|
|
 الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية
|
حكايتهن ....حكايتى(2)
الأساطير المؤسسة للثقافة الذكورية
د.ناهد محمد الحسن
يأتى هذا المقال فى إثر المقال السابق (حارسات البوابة ), والذى اثار الكثير من اللغط الذكورى , رغم أنه مشروع صوفى نسوى لا يهدف الى صلب الرجال ولكن ببساطة يسعى لمنح النساء صوتا يصفن به خبراتهن الانسانية ورؤيتهن للعالم من حولهن ولذواتهن الخاصة , وما صوتى هذا الا صوت آخر للكثير من الاصوات التى إرتفعت متساءلة عن جدوى وجودنا فى عالم لا يرى حضورنا أكثر من نافلة ..!لاشك إن وقع صوتى هذا غريب فى مجتمع اعتاد على الصوت الرجولى وحده وقد ترتفع الاصوات لاسكاته وانتهاره خوف العاديين من الجديد , وربما تسكتنى النسوة خوف ان ينالهن ما ينال المسجونين من قهر إن تجرّأ سجين ما وهتف فى وجه حرّاس النظام فى كل مكان وزمان. ومن هنا كان على ان اتتبع نشأة المفاهيم البطرياركية وكيفية معالجتها لقضية المرأة ..وكيف تسربت الاساطير الامومية الى الفضاء الابوى وتسربلت بالقداسة الدينية , وحرست بسيوف التكفير, وصار الذى يجترئ على الثقافة الذكورية كمن يجترئ على الرب الإله ..لكننا خرجنا فى سعينا الى الاله الذى نحب ونعبد ولا يريد بنا الا الخير ..إله إذا انكشف لك عدله فلا يسعك الا ان تلفظ خوفك لتقول :إقض ما انت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا .
حوّاء ,(نن تى), سيدة الضلع , واهبة الحياة(1) :
الاسطورة هى دين بدائى وهى الجزء القولى المصاحب للشعائر الدينية الممارسة بالرقص أو الحركة فى الاديان المحلية الاولى. وقد ورد على لسان (هردر) أحد دارسى التراث الشعبى (إن الحكايات الشعبية بأسرها ومنها الحكايات الخرافية والاساطير هى بقايا المعتقدات الشعبيةكما أنها بقايا تأملات الشعب الحسية وبقايا قواه و خبراته , فيما كان الانسان يحلم لانه لم يكن يعرف وحينما كان يهتم لانه لم يكن يدرى وحينما كان يؤثر فيما حوله بروح ساذجة غير منقسمة على نفسها).ويرى بعض دارسى التراث والاسطورة كالدكتور سيد القمنى , أن الاسطورة تمثل الوعى والاوعى الجمعى فى محاولة تفسير الانسان للوجود الذى من حوله وقراءة الواقع الاجتماعى وتغييره. وكيف ان الاسطورة تم توظيفها عبر التاريخ فى إدارة الصراع السياسى والاقتصادى والسلطوى . وربما خير مصداق لهذا الكلام الدراسة القيمة التى قام بها الباحث المناضل روجيه جارودى والذى استلهمت منه عنوان هذا المقال وهو ( الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية ), الكتاب الذى حورب بعنف فى فرنسا , حتى إضطر صاحبه الى طباعته على نفقته الخاصة وهو الكاتب الذى تتسابق لطباعة كتبه أعتى دور النشر الفرنسية لاكثر من ربع قرن لوقت طباعة ذلك الكتاب . ربما لانه تسلل الى المقدس وفضح الدعاوى الدينية للسياسة الاسرائيلية ..وهى ذات الدرب التى أعادت إنتاج الاساطير التى تكرس لدونية المرأة فى مجتمع رعوى بدوى , اراد ان يقضى على ثقافة المجتمع الذى استعمره وبالتالى رموز خصبه واموميته . وبالتالى صادر تراث المنطقة ووظف اساطيرها بعد أن غلفها بالقداسة لصالح ثقافته وسياسته .
يتميز المجتمع الاسرائيلى بأنه مجتمع أبوى بإمتياز . وتقسيم المجتمعات الى أمومية(مترياركية )وابوية ( بطرياركية ), قام به الدارسين لتوضيح الصفات الثقافية للمجتمعات التى سكنت المناطق الخصيبة والرعوية تباعا .فكما تقول العلامة ( ميد) إن المجتمعات الخصيبة التى إرتبطت بالارض والزراعة , نظرت دوما الى عملية الميلاد لدى الارض والانثى بقداسة , جعلها تقيم المرأة كقابضة على اسرار الحياة ..وفى الوقت الذى لاتحظى فيه الظواهر الفسيولوجية بـأى سند علمى ..تحل الخرافات محل العلم وتسدل المهابة الغيبية على الحدث الذى سرعان مايتسربل بالقداسة .فينتهى الامر بعبادة الانثى القابضة على اسرار الحياة كإلهة, كما عبدت عشتروت فى بلاد الرافدين.
ولكى يقول الاسرائيلين إن الله ميز العبرانى على المصرى والرافدى والكنعانى وأنهم الشعب المختار كان لا بد لهم من سند مقدس من عند الاله . والمجتمع العربى مهبط الرسالة المحمدية هو مجتمع شبيه بالمجتمع الاسرائيلى كون انه رعويا بدويا أبويا بإمتياز أيضا..وقد وجدت الاسرائيليات فى المسيحية والاسلام غطاءا خلف مقولة المسيح :(لا تظنوا أنى جئت أنقض الناموس أو الأنبياء , ما جئت لأنقض بل لأكمل_متى 5-17 ), وما ورد من الاحاديث عن الرسول صلّى الله عليه وسلم , ما معناه أنّ الاسرائيليات لا تكذّب ولا تصدق , لذلك كثيرا ما شكلت مصدرا للتفسير عند البعض كالإمام إبن كثير والامام الطبرى وغيرهما من ثقاة المفسرين . ومما لاشك فيه أن التوراة باسفارها المعروفة قد صادقت على بعض ماورد فى القرآن الكريم , وإن القرآن صحح بعض ماورد فى التوراة , ومنها الاساطير موضوع هذا المقال بينما سكتت المسيحية عن تقديم شروحات لقضية الخلق والطوفان وغيرها من القصص. وسأضرب مثلا على ذلك بقصة ولدى أدم فى مقارنة بين النص التوراتى و القرآن الكريم .
جاء فى سفر التكوين _ الإصحاح الرابع(1عرف آدم حواء إمرأته فحبلت وولدت قايين .وقالت إقتنيت رجلا من عند الرب.2ثم عادت فولدت أخاه هابيل . وكان هابيل راعيا للغنم وكان قايين عاملا فى الارض .3 وحدث من بعد أيام أنّ قايين قدّم من أثمار الأرض قربانا للرب .4وقدّم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها . فنظر الرب الى هابيل وقربانه .5 ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر..)الخ.
قال الله تعالى فى سورة المائدة :(واتل عليهم نبأ ابنى آدم بالحق إذ قرّبا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الاخر قال لأقتلنّك قال إنّما يتقبّل الله من المتّقين.لئن بسطت الىّ يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى اليك لأقتلك إنّى أخاف الله ربّ العالمين ...) الخ الآية الكريمة .
وبالمقارنة بين السرد التوراتى والقرآنى للحادثة ما علق عليه الدكتور سيد القمنى قائلا (وهكذا وضح ان الرب قد ميز الراعى على المزارع , او العبرانى على المصرى والكنعانى والرافدى منذ بدء الخليقة , دونما سبب واضح سوى أن الفلاح إجتهد وعرق وزرع وحصد وقدم ثومه وبصله وكراثه قربانا مرويا بعرق جهده البطولى فآذى انف الرب الذى كان دوما يتوق الى رائحة اللحم المحروق , ويلح دائما فى طلبه وهو ما قدمه له الراعى لتهدأ نفسه وتستريح . والسبب الاوضح ان قايين فلاح من اهل الخصب والزراعة ومن ثم كان لابد من إبراز الشر الكامن فيه , مقابل طيبة الراعى السمح الذكى , الذى لم يبذل جهدا , إنّما إكتفى بالاسترخاء الى جوار قطعانه وهى تتلاقح ثم اخذ من منتوجها لربه قربانا , فيقتل المزارع أخاه الراعى الطيب غيرة وحسدا , ولا يبقى للمزارع ميزة بكل جهوده وحضارته ومنشآته وتراثه وبطولاته , إزاء التفضيل الربانى لهابيل العبرانى , وما عليه الا ان يترك الارض وتاريخه فيها للراعى الطيب , وماشاء الله قدّر .)ومن هنا يبدو تحليل القمنى مقبولا خصوصا وإن القرآن اوضح أن سبب التفاضل الوحيد بين إبنى ادم هو التقوى ,( إنّما يتقبّل الله من المتقين ). وعلى هذه القصة وغيرها ينسحب التعليل ذاته فى محاولة لايجاد الشعب التوراتى لنفسه مكانا بين الامم .وقد تسللت الى الكتاب المقدس اساطير من حضارات اخرى سابقة تمت معالجتها بالشكل ذاته الذى يخدم المصالح العبرانية.ومنها ما اورده القمنى من الاساطير السومرية التى بدت شديدة الشبه بما ورد فى سفر التكوين وما يهمنا نحن فى هذا السياق , اسطورة بعينها وجدت قبل التوراة وفكت طلاسمها بعد اكتشاف اسرار الكتابة السومرية والنقوش الرمزية .وهى اسطورة خلق حواء من ضلع أدم , لاجل انسه فى وحدته وسكنا . ولست هنا بصدد الدفاع عن الحدث اوعدمه , بمعنى آخر لست بصدد نبش قضية التطور وتحرير الدارونية من الشبهات الالحادية على أقل حتى أطمئن على مصير د. عبد الصبور شاهين ود. محمد شحرور والترابى لاتعلم القسمة الجديدة من موت الضبع...! لكنى أهدف الى فتح الحوار من زاوية مختلفة لمزيد من الحوار الفكرى والدينى حولها , فكما قلت ليست القضية هى الحدث نفسه بقدر ماهى دلالاته المتجذّرة فى الوعى الذكورى والانثوى على وجه الخصوص . المنابع التى تفجر الاحاسيس الانثوية السالبة بالعدمية والاجدوى .حيث يتعذّر على إمرأة ما أن تجد لذاتها موضوعا آخر بعيدا عن الرجل .لذلك حينما كتبت فرجينيا وولف ( غرفة تخص المرء وحده ), ارادت ان تغذى فى المرأة احاسيس التيقظ لايجاد معنى لحياتها يكون موضوعه ذاتها فى وحدتها الحقيقة . ينسحب هذا حتى على المجتمعات التى قطعت شوطا فى مشروع الحريات المدنية , تقول كارول بى كريست( وهكذا تتعلم النساء الشك فى قيمة افكارهن ومشاعرهن وابداعهن , وتسلمن بان الاشياء التى يفعلنها ليست لها قيمة . ويوافقن على ان اعمال المنزل ورعاية الصغار , او العمل كممرضة او سكرتيرة او مدرسة هى اعمال لاتتطلب اى قدر من الابداع والمهارة وان اى شخص يمكنه القيام بها . فهن يعتقدن ان عمل الرجال هو عمل بالغ الاهمية اكثر مما تفعله النساء بكثير . واذا جرأن على تحدى الانماط التقليدية فسوف يعلمن إن آجلا او عاجلا أن ذكاء المرأة وابداعها وقوتها غير مقبولين بالمرة . فالخصائص والسجايا التى تثمن عاليا فى الرجال تبدو انها مهددة فى النساء اللواتى تقوم جاذبيتهن للرجال على انهن يغذين إبداع الرجال وليس فى التعبير عن انفسهن .ان مشاعر المرأة بعدم الملاءمة تتلخص فى مشاعرها تجاه جسدها . فالمرأة يمكنها ان تحصل على موافقة الرجال وحبهم بان تبدو جميلة المظهر .الا ان امها التى تنقل اليها التذبذب وكذلك وسائل الاعلام تخبرها انها ليست جميلة بطبيعتها اذ انه عليها ان تلتزم نظاما غذائيا معينا ليخلصها من السمنة المقيتة , ان تضفر شعرهااو تفرده او تصبغه ,ان تتعلم وضع المكياج تتعلم كيف تلبس كيف تجلس , تقف تمشى من اجل ان تصبح مقبولة )لذلك قد تنتهى تجربة التيقظ لدى المرأة بان تجد لنفسها دورا مغايرا تكونه ..وتبنى تجربتها فى التحرر على تجاوز كل مايربطها بالارض , الى حد إنكار جسدها وما يهب.فمن الذى صادر حقنا فى الشراكة واعمار الارض بالقسط الى جانب الرجل ..ليجعل منا موضوعة لتسليته ..فمن منا شغل نفسه ذات يوم بحياة مضحك الملك... عالمه الخاص واحزانه ..انه يولد ويعيش ويموت خادما , لا يجد معنى لدعاباته بعيدا عن البلاط ..اما نحن فلدينا الكثير لنقوله بعيدا عن البلاط البطرياركى فى ( غرفة تخص المرء وحده )..
