في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه حسين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 12:46 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-26-2010, 10:18 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 22961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح (Re: بدر الدين الأمير)

    Quote: - امرؤ القيس - عبيد - علقمة
    لعل أقدم الشعراء الذين يروى لهم شعر كثير ويتحدث الرواة عنهم بأخبار كثيرة فيها تطويل وتفصيل هو امرؤ القيس .
    ونحن نعلم أن الرواة يتحدثون بأسماء طائفة من الشعراء زعموا أنهم عاشوا قبل امرئ القيس وقالوا شعرا ، ولكنهم لا يروون لهؤلاء الشعراء إلا البيت أو البيتين أو الأبيات .
    وهم لا يذكرون من أخبار هؤلاء الشعراء إلا الشىء القليل الذى لا يغنى .
    وهم يعللون قلة الأخبار والأشعار التى يمكن أن تضاف إلى هؤلاء الشعراء ببعد العهد وتقادم الزمن وقلة الحفاظ .
    وقد رأيت فى الكتاب الماضي أن لمكيلا من النقد لما يضاف إلى هؤلاء الشعراء ينتهى بك إلى جحود ما يضاف إليهم من خبر أو شعر.
    فلندع هؤلاء الشعراء ولنقف عند امرئ القيس وأصحابه الذين يظهر أن الرواة عرفوا عنهم ورووا لهم الشىء الكثير .
    من امرؤ القيس ؟
    أما الرواة فلا يختلفون فى أنه رجل من كنده .
    ولكن ، من كنده ؟
    لا يختلف الرواة فى أنها قبيلة من قحطان ؛ وهم يختلفون بعض الاختلاف فى نسبها وفى تفسير اسمها وفى أخبار سادتها .
    ولكنهم على كل حال يتفقون على أنها قبيلة يمانية، وعلى أن امرأ القيس منها .
    فأما اسم امرئ القيس واسم أبيه واسم أمه فأشياء ليس من اليسير الاتفاق عليها بين الرواة ؟
    فقد كان اسمه امرأ القيس ، وقد كان اسمه حندجا، وقد كأن اسمه قيسا.
    وقد كان اسم أبيه عمرا ، وقد كان اسم أبيه حجرا أيضا .
    وكان اسم أمه فاطمة بنت ربيعة أخت مهلهل وكليب ، وكأن اسم أمه تملك .
    وكان امرؤ القيس يعرف بأبى وهب ، وكان يعرف بأبى الحارث .
    ولم يكن له ولد ذكر.
    وكان يئد بناته جميعا. وكانت له ابنه يقال لها هند ؟
    ولم تكن هند هذه ابنته وانما كانت بنت أبيه .
    وكان يعرف بالملك الضليل ، وكان يعرف بذي القروح .
    وعليك أنت ان تستخلص من هذا الخليط المضطرب ما تستطيع ان تسميه حقا أو شيئا يشبه الحق .
    وأي شيء أيسر من أن تأخذ ما اتفقت عليه كثرة الرواة على أنه حق لاشك فيه ؟
    وكثرة الرواة قد اتفف على أن اسمه حندج بن حجر، ولقبه امرؤ القيس ، وكنيته أبو وهب ؟
    وأمه فاطمة بنت ربيعه .
    على هذا اتفقت كثرة الرواة .
    وإذا اتفقت الكثرة على شيء فيجب أن يكون صحيحا أو على اقل تقدير يجب أن يكون راجحا .
    أما أنا فقد أطمئن إلى آراء الكثرة، أو قد أرانى مكرها على الاطمئنان لأراء الكثرة، فى المجالس النيابية وما يشبهها .
    ولكن الكثرة فى العلم لا تغنى شيئا ؟
    فقد كانت كثرة العلماء تنكر كروية الأرض وحركتها ، وظهر بعد ذلك أن الكثرة كانت مخطئة .
    وكانت كثرة العلماء ترى كل ما أثبت العلم الحديث أنه غير صحيح . فالكثرة فى العلم لا تغنى شيئا .
    وإذا فليس من سبيل الى أن نقبل قول الكثرة في امرئ القيس ؟ وانما السبيل أن نوازن بينه وبين ما تزعم القلة .
    وليس إلى هذه الموازنة المنتجة من سبيل إذا لاحظت ما قدمناه فى الكتاب الماضي من هذه الأسباب التى كانت تحمل على الانتحال وتكلف القصص .
    وإذا فلسنا نستطيع أن نفصل بين الفريقين المختلفين ، وانما نحن مضطرون إلى أن نقبل ما يقول أولئك وهؤلاء على أن الناس كانوا يتحدثون به دون أن نرف وجه الحق فيه .
    ولعل ، هذا وأشباهه من الخلط فى حياة امرئ القيس أوضح دليل على ما نذهب إليه من أن امرأ القيس إن يكن كد وجد حقا- ونحن نرجح ذلك ونكاد نوقن به - فإن الناس لم يعرفوا عنه شيئا إلا اسمه هذا ، وإلا طائفة من الأساطير والأحاديث تتصل بهذا الاسم .
    وهنا يحسن أن نلاحظ أن الكثرة من هذه الأساطير والأحاديث لم تشع بين الناس إلا فى عصر متأخر: وفى عصر الرواة المدونين والقصاصين .
    فأكبر الظن إذا أنها نشأت فى هذا العصر ولم تورث عن العصر الجاهلى حقا .
    وأكبر الظن أن الذى أنشأ هذه القصة ونماها إنما هو هذا المكان الذى احتلته قبيلة كندة فى الحياة الإسلامية منذ تمت للنبي السيطرة على البلاد العربية إلى القرن الأول للهجرة .
    فنحن نعلم أن وفدا من كندة وفد على النبى وعلى رأسه الأشعث بن قيس .
    ونحن نعلم أن هذا الوفد طلب - فيما تقول السيرة - إلى النبى أن يرسل معهم مفقها يعلمهم الدين .
    نحن نعلم أن كندة ارتدت بعد موت النبى ، وأن عامل ابى بكر حاصرها فى النُجير وأنزلها على حكمه وقتل منها خلقا كثيرا وأوفد ملها طائفة إلى أبى بكر فيها الأشعث بن قيس الذى تاب وأناب وأصهر إلى أبى بكر فتروج أخته أم فروة ؟
    وخرج - فيما يزعم الرواة - إلى سوق الإبل فى المدينة فاستل سيفه ومضى فى إبل السوق عقرا ونحرا حتى ظن الناس به الجنون ، ولكنه دعا أهل المدينة إلى الطعام وأدى إلى أصحاب الإبل أموالهم ؟
    وكانت هذه المجزرة الفاحشة وليمة عرسه .
    ونحن نعلم أن الرجل قد اشترك فى فتح الشام وشهد مواقع المسلمين فى حرب الفرس ، وحسن بلاؤه فى هذا كله ، وتولى عملا لعثمان ، وظاهر عليا على معاوية ، وأكره عليا على قبول التحكيم في صفين .
    ونحن نعلم أن ابنه محمد بن الأشعث كان سيدا من سادات الكوفة ، عليه وحده اعتمد زياد حين أعياه أخذ حجر بن عدى الكندي .
    ونحن نعلم أن قصة حجر بن عدى هذا وقتل معاوية إياه فى نفر من أصحابه قد تركت فى نفوس المسلمين عامة واليمنيين خاصة أثرا قويا عميقا مثل هذا الرجل فى صوره الشهيد.
    ثم نحن نعلم أن حفيد الأشعث بن قيس وهو عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث قد ثار بالحجاج ، وخلع عبد الملك ، وعرض دولة آل مروان للزوال ، وكان سببا فى إراقة دماء المسلمين من أهل العراق والشام ، وكان اللذين قتلوا فى حروبه يحصون فيبلغون عشرات الآلاف ، ثم انهزم فلجأ إلى ملك الترك ، ثم أعاد الكرة فتنقل فى مدن فارس ، ثم استيأس فعاد إلى ملك الترك ، ثم غدر به هذا الملك فأسلمه إلى عامل الحجاج ، ثم قتل نفسه فى طريقه إلى العراق ، ثم احتلت رأسه وطوف به فى العراق والشام ومصر.
