ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 08:59 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-04-2010, 06:39 PM

ابن النخيل
<aابن النخيل
تاريخ التسجيل: 01-13-2003
مجموع المشاركات: 549

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان

    ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان
                  

08-04-2010, 06:44 PM

Amani Al Ajab
<aAmani Al Ajab
تاريخ التسجيل: 12-18-2009
مجموع المشاركات: 14883

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان (Re: ابن النخيل)

    Quote: النظام العام جهاز هدام
    نظام عام مافي سلام
    النظام العــام و قــلّع بانتقام
    يسقط قانون النظام العام
    اوقفو اعتداءات شرطه النظام العام علي الوحده والسلام
    قانون النظام العام إمتهان لكرامة الإنسان
    لا للتجسس باسم الاسلام
    بالأقلام سنعرى النظام العام
    بالتكاتف والاقدام حنهزم النظام العام
                  

08-04-2010, 06:48 PM

Amani Al Ajab
<aAmani Al Ajab
تاريخ التسجيل: 12-18-2009
مجموع المشاركات: 14883

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان (Re: Amani Al Ajab)

    Quote: النظام العام جهاز هدام
    نظام عام مافي سلام
    النظام العــام و قــلّع بانتقام
    يسقط قانون النظام العام
    اوقفو اعتداءات شرطه النظام العام علي الوحده والسلام
    قانون النظام العام إمتهان لكرامة الإنسان
    لا للتجسس باسم الاسلام
    بالأقلام سنعرى النظام العام
    بالتكاتف والاقدام حنهزم النظام العام
                  

08-04-2010, 06:48 PM

abubakr salih
<aabubakr salih
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 8834

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان (Re: Amani Al Ajab)

    ممارسات النظام العام انتهاك لكرامه الانسان
    النظام العام يسرق الامن و يهدد حياة البشر
                  

08-04-2010, 06:49 PM

Safia Mohamed
<aSafia Mohamed
تاريخ التسجيل: 07-21-2007
مجموع المشاركات: 2365

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان (Re: Amani Al Ajab)

    *
                  

08-04-2010, 06:50 PM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان (Re: Safia Mohamed)



    لا للتجسس بإسم الإسلام

                  

08-04-2010, 06:50 PM

ابن النخيل
<aابن النخيل
تاريخ التسجيل: 01-13-2003
مجموع المشاركات: 549

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان (Re: ابن النخيل)

    رؤية الأشجار والغابة معاً!