.......... نواصل
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: ناهد محمد الحسن)
|
| Quote: الدكتور سيد القمنى قائلا (وهكذا وضح ان الرب قد ميز الراعى على المزارع , او العبرانى على المصرى والكنعانى والرافدى منذ بدء الخليقة , دونما سبب واضح سوى أن الفلاح إجتهد وعرق وزرع وحصد وقدم ثومه وبصله وكراثه قربانا مرويا بعرق جهده البطولى فآذى انف الرب الذى كان دوما يتوق الى رائحة اللحم المحروق , ويلح دائما فى طلبه وهو ما قدمه له الراعى لتهدأ نفسه وتستريح . والسبب الاوضح ان قايين فلاح من اهل الخصب والزراعة ومن ثم كان لابد من إبراز الشر الكامن فيه , مقابل طيبة الراعى السمح الذكى , الذى لم يبذل جهدا , إنّما إكتفى بالاسترخاء الى جوار قطعانه وهى تتلاقح ثم اخذ من منتوجها لربه قربانا , فيقتل المزارع أخاه الراعى الطيب غيرة وحسدا , ولا يبقى للمزارع ميزة بكل جهوده وحضارته ومنشآته وتراثه وبطولاته , إزاء التفضيل الربانى لهابيل العبرانى , وما عليه الا ان يترك الارض وتاريخه فيها للراعى الطيب , وماشاء الله قدّر . |
الدكتورة ناهد
اعيادك سعيدة ,, التعويل على كتابات سيد القمنى لاستجلاؤ الرؤى الدينية به كثير من المحاذير لانه يختار من
كتب التراث الديني ما يخدم فكرته المسبقة وان اعتازة لعمليات حفر تراثي ليختار راي متجاهل ,, فمسالة تقديم القربان لولدي آدم عليه السلام هنالك كثير مما كتب فيها , ولكنه هنا اختار انت القبول كان للراعي (البدوي ) وليس المزارع (الحضري)
وليضع التبرير لذلك قال ان الله يحب رائحة الشواء ,, في حين ان هنالك قول اخر بان التفضيل كان مبنى على انه قدم افضل مالدية بعكس اخوه قدم اردى مالديه ,, وهذا ينسجم مع الاية التى تفضلت بها (انما يتقبل الله من المتقين) المنسجم مع قوله تعالى (لن تنال البر حتى تنفقوا مما تحبون) فمسالة القبول كان دائرة في مجال النية ,,,
مرة اخرى اعيادك سعيدة
(عدل بواسطة عمار عبدالله عبدالرحمن on 11-26-2009, 10:36 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
 Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: عمار عبدالله عبدالرحمن)
|
استاذ عمار
كل سنة وانت طيب
سعدت جدا بمداخلتك واؤيد ما ذهبت اليه بخصوص هذا المقال وسيد القمني ..ولكني عادة ما الجأ للأشياء العلمية في كتابات القمني والموجودة في مصادر كثيرة أخرى..فالقمني رغم رأيي الشخصي فيه هو باحث وكاتب جزل الألفاظ والصياغة وله قدرة توثيقية عالية..شكرا لك
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: مدثر محمد ادم)
|
الاستشهاد بمقولات سيد القمني فى هذا المقال معول هدم له فالرجل ذو افكار اقل ما يقال عنها انها الحادية.
الاسلام كرم المرأة ووضع لها لبنات اساسية لتحتفظ بكرامتها وعزتها. المرأة فى السودان بالذات تجدها فى كل المناصب من طبيبة الى مهندسة الى وزيرة الى آخره فلست ادري اين هي المشكلة التي تتحدث عنها بعضهن او بعضهم لا أذكر طوال ايام حياتي فى السودان ان رأيت رجل يرفع يده على امرأة في خلال المعاملات اليومية (لا اتحدث عن الامن او النظام العام او الشرطة التي لا تعبر عن المجتمع بحال). فى الخارج المراة مثل الرجل حتى في خشونة المعاملة وكثير منهن بل حوالي النصف امهات منفصلات (single mother) تبدو الكآبة على احداهن حتى كأنها حفرت على وجوههن حفراً كما يفعل الماء بالصخر. هل هذه المساواة التامة سببت لهن سعادة؟ لا أظن الافى بعض الاحلام التي تراود من لم يعش واقع الحال كمن تراوده احلام معاقرة الخطيئة وهو يظن بها لذة حتى اذا ذاقها قتله الندم.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: Ahmed Elsharif)
|
الرائعة د\ناهد محمد الحسن وضيوفها االكرام
كل عام وأنتم بخير
وبعد لا أظن أني قد وصلت الي راي محدد فيما ما تكتبين الان ولكن بعد نهاية مقالك الثلاث أظن أن لي رائي جدير بالعرض والمناقشة ومن خلال طرحك الذي سوف يكون قد أكتمل نصا ورؤية وسوف نتلقي علي أثير هذا المنبرلك كل الاجلال سيدتي ذات العقل الانثوي الوعي بقضايا الاناث
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
 Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: ناهد محمد الحسن)
|
| Quote: ومن هنا كان على ان اتتبع نشأة المفاهيم البطرياركية وكيفية معالجتها لقضية المرأة ..وكيف تسربت الاساطير الامومية الى الفضاء الابوى وتسربلت بالقداسة الدينية , وحرست بسيوف التكفير, وصار الذى يجترئ على الثقافة الذكورية كمن يجترئ على الرب الإله |
تحياتي و سلامي د. ناهد
عيدك سعيد
سعيدبالتواصل معك عبر المنبر ، و هو شرف لو تعلمين عظيم ، فأنا من اكثر المتابعين لكتاباتك و من اشد المعجبين بها
نعم ما أفترعته في هذا المقال ، و أمر تسربل الاساطير بالقداسة الدينيية لهو مشكلة عامة في كل الأزمان و المعتقدات بل إن التفريق بينما ما هو مقدس و ما هو غير ذلك ظل محتكراً لعقود طويلة - غير معلومة - لفئة من رجال الدين تدعي أن لها وكالة إلاهية ، تتيح لها التحكم في حياة و مصائر البشر ، و في حالة المرأة بالذات إختطلت المقدسات بالعادات و التقاليد خصوصاً في بيئات زمانية مكانية ممتدة من القرن السابع الميلادي الى اليوم ، و في حالة السودان الراهن و قبل التركية كانت الفلسفات الاسلامية الخاصة بالمرأة ترجع الى معالجة الصوفية التي إختطت الاسلام في بلاد السودان حيث لم تتاثر بإسلام بداوة جزيرة العرب ، و اختارت تعاملاً معيناُ مع المرأة يوافق طبيعة البلاد و عادات سكانها ، و على هذا النحو ذكر ابن خلدون مشاهداته عن نساء المغرب ، التركية جلبت الاسلام المدرسي الذي حط من قدر المراة ، و تبعته المهدية التي انزلت قدرها الى مستوى الجارية، ثم كانت محاولات الانجليز و من خلفهم بابكر بدري لتعليم المراة تلته مجاهدات شيخ محمود محمد طه ، لكن هجمة الاسلام السياسي المشبع بافكار الاخوان المسلمين المصريين اخذت في الانحدار بقدر المراة مرة اخرى ، ثم جاءت النميري بقوانين سبتمبر و من خلفه الانقاذ ليزيدوا من الواقع قتامة. برغم مجاهدات القوى الحديثة الا ان مجال تحرير المراة من اساطير المؤسسة الذكورية يتطلب وقتاُو جهدا خصوصا مع خضوع المراة نفسها لكثير من تلك الاوهام لدرجة خفاض المراة لبناتها
لمن يعترضون على الاستشهاد بمقولات القمني اقول ، برغم ما يحيط بالرجل من لغط يبقى ما قاله اذا وافق الصحة صحيحا
تحياتي د ناهد و رجاء واصلي
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: حاتم علي)
|
عودا حميدا يادكتوره ناهد بعد الإنقطاعه الطويله ,,
وبعدين يأخى جايه داخله كده بكل التواضع ده ليه ؟
فمثل عودتك هذه يجب أن يدق لها النحاس والطبول .
عموما وبالرغم من معرفتى التامه بظروفك لكنى أتمنى
أن تبذلى جهد فى أن تعطينا ولو ساعه واحده يوميا
فقرائك كثر وقد إفتقدوك زمانا .
تحياتى وكل عام وأنت وأفراد الأسره بخير ,,
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: سعد مدني)
|
سلامات يا ناهد
سؤالي لك يا ناهد
هل تعدين القصص الدينية في التوراة والقرآن اساطير؟
حتى ناسس فكرة الاساطير المؤسسة للثقافة الذكورية..
لازم اعرف موفك من القصص الدينية في الكتب السماوية..
كما اتمنى لو رجعتي الى معجم الانثربولجيا لنحدد التعريف الاصطلاحي
للاسطورة والخرافة والقصة الشعبية..
