|
أولي الأمر الذين تآمروا و.. ألفَ أفٍ للجميع
|
أبرمت قوى التجمع الوطني اتفاقية مع نظامٍ ـ ليس الأسوأ في تاريخ السودان فحسب ـ بل في كل تاريخ البشرية الحديث؛ وما شفع لها في حينه، أن عُدّت انتصارا لها، إذ أتت تلك الاتفاقية وهي تحمل في أحشائها معظم ما تمخضت عنه تجارب الشعوب في النظم الحديثة، وبناء الأوطان متعددة الأعراق والثقافات ـ على أسس حقوق الإنسان والعدل والمساواة. إلا أنه كان واضحا منذ البداية أن انزال تلك البنود إلى أرض الواقع يحتاج عملا جبارا ومتواصلا وبلا هوادة. إذ أن النظام الذي سلب السلطة كان قد حوّل كل مؤسسات الدولة إلى ملكه الخاص، وبل وتعدى على أملاك الناس الخاصة، وحولها إلى مصلحة زمره ومعاونيه، بحيلة من بيده الأمر، بفرض الضرائب والذكاة، معا، في نظام اقتصادي لم يخطر على بال الشيطان نفسه. فأفقر كبار المزارعين قبل صغارهم، ورجال الأعمال والمال، بل ولم يترك للقطاعات العريضة، الفقيرة أصلا، خبز الكفاف. وأمام أدلجة القواة المسلحة، بكل فروعها، أنشأ النظام مليشياته الخاصة، وجهاز أمن تفوق ميزانيته ميزانيتا الصحة والتعليم، وربما وزاراة أخر، وكبّل العباد والبلاد بقوانين "قرقوش"، وحارب المواطنين في أقاليمهم بهمّة هامان وهولاكو.. أمام كل ذلك كان على قوى التجمع، لا أن تظل كما كان في اجتماع دائم فقط، بل كان عليها أن تصير أكثر مِنعة واتحادا، وأن تطوّر من أساليب عملها الجماهيري ـ النضالي، فهي لا تملك سلاحا تجابه به جيوش النظام وزبانيته، سواها. كان عليهم أن يعملوا سويا، ومع الحركة الشعبية، من أجل اصلاح القوانين، الخدمة المدنية، هيكلة الجيش والبوليس والأجهزة الأمنية، إعادة المفصولين، و.. و.. وكان عليهم أن يفعلوا ذلك كله في فترة وجيزة من عمر الزمان ـ 5 أعوام! فما الذي حصل، لم يلبّوا الشرط الأوّل ـ لم يعملوا جماعة، لم يسلحوا الجماهير ويوعوهم ب"أساليب الجهاد المدني" وبالخبرات الحديثة، التي تراكمت من مهارات الشعوب هنا وهناك.. ولكنهم، حين أزفت ساعة المغانم "السجمانات" حاولوا اخراج الجماهير في مسيرات ـ بخبراتهم السابقة في أكتوبر ومارس/أبريل ـ التي عفى عليها الزمن! وحتى تلك، قد نسوا أن سبقها عمل وتنظيم وترتيب. أرادوا أن ينجزوا، ليس ماعجزوا عن انجازه، بل ما لم يعملوا من أجله، بالطريقة المطلوبة طيلة ما مضى من سنين، في شهور معدودات! ولذا فعل النظام ما يريد بالانتخابات. بل وساعدوه هم، بأدائهم الفطير والبائس. فلقد كان واضحا لأي مبتدء في العمل السياسي بأن هذا النظام لن يفرّط في مغانمه. فهو متمكن، وهم ضعاف غير متوحدين، فلمَ يتنازل لهم، وهو مَن قال: "الدايرنا يجينا بسلاحو"، وهذا ما ثبت لهم، ما فعلته الجبهة الشعبية.. واليوم، ما الذي جدّ على النظام، ليدعوهم، فيهرولو له، هل تاب وثاب إلى رشده؟ أم هل زهدَ في الحكم بمفرده (سيبك من يسيبو كلو كلو) فأراد اشراكهم وردّ مظالم الناس، وحل قضيّة دارفور، و.. و.. إن النظام لا يخشى على البلد من الانقسام، فهو الذي وقع الاتفاقية وفيها حق تقرير المصير، ولم ينفذ أي بند من تلك التي تجعل الوحدة جاذبة.. وهو ليس في مقدوره أن يزوّر الاستفتاء، كما وليس في مقدوره أن يتآمر على ذلك وحده.. فللاستفتاء مواثيق وعهود دولية..، وجيش الحركة الشعبية..، فليس للإمام المنتخب ما سيفعله سوى أن يستعين بكل مُعين، كي يتفاكر معه، ويتآمر.. ولذا دعاهم، فلبوا النداء.. فألف أفٍ .. على الجميع
ملحوظة: منذ الآن فصاعدا، شكرا للحزب الشيوعي، فلقد أعفانا من مَهمّة أن نفرز له كومو، ونخصّه بكلام منفصل.
|
|
|
|
|
|
|
|
|