    أفتظن أن أسرة كهذه الأسرة الكندية تنزل هذه المنزلة فى الحياة الإسلامية وتؤثر هذه الآثار فى تاريخ المسلمين لا تصطنع القصص ولا تأجر القصاص لينشروا لها الدعوة ويذيعوا عنها كل ما من شأنه أن يرفع ذكرها ويبعد صوتها ؟
    بلى! ويحدثنا الرواة أنفسهم أن عبدالرحمن بن الأشعث اتخذ القصاص وأجرهم كما اتخذ الشعراء وأجزل صلتهم : كان له قاص يقال له عمرو بن ذر ؟
    وكان شاعره أعشى همذان .
    فما يروى من أخبار كندة فى الجاهلية متأثر من غير شك بعمل هؤلاء القصاص الذين كانوا يعملون لآل الأشعث .
    وقصه امرئ القيس بنوع خاص تشبه من وجوه كثيرة حياة عبدالرحمن ابن الأشعث .
    فهي مثل لنا امرأ القيس مطالبا بثأر أبيه .
    وهل ثار عبد الرحمن عند الذين يفقهون التاريخ إلا منتقما لحجر بن عدى ؟
    وهى تمثل لنا امرأ القيس طامعا فى الملك .
    وقد كان عبدالرحمن بن الأشعث يرى أنه ليس أقل من بنى أميه استئهالا للملك ؛ وكان يطالب به .
    وهى تمثل لنا أمرا القيس متنقلا فى قبائل العرب .
    وقد كان عبد الرحمن بن الأشعث متنقلا فى مدن فارس والعراق .
    وهى تمثل امرأ القيس لاجئا إلى قيصر مستعينا به .
    وقد كان عبد الرحمن بن الأشعث لاجئا إلى ملك الترك مستعينا به .
    وهى تمثل لنا أخيرا امرأ القيس وقد غدر به قيصر بعد أن كاد له أسدى فى القصر.
    وقد غدر ملك الترك بعبد الرحمن بعد أن كاد له رسل الحجاج .
    وهى تمثل لنا بعد هذا وذاك امرأ القيس وقد مات فى طريقه عائدا من بلاد الروم .
    وقد مات عبد الرحمن فى طريقه عائدا من بلاد الترك .
    أليس من اليسير أن نفترض بل إن نرجح أن حياة امرئ القيس كما يتحدث بها الرواة ليست إلا لونا من التمثيل لحياه عبدالرحمن استحدثه القصاص إرضاء لهوى الشعوب اليمنية فى العراق واستعاروا له اسم الملك الضليل اتقاء لعمال بنى أمية من ناحية ، واستغلالا لطائفة يسيرة من الأخبار كانت تعرف عن هذا الملك الضليل من ناحية أخرى؟ ستقول : وشعر امرئ القيس ما شأنه ؟
    وما تأويله ؟
    شأنه يسير، وتأويله أيسر.
    فأقل نظر فى هذا الشعر يلزمك أن تقسمه إلى قسمين : أحدهما يتصل بهذه القصة التى قدمنا الإشارة إليها .
    وإذا فشأنه شأن هذه القصة انتحل لتفسيرها أو تسجيلها، وانتحل لتمثيل هذا التنافس القوى الذى كان قائما بين قبائل العرب وأحيائهم فى الكوفة والبصرة .
    واقل درس لهذا الشعر يقنعك ، إن كنت من الذين يألفون البحث الحديث ، بأن هذا الشعر الذى يضاف إلى امرئ القيس ويتصل بقصته إنما هو شعر إسلامي لا جاهلي، قيل وانتحل لهذه الأسباب التى أشرنا إليها ولأسباب أخرى فصلناها فى القسم الثاني من هذا الكتاب .
    فهذا أحد القسمين .
    وأما القسم الثاني فشعر لا يتصل بهذه القصة، وانما يتناول فنونا من القول مستقلة من الأهواء السياسية والحزبية .
    ولنا فى هذا القسم رأى نسطره بعد حين .
    وخلاصة هذا البحث القصير أن شخصية امرئ القيس - إذا فكرت - أشبه شئ بشخصية الشاعر اليوناني هوميروس .
    لا يشك مؤرخو الآداب اليونانية الآن فى أنها قد وجدت حقا، وأثرت فى الشعر القصصي حقا، وكان تأثيرها قويا باقيا ؟ ولكنهم لا يعرفون من أمرها شيئا يمكن الاطمئنان إليه ، وانما ينظرون إلى هذه الأحاديث التى تروى عنه كما ينظرون إلى القصص والأساطير لا أكثر ولا أقل .
    فامرؤ القيس هو الملك الضليل حقا : نريد أنه الملك الذى لا يعرف عنه شيء يمكن الاطمئنان إليه .
    هو ضل بن قل كما يقول أصحاب المعاجم اللغوية .
    ومن غريب الأمر أن طائفة من الشعر تنسب إلى امرئ القيس على انه قالها حينما كان متنقلا فى القبائل العربية يمدح بها هذه ويهجو تلك ، وتتصل بهذه الأشعار طائفة من الأخبار تبين نزول امرئ القيس فى هذه القبيلة، والتجاءه إلى تلك القبيلة، وجواره عند فلان ، واستعانته بفلان ، وأن شيئا مكل هذا يلاحظ فى حياة هوميروس ؟
    فهو- فيما يزعم رواة اليونان - قد تنقل فى المدن اليونانية فلقي من بعضها الكرامة والتجلة، رمن بعضها الإعراض والانصراف .
    ومؤرخو ا لآداب اليونانية يفسرون هذه الأحاديث على أنها مظهر من مظاهر التنافس بين المدن اليونانية : كلها يزعم لنفسه أنه ضيف هوميروس أو نشأه أو أجاره أو عطف عليه .
    ونحن نذهب هذا المذهب نفسه فى تفسير هذه الأخبار والأشعار التى تمس تنفل امرئ القيس فى قبائل العرب .
    فهي محدثه انتحلت حين تنافست القبائل العربية فى الإسلام وحين أرادت كل قبيلة وكل حي أن تزعم لنفسها من الشرف والفضل أعظم حظ ممكن . وقد أحس القدماء بعض هذا ؟
    فصاحب الأغانى يحدثنا أن القصيدة القافية التى تضاف إلى امرئ القيس على أنه قالها يمدح بها السموءل حين لجأ إليه منحولة نحلها دارم بن عقال وهو من ولد السموءل .
    واكبر ظننا أن دارم بن عقال لم ينحل القصيدة وحدها وانما نحل القصة كلها وانتحل ما يتصل بها أيضا ؛ نحل قصة ابن السموءل الذى قتل بمنظر من أبيه حين أبى تسليم أسلحه امرئ القيس ، نحل قصة الأعشى الذي استجار بشريح بن السموءل وقال فيه هذا الشعر المشهور :
    شريح لا تتركنى بعد ما علقت
    حبالك اليوم بعد القد أظفاري
    قد حلت ما بين بانقيا إلى عدن
    وطال فى العجم تردادي وتسيارى
    فكان أكرمهم عهدا وأوثقهم
    مجدا أبوك بعرف غير إنكار
    كالغيث ما استمطروه جاد وابله
    وفى الشدائد كالسمتأسد الضاري
    كن كالسموءل إذ طاف الهمام به
    فى جحفل كهزيع الليل جزار
    إذ سامه خطتي خسف فكال له
    قل ما تشاء فإني سامع حار
    فقال غدر وثكل أنت بسنهما
    فاختر وما فلهما حظ لمختار
    فشط غير طويل ثم قال له
    أقتل أسيرك إني مانع جارى
    أنا له خلف إن كنت قاتله
    وإن قتلت كريما غير غوار
    وسوف يعقبنيه إن ظفرت به
    رب كريم وبيض ذات أطهار
    لاسرهن لدينا ذاهب هدرا
    وحافظات إذا استودعن اسرارى
    فأختار أد راعه كي لا يسب بها
    ولم يكن وعده فيها بختار