    الحاج وراق




    * أحدث الخبر الذي نشرته صحيفة (الأضواء) أول امس عن مذكرة جديدة للاسلاميين، صدىً واسعاً، أعاد للذاكرة مذكرة العشرة الشهيرة في ديسمبر 1998م.
    وأي مراقب لأداء الحزب الحاكم، ولأداء الجهاز التنفيذي للانقاذ، حالياً، لابد ويلاحظ الحاجة إلى مذكرة للإصلاح.. فلماذا انتهت الأوضاع التي خلفتها مذكرة العشرة الى الحالة الراهنة التي هي نفسها بحاجة إلى مذكرة جديدة؟! السبب الأساسي في تقديري أن محاولة الاصلاح تلك وغيرها من محاولات الإصلاح اللاحقة ظلت تعاني من خللين أساسيين، الاول طابعها الجزئي، والثاني عدم إتساقها، مما يجعلها تنتهي من حيث تبدأ!.
    * ولنبدأ بمناقشة مذكرة العشرة، وكما يقول موقعوها، فإنها جاءت لمعالجة غياب الشورى الداخلية في التنظيم وغياب المؤسسية في إتخاذ القرار.. وقد غاب عن موقعي المذكرة الصلة الجوهرية والتفاعلية ما بين غياب الديمقراطية داخل تنظيمهم وما بين مصادرة الديمقراطية في عموم البلاد، حيث الجزء من الكل! فالحركة الإسلامية التي صعدت الى السلطة بانقلاب عسكري، واستهدفت تحطيم منظمات المجتمع المدني لضمان استقرار سلطتها، تغيرت طبيعتها هي نفسها في مجرى هذه العملية، فبدلاً من اعلاء الجوانب الفكرية والسياسية بدأت تعلو على الدوام الوظائف العسكرية والأمنية، سواء داخلها او في نظامها السياسي، وبالنتيجة تمت (عسكرة) للحركة ولنظامها! ومثل هذه الحركة (المعسكرة) تحتاج الى جنرال في قيادتها، واذ اتسمت قيادة د.الترابي بطابع أوامري الى الحد الذي يمكن القول انه تحول الى (شيخ معسكر)، مما قاد الى مذكرة العشرة، إلا أن المذكرة ـ وفي بقاء المعطيات الاساسية ـ لم تفض الى شورى في الحزب الحاكم، وانما دفعت بالقوانين الموضوعية الى تجليها الأكمل: حيث تطابق نمط القيادة ذي الطابع العسكري الامني مع قيادة فعلية ومباشرة للجنرالات العسكريين والأمنيين، ليس بواقع دورهم فحسب، وانما الجنرالات حقاً وفعلاً، ومن لحم ودم! والعبرة المستفادة أن إصلاح الحزب الحاكم لا يمكن أن ينفصل عن الاصلاح السياسي في البلاد، ولا يمكن الحفاظ على (جزيرة) شورى في محيط هائج من الاستبداد العام!.
    * ثم جاءت لاحقاً محاولة د.الترابي، وقد بدأت محافظة ومترددة، دعت لانتخاب ولاة الولايات دون أن تتساءل عن انتخاب ولاة الأمر في الخرطوم نفسها! وبالطبع لا معنى للفيدرالية إلا ضمن إطار ديمقراطي، فالنظم الاستبدادية نظم مركزية غض النظر عن شكل الحكم فيها!.
    ثم أثار د.الترابي قضية الفساد، وربطها، ومايزال، بما يسميه (فتنة) السلطة و(فتنة) المال! أي انه يرد الفساد الى الخصائص الاخلاقية للأفراد، رغم ان الامر في جوهره يرتبط بطبيعة النظام وطبيعة مؤسساته، حيث أدى الانقلاب إلى تحطيم آليات الشفافية والرقابة والمساءلة والمحاسبة، وبالتالي الى تهيئة البيئة المناسبة للمفتونين للاستسلام الى غواية الفتنة! وبالطبع يعرف د.الترابي دور المؤسسات الديمقراطية في ضبط سلوك الافراد ـ بمن فيهم اولئك المفتونين ـ ولكن آثر ربط الفساد بخصائص الافراد ليعفي نفسه من المسؤولية الشخصية عن البيئة التي قادت اليه، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر ليرسم أفقاً محدوداً للتغيير المرغوب: أي تغيير الاشخاص دون تغيير النظام من أساسه!.
    * وحين تم إقصاء د.الترابي من رئاسة المجلس الوطني وأمانة الحزب الحاكم طور أطروحته للاصلاح كدعوة اكثر جاذبية للحريات، ولكنها لم تكن دعوة متسقة، حيث لم تنتقد التجربة السابقة نقدا جذريا ونزيها، فماتزال تنتقد الاعراض دون النفاذ الى الجوهر: تنتقد انتهاك الحريات، ولكنها تبرر الانقلاب كخطوة كانت صحيحة وضرورية!.. وهل ترى، اذا كان الانقلاب صحيحاً، يحافظ على سلطته بوسيلة غير انتهاك الحريات؟!. واذا كان لحزب ما أن يقرر لوحده ومنفرداً الانقلاب في لحظة ما، فهل يمكن الركون الى صدق التزامه بالديمقراطية؟!.
    ثم ان اصلاحية د.الترابي لم تتساءل ابداً عن مدى تحقق دعوة الحرية داخل التنظيم الاسلامي نفسه، أي عن علاقة الحرية بنمط القيادة القائم على (المشيخة)!.
    كما ان د.الترابي، ورغم انه اكثر انفتاحا من الجناح الآخر، فيما يتعلق بالاوضاع الداخلية، الا انه كان الأكثر تشددا فيما يتعلق بالقضايا الخارجية، وبالتالي لم يطور اطروحة الاصلاح كحزمة واحدة متكاملة، كما فعل مثلا د.خاتمي في ايران! وفي هذا يكمن أحد أهم أسباب هزيمته!.
    * ثم برزت محاولة د.غازي صلاح الدين، الذي ما يزال، يفضل شن معركته داخل (المكاتب) المغلقة وبين تلافيف (الاجهزة)، وفي هذا مقتله، فبدون الاستناد الى ضغط القواعد الاسلامية من جانب، وضغط الرأي العام من الجانب الآخر، في معركة مكشوفة ومعلنة، فان الدوائر المعادية للاصلاح تكتسب ميزات اضافية، حيث يخدمها غياب الشفافية ويصور الصراع معها كصراع شخصي او حول النفوذ، اضافة الى قدرة هذه الدوائر واجادتها لتاكتيكات «المكاتب» ومناورات الصراع حول السلطة، وبالتالي فلا يمكن هزيمتها في ميدانها المختار الذي تحفظ احداثياته وتحذق فنيات ادارته!.
    ثم ان د.غازي الساعي الى تجديد فكري والى انفتاح داخلي وخارجي، هو نفسه الذي يعارض اتفاقات السلام، رغم ان هذه الاتفاقات تشكل المعيار الموضوعي لقياس مدى التجديد الفكري فيما يتعلق بالآخر المختلف، اضافة الى انها الآلية الوحيدة المتاحة لتحول سلمي للديمقراطية، وهذا خلاف انها التعبير العملي عن علاقة شراكة مختلفة ومنتجة مع الآخر المختلف داخليا وخارجيا، وعليه فان معارضة اتفاقات السلام اما تعبر عن مواقف اكثر تشددا، او عن افتراق بين الفكر والممارسة السياسية العملية، او عن انتهازية سياسية، وفي جميع هذه الحالات فان معارضة الاتفاقات لا يمكن ان تشكل تيار المستقبل في الحزب الحاكم!.
    * واضافة الى هذه المحاولات الاصلاحية، فهناك اسلاميون يعارضون مظاهر تفسخ النسيج القيمي والأخلاقي في البلاد، ولكنهم لا يربطون بين هذه الظواهر وبين سببها الأعمق في السياسات الاقتصادية والاجتماعية للانقاذ، فيدعون الى تفعيل شرطة النظام العام بدلاً عن التساؤل اولا عن فاعلية نظام الرفاه العام في البلاد!
    * كما دفعت ازمة دارفور العديد من الاسلاميين ـ خصوصاً من اسلاميي غرب السودان ـ الى الاستنتاج بعدم ملاءمة طريقة ادارة الازمة، ولكن غالبية هؤلاء اما يردون الازمة الى فلان او علان، او الى العقلية «الأمنية»، غير انهم لا يتساءلون عن علاقة فقر الادارة السياسية بمجمل البيئة السياسية القائمة حاليا في البلاد- بيئة غياب المنافسة السياسية وغياب حرية التعبير وغياب المساءلة والمحاسبة، أي بكلمة غياب الديمقراطية!.
    ورغم ان بروفيسور حسن مكي يذهب الى حد تشبيه ادارة ازمة دارفور بالدافوري، ويرد ذلك الى غياب المحاسبة، ويصل الى مقارنة صادمة وموحية بالأوضاع في اسرائيل، الا انه ومع ذلك، لا يستنتج صراحة أهمية الاطار العام للمحاسبة السياسية، وهو إطار الديمقراطية وحقوق الانسان!.
    * إن أزمة محاولات الاصلاح المختلفة للاسلاميين انها ظلت ترى بعض الاشجار دون ان ترى الاشجار الهامة الاخرى، ودون ان ترى مجمل الغابة! فهل ننتظر من محاولة الاصلاح الجارية حالياً اصلاحاً متكاملاً كحزمة واحدة ـ اصلاح فكري، وتنظيمي، وداخلي وخارجي، وسياسي واقتصادي واجتماعي؟! أم تغرق المحاولة الجديدة في ذات محدودية الرؤية السابقة؟! سؤال سيجيب عليه الاسلاميون في مقبل أيامهم!.
                  

