ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 11:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-22-2010, 07:49 AM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. (Re: ناصر الاحيمر)

    خيراً قُلتم وأهلاً عُدتُّم؛ أَجلٌ هذه دعوةُ المنطقُ التي ظللنا نتوق إليها حينٌ من الدَهر لم يكن مذكوراً، وهذا نداءُ الواجبُ الذي يُهمُ كل حادبٍ على مصلحة جبال النوبة بكل ما تحمل هذه الكلمة من جملة معاني ومفاهيم وقيم، وهذه بوتقةُ التفاعل التي تندمج فيها عناصر التعقل والتدبر للخروج بمحصلة يكون نتاجها خلاصة التفاكر والتشاور والتفاهم، وهي مبدأ وأمرهم شورى بينهم.

    إن مظالم جبال النوبة لم تكن وليدة اليوم ولا الأمس، ولكنها غائرة في سنين التجاهل التأريخي والسياسي المرسوم لها بدقة ومنذ زمن بعيد. فمن يطّلع على تأريخ السودان يجد أن المنطقة، وبما تحوي من خيرٍ وفير، لم تكن يوماً قِبلةً للارتقاء، ولا هدفاً للنماء، إلا ما ندر. لم يكن يُنظر لرجال جبال النوبة إلا للشدًة وقوة المراس. أنظروا الأربعجي بُلك وخمسجي بُلك وقوامهما، أنظروا لقوام جيش المهدية وقادته، ولحملات القائد حمدان أبي عنجة الذي توغل في الجبال جلباً لأقوياء رجالهم لدعم قوات الإمام المهدي المتجهة صوب الخرطوم آنذاك لمنازلة حكامها. استرجعوا التاريخ واستخلصوا أهداف غزو ملوك سنار لجبال النوبة؛ أليس ذلك من أجل الذهب والرجال­!! أنظروا لعظمة الرجال، وحكمة الفحول منهم عندما تم أسر السلطان عجبنا، وأراد الحاكم في مصر آنذاك اقتياد البطل إليه تيمناً بالحصول من صلبه على نسل قوي كمثله، فقال قولته المشهورة: لستُ حصاناً وطلب الموت عزيزاً مكرماً في أرضه السودان، وفي مدينته الدلنج تحديداً فكان له ما أراد. كل هذه الأمثلة دلالة على فحولة الإنسان النوبي حتى أضحى مثلاً (ما قولتو نوبة).

    إن نظرة القوم للإنسان النوبي عادة ما تتم من زاوية الدونية والاستخفاف والعنصرية، ودونكم هذه الأمثلة:

    (1) عند قيام أي تحرك أو انقلاب عسكري من قِبل أبناء جبال النوبة في القوات المسلحة فسرعان ما يوصف هذا الانقلاب ب"الحركة العنصريَّة".

    (2) اضطَرّ أبناء جبال النوبة اضطراراً للالتحاق بالحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السُّودان عندما اشتدَّت عليهم وطأة التقتيل، والتنكيل، والتصفية الجسدية من الأنظمة الحاكمة، وبمعاونة عملائها داخل جبال النوبة، وذلك لحماية ما تبقى لهم من موروث، وَوُصفوا بالطابور الخامس وبالمتمردين من قِبل السلطات على خلاف ما نُعِتَ به أولئك النفر من الشماليين والذين شهِروا سلاح المقاومة في وجه الحكومة فماذا سمّوا­؟ لقد سُمّوا بالمعارضة الشمالية و"ليس بالمتمردين".

    (3) الأدهى من ذلك أن الدين قد لُوِّن وأُصطُبِغ بصبغة العنصرية، وها هم القوم ملاك السلطة والجاه يفرضون الجهاد ـ أجل الجهاد ـ على إنسان جبال النوبة المسلم، على مرأى ومسمع من العالم كله بمدينة الأُبيض دون غيرهم ممن رفعوا السلاح، فيا لها من مفارقة مدهشة حقاً.

