< الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 01:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-08-2010, 03:18 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    ( 8 من 14 )

    قبائل التماس: بروليتاريا النفط في ظل الدولة الإثنية القابضة



    وكما ذكرت في الحلقة السابقة, في عام 1981م وأنا حديث التخرج في جامعة الخرطوم وأعمل معيداً بمركز الدراسات والبحوث الإنمائية بالجامعة, كلفني أستاذي الدكتور محمد عثمان السماني بالقيام بدراسة ميدانية وكتابة بحث عن "الآثار المتوقعة على إكتشاف البترول على القطاع الرعوى وسط المسيرية في غرب كردفان". والدراسة التي أعددتها قُدِّمت بذات العنوان في المؤتمر الذي إنعقد حول آثار البترول في عام 1982م ولم أحضره حيث كنت في بعثه دراسية خارج البلاد.

    ولتنفيذ الدراسة حزمت أمتعتي وسافرت بالقطار للدبيبات ثم بالعربات بدأ من دميك و"نمر شاقو" ولقاوة في ديار المسيرية الزرق حتى المجلد وبابنوسة والفولة والأرياف المترامية وصولاً إلى بانتيو حيث تمت إستضافتى في فندق شركة شيفرون الفاخر. وحسب مناهج وطرائق البحث العلمي التي انتهجتها تحدثت مع كل الناس في المنطقة على مختلف انماط حياتهم: الموظفين والمهندسين من الأجانب والسودانيين. وتحدثت مع المسؤولين في المجالس الريفية ومع قطاعات التجار والشباب والمرأة ومع الرعاة في فرقانهم ومع المزارعين المستقرين في قراهم ومع زعماء العشائر والقبائل ومشائخ القرى والمعلمين والنخب المحلية. وشملت لقاءاتي حتى الأطفال, بنين وبنات, في المدارس وخارج المدارس (حيث كن الأغلبية). وكل المقابلات والحوارات وحلقات النقاش كانت تدور حول البترول المكتشف حديثاً وماهيته والآثار التنموية المترتبة على المنطقة من جرائه خاصة على القطاع الرعوى وعلى القطاع الزراعي التقليدي (الإعاشي-الإكتفائي). وأيضاً شمل الحوار مردودات إقتصاديات البترول والتنمية المصاحبة لـه على الراعي وعلى المزارع البسيط في المنطقة وعلى البناء الاجتماعي وعلى الثقافة المحلية وهل سيسير التطور على ذات النهج التنموي الذي حدث في منطقة الخليج والذي في كثير من الأحيان قد ذوّب الثقافة المحلية وفي بعض الأحيان أبقى عليها بالدرجة التي أنتجت ازدواجية ثقافية اقتضت تواجد الخيمة بجوار العمارة الشاهقة والسوبر ماركيت الكبير وهكذا. وفوق ذلك شملت الدراسة الآثار البيئية التي ربما تترتب على إكتشاف واستغلال البترول خاصة الآثار الناجمة من القطع الكثيف للأشجار والحفريات وشق الطرق والتي أشار الكثيرون ممن التقيتهم إلى أنها بدأت تغير في مجرى أفرع بحر العرب وفي مجرى كثير من الرقاب (الأنهار الفرعية الصغيرة) مما تطلب ذلك أن تغيّر بعض مجموعات الرحل أماكن نزولهم وإستقرارهم في حركتهم البندولية في فصلى الخريف والصيف.

