د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 08:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2007, 01:10 PM

محمد يسن علي بدر
<aمحمد يسن علي بدر
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 623

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة (Re: محمد يسن علي بدر)



    عامان من السلام : حساب الربح والخسارة.. (8)
    الدستور وأجهزة تنفيذ القانون

    د. منصور خالد
    من التفكيك الى الاصلاح

    طفا على السطح جدل واحتدم حول دور الشرطة. وكان الجدل من ناحية، بين الناطق الرسمي باسم الحركة في الشمال، ياسر عرمان ونفر من رجالات الشرطة المتقاعدين، ومن ناحية أخرى، بين المدير العام للشرطة ووالي الخرطوم. هذا موضوع ما كان المجادلون ليتعسفون الرأي حوله لو عادوا للاتفاقية والدستور وما فرضا من حقوق دستورية للمواطن وضوابط وكوابح لاداء أجهزة تنفيذ القانون، حماية لتلك الحقوق. موضوع اجهزة الأمن كان واحداً من الموضوعات الهامة التي تحاور حولها الطرفان في نايفاشا، بل كاد الحوار يعصف باقرار الدستور. فمن الضروري، اذن، وضع هذه الحقائق نصب الاعين عند المجادلة في هذا الموضوع. اهتمام الحركة، اثناء التفاوض، بموضوع الاجهزة الامنية يعود الى ان هذه الاجهزة كانت هي اليد الضاربة للنظام الشمولي، و اداة قمعه الأساس. وكان التجمع الوطني الديموقراطي لا يرى لهذه الاجهزة الا نهاية واحدة: التفكيك (dismantling). اختلف الوضع جداً عندما وقع رئيس التجمع اتفاقاً في مدينة جدة مع الاستاذ علي عثمان محمد طه في الرابع من ديسمبر 2004 تضمن في نقاطه التسع نصاً يؤكد ''قومية القوات المسلحة والقوات النظامية الاخرى بما فيها جهاز الأمن و بما لا يعني تصفيتها أو الغاءها'' (التوكيد من الكاتب)، وهذا هبوط سحيق من سقف مطالب التجمع لم يلق اعتراضاً في التجمع يومذاك الا من الحزب الشيوعي السوداني.

    بصرف النظر عما قال به اتفاق جدة، ظل الموضوع مكان جدل في مفاوضات السلام بين الحركة والحكومة الى أن اتفق الطرفان على أن يكون التعامل مع تلك الاجهزة وفق النظم المرعية في بلاد العالم حيث يعتبر الجيش وحده هو القوة الضاربة، وتعتبر اجهزة الامن والشرطة اجهزة خدمية. الخلط بين هذه الاجهزة: الجيش، الشرطة، الامن ليس من صنع الانقاذ، بل يعود تاريخه الى نظام مايو الذي وحدنا فيه كل هذه الاجهزة، ان لم يكن في الجوهر، فعلى الاقل في المظهر، تحت اسم القوات النظامية المادة (201) من دستور .1973 وتبع ذلك اضفاء رتب عسكرية على هذه القوات: البوليس، السجون، المطافئ، بصورة لم تكن معروفة من قبل. استمر الحال هكذا فيما بعد في عهدي الديموقراطية الثالثة والانقاذ، ووردت الاشارة الى القوات النظامية في العهد الأخير في المادة السابعة من دستور .1998 وعند وضع الدستور الانتقالي كان من رأي الحركة الشعبية ان تعبير ''قوة''، لما له من تداعيات، ينبغي ان يقصر على الجيش وحده. لهذا السبب توافق الطرفان على الفصل في الدستور بين هذه الاجهزة دون ان نطلق عليها اسم القوات النظامية لما له من ايحاءات. وبالفعل ورد النص حول هذه الاجهزة في الباب التاسع تحت عنوان: القوات المسلحة، اجهزة تنفيذ القانون، و الامن الوطني، مع الاشارة لكل واحد منها في فصل مستقل: الفصل الاول، القوات المسلحة القومية، الفصل الثاني اجهزة تنفيذ القانون، الفصل الثالث الامن الوطني.
