طاقَمْ قناة الشُّروق الفضائيّة بأويل في قبضة الجّيش الشّعبي و مُصوِّر الحاكم يَسْتخدم كاميرتهم

Quote: النزوح.. هدم نماذج الوحدة والتعايش "2-2" راشد أوشي تطرقنا في الحلقة السابقة لأوضاع النازحين في محلية الجبلين، الذين تركوا مناطقهم نتجية لمضايقات من أفراد في الجيش الشعبي والمعاناة والمأساة التي يعيشونها في معسكرات النزوح، كما تطرقنا لرأي الجهات الرسمية التي أوضحت موقفها من القضية والجهود المبذولة لمحاصرة الأمر، وما قادت إليه تلك الجهود على أرض الواقع.. في هذه الحلقة نواصل عرض ماحدث للنازحين والظروف التي يمرون بها حالياً في ظل ظروف سكن غير ملائمة البتة، وشكواهم التي بلغت الجهات الرسمية ورأي تلك الجهات، كما سنأخذ برأي معتمد الجبلين الحالي الذي كشف عن الأمر في مؤتمر صحفي، وتأكيداته علي أن الأمر لم يعد السكوت عنه ممكناً، إليكم التفاصيل.. *بالحكومة وبدونها.. يعيشون..!! بالنسبة لسليمان عبد الرحمن الذي ذكرنا قصته في الحلقة الأولى من التحقيق، والذي يقيم مع 78 أسرة في معسكر النزوح، فإنه يؤمن بأن حاجة إنسان مثله فقد عمله ولايعرف له مهنة اخرى سوى رعي البهائم، حاجته للإعانة تظل قائمة طالما أنه مازال يقيم في راكوبة، كما أن أبناءه وبعض أبناء الشيخ (بشير التوم مدني) تركوا المدرسة لأنه لم يعد بمقدروهم دفع الرسوم الدراسية لهم، وعندما يتذكر الشيخ مدني ماحدث لهم فإنه يجزم بأنهم كانوا يعيشون في(أمن وسلام) مع إخوتهم الجنوبيين في منطقة(جربنة) بمحافظة الرنك، وإنهم كانوا (ناس أخوان وبطن بيت معاهم)، ويعتقد أن ما حدث لهم كان بعد (ناس الحركة بقو كتير علينا) وبات أفراد من الجيش الشعبي يشنون هجوماً على منازلهم وهم سكارى، فيما فضل عبد الرحمن أن ينزح بعض الرجال مع نسائهم وأطفالهم لمحلية الجبلين منذ أربعة أشهر. ويقول عبد الرحمن إن بعض الأسر النازحة وهي قليلة جداً دفعت بأبنائها للمدارس في حين بقي بقية الأطفال يساعدون أمهاتهم في جلب الماء من أحد مواقع عمل إحدى الشركات التي تعمل على تكسير حجر الجبل المستخدم في صناعة الإسمنت، قبل أن نغادر راكوبة عبد الرحمن التي تجمع فيها بعض الرجال أصروا علينا أن نتناول معهم طعام الإفطار المكون من صحن شعيرية وآخر به عصيدة، من أين لعبد الرحمن وأسر أخرى نزحت لمناطق متفرقة من محلية الجبلين بالطعام؟، قال عبد الرحمن وهو يودعنا(نحنا عايشين بالحكومة وبدونها)..!! *دور حاضر.. ودور غائب..!! هل شكلت الولاية غياباً فعلياً أم أنه كان غياباً في إطار دورها الذي وصفه معتمد الجبلين الأسبق بأنه لايمكن أن يكون حاضراً باستمرار. وفي الاتصال الهاتفي الذي أجرته معه(التيّار) قال صديق يوسف إن المحلية وضمن خطتها السكنية التي تستوعب 5000 وحدة سكنية منحت(أي زول قطعة سكنية) مستدلاً بقوله: (سبق للمحلية أن منحت بعض النازحين من قبيلة المسلمية قطع سكنية شمال مباني المحلية الجديدة بلغت 177 قطعة، ولكن بعضهم باع قطعته)، وعن إعفاء النازحين من الرسوم وعما إذا كان الإعفاء شمل الجميع، قال إن بعض النازحين سكنوا داخل المدينة مع أقارب لهم، مؤكداً أن إعفاء رسوم الأراضي أو تخفيضها أمر يخص وزارة التخطيط العمراني، مشيراً الى أن