلفي ومشتقاته لفصل الجنوب – المعذرة لإنقاذ عروبة السودان. لماذا تؤاخذون السعودية إذا كانت ترغب في إنقاذ عروبتكم؟ فمليونين ونصف من الكيلومترات المربعة هي كثيرة، فحتى لو أنفصل الجنوب تتبقى لكم مساحة ضخمة، فلماذا يغضب السودانيون؟ من فضلكم لا تسألوا عن منطقة العديد أو نجران – فهذه شؤون داخلية بحتة. فإذا صرفت المملكة السعودية مليارا ومائتي مليون دولارا فقط لإسقاط الجنرال الميشيل عون وحليفه السيد حسن نصر الله في الانتخابات اللبنانية، فكم يكون المدفوع لفصل الجنوب بدعوى الحرص على عروبة السودان؟ وكم دفعوا لإنقاذ عروبة العراق؟؟ وقيل أن المملكة تحضر لعشرة مليار دولارا من أجل الانتخابات العراقية القادمة.
    وكم من أساتذة الجامعات الإسلامية في السودان سقطوا في مستنقع الريالات السعودية؟ فمن الملاحظ إنهم يعدون عدتهم لما بعد انفصال الجنوب. ويمكن ملاحظة أن هنالك عددا هائلا من أطروحات الماجستير أو الدكتوراه التي ركزت على "الدولة الإسلامية". ولقد وواتتني الفرصة لقراءة إحدى هذه الأطروحات في طبيعة "الدولة الإسلامية" – فهي من الهزال بحيث تصاب بالصدمة. تجميع تكراري لنصوص مستلفة من الكتب. أي أنهم يسلقون الماجستير والدكتوراه – بل يهدونها لبعضهم البعض. ولكنك لا تعدم بعض أساتذة الجامعات من يخدم علمه الحقيقي لصالح السلفية – خاصة في علم النفس الاجتماعي والسلوكي- مثل الدكتور علي محمد علوان بجامعة الرباط الوطني، وهذا "الأسلوب العلمي" قد يفسر غياب نشاط بن لادن والظواهري في السودان. فالدعوة لتوحيد أهل القبلة، ودمج التعليم الأصيل بالحديث الخ، كلها دخاخين لتقوية الخط السلفي من جهة وضرب الخصوم مثل الطرق الصوفية من جهة أخرى بأسلوب علمي في مقتل. أي التركيز على القيادات الدينية وعبر عنها الدكتور علي محمد علوان بال cabinet - ومن المعروف، لو أردت أنت أن تفككك ظاهرة اجتماعية –مثلا دينية- فعليك بالتركيز على القيادات.
    وغياب نشاط بن لادن والظواهري في السودان قصدنا به غياب التفجيرات والسيارات المفخخة – ماركة القاعدة. لا توجد. ليس لأن الأمن السوداني قويا، بل لأن هنالك تفاهمات تحتية تمت مع المملكة السعودية – فعلاقة السعودية مع السودان جيدة. والأبواب مفتوحة ومشرعة لدول الخليج – فهل هذا تكتيك ظرفي؟ عموما، غياب التفجيرات في السودان يفسر أن بن لادن والظواهري تحركهما مخابرات المملكة السعودية مباشرة، هذه العلاقة المباشرة ما بين الطرفين أكدتها الكثير من المصادر مؤخرا. ولعله رضا المملكة عن السودان يفسر غياب نشاط بن لادن – أي غياب قنابله رغم أن الظواهري يتشوق كأن يرى السيد الرئيس عمر البشير في قبضة أوكامبو، ويصبر بمضض على ضعف حكومة السودان. فهل هنالك جهة خليجية تمنع القاعدة من النشاط في السودان؟ نحن مع الرأي إن بن لادن والظواهري تحركهما السعودية مباشرة، فأبن لادن في عام 1989م كان يحاضر في الرياض بعد رجوعه من أفغانستان بطلا إسلاميا لنقل جهاد العرب الأفغان إلى اليمن والعراق. وصدق الرجل. وأسكتته وقتها سلطة الملك فهد السعودية حتى لا يحرجها مع "الصديق" صدام حسين. اليوم نرى السعودية بثقلها في العراق واليمن – وما يجري في هذين البلدين يفوق إمكانيات بن لادن والظواهري. بل أن المملكة رسميا تصرح بتدخلها في الشأن العراقي، ويضرب طيرانها الحوثيين في اليمن دعما لعبد الله صالح.