    خلال مناقشة الدستور لم يجد الطرفان كبير عناء في اقرار النص حول القوات المسلحة الذي قُدم باتفاقهما لمفوضية الدستور، وكان احد صانعيه خلال التفاوض وزير الدفاع اللواء يومها بكري حسن صالح من جانب الحكومة. من جانب آخر، لم يكن الاتفاق عسيراً بين الطرفين حول طبيعة جهاز الامن كجهاز خدمي يركز في مهامه على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة للسلطات المعنية، وحول تكوين ذلك الجهاز قال الدستور ''تكون خدمة الامن الوطني ممثلة لكل اهل السودان وبوجه خاص يمثل فيها جنوب السودان تمثيلاً عادلاً'' (المادة 151 «2»). وسيجئ تفصيل هذه المهام في قانون الامن الوطني الجديد الذي سيخضع لمشاورات واسعة مستهدية بأربعة موجهات: الحفاظ على الامن الوطني، حماية حقوق المواطن التي كفلها الدستور، الحيلولة دون تحويل جهاز الأمن والمخابرات لسلطة تنفيذ للقانون، الرقابة العمومية (public oversight) على الجهاز الأمني من جانب السلطة التشريعية، الاشراف السياسي على الجهاز من جانب مؤسسة الرئاسة.
    اما بالنسبة للشرطة فقد وقع جدل خلال مناقشات الدستور بين ممثلي الحركة الشعبية ووزارة الداخلية (اللواء يومها عبد الرحيم محمد حسين وبصحبته وزير الدولة في وزارته السيد احمد هارون). محور الجدل كان، من ناحية، توزيع السلطات بين المركز والولايات، ومن ناحية أخرى، توصيف البوليس: أهو ''قوة'' ام ''جهاز خدمي''. و لم يأت الوزيران، في تقديرنا، بغريب لأن النقلة الهائلة التي يقتضيها الدستور، كان ذلك في السلطات أو في طبيعة المهنة، ليست بالامر الهين. فالدستور يقول: ''تتكون الشرطة لا مركزياً وفقاً لاتفاقية السلام الشامل وذلك حسب المستويات التالية:
    (أ) المستوى القومي ويحدد القانون اختصاصاته ومهامه وفقاً لهذا الدستور.
    (ب) مستوى جنوب السودان، ويحدد الدستور الانتقالي لجنوب السودان والقانون اختصاصاته و مهامه.
    (ج) المستوى الولائي، وتحدد اختصاصاته ومهامه الدساتير الولائية والقانون.
    وفي الجداول الملحقة بالدستور عَيًن الدستور بوضوح اختصاصات كل مستوى من مستويات الحكم. فعلى المستوى القومي قُصرت اختصاصات الشرطة على الجنسية والتجنس، جوازات السفر والتأشيرات، الهجرة والاجانب، الشرطة القومية بما فيها ادارة التحقيقات الجنائية وتنسيق الشئون الجنائية الثنائية والاقليمية والدولية والمعايير والنظم بما فيها معايير تدريب الشرطة في العاصمة القومية، انشاء السجون القومية وصيانتها، الجمارك ورسوم الانتاج والصادر، اصدار البطاقة الشخصية القومية. ما عدا ذلك ترك للولايات. هذه النقلة الهائلة من الوضع الذي كان سائداً لا بد من أن تحدث ارتجاجاً وظيفياً، وغيرة مهنية، وامنيات بواطل. الامنيات البواطل، تظل بواطلاً، والغيرة المهنية أمر لا نستغرب في حالة اي جهاز تنتزع منه سلطات ألفها، كان ذلك في دار الشرطة أو دار المال أو دار القضاء. ولكن في النهاية يكون الاحتكام بشأنها، مهما كانت رؤى أو اماني من قُلصت سلطاته، للدستور.
    اما الارتجاج الوظيفي فعلاجه كامن في ما نص عليه الدستور في المادة 148 (3) التي تقول: ''تنسق الشرطة القومية وشرطة جنوب السودان والشرطة الولائية، وتتعاون فيما بينها، ويساعد بعضها بعضاً في اداء مهامها، ولتحقيق هذه الغاية توصى لرئاسة الجمهورية، عبر سلطاتهم المختصة، بانشاء الآليات المناسبة''.