    ثم كانت هذه القصة المنتحلة سببا فى انتحال قصة أخوى هى قصة ذهاب امرئ القيس إلى القسطنطينية وما يتصل بها من الأشعار.
    منتحلة هذه القصيدة الرائية الطويلة التى مطلعها .
    سما لك شوق بعد ما كان أقصرا
    وحلت سليمي بطن ظبي فعرعرا

    منتحل هذا الشعر الذى قاله امرؤ القيس حين دخل الحمام مع قيصر والذي تنزه هذا الكتاب عن روايته .
    منتحل هذا الحب الذى يقال إن امرؤ القيس أضمره لابنة قيصر.
    منتحلة هذه الأشعار التى تضاف إلى امرئ القيس حين أحس السم وهو قافل من بلاد الروم .
    كل هذا منتحل لأنه يفسر هذه الأحاديث التى شاعت ، لتلك الأسباب التى قدمناها .
    وإذا لم يكن بدا من التماس الأدلة الفنية على انتحال هدا الشعر، فقد نحب أن نعرف كيف زار امرؤ القيس بلاد الروم وخالط قيصر حتى دخل معه الحمام وفتن ابنته ورأى مظاهر الحضارة اليونانية فى قسطنطينية ولم يظهر لذلك أثر ما فى شعره : لم يصف القصر ولم يذكره ، لم يصف كنيسة من كنائس قسطنطينية ، لم يصف هذه الفتاه الإمبراطورية التى فتنها، لم يصف الروميات ، لم يصف شيئا ما يمكن أن يكون روميا حقا .
    ثم يكفى أن تقرأ هذا الشعر لتحس فيه الضعف والاضطراب والجهل بالطريق إلى قسطنطينية .
    ومهما يكن من شيء فإن السذاجة وحدها هى التى تعيننا على أن نتصور أن شاعرا عربيا قديما قال هذا الشعر الذى يضاف إلى امرئ القيس فى رحلته إلى بلاد الروم وقفوله منها.
    وإذا رأيت معنا أن كل هذا الشعر الذى يتصل ! بسيرة امرئ القيس إنما هو من عمل القصاص فقد يصح أن نقف معك وقفة قصيرة عند هذا القسم الثاني من شعر امرئ القيس وهو الذى لا يفسر سيرته ولا يتصل بها .
    ولعل أحق هذا الشعر بالعناية قصيدتان اثنتان : الأولى : " قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل " والثانية " ألا انعم صباحا أيها الطلل البالي " فأما ما عدا هاتين القصيدتين فالضعف فيه ظاهر والاضطراب فيه بين والتكلف والإسفاف فيه يكادان يلمسان باليد .
    وقد يكون لنا أن نلاحظ قبل كل شيء ملاحظة لا أدرى كيف تتخلص منها أنصار القديم ، وهى أن امرأ القيس - إن، صحت أحاديث الرواة - يمنى، وشعره قرشي اللغة ، لا فرق بينه وبين القرآن فى لفظه وإعرابه وما يتصل بذلك من قواعد الكلام .
    ونحن نعلم - كما قدمنا - أن لغة اليمن مخالفة كل المخالفة للغة الحجاز فكيف نظم الشاعر اليمنى شعره فى لغة أهل الحجاز ؟
    بل فى لغة قريش خاصة ؟
    سيقولون : نشأ امرؤ القيس فى قبائل عدنان وكان ، أبوه ملكا على بنى أسد وكانت أمة من بنى تغلب وكان مهلهل خاله ، فليس غريبا ان يصطنع لغة عدنان ويعدل عن لغة اليمن .
    ولكننا نجهل هذا كله ولا نستطيع أن نثبته إلا من طريق هذا الشعر الذى ينسب إلى امرئ القيس .
    ونحن بشك فى هذا الشعر ونصفه بأنه منتحل .
    وإذا فنحن ندور: نثبت لغة امرئ القيس الذى نشك فيه .
    على أننا أمام مسألة أخرى ليست أقل من هذه المسألة تعقيدا فنحن لا نعلم ولا نستطيع أن نعلم الآن أكانت لغة قريش هى، اللغة السائدة فى البلاد العربية أيام امرئ القيس ؟
    وأكبر الظن أنها لم تكن لغة العرب فى ذلك الوقت ، وأنها إنما أخذت تسود فى أواسط القرن السادس للمسيح وتمت لها السيادة بظهور الإسلام كما قدمنا .
    وإذا فكيف نظم امرئ القيس اليمنى شعره فى لغة القرآن مع أن هذه اللغة لم تكن سائدة فى العصر الذى عاش فيه امرؤ القيس ؟ وأعجب من هذا أنك لا تجد مطلقا فى شعر أمرؤ القيس لفظا أو أسلوبا أو نحوا من أنحاء القول يدل على أنه يمنى .
    فمهما يكن امرؤ القيس قد تأثر بلغه عدنان فكيف نستطيع أن نتصور أن لغته الأولى قد محيت من نفسه محوا تاما ولم يظهر لها أثر ما فى شعره ؟ نظن أن أنصار القديم سيجدون كثيرا من المشقة والعناء ليحلوا هذه المشكلة ونظن أن إضافة هذا الشعر إلى امرئ القيس مستحيلة فبل أن تحل هذه المشكلة .
    على أننا نحب أن نسأل عن شئ أخر ؛ فامرؤ القيس ابن أخت مهلهل وكليب ابنى ربيعه - فيما يقولون - ، وأنت تعلم أن قصة طويلة عريضة قد نسجت حول مهلهل وكليب هذين ، هى قصة البسوس وهذه الحرب التى اتصلت أربعين سنة - فيما يقولون القصاص - وأفسدت ما بين القبيلتين الأختين بكر وتغلب .
    فمن العجيب ألا يشير امرؤ القيس بحرف واحد إلى مقتل خاله كليب ، ولا إلا بلاء خاله مهلهل ، ولا إلى هذه المحن التى أصابت أخواله من بنى تغلب ، ولا إلى هذه المآثر التى كانت لأخواله على بنى بكر.
    وإذا فأينما وجت فلن تجد إلا شكا : شكا فى القصة، شكا فى اللغة، شكا فى النسب ، شكا فى الرحلة ، شكأ فى الشعر .
    وهم يريدون بعد هذا أن نؤمن ونطمئن إلى كل ما يتحدث به القدماء عن امرئ القيس ! نعم نستطيع أن نؤمن وأن نطمئن لو أن الله قد رزقنا هذا الكسل العقلى الذى يحبب إلى الناس أن يأخذوا بالقديم تجنبا للبحث عن الجديد .
    ولكن الله لم لرزقنا هذا النوع من الكسل ، فنحن نؤثر عليه تعب الشك ومشقة البحث .
    وهذا البحث ينتهى بنا إلى أن أكثر هذا الشعر الذى يضاف لامرئ القيس ليس من امرئ القيس فى شئ وانما هر محمول عليه حملا ومختلق عليه اختلاقا ، حمل بعضه العرب نفسهم ، وحمل بعضه الآخر الرواة الذين دونوا الشعر فى القرن الثاني للهجرة .
    ولننظر فى المعلقة نفسها ، فلسنا نعرف قصيدة يظهر فيها التكلف والتعمل أكثر مما يظهران فى هذه القصيدة .
    لا نحفل بقصة تعليق هذه القصائد السبع أو العشر على الكعبة أو فى الدفاتر .
    فما نظن أن أنصار القديم يحفلون بهذه القصة التى نشأت فى عصر متأخر جدا والتي لا يثبتها شئ فى حياة العرب وعنايتهم بالآداب .
    ولكننا نلاحظ أن القدماء أنفسهم يشكون فى بعض هـذه القصيدة فهم يشكون فى صحة هذين البيتين :
    ترى بعر الآرام في عرصاتها
    وقيعانها كأنه حب فلفل
    كأني غداة البين يوم تحملوا
    لدى سمرات الحي ناقف حنطل

