تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 04:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-11-2010, 11:03 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" (Re: ابو جهينة)

    ثَمَّة عوامل كثيرة تقف ضد تأسيس الكوشرثيا لصالح رؤية غازية لا بديلة وهي (العروبية/ الإسلامية). وقامت هذه الرؤية الغازية باحتلال الواقع كُليَّاً وتوجيهه في هذا الصوب منذ وقتٍ مُبكّر من التاريخ السوداني. أستبعد هنا دولة الفونج بحسبانها لا تُحَقِّق الشرط العروبي –بحذافيره- وإن هي تُحَقِّق شروط الدولة الدينية الإسلامية بامتياز. ولكن بمرور الزمن، وتراكم هذا الوهم، مع زيادة الاستجلاب لخامات ومداخيل الثقافة العربية، نشأت ثلاثية سرطانية تنحصر فيها مجمل إشكاليات "الواقع" وكذلك "التصور" السوداني، كما أرى. وهي الثلاثية المرقونة أدناه:
    1- اللغة كمرجعيَّة وجود لا أداة تواصل.
    2- إنهاض ما هو طبيعي على إرث مُفَخَّخ، والتفخيخ يقوم على منحيين، أوَّلها ما يتجاهل الإرث الكوشي الذي انبنى في طبيعة ما هو مسلم أو عربي في ذاته.
    وثانيهما ما هو ضار وعدواني تجاه هذا الإرث الكوشي، تمييزي، عنصري.. إلخ.
    3- ضبط إسكرين الواقع السوداني على حجم الذات، أو الجماعة الصغرى، الناحية، الإقليم.. إلخ.

    هذه الثلاثية السرطانية، نجدها مخبؤوة في الكثير جداً من مواد الكوشرثيا، كامنة أحياناً، كمون النار في العود، وملتهبة في أحايين ثانية وترمي بلهب كالقصر. إن كان مما هو منطقي ومقبول في الفهوم، أنَّ هناك حضارتين أُضيفتا لمجمل حضارات كوش في السودان. فالعربية بالتمحيص الدقيق فيها نجدها بالأصل حضارةً ذات أساس وجذر مختلف، عَمَّا أضافه لها الإسلام. بحسبانه متحرِّكاً ثقافياً وأيدولوجياً، التحمت في طبيعته وكذلك تشكَّلت مع طبيعته، معظم الحضارات المحيطة بمنشأه. مثل الحضارة الفارسية في إيران، وحضارات بابل وآشور وآرام ما بين العراق وسوريا، والفينقيين والكنعانيين واليهود من بقيّة المنطقة، التي كانت تعرف فيما سبق ببلاد الشام الكبرى. وإلى أن تلحق بهذه التركيبة حضارات إفريقيا القرطاجية والمصرية وحتى نبلغ السودان إلى الكوشية. إذن هذا المُتَحَرِّك الثقافي والأيدولوجي الإسلامي ذو طبيعة شديدة التعقيد، التركيب، التنوُّع والثراء. هذا من ناحيته الجمالية فحسب، أمَّا ناحيته السيئة فقد جاءت من جهة تكريس هذه العظمة كلّها كأدوات محو لا أدوات تلاقح. منذ وصيّة النبي محمّد وهو على فراش الموت، وخروج جماعة من القرشيين من عنده، ادَّعت هذه الجماعة فيما بعد، أنَّها نسيت إحدى الوصايا التي قالها النبي. أعني باختصار قصة التآمر على الشورى، نظام الديموقراطية الإسلامية البسيط الذي أوصاهم به القرآن، وتقويضها. وتثبيت أحاديث في البخاري تقول إنَّ الخلفاء كلهم يجب أن يكونوا قرشيين. من هنا بدأت الخيانة للنظرية الإسلامية التي كانت متحرّكا ثقافياً وأيدولوجياً بوسعه استيعاب الكثير وليس الجميع، ليُسْتَبْدَل هذا المتحرِّك الثقافي الأيدولوجي بساكن قومي إقليمي، لا يستوعب إلا ذاته. والمتأمِّل في فقهاء الإسلام ومشرِّعيه وباحثيه الأُول، يجد أنَّ معظمهم كانوا من البيئات المحيطة بالجزيرة العربية، من غير العرب. هذا لعامل سبق تلك البيئات حضارياً للجزيرة العربية كما هو مفهوم. ومع ذلك بقي أولئك الناس تحت رحمة العرب بواعز من الدين ذاته، ومن تلك النصوص التي تُكَرِّس لمفاهيم الخليفة القرشي وعدم الخروج عليه، ومحبّة هذه الأرومة التي جاء منها النبي محمّد. ولكن الأمر يختلف جداً حين نبلغ السودان وما تم فيه على الصعيد التاريخي. فالسودان في فترات التاريخ الوسيطة كان قد انقطع عن ماضيه الحضاري السامق، ويعيش في ظلام وعزلة تامَّين. حتى إنَّك لا تكاد تجد إلا نذراً قليلاً من المعرفيين السودانيين ومعظمهم ممن لهم علاقة بالإسلام أو العروبة. هل سألنا أنفسنا كم يمتلك السودان من الكتب المنتجة بين الفترتين 1000 – 1700م؟ وما هو أقدم مؤلَّف سوداني خلال هذه الفترة؟ هل يستطيع أيُّ أحدٍ منَّا تعديد عشرين كتاباً عدا كتاب طبقات ود ضيف الله؟ وهل كل كتابات تلك الفترة تجاوزت موضوعة الفقه الإسلامي؟ هل أنجز تلك الكتب سوى الفقهاء النازحين الذين أسَّسوا الطرق الصوفية؟ إنَّ تاريخنا لدى هذه الحقب متواضع للغاية إن لم يكن بائساً ومخجلاً.
    الخلاصة من ذلك أنَّ هؤلاء القادمين بقدرات ومعارف أرقى استعمروا البيئة السودانية، وثَبَّتوا فيها مكرمة اللغة العربية، على غيرها من اللغات، من واقع الدين. وكرَّسوا كذلك لمفاهيم الأشراف الإثنية، وربطوا احترامهم وتكريمهم بالدين أيضاً. وبذلك غدا هذا المُتحَرِّك الثقافي الأيدولوجي أداة محو لا تلاقح. وكلّ ذلك تم من خلال المصلحة وقوانينها، سواء مصلحة الجماعة أو المصلحة الفردية. التي هي بالتأكيد مرتبطة بمصلحة الجماعة الصغيرة، أو مرتبطة بالوحدة التي ينتمي إليها الفرد رأساً ومباشرة. ومن هنا بدأ التأسيس لهذا الواقع –كفخ- يبدو ظاهره طبيعياً، ولكنه في الحقيقة انبنى على إرث كوشي عريق، بمرور الزمن اندغم هذا الإرث في طبيعة الإسلام ذاتها، وغَذَّاها حضارياً بأكثر مما غَذَّته. وأيضاً في المنحى الثاني من التفخيخ، تم هذا التشييد لكل ما هو عربي أو إسلامي، على ثقافة ضخمة عدوانية وعنصرية وتمييزية، ومستلهمة لأزمان الرق في كافَّة تجلياتها، نجدها في الأمثال والأساطير والمقولات والألغاز والحُجا، لهذا الواقع المتصارع تحت لحائه القشري الأَدَمِي مباشرة، قبل بلوغ العظام.
    ومع ذلك بقيت مصلحة الجماعة العربية المُسلمة الصغيرة وسط هذا الوعاء الكوشي الكبير فوق الجميع. ولكي تستمر هذه المصالح بلا نهاية بدأت السرطانية رقم ثلاثة، وهي ضبط إسكرين الواقع السوداني على حجم هذه الجماعة العربية الصغيرة المُسلمة، المتعلِّمة أكثر من غيرها، وذات الصلات بالعالم الخارجي. فمعظم المتعلمين الشماليين الأوائل، أو في فترة ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وحتى مطالع القرن العشرين، تلقوا تعليمهم بمصر، وقليلٌ منهم بدمشق.
    واستمرَّ إنتاج هذه الثلاثية عابراً لكل تلك الحقب، ولدولة المهدية، وحتى الكفاح في وجه المُسْتَعْمِر الإنجليزي في جولته الثانية، التي تلت كتشنر. وما الطائفية السودانية والأسياد هؤلاء، السيد فلان، والسيدة فلانة، إلا شظايا من تلك النخبة العربية أو المستعربة، المتعلمة، المسلمة، التي قامت بتأكيد اللغة العربية كمرجعيَّة وجود لا أداة تواصل، وبتأسيس وطن يناسبها ويُمَثِّلها هي وحدها، على فخ كوشي عريض، اضطرها لأن تضبط إسكرين الواقع السوداني على حجم ذاتها، وبمواصفات جماعتها الصغرى، ناحيتها، إقليمها.. إلخ
    ولأنَّني أُرَكِّز على الفنون القولية هنا كما أسلفت، فسأقوم بمطاردة هذا الوطن المستورد، على حساب الوطن المأمول، من خلال عرض اجتهادات بعض كُتَّاب الليركس، الذين كتبوا في وجه الاستعمار الإنجليزي، لنرى عن أي وطنٍ كانوا يتحدَّثون؟ وهذه الأعمال ليست من أعمال الفولكلور أو الكوشرثيا، لأنَّها معلومة المؤِّلفين، المتعلمين، وماهي بإرث. أتناولها فقط من باب أنَّها أعمال مؤسِّسة لوطن ما بعد الاستعمار الإنجليزي الثاني.
    وقبل ذلك أُنَبِّه لكوني تناولت الكيفية التي أنظر بها وأُمَيِّز عبرها بين الشعر والليركس في كتابي {ليركس مصطفى}، كي لا يرميني أحد بالنقد المضموني للفنون. ولكن ليس بالوسع نقل تلك الرؤية كلها إلى هنا، من شاءها فليراجعها حيث موضعها. وموجزها المُبتسر للغاية، هو أنَّني أقوم بتفكيك المادة الشعرية عبر إخضاعها لاختبارات تقوم على ثلاثة مستويات من الوعي، هي:
    1- أوَّلاً الوعي الفنِّي للكاتب.
    2- ثانياً الوعي الوجودي.
    3- ثالثاً الوعي الإنساني.
    وأعتقد بأنَّه ليس بوسع أية خصائص للكتابة أن تخرج من مدى وإحاطة هذه الثلاثية بشكلٍ من الأشكال. فالكتابة التي نجد بها هَنَّات على صعيد الوعيين الإنساني والوجودي، هي عندي اسمها الليركس وليست الشعر، لأنَّها مستلفة من رؤى ولغة المجتمع الذائعة بعللها. وأمَّا تلك المواد الشعرية التي نجد أنفسنا عاجزين بالأساس عن الدخول إليها، ومقاربتها، إلا عبر الوعي الفني وحده وآلياته، فهذه هي الشعر الأمثل كما أفهمه وليست بليركس.
    عليه، سأقوم بتقديم نماذج حالياً من ليركس العلم الأكبر الذي رَوَّج للثلاثية السرطانية التي محقت عن متحرِّك الإسلام الثقافي والأيدولوجي بركاته وثراءه وأحالته إلى أداة محو ومسخ لا تلاقح وتواصل. وربما كلامي عن هذا العلم يحزنني أنا نفسي قبل أن يحزنكم، ولكنها المعرفة التي لا تغفر ولن تتسامح، حتى مع الفنَّان العظيم العطبراوي. من اشتُهِر بأعماله في حقل الليركس الوطني هذا أكثر من غيره، ومَنْ عُرف ببسالته الواقعية، العملية، في التصدي للمُسْتَعْمِر، الفنّان الكبير والعلم "حسن خليفة العطبراوي". ولكن للأسف كانت الريسورس التي تلقَّى منها أشعاره وليركسه، جُلَّها تعاني من إشكالات عميقة على مستوى وعيها الوطني ووعيها بالطبيعة التكوينية لهذا البلد. اخترتُ هذا العلم، لأنَّ "أنانيا صفر في الثقافة السودانية"، أحد أهم أهدافها، هو مطاردة هذه البدايات والأُسس الخاطئة، التي نحن اليوم لا نفعل أكثر من حصاد بذرتها الأولى تلك. وهذا كلّه يُنَقَّب في مواد الكوشرثيا بالإجمال، وكذلك في باقي الفنون القولية والماديّة بشكل عام حتى إن لم تكن فولكلوراً، كي نكتشف ببساطة، أنَّ هذه المواد كلّما تقادم عهدها نجدها سودانية تناسب فكرة المنطلقات الوحدوية للبلاد، وكلّما اقتربت من أوقاتنا المعاصرة، التي كَثُرت فيها الجماعات الإسلاميّة على وجه التحديد، نجدها صريحة الانحراف نحو ما هو "إسلامي وعروبي" في أكبر محاولة لتزييف بلاد بحالها. أمَّا موضوعة الهُويَّة ذاتها فهي كما ردَّدتُ عنها كثيراً، موضوعة وجوديّة، واختيارية، حينما لا تعتدي على مفاهيم الوطن الشموليّة والعدالة. الوطن المجَرِّي، الذي يُصاغ وَفْقَ قوانين لا يُضارُّ بها البشري من حيث هو بشرى، ومن حيث هو مُطلق إنسان. أي أنَّ الهُويّة لا تستأهل أن تكون موضوعة وجوديّة، واختيارية، إلا حينما لا تصطحب تفسيراً شمولياً للوطن على مقاييس الذات أو الجماعة أو الإقليم. ما يجعل "أنانيا صفر" غير قادرة بالمرَّة على قبول ما غَنَّاه العطبراوي باعتباره مادَّة في التربية الوطنية يُراد لها أن تُدرَّس في جميع مناحي وأقاليم السودان. فطرد المُسْتَعْمِر للمرَّة الأولى من تاريخ السودان الحديث، كان عبر تمثيل ما هو إسلامي وعربي، في أبشع صوره التراجوكوميدية. فالمقاومة كانت تمثيلاً مُغِيِّباً للذوات القائمة بها، لأبعد الحدود، مثلما كانت تغييباً للذوات السودانية الأخرى، التي لا علاقة لها لا بالإسلام ولا بالعرب. فالمهدي نفسه استلافٌ لمقام النبي العربي مُحمّد، وعبد الله تورشين استلافٌ لمقام الشخصية الإسلاميّة العربية أبي بكر، وإلخ، مما رَوَّج له المهدي بحسبانه واضع التصورات الأولى للدولة الدينية العربية.
    وباستعراض أوَّل نموذج من الليركس الذي غَنَّاه العطبراوي، وهو:
    نحن في السودان وقاية
    نحن للأعراف حماية
    نحن للأرض التقاوي
    سلسبيل نيلنا السقاية
    ***
    عندنا الرأي البرجِّح
    ما بندور من زول وصاية
    عندنا النيلين بفيضن
    ما بندور من زول هَدَايا
    عندنا السيف في يمينا
    عندنا القرآن هِدَاية
    ***
    عندنا الموروث مأصَّل
    في الشَّرَافَة وفي الدواية
    في شرقنا اتصَدَّى دقنة
    سوَّى للأعداء النكاية
    وفي الشمال ود النجومي
    للبلاد كم عَلَّى راية
    ***
    صفحة في تاريخنا ماجدة
    صفحة في أيامنا جاية
    بكرة يا عالم بتسمع
    يحكوا ليك أعظم رواية
    عن وطن مسلم مجاهد
    ليه استشهاد وغاية

    نجد أنَّ الموارد الطبيعية كانت فَخَار النشيد الجهادي منذ مطلع تأسيس السودان العربي المسلم. فصوت المُتَكلِّم العربي المُسلم هو الذي له {الرأي البرجِّح} وهو مالك {النيلين بفيضن}، ومن لا تعجبه هذه القسمة وهذا الشعار، فالعربي المُسلم في السودان جاهز ومحتاط بـ{السيف في يمينا} لإنفاذ طريق الهُدى الواحد ألا وهو {القرآن هِدَاية}. فالقتل لأبناء الوطن الواحد، غير العرب والمسلمين كان مضمَّناً في الأهازيج والأناشيد التي غَنَّاها الجميع بما فيهم السوداني من غير العرب والمسلمين أنفسهم. ولكي يتم تطبيق هذه النظرية فلا بُدَّ من قطع السوداني عن موروثه متعدد الثقافات {عندنا الموروث مأصَّل ... في الشَّرَافَة وفي الدواية}. فالطبيعي أن يعود هذا الموروث الـ{مأصَّل} إلى نَبَتَة وأخواتها من ممالك كوشية قديمة، إن كان هو بالفعل مؤصَّلاً، وأن ينتسب إلى مُعْجِزَات الأهرام، وأماني بَيَّا وتهارقا. ولكن لا، هذا موروث استئصالي قادم بسيفه في يده، ليمحو عن السودان موروثه المؤصَّل فعلاً، وليستبدله بموروث ديني يُؤسِّس بالضبط إلى إعادة الدولة الدينية التي قاتلها أركماني، صاحب الموروث المؤصَّل بالفعل لا بالادِّعَاء. فإحالة الموروث السوداني كلّه إلى موروث (الخَلَاوي) من قول الشاعر {في الشَّرَافَة وفي الدواية} أي فيما هو إسلامي فحسب. وهذا النشيد لا يمس المشكلة الإثنية لا من بعيد ولا من قريب، ولا يختلف عن أي نشيد شيوعي، يُكَرِّس إلى النظرية وحدها، وهي هنا النظرية الإسلامية. ولكن بسؤالنا عَمَّن هم وُرَّاث هذه الدولة الأكثر ترشيحاً؟ فهم عرب ومستعربو السودان، الذين سيكونون ترجمان هذه الدولة والمُعَبّرين الأبرع من غيرهم عنها. ولكي تنهض هذه الدولة الدينية العربية المسلمة، فلا بُدَّ من إحالة تراث السودان الفعلي كلّه إلى أرشيف لا عودة منه، واستبداله بكل ما هو عربي، وإسلامي، ومسخ الوطن في كلّياته ليستحيل إلى شخص مسلم عربي، على استعداد للجهاد ضد إخوته وأخواته من شركاء الوطن. فالتاريخ السوداني سيُلْغَى ولن يتم تناوُلُه إلا من عند الدولة المهدية التي أسَّست لوطن ما بعد الاستقلال هذا، وشاطرته اقتسام تركة (وكالة الجلاّبة). وكذلك تركة دقنة وود النجومي، والمهدي الدنقلاوي، وشريفي "كمان"! معاً، ويا لسودان العجائب! وستزال الصفحة الحقيقية من تاريخ الوطن، لتعقبها، مباشرة، بعد آلاف من السنين المُفرَّغة عن أمجادها الفعلية، لتليها صفحة المهدية، التي تخدم ذات الخط المضموني لنظرية الخلوة السودانية {صفحة في تاريخنا ماجدة ... صفحة في أيامنا جاية}، تُطوى صفحة ناجزة وتُدس في مكانها صفحة أخرى، لأجل ماذا؟ {بكرة يا عالم بتسمع} لأجل هذا العالم الذي سيراقب مجريات التبدُّل والتحولات في السودان حين {يحكوا ليك أعظم رواية} {عن} تزوير وطن ومسخه إلى {وطن مسلم مجاهد ... ليه استشهاد وغاية}. فما الفَرق هنا بين دولة "وكالة الجلابة" و"دولة المهدية" و"دولة الاستقلال وما تلاها من دويلات" و"دولة الكيزان" الصورة الأبشع والمُكَبَّرة لمستقبل تلك الدويلات؟
    ولن يعفي المهدية أنَّها قاتلت ضد الاستعمار، فهي قاتلت من مُنطلقات هذه النظرية ذاتها، التي تسعى في محو غير العربي والمُسلم، كما قاتلت أيضاً ضد السودانيين والجنوبيين. وقامت بإخضاع معظم القبائل الكُبرى في الجنوب، كما ذهبت جحافلها إلى الحبشة الإفريقية المسيحية فاتحةً بذات الشعارات. مع أنَّ دولة الحبشة أكثر أصالةً وتمثيلاً لـ"علوة" والمَغَرّة" من المهدية. والرابط بين هذه الأجسام جميعاً، التي توارثت حكم السودان، هو (النظرية الإسلامية) في حالة استغلالها، وامتطائها لأجل تحقيق نفوذ ديني، إثني، ثقافي وسياسي، أي الركوب عليها لأجل تحقيق نفوذ شامل وكلّي.

    النموذج الثاني:

    يا وطني العزيز يا أوَّل وآخر
    أهتف بحياتك .. بمجدك أفاخر
    ***
    كيف لا أستميت في حبي وأجاهر!
    بي إخلاصي ليك يا الواديك زاهر
    تاريخك مجيد ولي أعداك شاهر
    صحفه مرصّعات بالدُّر والجواهر
    ***
    يا وطني العزيز يا أوَّل وآخر
    أهتف بحياتك .. بمجدك أفاخر
    ***
    كم في هواك رجال اتلقوا المخاطر
    ومفرد جمعهم كالأسد البناتر
    في حوضك يمين قَطْ ما راعوا خاطر
    وسجّلوا ذكرهم بدماء البواتر
    ***
    يا وطني العزيز يا أوَّل وآخر
    أهتف بحياتك .. بمجدك أفاخر
    ***
    بنداء الوطن أُلهبتْ الضمائر
    وقاموا بواجبهم يوم دارت الدوائر
    في جبل كرري صالوا.. صادموا كل غائر
    وماتوا مجاهدين طاهرين السراير
    ***
    يا وطني العزيز يا أوَّل وآخر
    أهتف بحياتك .. بمجدك أفاخر
    ***
    أنصار الوطن ما بعرفوا المظاهر
    أحرزوا نصرهم بتفوُّق باهر
    واقعة "هَتْشِي" ليهم هي برهان ظاهر
    وما تقهقر جيشهم بالكتائب قاهر
    ***
    يا وطني العزيز يا أوَّل وآخر
    أهتف بحياتك .. بمجدك أفاخر
    ***
    عند سفح الجبل قِف يا صاحِ خابر
    هاتيك الروح أم تلك المقابر
    تخبر كالجماجم أنها من أكابر
    شهداء الوطن في الزمان الغابر
    ***
    يا وطني العزيز يا أوَّل وآخر
    أهتف بحياتك .. بمجدك أفاخر
    ***
    يا حليل عصرهم بالمآثر عامر
    وناهي عن المعاصي وبالفضائل آمر
    ذكراهم شجاني ودمعي أصبح هامر
    شَنِّف سمعي بيهم وزيد وقول يا سامر
    ***
    يا وطني العزيز يا أوَّل وآخر
    أهتف بحياتك .. بمجدك أفاخر

    ولا يختلف هذا النشيد عن مجمل ما أدَّاه العطبراوي، ذات الوطن الذي يبدأ بدولة المهدية {في جبل كرري صالوا.. صادموا كل غائر}، الرجال الذين يبكي عصرهم التقي {بالمآثر عامر} وأيُّ مآثر هي؟ تلك المآثر التي تحققها التقوى الإسلامية ومفاهيم الجهاد والاستشهاد {وماتوا مجاهدين طاهرين السراير}.
    (ولتتأكَّد من تأسيس هذا الوطن المستورد، الذي يبدأ من المهدية فحسب، بدلاً عن الوطن المأمول، الذي يبدأ بالأهرام، اسمع هذا الشريط أدناه، سيغيظك المذيع بالبلاهة الوطنية الإسلامية العربية حتى {تبَّاً لك} المضحكة تلك، وستقول محسن خالد معه حق. وبمجرّد أن يأتي الصوت العظيم للعطبرواي، لن تجد حرجاً، بل ربما تستمتع وأنت تعيد عليَّ { تبَّاً لك} يا محسن خالد. فمن المحتمل أن تجد نفسك عاطفياً تحَرَّكت متحمَّساً وغصباً عنك. أو كما قال لي صديقي الإيرلندي، المحزن يا مستر خالد، أنَّنا نُنَطِّط حماسةً وفرحاً Leap out of enthusiasm and happiness مع المارش الوطني الإنجليزي، ما غزونا به، وأصبح اسمه البريطاني. ضحكتُ وقلتُ له ونحن مثلكم، فعلاً، حتى لو امتلكنا وعياً عقلياً بالمسألة، ماذا نفعل حيال هذا الوطن الآخر، الوجداني الزائف!؟ لا بُدَّ من إعادة صياغة حياتنا كلّها، وكتابة برامج التربية بجميع أنواعها من البداية، أو منذ الطفولة، لأجل أجيال قادمة).
    ----


    ---


    النموذج الثالث:
    نجده في قصيدة وليركس "أنا سوداني أنا" التي بشكل حاسم ومباشر للغاية تقول:
    {نحن من نَفَرٍ عمّروا الأرض أينما قطنوا}.

    وهي بذلك تَرُدُّ أصل السودانيين إلى العرب وحدهم، وتُقَصِّر حَتَّى عن الوعي الوطني في ليركس إسماعيل حسن حين يقول:
    {عرب ممزوجة بدم الزنوج الحارَّة ديل أهلي}.

    ولاحظ أنَّ الكاتبين يلتقطان أحاديث وجُمَل المجتمع الشمالي برؤيته ولغته ذاتيهما، دون أدنى شُغل أو تأمّل فيهما. ولكن قصيدة "أنا سوداني" التي هي في الحقيقة "أنا الشمالي العربي لا غير" أبشع في امتداداتها من ليركس إسماعيل حسن، فهي لا تعتبر حتى هذا التمازج الإسماعيلي ولا تعيره أدنى التفات، إذ تقول:
    {دوحة العُرب أصلها كرمٌ وإلى العُرب تُنْسَبُ الفطنُ}.
    هكذا، بكلّ يقينيَّة فجّة، يُسَلِّم إلى العرب النبوغ وحدهم، ودون غيرهم من شركائهم في المكان أو الإنسانية. وهذا كلامٌ مردودٌ على الصعيدين الإنساني والوجودي، لأنَّه يستبطن العنصرية والتمييز. "راجع كتاب ليركس مصطفى لمزيد من القراءة".

    النموذج الرابع:
    يا غريييب يلا لبلدك.. يلا.. لبلدك
    يلا لبلدك.. أمشي لبلدك
    سوق معاك ولدك
    ولملم عِدَدك
    انتهت مُدَدَك.. وعلم السودان يكفي لسندك
    ***
    يا غريييب يلا لبلدك.. يلا.. لبلدك
    ***
    الحروب زالوا فَزُّوا ما صمدوا
    والشباب اليوم للجهاد نهضوا
    طالبوا الأقطاب يوفوا ما وعدوا
    ذَكِّروا تشرشل يحترم وَعَدَو
    قلتو في الميثاق كُلّو زول بلدو
    وديل بواقيكم لسَّه ليه قعدوا!
    ***
    يلالا
    يا غريييب يلا.. يلا.. لبلدك
    ***
    رفعة السودان ديمة نحن نقول
    بئس الاستعمار في شمس أو ظل
    تاني ما بننغش واستلابنا يطول
    شعبنا اتحرَّر من قيود الذُّل
    ونزِّلوا العلمين يلا فُوتوا الكُل
    ***
    يا غريييب يلا لبلدك.. يلا.. لبلدك
    ***
    ولا يُكاد يفرز هذا النشيد عن سابقيه، إلا بالقليل الذي تناول فيه كاتب الليركس بعض الأحداث السياسية الشهيرة. ولكنّه إجمالاً الخط ذاته، الذي يتحدَّث عن وطن لم يسمع بالبجراوية والبركل والنقعة والمصوَّرات. الوطن الذي لم يُخلق مع المهدية العروبية/ الإسلامية فحسب، بل كأنَّما هي التي خلقته. وهم أبناء المُجاهدين أنفسهم الذين يقومون بكل شيء، ويُؤمَّل فيهم صنعة وقيادة كل أمر:
    {الحروب زالوا .. فَزُّوا ما صمدوا
    والشباب اليوم للجهاد نهضوا}.
    حتى لتخال كُتَّاب ليركس العطبراوي هؤلاء، حجازيين، شواماً أو مصريين. وهذا الوطن الذي ربما هو فلسطين أو سوريا، ولكنه ليس السودان بأي حال من الأحوال، لماذا؟
    لمفردات هذه القصائد البيئية ذاتها، ولروحها وحماستها العروبية الإسلامية ولكل شيء فيها ومنها. فـ"تربالنا" مثلاً، أو مزارعنا السوداني ممن يزرعون محاصيل أخرى لاعلاقة لها بتاتاً بما ينتجه "فلاح" تلك القصائد. المستوردة، من بلادٍ بعيدة تُؤتي حقولُهُا "الزيتونَ" من أجل أطفالها الصغار، وهذا نجده في نشيد (السلام) من غناء العطبراوي، النموذج الخامس:

    لا لن يكون .. لن يفلح المستعمرون
    لن يحرقوا في الموت بالذر أحلام القرون
    لن يهدموا القيم الرفيعة والحضارة والفنون
    لن يسرقونا في الظلام فإنَّنا مستيقظون
    ***
    لا لن يكون..
    ***
    صوت انفجار في كل ناحية يثار
    فيؤلّب الآفاق من حولي بمزحوم الغبار
    يُهَدِّدُ العمرانَ والأسرة السعيدة بالدمار
    سأعيشُ رغم تهور الحمقاء أعداء النهار
    وسأغرسُ الزيتون في حقلي لأبنائي الصغار
    ***
    لا لن يكون..
    ***
    باسم السلام والزاحفين إلى الأمام
    باسم الأماني الفيك راقصة كأجنحة الحمام
    باسم العذارى الحالمات بضجة العرس المقام
    باسم الطفولة وهي أنغامٌ وحبٌّ وابتسام
    سنتوِّجُ الغدَ بالرخاء وبالصفاء وبالسلام
    عاش السلام... عاش السلام

    ومنذ كنار العطبرواي ذلك:
    {غَنِّى الكنارُ على تلك البساتين
    فهل يُفَرِّج هَمَّاً بات يضنيني!؟}.
    وحتى كنارهم الآخر، الذي سيحلو لي أن أُسمّيه "كنار الدكتور عبد الله" بعد ما قرأتُه له في حق مُلَحِّنه:
    {صه يا كنارُ وضع يمينك في يدي..}.
    وإنِّي عليم بطيور السودان ومن هواة البحث في حيواتها، فما علمتُ لنا طائر كناري يُزَمبِّرُ فوق أشجارنا قط، فالطائر منسوبٌ إلى جزره التي عرفت به. وإن شئنا مُسَبِّبات ذلك فهو الغَرْفُ من حركة الرومانتيكية العربية التي سادت القرن المنصرم، بلا فرز، ولو دخلت تلك الرومانتيكية دُبر عنز. قرأتُ مقال الدكتور عبد الله علي إبراهيم، المعنون باسم هذا النشيد، والمحتفي به. وهو بالفعل، وحقاً، شعرٌ قوي من ناحية بنائه وتكوينه وشاعريته، ما قلنا حاجة. ومؤثِّر من ناحية ذكرياتهم الحنينة تلك، التي تاوتت حال هذا البلد حتى بَلَغَ مبالغه الحاضرة من الأسف الذي يسيل دماً. بس كمان اليورونا "كنارهم" دا لقوهوا يغني فوق ياتو شجرة من شجرنا!؟ ولو كانت الطيور ما بتنضمن في طيرانها، اليورونا حينها:
    {فالجلنار سياج روض السؤدد}.
    أها الجلنار دا في حسبة شاعر سوداني يطلع شنو؟ العُشر، الكتر، اللعوت، السيّال، التَّبس، الحَلْفا، النال، الحصير، الخيزران، السيسبان، المهوقني، التك، أم هو العوير!؟ ولا تعتقد بأنّ هذه الأناشيد في بنائها العربي القح، بوسط بيئتنا السودانية لا علاقة لها ببناء التصوُّر العربي ذاته للشعر والموسيقى، إيَّاك أن تعتقد ذلك. فالدكتور، رئيس البلاد، عبد الله على إبراهيم، هذا بالطبع قبل أن تسقط كشاشُتُه دزززز، ففي الفقرة قبل الخاتمة لمقاله يورد جُملة عجيبة في سياقٍ ويا للغرابة مطلعه يمتدح الموسيقِي العَلَم والمعروف، إسماعيل عبد المعين، الذي قام بتلحين هذا النشيد. ولكن الدكتور يمتدحه من خلال مقارنة ذات سخرية لا تخطئ العين البصيرة ما فيها من أَنفة عروبية، مُستلبة، بغرام الكنارات هذه وبالجلنارات، إذ يقول دكتور عبد الله:
    {ومن استمع إلى أحاديث عبد المعين عن الموسيقي السودانية عرف أنه عاشق متبتل لها وكان نفاذاً إلى مناجمها خطاراً فوق سماواتها الفذة. وكان إنساناً برئياً يقربه ولاؤه للموسيقي من السذاجة . . . الراديكالية:
    القدو قدو يا يا
    باكلها برايا}
    http://www.sacdo.com/web/forum/forum_posts.asp?TID=2488

    أهذا شكرٌ أم نبز؟ مدخل الجُملة يمتدح باليمين وخاتمتها تلفخ بالشمال؟ "السذاجة" وكمان "الراديكالية"! إنَّا لله. فيا تُرى كيف تُوصف السذاجة بأنَّها راديكالية؟ هل ذلك يعود بها مثلاً إلى جذر عبد المعين أم ماذا؟ أم أنَّه يقصد بأنَّها متطرفة؟ وكيف تُوصف السذاجة بأنَّها متطرفة، لكأنَّما الشخص الساذج بوسعه السيطرة على سذاجته وجعلها سذاجة متوسطة بدل التطرف! جُملة من أي الوجوه أتيتَها فلا حل معها سوى العودة بها إلى منبت عبد المعين. ولأنَّني لا أُريد أن أصطنع جريرة للدكتورة كيفما اتفق، فسأكتفي هنا بكونها جملة ساذجة فحسب، سذاجة بدون أية راديكالية.
    وبِمَ يستشهد الدكتور على تلك السذاجة الراديكالية لعبد المعين؟ بالمقطع الشعري المقتبس أعلاه، الذي يرد فيه القدو قدو عبر لكنة كوشية. كأنَّما الدكتور بعد مديحه الطويل لنشيد "صه يا كنار" يقول للقارئ، لقد سمعتَ رُقِيَّنا في النشيد أعلاه، وفصاحتنا وبلاغتنا، ولكن انظر للعوير ذا، قَدَوُ قَدَوُ، قال! ولك أن تتخيَّل وجه الدكتور منتفخ الأوداج، وبوزه ملوياً، في تقليد الصوت الإفريقي المنطوق للقَدَوُ قَدَوُ، الذي يملأ الفم. فويين من الكنار الذي يجري عليه اللسان العربي جرياً زَلِقَاً!
    والقَدَوُ قَدَوُ لمن لا يعرفه شرابٌ ثقيل بحيث لا تعرف أهو طعامٌ أم عُكارة، أُشْتِهر به أهلنا الفلاتة، وهو من فصيلة كوشرثيا "الكجو مورو". فيا دكتور عبد الله، إسماعيل عبد المعين ليس بمغترب ذات وتكوين عن دياره، ومع ذلك جاملكم ولحَّن لكم جلناراتكم وكناراتكم، أتشكرونه وتجاملونه حين يأتي الدور مع قدو قدوه هذا، أم تسخرون منه؟ تسخرون من عبقرية موسيقية كبيرة لدرجة أنَّ الأمريكان لَصَّوا منها "شعار المارينز الموسيقي" الشهير، وهي مأخوذة من بقايا الكوشرثيا السودانية الخالدة، من لحن "الطير نزل في الرمَّة"، المأخوذ بدوره من شقاء الجنود الذين كانوا يتبعون الزبير باشا، والما عارف "يشوف أبا ملود يقول دا كنار". وإسماعيل هذا ما قصّر أبداً، جاملكم في "إرثكم" بضراعه، بالرغم من أنَّه لا كنار له ولا جلنار، من حديقتكم الرومانتيكية تلك. أفمن الواجب مجاملته في كوشيته هذي وشكرانيته؟ أم السخرية من دنياه الأصيلة وغير النازحة، التي كلّها "قَدَوُ قَدَوُ" و"بني كربو" و"طير نزل في الرمَّة" و"اللوري حَلَّ بي.. في الوِدَي.. أنااا" يا سعادة المُرشَّح لرئاسة السودان الذي يضم غير العربي وغير المسلم.
    وقد جاء في الكوشرثيا الضارَّة {فلان لسانه أغلف} وهنا يتم إلحاق غلفة العضو الذكري بغلفة تُسحب استعارتها إلى اللغة واللسان، فالافتراض الأصل في تصورات الاستعراب السوداني أن غير المسلم كله هو أغلف. علماً بأنَّ عادات الختان هذه مرسومة لجوارهم على حيطان المعابد في البجرواية وأخواتها من مواضع أثَارة الحضارة الكوشية وباقيتها الماديَّة. فكلّها فلهمة عايرة من نظير فلهمة الدكتور هذه. ومنطق الدكتور عبد الله في اختياره لهذه الأغنية بالذات، لعبد المعين، أعني الأغنية ذات اللكنة الكوشية {القدو قدو.. يا يا.. بأكلها برايا}، لهي تتضمن في باطنها، حتى وإن لم يقصد الدكتور، هذا الاستخفاف {أبو غلفة} النائس عميقاً في الاستعلاء العروبي، أبو جلنارات وكنارات. ما يثبت التسبيب الأوَّل لهدم الكوشرثيا من استخدام (اللغة كمرجعيَّة وجود لا أداة تواصل). فالكوشرثيا تحققت فعلاً بباطن أغنية "القد قدو" المفردات الكوشية والعربية تراصَّت في الأغنية متجاورة، والناظم لها هو هذه اللكنة التي زاوجت بين {القدو قدو} المُذكَّر، و{باكلها} التي تُستخدم مع المؤنَّث.
    يدهشني موقف الدكتور هنا، لأنَّه ليس بكاتب ليركس ساذج يمكنه أن يقع في أخطاء نقل تصوّرات البيئة التي حوله دون تمحيص وتدقيق. هذه مسألة يقع فيها كاتب لريكس صغير وليس باحثاً من مقام الدكتور. وقد سبق لي أن استثنيتُ الشعر الحق من الوقوع في براثن الفشل على صعيد الوعي الإنساني. وقلتُ إن الشعر وليس الليركس هو المؤهَّل لاستيلاد أُخيولات من خلال لغة ونسق وطريقة تفكير وتخييل يصعب اصطيادها من ناحيتيْ "الوعي الإنساني"، و"الوعي الوجودي". وهذا يتأتَّى لكون الشاعر قد تمكّن من وعيه الفني بالدرجة التي يبتكر بها فَنَّاً حقيقياً لا يستعير الوعي الجاهز للمجتمعات، ولا يغرف من لغتها جزافاً قبل نحتها وتطهيرها وتعقيمها. أمَّا ما نجده في غالب ليركس اليوم، حينما تمر به الظروف ناحية قضية الوطن، أو مكوِّنات ذلك الوطن، فهو مفردات غرائبية، لا تمتُّ إلينا بصلة. زنيمة لكونها تتحدَّث عن وطن كلَّما نُشَبِّه ملامحه هذه علينا ننكره أكثر من كابوس. لماذا؟
    لأنَّ مُغَنِّيي هذه البلاد قد غَنُّوا، طويلاً وممِّلاً، على حدود بلاد فارس وبلاد الروم، وعافوا، دوماً، حدود جيرتهم الإفريقية بفعل هذا الاستلاب المتوارث وبلا نهاية:
    {بين جناين الشاطئ وبين قصور الروم .. حيّي زهرة روما وابكِ يا محروم}.
    فهل تتناقض هذه الرؤية وفكرة (الإنسان المَجَرِّي!؟) لا أعتقد، إذ لا يعقل أن نجد في هذا الغناء السوداني كل المكوّنات من حدود بلاد فارس والروم، ولا نجد نَفَّاجاً واحداً يقود إلى هذا السوداني نفسه ولالوبه وقنقليسه وتبلديه وود أبرقه وتاكاه وبركله، فأيهما أسهل، تناول ما هو موجود، أم تسوُّل الجيران؟
    وهنا نشيد {الكنار} وهو نشيد جميل وبديع بحق، ولا يعاني من أي مشاكل على صعيد رؤياه الإنسانية أو الوجودية، يتحدَّث عن الكفاح لا الجهاد، وعن دولة مطلقة لا ولاية إسلامية، وكل ذلك لا يُرشّحه في أعيننا ليكون منصَّة ننطلق منها للسخر من الكوشرثيا كما جاء في عبارة الدكتور عبد الله التي تسخر من {القدو قدو.. يا يا.. بأكلها برايا}:
    صه يا كنار وضع يمينك في يدي
    ودع المزاح لذي الطلاقة والردئ
    صه غير مأمور وهات هواتنا
    كالأرجوانة وايل غير مصفد
    فإذا صغرت فكن وضيئاً نيراً
    مثل اليراعة في الظلام الأسود
    فإذا رأيت من الطلاقة بارقاً
    فابذل حياتك غير مغلول اليد
    وخذ المآربَ من زمانك عنوةً
    والقِ العريف على الرعاف ولا تد
    فإذا ادخرت إلى الصباح بسالة
    فاعلم بأنَّ اليوم أنسب من غد
    فالقَ البليةَ بالبلية وارمِها
    بمسدد ومثقف ومجرد
    واسبق رفاقك للقيود فإنَّني
    أيقنت أن لا حر غير مقيد
    واعمد إلى دمك الزكي فجد به
    فالجلنار سياج روض السؤدد
    والعمر موت في شبابك إن تكن
    تقضيه بين مصفق ومغرد
    واملأ فؤادك بالرجاء فإنها
    بلقيس جاء بها غيا الهدهد
    فإذا تبدد شمل قومك فاجمعن
    وإذا أبوا فاضرب بعزمة مفرد
    فالبندقية في بداد بيوتها
    طلعت بمجد ليس بالمتجدد
    صه يا كنار وضع يمينك في يدي
    فكأن يوم رضاك ليلة مولدي
    أنا كم رعيتك والأمور عصية
    وبذلت فيك جميع ما ملكت يدي
    وجرى فؤادي نحو قلبك سلسلاً
    لكن قلبك كالأصم الجلمد
    (لستُ متأكداً من دقَّة مفردات هذا النشيد تماماً، من يمتلك تصويبات أكيدة فليبرّني بها).

    (عدل بواسطة محسن خالد on 04-12-2010, 00:04 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-10-10, 12:12 PM
  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" عمران حسن صالح04-10-10, 12:26 PM
  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" عمار عبدالله عبدالرحمن04-10-10, 12:26 PM
    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" البدري عبد الله04-10-10, 12:53 PM
      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد إبراهيم علي04-10-10, 01:06 PM
        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Omayma Alfargony04-10-10, 01:27 PM
          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-10-10, 04:19 PM
            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-10-10, 04:28 PM
              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" د.نجاة محمود04-10-10, 04:40 PM
                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-10-10, 04:46 PM
                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Al Badawi04-10-10, 07:36 PM
                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" وليد محمد المبارك04-10-10, 07:51 PM
                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" AnwarKing04-10-10, 09:25 PM
            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Amjad ibrahim04-12-10, 01:19 AM
  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Osman04-10-10, 08:36 PM
    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" صلاح عباس فقير04-10-10, 09:53 PM
    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-10-10, 11:38 PM
      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد قرشي عباس04-11-10, 00:19 AM
        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" د.نجاة محمود04-11-10, 03:05 AM
          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد عبد الماجد الصايم04-11-10, 07:15 AM
            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" أيمن الطيب04-11-10, 07:27 AM
              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" حبيب نورة04-11-10, 07:59 AM
                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" نيازي عبدالله مرحوم احمد04-11-10, 08:59 AM
                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-11-10, 12:42 PM
                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Siham Elmugammar04-11-10, 01:43 PM
                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" ابو جهينة04-11-10, 01:59 PM
                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-11-10, 11:03 PM
                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Al Badawi04-11-10, 11:17 PM
                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-12-10, 00:45 AM
                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" أمين محمد سليمان04-12-10, 01:35 AM
                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" شول اشوانق دينق04-12-10, 09:55 AM
                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Medhat Osman04-12-10, 11:38 PM
                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohamed Abdelgaleel04-13-10, 07:13 AM
                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" صديق الموج04-13-10, 07:31 AM
                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Al Badawi04-14-10, 08:21 PM
                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-17-10, 11:26 AM
                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-17-10, 11:45 AM
                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-18-10, 06:45 PM
                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" حمور زيادة04-18-10, 06:50 PM
                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-18-10, 11:19 PM
                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Omayma Alfargony04-19-10, 04:10 AM
                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" دينا خالد04-19-10, 08:00 AM
                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-19-10, 04:31 PM
                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-20-10, 02:25 AM
                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد قرشي عباس04-20-10, 02:37 AM
                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-20-10, 10:18 AM
                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" آدم صيام04-20-10, 04:29 PM
                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-20-10, 09:28 PM
                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-21-10, 00:00 AM
                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد عبد الماجد الصايم04-21-10, 06:23 AM
                                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-21-10, 02:06 PM
                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohammed Haroun04-21-10, 02:56 PM
                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" وليد محمد المبارك04-21-10, 04:05 PM
                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-21-10, 04:24 PM
                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد المختار الزيادى04-21-10, 04:19 PM
                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-21-10, 10:17 PM
                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الصادق اسماعيل04-22-10, 00:43 AM
                                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohammed Haroun04-22-10, 10:33 AM
                                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" أحمد أمين04-22-10, 11:06 AM
                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Al Badawi04-23-10, 00:40 AM
                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" ابو جهينة04-23-10, 04:39 PM
                                                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-24-10, 08:40 PM
                                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-24-10, 09:10 PM
                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-24-10, 09:57 PM
                                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-25-10, 03:14 AM
                                                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد04-26-10, 10:09 PM
                                                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-01-10, 04:46 AM
                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-02-10, 01:41 AM
                                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-02-10, 03:36 AM
                                                                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-02-10, 03:42 AM
                                                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohamed E. Seliaman05-02-10, 06:09 AM
                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الصادق اسماعيل05-02-10, 09:25 AM
                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الصادق اسماعيل05-02-10, 09:25 AM
                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الصادق اسماعيل05-02-10, 09:25 AM
                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الصادق اسماعيل05-02-10, 09:25 AM
                                                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-02-10, 03:42 PM
                                                                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-02-10, 04:06 PM
                                                                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-03-10, 04:21 PM
                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" عبدالله ود البوش05-03-10, 04:52 PM
                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الجندرية05-03-10, 04:55 PM
                                                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-04-10, 01:23 PM
                                                                                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-04-10, 01:41 PM
                                                                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" الجندرية05-04-10, 01:52 PM
                                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-04-10, 10:42 PM
                                                                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" أمين محمد سليمان05-04-10, 11:29 PM
                                                                                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد زكريا05-05-10, 01:20 AM
                                                                                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Adil Al Badawi05-05-10, 11:18 AM
                                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" عمر التاج05-05-10, 01:42 PM
                                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-05-10, 02:16 PM
                                                                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد حسبو05-05-10, 07:32 PM
                                                                                                                                  Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" هاشم الحسن05-05-10, 09:45 PM
                                                                                                                                    Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-06-10, 10:29 PM
                                                                                                                                      Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محمد قرشي عباس05-07-10, 01:38 PM
                                                                                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohamed Abdelgaleel05-08-10, 08:08 AM
                                                                                                                                        Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" محسن خالد05-08-10, 01:21 PM
                                                                                                                                          Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة "2" Mohamed E. Seliaman05-08-10, 06:51 PM
                                                                                                                                            Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة Kabar05-09-10, 04:09 AM
                                                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة Mohamed Abdelgaleel05-09-10, 12:50 PM
                                                                                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة عبدالكريم الامين احمد05-09-10, 01:43 PM
                                                                                                                                              Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة محسن خالد05-09-10, 08:14 PM
                                                                                                                                                Re: تأسيسُ الكوشرثيا: الأمثالُ السِّرْيَّة محمد جميل أحمد05-09-10, 09:57 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de