    في اللقاء مع وزير الداخلية ووزير الدولة الذي تم، بطلب من وزير الداخلية، في منزل النبيل جمال الوالي أجتمع رأي ممثلي طرفي الاتفاقية على ان ما قالت به الاتفاقية وما نص عليه الدستور هو الذي يجب أن يسود من ناحية المهام والاختصاصات، وكان الكاتب مع الأخ نيهال دينق نيهال ممثلين للحركة والسيدان أمين حسن عمر (الذي تخلف عن الاجتماع لكنه افضى برأيه) والدرديري محمد احمد من المؤتمر الوطني. اتفق الطرفان مع الوزيرين على حل وسط في موضوع ان كانت الشرطة خدمة أو قوة نظامية جاء على الوجه التالي في الدستور: ''الشرطة قوة نظامية خدمية مهمتها تنفيذ القانون و حفظ النظام و الانتماء لها مكفول لكل السودانيين بما يعكس تنوع وتعدد المجتمع السوداني، وتؤدى واجباتها بكل حيدة ونزاهة وفقاً للقانون والمعايير القومية والدولية المقبولة''. ولعل ورود النص حول المعايير الدولية قد استوجبه ان الوضع الذي كان سائداً شابه تخليط في المهام، كان رجال الشرطة على رأس المدركين له. ففي حديث صحفي له، قال المدير العام للشرطة الفريق أول محجوب حسن سعد: ''الدور الذي تقوم به الشرطة وفقاً للدستور كانت في السابق تشاركها فيه القوات المسلحة و جهاز الامن والمخابرات وان هؤلاء ما عادوا يشاركون الشرطة في همها وتدخلهم وفق الدستور في مهام الشرطة سيقود الى اشكالية'' (الانتباهة 1/8/2006).
    ان كان هذا هو الحال، فمن الضروري التوجه الى ازالة كل ما يشي بأن الشرطة امتداد للقوات المسلحة، أو مرادف لجهاز الامن. ما يشي بهذا شيئان: التسليح وبعض الممارسات. تسليح الشرطة باسلحة وعتاد كالمصفحات والاسلحة الثقيلة التي لم يألفها الناس الا عند القوات المسلحة أمر يدعو للتوجس. ومهما كانت دواعيه في الماضي فإن النظام الدستوري الجديد يلزمنا باعادة تشكيل المؤسسات الامنية بالقدر الذي يميز بين القوات المسلحة والشرطة، وجهاز الامن والمخابرات. فلا بدع، إذن، في ان يثير ياسر عرمان هذا الموضوع، كمسئول سياسي، وكعضو فاعل في الجهاز التشريعي، و كناشط في منظمات المجتمع المدني. وان كانت في بعض التعبيرات التي وردت في مداخلاته ما استفز بعض الشرطيين، قدامى و محدثين، مثل الحديث عن ''الشرطة الاستعمارية'' و''امبراطورية الشرطة''، فإن هذا لا يبيح الاستخفاف بموضوع أخذ قسطاً كبيراً من الحوار في المفاوضات وفي مناقشة الدستور، أو التهوين بما اثاره حول طبيعة ونوع التسليح الذي يوفر للشرطة.
    لا يجوز الاستخفاف ايضاً بالجوانب المهنية والوظيفية في موضوع التسليح، فالتسليح للشرطة يكون دوماً بحجم الجرائم التي يتوقع منه درءها. وفي بيئة العنف والعنف المضاد التي ولدتها الحرب من جانب، كما ولدها، من جانب آخر، تحويل الشرطة في العهد الشمولي الى جهاز قمع، لا يمكن ان يُقصر سلاح الشرطة على هراوة وغدارة كما كان الحال في الماضي. واياً كانت درجة التسليح فلا بد ان يصحب ذلك تنوير واسع حول استخدام الاسلحة، ودور الشرطة الخدمي، والحقوق التي يوفرها الدستور، وبخاصة وثيقة الحقوق، للمواطن، أو يفرضها على اجهزة تنفيذ القانون. وقبل كل ذلك ينبغي ان يكون الهدف من توفير القوة المناسبة للشرطة أولاً هو الردع لا القمع، ولا يُردَع الا المجرم، وثانياً بث الطمأنينة في نفس المواطن لا ترهيبه.