    وهم يشكون فى هذه الأبيات :
    وقرية أقوام جعلت عصامها
    على كاهل منى ذلول ، مرحل
    رواد كجوف العير قفر قطعته
    به الذئب يعوى كالخليع المعيل
    فقلت له لما عوى إن شأننا
    قليل الغنى إن كنف لما تمول
    كلانا إذا ما نال شيئا أفاته
    ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل

    وهم بعد هذا يختلفون اختلافا كثيرا فى رواية القصيدة : فى ألفاظها وفى ترتيبها ، ويضعون لفظا مكان لفظ وبيتا مكان بيت .
    وليس هذا الاختلاف مقصورا على هذه القصيدة، وانما يتناول الشعر الجاهلى كله .
    وهو اختلاف قد أعطى المستشرقين صورة سيئة كاذبة من الشعر العربي، فخيل إليهم أنه غير منسق ولا مؤلف ، وأن الوحدة لا وجود لها فى القصيدة وان الشخصية الشعرية لا وجود لها فى القصيدة أيضا ، وأنك تستطيع أن تقدم وتؤخر وان تضيف الى الشاعر شعر غيره دون أن تجد فى ذلك حرجا أو جناحا مادمت لم تخل بالوزن ولا بالقافية .
    وقد يكون هذا صحيحا فى الشعر الجاهلى ، لأن كثرة هذا الشعر منتحلة مصطنعة .
    فأما الشعر الاسلامى الذى صحت نسبته لقائليه فأنا أتحدى أي ناقد أن يعبث به أقل عبث دون أن يفسده .
    وأنا أزعم أن وحدة القصيدة فيه بيئة، وان شخصية الشاعر فيه ليست اقل ظهورا منها فى أي شعر أجنبي.
    إنما جاء هذا الخطأ من اتخاذ هذا الشعر الجاهلى نموذجا للشعر العريى؟ مع أن هذا الشعر الجاهلى - كما قدمنا- لا يمثل شيئا ولا يصلح إلا نموذجا لعبث القصاص وتكلف الرواة .
    ونظن أن أنصار القديم لا يخالفون فى أن هذين البيتين قلقان فى القصيدة وهما :
    وليل كموج البحر أرخى سدوله
    على بأنواع الهموم ليبتلى
    فقلت له لما تمطى بصلبه
    وأردف أعجازا وناء بكلكل

    فقد وضع هذان البيتان للدخول على البيت الذى يليهما وهو :
    ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى
    بصبح وما الإصباح منك بأمثل

    وهذان البيتان أشبه بتكلف المشطر والمخمس منهما بأي شئ آخر.
    فإذا فرغنا من هذا الشعـر الذى لا نكاد نختلف فى أنه دخيل فى القصيدة ، فقد نستيطع أن نرد القصيدة إلى أجزائها الأولى .
    وهذه الأجزاء هى : أولا وقوف الشاعر على الدار وما يتصل بذلك من بكاء وإعوال ، ثم ذكره أيام لهوه مع العذارى ، ثم عتابه لصاحبته وما يتصل بذلك من وصف خليلته ، ثم ذكر- الليل والاستطراد منه إلى الصيد وما يتوسل به إلى الصيد من وصف الفرس ، ثم ذكر البرق وما يتبعه من السيل .
    ولنسرع إلى القول بأن وصف اللهو مع العذارى وما فيه من فحش أشبه بأن يكون من انتحال الفرذدق منه بأن يكون جاهليا .
    فالرواة يحدثوننا أن الفرزدق خرج فى يوم مطير إلى ضاحية البصرة فاتبع آثارا حتى انتهى إلى غدير وإذا فيه نساء يستحممن ، فمال : ما أشبه هذا اليوم بيوم دارة جلجل ، وولى منصرفا ؛ فصاح النساء به : يا صاحب البغلة ؛ فعاد إليهن فسألنه وعزمن عليه ليحدثهن بحديث دارة جلجل ؛ فقص عليهن قصة امرئ القيس وأنشدهن قوله :
    إلا رب يوم لك منهن صالح
    ولا سيما يوم بدارة جلجل