    لقد رسم الناس على اختلاف أعمارهم ومهنهم ومشاربهم وأدوارهم الاجتماعية صوراً وردية للآثار المرتقبة على إكتشاف واستثمار البترول في المنطقة: فمنهم من صوّر ديار المسيرية بأنها ستصبح أشبه بجزيرة بروناى (التي تجاور ماليزيا) او بدول الخليج (وخاصة الكويت) أو شرق المملكة السعودية، للدرجة التي ذكر فيها بعض الظرفاء بأنهم الآن يعدون انفسهم للبس "العقالات" وإرتداء القفاطين المصنوعة من الحرير تمشياً مع الحياة الجديدة المرتقبة بعد النفط في المنطقة وحينها سيودعون الرعى التقليدي والزراعة التقليدية التي تناقص إنتاجها دون الإكتفاء الذاتي للمزارع وأسرته. وذكر آخرون بأنهم سيوقفون الهجرة الموسمية للعمالة سواءاً كان في مشاريع الزراعة المروية أو الزراعة الآلية في وسط السودان وشرقه. وبدلاً من ذلك سيقومون بالترتيبات والتجهيزات اللازمة من عمران وخلافه لاستقبال المهاجرين الذين سيغمرون المنطقة للعمل في قطاع النفط وقطاع التجارة والاستثمارات والخدمات التي حتماً ستزدهر تبعاً لإزدهار إقتصاديات النفط. وحلم الجميع حتى الأطفال بحياة جديدة في ظل النفط وكذلك بتعليم جديد بمفاهيم وأدوات وبيئة مدرسية جديدة. وحلم الجميع بنمط حياة مفعم بالأمل النضير وبالعيش الرغد وبالإستجمام والرفاهية في ظل إقتصاديات النفط. وتمددت الأحلام بطول حوض المجلد بتمدد تلك الديار حتى تيجان ديار الدينكا والنوير جنوباً وحتى فيافي الرزيقات غرباً وحتى جبال النوبة وديار الحوازمة شرقاً.

    وبالفعل, لمست في تلك الأيام بداية حركة دؤوبة في مدينة المجلد والتي أحاطت بها الآلاف من قطع الأراضي المحجوزة والمسوّرة من كل جانب حيث تناقلت أخبارها كل مدن السودان وقراه، وكل من استطاع قد حضر للمجلد لاقتناء قطعة أرض (في الجنة المرتقبة) والتي ربما أصبحت لصاحبها في المستقبل عمارة تستأجرها إحدى شركات النفط أو نادياً لموظفي شركة البترول أو صالة للبليارد أو مقهى انترنت أو نادياً للألعاب الرياضية والساونا أو سوبر ماركت أمريكي على شاكلة ستوب آند شوب. أو غيرها من الإنشاءات الخدمية التي لا غنى للمجتمع النفطى الحديث عنها. وحينها ستعود للمجلد تلك المكانة التاريخية التي اكتسبتها من كونها عاصمة لمملكة الداجو قبل خمسة قرون خلت حتى كنّاها أهلها إستحلاءاً بلفظة: داردينقا ام الديار. لقد حلم الناس طويلاً وكثيراً في ديار البترول: انها أحلام نسجت حول البترول وإرتبطت به ودارت حولـه. وقد كان حلماً مباحاً ومبرراً وضرورياً في ظل المعطيات الماثلة من آبار للبترول وشركات النفط وأجانب يجوبون المنطقة شرقاً وغرباً. واستمرت الأحلام في أثناء الحرب وبعد الحرب. ولكن هنالك شخصين أو ثلاثة لم يحلموا كثيراً حتى وصفهم بعض أعضاء المجتمع بالتشاؤم.

    في عام 1978م بدأت شركة شيفرون الأمريكية عمل التنقيب في حوض المجلد الذي تبلغ مساحته 30 الف كيلو متر مربع. وهو الحوض الذي يحتوى على جل البترول السوداني، وتوقفت شيفروت عن التنقيب في عام 1985م. جاءت حكومة الإنقاذ لتعيد فتح الآبار المغلقة وتفتح مجالات التنقيب أمام الشركات الآسيوية والصينية، وقد أعيد انتاج البترول بكميات تجارية كبيرة شكلت مالا يقل عن 60% من اجمالي الدخل القومي للسودان حسب احصائيات عام 2006.