    لم تقتصر المظالم في الجبال على الموارد الطبيعية فقط، بل تعدتها لتشمل مواردها البشرية كذلك. فمن يمعن النظر في الإستراتيجية التي أُتَبعت في التعليم، ليعلم يقيناً بأنها أُسست على مفهوم الطرد التلقائي للمعلم، حتى لا يكون العنصر الأساسي للعملية التعليمية التنافسية، التي بُنيَ عليها نظام القبول في السودان. خذ مثلا التعليم الجامعي، فكيف يستقيم عقلاً أن يتنافس من يفتقد لمعلم الأحياء والفيزياء والكيمياء ورشفة الماء وعواء الإمعاء جوعاً وتيهة الظلماء مع مَن يملك كل مقومات النجاح بما فيها دِثار الدروس الخصوصية!!

    تعدد هذه المظالم التي أرخت بسدولها على واقع الحال قد أجبر الخُلص من أبناء الجبال على بلورة أفكارهم، وضرورة تنظيم صفوفهم لمواجهة الظلم، فشهِدنا قيام إتحاد عام جبال النوبة في منتصف الستينيَّات، وتأسيس تنظيم "الكومولو" في نهاية السبعينيَّات، والحزب القومي السوداني وغيرها من التنظيمات ذات الصلة بالعمل السياسي، وصولاً إلى الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السُّودان، والتي تتولى قيادة الهامش في هذه الظروف الصعبة.

    إن الأمثلة التي سِيقت في هذه العجالة لتذكَرنا بأن إنسان جبال النوبة لم يغفل دوره ولم يدَخر جهده للدفاع عن حقوقه، بل فهو واعيٌ لمتطلبات المرحلة، ومدركٌ لثقل المهمة، وعِظم الأمانة، التي أُنيط بها على مر الأيام. الهموم التي تؤرِّق بال أبناء الجبال ليست بالقليلة، والتفات كافة العوام حولها ضرورةٌ ملحَة تقتضيها المسئولية الجسيمة، التي من أجلها قدَمنا الغالي النفيس من النعم والأنعام. إن أردنا الوصول لغاية الأهداف فعلينا أن نُبقي الراية مرفوعةً لعنان السماء، وأن نَزُود عنها بترك نقائص الأهواء، والابتعاد عن مُنغِصات النفوس، وتسميم الأجواء بالحروف والكلم الجوفاء، التي تُغري علينا وعلى تشتيتنا الأعداء. أجلٌ لن يتسنَى لنا الارتقاء بنفوسنا إلى معالي الإخاء والرضاء، إلا بتجاوزنا عن الأطر الضيَقة من التفكير، وانفتاحنا على بعضنا برحابة الصدر وعميق التدبر وبقبول التذكير، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، ففي الإتحاد القوة والغلبة والرهبة، وعلى نقيضه المهانة والذلة.





    خيراً قُلتُم وأهلاً عُدتَم:



    إن المتتبَع لمسيرة جبال النوبة النضالية ليدرك أن النضال قد مر بمراحل تعقابية متباينة، تباين المتغيرات السياسية نفسها. فتارة أخذ النضال أدوار المواجهة والمطارحة والتطبيق العملي، مثل تأسيس التنظيمات العلنية؛ وتارة أخرى نحى النضال منحى السرية وتسييس أمورها في طي الكتمان؛ وكليهما أُوتي أُكلهما، ودونكم عددٌ من هؤلاء الرفاق الذين يقودون العملية السياسية والتنموية بكل فخر واعتزاز وفي كل المحافل.

    ما جعل تجربتنا السياسية والتنظيمية تراوح الفشل أمداً من الدهر ليخال إليَ أن مرده جملة من المسببات والمعوقات أذكر منها:

    (1) غياب المنهجية السياسية والفكرية لدى كثير من القادة، وغياب مبدأ التنبؤ المستقبلي والتهيؤ له. ففي العام 2002م، وحينما كنتُ بمدينة الرياض بالمملكة العربيَّة السعوديَّة جلستُ أتحاور مع الرفيق سعيد كومي ـ رئيس مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان فرعية الخليج ـ حينه كانت مفاوضات السلام تتأرجح يمنة ويسرة، نتلمس نوايا نفوس المتحاورين في توجس سعياً لإيجاد أرضية صادقة تنطق منها العملية التفاوضية قدماً. في ظل تلك الظروف جلستُ أناقش رئيس المكتب عن ضرورات المرحلة القادمة تحسباً لنجاح العملية السلمية واستباقها برؤية عملية لمواكبة متطلبات جبال النوبة، التي أرهقتها الحرب المستعرة فيها لأكثر من خمس عشرة سنة خلت، أُتلفت فيها الزرع والضرع ونُهِبت منها الموارد الطبيعية ما ظهر منها وما بطن، وأُزهقت الأرواح بصنوفها ما طال منها وما قصر، واشتدت على البريَة سطوة القساة حتى قالوا متى نصر الله تعالى، وهو الذي نهى عن إزهاق الروح لأنها من أمره تعالى، وشرع ما شرع حرمة قتل النفس البريئة، مسلمة كانت أم كافرة لأنها من صنعه.

    أجلٌ، جلستُ أحاور الرفيق على ضرورة تجهيز الكوادر وتعبئتهم ـ وما أكثرهم تناثراً في بقاع الأرض ـ بالتنسيق مع قيادة الحركة الشعبية، وبمساعدة الدول الصديقة أسوة بكوادر الجبهة القوميَّة الإسلاميَّة والأشقاء بجنوب السودان، وضرورة تكوين لجنة مختصة توكل إليها تنفيذ هذه المهمة بالأسلوب العلمي. فلا يستقيم عقلاً أن ننهض بالمنطقة دون سابق رؤية ورويَة. إن كوادر الجبال بالداخل والخارج، ولاسيما أعضاء الحركة الشعبية، لم ينسوا يوماً دورهم الوطني وهم في خندق النضال، ولن يألون جهداً للبِ النداء.

    (2) غياب الإستراتيجية المتكاملة لدى السياسيين من أبناء جبال النوبة، وتغليب الرؤية الفردية على الجماعية، ثم إن مبدأ القبول بالنتاج العقلي والفكري مرفوض من البعض، بحجة اختلاف الرؤى والميول السياسية، وكذلك الاختلاف القبلي الذي لا يزال معشعشاً في النفوس، رغم وضوح المخاطر التي تحدَقُ بنا من كل حدبٍ وصوبٍ. هذا الغياب قد غيَب عننا الكثير من الحقائق وأفقدنا كماً مقدَراً من المكاسب، بل وأفقدنا المصداقية في كثير من المحافل، وما إرهاصات عملية سلام مشاكوس ببعيدة عن الأذهان، حيث لم يعرف أصدقاؤنا من الوسطاء ما نريد تحقيقه صراحةً، وذلك لضبابية الأفكار، وغياب الرؤية الموحدة، والقيادة الحكيمة، وعليها خرجنا بالمشورة الشعبية التي نغازلها الآن، ولا ندري كم من مهرٍ سننال به رضاها وسلواها.

    (3) أبناء جبال النوبة بالمهجر سلاحٌ على مر الدهر، وكاذباً من ظنَ أنَهم هانؤ البال، منعمو الأبدان، مفعمون راحةً وصحةً، وكما يقول المثل "المابعرفو يقول عدس". فإن كان الرفيقُ بالأدغال حاملاً سلاحه وضاغطاً على زناده، فإن إنسان المهجر لَتجده حاملاً قلمه، ضاغطاً على مداده، عاملاً فكره، مدافعاً عن آرائه وأفكاره، كاشفاً للمجتمعات والشعوب الأخرى ما لم يستطع زناد البندقية فعله. أنظروا إلى الروابط العالمية المنتشرة في بقاع العالم ومساهماتها، تتبعوا المداخلات الفكرية على صفحات الإنترنت، أنظروا أيضاً للاجتهادات الشخصية، والمبادرات الفردية، والمساهمات المالية والعينية هنا وهناك، أليست كلها عوامل دفعٍ لهذه المشاركة النضالية؟ إن طبيعة السلاحين المستخدمان لتكملان وجهي النضال، وهذه تدحض مقولةَ إنَ مَن حمل السلاح لأجدر وأولى بتسيير دفة الأُمور، وبِنَيل المكاسب والأُجور، والاستئثار بكامل كيكة الانتصار والحبور من ذلك الإنسان المهجري. وهذه الأنانيةُ من التفكير الخاطئ هي التي أدّت بكثير من الرفاق ببلاد المهجر للنأيَ بنفوسهم، وتفضيل متابعة ما يجري ويدور في أروقة ودهاليز السلطة بالجبال عن بعدٍ.

