محمود محمد طه في رؤى الأحلام .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 10:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله الشقليني(عبدالله الشقليني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-02-2007, 11:41 PM

مهيرة
<aمهيرة
تاريخ التسجيل: 04-28-2002
مجموع المشاركات: 948

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Yasir Elsharif)

    مواصلة لما انقطع من شرح معنى التأويل:

    مفهوم التأويل

    تدورُ كلمةُ ((أَوَلَ)) في اللُّغةِ على معنى الرُّجوعِ( ).
    وهذا يعني تأويلَ الكلامِ هو الرُّجوعُ به إلى مرادِ المتكلِّمِ، وهو على قسمين:
    الأولُ: بيانُ مرادِ المتكلِّمِ، وهذا هو التَّفسيرُ.
    الثَّاني: الموجودُ الذي يؤول إليه الكلامُ، أي ظهورُ المُتكلِّمِ به إلى الواقعِ المحسوسِ.
    فإن كانَ خبرًا، كان تأويلُه وقوعُ المُخبَرِ به، كمن يقولُ: جاء محمَّدٌ، فتأويلُ هذا الكلامِ مجيءُ محمَّدٍ بنفسِه.
    وإذا كانَ طلبًا (أي: أمرًا أو نهيًا)، كان تأويلُه أن يفعلَ هذا الطلبُ.
    وهذان المعنيان هما الواردان في القرآن والسنة وتفسير السلف واللغة.
    ما الفرق بين معنيي التأويل؟
    الفرقُ بين معنيي التَّأويل السَّابقين: أنَّ تفسيرَ الكلامِ ليس هو نفس ما يوجدُ في الخارجِ، بل هو بيانه وشرحُه وكشفُ معناه. فالتَّفسيرُ من جنسِ الكلامِ، يفسِّرُ الكلامَ بكلامٍ يوضِّحُهُ.
    وأمَّا التَّأويلُ الذي هو فعلُ المأمورِ به، وتركُ المنهيِّ عنه، وكذا وقوعُ المخبرِ به، فليس هو من جنسِ الكلامِ( ).
    ومثال ذلك:
    1- قال الطبري (ت: 310) حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة ( جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الأَحْزَابِ ) [ص: 11]، قال: ((وعده الله وهو بمكة يومئذٍ أنه سيهزم جندًا من المشركين، فجاء تأويلها يوم بدر)) ( ).
    2- وقال حدثنا ابن عبدالأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن أيوب، قال: لا أعلمه إلا عن عكرمة: أن عمر قال: ((لما نزلت ( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ) [القمر: 45]، جعلت أقول: أيُّ جمعٍ يهزمُ. فلما كان يوم بدر، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع، ويقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر)) ( ).
    آثار في إطلاقِ التَّأويلِ على التَّفسيرِ:
    كثُرَ في كلامِ العلماءِ إطلاقُ التَّأويلِ على التَّفسيرِ من لدن عهد الصَّحابةِ، ومن الآثارِ الواردةِ في ذلك:
    • قول الرسول صلى الله عليه وسلم في ابن عباس (ت: 68): ((اللهمَّ فقِّهُ في الدِّينِ، وعلِّمْهُ التَّأويلَ))، أي: تفسيرَ القرآنِ الكريمِ.
    قال الطَّبريُّ (ت: 310): ((وأمَّا قوله صلى الله عليه وسلم: ((وعلِّمهُ التَّأويل))، فإنَّه عَنَى بالتَّأويل: ما يؤولُ إليه معنى ما أنزل الله تعالى ذكره على نبيه صلى الله عليه وسلم من التَّنْزيلِ، وآي الفرقان، وهو مصدر من قول القائل: أوَّلتُ هذا القول تأويلاً، وأصله من آل الأمر إلى كذا، إذا حملها على وجْهٍ جعل مَرجعها إليها تأويلاً.
    ومن قولهم: أوَّل فلانٌ له كذا على كذا، قولُ أعشى بني قيس بن ثعلبة، لعلقمة بن عُلاثَة العامريِّ:
    وأوِّلِ الحُكْمَ على وَجْهِهِ ليسَ قَضَائِي بِالهَوَى الجَائرِ
    يعني بقوله: وأوِّلِ الحُكمَ على وجهِه: وجِّهْهُ إلى وَجْهِهِ الذي هو وجه الصَّوابِ)) ( ).
    • وفي تفسير قوله تعالى: ( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة: 195]، قال أبو عِمران التُّجِيبيِّ( ): ((كنا بمدينة الرُّومِ( )، فأخرجوا إلينا صفًا عظيمًا من الرُّومِ، فخرجَ إليهم من المسلمين مثلُهم أو أكثرُ، وعلى أهلِ مصرَ عقبةُ بن عامرٍ، وعلى الجماعةِ فضالةُ بن عبيدٍ، فحمل رجلٌ من المسلمينَ على صفِّ الرُّومٍ حتَّى دخلَ فيهم، فصاح النَّاس، وقالوا: سبحانَ اللهِ يُلقي بيدِه إلى التَّهلُكةِ.
    فقامَ أبو أيوبَ، فقال: أيُّها النَّاس، إنَّكم تتأوَّلون هذه الآية هذا التَّأويلَ، وإنما أنزلت هذه الآيةُ فينا معشرَ الأنصارِ لما أعزَّ اللهُ الإسلامَ، وكَثُرَ ناصروه، فقال بعضنا لبعضٍ سرًّا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أموالنا قد ضاعت، وإنَّ الله قد أعزَّ الإسلامَ، وكَثُرَ ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا، فأصلحنا ما ضاع منها.
    فأنزل اللهُ على نبيِّه صلى الله عليه وسلم يردُّ علينا ما قلنا ( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة: 195]، فكانت التَّهلُكةُ الإقامةَ على الأموالِ وإصلاحِها، وترْكَنا الغَزْوَ)) ( ).
    • ومنه قول الشَّافعيِّ (ت: 204) في أكثر من موطن من كتاب الأمِّ: ((وذلك _والله أعلمُ_ بيِّنٌ في التَّنْزيل، مُستغنًى به عن التَّأويل...)) ( ).