    والذين يقرءون شعر الفرذدق ويلاحظون فحشه وغلظته وأنه قد ليم على هذا الفحش وعلى هذه الغلظة لا يجدون مشقة فى أن يضيفوا إليه هذه الأبيات ، فهي بشعره أشبه .
    وكثيرا ما كأن القدماء يتحدثون بمثل هذه الأحاديث يضيفونها الى القدماء وهم ينتحلونها من عند أنفسهم .
    ومهما يكن من شئ، فلغة هذه الأبيات كلغة القصيدة كلها عدنانية قرشية يمكن أن تصدر عن شاعر إسلامي اتخذ لغة القرآن لغة أدبية .
    أما وصف امرئ القيس لخليلته " وزيارته إياها، وتجشمه ما تجشم للوصول إليها، وتخوفها الفضيحة حين رأته ، وخروجها معه وتعفيتها آثارهما بذيل مرطها، وما كان بسنهما من لهو ، فهو أشبه بشعر عمر بن أبى ربيعة منه بأى شئ آخر.
    فهذا النحو من القصص الغرامى فى الشعر، فن عمر بن أبى ربيعة قد احتكره احتكارا ولم ينازعه فيه أحد.
    ولقد يكون غريبا حقا أن يسبق امرؤ القيس الى هذا الفن ويتخذ فيه هذا الأسلوب ويعرف عنه هذا النحو، ثم يأتى ابن أبى ربيعة فيقلده فيه ولا يشير أحد من النقاد الى أن ابن ابى ربيعة قد تأثر بامرئ القيس مع أنهم قد أشاروا الى تأثير امرئ القيس فى طائفة من الشعراء فى أنحاء من الوصف .
    فكيف يمكن أن يكون امرؤ القيس هو منشئ هذا الفن من الغزل الذى عاش عليه ابن أبى ربيعة والذي كون شخصية ابن أبى ربيعة الشعرية ولا يعرف له ذلك ؟
    وأنت إذا قرأت قصيدة أو قصيدتين من شعر ابن أبى رييعة لم تكد نشك فى أن هذا الفن فنه ابتكره ابتكارا واستغله استغلالا قويا، وعرفت العرب له هذا .
    وقل مثل هذا فى هذا القصص الغرامى الذى تجده فى قصيدة امرئ القيس الأخرى : " ألا انعم صباحا أيها الطلل البالي " . ففي هذا القصص الفاحش فن ابن أبى رييعة وروح الفرزدق .
    ونحن نرجح إذا أن هذا النوع من الغزل إنما أضيف الى امرئ القيس ، أضافه رواة متأثرون بهذين الشاعرين الإسلاميين .
    بقى الوصف ، ولاسيما وصف الفرس والصيد.
    ولكننا نقف فيه موقف التردد أيضا .
    واللغة هى التى تضطرنا الى هذا الموقف .
    فالظاهر أن امرأ القيس كان قد نبغ فى وصف الخيل والصيد والسيل والمطر.
    والظاهر أنه قد استحدث فى ذلك أشياء كثيرة لم تكن مألوفة من قبل .
    ولكن أقال هذه الأشياء فى هذا الشعر الذى بين أيدينا أم قالها فى شعر آخر ضاع وذهب به الزمان ولم يبق منه إلا الذكرى وإلا جمل مقتضبة أخذها الرواة فنظموها فى شعر محدث نسقوه ولفقوه وأضافوه إلى شاعرنا القديم ؟
    هذا مذهبنا الذى نرجحه .
    فنحن نقبل أن امرأ القيس وهو أول من قيد الأوابد ، وشبه الخيل بالعصى والعقبان وما إلى ذلك ، ولكننا نشك أعظم الشك فى أن يكون قد قال هذه الأبيات التى يرويها الرواة .
    وأكبر الظن أن هذا الوصف الذى تجده فى المعلقة وفى اللامية الأخرى فيه شئ من ريح امرئ القيس ، ولكن من ريحه ليس غير.
    هناك قصيدة ثالثة نجزم نحن بأنها منتحلة انتحالا .
    وهى القصيدة البائية التى يقال إن امرأ القيس أنشأها يخاصم بها علقمة بن عبدة الفحل ، وأن أم جندب زوج امرئ القيس قد غلبت علقمة على زوجها. وأنت تجد القصيدتين فى ديوان امرئ القيس وديوان علقمة . فأما قصيدة امرئ القيس فمطلعها :
    خليلي مرا بي على أم جندب
    نقض لبانات الفؤاد المعذب

    وأما قصيدة علقمة فمطلعها :
    ذهبت من الهجران لي في كل مذهب
    ولم يك حقا كل هذا التجنب

    ويكفى أن نقرأ هذان البيتين لنحس فيهما رقة إسلامية ظاهرة .
    على أن النظر فى هاتين القصيدتين سيقفك على أن هذين الشاعرين قد تواردا على معان كثيرة بل على ألفاظ كثيرة بل على أبيات كثيرة تجدها بنصها فى القصيدتين معا ، وعلى أن البيت الذى يضاف إلى علقمة وبه ربح القضية يروى لامرئ ا لقيس، وهو:
    فأدركهن ثانيا من عنانه
    يمر كمر الرائح المتحلب

    والبيت الذى خسر به امرؤ القيس القضية يروى لعلقمة وهو :
    فللسوط ألهوب وللساق درة
    وللزجر منه وقع أهوج منعب

    وأنت تستطيع أن تقرأ القصيدتين دون أن تجد فيهما فرقا بين شخصية الشاعرين ، بل أنت لا تجد فيهما شخصية ما ، وانما تحس أنك تقرأ كلاما غريبا منظوما فى جمع ما يمكن جمعه من وصف الفرس جملة وتفصيلا.
    وأكثر الظن أن علقمة لم يفاخر امرأ القيس ، وأن أم جندب لم تحكم بسنهما ، وأن القصيدتين ليستا من الجاهلية فى شئ ، وانما هما صنع عالم من علماء اللغة لسبب من تلك الأسباب التى أشرنا فى الكتاب الماضي إلى أنها كانت تحمل علماء اللغة على الانتحال .
    وكان أبو عبيدة والأصمعي يتنافسان في العلم بالخيل ووصف العرب إياها: أيهما اقدر عليه وأحذق به .
    وما نظن إلا أن هاتين القصيدتين وأمثالهما آثر من آثار هذا النحو من التنافس بين العلماء من أهل الأمصار الإسلامية المختلفة .
    وهنا وقفة أخرى لابد منها. ذلك أن امرأ القيس لا يذكر وحده وانما يذكر معه من الشعراء علقمة-كما رأيت - وعبيد ابن الأبرص .
    فأما علقمة فلا يكاد الرواة يذكرون عنه شيئا إلا مفاخرته لامرئ القيس ومدحه ملكم من ملوك غسان ببائيته التى مطلعها :
    طحا بك قلب لحسان طروب
    بعيد الشباب عصر حان مشيب

    وإلا أنه كان يتردد على قريش ويناشدها شعره ، وإلا انه مات بعد ظهور الإسلام اى فى عصر متأخر جدا بالقياس إلى امرئ القيس الذى مهما يتأخر فقد مات قبل مولد النبى . والذي نرى نحن أنه عاش قبل القرن السادس وربما عاش قبل القرن الخامس أيضا .
    وأما عبيد فقد التمسنا فى سيرته وما يضاف إليه من الشعر ما يعيننا على إثبات شخصية امرئ القيس وشعره فكانت النتيجة محزنة جدا .
    ذلك أنها انتهت بنا إلى أن نقف من عبيد وشعره نفس الموقف الذى وقفناه من امرئ القيس وشعره وليس علينا فى ذلك ذنب ، فالرواة لا يحدثوننا عن عبيد بشيء يقبل التصديق .
    إنما عبيد عند الرواة والقصاص شخص من أصحاب الخوارق والكرامات ، كان صديقا للجن والسماء معا ، عمر عمرا طويلا يصلون به إلى ثلاثة قرون ومات ميتة منكرة : قتله النعمان بن المنذر أو المنذر بن ماء السماء فى لوم بؤسه .
    والرواة يعرفون شيطان عبيد .
    واسم هذا الشيطان هبيد، وقد حاول بعضهم أن يرسل هذا المثل : " لولا هبيد ما كان عبيد " .
    وقد رووا لهبيد هذا شعرا وزعموا أنه أراد أن يلهم الشعر ناسا غير عبيد فلم يوفق.
    ولعبيد مع الجن أحاديث لا تخلو من لذة وعجب .
    ولكن كل ما نقرأ من أخبار عبيد لا يعطينا من شخصيته شيئا ولا يبعث الاطمئنان إلا فى انفس العامة أو أشباه العامة .
    فأما شعر عبيد فليس أشد من شخصيته وضوحا .
    فالرواة يحدثوننا بأنه مضطرب ضائع .
    وابن سلام يحدثنا فى موضع من كتابه " طبقـات الشعراء " ، أنه لم يبق من شعر عبيد وطرفه إلا قصائد بقدر عشر ، ولكنه يحدثنا فى موضع آخر أنه لا يعرف له إلا قوله :
    أقفر من أهله ملحوب
    فالقطبيات فالذنوب