    وفي عام 2007 أتيحت لي فرصة لزيارة عابرة لمنطقة المسيرية وأيضاً التقيت بكثير من الأهل والأصدقاء من أبناء وقيادات المنطقة, القبلية والسياسية, في الخرطوم حيث تبادلنا حديث عميق حول البترول كان دوري فيه مستمعاً اكثر منه مبادراً بالنقاش طالما انني قد انقطعت لبعض الوقت عن المنطقة ولم يتوفر لي سوى القراءات والتقارير والنشرات التي أطلع عليها من المواقع الالكترونية ومن أجهزة الاعلام السودانية. ورغم ذلك هذه بعض ملاحظاتي الميدانية, من زيارتي للمنطقة, والاستنتاجات من النقاشات والحوارات مع بعض النخب من الأصدقاء في الخرطوم:

    أولاً: إنّ التنقيب والحفريات وحجز الأراضي الواسعة وقطع الغطاء النباتي وازالته وشق الطرق وإغلاق مجارى الخيران وأفرع الأنهار (ما يعرف محلياً بالرقاب) والتي أحدثت خللاً بيئياً رهيباً كان مردوده- على المستوى القصير والبعيد- سيئاً على مجمل النظام البيئي (Eco system) وعـلى القطاعين الرعوى والزراعي في تلك المنطقة وعلى طول حزام التواصل الاثنى والذي يشمل قبائل المسيرية والرزيقات والحوازمة والنوبة والدينكا والنوير في شمال بحر الغزال وغيرهم. فنتيجة للتدخلات البيئية الضارة، تمت محاصرة قطاعات الثروة الحيوانية الهائلة في حيز رعوى ضيق. وإنقطعت أيضاً وارتبكت وتيرة الرعى السنوية المتواترة بصورة أخلَّت بالمنطق الرعوى المستمد من التنوع البيئي في المنطقة والذي تمليه أيضاً الضرورات المناخية وبدونه تفقد الثروة الحيوانية قدرتها على البقاء في حال الاحتفاظ بها في الجزء الشمالي الجاف مقارنة بالأجزاء الجنوبية الرطبة حول بحر العرب حيث تتوافر مراعي التيجان (جمع توج) الخضراء ومياه الشرب المتوفرة من الرقاب (أفرع النهر) في فترة الصيف. والآن أختلت هذه المنظومة التي يرتكز عليها جل نشاط القطاع الرعوى في هذه المنطقة التي تحتوى على الملايين من رؤوس الماشية جيدة النوع خاصة للحوم التي تغطى حوالي 30% من احتياجات السوق السوداني. نتيجة لكل تلك التشوهات البيئية, فقد كثير من الرعاة ثروتهم الحيوانية وأصبحوا يعيشون الفاقة وبؤس الحال والإضمحلال. أما المزارعون فقد حجزت شركات البترول والدولة على أراضيهم (للصالح العام)، إنهار تبعاً لذلك الاقتصاد التقليدي. والمزارعون الذين فقدوا أراضيهم مع الرعاة الذين فقدوا ماشيتهم كونوا طبقة جديدة في المنطقة يمكن أن يطلق عليها بروليتاريا النفط، والتي حتما ستكون المصير الطبقي لكل القبائل في حزام التماس.

    إنّ طبقة بروليتاريا النفط هي ليست النتاج الطبيعي الذي يلازم تطور النظام الرأسمال في شكل التصنيع ذو الحجم الكبير. إنما هي نموذج جديد للتهميش الذي يعني فاقد التنمية وفاقد النمو الإقتصادي والإقصاء الإقتصادي المرتبط بالنفط في ظل التنمية غير المتوازنة التي تنتهجها حكومة الانقاذ تجاه هذه المجموعات السكانية من خارج دائرة الحظوة الرسمية والإعتبار الإثني.

