|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
ادارة القضاء لا تنفصل عن استقلاله ، وان كان قد تعاقب على منصب رئيس القضاء - في عهد الانقاذ - كل من جلال على لطفي وحافظ الشيخ الزاكي وعبيد حاج علي ، الا ان السيد جلال الدين محمد عثمان يعد وبحق رئيس القضاء الفعلي طوال فترة حكم الانقاذ حتى خلى له المنصب قبل يضعة سنوات لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ القضاء السوداني ليس لكونه اول قاضي شرعي يتبوأ المنصب مضحيا بوظيفته كقاضي لبلدية ابوظبي عند قيام سلطة الانقاذ وانما لتقديمه افضل نموزج لتداخل مفهوم ادارة القضاء مع استقلاله ، و ... نواصل ، ليتني اجد وقتا للكتابة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
لم تخيب سلطة الانقاذ توقعاتنا عند اطلاقنا لهذا البوست قبل بضعة ايام ، فهاهي تعلن باسم المستشار صلاخ ابوزيد المدعي العام شروعها في اجراء محاكمات تطال عدد من منسوبي القوات المسلحة والدفاع الشعبي ، فهل تكفي هذه الخطوة لسحب البساط من تحت اقدام المؤسسة الاممية ؟ لتتحول المحاكمات من لاهاي الى محكمة نيالا العامة ؟ خبر يدعونا للمواصلة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
ان السؤال الوحيدالذي سوف يكون مطروحا في الساحة خلال الفترة التي تعقب نشر الاسماء وموافقة المحكمة الدولية على جدية التهم هي مدى ( المقدرة ) وهي في عبارة اخرى الاستقلال الذي يتمتع به القضاء السوداني في القيام بمثل تلك المحاكمات ، ولاثبات ذلك لا تشفع كثيرا التصريحات التي يطلقها النائب العام ( المرضي ) وغيره من المسؤلين عن نزاهة واستقلال القضاء . فللاستقلال معايير ( 20 معيارا وفق الجدول المرفق بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة في هذا الخصوص ) يكفي لانحسار ثلاث منها سحب صفة الاستقلال عن قضاء الدولة العضو ، فما نصيب السودان منها ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
مولانا سيف الدولة...
أتابع يشغف بالغ هذا البوست الذى اتى تماما في وقته...
لدى الكثير الذي سأتحف به هذا البوست ويا ليتنا نشحذ زملاء لنا جاء الوقت لتشجيعهم على الكتابة عن الحال المزري الذي يعتري قضاء السودان...
كنت بالخرطوم وجلست واستمعت لقضاة وقد حثوني على الكتابة بشكل خاص عن رئيس القضاء الذي يأتمر بأوامر المؤتمر الوطني والذي أحال القضاء الى شبكات تجسس على القضاة وأشياء كثيرة سآتي اليها..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
اقف حائرا بين تعليقين احدهما لوزير العدل الذي لم تكتف تصريحاته للقنوات الفضائية برفض تسليم المتهمين وهو امر ظل يكرره ويتفق مع موقف حكومته بشكل عام ، غير ان الملفت للنظر انه اكد على براءة المتهمين ووصف التهم بانها باطلة ، ويمضي ليؤكد في الوقت ذاته على مقدرة القضاء السوداني على اجراء المحاكمات ، وما لم يوضحه سعادة وزيرالعدل كيف تنظر المحاكم السودانية في قضايايرى هو كجهة تتولى الاتهام ان التهم ملفقة وباطلة قبل ان تصل ابواب المحاكم ، ان خبرة الاربعين عامين وتزيد للسيد المرضي في مجال القانون قد اعماه كرسي المنصب بعد معاناته بمكتب المحاماه المتواضع الذي كان يديره بمدينة الابيض عن ان يتريث في اصدار صكوك البراءة قبل ان يطلع على ملف الاتهام .