    ثم يقول ابن سلام : ولا أدرى ما بعد ذلك . ولكن رواة آخرين يروون هذه القصيدة كاملة ويروون له شعرا آخر فى هجاء امرئ القيس ومعارضته ، وفى استعطافه حجر على بنى أسد .
    ويكفى أن تقرأ هذه القصيدة التى قدمنا طلعها لتجزم بأنها منتحلة لا أصل لها .
    وحسبك أته يثبت فيها وحدانية الله وعلمه على نحو ما يثبتها القرآن فيقول :
    والله ليس له شريك
    علام ما أخفت القلوب

    فأما شعره الآخر الذى عارض فيه امرأ القيس وهجا فيه كندة فلا حظ له من صحة فيما نعتقد .
    وذلك أن فيه إسفافا وضعفا وسهولة فى اللفظ والأسلوب لا يمكن أن تضاف إلى شاعر قديم . ويكفى أن تقرأ هذه القصيدة النى أولها :
    يا ذا المخوفنا بقت
    ل أبيه إذلالا وحينا
    أزعمت انك قد قتلتت
    ت ستراتنا كذبا ومينا

    لتعرف أنها من عمل القصاص ، وأن هذا الشعر وأشباهه إنما هو من أثر التنافس بين العصبية اليمنية والمضرية .
    ولولا أننا نؤثر الإيجاز ونحرص عليه لروينا لك هذا الشر ووضعنا يدك على مواضع التوليد فيه ؟
    ولكن الرجوع إلى هذا الشعر يسير والحكم عليه أيسر.
    وإذن فكل شعر امرئ القيس الذى يتصل بشعر عبيد هذا منحول أيضا كشعر عبيد.
    وقد رأيت من هذه الالمامة القصيرة بهؤلاء الشراء الثلاثة : (امرئ القيس وعبيد وعلقمة) أن الصحيح من شعرهم لا يكاد يذكر وأن الكثرة المطلقة من هذا الشعر مصنوعة لا تثبت شيئا ولا تنفى شيئا بالقياس إلى العصر الجاهلى ، لا نستثنى من ذلك إلا قصيدتين اثنتين لعلقمة : الأولى : " طحا بك قلب للحسان طروب " والثانية : " هل ما علمت وما استودعت مكتوم " فقد يمكن أن يكون لهاتين القصيدتين نصيب من الصحة مع شئ من التحفظ فى بعض أبيات القصيدة الثانية .
    ولكن صحة هاتين القصيدتين لا تمس رأينا فى الشعر الجاهلى فقد رأيت أن علقمة متأخر العصر جدا، وأنه مات بعد ظهور الإسلام ، ورأيت أيضا أنه كان يأتى قريشا ويعرض عليها شعره.
    على أننا احتفظنا لأنفسنا بالشك فى بعض أبيات القصيدة الثانية يظهر فيها التوليد، وهى هذه الأبيات التى يذهب فيها الشاعر مذهب ؟ الحكمة وضرب المثل ؟

    3- عمرو بوقميئة- مهلهل - جليلة
    وشاعران آخران يتصل ذكرهما بذكر امرئ القيس .
    كان أحدهما - فيما يقول الرواة صديقا له ، صحبه فى رحلته فى قسطنطينية، ولم لعد من هذه الرحلة كما لم يعد امرئ القيس ، وهو عمرو اثن قميئة .
    وكان الآخر خال امرئ القيس - فيما يقول الرواة - وهو مهلهل بن ربيعة .
    ولابد من وقفة قصيرة عند هذين الشاعرين فسترى بعد قليل من التفكير أن حياتهما ليست أوضح ولا أثبت من حياة امرئ القيس وعبيد ، وأن شعرهما ليس أصح ولا أصدق من شعر امرئ القيس وعبيد .
    ولنلاحظ قبل كل شئ أن بين امرئ القيس وعمرو بن قميئة شبها غريبا ، فقد كان امرؤ القيس يسمى الملك الضليل.
    وفسرنا نحن هذا الاسم تفسيرا غير الذى اتفق عليه الرواة وأصحاب اللغة .
    فقلنا إنه الملك المجهول الذي لا يعرف عنه شئ، قلنا إنه ضل بن قل .
    وكانت العرب تسمى عمرو بن قميئة عمرا الضائع.
    فأما المتأخرون من الرواة بعد الإسلام فقد التمسوا لهذه التسمية تفسيرا فوجدوه فى سهولة ويسر، أليس قد رحل مع امرئ القيس فى القسطنطينية ؟
    أليس قد مات فى هذه الرحلة ؟ فهو إذن عمرو الضائع لأنه ضاع فى غير قصد ولا وجه .
    أما نحن فنفسر هذا الاسم كما فسرنا اسم امرئ القيس ، ونرى أن عمرو بن قميئة ضاع كما ضاع امرؤ القيس من الذاكرة، ولم يعرف من أمره شئ إلا اسمه هذا كما لم يعرف أمر امرئ القيس ولا من أمر عبيد إلا اسمهما ، ووضعت له قصة كما وضعت لكل من صاحبيه قصة، وحمل عليه شعر كما حمل علي صاحبيه الشعر أيضا .
    قال الرواة : إن ابن قميئة عمر طويلا وعرف امرأ القيس وقد انتهت به السن إلى الهرم ، ولكن امرأ القيس أحبه واستصحبه فى رحلته رغم سنه .
    قال ابن سلام : إن بنى اقيش كانوا يدعون بعض شعر امرئ القيس لعمرو بن قميئة، وليس هذا بشيء . وفى الحق إن هذا ليس بشيء ؟
    فإن هذا الشعر لا يمكن أن يكون لعمرو ابن قميئة كما لا يمكن أن يكون لامرئ القيس فهو شعر محدث محمول .
    وإذا كأن عمرو بن قميئة لم يعرف امرأ القيس ، إلا بعد أن تقدمت به السن وأدركه الهرم فيجب أن يكون قد قال الشعر قبل امرئ القيس الذى لم تتقدم به السن .
    والرواة يزعمون أن ابن قميئة قال الشعر فى شبابه الأول .
    وإذن فليس امرؤ القيس هو أول من فتع للناس باب الشعر، ولكن ما لنا نقف عند شيء كهذا والرواة يضطربون فيه اضطرابا شديدا ؟ فهم يزعمون أن أول من قصد القصائد مهلهل ابن ربيعة خال امرئ القيس .
    وكان امرأ القيس إنما جاءه الشعر من قبل أمه ومعنى ذلك أن الشعر عدنانى لا قحطانى .
    ومن هنا نشأت نظرية أخرى تزعم أن الشعر يمانى كله ، بدئ بامرئ القيس فى الجاهلية وختم بأبى نواس فى الإسلام .
    فأنت ترى أنا حين نقف عند مسألة كهذه لا تتجاوز العصبية بين عدنان وقحطان ولكن سترى أكثر من هذا بعد قليل .
    قصة عمرو بن قميئة التى يرويها الرواة ليست شيئا قيما، وانما هى حديث كغيره من الأحاديث ؟
    فهم يزعمون أن أباه توفى عنه طفلا فكفله عمه ؟ونشأ
    عمرو جميلا وضئ الطلعة فكلفت به امرأة عمه وتكلمت ذلك حتى إذا غاب زوجها لأمر من أموره أرسلت إلى الفتى، فلما جاء دعته إلى نفسها فامتنع وفاء لعمه وامتناعا عن منكر الأمر، وانصرف .
    ولكنها حنقت عليه وألقت على أثره جفنه ، حتى إذا عاد زوجها أظهرت الغضب والغيظ وقصت على زوجها الأمر وكشفت عن الأثر، فغضب الرجل على ابن أخيه .
    هنا يختلف الرواة، فمنهم من يزعم أنه هم بقتله " فهرب الى الحيرة، ومنهم من يزعم أنه أعرض عنه .
    ومهما يكن من شئ فقد اعتذر الشاب إلى عمه في شعر نروى لك منه طرفا لتلمس بيدك ما فيه من سهولة ولين وتوليد :
    خليلي لا تستعجلا أن تزودا
    وأن تجمعا شملي وتنتظرا غدا
    فما لبثي يوما بسائق مغنم
    ولا سرعتي يوما بسائقة الردى
    ون تنظرا فى اليوم أقض لبانه
    وتستوجبا منا على وتحمدا
    لعمرك ما نفس بجد رشيدة
    تؤامرنى سوءا لأصوم مرثدا
    وإن ظهرت منى قوارص جمة
    وأفرغ من لؤمي مرارا واصعدا
    على غير جرم أن أكون جنيته
    سوى قول باغ كادني فتجهدا
    لعمري لنعم المرء تدعو بخلة
    إذا المنادى فى المقامة نددا
    عظيم رماد القدر لا متعبس
    ولا مؤيس منها إذا هو أوقدا
    وإن صرحت كحل وهبت عرية
    من الريح لم تترك من المال مرقدا
    صبرت على وطء الموالى وخطبهم
    إذا ضن ذو القربى عليهم واخمدا
    ولم يحم حرم الحي إلا محافظ
    كريم المحيا ماجد غير أجردا