    (4) هناك عاملٌ آخرٌ لا يقل أهميةً وتأثيراً عن سلاح البندقية والقلم، وهو الدافع النفسي الذي يؤدِّي إلى انهيار الجند في ساحات المعارك، وتجفيف مداد الأقلام على صفحات الجرائد، فما بالكم بالإنسان؟ لم يتطرَّق أحدٌ للتأثير العكسي والارتدادي للدافع النفسي لدى المناضلين. فلربما أدى هذا التجاهل ـ قصداً أو تلقائيَّاً ـ بالآخرين إلى فقدان الثقة واليأس بنفوسهم، ومِن ثمَّ الانزواء أو الانسلاخ، والبحث عن بدائل لتعويض الآثار السالبة لذلك الفعل، وكثيراً ما فقدنا كوادراً مقتدراً ينتفعُ بها خصومنا دون كدٍ أو جهدٍ والأمثلة كثيرة، فتهميش الرفاق مرفوض أياً كانت دوافعه.

    (5) شطط القول وذلل الألسن دون وازع من ضمير أو تدقيق بصيرة قد أفسد الكثير من الود بين المناضلين، وعليهما أدعو الإخوة في كل ميادين الكفاح ضرورة ضبط الكلمة قُبيل إخراجها، فرب كلمةٍ شاردةٍ باستطاعتها أن تشرخ أركان الاحترام والثقة، وتهدم قواعد البناء والوحدة، وتثقل كاهل البقية من الرفاق بتبعة تركة هذه الكلمة.

    وأذكر هنا مثالاً حياً وحاضراً في شخص الرفيق الفريق عبد العزيز الحلو، فإن الرفيق الحلو قد واجه من لسعات الكلمات ووخزها ما تدمي لها القلوب، وهو القائد الذي أودع فيه الرفيق الراحل المقيم يوسف كوة مكنون أسراره، وكامل ثقته داخل ساحات المعارك وخارجها، وقائد بمقام الرجل وبهذا الحجم من الأهمية لجدير باحترام الجميع وعلى اختلاف الملل. ما زاد احترامي للرجل أنه وعندما اشتدت عليه المعاداة ووطأة اللسان من الخاص والعام من أبناء الجبال هجر القوم هجراً جميلاً، لا أذية فيه، حفاظاً لمقتضيات المصلحة، وأعرض عن أقوالهم التي تؤذيه، وجادلهم بالحسنى من القول، فلم يهملهم ولكنه أمهلهم، ولم يعاديهم، ولكنه عاودهم حتى انقشعت سحابة الباطل، وتجلَّت عظمة الحقيقة. إن الرجل ليستحق وقفة إجلال وهذه هي الحقيقة المجرَّدة، لم ينشّق بجنده شاهراً سلاحه ـ كما يفعل كثيرون ـ ولم يجاهر بخصومته معلناً انفصاله، بل انزوى بركنه بتريُّث وحلمٍ، لا سباب للقوم فيه، ولا عناد، وهذه هي مَزِيّة القائد النافذ البصيرة المُحِق للقيادة. إن ما يقوم به الرفيق الحلو بصبره وإقدامه من دفعٍ لمسيرة الجبال بذكاءٍ متَّقد وإرادةٍ جلدةٍ ـ قلّما تتوفر لدى غيره من الرفاق ـ لجدير بالفخر والاعتزاز، جعل منه أن يكون رجل المرحلة بامتياز، وواجبنا هو الوقوف بجانبه ومؤازرته لاجتياز هذه المرحلة العصيبة من مراحل النضال والكفاح.