اما الامر الثاني فهو ما اورده الصحفي اللامع عثمان ميرغني في عموده ( حديث المدينة ) صباح اليوم والذي نصح فيه الحكومة بعدم المجادلة وتقديم ( مولانا ) احمد هرون الى محاكمة امام القضاء السوداني ، ليسحب البساط من امام المحكمة الدوليه اعمالا لمبدأ عدم جواز محاسبة المرء عن فعل واحد مرتين ، ووجه الحيرة ليس في اطمئنان الصحفي عثمان لنزاهة واستقلال القضاء ، وانما خيبة الامل في قلم كنت ( شخصيا ) اعتقد بانه انزه من الاتيان بحلول التقية وذرالرماد في الغيون وكأنمابه يبحث عن مخارج للطغاة .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
Quote: في اغسطس 1989 - اي قبل ان يمضي شهران على قيام الانقلاب - قام مجلس قيادة الثورة باحالة 67 قاضيا من مختلف الدرجات الى الصالح العام بموجب كشوفات معدة سلفا ، ثم تتابعت كشوفات الاحالة للصالح العام بعد ذلك حتى بلغ مجموع من احيلوا للصالح العام حوالي 400 قاض من اصل 600 كانت تضمهم كشوفات الهيئة القضائية في ذلك الوقت |
نتمنى من الأخ المحترم وبعد ان تكلم عن احالة 400 قاضي من 600 قاضي من اين جاء بهذه الاحصائية، نأمل افادتنا بالمرجعية لها حتى تجد محتويات هذا البوست الصدق والشفافية .
صلاح غريبة - الرياض
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: ghariba)
|
Quote: قد اعماه كرسي المنصب بعد معاناته بمكتب المحاماه المتواضع الذي كان يديره بمدينة الابيض عن ان يتريث في اصدار صكوك البراءة قبل ان يطلع على ملف الاتهام .
|
تحية واحترام
اهم ما في تصريح السيد وزير العدل انه قد سد الطريق امام اي مراوغة يمكن ان تقوم بها الحكومة السودانية بفبركة اجراءات كرتونية بغرض سد الطريق امام المحكمة الجنائية الدولية..فهو ببساطة قد اعلن انه برئ بناء علي اجراءات مسائلة قانونية.
وبالتالي اصبح هذا الهرون لامحالة ماثل امام المحكمة الجنائية الدولية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: على عجب)
|
الاخ علي عجيب
شكراعلى المرور ، اتفق معك واضيف بان دعوة وزير العدل ( المرضي ) ببراءة الرجل تجعل من نصفها الاخر بنزاهة واستقلالية قضائه بلامحتوى ولا مضمون ، ولو كان يملك ذرة حصافة لقال بانهم سيدرسون جدية التهم واحالتها لقضائه المستقل ان كان هناك مقتضى لذلك ، ويابخت مجرمي السودان حين قيض لهم النظام وزير عدل يتولى الدفاع عنهم بدل الاتهام .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
الاخ الفاضل/ سيف الدولة
اسمح لي أن ارفق هنا مقال المحامي الفاتح ميرغني في شأن القضاء السوداني الذي نشر في هذا الموقع
عام 2005
....
نصَ المقال الذي نشرته سودانيز اون لاين للفاتح ميرغني بتاريخ 18/7/2005
ظلال واشجان في مسيرة القضاء السوداني
بقلم الفاتح ميرغني / طوكيو
المعروف ان القضاء , اي قضاء , يكتسب هيبته ليس من قدرته على إنزال الاحكام الرادعة , وإنما من
قدرته على صون إستقلاليته , والتي هي اشبه بحزام العفة الذي كانت ترتديه الفتيات في اوروبا
القروسطية ( Medieval).ومن المؤسف ان القضاء السوداني , والذي قاد مسيرته يوما كوكبة متلألأة من
القضاة العدول , مثل العلامة ابو رنات وآخرين, قد تعرض خلال العقود الاربعة الماضية , إلى كافة
انواع التحرش والتي بدأت بزرايته وتدجينه ثم تسخيره وتسييسه, مما القى بظلال قاتمة على إستقلاليته
ونزاهته (Integrity).