    وحول استخدام الشرطة للقوة قد يكون من المفيد الاستهداء بتجاربنا السالفة حيث كان القضاة، عملاً باحكام قانون الاجراءات الجنائية الذي ظل سائداً منذ العام 1925، يصحبون البوليس في الحالات التي تستوجب استخدام القوة لاضفاء حماية قانونية على ذلك الاستخدام. ولعل المثال الباهر على هذا ما حدث في نظام عبود، وكان نظاماً عسكرياً شمولياً، ابان انتفاضة 21 أكتوبر. ففي اللحظة التي تدافعت فيها جموع الشعب للتظاهر ضد النظام، وحشد البوليس قواته لمجابهته بأمر من السلطة، خرج عليهم القاضي المسئول ليقول، موجهاً الحديث لقائد القوة البوليسية، المرحوم قرشي فارس: ''أنا عبد المجيد امام، قاضي المحكمة العليا آمرك بأن تسحب قواتك''، وما كان من الضابط الا الالتفات الى قواته قائلاً: ''للخلف دور''. هذا النوع من الاجراءات لا تعيننا عليه القوانين السائدة اليوم، فمنذ عام 1992 أعيد النظر في قانون الاجراءات الجنائية، بموجب ذلك التعديل احيلت كل السلطات التي كان يمارسها القضاء فيما يتعلق بالاجراءات الأمنية الوقائية لأجهزة النيابة، وهى أجهزة لا تتمتع بنفس القدر من الاستقلالية التي يوفرها الدستور (خاصة دستورنا الراهن) للقضاء.
    ومهما يكن من أمر، فان الدستور يحضنا على تقفي المعايير الدولية، خاصة في الدول ذات الحكم اللامركزي، عند اعادة تشكيل الشرطة، يليق بنا أن ننظر الى ما صنعته هذه الدول، فالتجارب الدولية التي يمكن استلهامها متعددة ومتنوعة. ففي الهند، مثلاً، لكل ولاية قوة بوليسية يرأسها مدير عام بوليس الولاية. وتلك القوة دوماً ذات تسليح عادي، والى جانبها قوة للطوارئ تتميز بتسليح خاص يتكافأ مع حجم التهديد المتوقع للامن. اما على المستوى القومي فهناك المكتب المركزي للتحقيقات(CID) وتستمد عناصره من اجود العناصر الشرطية في الولايات ويتولى التحقيقات في القضايا الجنائية الكبرى و في تلك التي تمس كبار موظفي الدولة كمتهمين أو ضحايا. في الهند ايضاً بوليس للسكك الحديدية (كما كان - و ربما لا يزال - الحال عندنا) وحرس وطني كقوة احتياطية (Auxiliary Force). وفي العام 1986 انشأت الحكومة الهندية، نتيجة لتزايد الاعمال الارهابية، قوة جديدة اطلق عليها اسم حرس الامن الوطني (National Security Guard) للتصدي للارهاب ويطلق عليهم عامة الناس اسم القطط السوداء (Black Cats) نسبة للزي الاسود الذي يتزيون به. هذا التمييز لم يرد منه الا فرز عمل البوليس العادي الذي يحفظ القانون على مستوى ممارسات المواطنين العاديين في حياتهم اليومية، وبين الجنايات الكبرى. وبالقطع ليس من الجنايات الكبرى اخلال الباعة المتجولين بقواعد النظام العام، كما ليس من الجنايات اصلاً، تجمهر الناس للافصاح عن رأي، أو الاحتجاج على قرار، لأنهم في ذلك لا يمارسون الا حقاً كفله لهم الدستور.