    وبما أن النسيج الاجتماعي بالضرورة أكثر تعقيدا، نكون غير منصفين لو حصرنا المؤامرة السلفية لفصل الجنوب فقط في خانة الخط السلفي..الذي يتحرك بعكازين من الريالات، والذي بالرغم من قلة أتباعه، لكنه أكثر تنظيما وأكثر مالا ورصدا للواقع السوداني، ويجيد نشر الإشاعات..وتخريج الدعاة بشتى الحيل، مثل محاربة التشيع. وفي الحق، لقد ركز الخط السلفي لاجتذاب الشخصيات التي تتبوءا مقعدا في مفاصل الدولة أو في الجامعات. بينما ركزت مؤسسات دول الخليج "العصرية" على الصحفيين بالذات، فإما أن يجعلوك مراسلا لأحدى صحفهم فيقطعون لسانك، أو يتملقونك ويشجعونك لو كنت صحفيا تعادي الشيخ الترابي وثورة الإنقاذ. فمثلا السفير السعودي يرسل –دعوات للحج مجانية ومدفوعة الثمن بالكامل- لهذا النمط الأخير من المثقفين والصحفيين غير الإسلاميين، الدكتور زهير السراج الطبيب الصحفي، وقلمه معروف، يتلقى هذه الدعوة المجانية للحج مدفوعة الثمن بالكامل – سفر وإقامة الخ.
    كذلك حملة التشكيك والتخذيل في أوساط السودانيين لفصل الجنوب ركزت على الخدمة المدنية لفصل رأس الدولة عن أجهزتها الدنيا. ولو استطاع الخط السلفي ومشتقاته تجنيدك بالكامل ستتمرد على جهاز الدولة، بل ربما ستحرك موقعك ومنصبك لصالح توجهات الخط السلفي وأشباهه وليس في صالح رئاسة الجمهورية أو للصالح العام. فإذا أقنعوك أن الدولة كافرة، ولا يجوز مثلا أن يكون السيد سيلفا كير نائبا أول لرئيس الجمهورية، وزينوا لك لينفصل الجنوب..وليذهب للجحيم، أو لو لعب الشيطان برأسك وزين لك أن أسرع وسيلة لطلب الثراء السريع والخروج من دائرة الفقر دق أبواب سلفي الخليج وعرابينه – ستذهب إليهم برجليك وستلعب لعبتهم. ومن الخطأ فهم "الحالة السلفية" ومشتقاتها أو "الظاهرة السلفية" عموما عبر تلك الصورة النمطية كأن يطيل أحدهم لحيته. هذا ضرب من السذاجة، فهل كان رفيق الحريري وابنه سعد وبهاء – يطيلون لحيتهم، أو يثرثرون بإبن تيمية؟ فالقضية ليست دينية كما يعتقد الكثيرون – بل تلعب المصالح المالية والهيمنة السياسية الدور المطلق. وأكبر دليل على ما نقول، صمت "هيئة علماء السودان" عن اعتقال الشيخ العلامة مساعد علي بشير في القاهرة. فكيف نفسر هذا الصمت سوى لصالح الخط السلفي المقطوع اللسان، ولماذا أعتقل هذا الشيخ الطيب الصدوق في مصر؟ ولماذا لا يظهر هذا الشيخ في التلفزيون القومي؟ ولماذا تظهر فقط على شاشة التلفزيون وجوه بعينها في القضية الدينية؟
    الشيخ مساعد علي بشير من شيوخ المالكية، وأحد أوعية علوم الحديث، ومع الأسف هذا الشيخ مدفون ومطمور ولا يشير إليه أحد، ولكن شاء ربك أن يظهره عبر حساده وأعدائه – ويمكرون ويمكر الله. ولي تجربة مع هذا الشيخ بالصدفة. فعندما وزر عصام البشير وزيرا، سابق عصام البشير الريح ليطلق أكبر عدد من الدعاة البسطاء الطيبين وكرر في مسامعهم كثيرا أن عمر بن الخطاب أعطي تسعة أعشار العلم. هكذا حقنهم الرجل وهو أحد خريجي الكليات السعودية في علم الحديث. ولا تحتاج إلى أن تكون دكتورا في علم الحديث حتى تعرف أن هذه الرواية من الموضوعات – وعمر بن الخطاب بعظمة لسانه يقول عن نفسه: كل أحد أفقه من عمر. عندما صححه أحد صبيان الأنصار في آية. ولو اكتفى الشيخ عصام البشير بما يفعل الدكتور عبد الرحمن بأن يطلق على مؤسساته أسم عمر وعثمان وحفصة..لهان الأمر. فما مني إلا أن أرسلت لصحيفة السلفيين التي تسمى المشكاة باسم مستعار هذا السؤال: ما صحة ما روي من أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أعطي "تسعة أعشار العلم". هل هذا صحيح؟ ومن أي مصدر يمكن قراءة هذا الرأي، ومن قاله؟ ولقد حول أصحاب الصفحة السؤال للشيخ مساعد بشير علي ليرد على هذه المسألة. ومن أين يعرفون الإجابة مع ضعف حالهم؟؟ ويبدو أنهم حولوا السؤال لمن هو أعلمهم. فجاء رده مخيبا للخط السلفي الخليجي وهذا ما يؤكد مصداقية الشيخ مساعد، فشنوا عليه حملة عنيفة فحواها: كيف يتجرأ ويكتب ذلك في عمر؟؟ سبحانه الله؟؟!! ربما سحبت صفحة المشكاة رده – والله أعلم.