ونرى مدة تطابق المصطلح مع استخدامك له هنا..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
 Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: Dr. Salah Albashier)
|
د/ صلاح
كل سنة وانت طيب
وجهة نظرك مقدرة ولكن لست اؤسس لصراع بين الرجال والنساء على العكس انا احاول ان ازيل معيقات المساواة والإحترام ..كثير من الرجال يتحدث عن الحقوق والمساواة ولكنه يسيئ استخدام ما منحهه له العرف والتقاليد ومتى ما تسربل هذا الغصب الحقوقي بالقداسة انتقل الجدال الي حيز سماوي آخر عصي على المكاسب اتمنى أن تنال بناتي حقوقا متساوية في هذه الحياة مع الرجال هن وبنات العالم فلقد سبق وعانينا نحن الكثير ..معتركات قضايا المرأة ليست مخيلة بل واقع اعيشه يوميا في مستشفى الطب النفسي والعمل العام في قضايا المرأة بالمجتمع المدني وهو ما جعلني ابحث عن سند انساني واقعي لقضايانا يجعل الحياة مكان مختلف..وبخصوص القمني هو لم يقدم هذا الشرح بل قدمته الإسرائيليات وجاء سياق كتابته في شكل ساخر من الفكرة التي تحاول ان تمرر على العقول ان الله قبل قربان هابيل لأنه راعي وبالتالي هم الشعب الراعي مقدمين ومختارين وفوق البشر..مارأيك في عبارة(امنا حواء طردت ابونا آدم من الجنة شديدة التداول؟)
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: د.نجاة محمود)
|
نجاة مشتاقين ولك سنة وانت طيبة افتقدتك جدا وكذلك حواراتك الجميلة والعميقة ..الحقيقة ان هذه المقالات هي سلسلة كتبتها في العام السابق بعمودي بأجراس الحرية ..واعيد تقديمها لأنني بصدد اعادة كتابتها وطباعتها في كتاب لذلك اي رأي هو ذو قيمة..ولقد قمت بتعريف الأسطورة في مكان آخر ..والحقيقة انني لا اعتبر القرآن من الأساطير ولكني اعتبر الإسرائيليات كذلك ..وكمسلمة فإن القرآن هو مرجعيتي التصحيحية لكل ما يأتيني من خارجه من سير واخبار ..وللأمانة في بحثي السابق في بطون الكتب الدينية عن كل ما يتعلق بالمرأة وقفت عن تخوم محدّدة ووجدت ان كثير من الأفكار المتعلقة بالتنميط السالب للمرأة مصدرها الإسرائيليات لذلك كان موضوع الأساطير عن قضية خلق المرأة من ضلع الرجل والمرأة الحية واصل الخطيئة والزهراء الكوكب الملعون بتأنيثه ونحوها من القضايا ذات المدخل المختلف في التناول ووجدت ان هنالك اختلاف كبير بين القصص القرآني والكتب الأخرى وهو اختلاف لصالح المرأة فأردت اظهاره ليروه الآخرين ..وانتظر رؤيتك بهذا الخصوص ..فهي تهمني جدا
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: منتصرمحمد زكى)
|
دكتورة ناهد
كل عام وأنت بخير
الموضوع جميل وجدير بالمدارسة
وأرجو من الأخ عمار مراجعة الآية التي وردت
في مداخلته وهي
{لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ
مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }آل عمران92
وللجميع كامل المودة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: ناهد محمد الحسن)
|
حكايتهن ...حكايتى(3)
الأساطير المؤسسة للثقافة الذكورية
د. ناهد محمد الحسن
هل خلقت حواء من ضلع آدم؟ هذا هو السؤال الذى لا زلنا نطارد جذوره السومرية والتوراتية..لنفتح الحوار حوله فى محاولة لإزالة المفاهيم السالبة المتجذرة فى الوعى الذكورى بتابعية المرأة للرجل بأمر النشأة والتكوين . وهى ليست التابعية الحميمة القائمة على المحبة والتقدير والاحترام بدليل واقع المرأة اليوم .ولكنها تابعية الشئ, بإعتبار أن الرجل هو المتسبب فى وجود المرأة فى الحياة بمنحها ضلعا من أضلاعه ليأنس بها وبالتالى يترتب على هذا الوجود النسوى هو ان نكون رهن الطلب فى البلاط الذكورى بعبودية تاريخية ..!
(وفى جنّة الآلهة السومرية المعروفة باسم (دلمون) جاء الإبن الالهى (آنكى) , ويعنى اسمه (إله الأرض), وبالتحديد (اليابس المنزرع ), ممثلا لبداية البشرية على الأرض , لكنه أصيب بمرض فى ضلعه , بعد أن أكل من ثمار حرمتها عليه الآلهة (ننهور ساج) فخلقت الآلهة إلهة أنثى تحمل اسم (نن تى) لعلاج وتمريض (آنكى) والضلع بالسومرية ينطق( تى), لذلك سميت الإلهة الممرضة(نن تى), و(نن) تعنى سيدة , فهى
إذن(. سيدة الضلع) ويعقب الاثارى كريمر على ذلك بما يوعز لنا بحل أحجية خلق حواء من ضلع آدم التى وردت فى التوراة , حتى يكاد يقنعنا أن التوراة قد أخذت الأصل السومرى بشكل شائه, بعد مرور زمن نسى معه هذا الاصل العتيد ولم يبق سوى سيدة الضلع او السيدة الضلع, فخال كتّاب التوراة أنّ الانثى الأولى مخلوقة من ضلع الانسان الاول , وسقط كاتب هذا الجزء من التوراة فى الشرك السومرى , ففسّر حواء التى تدل على الانثى فى اللغات السامية جميعا , بأنّها مأخوذة من تلك السيدة التى تحيى , أو تسبب الحياة , او ام كل حى وهو ماتعنيه أيضا الكلمة السومرية (تى) لانها تدل على الضلع عندما تكون اسما , لكنها عندما تكون فعلا فهى تعنى (أحيا) أو جعله (يحيا)._القمنى ( الأسطورة والتراث).
ولقد حاولت أن اتتبع قصة الخلق فى القرآن فلم أقع على سيرة الضلع هذه إلا فى التفاسير التى ترجعها بدورها الى الاسرائيليات..قال الله تعالى (يا أيّها النّاس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء )..والمعروف أنّ (من ) لفظ فى العربية له وظيفتان , فهو يمكن إستخدامه ليتضمن استخلاص شئ من شئ آخراو اشياء اخرى , ويمكن استخدامه ايضا ليشير الى معنى (من نفس النوع )..فعلى سبيل المثال فى تفسير الزمخشرى , تعنى الاية أن البشر خلقوا فى نفس الشكل /او من نفس النوع كنفس واحدة , وان زوج تلك النفس اخذ منها .(امنة وود _ المرأة والقرآن)
جاء فى تفسير ابن كثير لقصة الخلق(قال ثم القيت السنة على آدم فيما بلغنا عن اهل الكتاب من اهل التوراة وغيرهم من اهل العلم عن ابن عباس وغيره ثم اخذ ضلعا من اضلاعه من شقه الايسر ولأم مكانه لحما وآدم نائم لم يهب من نومه حتى خلق الله من ضلعه تلك زوجته حواء فسواها إمرأة ليسكن اليها فلما كشف عنه السنة وهب من نومه رآها إلى جنبة فقال فيما يزعمون والله اعلم ,( لحمى ودمى وزوجتى) فسكن إليها ..) .ونحو هذا ماذهب اليه الطبرى فى تفسيره. ومن هنا لايتبقى سند لقصة الخلق التوراتية الا أحاديث الاحاد الواردة فى الصحيحين ..ذكر البخارى فى باب النكاح _باب مداراة النساء . وقول النبى (ص)( انما المرأة كالضلع), إن أقمتها كسرتها, وان استمتعت بها , استمتعت بها وفيها عوج)), وفى باب الوصاية بالنساء- حدّثنا إسحاق بن نصر : حدّثنا حسين الجعفى , عن زائدة عن ميسرة , عن أبى حازم , عن أبى هريرة : عن النبى (ص) قال :(من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يؤذى جاره , واستوصوا بالنساء خيرا , فأنهن خلقن من ضلع . وان اعوج شئ فى الضلع اعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وان تركته لم يزل اعوج فاستوصوا بالنساء خيرا ) ..
والحقيقة أننى كلما تأملت متن هذا الحديث تزداد حيرتى فإن أخذته حرفيا فهمته على انه إقرار من لاينطق عن الهوى بعيوب المرأة فى أصل الخلق القائم على الإعوجاج وهو ما يتناقض مع الاية الصريحة (ولقد خلقنا الانسان فى احسن تقويم ), وبالتالى كل عوج هو من كسب الانسان , رجل كان أو إمرأة , الذى يستحق عليه الجزاء . فمن العسير علينا ان نفهم ان الله يخلق اعوجا ثم يجازى على هذا العوج , سبحانه الحكم العدل !قال تعالى :( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعدّ الله لهم مغفرة وأجرا عظيما )(35_الأحزاب).هذا من الناحية الدينية , أمّا من الناحية العلمية فإن التفسير الحرفى للحديث يقول أن إعوجاج الضلع عيب فيه وان هذا يخالف العلوم الطبية التشريحية التى تلقيتها فى دراستى بكليةالطب , لأن إعوجاج الضلع ضرورة وظيفية مقصودة , حيث يقوم القفص الصدرى المكون من الاضلاع وعظام أخرى بحماية القلب والرئتين والحجاب الحاجز وبعض الاحشاء الداخلية فى البطن .كما يقوم القفص الصدرى بالاضافة الى العضلات والاغشية المحيطة بالرئتين والقلب إلى خلق بيئة فسيولوجية ذات ضغط محدد يسمح بتمدد الرئتين والقلب لاداء وظيفتيهما الهامتين جدا للحياة , حيث تعتبر حالات إصابة الصدر مثل كسر أحد الاضلاع وتحركها عكس حركة التنفس (flail chest ), أحد الطوارئ الطبية المعروفة .
وقد حاول البعض من الذين شعروا بمأزق أوضاع المرأة فى مجتمعاتنا , أن يوجدوا حلولا لمراد قضية الضلع هذه . ومن ذلك قول بعضهم أن الضلع فى اللغة هو ( المنحنى من الارض ). كما يرى الشيعة الامامية أن حواء خلقت من بقية تراب آدم ويروون عن ائمتهم والذين يروون بدورهم عن آل البيت.وقد ذهب البعض الى أن المقصود التنبيه الى الاختلاف فى الطبائع الانثوية والذكورية , المقولة الاثيرة عن عاطفية المرأة وحساسيتها وهشاشتها لتقوم بوظائفها المرجوة فى الامومة والتربية . وخطورة هذا القول إنه يدفع فى إتجاه المزيد من التنميط للادوار الجنوسية . فان الاتجاهات العلمية الحديثة قد فضحت النظريات الاثنية والجندرية التى تتحدث عن طبائع فى الخلقة كالحديث عن عاطفية المرأة واستعداد الزنوج الفطرى للموسيقى والرقص . فان اصل الفروق بين الجنسين يعود الى التنشئة والتوقعات المجتمعية عن الادوار الجندرية المحددة والمفرطة الصرامة والتى ستكون يوما إحدى ضيفات الحكاية فى هذه السلسلة . ومصداقا لهذا القول أنه فى الوقت الذى كانت فيه المرأة فى شبه الجزيرة العربية توءد وتسبى وتباع وتشترى فى مجتمع لا يرى فيها غير عالة عليه وهو القائم على السلب والنهب والتجارة الوعرة والحروب الضارية والعصبية القبلية فى مجتمع بطرياركى أصيل ..كانت جداتنا فى السودان يجلسن على اسرة الحكم ملكات وكنداكات. منهن التى تصعد معبدها على رأس تمثال الامبراطور ( قسطنطين) والذى كانت تحمله الجيوش الرومانية الغازية تيمنا به فى الحروب وهو المنتصر دائما , حتى غنمت تمثاله الجدّة (أمانى رنيسى) فصار تحت أقدامها فى صعودها ونزولها من معبدها .قتلت كل من شجرة الدر وزنوبيا ملكة تدمر زوجها بسبب الحكم والسياسة وان قيل ان زنوبيا قتلته خطأ , الا ان القدرة على القتل تظل كما هى , كما تسببت كليوباترا بمصرع إثنين من افضل قادة الرومان وهما انطونيو ويوليوس قيصر .فلا مجال للحديث عن الطبائع الانسانية بهذا التعميم فى عالم يعج بالمتغيرات. وعلى كل لم يحمل الحديث على التأكيد قصة خلق حواء كما اوردتها النصوص التوراتية , وبالتالى تظل هذه الحادثة جزء من تاريخ مقدس تمت صياغته بلغة غيبية , لايمكن قياسها علميا . لهذا يعتبر هذا المقال دعوة لرجال الدين ليتحرروا من الجمود الفكرى ويقوموا بتنقيح كتب التفاسير والاحاديث على ضوء المعارف العلمية الحديثة , ومن هذا الدراسة القيمة التى قام بها الدكتور محمد ابوشهبة , عميد كلية علوم اصول الدين فرع الجامع الازهر باسيوط رحمه الله فى دراسته التى اطلق عليها اسم الاسرائيليات والموضوعات فى كتب التفسير .فإن انكار البعض جمودا لكروية الارض ودورانها لا يمنع انها ستظل تدور كما قال (كوبر نيكس)وهو تحت المقصلة الكنسية الكهنوتية فى الوقت الذى عادت فيه الكنيسة العلم , فتحولت الى جزء من الفلكلور الاوروبى لا يغشاها البعض الا للزواج إنتصارا لطقس قديم.
