حملة مكافحة العنف الإنتخابى !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 00:15 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-26-2010, 12:08 PM

السودانية للتنمية و اللاعنف


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حملة مكافحة العنف الإنتخابى ! (Re: السودانية للتنمية و اللاعنف)


    المنظمة السودانية للتنمية و اللاعنف
    SUDANESE ORGANIZATION FOR NONVIOLENCE
    AND DEVELOPMENT-SONAD.
    بالتعاون مع خدمات التنمية الألمانية

    ورشة عمل حول:

    دور الإعلام في دعم السلام ومكافحة العنف الانتخابي




    فيصل محمد صالح
    كاتب صحفي




    الخرطوم – 8 أبريل 2010













    مدخل:
    يتساءل آريال دورفمان " كيف نستطيع أن نبقي الماضي حيا دون أن نقع أسرى له؟ كيف يمكن أن ننساه دون أن نخاطر بتكراره في المستقبل؟." هذا تساؤل في لب وجوهر الموضوع. ويضرب مثالا لجمهوريات يوغسلافيا السابقة، فالماضي صار جزءا من الحاضر بشكل يبدو ألا فكاك منه، ويضيف أن تلك البلاد لا تعيش في مراحل زمنية متعاقبة، لكن تتعاصر فيها الأزمان، الماضي والحاضر، معا وفي وقت واحد، بحيث يعاد إنتاج الأحداث بشكل متكرر. (1)
    المطلوب عند آريال دورفمان، وعند غيره من الباحثين في أوضاع مجتمعات ما بعد النزاع، أن يكون رد فعل المجتمع تجاه عمليات النزاع والعنف الجماعي الذي وقع مزيج من البحث عن الحقيقة والعدالة والرغبة في العقاب والتسامح، وهي الأعمدة النفسية المطلوبة لبناء مجتمعات ما بعد النزاع. ومن المهم هنا توضيح عدم التناقض بين الرغبة في العقاب... والتسامح، لأن نقيض التسامح هو الانتقام والعنف المضاد، وليس العقاب. والمتسامح لا يأخذ القانون بيده، ولا تتملكه شهوة الانتقام العمياء التي تعيد دائرة العنف الشريرة مرة أخرى، لكنه يقبل بالاحتكام للقانون وبالعقاب الذي يضمن عدم تكرر العنف والانتهاكات، ليس أكثر.

    1- مجتمعات ما بعد النزاع Post Conflict Societies
    يقع السودان ضمن الدول التي تقع تحت تعريف مجتمعات ما بعد النزاع Post Conflict Society عند البعض، بينما هو في نظر البعض الآخر ما يزال ضمن المجتمعات التي تعيش مرحلة النزاع. وتتفاوت التعريفات بحسب زاوية النظر، فالذين تعاملوا مع الحرب الأهلية الثانية في السودان ( 1983-2005) باعتبارها هي النزاع الأساسي في البلاد، اعتبروا توقيع اتفاق السلام الشامل والوقف الكامل لإطلاق النار في الجنوب والدخول في المرحلة الانتقالية بترتيباتها الكثيرة يعني تلقائيا أن البلد انتقل من مرحلة المجتمعات تحت النزاع إلى مجتمعات ما بعد النزاع. بينما هناك من يجيل نظره لأبعد من ذلك ويعتبر أن النزاع في دارفور ومناطق أخرى من كردفان يجعل السودان واقعا، لا يزال، في إطار مجتمعات تحت النزاع. ولكل تعريف من هذه التعريفات وتوصيفاته مآلات ونتائج مباشرة على الوصفات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقانونية التي تقدم من قبل الخبراء المحليين والدوليين للتعامل مع المشاكل والتعقيدات التي يعيشها المجتمع والدولة وتوفير الحلول لها.
    وقد يرى البعض، بحكم أن المؤسسات الانتقالية، ومن بينها هذا البرلمان، قد صارت أمرا واقعا، فإن التعامل المناسب هو اعتبار أن السودان يقع تحت تعريف مجتمعات ما بعد النزاع، مع وجود إقليم كبير فيه ما يزال في مرحلة نزاع. هذه الحيرة والازدواجية في التعامل لا تواجه الباحثين الأكاديميين ولا صناع القرار داخل البلد، وحدهم ، لكن للمجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة نصيب وافر منها، وينعكس ذلك في شكل وتصنيف ونوع المساعدات المادية والفنية الني تقدم والبرامج التي تقع في إطارها.