08-04-2010, 06:54 PM

ابن النخيل
<aابن النخيل
تاريخ التسجيل: 01-13-2003
مجموع المشاركات: 549

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان (Re: ابن النخيل)

    سقوط المشروع الحضاري في السودان بغياب القضاء العادل ـ الحلقة الاخيرة
    بدأ مسلسل التردّي عنف «الجبهة» في المدارس والجامعات يتحوّل إلى سياسة رسمية
    تأليف :د. حيدر ابراهيم
    كانت البداية كما اتضح ـ مثل أي انقلاب عسكري ـ تدشيناً لانتهاكات حقوق الانسان الأساسية، لأن العهد الجديد يعطل الدستور ويحل النقابات والاتحادات والأحزاب كما يوقف الصحف ويحظر التجول لساعة محددة واعلان حالة الطوارئ. هذه الاجراءات المصاحبة لأي نظام عسكري، أغلظ نظام الانقاذ في تطبيقها خاصة خلال السنوات الأولى. فقد قامت السلطات باعدام ثلاثة مواطنين بتهمة الاتجار في العملة والتي أصبحت تباع في الصرافات و«البراندات» في قلب الخرطوم وأعدمت 28 ضابطاً في 24 ابريل 1990 بعد محاكمة سريعة ـ كانت تسابق ـ حسب عضو بمجلس الثورة ـ أي وساطات أو تدخلات قد تحدث.
    وتسربت معلومات عن وفاة د. علي فضل تحت التعذيب في 21 يناير 1991. وفي ديسمبر 1989 حكم بالاعدام على د. مأمون محمد حسين نقيب الأطباء بتهمة الدعوة للاضراب ولم ينفذ الحكم.وأوجدت الانقاذ عهداً من الارهاب السوداني يذكر بفترة روبسبير 1791 خلال الثورة الفرنسية، اذ اضافة للارهاب الواقعي كانت عمليات التخويف والترويع مقصودة نفسياً لتصوير الدولة بأنها لا تقهر وليس لها حدود وكوابح في حماية الثورة..
    كانت السنوات الأربع الأولى مخصصة لإذلال واهانة الانسان بكل الوسائل لضمان كسر الكرامة وروح المقاومة. وينسب للترابي قوله إن الشعب السوداني «نسّاي وخواف» أي ######## وسريع النسيان اذ يمكن افزاعه لأنه شعب مسالم ثم ينسى سريعاً حتى اسم الشخص الذي أهانه أو أفزعه.
    يبدأ مسلسل انتهاكات حقوق الانسان مع غياب القضاء العادل والمستقل، وكانت هذه أولى خطوات نظام الانقاذ. فقد كان المرسوم الدستوري الثاني: قانون الاجراءات والسلطات الانتقالية لعام 1989 اعلاناً صريحاً بتجميد السلطة القضائية حسب حالة الطوارئ، اذ يقول البند السادس: يختص بممارسة سلطات الطوارئ رأس الدولة وكل جهة تعمل بتفويض راجع اليه، ويجوز بمقتضى سلطة الطوارئ اصدار أوامر أو اتخاذ اجراءات في الشئون التالية:
    ـ النزع والاستيلاء على الأراضي والعقارات والمحال والسلع والأشياء بتعويض أو بغير تعويض وفقاً للمصلحة العامة، الاستيلاء على الأموال والمحال والسلع والأشياء التي يشتبه بأنها موضوع مخالفة للقانون، وذلك حتى يتم التحري أو يفصل القضاء بالأمر، حظر أو تنظيم حركة الأشخاص أو نشاطاتهم أو حركة الأشياء ووسائل النقل والاتصال في أي منطقة أو زمان أو بأي شرط آخر، تكليف الأشخاص بأية خدمة عسكرية أو مدنية تقتضيها ضرورات الأمن مع حفظ حق الأجر عليها.
    انهاء خدمة أي من العاملين في الدولة مع جواز منحه فوائد ما بعد الخدمة، اعتقال الأشخاص الذين في كونهم يهددون الأمن السياسي أو الاقتصادي مع حفظ حق الاستئناف للمجلس. والأهم من ذلك، يجوز لمجلس الثورة أو من يفوضه أن يشكل محاكم خاصة لمحاكمة أي متهم تحت هذا القانون وأن يحدد الاجراءات التي تتبع في التحري والمحاكمة، لا يجوز للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أي أمر أو قرار يصدر بموجب هذا المرسوم.
    وأصبح من الممكن تعيين رئيس القضاء خلافاً لقواعد وقوانين تحدد كيفية الاختيار. وقام النظام بفصل أعداد كبيرة من القضاة وتم تعيين قضاة من أصحاب الولاء. وأجريت محاكمات تعسفية وسياسية كان من أشهرها، قضية يحيي بولاد المنشق عن الجبهة وانضم للحركة الشعبية وصار ممثلها في دارفور.
    استباحة
    صار نظام الانقاذ مطلق اليد واستباح البلاد: غياب رقابة قضائية فوق قوانين الطوارئ الاستثنائية. وتعددت الوسائل التي تحقق ما أسموه التمكين، وهذه شهادة قدمها ضباط شرطة سابقين تبين كيف أزال النظام أي كوابح ممكنة تمنعه من ممارسة الطغيان المطلق، تقول: ـ «أنه على الرغم من أن قوات الشرطة في السودان قوات نظامية ومدنية وذات صلة وثيقة بالجهاز القضائي الا في الحالات التي يعلن فيها الجهاز السياسي حالات الطوارئ مثل الحروب والكوارث الطبيعية وحالات انفلات عقد النظام الاجتماعي العام، فقد أدى الخلط بين المؤسسة العسكرية وقوات الشرطة الى الاضرار بالشرطة جهازاً وأفراداً.
    ورأى النظام حسب مفهومه، أن يكون لجهاز الشرطة الولاء التام لنظام الدولة الجديد الذي أنشأه مع أن الشرطة قامت على الولاء والفهم لتقاليد القانون المدني السائد، فقاموا بأول أهداف التمزيق والبعثرة لاحلال جهاز جديد محلها.
    وقد كان المنظور الاستراتيجي لمفكري جبهة الترابي هو تشتيت وحدات الأمن الاستراتيجي ومكافحة الشغب المعروفة باسم «الاحتياط المركزي» المكونة من ثلاث سرايا ضاربة وعالية التدريب والكفاءة وتستعمل أسلحة آلية، فقاموا بابعاد ثلثي هذه القوة الى دارفور بدعوى مكافحة النهب المسلح والحرب الأهلية ظاهرياً، مع العلم أن السبب الأساسي كان عدم مقدرة الحكومة اختراق هذه القوة بكوادر من داخلها تسهل السيطرة عليها كما فعلوا ذلك مع المؤسسة العسكرية.
    كما عمدوا في خطة مدروسة وعلى مراحل الى تكوين اللجان الشعبية للرقابة والخدمات في الأحياء أولاً، ثم اعطائها سلطات تنفيذية تقلص الدور القانوني لجهاز الشرطة وربط هذه اللجان بمحاكم النظام العام لتجاوز الدور القانوني للقضاء، حيث أن رئيس القضاء الذي كان يفترض أن يكون حارساً للقانون علق على استئناف مقدم ضد احدى هذه المحاكم في أحد أحكامها بأن هذه المحاكم لا تتقيد بقانون ولا بالاجراءات ولا بالسوابق القضائية.
    ثم أعقب هذه المرحلة اصدار قانون بدمج قوات الشرطة واللجان الشعبية في قانون واحد تتفوق بموجبه اللجان الشعبية على الشرطة في العدد وبالتالي تفرغ الشرطة من محتواها وعقيدتها القانونية في السلوك والتقاليد المتوارثة التي نشأت عليها.