    كتب الشيخ مساعد في رده على السؤال: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن هذا ليس بحديث، إذ أنه لم يرد في كتاب من كتب الحديث، فقد ذكره أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب دون سند، وذكره عز الدين ابن الأثير بإسناده وفيه كذّاب، وهو عبد العزيز بن أبان، كذَّبه الجمهور، ومنهم من جعله ممن يروي المنكرات، أي منكر الحديث، وفيه كذلك من لا يُعرف، وفيه ابن مردويه مع أنه ثقة إلاّ أنه لا يعول عليه لأنه يروي كثيراً مما لا أصل له ويروي الضعيف، وكذلك ذكره الغزالي في الإحياء، ومعلوم أن الغزالي أبا حامد حاطب ليل في الحديث وليس له به معرفة إذ أنه فقيه، وقد جعله، أي هذا الأثر، من العلوم الباطنة لأهل التصوف وهذا تفسيرٌ باطل، وعلى أي حال لا يصح ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".
    ولعل هذا الرد أغاظهم، ويدلل أن هذا الشيخ العالم الجليل ليس من يقتات من مائدة الريالات السعودية. وبعد اعتقاله في مصر ألقت الصحافة عليه المزيد من الأضواء وظهر على الملأ أنه من كبار علماء المالكية..وتتلمذ على يديه الكثيرون – حتى من السعودية. بل نقول ربطا للحادثتين نجزم أن الخط السلفي السوداني هو الذي أوعز لأهل الرياض أن الرجل يضايقهم كثيرا وعقبة كؤود في طريق تعاليم شيخهم ابن تيمية..وشطحاته التكفيرية. فأرسل أهل الرياض بدورهم عن عمد إشارة خاطئة لأهل لاظوغلي..فتم اعتقاله على سلم الطائرة بتهمة النشاط الإرهابي. من المضحك أن أكثر من عاصمة غربية، حتى هيومان رايتز ووتش إياها العوراء اتهمت المملكة أنها تستغل سلاح مكافحة الإرهاب لتنال من المعارضة السعودية..وهنا نرى أن هذا السلاح أمتد حتى إلى العلماء الخصوم، أليست عقلية الأمن المصري مضحكة..فهل سمعتم أن شيخا مالكيا أو شافعيا ينخرط في الإرهاب؟ ولكي تفهم الفولة وقشرتها: يكتب شيخهم بن عثيمين –تلميذ بن باز- في كتبه، وله زبائن في جامعة القرآن الكريم والتلفزيون القومي السوداني: إن المذاهب الأشعرية تدين بدين غير دين الأنبياء!!
    ما كتبه ابن عثيمين دليل آخر يشكك في مصداقية المؤسسات الدينية القائمة في السودان، فهل لا يوجد ولا عالم واحد سوداني يرد على ابن عثيمين؟ وقد أخرج هذا العثيمين كل أهل السنة الأشاعرة من الإسلام والملة؟ بل كفرهم ووصمهم بالشرك. وبعد أن كفر الجامي عادل ال######اني كل الشيعة وأخرجها من الإسلام لم يتبقى من المسلمين سوى "نعاثل أهل نجد" التي رفض نبينا الكريم (ص) الدعاء لها بالخير - وهذه من المشهورات والمراسيل. ونقول، تعس عبد الدينار، ويبدو أن لقمة العيال هي التي تقهر شيوخ البلاط.
    ولكن الخطر على الدولة السودانية لا ينحصر في السلفية فحسب، بل أيضا يأخذ أشكالا وتعبيرات أخرى اجتماعية اقتصادية عبر تدفق الأموال الأجنبية، وهذه المرة ليست أموالا خليجية بل غربية. وسنصف بعضها هنا في عجالة، فهنالك مثلا جيوب في عروق الدولة تتصيد أصحاب الاستثمارات الأجنبية وهؤلاء "يتصنعون" التدين ويميلون مع كل دين. وجيوب أخرى "محلية" تتصيد بعض القطاعات ليكون حكرا لها – مثلا قضية توطين العلاج، وهذه القضية لم تنتهي بعد. وهنالك جيوب "القوى الحديثة" أو "الإنتليجينسيا" غالبا في الجامعات وبعضها يعمل في منظمات المجتمع المدني وجميعهم يلهث خلف دعومات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الخ، ولكن أخطرها أصحاب الألقاب العلمية في الجامعات، من درجة دكتور وبروفيسور، ويتعدد نشاط هذه الفئة بدءا بالبرمجيات والحاسوب، وعبورا بمراكز البحوث والدراسات الاجتماعية والإستراتيجية، وانتهاءا بالاستشارات الاقتصادية.
