|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأخ العزيز عبد الله الشقليني، تحية لك وللأخ أسامة والمتابعين لهذا البوست.. نقلت في مداخلتي الفائتة قول الأستاذ محمود في مقدمة الطبعة الثالثة لكتاب "الرسالة الثانية من الإسلام":
Quote: إن محمدا رسول الرسالة الأولى ، وهو رسول الرسالة الثانية .. وهو قد فصل الرسالة الأولى تفصيلا ، وأجمل الرسالة الثانية إجمالا ، ولا يقتضي تفصيلها إلا فهما جـديدا للقـرآن ، وهو ما يقوم عليه هذا الكتاب الذي بيـن يـدي القـراء .. إن هذا الكتاب يهدي الطريق ، ولكنه لا يمكن من نفسه إلا الذين يقبلون عليه بأذهان مفتوحة ..
|
إذن الأستاذ محمود قد قال بأن كتاب الرسالة الثانية عبارة عن تفصيل لذلك الفهم الجديد من القرآن.. بكلمات أخرى يعني أنه قال بأن محتوى الكتاب يمثِّل تفصيل الرسالة الثانية التي سبق للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام أن أجملها في معنى ما أنه بلَّغ القرآن وسار السيرة.. وبما أن الكتاب قد كتبه الأستاذ فقد كان من الممكن له أن يقول بأنه هو رسول الرسالة الثانية، فلماذا لم يقل ذلك؟؟ الجواب: لأن كلمة رسول تعني لدى المسلمين أن يكون الرسول نبيا يتلقى الوحي، وهذا يخلق تشويشا.. فالرجل الذي يفصِّل الرسالة الثانية لا يتلقى وحيا جديدا.. الرسالة الثانية تقوم على بعث وتحكيم الآيات التي التحق النبي عليه الصلاة والسلام وتركها منسوخة [آيات الأصول] ونسخ الآيات التي تركها محكمة [آيات الفروع].. فكيف السبيل؟؟ هذا ملخص ما قاله الأستاذ في مقدمة الطبعة الرابعة لكتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" http://alfikra.org/chapter_view_a.php?book_id=10&chapter_id=2 ثم وضع المسألة تحت عنوان يقول: "من المأذون؟" وقال عن الرجل الذي يفهم الرسالة الثانية ويفصلها هذه العبارة:
Quote: فإذا وقع هذا الفهم لرجل فقد أصبح مأذوناً له في الحديث عن أسرار القرآن، بالقدر الذي وعى عن الله.. |
وفي عنوان بعد ذلك مباشرة يقول الأستاذ محمود:
Quote: من رسول الرسالة الثانية؟؟ |
ويجيب بقوله:
Quote: هو رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن، وأذن له في الكلام.. |
مع أن الواضح لي ولأي قارئ أن الرجل المقصود بهذه العبارة هو الأستاذ محمود، إلا أن طبيعة فهم الأستاذ تسير جنبا إلى جنب مع طبيعة الرسالة الثانية نفسها.. فالرسالة الثانية لا يتم فرضها على الناس، ويتعين على المبشِّر بها أن يقدمها ويرجو من الله أن ينصرها، ولكن عليه كمبشر أن يتحمل الأذى في سبيل توضيحها لدرجة أن يكون مستعدا لمواجهة القتل في سبيل الثبات عليها وهذا ما حدث بالضبط، وهو عندي أكبر آية على صدق هذه الدعوة.. في ختام كتاب الإسلام نقرأ عبارة للأستاذ شديدة الدلالة على ثقته في دعوته، ولكنه في نفس الوقت لا يقف عند هذه الثقة أنه على حق وإنما يرجو أن تكون دعوته حقا أيضا عند الله:
Quote: فإن هـذا الحديـث حـق ، عنـدي ، وصـدق ، وإنـي لأرجـو الله لـه ، أن يكـون حقا ، عنـده ، وصـدقا .. وما ذلك على الله بعزيز . |
من كتاب "الإسلام" هنا: http://alfikra.org/chapter_view_a.php?book_id=7&chapter_id=13 إذن هذا هو السر في أن الأستاذ لم يشخصن المسألة ولم يدَّع لنفسه شيئا، وإنما ترك الأمر مفتوحا وقال في ختام مقدمة الطبعة الرابعة بعد عبارة "هو رجل آتاه الله إلخ" سؤالا عن كيف يعرف الناس رسول الرسالة الثانية:
وأجاب بطريقة غاية في اللطف والحكمة: حسنا!! قالوا أن المسيح قد قال يوما لتلاميذه: (( احذروا الأنبياء الكذبة!!)) قالوا: (( كيف نعرفهم؟؟)).. قال: (( بثمارهم تعرفونهم)).. الثمار ليست هي العلم فحسب، وإنما الإخلاص لهذا العلم والإلتزام به؛ وثمار الأستاذ محمود هي أنه رجل حر حرية فردية مطلقة، لم يخسر نفسه، وإنما إلتزم بما قاله هو بنفسه عن الرجل الحر حرية فردية مطلقة "الذي يفكر كما يريد ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول ثم لا تكون عاقبة فكره وقوله وعمله إلا الخير والبر بالأحياء والأشياء".. وهذا يأخذنا مباشرة إلى موضوع البوست الأصلي يا عزيزي عبد الله، وهي وجه الشبه بين المسيح عيسى بن مريم والأستاذ محمود.. فالمسيح عليه السلام قال: "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه".. فالبرغم من أن المسيح عليه السلام كان صادقا في دعوته إلا أنه قد كُذِّب واتُّهِم بالسحر ولكنه كسب نفسه وأثبت صدقه وبانت ثماره وعرفها الناس.. بصورة مشابهة إتُّهِم الأستاذ محمود بالزندقة والكفر بل قال النميري عنه أنه ادعى النبوة وادعى الألوهية، ولكن الأستاذ سلَّم أمره لله وكسب نفسه وأثبت صدقه وبانت ثماره لمن فتح الله عليه، ولا شك في أنها سوف تستعلن في يوم من الأيام.. يقول إبن الفارض: إذا جاد أقوام بمال رأيتهم * يجودون بالأرواح منهم بلا بخل وإن أودعوا سرَّا رأيت صدروهم * قبورا لأسرار تُنزَّه عن نقل وإن هُدِّدوا بالهجر ماتوا مخافة * وإن أوعدوا بالقتل حنوا إلى القتل لعمري هم العشاق عندي حقيقة * على الجِّد والباقون منهم على الهزل
مع وافر المودة
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Yasir Elsharif)
|
عزيزي ياسر لا اعتقد انك قمت بازالة الالتباس الذي اشار اليه الشقليني بحق.
Quote: فانت قلت: وفي عنوان بعد ذلك مباشرة يقول الأستاذ محمود:
Quote: من رسول الرسالة الثانية؟؟ ويجيب بقوله: Quote: هو رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن، وأذن له في الكلام..
مع أن الواضح لي ولأي قارئ أن الرجل المقصود بهذه العبارة هو الأستاذ محمود، إلا أن طبيعة فهم الأستاذ تسير جنبا إلى جنب مع طبيعة الرسالة الثانية نفسها.. |
من الواضح الجلي ان الاستاذ بشكل ضمني يقول انه رسول الرسالة الثانية. و ماحاولت ان تقول به حول انه لم ينسب الامر صراحة لنفسه ،قصد به عدم فرض الرسالة على الناس. ليس هنالك من علاقة بين نسبة الرسالة والفرض. فاذن يمكن القول ان هنالك تطورا واضحا في خطاب الاستاذ،لم يقم بتوضيحه، وهو ان رسول الرسالة الثانية لم يعد هو الرسول محمد "ص". قد لا تقبل تفسيري لمثل ذلك التطور المهم في خطاب الاستاذ، لكن تفسيرك بانه لم ينسب المسالة الرسالية لنفسه ،ينطلق من حرصه على عدم فرض الرسالة. المهم يظل ذلك التطور في خطاب الاستاذ،امرا يحتاج الى تفسير، لو لم يقبل بتفسيري. مع محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأعزاء عبد الله الشقليني وأسامة،
تحية المودة والتقدير
لم أكن أنوي المواصلة لأنني سأتغيب لظروف معينة ولكني سأفعل الآن لاعتبارات كثيرة منها أنني أريد أن أوضح نفسي أكثر، خاصة أن الأخ العزيز الشقليني قد وضع عبارتي باللون الأحمر، واعتبرها الأخ العزيز أسامة "زلة لسان" أو إساءة، لا سمح الله، وأشهد الله أنني فكرت كثيرا ولم أجد عبارة أنسب منها، وأعتذر عن أي فهم آخر يمكن أن يفهمه القارئ وهو غير الذي قصدته بها.. ربما أجد فرصة الآن في الإجابة على أسئلة الشقليني..
Quote: 1/ لم تزل مسألة رسول الرسالة الثانية تُراوح مكانها والاستيضاح ينتظر الجلاء . |
في تقديري المسألة واضحة.. رسول الرسالة الأولى والثانية بالأصالة هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأنه هو الذي تلقاه عن ربه عن طريق الوحي.. ورسول الرسالة الثانية الذي استخرجها من القرآن وفصلها ودعا إلى بعث المنسوخ ونسخ المحكم هو الأستاذ محمود..
Quote: 2/ من المأذون له ، و قد وضعت الأسس له من الإشراق الذي تفجر في رؤى الأستاذ ؟ |
أستطيع أن أقول بكل ثقة أن الله قد أذن للأستاذ، ويسَّر له سبيل الكتابة والخطابة والدعوة.. ولكن لم يأذن الله بعد بالتطبيق..
Quote: 4/ ذكر الأستاذ انتهاء النبوءة دون انتهاء الرسالة . |
أرجو أن أتمكن من توضيح المسألة.. لقد ذكر أن نبوة ورسالة الوحي قد ختمت بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.. لن يتصل الوحي ببشر ليوحي إليه أمرا لم ينزل في القرآن.. ولكن نبوة ورسالة الفهم والعلم من القرآن فهي لم تختم.. أرجو أن نقرأ ما قاله الأستاذ للدكتور مصطفى محمود في كتابه المشهور:
Quote: ما أحب لك أن تتصور الصوفية وكأنهم قوم يمشون في الهواء، بغير جذور تربطهم بالأرض .. أكرر مرة أخرى: أن الصوفية هم أنصار السنة النبوية .. هم أنبياء، ورسل، بالمعنى الذي يستقيم في الفهم الديني بعد ختم النبوة .. |
قولك يا شقليني:
Quote: 5/ من هو المأذون له بفك غُلالة الإجمال وبث التفصيل ، أهو مأذون أم رسول ؟ وما يمنع أن يكون رسول ؟ ، لأن التفاصيل التي أجملها النبي وأضمرها في النصوص وفق رؤى الأستاذ في حاجة لفك طلاسمها ، ويكون بالأخذ المباشر من النص القرآني بعد استيفاء شروط ذلك الأخذ مُجاهدة وكدحاً . |
هذا السؤال أجبت عليه بعاليه.. والمأذون والرسول لهم معنى واحد، فالمأذون رسول، والرسول مأذون.. في المعنى الذي يستقيم في الفهم الديني بعد ختم النبوة..
Quote: 6/ أن مسالة الرسالة الثانية والمُبشِرون بها من هُم ، وهل هو ميسور لأكثر من مأذون ؟ . |
كل من يأنس في نفسه تحمل مسئولية التبشير، والتعريف، بالرسالة الثانية وإلتزامها فهو مأذون. [هذا يشمل الرجال والنساء طبعا]
Quote: 7/ ما الفرق بين الرسول في المُصطلح الديني والرسول في معاجم اللغة ، ولِمَ نتهيب أن نُطلق على كل من يسعى برؤاه رسول فكرٍ ومُجدد رؤى ؟ |
في تقديري أن المسلمين يتهيبون كلمة رسول بسبب المفهوم الشائع بأن الرسالة ختمت.. ربما يأتي وقت يتم قبول اللفظ بالصورة التي تقولها..
يقول الأخ أسامة معلقا على سؤال الأخ الشقليني:
Quote: سؤالك عن التبشير بالرسالة الثانية ،اذا ما انسقنا الى منطق تأويل الاستاذ ياسر، سبق لي ان وجهته في الاحتفال الاخير بذكرى استشهاد الاستاذ،اذ وجهت السؤال التالي: ما الذي يمنع وجود رسالات اخرى ،طالما ان الامر يعتمد على تطور الواقع ،والتأويل؟ خاصة ان الاستاذ كان ينطلق من بدايات العولمة ومن ارث عصر التنوير الاوروبي اي بدايات تأسيس الحداثة الغربية. الا يمكن افتراض رسالة ثالثة في عصر ما بعد الحداثة مثلا؟؟؟ |
في الحقيقة نجد أن الأستاذ محمود قال بأن الأوائل لم يفضوا من أختام القرآن غير ختم الغلاف وهذا يفتح الطريق دوما للفهم الجديد من القرآن..
في تقديري ليس هناك حاجة للقول برسالة ثالثة، فكل التطور في الفهم مفتوح في إطار الرسالة الثانية، ولكن هذا الذي قال به الأستاذ محمود نفسه لم يتم تطبيقه، ومن يرى أنه يحمل تجديدا في الدين أكثر مما قال به الأستاذ محمود، ما عليه إلا أن يصدع به ويتحمل مسئولية ما يقول به..
أعتذر عن عدم التمكن من المواصلة لمدة شهر تقريبا، وذلك لظروف ضاغطة ولكنني أعتبر نفسي قد قلت كل ما أردت أن أقوله، بل كررت نفسي كثيرا مع الأخ أسامة، وهو قد كرر نفسه أيضا كثيرا، وهذا استهلاك للطاقات.. أرجو للأخ أسامة دراسة موفقة وارجوه أن يقيم أموره على الدليل.. وشكرا، مع وافر المحبة والتقدير..
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
في انتظار رد الصديق ياسر على اسئلة الشقليني ، التي قلنا انها في الصميم،او في عبارة اهلنا "في التنك"، في انتظار ذلك الرد ، احب ان أعقب على بعض الاشارات، التي قاتني الرد عليها قال الصديق ياسر:
Quote: ولم يحدث أن قال بأن النبي محمد "ليس محمد صلى الله عليه وسلم" كما جرى قلمك |
لم أقل بذلك ،وانما قلت ان محمدا "ص" لم يعد هو رسول الرسالة الثانية ، في آخر ما رشح من خطاب الاستاذ. **** قال الصديق الشقليني عن تجنبي الخوض في المخاطبة الربانية:
Quote: ربما اختلفنا كثيراً حول المُخاطبة الربانية التي تتم من رب العزة لمن يصطفيهم من عباده ، وتلك مرحلة أخرى من مراحل فكر التصوف بداياته ومآلاته ووسائله ، وهو الذي تجنب الناقد والكاتب أسامة الخوض فيه |
لقد حددت محور قراءتي المتواضعة لخطاب الاستاذ في علاقته بمشروع الحداثة الغربي، و مخططه النظري لتلقيح ذلك المشروع،أي تجاوز ازمته. ليست لدي معرفة كافية بطرق المخاطبة الربانية، ولذلك انطلقت في مقاربتي مما أعتقد انني اعرفه بشكل معقول ، يجعلني مؤهلا لان اقارب خطاب الاستاذ. و سبق لي ان قلت ان مقاربة خطاب الاستاذ بشكل كلي ، تحتاج الى جيش من الباحثين، وليست لدي تلك القدرة الهائلة . *** سنعود بعد انتظار رد ياسر . ففي معيتي المخطط النظري لخطاب الاستاذ لتلقيح الحضارة الغربية أو قل مشروع الحداثة الغربي. كما في معيتي حديث عن "طريق محمد"، لكنني أفضل أن يحافظ النقاش على تواتره، كما جاء في البوست. ولذلك نحن في انتظار ياسر للحديث عما اثرناه معا ،الشقليني وشخصي الضعيف. محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
الصديق ياسر لست غاضبا من كلامك . و نعتقد ان وجودك مهم جدا في هذا النقاش الهادئ، لكن ،لا نستطيع سوى ان ننحني لرغبتك في الاحتجاب، وقد قرأت كلاما لك شبيها بذلك في سودانفور، في البوست التوأم. تحياتنا لك، ونرجو ان تطل علينا من حين لآخر. سنشعر باليتم ، لكن هذه تصاريف الزمن. أبق بخير وعافية . و نرجو ان نواصل مساهماتنا. محبتي لكل وللاسرة. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
نعود قال الصديق ياسر الشريف:
Quote: يؤسفني أن أقول لك بأن الأستاذ أوضح المسألة ولكنك لم تفهمها.. الأستاذ يعتمد على القرآن ويقول أن به مستويين، ولكن القرآن كله قد نزل على النبي محمد فكيف يمكن أن أفهم استنتاجك بأن رسول الرسالة الثانية لم يعد هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟؟ الأستاذ فهم محتوى الرسالة الثانية [آيات الأصول] وقام بالتبشير بها، ولكنه لم ينسب نزول القرآن إلى نفسه!! أكثر من ذلك، فإنه يدعو الناس إلى طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم "محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد" وهذا واحد من أهم كتبه وقد خرج في حوالي ثماني طبعات!! فكر في هذا الأمر، يا أسامة ولا تصر على أمر لا تملك له دليلا.. |
تحدث الصديق ياسر عن "طريق محمد "قائلا":
Quote: وقد خرج في حوالي ثماني طبعات!! |
والصحيح ان آخر الطبعات كانت الطبعة الثانية عشرة. وهذا هو دليلنا من الكتاب نفسه:
Quote: صدرت الطبعة الاولى في مارس 1966م.. ثم صدرت منه عدة طبعات في تلك الفترة ( 1966ـ 1985 ) كانت اخرها الطبعة الثانية عشرة ، وقد صدرت في فبراير 1981م ـ ربيع ثاني 1401م (بدون مقدمة خاصة به). من تلك الطبعات ، كانت الإضافة : مقدمة الطبعة الثالثة ، ومقدمة الطبعة الرابعة ثم ( مقدمة الطبعة الثامنة ) التي صدرت في ربيع الثاني 1395هـ أبريل 1975م. |
ويبدو ان الصديق ياسر يشير الى مقدمة الطبعة الثامنة. ****** أما حديثه عن ان الاستاذ يدعو فقط الى "طريق محمد"بشكل مجرد، فهو كلام لا تسنده الادلة،في الكتاب الذي يستشهد به الصديق ياسر. ومن الواضح لمن يتأمل في الحديث عن "طريق محمد" ، ان مثل هذا الكلام موجه للطرق الصوفية، وسبق لحسن البنا ان قال بكلام مثل هذا الكلام في نداء موجه للطرق الصوفية ، باعتبار انه الوحيد الذي يمثل "طريق محمد". ولنا ان نتساءل ما هو "الطريق"؟؟؟؟ الاشارة واضحة، فهي ترمز الى الطرق الصوفية. وسنعود للحديث عن كتاب الاستاذ: طريق محمد محبتي للجميع المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي الشقليني اعجبني حديثك عن :
Quote: الرسائل القادمة في جوف المستقبل ، والتي ربما تكون أكثر رهافة من خطاب القرن العشرين ، ويكون فارسها ممن يسر له المولى بمنهاج تصوفي باهر أن تكون الرسائل المُستقبلية بيديه ... |
فاذا كان ان رسالة الاستاذ ،وهي بالاحرى ،والأدق ،تأويله للقرآن بما يتناسب والقرن العشرين،اذا كانت تلك الرسالة يغلب عليها ما تواتر عليه الناس من تفضيل للقرن العشرين،وهو بالفعل قرن متميز. كان الناس يقولون للتدليل على رهافة القرن العشرين ،كما تفضلت في وصفك له،يقولون للتعبير عن اندهاشهم من سلوك لا يرضونه،يقولون هذا يحدث في القرن العشرين،للتعبير عن استنكارهم لذلك السلوك.ما قام به الاستاذ هو كما قلنا محاولة كبرى للتجسير بين الاسلام والحداثة،من خلال التأويل ،ولذلك كان الاستاذ يكرر دائما ،نحن لسنا في حاجة الى التفسير،وانما الى التأويل. تبقى المسالة كما نراها،تتمثل في التأويل الذي يردم الهوة بين النص المقدس في تفسيره التقليدي،وبين تطور الواقع الانساني،وهو تطور يسير بدرجات مذهلة،رغم انه يتميز باللاتكافؤ في ما يختص بالحصول على تلك المنجزات المذهلة،و انقسام العالم الى مساهم يتمتع بتلك الانجازات ،وغير مساهم يعيش كما قال الاستاذ بحق على قشورها. ونحن في انتظارك. ***** مرحبا بانضمام الدكتور النور حمد الينا ،والذي تكرر اسمه ا في كثير من المساهمات هنا. وهو من المهتمين بمجال الحداثة وما بعدها ،ومسائل العلمانية ،وله راي متميز في كيفية توطين الحداثة، كما اشرنا الى ذلك من قبل. و بهذه المناسبة أحب ان اهدي اليه هذه المساهمة . ************
عود على بدء حول المرأة في خطاب الاستاذ أشرنا من قبل الى ذكورية خطاب الاستاذ،لكن اطلاق هذا الوصف ،بدون الاشارة الى بعض من حداثة مفهوم المرأة في خطاب الاستاذ،لن يوضح الصورة كاملة. أما الذكورية ،فلعل مرد ذلك الى طغيان وهيمنة الخطاب الذي يتحدث عن تفوق الرجل. ومن المستحيل الا تستبطن الخطاب السائد في درجة من درجاته. مثله في ذلك ،مثل تأثير اللاشعور على الشعور،كما بين ذلك بحق ،الاستاذ فرويد عليه افضل درجات المحبة. وفي ما سيلي من كلام مقتضب،نحب ان نشير الى بعض من وجوه حداثة خطاب الاستاذ حول المراة ،مقارنة بالخطاب السلفي الاسلامي. ********* من اعظم الوصايا التي قدمها الاستاذ للرجال:
Quote: أعينوا النساء على الخروج من مرحلة القصور، ليستأهلن حقهن الكامل في المسئولية، حتى تنهض المرأة، وتتصرف كإنسان، لا كأنثى.. * غاروا على النساء.. ولا يكن مصدر غيرتكم الشعور بالامتلاك، كما هي الحالة الحاضرة.. ولكن غاروا على الطهر، وعلى العفة، وعلى التصون، لدى جميع النساء.. وسيكون من دوافع مثل هذه الغيرة أن تعفوا، أنتم أنفسكم، فإنه وارد في الحديث: ((عفوا تعف نساؤكم)).. |
ثم في حديثه عن التسلط الزوجي الذكوري، يفرغ العلامة اللغوية أي التسلط الزوجي الذكوري، من المعنى المتعارف عليه ،ليعيد انتاجها: *Quote: تسلطوا على النساء!! ولكن لا يكن تسلطكم عليهن عن طريق الوصاية، ولا عن طريق القـوة، ولا عن طريق الاستعلاء - استعلاء الذي ينظر من أعلى إلى أدنى- ولكن تسلطوا عليهن عن طريـق الحب.. أحبوهن، وتعلقوا بالمكارم، والشمائل، والرجولة، التي تجعلكم محبوبين لديهن.. فإن المـرأة إذا أحبـت بذلـت حياتـها فـداء لمن تحـب.. فليكـن هـذا طريقكم إلى ((استغلالهن)).. |
وفي نظره الى العمل المنزلي ،نجد ان الاستاذ يدين النظرة الدونية التي ينظر بها المجتمع ،كما في حالة الاتحاد السوفيتي السابق ،الى العمل المنزلي. وما يميز خطاب الاستاذ حول العمل المنزلي ،انه يعتبره عملا عظيما ،ويستحق المكافأة المادية و الادبية.يقول في : تطوير شريعة الاحوال الشخصية:
Quote: إن الاشتراكية السليمة يجب أن تدخل قيماً جديدة في التقدير.. وتلك هي القيم التي تجعل المادة وسيلة الإنسان إلى الحرية، لا بديلا عن الحرية.. إذ ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. فإذا ما دخلت هذه النظرة التقييمية الجديدة فإن الإنسان سيكون سيد الآلة، وليس خادمها.. وستكون المرأة المنتجة، وفي القمة، هي المرأة التي تنجب الأطفال، وتعنى بهـم، كما ً، وكيـفاً.. وستكون هي أولى بالتكريم من العلماء، والفنيين الذين يعملون في إنتاج الطائرات، والصواريخ.. وهي، من ثم تستحـق من المجتمع المكافأة الأدبيـة، والماديـة التي بـها تتحقـق، وتتوكد، كرامتها.. |
وقد عانت اجيال من النساء في العالم كله ،من النظرة الدونية للعمل المنزلي،فهن ينفقن حياتهن كلها في المنزل ،وفي آخر المطاف،لا يجدن تقديرا ،اللهم الا من برها الله ببنات بارات ،وأبناء بررة. وعليه الا يحق للنساء اللواتي همش عملهن المنزلي ،ان ينلن تعويضا من المجتمع ،ممثلا في الحكومات؟ لماذا لا تطالب المنظمات النسائية و كل المنظمات والاحزاب التقدمية بتقديم تعويضات لكل تلك الاجيال من النساء الجميلات اللواتي لم يحصدن غير الدونية و الاحتقار متمثلا في احتقار العمل المنزلي ،وتتفيهه؟؟؟
**** وفي حديثه عن "المراة مكانها البيت" ،يفرغ العبارة من معناها الدارج ،عند الاسلام السلفي ،ليملأها بمحتوى جديد ،يعيد للمرأة مكانتها،ويجعل للبيت معنى آخر ،يجب ان تتوفر له شروطا محددة ،حتى يصبح بيتا جديدا.والبيت في خطاب الاستاذ ،هو بيت جديد ،وصعب تحققه ،كمفهوم جديد ،ان لم يتم التقيد بشروط جديدة ،تجعله يستحق المفهوم الجديد الانساني ، و العادل في خطاب الاستاذ الحداثي.يقول في ذلك ،في فقرة طويلة نرى الاستشهاد بها كاملة ،حتى نرى مدى الرحابة والانسانية ، التي تميز البيت ،في تموضعه الحداثي في خطاب الاستاذ.يقول في كتابه المهم "تطوير شريعة الاحوال الشخصية:
Quote: المـرأة مكانها البيت
كثيراً ما نسمع الناس يقولون: المرأة مكانها البيت.. وهي قولة حق أريد بها باطل.. هم يريدون بها إلى الحجاب.. وعدم السماح للمرأة أن تخرج، لا للعمل ولا للنزهة.. والحق في هذه العبارة: أنا يجب أن نتعاون، رجالا ونسـاء، على إعادة تكوين البيت، ليكون مكانا للسعادة، والحب، ورضا النفس، يجد فيه الرجـل، والمـرأة، والأطفـال، دفء الحـب، وبرد السـلام.. ويجب أن تكون المرأة فيه الملكة، لا الخادمة.. فهي المنجبة للأطفال، والمشرفة على الأطفال، والمربية والمهذبة، للأطفال، ليكونوا نماذج عالية في الخلق، والذكاء، والكفاية الذاتية.. وهي، فوق ذلك كله، وقبل ذلك كله، مرفأ الأمان لزوجها يستظل بظلها، ويجد في حبها، وفهمها، ما يقوى به على حسن خدمة الجماعة، وعلى قطع درجات الكمالات الذاتية حتى يرقيا المراقي، سمتاً فوق سمت، إلى منازل الكمال المقدور لهما.. وإذا ما عرفنا للبيت هذا المقام فإن قولنا: ((المرأة مكانها البيت)) سيلقي علينا واجب تعليم الفتيات في أعلى مراحل التعليم، وإعدادهن عقليا، وخلقيا، ونفسيا، وجسديا، إلى المستوى الذي يرفع عنهن الوصاية، ويجعلهن مسئولات، مسئولية تامة، أمام القانون، كمسئولية شقائقهـن الرجال، لا وكس، ولا شطط.. وعلى وفق مستوى هذه المسئولية يكون حقهن في الحريـة، والكرامة: ((ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)) هذا في منطقة القانون.. ((وللرجال عليهن درجة)) هذا في منطقة الأخلاق.. حيث يقع التفاوت بين الرجال، فيما بينهم، وبين النسـاء، فيما بينهن، وبين بعض النساء وبعض الرجال، ثم لا ينسحب هذا التفاوت من منطقة الأخلاق على منطقة القانون، فيؤثر على الحقوق، والواجبات، كما هو الشأن في ظل الشريعة السلفية.. ذلك بأن منطقة الأخلاق هي فوق مستوى القوانين.. والمراقب لها هو الله.. والمكافئ على الحسنة فيها هو الله.. |
من الملاحظ ان الاستاذ يلجأ في مسالة المراة الى التدريج ،ولا يتبنى الصدمة التي يمكن ان تعيق مشروع تحرير المرأة ،كما يفهمه. وكلامنا عن "التدريج" ،يستند الى أن الاستاذ في بعض من أوجه خطابه يلجأ الى الصدمة ،كما في حديثه عن الشريعة الفردية ،وصلاة الاصالة،والانسان الكامل ،وعلاقته بالله،و الرسالة الثانية ،وكلامه عن "الرجل" في اشارة الى نفسه كرسول للرسالة الثانية.ويبدو ان اسلوب "الصدمة " قد ساهم بدرجة كبيرة في النظر بريبة وتشكك الى خطاب الاستاذ،مما جعله هامشيا،ولا يستند الى مجموعة اجتماعية مؤثرة. وسنعود المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي الشقليني : شكرا على ردك قلت:
Quote: ولأتمنى أن تورد لنا نصوص الأستاذ التي تستبقي الحدود في الرسالة الثانية . فقد اطلعنا على الرسالة الثانية ، وبها الكثير من الإشارات ومنهاج التخلص من الغلظة . |
هنالك تداخل بين الرسالة الاولى والثانية. وذلك يتضمن الابقاء على الحدود،وعلى المعاملات ، ما عدا تشريع الزكاة. النصوص كثيرة ،وساورد بعضا منها ،في وقت لاحق. ابحث في موقع الفكرة عن قانون المعاوضة، وستجد ان الاستاذ يدرجه في الاصيل والثوابت من الدين. وهذا اصلا يتناقض مع الرهافة وما اشرت اليه من ان الاستاذ يتحدث عن تطور لافت من الغلظة الى الرأفة والرهافة في المفهوم العام. ومع ان تلك العقوبات تدخل في تاريخ الغلظة لكن الاستاذ يبقى عليها عبر ما يسميه بالتداخل بين الرسالتين. وهو امر حقيقة غير مفهوم بالنسبة لي ،ذلك انه تناقض واضح، مع ابسط المفاهيم الانسانية التي افرزها القرن العشرون الذي يحتفي به الاستاذ كثيرا باعتباره نهاية التاريخ. محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
عزيزي الشقليني اليك نصان عن قانون المعاوضة،اولهما طويل،والاخر قصيرنسبيا، وقد وردا في "الرسالة الثانية من الاسلام": وقبل ايراد النصين ،أحب ان اشير الى ان قطاعا كبيرا يعتقد ان معارضة الاستاذ لقوانين سبتمبر ناجمة من موقف رافض لها من حيث الجوهر،لكن الامر غير ذلك ،فهو مع الحدود،لكنه يرى ان النظام المايوي قد استغل الحدود لارهاب الناس،و بقية راي الاستاذ واضح في كلامه الاخير في المحكمة. فالي النصين:
النص الاول: وهذه مرتبة متقدمة من مراتب الحرية الفردية المطلقة ، التي قد طوع كل تشريع الإسلام ليبلغها الأفراد ، ومن أكبر آيات هذا التطويع أن التشريع كله ، وفي كل صوره ، مبني على المعاوضة ، أو قل القصاص (( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ، لعلكم تتقون )) والقرآن أيضا يقول ، (( ليس بأمانيكم ، ولا أماني أهل الكتاب ، من يعمل سوء يجز به ، ولا يجد له من دون الله وليا ، ولا نصيرا )) ويقول (( ليجزي الله الصادقين بصدقهم ، ويعذب المنافقين ، إن شاء ، أو يتوب عليهم ، إن الله كان غفورا رحيما )) ويقول (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) وهاتان الآيتان هما قوام الأمر كله ، في مبنى الشريعة ، وفي مبنـى الحقيـقة .. يعني في عقـوبة الدنيـا أو ثوابـها ، وفي عقـوبة الآخـرة أو ثوابها . والقرآن يقول (( ليسأل الصادقين عن صدقهم ، وأعد للكافرين عذابا أليما )) فسئل عنه شيخ الطائفة الصوفية ، أبو القاسم الجنيد فقال (( يسأل الصادقين ، عند أنفسهم ، عن صدقهم ، عند الله .)) والصدق عند الله مطلق ، والصدق عند الخلق نسبي ، فيجزي كل صاحب صدق بما يبلغ صدقه بالقياس إلى الصدق المطلق ، كما قال (( ليجزي الصادقين بصدقهم )) وهذا الجزاء قصاص في الشريعة ، وقصاص في الحقيقة أيضا ، كما وردت إلى ذلك الإشارة (( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب )) حياة هنا تعني زيادة معرفة . فحين تجازون بالخير على ما عملتم من خير ، على قاعدة الحسنة بعشر أمثالها ، أو تضاعف ، وحين تعاقبون على السيئة بمثلها ، أو يعفى عنها ، تزيدون حياة على حياتكم السابقة ، بارتفاع مدارككم ، وصفاء عقولكم ، وبسلامة قلوبكم . وهذه الزيادة في المدارك ، لدى القصاص في الشريعة ، لا تحتاج إلى عميق فكر ، فهي ظاهرة ، وذلك أن الفرد لا يتعدى على حريات الآخرين ، أثناء ممارسته لحريته ، إلا لجهل ، وغباء ، وقصور تخيل .. فمن قلع عين أحد ، أثناء ثورة غضب ، مثلا ، لا يفعل ذلك وهو متخيل تماما لمبلغ الألم ، وفداحة الضرر ، الذي يلحقه بضحيته . فإذا ما اقتص منه ، فوضع في موضع الضحية ، وقلعت عينه معاوضة منه لفعله ذلك ، فقد تحقق غرضان في آن معا ، أولهما حفظ حق الجماعة ، بردع المعتدي في نفسه ، وبجعله نكالا لغيره ، وثانيهما إحراز حاجة الفرد إلى سعة التخيل ، حيث أعطي الفرصة ليعيش التجربة الأليمة التي فرضها على غيره لقصر في تخيله شدة الألم ، وفداحة الخسـارة ، اللذين تسبب فيهما ، وإنه لمما لا ريب فيه أن مثل هذه التجربة الأليمة تجعل من يتعرض لها أكثر إنسانية ، في مقبل أيامه ، منه في سابقتها ، فهو لا يمكن أن يسقط من اعتباره نتائج تصرفه على الآخرين . وهو ، على أيسر تقدير ، سيكف أذاه عن الآخرين ، وقد يحتمل أذاهم أيضا ، وسيكون ، على التحقيق ، كثير الاعتبار لهم ، حين يتصرف ، وقد يقوده هذا الصنيع ، معانا بالعبادة ، إلى الكلف بتوصيل الخير اليهم ، وهو خليق أن يجد في ذلك رضا نفسه ، وطمأنينة قلبه . فإن هو بلغ ذلك فقد وقف على أعتاب الحرية الفردية المطلقة ، بفضل ما أصاب من الوعي وسعة التخيل اللذين أفاده إياهما القصاص . وإن هو لم يبلغ هذا المبلغ فحسبه أن يكون واعيا لحدود حريته وحدود حريات الآخرين ، وفي ذلك خير كثير . والمعاوضة في حد الزنا تقوم على الرجم ، أو على الجلد ، حسب مقتضى الحال ، وذلك أن الزاني حين ذهب يبحث عن اللذة ، حيث كانت ، ومن غير اعتبار لشريعة ، أذيق الألم ليرده لصوابه ، فإن موقع الألم من وادي النفس يقـوم على العـدوة القصـوى ، حيـن تقـوم اللذة على العـدوة الدنيا ، وفي شـد النفس إلى الألم ، حيـن تتـهافت على اللـذة المحـرمة ، إقامـة للوزن بالقسـط مـما يعينها على الاعتـدال ، ويجعـلها أبعد من الطيش والنـزق. وحد الخمر يقوم على نفس الأصل ، وذلك أن صاحب الخمر حين يسعى في إلغاء عقله ، إنما يريد أن يهرب من واقعه ليعيش في دنيا من صنع أوهامه ، وأخيلته المريضة ، فأريد بألم الجلد أن يرده إلى واقعه المرير ليعمل عقله في تغييره ، فإن الواقع لا يتغير بالهروب منه ، وإنما يتغير بمواجهته ، وإعمال الفكر في تغييره ، والله تعالى يقول (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) . ثم إن العقل ، وبه وحده استحق الإنسان الكرامة على الحيوان ، هو الإبن الشرعي للقاح اللذة بالألم ، منذ سحيق الآماد ، وعبر رحلة الحياة الشاقة ، فإذا حاف عليه صاحبه ، في لحظة من لحظات الضعف ، فإن في لذع الألم لما يعينه على استعادة مكانه من قيادة السفينة في خضم الحياة الصخاب ، حتى يبلـغ بها بـر السـلامة . وقانون المعاوضة ـ القصاص ـ قانون ينبع من أصل في الحياة أصيل ، فهو ليس قانون دين بالمعنى المألوف في الأديان ، ونحن حين نقرر أن تشاريع الإسلام مبنية على القصاص ، إنما نعني الإسلام في حقيقته ، لا في عقيدته ، والإسلام في حقيقته ليس دينا بما ألف الناس عن الأديان ، وإنما هو علم ، وما مرحلة العقيدة فيه إلا مرحلة انتقال إلى المرحلة العلمية منه .. مرحلة الشريعة فيه مرحلة انتقال إلى مرتبة الحقيقة حيث يرتفع الأفراد ، من الشريعة الجماعية ، إلى الشرائع الفردية ، التي هي طرف من حقيقة كل صاحب حقيقة . (( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ؟ ، * إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج ، نبتليه ، فجعلناه سميعا بصيرا )) .. (( هل )) تعني هنا قد و (( الإنسان )) تعني جنـس الإنسان . (( لم يكن شيئا مذكورا )) تعني أنه كان يتقلب في المستويات الدنيا من الحياة ، لم يظهر فيه العقل ، الذي عليه انبنى التكليف ، وبه رفع الذكر . و(( نطفة أمشاج )) تعني الماء الصافي المخلوط بالطين ، ومنه نشأت الحياة في ظلمات الدهر . وأما قوله (( نبتليه )) فهو روح الآية ، لأنه يشير إلى الصراع في البيئة الطبيعية ، بين الحي والقوى الصماء ، وبينه وبين إخوانه في الحياة ، وهو ما سبقت الإشارة الى جانب منه ، حين تحدثنا عن نشأة المجتمع البشري ، وهذا الصراع ، قبل ، وبعد نشأة المجتمع البشري ، كان ولا يزال ، قانونه المعاوضة (( القصاص )) . قوله (( فجعلناه سميعا بصيرا )) إشارة إلى العقل ، والى كون العقل وليد الصراع الذي يهتدي بقانون المعاوضة (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) ووردت بعد الآيتين السالفتين من سورة الدهر الآية (( إنا هديناه السبيل ، إما شاكرا ، وإما كفورا )) .. (( إما شاكرا )) تعني مصيبا ، (( وإما كفورا )) تعني مخطئا ، وهكذا يرتجح العقل في أرجوحة الخطأ والصواب . وفي ذلك كماله (( إن لم تخطئـوا وتستغفـروا ، فسيأت الله بقـوم يخطئـون ويستغفرون فيغفـر لهم )) كما قال المعصوم . وقانون المعاوضة على مستويين : مستوى الحقيقة ، ومستوى الشريعة ، وبينهما اختلاف مقدار ، لا اختلاف نوع .. فقانون المعاوضة في مستوى الحقيقة قوامه قوله تعالى (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) وقانون المعاوضة في مستوى الشريعة قوامه قوله تعالى (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ، والعين بالعين ، والأنف بالأنف ، والأذن بالأذن ، والسن بالسن ، والجروح قصاص ، فمن تصدق به فهو كفارة له ، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )) . وقانون المعاوضة في مستوى الحقيقة هو الإرادة التي بها قهر الله العوالم فأبرزها إلى الوجود وسيرها إلى الكمال ، وهو الحق الذي ورد كثيرا في القرآن (( ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون )) وهو يقول أيضا ، (( خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون )) ويقول (( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون )) فالحق هو هذا القصاص الذي تحكيه أحكم حكاية الآيتان ، (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) وعبارة (( لاعبين )) في الآية السابقة تشير إلى ما تشير إليه الآيتان من قوله تعالى ، (( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق ، لا إله إلا هو رب العرش الكـريم )) وتعني أن العـوالم لا بـد راجعة إلى الله بفعل قانون المعاوضـة هـذا (( ليس بأمانيكم ، ولا أماني أهل الكتاب ، من يعمل سـوء يجز بـه ، ولا يجـد له من دون الله وليا ولا نصيرا . )) وقانون المعاوضة في مستوى الشريعة محاكاة محكمة لقانون المعاوضة في مستوى الحقيقة ، وهـو يسير معه سيرا مصاقبا ولكنه ، في سبحاته العليا ، أكمل منه وأدق ، وهو يقع على ثلاث مستويات ، ويحكيه قولـه تعالى (( إن الله يأمر بالعدل ، والإحسان ، وإيتاء ذي القربى )) والعدل هو القصاص في مستوى (( العين بالعين ، والسن بالسن )) ، (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) . والإحسان هو العفو عن المسئ ، (( فمن تصدق به فهو كفارة له )) كما ورد في آية القصاص ، (( وإيتاء ذي القربى )) تعني صلة الرحم في معناها الواسع ، وهو رحم الحياة . وهذه المستويات الثلاث تحكيها هذه الآية ((وجزاء سيئة سيئة مثلها ، فمن عفا وأصلح فأجره على الله ، إنه لا يحب الظالمين )) قوله (( وجزاء سيئة سيئة مثلها )) مستوى العدل من درجة التناصف ، وإنما سماها سيئة ليرغب عنها ، حيث أمكن ذلك (( ولمن صبر وغفر ، إن ذلك لمن عزم الأمور )) وأما قوله (( فمن عفا )) فهو مستوى الإحسان بترك المسئ ، وهو فوق العدل . واما قوله (( وأصلح )) فهـو يعني المرحمة بالمسئ ، والتعطف عليه ، والتلطف به ، والمحبة له ، وذلك قمة الصلاح والإصلاح ، وهو أعلى مستويات قانون المعاوضة في الشريعة. والنص الثاني يقول الآتي: والدقة التي هي حظ قانون المعاوضة في الحقيقة ، والتي فاتت كثير من صورها على قانون المعاوضة في الشريعة ، تجد ضبطها في أن القانونين يعملان معا في مصادرة حرية من عجز عن الوفاء بحق الحرية ، من غير أن تكون هناك عقوبتان على خطيئة واحدة ، وفي مستوى واحد من مستويات العقاب . Quote: وأقرب قوانين المعاوضة في الشريعة دقة من قوانين المعاوضة في الحقيقة الحـدود ، وهي أربعة .. الزنا والقذف والسرقة وقطع الطريق .. وترجع إلى أصلين هما حفظ العرض ، وحفظ المال ، وهما أول قانونين نشآ في المجتمع البشري البدائي ، وإليهما يرجع الفضل في جعل المجتمع ممكنا . ويلي هذه الحدود حد السكر ، ثم تجئ قوانين القصاص الأخرى في النفس بالنفس ، والعين بالعين . |
ومعاوضة فعل الشر إنما تكون بوضع الألم في مقابلة اللذة من النفس ، والمراد من ذلك وزن قواها حتى تعتدل ، ولا تحيف ، فتتهالك على اللذة بغير كتاب منير . المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي الشقليني سلامات كثيرة ومراحب أكثر قلت عزيزي: Quote: وهو قد ورد من الموضع الذي اقتطف منه الكاتب : أسامة الخواض ذلك الحديث عن العقوبات ، نورد النص أدناه تحت عنوان (التسيير خير مطلق ) لنرى أن للأستاذ رأي هنا ينتهي إلى رأي يُخالف ما انتهى إليه الكاتب أسامة من أن الأستاذ يرى أن في الرسالة الثانية لم تزل العقوبات الحدية بكل تفاصيلها ، ونُدلل على ذلك بالنص المنقول : ( فالعقاب ليس أصلا في الدين، وإنما هو لازمة مرحلية، تصحب النشأة القاصرة، وتحفزها في مراقي التقدم، حتى تتعلم ما يغنيها عن الحاجة إلى العقاب، فيوضع عنها إصره، وتبرز نفس إلى مقام عزها |
عزيزي الشقليني امر الاقتطاف من كتاب واحد ،لا يفيد في مسالة النظر الى خطاب كامل،خاصة ان الاستاذ لا يكتب بطريقة اكاديمية تجلعنا ،كمافعلت،ان نقول ان رايه في هذه المسالة قد انتهى الى "كذا"،وهذا قريب مما فعله "بولا " في حديثه عن "الرجل " كاستشهاد لذكورية خطاب الاستاذ،لكنه لم يرجع الى الخطاب كله ،حتى يعرف موقع "الرجل " من خطاب الاستاذ. و كونك عزيزي ،قد اوردت فهرست الرسالة الثانية ،واستغرابك من ان الاستاذ ،لم يورد فصلا عن الحدو د في ذلك الكتاب الام؟؟؟كونك تسنتد الى ذلك ،لا يتوافق مع الطريقة التي يكتب بها الاستاذ ،فهي مزيج من الكتابة المعاصرة ،وكتابات الصوفية الذين يقفزون من مقال ،الى مقال آخر ،وهي طريقة لا تتوافق مع الفهارس والكتابات الحديثة. ارجو ان نحاول ان ننظر الى خطاب الاستاذ في مجمله. حينذاك ،ستجد ان الاستاذ من اكثر المدافعين عن الحدود بمعنى الرجم والبتر وغيرها من الاحكام. ربما تستغرب من ذلك ، لكن هذه واحدة من الفجوات والثغرات المعرفية التي اشرنا اليها،وهذا مما لزم الاشارة اليه. قلت عزيزي الشقليني:
Quote: رأي هنا ينتهي إلى رأي يُخالف ما انتهى إليه الكاتب أسامة من أن الأستاذ يرى أن في الرسالة الثانية لم تزل العقوبات الحدية بكل تفاصيله |
افهم استغرابك من ان الاستاذ قد شمل الحدود مع انها حدود قديمة ومتخلفة بالواقع المعاصر، قد شملها ضمن الرسالة الثانية، لكن الاستاذ في الرسالة الثانية نفسها يدافع عن كل تلك الحدود ،التي تعتقدها فظيعة،ويصر انها من الثوابت , و من اصيل الدين بالرغم من انها قد تأسست في زمن التوراة والانجيل ،لكن الاستاذ من خلال دفاعه عن قانون المواضعة يعتقد انها بالغة الدقة. و من ثم هنالك سؤال يطرح نفسه ،ما هو راي الذين يرون ان خطاب الاستاذ بانسانيته المرهفة المستندة الى رهافة القرن العشرين ،اذا بان لهم ان الاستاذ الذي قتله رايه في تلك الحدود، هو من المدافعين بشراسة عن تلك الحدود ،بذريعة قانون المعاوضة؟؟؟ وسنعود باستشهاداتنا المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
شكرا الشقليني على كلامك الطيب. و اشارتك عن العقوبات ،اشارة مهمة. أعود الآن باستشهاداتي عن قانون المعاوضة و الحدود ،وموقعها في الرسالة الثانية. ****
الحدود عند الاستاذ ،هي تمظهر لقانون المعاوضة، الذي يقول عنه ،في هذا الاستشهاد الطويل من "الرسالة الثانية من الاسلام"
Quote: وهذه مرتبة متقدمة من مراتب الحرية الفردية المطلقة ، التي قد طوع كل تشريع الإسلام ليبلغها الأفراد ، ومن أكبر آيات هذا التطويع أن التشريع كله ، وفي كل صوره ، مبني على المعاوضة ، أو قل القصاص (( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ، لعلكم تتقون )) والقرآن أيضا يقول ، (( ليس بأمانيكم ، ولا أماني أهل الكتاب ، من يعمل سوء يجز به ، ولا يجد له من دون الله وليا ، ولا نصيرا )) ويقول (( ليجزي الله الصادقين بصدقهم ، ويعذب المنافقين ، إن شاء ، أو يتوب عليهم ، إن الله كان غفورا رحيما )) ويقول (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) وهاتان الآيتان هما قوام الأمر كله ، في مبنى الشريعة ، وفي مبنـى الحقيـقة .. يعني في عقـوبة الدنيـا أو ثوابـها ، وفي عقـوبة الآخـرة أو ثوابها . والقرآن يقول (( ليسأل الصادقين عن صدقهم ، وأعد للكافرين عذابا أليما )) فسئل عنه شيخ الطائفة الصوفية ، أبو القاسم الجنيد فقال (( يسأل الصادقين ، عند أنفسهم ، عن صدقهم ، عند الله .)) والصدق عند الله مطلق ، والصدق عند الخلق نسبي ، فيجزي كل صاحب صدق بما يبلغ صدقه بالقياس إلى الصدق المطلق ، كما قال (( ليجزي الصادقين بصدقهم )) وهذا الجزاء قصاص في الشريعة ، وقصاص في الحقيقة أيضا ، كما وردت إلى ذلك الإشارة (( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب )) حياة هنا تعني زيادة معرفة . فحين تجازون بالخير على ما عملتم من خير ، على قاعدة الحسنة بعشر أمثالها ، أو تضاعف ، وحين تعاقبون على السيئة بمثلها ، أو يعفى عنها ، تزيدون حياة على حياتكم السابقة ، بارتفاع مدارككم ، وصفاء عقولكم ، وبسلامة قلوبكم . |
ثم يمضي لتبرير المعاوضة في شكلها الفيزيائي مثل قلع العين،وفائدة القصاص لمرتكب الخلع:
Quote: وهذه الزيادة في المدارك ، لدى القصاص في الشريعة ، لا تحتاج إلى عميق فكر ، فهي ظاهرة ، وذلك أن الفرد لا يتعدى على حريات الآخرين ، أثناء ممارسته لحريته ، إلا لجهل ، وغباء ، وقصور تخيل .. فمن قلع عين أحد ، أثناء ثورة غضب ، مثلا ، لا يفعل ذلك وهو متخيل تماما لمبلغ الألم ، وفداحة الضرر ، الذي يلحقه بضحيته . فإذا ما اقتص منه ، فوضع في موضع الضحية ، وقلعت عينه معاوضة منه لفعله ذلك ، فقد تحقق غرضان في آن معا ، أولهما حفظ حق الجماعة ، بردع المعتدي في نفسه ، وبجعله نكالا لغيره ، وثانيهما إحراز حاجة الفرد إلى سعة التخيل ، حيث أعطي الفرصة ليعيش التجربة الأليمة التي فرضها على غيره لقصر في تخيله شدة الألم ، وفداحة الخسـارة ، اللذين تسبب فيهما ، وإنه لمما لا ريب فيه أن مثل هذه التجربة الأليمة تجعل من يتعرض لها أكثر إنسانية ، في مقبل أيامه ، منه في سابقتها ، فهو لا يمكن أن يسقط من اعتباره نتائج تصرفه على الآخرين . وهو ، على أيسر تقدير ، سيكف أذاه عن الآخرين ، وقد يحتمل أذاهم أيضا ، وسيكون ، على التحقيق ، كثير الاعتبار لهم ، حين يتصرف ، وقد يقوده هذا الصنيع ، معانا بالعبادة ، إلى الكلف بتوصيل الخير اليهم ، وهو خليق أن يجد في ذلك رضا نفسه ، وطمأنينة قلبه . فإن هو بلغ ذلك فقد وقف على أعتاب الحرية الفردية المطلقة ، بفضل ما أصاب من الوعي وسعة التخيل اللذين أفاده إياهما القصاص . وإن هو لم يبلغ هذا المبلغ فحسبه أن يكون واعيا لحدود حريته وحدود حريات الآخرين ، وفي ذلك خير كثير |
.
ثم يتحدث مدافعا عن المعاوضة في الحدود الاخرى:
Quote: والمعاوضة في حد الزنا تقوم على الرجم ، أو على الجلد ، حسب مقتضى الحال ، وذلك أن الزاني حين ذهب يبحث عن اللذة ، حيث كانت ، ومن غير اعتبار لشريعة ، أذيق الألم ليرده لصوابه ، فإن موقع الألم من وادي النفس يقـوم على العـدوة القصـوى ، حيـن تقـوم اللذة على العـدوة الدنيا ، وفي شـد النفس إلى الألم ، حيـن تتـهافت على اللـذة المحـرمة ، إقامـة للوزن بالقسـط مـما يعينها على الاعتـدال ، ويجعـلها أبعد من الطيش والنـزق. وحد الخمر يقوم على نفس الأصل ، وذلك أن صاحب الخمر حين يسعى في إلغاء عقله ، إنما يريد أن يهرب من واقعه ليعيش في دنيا من صنع أوهامه ، وأخيلته المريضة ، فأريد بألم الجلد أن يرده إلى واقعه المرير ليعمل عقله في تغييره ، فإن الواقع لا يتغير بالهروب منه ، وإنما يتغير بمواجهته ، وإعمال الفكر في تغييره ، والله تعالى يقول (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) . ثم إن العقل ، وبه وحده استحق الإنسان الكرامة على الحيوان ، هو الإبن الشرعي للقاح اللذة بالألم ، منذ سحيق الآماد ، وعبر رحلة الحياة الشاقة ، فإذا حاف عليه صاحبه ، في لحظة من لحظات الضعف ، فإن في لذع الألم لما يعينه على استعادة مكانه من قيادة السفينة في خضم الحياة الصخاب ، حتى يبلـغ بها بـر السـلامة . |
ثم يمضي في الدفاع عن قانون المواضعة في شكله التوراتي والانجيلي،معتبرا انه لا ينتمي الى دين وانما ينتمي الى العلم:
Quote: وقانون المعاوضة ـ القصاص ـ قانون ينبع من أصل في الحياة أصيل ، فهو ليس قانون دين بالمعنى المألوف في الأديان ، ونحن حين نقرر أن تشاريع الإسلام مبنية على القصاص ، إنما نعني الإسلام في حقيقته ، لا في عقيدته ، والإسلام في حقيقته ليس دينا بما ألف الناس عن الأديان ، وإنما هو علم ، وما مرحلة العقيدة فيه إلا مرحلة انتقال إلى المرحلة العلمية منه .. مرحلة الشريعة فيه مرحلة انتقال إلى مرتبة الحقيقة حيث يرتفع الأفراد ، من الشريعة الجماعية ، إلى الشرائع الفردية ، التي هي طرف من حقيقة كل صاحب حقيقة . (( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ؟ ، * إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج ، نبتليه ، فجعلناه سميعا بصيرا )) .. (( هل )) تعني هنا قد و (( الإنسان )) تعني جنـس الإنسان . (( لم يكن شيئا مذكورا )) تعني أنه كان يتقلب في المستويات الدنيا من الحياة ، لم يظهر فيه العقل ، الذي عليه انبنى التكليف ، وبه رفع الذكر . و(( نطفة أمشاج )) تعني الماء الصافي المخلوط بالطين ، ومنه نشأت الحياة في ظلمات الدهر . وأما قوله (( نبتليه )) فهو روح الآية ، لأنه يشير إلى الصراع في البيئة الطبيعية ، بين الحي والقوى الصماء ، وبينه وبين إخوانه في الحياة ، وهو ما سبقت الإشارة الى جانب منه ، حين تحدثنا عن نشأة المجتمع البشري ، وهذا الصراع ، قبل ، وبعد نشأة المجتمع البشري ، كان ولا يزال ، قانونه المعاوضة (( القصاص )) . قوله (( فجعلناه سميعا بصيرا )) إشارة إلى العقل ، والى كون العقل وليد الصراع الذي يهتدي بقانون المعاوضة (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) ووردت بعد الآيتين السالفتين من سورة الدهر الآية (( إنا هديناه السبيل ، إما شاكرا ، وإما كفورا )) .. (( إما شاكرا )) تعني مصيبا ، (( وإما كفورا )) تعني مخطئا ، وهكذا يرتجح العقل في أرجوحة الخطأ والصواب . وفي ذلك كماله (( إن لم تخطئـوا وتستغفـروا ، فسيأت الله بقـوم يخطئـون ويستغفرون فيغفـر لهم )) كما قال المعصوم . |
ثم يتحدث عن "قانون المواضعة" في مستوى الحقيقة قائلا:
Quote: وقانون المعاوضة على مستويين : مستوى الحقيقة ، ومستوى الشريعة ، وبينهما اختلاف مقدار ، لا اختلاف نوع .. فقانون المعاوضة في مستوى الحقيقة قوامه قوله تعالى (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) وقانون المعاوضة في مستوى الشريعة قوامه قوله تعالى (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ، والعين بالعين ، والأنف بالأنف ، والأذن بالأذن ، والسن بالسن ، والجروح قصاص ، فمن تصدق به فهو كفارة له ، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )) . وقانون المعاوضة في مستوى الحقيقة هو الإرادة التي بها قهر الله العوالم فأبرزها إلى الوجود وسيرها إلى الكمال ، وهو الحق الذي ورد كثيرا في القرآن (( ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون )) وهو يقول أيضا ، (( خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون )) ويقول (( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون )) فالحق هو هذا القصاص الذي تحكيه أحكم حكاية الآيتان ، (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) وعبارة (( لاعبين )) في الآية السابقة تشير إلى ما تشير إليه الآيتان من قوله تعالى ، (( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق ، لا إله إلا هو رب العرش الكـريم )) وتعني أن العـوالم لا بـد راجعة إلى الله بفعل قانون المعاوضـة هـذا (( ليس بأمانيكم ، ولا أماني أهل الكتاب ، من يعمل سـوء يجز بـه ، ولا يجـد له من دون الله وليا ولا نصيرا . )) |
ثم يمضي الى الحديث عن "قانون المعاوضة " في مستوى "الشريعة" وتطوره بعد ذلك :
Quote: وقانون المعاوضة في مستوى الشريعة محاكاة محكمة لقانون المعاوضة في مستوى الحقيقة ، وهـو يسير معه سيرا مصاقبا ولكنه ، في سبحاته العليا ، أكمل منه وأدق ، وهو يقع على ثلاث مستويات ، ويحكيه قولـه تعالى (( إن الله يأمر بالعدل ، والإحسان ، وإيتاء ذي القربى )) والعدل هو القصاص في مستوى (( العين بالعين ، والسن بالسن )) ، (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) . والإحسان هو العفو عن المسئ ، (( فمن تصدق به فهو كفارة له )) كما ورد في آية القصاص ، (( وإيتاء ذي القربى )) تعني صلة الرحم في معناها الواسع ، وهو رحم الحياة . وهذه المستويات الثلاث تحكيها هذه الآية ((وجزاء سيئة سيئة مثلها ، فمن عفا وأصلح فأجره على الله ، إنه لا يحب الظالمين )) قوله (( وجزاء سيئة سيئة مثلها )) مستوى العدل من درجة التناصف ، وإنما سماها سيئة ليرغب عنها ، حيث أمكن ذلك (( ولمن صبر وغفر ، إن ذلك لمن عزم الأمور )) وأما قوله (( فمن عفا )) فهو مستوى الإحسان بترك المسئ ، وهو فوق العدل . واما قوله (( وأصلح )) فهـو يعني المرحمة بالمسئ ، والتعطف عليه ، والتلطف به ، والمحبة له ، وذلك قمة الصلاح والإصلاح ، وهو أعلى مستويات قانون المعاوضة في الشريعة. ولما كان قانون المعاوضة ، في مستوى الحقيقة ، مرادا به تسيير العوالم إلى الله عن طريق الجسد ـ عن طريق القهر ، فإن قانون المعاوضة ، في مستوى الشريعة ، مراد به تسيير البشر إلى الله عن طريق العقل ـ عن طريق الحرية ، وفي ذلك الكرامة ، كل الكرامة ، للإنسان . وفي هذا المقام يجئ حديثنا عن العلاقة بين الإنسان والكون |
.
ويقول في نفس الكتاب اي الرسالة الثانية من الاسلام:
Quote: قوله (( فما يكذبك بعد بالدين ؟ )) الدين الجزاء ، وهو المعاوضة ، وهو القصاص ، وفيه إشارة إلى قانون القصاص ، الذي قلنا أن الإسلام بني عليه حقيقتـه ، وشريعتـه ، والإشارة تـرمي إلى إرشادنا إلى أن الإنسان ، إنمـا رد مـن مقـام أحسـن تقـويم ، إلى درك أسفـل سافلين ، بحكـم قانـون المعاوضة ، جزاء وفاقا . قوله (( أليس الله بأحكم الحاكمين )) تزكية لقانون المعاوضة ، وتذكير لنا بالحكمة المودعة فيه . |
ويقول في الرسالة الثانية عن تسيير الله للحياة الى ان بلغت مبلغ العقل ،وقانون ذلك التسيير شبه المباشر ، يقول "
Quote: ولقد تحدثنا عن هذا آنفا ، وقلنا أن الله سير الحياة ، من لدن ظهورها بين الماء والطين ، والى أن بلغت مبلغ العقل ، تسييرا شبه مباشر ، وقانونها يومئذ هو قانون المعاوضة في الحقيقة ، وآيتاه من كتاب الله ، كما سبق بذلك التقرير ، هما الآيتان الكريمتان (( فمن يعمل مثـقال ذرة خيـرا يـره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يـره )) وهو قانون يعمل دائما على تنمية الخير ، ومحو الشر ، وذلك بسوق الحياة إلى كنف الله الرحيم. هذا التسيير في مراقي القرب هو المغفرة لآدم ، من لدن النطفة الأمشاج ، وإلى أن أصبح بشرا مكلفا، فماذا كان آدم قبل هذا ؟ وكيف غفر له ؟ اسمع (( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين )) فقبل أن يصبح آدم نطفة مختلطة بالطين - نطفة أمشاجا - قد كان ذرة من بخار الماء ، الذي هو أصل الحياة ، كما يخبرنا تبارك وتعالى (( أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ، وجعلنا من الماء كل شئ حي، أفلا يؤمنون ؟ )) وهذه الذرة هي أصل سلالة الطين . وإنما غفر له في هذه المرحلة بهذا التسيير المباشر ، بالقهر الإرادي ، الذي حفز الحياة إلى الله وأزعجها إلى قربه ، فارتقت المراقي ، وبلغت المبالغ . وقانون هذه الإرادة الإلهية ، هو قانون المعاوضة في الحقيقة أيضا . |
ويقول في نفس الكتاب:
Quote: بدخول العقل في المسرح نشأ قانون المعاوضة في الشريعة ، وهو قانون فج ، إذا ما قيس إلى قانون المعاوضة في الحقيقة ، ولكنه يدق ، وينضبط ، كلما قوي العقل واستحصد . وهو القانون الحادث ، ويحكي الإرادة البشرية ، المحدثة . وهو إنما يستهدف إتمام الانطباق على القانون القديم ، الذي يحكي الإرادة الإلهية القديمة .. وهيهات !! |
عن الحدود: يقول قي : الدين و التنمية الاجتماعية:
Quote: دقة قوانين الحدود والقصاص: مسألة الحدود أدق من مسألة القصاص.. ومسألة القصاص انتو شفتو دقتها .. مسألة الحدود. نحنا عندنا أربعة حدود .. عندنا الحدود في الاسلام أربعة هي: الزنا، والقذف وهو التهمة بالزنا، والسرقة، وقطع الطريق .. يمكنك أن تقول: الأربعة ديل بيتلخصوا في اثنين: حفظ العرض – حد الزنا والقذف .. وحفظ المال – حد السرقة وقطع الطريق .. ولانضباط قوانين الحدود بالصورة دي قيل عنها انها هي حق الله، يعني يمكن للحاكم أن يعفو في أمر القصاص، لو فرض انو واحد قلع عين آخر ثم المقلوعة عينو عفا، يمكن للحاكم أن يعفو .. لكن في مسألة الحدود، اذا بلغت الحاكم، وقام الركن في حقها، لا تعفي .. النبي لا يمكن أن يعفو عن السرقة مثلا .. هو يمكن أن يعفو اذا كان واحد ضرب واحد كف كسر سنه، والمكسورة سنه عفا .. النبي يمكن، في الحالة دي، أن يعفو، اذا هو رأي أن يعفو لاصلاح الاثنين.. علي الأقل يمكنه أن يخفف العقوبة فيما يخص القصاص .. لكن في الحدود لا يكون في عفو اطلاقا .. لا يملك أي انسان هذا العفو .. دا حق الله .. هو قايم علي شيئين، كما سبق أن قررنا، حفظ العرض، وحفظ المال .. نعم هناك حد الخمر، لكنه ماهو في انضباط الحدود الأربعة التي ذكرنا انها تقوم علي صيانة العرض، وصيانة المال .. |
وفي نفس الكتاب يقول في هذا الاستشهاد المطول:
Quote: ودا بيجيبنا بوضوح الي أوكد تشاريع الاسلام .. أوكد تشاريع الاسلام الحدود .. وتلي تشاريع الحدود تشاريع القصاص .. وتشاريع القصاص في غاية الانضباط .. أما تشاريع الحدود ففي نهاية الانضباط .. لا يمكن للانسان أن يري أي خلل فيها .. وزي ما قلنا انها هي تشاريع قائمة علي ما وراء الدين، ما وراء العقيدة، قائمة علي حياة الأحياء قبل ما يجيء البشر لتكون عندهم عقول وبخاطبوهم بالأديان، وبالحرام والحلال .. كانت القاعدة في مسألة الدقة في تشريع الحدود، وتشريع القصاص، كما سبق أن قررنا تقوم علي قوله تعالي: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شر يره) .. وهذا هو مستوي صراع الأحياء مع البيئة .. فلما جات الشريعة، في صور التنصيص، جات منها العين بالعين، والسن بالسن.. هذه الشريعة البدأت عندنا بصورة موكدة في التوراة، هي شريعتنا نحن برضو، كما أنها هي شريعة النصاري.. |
ويقول في كتابه: الإسلام وإنسانية القرن العشرين عن الحدود كأول التشاريع الانسانية:
Quote: حدود الإسلام أول القوانين ونحن عندنا في الإسلام أنو الحدود، هي أوائل التشريعات، على إطلاقها - الحدود الواردة في الإسلام - مثلا الحفاظ على الزوجة، والحفاظ على الملك.. دي يمكن تكون أول القوانين النشأت على إطلاق الصورة.. قد تتفاوت في بعض المجالات، في توكيدها وفي ضعفها، ولكن لا يمكن للمجتمع ان يعيش، متماسك، ومتسامح، ومسالم لبعض، إلا إذا كان ملكك محمي بالقانون، وزوجتك محمية بالقانون، ذلك حتى تهدأ الغيرة الجنسية، البشارك فيها الإنسان الحيوان.. وحتى تطمئن إنت على أن ملكيتك، إذا كانت سلاح حجر، أو كهف بتأوي ليهو محفوظ - محفوظ بفعل القانون.. هنا يمكن الحدود فيما يخص الزنا، وفيما يخص السرقة، تكون هي أوائل القوانين النشأت |
وفي رد له على اللواء محمد نجيب يدافع الاستاذ عن قطع اليد في حالة ثبوت السرقة:
Quote: لقد قرر الكتاب للسرقة، وللزنا، وللقذف، ولقطع الطريق، حدودا، ثم درأ الحدود بالضرورة، فقال: ((فمن اضطر، غير باغ ولا عاد، فلا إثم عليه.. إن الله غفور رحيم)).. ولا إثم عليه معناها لا عقاب.. فواجب الحكومات أن تزيل الضرورة الملجئة للسرقة أيضا.. فإن سرق سارق نظرت: هل هو مريض؟؟ فإن يكن، طبت له.. وإلا يكن، قطعت يده.. فإن في قطع يده مصلحة له، لا يدركها إلا المستبصرون.. حكمة قطع يد السارق قائمة على أن ما يحتاجه الجسد موفور للجميع بدون مشقة، ولا جهد طويل.. وكل ما يحتاج إلى المشقة، وطول الجهد، فليس من حاجة الجسد، وإنما سولته أوهام العقول.. وهناك علاقة حسية، ومعنوية، بين اليد والعقل.. فمن عجز بيده قدر بعقله.. فأراد المشرع أن يوقظ العقل بتعجيزه اليد.. فإن لم يتفق لمن عجزت يده أن يتيقظ عقله، في هذه الحياة، فإنه يدرك هذه اليقظة في الحياة الأخرى، على التحقيق، ويكون الناس قد كفوا شره من هذه.. |
وفي مقال له عن "لحم الخنزير بين التحليل والتحريم" يقول:
Quote: كلما ارتقى الناس ، وعرفوا ، وأرهف حسهم ، وتيقظت ضمائرهم ، كلما اتسعت حرياتهم ، وقلت الحدود عليهم ، وضاقت دائرة المحرمات ، واتسعت دائراة المباحات |
وفي رد له على "مصطفى محمود" يقول :
Quote: ولما كان هذا الفصل ليس بالفصل المهم فإني ما أحب أن أطيل في متابعته، وبخاصة أن الكتاب قد طال .. ولكن ما ينبغي أن أختم تعرضي له، في مقامي هذا، قبل الإشارة إلى خطأ أساسي قد تورطت فيه أنت، وذلك حين قلت، من صفحة 224: (أما الضجة التي أثيرت والكلام الذي قيل حول إقامة الحد في القرآن بقطع يد السارق فهي ضجة مفتعلة .. لأن الآية تفسح المجال للعفو عن التائب فمن يسرق ويقل صادقا تبت ولن أسرق بعد الآن يعطي لولي الأمر مجالا لرفع الحد عنه (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم)) .. فإن قولك هذا قول غير صحيح، ذلك بأن أمر السرقة، إذا بلغ ولي الأمر، وقامت أركان الحد فإنه لا يستطيع أن يعفو، ولا أن يرفع الحد عن السارق .. لا يستطيع أحد أن يرفع الحد عمن قام به الحد .. لا يستطيع ذلك أحد، حتى و لا النبي الكريم .. ما أحب لك أن تعتذر للإسلام، فتبرره، أمام الذين يهاجمونه بغير علم من المستشرقين، بمحاولة التنصل عن الحدود، أو عن الرق، كما فعلت، وكما فعل كثير من جهلاء المسلمين الذين حاولوا الدفاع عنه بمثل هذا الأسلوب .. إن الإسلام مبرر بما يكفي، ولو فهمنا نحن المسلمين دقائق حكمه، فأبرزناها، لكان في ذلك الإقناع، كل الإقناع .. والإفحام، كل الإفحام .. |
وفي رد له في كتاب: أسئلة وأجوبة - الكتاب الأول يقول :
Quote: تطوير الشريعة الإسلامية عندنا يقع على جانب المعاملات فيما يختص بأمر المال ، و أمر السياسة .. أما الحدود ، و أما القصاص ، و أما العبادات فإنها لا تكاد تتطور |
.. ويقول في رسالة الصلاة:
Quote: فليست للعبادة قيمة إن لم تنعكس في معاملتك الجماعة معاملة هي في حد ذاتها عبادة، ولقد قال المعصوم: ((الدين المعاملة)). ثم جاءت تشاريع الإسلام سواء في الحدود، أو في القصاص، مهيئة للتعاون مع تشاريع العبادة على تربية الفرد، تربية ينتفع بها هو في المكان الأول وتنتفع بها الجماعة في المكان الثاني.. ولنسق لذلك مثلا حد السرقة، وهو من الحدود الأربعة الأصيلة، فإن السارق إذا سرق أقل من النصاب لا يقطع، وإذا سرق النصاب من غير الحرز لا يقطع، وإذا سرق النصاب من الحرز نظر في أمره فإذا كان جائعاً جوعاً ملجئا لا يقطع، فإن لم يكن جائعا فهل هو مريض؟ فإن كان مريضا لا يقطع، وإنما يلتمس له الطب.. فإن لم يكن الحد مدروءا عنه بأي شبهة، وقامت عليه أركان السرقة كلها قطع. والحكمة من وراء القطع العلاقة القائمة بين العقل واليد.. فالإنسان الجاهل دائما يحاول حل مشكلته باليد، فهو إن ناقشته مثلا، وأعيته الحجة بادر إلى العنف بيده.. وحاجة الله إلى الخلق قلوبهم وعقولهم.. ((لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)) وللعلاقة القائمة بين اليد والعقل رأت حكمة الشارع الحكيم أن اليد إذا تعطلت بالقطع نشط العقل، وتفتق ذكاؤه عن أساليب للتعامل أقرب إلى المسالمة منها إلى المناجزة، وكذلك قطعها، وحقق بهذا القطع، الذي لم يكن منه بد، مصلحة للفرد بإيقاظ عقله، ومصلحة للجماعة بصون حقوقها من الاعتداء عليها.. وهذا ما أردناه حين قلنا آنفا أن تشاريع الإسلام، سواء في الحدود أو في القصاص، مهيئة للتعاون مع تشاريع العبادة على تربية الفرد تربية ينتفع بها هو في المكان الأول، وتنتفع بها الجماعة في المكان الثاني |
..