    تلك اللحظة تزامنت مع خطة أخرى لازاحة العناصر ذات الكفاءات العالية والمستنيرة. فقد تمت احالة ثلاثمئة ضابط الى المعاش من مختلف الرتب ابتداء من ملازم ثان الى فريق أول ليفسح المجال أمام كوادر الجبهة بتصفية الكوادر الوطنية والغيورة على الجهاز كدفعة أولى. وفي اطار هذه الخطة تمت في المرحلة الثانية احالة أكثر من خمسة عشر عميداً ولواء وفريقاً لافساح المجال أمام العميد عوض خوجلي وهو أصغرهم سناً ورتبة باعتباره كادر الجبهة الذي تم تجنيده خلال دورته التدريبية في المركز الافريقي الاسلامي.
    مع العميد محمد الأمين خليفة. ثم بعدها تمت احالة 68 ضابطاً من مختلف الرتب ومن أكفأ الضباط الذين عرفتهم الشرطة خلقاً ونزاهة وعفة، وكان ذلك عقب اجتماع «الاحتياط المركزي» الشهير مع وزير الداخلية السابق اللواء فيصل أبو صالح. فقد اتهموا على ضوء ذلك بالعداء للنظام والعمل على الاطاحة به ومنعوا من حقهم في تعديلات قانون المعاشات ومنهم العقيد حمدي الصائغ وماضي خضر ومعاوية بكراوي والرائد النور يوسف (المجلة العدد 631، 11 ـ 17 مارس 1992، ص 24).
    من الصعب رصد كل حالات الانتهاكات والتي شملت الألوف، ولكن يمكن متابعة التفاصيل في التقارير الكثيرة التي نشرت وتم تداولها علانية. ومن ذلك تقارير المقرر الخاص بحقوق الانسان ووقائع لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة، والجمعية العامة للأمم المتحدة، وتقارير منظمات حقوق الانسان الاقليمية والدولية. وهناك كتابات مثل: د. أمين مكي مدني: جرائم سودانية بالمخالفة للقانون الانساني الدولي 1989 ـ 2000 (القاهرة، دار المستقبل العربي 2001).
    وعلى الماحي السخي: شهادتي للتاريخ: بيوت سيئة السمعة. تحرير د. حسن الجزولي (المجموعة السودانية لضحايا التعذيب)، التعذيب في السودان: حقائق وشهادات (مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا التعذيب)، نشطاء بلا حدود: تقرير السودان 1989 ـ 1999 (البرنامج العربي لنشطاء حقوق الانسان). السودان: دموع اليتامى لا مستقبل بدون حقوق الانسان (منظمة العفو الدولية، لندن 1995) وسبق لها اصدار تقرير محدود التوزيع: السودان: ـ أزمة مستمرة في حقوق الانسان (1992) بالاضافة لتقارير شئون اللاجئين ومنظمة الغذاء العالمية ووكالات الاغاثة العالمية.
    الكيل بمكيالين
    تهمني مثل هذه الأمثلة لاثبات ضعف (الاسلامويين) السودانيين فيما يتعلق بقيم حقوق الانسان مطبقة على الآخر، فهم يطالبون وبالحاح بضرورة احترام حقوقهم حين تنتهك في مصر أو سوريا أو تونس أو الجزائر، ويصمتون عن السودان لأن الحكم اسلامي.
    هذا هو عين الكيل بمكيالين والذي يظهر في كثير من الممارسات والأقوال لدى (الاسلامويين) وبالتالي حقوق الانسان ليست مبدأ بل وسائل لتوسيع الحريات ووقف القمع في حالات خاصة. دهشت حين وجدت مقالة كاملة للأفندي تدين اعتقال المدير التنفيذي لمنظمة الدعوة الاسلامية بينما لم يسطر قلمه حرفاً واحداً يذكر اسم لمعتقل أو معذب معارض.
    وكنت أود أن اقتبس المقالة كاملة لبيان التعاطف والادانة ثم الاهتمام بالحقوق الأساسية الذي نزل فجأة على من كان يرى في الترابي انساناً مشغولاً بقضايا كبرى وليس لديه الوقت لاضاعته في ترهات حقوق الانسان والتعذيب وبتر السيقان! والمقال عنوانه: «زوار الفجر في الخرطوم يأتون عند الفجر تماماً» ويبدأه بهذه الجملة الدراماتيكية: «المشهد يصلح لأن يكون اقتباساً من كافكا، ولكن بعد أن يكون الكاتب قرأ: مزرعة الحيوانات لأورويل وتأثر بها ضابطان من جهاز الأمن يطرقان باب الرجل الكبير في موعد صلاة الفجر ويبلغانه أن مسئولاً كبيراً في الدولة يطلب مقابلته».
    (صحيفة القدس اللندنية 18 يونيو 2002) هذا المشهد الكافكاوي كان سلوكاً يومياً لأجهزة الأمن ولا تقوم بالاستدعاء بل بالضرب والتعذيب والاختفاء، حينها كان الكاتب في الملحقية الاعلامية بلندن متحفزاً لنفي أي اتهام عن انتهاكات حقوق الانسان في السودان، هل كان الصمت من قبل مثقفي الحركة (الاسلاموية) باعتبار أولئك الأشخاص كفاراً أو علمانيين أو خونة؟