    ولكن أيضا هنالك جيوب خط الإغاثة..وعلى ظاهرة دارفور نمت ألفا منظمة إغاثة بسرعة تفوق سرعة نمو الصراصير. ونقول، طرد أو تجميد نشاط ثلاثة عشرة منظمة أجنبية لا يحل قضية دارفور. كذلك ليس فقط الدول الغربية الأجنبية هي الوحيدة التي تستخدم منظماتها لأجندة أخرى، أو كون طبيعة نشاطها "بزنز" أو تعمل لهدف تجسسي أو تخريبي، بل تفعل ذلك أيضا منظمات دول الخليج. بل أنني أرى "تدخلات" منظمات دول الخليج للإغاثة أخطر من "تدخلات" منظمات الدول الغربية. فالأخيرة أثرها محدود وظرفي، بينما منظمات الإغاثة الخليجية تنشر معها المذهب الوهابي أينما حلت، وتصنع فتنة مذهبية ودينية عميقة في المجتمع الذي ترتكز فيه – البوسنية، وكوسوفو والشيشان الخ، ولا نقصد هنا العداء التقليدي ما بين الوهابية ومذهب أهل البيت والصوفية، بل المذهب الوهابي هو نفسه لاغيا للمذاهب الأشعرية السنية الأربعة بالمطلق. وباستجلاب المنظمات الخليجية كبديل (ألم تلاحظوا أن البكاء على المنظمات المطرودة فجأة توقف؟)، يصبح لسان حال أهل السودان كالمستعين على الرمضاء بالنار. وفي هذا الصدد، نشرت في عام 2003م في بعض مقالاتي ما يسمى بفهم القوة، وذكرت قوانينها –ولسذاجتي- لم يعمل بها أحد في السودان، بل أنهم يعملون عكسه تماما. وحقا، ربما وضعت نفسي في موضع السخرية والحقد، أقله: كقاطع للأرزاق. حتى كتاب جون بيركينز لم يجد أي ترحيب أو تعليق ولا حتى من المعيز. وعموما، لم أجد من يتفاعل مع هذه القوانين لأن الجميع مصاب بأنفلونزا الخنازير – نقصد بأنفلونزا الدولار. وأحد هذه القوانين للقوة الذي ركزت عليه بصدد دارفور أسمه أحتقر الوجبة المجانية، وينص: "ما يقدم إليك من عطاء مجاني هو خطر – أنه يتضمن إما خدعة أو يستبطن واجبا مخفيا. ما له قيمة فهو يستحق أن تدفع مقابله. بدفعك قيمة فاتورتك بنفسك تنأى بنفسك عن الامتنان، والشعور بالذنب، والسقوط في براثن الخديعة. ومن الحكمة دائما أن تدفع الثمن كاملا – بعدها لن يشوب امتيازك شائبة. كن كريما بمالك ودعه يدور، فالكرم علامة فارقة ومغنطيس للقوة". هذا هو أحد قوانين القوة.
    وشهد شاهد من أهلها. فبصدد هذه المنظمات الخيرية الخليجية أتت قناة العربية بريبورتاج طوله ربع الساعة مثيرا للانتباه، فقد أجزمت القناة أن هنالك 345 منظمة خيرية وإغاثية سعودية تعمل في داخل المملكة ولها ارتباط مباشر بالدولة السعودية بعد أن أوقفت المملكة نشاط المنظمات الخيرية "الأهلية" بضغط أمريكي عقب 11 سبتمبر 2001م وحصرت هذا النشاط في دوائر معينة من المنظمات المحسوبة على الدولة وربما على أجهزة المخابرات. وفي تقديرنا لا تعدو هذه الخطوة الأمريكية السعودية من كونها عقلنة للموارد المالية في اتجاه معين – كسلاح إستراتيجي. ورغم حصول هذه المنظمات السعودية الخيرية على أموال مهولة، لكن فقراء المملكة الكثر لا يحصلون منها على شيء يذكر – سوى الفتات، وتساءلت مذيعة قناة الإبراهيمي: أين تذهب هذه الأموال الضخمة؟ ولماذا تصرف هذه الأموال خارج المملكة؟ ورد عليها أحد النشطاء في هذه المنظمات ولكن رده لم يكن مقنعا. وما لا تدركه مذيعة قناة العربية فأموال هذه المنظمات السعودية الخيرية تذهب للترويج التبشيري للسلفية الوهابية خارج المملكة، أو توظف في الانتخابات في بلد ما، وأيضا في تمويل ودعم الحركات الإرهابية المقاتلة في العراق، واليمن، والصومال، وفي لبنان – مثل إنشاء تنظيم فتح الإسلام واشتعال معركة نهر البارد طبقا لتقرير سيمون هيرش، وتذهب إلى الباكستان، والأفغانستان، والجزائر الخ.
    فمثلا فؤاد السنيورة في فترة حكمة التي بلغت أربعة سنوات صدق بتوقيعه على العشرات من المنظمات الخيرية اللبنانية...فأفهم!! وأخيرا أعترف الإرهابي أبو عمر البغدادي رئيس "دولة العراق الإسلامية" الذي أعتقل مؤخرا بأن الأموال تصلهم من السعودية عبر المنظمات الخيرية في مصر والسعودية وسوريا. وتكهرب الجو لذلك ما بين بغداد والرياض حتى صرح نور المالكي أن حسن النية مع السعودية اعتبرته الرياض سلبيا ضعفا عراقيا!! ولم يسكت وزير الداخلية السعودي نايف بن عبد العزيز الذي نفى التهمة وطالب العراق أن تمسك بحدودها!! وأعربت السلطات العراقية عن استغرابها من رد الوزير السعودي وكأن العراق الذي يصدر الإرهابيين للسعودية لا العكس، إذ ما يزيد عن 50% من السلفيين الإرهابيين العرب الذين في قبضة العراق هم سعوديون.