يدور الحديث هذه الايام عن قدرة هذا القضاء على محاكمة المتهمين في احداث دارفور, تارة بإعتباره
رافدا من روافد السيادة الوطنية , وتارة بحجة إستقلاله ونزاهته .وقبل الخوض في مسارب هذه القضية,
لا بد من الإشارة إلى حادثة تؤرخ لاول صفعة للقضاء السوداني في مسيرة الدولة الوطنية . وهي جديرة
بالرواية ليس لانها ذات صلة وحسب , وإنما لان تداعياتها قد غيرت مجرى التاريخ السياسي السوداني
برمته , ولا زالت تؤرق الوجدان القانوني والسياسي .
في فترة الستينات زعم بان طالب من معهد المعلمين العالي قد سبَ النبي محمد ( ص) ونفر من آل بيته
الكريم. وقيل الشاب ينتمي للحزب الشيوعي . وبتحريض سافر من التيار الإسلامي , تم حل الحزب الشيوعي
وطرد اعضائه من البرلمان . علما بان الطالب المذكور لم يمثل امام المحكمة بتهمة إزدراء المقدسات
او تحقير الرموز الدينية (Blasphemy) !.
وبدوره رفع الحزب الشيوعي دعوى دستورية , حيث قضت المحكمة ببطلان إجراءات الحل والطرد , إلا ان
الحكومة بدلا من ان ترسي سابقة كان يمكن ان تدرَس في الجامعات ومراكز الفكر , أخذتها العزة بالإثم
وآثرت ان تتعامل بعقلية نظام شمولي ورفضت الحكم .فكانت النتيجة القضاء عمليا على نظرية الفصل
بين السلطات (Separation of Powers) وهي الاساس الذي تقوم عليه اي تجربة ديموقراطية سوية,
وإستقالة رئيس القضاء مولانا بابكر عوض الله, مما مهد إلى قيام إنقلاب مايو الذي بدأ يساريا وإنتهى
بوهم إقامة دولة الخلافة والتجديد في السودان !!.
وفي تلك الفترة , اي فترة نميري , تم الإجهاز على ما تبقى من هيبة هذا القضاء , خصوصا الفترة
التي بدأ فيها النظام توجهاته الدينية . فعندما واجه رجل من العامة الرئيس نميري وشكك في اهليته
لإمامة المسلمين , كان الرجل يتوقع على أسوأ الفروض ردا من شاكلة " رحم الله رجلا أهدى إلينا
عيوبنا " , فإذا به يواجه بدلا عن ذلك إتهاما بـ " إهانة رئيس دولة الإسلام " ! .
وكانت تلك تحديدا هي الحقبة التي تم فيها تسخير القضاء لتصفية حسابات سياسية , جعلت الفرق بينه
وبين محاكم التفتيش( Inquisition) في القرن الثالث عشر , يتلاشى تماما . فتم إعدام المفكر محمود
محمد طه بتهمة الردة ( Apostasy) , وهي جريمة لم تكن موجودة في قانون العقوبات , رغم أن قاعدة لا
جريمة بلا نص , قاعدة اصولية يفهمها اي طالب قانون في السنة الاولى .
وكان من نتائج تسييس الجهاز القضائي كذلك , إنتشار الظلم على نطاق غير مسبوق , وإستشراء البدع
القانونية التي اتاحت للمكاشفي طه الكباشي ان يكون قاضي الموضوع وقاضي الإستئناف في نفس القضية ,
فأصبح بذلك مثل المفتش جافير في رواية البؤساء , رمزا حقيقيا للقهر والظلم والتشفي حيث اصدر
احكاما ما انزل الله بها من سلطان . ففي قضية سرقة حدية على سبيل المثال , قدر المال المسروق (
جهاز مسجل ) باقل قليلا من النصاب , فما كان منه إلا ان سأل : هل به حجار بطارية وشريط كاسيت ؟
فلما كان الرد بالإيجاب , حسب قيمة المسجل مضاف إليه قيمة الشريط والحجار وامر بحد المتهم .! ولم
يتذكر قول الرسول الكريم " أدرؤوا الحدود بالشبهات " او مقولة عمر " لأن يخطي الحاكم في العفو
خير من أن يخطي في العقوبة ". ولعمري تلك سابقة لم تحدث حتى في دولة طالبان .