    ثانياً: ما زالت مؤسسات القطاع الاجتماعي الخدمى في منطقة المسيرية وأيضاً على طول حزام التماس تعاني الضمور في مجالات الصحة الأولية والثانوية والتخصصية وفي مجال الرعاية الاجتماعية. إن نسب الإنخراط في التعليم العام في غرب كردفان لا تتعدى 40% (أقل من المتوسط القومي بكثير) وأنّ كثير من المدارس ما زال يفترش تلاميذها الأرض ويعاني معلموها من ضيق ذات اليد بالإضافة لنقص المعينات المدرسية والتدريب وتأخر المرتبات وإغلاق الداخليات. كثيرون من المواطنين في تلك الانحاء ذكروا أنهم يسمعون عن البترول فقط من المذياع أو عند زيارة مسؤول كبير يصطحب "الخواجات". والدولة التي كانت تطمح في كل تفاعلاتها في خروج المواطنين للاستقبالات الجماهيرية الضخمة كسلوك تعويضي عن أزمة الشرعية المفقودة والمزمنة، أصبحت الآن لا ترغب في مقابلة المواطنين عند زيارة المسؤولين الأجانب حتى لا يستمعوا إلى شكاوى وأنين المواطنين المخدوعين بالنعيم الدنيوي الذي تحول إلى سراب وإلى خراب ديار. وأيضاً حتى لا يرى الأجانب حال السكان المحليين الذين يعيشون شظف العيش والحرمان وهم أصحاب الأرض التي أنتجت ذلك الذهب الأسود. إن الدولة أصبحت (تُلبّد) المواطنين المحليين عند زيارة الأجانب حتى تحجبهم من رؤيتهم وحتى لا تصيب الضيوف الأجانب وخزة الضمير بأن المليارات من الدولارات التي تجنيها شركات البترول والنخب الإثنية الحاكمة في الخرطوم هي من أرض ذلك الراعي وذلك الفلاح الذي تقوس ظهره وضمرت بطنه والذي بفعل التنقيب اصبح خالي اليدين إلا من ذكريات جميلة يحتفظ بها في "مخلايته" وأخرى في "مخيلته" حول تلك الأيام النضرة من العهد الماضي التليد (The good old days).

    ثالثاً: تحدث الناس في تلك الانحاء بمرارة عن المصفاة التي قررت الحكومة أن تضعها في جوارها الرحب وعلى مقربة من القصر الجمهوري (في ضاحية الجيلي) بدلاً من أن تضعها حيث منطقة الانتاج وحيث الانسان الاكثر حاجة إلى التنمية البشرية والاجتماعية ولتفيد قطاعات من المواطنين السودانيين من المسيرية والرزيقات والحوازمة والنوبة والدينكا والنوير عانت كثيراً من ويلات الحرب الأهلية ومن ويلات التهميش والعزل الاجتماعي (Social exclusion) ومن الإقصاء المقصود من المركز. وأيضاً لتزيد من فرص التنمية الاجتماعية والتماسك القومي عن طريق زيادة وتيرة التداخل الإثني والمساكنة والإندماج والشعور بالمساواة وتحقيق الذات وإقتسام خيرات الوطن حتى ينمو في دواخلهم ذلك الوطن (الاحساس) الذي وهبوه أعز ما يملكون من النفس والولد خلال سنوات الحرب الطويلة والتي أبلوا فيها أيما بلاء. وهذه أبجديات التنمية والتحول الاجتماعي في دولة ما زالت تنشد الترابط القومي مطلباً ملحاً وضرورياً. ورغم كل ذلك, قررت الحكومة ان تضع المصفاة في الشمال (الجغرافي) امعاناً في الإثنية والقبلية والعنصرية والتي اضحت مع الاعتبارات الأمنية تمثل المحدد الأول والأخير في توزيع فرص التنمية في السودان كما ذكر أحد الذين إلتقيتهم وقد قال بالحرف الواحد, كما جاء في حلقة سابقة: "إنّ الحكومة لا تثق فينا نحن المسيرية وكل قبائل البقارة كما لا تثق في الجنوبيين والنوبة. نحن تعتبرنا أنصار (بالميلاد) وأولئك حركة شعبية بالميلاد أيضاً. وأن الحكومة لا تثق إلا في عصبيتها الاثنية والقبيلة والجهوية. وأصبح خيارنا اما أن نحارب ونخرّب بلدنا أو نصبر ويكون مصيرنا مثل مصير الهنود الحمر في أمريكا: بالرغم من انهم أصحاب الحق الأصليين لكن تم إيداعهم في محميات بشرية وحجبت عنهم التنمية يميناً وشمالاً ليبقوا خارج عجلة التاريخ".