    • وفي قوله: ( وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ) [البقرة: 130]، قال الأخفشُ (ت: 215): ((فزعم أهلُ التّأويلِ أنَّه في معنى: سفَّهَ نفسَه)) ( ).
    • وقال ابن الأعرابيِّ (ت: 231): ((التَّفسيرُ والتَّأويلُ والمعنى واحدٌ)) ( ).
    • وأسندَ النَّحَّاسُ (ت: 338) إلى أحمد بن حنبل (ت: 242)، قال: ((بمصر كتابُ التَّأويلِ عن معاويةَ بنِ صالحٍ، لو جاء رجلٌ إلى مصرَ، فكتبهُ، ثمَّ انصرفَ به، ما كانت رحلتُه عندي ذهبت باطلاً)) ( ).
    • وعنْ شَمِرِ بن حَمْدُويَه (ت: 255) ( ) أنه قال: ((ورُوِيَ لنا عنِ ابنِ المُظَفَّرِ( )-ولم أسمعْه لغيرِهِ- ذَكَرَ أَنَّه يقال: أدركَ الشيءُ: إذا فَنِيَ( ). وإن صحَّ، فهو في التأويل( ): فَنِيَ عِلمُهم في معرفةِ الآخرةِ)) ( ).
    • وأشهرُ من أطلقَه على التَّفسيرِ، محمدُ بن جريرٍ الطَّبريُّ (ت: 310) في كتابِه جامع البيانِ عن تأويلِ آي القرآنِ، وقد كان يطلق مصطلح ((أهل التَّأويل))، ويصدِّرُ تفسيرَه للآي بقوله: ((القول في تأويلِ قوله تعالى)).
    • وجاء التَّأويلُ في تسمياتِ كثيرٍ من كتبِ التَّفسيرِ مرادًا به التَّفسيرَ، كتفسيرِ ابن جرير الطبريِّ (ت: 310),
    ونصوص العلماء في إطلاقِ التَّأويلِ مرادًا به التَّفسيرُ كثيرةٌ جدًّا، لا تكادُ تنحصرُ، وما ذكرته، فإنه على سبيلِ المثالِ، واللهُ الموفِّقُ.
    آثار في إطلاقِ التَّأويلِ على ما تؤول إليه حقيقة الشيء:
    التَّأويلُ بمعنى: ما تؤولُ إليه حقيقةُ الكلامِ، هو الغالبُ على معنى لفظِ التَّأويل في موارِده في القرآنِ، وقد ورد في تأويلِ الرُّؤى ثمانُ مواضع من سورةِ يوسف( ).
    ووردَ في سورةِ الكهفِ موضعانِ في قصَّةِ الخَضِرِ وموسى عليهما السَّلامُ، وهما قوله تعالى: ( سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) [الكهف: 78]، وقوله تعالى( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) [الكهف: 82]، والمعنى: سأنبئكُ بحقيقةِ ما رأيت من الأمورِ العجيبةِ التي لم تصبرْ عليها.
    ووردَ قوله تعالى: ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ) [الأعراف: 53]، وقوله تعالى: ( بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ) [يونس: 39]، وهو بمعنى الحقائق التي أخبرَ بها من الثوابِ والعقابِ.
    ووردَ التَّأويل في موضعينِ بمعنى العاقبةِ في قوله تعالى: ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) [النساء: 59]، وقوله تعالى: ( وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) [الإسراء: 35].
    وأمَّا موضع سورة آل عمران، فسيأتي الحديث عنه لاحقًا.
    هذا، ومما وردَ في الآثارِ من معنى التَّأويل: ما تؤول إليه حقيقةُ الكلامِ، ما يأتي:
    • أوردَ البخاري (ت: 256) تحت تفسيرِ قوله تعالى: ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) [النصر: 3]، عن عائشة قالت: ((كان رسول الله يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهمَّ ربَّنا وبحمدك، اللهمَّ اغفر لي، يتأوَّلُ القرآن)) ( ).
    تعني بقولها: يتأوَّل القرآن: يعملُ ويطبِّقُ ما أُمِرَ به من التَّسبيحِ والتَّحميدِ.
    • وعن سعيد بن جبير، عن ابن عمر: أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، ويتأوَّل هذه الآية: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ ) [البقرة: 115] ( ).
    • وفي موطأ مالك (ت: 197) عن كعب الأحبار: ((أنَّ رجلاً نزعَ نعليه، فقال: لِمَ خلعتَ نعليك، لعلَّكَ تأوَّلت هذه الآية: ( إنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) [طه: 12]، قال: ثمَّ قال كعبٌ للرجلِ: أتدري ما كانت نعلا موسى، قال مالك: لا أدري ما أجابه الرَّجل، قال كعبٌ: كانتا من جلدِ حمارٍ ميِّتٍ)) ( ).
    • ورُوي عن الثَّوري: أنه بلغه أنَّ أمَّ ولدِ الرَّبيعِ بن خُثَيم قالت: كان إذ جاءه السَّائل، يقول لي: يا فلانة، أعطي السَّائل سُكَّرًا، فإن الرَّبيعَ يُحِبُّ السُّكَّرَ.
    • قال سفيان: يتأوَّل قوله عزَّ وجل: ( لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ) [آل عمران: 92]( ).
    • عن قتادةَ، عن أبي مارن الأردي، قال: ((انطلقتُ على عهد عثمان إلى المدينة، فإذا قومٌ من المسلمين جلوسٌ، فقرأ أحدهم هذه الآية: ( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ) [المائدة: 105]، فقال أكثرُهم: لم يجيء تأويلُ هذه الآيةِ اليوم)) ( ).
    • وكذا فسَّر مكحولٌ (ت: 113) هذه الآية، قال: ((إنَّ تأويلَ هذه الآيةِ لم يجيء بعدُ)) ( ).
    • وعن أبي العالية (ت: 93) في قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) [المائدة: 105]، قال: ((كانوا عند ابن مسعود جلوسًا، فكان بين رجلين ما يكونُ بين النَّاسِ، حتَّى قامَ كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحِبه، فقال رجلٌ من جُلساءِ عبداللهِ: ألا أقومُ فآمرُهما بالمعروفِ وأنهاهما عن المنكرِ؟.
