|
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... (Re: عفاف علي ميرغني)
|
في الطريق إلى كسلا..
في الطريق إلى "قطع التذاكر"، بالسوق الشعبي..
حا تحجز في شنو؟.. ردت أختي، دوما قبلي، (أحجز في المارشال). قلت لأمي: والله ما عارف، بس نفسي بص مريح، ونفسي اتفرج على الشارع، هكذا خاطبت امي، في صباح الأربعاء، وأنا في طريق لقطع تذكرة وحجز مقعد لمدينة كسلا، كنت أفكر في الرحلة، وكنت حريصا على حجز مقعد مريح، ولو أخرت الرحلة، فلم اكن على عجل، كما ان مقعد مريح، تعني، فيما تعني، موقع المقعد، وجاري في المقعد، ليته شيخ وقور، هادئ، ليته!!..
أمي تتوتر لسفري، وتتمنى سفري لأخي الأكبر، (ليت لي قدرات الشيخ الطيب البشير، تجزأ فرة فطر عند أربعين فد مرة)..
عواطف، وسوسن، بنات خالي، دوما، وأبدا، يسغلن ملابسي، وكأنهن يرسم، حتى عدت للأسطورة القديمة، بأن أي عمل عبادة، وبأن الروح تسري في الملابس، والحجر، والنبق، والسحب، رفعت حبل الغسيل المثقل بالملابس، ومضيت للسوق الشعبي..
لم أجد أي صف في شباك التذاكر، أبديت للموظف رغبتي، بأني اريد مقعد مجاور للنافذة، أخرج من الدرج ورقة، مرسوم عليها مواقع الكراسي، في مربعات تشبه امتحانات الثانوية (إحب بلا، ونعم)، تمتد الكراسي على طول الصفحة، المربعات الأولى، خلف السائق، معلمة بعلامة الضرب الحمراء إنها محجوزة، يظهر هذا ، (وأن قيل لي بأنو (تحت تحت)، يمكنك شراءها بالسوق الأسود،)، وقيل أكثر من هذا، بأن السائق يضعها للحسان، للأجمل (كي يسترق في فترات حزنه، وملله اليومي، نظرة (للمرآة، فتسر نفسه)، مثل الحداء للبعير، وهناك مقاعد محجوزة للدولة (رجل أمن، أحسبه)، تصور العيون التي تراقبنا، وتصرف وتسافر،وتسكر، وتسجر، من أموال الفلاح، والمعلم، المتسخ بالطباشير، بصوته المبحوح من الصراخ للكائنات الصغيرة العجما، (الأطفال)، لا يصرف ربع هذا "المراقب الدولي"، ويراقب ماذا؟ أن تستمر هذه الدولة، بشرها، وخيرها، على رقاب العباد والبلاد...
داير يمين ولا يسار البص؟... يمين، قلت بغته، طريقة سؤاله كان صارمة، كأنه مستعجل، وردي غريزي، كما تنفش القطة صوفها تأهبا لخرط ما، ولكن بلاشك خيار خاطئ "يمين"، نحن لذات السبب، عشرات الخيارات تختنق لهذا السبب الواهن، "المجاملة"، أو مباغته السؤال، وطريقة طرحه.
ليتني قلت له اليسار، وهذا بعد تتدبر، لأن اليسار يعني التمتع بالمناظر بعد الخروج من كبري حنتوب، ولكن المقعد اليمين، يعجلك سيعدا، وأنت ترى القرى على ضفاف النيل الازرق، من الخرطوم وحتى مدني..
ترددت بعد ذلك، أيهما أفضل، وبدأت أفاضل بين الكرسي اليمين والكرسي اليسار، وللحق هذا اصعب خيار، وأي خطأ قد ادفع ثمنة، وأحرم من مشهد، أو لوحة حية، تغير كياني كله (أعطوا أعينكم حظها من العبادة)، ثم الشمس؟ ستكون حارقة، لو جلست يسار البص، فالطريق من القضارف لكسلا، يكاد يكون من الجنوب إلى الشمال،...
عدت له، أريد يسارا..