    ما هو ضرر هذه الأموال الأجنبية؟ عادة من أعراض الأموال الأجنبية على متلقينها..إنهم يصابون بحالة من قطع اللسان، والحرص والحذر discrete، والموات والتكتم، وعدم التفاعل الحقيقي مع القضايا الوطنية الحقيقية والوقوف في المنطقة الرمادية، ويتميز سلوكهم كذلك بالغموض وضرب العزلة حول أنفسهم إلى حد عدم التفاعل الاجتماعي إلا في دوائر ضيقة تحس فيها ومعها بالأمان – كل ذلك حرصا على ديمومة الرزق ولكي لا ينقطع، أو لكي لا ينكشفون. والمتلقون رغم أنهم ليسوا بعملاء بالمعنى الحرفي، ولكن وخذ الضمير لا يتركهم في حالهم – فحين يأتي المال باسم دعم الديمقراطية وتطوير القدرات يصبح هذا "المال" حلالا. ومن الناحية الأخرى، المانح لهذه الأموال لا يهب أمواله هبة في ذات الله. بل عينه تراقب المتلقي بطرف خفي، ولكن هذه العين لا تتدخل تدخلا سافرا، بل تلعب بروافع القوة الخفية كفتح الأبواب والتصعيد والتلميع الإعلامي من على بعد، أو العكس، قد تغلق. وفي هذه اللعبة الخفية، يدرك المتلقون ما هو المطلوب..ويضبطون أنفسهم تلقائيا.
    نحن لا نبالغ..في قضية الأموال!! فصنع ما يسمى "بالثورة المخملية" عبر تدفق الأموال الأجنبية هي ظاهرة أصبحت الدول الغربية تصرح بها علنا وتقاوح بها. آخر تصريح كان لهيلاري كلينتون، التي قالت: صرفنا المليارات على منظمات المجتمع المدني المصري. وبالطبع سعد الدين إبراهيم ومشتقاته السودانية ربما كان لهم النصيب الأكبر من الكعكة. وعلينا أيضا تأمل ما جرى وحدث في إيران. وكاد الطابور الخامس في السودان أن يطل برأسه لولا اعتقال الشيخ الترابي، فاعتقال الشيخ كان هو إنذار للجميع، على طريقة: إياك أحكي وأسمعي يا جارة.
    وينتج عن تدفق الأموال الأجنبية من قبل الدول الغربية أو من قبل دول الخليج نتائج خطيرة مثل عدم استتباب السلم الاجتماعي، وإلغاء قانون المنافسة الحرة الشريفة، وتلاشي تكافؤ الفرص، وتحنط القوى الفاعلة وتشرذمها في المجتمع سياسيا – وقد تتقاتل سرا ضد بعضها البعض على الغنائم الأجنبية..الخ. فحين يصبح هم الخريجين الشباب في الخرطوم التوظف لدى هيئة أجنبية..لأنها تدفع أكثر، أو أن يتركوا أنفسهم لكي يستقطبوا حول الوعود بالعمل في الخليج أو في شركة أو مؤسسة خليجية الخ، تحدث الفجوة ما بين القيادة العليا للبلاد وما بين البنى التحتية. فرئاسة الجمهورية في تحدى واضح مع قوى الاستكبار العالمي الغربي، ولكن مع الأسف البنى التحتية الفاعلة توجه نظرها نحو الخارج وتتطلع إلى الفتات، هذه الحقيقة أزعجتني كثيرا، وبعضهم يعمل بخفية..!! رئاسة الجمهورية غير مدركة أن هنالك تآكل في أساس صرح الدولة. فعندما تعبث شرذمة من الهواة في دارفور من المنظمات الأجنبية لتجميع أدلة زائفة تسوقها لمحكمة أوكامبو لمدة تفوق الخمسة سنوات، وعندما ينذر شباب المؤتمر الوطني القيادة العليا مبكرا ولا تحرك ساكنا، نشعر أن هنالك جيوب في مفاصل الدولة ترغب في أن تؤول الأشياء إلى ما آلت إليه..كأن يضعوا الجرس حول عنق رئيس الجمهورية!! ولكن الذي أنقذ تماسك النظام في السودان هم جمهور العامة البسطاء الذين خرجوا للشوارع لعمر البشير..ولا يعود الشكر أبدا لمؤسسات الدولة!! هذه المؤسسات التي فشلت حتى في انتزاع حواسيب المنظمات المطرودة قبل طردها...هذه النقطة محل تساؤل كبير. هل أخطأت حسابات الطابور الخامس؟؟ نعم، مذكرة أوكامبوا قصدوا منها تفكيك نواة المؤتمر الوطني، أي الcabinet بلغة الدكتور علي محمد علوان.