    2- طبيعة مجتمعات ما بعد النزاع:
    هناك اتفاق بأن مجتمعات ما بعد النزاع يجب أن تعامل مثلما يعامل المريض في مرحلة النقاهة، فهي قد تجاوزت مرحلة الخطر وخرجت من غرفة الإنعاش، لكنها لم تشف تماما من المرض، وإذا لم تجد الرعاية والعناية التمريضية اللازمة يمكن أن تنتكس.
    إنها مجتمعات تتعايش فيها مشاعر ورغبات واتجاهات شتى، تتراوح بين الرغبة في نسيان الماضي والعيش فيه، سيادة مشاعر التسامح والرغبة في الانتقام، الثقة في المستقبل والشك فيه، القبول والرفض للمساومة التاريخية التي تمت، الإقدام على عملية الإصلاح الشامل والرفض أو التلكؤ فيها....الخ
    وغالباً ما يثور الجدل حول أسباب النزاعات العنيفة ودوافعها ، انطلاقا من أن حل النزاع لايمكن أن يتم دون فهم مسبباته. وتتراوح أسباب النزاعات بين الأسباب الثقافية والإثنية (لها علاقة بالهويّة)، والأسباب الاقتصادية (الندرة البيئية /لعنة الموارد، الفقر، انعدام المساواة، والجشع الاقتصادي)، والفشل السياسي (المؤسّسات الضعيفة أو التصميم المؤسّسي غير المناسب)، بالإضافة إلى العوامل الخارجية ، لا سيّما التدخّل الخارجي و انعكاسات العيش في بيئة إقليمية سيّئة وما إلى هنالك. (2)
    إذن التحدّي الأوّل هو كيف نتوصّل إلى فهم صحيح لطبيعة المشكلة حنى ننجح في إيجاد الحلّ المناسب، والذي يتمثل في إجراءات سياسية ديموقراطية وتدابير أخرى تتيح المجال وتسهِّل وتشجّع المنافسة السياسية والتعاون والنزاع السلمي في المجتمع بدون الوقوع في إغواء اللجوء إلى العنف أو الدعوة إليه أو إرغام الآخرين على ممارسته، أو فرض النظام من خلال أساليب سلطويّة.
    1-2: ومن المواصفات المعروفة لهذه المجتمعات:
    - هشاشة المؤسسات،
    - ضعف الثقة بين الأطراف السياسية والاجتماعية المكونة للمجتمع،
    - القابلية للتوتر واللجوء للعنف،
    - تردد الممارسات السياسية والتنفيذية بين النهج الشمولي والديمقراطي،
    - ضعف آليات وتقاليد الحوار، أو غيابها