    رابعاً: أما فيما يخص العمالة في قطاع البترول للسكان المحليين فإن 90% من وظائف البترول أصبحت حصرية لبعض الإثنيات والقبائل والجهويات التي تحددها الدولة حسب الأورنيك الرسمي للتقديم للوظيفة. وبالطبع هذه القبائل ذات الحظوة لا تشمل قبائل السكان المحليين في هذه المنطقة. إنّ الدولة والقائمين على أمر البترول ينحازون لعصبيتهم الاثنية بصورة مخجلة ومستفزّة للشعور القومي السليم.

    خامساً: في خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة وأثناء دفاعهم عن الوطن الكبير والصغير مات اكثر من 20000 شاب من شباب المسيرية والحوازمة والرزيقات الأشاوس في حروب التماس وأصابت الجروح والاعاقة أكثر من 40000 وترملت أكثر من 15000 أمرأة أغلبهن في أعمار يافعة وصغيرة، وفقد أكثر من 150 ألف طفل فرصة التعليم نتيجة لإغلاق المدارس وبرامج التعبئة للحرب وكل ذلك كان دفاعاً عن حياض ورياض الوطن، وبذات النسب كان الثمن المدفوع من الاثنيات الأخرى.

    وتوقفت الحرب, وضخت آبار النفط, وامتلأت الجيوب الكبيرة والصغيرة بكل أنواع الذهب. ومع ذلك ساءت حالة السكان المحليين وحالة الأرامل والإيتام ويئس المجاهدون الذين فقدوا كل ثروتهم وهم في إنتظار الدمج واعادة التأهيل وكل شيء لم يتحقق. والأطفال الذين فقدوا حظهم في التعليم وتشردوا, فقدوا أيضاً آباءهم وأخيراً تمت إضافتهم لبروليتاريا النفط خاصة بعد أن نضبت قطعان الماشية وأفدنه الزروع من جراء حجز الأراضي للتنقيب ولاستخراج النفط الذي "سيفيد كل الوطن يوماً ما". ان كثيراً من القبائل المحلية في مناطق التنقيب أضحت تعاني من موجات النـزوح الداخلي. ان رحمة الدولة إقتضت هذه المرة أن تريح السكان المحليين من عناء النزوح إلى الخرطوم وبدلاً عن ذلك لقد تم تهجريهم وتشريدهم و"تنجيعهم" داخلياً وفي اطار المنطقة وبدون تكبد عناء السفر الطويل أو الصرف على بند المواصلات والانتقال. يالها من حكومة رحيمة كما ذكر لي أحد الشيوخ الساخرين الذين إلتقيتهم في الخرطوم. وأخيراً تبخرت أحلام النفط وأضحت "كأحلام ظلوط" وتبددت معها صورة الوطن العادل الشامل الذي يشمل الجميع بالعدل والمساواة وبالإعتبار والقيمة لكل افراده. لقد بدلت قيادة الانقاذ تلك الصورة المثالية للوطن بأخرى واقعية هي أن السودان أضحى: "وطن الخيار والفقوس"؛ وان الحكومة هي حكومة القبيلة؛ وأن الدولة القومية قد توفيت إلى رحمة مولاها في 30 يونيو 1989 وأن التي تعيش بيننا هي الدولة الاثنية. أي والله، إنه النموذج الاكثر حداثة في الحكم الذي جادت به قريحة الحكام الملهمين في الخرطوم. ان قدر هؤلاء الناس من قبائل التماس، أنهم ليسوا من اقليم الحظوة؛ ولا من إثنية الحظوة؛ ولا من قبيلة الحظوة حتى يروا من خيرات البترول ولو النذر اليسير. لقد حكمت عليهم النخبة الإثنية الحاكمة في الخرطوم بأن ينضموا جميعاً إلى بروليتاريا النفط التي تمثل مصدات لغبار ناقلات النفط الضخمة ولخطوطه العابرة. وهكذا منطق الأشياء إذ أنّ ماء النهر يجرى حيث الانحدار:

    " ألمى بجرى محل مِدّنكِسْ ".
                  