    بالمجموع، وبالرجوع للقضية الأساسية، نقول، في هذا المناخ المتشرذم والواقع السلبي المحرض من قبل بعض الصحف والسياسيين على الانفصال يجب على السودانيين الجنوبيين أن يصوتوا في استفتاء حول الوحدة أو الانفصال. وكما قلنا سابقا ليست الفاجعة في أن ينفصل جزء جغرافي للسودان فقط، بل الفاجعة الحقيقية أن تستفرد دول الخليج بالسودان الشمالي المسلم المتبقي، وسيزداد حينها الخط السلفي شراسة ربما تشبه شراسة الطالبان. وإذا أنفصل الجنوب، وتمردت القوة الحاكمة في السودان على "مقررات" دول الخليج الابتزازية سنرى العنف والتفجيرات والاغتيالات كما نراها في الصومال واليمن والعراق ولبنان..الخ. وبصريح العبارة: الخط السلفي الخليجي ينتظر فصل الجنوب بشوق كبير. أنظر لقناة جزيرة كيف تزغرد لكل خبر سلبي للعلاقة ما بين الشريكين.
    فإذن خلاصة المقال أن السودانيون الجنوبيون فعلا يمسكون بمفاتيح القضية السودانية بمجملها..بل يمسكون التاريخ من قرونه!! ولكنهم مع الأسف لا يدركون أن مفاتيح التاريخ في أيديهم الآن، وفي مقدورهم ليس إنقاذ السودان والسودانيين فقط، بل في مقدورهم تحويل السودان الموحد إلى دولة عظمى في القرن الأفريقي والعالم العربي. أما لماذا لا يضع التلفزيون هذه الحقيقة العارية على الطاولة؟ أو لماذا الذين يدعون أنهم أصحاب دكاكين للدراسات الإستراتيجية لا يذكرون هذه الحقيقة، لماذا ألسنتهم مقطوعة؟ الجواب: يفضلون اللون الرمادي المشهور والمصالح الصغيرة، وربما أحيانا الجهل بالشيء..أو بالأحرى الجهل بالإسلام!! فالكثير منهم لا يفهم إلى أين تسحب دول الخليج السودان..بأسلوب ماكر. ومع الأسف رئاسة الجمهورية أيضا مخدوعة بما يسمى "بالوسطية" التي يغني بها عرابو الخليج، ولم تفهم الرئاسة طالما لم تسمع فرقعة في الخرطوم لا يعني أن "الوسطية" قد تحققت فعلا، لأن شيخ دول الخليج "ابن تيمية" يفترس الأخضر واليابس في السودان بخفية، وقد فعل خيرا مولانا أبو بكر دينق الذي سحب المسلمين الجنوبيين في منظمة منفصلة عن المنظمات الشمالية. فمن يرغب في خدمات بن لادن في جنوب السودان؟ لا أحد. لا، شكرا.
    ونتمنى على المراكز الدراسية والإستراتيجية أن تعيد النظر في كل مواقفها، وعليها أن تعيد دراساتها وتعيد النظر في أطروحاتها، وتبنى موديلا نظريا على افتراضية ماذا لو أنفصل الجنوب، ماذا سيحدث في الشمال؟؟ وعلى السودانيين الجنوبيين أيضا أن يعملوا موديلاتهم التصورية والافتراضية ماذا لو انفصلوا ماذا يمكن أن يحدث في الجنوب؟ ولكن على السودانيين الجنوبيين أن يدركوا أن مفاتيح التاريخ في أيديهم، ليس لإنشاء دولة في الجنوب فحسب بل لإنشاء دولة السودان العظمى، لأن مجرد تمسكهم بالسودان الموحد سيفرض الديمقراطية على الجميع –تذكروا لبنان- رغما عن أنف التدخلات الغربية أو الخليجية. هذا هو الرهان الحقيقي لأهل الجنوب والشمال معا أما غير ذلك فهو هروب، وجهل وحكي في الفارغة. من السخرية أن تستمع لأصحاب المراكز وفي ذهني الدكتور محمد محجوب هارون الذي لا يستطيع أن يفتح فمه بكلمتين واضحتين، تجده يجيد الغمغمة.