وكما قلت انما فتحت هذا الموضوع للنقاش لازالة ماعلق حوله من رؤى ودعاوى وممارسات مجتمعية ذكورية , تشيئ المرأة ولا ترى فيها أكثر من تابع .كما ان الاساطير تمهد لبعضها البعض فيبنى على إعوجاج المرأة أنها اصل البلاء وام الخطايا . فمنذ ان زحف مبدأ الاثنينية الى الوعى الانسانى , حتى سارع الرجال الى حجز الجانب الخير من هذه الثنائية وتركنا مع الحية والشيطان والشهوانية والحمق والعاطفية والحس , تقول كارول بى كريست ( لقد نظم الرجال هذه الثنائيات سلطويا , وربطوا انفسهم بالجوانب الايجابية من هذه الثنائيات الروح , الحرية العقل النفس,بينما هبطوا بالنساء الى الجوانب السلبية من هذه الثنائيات_ الطبيعة , العاطفة,اللاعقل ,الجسد.علاوة على ان الفلاسفة قد فهموا هذه الثنائيات على انها تحمل التعارض بين طرفيها , حيث يهدد باستمرار الطرف الادنى بقهر الطرف الاسمى . ولما كان اسم الحرب قد اطلق على العلاقات بين الروح (هو) والجسد , وبين الحرية والطبيعة , وبين الرجل والمرأة , بين العقل والعاطفة وحيث ان الرجل تلقى التحذير بان يظل دائما وابدا مستعدا لخوض المعركة مع الجسد والطبيعة والمرأة وعالم العاطفة , فانه حينما تبدأ النساء التساؤل عن تبعيتهن التاريخية ,يواجهن بكفاية هذه الثنائيات والسلطات التنظيمية الهرمية والطرق المعارضة فى النظر الى العالم ..)..وسأستمر فى هذه السلسلة فى مطاردة الاتهامات الكاذبة من نوع اننا الذين تسببنا فى طرد النوع الانسانى من الجنّة وغيرها ..ولازال الزهرة كوكبا مربوطا بالاغواء الانثوى , يسطع فى السماء بجماله فيخيف المتدينين , فيتمتموا ب( طلعت الحمراء فلا اهلا ولا سهلا )...
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: ناهد محمد الحسن)
|
الأخت العزيزة د. ناهد محمد الحسن
لك مني التحية والتجلة ووافر الإحترام
أراوح بين الفخر بك ، والألم لحزين كلماتك، منطق جميل بكلمات غضوبة، وحتى تسلس نفسك وتهدأ فإن القادم من الأيام هو للإنسان بلا جنسوية بغيضة، عزيزتي ، إن حواء بضلعها الأعوج هي ماعون الحياة ألا يكفي هذا، أدرك أنك تبحثين عن أصل النشأة حتى تردي بها غربة حواء، غير أني أقول أن الإنسان أصلاً خلق للأرض ولم يخلق للسماء (قال تعالى :"وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون" الآية 30 من سورة البقرة")، فالأصل أن آدم وحواء وذريتهما خلقوا للأرض، والآية الكريمة لم تشر لآدم فقط، ولم يكن هنالك حاجة لحواء لأغواء آدم، والقرآن أتى بذلك ( قال سبحانه وتعالى: "فأزلهما الشيطان عنها فاخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين" الآية 36 من سورة البقرة)، الآية الكريمة بدأت بصيغة المثنى أي أن كلاهما استزل وكلاهما خرج نتيجة زلته ثم انتهت الآية بأن الآرض هي مستقرهما مما يؤكد أنهما خلقا ليعيشا فيها إلى حين . ولا أري أن الأمر سيختلف إن خلقت حواء من بقية ما خلق منه آدم أو من ضلع أعوج، فإرادة الله أرادت أن يكون الإنسان ثنائي الجنس " ليكون بينهما "مودة ورحمة" وهي العامل الأساس لخلق الإنسان، كان يمكن لله صاحب الملكوت أن يخلق آدم وحيداً أو أن يجعله كائناً وحيد الجنس فيرمي بأصبعه فيستنج آدم جديد، لكنه سبحانه وتعالى أراد المودة والرحمة. أما أن عوج الضلع أصل لدونية المرأة فهذا فهم الناس في عهودٍ مضت، غير أن رسولنا المعصوم محمد بن عبد الله ( ص ) كان له تصور آخر أوردته أنت في حديثك، ومع ذلك أثني دعوتك لرجال الدين وأهل العلم كلهم لدراسة أصل النشأة مرة أخرى علنا بما استجد من علوم جديدة ونحوه نصل إلى مفهوم جديد، أو نستخلص معانٍ جديدة أخرى. ولا زلت عند رأي أنك أكبر من عشق التأوه، وتعالي سوياً كلٌ حسب قدرته نؤسس لعهدٍ جديد أساسه الإنسان.
مع خالص تحياتي
د. صلاح البشير
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: Dr. Salah Albashier)
|
العزيز د/صلاح البشير
شكرا على المرور والعبارات الرقيقة..ليس لدي شك في وضوح مفاهيم الإنسانية عندك ولا من مواقفك من المرأة لذا فالخطاب ليس لمن هم مثلك واقتدروا على التحرر من لاوعي جمعي نحجز فيه نحن النساء مراكب الدرجة العاشرة..وللأمانة يا صلاح هنالك كثير من المثقفين لازالت لديهم مواقف متجذرة من تحرر المرأة من القيود الأبويةوربما تابعت في الصحف السودانية مؤخرا كيف يتحدث كتاب مثل صلاح عووضة عن خروج النساء بدون والي في هذا الوقت ..واعتقد ان اي مستقبل للمرأة والرجل في عصر من المساواة هو امر يتطلب العمل بشأنه وهذا ما اراني اجاول فعله ..تتبع المفاهيم الأبوية وتسلطها على اللاوعي والوعي الإنساني..شكرا
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: وليد محمد المبارك)
|
حكايتهن ...حكايتى(3)
د.ناهد محمد الحسن
الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية..حوّاء الحيّة وأصل الخطيئة!
جاء فى التوراة- سفر التكوين –الإصحاح الثانى(وأخذ الرّب الإله آدم ووضعه فى جنّة عدن ليعملها ويحفظها16 وأوصى الرّب الإله آدم قائلا من جميع شجر الجنّة تأكل أكلا 17وأمّا شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنّك يوم تأكل منها موتا تموت18 وقال الرّب الإله ليس جيّدا أن يكون آدم وحده فاصنع له معينا نظيره 19 )
ما ذكره الإصحاح الثانى من سفر التكوين هو بداية القصّة المتعارف عليها من طرد أبوينا من الجنّة ,ويمكن ان نلاحظ بدءا ,ان التوراة سمّت الشجرة التى أكلا منها بشجرة معرفة الخير والشر, وهى فكرة تسللت الى معارف ومذاهب حديثة كالوجودية مثلا , إذ يرى سارتر ان الشجرة هى شجرة الحريّة. وما لا أفهمه هنا إن كانت الشجرة شجرة معرفة الخير والشر فأى نفع منها إن كان من يأكل منها يوم يأكل منها موتا يموت! والأغرب أنّهما أكلا ولم يموتا..فهل تقول التوراة أن إله التوراة كاذب؟!والأغرب ان التوراة تمشى أبعد من هذا إذ تبرّر أن كذبة الإله هى ليحمى شجرة الحياة من آدم حتى لايأكل منها ويصير خالدا. وكأن سلطان الله على ملكه تدركه الغفلة –تعالى عن ذلك سبحانه علوّا كبيرا- فيضّطر الى حمايته بالأكاذيب,والكروبيم ولهيب سيف متقلب, كما جاء فى الإصحاح الثالث (وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار واحد منّا عارفا الخير والشّر. والآن لعلّه يمدّ يده ويأخذ من شجرة الحياةأيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد23 فأخرجه الرّب من جنّة عدن ليعمل الأرض التى أخذ منها.24 فطرد الإنسان واقام شرقى جنّة عدن الكروبيم ولهيب سيف منقلّب لحراسة طريق شجرة الحياة ) .قال تعالى فى سورة البيّنة:(جزاؤهم عند ربّهم جنّات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا..),صدق الله العظيم.