    2-2: وتحتاج هذه المجتمعات طوال فترة الانتقال/النقاهة إلى حزمة من الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقانونية والإعلامية تتواكب مع خطوات الانتقال، وتعمل على تسريع العملية السياسية وتحفيز كل القوى الاجتماعية والسياسية للمساهمة والاشتراك عبر تمليكها آليات الحوار وتوفير البيئة المناسبة له. ومن أهم المبادرات المطلوبة عملية المصالحة الوطنية التي خاضتها عدة دول بطرق مختلفة ونجحت في تضميد الجراح ومداواة الآلام ونقل البلد والمجتمع إلى مرحلة جديدة.
    ولن نستطرد طويلا في الحديث عن التجربة السودانية في هذا الجانب، لأن هناك دراسات كثيرة تعنى بهذا، لكن سنجد أن هناك أسباب مركبة للنزاع والعنف في السودان تجمع بين مجموعات الأسباب الثلاثة، الثقافية والإثنية، والأسباب الاقتصادية والبيئية، والأسباب السياسية المتمثلة في فشل وضعف المؤسّسات ، بالإضافة إلى العوامل الخارجية. (3)
    وقد اعترفت اتفاقية السلام الشامل، وهي المرجعية الأساسية لفترة الانتقال، ودستور السودان الانتقالي لعام 2005، بشكل ما بهذه المسببات، واجتهدت في توفير المعالجات اللازمة لها. لكن لن يختلف الكثيرون حول التعثر الواضح في هذه الجهود وفي تنفيذ التزامات الأطراف المختلفة.
    وهناك حاجة الآن لزيادة المحفزات وشحن طاقات كل الأطراف ذات الصلة والتي يمكن أن تلعب دورا إيجابيا في تجاوز مرحلة التقاعس نحو انطلاقة جديدة
    ويأتي ظرف الانتخابات ليكون سببا آخر محتملا لوجود العنف، فمع حالة عدم الاستقرار وهشاشة المؤسسات والخصومات الحدية بين أطراف اللعبة السياسية وأجواء عدم الثقة في بعضها البعض، وفي مفوضية الانتخابات، وغياب ثقافة الديمقراطية لسنوات طويلة، ووجود جمتعات سياسية مسلحة، والتسييس القبلي والإثني والطائفي، يبدو تفجر العنف الانتخابي أمرا محتملا. فما هو اعنف الانتخابي؟

    3- خلفية عن العنف الانتخابي

    3-1: ماهو العنف الانتخابي:
    العنف الانتخابي يمكن تعريفه بأنه عمل او تصرف يسيء أو يعرقل سير العملية الانتخابية أو وصول الناخبين، يؤدي الى عدم نزاهة الانتخابات او تغيير رأي الناخب حين التصويت وفي بعض الاحيان قد يؤدي الى عدم إجراء الانتخابات واختناق فضاء الديمقراطية. وتنعكس النتيجة العملية لصالح طرف معين وفي النهاية تؤثر على نتائج الانتخابات وتغيير ميزان القوى بين الاطراف المشاركة في الانتخابات.
    كما يعرف العنف الانتخابي بأنه الأفعال التي تستخدم لتحقيق الإيذاء، التخويف، الاستغلال، التمزيق، الردع، التعجيل، التأجيل، أو قلب العملية الانتخابية، أو النتائج والأفعال التي تحدث بين تسجيل الناخب وقيام حكومة جديدة . (4)
    ويعتبر العنف الانتخابي أحد الخيارات العديدة المتوفرة للمرشحين السياسيين والاحزاب، تستخدمه للتأثير على نتائج الانتخابات. بينما يوجد العديد من التعريفات للعنف الانتخابي،
    وعادة ما يمارس العنف الانتخابي على المشاركيين من المرشحين والناخبين والقائميين بالاشراف على سير الانتخابات. ويتحمل موضوع العنف الانتخابي كثير من الجدل والنقاش، وهناك كثير من التعريفات حول هذا الموضوع يختلف صيغتها ومضمونها بين الشعوب والمجتمعات والانظمة الحاكمة حسب الفترات الزمنية ولهذا السبب هنالك دول وحسب قوانينها الداخلية تعطي الاسماء والتعريفات المختلفة لمفهوم ( العنف الانتخابي ) وفي المقابل أيضا تحدد له العقوبات الخاصة .