    • فقال رجلٌ آخرُ إلى جنبهِ: عليك بنفسك، فإنَّ الله يقولُ: ( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) [المائدة: 105].
    قال: فَسَمِعَهُمَا ابنُ مسعودٍ، فقال: مَهْ، لمَّا يجيء تأويلُ هذه بعدُ. إنَّ القرآنَ أُنزِلَ حيثُ أنْزِلَ، ومنه آيٌ قد مضى تأويلهُنَّ قبل أن ينْزلن، ومنه آيٌ وقع تأويلُهَنَّ على عهدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومنه آيٌ وقع تأويلُهُنَّ بعد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بيسيرٍ، ومنه آيٌ يقع تأويلُهنَّ بعد اليوم، ومنه آيٌ يقع تأويلُهُنَّ عند السَّاعةِ على ما ذُكرَ من السَّاعةِ، ومنه آيٌ يقع تأويلُهُنَّ يوم الحسابِ على ما ذُكرَ من الحسابِ والجنَّةِ والنَّارِ.
    فما دامت قلوبكم واحدةٌ، وأهواؤكم واحدةٌ، لمْ تُلبسُوا شِيَعًا، ولمْ يُذَقْ بعضُكم بأسَ بعضٍ، فأمروا وانهوا. فإذا اختلفت القلوبُ والأهواءُ، وأُلبِستم شِيَعًا، وذاقَ بعضُكم بأس بعضٍ، فامرؤٌ ونفسُه، فعند ذلك جاء تأويلُ هذه الآيةِ)) ( ).
    المصطلحُ المتأخِّرُ في مفهومِ التَّأويل:
    لقد كان المعنيانِ السَّابقانِ في مفهومِ التَّأويلِ هما اللَّذان سارَ عليهما متقدِّمو الأمُّةِ من الفقهاءِ والمفسِّرينَ واللُّغويِّين( )، ولم يرد عنهم غيرُ هذين المعنيين، حتى ظهر اصطلاحٌ ثالثٌ حادثٌ على اللُّغةِ ومصطلحِ القرآنِ، وقد صارَ المراد بالتَّأويلِ مشكلاً بسببِ بروز هذا المصطلحِ الحادثِ.
    والتَّأويلُ بالاصطلاحِ الحادثِ: صرفُ اللَّفظِ عن ظاهرِه إلى معنى مرجوحٍ لقرينةٍ تدلُّ عليه.
    وممن ورد عنه ذلك، ابن حزم (ت: 456)، قال: ((التأويل: نقل اللفظ عَمَّا اقتضاه ظاهره وعَمَّا وُضِعَ له في اللُّغة = إلى معنى آخر، فإن كان نقله قد صحَّ ببرهان، وكان ناقله واجب الطاعة = فهو حق. وإن كان نقله بخلاف ذلك، أطُّرِحَ ولم يلتفت إليه، وحُكِمَ لذلك النَّقل بأنه باطل)) ( ).
    وأبو الوليد الباجي (ت: 474)، قال: ((التَّأويلُ: صرف الكلامِ عن ظاهره إلى وجه يحتملُه)) ( ).
    • وقال ابن الزاغوني (ت: 527) ( ): ((نقل الكلام عن وضعه وأصله السابق إلى الفهم من ظاهره في تعاريف اللغة والشرع أو العادة = إلى ما يحتاج في فهمه والعلم بالمراد به إلى قرينة تدل عليه لعائق منع من استمراره على مقتضى لفظه، وهو مأخوذ من المآل، ومن ذلك ما وقع الخطاب فيه على سبيل المجاز، ولم يكن يراد به الأصل في الحقيقة، ومنه قوله تعالى: ( وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ) [البقرة: 93]، أراد: حُبَّ العجل، لأنه لو أراد حمل الكلام على حقيقته لكان العجل يكون في بطونهم لا في قلوبهم، لأن الأعيان إنما تنتقل إلى البطن لا إلى القلب...)) ( ).
    وقال ابن الجوزي (ت: 597): ((التأويل: العدولُ عن ظاهر اللفظِ إلى معنى لا يقتضيه، لدليل عليه)) ( ).
    • مثال لأثر هذا المصطلح في حملِ كلام الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم عليه:
    إنَّ من العجيبِ أن يُجعَلَ هذا المصطلحُ المتأخِّرُ أصلاً يُعتمدُ في تفسير القرآن وشرح السنة، ولقد حصلًَ بسببِه انحرافٌ كبيرٌ في ذلك.
    ومن أمثلة ذلك ما وقع من شرح حديثِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عمِّه عبدِاللهِ بن العبَّاسِ: ((اللهمَّ فقِّهُ في الدِّينِ، وعلِّمْهُ التَّأويلَ)).
    قال ابن الجوزي (ت: 597): ((قوله: وعَلِّمْهُ التَّأويلَ: فيه قولان:
    أحدهما: أنه التفسير.
    والثاني: أن التَّأويل: نقل الظَّاهر عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج في إثباته إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ، فهو من آل الشيء إلى كذا أي صار إليه)) ( ).
    وقال ابن الأثير (ت: 606): ((وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)): هو من آل الشيء يؤول إلى كذا، أي: رجع وصار إليه.
    • والمراد بالتأويل: نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ، ومنه حديث عائشة رضي الله عنها ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك يتأول القرآن)): تعني أنه مأخوذ من قوله تعالى: (( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ) [النصر: 3]( ).
    ومنه حديث الزهري، قال: ((قلت لعروة: ما بال عائشة تُتِمُّ في السَّفر – يعني: الصلاة – قال: تأوَّلت كما تأوَّل عثمان، أراد بتأويل عثمان: ما روي عنه أنه أتَمَّ الصَّلاة بمكة في الحج، وذلك أنه نوى الإقامة بها)) ( ).
    فكيف يُحمل كلامُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على مصطلحٍ حدث بعده بمدة طويلة؟!.