    (6) من يؤمن بفرضية استسلام المؤتمر الوطني أو بنزوله لرغبة الإنسان وحقه الأبدي وبالتالي إجراء انتخابات حرة ونزيهة تتحقق معها معاني العدالة والديمقراطية فهو مخطل، فالمؤتمر الوطني كان ولا يزال خصماً في ميادين المعركة، وإنهم لم يتوانوا في استخدام كافة الأسلحة، وضروب المعرفة، والتكتيك للوصول لغاية الانتصار، ومحو العار، ورد الاعتبار لمن أسموهم بالشهداء على أشلاء الأبرياء، من الصبية كانوا أم من النساء. أُناس بهذه الإستراتيجية من الفهم لا محالة سيستخدمون كل فنونهم ومهاراتهم الفردية والجماعية لكسب ما عجزوا عن نيله في الميدان العسكري. إمكانيات المؤتمر الوطني وكفاءته على التأثير على مجريات الأحداث وتحويرها للصورة التي تروق له لا تغيب على المتتبِّع لها، وما تمخضت عنها الانتخابات من نتائج كانت متوقعة منذ زمن بعيد. إذ كيف يُعقل أن تُمنح منطقة كيلك بجنوب كردفان دائرة جغرافية كاملة ولا يتعدّى تعداد سكانها ال 3,000 نسمة في الوقت الذي تُعطى فيها مدينة كادوقلي حاضرة جنوب كردفان ذات ال36,000 نسمة دائرة واحدة فقط !!! الإجابة في غاية السهولة طبعاً، ذلك أن منطقة كيلك موالية للمؤتمر الوطني، وعلى هذا المنوال قس عليه منطقة الحمّادي والدبيبات وأُخريات كُثُر. فمَنْ كان منا لم يتوقع ما يعتمل في أذهان واضعي إستراتيجيات المؤتمر الوطني على عدم التفريط في جبال النوبة فهو واهم ولا يُحْسِن قراءة الأحداث. إن منطقة جبال النوبة لتتميّز بكونها واحدة من الفواصل الطبيعية بين جنوب السودان وشماله، وبذلك تكون منطقة عازلة عند نشوب أية مواجهة بين الشمال والجنوب لا قدّر الله، فضلاً عن ذلك وجود الموارد الطبيعية المتنوعة فيها لتجعلها منطقة استقطاب للقوى المتصارعة. أيضاً وجود القبائل العربية بتوجهاتها الإسلامية والمناصرة دوماً لمثلث الشمال قد شكَّل منها خط المواجهة لكل حكومات المركز ضد جنوب السودان، وأخيراً ضد أبناء جبال النوبة أنفسهم ناهيك عن حلم تكوين دولة قريش الكبرى.

    إن تقرير مصير جبال النوبة قد أُرْتُهِن بشفافيَّة المشورة الشعبية، وهي ببساطة عبارة عن غلبة أو أكثرية المُنتخَبين من كلا الجانبين المتنافسين. إن المؤتمر الوطني، ومن ورائه جُل الساسة الآخرين ـ وإن اختلفت خطوط أفكارهم، فإنها تتقاطع عند إستراتيجياتهم ـ ليعلمون بأهمية جبال النوبة، وعليها فقد سخَّروا جُل إمكانياتهم منذ العام 2005م لإفشال المشورة الشعبية، وبكل الطرق المشروعة منها وغير المشروعة. عدم مشروعية الطرق هذه والخوف من نتائجها هي التي قادتني في الاجتماع الحافل لمناصري الحركة الشعبية بدولة النرويج في العام 2006م بتوجيه السؤال المباشر للسيد الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان أموم وهو: ما هو مصير جبال النوبة إذا تلاعب المؤتمر الوطني بنتائج الانتخابات في جبال النوبة ولم تنجح المشورة الشعبية في منح إنسانها ما حارب ودفع الغالي والنفيس لأجلها؟ وها نحن موضع الامتحان الحقيقي الآن. كان رد باقان أموم: "إن قيادة الحركة الشعبية هي الموجودة على الأرض بجبال النوبة ـ بدليل وجود الأخ إسماعيل خميس جلاب والياً على جنوب كردفان ـ ونفس القيادة التي أتت بالوالي جلاب هي التي ستفرض المشورة الشعبية في جبال النوبة كذلك.