وفي "اسس دستور السودان " يقول مدافعا عن "الحدود":
Quote: ويمكن ان يلتمس هذا التنسيق الدقيق في تشريع الحدود ، حيث قد بلغ أقصي أوجه ، والله تعالي يقول ((وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه)) وان توهم المعتدي جهلا انه قد ظلم غيره ، ولذلك فان اقامة الحد عليه انصاف لنفسه من نفسه في المكان الأول ، وانصاف لغيره من نفسه في المكان الثاني ، كذلك يلتمس هذا التنسيق الفريد في قوانين القصاص ، والله تعالي يقول ((ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب لعلكم تتقون)) فهي حياة للفرد المقتص منه بنفي أوهامه ، وتنشيط ذهنه ، وتوسيع خياله ، وهي حياة للجماعة المقتص لها ، بحفظ نظامها واستتباب أمنها ، ونحن نري لذلك أن قوانين الحدود: الزنا – الخمر- السرقة – القذف – قطع الطريق - ، يجب ان تقام ، ونري أن تشريعنا يجب أن ينهض علي مبدأ القصاص ، لأن بذلك يتحقق لنا أمران: أولهما التنسيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة ، وثانيهما اننا نضع الفرد من الوهلة الأولي في طريق تحقيق الحرية الفردية المطلقة ، لأننا بتشريع القصاص كأننا نقول له: انت حر مطلق الحرية في أن تفكر كما تريد وان تقول كما تفكر ، وان تعمل كما تقول ، بشرط واحد ، هو ان تدفع ثمن هذه الحرية ، وهو ان تتحمل المسئولية المترتبة علي تصرفك فيها ، فان اعتديت علي أحد اعتدينا عليك بمثل ما أعتديت عليه. ثم علينا الا نفارق تشريع القصاص ، الا حيث لا يكون التطبيق ممكنا ، وفي تلك الحالة نجعل عقوبتنا أقرب ما تكون للقصاص. الدستور والقانون يتضح من هذا اننا نتمسك بالتوحيد ، ونستقي منه تشريعنا الفرعي بالقياس علي تشريعي الحدود والقصاص ، حتي يجيء منسقا في اتجاه موحد لحاجة الفرد وحاجة الجماعة |
ويقول في الباب السادس من "الرسالة الثانية من الاسلام":
Quote: الرسالة الثانية هي الإسلام ، وقد أجملها المعصوم إجمالا ، ولم يقع في حقها التفصيل إلا في التشاريع المتداخلة بين الرسالة الأولى وبينها ، كتشاريع العبادات ، وكتشاريع الحدود |
ويقول في الرسالة الثانية من الاسلام في كلام له عن المغفرة لآدم وحواء:
Quote: والدقة التي هي حظ قانون المعاوضة في الحقيقة ، والتي فاتت كثير من صورها على قانون المعاوضة في الشريعة ، تجد ضبطها في أن القانونين يعملان معا في مصادرة حرية من عجز عن الوفاء بحق الحرية ، من غير أن تكون هناك عقوبتان على خطيئة واحدة ، وفي مستوى واحد من مستويات العقاب . وأقرب قوانين المعاوضة في الشريعة دقة من قوانين المعاوضة في الحقيقة الحـدود ، وهي أربعة .. الزنا والقذف والسرقة وقطع الطريق .. وترجع إلى أصلين هما حفظ العرض ، وحفظ المال ، وهما أول قانونين نشآ في المجتمع البشري البدائي ، وإليهما يرجع الفضل في جعل المجتمع ممكنا . ويلي هذه الحدود حد السكر ، ثم تجئ قوانين القصاص الأخرى في النفس بالنفس ، والعين بالعين . ومعاوضة فعل الشر إنما تكون بوضع الألم في مقابلة اللذة من النفس ، والمراد من ذلك وزن قواها حتى تعتدل ، ولا تحيف ، فتتهالك على اللذة بغير كتاب منير . |
وفي كلام له عن اصل الرق يقول الاستاذ في كتابه: تطوير شريعة الأحوال الشخصية
Quote: ومن هاهنا نشأ الرق، ونشأ استغلال الأقوياء للضعاف.. ودخلت الحيل - قوة الذكاء- جنباً إلى جنب مع قوة العضل، لتنظم هذا الاستغلال وأصبح المجتمع البشري يعيش في غابة تختلف عن غابة الحيوان اختلاف مقدار.. فالصراع في هذا المستوى، بين الأقوياء والضعاف إنما هو صراع بين المستغلين (بكسر الغين) والمستغلين (بفتح الغين). |
لكنه في كتابه "الرسالة الثانية من الاسلام "يتحدث عن "رق جديد " يستند الى قانون المعاوضة في شكل جديد ،يبيح الرق بحسبانه اي الرق فترة تطوير للعبد حتى يخرج من ربقة الرق الى باحة الحرية ،يقول الاستاذ عن تلك الفترة الانتقالية المهمة :
Quote: والحكمة في الاسترقاق تقوم على قانون المعاوضة . فكأن الانسان عندما دعي ليكون عبداً لله فأعرض ، دل إعراضه هذا على جهل يحتاج إلى فترة مرانة ، يستعد أثناءها للدخول ، عن طواعية ، في العبودية لله ، فجعل في هذه الفترة عبدا للمخلوق ليتمرس على الطاعة التي هي واجب العبد . والمعاوضة هنا هي أنه حين رفض أن يكون عبداً للرب ، وهو طليق ، وأمكنت الهزيمة منه ، جعل عبدا للعبد ، جزاء وفاقا . (( ومن يعمل ، مثقال ذرة ، شرا ، يره )) . وهكذا أضاف أسلوب الدعوة إلى الإسلام ، الذي اقتضته ملابسة الوقت ، والمستوى البشري ، إلى الرق الموروث من عهود الجاهلية الأولى ، رقا جديدا ، ولم يكن من الممكن ، ولا من الحكمة ، أن يبطل التشريع نظام الرق ، بجرة قلم ، تمشيا مع الأصل المطلوب في الدين ، وإنما تقتضي حاجة الأفراد المسترقين ، ثم حاجة المجتمع ، الاجتماعية ، والاقتصادية ، بالإبقاء على هذا النظام ، مع العمل المستمر على تطويره ، حتى يخرج كل مسترق ، من ربقة الرق ، إلى باحة الحرية . وفترة التطوير هي فترة انتقال ، يقوى أثناءها الرقيق على القيام على رجليه ليكسب قوته من الكدح المشروع ، وسط مجتمع تمرن أيضا ، أثناء فترة الانتقال ، على تنظيم نفسه بصورة لا تعتمد على استغلال الرقيق ، ذلك الاستغلال البشع الذي يهدر كرامتهم ، ويضطهد آدميتهم ، والذي كان حظهم التعس إبان الجاهلية . وهكذا شرع الإسلام في الرق ، فجعل للرقيق حقوقا وواجبات ، بعد أن كانت عليهم واجبات ، وليست لهم حقوق . ثم جعل الكفارات ، والقربات ، بعتق الرقاب المؤمنة ، السليمة ، النافعة . وأوجب مكاتبة العبد الصالح الذي يستطيع أن يفدي نفسه ، وأن يعيش عيشة المواطن الصالح . وهو في أثناء ذلك يدعو إلى حسن معاملتهم فيقول المعصوم (( خولكم إخوانكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فأطعموهم مما تطعمون ، وأكسوهم مما تلبسون )) |
.**** ويقول في القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري:
Quote: التسيير إنما يجري عن طريق العقل .. يعني عن طريق قانون المعاوضة .. فإن العقل قد كفلت له حرية الخطأ، والصواب .. فهو يعمل بحرية ظاهرة، فإذا أخطأ عوقب، وإذا أصاب أثيب .. وهو، حين الخطأ، وحين العقاب، يتعلم من خطئه كيف يصيب .. وهو بين الخطأ، والصواب، إنما يمارس حريته في العمل: (إعملوا ما شئتم !! إنه بما تعملون بصير) .. وبتصحيح الخطأ في العمل تنمو الحرية، بزيادة العلم بكيفية العمل وبصحة وجوه العمل. فتكون الحكمة وراء العقوبة، إذن، هي أن يزيد علمنا، فتتسع حريتنا .. فالعقوبة هي ثمن الحرية .. |
ويقول عن ان الحدود هي من أصول الدين ،ولا يقع عليها التطوير ،بالرغم من حديث الاستاذ :
Quote: فالأصل في الرسالة الثانية الحيوية والتطور ، والتجدد ، وعلى السالك في مراقيها أن يجدد حياة فكره ، وحياة شعوره كل يوم ، بل كل لحظة ، من كل يوم ، وكل ليلة .. مثله الأعلى في ذلك قول الله تبارك وتعالى في شأن نفسه (( كل يوم هو في شأن )) ثم هو (( لا يشغله شأن عن شأن )) . |
يقول في خاتمة الرسالة الثانية انعدام تطوير الحدود في الرسالة الثانية:
Quote: والمدخل على الرسالة الثانية الرسالة الأولى . إلا ما يقع عليه التطوير من تشريعها .. ولا يقع التطوير في أمر العبادات إلا على الزكاة ذات المقادير ، وما ذاك إلا لأنها ليست ركنا تعبديا إلا لعلة أن الناس لم يكونوا يطيقون أفضل منها ، وإلا فإن الركن التعبدي إنما هو زكاة المعصوم . ولا يقع التطوير على تشريع المعاوضة ، وما ذاك إلا لأنه أصيل ، وقد بني على الأصول الثوابت من الدين . وإنما يقع التطوير في تشريع المعاملات ، كالحقوق الأساسية للأفراد ، وكالنظم الاقتصادية والسياسية ، إلى آخر ما يرتبط بتحولات المجتمع ، وما يسرع إليه التغيير من هذه النظم التي يجب أن تواكب المجتمع في حيوية ، واقتدار على التجدد ، والنمو ، والتطور ، وقد سبقت إلى كل أولئك الإشارة في هذا الكتاب . |
********* من الواضح ان هنالك علاقة وثيقة بين المعاوضة في مستوى الحقيقة وبينها في مستوى الشريعة. لكن تتبقى اسئلة ما : لماذا لا تكون المعاوضة في صورة اشد لطفا مما كان؟؟ لماذا لا تكون اقل غلظة ،خاصة وان الاستاذ يبشرنا الى انتقال العقوبات من شكلها "البدائي " الغليط الى شكل اكثر رهافة؟؟ ولماذا تكون المعاوضة في العقوبة البدنية فقط؟؟؟ وهل ان انسانية القرن العشرين تستحق المعاوضة في شكلها البدني فقط؟؟؟ اسئلة كثيرة تطرح نفسها.... وكونوا طيبين المشاء ----------------------------------------------------------------------------------
-------------------------------------------------------------------------- هامش:
** في مقاله الآنف الذكر يقول بولا عن علاقة الرق بقانون المعاوضة في خطاب الاستاذ:
Quote: وقد أبديت آنفا أيضا قلة قناعتي بمسوغات الرق في الإسلام كما جاءت في تحليل الأستاذ. فأقول أن الحجتين اللتين قدمهما الأستاذ في تفسير وضعية الرق في الإسلام ليستا في قوة منطقه المتصل بمفهوم الحرية في بعده المنطلق من الأخذ في الحسبان برقي معارف الأمم وشرائعها. فالحجة الأولى التي تتأسس على مفهوم المعاوضة لاتنسجم مع الحقيقة التاريخية من أن الأمم التي أخضعها السيف وأجاز استرقاقها "حكم الوقت"، كانت على قدرٍ كبيرٍ من التحضر والتطور في معارفها وعقائدها وأنظمتها الإجتماعية، مع الإعتبار التام لنسبية مستوى تطورها التاريخي مما كان يمكن أن يغني عن اللجوء إلى منهج للمعاوضة في غلظة الرق في منحى تدريجها إلى الدين الجديد و"ترويض" عقولها وقلوبها على القبول به. والشاهد أن الحضارة الإسلامية لم تقم، في وجوهها المشرقة بالذات من فنون وعلوم و معارف، دون أن تستند إلى تراث الرقي و التحضر الذي كان لهذه الأمم، و لن يكون من الإفتراء والهوى أن أقول أن الغالبية العظمى ممن ساهموا في تأسيس و تطوير هذه العلوم و المعارف هم من بين الذين وطئهم عار الإسترقاق والولاء. إن حجة الأستاذ الرئيسة في دواعي تطوير التشريع هي الإرتقاء الحضاري، و ارتفاع مستوى الفهم والإستعداد للفهم لمطالب الدين الرفيعة، ولا أرى أن الإسترقاق كان حلاً مناسبا لتدريج أمم كان رقيها بالذات هو مصدر مساهماتها المتميزة في حضارة الإسلام. ولعلني أضيف أن "حجة" حكمة الإسترقاق بقرينة المعاوضة والمران على الطاعة لله بالتمرس والمران على الطاعة في حق من رفض أن يكون "عبدا للرب" فجُعل "عبداً للعبد جزاءاً وفاقا" لا تفسر، فيما لا تفسره وهو أكثر من أن يستوعبه هذا الحيز، أقول لا تفسر العناء النفسي الذي وقع على بعض ضحايا الرق من الصحابة الأجلاء مثل بلال وعمار ممن كان بعض الأصحاب أنفسهم يعيرونهم بأصولهم في سورات الغضب. صحيح أن التشريع لا يد له في استرقاق بلال وعمار وأمثالهم، ولايد له في مثل هذه التجاوزات، إلا أنهم عانوا من ظلال التمييز المضمر في الخواطر الخفية مما هو عندي متصل بحسم التشريع أو التفسير في موضوع الرق. ويبدو لي أن حجة "الحكمة" التي قضت "بالإبقاء على نظام الرق" بقرينة كون الإسلام "نزل على مجتمع الرق فيه جزء من النظام الإجتماعي"، وبأن هذا مما كانت تقتضيه "حاجة الأفراد المسترقين، وحاجة المجتمع، الإجتماعية والإقتصادية"،(29) تبدو لي أضعف من أختها. وسأستبعد من مناقشتي تمامًا "حاجة الأفراد المسترقين إلى الإسترقاق" في أي سياقٍ وردت وتحت أي حجة أتت. وأتوجه إلى الشق الثاني من الحجة فأتساءل عما إذا كان إقتصاد المجتمع العربي قبل الإسلام يتأسس على الرق بالصورة التي كان يمكن أن تؤدي إلى انهياره لو إن تشريع الرق في الدين الجديد كان أكثر حسماً، أو لنقل، أسرع تدريجا. لا يبدو لي أن آراء علماء تاريخ الإقتصاد السياسي المعاصرين تميل إلى تأكيد هذه الفرضية. و جملة القول عندي أن تبرير تشريع الرق عندي غير مقنع وهو بحاجة إلى قراءة نقدية أكثر تحرياً في وقائع التاريخ الفعلية في داخل دائرة المجددين ذوي المرجعية الدينية أساساً. ولا شك في أن ملاحظتي بصورتها هذه مبتسرة جدا وأتمنى أن تتاح لي فرصة أوسع لتطويرها بالحوار |
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
عزيزي الشقليني هذا ما اردناه ،وهو العثور اولا على الكنوز. كلامك مهم حول ان الرجم لم يرد في تلك النصوص التي قلنا بها . وسنحاول ان نبحث اكثر في كنوز اخرى عن الرجم. اسمح لي عزيزي ،في انتباهك العالي، ان اورد ردا على مقتطف من الدكتور القراي في رده على الدكتور محمد وقيع الله . ****
نورد المقتطف التالي من رد للدكتور عمر القراي على د.محمد وقيع الله. وايرادنا له ينطلق من اشارته الى مصطلحي الحضارة والمدنية ، وكذلك الحدود ومفهوم المكي والمدني في الخطاب الجمهوري،و هو يتعلق بمفهوم الخطاب المكي والمدني ،وكذلك التداخل ما بين الرسالتين. يقول الدكتور القراي في رده على وقيع الله في : عودة إلى الحوار العجيب !! (3)
Quote: وعن سبب رفضه للنص الذي أوردته له ، من كتاب الرسالة الثانية ، يقول د. محمد وقيع الله ( لم يحسن صاحبه استخدام المصطلحات ف (التمدن) وهو المصطلح الذي استخدمه يعني الجانب المادي من التطور الإجتماعي وبالتالي فانه حصر بقوله هذا رسالة الإسلام وانجازه التاريخي في هذا الجانب المادي القاصر من جوانب الرقي الاجتماعي ولو استخدم محمود مصطلح التحضر لاصاب لأن التحضر يعني الجانب الثقافي والروحي ) .. |
سبق لنا -قبل وقيع الله -ان اشرنا الى ذلك في بوست لنا في هذا المنبر عن "البدائية " في خطاب الاستاذ. وقد حاول وقيع الله ان يستند الى مفهومه الخاص عن المدنية ،وعن الحضارة. و هنا يرد د.القراي على د. وقيع الله قائلا:
Quote: هذا ما قاله وقيع الله ، وهو عكس الحقيقة تماماً . فكلمة (المدنية ) ، و( التمدن) ، مأخوذة من العيش في المدينة . ولقد انتقلت الحياة البشرية ، إلى المدينة من الغابة ، عبر تطور وئيد .. ففي الغابة ، القوة تصنع الحق وتتقاضاه ، وليس هناك قانون ، وإنما القوي يأكل الضعيف .. أما في المدينة ، فان القانون يحمي الضعيف ، من بطش القوي ، وبفضله انماز الحق عن القوة .. والعيش في المدينة ، يقتضي مراعاة القانون ، والسلوك وفقه ، ثم رعاية الأخلاق ، التي تمثل الجانب الأرفع من القوانين .. وهذا يحتاج الى تربية ، وتثقيف ، لهذا فان (التمدن) قيمة روحية وثقافية . |
من الملاحظ ان الدكتور القراي ،لا ينطلق من التعريفات المعاصرة ،و انما ما قال به الاستاذ حول التطور من قانون الغابة الى قانون الانسان. ومن ثم ارجع القراي المدنية الى "المدينة. وحين يعود القراي الى تعريف الحضارة فانه يربطها بالحضر،يقول في ذلك:
Quote: أما التحضر، فتعني العيش في الحضر، في مقابل البدو أو الريف .. والحضر أسهل عيشاً ، وألين حياة ،من البدو، وذلك لأن في الحضر تتوفر الوسائل المادية ، التي تزيد من يسر الحياة ، ولينها ، مما لا يتوفر في الريف ، ولهذا يهاجر سكان الريف الى الحضر . |
الدكتور القراي يتحدث عن الارياف في علاقتها بالحضر،اليس هنالك علاقة بين المدينة والريف؟ بل هذه اقرب من العلاقة بين المدينة والغابة. و من هنا نرى ان القراي لا ينطلق في دفاعه من المصطلحات المعاصرة ِ،وكيف تعامل الاستاذ معها،وانما يقلب المسالة بحيث يحاول ان يعرف المدنية والحضارة على ضوء خطاب الاستاذ، بالرغم من ان الاستاذ ،قد تناص مع هذين المصطلحين في التباسهما، ذلك ان هنالك حدا ثالثا يجمع بين الاثنين ،لكن مفهوم الاستاذ حول وحدة الوجود، لا يعطيه "فرقة" للقول بمصطلح يجمع الجانبين المادي والروحي ، وهو ما حاول ان يقول به د.وقيع الله حين أشار الى مفهوم التحضر باعتباره يجمع مفهومين هما الثقافة ،وهذا يتضمن انها الجانب المادي ,ثم الجانب الروحي،بحسب فهمه. لكن القراي لم ينتبه الى جمع وقيع الله بين المادي والروحي، وهذا ما يجعلنايقول ان الدكتور القراي ،لا ينطلق مما اثبت في العلم قبل الاستاذ، وحاول بطريقة غير مقبولة ان يؤسس لما قال به الاستاذ. وحتى في كلامه عن التمييز بين المادي والروحي، نجده ،اي الدكتور القراي،على شاكلة الاستاذ، لا يضمن الفنون وكافة اشكال الابداع مثل الفلسفة وعلم الاخلاق وعلم الجمال،وغيرها من العلوم ،لا يضمن كل ذلك في الجانب الروحي ،مع الاخلاق،التي يعرف بها الاستاذ الجانب الروحي، ولذلك فهو قد وقع في نفس احادية الاستاذ ،في تعريفه الجانب الروحي ، بانه الاخلاق ،وفقط ،وقد اشرنا الى ان دكتور ياسر الشريف ،قد وقع في نفس التفسير الاستاذي ،اي تعريف الاخلاق بانها فقط ولا غير تمثل الجانب الروحي في المجتمعات الانسانية, ولذلك فهو يقول في فهم احادي للجانب الروحي الانساني ،باعتباره الاخلاق فقط،لا غير ،يقول
Quote: فالحضارة إذا، هي التقدم المادي ، والمدنية هي التقدم الروحي أو الاخلاقي |
*المكي والمدني: وفي رد له على وقيع الله عن المكي والمدني ،وان الاية التي تتحدث عن الاشتراكية هي مدنية يقول:
Quote: لقد شرحت كل كتب الفكرة الجمهورية هذه القاعدة الأساسية ، وهي أن القرآن قد نزل على مستويين : قرآن الأصول وقرآن الفروع .. ولقد بدأ النزول بقرآن الأصول ، في مكة ، لمدة ثلاثة عشر عاماً ، قامت فيها الدعوة على أساس الإسماح ، وحرية العقيدة ، وعدم القتال ، والمساواة بين المسلمين وغير المسلمين.. وهذه القيم الإنسانية الرفيعة وردت في القرآن المكي ، وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة ، نسخ هذا المستوى الرفيع ، بالقرآن الفرعي ، الذي تنزل من الأصول، ليناسب مستوى الناس ، في ذلك الزمان ، حيث فرض الوصاية بديلاً عن الحرية ، والجهاد بديلاً عن الدعوة بالتي هي أحسن ، وعدم المساواة بين المسلمين وغير المسلمين بديلاً عن المساواة .. ولكن هذا الأمر، لم يحدث في يوم وليلة ، وإنما تدرج حتى اكتمل خلال عشر سنوات .. فالآيات التي نزلت في أول العهد ، بالمدينة ، خاطبت الناس بما كان عليه حالهم في مكة ، فجاءت تحمل روح القرآن المكي .. ولهذا افتتحت سورة النساء بقوله تعالى " يا أيها الناس " مع أن ذلك من علامات القرآن المكي .. ولقد ورد في كتب الجمهوريين ، أن الفرق بين القرآن المكي والمدني ، ليس هو اختلاف مكان أو زمان النزول ، وإنما اختلاف مستوى المخاطبين ، واعتبارهم من حيث المسؤولية التي تعطي الحرية ، أو القصور الذي يوجب الوصاية .. وسبب التداخل بين القرآن المكي والمدني ، هو التداخل بين الإسلام والإيمان ، ذلك أن التدرج في المراقي ، من الإيمان نحو الإسلام ، لا ينفصل السالك في مضماره ، فصلاً تاماً ، وإنما ترقي يختلف صاحبه ، في كل مرحله، اختلاف مقدار لا اختلاف نوع ، عن المرحلة التي تليه.. |
ما يقول به القراي يثبت ما قلنا به عن عدم امكانية تطوير الحدود،وهذا يعزز ردنا على الشقليني، ثم مسالة المكي والمدني ،وتداخل الرسالتين، فمن الواضح ان هنالك افقا واسعا لما يسمي بالتداخل بين الشريعتين، وفي ان الفاصل بين المكي والمدني يحتمل ايضا تاويلات كثيرة لادخال اي منهما في الآخر. محبتي المشاء لك محبتي يا شقليني المصدر: الصحافة 29/11/2006 http://www.alfikra.org/article_page_view_a.php?article_id=1011&page_id=1[/B]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
العزيز الكاتب : أسامة الخواض تحية واحتراماً
لقد أوردت كل الشواهد المُمكنة ، وتبقى علينا التحليل ، عسى أن نتناول الرؤية من جوانبها مُجتمعة ، علماً بالآتي :
لم يرد نصاً قُرآنياً يختص بعقوبة الرجم . ! وسنأتي عن التلقي القرآني عن النصوص ، رغم تباعد الدلالات اللغوية ، منها الآيات ذوات السرد المباشر ، ومنها ذوات اللغة المجازية ، ومن المباشر لغة مباشرة غير قابلة للتأويل كآيات العقوبات . شكراً لك أيها الكاتب فقد نفذت إلى الكنوز . ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
أعيد نشر مداخلتي التي نشرت في مكان آخر. معذرة للقراء على هذا الخطأ. *** عزيزي الشقليني هذا ما اردناه ،وهو العثور اولا على الكنوز. كلامك مهم حول ان الرجم لم يرد في تلك النصوص التي قلنا بها . وسنحاول ان نبحث اكثر في كنوز اخرى عن الرجم. اسمح لي عزيزي ،في انتباهك العالي، ان اورد ردا على مقتطف من الدكتور القراي في رده على الدكتور محمد وقيع الله . ****
نورد المقتطف التالي من رد للدكتور عمر القراي على د.محمد وقيع الله. وايرادنا له ينطلق من اشارته الى مصطلحي الحضارة والمدنية ، وكذلك الحدود ومفهوم المكي والمدني في الخطاب الجمهوري،و هو يتعلق بمفهوم الخطاب المكي والمدني ،وكذلك التداخل ما بين الرسالتين. يقول الدكتور القراي في رده على وقيع الله في : عودة إلى الحوار العجيب !! (3)
وعن سبب رفضه للنص الذي أوردته له ، من كتاب الرسالة الثانية ، يقول د. محمد وقيع الله Quote: ( لم يحسن صاحبه استخدام المصطلحات ف (التمدن) وهو المصطلح الذي استخدمه يعني الجانب المادي من التطور الإجتماعي وبالتالي فانه حصر بقوله هذا رسالة الإسلام وانجازه التاريخي في هذا الجانب المادي القاصر من جوانب الرقي الاجتماعي ولو استخدم محمود مصطلح التحضر لاصاب لأن التحضر يعني الجانب الثقافي والروحي ) . |
.
سبق لنا -قبل وقيع الله -ان اشرنا الى ذلك في بوست لنا في هذا المنبر عن "البدائية " في خطاب الاستاذ. وقد حاول وقيع الله ان يستند الى مفهومه الخاص عن المدنية ،وعن الحضارة. و هنا يرد د.القراي على د. وقيع الله قائلا:
Quote: هذا ما قاله وقيع الله ، وهو عكس الحقيقة تماماً . فكلمة (المدنية ) ، و( التمدن) ، مأخوذة من العيش في المدينة . ولقد انتقلت الحياة البشرية ، إلى المدينة من الغابة ، عبر تطور وئيد .. ففي الغابة ، القوة تصنع الحق وتتقاضاه ، وليس هناك قانون ، وإنما القوي يأكل الضعيف .. أما في المدينة ، فان القانون يحمي الضعيف ، من بطش القوي ، وبفضله انماز الحق عن القوة .. والعيش في المدينة ، يقتضي مراعاة القانون ، والسلوك وفقه ، ثم رعاية الأخلاق ، التي تمثل الجانب الأرفع من القوانين .. وهذا يحتاج الى تربية ، وتثقيف ، لهذا فان (التمدن) قيمة روحية وثقافية . |
من الملاحظ ان الدكتور القراي ،لا ينطلق من التعريفات المعاصرة ،و انما ما قال به الاستاذ حول التطور من قانون الغابة الى قانون الانسان. ومن ثم ارجع القراي المدنية الى "المدينة. وحين يعود القراي الى تعريف الحضارة فانه يربطها بالحضر،يقول في ذلك:
Quote: Quote: أما التحضر، فتعني العيش في الحضر، في مقابل البدو أو الريف .. والحضر أسهل عيشاً ، وألين حياة ،من البدو، وذلك لأن في الحضر تتوفر الوسائل المادية ، التي تزيد من يسر الحياة ، ولينها ، مما لا يتوفر في الريف ، ولهذا يهاجر سكان الريف الى الحضر . |
الدكتور القراي يتحدث عن الارياف في علاقتها بالحضر،اليس هنالك علاقة بين المدينة والريف؟ بل هذه اقرب من العلاقة بين المدينة والغابة. و من هنا نرى ان القراي لا ينطلق في دفاعه من المصطلحات المعاصرة ِ،وكيف تعامل الاستاذ معها،وانما يقلب المسالة بحيث يحاول ان يعرف المدنية والحضارة على ضوء خطاب الاستاذ، بالرغم من ان الاستاذ ،قد تناص مع هذين المصطلحين في التباسهما، ذلك ان هنالك حدا ثالثا يجمع بين الاثنين ،لكن مفهوم الاستاذ حول وحدة الوجود، لا يعطيه "فرقة" للقول بمصطلح يجمع الجانبين المادي والروحي ، وهو ما حاول ان يقول به د.وقيع الله حين أشار الى مفهوم التحضر باعتباره يجمع مفهومين هما الثقافة ،وهذا يتضمن انها الجانب المادي ,ثم الجانب الروحي،بحسب فهمه. لكن القراي لم ينتبه الى جمع وقيع الله بين المادي والروحي، وهذا ما يجعلنايقول ان الدكتور القراي ،لا ينطلق مما اثبت في العلم قبل الاستاذ، وحاول بطريقة غير مقبولة ان يؤسس لما قال به الاستاذ. وحتى في كلامه عن التمييز بين المادي والروحي، نجده ،اي الدكتور القراي،على شاكلة الاستاذ، لا يضمن الفنون وكافة اشكال الابداع مثل الفلسفة وعلم الاخلاق وعلم الجمال،وغيرها من العلوم ،لا يضمن كل ذلك في الجانب الروحي ،مع الاخلاق،التي يعرف بها الاستاذ الجانب الروحي، ولذلك فهو قد وقع في نفس احادية الاستاذ ،في تعريفه الجانب الروحي ، بانه الاخلاق ،وفقط ،وقد اشرنا الى ان دكتور ياسر الشريف ،قد وقع في نفس التفسير الاستاذي ،اي تعريف الاخلاق بانها فقط ولا غير تمثل الجانب الروحي في المجتمعات الانسانية, ولذلك فهو يقول في فهم احادي للجانب الروحي الانساني ،باعتباره الاخلاق فقط،لا غير ،يقول
Quote: Quote: فالحضارة إذا، هي التقدم المادي ، والمدنية هي التقدم الروحي أو الاخلاقي |
*المكي والمدني: وفي رد له على وقيع الله عن المكي والمدني ،وان الاية التي تتحدث عن الاشتراكية هي مدنية يقول:
Quote: Quote: لقد شرحت كل كتب الفكرة الجمهورية هذه القاعدة الأساسية ، وهي أن القرآن قد نزل على مستويين : قرآن الأصول وقرآن الفروع .. ولقد بدأ النزول بقرآن الأصول ، في مكة ، لمدة ثلاثة عشر عاماً ، قامت فيها الدعوة على أساس الإسماح ، وحرية العقيدة ، وعدم القتال ، والمساواة بين المسلمين وغير المسلمين.. وهذه القيم الإنسانية الرفيعة وردت في القرآن المكي ، وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة ، نسخ هذا المستوى الرفيع ، بالقرآن الفرعي ، الذي تنزل من الأصول، ليناسب مستوى الناس ، في ذلك الزمان ، حيث فرض الوصاية بديلاً عن الحرية ، والجهاد بديلاً عن الدعوة بالتي هي أحسن ، وعدم المساواة بين المسلمين وغير المسلمين بديلاً عن المساواة .. ولكن هذا الأمر، لم يحدث في يوم وليلة ، وإنما تدرج حتى اكتمل خلال عشر سنوات .. فالآيات التي نزلت في أول العهد ، بالمدينة ، خاطبت الناس بما كان عليه حالهم في مكة ، فجاءت تحمل روح القرآن المكي .. ولهذا افتتحت سورة النساء بقوله تعالى " يا أيها الناس " مع أن ذلك من علامات القرآن المكي .. ولقد ورد في كتب الجمهوريين ، أن الفرق بين القرآن المكي والمدني ، ليس هو اختلاف مكان أو زمان النزول ، وإنما اختلاف مستوى المخاطبين ، واعتبارهم من حيث المسؤولية التي تعطي الحرية ، أو القصور الذي يوجب الوصاية .. وسبب التداخل بين القرآن المكي والمدني ، هو التداخل بين الإسلام والإيمان ، ذلك أن التدرج في المراقي ، من الإيمان نحو الإسلام ، لا ينفصل السالك في مضماره ، فصلاً تاماً ، وإنما ترقي يختلف صاحبه ، في كل مرحله، اختلاف مقدار لا اختلاف نوع ، عن المرحلة التي تليه.. |
ما يقول به القراي يثبت ما قلنا به عن عدم امكانية تطوير الحدود،وهذا يعزز ردنا على الشقليني، ثم مسالة المكي والمدني ،وتداخل الرسالتين، فمن الواضح ان هنالك افقا واسعا لما يسمي بالتداخل بين الشريعتين، وفي ان الفاصل بين المكي والمدني يحتمل ايضا تاويلات كثيرة لادخال اي منهما في الآخر. محبتي المشاء لك محبتي يا شقليني المصدر: الصحافة 29/11/2006 http://www.alfikra.org/article_page_view_a.php?article_id=1011&page_id=1[/B]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
عزيزي الشقليني بحثت عن الرج،فوجدت اكثر من اربعين اجابة، ولم اتوفق الا في الآتي: يقول في الرسالة الثانية من الاسلام:
Quote: وإن هو لم يبلغ هذا المبلغ فحسبه أن يكون واعيا لحدود حريته وحدود حريات الآخرين ، وفي ذلك خير كثير . والمعاوضة في حد الزنا تقوم على الرجم ، أو على الجلد ، حسب مقتضى الحال ، وذلك أن الزاني حين ذهب يبحث عن اللذة ، حيث كانت ، ومن غير اعتبار لشريعة ، أذيق الألم ليرده لصوابه ، فإن موقع الألم من وادي النفس يقـوم على العـدوة القصـوى ، حيـن تقـوم اللذة على العـدوة الدنيا ، وفي شـد النفس إلى الألم ، حيـن تتـهافت على اللـذة المحـرمة ، إقامـة للوزن بالقسـط مـما يعينها على الاعتـدال ، ويجعـلها أبعد من الطيش والنـزق. |
شكرا للذين قاموا بعمل البحث في موقع الفكرة ، لكن يبدو ان الامر في حاجة الى مراجعة كبيرة. شكرا لكم المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
أنشر لك عزيزي الشقليني ،ما ورد بخصوص الزنا،في موقع الفكرة: الزنا يقول في تطوير شريعة الاحوال الشخصية:
Quote: فحد الزنا، وحد القذف، يقومان على ضرورة حفظ العرض.. وحد السرقة، وحد قطع الطريق، يقومان على ضرورة حفظ المال.. ولا يجوز ذكر حد الخمر، وهو الحد الخامس، في هذا المقام، لأنه ليس في مستوى هذه الحدود توكيدا، وانضباطا.. ومعلوم أن الحدود تسمى حق الله، وأنها، بخلاف القصاص، لا يستطيع أحد – لا، ولا الرسول الكريم - أن يعفو عن الحد، من قام به الحد.. |
ويقول في نفس الكتاب:
Quote: ومن أجل شرف هذه العلاقة ((الجنسية)) الذي حاولنا أن نبينه في الأسطر السابقات وقع شديد الحرص عليها في الدين.. وهي أكبر مظهر للحياة في مجال تعبيرها عن وجودها.. ومن أجل ذلك قامت على تنظيمها أول ((شريعة)) عرفها الإنسان، ووقع عليها أول ((كبت)) في العقل الباطن.. ومن أجل هذا ((الكبـت)) الذي وقـع في ((قـاع)) العقل شرع الرجم بالحجارة.. تصوب إلى الدماغ، عقوبة على مخالفة الممارسة.. وشدد في أمر عقوبة الزنا على العموم.. أكثر من ذلك!! شددت العقوبة على القاذف به غيره إن لم يستطع أن يثبته عليه.. فكان أدق حدين في الإسلام حد الزنا، وحد القذف.. قال تعالى: ((والذين يرمون المحصنات، ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، فاجلدوهم ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا، وأولئك هم الفاسقون)) بل أكثر من ذلك!! شدد في زجر الخائضين فيه.. فقال: ((ولولا فضل الله عليكم، ورحمته في إذ تلقونه بألسنتكم وتقولونالدنيا والآخرة، لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم ولولا إذ سمعتموهبأفواهكم ما ليس لكم به علم، وتحسبونه هينا، وهو عند الله عظيم يعظكم الله أن تعودواقلتم: ما يكون لنا أن نتكلم بهـذا، سبحانك، هذا بهتان عظيم لمثله أبدا، إن كنتم مؤمنين)).. وقال في وعيده الذين يتهاونون في هذا الخوض: ((إن الذين يرمون المحصنات، الغافلات يوم تشهد عليهم ألسنتهم،المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم وأيديهم، وأرجلهم، بما كانوا يعملون)).. بل أكثر من ذلك!! فإنه توعد، أشد الوعيد، الذي يسمحون لخواطرهم أن تجول في نسبة الزنا للآخرين.. فقال، تبارك، وتعالى: ((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم، في الدنيا والآخرة، والله يعلم، وأنتم لا تعلمون)).. ولم ينه الله، تبارك، وتعالى، عن مقارفة الزنا نفسه، بل نهى حتى عن مقاربته فقال، عز من قائل: ((ولا تقربوا الزنا.. إنه كان فاحشة، وساء سبيلا)).. ولخطر هذا الجرم عنده شدد في إثباته، تشديداً يجعله في حكم المستحيل.. ويكفي أن يقال أنه لم يقع، في طول تاريخ الإسلام، إثبات شرعي لجريمة الزنا: وما وقع فيه من إقامة الحدود لم يقع إلا بالاعتراف.. ثم يجيء التشديد من جانب المعصوم.. فيقول: ((لا يزني الزاني، حين يزني، وهو مؤمن)).. وهذا أمر في غاية الخطـورة.. ذلك بأن هذا الحديث إنما يعني أن الإيمان يرفع عن المؤمن، لحظة المقارفة، حتى أنه لو مات فيها مات على غير الإيمان.. ويقول المعصوم، في هذا التشـديد أيضا، ((يا أمة محمد!! والله ما أحد أغير من الله، أن يزني عبده، أو تزني أمته.. يا أمة محمد!! والله لو تعلمون ما أعلم، لبكيتم كثيرا، ولضحكتم قليلا..)).. هذا قليل، من كثير، يقال في إحاطة هذه العلاقة الرفيعة، بين الرجل والمرأة، بأسباب الصيانة، والحفظ.. وهي، لمكان كرامتها، وعظيم أثرها في حياتنا، لا يحفظ علينا صونها إلا الله.. قال تعالى في ذلك: ((يأيها الذين آمنوا!! لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء، والمنكر.. ولولا فضل الله عليكم، ورحمته، ما زكى منكم من أحد أبدا، ولكن الله يزكي من يشاء.. والله سميع عليم..))..قوله: ((فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر..)).. ((الفحشاء)) هنا الزنا.. ((والمنكر)) هنا اتهام الآخرين به.. قوله: ((ولولا فضل الله عليكم، ورحمته، ما زكى منكم من أحد أبدا، ولكن الله يزكي من يشاء..))، يعني ما تطهر، ولا تصـون، ولا تنظف من أوحال الممارسة، غير المشروعة أحد أبدا.. قوله ((ولكن الله يزكي من يشـاء)) بشرى بعموم الزكاة.. فإن العباد بها، جميعا، سيتزكون.. وجاءت العبارة الفاصلة بقوله: ((والله سميع عليم))، لتؤكد هذا المعنى الذي ذهبنا إليه.. فهو ((سميع)) لنداء الفروع التي تطلب الأصول وقد حجبتها عنها الخطيئة.. وهو ((عليم)) بطريق خلاصها من الخطيئة، لتعود إلى وطنـها في الذات: ((يأيها الناس اتقـوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحـدة)).. وقـد أسلفـنا في ذلك القول.. وفي عجزنا عن صون أنفسنا، ومجيء الصون من فضل الله علينا قال تعالى: ((الرجال قوامون على النساء، بما فضل الله، بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم.. فالصالحات قانتات، حافظات للغيب، بما حفظ الله.. واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن، واهجروهن في المضاجع واضربوهن.. فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا.. إن الله كان عليا كبيراً..)).. قـوله: ((الرجال قوامون على النساء)) يعني أوصياء، متسلطون، لهم عليهن حق الطاعة.. فإن قلت ما هي الحكمة وراء هذا التسليط؟؟ قلنا: الحفظ - حفظ فروج النساء- هذا في المرحلة.. ويجيء قوله تعالى: ((فالصالحات قانتات حافظات للغيب))، ومعنى الصالحات الطاهرات، الصينات.. ومعنى قانتات مطيعات لربهن، ولأوليائهن من الرجال.. ومعنى((حافظات للغيب))، حافظات لفروجهن هذا الحفظ يكون بدوافع من طاعة الله، والخوف من الله، ويكون بطاعة الأولياء، والخوف من الأولياء.. هذا جميعه في المرحلة.. ثم تفضي المرحلة إلى العفة، والصيانة المضروبة على الرجال والنساء جميعا والتي أشار إليها، تبارك، وتعالى، هنا إشارة لطيفة بقوله: ((بما حفظ الله)).. ويطيب لي هنا أن أشير إلى أس الرجاء في هذه الآية لجميع النساء، وذلك أنهن حين يبلغن هذا المبلغ من العفة، والتصون، ترفع وصاية الرجال عنهن ويكون إليهن، في ظل الله، أمر القيام على أنفسهن، تحت وصاية القانون.. ثم يقول في الرسالة الثانية من الاسلام عن التاريخ "البدائي " لعقوبة الزنا والسرقة: ومتى نظرت إلى تاريخ المجتمع البشري ، منذ نشأته وإلى يوم الناس هذا ، ظهر لك جليا أن حرية الفرد كثيرا ما تتعارض مع مصلحة الجماعة ، بل ظهر لك أن الجماعة لم يقم نظامها ولم تصن مصالحها إلا على حساب تقييد حرية الفرد ، ذلك بأن الفرد البشري ارتفع من حيوانية متوحشة ، لا هم لها غير تحصيل شهوة البطن والفرج ، ولما كان المجتمع البشري في أولياته لم يكن لينشأ إلا إذا قيدت هاتان الشهوتان ، فقد قام العرف الذي ينظم العلاقات الجنسية ، فيحرم الأخت على الأخ ، ويحرم البنت على الأب ، ويحرم الأم على الإبن ، ويحرم زوجة الإبن على الأب ، ويحرم زوجة الأب على الإبن ، قبل أن يقوم العرف الذي يحرم الزنا عموما ، وقد أعان هذا العرف ، أو سمه القانون الأول ، على تهدئة الغيرة الجنسية التي كانت تفرق الأسرة البشرية ، كلما بلغ الأبناء فيها مبلغ الرجال ، فقد أصبح ، بعد هذا العرف ، من الممكن أن يتعايش ، في منزل واحد ، أو في منازل متجاورة ، الأب والإبن البالغ والصهر والإبن المتزوج ، وكل منهم آمن على زوجته من الآخرين . ولربما يكون العرف الذي ينظم احترام الملكية الفردية قد نشأ مع هذا العرف من الوهلة الأولى ، فانه ، في المجتمعات البدائية ، ليس هناك كبير فرق بين ملكية الزوجة ، وملكية الآلة أو الكهف ، وإذا كان لا بد للمجتمعات الصغيـرة أن تعيش في وئام ، وفي مكان واحد ، وفي أعداد تتزايد دائما ، تصيد معا ، وتحارب أعداءها معا ، وتقابل صروف الأيام متحدة ، فإنه لا بد من التواضع على هذين العرفين ، اللذين ينظمان السلوك في الجماعة ، ويصونان كيانها ، ولا بد أن عقوبة القتل كانت تنفذ في الفرد لدى ثبوت تهمة الزنا ، في هذه الدوائر ، عليه ، يستوي في ذلك الرجال والنساء . ولقد كانت عقوبة القتل توقع على الفرد أيضا لدى السرقة من عشيرته الأقربين ، ثم عممت فأصبحت تطبق لدى السرقة من حيث هي ، وذلك عندما اتسعت الجماعة ، ثم خففـت ، فأصبحت تستأصل طرفا من السارق بدلا من استئصال حياته كلها ، ذلك بأن الأفراد قد بلغوا من الرفعة والذكاء بحيث يرتدعون بعنف أخف من العنف الذي كان ضروريا لردع أسلافهم . |
ويقول في الرسالة الثانية عن دقة قانون المعاوضة و من ضمنها الزنا:
Quote: والدقة التي هي حظ قانون المعاوضة في الحقيقة ، والتي فاتت كثير من صورها على قانون المعاوضة في الشريعة ، تجد ضبطها في أن القانونين يعملان معا في مصادرة حرية من عجز عن الوفاء بحق الحرية ، من غير أن تكون هناك عقوبتان على خطيئة واحدة ، وفي مستوى واحد من مستويات العقاب . وأقرب قوانين المعاوضة في الشريعة دقة من قوانين المعاوضة في الحقيقة الحـدود ، وهي أربعة .. الزنا والقذف والسرقة وقطع الطريق .. وترجع إلى أصلين هما حفظ العرض ، وحفظ المال ، وهما أول قانونين نشآ في المجتمع البشري البدائي ، وإليهما يرجع الفضل في جعل المجتمع ممكنا . ويلي هذه الحدود حد السكر ، ثم تجئ قوانين القصاص الأخرى في النفس بالنفس ، والعين بالعين . ومعاوضة فعل الشر إنما تكون بوضع الألم في مقابلة اللذة من النفس ، والمراد من ذلك وزن قواها حتى تعتدل ، ولا تحيف ، فتتهالك على اللذة بغير كتاب منير . |
وفي "اسس دستور السودان "يقول مدافعا عن تطبيق الحدود ومن ضنمها الرجم والجلد في اشارة الى حد الزنا:
Quote: ونحن نري لذلك أن قوانين الحدود: الزنا – الخمر- السرقة – القذف – قطع الطريق - ، يجب ان تقام ، ونري أن تشريعنا يجب أن ينهض علي مبدأ القصاص ، لأن بذلك يتحقق لنا أمران: أولهما التنسيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة ، وثانيهما اننا نضع الفرد من الوهلة الأولي في طريق تحقيق الحرية الفردية المطلقة ، لأننا بتشريع القصاص كأننا نقول له: انت حر مطلق الحرية في أن تفكر كما تريد وان تقول كما تفكر ، وان تعمل كما تقول ، بشرط واحد ، هو ان تدفع ثمن هذه الحرية ، وهو ان تتحمل المسئولية المترتبة علي تصرفك فيها ، فان اعتديت علي أحد اعتدينا عليك بمثل ما أعتديت عليه. ثم علينا الا نفارق تشريع القصاص ، الا حيث لا يكون التطبيق ممكنا ، وفي تلك الحالة نجعل عقوبتنا أقرب ما تكون للقصاص. |
وفي الاسلام وانسانية القرن العشرين يقول عن ِ"الزنا":
Quote: هنا يمكن الحدود فيما يخص الزنا، وفيما يخص السرقة، تكون هي أوائل القوانين النشأت.. وكل غرض القانون هو أن يعطيك الحرية.. حتى عندما يكون القانون ضيق، ومحدد لحركتك، فهو، في الحقيقة، بيديك الفرصة لتعيش في جماعة لتجد الأمن، ثم أنت خارج نطاقه، وخارج نطاق التورط في حدوده، بتلقى أنت الحرية اليمكن تمارسها.. |
وفي كتابه "الدين والتنمية الاجتماعية " يقول:
وفي حديث له عن دقة القصاص والحدود في كتابه الدين والتنمية الاجتماعية يقولِ:Quote: ولقد ورد الحديث في متن المحاضرة عن دين الإسلام العام ، و دين الإسلام الخاص ، وجاء تعريف الدين بأنه الجزاء ، كما ورد الحديث عن مستوى الجزاء في الإسلام العام ، ومستوى الجزاء في الإسلام الخاص ، وعن العرف الأول الذي قام عليه المجتمع ، أول ما قام ، وهو تقييد غريزة الجنس ، وتنظيمها ، وتقييد حب الملكية ، وتنظيمها .. وجاءت الإشارة ، في متن المحاضرة ، إلى علاقة هذا العرف بشريعة الحدود الراهنة في الإسلام ، وهي: الزنا ، والقذف ، والسرقة ، وقطع الطريق ، مما يغني عن الإعادة ها هنا .. |
وفي حديث له عن دقة القصاص والحدود في كتابه الدين والتنمية الاجتماعية يقولِ:
Quote: دقة قوانين الحدود والقصاص:
مسألة الحدود أدق من مسألة القصاص.. ومسألة القصاص انتو شفتو دقتها .. مسألة الحدود. نحنا عندنا أربعة حدود .. عندنا الحدود في الاسلام أربعة هي: الزنا، والقذف وهو التهمة بالزنا، والسرقة، وقطع الطريق .. يمكنك أن تقول: الأربعة ديل بيتلخصوا في اثنين: حفظ العرض – حد الزنا والقذف .. وحفظ المال – حد السرقة وقطع الطريق .. ولانضباط قوانين الحدود بالصورة دي قيل عنها انها هي حق الله، يعني يمكن للحاكم أن يعفو في أمر القصاص، لو فرض انو واحد قلع عين آخر ثم المقلوعة عينو عفا، يمكن للحاكم أن يعفو .. لكن في مسألة الحدود، اذا بلغت الحاكم، وقام الركن في حقها، لا تعفي .. النبي لا يمكن أن يعفو عن السرقة مثلا .. هو يمكن أن يعفو اذا كان واحد ضرب واحد كف كسر سنه، والمكسورة سنه عفا .. النبي يمكن، في الحالة دي، أن يعفو، اذا هو رأي أن يعفو لاصلاح الاثنين.. علي الأقل يمكنه أن يخفف العقوبة فيما يخص القصاص .. لكن في الحدود لا يكون في عفو اطلاقا .. لا يملك أي انسان هذا العفو .. دا حق الله .. هو قايم علي شيئين، كما سبق أن قررنا، حفظ العرض، وحفظ المال .. نعم هناك حد الخمر، لكنه ماهو في انضباط الحدود الأربعة التي ذكرنا انها تقوم علي صيانة العرض، وصيانة المال .. |
عزيزي الشقليني هذا ما توفر لنا من استشهادات حول الزنا. لك محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Osman Musa)
|
الأستاذ عثمان موسى تحية طيبة
الشكر موصول لك بالمتابعة، والرصد . كنا ولم نزل نحاول أن نرتقي بالحوار هنا على أمل أن نتجاوز الكثير من الآراء الفطيرة والانطباعية و الارتفاع بلغة الخلاف بالدراسة لا بالصياح ، والخلاف بين بعضنا مع الاحترام المُتبادل ، وأن نُشرك القراء دوحتنا التي نأمل أن تُغير من شكل و محتوى الكثير مما يُكتب من إثارة أو انطباع مُخِل أو ألفاظ غضوبة أو لغة غير متسامحة وأن ننهض بالصراع أن يطورنا لا الصراع الذي يهدمنا .