المفاجأة كانت في إختفاء معظم ملفات تلك الحقبة الكئيبة من سجلات الجهاز القضائي , حيث تعذر
الحصول على اي ملف لمعرفة حقيقة ما جرى . وذلك ما ذكرة رئيس القضاء الاسبق مولانا / خلف الله الرشيد
لصحيفة البيان الامارتية 25/5/2005 .
جاءت الإنقاذ وفي معيتها هدف واحد وهو تنفيذ برنامج التمكين(Empowerment) , وهو برنامج لا يمكن
تنفيذه إلا بتصفية الخدمة المدنية والقضائية والشرطة والجيش من اي كادر لا يعتبر من اهل الثقة
والمولاة. وقد اختارت الإنقاذ لتنفيذ هذا البرنامج في مراحلة الاولى اناس لا يمتون بصلة إلى الجبهة
القومية الإسلامية ,. وكان من بين هؤلاء على سحلول لقيادة الخارجية وجلال على لطفي الذي اختير
لرئاسة القضاء , بعد ثلاثين سنة غيابا عن السلك القضائي , وهو ما يعني بان هذا المنصب الحساس قد
تسيس (Politicized) .
وبالفعل تم في ظل إدارته إحالة اول فوج من القضاة إلى الصالح العام (Pro bono public) , كما قام
بتهديد قضاة آخرين عبر الصحف السيارة ! . لكن أخطر قرار إتخذه جلال على لطفي هو إستغلال سلطة
الإحالة تحت المادة 26 من قانون الإجراءات المدنية , وهي مادة تتيح لرئيس القضاء سحب اي قضية من
امام اي محكمة وتحويلها إلى اي محكمة اخرى يراها مناسبة .
وبالطبع لم يجد جلال على لطفي محكمة مناسبة سوى محاكم النظام العام (Public order tribunal) حيث
احال لها معظم قضايا الإخلاء ( Eviction), وهي محاكم قضاتها من ضباط الجيش ( سلاح المدفعية وسلاح
الإشارة وحتى السلاح الطبي!) وهم بهذه الصفة غير مؤهلين لكتابة حتى عريضة ناهيك عن تحديد وصياغة
نقاط النزاع , بينما كان مكتبه سابقا يعج باصحاب العقارات . والسؤال هو : ما هي العلاقة بين
تمثيل مكتب جلال على لطفي للإدعاء في اكثر من 80% من تلك القضايا , وإحالتها إلى محاكم لا يفقه
قضاتها ابسط مبادئ قواعد العدالة والإنصاف (Equity)؟.
المشهد الاكثر عبثية كان في ظهور بعض المحامين للترافع امام تلك المحاكم , والإستشهاد بالمأثوات
في ادب القانون المدني , من آراء اللورد أكتون في اجرة المثل (Standard rent) واللورد دينينج في
الحاجة الماسة (Essential need)!!
كنا نأمل لو ان تم مساءلة جلال على لطفي تحت شبهة تضارب المصالح (Conflicting interests), ولكن
لم يحدث شئ من ذلك القبيل , بل ان جلال على لطفي – بالصلاة على النبي – تم تعيينه رئيسا للمحكمة
الدستورية والتي بدلا من ان تؤدي مهامها المتمثلة في حماية الحقوق الدستورية ومراقبة اداء
الحكومة , فإذا بها تتورط في قضية ورثة عقار قدرت قيمته بمليون دولار , وهي الفضيحة التي فجرها
الصحفي عثمان ميرغني في عموده حديث المدينة بجريدة الرأى العام قبل شهر ونصف تقريبا . ولذلك لم
يكن مستغربا ان يهدد المؤتمر الشعبي بتجاوز المحكمة الدستورية وتسليم قائمة بمعتقليه إلى
المبعوث الاممي , يان برونك .
واخيرا عندما يؤيد الصادق المهدي والترابي مثول المتهمين في احداث دارفور امام المحكمة
الدولية , فإن موقفهما - وبعيدا عن اي إعتبارات سياسية – ياتي متسقا مع تشخيصهما للحالة المزرية
(Pathetic ) التي وصلت لها هيبة القضاء السوداني في عهد الجلالين ( جلال على لطفي وجلال عثمان ) ,
على حد تعبير احد كتاب هذه الصحيفة الغراء .