    ونظن أن النظر فى هده القصيدة يكفى ليقنع القارئ بأننا أمام شئ منتحل متكلف لا حظ له من صدق .
    وليس خيرا من هذه القصيدة هذا الشعر الذى يقال إن عمرو ابن قميئة أنشأه لما لقدمت به السن يصف به هرمه ضعفه .
    ولعله قاله قبل أن ، يرتحل مع امرئ القيس إلى بلاد الروم .
    ويزعم الشعبي، أو من روى عن الشعبي أن عبد الملك ين مروان تمثل به فى علته التى مات فيها. وهو:
    كأني وقد جاوزت تسعين حجه
    خلعت بها عنى عنان لحامى
    على الراحتين مرة وعلى العصا
    أنوء ثلاثا بعدهن قيامي
    رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى
    فما بال من يرمى وليس برام
    فلو أن ما أرمى بنبل رميتها
    ولكنما أرمى بغير سهام
    إذا ما رآنى الناس قالوا ألم يكن
    حديثا جديد البرى غير كهام
    وأفنى وما أفنى من الدهر ليلة
    وما يفنى ما أفنيت سلك نظامي
    وأهلكني تأميل يوم وليلة
    وتأميل عام بعد ذاك وعام

    فنحن نستطيع بعد هذا أن نضيف عمرو بن قميئة إلى صاحبيه الضائعين : (عبيد وامرئ القيس ) ، وأن ننتقل الى مهلهل ، لنرى ماذا يمكن أن يثبت لنا من أمره وشعره .
    فأما أمره فنظن أنه يسير لا سبيل إلى الاختلاف فيه . فيجب أن نبلغ من السذاجة حظا غير قليل لنسلم بما كان يتحدث به الرواة من أمر هذه القصة الطويلة العريضة : قصة اليسوس .
    ونظن ان الاتفاق يسير على أن هذه القصة كد طولت ونمت وعظم أمرها فى الإسلام حين اشتد التنافس بين ربيعة ومضر من ناحية ، وبين بكر وتغلب من ناحية أخرى ؟ وليس مهلهل فى حقيقة الأمر إلا بطل هذه القصة ؟
    فقد عظم أمره وارتفع شأنه بمقدار ما نميت هذه القصة وطول فلها . ولسنا نذكر أن خصومة عنيفة كانت بين القبيلتين الشقيقتين بكر وتغلب فى العصور الجاهلية القديمة ، وأن هذه الخصومة كد انتهت إلى حروب سفكت فيها الدماء وكثرت فيها القتلى ؟
    ولكن أسباب هذه الخصومة ومظاهرها وأعراضها وآثارها الأدبية قد ذهبت كلها ولم يبق منها إلا ذكرى ضئيلة تناولها القصاص فاستغلوها قويا ، ووجدت بكر، تغلب وبيعة كلها حاجتها فى هذا الاستغلال .
    ولم لا ؟
    ألم تكن النبوة والخلافة ومظاهر الشرف كلها لمضر فى الإسلام ؟
    وكيف يستطيع العرب من رييعة أن يؤمنوا لمضر بهذه السيادة وهذا المجد دون أن يثبتوا لأنفسهم فى قديم العهد على أقل تقدير مجدا وشرفا وسيادة ؟ وقد فعلوا : فزعموا أنهم كانوا سادة العرب من عدنان فى الجاهلية : كان منهم الملوك والسادة ، وكان منهم الذين ذادوا القحطانية عن ولد عدنان ، وكان منهم الذين قاوموا طغيان اللخميين فى العراق الغسانيين فى الشام ، وكان منهم الذين هزموا جيوش كسرى فى يوم ذى قار.
    لمضر إذن حديث العرب بعد الإسلام ، ولربيعة قديم العرب قبل الإسلام .
    فإذا لاحظت إلى هذا ما كان من الخصومة الفعلية بين ربيعة ومضمر أيام بنى أمية وما كان من الخصومة الأدبية بين جرير شاعر مضر الذى يقول :
    ان الذى حرم المكارم تغلبا
    جعل النبوة والخلافة فينا
    هذا ابن عمى فى دمشق خليفة
    لو شئت ساقكم الى قطينا