شكراً لك وللجميع ، وكلنا يعلم أن الدراسة التي نأمل أن تكون بقدر المُحتفى به وبقدر رسالته التي كان يراها زبدة العبادة ورزق من المولى هبط عليه ذات صفوة ، ومنه شرع يكتُب .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: على عمر على)
|
الأستاذ : علي عمر علي تحية طيبة
كُنا ولم نزل على الرأي من كتابة ما نراه فائدة لنا وللجميع ، ونأمل أن نُقدم مثالاً في طرائق الحوار ولغته والاستشهاد وإيراد الأدلة والمستندات في محاولة دراسة المادة من كتب الأستاذ وأن نُجري عليها ما تستحق من دراسة ودراسة مقارنة لنعرف حجم الخطاب الذي كان يدعو له الأستاذ ، ومجمل القضايا التي طرقها . ليس من قبيل التقليل من شأن مباحثه أو من قبيل المحبة التي تُنسينا أن هنالك الكثير الذي تتطلبه الدراسة الموضوعية ، فالأستاذ صاحب رؤية إن اختلفنا أو اتفقنا معه جزئياً أو كلياً ، فكتبه ومقالاته رؤية ناصعة نأمل أن نكتب عنها ، فهو صاحب فكر كان هو كل سلاحه ، والآخرين الذين وقفوا ضده كانوا يأملون كنس الفكر بنفي المؤسس من الدنيا لا تسمية لها سوى :
القتل بسبب الفكر
نأمل أن نستمر ونأمل أن يواصلنا الدكتور ياسر الشريف ، وفق ما ستيسر من زمان . لك الشكر وجزيل التقدير اذ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأستاذ والكاتب : أسامة الخواض
لك الشكر الجزيل على القطوف التي جلبت وأصبحت دانية ، تستتبع منا أن نكون بقدر دراستها والفيض فيها .
لقد أوردت الذي يقطع الشك بكثير من اليقين أن الرسالة الثانية قد أمنت على العقوبات التي وردت في القرن السابع الميلادي دون تبديل أو تعديل أو رفع أو نسخ ، ونعد بالمواصلة لأن الخطاب الذي بين أيدينا به التباس منهاج وهو خليط من طرائق المباحث ، ومنهاج المتصوفة في ولوجهم للمشكل والنظر فيه ولهم لغة غير التي نعهد في المباحث .
ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
اوردت عزيزي الشقليني ما نصه الآتي من الباقلاني:
Quote: ومنها أن الحروف التي بنى عليها كلام العرب (29 ) حرفاً ، وعدد الصور التي افتتح فيها بذكر الحروف (28) صورة |
ان هذا الحرص على دراسة الحروف ،يذكرنا بحديث بورخيس الشيق عن تاريخية "الكتاب" و موقعه في المجتمع و الذات. وهنا اورد مقطعا طويلا من مقالته المترجمة "اسطورة الكتاب": أسطورة الكتاب ترجمة: أحمد عثمان
Quote: أي مقارنة مع النتاج الذي أوحى الله به، مقارنة بالقداسة التي تتنازل عن الأدب. في هذا الكتاب، لاشيء عرضياً، كل شيء حتى اختيار الأحرف يجب أن يتحصل على حجة وجوه. مثلاً، نفهم أن فاتحة الكتاب المقدس: BERE BRAELOHIM تبدأ أبحرف (B) إذ إنه يتطابق مع (بارك) (BENIR). يتعلق الأمر بكتاب ليس فيه شيء عرضي، لاشيء عرضياً على الإطلاق. هذا يقودنا إلى (القابال)، إلى دراسة الآداب، إلى كتاب مقدس، أي عكس ما فكر فيه القدماء. هؤلاء فكروا في ربة الشعر، بطريقة شبه رحبة. (غني، أيا ربة الشعر، غضب أخيل)، هكذا كتب هوميروس في بداية: (الإلياذة). هنا، مثلت ربة الشعر الإلهام. عوضاً عن ذلك، إذا فكرنا في الروح نفكر في المحسوس والقوى: الله. الله الذي خلق الكتاب، وفي هذا الكتاب لاشيء عرضياً: لا عدد الأحرف ولا كم المقاطع اللفظية في كل آية. لقد درسوا كل هذا. تتمثل الفكر الثانية، أكررها، في كونه نتاجاً إلهياً. دون شك، هذه الفكرة قريبة من الفكرة التي أطلقناها اليوم على الكتاب مثل الفكرة التي أطلقها القدماء الذين عدوه مادة بديلة عن الكلام. هذا الرأي يضعف بالتالي ودلت آراء أخرى محله. نعتقد، مثلاً، أن كل بلد يتماهي مع كتاب. لنتذكر أن المسلمين يطلقون على اليهود (أهل كتاب) |
http://www.awan.uob.bh/show.asp?no=143#top و من البديهي ان يحيلنا مفهوم القرآن ككتاب الى كتاب نصر حامد ابوزيد الشهير: مفهوم النص وقد احدث خلخلة في الفهم السائد حول علاقة الثقافة العربية ب"الكتاب". وفيها حاول ابوزيد ان يقارب القرآن من منظور لغوي علامي. محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الشكر موصول للكاتب : أسامة الخواض
في معرض الحديث عن القرآن ومراجع القدماء ودراسة الدكتور نصر حامد أبو زيد وغيره ممن تطرقوا للنص القرآني لغة وأحمال ثقافية متنوعة ودرجات متفاوتة من المعاني وضروب الآداب كما أسلفنا من حديث ، وهو هنا ثراء يُمتع القراء أننا نكتب وبين أيدي القراء الكثير الذي أنجزته المباحث قديمها وحديثها
ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
شكرا الشقليني ، وانت تسبر افق التلقي القرآني. لقد اشرت الى ابوزيد لعلاقته بمحيي الدين بن عربي، وهو من الذين مارسوا تاثيرا قويا على خطاب الاستاذ ، وواضح ذلك من احدى رسائلة التي كان يتحدث فيها عن كتاب من كتب ابن عربي. وسنعود لذلك حين نتحدث عن الانسان الكامل في خطاب الاستاذ وعلاقته بالخطاب الصوفي. لكنني اخشى من ضياع "ثمبي" ، و اتمنى ان اعثر عليه ، والا فانني مطالب بان اعيد من كتبته من محاور . لك محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
شكرا الشقليني على تلك الاضاءات. نعود الى مقاربة خطاب الاستاذ،وسنتحدث عن المخطط النظري للاستاذ في مقاربة الحضارة الغربية. حول المخطط النظري للاستاذ: ينبني مخطط الاستاذ النظري لتلقيح الحضارة الغربية ،والخروج بها من مأزقها ،على ما توفر من شروط تتيح امكانية تأسيس حكومة عالمية تشرف على ادارة المجتمع العالمي*.وتلك الشروط تتمثل في جزء كبير منها على بدايات العولمة من خلال ما يسميه بالتقدم في المواصلات السريعة التي ربطت اجزاء العالم التي كانت متباعدة ،ومشتتة . و من هنا يمكن القول ان الاستاذ من الذين بنوا مخططهم النظري على العولمة والتي يسميها ب"العالمية".وهذا بعد نظر في فهمه لمسيرة البشرية في ذلك الزمان الذي اسس فيه مخططه النظري .و هذه فرصة لتذكير تلامذته ،ان يقوموا بتطوير مقولة الاستاذ عن العالمية او الكوكبية ،بالاستناد الى المستجدات التي لم يعالجها الاستاذ ،وخاصة ثورة الانفوميديا،وما يترتب على ذلك من علاقة الفرد بتلك المنتجات الضخمة التي غيرت وجه العالم،وفي مقدمة ذلك الانترنت،والهواتف المحمولة والشبكات التلفزيونية الفضائية.وهذا امر مهم ،ينضاف الى ما اشرنا اليه من وجوب تحرير خطاب الاستاذ،وهذا يستلزم وجود شارحين لخطاب الاستاذ.وهذا لا يمكن ان يحدث الى بمحبة خطاب الاستاذ،وفي نفس الوقت تخليصه من "القداسة "الت يضفيها عليه بعض تلامذته ،وهذا امر متوقع خاصة في وان خطابه هو خطاب ديني. عن العالمية:
القول بالعالمية في خطاب الاستاذ استندت الى جملة من الشروط ،التي تجعل تاسيس مجتمع عالمي كبير امرا ممكنا. *الشرط الاول هو تطور المواصلات.
يقول الاستاذ في "الديباجة":
Quote: ، ذلك بأن هذا الكوكب الصغير الذي نعيش فيه قد أصبح وحدة ربط تقدم المواصلات الحديثة السريعة بين أطرافه ربطا يكاد يلغي الزمان والمكان الغاء تاما ، فالحادث البسيط الذي يجري في أي جزء من اجزائه تتجاوب له في مدي ساعات معدودات جميع الأجزاء الأخري ويشير الى اهمية المواصلات في ربط العالم في مواضع أخرى: |
كما يقول في مقاله: إعدادالإنسان الحر
Quote: خطاب إلى الدكتور توريز بوديت مدير عام منظمة اليونسكو وهذا الكوكب الصغير الذي تعيش فيه الإنسانية وحدة جغرافية، قد ربط تقدم المواصلات الحديثة السريعة بين أطرافه ربطا ألغى الزمان، والمكان، إلغاء يكاد يكون تاما، حتى لقد أصبحت جميع أجزاء المعمورة تتجاوب في مدى ساعات معدودات للحدث البسيط يحدث في أي جزء من أجزائه |
من الواضح ان الاستاذ يتحدث عن بدايات العولمة فالحدث البسيط الآن ينقل في نفس اللحظة ،وليس بعد ساعات كما جرى في زمن رده على مدير عام منظمة اليونسكو. ويقول في تعقيب على البروفيسور جاك بيرل عن الارض،اي :
Quote: هذا الكوكب، الذي قللت سرعة المواصلات، التي تمخضت عنها المدنية الغربية الصناعية، من سلطان الزمان والمكان فيه، إلى الحد الذي جعله وحدة جغرافية.. |
ويقول في الاسلام وانسانية القرن العشرين:الدعوة الاسلامية الجديدة:
Quote: لأن اليوم البشرية تتوق – بشرية القرن العشرين، زي ما قلنا، أصبحت تتوق لأن تنظم علائقها كلها على أساس الوحدة، لأن الكوكب، بفضل الله، ثم بفضل المواصلات الحديثه، السريعة، قد أصبح وحدة جغرافية، المكان أُلغي، أو كاد.. وباستمرار الحركة في سرعة المواصلات ماشة لتلغي الزمان، وتلغي المكان.. والناس أصبحوا اليوم جيران.. نحن، مثلا، كان في زمن، لعله في أوائل القرن العشرين، الناس ما كانوا بيهتموا بما يبعد عن حدودهم من أحداث، ولا يعرفوا عنها شئ.. نحن في الوقت الحاضر نتعاطف مع فيتنام، والناس عندنا فرحوا فعلا لما وصل المتخاصمين المتحاربين، في فيتنام إلى معادلة أمكن بيها أن يكون في سلام، وإيقاف للقتال.. الناس فرحوا، الأمر دا ما كان زمان.. ولا كان في مقدرة، وتخيل، وإنسانية، وتعاطف مع الناس البعيدين.. لعل تعاطفك يكون محدود بأهلك، وإن إتعداهم يمكن يتعداهم لقبيلتك.. الصورة دي هي البيها البشرية كلها أصبحت تتوق إلى نظام واحد، ليهيمن على هذا الكوكب الواحد، الموحد.. |
وعن اثر المواصلات يقول في الاسلام وانسانية القرن العشرين: ..Quote: وكذلك جات مسالة الأبحاث العلمية في السنوات الأخيرة، من أجل التسلح، فقفزت قفزات كبيرات جدا بالآلة، ولقد ربطت الآلة الكوكب الأرضي، وقربت المسافات، وخلَّت الناس كأنهم جيران، حصل ذلك بصورة لم يسبق لها مثيل، فأصبح أكبر تحدي يواجه مجتمع القرن العشرين هو أن يعيش في سلام مع بعض، لأن الناس قد أصبحوا جيران، الناس المسافات ألغيت بيناتهم، وأصبح لا بد من الأخلاق البتناسب الجوار، المسالمة، والمحبة، والمعايشة.. |
*الشرط الثاني :الانسانية الواحدة المتساوية في أصل الفطرة: وهنالك شرط ثان يجعل الحكومة العالمية ممكنة التحقيق. يقول في أسس دستور السودان : Quote: يضاف الي هذا أن هذا الكوكب الصغير الموحد جغرافيا ، ان صح هذا التعبير ، تعمره انسانية واحدة ، متساوية في أصل الفطرة ، وان تفاوتت في الحظوظ المكتسبة من التحصيل والتمدين. فلا يصح عقلا أن تنجب قمتها الانسان الحر ، اذا كانت قاعدتها لا تزال تتمرغ في أوحال الذل والاستعباد ، او قل ، علي أيسر تقدير ، انه لا يمكن أن يفوز جزء منه بمغنم السلام والرخاء اذا كانت بعض اجزائه تتضرم بالحروب ، وتتضور بالمجاعات ، |
ويقول ايضا في اسس دستور السودان:
Quote: .. يضاف إلى ذلك، أن هذا الكوكب الصغير معمور بإنسانية واحدة، متساوية في أصل الفطرة، وإن تفاوتت في الحظوظ المكتسبة من التحصيل والتمدين |
*الشرط الثالث:ارتباط مشاكل العالم:
يقول في اسس دستور السودان:
Quote: لقد قلنا ان المشاكل الراهنة لأي بلد هي في حقيقتها صورة مصغرة لمشاكل الجنس البشري جميعه ، وهي في اسها ، مشكلة السلام علي هذا الكوكب ، وعندنا انه من قصر النظر أن نحاول حل مشاكل مجتمعنا السوداني داخل حدودنا الجغرافية ، من غير أن نعبأ بالمسألة الانسانية العالمية |
وفي مقاله مشاكل التربية الأساسية فى الشـرق الأوسـط - تعقيب على البروفسير جاك بيرل يتحدث عن ارتباط مشاكل الاقاليم في العالم كله ببقية ارجاء العالم:
Quote: غني عن القول أن مشاكل الشرق الأوسط، أو مشاكل أي إقليم آخر، في الوقت الحاضر، لم تعد إقليمية، على نحو ما كان عليه الأمر قبل عشرين، أو ثلاثين سنة، مثلا.. ذلك بأن مشكلة كل إقليم قد أصبحت الآن جزء من المشكلة العالمية، برمتها، فهي لا يمكن حلها في داخل حدود الإقليم الجغرافية وبصرف النظر عن المشكلة الكبرى، وإنما يجب أن تحل مشكلة كل إقليم على أسلوب يتجه في نفس الإتجاه الذي بمواصلته، إلى نهايته، تحل المشكلة العالمية الإنسانية الكبرى. |
وانطلاقا من تلك الشروط يشير الى امكان تاسيس حكومة عالمية . *عن الحكومة العالمية في خطاب الاستاذ: يقول في ديباجة دستور السودان عن الحكومة العالمية:
Quote: المشاكل الراهنة لأي بلد من البلاد هي ، في حقيقتها ، صورة لمشاكل الجنس البشري برمته ، وهي ، في أسها ، مشكلة السلام علي هذا الكوكب الذي نعيش فيه ، ولذلك فقد وجب ان يتجه كل بلد الي حل مشاكله علي نحو يسير في نفس الاتجاه الذي بمواصلته تحقق الانسانية الحكومة العالمية ، التي توحد ادارة كوكبنا هذا وتقيم علائق الأمم فيه علي القانون ، بدل الدبلوماسية ، والمعاهدات ، فتحل فيه بذلك النظام والسلام .. |
ويقول عن الحكومة العالمية أيضا في تطوير شريعة الأحوال الشخصية:
Quote: ولقد اعتبرت شريعة الأصول مدخرة ليومها، ولقد جاء هذا اليوم بمجيء مجتمعنا هذا الكوكبي الذي يسعى لإقامة الحكومة العالمية التي تقوم على الدستور الإنساني، وتنظم علائقها بالقانون الدستوري |
ويقول في اسس دستور السودان عن ضرورة الحكومة والوحدة العالميتين:
Quote: .. فينبغي والحالة هذه، بل إنه، في الحقيقة، ضربة لازب، أن تقوم فيه حكومة واحدة، تقيم علائق الأمم على أساس القانون، كما تقيم حكومات الأمم – كل في داخليتها – علائق الأفراد على أساس القانون.. وذلك أمر مستطاع، بل هو أمر لا معدى عنه.. فإن المتتبع لتطور الحياة يعلم جيدا أن مسألة الوحدة العالمية هي نهاية المطاف المحتومة، في أوانها.. على كل حال، مسألة الوحدة مسألة زمن فقط |
و يمثل نموذج المنظمات الدولية ،تشجيعا لمسالة الحكومة العالمية،يقول في ذلك في "أسس دستور السودان":
Quote: .. وقد كانت عصبة الأمم، عقب الحرب العالمية الأولى، خطوة عملية في هذا الإتجاه.. وها هي هيئة الأمم الحاضرة خطوة أخرى.. ولا يزال، بيننا وبين الحكومة العالمية، خطوات، عديدات، واسعات. |
*كيفية قيام الحكومة العالمية والعلاقة بين المجتمع الصغير اي السودان والمجتمع الكبير اي العالم موحدا:
في هذا المقطع الطويل المقتبس من اسس دستور السودان ، يوضح غاية البعث الاسلامي ا لجديد ،وهي انجاب الفرد الحر،والعلاقة التي تربط بين السودان والعالم يقول في اسس دستور السودان:
Quote: هناك ثلاث مسائل هامة قدمناها في ديباجة دستورنا هذا: واحدة منها غاية واثنتان وسيلتان ، فأما الغاية فهي انجاب الفرد الحر حرية مطلقة ، وأما الوسيلتان فاحداهما المجتمع السوداني ، وثانيتهما المجتمع العالمي ولذلك فقد نظرنا الي المجتمع العالمي كانه وسيلة في المكان الثاني ، حين نظرنا الي مجتمعنا السوداني كانه وسيلة في المكان الأول ولقد اخترنا لتنظيم مجتمعنا الصغير النظام الاتحادي المركزي لأمرين أولهما وأهمهما أن هذا النظام يناسبنا من جميع الوجوه ، وثانيهما أن تنظيمه لمجتمعنا الصغير يتجه في نفس الاتجاه الذي بمواصلة السير فيه نصل الي تنظيم مجتمعنا الكبير – المجتمع العالمي – فانه مما لا ريب فيه أنه ، وقد توحد هذا الكوكب جغرافيا بفضل تقدم العلم المادي ، لن يحل فيه السلام الا اذا ما توحد اداريا ، وذلك بأن تقوم فيه حكومة عالمية علي نظام الاتحاد المركزي ، تقيم علائق الأمم فيه علي أساس القانون كما تقيم كل حكومة في الوقت الحاضر علائق الأفراد في داخليتها علي القانون ، وسيكون لهذه الحكومة العالمية المركزية دستور عالمي مركزي ، تقوم بمقتضاه هيئة تشريعية عالمية مركزية ، تسن من القوانين ما ينظم علائق الدول ببعضها البعض ، ويضعف من سلطان الحدود الجغرافية ، والحواجز الجمركية ، والسلطات المركزية لدي كل دولة ، كما تشرف علي دستورية قوانين الهيئات التشريعية المحلية ، حتي لا تجيء معارضة للدستور العالمي المركزي ، الذي ستقوم بمقتضاه أيضا هيئة تنفيذية عالمية مركزية وهيئة قضائية ، بكل ما يلزم من جيش وقوات أمن ومال ، وسنحاول الا تغيب عن ابصارنا ، أثناء تنظيمنا مجتمعنا الصغير صورة تنظيم مجتمعنا الكبير. وسنعمل للأثنين معا من الوهلة الأولي ، وقد يكون أكبر همنا موجها ، باديء ذي بدء ، الي تجويد الأنموذج الصغير ، بيد انا لن نتواني عن نصرة المظلومين والمستعبدين في أرجاء هذا الكوكب أثناء ذلك ، جهد طاقتنا ، ولا نعتبر أنفسنا بذلك منصرفين عن أصل قضيتنا. |
*1 ******* *عن السودان كمركز دائرة الوجود: كما قلنا في ان خطاب الاستاذ يمثل واحدا من الخطابات الرسالية الكبرى التي تتبنى تغيير العالم انطلاقا من السودان. و من ابرز ما قاله عن السودان ورد في رده على احمد لطفى السيد. يقول في رد له على الاستاذ أحمد لطفي السيد: أنا زعيم بأن الإسلام هو قبلة العالم منذ اليوم.. وأن القرآن هو قانونه.. وأن السودان، إذ يقدم ذلك القانون في صورته العملية، المحققة للتوفيق بين حاجة الجماعة إلى الأمن، وحاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب.. ولا يهولن أحدا هذا القول، لكون السودان جاهلا، خاملا، صغيرا، فإن عناية الله قد حفظت على أهله من أصايل الطبائع ما سيجعلهم نقطة التقاء أسباب الأرض، بأسباب السماء..
ويقول عن السودان والشرق في "السفر الأول": و يعتقد الحزب الجمهوري أن الشرق ، عامة ، و السودان ، خاصة ، يمكنهما أن يضيفا عنصراً إلى المدنية الغربية هي في أمس الحاجة إليه ، و ذلك هو العنصر الروحي . هذا هو إيمان الحزب الجمهوري بالشرق ، و بالسودان ، و ذلك هو رايه في المدنية الغربية ويقول ايضا عن "الفحولة العربية " والتكوين الشرقي " كمرشد للبعث الاسلامي الجديد.
يقول في السفر الأول: نحن اليوم بسبيل حركة وطنية تسير بالبلاد ، في شحوب أصيل حياة العالم ، هذه المدبرة ، إلى فجر حياة جديد ، على هدى من الدين الإسلامي ، و برشد من الفحولة العربية ، و بسبب من التكوين الشرقي. و عن علاقة الجمهوريين بالسودان يقول السفر الاول: لقد كان السودان و لا يزال ، هو شغل الجمهوريين الشاغل ، و كانت ثقتهم ، و لا تزال ، في أصالته لا تحدها حدود ، و كانوا ، و لا يزالون ، يبوئونه دور الريادة بين كافة بلاد العالم .. فقد قال الأستاذ محمود محمد طه في السفر الأول "ويؤمن الحزب الجمهوري إيماناً لا حد له بالسودان ويعتقد أنه سيصبح من الروافد التي تضيف إلى ذخر الإنسانية ألواناً شهية من غذاء الروح ، و غذاء الفكر ، إذا آمن به أبناؤه فلم يضيعوا خصائصه الأصيلة ، و مقوماته بالإهطاع نحو الغرب ، و نحو المدنية الغربية ، في غير روية و لا تفكير" . هذا هو رأي الجمهوريين في السودان منذ ذلك التاريخ .. و السودان ، عند الأخوان الجمهوريين ، هو الأرض التي سيقوم عليها أنموذج المجتمع الإنساني الذي سوف يتسع ليضم سائر بقاع الأرض ، و ذلك بظهور الإسلام على الدين كله ، يوم تشرق الأرض بنور ربها ..
والاستاذ يرى ان مشكلة السودان هي مشكلة قيادة .قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار:
Quote: الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام |
ومن الواضح ان البعث الاسلامي يبدا من المجمتع الصغير اي الفكرة الجمهورية ثم المجتمع الصغير الآخر اي السودان،وبعد ذلك ينتقل الى المجتمع الكبير اي المجتمع العالمي او الكوكبي. ولذلك فان هنالك علاقة مترابطة بين تلك المجتمعات. يتحدث الاستاذ في محاضرته في بورتسودان عن علاقة السودان بالمجتمع العالمي :
Quote: نحن دعاة تغيير.. نحن دعاة ثورة فكرية، وثورة اجتماعية، تحدث عن طريق الإسلام.. نحن دعاة بعث – بعث للأمة السودانية، وللأمم الإسلامية، وللأمم العالمية، إن شاء الله، على هدى الإسلام – الإسلام دين الفطرة |
يقول في مذكرة تفسيرية في "أسس دستور السودان" عن التراتب في ذلك البعث على المستوى الكرونولوجي ،فهو يبدا بالحزب الجمهوري ثم ينتقل الى السودان ،وبعد ذلك الى الانسانية كلها:
Quote: .. وسيبدأ الحزب الجمهوري بتنظيم منزله ، ومنزل الحزب الجمهوري السودان بكامل حدوده القائمة الي عام 1934 ذلك بأن هذه المدنية الجديدة لا بد لها أن تطبق داخل السودان قبل أن تسترعي إنتباه الإنسانية اللاغبة الضاربة في التيه |
ان دلالة المجتمع الصغير تتعلق بالحزب الجمهوري والسودان.اما المجتمع الكبير فهو يرمز اضافة الى المجتمع العالمي،يرمز الى المجتمع السوداني.يقول في الباب الثاني في "أسس دستور السودان":
Quote: فالحزب الآن يطبق الآن دستوره في مجتمعه الصغير- الأعضاء- وهو سيطبق دستوره "أسس دستور السودان" في مجتمعه الكبير – الشعب السوداني- حين يملك سلطة التطبيق ، علي هذا المستوي. |
والاستاذ يرى ان الاتحاد المركزي يبدا من المجتمع الصغير اي السوداني ،ثم يطبق نفس الاسس على المجتمع الكبير اي العالم.يقول حول ضروة الاتحاد المركزي لبلد بدائي مثل السودان يقول في الفصل الاول من "أسس دستور السودان":
Quote: ولما كان السودان قطرا شاسعا وبدائيا فان ادارته من مركزية واحدة غير ميسورة |
و يقول في خاتمة "أسس دستور السودان" في اشارة الى تطبيق الاتحاد المركزي بدء من السودان ،ثم انتقاله الى العالم كله:
Quote: واما الاتحاد المركزى فانه ، زيادة على انه تنظيم لمجتمعنا الصغير – السودان – على نفس الاسس التى يمكن ان يقوم عليها تنظيم مجتمعنا الكبير – العالم – وهو مادعونا اليه فى ديباجة دستورنا ، يناسبنا من حيث حاجاتنا الحاضرة كل المناسبة ، وذلك لانه يوفق بين مزايا الوحدة الوطنية المنشودة |
و في حديث عن الدستور والقانون في "أسس دستور السودان"،يتحدث في اشارة الى الحدود والقصاص والتي ستطبق على المستوى الكوكبي اي العالمي،عن العلاقة بين المتجمع الصغير والكبير :
Quote: يتضح من هذا اننا نتمسك بالتوحيد ، ونستقي منه تشريعنا الفرعي بالقياس علي تشريعي الحدود والقصاص ، حتي يجيء منسقا في اتجاه موحد لحاجة الفرد وحاجة الجماعة ، ونستقي منه تشريعنا الاساسي ((الدستور)) بتمثل روح القرآن – لا اله الا الله - ، حتي يجيء منسقا في اتجاه موحد لحاجة الحكومة المركزية ، وحاجة أعضاء الاتحاد المركزي في مجتمعنا: المجتمع الصغير – السودان – والمجتمع الكبير – الكوكب الأرضي |
وعن تلك العلاقة الوثيقة بين المجتمع الصغير والمجتمع الكبير يقول الاستاذ:في اسس دستور السودان ،يقول عن العلاقة بين دستور السودان ودستور الحزب الجمهوري:
Quote: و نحن إنما نشرنا دستور الحزب الجمهوري ضمن "أسس دستور السودان" لأن الإختلاف بين الدستورين إنما هو إختلاف مقدار .. فالحزب الآن يطبق الآن دستوره في مجتمعه الصغير- الأعضاء- وهو سيطبق دستوره "أسس دستور السودان" في مجتمعه الكبير – الشعب السوداني- حين يملك سلطة التطبيق ، علي هذا المستوي. |
وفي اسس دستور السودان يقول :
Quote: واما الاتحاد المركزى فانه ، زيادة على انه تنظيم لمجتمعنا الصغير – السودان – على نفس الاسس التى يمكن ان يقوم عليها تنظيم مجتمعنا الكبير – العالم – وهو مادعونا اليه فى ديباجة دستورنا ، يناسبنا من حيث حاجاتنا الحاضرة كل المناسبة ، |
ويقول في اهدائه ل"أسس دستور السودان" ‘عن السودان كأنموذج لحكومة القانون العالمية:
Quote: الي الشعب السوداني الكريم هذا دستور ((الكتاب)) .. نقدمه اليك ، لتقيم عليه حكومة القانون ، فتخلق بذلك الأنموذج الذي علي هداه تقيم الإنسانية ، علي هذا الكوكب ، حكومة القانون .. فإنها الا تقم لا يحل في الأرض السلام ، وليس من السلام بد |
ويقول عن الاذاعة الصامتة في ربط بين الاسلام و السودان و الانسانية:
Quote: إن إذاعتنا في هذه الأزمة الحاضرة ظلت صامتة لم تزد ساعات عملها عما كانت عليه و لم تنوع موضوعاتها و لم تستكتب الكتاب الذين لا يحملون ولاء لغير الله تعالي ثم السودان و الإنسانية |
ثم يقول في مقدمة " قل هذه سبيلي" عن السودان كنموذج:
Quote: هذا الكتاب "قل هذه سبيلي" يعطي نموذج هذه المدنية في تطبيقها في داخل منزلنا السودان وبالتمادي في هذا النموذج يأتي التطبيق في العالم أجمع. |
ويقول في "السفر الاول " عن ايمان الجمهوريين بالشعب السوداني:
Quote: و يؤمن الحزب الجمهوري ، إيماناً لا حد له ، بالسودان .. و يعتقد أنه سيصبح من الروافد التي تضيف إلى ذخر الإنسانية ألواناً شهية من غذاء الروح ، و غذاء الفكر ، إذا آمن به أبناؤه ، فلم يضيعوا خصائصه الأصيلة ، و مقوماته ، بالإهطاع نحو الغرب ، و نحو المدنية الغربية ، في غير روية ، و لا تفكير |
* عن الخرطوم: يقول في رسالة الصلاة في اشارة يمكن تأويلها بانها تشي بحديث مستبطن عن أنها أي مدينة الخرطوم،هي موطن الانسان الكامل ، و الله أعلم:
Quote: ولما كانت القلوب، في سويداواتها، قد جعلها الله حرما آمنا فإن منطقة الكبت لا تقع فيها، وإنما تقع في ، في ((المقرن)) في ((البرزخ)) الذي يقوم عند مجمع بحري العقل الواعي، والعقل الباطن.. قال تعالى في ذلك، ((مرج البحرين بينهما برزخ لا يبغيانيلتقيان )).. وهذا ((الخرطوم)) هو موطن الانسان في الانسان - هو موطن الانسان الكامل، في الانسان الذي هو مشروعه المستمر التكوين- وكما أن طريق التكوين، والتطوير، لولبي، فكذلك الكبت فإنه لولبي.. هو لولب يدور حول مركز.. |
من كل ذلك نخلص الى ان المخطط النظري للاستاذ حول تلقيح الحضارة الغربية، يعتمد على كثيرا على الايمان ،و التعويل على الشعب السوداني ،لا لسبب سوى انه أكثر من غيره يملك اسباب الرشد والانابة،و للاسف لا يذكر الاستاذ اسبابا تجعل من الشعب السوداني ممتلكا لخصائص لا تملكها الشعوب الاخرى،ربما ان الامر مرتبط بصاحب الرسالة الثانية كونه من السودان . كما نلاحظ ان خطاب الاستاذ هو خطاب اسلامي بنكهة عروبية شرقية اسلامية. ونلاحظ غياب البعد الافريقي في خطابه . فبالرغم من اعتزاز الخطاب الجمهوري بالسودان ،لكنه حتى في حديثه عن مشكلة الجنوب لا يتطرق الى الديانات والثقافات الافريقية في الجنوب،دعك عن بقية الثقافات السودانية غير المسلمة. و كذلك نلاحظ ان الاستاذ لا يعرف مفهوم الاخلاق ،ومن ثم ينطلق الى الاشارة الى الاخلاق التي انعدمت في الحضارة الغربية.وغياب الاخلاق يتحدث عنه الاستاذ تحت مظلة غياب الروح. ومن الواضح –ايضا ان الاستاذ يعول كثيرا على "القيم" في مخططه النظري لتلقيح الحضارة الغربية،بالرغم من اشارته الى أهمية العلم التجريبي، .يقول في ذلك إن طريق السودان إلى "التنمية الإجتماعية" ليس طريق الحضارة الغربية ـ ليس طريق العلم التجريبي وحده .. فإن هذا طريق مقفول ، لأنه أهمل القيمة ـ أهمل الأخلاق ـ ونحن السودانين ، بفضل الله ، ثم بفضل كوننا مسلمين ، وورثة المصحف الكريم ، نستطيع أن نقدم النهج الجديد ، الذي ، بما يملك من القيمة ، يستطيع أن يجعل الإنسان سيد الآلة ، وموجهها ، بدلاً من خادمها ، وتابعها ، كما هي الحالة في الحضارة الغربية اليوم ..