    كذلك على الجنوبيين السودانيين أن يدركوا أن الخط السلفي في السودان يمكن مسحه بجرة قلم من قبل رئاسة الجمهورية، وفي تحليلي، علة وجوده مشروطة في السودان بلعبة الاستثمارات والسياسات الإقليمية وهي التي تفرض شروطها في الوقت الراهن، فبعد الانتخابات –أي تحقق الشرعية الانتخابية- سنرى ربما مفاجآت، خاصة أن الانتخابات تعني إكمال الفترة الانتقالية. فماذا يعني أن دول الخليج كادت أن تعترف، أو امتنعت بالكاد أن تؤيد مذكرة أوكامبو؟ ألا يعني أنها لا ترغب في السيد الرئيس؟ فهل المطلوب "فؤاد سنيورا" سوداني؟ بلى. عموما، لولا العين الحمرة بذهاب البشير للدوحة..وكان مصمما أن يقطع السودان علاقته بأية دولة تؤيد المذكرة حتى ولو كانت دولة عربية – اضطرت الدول العربية أن تطأطي. أما فتوى هيئة علماء السودان لتحنيط الرئيس البشير في ثلاجة فمن الغريب إنها لم تثر خيال أصحاب المراكز الإستراتيجية، ولكنها تثير خيالنا من البعد، وهي فتوى تعكس أشواق "القوم" ولسان حالهم كقول الله تعالى، "وهموا بما لم يجدوا". كذلك على السودانيين الجنوبيين ألا يتوهموا أنهم عبء على العروبة والإسلام، هذه خدعة سلفية إقليمية، العكس هو الصحيح، فإضافة إلى الثقافة الأفريقية ستكتسبون الثقافة العربية، ولكن بدون تقمص نفسي كما يفعل أو يتوهم معظم الشماليين.
    وفي ختام هذه المقالة، نشير إلى ما يسمى بشرطة النظام العام..وهذه الشرطة لأول مرة أسمع بوجودها، وقيل أن الشباب السوداني أصبح على حل شعره..فتطلب الأمر إنشاء هذه النوع من الشرطة. ولا أدري لماذا أنقبض صدري لهذا الأمر وهل لهذه الشرطة علاقة بقضية الجنوب بطرف خفي؟ كأن يهرب الجنوبيون من الشمال؟ وهل وصل الحال بنا في السودان إلى عمل شرطة للنظام العام، وهل تتحول هذه الشرطة مستقبلا لمطوعين على غرار المملكة؟ وجود هذا الضرب من الشرطة يعبر عن فشل المشروع الإسلامي اجتماعيا وفكريا، الذي يقوده السلفيون وأشباه السلفيين. فمثلا ساعدني الحظ لتأمل دكتورين في التلفزيون السوداني وهما الدكتور جابر إدريس عميد كلية الاجتماع بجامعة القرآن الكريم ، والدكتور علي محمد علوان جامعة الرباط الوطني، والأخير يعمل في الإعلام أو العلاقات العامة بالجامعة إن لم تخني الذاكرة. الاثنان في الحوار التلفزيوني أجزما أن جهودا حثيثة تعمل من أجل حوارات ما بين القيادات الحزبية خاصة الدينية والمذهبية والطرق الصوفية..!! جميل. ولكن السؤال لماذا يصب جهد الجامعات السودانية على القيادات الدينية؟ هل بقصد تفكيك هذه الكيانات؟ يبدو ذلك. لأن الدكتور علي علوان أشار باقتضاب إلى ما يسمى بال cabinet، ويعني القيادة أو القائد، ومن المعروف من منظور علم النفس الاجتماعي والسلوكي إذا رغبت في تفكيك ظاهرة اجتماعية معينة فعليك بالتركيز على قيادات الظاهرة. والسؤال هنا: هذا الجهد الجامعي المبذول لمصلحة من؟ ويخدم من؟ هل يخدم الخط السلفي الخليجي؟ ولماذا لا تشغل الجامعات السودانية نفسها مثلا بدراسة مشاكل الشباب السوداني، أو بدراسة لماذا ينفر الشباب عن الدين بدلا من عمل شرطة للنظام العام؟؟ فهل سحب كتب التراث الإسلامي إقليميا بحيل ذكية تفوت على الرجلين؟ وكيف يمكن للشباب فهم دينهم وكتب التراث مسحوبة؟ أو مثلا هل ينكران أن البحوث الإسلامية في الكليات الإسلامية يسلقونها ويفبركونها نقلا من كتب ساذجة وضعيفة في تكرار ممل ومنحول؟ وما هو رأي الرجلين في برنامج الرحيق المختوم، هل هو منفر أو مشوق للتدين؟ ومن أين أستقى الدكتور علي محمد علوان علومه حتى يضع تلك الرأس بتلك الرأس، ونقصد عبارته عندما قال: السيدين. وما رأيه في قولة الإمام الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي الشافعي في صحن مسجد دمشق لعامة المصلين عندما طالبوه بكتابة كتاب في فضائل معاوية، فقال: وماذا أقول في فضائل معاوية؟ لا شبعت بطنه؟؟! ألا يكفيه رأسا برأس!! فداسوه بالأقدام حتى أوعكوه فمات منها شهيدا. لعل القراء يفهمون بهذه اللمحة لماذا ينفر الشباب من الدين والتدين، فالمعروض من الدين من بضاعة كله منحولة لصالح الخط السلفي الأموي، والآن تشمر دول الخليج عن ساعديها لتزوير كتب التراث الإسلامي وتنتيفه بدعوى إعادة قراءة التاريخ، إلى أين ستقودنا دول الخليج؟ ولنا رجعة.