وتستمر الأسطورة التوراتية فى سرد ملابسات الخطيئة الإنسانيّة بإنحياز ذكورى سافر,, جاء فى الإصحاح الثالث: (1 وكانت الحيّة أحيل جميع مخلوقات البريّة التى عملها الرّب الإله.فقالت للمرأة أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنّة 2.فقالت المرأة للحيّة من ثمر شجر الجنّة نأكل أكلا وأمّا ثمر الشجرة التى فى وسط الجنّة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمسّاه لئلا تموتاه4 فقالت الحيّة للمرأة لن تموتاه.5 بل الله عالم أنّه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر.6 فرأت المرأة أنّ الشجرة جيّدة للأكل وأنّها بهجة للعيون وأنّ الشجرة شهيّة للنظر. فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل.7 فانفتحت أعينهما وعلما أنّهما عريانان.فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر). وفى هذا السفر لا تستطيع فهم دوافع الحيّة لتكيد هذه المكيدة للإنسان , فالتقديم لها بأنّها أحيل مخلوقات البريّة ليدللّ على أن الحيلة طابع أصيل وفطرى فى تكوينها . والحقيقة لاوجود للشيطان فى التوراة بمعنى أن القوّة الشريرة الموازية لقوة الخير على مبدأ الإثنينية والصراع الدائم بين الخير والشر لم يكن قد وجد مفهوم الشيطان بعد كما عرّفته المسيحيّة والقرآن فيما بعد ,فاكتفت التوراة بتحميل الحيّة والمرأة وزر هذه الخطيئة الى حين يظهر الشيطان ويضاف اليهما . فأىّ جنّة هذه التى تبدو المؤامرات عضو أصيل فى تكوينها؟! وأكثر من هذا يتورّط ساكنيها فى نميمة ضد الرب ! ما ذهبت اليه الحيّة حين كذّبت الإله دون أن يطرف لها جفن ودون مبرر موضوعى . والغريبة ان التوراة تقول إن الحيّة رغم أنّها ماكرة الا انّها صادقة والإله كاذب .فما هى دوافع الحيّة إن لم تكن تكذب؟هل هو جر الانسان للطرد , فكيف وهى صادقة بشأن الشجرة ؟ وإن كان الإله التوراتى يخشى خلود الانسان وتساعده الحيّة على هذا التمرّد فماهى مصلحتها فى خلود الإنسان وتهديد الإله ..إذن الحيّة صديقة للإنسان عدوّة للإله الذى خلقها وميزها على سائر مخلوقات البريّة , دون سبب واضح!ورغم أنّ التوراة تذكر حادثة منع آدم على التعيين من الأكل من الشجرة قبل ظهور حوّاء الا انّها دون سرد واقعة متى كلّم آدم حواء بتشريط الاكل , افترضت معرفتها بالامر وحمّلتها مسؤليّة إغواء آدم – اللهم الا ان عالج كاتب هذا الجزء من التوراة وفقا للأدوار الجندريّة التى تحمّل المرأة حتى فى الجنّة مسؤلية الآكل!-. وبمكر عالى حوّلت الذهنية الذكورية الرجل الى مخدوع نبيل! والغريبة إنّ النصوص القرآنية برّأت الحيّة بالسكوت عنها وساوت آدم وحوّاء فى المعصية , ورغم هذا إمتلأت كتب التفسير بإيراد هذه القصّة من( حبر اليهود وهب بن منبّه)! قال تعالى فى سورة البقرة ( وقلنا يآدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين(35) فأزلّهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه..)جاء فى تفسير ابن كثيرلهذه الآيات(وامّا قوله ولا تقربا هذه الشجرة) فهو إخبار من الله تعالى وامتحان لآدم . فأزلّهما الشيطان عنها ) يصح أن يكون الضمير فى قوله عنها عائدا إلى الجنّة فيكون معنى الكلام كما قال الحسن و قتادة فأزلّهما أى من قبل الزلل فعلى هذا يكون تقدير الكلام ,بسببها.... يقول جمهور من العلماء فكيف تمكّن إبليس من دخول الجنّة وقد طرد من هناك طردا قدريّا والقدرى لا يخالف ولا يمانع؟والجواب أن هذا بعينه استدل به من يقول ان الجنّة التى كان فيها آدم وحواء فى الأرض, لافى السماءكما قد بسطنا هذا فى كتابنا البداية والنهاية واجاب الجمهور باجوبةاحدها انه منع من دخول الجنّة مكرما اما على وجه الإهانة والسرقة فلا يمتنع ولهذا قال بعضهم كما جاء فى التوراة انّه دخل فى فم الحيّة الى الجنّة ). ومن الواضح أنّ العبارة الاخيرة غير دقيقة , فالتوراة لم تذكر اى إبليس بل ذكرت الحيّة فقط . وقد يكون ابن كثير يشير الى رواية وهب بن منبّه, وهو حبر من احبار اليهودية أيام العهد الاول , اى بعد ان دخل مفهوم الشيطان الى الوعى اليهودى فأدخل وهب الشيطان فى الأصل التوراتى من قبل التحديث ووجد له منفذا بعد الطرد عبر جوف الحيّة!
يقول الدكتور محمّد أبو شهبة (من تلك الإسرائيليات مارواه ابن جرير فى تفسيره بسند عن وهب بن منبّه قال ( لما اسكن الله آدم وذرّيته أو زوجته_الشك من ابى جعفر-وهو فى أصل كتابه وذرّيته- ونهاه عن الشجرة ,وكانت شجرة غصونها متشعّبة بعضها فى بعض, وكان لها ثمرتأكله الملائكة لخلدهم وهى الثمرة التى نها الله عنها آدم وزوجته,فلمّا أراد إبليس أن يستنزلهما دخل فى جوف الحيّة, وكانت للحيّة أربعة قوائم كأنّها بختيّة - ناقة-عظيمة, من احسن دابّة خلقها الله, فلما دخلت الحية الجنّة خرج من جوفها إبليس...) الى آخر الرواية التى لاتختلف فى نهايتها مع النص الالتوراتى الذى سأواصل سرده.قال عمرو قيل لوهب وماكانت الملائكة تأكل!!قال : يفعل الله ما يشاء, قال ابن جرير وروى ابن عبّاس نحو هذه القصّة وكذلك ذكر السيوطى فى ( الدّر المنثور) مارواه ابن جرير وغيره فى هذا, ولكنّه لم يذكر الرواية عن وهب بن منبّه. يقول الدكتور ابو شهبة فى هذا _ وهو كما ذكرت رحمه الله عميد كلية اصول الدين فرع اسوط بالجامع الأزهر_ان فى رواية ابن جرير الأولى مايدل على ان الذين رووا عن وهب وغيره كانوا يشكّون فيما يروونه لهم فقد جاء فى آخرها قال عمرو قيل لوهبة وماكانت الملائكة تأكل!! قال يفعل الله مايشاء .فهم قد إستشكلوا عليه:كيف ان الملائكة تأكل؟ وهو لم يأت بجواب يعتد به.ووسوسة إبليس لآدم عليه السلام لاتتوقف على دخوله فى بطن الحيّة,إنّ الوسوسة لاتحتاج الى قرب ولا مشافهة وقد يوسوس اليه وهو على بعد أميل منه- وهنا يوافق الدكتور ابوشهبة الامام الزمخشرى فى تفسيره لحادثة الوسوسة- والحيّة خلقها الله يوم خلقها الله على حالها هذا ولم تكن لها قوائم كالبختى ولا شئ من هذا القبيل !)..وقد أورد الدكتور أبو شهبة فى كتابه عن إبن عبّاس أنّه قال( كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ وكتابكم الذى انزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث تقرؤنه محضا لم يشب؟! وقد حدّثكم ان اهل الكتاب بدّلوا كتاب الله وغيّروه , وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا , الا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟ لا والله مارأينا رجلا منهم يسألكم عن الذى أنزل عليكم). وللمرّة الثانية وقع كتّاب هذا الجزء من التوراة فى الشرك السومرى وقاموا بتلبيس اساطيرسومر وفقا للذهنية الذكورية لمجتمع ابوى صميم.اورد الدكتور سيد القمنى فى كتابه الأسطورة والتراث( أمّا الختم الذى عثر عليه مؤخّرا فى آثار سومر ففيه فصل الخطاب , لأنّه يمثّل ذكرا وأنثى يجلسان متقابلين بينهما نخلة, وخلف الأنثى تدلّت حيّة, رأسها بجوار رأس الأنثى بينما تمدّ هذه الأنثى يدها فى شكل دعوة للذكر الجالس قبالتها , ليتناول من ثمار النخلة, ولنتذكّر الإرتباط اللغوى بين الحيّة والحياة, وبين الحيّة وحيا الأنثى أو فرجها كمفرز للمواليد والحياة, امّا ما لايغيب عن فطن فهو الحيّة المصريّة المقدّسة على تيجان الفراعنة تمنحهم الحياة وطول العمر).وهى الأسطورة التى ذكرناها سابقا عن الإله السومرى آنكى الذى أكل من ثمار حرّمتها عليه الآلهة فأصيب بمرض فى ضلعه فوهبته الآلهة الإلهة (نن تى) فعالجته . ولا زالت الثعابين توضع كرمز للتمريض والدواء فى شكل كأس تلتف حوله حيّة , إذ بات واضحا للعلماء أنّ سموم الثعابين قد تستخدم كدواء. والغريبة انّ التوراة لم تذكر أن اسم تلك المرأة أصل الخطيئة هو حوّاء الاّ بعد أن سردت قصّة تورّطها مع الحيّة فى غواية آدم جاء فى الإصحاح الثالث(ودعا آدم اسم إمرأته حواء لأنّها أم كل حى..) وبالتالى وفقا لهذا الترتيب ضاعت فى اروقة التاريخ المقدّس دلالة حوّاء كمانحة للحياة . وتبقّى لها الإشتقاق اللغوى من الحيّة, ليسقط عليها بالتالى كل ما اكتسبته الحيّات من تاريخ سالب من المكر والحيلة الى التواطؤ مع الشيطان والغدر . وهكذا ألقى الذهن الذكورى تبعات نزواته وغرائزه على شهوانيّة المرأة وغدرها وغوايتها . بثرا يزوره العصاة كلّ ما عنّ لهم ان يغتسلوا من قيح ما انطووا عليه ويعودوا الى أسرتهم طاهرين كيوم ولدتهم أمهاتهم .قال نزار قبّانى على لسان فتاة:
يجئ أخى من الماخور عند الفجر سكرانا
يتيه أخى كما السلطان من سمّاه سلطانا
يظلّ أخى بثوب العهر أطهرنا وأنقانا
فسبحان الذى يمحو خطاياه ولا يمحو خطايانا
وسبحان الذى سوّاه من نور ومن فحم رخيص نحن سوّانا
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: ناهد محمد الحسن)
|
حكايتهن ...حكايتى(5)
د. ناهد محمد الحسن
الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكوريّة..حوّاء والإنصاف القرآنى
لازلنا فى هذا المقال نطارد الظلال الذكوريّة فى التاريخ المقدّس,قصّة الخطيئة الإنسانيّة الأولى التى حمّلت فيها التوراة المرأة كبرها فأبينا ان تحمل الا نصيب مااقترفت, خصوصا وإن تداعيات إرتباط المرأة بالخطيئة والغواية امتد الى عميق لاوعينا الانسانى مكرسا الإحساس بالدونيّة وسوء تقدير الذات. وانكار الطبيعة الفسيولوجية وكراهية واحتقار الجسد. ولقد تتبعنا ظلال القصّة التوراتيّة فى التراث الإسلامى حتى إنتهينا بها إلى وهب بن منبّه –حبر اليهود- وتتبعنا الجذر التوراتى الى سومر, المجتمع الحضارى الخصيب. واليوم نورد النصوص القرآنية التى تبرّئ حوّاء من تهمة الغواية , وتردّها إلى بشريّتها العاديّة ككائن له أخطاءه وله رب اسمه الغفور,التواب.
جاء فى الإصحاح الثالث/سفر التكوين(وسمعا صوت الرّب الإله ماشيا فى الجنّة عند هبوب ريح النهار.فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرّب الإله فى وسط شجر الجنّة.9 فنادى الرّبّ الإله آدم وقال له أين أنت.10 فقال سمعت صوتك فى الجنّة فخشيت لأنّنى عريان فاختبأت.11 فقال من أعلمك أنّك عريان.هل أكلت من الشجرة التى أوصيتك أن لا تأكل منها.12 فقال آدم المرأة التى جعلتها معى هى أعطتنى من الشجرة فأكلت.13 فقال الرّب الإله للمرأة ماهذا الذى فعلت فقالت المرأة الحيّة غرّتنى فأكلت.14 فقال الرّب الإله للحيّةلأنّك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البريّة . على بطنك تسعين وترابا تأكلين كلّ أيّام حياتك.10 واضع عدواة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها .هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه.16 وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك .17 وقال لآدم لأنّك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التى أوصيتك قائلا لاتأكل منهاملعونة الأرض بسببك . بالتعب تأكل منها كلّ أيّام حياتك.18 وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل .19 بعرق وجهك تأكل خبزا حتّى تعود الى الإرض الّتى أخذت منها لأنّك تراب وإلى تراب تعود.)..
