|
Re: إسحق أحمد فضل الله :هوامش خدرا ومشلخة ... (Re: بشير أحمد)
|
في الستينات .. لا يكتمل إيمان المثقف بالثقافة إلا بكراهيته الرأسمالية وشتم نظارات ماكنمارا وجون فوستر دالاس وما كان نصف هؤلاء المثقفين يتلقون راتبا سريا من المخابرات الأمريكية (هل تذكر) فضيحة مجلة (حوار) البيروتية التي اكتشف الناس أن نصف كتابها الثوريين إنما كانوا في قائمة مرتبات المخابرات الأمريكية والرأسمالية يومئذ لها كل صفات العشيقة السرية.. لذيذة جداً قبل أن تنتفخ بطنها!! والشيوعي يومئذٍ هو ذلك الرجل المشغول بالآخرين إلى درجة أنه حين يقف أمام المرايا لا يرى صورته هو بل يرى صورة الآخرين . (وشي جيفارا ) كان الشيوعيون السودانيون يكتبون الشعر عنه في مجلات الخرطوم. وكانت الشيوعية ظرفا اجتماعياً لا بد أن يحمل الشباب القليل منه حتى يكون عصرياً. لكن عالم الموظفين كان هو الدولة الحقيقية المتفردة التي لها طلاسمها وزمزماتها . وعالم الموظفين طبقات ثقافية واجتماعية متداخلة وله رتب وعبدالله الطيب يروي قصيدة إنجليزية للشاعر (وردذ ورث) ويقول إن بعض المثقفين الأفندية طربوا لها وشربوا عليها من عرق المورداء..!! هذا عن الطبقة العليا (القريد) أما الطبقة المتوسطة فعندهم مسلسل الحيطة المايلة والأغاني الهندية وأفلام جون فورد. والطبقة السفلى كان عندهم الفاضل سعيد الذي يحكى عن الأفندي الذي ضاقت زوجته بقضائه الليل في الخارج كل ليلة . والموظف يقول لها صراحة أنه يسهر مع أصدقائه لأنهم يدخنون الحشيش وهذا شيء لا أحد يفعله منفرداً ... قالت:أنا بدخن معاك ويجلس ويلفها خصوصاً وأنه يجرب عينة جديدة ويشعلها ويجعل زوجته تجذب أول نفس وهو يراقبها. ثم يسألها : شديدة!! والمرأة بعيون تقيلة تجيب : الله يسلمك ! وكل هذا أعلاه يجرجر وراءه عالماً كاملاً كان هو عالم خرطوم الستينات التي كانت هي السودان كله . والتي تصنع السياسية والاقتصاد وكل شيء. ونلتقي قبل شهور قليلة بالسيد عبدالله عبيد أشهر كتاب وصحفيي الحزب الشيوعي ..في الستينيات والرجل يدعونا إلى ( جلسة برش) بعد المغرب في جامعهم في الحي . ولا شيء غريب فقصة الحزب الشيوعي السوداني هي جماعة مزدحمة تسير في اتجاه واحد من ظلال الكرملين إلى ظلال خلاوي المجذوب . وكتابات الباكين منهم تحمل سيلا من (موسم مهجرة إلى اليمين) والحزب الشيوعي السوداني لا ينفي أبداً أنه صنع في مصر وهكذا كانت الموجات المصرية النشطة جداً يومئذ تحمل معها الحزب هذا إلى الخرطوم . والمجتمع كان هو البحر كله . وفي الستينات كان خورتشوف، وفي افتتاح السد العالي يقول للمصريين من المنصة: نحن لا نعرف قومية عربية .. نعرف الشيوعية فقط .
|
|
|
|
|
|