خطاب الاستاذ حول التعويل على السودان ،يمثل رؤية مضادة للهامشية التي جعلت كثيرين يصفون السودان برجل افريقيا المريض. كما ان التعويل على السودان كبلد هامشي ،مرتبط ايضا بالمرارات التي عايشها الاستاذ في تعامل السودانيين مع خطابه،وكذلك مرتبط بما ساد في الخمسينيات من القرن الماضي من كلام عن عودة المسيح كما راينا ذلك في لقاء ابن البان مع الاستاذ. ويبدو ان ذلك الحديث الجاري حول عودة وظهور المسيح في السودان،هو الذي اوحى للاستاذ بالكلام عن السودان كمركز للوجود.وقد تطور ذلك في كتابه الام الاول الاسلام ،ثم اكتمل في كتابه الام الثاني "الرسالة الثانية من الاسلام "وهو ما يمثل اقصى نضج الفكرة الجمهورية في توجهها السوداني لقيادة العالم. المشاء ------------------------------------------------------- *1احيانا يسمى الاستاذ المجتمع العالمي بالمجتمع الكوكبي: يقول في محاضرة بعنوان: الدين و التنمية: المجتمع الكوكبي كله في سلام مع بعض، *نلاحظ ايضا ان المخطط النظري يقوم على فكرة ان السودان اشتراكي ديمقراطي،وهو فكرة تستنبط ما يروج له الخطاب الاسلامي المعاصر عن وسطية الاسلام،فهو الآن وسيط بين المعسكر الاشتراكي والمعسكر الراسمالي في زمن الاستاذ.كما نلاحظ ان الاستاذ لم يتطرق الى الديمقراطية الاشتراكية في الدول الاسكندنافية ،كوسطية بين الشرق والغرب في ذلك الزمان.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الصديق : الكاتب أسامة الخواض :
أين كان يختبئ الشاعر من الناقد الباحث فيكَ ؟ لقد أغرقتنا في بحرك ونحن في كامل هندامنا . يحق لنا أن نسأل : أين أسفارك وكيف تقتنيها ؟
إنها تحتاج حفاوة أن أسرناكَ في الغدو والرواح ، وأنت تكتنـز كل تلك الرؤى . كان الرصد طيباً لخطاب الأستاذ .
لك الشكر الجزيل .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
التلقي عن القرآن الكريم (7)
نرفق نصوص انجليزية تبين بعض من ملامح ما تحدثنا عنه في التلقي عن القرآن الكريم (6)
A quotation from : The Science of Yogic Meditation , by Yogacharya Shantikumar Bhatt ,1982 D.B. Taraporevala Sons & co. Pvt. Ltd
The practice of Japa is as old as mankind. It is practiced by the primitive tribes in a crude from. There would hardly be any religion which doesn't expect the followers to practice Japa. The Holy Bible refers to Japa as follows: 'O Lord, Our Lord, how excellent is thy name in all the earth! Psalm – 8. 'I will bless the Lord at all times his praise shall continually be in my mouth ' Psalm – 34. . I will praise three for ever because thou hast done it; and I will wait on thy name for it is good before thy saints.' Psalm-52 The power of Mantra is acknowledged in Zoroastrianism. Ahura Vairya is their very ancient Mantra. It is said that Asho Zarathushtra, the founder of this faith, had saved himself against many evils with the help of this Mantra. Ahura Vairya appears to be a prayer but in reality it is a Mantra as stated in the book 'Comparative and Critical Study of Mantra Shastra,' Ahura Mazda is the name of God in Zoroastrianism and the followers of this religion recite His 101 named daily. Islam also recognizes the value of the practice of Japa, The Holy Koran says: 'O faithfuls, remember God. Praise Him every evening and morning. His names are very sweet. Recite his names in a low tone. 'Islam has developed its' own science of Mantra. They have Mantras to win cases in the courts, AZIZ, YA LATIF is a Mantra to be recited twelve thousand times every morning and evening in a holy atmosphere sanctified by the burning of incense in order to fulfill all desires> In Tibet the Vajrayana branch of Buddhism had developed the science of Mantra. The tradition of Mantras in Jainism is as old as the Tirthankar Parsh-wanath. The practice of Japa is suggested in all the four Vedas. 'O Lord Vishnu, knowing thy holy name we recite thy name.' Rigveda 1-156-3.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي الشقليني قلت:
Quote: الصديق : الكاتب أسامة الخواض : أين كان يختبئ الشاعر من الناقد الباحث فيكَ ؟ لقد أغرقتنا في بحرك ونحن في كامل هندامنا . يحق لنا أن نسأل : أين أسفارك وكيف تقتنيها ؟ إنها تحتاج حفاوة أن أسرناكَ في الغدو والرواح ، وأنت تكتنـز كل تلك الرؤى . كان الرصد طيباً لخطاب الأستاذ . لك الشكر الجزيل . |
عزيزي شكرا لكلامك واسئلتك المبدعة. اكتب النقد بمزاجي الخاص ،لانني لست ناقدا متفرغا. فالنقد يحتاج الى تفرغ. لانني احب الاستاذ ،احاول ان اكتب عنه ،بقدر ما اقدر. كون رصدي للاستاذ كان طيبا ،فهذه شهادة اعتز بها. وفي معيتي الكثير لاقول به عن الاستاذ نفعنا الله بجمال كتابته ، وسيرته العطرة،و شجاعته الفائقة. محبتي لك ولمحبي الاستاذ. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
أوفيت أيها الصديق الكاتب : أسامة الأستاذ صاحب الرؤية حقه وأعطيتنا فوق ما نستحق .
نأمل جميعاً أن نُسهم بالقدر الذي نرجوه إضاءة لكل صاحب رؤية . ونرجو جميعاً أن نكون قد أفسحنا نسمة ود بين بعضنا ليكون الحصاد أوفر وأغنى .
الشكر موصول لك ، فأنت المُبادر بالدراسة ، وأنت من دعوتنا إليها برفق .
نعلم جميعاً أن الكثير من الأحباء يتابعون ، ونأمل أن نكون كما يودون وأكثر .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأستاذ عبد الله المحترم لك تحياتى واحترامى اشتركت حديثا فى الموقع ورايت هذا البوست وتجنبته فى أول وثانى وثالث مرة مساء اليوم تجاسرت ودلفت الى منبركم المهيب وشاهدت الكليب الخاص بالاستاذ محمود وتلاميذه فى الثورة أمام بيت الأستاذ فغلبتنى دموعى وبكيت وبكيت وما زالت دموعى تغالبنى ! أنا لم أقابل الأستاذ محمود ولكنى قابلت بعض تلاميذه وقرأت كتبه فانبهرت ! و قلت للبعض من أهلى وأصدقائى أن كتاب الرسالة الثانية كان بمثابة زلزال فى حياتى ! اه اه أعذرنى يا أخى الكريم فالدموع تغالبنى ولا أستطيع اكمال مقالتى ! سأمر عليكم غدا أو ربما بعد غد لكم كل الحب والتقدير محبكم حسين عبد الحليم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Hussain Ghaffar)
|
الحبيب حسين جعفر
أهلاً بكَ بيننا ، تقرأ وإن تشاء يكتب عن سيد له رؤية ، وهو على درجة عالية من اللطف ، تسوقه المحبة أينما تطلع . فالذكر يُحسِن القَبول ويفتح القلوب . لقد سرقوا روح الراحل قبل أن يمتد إنجازه الذي نحن بصدر دراسته . تقبل شكرنا الجزيل بوجودك بيننا . أي دمع هو زاد المُقلْ .. فملح المآقي يُغسلها .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي الشقليني شكرا لانك قد جلبتنا الى هنا في مقام خطاب الاستاذ بعد غياب الاستاذ ياسر الشريف، لم يعد هنالك من مناقش، والاسافير اصلا خلقت للنقاش. لا ادرى مدى صحة ما ساقول به. ففي غياب النقاش ، تصبح مساهماتنا،ملقاة في الهواء ، والهواء الطلق. في غياب النقاش ، لا ادري ما جدوى ما نكتبه هنا؟ افكر كثيرا في هذا الامر. محبتي لك المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
تحية للكاتب الصديق : أسامة الخواض
تعلم أنتَ أيها الكاتب أن ما تكتُب هو مُعلقٌ في الهواء ، كفراشة وقفت أجنحتها في سكون الفضاء وهي تُطل على زهرة فواحة بالعطر ، تُغري بالرحيق في مستودع الإكثار . صورتها مُعلقة ينظُرها الذين يقرءون ، وأنت تعلم كم من مُحبي الأستاذ وكم من ورثة منهجه يُطلون كل يوم ، وليس الحوار ميسور لكل من لديه مفتاح للوصال هُنا . على جنبات الكون من يقرأ ، ومن يقرأ ، ومن يغتني ومن يحاور نفسه . ألست مع القائل قبل استشهاده : أسهمت بالوعي .
كان حوارك باهراً ، وفراشك مُعلقٌ ينظر من يُحب ألوانه وتُفتتَن الأنظار والأبصار والبصائر ... لا تقلق ... لك الشكر الجزيل أن كنتُ دوماً رفيقاً للفِكَر أنا هبت نسائمه ، وأذكر أنك سألتني عن تمثال المعشوق .. لم أغفل أنا السؤال ، وسوف آتيك حين الفراغ ، فأنت الشاعر بمخزونك الذي يرتقي .. ولا تصلُح معه العجلة .
تقبل محبتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي الشقليني في انتظار حديثك عن تمثال المعشوق. فهمت "رسالتك" الطيبة. ربما كان حديثي منصبا على صديقنا ياسر الشريف، الذي اغنى الحوار وكثيرا . سأعود غدا كان الله هون بحديث عن الرسالتين ، وما قلت به عن التلقي من القرآن. ارجو ان اوفق في العودة. كن طيبا ومبدعا. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Yasir Elsharif)
|
مرحبا بعودة الصديق ياسر وحتى عودتي للحديث عن رسول الرسالتين كما ورد في خطاب الاستاذ، ابسط هنا مقدمة للفصل الاول من كتاب سيصدر ،حسب صفحة البروفسيور عبد الله احمد النعيم، سيصدر في عام 2008. والنعيم مؤلف الكتاب هو من الجمهوريين المعروفين بمحاولته الاسهام في دفع الخطاب الجمهوري . الفصل الأول توطئة البحث حول مستقبل الشريعة الإسلامية
تقوم الأطروحة المقدمة في هذا الكتاب على اعتقادي بأن للشريعة الاسلامية مستقبلا عظيما في حياة جميع المسلمين في كل مكان، ومن هذا المنطلق يعالج هذا الكتاب مسألة دور الشريعة الإسلامية في حاضر ومستقبل المجتمعات الإسلامية، وليس في ماضيها، وإن كان النظر التاريخي ضروري لمنهج البحث وتدعيم الأطروحة التي أقدمها في هذا الكتاب. والبحث في مستقبل الشريعة الإسلامية يشمل مسائل المحتوى الموضوعي للأحكام الشرعية كما يشمل كذلك الاطار العام والمؤسسات أو الوسائل المتعلقة بالتطبيق العملي لتلك الأحكام. ويركز هذا الكتاب على الجانب الثاني من هذه المعادلة ولا يتعرض لمسائل المحتوى الموضوعي لأحكام الشريعة الإسلامية إلا بتأكيد ضرورة الإصلاح والتجديد في فهم المسلمين لتلك الأحكام وتأييد المنهج التنويري الذي قدمه الأستاذ محمود محمد طه. وليس عندى في هذا المجال أكثر من إحالة القارئ لمؤلفات الأستاذ محمود محمد طه وبخاصة كتابه "الرسالة الثانية من الإسلام" الذي صدرت طبعته الأولى في السودان عام 1967م. يمكن الإطلاع على هذا الكتاب وباقي مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه من الموقع: www.alfikra.org وجوهر الأطروحة التي أقدمها في هذا الكتاب في أمر الاطار العام والممارسة العملية هو التأكيد على أن مستقبل الشريعة الإسلامية إنما يكون في إلتزام المسلمين بأحكامها بصورة طوعية بعيداً عن أجهزة ومؤسسات الدولة التي تفَسد وتُفسد إذا حاولت فرض أحكام الشريعة الإسلامية بالسلطة الجبرية. فبحكم طبيعة وأغراض الشريعة الإسلامية، فلا يصح العمل بأحكامها إلا في حرية كاملة وقصد خالص وهو "النيه" في كل عمل ديني، وينطبق هذا على ما يسمى بأحكام المعاملات مثل تحريم الربا وشروط البيع كما يقوم في أمر العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج، فكل أحكام الشريعة الإسلامية ملزمة للمسلم دينياً بمعزل عن سلطة الدولة الجبرية. ومن هذا المنظور الديني لا يجوز للدولة أن تدعي قداسة الإسلام وسلطته الروحية. فللدولة وظائفها وأغراضها المعلومة والهامة، كما سيكون البيان فيما بعد، إلا أن ذلك يتعلق بكونها مؤسسة سياسية مدنية ولا يصح أن ينسب لها الإعتقاد الديني أو النيه اللازمة لصحة العمل الديني. كذلك من المعلوم أن سلوك القائمين على مؤسسات وأجهزة الدولة تتأثر بمعتقداتهم الدينية الخاصة، إلا أن ذلك لا يجعل الدولة نفسها إسلامية، وإنما يؤكد ضرورة تمييزها عن الإسلام لأن سلوك الحاكم إنما يعبر عن فهمه هو للأحكام الشرعية وهو مجال أختلاف واسع ومتشعب بين المسلمين على مدى التاريخ. فالإسلام هو عقيدة المسلم التي يحاسب عليها حسب صحة علمه وعمله، بينما الدولة تقتضي استمرارية العمل المؤسسي في الحكم والإدارة والقضاء وما إلى ذلك من وظائف عامة. وغايتي من تقديم وتدعيم هذه الأطروحة هو تأكيد التميز بين الإسلام ومؤسسات الدولة حتى تخدم أحكام الشريعة الإسلامية أغراضها الأساسية في توعية وإصلاح المسلمين ومجتمعاتهم. ويمكن وصف هذه الأطروحة بعبارة "حياد الدولة تجاه الدين" بحيث لا تحابي ولا تعادي أجهزة الدولة أي مفهوم أو معتقد ديني وإنما تعتمد مرجعية مبادئ المواطنة والحكم الدستوري في السياسات والقوانين العامة. والغرض من هذا الحياد هو ضمان الحرية والمسئولية الفردية الدينية في إطار المجتمع، وليس الفصل بين الإسلام والسياسة. إلا أن هذا التمييز لا يتحقق في الممارسة العملية إلا بضبط وتنظيم العلاقة بين الإسلام والسياسة وفق مقتضيات الحكم الدستوري كما سيرد البيان فيما بعد. وهذه الموازنة بين التمييز والضبط تمكن من اعتبار أحكام الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع والسياسة العامة شريطة ألا يكون ذلك إلا وفقاً للضوابط الدستورية. إن هذا الإيجاز في وصف معالم الأطروحة لا يغفل صعوبة تحقيق جميع أركانها ومؤسساتها، وإنما يهدف إلى إقرار المبدأ العام ريثما يأتي المزيد من البيان لجوانب النظرية والتطبيق في هذه المقدمة بصورة عامة ثم باسهاب أكثر في باقي فصول هذا الكتاب. الدولةُ نسيجٌ متشابكٌ من السلطات، والمؤسسات، والعمليات، التي ينبغي قيامُها على تطبيق السياسات المتَّفقِ عليها من خلال الممارسة السياسية لكل مجتمع. لذلك ينبغي على الدولة أن تُمثِّل الجانبَ الأكثر استقراراً وتروياً في عملية الحكم، بينما تُشكِّل السياسةُ العمليةَ التفاعلية في إقرار السياسات العامة. ولتحقيق هذه المهمة، وغيرِها من الوظائف، يصبح لزاماً على الدولة احتكار استخدام العنف: أي القدرة على فرض إرادتها على غالب السكان، كما يمتنع حق استخدام العنف على أولئك الخاضعين لسلطانها. تلك القوةُ الجبرية للدولة، والتي بلغ مداها وتأثيرُها الآن مدى لم تصلْه أبداً طيلة التاريخ الانسانيِّ، سوف تأتي بنتائج عكسية إن استُخدِمَت بشكلٍ اعتباطيٍّ، أو لأهدافٍ فاسدةٍ أو غير مشروعة. لهذا من الضروري المحافظةُ على حيادِ الدولة، بقدر الامكان، وهو حيادٌ يستدعي اليقظةَ المستمرةَ والعمل من خلالِ عدد من الاستراتيجيات والآليات السياسية، والتشريعية، والتعليمية، وغيرها. كما يتطلب حياد الدولة التمييز بين الدولةِ والسياسة تفاعلاً مستمراً بين أدواتِ الدولة ومؤسساتها من ناحية، وبين القوى الاجتماعية والسياسية، من ناحيةٍ أخرى. يَنبَني هذا التمييز أيضاً على إدراكٍ دقيق لمخاطر سوءِ استخدامِ، أو فسادِ، تلك القوةِ الجبرية، والضرورية، للدولة. ومن المهم التأكيدُ على حقيقةِ أن الدولةَ ليست مجردَ انعكاسٍ مباشر للمواقف والتوازنات السياسية اليومية، إذ أنه من الضروريِّ أن تكونَ قادرةً على التوسُّطِ بين الرؤى والأطروحاتِ السياسية المتنافسة، وفض المنازعات بينها، وهو ما يؤكدُ ثانيةً على ضرورة احتفاظِها باستقلالٍ نسبيٍّ، عن قوى المجتمع المختلفة. وحيثُ أن الاستقلالَ التام ليس ممكناً هو الآخر، فالدولةُ لا يمكنُها أن تنفصِلَ عن القادة السياسيِّين الذين يهيمنون على أجهزتها، فإنه يصبح من المهمِّ أحياناً أن نتذكر طبيعتَها السياسية. إلا أن هذه الطبيعة السياسية للدولة هي مدعاة لمواصلة السعي والجهد لضمان فصلِ الدولة عن السياسة، حتى يغدوَ ممكناً لأولئك المبعدين عن السلطة في زمنٍ ما، أن يجدوا في أدوات الدولة ومؤسساتها، ملجئاً يحتمُون به، من سوء استخدام موظفيها لسلطاتهم. هذه الحاجةُ تتضحُ من تجارب هيمنةِ الحزب الواحد على الدولة، من ألمانيا النازيَّة والاتحاد السوفييتي إلى العديد من الدول الافريقيَّة والعربيَّة، طيلةَ العقودِ الأخيرة في القرنِ العشرين. وسواءً كانت القوميَّةَ العربيةَ بمصرَ، من خلال النظام الناصريِّ، أو كانت عقيدةَ البعثِ، تحت حُكم حافظ الأسد بسوريا، أو صدَّام حُسيْن بالعراق، فإن الدولة صارت وسيلةً مباشرةً للحزب الذي أصبح ذراعَها السياسي. في تلك الظروف أمسى المواطنون بين شقيّ رُحَى، إحداهُما الحزب وأُخراهما الدولة، دون أملٍ في خلاصٍ إداريٍّ أو تشريعيٍّ من قهرِ الدولة، أو إمكانيَّةٍ لمعارضةٍ سياسيةٍ خارجَ نطاقِ سلطانِها. وهكذا فإن الفشلُ في التمييز بين الدولة والسياسة يدعو إلى تقويض دعائم السَّلام، والاستقرار، والتنمية الصِّحيَّة، للمجتمع بأسرِه. ذلك لأن المواطنين الذين فقدوا معونةَ الدولةِ وحمايتَها، أو مُنِعُوا من المشاركةِ السِّياسيَّة الفعَّالة، أما لجأوا للانسحاب والتقَوْقُع، أو الرُكون إلى أساليب المقاومةِ العنيفة، لفُقدانِهم ما سواها. السؤالُ يجب أن يكونَ إذن عن كيفية المحافظةِ على الفصل بين الدولةِ والسياسة ، بدلاً من تجاهلِ التوترِ بينهما عسى أن تُحَلَّ المسألةُ من تلقاءِ نفسِها. هذا التمييزُ الضروريُّ، رغم صعوبته، يُمكن معالجته من خلال مباديء وآليات الحكم الدُستوري، وحِماية حُقوق الانسان بشكلٍ متساوٍ بين كلِّ المواطنين. لكنْ، كما سأبيِّنُ في الفصل الثالث، لا يُمكن لهذه المؤسسات والمباديء أن تنجحَ دون المشاركةِ الشاملة، والفعالة، لكلِّ المواطنِين، وهو ما لا يمكن أن يكون ما داموا يعتقدون بعدم توافُقِها مع المعتقدات الدينية، والمعايير الثقافية، التي تشكِّلُ سلوكَهم السياسيِّ. تفترضُ مباديءُ السيادةِ الشعبيَّةِ، والحكمِ الديمقراطيِّ، أن المواطنين متحفزون للمشاركة في كل جوانب الحكم والحياة العامة، بما فيها الفعالياتِ السياسيةِ المنظمة، لاخضاع الحكومة للمحاسبة، وبالتالي مستجيبةً لمطالب عموم المواطنين. وهذا التحفيز والعزم، المتأثران جزئياً بالمعتقدات الدينية، والظروف الثقافيَّة، للمواطنين والدولة، يجب أن يُؤسَّسَا على تقديرٍ والتزامٍ بالدستوريَّة وحقوقِ الانسان. وسأوضِّح لاحقاً في هذا الفصلِ هذا المنهج للتغيير الاجتماعيِّ. هذا الكتابُ هو محاولةٌ لدعمِ وتوضيح الاستيعاب الضروري، مع صعوبته، لتناقض الفصلِ المؤسسيِّ بين الاسلامِ والدولة، رغم الصلة اللاّزمة والدائمة بين الاسلام والسياسة، في المجتمعات الاسلامية الحاضِرة. وهذا التركيز على المجتمعات الاسلامية لا يعني أن القضايا التي أُناقشها هنا تَخُصُّ الاسلامَ والمسلمين وحدَهم. وعندي أن فكرة الدولة الإسلامية من حيث هي مرفوضة من مرجعية المنظور الديني الإسلامي، وليس فقط لفشل المحاولات المختلفة في إقامة هذه الدولة الوهمية عبر التاريخ كما سأفصل في الفصل الثاني. وخلاصة الحجة هنا أن هذا النموذج لا يستقيم عقلاً ولا يصح ديناً بحكم الخلل في جوهر الفكرة وليس فقط في عيوب الممارسة. أمَّا الوهمُ الخطير الآخر الذي أرفضه أيضاً، فهو فكرةُ إقصاءِ الاسلام بعيداً عن الحياةِ العامَّة، لمجتمعِ المسلمين. وبشرحٍ مختصرٍ، أُفصِّله لاحقاً، فإن الاختلاف الواسعَ بين آراءِ العلماء والمذاهب، يجعلُ لزاماً على الدولة عمليًّا أن تختار بين آراءٍ تتنافسُ في رؤاها، وتتساوى في شرعيتِها. فضلاً عن ذلك، لا تُوجد معاييرٌ أو آلياتٌ متَّفَقٌ عليها للتحكيم بين تلك الرؤى، المنتميةِ لمذاهبٍ شتَّى، لذلك فإن الدولة دائماً مؤسسة مدنية ولا يمكن أن تكون دينية وعليه فإنه لا يجوز للدولة أن تحرم المسلم من اتباع الرأي الشرعي الذي يراه، ولكن لها أن تسّن القانون والسياسة العامة على أساس مدني وسياسي وليس ديني. ثانياً، مهما كانت الآليات والمعايير التي تفرضُها أجهزةُ الدولة، لتحديد التشريع والسياسة الرسميَّيْن، فإنها ستستنِدُ حتماً إلى التقديرِ البشريِّ لمن يُهيمِنُ على تلك الأجهزة. بعبارةٍ أخرى، فإن أيًّا مما تفرِضُه الدولةُ باسم الشريعةِ هو بالضرورة مدنيٌّ، ونتاج للإرادة السياسية الجبريَّة، وليس المرجعية الاسلامية العليا، حتى وإن كان ممكناً الاتفاق عليها بين المسلمين. فالخلاص الكامل من وهمٍ إمكانية الدولة الإسلامية ضروري، كي يتمكن المسلمون، وسواهم من المواطنين، من الحياة وفقاً لمعتقداتهم، دينيةً كانت أو غير دينية. والحقيقةُ هي أن مسألة الدولة الاسلامية ما هي إلا فكرةٌ وافده مع الحكم الاستعماري الأوربي للبلاد الإسلامية ما بعد استعمارية، ترتكن إلى نموذجٍ أوروبيٍّ للدولة، ورؤيةٍ شموليَّةٍ للقانون والسياسة العامة، كأدواتٍ للتشكيل الاجتماعيِّ، في يدِ النخبة الحاكمة. ورغم أن الدولَ التي حكمت تاريخياً بلاد المسلمين كانت تلتمس دوماً شرعيةً إسلاميةً، إلا أنها لم تزعم أبداً كونَها "دولةً إسلاميةً". أما أنصار ما يُسمَّى بالدولة الاسلامية في العصر الحديث، فإنهم يبغون استغلال مؤسسات الدولة، وقوتِها، مما أسَّسَه الاستعمارُ الأوروبيُّ، واستمر بعد الاستقلال، لينظموا بالقوة الجبريةِ السلوكَ الفرديَّ، والعلاقات الاجتماعية، بالكيفية التي تنتقيَها الصفوةُ الحاكمة. وإنه لمن الخطورة بمكانٍ أن تتقدم هذه المبادرات الشمولية باسم الاسلام، لأنه يصبح من الأصعب مقاومتُها عما إذا كانت تمثل رؤيةً لدولةٍ مدنيةٍ، لا تدعي شرعيةً دينيةً لشموليتها. في نفس الوقت، نجد أن فصل أي دين عن الدولة هو أمرٌ عسيرٌ كذلك، لأنه على الدولة ذاتها أن تنظم دور الدين، كي تحافظ على حيادها الديني، مما هو ضروريٌّ للقيام بدورها كوسيطٍ محايد، بين قوىً سياسيةٍ واجتماعية متنافسة، كما بينا سابقاً. السببُ الآخر للإصرار على حِياد الدولة تجاه الدين هو أن ذلك شرطٌ ضروريٌّ للإذعان المسلمين لأحكام الشريعة الاسلامية، وتطبيقها كالتزامٍ دينيٍّ. مِثل هذا الإذعان يجب أن يكون إرادياً تماماً، فهو مبنيٌّ على نيَّةٍ، ينفِيها الارغامُ الجبريُّ للدولة فإذا أراد المسلمون اقتراحَ سياسةٍ أو تشريعٍ موافقٍ لعقيدتهم الدينية، كما هو حق لكل مواطن، عليهم أن يدعموا اقتراحَهم ذاك بما أسمِّيه "المنطقَ العام". وكلمة "عام" هنا ترجع إلى الحاجة إلى الإعلان عن منطق السياسة أو التشريع المقترح، وإلى الحاجة لأن تبقى عملية الحوار العام هذه علنية ومتاحةً لكل المواطنين. وليس على أساس فرض عقيدة البعض على الآخرين. بالمنطق العام أنا أعني إذن وجوبَ ارتكاز التشريع أو السياسة العامة إلى ذلك النوع من المنطق المشاع، الذي يُمْكِن لكل مواطن أن يقبلَه أو يرفضَه، أو بتقديم البديل من المقترحات، من خلال عملية الحوار العام، دون أن يُتَّهمَ في دينه أوتقواه. المنطقُ العامُ، لا المعتقدات أو الدوافع الشخصية، هو أساس التشريع والسياسات العامة، سواءً مثَّل المسلمون أغلبيةً أو أقليةً، في مجتمعهم الذي يعيشون فيه. ليس من المتوقع أن ينصَاعَ الناسُ جميعاً لمتطلباتِ المنطق العام، منذ الوهله الأولى لأن ذلك إنما يأتي عن قناعة على مدى الدوافع الداخليَّة والضمير. من الصعبِ أن نعلم لماذا يُصوِّتُ الناخبون بشكلٍ معينٍ، أو كيف يبررون اختياراتِهم السياسية لأنفسهم. لكنَّ الهدف يجبُ أن يبقى دفع المنطق والتفكيرِ العام، وتشجيعُهما، مع إضعاف النزعة إلى المعتقدات الدينية الشخصية كأساس للسياسة العامة والقانون افتراضَ أنَّ ولا يصح المهيمنين على الدولة محايدون في أداء أعمالهم الرسمية، فالأرجحُ أن الناسَ سيستمرون في العمل وفقاً لمعتقداتهم، ومبرراتِهم، الشخصية. والمطالبةُ بإظهار المبرِّرات، ومناقشتِها بشكلٍ عامٍ ومفتوحٍ، وفقاً لمنطقٍ يستطيع الجميع أن يقبلوه أو يرفضوه بحريةٍ، ستؤدي تدريجياً إلى تشجيعِ وتطويرِ إجماعٍ أوسعٍ، بين عامة المواطنين، يتجاوزُ المعتقداتِ المحدودة، دينيةً كانت أو غير دينيةٍ، للأفراد والجماعات المختلفة. والمقدرةُ على إظهار ألوانٍ من المنطق، ثم الجدالُ حولها بشكلٍ عامٍ، موجودةٌ فعلاً في العديد من المجتمعات. لذا، فإن ما أدعو إليه هو دفعُ هذه العملية بصورة متعمدة بعيدة المدى، لا افتراضُ غيابِها، أو المطالبةُ بغرضها كاملةً على نحوٍ فوري. وآملُ أن هذا الجهد لدفع ممارسةِ المنطق العام سيصبح أكثر وضوحاً، مع ما أبينهُ في هذا الفصلِ، وما يليه من فصولٍ. هناك مسألةٌ إصطلاحيةٌ يجب أن أوضحها هنا، وهي العلاقةُ بين أطروحتي الأساسيةِ في هذا الكتاب، ومصطلحِ ومفهوم "العلمانية". يتشابهُ النصفُ الأول من أطروحتي، بفصل الاسلام عن الدولة، مع العلمانية، كما يفهمها ويرفضها غالب المسلمين باعتبارها استبعاد كامل للإسلام عن الحياة العامة. أما النصفُ الآخرُ من الأطروحة، بتأكيد الصلةِ بين الاسلام والسياسة، فهو يراعي تلك المخاوفِ من العلمانية. والادراكُ السلبيُّ الشائعُ للعلمانية، في ربوع المسلمين، لا يميزُ بين فصلِ الاسلام عن الدولة، من ناحيةٍ، وصلته بالسياسة، من ناحيةٍ أخرى. وغيابُ التمييزِ هذا يؤدي إلى فهمٍ لفصل الاسلام عن الدولة باعتبارِه عزلاً للاسلام عن المجالِ العام، وحصرَه في المجال الخاص. وبما أن هذا ليس ما أدعو إليه، فقد يكون من الحكمة استعمالُ مصطلح الدولة المدنية، بدلاً من العلمانية، لكيلا أضعف موقفي بالرؤية السلبية الشائعةِ عن العلمانية بين المسلمين. فبدلاً من تبديد الجهد في تصحيح الفهم الشائع للعلمانية، فسوف استخدم مصطلح الدولة المدنية على أن يفهم بأنه فصل الإسلام عن الدولة مع ضبط وتنظيم علاقة الإسلام بالسياسة كما سبق القول. النقطةُ الاصطلاحيةُ الأخرى هي استخدامي لمصطلحِ "الدولة القطرية" بدلاً من "الدولة القومية"، فالمَعْلَمُ الحاسِمُ للنموذج الأوروبيِّ، كما تُطبقَه كلُّ المجتمعات الاسلامية، هو السُلطةُ الكاملة للدولة، على إقليمٍ معينٍ، والسكانِ الذين يعيشون به، بغضِّ النظر عما إذا كانوا يُشكِّلون معاً "قوميةً"، ترتكِنُ إلى وحدةٍ تاريخيةٍ إثنيةٍ، أو لغويةٍ، أو ثقافية. أجِدُ أيضاً أن "القومية" تؤدي إلى سياساتٍ فاشيةٍ، تنتهكُ حقَّ الأفراد والمجتمعات في تقرير مصيرهم، وهو الحقُّ الذي من أجله نشأت الدولةُ في المقام الأول. أملي إذن أن أساهم في تغيير توجهات المسلمين نحو الطبيعة المدنية الأصيلة للدولة، والدور الحاسم لمبادئ حقوق الانسان والمواطنة، في التوسط الدائم، والتفاوض، بين علاقات الاسلام والدولة والمجتمع. وسياقُ التفاوض المستمر لهذه العلاقات، في المجتمعات الاسلامية الحاضرة، يتشكَّلُ من خلال التحوُّلات العميقة، للمؤسسات والهياكل، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والتي يحيا المسلمون، ويتواصلون بالمجتمعات الأخرى، في ظلالها. وهذه القدرة على إقامة تلك العلاقات هي نتيجةٌ للاستعمار الأوروبي، والعولمة الرأسمالية. يتشكل هذا السياقُ أيضاً بالظروف الاجتماعية والسياسية الداخلية لكل مجتمع، بما فيها من تغييراتٍ استلهمتها هذه المجتمعاتُ من خارجها، في مسيرةِ لحاقِها بالأشكال الغربية لتكوين الدولة؛ من تنظيماتٍ تعليميةٍ، واجتماعيةٍ، ونظمٍ إدارية، وقانونية، بعد تحقيقِها للإستقلال السياسيِّ. وكلُّ المجتمعات الاسلامية لا تحيا فقط في دولٍ قطرية، مندمجةً تماماً مع نُظُمٍ أمنيةٍ وسياسيةٍ واقتصاديةٍ عالمية، ذاتِ تأثيراتٍ ثقافيةٍ مُتَبَادَلَة، بل هي تُشارِكُ طواعيةً، وباستمرارٍ،في هذه العمليات. سأقدم الآن بعضَ التوضيح، للعلاقة بين الاسلام والشريعة والدولة، من وجهة نظرٍ تاريخية. لكني لن أورد المصادر العلمية، الداعمة لأطروحاتي المختلفة، في هذا الفصل، لأنها جميعاً ستُغَطَّى بتفصيلٍ أكثرٍ، وذكرٍ وافٍ للمصادرِ المرتبطةِ بها، في الفصول اللاحقة من هذا الكتاب، ولأن ذكرَها قد يصرف القارئ عن متابعةِ الرؤية العامة، للأفكار والموضوعات الرئيسية، والتي أتناولُها تفصيلاً، فيما بعد. أ- الاسلامُ، والشريعةُ، والدولة بما أن موضوعَ الكتابِ هو العلاقةُ بين الاسلام والدولة والمجتمع، فمن المهم أن نوضح باختصارٍ هذه المصطلحات. وقد تبدو التعريفاتُ التالية واضحةً لعديدٍ من القراء، لكنه من الأفضل تعريفَها، لتجنب أيَّ خلطٍ، أو سوءَ فهمٍ، لدى القارئ. ولهذا أهميةٌ خاصةٌ هنا، حيث أحاول تغييرَ توجهاتِ المسلمين كمسلمٍ، لا كباحثٍ مبتوتِ الصلة بموضوعِ بحثه. هناك بدايةً الفهمُ العامُ للاسلام باعتباره الديانةَ التوحيدية، التي أتى بها النبي محمدٌ صلى الله عليه وسلم، بين عامي 610 و632 ميلادية، حين تلى القرآن، ثم وضح معناه وأحكامَه فيما عُرِفَ باسم سُنَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم. ولذا يُشكِّلُ هذان المصدران الأساس المرجعي لأيِّ فهمٍ لمصطلحِ الاسلامِ، أو ما اشتُقَّ عنه من مفاهيمٍ، أو صفات، بين المسلمين. إنهما مصدرَ العقيدةِ التي يتمسَّكُ بها كل مسلمٍ، وبيانَ عبادته التي يتبعها، وخُلُقَهُ الذي عليه أن يتخلَّقَ به. ومن القرآن والسنةِ يلتمسُ المسلمون الترشيد والتسديد، لتطوير علاقاتهم الاجتماعيةِ والسياسية، ومعاييرِهم القانونية، ومؤسساتِهم المختلفة. الاسلامُ بهذا المعنى التأسيسيِّ هو إطلاقٌ لقوةٍ تحررية، تنبع من إيمانٍ عميقٍ بإلهٍ واحدٍ، قاهرٍ، شهيد؛ إنه التوحيد. ذلك هو معنى الاسلامِ الذي تعرفه الغالبيةُ العظمى للمسلمين، في حياتِها اليومية، وهي تلتمس هدايتَه الروحية، في القيام بما أمرَ اللهُ به عبادَه في هذه الدنيا. وهذا هو أيضاً المنظور الذي أعتمده أنا في معالجة القضايا الخاصَّةَ بالدولةِ والمجتمع، كما سأبينه بالتفصيل لاحقاً. يُستخدَمُ مصطلحُ الشريعة، في الخطاب الاسلاميِّ المعاصر، كما لو كان مطابقاً للاسلام، بالمعنى الذي بيناه سابقاً، أي كمجموعِ واجبات المسلم، في كلٍّ من حياته الدينية الخاصة، ومؤسساته ومعاييره الاجتماعية والسياسية والقانونية. مع ذلك، فمبادئ الشريعة ما هي إلا حاصلُ التفسيرات الانسانية، للقرآن والسنة؛ إنها ما يمكن للانسان أن يفهمَه، ويَنْشُدَهُ، في سياقه التاريخي الخاص. الاسلام لهذا أوسع معنىً من الشريعة، رغم أن معرفةَ الأخيرة، والخضوعَ لها، هو سبيلُ إدراك الاسلام، وتحققُ التوحيد، في الحياة اليومية. الشريعة إذن هي البوابةُ والطريقُ، لكي يكون المرؤ مسلماً، لكنها لا تستنفد أبداً إمكانياتِ المعرفة الانسانية بالاسلام، ومحاولات الحياة من خلاله. المرجعية الاسلامية، سواءً عادت إلى الاسلام أو الشريعة، هي إذن ناتجٌ لما أسميه "التجربة الانسانية في اطار القرآن والسنة" ، هي منظومةٌ للمعنى تنشأ عن الممارسة البشرية، والتفكير المتعمق، بل وما يتطور باتساعٍ عن المنهجية المستقرة كذلك. فرضيةُ أي خطاب إسلامي هي أن كل مسلم أو مسلمة مسئولٌ مباشرةً عن معرفة ما هو مطالبٌ به، والانصياع له، كواجب ديني. والمبدأ الأصلي بالمسئولية الفردية، والذاتية، والتي لا يمكن إلغاؤها أو إسقاطها، هو أحد المبادئ الأساسية المتكررة بالقرآن. مع ذلك، فحينما يحاول المسلمٌ معرفة ما تتطلبه الشريعة منه، في موقفٍ معين، فإنه على الأرجح سيسأل أحد العلماء، أو شيوخ الصوفية، ممن يثق بهم، لا أن يرجع مباشرة إلى القرآن والسنة ذاتهما. على أية حال، فسواء رجع السائل بنفسه، أم سأل عالماً، فإن الجوابَ يأتي بالضرورة عن طريق الرجوع إلى القرآن والسنة، من خلال البنية والمنهج اللذين نشأ الفرد على قبولهما. تجري هذه العملية إذن وفقاً لمذهبٍ معين، بتعاليمه ومنهجيته، لا من خلال رؤيةٍ جديدة تماماً أو على نحو مبتكر. وبعبارة أخرى، فإن كل فهم أو رؤية ييقى مغروساً في تصورات سابقة، تبين كيفية تحديد النص القرآني أو النبوي المتعلق بالحادثة، وكيفية تفسيره. هنا لا يباشر المسلمون المَصدريْن الأوليين دونما مرور عبر مرشحات، من خبرات الأجيال السابقة، وتفسيراتها، وارتكان إلى منهجية تفصيلية، تحدد من خلالها موافقة النص للموقف الراهن، والكيفية التي يصّنف ويفهم بها. التجربة الانسانية لذلك هي جزءٌ أساسيٌّ لأية مقاربةٍ للقرآن أو السنة، وعلى مستويات متعددة، بدءاً من الخبرات والتأويلات المتراكمة عبر العصور، ووصولاً إلى السياق المعاصر الذي تُنْشَدُ فيه المرجعيةُ الاسلامية. السؤال التالي، من أجل توضيح مختصر في هذه المرحلة التمهيدية، هو: كيف نستحضر إطاراً مرجعياً إسلامياً، من وجهة نظرٍ مؤسسيةٍ، لسياسةِ الدولة وتشريعِها؟ كمؤسسةٍ سياسية، لا تملك الدولةُ في حد ذاتها أن تشعرَ أو تعتقدَ أو تتصرفَ، وإنما هو الانسان الذي يتصرفُ باسم الدولة، أو يحركُ قواها، أو يُفَعِّلُ أجهزتَها. لذا، فحينما يتخذ إنسانٌ قراراً سياسياً ما، أو يقترحُ تشريعاً، مفترِضاً أن هذا أو ذاك مجسدٌ للمبادئ الاسلامية، فإنه بالضرورة يعكس وجهةَ نظره الشخصية في الموضوع، لا وجهةَ نظر الدولة ككيانٍ مستقل. فضلاً عن ذلك، يحدث الشيء نفسه، حين يتحدث زعيمٌ سياسيٌّ، باسم حزبه، ليقدم مقترحاً بسياسةٍ أو تشريع. صحيح أن المواقف الخاصة، والمتعلقة بالتشريع أو السياسات، يمكن التفاوض حولها، لكن المحصلة هي دوماً نتيجةٌ للتقديرات البشرية الفردية، والاختياراتِ الانسانية، لقبول وتفعيل وجهة النظر التي اتفق عليها الأشخاص المعنيون بالأمر. على سبيل المثال، معاقبة شرب الخمر، أو منع التعامل بالربا قانونا، هو بالضرورة رؤيةٌ بشرية في اطار سياسي وقانوني محدد تتخذ بعد النظر في كل الاعتبارات العملية، بحيث تعكس الصياغة المستخدمة في التشريع، والاجراءاتُ المتبعة في التطبيق، نفسَ التقديرات والخيارات البشرية. ما نقصده هنا، هو أن كافة خطواتِ عمليةِ وضعِ السياسات والتشريعات، وتطبيقهما، تخضع دوما للخطأ البشري، بما يجعلها أبداً عُرضةً للمسائلة والاختبار، دون أن ينعكس ذلك على الاعتقاد الديني في إلزامية الحكم الشرعي على المسلم. وهذا طرف من قولي بضرورة دعم شئون السياسة العامة، والتشريعات، بالمنطق العام، بين المسلمين الذين يكون بمقدورهم الخلاف حول تلك الأمور، بمعارضة التحريم العقابي أو المنع، أو تغيير القانون إذا تم تشريعه دون التعرض للنقد أو القدح في عقيدتهم الدينية. لقد أسس علماء المسلمين الأوائل الاطار العام والمنهج التفسيري المعروف باسم "أصول الفقه" من أجل أن يتفهموا، ويطبقوا، تعاليم دينهم، كما وردت بالقرآن والسنة. وما يتضح من صيغ هذا العلم الأساسي هو أن هؤلاء العلماء اجتهدوا لوضع قواعد، لتفسير نصوص القرآن والسنة، في ضوء خبراتهم التاريخية المبكرة. يُعرِّفُ هذا العلم وينظِّمُ أيضاً التقنياتِ التشريعية، كالاجماعِ والقياس والاجتهاد. وهذه التقنيات هي مناهج في الفهم واستخلاص الأحكام الشرعية من التجربة البشرية، وليست مصادر للتشريع من ناحية المحتوى الموضوعي. لكن للإجماع والإجتهاد أدواراً تأسيسيةً أبعد مدى من معناهما الفني. وإنه هذا المعنى البعيد نفسه الذي يمكن أن يكون الآن وغداً أساساً لعمليةٍ أكثر دينامية وإبداعاً لتطوير الشريعة على النحو التالي. الاسلام والشريعة لقد أجمعت أجيال المسلمين، من نشأة الاسلام وحتى الآن، على أن نص القرآن محفوظ بدقة، بين دفتي المصحف. هذا الاجماع المتواصل عبر الأجيال والقرون هو سبب قبول المسلمين في كل زمان ومكان أن هذا هو القرآن. كما تم إجماع متفاوت على السنة، والتي يقبلها عمومُ المسلمين، كتقريرٍ أصيل عن أقوال الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأفعالِه، رغم أن الاجماعَ على السنة جاء متأخرا إذا قارناها بالقرآن، ولازال إلى اليوم موضعَ نقاشٍ بين العديد من المسلمين. وبعبارة أخرى، فإن معرفتَنا بالقرآن والسنة هي محصلةُ إجماعِ أجيالٍ متعاقبة، منذ القرن السابع الميلادي. لا نقصِد هنا، ولا نلمِّح إلى أن المسلمين قد اصطنعوا هذه المصادر عبر الإجماع، بل نشير ببساطة إلى أننا نَعْرف هذه النصوصَ ونقبلها لأن الأجيال المتعاقبة من المسلمين قد اعتقدوا ذلك. أكثر من ذلك، الإجماع هو أساس سلطة واستمرارية أصول الفقه، ومبادئه، وتقنياته، لأن هذه البنية المنهجية تعتمد دائما على قبولها من أجيال المسلمين المتلاحقة. بهذا الاعتبار، يصبح الاجماع أساس قبول القرآن والسنة، ومجموع وتفاصيل منهج فهم نصوصها كأحكام شرعية. ما يميز القرآن والسنة عند المسلمين عن تقنيات أصول الفقه هو استحالةُ الاضافة، إلى أيٍّ من هذين النصين الأصيلين، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء، والقرآن هو آخر الوحي. على النقيض، لا يوجد ما يمنع أو يبطل تكوين إجماعٍ جديد، حول تقنيات التفسير، أو حول تفسيرات جديدة، للقرآن والسنة، مما يصبح تلقائياً جزءاً من الشريعة، بنفس النهج الذي أصبحت به هذه التقنيات والتفسيرات جزءا منها في المقام الأول. ويوفر فصلُ الاسلام عن الدولة، وتنظيمُ الدور السياسي للاسلام من خلال الدستورية، واحترام حقوق الانسان، حمايةً ضرورية، لضمان حرية المسلمين في المشاركة في النظر والحوار حول فهم وتفسير نصوص القرآن والسنة لاستخلاص الأحكام الشرعية في كل زمان ومكان. إن أي فهمٍ للشريعة هو بالضرورة ناتجٌ للإجتهاد، ففهم معاني القرآن والسنة لا يتم إلا عبر التفكر الانساني. وخلال عملية تأسس مناهج وأحكام الشريعة، في القرنين الأول والثاني الهجريين، قام علماء المسلمين بتعريف، وتحديد، مصطلح الإجتهاد على وجهين. أولهما تقييده بالأمور التي لا تخضع للنصوص القاطعة للقرآن والسنة؛ ورغم منطقية هذا المقترح إلا أنه يفترض توافقا للمسلمين على تعيين الآيات لما يناسبها من الحوادث، وتوافقا على تأويل تلك الآيات، بل واتفاقهم على تأبيد إجماع من سبقهم من العلماء كذلك. وثانيهما التحديد المفصل لصفات المجتهد مؤهلاته، وكذلك طريقة أدائه لهذا الإجتهاد. والحق أن تعريف الإجتهاد، وتحديد شروط المجتهد، هما بالضرورة ناتج للفكر والتقدير الإنساني، وليس الوحي المنزل. وبما أن تعيين النصوص من القرآن والسنة التي تنطبق على مسائل أو حوادث محدده، أو الحكم بقطعية دلالتها، أو تحديد شروط المجتهد، هي كلها مما يقرره الفكر والتقدير البشريين، فإن فرض رقابة مسبقة على هذا الفكر يناقض طبيعة استقراء أحكام الشريعة من القرآن والسنة. إنه من غير المنطقي الحكم بتحريم الإجتهاد في قضية أو مسألة معينة، إذ أن هذا الحكم نفسه هو ناتج للفكر والتقدير البشريين. كما أنه لا ينبغي تقييد ممارسة الإجتهاد إلى طائفة محدودة من المسلمين، ممن يفترض إمتلاكهم لمؤهلات خاصة، لأن هذا التقييد في الممارسة سيعتمد على أولئك البشر الذين يضعون شروط الإجتهاد، وينتخبون من يرونه مؤهلا للقيام به. ومنح تلك السلطة لأية مؤسسة أو هيئة، رسمية كانت أو أهلية، هو أمر خطير، لأن تلك السلطة ستستغل غالبا لبعض المآرب السياسية أو غيرها. ومبدأ أن معرفة الشريعة هو مسئولية لازمة على كل مسلم يعني أنه لا يحق لأي إنسان أو مؤسسة أن تتحكم في تلك العلاقة بين المسلم والشريعة. ويلحق بهذا القول بأن تقرير شروط المجتهد، وقواعد الإجتهاد، هي أمور تتعلق بالعقيدة الدينية، وجزء من الإلتزام الديني لكل مسلم، لذلك من غير المقبول ديناً إقامة رقابة أو سلطة على تلك العملية. أي أن تقييد حرية الحوار بين المسلمين وإعطاء أي سلطة بشرية تقرير ما يجوز أو يجب ديناً، يناقض الطبيعة الدينية للشريعة ذاتها. وهذا المنطق هو أحد الأصول الإسلامية الرئيسة التي أقترحها لتأسيس الدولة المدنية وضمان حقوق الإنسان، والمواطنة، للجميع. سوف أشرح وأناقش الجوانب المختلفة لأطروحتي أثناء مسيرتي في هذا الكتاب، وما يلي هو عرض موجز لها. بدأ البناء المتكامل والمنتظم للشريعة أثناء حكم الدولة العباسية المبكرة (بعد 750م). وهذه الرؤية للتأسيس المتأخر تاريخيا للشريعة، كنظام شامل ومحكم، تبدو جليا إذا نظرنا إلى مرحلة تأسيس المذاهب الإسلامية الكبرى، والجمع المنظم للسنة، المصدر الثاني والأكثر تفصيلا للشريعة، وكذلك تأصيل المنهجية الفقهية من خلال علم أصول الفقه. كل هذه التطورات جرت في القرنين الهجريين الثاني والثالث. وشهدت الحقبة العباسية الأولى ظهور مدارس الفقه الكبرى، التي نعرفها الآن، والمنسوبة إلى جعفر الصادق، مؤسس المذهب الرئيسي للفقه الشيعي (ت 765م)، وأبي حنيفة (ت 767م)، ومالك (ت 795م)، والشافعي (ت 820م)، وابن حنبل (ت 855م). بعبارة أخرى، فإن الأجيال الأولى من المسلمين لم تعرف أو تطبق الشريعة، بالمعنى الذي أصبح به هذا المصطلح مفهوما ومقبولا عند غالب المسلمين اليوم. فضلا عن ذلك، فإن التطور اللاحق، للمذاهب، وانتشارها، قد خضع للعديد من العوامل السياسية، والإجتماعية، والديموغرافية. التي أدت إلى دفع نفوذ بعض تلك المدارس من منطقة إلى أخرى، أو تقييد إنتشارها في أجزاء معينة، كما هي الحال في المدارس الشيعية في وقتنا الراهن. وفي أحوال أخرى، أدت هذه العوامل إلى القضاء التام على مدارس بأسرها، كما هي الحال مع مدرستي الثوري والطبري في المذاهب السنية. المسألة الأخرى الواجب اعتبارها هي ميل حكام المسلمين لتفضيل إحدى المذاهب على سواها عبر التاريخ الإسلامي. على سبيل المثال، نشأت مدرسة الأحناف بالعراق، مركز قوة الخلافة العباسية، فتمتعت لذلك بالدعم الرسمي للدولة، ثم أنتقل لاحقاً إلى أفغانستان، ومنها إلى شبه الجزيرة الهندية، حيث حملها مهاجرو الهند إلى شرق أفريقيا. واتشر هذا المذهب عبر آسيا الوسطى، والامبراطورية العثمانية، حيث أصبحت قواعد الفقه الحنفي أساسا لأحكام الدولة والقضاء. لكن رعاية الدولة لمذاهب معينة لم تكن من خلال التشريع، أو التقنين، كما هي الحال الآن، بل من خلال تعيين القضاة المنتمين لمذهب بعينه، وتخصيص نطاق عملهم الجغرافي، وتحديد مجالات قضائهم. مع أن الإجماع بين المذاهب المختلفة كان له الأثر الإيجابي والظاهر أن مبدأ الإجماع كان عامل توحيد، جمع جوهر محتوى المدارس السنية معا، مما قلص في إستقرار أصول الفقه ومبادئ الشريعة، إلا أنه كذلك ضيّق مساحة الفكر الإبداعي للإجتهاد. والرؤية الشائعة هي أنه غدا هناك ضعف تدريجي للفكر التشريعي الإبداعي، مما يطلق عليه "غلق باب الإجتهاد"، بزعم أن الشريعة قد بلغت بالفعل مداها النهائي في ذلك الزمان. وسواء أغلق باب الإجتهاد أم لم يغلق، وهذا موضوع خلاف بين المؤرخين، فإن الواضح أنه لم يحدث تغيير حقيقي لبنية الشريعة ومنهاجها، منذ القرن العاشر الميلادي، رغم استمرار بعض التكييفات العملية، في مواقع ومجالات محدودة. والغالب أن هذا التجمد كان ضروريا للحفاظ على استقرار النظام أثناء فترات تدهور، بل أحيانا انهيار، المؤسسات السياسية والإجتماعية، للمجتمعات الإسلامية. لكن الاجتهاد، من وجهة نظر إسلامية، لا يملك أحد سلطة إيقافه، رغم ما ظهر من إجماع بين المسلمين على ذلك. لا يوجد ما يمنع إذن من ظهور إجماع جديد على ضرورة إطلاق حرية الإجتهاد، لمواجهة الطموحات والإحتياجات الجديدة للمجتمعات الاسلامية. الاسلام والدولة إن الطبيعة الدينية الأساسية للشريعة، وتركيزها على تنظيم العلاقة بين المؤمن وربه، تعنى أن تلك المسئولية لا يمكن التنازل عنها، أو تفويضها. ولا يمكن لمؤسسة بشرية، إدارية أو قضائية، أن تكون دينية بهذا المعنى، حتى حين تزعم تطبيقها أو فرضها لمبادئ الشريعة. وبعبارة أخرى، فإن الدولة بكافة مؤسساتها، هي ذات طبيعة مدنية لا دينية، مهما كانت المزاعم بالدولة الدينية. كذلك في مسألة الإفتاء التي تتعلق أيضاً بالطبيعة الدينية للشريعة، فقد قام العلماء المستقلون عن سلطة الدولة بإصدار فتاوى تقابل حاجات حكام الامارات، وقضاة الدولة، وعامة المسلمين. إلا أن هذه الممارسة، حتى عندما تأخذ شكل مؤسسة رسمية، لا تعفي المسلم طالب الفتوى من مسئوليته وجهة نظر دينية، عما يتخذه أو يدعه من تصرف بناء على الفتوى، كما يكون المفتي مسئولا كذلك عن فتواه. ستبقى بالطبع الحاجة العملية للإدارة والقضاء، كما ستبقى الحاجة لإلتماس الفائدة من معرفة العلماء وآرائهم. ما أعنيه ببساطة هو أن هذه الأعمال مدنية بطبيعتها، لأنها لا يمكن أن تحل محل المسئولية الدينية لكل مسلم. ويمكن التمثيل على هذه الأطروحة بالنظر لتجربة الإمبراطورية العثمانية. فقد اضطرت الضرورة العملية سلاطين الإمبراطورية الاختيار بين المذاهب الفقهية، فأخذو بالمذهب الحنفي، ثم قننوا مبادءه في منتصف القرن التاسع عشر. وأصبح ذلك أول مرة يتم فيها تحويل الشريعة إلى مواد مقننة ، تسن باعتبارها القانون الرسمي الموحد داخل أراضي الإمبراطورية. ومسألة اعتماد الدولة العثمانية على المذهب الحنفي ترجع لتفضيل تلك الدولة لذلك المذهب وليس لأنه يحتكر الرأي الصحيح في الشريعة دون غيره من المذاهب، لكن يبقى ضروريا على كل دولة أن تنتقي بين ومثل هذا الإنتقاء ضروري لكل دولة تحاول تقنين الشريعة، إذ أنه يستحيل عليها إعمال كافة آراء المذاهب والعلماء. وقد أدى هذا التقليد الذي ابتدعه العثمانيون لأول مرة إلى تأسيس انتقائية الدولة، لبعض الآراء دون بعضها، لكنه ظل محصورا في نطاق الأحوال الشخصية، إذ حلت القوانين الأوروبية محل الشريعة في كافة المجالات الأخرى. وقد حدث نفس هذا الإحلال لقوانين المستعمر الأوروبي محل الشريعة، والنظم العرفية المحلية، في باقي البلاد الإسلامية ما عدا الأحوال الشخصية، والتي سنت قوانينها وفقا لأحد المذاهب المعمول بها. على أية حال، أدى هذا الوضع المستحدث إلى مصادمة، بين حاجة الدولة لتبني مذهب أو رأي محدد بجعله القانون النافذ بإرادة الدولة وبين الحاجة لاستقلالية الشريعة عن السلطان، فالمفترض في الحاكم أن يحمي الشريعة، لا أن يصنعها أو يسيطر عليها. وهكذا، وحتى زماننا الحاضر، بقيت الشريعة حكماً دينيا على المسلمين، مستقلة عن سلطة الدولة، بينما لم تكف الدولة عن محاولة استخدام الشريعة لتدعيم شرعيتها السياسية. فضلا عن ذلك، أصبحت تنازلات العثمانيين للقوى الأوروبية نموذجاً لتبني النظم القانونية للدولة الغربية. وقد بررت المراسيم الإمبراطورية تلك التغييرات ليس فقط لأغراض تقوية الدولة، والحرص على مكانة الإسلام في المجتمع، بل كذلك بالحاجة لتأكيد المساواة بين المواطنين العثمانيين، مما مهد لقبول النموذج الأوروبي للدولة القومية، القائم على مبدأ مساواة مواطنيها أمام القانون. أدخلت الإصلاحات السالفة الذكر على النظام القانوني العثماني القانون التجاري في عام 1850، وقانون العقوبات عام 1858، وقانون الإجراءات التجارية عام 1879، وقانون الإجراءات المدنية عام 1880، وقانون التجارة البحرية، مقتفية في ذلك نموذج القانون المدني الأوروبي، الساعي لسن قوانين شاملة تغطي كل القواعد المناسبة. ورغم أن مبادئ الشريعة قد أقصيت بشكل كبير عن هذه القوانين، إلا أنه كانت هناك محاولة للإحتفاظ ببعض عناصرها. صدرت "المجلة"، والتي عرفت لاحقا بالقانون المدني لعام 1876، خلال فترة عشرة سنوات، من 1867: 1877. وتم فيها تقنين قواعد العقود، والضرر، وفقا للفقه الحنفي، جامعة في ذلك بين الشكل الأوروبي، والمحتوى الاسلامي. وقد قام هذا التقنين الواسع المدى لمبادئ الشريعة على تبسيط هائل للاحكام المتعلقة بهذه المواضيع، وجعلها أيسر منالا للمتخاصمين والقضاة أو المحامين. اكتسبت "المجلة" نفوذاً كبيراً عندما أصبحت قانوناً، وصارت نموذجا مبكرا، لنشر أجزاء كبيرة من الشريعة، بواسطة سلطة الدولة، محولة بذلك مبادئ الشريعة إلى قانون وضعي، بالمعنى الحديث للمصطلح. أكثر من ذلك أن هذا التشريع جرى تطبيقه على نطاق واسع للمجتمعات الاسلامية داخل الامبراطورية العثمانية، كما استمر تطبيقه في بعض البقاع، في النصف الثاني من القرن العشرين. ويعود نجاح "المجلة" أيضا إلى اشتمالها على بعض الفقرات المأخوذة من غير المذهب الحنفي، موسعة بذلك من إمكانية الانتقاء بين خيارات أوسع بين المذاهب والآراء الاسلامية المتعددة. وكان مبدأ التخير قد تم قبوله بالفعل نظريا، لكنه لم يستخدم عمليا على مثل هذا المستوى العام والرسمي. وبتطبيقها عبر مؤسسات الدولة فقد فتحت "المجلة" الباب لإصلاحات لاحقة، رغم محدودية غرضها في البداية. مع ذلك، فقد أعاقت في نفس الوقت إمكانية العمل بآراء المذاهب الأخرى بما قننته من أحكام المذهب الحنفي، رغم ما اشتملت عليه من تخير، واحتواء لآراء شتى. وما نريد تأكيده هنا، هو أن العملية بأسرها هي ناتج للسلطة السياسية المدنية للدولة، وليس السلطة الدينية للشريعة. تلك النزعة المتزايدة للإنتقائية، في تخير المصادر، وتركيب المفاهيم والمؤسسات القانونية الغربية والاسلامية معاً، ذهبت إلى مدى أبعد شوطا، عبر أعمال فقيه القانون المصري عبد الرازق السنهوري (ت 1971). والمحاولة الواقعية التي طبقها السنهوري قامت على التسليم بأنه لم يعد بالامكان إسترجاع الشريعة كاملة دون تغيير، وأنه لا يمكن تطبيقها دون أن تتكيف مع حاجات المجتمعات الاسلامية الحديثة. لقد استخدم السنهوري هذه المقاربة عند صياغته لمشروع القانون المدني المصري عام 1948، والقانون العراقي عام 1951، والقانون الليبي عام 1953، والقانون الكويتي والتجاري عام 1960/61. وفي جميع تلك الحالات كان السنهوري يستدعى بواسطة حاكم متفرد بالسلطة، لوضع مشروع قانون شامل، يسن لاحقا دون نقاش أو تداول ديمقراطي للتشريع. من الصعب إذن معرفة مدى قبول هذا النموذج لو كانت تلك البلاد ديمقراطية. لكن مهما كانت درجة استيعاب الشريعة داخل تلك القوانين، فمن الواضح أن العملية ذاتها كانت تشريعا مدنياً، لا إنفاذا مباشرا لمبادئ الشريعة، من منظور إسلامي واجب ديناً. يلاحظ هنا أن تلك التشريعات مكنت القضاة من الإطلاع على عموم الآراء والمذاهب الفقهية الإسلامية، وصناع السياسات، في عملية تخير بعض الجوانب، وتكييفها، لتدمج داخل التشريع الحديث. وأظهر تركيب التقاليد التشريعية الأوروبية والاسلامية استحالة التطبيق المباشر والمنظومي، لمبادئ الشريعة التقليدية في السياق الحديث. والسبب الرئيسي لذلك هو تعقيد الشريعة ذاتها، وتنوعها، خلال تطورها عبر القرون. فبالاضافة إلى الاختلافات الواسعة داخل المجتمعات السنية والشيعية، وبين بعضها البعض، والتي تتواجد أحيانا داخل البلد الواحد، كما هو الحال في العراق، ولبنان، والسعودية، وسوريا، وباكستان، فإن المجتمع المسلم قد يتبع مذاهب أو آراء شتى، رغم عدم تطبيقها رسميا في المحاكم. والممارسة القضائية في بلد ما قد لا توافق مذهب المتبع عند غالب سكانه، كما هو الحال في دول شمال أفريقيا، التي يتبع غالب سكانها المذهب المالكي، بينما تطبق دولها، تأثرا بماضيها العثماني، المذهب الحنفي. وحيث أن الدول الحديثة لا يمكنها العمل دون مبادئ قانونية، مستقرة رسميا، ومطبقة بشكل عام، فإن مبادئ الشريعة لا يمكن سنها قانونا، أو فرضها كقانون وضعي في أي دولة، دون أن تخضع لعملية تخير بين تأويلات مختلفة، تتساوى جميعا في اعتبار الشريعة لها. هذه المسألة لا يمكن ببساطة تجنبها، سواء من قبل الاسلاميين الذين ينشدون إقامة ما يسمونه بالدولة الاسلامية، عبر تطبيق كامل للشريعة، أو من قبل النظم المدنية التي تزعم فرض مبادئ الشريعة في مجال الأحوال الشخصية. كما تفاقمت الآثار السياسية والقانونية لهذه التطورات من خلال التغيرات الكبرى التي أدخلها الاستعمار وإستمرار علاقة التبعية حتى بعد الإستقلال، وذلك في مجال التعليم العام، والتدريب المهني لموظفي الدولة. حيث استبدلت الشريعة في مناهج المؤسسات التعليمية بالتركيز على العلوم الاجتماعية والطبيعية وفق المفاهيم الغربية. وفي مجال التعليم القانوني خاصة، فإن الجيل الأول بعد الإستقلال من المحامين والقضاة قد تلقى تدريبا متقدما في جامعات أوروبا وأمريكا الشمالية، وعاد ليدرس للأجيال اللاحقة، أو يتولى المناصب القانونية الرفيعة. هذا بالإضافة إلى إشاعة فرص التعليم على تفاوت بين مراحله المختلفة، وإنحسار الأمية التي كانت سائدة في المجتمعات الاسلامية. فهذا الإنتشار الديمقراطي للتعليم والمعرفة أفقد علماء الفقه الإسلامي امتيازهم وقيادتهم الفكرية التي كانت سائدة في الماضي. بالتالي فلم يفقد العلماء احتكارهم لمعرفة المصادر المقدسة للشريعة فحسب، بل أصبح بوسع عموم المسلمين تدريجيا مساءلة التأويلات التقليدية لتلك المصادر. وهذه الفرصة متاحة الآن لدعاة الدولة المدنية، وحماية حقوق الانسان، أن يزيدوا من معرفتهم بالمصادر الاسلامية للشريعة، وتاريخها، ومنهجيتها، كي يصبحوا أكثر مقدرة على مجابهة المذاهب والأفكار. وليس المقصود بذلك إنشاء عملية، أو مؤسسة، رسمية لاعتماد من يصلح للاجتهاد، بل على العكس، هناك واجب ديني على كل مسلم ومسلمة، أن يتفقهوا في دينهم، بما يمكنهم من النظر فيه، ليستخلصوا أحكامه في حياتهم الشخصية، ويعبروا عن رؤاهم في الشئون العامة. فمن الواضح عملياً أن هؤلاء الذين يدركون مصادر الشريعة ومنهاجها هم أكثر نفوذاً وإقناعا من أولئك الذين يفتقرون إلى تلك المعرفة. التحول الهام الآخر في حياة المجتمعات الاسلامية، والذي يعنينا هنا، يتعلق بطبيعة الدولة ذاتها في سياقها المحلي والعالمي. رغم الاعتراضات الواضحة على الطريقة التي استقرت بها الدولة، تحت الرعاية الاستعمارية، فإن رسوخ نموذج الدولة الأوروبي في المجتمعات الاسلامية، كجزء من نظام عالمي يرتكز على نفس النموذج، قد بدل جذريا العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في شتى البقاع. وباحتفاظها بهذا الشكل الخاص لتنظيم الدولة بعد الاستقلال، تكون المجتمعات الاسلامية قد اختارت أن تتقيد بالقدر المتعارف عليه من الالتزامات القومية والدولية، لعضويتها بالمجتمع العالمي للدول الاقليمية. ومع وجود فروق واضحة في مستوى نموها الاجتماعي، واستقرارها السياسي، عبر دولها، فإن المجتمعات الاسلامية اليوم تحيا تحت نظم دستورية قومية، ونظم قانونية، تتطلب المساواة وعدم التمييز بين مواطنيها. وحتى حين تقصر الدساتير القومية، والنظم القانونية الوطنية، عن التعبير عن هذه الالتزامات بوضوح، أو رعايتها بفعالية، فإن واقع العلاقات الدولية الحالي يضمن درجة دنيا من الانصياع العملي. وهذه التغيرات لا يمكن ببساطة الرجوع عنها، رغم أنه لا زالت هناك حاجة ملحة وماسة لتوافق أكبر وأشمل، مع متطلبات الحكم الديمقراطي، وحماية حقوق الانسان، في معظم هذه البلدان، وغيرها من مجتمعات العالم. وخلاصة هذا العرض المختصر أنه من الواضح وجود حاجة ملحة للمضي في عملية الاصلاح الاسلامي، حتى يتوافق الالتزام الديني للمسلمين مع المتطلبات العملية لمجتمعاتهم اليوم. والمنطلق الأساسي لعملية الاصلاح الحيوية هو أن المرجعية الاسلامية هي دائما قائمة على القرآن والسنة، لكن الفهم البشري لهذه المصادر الأصيلة لايكون إلا في الإطار التاريخي والتجربة العملية في حياة المسلمين. فلا يمكن أن تعرف الشريعة، أو تطبق، في هذه الحياة، إلا من خلال التجربة الإنسانية. وكل ما يدركه المسلمون اليوم من تصورات للشريعة، حتى تلك التي ينعقد حولها إجماعهم، ما هي إلا حاصل آراء بشرية عن معنى القرآن والسنة، قبلتها أجيال المسلمين السالفة، ومارستها مجتمعاتهم. وبعبارة أخرى، فإن الآراء المختلفة حول أحكام الشريعة قد أصبحت كذلك بحكم إجماع المسلمين عليها، عبر قرون عدة، وليس لفرضها قانوناً، بواسطة الدولة، أو من مجموعة متفردة من العلماء. ب-منهجية ومسار التحول الإجتماعي يقتضي فصل الإسلام عن الدولة ضبط، المساحة المتعلقة بتصرفات الدولة، عبر سياساتها الحكومية، وكذلك الاصلاحات الدستورية والقانونية. هناك أيضا مساحة المجتمع، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، حيث يكون السعي لتأكيد الحياد الديني للدولة، والدستورية، وحقوق الانسان، بشكل يتسق مع الاسلام، ويؤثر على الثقافة الشعبية والسلوك الاجتماعي وهذان المجالان للتغيير والإصلاح، عبر التغييرات الرسمية المؤسسية، والمدنية، هما في الواقع متكاملان متساندان. ومع أن كل منهما قد يستدعي أعمالا واستراتيجيات مختلفة، تتباين حسب السياق الاجتماعي والثقافي، فما يتم في أي من المجالين يؤثر على الآخر. فضمان حقوق الإنسان يوسع فرص الحوار والإصلاح الديني الذي ينعكس على سلوك المسلمين وقبولهم لمشروعية حقوق الإنسان التي تؤدي بدورها إلى المزيد من الحماية تلك الحقوق. وحتى تأتي هذه التحولات المتفاعلة ثمارها ينبغي علينا أن ننظم ونضبط العلاقة بين الإسلام والسياسة لكي نضمن إستمرارية فصل الإسلام عن الدولة. التحولات المقترحة، إذن، تعترف بالأدوار المتعددة للإسلام في مجتمعات المسلمين كدين، وبشكل أوسع، كثقافة وأساس للممارسة الإجتماعية. ويشير هذا إلى بعد ثالث في مقترحي، وهي مسألة غرس التغيير الإجتماعي في ثقافة المجتمع، أو منحه الشرعية الثقافية. وكما سأؤكد مرارا في هذا الكتاب، فإن فصل الاسلام عن الدولة لا يعني إقصاء الاسلام عن السياسة العامة، والتشريع، والحياة العامة بشكل كلي، شريطة أن يدعم ذلك بالمنطق العام، وأن يخضع لوقاية المبادئ لدستورية، وحقوق الانسان. للشريعة إذن أهم مستقبل في المجتمعات الاسلامية، لدورها التأسيسي في تطبيع الأطفال إجتماعيا، وإضفاء الطابع الديني على المؤسسات والعلاقات الإجتماعية. كما لها دور هام آخر في صياغة وتطوير تلك القيم الأصيلة، التي تترجم إلى تشريعات وسياسات عامة، عبر العملية السياسية الديمقراطية. لكنها مع ذلك لا تملك مستقبلا كنظام معياري، تفرضه الدولة وتشرعه، كقانون عام وسياسة عامة. يمكن بالطبع الزعم بأن قانونا ما أو سياسة معينة هما الشريعة، لكن هذا الزعم يبقى زائفا أبدا، لأنه لا يعدو كونه محاولة لإضفاء قداسة الاسلام على الإرادة السياسية للصفوة الحاكمة. لا يمكن تحقيق التحول الثقافي، أو التغيير الإجتماعي، كمبادرة خارجية تماما، لا تأبه بالتاريخ أو الثقافة أو الممارسة الإجتماعية. بل إن التحول الثقافي، والتغيير الإجتماعي، يجب أن يغرسا ويرسخا في ثقافة المجتمع نفسه، ليكون لهما الشرعية والتماسك والثبات. ويشير هذا بدوره إلى الدور الذي يجب أن تلعبه المجتمعات وأبناؤها، كمشاركين وفاعلين ونشطاء في التغير الإجتماعي، أو بعبارة أخرى الواسطة الإنسانية في العملية. سأناقش الآن الأبعاد المختلفة لإطار التحول الإجتماعي ذلك، من خلال ديناميات الثقافة والهوية، وحتمية الشرعية الثقافية للتغيير الإجتماعي، ودور الواسطة الإنسانية. الثقافة والهوية يقتضي الفهم الصحيح لمنهجية ومسار التغيير الاجتماعي معرفة وافية بمفهومي الثقافة والهوية، وهما الاطار الضروري لمعرفة الانسان لنفسه، وكذلك هما أساس التفاعل الاجتماعي. وأستخدم مصطلح الثقافة