الفاتح ميرغني
محامي وصحافي مقيم بطوكيو
حسناً فعلت في تعليقك الاخير على صلاح غريبة
تعديل حرف
(عدل بواسطة حيدر حسن ميرغني on 03-02-2007, 10:03 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
الواقع أن القضاء في السودان ظل بعيدا عن تناول الكتاب من القضاة أو من غيرهم ، ليس من باب المهابة بقدر ما هي حالة من الجمود والاسترخاء التي أصابت وتصيب مثقفي السودان وطلائع المجتمع فيه في المجالات المختلفة والتي جعلت من التوثيق مهمة عزيزة ونادرة، ويأتي ذلك - والحديث عن القضاء - على الرغم من أهمية وخطورة الأحداث التي مرت به ، ويكفي القول بأن محاكم الطوارئ ( 1983-1985م ) قد أدارت عدالتها الناجزة باسم محاكم السودان وقضائه ( المستقل ) ومع ما جرى فيها من مظالم على رأسها إعدام المفكر محمود محمد طه ، فإن أحداً لم يتناول تلك الفترة بالكتابة أو التحليل سوى بطل الطوارئ نفسه العارف بالله القاضي/ المكاشفي طه الكباشي ، الذي أصدر كتابًا وزعه على نطاق واسع في أيام الديمقراطية التي أعقبت حكم مايو ، دافع فيه الرجل عن نفسه وعن الأحكام التي أصدرها وأضاف حيثيات لم تتضمنها محاضر محاكماته العاجلة والمتعجلة ، فأورد أسانيده من الدين والفقه لتبرير حكمه في إعدام المفكر محمود محمد طه وكذا أحكامه الأخرى التي أثارت كثيرا من الجدل وسط الإسلاميين وغير الإسلاميين في السودان وخارجه كحكمه بقطع يد المحاسب الذي كان يعمل بمدرسة وادي سيدنا وغيرها من أصناف الظلم والتشويه لأحكام الخالق عز وجل والتي كانت تتم باسم القضاء وعدالة دولة الإسلام في ذلك العهد ، ولم ينبر احد من رجال القانون أو المجتمع بالرد أو بالتعقيب على ذلك الكتاب ، ولعل الرجل - المكاشفي طه الكباشي - ينام الآن بضمير مستريح ومطمئن في انتظار جزائه في الآخرة بعد أن نال جزاء الدنيا كما سيعرض لاحقًا .
إن سكوت الناس عن مثل تلك الأفعال والمجازر التي تمت باسم العدل والقضاء هو الذي قاد جلادي تلك الأيام إلى الظهور في مسرح الحياة العامة مرة أخرى بعد زوال دولتهم دون أن يهتز لهم رمش حياء لما اقترفوه ، فالذي لا يعرفه كثير من الناس أن القاضي ( المهلاوي ) الذي أصدر الحكم ابتداء بإعدام المفكر محمود محمد طه أمام محكمة الطوارئ بأمدرمان ( استهل عمله في محال القضاء الجنائي لأول مره بمحاكم الطوارئ بعد أن أمضى سنوات خدمته كقاض للأحوال الشخصية مختصًا بنظرها من زواج وطلاق وميراث .. الخ دون غيرها من القضايا المدنية والجنائية ) يعمل الآن أستاذا يحاضر طلبة كلية الشرطة في إمارة أبوظبي بعد أن نال شهادة عليا في القانون من جامعة أم القرى بالسعودية فور خروجه من السودان عقب الانتفاضة ، ولم نذهب بعيدًا وقد أدار الرمز الثاني للعدالة الناجزة ( حاج نور ) ظهره لتلك الأيام ليظهر يوما بعد يوم في التلفزيون وبصوت متهدج طالبًا الشفاعة عند ربه لأهل السودان ، .