    إنَّ مما تقع فيه الغفلةُ أنْ تُحكَّمَ مصطلحات متأخرةٌ في الظهورِ على ألفاظِ الشرعِ، أو كلام السابقين، فيقع بذلك التحريف أو التخطئةُ للعلماء، وهذا مبحث مهم من مباحث العلم تحتاج إلى تجليةٍ ليس هذا محلُّها، ولعل في هذا المثال غُنْيَةً وبيانًا عن هذه الفكرةِ، والله الموفق.
    سبب ظهور هذا المصطلح الحادث:
    كان سببُ ظهورِه –فيما يبدو- نشوءَ القولِ بالمجازِ الذي يقابلُه مصطلحُ الحقيقةِ عند من اعتمدَه.
    فحقيقةُ اللَّفظِ: ما وُضِعَ له أصلاً، فالحمارُ: اسمٌ للدَّابَّةِ المعروفةِ، إذ لا ينصرفُ الذِّهنُ إلى غيرِه عند إطلاقِ هذا اللَّفظِ.
    ومجازُ اللَّفظِ: ما أُريدَ به غير المعنى الموضوعِ له في أصلِ اللُّغةِ، كإطلاقِ الحمارِ على الرَّجلِ البليدِ.
    والتَّأويلُ بالاصطلاحِ الحادثِ: صرفُ اللَّفظِ عن ظاهرِه إلى معنى مرجوحٍ لقرينةٍ تدلُّ عليه.
    ومن ثَمَّ، فإنَّ كلَّ استعمالٍ للمجازِ تأويلٌ، لأنه يتركُ ما يدلُّ عليه ظاهرُ اللَّفظ إلى ما يسمِّيهِ مجازًا.
    • قال ابن حزم (ت: 456): ((...فقد بان بما ذكرنا: أنَّ نقل الأمر عن الوجوب، والفَور إلى النَّدب والتراخي = هو باب واحد مع نقل اللفظ عما يقتضيه ظاهره إلى معنى آخر، وهذا الباب يسمى في الكلام وفي الشعر الاستعارة والمجاز، ومنه قوله تعالى: (( ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) [الدخان: 49]، ومثل هذا كثير)) ( ).
    والمجازُ هو آلةُ المُؤوِّلِ التي يستخدِمها لصرفِ اللَّفظِ عن ظاهرِه إلى باطنٍ لا يدلُّ عليه اللَّفظُ في سياقِه.
    وهنا تعلمُ أنَّ مصطلحَ التَّأويلِ الحادِثِ ومصطلحَ المجازِ لا يكادانِ ينفكَّانِ.
    هل هناك فرق بين التفسير والتأويل؟
    كان من آثار هذا المصطلح الحادث أن طلب بعض العلماءِ فروقًا بين التفسير والتأويل، وليس المقصود هنا استقصاء هذه الفروق التي ذكروها، ولكن سأذكر بعضها ليتبين مدى تأثير المصطلح الحادث على الفرق بين هذين المصطلحين.
    قال الشريف الجرجاني (ت: 816) ( ) في شرح مقدمة الكشاف: ((التفسير: علم يُبحث فيه عن أحوالِ كلامِ اللهِ المجيدِ من حيثُ دلالتُه على مراده، وينقسم:
    إلى تفسير، وهو ما لا يدرك إلاَّ بالنقل، كأسباب النُّزول والقصص، فهو ما يتعلق بالرواية.
    وإلى تأويل، وهو ما يمكن إدراكه بالقواعد العربية، وهو ما يتعلق بالدراية.
    فالقول في الأول بلا نقل خطأٌ، وكذا القول في الثاني بمجرد التشهي، وإنْ أصابَ فيهما.
    وأما استنباطُ المعاني على قوانين اللغةِ، فمِمَّا يُعَدُّ فَضْلاً وكمالاً)) ( ).
    قال صديق حسن خان (ت: 1307): ((واختلف في التفسير والتأويل فقال أبو عبيد وطائفة: هما بمعنى وقد أنكر ذلك قوم( ).
    وقال الراغب: التفسير أعم من التأويل، وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل، وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية.
    وقال غيره: التفسير: بيان لفظ لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا، والتأويل: توجيهُ لفظ متوجهٍ إلى معانن مختلفة إلى واحد منهما بما ظهر من الأدلة.
    وقال الماتريدي: التفسير: القطعُ على أن المرادَ من اللفظ هذا، والشهادةُ على الله سبحانه وتعالى أنه عنَى باللَّفظِ هذا، والتأويل: ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة.
    وقال أبو طالب الثعلبي: التفسير: بيانُ وضعِ اللفظِ إمَّا حقيقةً أو مجازًا، والتأويلُ: تفسيرُ باطنِ اللَّفظِ، مأخوذ من الأَولِ، وهو الرجوعُ لعاقبةِ الأمرِ، فالتأويلُ: إخبارٌ عن حقيقةِ المرادِ، والتفسيرُ إخبارٌ عن دليلِ المرادِ، مثاله: قوله سبحانه وتعالى: ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) [الفجر: 14]، وتفسيره: أنه من الرَّصْدِ، مفعالٌ منه، وتأويله: التحذير من التهاون بأمر الله سبحانه وتعالى.
    وقال الأصبهاني: التفسير: كشفُ معاني القرآنِ، وبيانُ المرادِ أعمُّ من أن يكونَ بحسبِ اللفظِ أو بحسبِ المعنى، والتأويل أكثره باعتبار المعنى، والتفسير: إما أن يُستعملَ في غريب الألفاظ أو في وجيزٍ يتبيَّنُ بشرحِه، وإمَّا في كلامٍ متضمِّنٍ لقصةٍ لا يمكنُ تصويرُه إلا بمعرفتها، وأما التأويل فإنه يستعمل مرة عامًا، ومرة خاصًا، نحْو: الكفرِ المستعملِ تارةً في الجحودِ المطلق، وتارة في جحودِ الباري خاصةً، وإما في لفظ مشتركٍ بين معانٍ مختلفةٍ.
    وقيل: يتعلق التفسير بالرواية، والتأويل بالدراية.