    ركزت على الأفندي ليس لأي سبب أخر الا لأنه أكثرهم ليبرالية، ومع ذلك سكت عن قول الحق، فما بالك عندما يكون الحديث عن مواقف المهووسين والمتزمتين من قيادات الحركة؟
    يمكن ارجاع ضعف حس حقوق الانسان لدى (الاسلامويين) السودانيين والحركة (الاسلاموية) السودانية عموماً الى أسباب سيكولوجية فردية وأخرى فكرية جماعية تكمن في الفقر النظري والفكري الذي لازم الحركة المهتمة بالتنظيم والسياسة الحركية. ولكن أي عمل سياسي حين يصل درجة تعذيب الخصوم واذلالهم وانتهاكات حقوق الانسانية الطبيعية يخرج من الفضاء العام أي السياسة ويدخل في أسوار المصحات النفسية مهما كان نبل الغاية التي يدعيها السياسي أو المناصر للسلطة أو المستخدم فيها.
    فالاسلامويون السودانيون لم يدخلوا الاصلاح الديني ولا الاجتهاد والتجديد بل أدخلوا التعذيب والاذلال في السياسة السودانية كمنهج وطريقة تعامل منتظمة ومقصودة. ولم يكن مجرد تجاوزات أو استثناءات لسبب بسيط هو أن الجميع في السنوات الثلاث الأولى كانوا شركاء في الانتهاكات بالتوجيه أو التنفيذ المباشر أو التبرير أو الصمت أو التواطؤ بالهروب عن طرح ومناقشة الموضوع وانكار وجوده لاخفاء الاتهامات. فقد كان تأمين السلطة الاسلامية هدفاً مقدساً يجبُّ كل ما عداه، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة ضد الطائفية والشيوعيين والمتمردين والمستعمرين والصهاينة.
    وكل شيء مباح طالما الغرض تأسيس الدولة الاسلامية واقامة المشروع الحضاري الاسلامي في نهاية القرن العشرين، ليس كمجرد أفكار يرددها الأفغاني أو محمد عبده أو سيد قطب أو المودودي، ولكن من خلال تحويل الفكرة الى دولة فوق رقعة أرض تبلغ المليون ميل مربع وقطر له حدود مع تسع دول. فقد درج الترابي ـ آنذاك ـ عن الحديث عن الاشعاع الحضاري من السودان المتوقع في المنطقة.