    (7) إن بيت القصيد ولب الصراع الذي لم يتم التحكم في أشرعة سفينتها بغية الوصول بها لمرفأ الأمان تجاهلاً أم تغافلاً من قِبل مَنْ تولُّوا زمام الأُمور في الجبال بُعَيد اتفاقيَّة سلام نيفاشا كان المشورة الشعبية، تلك المصيدة التي أوقعتنا فيها مجموعة الدول التي رعت عملية السلام وفي ذهنها الإبحار بها قُدُماً خشية غرقها برمتها. إن نجاح المشورة الشعبية لرهين بجملة معطيات جوهرية، وثوابت أساسية يحتل المواطن مركز الثقل في إحداثياتها ونتائجها من بَعَد، وبحسب ما تمليها عليه الممارسة الديمقراطية الشريفة. إن عملية النزوح القسرية والممنهجة لمواطني جبال النوبة من قبل أجهزة الحكومة وحلفائها وتوطينهم بمناطق أُخرى بحجج واهية تعتمد على سلامتهم لم تكن لصادقة البتة، وإلا لكانت السلطات الحكومية أرجعتهم إلى أماكنهم الأصلية بعد بزوغ شمس السلام. إن الحقيقة التي لا يساور الشك فيها أحدٌ هي أن النزوح هذا ما أُريد به إلا إحداث التغيير الديموغرافي للتركيبة السكانية في المنطقة بواسطة تفريغ المواطن منها حتى يتسنى لمهندسي السياسة في المؤتمر الوطني من استحداث الدوائر الانتخابية بالصورة التي تحقق لهم الغلبة في المشورة الشعبية. ظللنا بالمهجر ننادي بضرورة تفعيل العودة الطوعية للمواطن النوبي، وتسخير كل الإمكانات المتاحة له حتى يتيسر له مقوِّم العودة ويستهويه عنصر البقاء، إلا أن الناظر لمجريات الواقع ليجد عكس ذلك. لم تكن هنالك عودة طوعية مدروسة ومدعومة كما كنا نخال ونأمل مِنْ مَنْ تولُّوا زمام الأُمور بالجبال ولو كانت رؤية المصلحة القومية للجبال هي الطاغية حينها لدى العامة لما آلت الأُمور لهذا النفق السحيق من تأزم الأوضاع. لم نتحوط للمستقبل بإجراء المعالجات الفورية وإرساء المقومات اللازمة للبنية التحتية التي تشجِّع مهجِّري الجبال للعودة طواعية، والذين بدورهم ترتكز عليهم العملية الانتخابية، وحتى لا ندفن الرؤوس في الرمال علينا أن نسأل وبتجرد: ماذا أُوْجِدَت من أرضية ثقة لهذا المواطن ليُغْرَز فيه روح التعاون والمجاهدة؟ ما الروح التفاعلية التي تنشِّطه على التفاعل الفوري عند الحاجة؟ إن الأماني والشعارات والمفردات وحدها لا تَهُم، وعلى ولاة الأمور محاسبة أنفسهم أولاً إن أرادوا أن يكونوا محل ترحيب المواطن المغلوب على أمره، ونحن نلهث وراء العودة الطوعية، والزمن لا يسعِفُ أحدٌ.

    مما سبق استخلص هذه النقاط في هذه الخاتمة:

    (1) أدعو الإخوة الرفاق، وخاصة القادة الأعزاء، أن تكون هذه الدعوة بداية دعوات متلاحقة لتكوين مِثْل هذه اللجان وفي شتى المجالات، وألا تقتصر هذه الدعوة على إنجاح العملية الانتخابية فقط.