العنوان الكاتب Date
< الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-06-10, 05:25 PM
  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Mohamad Shamseldin08-06-10, 09:25 PM
    Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-07-10, 08:55 AM
      Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Omer Sakin08-07-10, 03:17 PM
        Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Omer Sakin08-07-10, 03:18 PM
          Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Omer Sakin08-07-10, 03:19 PM
            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-07-10, 03:57 PM
              Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Omer Sakin08-07-10, 04:30 PM
            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Mohamad Shamseldin08-07-10, 04:15 PM
              Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-07-10, 04:30 PM
                Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-07-10, 04:54 PM
                  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Omer Sakin08-07-10, 05:26 PM
                    Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-07-10, 08:25 PM
                      Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-07-10, 09:05 PM
                        Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-07-10, 09:16 PM
                          Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض الصادق يحيى عبدالله08-07-10, 10:00 PM
                          Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض cantona_108-08-10, 00:07 AM
                            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض أحمد ابن عوف08-08-10, 06:59 AM
  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عبد اللطيف عبد الحفيظ حمد08-08-10, 07:19 AM
    Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-08-10, 07:36 AM
      Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-08-10, 07:45 AM
        Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-08-10, 07:50 AM
          Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 12:12 PM
            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض محمد ادم الحسن08-08-10, 02:03 PM
            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 02:07 PM
              Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 02:09 PM
                Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 02:11 PM
                  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 02:14 PM
                  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض بريمة محمد08-08-10, 03:23 PM
            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض محمد ادم الحسن08-08-10, 02:19 PM
              Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:12 PM
                Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:15 PM
                  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:17 PM
                    Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:18 PM
                      Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:20 PM
                        Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:22 PM
                          Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:24 PM
                            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:27 PM
                              Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:29 PM
                                Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:31 PM
                                  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:34 PM
                                    Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-08-10, 03:35 PM
                                      Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض بريمة محمد08-08-10, 03:38 PM
                                        Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-08-10, 05:37 PM
                                          Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-08-10, 06:20 PM
                                            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض محمد ادم الحسن08-08-10, 06:35 PM
                                            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-08-10, 06:42 PM
                                              Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-08-10, 06:51 PM
                                                Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض خالد كيبا08-09-10, 01:31 AM
                                                  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Mohammed Tirab08-09-10, 02:10 AM
                                                    Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Elsanosi Badr08-09-10, 01:47 AM
                                                      Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض خالد كيبا08-09-10, 05:31 AM
                                                        Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Omer Sakin08-09-10, 06:00 AM
                                                          Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-09-10, 07:23 AM
                                                            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-09-10, 09:42 AM
                                                              Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-09-10, 10:03 AM
                                                              Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض خالد كيبا08-10-10, 10:28 PM
                                                            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Mohamed Doudi08-09-10, 09:59 AM
                                                              Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-09-10, 10:17 AM
                                                                Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-09-10, 10:35 AM
                                                                  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض محمد ادم الحسن08-09-10, 01:18 PM
                                                                  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض محمد ادم الحسن08-09-10, 01:26 PM
                                                                    Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-09-10, 04:20 PM
                                                                      Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-10-10, 04:03 PM
                                                                        Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-10-10, 04:15 PM
                                                                          Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-10-10, 09:00 PM
                                                                            Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-11-10, 06:46 PM
                                                                              Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-13-10, 02:02 PM
                                                                                Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-13-10, 02:33 PM
                                                                                  Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-13-10, 03:20 PM
                                                                                    Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض Elsanosi Badr08-13-10, 05:28 PM
                                                                                      Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-13-10, 08:33 PM
                                                                                        Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-13-10, 09:42 PM
                                                                                          Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض عزام حسن فرح08-13-10, 10:20 PM
                                                                                    Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض ياسر احمد محمود08-13-10, 10:13 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de