الوزارة رفضت إعفاء الرسوم بنسبة 100% ضمن الخطة الإسكانية، ولكنها خفضت بنسبة 50% على أن يدفع بقية المبلغ بالأقساط، ولكن حتى هذا النوع من الإعفاء لم يشمل كل الأسر النازحة، فعبد الرحمن والشيخ التوم قالا لـ(التيّار) إنهم لم يتم إعفائهم من أية رسوم، ولكن معتمد الجبلين الأسبق قال إن لم يشملهم قرار الإعفاء، فإنهم لم يتقدموا بطلبات لإعفائهم، غير أن الشيخ التوم قال إنه لايملك عملاً اصلاً، فكيف له أن لايتقدم بطلب لإعفائه من الرسوم إذا كان هذا ممكناً..؟!. *الحكومة لاتستطيع.. فعل هذا..!! قد يكون الأستاذ أحمد إبراهيم من المحظوظين القلائل الذين شملهم قرار الإعفاء من 50% من رسوم الأراضي، ولكن أحمد لازال يقيم في راكوبة هو وأسرته، في حين كانت معظم نساء النازحين يطبخن الطعام في العراء أو في رواكيب غير مكتملة. وعندما توجهت (التيّار) لمعتمد الجبلين بسؤال حول ما فعلته المحلية لأجل معالجة أوضاع النازحين، قال إن المحلية فعلت ماعليها ومنحتهم قطع سكنية. وعن شكوى النازحين من ظروف وبيئة سكنهم الحالية وعدم قدرتهم على بناء القطع السكنية التي منحت لهم، قال صديق يوسف(ما خلاص دي ظروفهم هم). فهل يعني هذا إن حكومة الولاية غير مسؤولة مسؤولية مباشرة عن توفير بيئة سكن مناسبة في معسكرات النزوح لمواطنيها؟، صديق يوسف اكتفى بالقول إن الحكومة لايمكنها أن تبني بيوتاً للناس، ولكنه لم يجب على الشق الثاني من السؤال: إذاً من الأفضل لحكومة الولاية أن تترك مواطنيها في العراء بلا مأوى تقريباً..؟! * رسوم غير.. قانونية..!! قال معتمد الجبلين الأسبق في سياق رده عن أسئلة وجهتها (التيّار) بخصوص أن الكثير من الأسر فقد معيلها عمله في فرص العمالة المتوفرة بالمحلية سواء العمل في الزراعة او مشروع نايفر... الخ، أكد صديق يوسف إن المحلية قامت بما يليها وذلك وفقاً لإمكاناتها المحدودة التي(أعاقت الكثير من جهودها) لاحتواء الأمر، مشيراً الى أن بعض النازحين يملكون (حواشات) في منطقة جودة الفخار التي نزحوا منها وهم يعودون لزراعتها مضيفاً: (ما كل النازحين مساكين)، وفيما يلي شكوى النازحين من عدم إعفائهم من دفع الرسوم الدراسية لأبنائهم، قال صديق يوسف إن المحلية لم تفرض أي رسوم على الطلاب حتى تعفي أحداً، مؤكداً أن(مجالس الآباء تتحصل الرسوم بطريقتها بدون قانون من المحلية)، مشيراً الى ان فرض الرسوم على الطلاب(شأن داخلي) يخص المدارس ومجالس الآباء، التي رأت فرض(مساهمات) لتسيير العمل..!!. * ليس كل حركة.. حركة..!! ما سبق سرده من أحداث مر عليها عام كامل عاشه النازحون الى محلية الجبلين في بؤس شديد، وكان معتمد الجبلين الذي تم تعيينه قبل نحو شهرين، قدم تقريراً لمجلس وزراء الولاية في أول اجتماع له بعيد أداء القسم عن أوضاع النازحين، وعقب انفضاض الجلسة كان الصحافيون الذين وجهت لهم وزارة الثفاقة والإعلام الدعوة لحضور مؤتمر صحفي عقد بعد الجلسة مباشرة، يستمعون لتقرير مختصر من معتمد الجبلين الذي بدا غاضباً بعض الشيء، عندما ابتدر حديثه بأن الدولة بكلياتها تتجه نحو تحقيق الوحدة الجاذبة، مؤكداً أن محلية الجبلين كمحلية محاذية للجنوب أصبحت معنية (أكثر من أي طرف آخر) بما يدور في