    شوقي إبراهيم عثمان
    كاتب ومحلل سياسي
                  

العنوان الكاتب Date
الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:13 AM
  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:18 AM
    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:21 AM
      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:23 AM
        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:25 AM
          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:26 AM
            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:28 AM
              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:31 AM
                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:32 AM
                  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:34 AM
                    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:35 AM
                      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:39 AM
                        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-15-10, 01:42 AM
                          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-16-10, 01:00 AM
                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة عبد الفتاح عرمان08-16-10, 03:35 PM
                              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-17-10, 01:35 AM
                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة Abobakr Shadad08-17-10, 01:42 AM
                                  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-17-10, 11:49 PM
                                    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة عمار عبدالله عبدالرحمن08-18-10, 01:02 AM
                                      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة AnwarKing08-18-10, 01:51 AM
                                      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة حسين نوباتيا08-18-10, 02:19 AM
                                        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة سيف اليزل برعي البدوي08-18-10, 06:03 PM
                                          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-18-10, 06:21 PM
                                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-18-10, 06:24 PM
                                          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة Nasr08-18-10, 06:23 PM
                                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-18-10, 06:29 PM
                                              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-18-10, 06:31 PM
                                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-18-10, 06:33 PM
                                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة talha alsayed08-18-10, 06:40 PM
                                              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-18-10, 08:25 PM
                                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة talha alsayed08-18-10, 09:03 PM
                                                  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة أسامه الكرور08-18-10, 10:47 PM
                                                    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة مامون أحمد إبراهيم08-18-10, 11:07 PM
                                                      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-18-10, 11:14 PM
                                                        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-18-10, 11:22 PM
                                                          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-19-10, 08:58 PM
                                                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-19-10, 09:03 PM
                                                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة أسامه الكرور08-19-10, 09:05 PM
                                                              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة عبد الرحيم محمد عبد الرحيم08-19-10, 09:33 PM
                                                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-20-10, 00:55 AM
                                                                  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-20-10, 00:56 AM
                                                                    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-20-10, 07:33 PM
                                                                      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة عمر علي حسن08-20-10, 10:03 PM
                                                                        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة Mohamad Shamseldin08-20-10, 10:21 PM
                                                                          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة عبد الرحيم محمد عبد الرحيم08-20-10, 11:22 PM
                                                                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-21-10, 07:39 PM
                                                                              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة عكود عبد القادر عكود08-21-10, 10:03 PM
                                                                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة ابو جهينة08-21-10, 10:31 PM
                                                                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-21-10, 10:40 PM
                                                                                  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-21-10, 11:01 PM
                                                                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة أسامة عبد الجليل08-21-10, 11:01 PM
                                                                                  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-21-10, 11:11 PM
                                                                                    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-21-10, 11:28 PM
                                                                                      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-21-10, 11:29 PM
                                                                                        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-21-10, 11:31 PM
                                                                                          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-21-10, 11:45 PM
                                                                                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-21-10, 11:48 PM
                                                                                              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-21-10, 11:53 PM
                                                                                    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة أسامة عبد الجليل08-22-10, 00:15 AM
                                                                                      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة Mohamad Shamseldin08-22-10, 05:21 PM
                                                                                        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة ياي جوزيف08-22-10, 06:19 PM
                                                                                          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة عبدالله السفاح08-22-10, 07:54 PM
                                                                                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-23-10, 02:05 AM
                                                                                              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة عبدالله السفاح08-23-10, 09:04 AM
                                                                                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة عبد الحي علي موسى08-23-10, 12:34 PM
                                                                                                  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-23-10, 06:49 PM
                                                                                                    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة عبدالله عثمان08-24-10, 01:15 AM
                                                                                                      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-24-10, 01:30 AM
                                                                                                        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-24-10, 03:33 PM
                                                                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-24-10, 11:25 PM
  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة Elmosley08-24-10, 10:22 PM
    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-24-10, 11:18 PM
      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-24-10, 11:21 PM
        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-24-10, 11:40 PM
          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-24-10, 11:46 PM
            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-24-10, 11:50 PM
              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-25-10, 00:02 AM
                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-25-10, 00:05 AM
                  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-25-10, 00:08 AM
                    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة tayseer alnworani08-25-10, 06:45 AM
                      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-26-10, 01:56 AM
                        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة Elmosley08-26-10, 02:36 AM
                          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي08-27-10, 02:02 AM
                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي09-20-10, 09:15 PM
                              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة الشفيع وراق عبد الرحمن09-21-10, 05:44 AM
                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة Mohamad Shamseldin09-21-10, 09:08 AM
                                  Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي09-23-10, 01:49 AM
                                    Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي09-30-10, 09:50 PM
                                      Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي10-03-10, 01:30 AM
                                        Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي10-23-10, 07:42 PM
                                          Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي11-28-10, 10:02 PM
                                            Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي11-28-10, 10:04 PM
                                              Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي12-01-10, 02:34 AM
                                                Re: الشيخ لطفي رمز الوحدة الجاذبة لطفي علي لطفي12-02-10, 05:06 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de