من سيجلس قربي، كنت مسكون بصديقي، أو صديقتي، أو جدي، الذي سيكون جاري، يساري، بعد أن أخترت اليمين، ليته يكون هادئ، يتركني وشأني، ونافذتي الحبيبة، لا شك سنتعارف، وقبل أن نصل النوبة أو المسيد، سيكون عرف اسمي، وأهلي، و"شخصيتي"، وسنفطر معا، وسأدون رقم تلفونه، أيا كان، كعادتنا، هل ستكون فتاة جميلة، تحرمني من هوايتي المفضلة، أم رجل كثير الطلبات، أم أجنبية، (هولندية)، كما حدث في احدى السفرات، وظلت تقرأ في كتاب من السوق الشعبي، وحتى سواكن (لم يعجبني تصرفها)، كأنها لم تسافر..
وللحق كانت رجلا وديعا، طيبا، ولكني لم أوافقه على أي رأي سياسي قاله، كان يحمل جريدة، وعلق بصوت عال على أي خبر، تذكرت قناة الجزيرة، والشريط المتحرك "خبير استراتيجي"، كان ينفعل، ويمص شفتيه (بالله شوف ابن الكلب ده، قال شنو، (امريكا تحترم الحريات)، ثم يلعن بوش "حينها"، حتى أحسست بأنه سيطرق باب البيت الابيض، ويصرخ في وجهه (حرامي عليك)، ثم مدح وزير سوداني، مجرد رؤيتي له في التلفاز، أحس (بالنفااااااااااااق)، كان شيوعيا، ثم ؟ ثم، ثم؟ ولكنه يحبه؟ وأنا أنفر من مجرد صورته؟ (الانسان هو المعيار)، ياسيدي سقراطليس..
كنت أهز رأسي، مرات جاملته، وحسيت بتافهة المجاملة، ولكن لا اريد فتح نقاش معه، فلن ينتهي، (مثل أحاديث بعض المواقع في الانترنت، في السياسة، لن تنتهي، ولن تعرف في أي مجرى يجري الحديث، وتنتهي، كما بدأت، بالشتائم، وحين تراجع الردود، تجد كل ينعق في وادئ، أشبه بحوار الطرشان، إلا ما رحم ربي)، ..
عفوا، واقفته في موضوع واحد، (مافي كورة في البلد)، ورغم انه رجل بسيط، إلا أنه أفتى في المواضيع التي عرضت بالجريدة، من الاخبار السياسية العالمية، حتى صور الممثلات الملونة، والتي تستدرج القراء للشراء، وأسعار العملات، والمواد الغذائية، ومواد البناء، ولكن أجمل ما فيه، لم يكن يطلب مني، سوى هز رأسي، موافقة، أو رفض (ولم ارفض له طلبا)، خوفا، كما قلت من فتح النقاش، بل أحسست بأنه يتكلم مع نفسه، كعادة أغلب السودانين في العقود الأخيرة، التجاني الماحي، لم تعد في ام درمان، مدت أسوارها، إلى حدود مصر شمال، واثوبيا شرق، وتشاد غرب، (فتاة جميلة شاهدتها في مطار الخرطوم، في قاعة المسافرين، وهي تتحدث، وتتضحك،)، حسبتها تتكلم في موبايل، والسماعة في اذنها، ولكن ظلت هكذا ساعات، حتى أخبرني موظف بأنها (مجنونة)، كم اعجبني هندامها، وذوقها، وجنونها، مع أعفائها من أي وجب، وتوفر حقوقها، (المرأة أكثر حساسية، لذا أمراضهن النفسية اكثر)، هذا ما لاحظته، في زياراتي للتجاني الماحي (بي فضول لمعرفة الخرطوم، سيرة، وسريرة)، لذا اعشق زيارة دار الوثائق، والاطفال مجهولين الابوين، وحمد النيل، وسجن النساء " وهناك أحوال، ليتنا نسمعها)، والتجاني الماحي، شدتني، فتاة شايقية، ثالث ثانوي، كانت تغني في البرندة، كل أغاني البنات، تمضي وتعود، وأمها تبكي ورائها، وحكت لي قصتها، ما أعظم هموم هذا الوطن...