    وبالذات في افريقيا. هذا الشعور الدافق بالاستعلاء ظل ملازماً لـ (الاسلامويين) وهم جماعة صغيرة فقد كان شعار صحيفتهم في بعض الأحيان: «ولا تهنوا وأنتم الأعلون»، فما بالك وقد استولوا على سلطة كاملة وأقاموا نظاماً شمولياً رادعاً وعنيفاً؟
    صدق من قال
    كان كتابي «أزمة الاسلام السياسي: الجبهة الاسلامية القومية في السودان نموذجاً» وصفاً وتحليلاً للحركة وهي لا تزال تعمل وسط الجماهير مثل بقية الأحزاب والقوى السياسية ولم تنقلب عليها بعد، ولكنها بعد انقلاب 30 يونيو 1989 وجدت نفسها في وضع مختلف تماماً.
    تحدث ذلك الكتاب عن عصابية (الاسلاموي) وهو يتنافس مع بقية القوى السياسية وهو الآن يمتلك جهاز الدولة ويفرض من خلاله عصابيته كفرد وفاشيته كدولة وسلطة مطلقة. قدمت وصفاً يميل الى تحليل نفسية (الاسلاموي) المتعصب والعصابي. وجاء الاختبار لصحته النفسية وعافيته من العقد والرواسب عندما وجد السلطة في يده ـ وصدق من قال: السلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة بصورة مطلقة. وكان أمام (الاسلاموي) الاختيار بين الرحمة والسماحة مقابل القسوة والاضطهاد والاذلال.
    وكل موقف هو انعكاس لنفسية وشخصية محددتين. يندرج هذا الميل الزائد للعنف الذي يفهم خطأ بأنه قوة، ضمن حالة السادية ولها جانبان فهي اضطراب نفسي ـ جنسي، حيث تشبع الحوافز والدوافع الجنسية من خلال ايقاع الأذى والألم على شخص آخر. وقد لا يكون ارضاء أو اشباع السادي بالحاق الألم الجسدي الحقيقي بالآخر بل من المعاناة العقلية والنفسية التي قد يسببها للآخر.
    وهذا ما يفعله من يقوم بالتعذيب من خلال التخويف والتهديد. وقد يستخدم المفهوم خارج السياق الجنسي لوصف الأشخاص القساة بقصد أو يحصلون على المتعة باذلال أو السيطرة على الآخرين في مواقف اجتماعية (الموسوعة البريطانية، الجزء العاشر 1994، ص293).

    يقول سارتر إن الانسان أكثر الحيوانات فحشاً وضراوة وجبناً. ويصور فيلم بازوليني «مئة يوم في سدوم» وحشية مجموعة الضباط الفاشيين في تعذيب الشبان والشابات، فقد صعب على العقل العادي أن يفهم أن يقوم انسان يحس هو نفسه بالألم والخوف والاذلال ثم يقوم بايقاع هذه المحن على انسان مثله.
    لذلك يجمع علماء النفس أن مثل هذا الانسان مريض ومنحرف يتساوى في ذلك من يصدر الأوامر ومن ينفذها. وهناك من يقول بأن النظام قد استخدم المشردين والمجرمين للقيام بعمليات الضرب والسحل والتعليق على السقف والحرمان من النوم وغيرها من الممارسات.وأعيد هنا بعضاً من التحليل الذي ورد في كتاب «أزمة الاسلام السياسي» ويمكن للقارئ الرجوع الى مزيد من التفاصيل، فالأصولي يتعصب ـ للمفارقة ـ لأسباب مثالية.
    فهو يمتلك شعوراً بوهم القدرة الكلية وهذا ما يجعله يقطع صلته بواقعه ومحيطه في التفكير واختيار الوسائل. فالمتعصب يرى مجتمعه كله فاسداً ويعمل على تغييره بقلبه ولسانه. وفي حالة حكم «الانقاذ» كانت هذه اليد هي السلطة والتي أعطت له الحق في تكوين أجهزة الأمن والتحقيق والمحاكمة والسجن أو حتى الاعدام. وهذا اتجاه تطهري لدى الفرد يسمح له بهدم الموجود من أجل انشاء عالم مثالي خال من المفاسد والرذيلة، ويقوم بتقسيم العالم مانوياً أو ثنائياً الى فسطاطين أو محورين: الشر والخير.
    ومثل هذا الشخص ينمو وفي داخله شيء من البارانويا وهي ذهان من أعراضه نزعة مرضية نحو الشك والارتياب ولذلك يلجأ الى العنف والاقصاء بل المحو قبل أن يتيقن من حقيقة الظن أو الشك خشية أن يكون الوقت متأخراً. ولابد لمثل هذا الشخص من ايمان قوي لا يتزحزح أو ايمان العجائز الذي لا يتساءل، وفي هذه الحالة يحس بامتلاكه لحقيقة مطلقة وهي في حالة الأصولي مقدسة أيضاً. وهذا منتهى الكمال وبالتالي النرجسية التي تلازم الأصولي العصابي.