بأوسع معنى له، ككل يشتمل على القيم والمؤسسات وأشكال السلوك، التي تنتقل داخل المجتمع، والتي تتضمن السلع المادية، وكذلك العلاقات الإجتماعية والسياسية. لا ندعي هنا أن الثقافة هي كل شئ، لكننا نؤكد فقط وجود بعد ثقافي لكل جانب من جوانب الحياة والنشاط الإنسانيين، والتي ترتكز إلى المعايير والمؤسسات الثقافية. رغم أن الثقافات الإنسانية المختلفة يمكن تمييزها وتعيينها بشكل عام عن بعضها البعض، إلا أن كلا منها يتسم كذلك بتنوعه الذاتي الداخلي، ونزوعه للتغير، وتأثيره المتبادل في علاقته بغيره من الثقافات. من الخطأ إذن افتراض أن التاريخ والسياق الخاص لا معنى لهما؛ تماما كإنكار إمكانية وجود قيم ومؤسسات وملامح مشتركة. وواقع التنوع عبر الثقافي يجعل ممكنا الحديث عن ثقافات خاصة محلية، وقومية، وإقليمية، أو عن الثقافات المُعَرَّفة باللغة، والعرق، والدين، وغيرها. وتمنح المعايير والعادات والتاريخ المشترك داخل الجماعة تماسكا لفكرة الثقافة المشتركة، حتى مع وجود تداخلات مع الجماعات الأخرى. ولا يجب أن يكون ذلك على حساب الإعتراف بالتنوع والتناقض داخل كل ثقافة. وفي نفس الوقت لا ينبغي أن يقود الإعتراف بالفروق بين الثقافات إلى حسبان أن بعضها شديد الإستثناء والتفرد، لدرجة تنفي إمكانية التحليل المقارن مع غيرها من الثقافات. وكما سنناقش في الفصل الثالث، فإن واقع التنوع والتناقض الداخلي، وكذلك الحوار والتأثير العابر للثقافات، يمكن دفعه بشكل مدروس، لإيجاد إجماع مشترك، على قيم وممارسات معينة، كالدستورية وحقوق الإنسان، رغم الفروق الدائمة لأصول هذا الإتفاق ومنطقه، بين الثقافات المتعددة. تخضع المجتمعات الإسلامية لنفس مبادئ الحياة الإجتماعية والسياسية،التي تعيشها المجتمعات الإنسانية الأخرى، لأن المسلمين، شأنهم شأن غيرهم، يكافحون لتدبير الإحتياجات الأساسية، من مطعم ومأوى وأمن واستقرار سياسي وغيرها. وهم ينشدون كذلك مواجهة احتياجات التغير والتكيف للتطور، والتي تؤثر على حياتهم الفردية والجماعية، تحت ظروف مطابقة أو مقاربة لتلك السائدة بين كل الجماعات والمجتمعات الإنسانية. وحقيقة أن التغير الإجتماعي في المجتمعات الإسلامية، متأثر بالفهم السائد للإسلام ودوره، في الحياتين الخاصة والعامة للمؤمنين به، هي حقيقة مشابهة للواقع الإجتماعي للمؤمنين بغير الإسلام من الديانات. فالتغير الإجتماعي بين الهندوس أو المسيحيين، على سبيل المثال، يتشابه في تأثره بالفهم السائد لكل من الديانتين بين المؤمنين بهما. وبينما تؤثر المعالم المميزة للإسلام، على سبل فهم المسلمين وممارستهم له، في الأحوال المختلفة، فإن هذا الفهم ليس متفردا لدرجة أن يشذ عن مبادئ الحياة الإجتماعية، والسياسية، للمجتمعات الإنسانية بشكل عام. والدراسة المقارنة قد تظهر، على سبيل المثال، أن التاريخ المشترك، وخبرة زمن الإستعمار، والسياق الحاضر، يجعل ما بين بعض المجتمعات المسلمة، في شبه الجزيرة الهندية، وبين جيرانهم من مجتمعات هندوسية أو سيخية، أكبر حجما مما بينهم وبين مجتمعات المسلمين في صحراء أفريقيا، الذين يتشابهون بدورهم، مع جيرانهم من الجتمعات غير المسلمة. يستدعى مصطلح الهوية ليشير إلى شئ يتميز بالوضوح والثبات والإستقرار. لكنه من الواضح أيضا أن الناس ينظمون حياتهم لتكون أكثر انفتاحا ومرونة، مما يتيح لهم مدى أوسع من بدائل السلوك، والتي يمكنهم تبريرها، من خلال المعاني والمنظومات، الثقافية أو الدينية. وجميعنا ينتقي يوميا ما يود توكيده أو إهماله من جوانب هويته، استجابة لاعتبارات حركية أو استراتيجية، بحيث ندفع أو نحمي أهدافنا قصيرة أو طويلة المدى. وكمسلم يمكنني توكيد هوية إسلامية جامعة مانعة، أو قد أؤكد التسامح الاسلامي، وقبول الاختلافات الدينية، إذ يعتمد ذلك على وضعي الإجتماعي، كمنتم للأقلية أو الأغلبية الدينية، وعلى العلاقات السياسية السائدة بين المجتمعات الدينية في بلدي. بعبارة أخرى، فإن تكون الهوية وتحولها ليس أمرا ثابتا أو محتوما، بل هو عملية دينامية، تتطلب اختيارات متروية مدروسة؛ فالأفراد يكونون المعاني والقيم من خلال الرموز الثقافية، التي تتشاركها جماعات معينة؛ لكنه ليس نادرا أن يتنقل الفرد بين تلك الرموز، في مسيره بين الهويات الثقافية الإجتماعية المتنوعة. وتتضمن تلك الرموز "علائق بدائية"، كالإنتماءات اللغوية والدينية، والتي يتم تعلمها أو تكونها في مرحلة مبكرة من العمر، وكذلك رموزا حديثة، يتم تعلمها في مراحل لاحقة من العمر. وقد نتحول بين الرموز أحيانا على نحو "ذرائعي" أو محسوب، لا يتفق ضرورة مع الأهداف المعلنة أو المفترضة للرموز الأصلية. فضلا عن ذلك، فإن كل مجموعة من العمليات والتفاعلات تجمع سويا، عناصر هويات موجودة بالفعل، بعد تعديلها أو استرجاعها، مع هويات مستحدثة، أو خاصة بموقف بعينه. على سبيل المثال، يتضمن كوني مسلما في سياق معين، ما عناه كوني مسلما في الماضي، وهو ما تضمن ضرورة تفاوضات سابقة مع الآخرين حول معنى الهوية الاسلامية وغايتها، في الموقف المعين. وبعبارة أخرى، فإن تحديد الهوية عند أية مرحلة مفترضة، أو موقف خاص، هو حاصل للفاعلين، والسياق، والغاية، وكذلك لأي معنى أو محتوى، يربطه الفاعلون المختلفون بهوياتهم الشخصية، في علاقتها بهوية الشخص أو الجماعة الأخرى، التي يتعاملون معها. إن أحد جوانب عملية تكون الهوية وتحولها هو الحاجة إلى قبول تلك الهوية المفترضة أو الاعتراف بها. فمع أهمية التوحد الذاتي، إلا أن النجاح، حتى على هذا المستوى الشخصي والخاص، يعتمد على استجابة الآخر الخارجي، والذي تتأكد الهوية المستقلة في مواجهته. ولأنه ليس لدينا سلطان على إدراك الآخرين لنا، فإننا بحاجة لمفاوضتهم حول إدراكهم لهوياتنا، وارتباطهم بهذه الهوية من وجهة نظرهم. يصبح الحديث عن هويات منعزلة، أو مكتفية بذاتها، إذن، حديثا مضلِّلا، فطبيعة عملياتتحديد الهويات وتفاعلها مع بعضها البعض يقبل احتمالات مختلفة. على سبيل المثال، قد أخطو في موقف مفترضا أن الآخرين سيدركون هويتي الاسلامية بعداء، مما يدفعني إلى إخفاء، أو عدم تأكيد، هذا الجانب عن نفسي. لكني إن أدركت أن هويتي كمسلم لا تهم الآخرين، أو ربما قد تعمل لصالحي، فإني قد أكشفها، وهنا يصبح السؤال: أي مسلم يتوقعه أو يقبله الآخرون: ليبراليا، أم محافظا، أم تقيا. بل أكثر من ذلك، إن اندماجنا في مثل هذه التعبيرات الحركية أو الذرائعية، للهويات الثقافية أو الدينية، لهو من الشيوع والتلقائية بمكان، حتى أننا لا نكاد نعيه، أو نعترف به صراحة. وهكذا، فإن تعريف مفهوم الهوية يضيق أو يتسع اعتمادا على الفاعلين، والسياق، والغاية. هي عادة شفرة للخطاب الأخلاقي والسياسي، أو وكيلا لغايات متنوعة، مصرحا بها وغير مصرح. إنها تتضمن تعريفنا لأنفسنا –أين ومتى يتم هذا التعريف، ولأية غاية- وكذا كيف يدركنا الآخرون ويعاملوننا –وأخيرا كيف يتفاعلون مع أحد جوانب هويتنا أو أخراها. وجماعية كانت أو شخصية، فإن الهوية تضم مدى من الأفعال، والدوافع، والإلتزامات الجوهرية، والإنتماءات المساعدة. مثلا، هل يتطلب أو يفترض كون الإنسان هنديا مسلما عداء نحو الهندوسي، أو قبولا له كإنسان مساو، ومواطن هندي؟ على أي وجه يُفتَرَضُ أو يُتوقَّعُ أن يكون شعورُ باكستانيٍّ سني نحو شيعي أو أحمدي في كراتشي؛ أو شيعي إيراني نحو بهائي في طهران؛ أو تركي سني نحو عَلَوي في إستانبول؟ ليس أحد هذه العلاقات مطردا، أو محددا بحتمية، على وجه أو آخر، إذ يبدل أعضاء كل جماعة طريقة إدراكهم، أو تعلقهم، ببعضهم البعض. إن مفهومي الذات والآخر، وكذلك معاني القيم، وتكوينات الذاكرة، كلها عرضة لعمليتي النقض وإعادة التشكل، وهذا تحديدا ما يدعوني إلى توكيد أهمية تأمين فضاء لهاتين العمليتين، لتجريا تحت أفضل الظروف. وحقيقة أن أنصار التأويلات السائدة لجوانب الهوية الدينية أو الثقافية، المفترضة أو المدركة، يعرضونها عادة باعتبارها الموقف الشرعي أو الأصيل الوحيد للثقافة، من إحدى القضايا المثارة، تجعلنا نصر على إتاحة كل سبيل للمخالفة والحرية، لتأكيد الرؤى أو الممارسات البديلة. ووجود ثقافات متشابكة، وهويات مشتركة، بين الأفراد والجماعات، أي مسألة التشابه، لا تعني وجود ثقافات أو هويات متناغمة أو متسقة، أو أن تلك الرؤى يجب فرضها عبر الجماعات أو المجتمعات. والحقيقة الأخرى هي أن التنوع الداخلي لكل ثقافة، يشير أيضا إلى وجوب التسامح، وقبول الإختلافات، داخل كل ثقافة، وبين كل ثقافة وأخرى. هذه الرؤية لتكون الثقافة والهوية، وتحولهما، تؤكد الحاجة إلى حماية عمليتي النقض وإعادة التشكل، وفضائهما، لتوكيد هوية كل فرد، والسماح له مع ذلك بنقض معناها، أو لوازمها، بما يراه ضروريا. ففضاء كهذا ضروري للجدل الداخلي العام، وللحوار بين الثقافات، لتعبير الأفراد والجماعات عن ذواتهم. أدعو للعلمانية، والتعددية، والدستورية، وحقوق الإنسان، من وجهة نظر إسلامية، فأنا أعتقد أن هذا المنهج ضروري لحماية حرية كل إنسان، أن يؤكد هويته الثقافية أو الدينية، أو يعارضها، أو يحولها. حقي أن أَكُونَ نفسي يفترض، ويتطلب، قبولي واحترامي لحق الآخرين أن يكونوا ذواتهم أيضا، على النحو الذي يرغبون. ومبدأ المعاوضة أو المعاملة بالمثل هو الأساس الأصيل لعالمية حقوق الإنسان، كما سأبين في الفصل الثالث. الشرعية الثقافية للتغيير الإجتماعي نفس هذه الحقيقة للتنوع الثقافي داخل وبين الثقافات، والحاجة لتأمين إمكانيات الإجماع، وكذلك التعارض، بينها، تؤكد أهمية ضمان الشرعية الثقافية للتغيير الإجتماعي. ومفهوم الشرعية الثقافية يعني أنه بما أن السلوك الإجتماعي، وبالتالي إمكانية التغيير الإجتماعي، يحدث داخل منظومة معيارية لكل ثقافة، فإن تغيير بتلك المنظومة يجب أن يكون مفهوما، ومترابطا منطقيا داخل الإطار نفسه. ولا يصح ادعاء الحياد الثقافي للمنظومة المعيارية، فهي بالضرورة نبت أصيل، ودائم، لثقافتها. وكل ما يفعله الإنسان، من نشاط وتفاعل حياتي يومي، إلى تلك الأنشطة الدينية أو الرمزية العميقة، هو أيضا من غرس الثقافة. ونحن نميل لعدم إدراك ذلك، لأن ثقافتنا قد استبطنت بعمق باعتبارها "السبيل الطبيعي" لكل ما نفعله لوجودنا. وبمجرد إدراكنا أن سبل وجودنا، وأفعالنا المختلفة، ليست في الحقيقة معيارا عالميا لكافة الناس، بل أحيانا ولا حتى لبعض ممن يحيون بين ظهرانينا، سنقدر صعوبة الحديث عن قيم أو معايير عالمية، دون أن نجابه حقيقة التنوع الثقافي الدائم والأصيل. ومع ذلك، فإن إدراكنا لاستحالة الحياد الثقافي، لا يعني أنه يستحيل عقد إجماع، على معايير أو أطر عالمية الصالحية والتطبيق، كالدستورية وحقوق الإنسان، كما سيرد البيان في الفصل الثالث. وإنما يكون اعتبار الشرعية الثقافية هو خطوة أولى لتحقيق عالمية أصيلة، عبر إجماع حول تلك المفاهيم، سواء على المستوى الثقافي المحلي، أو القومي، أو الدولي. وبخصوص حقوق الإنسان، مثلا، فإن الفهم العالمي، والفهم المرتبط بثقافة أو سياق معين، يمكن أن يتساندا، إعتمادا على إدراك الفاعلين المختلفين للعناصر النسبية للعملية، وتفاعلهم مع مختلف الفاعلين والعوامل والسياقات. ومع إدراك أن كلا من النتائج الإيجابية والسلبية محتمل، فإنني معني بمعالجة هذا التوتر الدائم، بما يخدم دفع عالمية حقوق الإنسان، من وجهة نظر إسلامية. إن القول بتوتر دائم يحتاج إلى معالجة مستمرة لا يعني أن القيم والمعايير العالمية، وتلك المرتبطة بسياق أو ثقافة معينة، لا يلتقيان أبدا. إن الرؤية الثنائية تلك مضللة، لأنها إما تفترض أن حقوق الإنسان محايدة ثقافيا أو سياقيا، أو أن مفهوما لحقوق الإنسان قد نشأ داخل ثقافة معينة لا يمكن قبوله أو تطبيقه فيما سواها من الثقافات والسياقات. إن منظومة معيارية، مثل حقوق الإنسان، تسعى للتأثير على سلوك الأفراد، والمؤسسات الإجتماعية والسياسية التي تنظم حياتهم، لا يمكن أن تكون إلا ناتجا للثقافة، حتى نفهمها ونطبقها عمليا في سياق معين. مثل هذه المعايير لا يمكن تخيلها أو فهمها بمعزل عن الخبرات الواقعية لأولئك الذين يفترض بهم تطبيقها. لكن تشارك الخبرات الإنسانية، وتشابه سياقاتها، تعني أيضا إمكانية اختراع وتطبيق استراتيجيات تعزز قيما متشابهة في ثقافات أخرى، شريطة أن تولي تلك الجهود احتفاء بالإطار المرجعي الداخلي لهذه الثقافات. هنا يمكن لمعايير حقوق الإنسان العالمية أن تنشأ، والتي تتشارك، تعريفا، بين كل الناس في كل مكان. وكما سأؤكد في الفصل الثالث، فإن مقولة غربية حقوق الإنسان مقولة هشة؛ فكيف تكون حقوقا للإنسان إن كانت غربية فحسب؟ في نفس الوقت، على تلك الحقوق أن تكتسب شرعيتها داخل الخطاب الثقافي لكل مجتمع، غربيا كان أم غير غربي. وهكذا، يمكن تعريف الشرعية الثقافية كمقدرة على التواؤم والاتساق، مع المبادئ والمعايير المتفق عليها للثقافة المعنية، مستندين بذلك إلى القوة والمصداقية العائدة إلى صلاحيتها الداخلية. وتُحتَرَمُ القيمةُ أو المعيار، شرعيا الثقافة، من المنتمين لثقافة ما، لما يحدثانه من إشباع، لحاجات أو أهداف معينة، في حياة هؤلاء الأفراد ومجتمعاتهم؛ ومعرفة أن هذا حقيقي، للمعيار الوارد أو المعدل حديثا، ضرورية لنجاح هذه العملية. وليس هذا صعبا كما يبدو، فمثل هذه العملية تجري باستمرار داخل كل ثقافة، عبر النقض والتحول الداخليين. ولاحتمال وجود صراعات أو توترات بين المفاهيم المتنافسة، للحاجات أو الغايات، الفردية أو الجمعية، فهناك تغير وتوافق دائمين، لمعايير كل ثقافة أو قيمها، مما يُحترَمُ ويُتَّبَعُ. وليس كافيا لأنصار التغيير أن يتشبثوا بموقفهم الداخلي من الثقافة، بل عليهم أن يستخدموا من الحج ما يصح داخل ثقافتهم تلك، حتى يقنعوا المنتمين لها. بهذه الطريقة، فإن عرض وجهات النظر البديلة، وقبولها، يجري من خلال خطاب داخلي متماسك داخل الثقافة. ومعايير الصحة الداخلية لكل مبادرة، لضمان شرعيتها الثقافية للتغيير، تختلف من حالة إلى أخرى، داخل نفس الثقافة أو المجتمع، كما تختلف بين المجتمعات، لكن هذا أيضا مما يمكن معالجته وإعادة تشكيله. ورغم أن هذه المقاربة تزيد من إمكانية الاعتماد على تعارض الثقافة المحلية مع حقوق الإنسان، فإنني لا أجد بديلا لمنهجية أساسية من الشرعية الثقافية التي يمكن تحسينها باستمرار وعبر الزمن من خلال الممارسة. على سبيل المثال، قد تستخدم الثقافة لتبرير التمييز ضد المرأة، أو العقاب الجسدي للأطفال، باعتبار أن ذلك من مصلحتهم. ورفض الحجج الثقافية الداعمة لتلك الرؤى لا يجدي عادة نفعا في الواقع. بل إن النساء أنفسهن سيدعمن على الأغلب قمعهن إن اعتقدن أنها "إرادة الله" أو إحدى ثوابت ثقافة مجتمعاتهن. على النقيض، فإن مقاربة تعترف بقيمة احترام إرادة الله، أو الثقافة التقليدية، ثم تتساءل بعدها عن معنى هذه القيمة في الظروف الحالية، هي على الأرجح مقاربة أكثر حظا في الإقناع. وكمسلم، فلو خيرت بين الاسلام وحقوق الانسان لاخترت قطعا الاسلام. لكن إن بُيِّنَ لي أن كليهما متسقان، لرحبت بسعادة بحقوق الانسان، كتعبير عن قيمي الدينية، لا بديلا لها. وكمسلم مدافع عن حقوق الإنسان، أجد واجبا علي أن ألتمس السبل، لبيان ودعم مقولة الاتساق، بل الترابط، بين هذه الحقوق والاسلام، رغم أنها قد لا تتسق مع بعض تأويلات الشريعة. إن قوة أي تغيير يستند إلى مصداقيته الداخلية أمر حاسم لعدة أسباب ترتبط بديناميات العلاقات والتفاعلات الإجتماعية. فأولا، قد يدرك المجتمع، من خلال موقف استعادي، التغيير باعتباره موجبا ومفيدا، لكن الغالب أن هذه التغييرات سيقاومها حراس النظام السابق، باعتبارها سلبية ومؤذية. وتقدير هذه النقطة يسمح لكلي طرفي الجدل حول قضية ما من تفهم وجهة النظر الأخرى والتعامل معها. فليس أنصار التغيير، أو خصومه، ممن يتأصل شرهم، أو استبدادهم. في الواقع، إن أنصار التغيير قد يخدمون الأهداف المشروعة لمجتمعاتهم المتطورة، بينما يخدم خصومه حاجات نفس المجتمع بمقاومتهم للتغيير، حتى يتبدى لهم عكس ذلك. وفي النهاية، فإن الدفاع عن حقوق الإنسان يشمل بالطبع حقوق أولئك الذين يعارضوننا، أو الذين لا تعجبنا آراؤهم. بل أكثر من ذلك، علينا أن نولي عناية أكبر باحترام حقوق من يعارضنا، عن أولئك الذين يوافقوننا ونحبهم، لأن الغالب هو ميلنا إلى انتهاك حقوق أعدائنا لا أصدقائنا. واتساق كهذا هو من الأهمية بمكان لمصداقية مبدأ حقوق الإنسان ذاته. ثانيا، نظرا لاعتماد الفرد على مجتمعه، الذي يملك مقدرة عظمى لغرس أو فرض الامتثال على أفراده، فإن السياسة العامة، والفعل العام، يغلب عليهما التوافق مع مثاليات المعايير والأنساق الثقافية أكثر من الأفعال الشخصية. وتغيرات السلوك العام لذلك تأخذ عادة زمنا أطول، لميل الأفراد إلى الامتثال لحين أن يفشو قبول المعيار الجديد. وبعبارة أخرى، فإن المعارضة الواسعة والمفتوحة تهدد بقوة أصحاب السلطان في المجتمع، الصفوة التي تتلاقى مصالحها مع الوضع الراهن. وفي قمعها للمعارضة تشدد تلك الصفوة على حتمية الحفاظ على استقرار المجتمع، ومصالحه الحيوية، لا أن تقر بأنها في الحقيقة مصالحها الذاتية تلك التي تبتغي حمايتها. يصبح السؤال إذن: من يملك السلطة لتحديد ما يشمله الصالح العام؟ ومادة القضية المتنازع حولها تغدو وسيطا للكفاح الدائم. وتؤكد هذه العوامل على الحاجة إلى دعم المثاليات الثقافية، عند تقديم أي مقترح جديد للسياسة أو الفعل العام، لتفادي نجاح مقاومة أولئك الذين ينصبون أنفسهم حماة لاستقرار المجتمع ورفاهيته. إن تشديدي على دور الفاعلين الداخليين، والخطاب الداخلي، لتعزيز الشرعية الثقافية للتغيير الإجتماعي، لا يعوق الدور الذي يمكن أن يلعبه الفاعلون الخارجيون، في دعم قبول ذلك التغيير. لكن أولئك الفاعلين الخارجيين لا يمكنهم التأثير بفاعلية، على موقف داخلي، إلا من خلال اندماجهم في الخطابات الداخلية لنفس القيم، بمجتمعاتهم أنفسهم، مما يمكن المشاركون في ثقافة ما، من الإشارة إلى العمليات المشابهة، في الثقافات الأخرى. والأفضل أن يدعم هؤلاء الفاعلون الخارجيون حقوق الداخليين في مواجهة المدرَكات السائدة دون أن يكون ذلك بتدخل سافر، لكي لا يحطوا من مصداقية رفاقهم. وعلى المدافعين عن التغيير في المجتمعات المختلفة أن ينغمسوا في حوار بين الثقافات، لتبادل الرؤى واستراتيجيات الخطاب الداخلي، وليدعموا القبول العالمي لأهدافهم المشتركة. والحوار بين الثقافات يمكنه أيضا دعم القيم المشتركة، على مستوى نظري أو مفاهيمي، بإلقاء الضوء على المشترك خلقيا وفلسفيا، بين الثقافات والخبرات الإنسانية. دور الواسطة الإنسانية كما أكدنا سالفا، فإن أي مبادرة للتغيير الإجتماعي، لكي تصبح ممارسة إجتماعية راسخة، فلا بد لها من أن تغزل داخل نسيج الحياة اليومية، والممارسة الإجتماعية، للناس. والطبيعة المتسعة، بعيدة المدى، لهذه العملية، تشير بوضوح إلى ضرورة العمل على مستويي الدولة والمجتمع، وأن هذين البعدين من التغيير، يلزم تكاملهما وتعاضدهما. ومنهجية ضمان الشرعية الثقافية للتغيير الإجتماعي، تؤكد تلك الإستراتيجية المزدوجة للتغيير على مستوى القانون والسياسة، كما تعمل على جعل تغيرات السياسات تلك ذات معنى، في الحياة السياسية والإجتماعية للمجتمعات. على أية حال، تفترض هذه المقاربة لونا معينا من العلاقة بين الدولة ومواطنيها. النظر للدولة كوسيط لنوع التغيير المؤسسي المرغوب لا يعني تمام استقلالية الدولة، بحيث تتصرف مستقلة عن القوى الإجتماعية والسياسية داخل سكانها، أو بحرية عن محددات مصادرها أو غيرها من العوامل. في الواقع، إن بنية الدولة وطبيعتها، وإرادتها ومقدرتها على التصرف، هي نتاج عمليات داخلية أساسية، سياسية و اجتماعية واقتصادية، وكذلك مؤثرات خارجية ودولية. وككيان سياسي، لا فكاك لوجوده عن هؤلاء الذين يحكمون بسلطة الدولة، وأولئك الذين يقبلون سلطانهم، فإن مقدرة هؤلاء الموظفين على التصرف هي بداية سلطة سياسية. وبغض النظر عما يتاح لهم من موارد مادية، أو قوى جبرية، فإن الصفوة التي تتحكم في الدولة تعتمد على الإرادة العامة للشعب، لقبول تصرفات الدولة، أو على الأقل الإذعان لها. وذلك لأن المتحكمين في الدولة ما هم إلا قطاع ضئيل من أولئك الذين يقبلون سلطاتها، ومقدرتهم على فرض إرادتهم بالقوة المباشرة تنهار أمام المقاومة العريضة المستمرة. يحتاج المتحكمون في الدولة إذن إلى إقناع الأغلبية العظمى، أو حثها، للخضوع لقوتهم وسلطانهم، وهو يتوسلون لذلك بزعمهم العمل باسم إرادة الأغلبية، أو العمل وفقا لأفضل مصالحها. لا يعني ذلك أن تفقد سلطة الدولة نفاذها، بل فقط الإشارة إلى الحاجة إلى الإقناع، والتي تتيح بعض الإمكانية للتغيير. إنه لمن الغرور والغطرسة أن ندعي أن الناس يقبلون السياسات أو يذعنون لها لأنهم لا يعرفون مصلحتهم. مع ذلك، فهذا مايوحي به كل جهد خارجي لفرض حقوق الإنسان، أة غيرها من المعايير، على الناس. وسواء اعتمد ذلك على قوة التقاليد، أو الموقف الديني أو الأخلاقي للصفوة الحاكمة، فالناس لا يخضعون لسلطان يهدد، أو يحقر من، مصلحتهم الذاتية الأساسية في الوجود الإنساني. وما أعنيه بالوجود الإنساني هنا هو أكثر من النجاة الجسدية، إذ يشمل إحساسا بالعدالة الإجتماعية، والكرامة البشرية. تحدي المدافعين عن التغيير إذن هو تحريك حاجة الناس إلى العدالة والكرامة، لكي يتغلبوا على قوة السلطة المادية أو المعنوية المضادة، وكذا مخاطر القمع الوحشي. قد يكون صحيحا أن الناس ثقافيا مهيئون للخضوع لسلطة القادة الدينيين أو التقليديين، لكن هذا الميل سرعان ما يتضاءل، أمام الإدراك الواضح بأن التغيير الإجتماعي المقترح، مقنع بدرجة تتغلب على تلك التنشئة. وبعبارة أخرى، فإن ضعف تصميم الناس على مقاومة انتهاكات حقوق الإنسان يعكس ضعفا، أو نقصا، لاقتناعهم بضرورتها لوجودهم الإنساني. العلاج إذن لابد مشتمل على تعزيز قناعة الناس بأن حقوق الإنسان قيِّمَة وجوهرية لحياتهم ورفاه مجتمعاتهم. مفتاح ذلك كله، في النهاية، هو مقدرة الواسطة الإنسانية لأنصار التغيير الإجتماعي، على تحفيز الواسطة الإنسانية للناس على عمومهم، لصالح التغيير المقترح، سواء كان في حقوق الإنسان أو ما سواها. ومنهجية الشرعية الثقافية تؤكد الدور المركزي للواسطة الإنسانية، بالتمسك بالحياة الثقافية والإجتماعية للأفراد والمجتمعات، باعتبارها القوة الدافعة للتغير، لا أن تتخذ هؤلاء الأفراد والمجتمعات كيانات سلبية لاستقبال ذلك التغيير. في نفس الوقت، فإن الواسطة الإنسانية تعمل من خلال الشبكات الإجتماعية للحركة والتفاعل، مما يؤكد الحاجة إلى التعاون والتضامن. ومن الواضح أن شيئا لا يحدث في العلاقات الإنسانية، خيرا كان أم شرا، دون واسطة من بعض الأشخاص أو الجماعات، التي تنجح أو تفشل في القيام بعمل ما. لكنه من الواضح أيضا، أن مفهوم الواسطة الإنسانية ذاك يجب أن يضم كل الناس، خاصة في عالم اليوم المعولم، ولا يمكن قصره على المسلمين فحسب. بالتالي، فإن نتيجة الواسطة الإنسانية لأي مجتمع هي مشروطة بما يحدث في العالم حولنا، لا ما يجري في داخل مجتمعاتنا وحدها. لربط ذلك بمركز اهتمام هذا الكتاب من وجهة نظر إسلامية، لنا أن نستدعي حقيقة أن تاريخ الفكر الإسلامي يظهر دورا مركزيا للواسطة الإنسانية في تأسيس الشريعة كنظام متكامل وقادر على الاستجابة لاحتياجات المجتمعات الاسلامية على مدى التاريخ. وكما أكدنا سابقا، ونشرح تفصيلا لاحقا في الفصول التالية، فإن الطبيعة الأصيلة للشريعة هي كونها ضرورة ناتجا للتأويلات البشرية للقران وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. تم هذا التطوير على أيدي علماء وفقهاء، طوروا وطبقوا منهجية أصول الفقه، باستقلال تام عن الدولة، وعناية كاملة بظروف وهموم مجتمعاتهم، ومؤسساتهم السياسية. قبل هؤلاء العلماء تنوع الآراء كظاهرة صحية وخلاقة لعملهم، أثناء سعيهم لإيجاد إجماع فيما بينهم وما بين مجتمعاتهم. وهكذا، استقر كل مبدأ للشريعة من خلال الإجماع والطاعة الطوعية للمسلمين بشكل عام، وليس أبدا من خلال السلطان المؤسسي، رسميا كان أم غير رسمي. وبعبارة أخرى، فإن صحة أي مبدأ للشريعة، وسلطانه على المسلمين، كانا دوما ناتجا للواسطة الإنسانية لعلماء المسلمين ومجتمعاتهم، عبر أجيال عدة. يفتح تقدير مركزية الواسطة الإنسانية، سواء في تأويل الشريعة، أو في التغيير الإجتماعي، الباب على مصراعيه لكل ألوان الإمكانيات المبدعة، للإصلاح والتحول. وهذا صحيح بشكل خاص في أزمنة الأزمات الصارخة، كالتي تعيشها المجتمعات الإسلامية اليوم، إذ تدفع تلك الأزمات المسلمين أن يسائلوا افتراضاتهم السائدة، ويتحَدُّوا مؤسساتهم القائمة، والتي فشلت في الوفاء بوعدها من التنمية والتحرر. تفتح تلك الأزمات فرصا جديدة للواسطة الإنسانية المبدعة، والتي هي قدرة الناس على الإمساك بزمام حياتهم، وإدراك غاياتهم الخاصة، لتصبح بذلك مصدرا وسببا للون التحول الذي أقترحه. لكنه ليس بوسعنا الجلوس جانبا وانتظار النتائج المرجوة أن تتحقق بنفسها، لأن المجتمعات ببساطة تمر بأزمات خانقة. علينا نحن أيضا أن نُعْمِلَ واسطتنا الإنسانية، من خلال الفكر النظري، والتطبيق العملي، لندفع بمبادراتنا إلى لون التغيير الإجتماعي الذي ننشده. من الضروري وجود نظرية جيدة تقود الفعل، لكنها يجب أن تكون عملية أيضا حتى تكون جيدة في المقام الأول. وإنه من وجهة النظر تلك أنطلق الآن لأبين مآمل أن يكون نظرية جيدة، بوسعها أن تحرك وتنهز المسلمين في كل مكان، للعمل على التحول الإجتماعي الإيجابي المنشود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عاد إلينا الدكتور ياسر الشريف .. والعودُ أحمد . ثريا مُستفيضاً في القول .
بذلك يعيد الحوار أركانه :
النظر من خارج الانتماء كمُحب لرجل صاحب رؤية تستحق الوقوف عندها ، وبين منتمي للفكرة قلباً وقالباً ، وبين ناقد مطبوع بالقراءة الناقدة ، ورغب أن يُنير الطريق نحو دراسة موضوعية لرؤى الأستاذ محمود ، التي يراها خير تكريم له . بذلك اشتركنا جميعاً :
شخصي و
الكاتب : الدكتور ياسر الشريف و
الكاتب : الأستاذ أسامة الخواض
ثم نواصل 16/06/07
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
من هو رسول الرسالة الثانية؟؟؟؟ مقدمة في شكل ضوء خافت ************ للحديث عمن هو رسول الرسالة الثانية كما ورد في خطاب الاستاذ ،لا بد من مقدمة.والمقدمة تهدف الى القاء ضوء خافت حول مسالة الولاية والنبوة والرسالة.ذلك ان خطاب الاستاذ في تبشيره وتفصيله للرسالة الثانية ،كان لا بد له من تأويل يقول بامكانية الرسالة اصلا .ذلك ان الفهم السائد هو ان الرسالة قد ختمت.
و يبدو انه اعتمد على التفريق بين النبوة والرسالة والولاية.
في كتابه "طريق محمد" يتحدث الاستاذ باستفاضة عن الفرق بين تلك المستويات الثلاثة المشار اليها سابقا. يقول الاستاذ في طريق محمد عن النبوة والرسالة والولاية :
Quote: فكأن المراتب الثلاث ، نبوة أهلت ، من أسفلها ، لرسالة ، وأثمرت ، من أعلاها ، ولاية .. ثم ان هذه النبوة لا تستقر ، وإنما هي منطلقة في مراقي الزيادة ـ علم ، وعمل بمقتضى العلم ـ وفي ذلك قال تعالى لنبيه : (( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ، وقل رب زدني علما )) . وكلما زادت أنوار النبوة ، زاد التأهيل للنهوض بأعباء الرسالة من جانب ، وتندحت الولاية بأطايب الثمرات من الجانب الآخر .. وما ثمرات الولاية إلا دقائق المعرفة بالذات العلية .. وإنما بهذه المعرفة لدقائق ، ولطائف ، أسرار الذات القديمة ، تتوحد الذات المحدثة .. وذلك باتساق القوى المودعة في البنية البشرية ، اتساقا به يتم السلام الداخلى ، وبه يحقق كل فرد فرديته التي بها ينماز عن أفراد القطيع البشري .. فإن تحقيق فردية كل فرد منا بفضل توحيد ذاته البشرية هو غاية المراد من تعبدنا الله بعقيدة التوحيد ، ذلك بأن ذات الله في غنى عن التوحيد ، وإنما المحتاج للتوحيد هي الذات البشرية التي فرقها الخوف أباديد .. |
هل الحديث هنا عن ختم الاولياء كما ورد في خطاب ابن عربي ؟؟ في عرضها لكتاب شودكيفيتش ،تقول-سعاد الحكيم: الباحثة المتخصصة في ابن عربي:
Quote: فالولاية، على حدِّ ما يعرِّف بها شودكيفِتش مرارًا في هذا الكتاب، هي قُرْب، ولكنه قرب مزدوج: قرب من الله، وقرب من الناس. فإذا كان "الإنسان الكامل" شجرة أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء، والحقيقة المحمدية "برزخًا" بين الحقِّ والخلق، فالولي وريث يجمع الأعلى والأسفل. |
http://maaber.50megs.com/ibn_arabi/ibnarabi_5.htm وكلام ابن عربي عن الولاية يقترب كثيرا من كلام الاستاذ عن الولاية. لكن تبقى المسالة هي الكلام عن ختم الاولياء ،كما يتحدث بذلك ابن عربي،ومن هو ذلك الختم؟ وهل ان رسول الرسالة الثانية هو ختم الاولياء؟؟ ******* نختم هذه المقدمة الموجزة ببعض من اقوال تلميذ لابن عربي هو عبد الكريم الجيلي صاحب الانسان الكامل في معرفة الاواخر والاوائل.