تواصل القصّة التوراتيّة فى تغييب الإله التوراتى الى حد انّه ينادى على آدم ليعرف أين مكانه ويستنتج من خجله أنه لا بد أكل من الشجرة, فاين كان الإله حين أكل آدم وزوجته وانفتحت أعينهما وعرفا انهما عريانين واختبأ آ وخاطا لهما من ورق الجنّة مايستر عورتهما ؟ تصوّروا كل هذا فى غياب تام للإله..! .قال تعالى فى سورة البقرة ( وقلنا يآآدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين(35) فأزلّهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه..). يقول الزركشى فى (البرهان فى علوم القرآن)( يآدم اسكن أنت وزوجك الجنّة...)خطاب العين كقوله تعالى فى سورة هود على التعيين(يا نوح اهبط بسلام)وفى صورة الصّافات ( ياإبراهيم قد صدّقت الرؤيا). وبالتالى عيّن الله آدم وزوجه ان لا يأكلا من شجرة بعينها فحصلت المسؤلية عن الفعل بعد الإخبار لإثنينهما.قال الله تعالى فى سورة الأعراف( ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما.وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لإدم فسجدوا إلا إبليس أبى. فقلنا ياآدم إنّ هذا عدولك ولزوجك فلا يخرجنّكما من الجنة فتشقى. إنّ لك ألاّ تجوع فيها ولا تعرى . وإنّك لا تظمأ فيها ولا تضحى. فوسوس إليه الشيطان, قال يآدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملك لا يبلى. فأكلا منهافبدت لهما سوؤاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة وعصى آدم ربّه فغوى . ثمّ اجتباه ربّه فتاب عليه وهدى.قال اهبطا منها جميعابعضكم لبعض عدوفإمّا يأتينّكم منّى هدى فمن تبع هداى فلا يضلّ ولا يشقى. ومن أعرض عن ذكرى فإنّ له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى.) .
من الواضح أنّ سورة الأعراف قد وضعت الأسطورة فى قالبها الصحيح, إذ نسى آدم وحوّاء عهدهما مع الله , ورغم ان الخطاب بدا الى آدم وحده الا أنّ هذه الطريقة القرآنيّة فى الخطاب عرّفها الزركشى بخطاب الإثنين بلفظ الواحد كقوله تعالى فى سورة طه( فمن ربّكما يا موسى) يعنى يا موسى ويا هارون.لذلك تخاطب الآية مرّة بخطاب الإثنين بلفظ الواحدواحيانا كما فى الآية بلفظ المثنّى. وقد اغواهما الشيطان معا بالخلد والملك. يقول الدكتور نصر حامد ابوزيد فى كتابه دوائر الخوف قراءة فى خطاب المرأةمعلقا على هذه القصّة التوراتية (يبدو العقاب الذى وقّّعه الله على أطراف المؤامرة عقابا يتسم بالإستبداديّة لقسوته من جهة وشموليّته لأعقابهم ونسلهم كلّه من جهة أخرى, وكلا الأمرين يتناقض مع الطبيعةالتى صاغها الأسلام لصفات الله من ناحية ولعلاقته بالإنسان من ناحية أخرى).والحقيقة أنّ الآية أكّدت أنّ ما فعله آدم لايعدو كونه معصية تاب عنها واستغفر وقبلت توبته, ومرة أخرى على الخطاب القرآنى تشمل التوبة ايضا حوّاء ,يقول الزركشى (فتاب عليه), ولم يقل عليهماإكتفاءا بالخبر عن احدهما بالدلالة عليه.لكن القصة التوراتية فى محاولة لإيجاد تفسير لحادثة وجودنا فى الأرض,افترضت أننا نقضى محكوميتنا , مطرودين من الجنّة مع الأعمال الشاقّة. وهو مالم يوافقه القرآن إذ أنّ الله تعالى أخبر الملائكة فى سورة البقرة أنّه جاعل فى الأرض خليفة حتّى قبل ان يخطئ آدم( وإذ قال ربّك للملائكة إنّى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماءقال إنّى أعلم ما لاتعلمون..).كما إنّ بعض العلماء يرون أنّ الجنّة هى أصلا فى الأرض وأن الهبوط هو على نحو قوله تعالى لبنى إسرائيل(إهبطوا مصرا). وربّما رآه البعض هبوطا مجازيا يعنى هبوطهما فى المقام . ويرى المتصوفة أنّ مقام آدم عليه السلام أصلا هو مقام الهبيط إذ أنّ روحه كان لا بدّ أن تطلب موطن نشأتها ,ولأنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم فهم يسمّون مقامه مقام الرفيع , إذ رفعت الروح وارتفعت تطلب موطن نشأتها.وقد برأت الحيّة إذ سكت عنها القرآن ولم يسمّى لها دورا , ولحقتها الأحاديث لتمنع عنهاعداوة ابن آدم المسنودة بنص توراتى مقدّس.ذكر الإمام مالك فى الموطّأ فى باب قتل الحيّات وما يقال فى ذلك:(حدّثنى مالك عن نافع عن أبى لبابة أنّ رسول الله (ص) نهى عن قتل الحيّات التى فى البيوت) أخرجه كل من البخارى ومسلم وابو داؤود فى باب قتل الحيات. وقد تقدّم العلم الى حد إخضاع سلوك الحيوان للدراسة .فعلم نفس الحيوان يؤكّد أنّ العدوانيّة والدموية ليست صفات حيوانية غرائزية الا فى الحشرات وإنّ الحيوانات لاتهاجم عادة الا لأغراض بقاء واضحة كالحفاظ على المجال الحيوى للصيد والدفاع عن النفس. وكلّما كانت الفريسة أكثر استسلاما ,تم تثبيط مراكز العدوان لدى الحيوان المهاجم! وينطبق على الحيّات ما ينطيق على غيرها. ويرى الدكتور –أبوزيد-إن لديه ملاحظة تتعلّق بعلاقات التساوى التى تحرص القصّة على ذكرها بين الجرم والعقاب فى كل حالة فقد عوقبت حواء ان تدمى فى كل شهر مرّة عقابا على جرمها بالأكل من الشجرة .وهو فعل يتضمّن معنى الجرح وعلى ذلك يكون العقاب جرحا بجرح. ولأنّها إستخدمت الشهوة سلاحا لإغواء آدم فقد كان عقابها فقدان العقل (الحلم)او نقصانه على وجه أدق , وسيطرة السفاهةعلى تفكيرها وسلوكها. وفى هذا الحرص على إبراز التساوى بين الجرم والعقاب يبدو بعد تعليل الظواهر هو البعد المسيطر بوصفها الهدف الأساسى من القصّة).
وما يعنينى هنا على وجه الخصوص, قصّة آلامنا الشهريّة الفسيولوجية المنشأ التى سرقت الرواية التوراتيّة نبلها وجعلتنا نهبا لآلآم نستحقّها لأنّ فى حمضنا النووى جينات من إمرأة أخطأت وأغوت.
ومايلى قصّة الدكتورة نوال السعداوى مع الدورة الشهريّة وحكايتها تقريبا حكاية كل البنات فى تلك الفترة(وبسذاجة طفلة فى العاشرة من عمرها تصوّرت إنّ هذا المرض قد يشفى وحده بعد لحظة وأخرى.لكنّه لم يتوقّف , بل كان يزيد ساعة بعد ساعة . واضطررت فى اليوم التالى أن أتغلّب على الخوف والخزى الذى كنت اشعر بهما وذهبت الى أمّى وطلبت منها أن تأخذنى إلى طبيب. وعجبت فى ذلك اليوم كيف بدت أمّى باردة هادئة ولم يفزعها مرض إبنتها الخطيرثم بدأت أعرف منها الحقيقة حين قالت لى ان هذا المرض يصيب كل البنات والنساء وأنّه سيتكرّر مرّة كل شهرلبضعة أيّام واننى فى اليوم الأخير يجب ان اتطهّر من هذا الدم الفاسد بالإستحمام الجيّد.ورنّت تلك الكلمات فى أذنى :مرض شهرى دم فاسد! لابد من التطهّر بالحمام الجيّد! وتصوّرت بخيال الطفلة إنّ فساد هذا الدّم معناه النجاسة , وإنّ النجاسة أمر معيب مزر واننى يجب أن أخفى مظاهر ذلك المرض عن جميع الأعين بالذّات أبى الذى كان يتصوّرنى فتاة مثاليّة ويعجب بذكائى وتفوّقى فى المدرسة .ورجوت أمّى أن تكتم الأمر بينى وبينها . ولزمت غرفتى أربعة أيّام متتالية لا أملك الشجاعة على أن أواجه أبى أو أخى أو حتّى الخادم الصغيروحينما أذهب إلى الحمّام اتلفّت حولى خشية أن يلمحنى أحد, وقبل أن اخرج من الحمّام أغسل بلاطه غسلا جيّدا وكأنّنى أطمس أثر جريمة شائنة , ثمّ أغسل يدى وذراعى بالماء والصابون عشرات المرّات لأزيل عنّى أىّ أثر لرائحة ذلك الدم الفاسد)...
هذه هى حكايتنا نحن معشر النساء مع الألم الشهرى وألم الحمل وآلام الوضع , فأن تكونى إمرأة فى عالمنا هذا يعنى أن تفتحى نفسك شارعا لآلام عديدة وأحزان لاتنتهى. واساطير لا تمنح الامنا معنى ولا تباركها فأى لعنة تلك التى ورثناها مع صبغ الجنس.قال نزار قبانى على لسان فتاة
:أتساءل أيّنا الأسعد
أنا أم قطّنا الأسود
أنا أم ذلك الممدود
سلطانا على المقغد
فإن كان نزار يرى ان ما تعانيه المرأةفى بلداننا يجعلها تحسد القط الأسود على سعادته بكل ما يلاحق القطط السوداء من شؤم. فانظروا كيف تبكى المرأة ,بكل تاريخها من الجراح , فتتمنى ان توءد حيّة حتى لا تعيش الامها المحتومة بالأنوثة قالت الدكتورة سعاد الصبّاح:
ليت أمّى ولدتنى منذ عصر الجاهليّة
بين قوم يئدون البنت فى المهد صبيّة
قبل ان تصبح أمّا ذات أزهار نديّة
وتذوق اليتم والثكل والام البريّة
....نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: ناهد محمد الحسن)
|
حكايتهن..حكايتى
د.ناهد محمد الحسن
الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكوريّة
طلعت الحمراء فلا أهلا ولا سهلا..!
