|
طوكر .. ماذا تفعل لوكنت مكاني / فايز الشيخ السليك
|
طوكر.. ماذا تفعل لو كنت مكاني ؟ 1 – 2
المصور الغربي كيفن كارتر التقط أشهر صورة مأساوية في العالم، وانتحر بعد ذلك بثلاثة أشهر فقط، وهي لطفل ببحر الغزال، حيث ضربت المجاعة الشهيرة المنطقة، فرأى طفلاً مثل شبح صغير، نحيل الجسم، يتضور جوعا، رغم ذلك كان الطفل يزحف ببطء نحو مكان اغاثة قريب، وكان قرب الطفل يقف نسر، وهو في حالة تأهب لالتهام الطفل بعد موته، فهذا النسر لا يأكل سوى الجيف، فكانت الصورة المأساة، التي التقطها المصور الحساس، ففازت الصورة في مسابقة بولترز للصحافة، لكن المصور وجد ميتاً بعد ثلاثة أشهر، وتقول المصادر إن المصور كارتر مات منتحراً بسبب الألم الذي سببته له تلك الصورة!. تذكرت هذه القصة وأنا أتأمل صورةً لشيخ سوداني طاعن في السن تم التقاطها بمنطقة مرافيت بمحلية عقيق، الواقعة إلى الجنوب من مدينة طوكر في جنوب البحر الأحمر، وهو في حيرة من أمره، والحزن باد ، بسبب العجز وقلة الحيلة، كان الرجل يجلس تحت " راكوبة" في خريف ماطر، ونعلم أن " الراكوبة ما ببتشكر في الخريف"، وهو يجلس ساهم بثياب بالية، وهيئة تدعو للرثاء ، وكتب على الصورة سؤالاً كبيراً وهو " ماذا تفعل لو كنت مكاني؟" وهذا الشيخ ربما يكون من ضمن أسر فقدت أفرادها بعد أن ابتلعتهم أمواج الفيضانات الغاضبة، وتحللت وسط تلك " الخيران" القصية، أو ربما وجدت حفرةً تحت جبل بعيد، أو ولجت داخل كهف عميق، ولا أحد يدري، كم عدد من مات؟؟. وكم عدد من فقد المنزل؟. وكم أسرةً لا تزال تلتحف السماء، وتفترش الأرض؟؟. وطوكر ، بعيدة، وقصية، ومهملة، ومهمشة، وحكومتنا الفتية تستقبل الخبراء الدوليين من وكالة الطاقة الذرية الدولية للتباحث حول مشروع نووي لأغراض السلم في السودان، وهو مشروع عظيم، لكن أين هو موقع جوعي جنوب طوكر في سياق هذه المعادلة؟؟ . ونعلم أن ذات الحكومة أعلنت عن جسر جوي لضحايا السيول والفيضانات في باكستان، ولعيني هو أمر في غاية الانسانية، لكن أو لم تسمع ذات الحكومة بالقول السوداني المأثور" الأكل لو ما قضى ناس البيت حرم على الجيران"!. أو ذلك المثل " تكسي الناس وهي عريانة" ، أو " باب النجار". ولك لو نسينا الحكومة التي تدمن سياسة المزيدات، و"البروباقاندا" فماذا عن أهل الشرق وجبهتم؟. وقادتهم؟؟ لقد أصابتهم ذات انفلونزا المركز، فنسوا تلك الأيام، التي يبدو أنهم لا زالوا " يعضون أصابع الندم " على تلك الأيام العصية، فقرروا التكفير عن " سيئاتهم " تجاه المركز، فتباروا في تطهير النفس، من تلك "الخطايا" وتسابقوا ما بين " نساء ضد أوكامبو" وهيئة دعم ترشيح البشير، أو دعم الوحدة"، وهم لا يريدون سوى دعم أنفسهم، والاحتفاظ بما تبقى من " كعكة" اتفاق الشرق الجريح، والشرق اليوم يغرق، وجثث الناس العاديين تأخذها السيول..
|
|
|
|
|
|
|
|
|