إن تطبيق قواعد العدل والقانون لا يرتبطان بالتدين والورع ولا بإرسال اللحى ، فلا ينتطح عنزان حول وجود محاكم عادلة ونزيهة تطبق العدالة والقانون على أفضل وجه في فرنسا والسويد وبريطانيا وغيرها من الدول التي لا تعرف الإسلام ولا تعاليمه ، ولم يكن من بين الرعيل الأول لقضاة السودان الذين عرفوا بالنزاهة والشجاعة وارسوا مبادئ وطريق العدل في السودان التي سار القضاء والقضاة على هديها من بعدهم من تظاهر بالورع والصلاح ، ففي عهد أولئك الأفذاذ لم يصادر قاض ممتلكات متهم ليؤثر بها نفسه كما فعل رئيس قضاء السودان في عهد العدالة الناجزة الإسلامية ، فحين صادرت محكمة الطوارئ الإسلامية سيارة المرسيدس التي وصلت لتوها ميناء بورتسودان خاصة التاجر الهندي " لالا كريشنان " أمر رئيس القضاء في ذلك العهد الضال ( فؤاد الامين عبدالرحمن ) بأن تخصص تلك السيارة لاستعماله الشخصي وكأنها غنيمة . ولم يكن ممكنًا في عهد أولئك الأبرار من رجال الدولة والقانون أن يعدم شاب غرير كالشهيد مجدي محجوب لحيازته دولارات معدودة يمتلكها شيوعا مع أشقائه الأيتام في بلد قلد فيه نظام دولة الإسلام عراب تجارة الدولارات وامبراطورها وسام ابن السودان البار.
إن الإسلام يشترط في القاضي أن يكون عالمًا بأمور الدين والدنيا ، ورعًا وتقيًا ، لأن القضاء في الإسلام لا يعتمد فيه القاضي على تشريعات مكتوبة ، كما هو الحال في القوانين الوضعية ، ففي صدر الإسلام وعهوده اللاحقة ، كان القاضي يحكم بما لديه من حصيلة في الدين والعلم ، مما يفتح الباب لاجتهاد القاضي ليبحر في أصول الفقه والاجتهاد والعلم ليقضي في كل نزاع عرض عليه بما ينطبق عليه من أحكام وفق اجتهاده ، بما في ذلك الحدود الشرعية التي كان لقضاة الإسلام وفقهائه خلاف حول مسقطاتها وطرق إثباتها .
وعلى سلامة هذا النهج ، إلا أن تطبيقه يستلزم قضاة لا يدفعهم الغلو ولا الشطط ، دافعهم الرحمة وإرجاع الحق وتصحيح الباطل وهو - أي القضاء - بهذا المعنى عبادة في ذاته ومدرا ر للحسنات يتقرب به القاضي إلى ربه وخالقه ، بيد أن عدل الإسلام شيء وما حدث من قضاة الإسلام في السودان شيء آخر ، فما أن أذن المشير جعفر نميري لقضاة سبتمبر وأطلق يدهم في بني بلدهم حتى تباروا في إظهار الشطط والتعسف فيما بينهم ، ومن ذلك ما هدى به الله قاضي محكمة جنايات القسم الشرقي بالخرطوم ( القاضي عدلان النعيم الضو ) ليحكم بربط اليد بعد قطعها لتتدلى من رقبة المحكوم عليه ليوم كامل تعرض فيه على الجمهور ، وبين القاضي صاحب الحكم سنده في ذلك من الفقه الإسلامي .
................ نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
اثناء وجودي بالخرطوم علمت من عدد من الاخوة الذين خضعوا لمعاينات الهيئة القضائية ، ان المرور عبر لجان المعاينات لا يتم الا بموجب خطاب تزكية من رموز النظام ، وقد ادرك المتقدمون لتلك الوظائف عبر سنوات الانتظار الطويلة ان التزكية ( خشوم بيوت ) فلما كان الكل يتسابق للحصول على توصية من المتنفذين فان السوق قد ضاقت بهم ، غير انهم اجمعوا ان هناك كروت توصية رابحة لا يرد حاملها .
الغريب ان لجان المعاينات كانت تبدأ بسؤال طالب الوظيفة عن خطاب التوصية الذي يحمله قبل شروعها في اختباراتها لطالب الوظيفة .