    3-2: انواع العنف الانتخابي:
    ينقسم العنف الانتخابي الى نوعين :العنف المعنوي، والعنف الجسدي
    3-2-1: العنف المعنوي يشمل :
    - التهديد اللفظي ( التهديد بالعنف ضد أي شخص ينظم أو يشرف او يشارك في الانتخابات ( مرشح او ناخب أو مشرف)
    - التحريض اللفظي على العنف بين المرشحيين
    - إثارة الكراهية والبغضاء بين أفراد وتكوينات المجتمع.
    - الابتزاز والاهانة
    - تهديد الناخبين او مشرفي سير الانتخابات والمراقبين والوكلاء الكتل اثناء التصويت داخل المراكز وخارجها بالقوة
    - الضغط والتهديد لموظفي ومشرفي سير الانتخابات و وكلاء الكتل الانتخابية اثناء عد وفرز الاصوات
    - تبادل التهم الباطلة بين الكتل والقوائم الانتخابية
    - بث خطابات الكراهية التي تدعو لصراع القومي والطائفي والمذهبي
    - فرض قيود على حملات الانتخابية لمرشحيين دون غيرهم
    - احتكار نفوذ الجيش والشرطة لغرض اظهار القوة لاحد القوائم وتخويف الاخرين

    3-2-2: العنف الجسدي :

    - القتل والاعتداء على المرشحين اثناء حملتهم الانتخابية
    - ممارسات الخطف والقتل والضرب للناخبين أو الموظفين المشرفين على سير الانتخابات اثناء الفترات الزمنية لمراحل سير عملية الانتخابات ( تسجيل المرشحين، تسجيل الناخبين، الدعاية الانتخابية، التصويت، العد والفرز، اعلان النتائج )
    - تدمير الممتلكات المنقولة وغير المنقولة تحت التهديد، للنيل من المرشح والناخب "تمزيق البوسترات-إزالة الخيم"
    - إتلاف وتمزيق الصحف والملصقات الدعائية التي تدعم الكيانات والكتل والقوائم الانتخابية
    - احداث الضرر بالمراكز الانتخابية وتهديد الموظفين
    - منع المرشحين او الناخبين ومساعديهم من القيام بعملهم المشمول بالقانون في إطار العملية الانتخابية (5)
    3-3: أسباب العنف الانتخابي :
    الاسباب الرئيسة التي تؤدي الى العنف الانتخابي يمكن حصرها في النقاط التالية :
    - انعدام سيادة القانون وسلطة العدالة في المجتمع
    - سيادة وشيوع روح القبلية والطائفية والمذهبية والتسييس الإثني والعرقي
    - عدم قبول الاخر وتسلط تقافة العنف
    - غياب الثقافة والتقاليد الديمقراطية
    - وجود ميليشيات مسلحة غير نظامية تابعة لاطراف المتنازعة
    - وجود نزاعات وصراعات بين الاطراف المتنازعة يلجأون لحلها في الانتخابات وليس بالحوار قبل الانتخابات
    - عدم قبول نتائج الانتخابات

    3-4: اهداف العنف الانتخابي:

    - ترهيب وتخويف الناخبين ومرشحين من قبل جهة مسلطة لغرض الامتناع عن الترشيح أو التصويت، او التصويت لصالحهم
    - الترهيب والتخويف لغرض عرقلة سير عملية الانتخابات لأنها ستأتي في غير صالج الجهة التي تستخدم العنف
    - تهديد وممارسة الضغط على موظفي ومشرفي سير عملية الانتخابات لتغيير نتائج الانتخابات
    - الامتناع ممارسة الديمقراطية وعملية المشاركة السياسية لبنها تؤدي الى زوال قوة الجهات المهيمنة