    وتعميه عن رؤية أخطائه ولا يحس بأي تأنيب للضمير مهما فعل خاصة في حالة الاندماج في الموقف مما يعطل الجرمية أي الشعور بالجرم. ووجد العصابي الأصولي السوداني في تنظيم الحركة ثم في سلطة الانقاذ شعوراً بالانتماء والعلو أيضاً. فهو عضو في جماعة اصطفاها الله لتطبيق الشريعة وبالتالي يصبح كل الآخرين دونهم، ثم يتم تصنيفهم كأعداء وكفار وعملاء مما يجعل قمعهم واضطهادهم واجباً دينياً وليس مجرد خلاف سياسي أو معارضة، ويظهر السلوك العدواني تجاه معسكر الشيطان أو الشر بدون تسامح أو قبول للآخر.
    وتحول العنف الذي مارسه (الاسلامويون) السودانيون باستمرار في الجامعات والمدارس الى سياسة دولة كاملة. وكل هذه شروط جاهزة لقيام دولة شمولية قمعية تقارب النظم الفاشية التي عرفتها أوروبا لولا الاختلاف في درجة التطور الاقتصادي ـ الاجتماعي الذي أنتج تلك الأيديولوجيا في أوروبا الغربية. فالتخلف ينعكس حتى على نوعية الفاشية المطبقة. وأقام (الاسلامويون) دولة شمولية بدائية في فاشيتها.
    يردد (الاسلامويون) أن حماية النظام الجديد اقتضت تلك الاجراءات الاستثنائية وهو أمر طبيعي لأي سلطة جديدة. وينسون في هذه الحالة ما يميزهم على الشيوعيين أو البعثيين أو الناصريين مثلاً فأين اسلاميتهم التي تبرر الانقلاب ذاته باعتباره تأسيساً مختلفاً تماماً؟
    لجأت السلطة (الاسلاموية) الجديدة الى المفاجأة وتعميم الرعب والخوف فقد بالغت في استخدام العنف حتى درجة القتل أو الاعدام. وهذه نظرة قاصرة وانتهازية كانت على حساب شعارات كبرى ومواقف مبدئية مثل حقوق الانسان في الاسلام. فقد وجدت السلطة (الاسلاموية) نفسها بين خيارين صعبين: ـ تأمين النظام بأي وسيلة أو الوقوف الى جانب المبدأ وتعاليم الدين، واختارت الأول، على أن تحاول ـ كما ظهر مؤخراً ـ ايجاد المبررات كما فعلوا طوال السنوات الماضية بلا جدوى.

    ولا أدري لماذا نقول بأن البكارة تفقد مرة فقط ولا نقول أن الطهارة السياسية والأخلاقية تفقد مرة واحدة وللأبد؟ وهكذا وضع الاسلاميون السودانيون رفاقهم في البلدان الأخرى أمام حرج حقيقي حول الموقف الفكري والعملي للمسلمين تجاه قيم حقوق الانسان.
    يرى بعض (الاسلامويين) أن قسوة القانون والعقوبات ضرورية لتطهير المجتمع وردع المعارضين، فهم يرددون: المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف أو أشداء على الكافرين. وهنا يطرح تساؤل فلسفي وهو دور الأخلاق في تخفيف قسوة القانون عند تطبيقه، ففي الدولة الاسلامية غالباً ما يختلط المقوم الديني مع المقوم الاجتماعي ـ الانساني. يلاحظ العروى أن عمر وعلى (رضي الله عنهما) لم يمارسا التعذيب والقسوة في العقوبة.
    «ويقف وراء هذا التوجه عامل دنيوي ـ اجتماعي يرتهن في مجمل الأصول البدوية والطبقية التي ساهمت في تكوين شخصيتهما الى الحد الذي يمنع من الحكم عليهما لاعتبارات دينية خالصة أي بوصفهما ـ رجلي دين من النمط الشائع. ومن دون أن نتعسف التشكيك في جدية ايمانهما الديني».
    ولكن أعطيا في سياستهما هذه مثالاً على الدور الذي يمكن أن تلعبه الأخلاق في تخفيف قسوة القانون (ص 65) يمكن القول بأن الحاكم المسلم قد يحكم بالقدوة الحسنة والمثال قبل القانون، لذلك نام عمر. وكنا نسمع بأن بعض أعضاء مجلس الثورة لم ينم الليل كاملاً منذ أن قام الانقلاب ولا أدري هل في هذا مدح أم ذم.
    عيب في الجوهر
    لم يكن موقف أصحاب المشروع الحضاري من حقوق الانسان وليد الظروف الاستثنائية والانقلاب وتعرضه للخطر، ولكنه عيب فكري في جوهر رؤيتهم السياسية. فالحديث عن حقوق الانسان بالمفهوم السائد هذه الأيام غائب في أدبيات الحركة (الاسلاموية) منذ نشأتها الأولى. ففي كتابات (الاسلامويين) السودانيين النظرية والفكرية وهي قليلة أصلاً.
    وتكاد تنعدم أي مساهمات عن حقوق الانسان حتى الترابي كتب عن الديمقراطية والشورى والدستور والقانون ولكن حقوق الانسان كحركة وقيم ومؤسسات لم تثر اهتمامهم. يقول البعض أن الاهتمام بقضية حقوق الانسان في السودان جاء متأخراً نسبياً، ولكن حتى مع الاهتمام الأخير وجد (الاسلامويون) السودانيون أنفسهم في موقف معادٍ لحقوق الانسان كحركة عالمية وثقافة جديدة لأنهم اصطدموا معها باعتبارهم سلطة وحكاماً وليس دعاة ومفكرين.
    وكانت حجتهم تقوم على الخصوصية ورفض المصدر الغربي لحقوق الانسان. لذلك عندما هاجموا مقرر الأمم المتحدة لحقوق الانسان كانوا في الواقع يكرسون الانتهاكات. فقد حددت لجنة حقوق الانسان موضوعات محددة مطلوب توضيح في وضعيتها في السودان مثل: ـ التعذيب في المعتقلات والسجون، القتل والاعدام خارج نطاق القضاء.
    والحجز والاعتقال والفصل من الخدمة والقيود على التنقل والسفر ومصادرة الأموال مع استمرار حالة الطوارئ وقيام المحاكم الخاصة. حاولت الحكومة السودانية تحويل الاتهامات ضدها الى اتهامات ضد الاسلام، فهي هنا تماهي نفسها بالاسلام. فكل من يهاجم حكومة السودان يهاجم الاسلام. واستطاعت جذب الانتباه الى ميدان آخر وهو علاقة حقوق الانسان العالمية بالاسلام. وتم تجاهل أو تعتيم القضية.
    مثل هذا السجال لا يمنع السؤال عما هي الاضافات التي قدمها (الاسلامويون) السودانيون في تدعيم هذه القضايا سواءً من خلال التنظير والفكر أو الحركية والدفاع الفعلي ضد الانتهاكات؟ ابتعد (الاسلامويون) عن حركة حقوق الانسان حين انطلقت في السودان باعتبارها من أدوات عمل اليسار والشيوعيين وبالفعل كان هؤلاء هم المبادرون. كما أن الحركة نشطت بعد قوانين سبتمبر 1983 الاسلامية وبعد اعدام محمود محمد طه بتهمة الرّدة وكان (الاسلامويون) شركاء أو متواطئون آثروا الصمت أو التأييد الضمني وأحياناً المباشر وأن كانوا قد تبرأوا من هذا الموقف لاحقاً.