    وقال أبو نصر القشيري: التفسير: مقصور على السماع والاتباع. والاستنباط فيما يتعلق بالتأويل.
    وقال قوم: ما وقع مبيَّنًا في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يسمى تفسيرًا، وليس لأحد أن يتعرض إليه باجتهاد، بل يُحمل على المعنى الذي ورد، فلا يَتعدَّاه. والتأويل: ما استنبطه العلماءُ العالمون بمعنى الخطابِ، الماهرون في آلات العلوم.
    وقال قوم – منهم البغوي والكواشي -: هو صرف الآيةِ إلى معنى موافقٍ لما قبلها وبعدها، تحتملُه الآية، غيرِ مخالف للكتابِ والسنةِ، من طريقِ الاستنباطِ. انتهى.
    ولعله هو الصواب. هذا خلاصة ما ذكره أبو الخير في مقدمة علم التفسير)) ( ).
    وقال الآلوسي (ت: 1270): ((وعندي أنه إن كان المراد الفرق بينهما بحسب العرف، فكل الأقوال فيه ما سمعتها وما لم تسمعها مخالفة للعرف اليوم، إذ قد تعارف من غير نكير( ) أن التأويل: إشارةٌ قدسيةٌ، ومعارفُ سبحانيةٌ تنكشف من سُجُفِ العباراتِ للسالكين، وتنهلُّ من سُحُبِ الغيبِ على قلوب العارفين، والتفسيرُ غيرُ ذلك( ).
    وإن كان المراد الفرق بينهما: يحسب ما يدل عليه اللفظ مطابقة، فلا أظنك في مرية من رد هذه الأقوال.
    أو بوجه ما، فلا أراك ترضى إلا أن في كل كشف إرجاعًا، وفي كل إرجاع كشفًا فافهم)) ( ).
    وهذه النقول تدلُّ على وجود إشكال عند هؤلاء العلماء في الفرق بين التفسير والتأويل، والذي يظهر عليها كلها أنه تخصيصاتٌ لا دليل عليها، وتفريقات لا يستقيم لها وجه، فكلُّ واحدٍ منهم يرى ما لا يراه الآخر، وتراهم لم يثبتوا على قولٍ سوى وجود الفرق، ثمَّ اختلفوا في بيانه.
    وتحقيق الأمر في ذلك كما يأتي:
    بعد أن تبيَّنَ أنَّ التفسيرَ يتعلَّقُ ببيانِ المعنى، وأنَّ التَّأويلَ له مفهومانِ صحيحانِ: أحدُهما يوافقُ معنى التَّفسيرِ، والآخر يرادُ به ما تؤول [أي: ترجع] إليه حقيقةُ الشيء، أي: كيف تكونُ، فإنَّ ملاك القولِ في ذلكَ أن يُقالَ:
    إنَّ لهذه الفروق احتمالين:
    الاحتمال الأول: أن ترجع الفروق إلى أحد هذه المعاني الصحيحة المذكورة في مصطلحِ التَّأويلِ.
    فإن رجعتْ إلى أحدِ هذه المعاني المذكورةِ، فإنها تُقبَلُ، ولكن لا تكونُ هي حدُّ الفرقِ، بل هي جزءٌ من الفَرْقِ لا غير، وهذا يعني أنه قد يكونُ غيرُها صحيحًا، لأنها تذكرُ فرقًا آخرَ صحيحًا، وهو مندرجٌ في المعاني المذكورة في المرادِ بالتَّفسيرِ والتَّأويل.
    ولأضرب لك مثالاً بأحد ما ذُكر من الفروقِ، قال أبو منصور الماتريدي (ت: 330): ((التفسير: القطعُ على أن المرادَ من اللفظ هذا، والشهادةُ على الله سبحانه وتعالى أنه عنَى باللَّفظِ هذا، والتأويل: ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة)).
    إذا فسَّرتَ قوله تعالى: ( وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ) [البروج: 2] بأنه يوم القيامة، لإجماع المفسرين على ذلك، وقطعت بهذا المعنى، أليس هذا تفسيرًا، أليس هذا تأويلاً بمعنى التفسيرِ.
    فإذا قلتَ: معنى قوله: ( وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ) [البروج: 2]، أي اليوم الذي وعد الله عباده بأن يبعثهم فيه، وهو يوم القيامة.
    أو قلت: تفسير قوله تعالى...
    أو قلت: تأويل قوله تعالى...
    فالتعبير عن بيان كلام الله بهذه العبارات – كما ترى – مؤدَّاهُ واحدٌ – ويُفهم منه معنى واحدٌ.
    وإذا جئت إلى قوله تعالى: ( فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ) [التكوير: 15]، ورأيت أنَّ للمفسرين أقوالاً:
    الأول: أنَّ المراد بالخنس: النجوم والكواكب.
    والثاني: أنَّ المراد بها بقر الوحش والظباء.
    فهذه محتملاتٌ في التفسير، واخترت أنَّ المراد بالخنسِ النجومُ والكواكبُ، وعللَّت لذلك الاختيار بأمرين:
    1- موافقة السياق، حيث ذُكرَ في لحاقِها آيات كونية، والنجوم والكواكب آيات كونية، فالنجوم والكواكب أنسبُ لهذا المعنى اللحاقي من أن تكون بقر الوحش والظباءِ.
    2- وأنَّها أظهر وأشهر للخلق من بقر الوحش والظباء، فلا أحد يخفى عليه معرفة النجومِ، وإن خفي عليه معنى الخنوس والجريان والكنوس فيها، أمَّا بقر الوحش والظباء فإنَّ بعض الناس قد لا يعرفُها وكثير منهم لا يعرف أمر خنوسها وجريانها وكنوسها.
    فإذا اخترت هذا المحتمل فأنت مؤوِّلٌ عند الماتريدي (ت: 330).
    لكن هل تسمية هذا الأسلوب – وهو ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة – تأويلاً = صحيحٌ؟.
    ألست قد فسَّرتَ وبيَّنتَ المعنى المراد، فأنت – إذًا – باختيارك هذا المعنى دون غيره لو قلت: تأويل هذه الآية كذا، أو تفسير هذه الآية كذا، لكان الأمر واحدًا ولا فرق.
    وبهذا يظهر أنك سواءً قطعت أو لم تقطع، فأنت مؤوِّلٌ، أي: مفسرٌ، ولا معنى لتخصيص التأويل بأنه ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة على الله أنه عنى باللفظ هذا، والله أعلم.
    الاحتمال الثاني: أن لا يرجع شيءٌ من هذه الفروق إلى هذه المعاني الصحيحةِ، ومن ثمَّ، فإنَّه قولٌ غيرُ مقبولٍ، لأنَّه مخالفٌ لمصطلح القرآنِ، ومصطلح السَّلفِ واللُّغةِ. ولأنه لا دليلَ عليه من نقل ولا عقل.
    وبهذا يكونُ ما وردَ في بيانِ مصطلحِ التَّفسيرِ والتَّأويلِ الواردِ عن السَّلفِ وأهلِ اللُّغةِ أصلاً يقاسُ عليه ما يذكرُه المتأخِّرُون من فروقٍ.

    مسألة: هل في مصطلح التأويل الحادث حظٌّ من الصِّحة في تطبيقه على بعض الأمثلة؟
    إنَّه إذا عُلِمَ أنَّ المتكلِّمَ أراد المعنى الذي يقال: إنَّه خلافُ الظَّاهرِ، فإنَّه إمَّا أن يكونَ من بيانِ كلامِ المتكلِّمِ، فيكونُ من باب التَّفسيرِ، وإمَّا أن يكونَ هو الحقيقةُ التي يؤولُ إليها الكلامُ، فإذا كان ذلك كذلك كان تأويلاً صحيحًا مندرجًا تحت هذين النَّوعينِ، وإن سُمِّيَ بهذا الإسمِ، لأنَّ العبرةَ بصحَّةِ المعنى المذكورِ.
    وإذا ظهرَ أنَّ المفسِّرَ أخرجَ الكلامَ عن مرادِ اللهِ ورسوله صلى الله عليه وسلم، كان ذلك تحريفًا، وإن سُمِّيَ تأويلاً، لأنَّ النَّظرَ هنا إلى خطأ المعنى المذكورِ، فيكونُ من التَّفسيرِ الباطلِ.
    قال شيخُ الإسلامِ ابن تيميَّة (ت: 728) : ((وأمَّا التَّأويلُ، بمعنى: صرف اللَّفظِ عن مفهومِه إلى غير مفهومِه، فهذا لم يكن هو المرادُ بلفظِ التَّأويلِ في كلامِ السَّلفِ، اللَّهمَّ إلا أنه إذا عُلِمَ أنَّ المتكلِّمَ أرادَ المعنى الذي يقال أنَّه خلافُ الظَّاهرِ، جعلوه من التَّأويلِ الذي هو التَّفسيرُ، لكونه تفسيرًا للكلامِ وبيانًا لمرادِ المتكلِّمِ به، أو جعلوه من النَّوعِ الآخرِ الذي هو الحقيقةُ الثَّابتةُ في نفسِ الأمرِ التي استأثرَ اللهُ بِعِلْمِهَا، لكونِه مندرجًا في ذلك، لا لكونِه مخالفًا للظَّاهرِ.
    وكان السَّلفُ ينكرونَ التَّأويلاتِ التي تُخْرِجُ الكلامَ عن مرادِ الله ورسولِه التي هي نوعِ تحريفِ الكلمِ عن مواضعِه، فكانوا ينكرونَ التَّأويلَ الباطل الذي هو التَّفسيرُ الباطلُ، كما نُنْكِرُ قولَ من فسَّرَ كلامَ المتكلِّمِ بخلافِ مرادِهِ( ).

    ولأضرب لك مثالاً يتضح به هذا المقال:

    في المراد بالشاهد في قوله تعالى: ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الأحقاف: 10]، قولان عن السلف:
    الأول: أنَّ الشاهد عبدالله بن سلام، وهو الوارد عن سعد بن أبي وقاص (ت: 55) وعبدالله بن سلام (ت: 43)، وابن عباس (ت: 68)، ويوسف بن عبدالله بن سلام، ومجاهد (ت: 104)، والضحاك (ت: 105)، وقتادة (ت: 117)، وابن زيد (ت: 182).
    الثاني: أنَّ الشاهد موسى عليه السلام، وهذا قول مسروق بن الأجدع (نحو: 63) والشَّعبي (ت: 103)، واحتجَّا بأنَّ السورة مكيَّة، وشأن عبدالله بن سلام (ت: 43) كان بالمدينة، وإنما هي مُحَاجَّةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه.
    وإذا تأمَّلت هذا الخلاف وجدتَ أنَّ قول مسروقٍ (ت: نحو: 63) والشعبي (ت: 103) أنسب للسياق، وهو الأولى لأنه يجعل الآية مكيةً في سورة مكيةٍ، ولا يُخرَجُ عن هذا إلا بدليل، وهذا يجعلك تميل إلى هذا القول. لكن يصرفك عنه أنَّ قول الجمهورِ على خلافِه، وفيهم ثلاثة من الصحابة، وهو أعلم بتأويل معاني القرآن، وفيمَ نزل، فتختار هذا القولَ لهذه العلَّةِ، وهذا ما فعله ابن جرير الطبري (ت: 310) عند هذا الاختلاف، فقال:
    ((والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنْزيل، لأن قوله: ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ ) في سياق توبيخ الله – تعالى ذكره – مشركي قريش، واحتجاجًا عليهم لنبيِّه، وهذه الآية نظيرةُ سائر الآيات قبلها، ولم يجر لأهل الكتاب ولا لليهود قبل ذلك ذكر، فتوجه هذه الآية إلى أنها فيهم نزلت، ولا دلَّ على انصراف الكلام عن قصص الذين تقدم الخبر عنهم معنى.
    غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله بأن ذلك عنى به عبدالله بن سلام، وعليه أكثر أهل التأويل، وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به.
    فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك: وشهد عبدالله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل على مثله، يعني: على مثل القرآن وهو التوراة، وذلك شهادته أن محمدًا مكتوب في التوراة أنه نبي تجده اليهود مكتوبًا عندهم في التوراة كما هو مكتوب في القرآن أنه نبي)) ( ).
    فإذا رجَّحت هذا وسمَّيته تأويلاً، لأنَّك صرفت المعنى عن ظاهر السياق لأجل قرينة أخرى، فإنَّك لم تخرج به عن المعنى الصحيح للآيةِ، وتسمية ذلك تأويلاً لا تُخرجُ هذا المثال عن أن يكون تفسيرًا.
    مثال آخر:
    في تفسير قوله تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) [القيامة: 22- 23]، ورد تفسير المعتزلة الذين ينكرون رؤية الباري على خلاف المعنى الظاهر المتبادر الذي فيه إثبات النظر إلى وجه الباري تعالى، ومن ذلك تفسير الأخفش المعتزلي (ت: 215) قال: ((يعني – والله أعلم – بالنظرِ إلى اللهِ: إلى ما يأتيهم منْ نِعَمِهِ ورزقِهِ، وقد تقولُ: واللهِ ما أنظرُ إلا إلى اللهِ وإليك، أي: أنتظرُ ما عندَ اللهِ، وما عندك)) ( ).
    وقال: ((وقولُه: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) [القيامة: 22- 23]، يقول: تَنْظُرُ في رزقِها وما يأتيها من اللهِ، كما يقولُ الرجلُ: ما أنظرُ إلا إليك.
    ولو كان نَظَرَ البصرِ كما يقول بعضُ النَّاسِ، كانَ في الآية التي بعدها بيانُ ذلكَ، ألا ترى أنَّه قال: ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ )[القيامة: 24- 25]، ولم يقلْ: ووجوهٌ لا تنظرُ ولا تَرَى.
    وقولُه ( تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) [القيامة: 25] يدلُّ الظَّنُّ ها هنا على أنَّ النظرَ ثَمَّ: الثقةُ باللهِ وحُسْنُ اليقينِ، ولا يدلُّ على ما قالوا. وكيفَ يكونُ ذلك، والله يقولُ: ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ) [الأنعام: 103])) ( ).
    وهذا المثال من التأويل المذموم الذي هو باسم الانحراف أولى، فتراه صرف اللفظ عن معناه الظاهر، إلى معنى آخر، لأجل أنه يعتقد أنَّ الله لا يُرى يوم القيامةِ، وهذا الاعتقاد باطلٌ، لذا فإنَّ التأويل الذي ذكره الأخفش (ت: 215) سيكون باطلاً، وهذا التأويل المنحرف مما لا يوافق عليه، لأنَّ فيه سلبًا لمعاني القرآن، وإخراجًا لها عن ظاهرها بلا حجَّةٍ.
    وقد ردَّ الأزهريُّ (ت: 370) ما فسَّرَ به الأخفشُ (ت: 215)، فقال: ((ومنْ قالَ: إنَّ معنى قولِه: ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) [القيامة: 23]، بمعنى: مُنْتَظِرَة، فقد أخطأ، لأنَّ العربَ لا تقولُ: نَظَرْتُ إلى الشيءِ، بمعنى: انْتَظَرْتُهُ، إنما تقولُ: نَظَرْتُ فلانًا، أي: انْتَظَرْتُهُ، ومنه قولُ الحطيئةِ( ):
    وَقَدْ نَظَرْتُكُمْ أَبْنَاءَ صَادِرَةٍ لِلْوِرْدِ طَالَ بِهَا حَوزِي وَتَنْسَاسِي
    فإذا قلتَ: نَظَرتُ إليه، لمْ يكنْ إلاَّ بالعينِ. وإذا قلتَ: نَظَرْتُ في الأمرِ، احتملَ أنْ يكونَ تَفَكُّرًا وَتَدَبُّرًا بالقلبِ)) ( ).
    هل للتأويل بالمصطلح الحادث حدٌّ يقف عنده؟
    التَّأويل بالمصطلح الحادث لا حدَّ له، لأنَّ معتمدَه العقلُ، والعقولُ تختلفُ في مذاهبِها، وطريقتِها في فهم نصوصِ الشَّرعِ، فما لم يكن سائغًا تأويلُه عند قومٍ، هو عند غيرِهم صالحُ لأن يؤوَّلَ، لأنه جارٍ على القواعدِ العقليةِ التي سارَ عليها ذلك المؤوِّلُ الذي رفضَ التَّأويلَ في هذا الموضعِ، ولا تكادُ تجدُ ضابطًا يبيِّنُ سببَ الرَّفضِ، سوى احتمالاتٍ لا تقومُ على علمٍ، ومن أمثلةِ ذلك:
    تحدَّث ابن عطيَّةَ (ت: 542) عن الميزان في قوله تعالى: ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [الأعراف: 8]، وذكر مذهبين في المرادِ بالميزانِ:
    الأوَّلُ أنه مجازٌ استعيرَ به اللَّفظُ للعدلِ.
    والثاني: أنه ميزانٌ حقيقيُّ له كفتانِ، كما هو معروفٌ من موازين الناسِ، وأنه توزنُ به الأعمالُ.
    ثمَّ رجَّحَ القول الثاني، فقال: ((وهذا القولُ أصحُّ من الأوَّلِ من ثلاثِ جهاتٍ:
    أوَّلُها: أنَّ ظواهرَ كتاب الله عز وجل تقتضيه، وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام ينطق به، ومن ذلك قوله لبعضِ الصَّحابةِ – وقد قال له: يا رسول الله، أين أجدك في يومِ القيامةِ؟ - فقال: اطلبني عند الحوضِ، فإن لم تجدني، فعند الميزانِ.
    ولو لم يكن الميزانُ مرئيًّا محسوسًا لما أحاله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الطلبِ عنده.
    وجهةٌ أخرى: أنَّ النَّظَرَ في الميزانِ والوزنِ والثِّقَلِ والخِفَّةِ المقترناتِ بالحسابِ لا يفسدُ شيءٌ منه، ولا تختلُّ صِحَّتُهُ. وإذا كانَ الأمرُ كذلك، فَلِمَ نخرجُ من حقيقةِ الأمرِ إلى مجازِه دون علَّةٍ؟.
    وجهةٌ ثالثةٌ: وهي أنَّ القولَ في الميزانِ هو من عقائدِ الشَّرعِ الذي لم يُعرفْ إلاَّ سَمْعًا، وإن فتحنا فيه باب المجازِ غَمَرَتْنَا أقوالُ الملحدة والزَّنادقةِ في أنَّ الميزانَ والسِّراطَ والجنَّة والنَّار والحشر ونحو ذلك إنما هي ألفاظٌ يرادُ بها غيرُ الظَّاهرِ.
    قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فينبغي أن يُجرى في هذه الألفاظِ إلى حملها على حقائقها...)) ( ).
    وهذا الذي حَذِرَ منه ابن عطيَّةَ (ت: 542) قد وقعَ، وقد اعتمدَ بعضُ الفلاسفةِ الذينَ عاشوا في ظلِّ الإسلامِ على مبدئه في التَّأويلِ، وليسَ له أن يقولَ: هذه الأمورُ إنما تُعلمُ من جهةِ السَّمعِ فقط، لأنَّ من يؤوِّلُ نصوص المعادِ يمكنُ أن يقولَ: للعقلِ فيها مدخلٌ. وبهذا تضطربُ الأمورُ ولا يسلمُ في الشَّريعةِ بابٌ، لأنَّه يمكنُ أن يُحملَ على المجازِ العقليِّ.

    (مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر:د.مساعد بن سليمان الطيار)

    تحياتى
                  

العنوان الكاتب Date
محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-20-07, 09:52 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . أبو الحسين01-20-07, 10:19 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Yasir Elsharif01-20-07, 12:32 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-20-07, 03:16 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-20-07, 03:19 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . محمد عكاشة05-28-07, 08:57 AM
      Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني05-29-07, 03:45 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Omer Abdalla01-20-07, 04:28 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Haydar Badawi Sadig01-20-07, 05:44 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-20-07, 06:14 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-20-07, 06:19 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Khalid Kodi01-20-07, 07:31 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Moneim Elhoweris01-20-07, 11:42 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-21-07, 06:23 AM
      Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . د.محمد حسن01-23-07, 04:55 PM
        Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-23-07, 05:37 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-21-07, 06:36 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Mohamed Adam01-21-07, 07:06 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . معتز القريش01-21-07, 07:25 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-21-07, 08:37 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-21-07, 08:41 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . نادر01-21-07, 09:52 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-21-07, 10:18 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-21-07, 12:05 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-21-07, 12:12 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . مريم بنت الحسين01-21-07, 01:01 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-21-07, 04:44 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Yasir Elsharif01-21-07, 05:44 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . othman mohmmadien01-21-07, 06:35 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-22-07, 04:05 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-22-07, 04:21 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad01-22-07, 08:41 AM
      Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad01-22-07, 08:59 AM
        Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالغني كرم الله بشير01-22-07, 11:38 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-22-07, 10:54 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Haydar Badawi Sadig01-22-07, 11:09 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-22-07, 11:01 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Abu Eltayeb01-22-07, 11:40 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-23-07, 04:25 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad01-23-07, 05:36 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . أبوبكر حسن خليفة حسن01-23-07, 08:04 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-23-07, 11:56 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . محمد عكاشة04-18-07, 10:12 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-23-07, 12:17 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-23-07, 04:25 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-23-07, 04:50 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-24-07, 04:20 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Omer Abdalla01-24-07, 05:41 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-24-07, 05:13 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-25-07, 04:36 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad01-25-07, 05:29 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-25-07, 12:10 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Yasir Elsharif01-26-07, 01:22 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-27-07, 08:14 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-27-07, 07:37 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad01-27-07, 08:08 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-27-07, 03:37 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-27-07, 04:58 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Haydar Badawi Sadig01-27-07, 07:23 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-27-07, 10:09 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-28-07, 02:33 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-28-07, 05:54 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . doma01-28-07, 07:28 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Yasir Elsharif01-28-07, 11:15 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-29-07, 10:56 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad01-29-07, 06:12 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad01-29-07, 08:47 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Haydar Badawi Sadig01-29-07, 08:36 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-29-07, 11:22 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-29-07, 11:32 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-29-07, 11:34 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-29-07, 11:39 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-30-07, 05:42 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad01-31-07, 07:07 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني01-31-07, 06:12 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني02-01-07, 04:28 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني02-01-07, 11:00 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Yasir Elsharif02-01-07, 12:11 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad02-02-07, 01:58 AM
      طلبت مقاما بذل نفسك شرطه!!!! Yasir Elsharif02-02-07, 10:27 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني02-02-07, 07:39 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Yasir Elsharif02-02-07, 11:08 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني02-02-07, 11:32 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني02-02-07, 11:38 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني02-02-07, 11:41 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad02-03-07, 02:35 AM
      الواقع يتطور نحو الفكرة الجمهورية، ويطبق ما يحتاجه الناس.. Yasir Elsharif02-03-07, 09:47 AM
  المقاساة في المسيحية، والصبر في الإسلام.. Yasir Elsharif02-03-07, 11:59 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني02-03-07, 05:33 PM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad02-04-07, 00:05 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Yasir Elsharif02-04-07, 03:40 AM
      Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Haydar Badawi Sadig02-04-07, 06:23 AM
        Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad02-06-07, 01:26 AM
          Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني02-07-07, 04:08 AM
            Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Haydar Badawi Sadig02-08-07, 02:29 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني02-08-07, 04:39 AM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . Haydar Badawi Sadig02-08-07, 05:08 AM
      بالصوت.. حديث الأستاذ محمود عن أن الأصيل الواحد هو الحقيقة المحمدية.. Yasir Elsharif02-08-07, 07:45 AM
  Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . عبدالله الشقليني02-08-07, 06:25 PM
    Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad02-08-07, 11:25 PM
      Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . osama elkhawad02-08-07, 11:33 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de