أسطورة اليوم ,هى قصّة الزهراء , الكوكب الملعون بتأنيثه!قصة الملكين ببابل هاروت وماروت..الحكاية التى لفها سحر الأنثى وغوايتها ..فلحق بنات حواء منها التهمة بالغواية والكيد وشرور الخطيئة منذ الأزل.فخلف هذه ا|لأسطورة يقف فكر ذكورى متكامل ,يبني تصوراته الشخصيّة عن المجتمع الفاضل والتربية العفيفة على تغييب المرأة وحجبها من الظهور وتقليص دورها الأنساني والوجودى الى خادمة او تابع او موضوعة للجنس فى تنميط سالب مريع يسئ الى كرامة المرأة ويصادر حريتها باسم المقدس.وتشكل هذه القصة وغيرها الإطار المفاهيمي الذي تتبلور فيه الأفكار الإسلامويّة فى النظر إلى قضيّة المرأة. يرى أ.صلاح الجورشي_الإسلاميون التقدميون,المنشق عن حزب النهضة التابع لراشد الغنوشي_ أن الإسلاميين لديهم خوف عام من إندماج المرأة فى الحياة العامّة, الشئ الذي يجعلهم يضعون مزيد من الضوابط الفقهية على حركتها,كما يركز الخطاب على واجباتها تجاه زوجها وأسرتهابصورة أكبر من حقوقها الخاصّة وكيفية المطالبة بها.كما يركّز الخطاب على الشكل بطريقة تحوله إلى هاجس أو عقدة. ومواقف د.الترابي فى السودان مثال حي على هذا الخوف الفصامي! فعندما كان الرجل في مواقع صنع القرار ,كانت تشريعاته في قضايا المرأة بإتجاه المحافظة والتقليدية , ولم يصرّح بإتجاهاته التقدميّة في قضيّة المرأة الا فى التوقيت الخطأ, في ملابسات تجعل هذه الفتاوى المهدرة خصما على النضال النسوى فى حمى المزايدات السياسية ويخطئ من يظن أن فتاوى الترابي التقدمية هى جراء النضج المعرفي والتجاوز ولكنها قناعاته الفكرية في باكورة نشاطه الدعوي في سبعينيات القرن المنصرم_كما تقول الوثائق_إنّما حجبها الخوف الواعي واللاواعي في الذهنية الأبوية التي ينمو فيها الفكر ويتصادم.
روى السيوطي في الدر المنثور ، في تفسير قوله تعالى : {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوت} روايات كثيرة وقصصا عجيبة رويت عن ابن عمر ، وابن مسعود ،وعلي ، وابن عباس ، ومجاهد ، وكعب ، والربيع ، والسدي ، رواها ابن جرير الطبري في تفسيره ، وابن مردويه ، والحاكم ، وابن المنذر ، وابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، والخطيب في تفاسيرهم وكتبهم. فقد قال السيوطي : أخرج سعيد ، وابن جرير ، والخطيب في تاريخ ، عن نافع ، قال : سافرت مع ابن عمر ، فلما كان من آخر الليل :قال : يا نافع : انظر : هل طلعت الحمراء ؟ قلت : لا ، مرتين أو ثلاثا ، ثم قلت : قد طلعت ، قال : لا مرحبا بها ، ولا أهلا : قلت : سبحان الله!! نجم مسخر ، ساع ، مطيع!! قال : ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "وإن الملائكة قالت : يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب ؟ قال : إني ابتليتهم وعافيتكم ، قالوا : لو كنا مكانهم ما عصيناك ، قال : فاختاروا ملكين منكم ، فلم يألوا جهدا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت ، فنزلا ، فألقى الله عليهم الشبق ، قلت : وما الشبق ؟ قال : الشهوة ، فجاءت امرأة يقال لها : الزهرة فوقعت في قلبيهما ، فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه ، ثم قال أحدهما للآخر : هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي ؟ قال : نعم ، فطلباها لأنفسهما ، فقالت : لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء ، وتهبطان ، فأبيا ، ثم سألاها أيضا ، فأبتن ففعلا ، فلما استطيرت طمسها الله كوكبا ، وقطع أجنحتها ، ثم سألا التوبة من ربهما ، فخيرهما بين عذاب الدنيا ، وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة ، فأوحى الله إليهما : أن ائتيا "بابل"1 فانطلقا إلى بابل ، فخسف بهما ، فهما منكوسان بين السماء والأرض ، معذبان إلى يوم القيامة .يقول الدكتور محمد ابوشهبة في كنابه الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفاسير تعليقا على هذه الأحاديث( ولا ينبغي أن يشك مسلم عاقل فضلا عن طالب حديث في أن هذا موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم مهما بلغت أسانيده من الثبوت فما بالك إذا كانت أسانيدها واهية ، ساقطة ، ولا تخلو من وضاع ، أو ضعيف ، أو مجهول ؟!! ونص على وضعه أئمة الحديث!!وقد حكم بوضع هذه القصة الإمام أبو الفرج ابن الجوزي ، ونص الشهاب العراقي على أن من اعتقد في هاروت وماروت أنهما ملكان يعذبان على خطيئتهما : فهو كافر بالله العظيم ، وقال الإمام القاضي عياض في "الشفاء" ، وما ذكره أهل الأخبار ، ونقله المفسرون في قصة هاروت وماروت : لم يرد فيه شيء لا سقيم ، ولا صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس هو شيئًا يؤخذ بالقياس.وكذلك : حكم بوضع المرفوع من هذه القصة : الحافظ : عماد الدين ابن كثير ، وأما ما ليس مرفوعا : فبين أن منشأه روايات إسرائيلية عن كعب وغيره ، ألصقها زنادقة أهل الكتاب بالإسلام ، قال رحمه الله في تفسيره بعد أن تكلم على الأحاديث الواردة في هاروت وماروت ، وأن روايات الرفع غريبة جدا ، وأقرب ما يكون في ذلك أنه من رواية عبد الله بن عمر ، عن كعب الأحبار ، كما قال عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله بن ابن عمر ، عن كعب ، ورفع مثل هذه الإسرائيليات إلى النبي كذب واختلاق ألصقه زنادقة أهل الكتاب ، زورا وبهتانا" وذكر مثل ذلك في البداية والنهاية.أقول : وهذا الذي قاله العلامة ابن كثير هو : الحق الذي لا ينبغي أن يقال غيره. وليس أدل على هذا من أن ابن جرير رواها بالسند الذي ذكره ابن كثير ، وبغيره عن ابن عمر ، عن كعب الأحبار, ولكن بعض الرواة غلطا ، أو سوء نية ، رفعها ونسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذا ردها المحققون من المفسرين الذين مهروا في معرفة أصول الدين ، وأبت عقولهم أن تقبل هذه الخرافات : كالإمام الرازي ، وأبي حيان ، وأبي السعود ، والآلوسي ،ثم هذه من ناحية العقل غير مسلمة ، فالملائكة معصومون عن مثل هذه الكبائر ، التي لا تصدر من عربيد ، وقد أخبر الله عنهم بأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون ، كما ورد في بعض الروايات التي أشرت إليها آنفا رد لكلام الله ، وفي رواية أخرى : أن الله قال لهما : لو ابتليتكما بما ابتليت به بني آدم لعصيتماني ، فقالا : لو فعلت بنايا رب ما عصيناك!! ورد كلام الله كفر ، ننزه عنه من له علم بالله وصفاته ، فضلًا عن الملائكة.ثم كيف ترفع الفاجرة إلى السماء ، وتصير كوكبا مضيئا ، وما النجم الذي يزعمون أنه : "الزهرة" وزعموا أنه كان امرأة ، فمسخت إلا في مكانه ، من يوم أن خلق الله السموات والأرض.وهذه الخرافات التي لا يشهد لها نقل صحيح ، ولا عقل سليم هي كذلك مخالفة لما صار عند العلماء المحدثين أمرا يقينا ، ولا أدرى ماذا يكون موقفنا أمام علماء الفلك ، والكونيات ، إذا نحن لم نزيف هذه الخرافات ، وسكتنا عنها ، أو انتصرنا لها ؟!!).
إن كتب الأدب والتراث العربي مليئة بالحكايات التي تصبغ على المرأة صفات الخبث والغواية ومنتهى الشرور. والقارئ لكتاب ألف ليلة وليلة إنما يخرج منه بأن الخيانة والغواية طبع متأصل فى الأنثى. وتقف الأسطورة سالفة الذكر ومثيلاتها وراء الإذدواج العلائقي حيث تنشأ المرأة فى مجتمعنا السودانى والمجتمعات الشبيهة فى ظل ثقافة تنمّط المرأة جنسيا وتعول فى تنشأتها على إعدادها لدور وحيد هو الأمومة والزواج بمعطيات لا علاقة لمفهوم الشراكة بها بل على طريقة التسلط والتبعيّة التاريخية .وهى تركز على جسد المرأة بطريقة تحيل الأمر الى هاجس او عقدة وعلى البكارة والختان بمفاهيم حماية معطوبة . كما تركز على المرأة بإعتبارها موضوعة جنسية لإمتاع الرجل بعد الزواج فى تأكيد مفرط على الحقوق دون الواجبات وبترك مسؤلية الأعباء المنزلية وتربية الأطفال على عاتقها وحدها مسؤلية يحاسبها عليها المجتمع فى بنية وعى كاملة لها تداعياتها على واقع ومستقبل المرأة فى ظل تغيرات كونية تنحو نحو المساواة بين الرجال والنساء وفى ظل ظروف إقتصاديّة سيئة تلقى بالمزيد من الأعباء على المرأة داخل وخارج المنزل . يقول الدكتور مصطفى حجازى أن مظاهر واوجه الإستلاب الجنسى عديدة وتتضمن تناقضات هامة تجعل أوضاع المرأة مأزقية كما تفجر عندها الكثير من المآزم النفسيّة.(المرأة مجرّد جنس او اداة للجنس ووعاء للمتعة هذا الإختزال يؤدى مباشرة الى تضخيم البعد الجنسى للمرأةوعلى حساب بقية أبعاد حياتها . انه يمحور المرأة ويمركزها حول المسألة الجنسيّة, يركز كل قيمتها فى هذا البعد من حياتهاكما يفجر كل مخاوفها من الوجودية حول حلول كارثة ما تعصف بوجودها . هاجس المرأة قبل الزواج يتحول الى قلق حول غشاء البكارة وسلامته, والى قلق حول قدرات الجسد على حيازة إعجاب الرجل بضمان الزواج . وهذا يفجر عند المرأة اشد الرغبات واعظم المخاوف فى آن معا. تلك هى المعضلة الأولى التى تتعرض لها المرأة فى الإستلاب الجنسي خصوصا أنّها تعيش كيانهابشكل مهدد تتهدده الرغبات, رغباتها الذاتية ورغبات الرجل خارج اطار الزواج وتتهدده الحوادث على إختلافها من تشويه وفقدان للبكارة وغيره)(8)..ويأتى الإذدواج النفسى والفصام الأجتماعى من فكرة أن هذا الإختزال الجنسى للمرأة يقابله قمع مفرط ومن هنا جاءت مفاهيم العيب والحرام فيما يخص المرأة فجسدها هو ملك للأسرة قبل الزواج وللزوج واسرته بعد الزواج ومن هنا اتت جرائم الشرف وغيرها. ومن هنا أيضا تفتقت الذهنية المجتمعية عن الختان بمفهوم الحماية وتجريد المرأة من الرغبة والمتعة الجنسية معا.فيادعاة الفكر الدينى ..إلى أين .. بهذا الخوف المرضى.. ولا أين لنا يسند رأسنا!
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكورية (Re: ناهد محمد الحسن)
|
حكايتهن ..حكايتي
د.ناهد محمد الحسن
الأساطير المؤسّسة للثقافة الذكوريّة
لمن الفوز في مسابقة الكيد والحيلة.. للمرأة أم الشيطان؟!