لقد كان من الطبيعي ان يفرز هذا الاسلوب جيل كامل من اصحاب الولاء للنظام ورموزه ، ولكن اين يقف السيد جلال الدين محمد عثمان عضو مجلس الشورى بالحزب الوطني ورئيس القضاء من كل ذلك ؟
ان السيد جلال الدين المسئول الاول عن استقلال القضاء في السودان ، لا يخفي انتمائه للتنظيم الحاكم ، وما ان تتاح له فرصة للحديث عن حال القضاء الا ويحكي عن تحسين ظروف القضاة المادية وما يوفر لهم من علاج وسيارات واستبسال القضاة في حرب الجنوب وانشائهم لمنسقية للدفاع الشعبي - فرع القضاة ، ولا شك ان خلفية السيد جلال الدين كاول قاض احوال شخصية ( قاضي شرعي ) يتولى هذا المنصب ، قد ادخلت ادارة القضاء في عراك مستعر مع مفهوم استقلاله ، أية استقلال ؟؟؟؟؟؟ ..... ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
قد يبدو الامر من قبيل المماحقة استكثار تولي ( قاضي شرعي ) رئاسة القضاء في السودان ، ولولا المهارات الخاصة التي يتمتع بها السيد جلال الدين محمد عثمان لما جال بخاطر احد من زملائه الشرعيين ان يتولى مثل ذلك المنصب . لم يعرف القضاء السوداني مبدأ التخصص فيما كان يعرف بالقضاء المدني ، فالقاضي ينظر ما يعرض أمامه من قضايا مدنية وجنائية ، ولا يحول بينه وبين نظرها إلا ضوابط الاختصاص الذي تحدده درجته الوظيفية ، وليس استثناء على ذلك ما تقتضيه ظروف تنظيم العمل في المدن الكبرى من تخصيص - ليس تخصص - بعض المحاكم لنظر القضايا المدنية كما هو الحال فيما يعرف بالمحكمة الجزئية ، وتخصص محاكم أخرى في نظر القضايا الجنائية . وفي المقابل عرف القضاء السوداني محاكم أخرى متخصصة في مجال الأحوال الشخصية عرفت بالقضاء الشرعي ، وكان معظم قضاتها من خريجي المعهد العلمي وقليل منهم من خريجي كليات الشريعة والقانون بالجامعات ، وقد ظل كل من القضاء المدني والشرعي مستقلا بذاته يرأس الأخير قاضي القضاة ، وكان ما يميز القضاة الشرعيين زى رجال الدين الذي كانوا يرتدونه ويميز كبارهم تلحفهم بالجبة والقفطان . حتى حلول قوانين سبتمبر الشهيرة في العام 1983 ، كان على القاضي الشرعي الذي يرغب في التحول إلى القسم المدني أن يجتاز امتحان تنظيم مهنة القانون ( المعادلة ) ، وقد كان كثير من القضاة الشرعيين يسهرون الليالي استذكارًا للدروس بغية اجتياز المعادلة والهروب من القسم الشرعي لندرة فرص الترقي فيه فضلا عن النظرة الاجتماعية الفارقة بين القسمين الشرعي والمدني في ذلك الوقت ، وكان يتم تعيينهم في أسفل الدرجة التي كانوا يشغلونها بالقسم الشرعي ، ولو كان هؤلاء يدرون ما حبلت به الايام لما تكبدوا تلك المشاق . وقد كان معظم أبطال محاكم الطوارئ من بين القضاة الشرعيين الذين تحولوا إلى القسم المدني أو كانوا تواقين إلى التحول إليه .... نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العدالة بين محكمة لاهاي ومحكمة نيالا العامة (Re: saif addawla)
|
جاء في الانباء ان اتحاد البرلمانات العربية قد اكد علة مقدرة القضاء السوداني في اجراء محاكمات مجرمي الحرب في دارفور ، الخبر الذي احتفى فيه البعض في مكان اخر من هذا المنبر ، وقبل الحديث عن الالية التي اختبر بها الاتحاد صحة قراره والحيثيات التي ادت به الى التقرير في امر لا يدخل ضمن اعماله، من حقنا ان نسأل : أي برلمانات ؟ لآي دول ؟
| |
|
|
|
|
|
|
|