    وفي جنوب افريقيا التي عرفت اشد انظمة الحكم قسوة و انتهاكاً لحقوق الانسان، أُعيد في العام 1994 تشكيل وزارة الداخلية التي كانت تعرف باسم وزارة القانون والنظام (Law and Order) الى وزارة السلامة والامن (Safety and Security ) ويستشف المرء من الاسم الاول ان الغرض من انشاء تلك الوزارة هو حماية النظام ومؤسساته، في حين يبين الثاني تأكيد الدولة على سلامة المواطن. و في عهدها الجديد، تركت حكومة جنوب افريقيا للولايات أو المحافظات (Provinces) ، كما يسمونها، الاشراف على البوليس في داخل حدودها الجغرافية، في حين عهدت للبوليس القومي معالجة الامور الشرطية التي تتجاوز حدود الولاية. ويحدد القانون نوع التسليح اللازم للبوليس العادي مثل الهراواة وغدارة (9) مليمتر (Z 88)، والأخيرة من أجل الدفاع عن النفس، الى جانب بندقية ( RF) يتركها الشرطي دوماً في سيارته. كما تقضي القوانين، في حالات التجمهر المخل بالأمن، أن توفر للبوليس بنادق برصاص مطاطي، وغازات مسيلة للدموع، ومدافع مائية (water canons) لتفريق التجمعات متى خرجت على القانون.
    جميع هذه الامور تعرفها الشرطة السودانية ولها فيها باع وخبرة. الا ان التخليط الذي وقع اخيراً واشار اليه بحق المدير العام للشرطة يجعل التذكير بهذه الامور لازماً. من اللازم ايضاً ان نشير الى موضوع آخر يوليه البوليس في جنوب افريقيا اهتماماً كبيراً الا وهو موضوع العلاقات العامة والتبصير بالواجبات الدستورية لرجال البوليس ومعاني اتفاقيات المصالحة الوطنية. وفي هذا نعترف بتقصيرنا في الدولة تقصيراً كبيراً في تنوير المواطنين (وليس الشرطة وحدها) بالتبعات المترتبة على اتفاقية السلام والدستور. فالاتفاقية تنص على ان ''تعمل حكومة الوحدة الوطنية على تنفيذ حملات اعلامية في جميع انحاء القطر وبجميع اللغات الوطنية في السودان بهدف نشر اتفاقية السلام والنهوض بالوحدة الوطنية والمصالحة والتفاهم المتبادل'' (الفقرة 2-5-9 من بروتوكول اقتسام السلطة). هذا الواجب أوكل لطرفي الاتفاقية حسب ما ورد في مصفوفة تطبيق الاتفاقية، وحدد توقيته من بداية الفترة الانتقالية الى نهايتها. مع هذا التقصير، فالذي نتحدث عنه أمر يفترض المام المسئولين عن الشرطة القومية والولائية وفي جنوب السودان باهميته، ويملكون من الوسائل ما يعين على تحقيقه، خاصة فيما يتعلق باشاعة مفاهيم ثقافة السلام والتحول الديموقراطي بين الضباط والجنود.
    في منتصف العام الماضي عقدت لجنة الدفاع والأمن في المجلس الوطني بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة ورشة عمل للتداول حول دور الشرطة في ظل اتفاقية السلام الدائم. في تلك الورشة تحدث السيد اليو ايانج اليو وزير الدولة بوزارة الداخلية حديثاً شد الآذان للانتباه. في ذلك الحديث أورد الوزير ان جهاز الشرطة اصبح مفتوحاً للمجاهدين وتساءل عما اذا كان من الممكن أن يصبح جهازٌ بهذا التكوين ما زالت تعتريه نفسية الحرب مؤتمناً على حماية كل الفئات. اشار الوزير أيضاً الى الزي الذي يتزيا به الشرطة وهو زي قتالي تتزيا به الجيوش، أو على الأصح المغاوير (commandos) في تلك الجيوش. وفي معرض تعليقه على الحديث ابدى رئيس المجلس الوطني تحفظه على ما أورده الوزير، حول الشرطة، في حين أكد على ان المجلس سيقوم بواجبه كاملاً في مراقبة الأجهزة الشرطية والأمنية.
    حديث الوزير تناولته الصحف باهتمام، وتساءلت بعضها عما قام به الوزير نفسه لمعالجة الأمر (السوداني والايام مثلاً)، على أنا نتناول هذا الموضوع من وجهتين، الأولى هي أن اتهاماً بهذه الخطورة صدر عن المسئول السياسي الثاني في وزارة الداخلية أمر لا يملك أحد التحفظ عليه بمن في ذلك رئيس المجلس الوطني، الرقيب الأول على أداء السلطة التنفيذية. الاجراء الطبيعي كان هو أخذ العلم بما قاله الوزير وتكليف اللجنة المختصة في المجلس بمتابعة الأمر. الوجهة الثانية هى أن المجاهدين مواطنون كغيرهم من المواطنين. وينص الدستور على أن الانتماء للشرطة ''مكفول لكل السودانيين بما يعكس تنوع و تعدد المجتمع السوداني، وتؤدي واجباتها بكل حيدة ونزاهة وفقاً للقانون والمعايير القومية والدولية المقبولة''.
    (المادة 148«1»). ففي جنوب السودان، مثلاً، تتكون الشرطة، الى جانب العناصر الشرطية القديمة، من مسرحين من الجيش الشعبي والذي كان، هو الآخر، جيشاً مسيساً، ومن أفراد المليشيات التي آثرت الانضمام للحركة. وهى أيضاً مجموعات قد سُيست. المطلوب، اذن، هو اعادة تأهيل هؤلاء في الجنوب والشمال، أولاً بتوعيتهم بالاتفاقية و الدستور وما أحدثناه من تغيير، ثانياً بالحقوق الدستورية التي وفرها الدستور للمواطن دون اعتبار لخلفيته السياسية، وثالثاً بالمعايير الدولية التي يجب ان يلتزم بها الشرطي، وأخيراً بانهم لم يعودوا مجاهدين أو مناضلين في معارك الحرب، بل جنوداً في معركة السلام. هذا هو الواجب الأهم الذي ينبغي أن يتجه اليه المسئولون، بعيداً عن تحميل المسئولية لهذا أو ذاك. ولا شك لدينا في أن وزير الداخلية، الخبير بعلم النفوس، لهو أدرى من غيره بطبائع النفوس، وأقدر على معالجتها في مراحل التغيير الجذري في المجتمعات الصغيرة والكبيرة.
    يرتبط بذلك ما يتردد عن بعض التقارير التي ترد لرئاسة الشرطة عن انشطة القوى السياسية، ومنها الحركة الشعبية (قطاع الشمال) بل إخصاصها بجزء كبير من تلك التقارير، الأمر الذي حمل المسئول عن ذلك القطاع، ياسر عرمان لاثارة الموضوع في الصحافة و المجلس الوطني. متابعة الانشطة السياسية والاقتصادية للتحسب ضد أي نشاط ضد الدستور (لا ضد اي شئ آخر) هو واجب جهاز الأمن الذي يملك من الدربة والوسائل ما يعينه على ذلك. وحتى لا تصبح تلك التقارير، إن صح وجودها وأياً كانت الجهة التي تتولاها، قائمة على الاصطفاء، أو الحدس، أو المواقف المسبقة، على الأجهزة المعنية وضع ضوابط واضحة لما ينبغي على أجهزة المتابعة للنشاط السياسي أن تفعل، وما يجب عليها أن تحذر منه، حتى في اللغة التي تستخدم. فعلى سبيل المثال، أصدر المكتب الصحفي للشرطة بياناً يحظر فيه المسيرة التي قررتها ''القوى الوطنية'' ـ الاسم الذي تطلقه المعارضة على نفسها ـ ضد الاجراءات المالية في العام الماضي. وجاء البيان على النحو التالي: ''ان ما يسمى بالقوى الوطنية تقدمت بطلبات لتسيير مسيرة اليوم وان هذه الطلبات رفعت الى والي الخرطوم الى آخر البيان''. الاستخفاف الذي تعبر عنه كلمة ''ما يسمى'' يقبل ان جاء من حزب أو صحيفة مناوئة، وليس من جهاز، من أولى واجباته، الاحتفاظ بمسافة متساوية من كل القوى السياسية.
    البوليس السياسي جهاز لا تعرفه المجتمعات الديموقراطية، بل هو دوماً أداة تصطنعها الانظمة الشمولية لتكون عيناً للحاكم تنقل له كل شاردة وواردة من سلوك الرعايا. وان صح ذلك في العهد المملوكي حيث كان يطلق على أمثال هؤلاء اسم ''البصاصين'' (جمع بصاص)، أو في الانظمة الشمولية المعاصرة، خاصة في عالمنا العربي، فانه لا يصح في دولة حكم القانون حيث الناس ـ جميع الناس ـ مواطنون لا رعايا. كما يفترض أن لا يكون له وجود في مؤسسات ذات تقاليد قديمة مثل بوليس السودان. نستذكر هنا، قصة رواها لنا المرحوم بابكر الديب، الشرطي المعتق. زارنا في وزارة الخارجية مع ابنه السفير الأريب عزت. وفي معرض الحديث معه عن ذكرياته سألناه لماذا لا يدون مذكراته؟ قال انه فعل وسلمها للمرحوم بابكر كرار لنشرها، و كان كرار من المهتمين كثيراً بجمع الآثار السياسية. سألناه أيضاً عن اهم درس تلقاه في مسيرته العملية الطويلة، قال الدروس عديدة وروى واحدة منها نستعيدها لصلتها بما نتحدث عنه. قال: ''لم يتعبني أحد طوال عملي البوليسي قدر ما اتعبني الشيوعيون، خاصة أولئك الذين كانوا يفدون من مصر في الاجازات الصيفية. فكلما عادوا من القاهرة اشتد نشاط توزيع المنشورات، وكنت أعرف جيداً من هم ''رؤوس الحية''، حسب تعبيره. ولكن رغم المداهمات العديدة لمساكنهم والاماكن التي يغشونها لم نتمكن من القبض عليهم متلبسين بالجرم. مضى المرحوم الديب يقول أنه، مع الشرطي الذي يلازمه (المرحوم التهامي مدني)، اتفقا على جمع كل المنشورات التي يوزعها الشيوعيون ثم القذف بها داخل المنازل المشتبه فيها ومداهمة المشبوهين للقبض عليهم متلبسين بالجرم. ثم أضاف أن اجراءً كهذا ما كان ليفعله دون ابلاغ رئيسه، وهو بريطاني يدعى المستر بكتون. وذهب الديب للقول: ذهبت الى الرجل فاصغى اليّ باهتمام و غليونه بين شفتيه، ولكن ما أن انتهيت من حديثي حتى قال لي في برود: ''بابكر افندي من فضلك لا تُدخِل على بوليس السودان عمليات البوليس السياسي المصري''.
    نروي هذه القصة لا لابراز وجه من وجوه المهنية في عهد ''الاستعمار البغيض'' الذي وصم به ياسر بوليس السودان، و انتفض غضباً على ذلك الوصف شُرطي متقاعد قرأنا له رداً على ياسر في احدى الصحف، و لكن لنبين مفارقة مذهلة، هى أن مستر بكتون ''النصراني الكافر'' الذي لا يعرف كتاب الله قد اكتنه في عمله ما تقضي به على المسلمين الآية الثانية عشرة من سورة الحجرات.
    * * *
    الخلاف بين المدير والوالي
    الخلاف حول سلطات الشرطة تحول لتناكف بين مدير عام الشرطة ووالي الخرطوم. في ذلك التناكف تحدث مدير عام الشرطة عن واجبات تتعلق بحماية العاصمة القومية ينبغي ان تقوم بها سلطة قومية، في حين استمسك الوالي بنصوص الدستور والاتفاقية، وكلاهما لازم التنفيذ ما لم يجد الله لمدير عام الشرطة مخرج صدق. القضية عويصة معقدة، فخلال التفاوض كانت الحركة حريصة كل الحرص، بعد ان عجزت عن اقناع الطرف الآخر بانشاء عاصمة قومية للسودان لا تخضع للقوانين السائدة في الشمال، على وضع حدود للعاصمة القومية بالصورة التي لا تُخضعها لسلطان والي الخرطوم. وفي كل البلاد الفيدرالية، تدار العاصمة القومية ادارة مستقلة عن الولايات، ففي الولايات المتحدة، مثلاً، تعتبر واشنطون مدينة مستقلة عن كل ولاية. و في التنظيم الجديد لأجهزة الامن وتنفيذ القانون في امريكا أُخضعت مهام محددة للوزارة المركزية الجديدة : وزارة أمن الوطن (Homeland Security) منها، الى جانب الاشراف على حرس الحدود، الجمارك، الهجرة، الامن الدبلوماسي، بوليس الكابيتول (الكونغرس). في ذات الوقت تشرف وزارة العدل (وهى التي تقوم، ضمن واجبات عدلية أخرى، بالاشراف على اجهزة تنفيذ القانون في الولايات المتحدة) على التحقيقات المركزية، مراقبة الكحول والتبغ (وتلك مهمة ذات تاريخ قديم يعود لعهد مكافحة تهريب الخمور من الولايات التي تبيحها الى تلك التي تحرمها)، ومكافحة المخدرات، كما تتولى الاشراف على قوة شبه عسكرية هي ''جنود الولايات المتحدة (US Marshalls) تقدم للولايات العون إن طلبته، لحفظ الأمن في حالات انفراط عقده، و في حالات الكوارث.
    يصدق نفس الأمر على العاصمة البريطانية لندن حيث يتولى البوليس العاصمي (Metropolitan Police) الاشراف على العمل الشرطي في المدينة. ويعود تاريخ انشاء ذلك البوليس الى العام 1829 على يد وزير الداخلية يومذاك السير روبرت بيل. و لا يستثنى من سلطة البوليس العاصمي الذي يبلغ عدد افراده وضباطه الواحد وثلاثين الفاً مما يجعل منه اكبر قوة بوليسية في المملكة المتحدة، إلا المدينة (The City ) وهى مركز المال والذي لا تزيد مساحته على الميل المربع (وذلك أيضاَ لاسباب تاريخية)، وبوليس النقل البريطاني، ولعله شبيه ببوليس السكك الحديدية في السودان.
    فما يريده مدير عام الشرطة بالسودان ليس أمراً بدعاً، ولكن الدستور لا يسعفه. فان افلح في حمل طرفي الاتفاقية على اعادة النظر فيما نصت عليه اتفاقيتهما كان له ما يريد. ولن يفلح الا إن استطاع ان يبين للناس حدود العاصمة القومية. ان فعل ذلك يكون قد ادرك ما عجزت عنه الاوائل.
                  

العنوان الكاتب Date
د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:20 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:24 AM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة علي محمد علي02-14-07, 11:36 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:44 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:50 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Yasir Elsharif02-14-07, 12:03 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Yasir Elsharif02-14-07, 12:03 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 12:08 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 12:30 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 12:55 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:10 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:24 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris02-14-07, 01:43 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:43 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:53 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 02:19 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 02:24 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة ahmed haneen02-15-07, 08:45 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-15-07, 10:04 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-15-07, 10:16 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-18-07, 08:51 AM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Nazar Yousif02-19-07, 10:16 AM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Adil Al Badawi02-20-07, 07:56 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-20-07, 11:49 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-25-07, 08:46 AM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة adil amin02-25-07, 12:13 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-25-07, 12:43 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Nazar Yousif02-26-07, 10:53 AM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-08-07, 03:10 PM
        Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-08-07, 03:14 PM
          Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-09-07, 09:44 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:07 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:15 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:19 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:33 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-12-07, 11:01 PM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-13-07, 01:53 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة AnwarKing03-18-07, 12:32 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Asma Abdel Halim03-19-07, 08:05 PM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة AnwarKing03-20-07, 03:35 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-27-07, 10:14 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر04-02-07, 12:58 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de