الساحة السياسية ومايترتب على ذلك( من إفرازات). وقال محمد الماحي الضو إنه في هذه الفترة طفت للسطح مشاكل حدود في المنطقة المحاذية لولاية أعالي النيل والمضايقات التي يتعرض لها المواطنون من عناصر الجيش الشعبي ونزوحهم لمحلية الجبلين، ولكنه عاد وقال:(بل لانقول إن كل أفراد الحركة الشعبية مع مثل هذه التصرفات..!!). *السكوت والسيل.. والزبى..!! أكد محمد الماحي الضو أن المحلية قامت بحصر عدد الأسر التي نزحت من أعالي الى الجبلين بوحداتها المختلفة من قبائل سليم ونزي وفلاتة رحل. وقال إن عدد الاسر التي نزحت العام الماضي وخلال هذا العام بلغت 450 أسرة، في حين بلغت جملة الأشخاص النازحين 3250 شخص يسكنون الآن في مختلف المناطق بمحلية الجبلين في شمال عرقاي وكيلو أربعة والتبون، مشيراً الى أن أهم أسباب النزوح مضايقة أفراد من الجيش الشعبي للمواطنين في مساكنهم ومصادر المياه، مبيناً ان الأمر برمته صار على طاولة حكومة الولاية التي أجرت إتصالاتها بكل المنظمات لتقديم الدعم(لأنو نحنا الأن على أبواب الخريف والناس ساكنين في رواكيب)، مضيفاً: (ما كنا عاوزين نتحدث في هذا الأمر، ولكن بلغ السيل الزبى والسكوت عنو ما صحيح..!!). *ممارسات فردية.. أم سياسة منهجية..!! أوضح معتمد الجبلين أن الإتصالات جارية بين المحلية ومحافظة الرنك للحد من مثل هذه الممارسات مستقبلاً(في إطار إتفاق التوأمة) المبرم بين الطرفين. وقال محمد الماحي الضو إن المحلية بصورة عامة في حاجة للدعم سواء من المركز أو الولاية، مؤكداً أن النازحين في أمس الحاجة للدعم العاجل المتمثل في السكن والخدمات الأساسية(التعليم والصحة والمياه)، مشيراً الى أن اعداد النازحين من محافظة الرنك في الفترة الأخيرة ازدادت نتجية لتزايد المضايقات التي يتسبب فيها أفراد من الجيش الشعبي، سواء في الحدود في منطقة جودة الفخار أو في الرنك. وقال محمد الماحي الضو إن المسألة يمكن حلها عندما تصل للسياسيين، ولكنه عاد وقال. مؤكداً ان ماحدث لايعبر بالضرورة عن سياسة الحركة الشعبية تجاه قضية الوحدة وإنما هي(ممارسات فردية) لأفراد في الجيش الشعبي..!!. *من المحرر قد يكون ماحدث من أفراد في الجيش الشعبي لايعبر عن سياسة الحركة الشعبية تجاه قضية الوحدة، ولكن في نهاية المطاف فإن الممارسات هي التي تحدد الى أي مدى يمكن أن تكون الوحدة جاذبة ليس للجنوبيين وحسب، بل للشماليين الذين اضطروا للنزوح بحثاً عن ملاذات آمنة، وكما أنه ينبغي على الحركة الشعبية حسم تفلتات أفراد جيشها الشعبي، فإنه ينبغي على حكومة الولاية أن تقوم بدورها كاملاً غير منقوص، فالقضية لم تعد قضية نزوح فقط، بل صارت قضية لها أبعادها الإنسانية. ومن خلال مارأيناه بأم أعيينا يثبت لنا أن حكومة الولاية السابقة كانت كالحاضر الغائب في أفق الأزمة الإنسانية التي ستزداد تفاقماً مع حلول فصل الخريف، وإن كانت هنالك جهة تستحق الإنصاف فهو معتمد الجبلين محمد الماحي الضو، الذي كان صريحاً وشجاعاً في الوقت ذاته، عندما قال إن الأمر لم يعد السكوت عنه ممكناً، وأن (السيل بلغ الزبى)، ليس من تصرفات أفراد الجيش الشعبي فقط، وإنما من حكومة الولاية كما استنتجنا من حديثه الساخن..!!.