    أما الموجة الثانية لحركة حقوق الانسان في السودان فقد كانت ضد ممارسات السلطة الانقلابية العسكرية والانقلاب هندسة ونفذه ودعمه (الاسلامويون) ومن الطبيعي ألا ينضووا الى أي حركة تحاول النيل من النظام. وهكذا حرم (الاسلامويون) أنفسهم من شرف الانضمام والعمل ضمن حركة الحقوق. وهذا عيب وخلل في حركة يفترض فيها المعاصرة والجماهيرية، فهي تنفي عن نفسها التقليدية بأنها تمثل النخبة المتعلمة في السودان والدليل على ذلك اكتساحها لدوائر الخريجين عام 1986.
    فكيف أمكن ابعاد هذه النخبة المتعلمة من حركة حديثة تدعو لقيم حقوق الانسان التي يرون أن الاسلام سبق الجميع اليها؟ وفي هذا تناقض لماذا لم يكتشف الاسلاميون هذه القيم الانسانية التي دعا اليها الاسلام وبالتالي يكونون المبادرين في انشاء منظمات حقوق الانسان في السودان والعالم العربي.
    يعود الضعف الفكري للحركة (الاسلاموية) في ميدان حقوق الانسان وغيره من الميادين وفي ذلك الكتابة عن الاسلام حصراً، الى كونها حركة غير أصيلة فهي رد فعل أو عمل مضاد للشيوعية، وبالتالي تعرف نفسها بالسلب.
    وكانت ترى نفسها دائماً في مرآة الشيوعيين. لذلك حفلت صحف الحائط الجامعية والتي تحولت الى صحفهم ومجلاتهم وكتبهم على مستوى آخر بالهجوم على الشيوعيين وتفنيد عيوب الشيوعية. وقد أراح (الاسلامويون) من خلال تصنيف تبسيطي يدرجون فيه كل من يخالفهم كشيوعي، وقد سهل عليهم ذلك تحديد معسكر الشر والشيطان.
                  

08-04-2010, 06:56 PM

جعفر خضر

تاريخ التسجيل: 08-09-2008
مجموع المشاركات: 1600

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان (Re: ابن النخيل)

    ممارسات النظام العام انتهاك لكرامه الانسان
                  

08-04-2010, 11:49 PM

طارق ميرغني

تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان (Re: جعفر خضر)

    ابدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا
    بالذي اصبح شمسا في يدينا
    وغناء عاطر تعدو به الريح
    فتختال الهوينى يا بلادي
    من كل قلب يا بلادي
                  

08-05-2010, 08:24 AM

فيصل عثمان الحسن

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 4528

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ممارسات النظام العام إنتهاك لكرامه الانسان (Re: طارق ميرغني)

    Quote: فهناك اسلاميون يعارضون مظاهر تفسخ النسيج القيمي والأخلاقي في البلاد، ولكنهم لا يربطون بين هذه الظواهر وبين سببها الأعمق في السياسات الاقتصادية والاجتماعية للانقاذ، فيدعون الى تفعيل شرطة النظام العام بدلاً عن التساؤل اولا عن فاعلية نظام الرفاه العام في البلاد!


    انهم كيزان الجن وفروا كل ما من شأنه أن يفسد الانسان
    بسياساتهم الخرقاء , ولا يريدون أن يروا ما صنعت أياديهم
    الآثمة .
    شكرا أستاذنا الحارج وراق على الرصد الجيد .
    تحياتى أخى ابن النخيل .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de