    (2) المنطقة في تحدٍ صعب وعلينا ضرورة التفكير اليوم، وليس غداً، في نتائج العملية الانتخابية، ماذا أعددنا لها إن فزنا فيها، وماذا علينا فعله إن لم يحالفنا التوفيق، وما الأسباب؟

    (3) ضرورة إيجاد آلية فاعلة لتثبيت كوادر أبناء جبال النوبة، والاستفادة من إمكانياتهم، والعمل على استرجاع من انسلخ منهم.

    (4) الاستفادة من الفاقد التعليمي، وإنشاء معاهد ذات صبغة مهنية وفنيّة لهم ولهذه المعاهد ستوفِّر، بلا شك، الكثير لهؤلاء وللمنطقة على المستويين الاقتصادي والتواجدي للعنصر البشري.

    (5) المشورة هي العدالة بعينها، وتثبيتها يكون عن طريق اختيار المؤهلين لها دون أية اعتبارات شخصية أو نفوذ.

    (6) إشراك المؤهلين ذوي الاختصاصات والكفاءات في عملية النهضة والبناء، ولا سيما أولئك المتواجدون داخل السودان إن أردنا حقاً المساهمة في صنع تاريخ جبال النوبة الحرَّة، إذ كيف تطالبون بحضورنا الشخصي، وتشتكون من قلة الكادر المدرَّب، وهناك نفرٌ كريم يقف على خط الاستعداد للمشاركة هناك؟!

    (7) بناء الإستراتيجية المتكاملة للعملية السياسية والنهضوية بجبال النوبة لتوجيه متطلبات المراحل القادمة، والاستعانة ببيوت الخبرة في ذلك.

    (8) العودة الطوعية لمواطن جبال النوبة كانت ولا زالت صلب العملية الانتخابية، لكونها حجر الأساس الذي يترتّب عليه بناء البنيات الأساسية التي تهدّمت إبان الحرب والتهجير القسري.

    (9) لا خيرٌ فينا إن لم نقلها بصريح القول بأن عدم الشفافية في التصرف في الأموال العامة لا يقل خطورة عن الخيانة، ولكم قياس النتائج التي تترتب على فقدان المناصرين للقضية بعاملي القنوط واليأس الناتجين عن إهدار تلك الأموال.

    أخيراً أدعو كافة الإخوة عبر هذه المساحة ضرورة الإسراع في تلبية هذا النداء الهام في تاريخ نضال أبناء جبال النوبة، لأن الصراع على الموارد بشقيها الطبيعية والبشرية قادم لا محالة، وما لم تعالج المسائل بالحكمة والاستباقية من العمل الجاد، فإن النتائج ستكون وخيمة، وهذه تتطلب تكاتف الجهود، وتلاقح الأفكار، وإعمال العقل لتدارك ما أفسدتها مطامع النفوس.

    ألا هل بلّغتُ اللهم فاشهد.
                  

العنوان الكاتب Date
ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!.. ناصر الاحيمر08-02-10, 11:53 PM
  Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-03-10, 00:20 AM
    Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-03-10, 00:36 AM
      Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-03-10, 10:33 AM
        Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-03-10, 09:10 PM
          Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. Kabar08-03-10, 10:28 PM
            Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-03-10, 10:58 PM
              Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. Kabar08-04-10, 06:02 AM
                Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-04-10, 01:10 PM
                  Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. Khalid Kodi08-04-10, 01:50 PM
                    Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-04-10, 05:05 PM
                      Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. Khalid Kodi08-04-10, 07:41 PM
                        Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-04-10, 08:57 PM
                          Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. Khalid Kodi08-05-10, 05:34 AM
                            Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-05-10, 06:52 PM
                              Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. Khalid Kodi08-05-10, 08:48 PM
                                Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-05-10, 10:06 PM
                                  Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-06-10, 09:21 AM
                                    Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-06-10, 08:52 PM
                                      Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-08-10, 01:23 AM
                                        Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-08-10, 06:43 PM
                                      Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-09-10, 04:13 PM
                                        Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-27-10, 11:56 AM
                                          Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر08-30-10, 03:36 AM
          Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر09-03-10, 01:47 PM
            Re: ملكية الأرض فى ظل السياسات الإستثمارية لحكومة الإنقاذ الوطنى وتأثيراتها على جبال النوبة!!. ناصر الاحيمر09-22-10, 07:49 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de