    4- دور الإعلام في مجتمعات ما بعد النزاع:
    أولت كثير من الدراسات والبحوث الدولية، وبرامج الدعم المصاحبة للمساعدات الدولية لمجتمعات ما بعد النزاع والديمقراطيات الجديدة والمستعادة، اهتماما كبيرا بدور الإعلام في هذه المجتمعات. وينبع هذا الاهتمام من الاعتراف بالدور الكبير الذي لعبه ويمكن أن يلعبه الإعلام في هذه المجتمعات، سلبا وإيجابا. فالاتصال هو الآلية التي تساعد على تطور العلاقات الإنسانية. كما أن أجهزة الإعلام تلعب الدور الأساسي في تشكيل الصور الذهنية ونقلها عبر الزمان والمكان، وتكوين صورة الآخر عند الذات وبالعكس، وذلك لأنها الأداة التي يتم عبرها نقل المعلومات والأفكار والمواقف المختلفة، وهي التي تعيد صياغة قلوب وعقول الناس.
    ولأن أجهزة الإعلام لا تستطيع الإفلات من النظام السياسي الموجود فإنها وفي حالات الحرب والنزاع يتم استخدامها للتحريض والتعبئة والتجنيد والاستنفار، وهي لكي تلعب هذا الدور لا بد أن تميل لرسم صورة ذهنية سالبة للآخر، تبدأ من صورة المختلف، المستبد، المستغل، الظالم ، المستعلي، العميل، الحاقد، الخارج، وتنتهي بأبعد صورة ذهنية سالبة يتجسد فيها كل الشر. وغالبا ما يتم استخدام الرموز الدينية والثقافية والاجتماعية والأيدلوجية لترسيخ هذه الصور. والهدف النهائي هو خلق مشروعية كاملة لحالة محاربة الآخر وهزيمته. ولا يتم خلق هذه الصورة بين يوم وليلة، لكنها تمر بمراحل بناء متدرجة، لهذا يصعب بعد ذلك هدمها في ليلة.
    وتستشهد كثير من الدراسات بالدور التحريضي الذي لعبته محطة إذاعة رواندية شهيرة في المذابح التي تعرضت لها إثنية التوتسي والمعتدلين من الهوتو في رواندا, فقد لعب راديو Tele Libre Mille Collines (RTLM) في كيقالي دورا في تحريض المدنيين والقرويين الهوتو لملاحقة وذبح وقتل مجموعات التوتسي. وتدرس تجربة هذه المحطة الإذاعية في عدة مناطق في العالم تحت مسمى "راديو الكراهية". (6)
    إلى جانب ذلك تعمل أجهزة الإعلام في مرحلة النزاع والحرب على تقديم المعلومات الإيجابية عن الطرف الذي تؤيده أو يملكها، وتخفي المعلومات السلبية، وتعمل عكس ذلك مع أخبار ومعلومات الطرف الآخر، كما قد تعمل على تشويه مواقفه.
    4-1: بالمقابل فإن الإعلام يمكن أن يلعب دورا كبيرا في نقل هذه المجتمعات إلى موقف أكثر تقدما، تنفتح فيه الأبواب وتبدأ عملية حوار اجتماعي واسع لمداواة الجروح وتجاوز مشاعر الألم، ثم تهيئة الأرض والناس لتجربة سياسية واجتماعية جديد والقبول بالعملة الانتخابية الديمقراطية ونتائجها. ومثلما كانت أجهزة الإعلام أداة أساسية في زمن الحرب للتعبئة والتجييش يمكن أن تصبح أداة أساسية في بناء مجتمعات ما بعد النزاعات.
    لكن بالتأكيد فإن جهود الإعلام يجب أن تسير جنبا إلى جنب مع جهود ومبادرات الإصلاح السياسي لتجسير الهوة بين مكونات المجتمع وتطوير النقاش السياسي.
    ومعلوم أن بناء السلام والمصالحة الوطنية والدخول في العملية السياسية الانتخابية بروح جديدة، يعني فيما يعني، بناء الثقة، وإذا لم يثق الناس في أجهزة الإعلام ويؤمنوا بمصداقيتها فهم لن يثقوا ببعضهم البعض، لهذا تصبح المصداقية في الأداء، واقتناع الناس بها شرطا لازما لثقة الناس في الإعلام وفي بعضهم البعض.
    4-2: ولكي تلعب أجهزة الإعلام هذا الدور الإيجابي تحتاج لإيجاد إطار عمل وبيئة ممارسة مناسبة تمكنها من دعم مثل هذا المحيط العام في مجتمعات ما بعد النزاعات والديمقراطيات الجديدة أو المستعادة. ومنها: (7)
    - إعادة النظر في دور الثقافة والصحافة والإعلام في المجتمع ( سياسات وبرامج جديدة)
    - توفير إطار عمل قانوني وسياسي مناسب للمرحلة الجديدة (إصلاح القوانين- توفير الحريات)
    - تأسيس جهاز تنظيمي مستقل (مجالس الصحافة في التجارب العالمية)
    - تسهيل عملية تأسيس وسائل إعلام متعددة ومتنوعة قادرة على تولي مسئولياتها الديمقراطية ( تيسير شروط منح الترخيص- توفير الدعم والإعفاءات عبر إجراءات تشجيعية)
    - إعادة هيكلة وسائل الإعلام الحكومية ( تحويلها لأجهزة خدمة عامة)
    - إصلاح خدمة البث العامة ( تأكيد استقلاليتها، رفع السيطرة الحزبية، إعادة صياغة سياستها التحريرية والبرامجية وفق أسس جديدة )
    - توفير إطار عمل للبث الخاص ( إصلاح قوانين منح ترخيص البث وتسهيل الإجراءات)
    - تقديم الدعم الاقتصادي حيث تدعو الحاجة (إصلاح البنيات الأساسية، توفير المدخلات)
    - دعم وتوفير فرص التدريب وبناء القدرات للكوادر الإعلامية لرفع مستوى الأداء المهني

    5- الإعلام السوداني والدور المنتظر:
    تقع على عاتق الإعلام السوداني، مع تعدد أشكاله وأنماط ملكيته، مسؤوليات كبيرة في المرحلة الحالية من أجل المساعدة في عملية بناء السلام والمصالحة الوطنية ومنع ومكافحة العنف الانتخابي. وتتوزع هذه المسؤوليات في:
    -الحرص على أن يكون السلام والمصالحة والقبول بنتائج العملية الديمقراطية، هو جوهر الرسالة الإعلامية (8)
    -تقديم المعلومات والأخبار والحقائق للجمهور بمهنية عالية، وبحرص ومعرفة على أن هذه هي المهمة الأساسية لأجهزة الإعلام، وأن الحقيقة لا تضر.
    -إشاعة روح السلام والتآلف عبر تقديم النماذج الإيجابية للتعايش المشترك ونبذ العنف.
    -العمل على تغيير الصور الذهنية السالبة عن الآخر، وتقديمه كإنسان مثله مثل الآخرين، وتهيئة الأذهان والنفوس لقبول تولي أي طرف فائز للسلطة.
    -التركيز على التنوع والتعدد الثقافي والسياسي في السودان باعتباره مصدر غنى محتمل بدلا من كونه سبب النزاع، وأن تعدد الوجوه والافكار في الساحة السياسية وأجهزة الدولة يمكن أن يكون مؤشرا إيجابيا أكثر منه سلبيا.
    -تشجيع الحوار بين المكونات الاجتماعية والسياسية المختلفة وتوفير المنابر الملائمة له.
    -احترام معتقدات وثقافات وأفكار ممارسات كل مكونات المجتمع السوداني، وعكس ذلك في الممارسات اليومية للإعلام، والانتباه إلى احتمال تحول الإعلام لمنتهك لحقوق الإنسان عبر انتهاكه حقوق الآخرين.
    -البعد عن التحزب الضيق والتحيز الأعمى الذي يضر بالحقيقة ويبعد عن الموضوعية.
    التعامل مع الأخبار والمعلومات بروح المسؤولية الاجتماعية.
    -البعد عن الإثارة والتهييج ونشر الكراهية في المجتمع وبين مكوناته المختلفة.
    -تذكير الناس بآثار ومآلات الحرب والاقتتال الأهلي على المجتمع ككل.
    -نشر وبث المعلومات حول سبل درء وإيقاف النزاعات
    -تقديم تجارب الشعوب الأخرى في بناء السلام والمصالحة الوطنية، مثل تجربتي المغرب ( هيئة الإنصاف والمصالحة) وجنوب أفريقيا ( مفوضية الحقيقة والمصالحة) باعتبارها من أنجح التجارب في العالم الثالث. (9)، وتقديم التجارب السالبة للدول الأخرى التي مورس فيها العنف الانتخابي حتى أوصل البلاد للقبول بتدخل المحكمة الجنائية الدولية. مثل الانتخابات الكينية في عام 2007، حيث صاحبها عنف أصيب فيه حوالي 3,500 منهم حوالي الف قتيل، بالاضافة الى تهجير 350 الف شخص.
    -نشر ثقافة الديمقراطية في المجتمع وعكسها في أشكال متعددة ومتنوعة. كما يمكن تقديم تجارب محاصرة العنف الانتخابي عبر تنظيمات المجتمع المدني ونش تقاريها في أجهزة الإعلام، مثل التجربة العراقية,

    5-1: ولكي ينجح الإعلام السوداني في لعب هذا الدور يجب توفير الإطار الملائم لعمله والذي سبق تحديده بشكل عام في الفقرة (2-3). فلا يمكن لإعلام فقير مهنيا وماديا ومقيد ومكبل بقوانين وممارسات سلطوية أن يعمل على تعميق قيم الحوار والمصالحة والديمقراطية، لان فاقد الشئ لا يعطيه. حيث يحتاج إلى عدد من الإجراءات والخطوات:

    -إصلاح قوانين الإعلام بشكل يضمن حرية التعبير كحق تأسيسي إذ إن ممارستها تساعد على ضمان الحقوق والحريات الأخرى.إن حرية التعبير تعتبر الحجر الأساس للحريات الديمقراطية، وهي تساعد على تأمين المسار السليم للأحزاب السياسية المتنافسة وتضمن أن يسمع القادة السياسون أصوات المجتمع المدني، كما وأنها تتيح الفرصة أمام النقد الشعبي للسياسات والإدارة العامة ممّا يقوي النظام السياسي والجهاز التنفيذي.
    -تجريم الرقابة على الإعلام وتقنين حق الحصول على المعلومات والوصول إليها دون وصاية، حيث لا يمكن معرفة الحقيقة إلا بعد الاطلاع على وجهات النظر جميعها وبالتالي الاختيار بحرية. إن الأمة القوية تتطلب الوحدة التي تنتج من دمج الاختلافات عبر الحوار الحر وليس من فرضها من فوق.
    -وضع سياسات إعلامية جديدة على هدى اتفاق السلام الشامل والدستور الانتقالي.
    -تشجيع مبادرات الإعلام الوطني الحر المستقل في كل مجالات الإعلام المطبوع والمسموع والمرئي عبر تبسيط إجراءات الترخيص وحقوق النشر والبث، وتخفيض وإلغاء الرسوم على مدخلات العمل الإعلامي والثقافي.
    -تشجيع مبادرات الإعلام التنموي مثل راديو المجتمع وأندية المشاهدة والاستماع في الأطراف البعيدة ودعمها ماديا ومهنيا.
    -تشجيع إقامة مؤسسات نقابية مستقلة تدافع عن حرية الإعلام والإعلاميين
    -ترجمة مبدأ الاعتراف بالتنوع الثقافي والسياسي واللغوي والديني في السودان إلى واقع إعلامي عبر فتح أجهزة الإعلام أمام اللغات والثقافات الوطنية المختلفة والمتنوعة. (10)
    -فك قبضة الحزب الحاكم على أجهزة الإعلام المملوكة للدولة عبر تحويلها لأجهزة خدمة عامة Public Broadcasting Service على نموذج هيئة الإذاعة البريطانية، وتكوين مجالس إدارات من شخصيات عامة تتمتع بالكفاءة، والقدرة، النزاهة والاستقلالية، وإبعاد الشخصيات الحزبية من قيادة هذه الأجهزة.
    -إقامة شراكات حقيقية بين المؤسسات الانتقالية ( البرلمان- المفوضيات ...الخ) والإعلام خدمة للأهداف المشتركة.
    =توفير ودعم برامج التدريب الهادفة لبناء القدرات ورفع الكفاءة المهنية للصحفيين.
    وحول العنف الانتخابي تحديدا
    5-2: مقترحات مقاومة العنف الانتخابي:
    من اجل انتخابات نزيهة وخالية من ممارسات العنف وارتفاع نسبة المشاركيين في الانتخابات وتقليل الخروقات واجراء انتخابات بصورة افضل يمكن تقديم التوصيات التالية:
    - سيادة القانون والممارسة الفعالة للمؤسسات الوطنية
    - تمكين وتقوية المفوضية الوطنية المستقلة للانتخابات كمؤسسة غير حكومية خاضعة لمراقبة الهيئات المنتخبة لا تتدخل الحكومة في شؤونها
    - المساعدة في القضاء على العنف الانتخابي من خلال تطوير ثقافة المجتمع المدني
    - تقوية منظمات المجتمع المدني وتفعيل دورها فى نشر ثقافة سلبيات العنف الانتخابي
    - الدعوة لحل النزاعات والمشاكل بين الاطراف السياسية والكتل في المجتمع عبر الحوار
    - اعطاء مساحات معقولة في الإعلام لكل الجماعات والتكوينات السياسية لتنشر أفكارها وآراءها وبرامجها
    - تعميق الوعي حول موضوع العنف الانتخابي وآثاره السلبية على العملية الانتخابية وخطوات التحول الديمقراطي وعلى مستقبل واستقرار البلاد.
    - العمل على رفع مستوى ثقافة المواطنيين حول الديمقراطية والسلام والتعايش السلمي
    - تشجيع المشاركة في العملية السياسية من خلال الانتخابات
    - نقل تجارب العنف الانتخابي في البلدان الأخرى بالصورة التي تبصر المواطنين بمخاطره وآثاره السيئة على البلاد ومسنبلها.
    - تفعيل دور الاعلام لمراقبة العنف الانتخابي ونشر الاحداث الحقيقية وعدم ترويج الاشاعات
    - ضمان مصداقية منظمات المجتمع المدني والاعلام في مراقبة العنف الانتخابي للحد من تلك الظاهرة..
    - تشجييع الجماعات والأحزاب والكيانات السياسية على تقييد واحترام مدون لاسس وقوانين الانتخابات .











    الهوامش

    1- Post-Conflict Reconstruction & the Media
    Discussion Points
    http://www.media-diversity.org/RDN.htm
    2- بيتر بارنيل : "الدمقرطة" في مجتمعات مجزّأة إتنياً أو دينياً
    قدمت في ندوة "دور الفاعلين الخارجيين في ترويج الديموقراطية في الدول الهشة" التي دعت لها "مؤسسة هنريش بوول" الالمانية في برلين.
    3- المصدر السابق
    4- أنظر الموقع http://theitaqiassociatkut.jeeran.com/articles/archive/2009/2/812730.html
    5- المصدر السابق
    6- راجع الموقع www.windsofchange.net/archives/005456.php - 110k

    7- أندرو بوديفات: دور وسائل الإعلام في بناء الديمقراطية وتعزيزها،
    المؤتمر الدولي السادس للديموقراطيات الجديدة أو المستعادة، الدوحة، قطر 29 أكتوبر – 1 نوفمبر 2006
    8- فضل الله محمد : تقويم أداء الإعلام السوداني، ورقة قدمت أمام ورشة منظمة بانوس ومجلس الصحافة، ديسمبر 2002
    9- أنظر في هذه المواقع عن تجارب المصالحة الوطنية
    جنوب أفريقيا: http://www.doj.gov.za/trc/
    ليبيريا: www.trcofliberia.org/
    المغرب: http://www.amdh.org.ma/arabe/Csuivi_evaluationIER.htm
    10- فضل الله محمد، مصدر سابق
                  

العنوان الكاتب Date
حملة مكافحة العنف الإنتخابى ! السودانية للتنمية و اللاعنف04-26-10, 11:50 AM
  Re: حملة مكافحة العنف الإنتخابى ! السودانية للتنمية و اللاعنف04-26-10, 12:08 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de