في الباب الثالث والستين :في سائر الاديان والعبادات ص نمرة :259،
يقول عبد الكريم الجيلي في الانسان الكامل عن النبوة والولاية والرسالة:
Quote: فعلم من هذا أن ولاية النبي أفضل من نبوته مطلقا،و نبوة ولايته أفضل من نبوة تشريعه، ونبوة تشريعه أفضل من رسالته،لان نبوة التشريع مختصة به، والرسالة عامة بغيره، و ما اختص به من التعبدات كان افضل مما تعلق بغيره،فان كثيرا من الانبياء كانت كانت نبوته نبوة ولاية . |
ثم يذكر بعض الامثلة كالخضر في بعض الاقوال ،وكعيسى إذا نزل الى الدنيا فانه لا يكون له نبوة تشريع وكغيره من بني اسرائيل، وكثير منهم لم يكن رسولا بكل كان مشرعا لنفسه،ومنهم من كان رسولا ‘لواحد،ومنهم من كان رسولا الى طائفة مخصوصة، و منهم من كان رسولا الى الانس دون الجن، ثم يحدد فرادة رسالة محمد ص:
Quote: ولم يخلق الله رسولا إلى الاسود والاحمر والاقرب والابعد إلا محمد صلى الله عليه وسلم ،فإنه ارسل الى سائر المخلوقات ،فلهذا كان رحمة للعالمين. |
كلام الجيلي يرى ان الرسالة قد ختمت ،ذلك ان محمد "ص" هو الوحيد الذي ارسل الى سائر المخلوقات. ******* في سبيل الاجابة عن السؤال الرئيس الذي يواجه القول برسالة ثانية ،وهو : من هو رسول الرسالة الثانية؟؟ كانت هنالك اجابات متعددة لكنها ،متسقة. وسنعود الى ذلك . المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
مرحبا بالصديق حيدر بدوي صادق ولك خالص التقدير لكن لا بد من ملاحظة مهمة تتعلق بامر هذا البوست، في فضاء اسبيري روحه النقاش. بعد غياب الصديق ياسر الشريف ، اصبح البوست عبارة عن اوراق نتبادلها ، بدون اي تعليق . هذا لن يؤثر في ما ساقوم ببسطه هنا، لكن يبقى سؤال مهم: لماذا الصمت ؟؟؟خاصة انه قد طرحت مواضيع متعددة تتعلق بخطاب الاستاذ، وبالخطاب الجمهوري؟؟؟ المهم، سنواصل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي الشقليني لك رذاذ من سماء الكتابة
تبدو واضحة ازمة الجمهوريين من خلال هذا البوست الذي طرح قضايا متشعبة كثيرة،تحتاج الى نقاش ،والى استفاضة والى تحقيق .وهذا ما كنا وما زلنا نسعى اليه في مقاربتنا لخطاب الاستاذ والخطاب الجمهوري.
ووضوح الازمة يتمثل في ان الاخوان الجمهوريين ،يشاركون في بوستات السلفيين ، ولا يشاركون في مثل هذا البوست ،رغم انفتاح البوست على موضوعات كثيرة في خطاب الاستاذ.
و حتى صديقنا حيدر بدوي ،لم يشارك معنا هنا ،سوى برفع البوست،وهذا جهد مشكور ،لكنه لا يرقى لمقام الدكتور في الحركة وقامته الاكاديمية .
كنا نأمل في مشاركة الدكتور النور حمد ،لكن يبدو ان هنالك مانعا ما .
المهم يا سيدي ، سنقول بقولنا ، و نمضي في حال سبيلنا ، لكن كان عشمنا في ان الاستاذ يستحق اكثر من ذلك الصمت.
محبتي للمتابعات والمتابعين ،
وسأعود بعد قليل بمداخلة . المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
السؤال الرئيس عمن هو صاحب الرسالةالثانية، تمت الاجابة عليه بشكلين: الشكل الاول ان محمد "ص" هو صاحب الرسالتين. والشكل الثاني يتمثل في الاجابة عن السؤال التالي: وكيف سيأتي محمد "ص"؟؟ ذلك ، ان محمدا "ص" وحده لا يكفي ، لانه غير موجود بالرغم من قول الاستاذ من انه اتى الى مكة ، من القرن العشرين، ولم يوضح الاستاذ لماذا انه لم يات بما يناسب قرنه اي القرن السابع، وأتى اليهم بما لا يناسب القرن السابع ؟؟ المهم ، رؤية الاستاذ تستند انه اتى اليهم ،لسبب غير مفهوم، بمستوى القرن العشرين، لكنهم بسبب ان حاجتهم بسيطة،لم يتسجيبوا اليه ، فتنزلت الرسالة الاحمدية الى رسالة محمدية. لكن السؤال يطرح نفسه ، وبقوة، كيف سيأتي اليهم في القرن العشرين؟ كانت الاجابة عبر التبشير بالرسالة الثانية، ومن ثم ضرورة توفر الفهم من قبل رجل او انسان، فكان ذلك الرجل. وسنعود بالأمثلة. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
عذرا فاتني ان اقول ان المناخ الديني الذي ظهرت فيه تباشير الرسالة الثانية ، كان مرتبطا بما ورد في حوار ابن البان مع الاستاذ. لم ينكر الاستاذ دعوته لظهور المسيح في السودان، و لذلك كان القرن العشرون بالنسبة اليه ، هو بداية نهاية التاريخ. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
العزيز الكاتب : أسامة الخواض تحية واحتراما
التحية لك وأنت تجتهد للسعي وراء خطاب الأستاذ / محمود محمد طه ، فهو من القلائل الذين جلسوا لرؤية واضحة . تذكرت ما تحدثت أنت عنه ، وعتابنا الظاهر ، والخفي بين النصوص .
يحتاج منا الصبر لرصد الزمان في خطاب الأستاذ ولا سيما :
1. ( القرن العشرين ) ، أ هي زمن ضربه مثلاً أم هو خطاب زمان الرسالة الثانية في مقابل الرسالة الأولى ؟ 2. الإسلام الأول والإسلام الثاني في حاجة للتفريق بينهما كمصطلح ، فأجد دوماً لبساً عند ذكر الإسلام نكون في حاجة للحديث عن أي إسلام : أ هو إسلام سلم الأستاذ السباعي الأول أم الأخير ؟ 3. أزمة المسيح وموته تم التداول بشأنها قبل موت الحلاج ومن بعد مقتله منذ ألف عام . وكنت في حاجة لشهادات من جلسوا من تلامذته وأصحابه معه قبل اعتقاله الأخير ، فقد كانت روح الفداء طلقة من لسانه ، وتحدث كثيراً عن السيد المسيح . فنحن من بعد في حاجة لتوثيق ما قاله أو ما تم تسجيله إن وجد .
ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
العزيزان عبد الله وأسامة،
تحية ملؤها المحبة والتقدير ووافر الشكر على حسن ظنكما بي. نعم، أقر بتقصيري في المشاركة في الحوار في ظل هذا المستوى الراقي من المناظرة الفكرية الرفيعة.
سأعود لطرح رايي في النقاط التي أثرتموها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
شكراً لك أيها العزيز حيدر على هذا التواضع الجم ، والإطراء الذي هو فوق ما نستحق ، ونتمنى أن نكون قد أفسحنا فيما قاله و نتلمس أطراف ما لم يقله ... وإني لأرى أن هنالك الكثير من رؤاه احتجبت بسبب قصر قامة الزمان الذي ولد فيه في السودان .
شكراً لك
ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
في الاجابة على السؤال الرئيس ،عمن هو رسول الرسالة الثانية ،كانت هنالك اجابات متعددة . و من ذلك القول بان محمدا هو رسول الرسالة الثانية ،كما في الامثلة التالية: *محمد كرسول للرسالتين: يقول الاستاذ في كتابه: الاسلام
Quote: وقد بلغ المعصوم الرسالتين معا ، بالقرآن ، وبالسيرة التي سارها بين الناس ، ولكنه فصل الرسالة الأولى في تشريعه ، وأجمل الرسالة الثانية ، اللهم إلا ما يكون من أمر التشريع المتداخل بين الأولى والثانية ، فإن ذلك يعتبر تفصيلا في حق الرسالة الثانية أيضا ، ومن ذلك ، بشكل خاص ، تشريع العبادات جميعه |
ويوضح الاستاذ الفرق بين الرسالتين من خلال "الشهادة ". اي الفرق بين الشهادة المثنية و الشهادة المجردة. يقول في ذلك:
Quote: .. وظاهرة الرسالة الأولى أنها تبدأ بقول (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) ، وتنتهي بقول (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) فهي كالصورة الفوتغرافية الثابتة ، إلا قليلا ، وأما ظاهرة الرسالة الثانية فإنها تبدأ بقول (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) وتنتهي بقول (( لا إله إلا الله )) المجردة ، فهي كالفلم السينمائي يتحرك من بداية إلى نهاية ، في تطور مستمر . ومعنى تجريد الشهادة معرفـة مكانة الله ، من مكانة محمد . وهـو تمام التوحيـد ، والله تعالى يقول لنبيه الكريم : (( وأنزلنا إليك الذكـر لتبيـن للناس ما نـزل إليهـم ، ولعلهـم يتفكرون . )) |
وفي مقدمة الطبعة الرابعة من كتابه: من دقائق حقائق الدين يقول الاستاذ عن الرسالتين الاولى والثانية:
Quote: فالاسلام رسالتان .. رسالة الامة المؤمنة ، وقد مضى وقتها! ورسالة الامة المسلمة ، وقد جاء وقتها! وقد جاء النبى الكريم بالرسالتين معا ، وتضمنهما القران ، معا |
وفي كتابه "الاسلام وانسانية القرن العشرين"، يقول الاستاذ:
Quote: الرسالة الثانية من الإسلام“ هي مراد الدين بالأصالة، في حين أن „الرسالة الأولى“ قد كانت المراد بالحوالة.. ورسول الرسالتين „محمد“.. |
وفي طريق محمد:
Quote: ويؤخـذ من دقائـق حقائق الدين أن نبينا رسول الأمتين : الأمة المؤمنة ـ الأصحاب ـ .. والأمة المسلمة ـ الأخوان ـ .. وأنه بذلك صاحب رسالتين : الرسالة الأولى محمدية ، والرسالة الثانية أحمدية .... |
وفي مقدمة الطبعة الثالثة لكتاب "طريق محمد "، والتي يصفها بالمقدمة الطويلة ، يقول الاستاذ:
Quote: ومحمد ، وهو رسول للأمة المسلمة ، صاحب رسالة أكبر منه وهو رسول للأمة المؤمنة .. فهو في رسالته للمسلمين أحمدي ، وفي رسالته للأمـة المؤمنـة محمـدي ، وسبب الفـرق بين الرسالتين حكم الوقت .. الفرق بين وقت الرسالة الأولى ـ القرن السابع ـ .. ووقت الرسالة الثانية ـ القرن العشرين ـ |
وفي نفس تلك المقدمة يقول الاستاذ:
Quote: ويؤخـذ من دقائـق حقائق الدين أن نبينا رسول الأمتين : الأمة المؤمنة ـ الأصحاب ـ .. والأمة المسلمة ـ الأخوان ـ .. وأنه بذلك صاحب رسالتين : الرسالة الأولى محمدية ، والرسالة الثانية أحمدية .. ، |
*محمد وعلاقته بالرسالة الثانية:
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد القول بان محمدا "ص" هو رسول الثانية ،هو ما هي علاقته بتلك الرسالة الثانية؟ الاجابة تمثلت في انه فصل ما تداخل بين الرسالتين الاولى والثانية ومارسها في خاصة نفسه من خلال التشريعات الخاصة به كنبي ،والتي ستتحول من تشريع خاص به الى تشريع عام لكل الامة في الرسالة الثانية.
ويتحدث الاستاذ في الباب السادس من الرسالة الثانية عما ورد من تفصيل من الرسالة الثانية في حياة الرسول المحمدي:
Quote: الرسالة الثانية هي الإسلام ، وقد أجملها المعصوم إجمالا ، ولم يقع في حقها التفصيل إلا في التشاريع المتداخلة بين الرسالة الأولى وبينها ، كتشاريع العبادات ، وكتشاريع الحدود ، |
ويقول في كتابه: حقائق من دقائق الدين
Quote: ولم يقع فى حق الرسالة الثانية تفصيل الا فى معنى ان النبى قد عاشها ، فى خاصة نفسه ، وقد صارت بذلك سنته ، وسنته هذه ستكون هى شريعة الامة المسلمة المقبلة |
.. وفي الرسالة الثانية من الاسلام يقول:
Quote: وأجمل الرسالة الثانية إجمالا ، اللهم إلا ما يكون من أمر التشريع المتداخل بين الرسالة الأولى ، والرسالة الثانية ، فإن ذلك يعتبر تفصيلا في حق الرسالة الثانية أيضا ، ومن ذلك ، بشكل خاص ، تشريع العبادات ، ما خلا الزكاة ذات المقادير . |
وفي من دقائق حقائق الدين ، يقول الاستاذ:
Quote: الرسالة الثانية عمدتها قرآن الأصول ـ القرآن المكي ـ وقد أجملها النبي إجمالا ، ولم يقع في حقها التفصيل ، إلا في القدر المتداخل بينها وبين الرسالة الأولى ، وإلا في معنى ، ما أنه عاشها ، وطبقها في حياته الخاصة .. فرسول الرسالة الأولى محمد ، ورسول الرسالة الثانية محمد .. فصل الأولى وحمل عليها الأمة ، وأجمل الثانية وعاشها .. |
و في طريق محمد يتحدث عن التفصيل:
Quote: ويؤخـذ من دقائـق حقائق الدين أن نبينا رسول الأمتين : الأمة المؤمنة ـ الأصحاب ـ .. والأمة المسلمة ـ الأخوان ـ .. وأنه بذلك صاحب رسالتين : الرسالة الأولى محمدية ، والرسالة الثانية أحمدية .. أو قل الرسالة الأولى الشريعة التي فصلها للأمة ، والرسالة الثانية السنة التي أجملها ، ولم يفصلها إلا في معنى ما مارسها ، وعاشها دما ولحما .. |
وفي طريق محمد يقول أيضا: Quote: فإنه قد جاء محمد بنبوة أحمدية ، ورسالة محمدية .. فكان أحمد المشار إليه من وجه ، ولم يكنه من وجه .. فدعا إلى الإيمان تفصيلا ، ولم يدع إلى الإسلام إلا إجمالا ، في معنى ما بلغ القرآن ، وفي معنى ما سار السيرة |
ويلجأ خطاب الاستاذ الى القول احيانا بالتبشير بالرسالة الثانية: *التبشير:
Quote: يقول الاستاذ عن التبشير بالرسالة الثانية في تلك المقدمة: وإنما نسخت آيات الأصول في معنى أنها أرجئت ، وعلق العمل بها فيما يخص التشريع ، إلى أن يحين حينها ، ويجئ وقتها ، وهو الوقت الذي نعيش نحن اليوم في تباليج فجره الصادق .. وإنما من ههنا وظفنا أنفسنا للتبشير بالرسالة الثانية .. |
ويقول في نفس المقدمة التي سبق الاشارة اليها عن التبشير وعلاقته ب"الرجال":
Quote: فإذا كانت الأرض اليوم ، بكل هذه الطاقة المادية الهائلة ، والتقدم البشري الرفيع في وسائل الدنيا ، ثم بكل هذه الحيرة المطبقة على عقول الناس ، وقلوبهم ، إنما تتهيأ لظهور أمة المسلمين عليها ، فقد أصبح واجباً على ورثة الإسلام - على ورثة القرآن - أن يدعوا إلى الرسالة الثانية ، تبشيرا بالعهد الجديد الذي أصبحت البشرية تشعر بالحاجة الملحة إليه ، ولكنها تخطئ طريقه ، وإنما طريقه في المصحف ، ولكن المصحف لا ينطق ، وإنما ينطق عنه الرجال .. |
*من سيفصل الرسالة الثانية ؟؟؟
للاجابة على هذا السؤال ،يرى الاستاذ ان الفهم هو من المسائل الاساسية في من سيكون مفصلا للرسالة الثانية ونجد ان الفهم مرتبط بالرجل احيانا و بالانسان احيان دون تحديد جندره،و ايضا بامة الرسالة الثانية اي الاخوان . *الفهم: وفي مقدمة الطبعة الثالثة من : الرسالة الثانية من الاسلام يرى الاستاذ ان القول برسالة محمد للرسالة الثانية لا يكفي ، اذ ان تفصيلها يقتضي فهما جديد للقران:
Quote: إن محمدا رسول الرسالة الأولى ، وهو رسول الرسالة الثانية .. وهو قد فصل الرسالة الأولى تفصيلا ، وأجمل الرسالة الثانية إجمالا ، ولا يقتضي تفصيلها إلا فهما جـديدا للقـرآن ، وهو ما يقوم عليه هذا الكتاب الذي بيـن يـدي القـراء .. |
وفي كتابه "طريق محمد" يقول عن الفهم، والذي يتمثل في احياء التشريع الخاص بالنبي بعد اندثاره ،اي بعد ان اعتبر انه خاص بالنبي :
Quote: والآن ، وفي النصف الثاني من القرن العشرين ، والبشرية تعيش الجاهلية الثانية ـ جاهلية القرن العشرين ـ وهي جاهلية أرفع ، بما لا يقاس ، عن مستوى جاهلية القرن السابع ، فقد أصبحت الأرض مهيئة لتتلقى عن الأحمدية ، وتعي ، أكثـر مما تلقى ، ووعى ، أسلافها ، وكذلك جاء وقت الرسالة الأحمدية .. والرسالة الأحمدية تطوير للرسالة المحمدية .. وذلك ببعث آيات الأصول التي كانت في عهد المحمدية منسوخة لتكون هي صاحبة الوقت في القرن العشرين ، وتكون هي عمدة التشريع الجديد ، ولا يقتضي كل أولئك إلا فهما للقرآن جديدا ، به تحيا السنة بعد اندثارها |
*الفهم والرجال: يتحدث الاستاذ عن العلاقة بين الرجال والقران ،اي التأويل في زعمنا،حين يتحدث عن العلاقة بين التبشير بالرسالة الثانية وتأويل القرآن: فقد أصبح واجباً على ورثة الإسلام - على ورثة القرآن - أن يدعوا إلى الرسالة الثانية ، تبشيرا بالعهد الجديد الذي أصبحت البشرية تشعر بالحاجة الملحة إليه ، ولكنها تخطئ طريقه ، وإنما طريقه في المصحف ، ولكن المصحف لا ينطق ، وإنما ينطق عنه الرجال .. وفي اشارة الى امة المسلمين يقول الاستاذ ، في كتابه "الاسلام وانسانية القرن العشرين"يقول عن الرسالتين :
Quote: الرسالة الثانية من الإسلام“ هي مراد الدين بالأصالة، في حين أن „الرسالة الأولى“ قد كانت المراد بالحوالة.. ورسول الرسالتين „محمد“.. راجعوا كتابنا بهذا الإسم: „الرسالة الثانية من الإسلام“.. |
وبعد ذلك يتساءل قائلا:
Quote: وستسأل وكيف يجيء محمد بنبوة أحمدية ورسالة أحمدية؟؟ |
فيجيب:
Quote: بأنه يجيء في قلوب، وعقول، وشمائل، الذين يحيون سنته، ويسيرون سيرته، ويظهرون كمالات أخلاقه للناس، بعد طول العهد، وانقطاع الإرشاد.. |
ولعل الاشارة هنا الى امة المسلمين وصاحب الفهم اي رسول الرسالة الثانية. ينطلق الخطاب بعد ذلك الى خطوة مهمة ،تبعد محمدا كرسول بشكل جزئي لكي تتحدث عن "الرجل" في مواضع عدة.اي تركز الحديث عن "الرجل"، الذي سيكون رسول الرسالة الثانية ،و في حين يتم الحديث عن انسان..وهو ما يؤكد انه رجل. * عن "الرجل": وفي كتابه : بيننا و بين محكمة الردة يتحدث الاستاذ عن "الرجل" الذي اشرنا اليه كمفصل للرسالة الثانية،يقول:
Quote: وفيصل القول ان الاسلام بداية ونهاية.. بدايته مرحلة ايمان ونهايته مرحلة إيقان.. وأمة المرحلة الأولى – مرحلة الايمان – المؤمنون وهم من فصلت في حقهم رسالة الاسلام الأولى.. وأمة المرحلة الثانية – مرحلة الايقان – المسلمون وهم من بلغت في حقهم رسالة الاسلام الثانية، وهم لما يجيئوا بعد، وستفصل الرسالة الثانية في حقهم لدى مجيئهم: ويتولى ذلك رجل من المسلمين آتاه الله فهما عنه من القرآن.. |
الكلام عن العلاقة بين "الرجل " الذي أوتي فهما،ونهاية الاسلام ،تجعل من القرن العشرين ،بداية لنهاية التاريخ. وفي مقدمة الطبعة الرابعة من " الرسالة الثانية يقول الاستاذ:
Quote: وما أريد في هذه المقدمة إلى شئ من تفصيل يتناول مواضيع الكتاب المختلفة ، وإنما أريد بها إلى تقرير أمر يهمني تقريره ، بادئ ذي بدء ، وذلك أن الإسلام رسالتان: رسالة أولى قامت على فروع القرآن ، ورسالة ثانية تقوم على أصوله .. ولقد وقع التفصيل على الرسالة الأولى .. ولا تزال الرسالة الثانية تنتظر التفصيل .. وسيتفق لها ذلك حين يجئ رجلها ، وحين تجئ أمتها ، وذلك مجئ ليس منه بـد .. (( كان على ربك حتماً مقضياً )) .. |
ويبدو ان التحية "للرجل" في مقدمة الرسالة الثانية من الاسلام ،هي اشارة واضحة، الى "رسول الرسالة الثانية"، كما في الاهداء التالي:
Quote: إلي الإنسانية ! بشرى .. وتحية . بشرى بأن الله ادخر لها من كمال حياة الفكر، وحياة الشعور، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر. وتحية للرجل وهو يمتخض ، اليوم ، في أحشائها ، وقد اشتد بها الطلـق ، وتنفس صبح الميلاد . |
وفي مكان آخر في مقدمة الطبعة الرابعة من "الرسالة الثانية من الاسلام"، يتساءل الاستاذ:
من رسول الرسالة الثانية ؟؟ فيجيب: هو رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن ، وأذن له في الكلام .. ثم يتساءل مرة أخرى عن ذلك "الرجل المأذون له": كيف نعرفه ؟؟ فيجيب: حسنا !! قالوا أن المسيح قد قال يوما لتلاميذه : (( احذروا الأنبياء الكذبة !! )) قالوا: (( كيف نعرفهم ؟؟ )).. قال : (( بثمارهم تعرفونهم )) ..
*الانسان: وفي كتابه : الاسلام برسالته الاولى لا يصلح لانسانية القرن العشرين لا يتحدث عن "الرجل" وانما عن "انسان"،يقول في ذلك: الرسالة الثانية ما عايزة وحي، عايزة إنسان ربنا يوفقه ليفهم عنه
*علاقة الرسالة الثانية بالتطور:
في خطاب الاستاذ ،اهتمام واضح بقضايا التطور وعلاقة ذلك بنشوء ظاهرة التدين نفسه،ودائما يبحث العلاقة بين الارض والسماء.وهي علاقة تطورية ،وقد كانت الرسالة على قدر تطور البشر .بل يمضي الاستاذ الى خطوة تشبه ماركس وداروين وفرويد،الى انشاء مراحل لتطور الانسان ،كما فعلت تلك المدارس ،كل منها بحسب منظورها للتاريخ وللقوة الفاعلة فيه.ولهذ ا حديث آخر .ما يهمنا من تلك الاشارة ان الاستاذ يبني خطابه على التطور ،كمقولة سوسيولوجية و دينية ايضا ،بحسب منظوره ،كما راينا في حديثه عن قانون المعاوضة وعلاقته برهافة "القرن العشرين"،كقرن يمثل بداية لنهاية التاريخ ،بحسب كرونولوجيا الاستاذ . يعتبر القرن العشرون قرنا حاسما في خطاب الاستاذ،بل ويرى ان الرسالة الثانية اصلا هي تنطلق من تلبية تلك الاحتياجات،التي تعجز الرسالة الثانية عن تلبيتها بحكم الوقت.بل يعتبر ان النبي محمد "ص"،قد جاء اساسا من القرن العشرين. يقول عن اتيان النبي محمد من القرن العشرين،وهذا ما يؤكد ان القرن العشرين هو "نهاية التاريخ":
Quote: وقد قلنا مرارا كثيرة أن النبي لم يكن من مجتمع القرن السابع الميلادي ، وإنما هو قد أتاهم من المستقبل ـ أتاهم من القرن العشرين ـ وهو ، وإن عاش معهم ، فإنما كان يعايشهم ، ويعاشرهم ، ولكنه لم يكن منهم . فقد كان هو المسلم الوحيد بينهم ، وكانوا هم المؤمنين |
ويقول عن طبيعة الرسالة الثانية اي التجدد والحيوية والتطور والنمو،وهذا ما يفتح الباب ،ان انسقنا وراء منطق الرسالة الثانية وضرورتها من حيث علاقتها بالقرن العشرين المختلف جذريا عن قرن الرسالة الاولى اي القرن السابع،هذا ما يفتح الباب على رسالات اخرى ،بحسب التطور البشري، يقول عن مجالات تطوير الرسالة الاولى: .. Quote: ولا يقع التطوير في أمر العبادات إلا على الزكاة ذات المقادير ، وما ذاك إلا لأنها ليست ركنا تعبديا إلا لعلة أن الناس لم يكونوا يطيقون أفضل منها ، وإلا فإن الركن التعبدي إنما هو زكاة المعصوم . ولا يقع التطوير على تشريع المعاوضة ، وما ذاك إلا لأنه أصيل ، وقد بني على الأصول الثوابت من الدين . وإنما يقع التطوير في تشريع المعاملات ، كالحقوق الأساسية للأفراد ، وكالنظم الاقتصادية والسياسية ، إلى آخر ما يرتبط بتحولات المجتمع ، وما يسرع إليه التغيير من هذه النظم التي يجب أن تواكب المجتمع في حيوية ، واقتدار على التجدد ، والنمو ، والتطور ، وقد سبقت إلى كل أولئك الإشارة في هذا الكتاب . |
فالأصل في الرسالة الثانية الحيوية والتطور ، والتجدد هنالك مقاطع كثيرة في خطاب الاستاذ تتحدث عن دور التطور في استجابة الناس للرسالة الاحمدية: يقول الاستاذ:
Quote: لقد جاء محمد، في العهد المكي بنبوة أحمدية ورسالة أحمدية، فدعا إلى الإسلام، فلم يستجب له، وذلك لحكم الوقت المتمثل يومئذ في قصور المجتمع، فاُمر بالهجرة، وجاء عهد المدينة، وسحبت „الرسالة الأحمدية“، فاستبدلت „بالرسالة المحمدية“ فأصبح محمد ذا „نبوة أحمدية“ و „رسالة محمدية“، فدعا إلى الإيمان، فاستجيب له.. وسيجيء محمد „بنبوة أحمدية“ و„رسالة أحمدية“ فيدعو إلى „الإسلام“، كما دعا أول أمره في العهد المكي، وسيستجاب له، هذه المرة، وذلك لحكم الوقت المتمثل اليوم في نضج المجتمع، واستوائه، وطاقته الفكرية، والمادية.. |
وعن اثر الجاهلية المتطورة –جاهلية القرن العشرين-في بزوغ الرسالة الثانية ،يقول في كتاب محمد:
Quote: والآن ، وفي النصف الثاني من القرن العشرين ، والبشرية تعيش الجاهلية الثانية ـ جاهلية القرن العشرين ـ وهي جاهلية أرفع ، بما لا يقاس ، عن مستوى جاهلية القرن السابع ، فقد أصبحت الأرض مهيئة لتتلقى عن الأحمدية ، وتعي ، أكثـر مما تلقى ، ووعى ، أسلافها ، وكذلك جاء وقت الرسالة الأحمدية .. والرسالة الأحمدية تطوير للرسالة المحمدية |
ويرى الاستاذ ان التطور مهم في مسالة الرسالة الثانية ،باعتبار ان الرسول جاء من القرن العشرين،ولكي يعود مرة اخرى لا بد مما يسميه ب"اعداد المسرح" اي الظروف الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من الظروف التي تتيح له كي يأتي كرسول للقرن العشرين.يقول في حديث له عن "ارهاص الرسالة الثانية" في كتابه: الاسلام
Quote: اعلم ، أيضا ، أن حكمة الله أرجأته تخفيفا على الذين آمنوا ، حتى يجئ اليوم الذي تفصل فيه الرسالة الثانية ويصبح المسرح معدا ليحقق الذين آمنوا الإسلام ، بأن يتقوا الله ، (( حق تقاته )) وبأن يتبعوا أحسن ما أنزل إليهم من الله . وستقول وماذا تعني بإعداد المسرح ؟؟ وأقول إقامة المجتمع الصالح ، ونظام الحكم الصالح ، الذي يجعل مجاهدة الفرد في سبيل اتباع أحسن ما أنزل مجاهدة ميسرة الأسباب . |
وفي كلام واضح ان العنصرين الاساسين لظهور رسالة ثانية ، يقول في كتابه الاسلام اشارة الى ذينك العنصرين:
Quote: لقد آن الأوان لتفصيل الرسالة الثانية ، وذلك بالنظر في تكميل تشريع الرسالة الأولى ، بتطويره ليحقق قسطا أكبر من الهدف الديني ، والعمدة في التطوير أمران ، حاجة المجتمع الحاضر ، وروح الإسلام ، كما كان يعيشها المعصوم |
فالعنصران الاساسيان في أمر تطوير الرسالة الأولى هما حاجة المجتمع الحاضر،وهي حاجة متجددة ،وروح الاسلام ،كما تبدت في حياة المعصوم ،وتشريعه الخاص. وفي حديث له عن ارتفاع التشريع، يقول في "الرسالة الثانية من الاسلام":
Quote: ولما كانت الرسالة الثانية تقوم على الارتفاع من الآيات الفرعية إلى الآيات التي هي أصل ، والتي جرى منها التنزل إلى الفروع لملابسة الزمان ، ولملاءمة طاقة المجتمع ، المادية ، والبشرية ، فقد وجب الارتفاع بالتشريع ، وذلك بتطويره ليقوم على آيات الاصول ، وكذلك يدخل عهد الاشتراكية ، وعهد الديمقراطية |
النزعة التطورية عند الاستاذ هي نزعة ثنائية لا تسمح في ظاهرها،بالتعدد ا .فهوأي الأستاذ، يحصر تلك النزعة التطورية في الثنائيات التالية: الرسالة المحمدية الرسالة الاحمدية القرن السابع القرن العشرون النصوص المدنية النصوص المكية المؤمنون المسلمون الاصحاب الاخوان قانون الغابة قانون الانسان وغيرها من الثنائيات التي لا يمكن القبول بها الا اذا قبلنا ان القرن العشرين هو بداية لنهاية التاريخ. و اذا لم يتم القبول بذلك ،فان التطور الهائل الذي فتحه عصر التنوير بالتحديد،كبداية للحداثة ،يجعلنا نقول أن من الممكن التحدث نظريا عن رسالات أخر كثيرة قادمات ،بحسبان ان التطور هو من العناصر الحاسمة في نشوء رسالة جديدة. وعندما قلنا نزعة ثنائية لا تسمح بالتعدد في ظاهرها،فاننا نرمي ان تلك النزعة الثنائية ،هي نزعة انتقائية في بعض توجهها ،وذلك استنادا على ما تقول به حاجة العصر كما هو الموقف من الزكاة باعتبارها لا تلبي حاجة المجتمع المعاصر، اذ ان بديلها من النص القرآني بديل آخر يقول بالاشتراكية كما في تأويل الاستاذ. و طالما ان حاجة المجتمع هي من العناصر الحاسمة في تطوير الخطاب القرآني ،من داخله،فكيف ينقطع التطور ،ويصبح مرتبطا بالقرن العشرين،ما لم يكن خطاب الاستاذ يرى في القرن العشرين ،على الأقل ،بداية لنهاية التاريخ ،وما سيخلفه من تطور هو تطور هامشي ،لا يستدعي رسالة ثالثة ورابعة .......الخ من الرسالات التي يكون سبب ظهورها ،هو من منطلق سوسيولوجي ،باعتبار التطورات الهائلة التي تعصف بالمجتمع الاسلامي ،ولا تجد لها اجابة في ما نزل من رسالات ؟ وسنعود لنواصل في مداخلة بعنوان: مصرع الانسان الكامل؟؟؟ الابواب مشرعة لليوتوبيا
محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي الشقليني شكرا على كلماتك المشجعات فاتني ان اقول ان الاستاذ في اجابته عمن هو رسول الرسالةالثانية، قد لجأ للتدرج، فهو عن حق قد نسب الرسالة الثانية مستندا على مسالة النسخ، وعلى حياة الرسول ص الخاصة. لكنه انطلق من تدرجه ذلك ، الى "الصدمة"، أي ان رسول الرسالة الثانية ، هو رجل فهم عن رسول الرسالة الاولى، وهو يكون نظريا قد حل اشكال السؤال التالي: ان محمدا "ص" قد مات؟؟؟ فاجاب ان التاويل هو الذي يحيلنا الى أهمية "الرجل". ولذلك كان الاستاذ ،وخاصة في رده على مصطفى محمود، يقول ان التعويل هو ليس على التفسير العصري، و انما على التأويل. والتأويل في خطاب الاستاذ مرتبط ،بتأثير من التيارات الغربيةمثل الماركسية والفرويدية و الدارونية، بحاجة الانسان المعاصر، وكذلك بالتشريع الخاص لمحمد "ص". المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي الكاتب : أسامة الخواض
تحية طيبة لك وأنت تتبع خُطى الرسل في خطاب الأستاذ، الذي رد به على الأستاذ / صالح بان النقا في لقاء معه عام 1951 م، ما يزيد اللبس من أن هنالك رسول هو عيسى ، فلم أجد وصلاً بين ما قال لاحقاً وما قال عام 1951 م ، يا تُرى أتعدل الخطاب اللاحق ؟:
النص
ج): لا نبي بعد محمد من لدن بعثه إلى قيام الساعة. ليس في هذا إشكال ولا خلاف لأن النص في القرآن صريح ولكن الإشكال في أمر الساعة ، وذلك بأن الساعة ساعتان: ساعة يبدأ بها "يوم الله في الأرض" وساعة يبدأ بها "يوم الله في السماء". أما يوم الله في الأرض فذلك حين تبلغ الإنسانية الكمال وهي في إطارها الأرضي من اللحم والدم فتملأ الأرض عدلا وحرية ومحبة بين الناس وقد أرسل الله جميع الرسل من لدن آدم والي محمد ليعدوا حياة الأحياء لهذا اليوم العظيم بتعليم الناس الأخلاق التي تستقيم مع معاني العدل والحرية والمحبة، وحين قال الصادق الأمين "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" إنما أشار إلى هذا الإعداد الخاص الذي اشترك فيه جميع الرسل وحين قال "كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا" إنما أشار إلى هذا اليوم "يوم الله في الأرض" واليه الإشارة أيضا في القرآن الكريم حين قال عن لسان المصطفين فيه "وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين" تلك (جنة الله في الأرض) في "يوم الله في الأرض" فإذا ابتدأ هذا اليوم فقد ابتدأت الساعة التي بها نهاية توقيت ختم النبوة بمحمد وجاء وقت المبعوث الذي بشر به محمد والرسل من قبله وهو عيسي ومع عيسي يبعث جميع الأنبياء والصديقين والأولياء كأصحاب له .. في هذا اليوم يصح أن تكون هناك نبوة لا بمعني وحي محسوس يجيء به الملك كما كان الشأن بين محمد وجبريل فإن ذلك قد إنقطع باستقرار القرآن بالأرض ولكن بمعني إلقاء رحماني علي قلوب عباد تطهرت من شوائب الشرك ولهذا اليوم علامات لا تعرف إلا بأنوار البصائر فمن كانت له بصيرة يبصر ويعرف أن الوقت قد حان ومن كان لا يري إلا بعيني رأسه كما تري الدواب لا يبصر شيئا ويظن أن الوقت هو الوقت منذ الأزل ، لأن الشمس مازالت تشرق من المشرق وتغرب في المغرب كما فعلت دائما .. إن هذا اليوم قد أظلنا الآن والناس عنه في عماية عمياء وقد مد لهم في عمايتهم عنه إلتباس صورته في أذهانهم باليوم الآخر الذي أسميته أعلاه بيوم الله في السماء فأن ذلك لا يجيء إلا حين تنتصر الحياة علي الموت بتجربته واجتيازه وهو امتداد ليوم الله في الأرض و ليس مغايرا له والي ذلك الإشارة بقوله تعالي: "من كان في هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا" أما الجزء الأخير من السؤال فانه الإجابة من الناحية الموضوعية وهي المهمة قد سلفت أعلاه ومن الناحية الشخصية "فإني أزعم لنفسي ذلك وأرجو أن أكون محقا".
هنا الوصال من منتدى الفكرة
http://www.alfikra.org/talk_page_view_a.php?talk_id=6&page_id=1
| |
|
|
|
|
|
|
|