نزلت الدعوة الإسلاميّة أوّل ما نزلت فى مجتمع له خصوصيته الثقافيّة وبنية وعيه الأبوية الصميمة ذات الإتجاهات الإنغلاقيّة والتسلطيّة فى العلاقة مع المرأة.روى مسلم عن إبن عمر قال:قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :(لا تمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد باللّيل) فقال إبن لعبد الله بن عمر :لا ندعهنّ يخرجن فيتخذنه دغلا قال فزجره إبن عمر وقال: أقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتقول : لا ندعهنّ.وقد لخّص موقف إبن عبد الله بن عمر في هذا الحديث الموروث الثقافي لمهبط الرسالة المحمديّة الذي بالكاد هذّبته الدعوة . والمرأة في هذا الموروث كائن منفلت تجب حراسته لأنّه يتحيّن الفرص ليسئ السلوك. والحديث يقف موقف التربية التي ترفض الإحكام القيمية التنميطية والتعميمات الجزافيّة. وهذا هو شأن الرسالة المحمديّة المستحقّة للجدارة بتقديمها مشاريع إنسانيّة رائدة في تنمية المرأة وتحرير العبيد والمستضعفين.ريادة ساد بها الحفاة العراة على أرباب حضارات تليدة لأنّهم استطاعوا ان يقدّموا الأجوبة الصحيحة لأسئلة ذلك الزمان. لكن مع تقدم الزمان انطمست معالم شفيفة في هذا المشروع لحساب الذهنيّة التي أخذت على عاتقها أمر هذا الدين فقها وشرحا دون أن تلقى كثير بال لقضيّة المرأة التى كرّست الدعوة لنصرتها الكثير من الوقت والنصوص .فهنالك سورة كاملة في القرآن اسمها سورة النساء ,كما هنالك سور أخرى نزلت فى شؤون نسويّة كسورة الطلاق والمجادلة والتحريم والممتحنّة ومريم وسبأ. والمخيف في الأمر انّ الذين يدافعون عن دونيّة المرأة في الأسلام من منطلقات لا علميّة وعن أشياء لا يمكن الدفاع عنها إنما يهزمون بسطحيتهم المشروع الدعوي الذي كان من المفروض أن يدافعوا عنه وأصاب الذي قال عدو عاقل خير من صديق جاهل. وكإمرأة تبحث عن أين يسند رأسها , ترود كتب الفقه والفكر فيخجلها حال المرأة ومآلها حين يخذلنا الفقهاء ويتقاعس عن نصرتنا المفكرون.عن عائشة رضي الله عنها قالت ( أعدلتمونا بالكلب والحمار؟لقد رأيتني مضجعة على السرير فيجئ النبي صلى الله عليه وسلّم فيتوسّط السرير فيصلّي , فأكره أن أسنحه فانسل من قبل رجلي السرير وانسل من لحافي), هذا ردّ الحميراء ام المؤمنين حين ذكر عندها ما يقطع الصلاة رواه البخاري في كتاب الصلاة , فتح الباري الجزء الثاني. ومن الواضح ان الأسلام في الأصل مشروع لتحرير المرأة من الذهنيّة الذكورية مراعيا في ذلك كل المعطيات الموضوعية للشاشة النفسية للمجتمع قيد التحول والظرفية التاريخية والتدرج في التغيير نحو الأفضل كأي عملية إحيائية تهدف الي تغيير المجتمعات.كما قالت عائشة رضي الله عنها فيما رواه عنها البخاري( إنّما نزل أول ما نزل سورة من المفصّل فيها ذكر الجنّة والنّار حتّى إذا ثاب النّاس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام .ولو نزل أول ما نزل لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا , ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا).فحتى متى تستمر ذهنيّة الوصاية على النساء تسيطر على العقل الجمعي فى مجتمعاتنا فنظل نركض بين العيب والحرام والعاروالعورة. ولكل الذين يقفون حرّاسا وسدنة لسجون النساء منفّرين غير مبشرين ومعسّرين غير ميسّرين , إن الفكر الذي يتأخر عن تقديم الأجوبة الصحيحة في المكان والزمان سرعان ما يسقط ويتهافت ويصبح خارج التاريخ!
من أشهر المقولات المجتمعية في شأن المرأة قصّة كيد النساء العظيم . كنت مشاركة في ندوة عن العنف ضد المرأة نظّمها النادي العائلي في يوم المرأة العالمي حين فاجأنا أحد الحضور بما يصح إدراجه في قائمة العنف المضاد . حين علّق قائلا إن المرأة هي مصدر الخطايا والشرور موثّقا لذلك بقصّة يوسف عليه السلام وامرأة العزيز .مطلقا على ذلك حادثة التحرّش الجنسي الوحيدة التي وثق لها القرآن الكريم .انطوت على عنف يشهد له قميص النبي الذي قد من دبر!ومحاولة تحميل المرأة كبر الغواية وإثمها ليس جديدا .فلقد لبسنا في سجن كيدهنّ عظيم بسبب إمرأة العزيز اكثر مما لبث في سجن فرعون النبي يوسف!قال الله تعالى في سورة يوسف :(واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيّدها لدى الباب قالت ماجزاء من أراد بأهلك سوءا إلا ان يسجن أو عذاب أليم (25)قال هي راودتنى عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين(26)وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين(27)فلمّا رأى قميصه قد من دبر قال إنّه من كيدكنّ إنّ كيدكنّ عظيم(28)يوسف اعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنّك كنت من الخاطئين(28) .وقال جل جلاله في سورة طه:( إن كيد الشيطان كان ضعيفا) . وعن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنّ كيد النساء أعظم من كيد الشيطان,لأن الله تعالى يقول:إنّ كيد الشيطان كان ضعيفا وقال إن كيدهنّ عظيم). ذكر الإمام القرطبي الحديث سالف الذكرفي الجزء التاسع من شرح القرطبي ص 175 نقلا عن مقاتل عن يحيى بن كثير ويرى الكثير من العلماء أن الحديث به ضعف. الكيد هو المكر والحيلة,قال تعالى(كذلك كدنا ليوسف) وقد ذكر في مواضع أخري من نفس السورة قال تعالى :( لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إنّ الشيطان للإنسان عدو مبين(5) فإذا قارنّا بين الكيدين دوافعهم ومآلاتهم لبدا لنا تناقض كبير . فإخوة يوسف الذين هم إخوته الأسباط أبناء النبي يعقوب عليه السلام حملتهم الغيرة على تسبيب الأذى ليوسف وأبيهم وأخيهم بنيامين بتشتيت شملهم حين كادوا ليوسف ودبروا وخططوا له من فكرة القتل إلى غيابة الجب(اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا). ولو لم تتداركه رحمة ربه لكان من الهالكين.فكان دافع الكيد الكراهية الناتجة عن الغيرة والفعل مع سبق الإصرار والترصد والمألات أن بكى سيدنا يعقوب حتى ابيضت عيناه من الحزن ولم يندموا على فعلتهم (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون(77).وقالوا(قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين(85).كما قال تعالى ( ولما فصلت العيرقال أبوهم إنى لأجد ريح يوسف لولآ تفندون(94)قالوا تالله إنّك لفي ضلالك القديم(95). هذا كيد إخوة يوسف امّا إمرأة العزيز فقد فعلت مافعلت بدافع العشق لأنّه شغفها حبّا النبي الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم حين مرّ بيوسف في السماء الثالثة قال:(فإذا هو قد اعطي شطر الحسن)رواه مسلم فى صحيحه .فرجل بحسن يوسف الذي قيل عنه أنّه كان يستر وجهه بكفه حتى لاتفتتن به النساء وبأخلاق النبوّة, قال تعالى (ولمّا بلغ أشدّه أتيناه حكما وعلماوكذلك نجزي المحسنين) امتحان صعب في الأخلاق لإمرأة كزليخا اعتذرت اكثر من مرة عن ضعفها وشهدت لها النسوة بأنّها معذورة حين قلن لها بعد ان رأين يوسف , قال تعالى(وقلن حاش لله ماهذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم قالت فذلك الذي لمتتنني فيه). وحين غلّقت الأبواب وقالت هيت لك وحدث ماحدث خرجت حيلتها وليدة اللحظة فدافعت عن نفسها برمي التهمة في النبي يوسف بلا تخطيط مسبق وبدافع الخوف كردة فعل بشرية وقد إعترفت بذنبها في حضرة الملك بقول الحق على لسانها(قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصادقين(51)ذلك ليعلم انني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين(52)وقد وصفت كيدها بالضلال وانه بلا وجهة وانه قائم على الخيانة فاعترفت بذنبها كما فعل إخوة يوسف فمالذي يجعل كيدها اسوأ من كيد إخوة يوسف _عدا أنّها أنثى _ متهمة بالميلاد بالكيد والشرور! وافتتان النساء بالوسيم من الرجال أمر بشري معروف وكلنا يذكر قصة الفتاة وعمر بن الخطاب حين سمعها ترجز شعرا( من لي بخمر فأشربها أم لي بنصر بن سيّار) والذي جعل سيدنا عمر بن الخطاب يستعجب بقوله هل في قومي رجل تفتتن به النساء فنفاه تارة وتارة حلق له شعر رأسه والقصة واردة في كتب التراث .كما إن الغيرة التي تدفع للشرور هي معروفة وإن كانت مستهجنة في حق الأخ وقد قيل أن لفظة أخ المصاحبة للألم إنما تعني أن قيمة الأخ المستغاث به كبيرة وعميقة إلى الحدود التي تغور فيها الآه .يقول الإمام القرطبي إن قوله تعالى:(إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم)قيل قال لها ذلك العزيز عند قولها (ما جزاء من اراد باهلك سوءا) وقيل قال لها الشاهد. وبالتالي ذكره الحق تعالى على لسان الشاهد فمن اين اكتسب الكيد صفة الأنوثة على التأبيد؟ وكيف يمكن ان يكتسب مصطلح الكيد كل هذه الدلالات السالبة دون مناقشة لملابسات الكيد ودوافعه وفاعله ؟ خصوصا وان الحق تعالى نسب الى ذاته العليّة الكيد ( وكذلك كدنا ليوسف), وكما أسلفنا في شرح معنى الكيد هو المكر والحيلة والله تعالى يقول: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين)ومن هنا يلزم تحييد مصطلح الكيد بسياقه وملابساته إعمالا للعدل.خصوصا وإن تقديم المرأة على الشيطان في الكيد قد اكتسى في تاريخه الطويل بالنوايا السيئة. إذ أنّه تبرئة لساحة الرجال من الخطيئة وجملها وإسقاطها على النساء. كما إنّها مباركة خفيّة لنزوات الرجال التي سرعان مايتم تعليقها على مشجب الغواية الأنثويّة.
فحتى متى تظل قضيتنا كخلافة على, قدر تعلّق دونه المصاحف على أسنّة الرماح فيضيع مع الحق الحقيقة يوم تقتل عمار الفئة الباغية وتحمّل النصوص وجهة غير التى قيضت لهاوالله سمّى ميلاد الأنثى البشارة في قوله جل جلاله:وإذا بشّر أحدهم بالأنثى..)..فإلى متى تغيّب الذهنيّة الذكوريّة فجر بشاراتنا في ليل عبوديتنا الطويل وباسم الدين الذي حمل قضيتنا في فجر دعوته يوم كان الناس في ضلالهم يعمهون ..الا ساء ما يحكمون!
| |
|
|
|
|
|
|
| |
ناهد محمد الحسن
Adil Osman
عمار عبدالله عبدالرحمن
منتصرمحمد زكى
doma
Ahmed Elsharif
زهير عثمان حمد
وليد محمد المبارك
حاتم علي
كمال سالم
سعد مدني
Adam Mousa
عبد الرحيم حسب الرسول
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست