آن وقت رجوعك للميدان يا مني اركو مناوي

Quote: سلامُُ هذا أم غدرُُ وانتقام ؟ بقلم/ عبد العزيز سام/ طرابلس-ليبيا 27مارس07 المشهد في الخرطوم حتى اللحظة: تلقيت محادثة هاتفية صباح اليوم من الأخ مني مناوي، رئيس حركة/ جيش تحرير السودان، يبلغني فيها بآخر التطورات حتى اللحظة، في إطار التنسيق لإدارة الأزمة الماثلة، وألخص الموقف حتى صباح اليوم 27 مارس 2007م كالآتي: - الشرطة تسيطر علي كل شيء، الموتى، الجرحى، المعتقلين وعددهم مختلف عليه، فبينما الحركة حددتهم بتسعين ونيف، الطرف الآخر يقول أن عدد المعتقلين لا يتجاوز الأربعين، والاعتقال مستمر لكل من له صلة بالحركة. - بيت الجرحى الذي تم هدمه عليهم تسيطر عليه سلطات الشرطة والأمن وتمنع الدخول إليه أو الخروج منه منذ وقوع الحادثة. - قيادات الحركة الذين هم علي قيد الحياة وتمكنوا من الإفلات من الأسر محصورين داخل منزل رئيس الحركة بشارع البلدية، الموقع الوحيد الذي لم تعتد عليه قوات الشرطة والأمن حتى الآن، وحتماً لن يسلم لاحقاً من الاقتحام والاستباحة وفق مجري الأحداث وتطوراتها. - اجتماع رئيس الحركة برئيس الجمهورية أمس، لم يسفر عن شيء لاحتواء الموقف. - جماهير الحركة وأهل القتلى يترقبون الموقف ملتزمين بنداء قيادة الحركة في الداخل والخارج بضبط النفس وإتاحة الفرصة لإيجاد مخرج، وصبرهم ينفذ وأعصابهم تحترق. - رئاسة الحركة لا تعلم الجهة التي سِيقَ إليها المعتقلين، ولا تعلم أين الجرحى ولا القتلى. - دار الحركة مُحتل ومستباح وقد صودرت محتوياته. وكذلك منزل الأمين العام للحركة، هذا هو المشهد باختصار حتى كتابة هذه السطور، ومرشح للتطور إلي الأسوأ. اتفاق سلام دار فور ووضع الأطراف فيه: حركة/ جيش تحرير السودان، كانت تقاتل ضد حكومة الإنقاذ من دار فور، وجاءت إلي الخرطوم بعد توقيع اتفاق سلام دار فور بابوجا في مايو2006م، حيث وصل وفد مقدمة الحركة إلي الخرطوم في يوليو2006م، ثم أعضاء المجلس القيادي(نائب الرئيس، الأمين العام، القائد العام للجيش وزمرة من قيادات الحركة) ولاحقاً وصل رئيس الحركة في ثلة من القيادات العسكرية والسياسية، وتم الشروع في تنفيذ الاتفاق، كما باشرت الحركة نشاطها السياسي والتنفيذي من خلال مقرها بأم درمان شارع الموردة الذي تم احتلاله واستباحته بواسطة الشرطة. الإتحاد الإفريقي هو الوسيط لتنفيذ اتفاق السلام لدار فور ويقع علي عاتقه سلامة الأطراف وحمايتهم من أي أذي محتمل قد يصيبهم، في الخرطوم أو في دار فور لحين التنفيذ النهائي للاتفاق، وقد فشل الوسيط نهائياً في القيام بأي دور في تنفيذ الاتفاق وترك الحبل علي غارب الطرف القوي المسيطر علي زمام السلطة ومؤسسة الدولة، ليفعل ما يشاء، والذي يحدث الآن في الخرطوم ودار فور من انتقام وغدر هو نتاج طبيعي لغياب دور الوسيط والشركاء الذين وقعوا علي الاتفاق ملتزمين بضمان التنفيذ، وقبل وفوق ذلك ضمان سلامة الأطراف من البطش ببعضهم البعض والانتقام ونقل الحرب إلي ميدان يسيطر عليه أحد الأطراف بإمكانيات الدولة السودانية وتنعدم فيه قواعد الفرسان. الذي يجري الآن في الخرطوم هو استمرار للحرب التي دارت في دار فور بين حكومة الإنقاذ والحركات المسلحة وفي مقدمتها الحركة المحاصرة الآن داخل منزل رئيسها بشارع البلدية، أما الذين لم يتمكنوا من الوصول إلي منزل رئيس الحركة، فهم حتماً في قبضة ورحمة جلادهم يسومهم ما يسومهم من سوء العذاب. فالسؤال المُلِح الآن هو، من ينقذ الحركة وقيادتها بمن فيهم رئيسها مما هم فيه الآن؟.. الإتحاد الإفريقي؟ لا حياة لمن تنادي، هو نفسه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً، ولا حول له ولا قوة. والشركاء في اتفاق سلام دار فور الموقعين عليه، لا سبيل لهم إلي شيء غير الإدانة والمقابلات الدبلوماسية التي تذهب أدراج الريح، ورجاءات لا يستجيب لها الطرف الممسك بالفريسة المنزوعة من كل وسائل الدفاع عن النفس. وجيش الحركة بعيد في دار فور. جماهير الشعب السوداني مرصود الحركات والسكنات.. إذاً، الوضع خطير ومفتوح علي كل الاحتمالات. الوسائل القانونية السليمة لم تُتبع ولن تُتبع: المعلومات المتوافرة من قيادة الحركة بالداخل وشهود العيان تؤكد, أن الوسائل القانونية السليمة لم تتبع، وأؤكد إنها لن تتبع أبداً، لماذا؟ أولاً: قرائن الأحوال توضح أن العملية مُبرمجة ومُخططة ومُنفذة بإحكام. وبمراجعة الوقائع التي سردها رئيس الحركة في مؤتمره الصحفي أمس تجد الآتي: افتعال مشاجرة أمام منزل جرحى الحركة بحي المهندسين أم درمان بغرض إخراجهم للتفاعل مع الحدث، ثم افتعال مشاجرة معهم لإيجاد المسوغ لجرهم والفتك بهم.. وقد حدث نفس السيناريو من قبل مرتين. ثانياً: رغم معرفة الجهة المعتدية بتبعية سكان المنزل المعتدي عليه لحركة/ جيش تحرير السودان ورئيسها معلوم العنوان مكتباً ومسكناً، لم يلتزموا بنصوص القانون الجنائي وإجراءاته،التي توجب التعامل معهم عبر قائدهم، ولكنهم تخيروا الانتقام والخروج علي نصوص القانون الذي يدَّعون الآن أنهم يعملون وفق نصوصه. ثالثاً: في تصريح وزير الداخلية لأجهزة الإعلام فور وقوع الحادث قال، أن الشرطة داهمت المنزل بعد انتهاء المهلة المحددة بـ 48 ساعة، والسؤال هو، لمن أُبلِغت المهلة ولأجل ماذا، هل لقيادة الحركة(وفق القانون) أم لمن ؟ للمجني عليهم؟ وكيف أبلغت لهم؟ وكيف يعقل أن يمهل من يأتي بفعل مخالف للقانون ليومين ليسلم نفسه؟ وأي نص في القانون الجنائي أو إجراءاته يخول أمهال المتهم (لتسليم) نفسه؟ أم أن وزير الداخلية يقصد أن المهلة قد منحت لقيادة الحركة للقيام بإجراء تسليم الأفراد التابعين لها في المهلة المذكورة ؟ ولو كان ذلك كذلك، يفهم بالضرورة إعمال صحيح القانون في تنفيذ الإجراءات القانونية في مواجهة(التابعين)-المجني عليهم المرضي- من خلال(المتبوع)-قيادة الحركة- ولكن هل تم ذلك فعلاً ؟ أم أن الشرطة قامت بأخذ القانون بيدها وهاجمت ودمرت انتقاماً وغدراً؟ رابعاً: لماذا الإفراط في استخدام القوة ؟؟.. بضع وعشرون من المعاقين الذين فقدوا أطرافهم جراء الحرب في دار فور، يتم محاصرتهم داخل منزل بـ مئة عربة مدرّعة وآلاف الجنود المدججين بأسلحة ثقيلة ومدافع ودبابات!! ما هو الخطر الذي يشكله هؤلاء حتى يحاصروا هكذا وهل المعركة ساحتها مواقع العمليات بدار فور أم داخل حي المهندسين/ أم درمان؟؟. خامساً: هل فشلت قيادة الحركة في واجبها القانوني في التحري حول الواقعة الأولي (المشاجرة المفتعلة أمام منزل الجرحى) ومن ثم تحديد وتسليم الجناة إلي جهات الاختصاص، و إلاَّ ، ما الذي برر ارتكاب بالمجزرة ؟ هل هو استعراض القوة وإظهارها وضد من، ضد الحركة التي أتت بضمان الاتفاق والوسيط والمجتمع الدولي؟ ثم، لماذا احتلال واستباحة مقر الحركة ومنزل أمينها العام بأم درمان، وهل أتي ذلك في سياق تجريم الحركة واستئصالها، ولماذا لم تُتخذ نفس الإجراءات القمعية الانتقامية في مواجهة رئيس الحركة ومنزله، وهو رمز الحركة وممثلها في القصر الجمهوري، وهل الحصانة والحرمة للحركة ومؤسساتها أم للأفراد، و أيهم أشد وقعاً ووطأة ؟ لماذا لم يُبلِغ وزير الداخلية رئيس الحركة بالإجراءات المزمع اتخاذها في مواجهة أتباعه وأعضاء حركته قبل الشروع فيها وتنفيذها؟ أليس رئيس الحركة وهو كبير مساعدي رئيس الجمهورية يأتي من حيث الترتيب في درجة اعلي من وزير الداخلية وذلك يوجب التشاور في تصريف الأمور الخطيرة مثل هذه؟ ولماذا باءت بالفشل محاولات رئيس الحركة للاتصال الهاتفي برئيس الجمهورية ونائبه ووزير الداخلية قُبَيْل وقوع الكارثة لتفادي وقوعها وإنقاذ الموقف؟ وكيف أصبحت تلك الاتصالات بعد تمام تنفيذ العملية ممكنة؟ ما مصير الذين تم اعتقالهم من قيادات الحركة في مقرها بأم درمان الذي يبعد أميالاً كثيرة عن موقع الحادث، وما هو جُرمهم، وهل تم الاعتقال بالتنسيق مع رئاسة الحركة لاستيفاء المتطلبات القانونية؟ وهل يعلم رئيس الحركة مكانهم الآن، هل يعرف عددهم، وما هو مصيرهم ؟ وهل هم أسري حرب ؟ وهل يجوز معاملة من جاء إلي الخرطوم لتنفيذ اتفاق سلام بهذه الطريقة، أم أن الاتفاق لا يعصم ولا يلتزم به الأطراف ؟ سادساً: طُلب من رئيس الحركة استلام الجثث فرفض ذلك، نسأل: ماذا يفعل رئيس الحركة بالجثث والأحياء بعد في خطر؟ والجثث يمكن أن تُسَلَّم إلي الحركة إذا تم قتلهم باسم الحركة أو في معركة كانت الحركة طرفاً فيها، أما وقد قتلوا غيلة وغدراً فليبحث الجاني لهم عن صرفة، ولن تغلبهم الحيلة. اهتمام الحركة الآن ينصبّ علي الأحياء من الجرحى والأسري وأين هم وما مصيرهم وكم عددهم وما يُفْعَل بهم من مكروه. ثم،لماذا تم توقيفهم، وهل هم أسري حرب ولماذا يستمر توقيفهم. هذه أسئلة مهمة يريد أن يعرف الناس إجابات عليها حتى لا يستمر تخليط الأشياء أكثر من هذا. سابعاً: لماذا تم تدمير عربة وزير الدولة والأمين العام لحركة/جيش تحرير السودان لحظة قدومها إلي موقع المجزرة الانتقامية لتهدئة الموقف، وإدارة الأزمة مع القوة التي كانت تحاصر المنزل؟. هل من حسن التدبير الاعتقاد بان عربة الوزير أتت لتصعيد الموقف؟ وهل تحققت القوة التي دمرت العربة من هم بداخلها، وأن كان الوزير نفسه بداخلها أو غيره، وهل استوقِفت العربة أو تم إنذارها بعدم التقدم نحو الموقع،قبل تدميرها بمقذوف ؟ أم أن القوة قد عزمت أمرها ونفذت مخططها بصرف النظر عن المعقولية من عدمها.. وعليه نسأل، ما الفرق بين الخرطوم وبغداد والرمادي وبعقوبة وغيرها من المدن القتل علي الهوية. ثم،الاغتيالات التي تُنفَّذ كل يوم ضد قادة الحركة، وأخرها اغتيال القائد البطل/عبد الشافع جمعة عربي، قائد سلاح المدفعية بالحركة ونائب رئيس لجنة الترتيبات الأمنية، عن طريق كمين(كالعادة)نصب له بمنطقة أم زعيفة ريفي نيالا تزامناً مع مجزرة المهندسين، لماذا هذه الاغتيالات وما هي الرسالة الموجّهة عبرها ومن هو الضحية القادمة؟ ونعلم أن كشف الاغتيالات طويل وتنفيذها مستمر ولا سبيل لنا إلي تفاديها، ولن نتوانى في القيام بواجبنا المقدس تجاه قضيتنا وأمتنا وأهلنا، والذي يريد أن يغتال فليفعل متي وأين شاء. إزاء هذا الوضع الحرج، ما الحل؟ الحركة وقيادتها يواجهون خطر الموت والهلاك إذا استمرت الأمور هكذا، ويجب علي الجميع، التفكير في كيفية تخليصهم من قبضة الجلاد المنتقم..والناس ما أتوا إلي الخرطوم لهذا، وهو أهون الوسائل لو يعلمون (والتمساح ما بهددوه بالغرق) وميدانه معلوم وقد طوينا صفحته بتوقيع الاتفاق وإن قرر الطرف الآخر العودة للحرب فليعلنه جهراً، لا خفية وغدراً.. والذي أتي بالناس إلي الخرطوم هو اتفاق أعرج لا يقف علي قدمين، والوسيط الذي كتب الاتفاق وتعهد بتنفيذه وحماية أطرافه ليس بأفضل من طرفه الذي يئن الآن من بطش وانتقام وغدر الطرف القوي المتمكن من الموقف كما أسلفت، فلا الاتفاق ولا الضامن يستطيعان الآن تخليص قيادة وأعضاء الحركة في الخرطوم من غدر الجلاد، والاغتيالات المستمرة عبر الكمائن التي تنصب لقادة الحركة بدار فور كل يوم وعدم جدوى الشكوى منها هي حلقة أخري من حلقات مسلسل لن تكتمل حلقاته. ثم أن الذين هم الآن تحت قبضة العدو الذي استأنف القتال مجدداً في الخرطوم ليسوا في وضع يسمح لهم التعاطي الحر والسليم مع الوضع الذي يحتاج إلي غرف عمليات لإدارة الأزمة، والحل، هو أن ينهض الجميع بالتزاماتهم لإنقاذ هذا الموقف الحرج بالسرعة والجرأة اللازمين.. أما المجتمع الدولي الذي ساقنا قسراً إلي هذا المستنقع فهو يعلم ما يجب أن يقوم به، والأمر مفتوح علي كل الاحتمالات، ونظل نرصد ونراقب.