قبيل أن أركب البص، في تلك العتمة، فؤجئت بان مكتبات السوق الشعبي، كلها فاتحة، حيث يكون كنزك، يكون قلبك، فأشتريت جريدة سياسية، وسألت عن أكتر جريدة رياضية، فمد لي (الصدى)، ثم قووون، وأشتريت مجلة العربي، غلافها به فتاة من (مالي)، وكم أحب هذه التقارير، أسافر بها لتخوم العالم، وخاصة أفريقيا الحبيبة..
وفي شنطتي الزرقا، حشرت المجلة، والجرايد، وسط بعض الكتب، وعلى رأسها (الأعمال الكاملة لعلي المك)، فأخي يحب قراءة علي المك، حمى الدريس، وسطورة عن عبدالعزيز دواد. وهناك بعض الرسائل، لنازك، ولبنى، من بنات خالي، وناس الحلة، وهناك دفتر رسم للفنان الصغير مازن، (ما تنسى تجيب معاك رملة من ضريح سيدي الحسن)، هكذا ودعتني امي، مجرد رمال صغيرة، تعني للعاشق الكبير، شأن عظيم، مثل ذلك الولهان، الذي قبل ذا الجدار، وذا، الجدار، فهالة المحبوب، هي المحبوب..
وفي الفجر، حملت شنطتي، البيت يبدو هادئ، سوى أمي، بيوت الجيران، وفتحت الباب، كأنها خرطوم أخرى".. كانها مدينة أخرى، لا يتظاهر شعبها، يوميا، في الشوارع، من أجل الرزق، حتى تستغرب، ألا توجد مصانع ومكاتب ومدراس بهذه المدينة، فكل الناس في الشارع، كلهم، أجمعين.
يارب تاكسي.. وقفت في العتمة، قرب الزلط، أنتظر تاكسي، قد يأتي، وقد لا يأتي، فتصور، كيف يتصرف الشعب السوداني، برمته، مع السفر.. سويداء الروح، فينا، تتوكل على العقل القديم، إلهذا قال نقد (والله حتى الشوعين مؤمين)، أصدقه، ولم لا..
ظللت انتظر، واراقب في عمارات حي الصفاء الهادئة، وقلبي يحدثني، من ينام في هذه الغرفة، كم فضولي خيالي هذا، كم وكم..
...
... يتبع..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-09-10, 09:37 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبداللطيف خليل محمد على | 02-09-10, 09:43 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-10-10, 05:35 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | ندى عثمان حسن | 02-10-10, 05:38 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed E. Seliaman | 02-10-10, 06:33 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Sidig Rahama Elnour | 02-10-10, 09:04 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-10-10, 09:38 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-23-10, 09:57 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | جعفر محي الدين | 02-10-10, 10:36 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | الملك | 02-10-10, 12:15 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-11-10, 09:59 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-12-10, 06:41 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-11-10, 11:36 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-12-10, 08:51 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | الوليد كرار | 02-11-10, 09:29 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عمر عبد الله فضل المولى | 02-11-10, 04:23 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-12-10, 09:11 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | بريمة محمد | 02-13-10, 07:25 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-14-10, 05:44 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-14-10, 10:32 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-14-10, 11:58 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-14-10, 01:03 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-15-10, 05:39 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-15-10, 06:44 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-15-10, 10:19 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | ذواليد سليمان مصطفى | 02-15-10, 04:22 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Osman Musa | 02-15-10, 06:35 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-16-10, 07:56 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | طيبان | 02-16-10, 08:36 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-24-10, 11:40 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-16-10, 09:10 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عفاف علي ميرغني | 02-16-10, 10:03 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-17-10, 08:21 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-18-10, 07:39 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-18-10, 08:46 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عماد الشبلي | 02-18-10, 02:31 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-21-10, 08:31 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | نورالدين الفحل | 02-21-10, 02:15 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-22-10, 12:44 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | مامون أحمد إبراهيم | 02-22-10, 08:03 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-23-10, 05:49 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | نجاة محمد بابكر | 02-23-10, 10:12 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-25-10, 11:37 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-26-10, 04:59 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-28-10, 12:04 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | المكاشفي الخضر الطاهر | 02-28-10, 06:36 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 03-01-10, 06:42 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 03-01-10, 07:26 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 03-03-10, 05:23 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 03-04-10, 09:47 AM |
|
|
|