    وبين الأخطل الذى يقول :
    أبنى كليب ان عمى اللذا قتلا الملوك وفككا الأغلالا نقول إذا لاحظت كل هذه الخصومات لم يصعب عليك أن تتصور كثرة الانتحال فى القصص والشعر.
    حول رييعة عامة وحول هاتين القبيلتين من ربيعة خاصة ، وهما بكر وتغلب .
    على أن بعض الرواة كانوا يظهرون كثيرا من الشك فيما كانت تتحدث به بكر وتغلب من أمر هذه الحروب - ومهما يكن من شئ فليست شخصية مهلهل بأوضح من شخصية امرئ القيس أو عبيد أو عمرو بن قميئة ؟
    وانما تركت لنا قصه البسوس منه صورة هى إلى الأساطير أقرب منها إلى اى شئ آخر ، ومن هنا قال ابن سلام إن العرب كانت ترى أن مهلهلا كان يتكثر ويدعى فى شعره أكثر مها يعمل ، والحق إن مهلهلا لم يتكثر ولم يدع شيئا، وانما تكثرت تغلب فى الإسلام ونحلته ما لم يقل .
    ولم تكتف بهذا الانتحال بل زعمت أن أول من قصد القصيد وأطال الشعر، ثم أحست ما نحس الآن أو أحسه الرواة أنفسهم وهو أن فى هذا الشعر اضطرابا واختلاطا فزعمت ، أو زعم الرواة ، أنه لهذا الاضطراب والاختلاط سمى مهلهل ، لأنه هلهل الشعر. والهلهلة الاضطراب .
    يستشهد ابن سلام على هذا بقول النابغة : " أتاك بقول هلهل النسج كاذب " وليس من شك فى أن شعر مهلهل مضطرب ، فيه هلهلة واختلاط .
    ولكننا نستطيع أن نجد هذه الهلهلة نفسها فى شعر امرئ القيس وعبيد وابن قميئة وكثير غيرهم من شعراء العصر الجاهلى، فقد كانوا جميعا مهلهلا أذن .
    غير أننا لا نستطيع أن نطمئن إلى أن يهلهل شعراء الجاهلية جميعا الشعر بحيث يصبح لكل واحد منهم شخصيات شعرية مختلفة تتفاوت فى القوة والضعف وفى الشدة واللين وفى الأغراب والسهولة .
    وإذن فمن الذي هلهل الشعر؟ هلهله الذين وضعوه من القصاص والمنتحلين وأصحاب التنافس والخصومة بعد الإسلام .
    ويحسن أن نظهرك على شئ من شعر مهلهل لترى كما نرى أنه لا يمكن أن يكون أقدم شعر قالته العرب :
    أل يلتنا بذي حسم أنيري
    إذا أنت انقضيت فلا تحوري
    فإن يك بالذنائب طال ليلى ف
    قد أبكى من الليل القصير
    فلو نبش المقابر عن كليب
    لأخبر بالذنائب اى زير
    ويوم الشعشمين لقرعينا
    وكيف لقاء من تحت القبور
    على أنى تركت بواردات
    بجيرا فى دم مثل العبير
    هتكت به بيوت بنى عباد
    وبعض الغشم أشفى للصدور
    على أن ليس يوفى فى كليب
    إذا برزت مخبأة الخدود
    وهمام بن مرة قد تركنا
    عليه القشعمان من النسور
    ينوء بصدره والرمح فيه
    ويخلجه خدب كالبعير
    فلولا الريح أسمع من بحجر
    صليل البيض تقرع بالذكور
    فدى لبنى شقيقة يوم جاءوا
    كأسد الغالط لجت فى الزئير
    كأن رماحهم أشطان بئر
    بعيد بين جاليها جرور
    غداة كأننا وبنى أبينا
    بجنب عنيزة رحيا مدير
    تظل الخيل عاكفة عليهم
    كأن الخيل ترحض فى غدير

    أليس يقع من نفسك موقع الدهش أن يستقيم وزن هذا الشعر وتطرد قافيته وان يلائم قواعد النحو وأساليب النظم لا يشذ فى شئ ولا يظهر عليه شئ من أعراض الندم أو مما يدل على أن صاحبه هو أول من قصد القصيد وطول
    الشعر؟ أليس يقع فى نفسك هذا كله موقع الدهش حين تلاحظ معه سهولة اللفظ ولينه وإسفاف الشاعر فيه إلى حيث لا تشك أنه رجل من الذين لا يقدرون إلا على مبتذل اللفظ وسوقيه
    ؟ ولكننا لا نريد أن نترك مهلهلا هذا دون ان نضيف إليه امرأة أخيه جليلة التى رثت كليبا- فيما يقول الرواة - بشعر لا ندرى أيستطيع شاعر أو شاعرة فى هذا العصر الحديث أن يأتى بأشد منه سهولة ولينا وابتذالا مع أننا نقرأ للخنساء وليلى الأخيلية شعرا فيه من قوة المتن وشدة الأسر ما يعطينا صورة صادقة للمرأة العربية البدوية .
    قالت جليلة :
    يا ابنة الأقوام ان شئت فلا
    تعجلي باللوم حتى تسألى
    فإذا أنت تبينت الذى
    يوجب اللوم فلومي واعذلي
    إن تكن أخت امرئ ليمت على
    شفق منها عليه فافعلي
    جل عندي فعل جساس فيا
    حسرتى عما انجلى أو ينجلي
    فعل جساس على وجدى به
    قاصم ظهري ومدن أجلى
    يا قتيلا قوض الدهر به
    سقف بيتي جميعا من عل
    هدم البيت الذى استحدثته
    وانثنى فى هدم بيتي الأول
    ورمانى قتله من كثب
    رمية المصمى به المستأصل
    يا نسائي دونكن اليوم قد
    خصنى الدهر برزء معضل
    خصنى قتل كليب بلظى
    من ورائي ولظى مستقبلي
    ليس من يبكى ليوميه كمن
    إنما يبكى ليوم ينجلي

    وقد أعرضنا فى كل هذه الأحاديث عن أسجاع ما نظن أن أحدا يرتاب فى أنها مصنوعة متكلفة .
    ونعتقد أن قراءة هذا الشعر الذى رويناه تكفى لنضيف فى غير مشقة مهلهلا وامرأة أخيه إلى ابن أخته امرئ القيس.
    وقد فرغنا من امرئ القس ومن يتصل به من الشعراء ولكننا لم نفرغ من الشعراء أنفسهم ؛ فلابد من وقفات أخرى قصيرة عند طائفة منهم .
    وستثبت لك هذه الوقفاف أننا لسنا غلاة ولا مسرفين إن خشينا ألا يقتصر الشك على امرئ القيس وشعره .
                  

العنوان الكاتب Date
في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه حسين بدر الدين الأمير05-07-10, 07:44 AM
  Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-07-10, 08:15 AM
    Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-07-10, 08:32 AM
      Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-07-10, 08:54 AM
        Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-07-10, 09:27 AM
  Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-07-10, 09:44 AM
    Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-07-10, 08:01 PM
      Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح عماد الشبلي05-07-10, 08:10 PM
        Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-07-10, 09:54 PM
          Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-08-10, 04:13 PM
            Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-08-10, 05:56 PM
              Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح عبداللطيف خليل محمد على05-08-10, 06:00 PM
                Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-08-10, 06:42 PM
                  Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-08-10, 07:23 PM
                    Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-08-10, 08:21 PM
                      Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح عمار عبدالله عبدالرحمن05-08-10, 08:52 PM
                        Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-08-10, 09:53 PM
                          Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-08-10, 10:47 PM
                            Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح طلعت الطيب05-09-10, 03:16 AM
                              Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح haroon diyab05-09-10, 05:43 AM
                                Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-09-10, 08:53 AM
                                  Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح الفاتح ميرغني05-09-10, 09:03 AM
                                    Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح د.محمد بابكر05-09-10, 02:39 PM
                                      Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح Mohamed E. Seliaman05-09-10, 02:50 PM
                                        Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح طلعت الطيب05-09-10, 05:36 PM
                                          Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-10-10, 06:35 PM
                                            Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-10-10, 07:06 PM
                                              Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-10-10, 07:24 PM
                                                Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-10-10, 07:58 PM
                                                  Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-11-10, 08:02 PM
                                                    Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح د.محمد بابكر05-12-10, 08:01 AM
                                                      Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح د.محمد بابكر05-12-10, 09:46 AM
                                                        Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-22-10, 07:10 PM
                                                          Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح GAAFER ALI05-25-10, 01:58 AM
                                                            Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح Baha Elhadi05-25-10, 02:15 AM
                                                              Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-25-10, 05:32 PM
                                                                Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-25-10, 06:40 PM
                                                                  Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-26-10, 04:12 PM
                                                                    Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-26-10, 10:18 PM
                                                                      Re: في الشعر الجاهلي الكتاب الذى أراب العمائم الزيف وبسببه تم انتزاع العمامة الازهرية من طه ح بدر الدين الأمير05-27-10, 05:36 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de