دكتور صلاح البندر: أتوقع أن يرفرف العلم الإسرائيلى قريباً فى سماء الخرطوم..!

Quote: أتوقع أن يرفرف العلم الإسرائيلى قريباً فى سماء الخرطوم..! حوار: سلمى التيجاني يواصل الدكتور صلاح بندر الخبيرالإستراتيجي والباحث في العلاقات السودانية الإسرائيلية، عرض وكشف علاقة بعض الاطراف السياسية السودانية مع اسرائيل مستنداً فى ذلك على وثائق ومصادر موثوقة، وقد اثارت الحلقات الماضية كثيراً من التعليق وانتجت كثيراً من الآراء، وفى هذه الحلقة الاخيرة يتحدث الاكاديمى المثير للجدل عن حسابات الربح والخسارة فى اقامة علاقة دبلوماسية بين السودان واسرائيل. = كلما قويت شوكة حركات دارفور اتجهت أصابع الإتهام صوب إسرائيل أين اسرائيل من النزاع في دارفور؟ × أصابع إسرائيل موجودة في كل أنحاء السودان وحوله في مصر واريتريا والكنغو واثيوبيا وكينيا وتشاد ويوغندا إلا ليبيا التي لم تتعامل حتى اليوم معها ... ونحن نعرف ان التعاون العسكري والاستخباراتي الوثيق بين تل أبيب وأديس أبابا وأسمرا ونيروبي يخيف مصر ويهدد السودان. = الى هذه الدرجة؟ × نعم وأكبر تحدٍ هو أمن البحر الأحمر هل يمكن ان نتناسى ذلك. إسرائيل محيطة بنا شئنا أم أبينا ولا أعتقد أنها بعيدة عن أي حدث بالسودان، فهي دولة محورية في المنطقة ولها تأثيرها ولها أيضاً مصالحها ويستحيل أنها ستتجاهل بلداً كالسودان... ميزتها أنها تريد أن تكون دولة ذات نفوذ إقليمي بمواصفات خاصة . = ماذا تعني بمواصفات خاصة؟ × يعني أن تكون قنطرة بين هذه المنطقة والغرب، فهي أصبحت رقماً أساسياً في العلاقات بين الغرب والعالمين العربي والإسلامي... فالعلاقات مع الغرب لابد أن تمر عبر إسرائيل ولا يمكن تجاوزها.. «وممكن أديك مثل» هو العلاقات المصرية الاسرائيلية ومع الأردن. الاثنان لم يستطيعا توقيع اتفاق للتصدير الى امريكا بملايين الدولارات من دون ان توافق كل منهما على ان تكون بعض مكونات صادراتهما الى امريكا اسرائيلية المنشأ !! مثلا في البحرين كانوا يتحدثون عن تجارة حرة مع أمريكا وعندما حان الإجتماع الثالث بدأ الحديث عن ضرورة إغلاق مكتب المقاطعة العربية لإسرائيل بالبحرين والأمر نفسه في بقية دول الخليج. = نعود لدرافور... ألا تظن أن إسرائيل تمارس هناك شد الأطراف كما فعلت بالجنوب؟ × يجوز... ولا استبعد ذلك. لكن يوجد تضخيم للدور الإسرائيلي في دارفور من أجهزة عربية هدفها التغطية على الظلامات التاريخية لأهل دارفور ومحاولة لتشويه القضية وتغطية العجز العربي في الوقوف مع قضية عادلة، كيف يمكن للعرب شتم أهل دارفور بتهمة العمالة لإسرائيل ونحن نعرف أن هنالك سفارات اسرائيلية ومكاتب تمثيل تجاري اسرائيلي وهنالك نواب فلسطينيون في البرلمان (الكنيست) الاسرائيلي وهنالك علاقات تجارية بملايين الدولارات. هل يمكنك ان تصدقي ان العلاقات التجارية بين اسرائيل ومصر أكبر من حجم العلاقات التجارية المصرية السودانية. والمؤلم ان نوعية الصادرات المصرية الى اسرائيل أو واردات مصر من اسرائيل نوعياً مختلفة وعلى مستوى أعلى وأجود لصالح البلدين !! = لكن هناك شحنة سلاح من إسرائيل أعلنت الأردن عن توقيفها قبل وصولها لدارفور؟ × إسرائيل تبيع السلاح لكل من أراد في الجنوب ودارفور ودول الجوار والمحيط كلها أسواقاً لتجار السلاح ومن كل الدول. وهو سوق كبير... الآن في الخرطوم رشاش اسمه العوزي هو اسرائيلي ومنذ أيام المخلوع نميري كانت تتسلح به الأجهزة الأمنية. المشكلة ان بعض أهل السودان يبالغون.. هل يمكنك ان تصدقي ان دكتوراً سودانياً قال لي ان ناس دارفور ديل من زمان عندهم علاقة مع اليهود. ودليله على ذلك ان أسماء مثل داؤد ويعقوب وإسحق وغيرها من الاسماء اليهودية حسب زعمه لا تجدها إلا في دارفور!! = دكتور بندر لماذا نقيم علاقات دبلوماسية وسياسية مع اسرائيل؟ × مصالح السودان الوطنية وسيادته هي البوصلة الوحيدة لقيام علاقة مع أية دولة. ولم يعترض السودان على حق مصر أو الأردن أو المغرب أو موريتانيا ..الخ في حقها للتعامل مع تل أبيب. وهذا الأمر لم تتم مناقشته ولم يعط حقه من النقاش في السودان وعلى أي مستوى... اسرائيل موجودة في مصر وموريتانيا والأردن وقطر وبطريقة غير معلنة في البحرين ولديها علاقات تجارية مع الدول العربية وسنويا في تقرير وزارة ماليتها هناك بند اسمه قائمة صادرات للدول العربية ... عندك مثلا التجارة بين مصر واسرائيل ومع الأردن تتجاوز ملايين الدولارات واسواق الخليج مليانة وكلهم يتعاملون مع تل أبيب أكثر من تجارتها مع السودان الشقيق !! إذاً لماذا يهاجم السودان من قبل الدول العربية لإتصالاته بإسرائيل . أنا لست داعية لقيام علاقة مع تل أبيب ولكن أدعو أهل الحل والعقد السوداني كافة لمناقشة الموضوع بالشفافية والعلنية الواجبة. × هل إسرائيل لها هذا الاهتمام بأفريقيا أيضاً؟ = نعم، واحيلك إلى الرسالة الدراسية التي قدمها وضاح خنفر مدير قناة الجزيرة الحالي عندما كان طالباً في جامعة أفريقيا العام 1994م وأشرف عليها حسن مكي وقتها لتعرفي الثابت والمتغير في السياسة الاسرائيلية تجاه أفريقيا. = لنتحدث بلغة الربح والخسارة... ماذا يكسب السودان من إقامة علاقة مع اسرائيل؟ × على مستوى الإقتصاد فإن التكنولوجيا الإسرائيلية متقدمة جدا في المجال الزراعي.. ثم أن السودان يحتاج للطاقة الشمسية وأرخص تكنولوجيا تم تطويرها في اسرائيل هي الطاقة الشمسية، التجارة الدولية العلاقات مع العالم وبالمناسبة شرقه وغربه لإسرائيل دور بارز فيه. وماذا نخسر؟ × اذكرك هنا مرة أخرى اننا خسرنا شرف المشاركة في التصفيات النهائية لكأس العالم العام 1957م تجنباً من مقابلة الفريق الاسرائيلي. مثل نصف الزجاجة الممتلئ ... السودان لن يخسر شيئا ... اسرائيل تسعى لخلخلة الحكم في السودان وتتحدث مع أعدائه ... وعموما لم يطرح بعد كشف الحساب في هذه العلاقة. هل يمكن ان نصدق ان الانقاذ كانت هائجة لزيارة قرنق لإسرائيل في الاسبوع الثالث من ديسمبر 1990م وهي ما زالت في خطواتها الأولى. وممكن أقول ليك بأنو الوزير سحلول لم يكن يمر شهر واحد إلا وتحدث عن تورط اسرائيل في الجنوب! هل يمكن ان ننسى دور خبراء اسرائيل في معارك يامبيو وانزارا وطمبرا خلال العام 1990م؟ = ألا نهزم بهذه العلاقة قضية شعب فلسطين العربي؟ × من نهزم؟ وبأي منطق؟ ولصالح من؟ حماس نفسها تراجعت ووجدت لابد من الجلوس معهم والترابي نفسه رفض منطقها بإقامة دولة اسلامية على كامل التراب الفلسطيني ودعا للإعتراف بالقرار الأممي «242» منذ العام 93 ... ألم يتجرأ أحد المرشحين برئاسة الجمهورية في انتخابات العام 1996م ويعلن في برنامجه الانتخابي بأنه سيقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل ... ألم يأت الأوان للحركة السياسية السودانية بعد «50» عاماً من النقاش بعد الاستقلال وضع هذا الأمر في أجندة مصلحة السودان العليا؟ = تحدثنا عن أحزاب وحكومات ولم نتحدث عن حزب قديم بالسودان هو الحزب الشيوعي... ألم تكن له اتصالات بإسرائيل؟ × لا توجد علاقات بين الحزب الشيوعي واسرائيل لكنهم يقابلون يسار الإسرائيليين في كل الملتقيات الدولية مثلهم مثل كل أهل اليسار في العالم العربي. وبالطبع كان الشهيد الشفيع احمد الشيخ قد حرص على دعوة النقابات الاسرائيلية لاجتماع الاتحاد العام لنقابات السودان ويدور حديث عن أن الأب الروحي للحزب الشيوعي السوداني هو اليهودي هنري كورييل الذي تمت تصفيته على أيدي المخابرات الغربية في باريس وتتلمذ على يده قيادات الحزب بمصر... العلاقة كانت أيضا على مستوى العلاقات مع نقابات العمال العالمية ويهود مصر تبنوا حركة حدتو التي خرج منها الحزب الشيوعي السوداني لكن لم تكن هناك علاقات بإسرائيل كدولة، لم أسمع بزيارات لشيوعيين إلى إسرائيل.. ولا توجد في سجلات اسرائيل غير الانزعاج من دور شيوعي السودان في توسيع دائر التضامن مع عبد الناصر والثورة الفلسطينية ومعارك الشعب العربي. = لماذا لم يحاول الشيوعيون تطوير علاقاتهم بإسرائيل؟ × لأن الإسرائيليين لم يصنفوهم كصديق لهم لوضوح موقفهم من الثورة الفلسطينية، والموقف الواضح للشيوعية من القضية الصهيونية وحقوق اليهود القومية. = دكتور بندر ماذا تتوقع في مستقبل العلاقات بين السودان ودولة الصهاينة؟ × علاقة اليهود بالسودان قديمة وفي يوم من الأيام كان السودان مرشحاً لأن يكون وطناً ليهود العالم. ولكن منذ الاستقلال هي علاقة أمر واقع... وتخضع للمزايدات وتشويه مواقف الخصوم. إذا استطاع أهل السودان الاجابة على السؤال: ما هو كشف الحساب في العلاقات بين البلدين بالشجاعة فلا أستغرب أن يرفرف العلم الإسرائيلي في سماء الخرطوم في القريب العاجل. = هل يقبل الوجدان السوداني ذلك وايادي الإسرائيليين تتلطخ كل يوم بدماء الفلسطينيين؟ أيادي الفلسطينيين أيضاً ملطّخة بدماء الاسرائيليين. هنالك الآلاف من السودانيين في إسرائيل. والمرحوم الياهو ملكة أبن خاخام السودان كان في شوق للسودان الى ان فارق الحياة قبل «3» سنوات. وكان يحرص على متابعة أخباره بانتظام ويكتب لي من أمريكا أو باريس يسأل عن الأخبار وأحوال معارفه، ومثله العشرات من يهود السودان. وأقول ليك سوداني ذهب لإسرائيل سألوه ماذا تريد من حضورك الينا فأجاب بأن الخيار أمامه كان بين الموت والمحظور فاختار المحظور. وبالطبع هذا ليس من تخريجات فقه الضرورة السائد في حياتنا الآن. انتهت الحلقات