|
Re: ما الذي يستوجب الاستقالة في السودان ؟ (Re: اسعد الريفى)
|
قصة الحيوانات المتوحشة، كلابا كانت أو ذئابا أو غيرها، بدأت صغيرة بحادثة واحدة لمواطن هاجمه وحش بأحد أحياء امدرمان، ولما لم يجد الحادث الصغير من يجلى حقيقته ويتصدى لمعالجته، ترك الأمر مفتوحا كي يتعهده البعض بالرعاية والدعاية، والحذف والإضافة، حتى كبرت المشكلة واستعصت على الإمساك بها بعد ان تباعدت أطرافها. فالوحوش أو الكلاب المتوحشة التي بدأت نشاطها بولاية الخرطوم، يقول البعض بأنها انتقلت إلى ولاية الجزيرة، ومروى وغيرها من مدن السودان. وبما أن هذه الحيوانات لم تقم بالهجرة إلى تلك الأماكن عبر الميناء البرى، ولا جريا على الأقدام، فكان لابد من حبك القصة، فطارت إشاعة جديدة بان هنالك مجموعة من المواطنين تقوم بنقل هذه الحيوانات بعربات خاصة، ومن ثم تقوم بطرق أبواب من تود أن تخصهم بمهاجمتها لهم، وعند استجابة المواطنين بفتح أبواب منازلهم، تقوم المجموعة بدفع الكلاب نحوهم لتقوم بعمل اللازم. ورغم خيالية هذه القصة وبعدها عن الواقع وسخفها، إلا أن البعض قام بتصديقها فأضافت لخوفهم خوفا جديدا. وحتى هذه المرحلة، لم يفتح الله على المسئولين بما يجلى كل الحقائق، والكشف عن من هو الشخص الذي أتى بتلك المصائب ليزيد إلى مصائب المواطنين أخرى. فقد كانت الإشاعة الأولى ان تلك الكلاب المتوحشة قد أتى بها مواطن أراد ان يستثمر فيها بجلبها من الخارج وبيعها بالداخل. وبما ان شعب السودان أو قل غالبيته، لا تؤمن ولا تحبذ تربية الكلاب ومنهم من يقول بأنها مكروهة دينيا، فان صفقة الكلاب تلك لم تجد رواجا بين المواطنين، وبما ان تكلفة رعايتها كانت كبيرة قرر ذلك المواطن التخلص منها بإطلاق سراحها حتى تدبر حالها بنفسها. وبالطبع ليس أسهل لتلك الكلاب أكثر من ان تبحث عن الغذاء فيما هو ميسر لها، وكان أيسره لحوم المواطنين، فأقبلت عليها وبشراهة، وكان أول ضحاياها طفل صغير لقي حتفه على يديها بعد ان فعلت بجسده الأفاعيل. وهذا هو بيت القصيد. ان وفاة طفل بتلك الصورة البشعة ان تم بأمريكا، لاستقال الرئيس ذاته من منصبه، دعك من حاكم الولاية ووزير الصحة. فمن من المسئولين بولاية الخرطوم تكرم بتحمل مسئولية وفاة ذلك الطفل؟ بالطبع لا احد وليس ذلك فحسب بل وحتى هذه اللحظة تدور الإشاعات حول السر فى تكتم الدولة على الفاعل؟ . وقد يكون لذلك الشخص حقا فيما فعل، مهما كان حجم ومقدار آثاره السالبة والضارة، فلماذا لا يتقدم هو ليفصح عن الحقائق وراء كل ذلك؟ ان سياسة (الصهينة) التي تمارسها السلطات في مثل هذه المواقف، ظنا منها ان ذلك الفعل قد يطمر المشكلة، ليس صحيحا، لان الشعب السوداني قد يصبر ويصبر ويدعى قبول الأمر الواقع، ولكنه لن ينسى طال الزمن أو قصر، اذ لابد من ان يجيء اليوم الذي ينقب فيه عن كل المخبأ لمحاسبة من خبأه.
_______________________
د.سعاد ابراهيم عيسي في الشأن العام -الصحافة 17-فبراير-2010 العدد:5963
|
|
|
|
|
|
|
|
|